Professional Documents
Culture Documents
شرح_الأصول_الثلاثة
شرح_الأصول_الثلاثة
احملتويات
مقدمة1.......................................................................................................
الرشح27 ....................................................................................................
2
ى َّ ى ْ ىُ
اإل ْسالمِ ِباأل ِدل ِة69 .......................................
ين ِِ د
ِ ة [األصل اثلاين ] :مع ِرف
القدر84 ...............................................................................................
ْ ُ ْ ى ْ ى ى ُ َّ ى ُ
اإلح ىسان85 ................................................................... المرتبة اثل ِاثلةِ :
[األصل اثلالث]91.................................................................................
ْ ىُ ى ُ ُى
ىمع ِرفة ن ِب ِيِّك ْم ُم َّم ٍد ﷺ91....................................................................
اهلجرة96 ..............................................................................................
***
3
مقدمة
بسم اهلل واحلمد هلل ،والصالة والسالم ىلع رسول اهلل ،وبعد
ويه رسالة نافعة يف بابها ،بل لم أجد متنا يقوم مقامها ،فقد
مجعت أصول ادلين يف ورقات قليلة.
4
وهذه الرسالة مقسمة إىل مقدمة وأصل ،واملقدمة فيها أربع
مسائل يراد منها ضبط اخلطة العلمية والعملية للمسلم .أما األصل
ففيه ثالث أصول ،ويه معرفة اهلل ورسوهل واإلسالم .فذكر تعريفا
خمترصا للك أصل من هذه األصول ،مع بيان ملة إبراهيم ﷺ .وختم
بمسألة ابلعث واحلساب.
إسناد الرسالة
تلقيت هذا املنت عن عبد العزيز آل الشيخ بقراءة غريي
عليه بقصد ادلراية يف األكاديمية اإلسالمية املفتوحة ،ى ى
فرش ىحه يف
ً
جملسا ،وهو قرأه ىلع الشيخ ُممد بن ابراهيم آل الشيخ، اثين عرش
وهو عن شيخه عبد اللطيف بن عبد الرمحن بن حسن إجازة إن
ً
سماًع ،وهو عن وادله عبد الرمحن بن حسن بن ُممد بن لم يكن
عبد الوهاب ،عن جده ُممد بن عبد الوهاب.
5
اللطيف عبد الرمحن بن حسن ،عن جده ُممد بن عبد الوهاب.
6
املنت جمردًا
يم ح محن َّ
الر الر ْ ى
هلل َّ
ِ ِ ِ ِمْسِب ا ِ
ْ ْ ى ى ى ُ ى َّ ُ ى ُ ى ى ْ ى ى ى ُّ ُ ى ْ ى ى ى ى
َيب علينا تعلم أربع مسائِل: اعلم ر ِمحك اهلل أنه ِ
ِّ ىى ْ ىُ ى ُ َ ْ ُْ ىُى ى ْ ىُ
هلل ،ومع ِرفة ن ِب ِي ِه ﷺ،
املسألة األول :ال ِعلم :وهو مع ِرفة ا ِ
ى َّ ىى ْ ىُ
اإل ْسالمِ باأل ِدل ِة.
ِ ِ ين د
ِ ة ومع ِرف
َّ ُ ْ ُ
املسألة اثلان َِية :ال ىع ىمل بِ ِه.
َّ َ ُ َّ ْ ُ ى
ادلع ىوة ِإيلْ ِه. اثلة:
املسألة اثل ِ
ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى ى َّ َ ُ َّ ْ ُ ى ى ى ى
املسألة الرابِعة :الصْب ىلع األذ ى ِفي ِه .وادل ِيلل قوهل تعاىل:
8
َّ َ َ َ ْ ُ َ َ َّ َ َ ا
ِّلِلِ فل تدعوا مع اّلِلِ أحدا﴾
َّ َ ُ ى َّ ى ْ ى ى ى َّ ُ ى ى ى َّ ى ى ى ُ ُ ى ُ ُ ى ُ
االة ىمنْ اثلة :أن من أطاع الرسول ،ووحد اهلل ال َيوز هل مو اثل ِ
َ َ ُ ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى ى ى َّ ى ى ى ُ ى ُ ى ى ْ ى ى ى ْ ى ى ى
َتد يب؛ وادل ِيلل قوهل تعاىل﴿ :ال ِ حاد اهلل ورسوهل ،ولو َكن أقرب ق ِر ٍ
ُ ُّ َ َ ْ َ َّ َّ َ ُ َ َ َ ْ ا ُ ْ ُ َ َّ ْ ْ
خ ِر ي َوادون من حاد اّلِل َو َرسوَلُ َول ْو قوما يؤمِنون بِاّلِلِ َواَلَو ِم اآل ِ
َ َ ُ َ َ ُ ْ َْ ََْ ُ ْ َْ ْ َ َُ ْ َْ َ ََُ ْ َُْ َ ََ
َكنوا آباءهم أو أبناءهم أو إِخوانهم أو ع ِشريتهم أوَل ِك كتب ِِف
َْ َ َ َ َ َ َّ َ ُ ُ ٍ ِّ ْ ُ َ ُ ْ ُ ُ ْ َ َّ َ ْ ُ ُُ
ات َت ِري مِن َتتِها ٍ نج م هل خ
ِ د يو ه نم وح ر ِ ب م ه دي أو ان يم اإل
قل ِ ِ ِ
م هوب
َ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ْ َ َ ُ َ ْ ُ ُ ْ َ َ ْ ُ َّ َْ َ ُ َ
حزب اّلِلِ اِلِين فِيها ر ِِض اّلِل عنهم ورضوا عنه أوَل ِك ِ األنهار خ ِ
َ َ َّ ْ َ َّ ُ ُ ْ ُ ْ ُ َ
حزب اّلِلِ هم المفلِحون﴾ أال إِن ِ
ْ ى ىى
يعة» يث اب ِن ل ِه يب م ْن ىه ىذا ى ْ ى ى ْ ُ ُ َّ ْ ى يث ىغر ٌ ى ى ى ٌ
الوج ِه ال نع ِرفه إِال ِمن ح ِد ِ ِ ِ [ ]1رواه الرتمذي ( )3371وقال« :هذا ح ِد
ُّ ى ُ ى ى ى ُ ُ َّ ى ى ى ى ى َّ ى ى َّ َّ ُّ ْ ى
ى ِب صَّل ُ
اَّلل عليْ ِه ىوسل ىم قال« :ادلًع ُء هو ال ِعبادة» ثم قرأ: ى ان بْن ب ى ِشري ،ىعن انلَّ ِّ
ٍ ِ ِ ثم روى :حديث انلعم ى ِ ِ
اخر ى ْ ى ْ ى ُ ْ َّ َّ ى ى ْ ى ْ ُ ى ى ْ ى ى ى ى ْ ُ ُ ى ى ى َّ ى ى ى ى ى ى ُّ ُ ْ ْ ُ
ين﴾ ِلين يستك ِْبون عن ِعباد ِيت سيدخلون جهنم د ِ ِ وِن أست ِجب لكم إِن ا ِ ﴿وقال ربكم ادع ِ
يث ىح ىس ٌن ىصح ٌ ى ى ى ٌ
يح» ِ وقال «هذا ح ِد
12
َ َ َ َ َ ْ ُ َ َ َ ِّ َ ْ َ ْ َ ْ ى ى ُ َّ َ ى ْ ُ ُ ى ى ى
ود ِيلل الرجاءِ :قوهل تعاىل﴿ :فمن َكن يرجو ل ِقاء رب ِه فليعمل
َ َ ا َ ا َ َ ُ ْ ْ َ َ َ ِّ َ َ ا
ْشك ب ِ ِعبادة ِ رب ِه أحدا﴾ اِلا وال ي ِعمل ص ِ
ُ ُ َ َ َ ه َ َ َ َّ ُ ْ ى ى ُ َّ َ ُ ى ْ ُ ُ ى ى ى
ك :قوهل تعاىل﴿ :ولَع اّلِلِ فتوَّكوا إِن كنتم ود ِيلل اتلو ِ
َ َ َ َّ ْ َ َ َّ َ ُ َ ْ ُ ُّم ْؤمن َ
ي﴾ وقوهلَ ﴿ :ومن يت َوك لَع اّلِلِ فه َو حس ُبه﴾ ِِ
َّ ُ ْ َ ُ ىُُْ ى ى ى ى ى ُ َّ ْ َ َ َّ ْ َ َ ْ ُ ُ
ِ
ود ِيلل الرغبةِ ،والرهبةِ ،واْلشوع :قوهل تعاىل﴿ :إ ِنهم َكنوا
َْ ْ َ َ َ ْ ُ َ
ون َنا َر َغ ابا َو َر َه ابا َو ََكنُوا َنلَا َخاشع َ َُ ُ َ
ي﴾ ِ ِ ات ويدع ارعون ِِف اْلري ِ يس ِ
ْ َ َ َْ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ى ى ُ َْ ْ َ ى ْ ُُ ى ى ى
ود ِيلل اْلشي ِة :قوهل تعاىل﴿ :فل َتشوهم واخشو ِِن﴾ اآلية.
ُ َ َ ُ َ َ ِّ ُ ْ َ َ ْ ُ َ َ َ ىُُْ ى ى ى ىى ُ
اإلناب ِة :قوهل تعاىل﴿ :وأن ِيبوا إِل ربكم وأسلِموا َل﴾ ود ِيل ِ
ل
اآلية.
اك ن َ ْس َتع ُ
َّ َ َ ْ ُ ُ َّ َ ْ َ َ ىُُْ ى ى ى ُ
ي﴾ ىو ِِف ِ هل ت ىعاىل﴿ :إِياك نعبد وإِي ىود ِيلل االستِعان ِة :قو
ت فى ْ
استىع ْ احلىديث« :وإ ىذا ْ
استى ىعنْ ى ْ
هلل» اب
ِ ِ ِ ن ِ ِ ِ
ُْ ُ ْ َ ُ ُ َ ِّ ْ َ َ ْ َ َ ىُُْ ى ى ى ُ
هل ت ىعاىل﴿ :قل أعوذ بِرب الفل ِق﴾ و﴿قل ىود ِيلل االستِعاذة ِ :قو
َّ َ ُ ُ َ ِّ
اس﴾ أعوذ بِرب انل ِ
ْ َ ْ َ ُ َ َّ ُ ىُُْ ى ى ْ َ َ ى ُ
هل ت ىعاىل﴿ :إِذ تست ِغيثون َربك ْم ىود ِيلل االستِغاث ِة :قو
13
ْ َ ْ َ َ َ َ ُ
فاستجاب لكم﴾ اآلية.
َ َ ِّ َ ُ ْ َّ َ َ ى ى ُ َّ ْ ى ْ ُ ُ ى ى ى
اط ٍ ِصِ ل ِ إ ِّب ر اِنِ د ه ِن ن
ِ ِ إ ل ق ﴿ :اىل ود ِيلل اَّلب ِح :قوهل تع
َ ُْ ا َ ا ِّ َّ َ ْ َ َ َ ا َ َ َ َ َ ْ ُ ْ ُّ ْ َ
ْشك ِي * قل ِ م ال ِن م ن َك ا م و ا يف ِ نح ِيمه ار بِ إ ةل م ا م ِي ق ا ِيند يم
ٍ قِ ت مس
َ َ َ َ
َشيك َل ال * ياي َو َم َماِت ِ هّلِل َر ِّب الْ َعالَم َ َ َْ
َم َي َ و ِك
َّ َ َ َ ُ ُ
ِ ِ ِ ِ إِن صل ِِت ون ِ
س
اهلل ىم ْن ىذبىحى
لع ىن ُ الس َّنة « :ى ُ ى ى َ َ َ َ ُ ْ ُ َ َ َ َ َّ ُ ْ ُ ْ
ِ وبِذل ِك أمِرت وأنا أول المسلِ ِمي﴾ و ِمن
ل ىغ ْ
هلل» []2
ري ا ِ ِ ِ
ََ ُ َ َ ا َ َ ْ ُ ُ َ
وديلل انلذر قوهل تعاىل﴿ :ي ْوف ْون بِانلَّذ ِر َو َيافون ي ْوما َكن
َ ُّ
َش ُه ُم ْس َت ِط ا
ريا﴾
َ ُ ْ َ ْ َ َ ُ َّ َ ُ
اإليمان المرتبة اثلانِي ِ
: ة
ُ ىى ْى ى ى ُ ى ْ ٌ ى ى ُْ ى ُ ْىً ىى ْ ى ىُْ
وهو بِضع وسبعون شعبة ،فأعالها قول ال اهل ِإال اهلل ،وأدناها
ى ْ ى ْى ى ُ ُ ْ ى ٌ َّ ى ى ى ُ ىى
ان.اإليم ِيق ،واحلياء شعبة ِمن ِ ِإماطة األذ ى ع ِن الط ِر ِ
ُ ُ ى ُ ىُ ى ى ى ى َ َ ْ َ ُ ُ َّ ٌ ى ْ ُ ْ
هلل ،ومالئِك ِت ِه ،وكت ِب ِه ،ورس ِل ِه، وأرَكنه ِستة :أن تؤ ِمن بِا ِ
ىْ ى ى ُ ْ ى ْ ى ى ى ْ ى ى ِّ ى َّ ُ ى ى ى ْ ى ى ْ
رشهِ ،وادل ِيلل ىلع ه ِذهِ األرَك ِن ري َهِ و ِ اآلخ ِر ،وتؤ ِمن بِالقد ِر خ ِ ِ وايلومِ
ُ َ ُّ ْ ُ ُ َ ُ ْ َ َ ْ َ ْ اىل﴿ :لَّيْ َس ال ْ َّ ِّ ى ى ْ ُ ُ ى ى ى
ْش ِق ِ م ال ل ِب ق م ك وه ج و وا ل و ت ن أ ب ِ الست ِة :قوهل تع ِ
َ ْ
َ َ ْ َ ْ َ ه َ َّ َ ْ َ ْ َّ ََ َ َْْ
خ ِر والمآلئ ِك ِة ِ
كن ال ِب من آمن بِاّلِلِ واَلوم اآل ِ والمغ ِر ِب ول ِ
َوالْك َِتاب َوانلَّب ِّي َ
ي﴾ ِ ِ
َّ ُ َّ َ ْ َ َ ْ َ َ َ ىُُْ ى ى
َش ٍء خلقناهُ بِقد ٍر﴾ هل ت ىعاىل﴿ :إِنا ُك ودَلل القدر :قو
ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ ُ َّ َ ُ
اإلحسان
اثل ِ
:ة المرتبة اثل ِ
17
كنْ ى ْ ى ْ ُ ى ى ى ى َّ ى ى ى ُ ى ى ْ ى ُ ُ ْ ٌ ى ٌ
احد ،وهو « :أن تعبد اهلل كأنك تراه ،ف ِإن لم ت ركن و ِ
ِين ِين َّات َقواْ َّو َّاَّل َ اّلِل َم َع َّاَّل َ َّ ه َ
هل ت ىعاىل﴿ :إِن
ى ى ُ ى َّ ُ ى ى ى ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى
تراه ف ِإنه يراك» .وادل ِيلل قو
َّ َ َ َ َّ َ َ َ َّ ْ َ َ ْ َ ىُُْ ى ى ى ُ ُّ ْ ُ َ
يم * اَّلِي يراك ح ِ يز الر ِ ِ ِ ز ع ال لَع ك و ت و ﴿ : اىل ع ت هل و وق ﴾ ون هم َم ِسن
هليم﴾ وقى ْو ُ ُ يع الْ َعلِ ُ َ َّ ُ ُ َ َّ ُ
ج ِدين * إِنه هو الس ِم ا
َّ
الس ِف
َ َ ُ ُ َ َ َ ُّ َ َ
ِ حي تقوم * وتقلب ِ
ك ِ
ُْ َ َ َْ َ ُ َ َ ْ َ َ َُْ ُْ َ َ َ ُ ُ ىى ى
آن وال تعملون ٍ ر ق ِن م ه ِنم و ل ت ت ا م و ن ٍ أش ِف ِ ون ك ت ا م و ﴿ :اىل تع
َّ ُ َّ َ َ ُ ُ ُ ا ْ ُ ُ َ ْ َ َ
مِن عم ٍل إِال كنا عل ْيك ْم شهودا إِذ ت ِفيضون فِي ِه﴾
َ ْ َ ُ َ ُ ُ َ َّ
مع ِرفة نبِ هيِك ْم َمم ٍد ﷺ
اش ٌم ِم ْن
ى ْ ى ىو ُه ىو ُُمى َّم ُد ْب ُن ىعبْد اهلل بْن ىعبْد ال ْ ُم َّ
اش ٍم .ىوه ِب ب ِن ه ِ ِ ل
ِ ط ِ ِ ِ ِ
يل بْن إبْ ىرا ِه ى ى ْ ى ى ُ ْ ُ ِّ َّ ْ ى ى ى قُ ىريْش ،ىوقُ ىري ْ ٌش م ىن الْ ى
يم ِ ِ ع
ِ ام س إ ة
ِ ِ ِ ِ ير ذ ن م ب ر ع ال و ، ب ِ ر ع ِ ٍ
َّ َّ ى
ى ى ْ ى ى ى ى ِّ ى ْ ى ُ ى ْ
ى
يل -علي ِه وىلع ن ِب ِينا أفضل الصالةِ والسالمِ .- اخل ِل ِ
َّ ُ ُّ ى ى ُ ى ُ ُ ى ٌ ى ُّ ى ى ى ً ْ ى ى ْ ى ُ ى ى ْ ى
وهل ِمن ا ِلعم ِر ثالث و ِستون سنةِ ،منها أربعون قبل انلبوةِ،
ىى ٌ ى ْ ُ ى
رشون يف انلبوة. وثالث و ِع
19
ْ ْ ُ َّ ِّ ْى ىُ ْ ى نُبِّ ى
ئ بـ﴿اقرأ﴾ وأر ِسل بـ ﴿المدثِر﴾ ِ
َّ ُ ى
ىو ىب ُِل ُه ىمكة.
ى َّ ُ ْ َّ ِّ ْ ى ى ْ ُ ى ى ى ى ىىىُ ُ
يد ،وادل ِيلل الرش ِك ،وبادلعوة ِإىل اتلو ِح ِ بعثه اهلل بِا ِنلِّذارةِ ع ِن ِ
َ َ ُّ َ ْ ُ َّ ِّ ُ ُ ْ َ َ ْ َ َ َّ َ َ َ ِّ ْ َ َ َ َ ىُُْ ى ى
هل ت ىعاىل﴿ :يا أيها المدثر * قم فأن ِذر * وربك فكب * وثِيابك قو
ْ َ َ ِّ ْ َ ُّ ْ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ ْ ُ َ ْ َ ْ ُ َ َ ِّ َ َ ْ
فطهر * والرجز فاهجر * وال تمُن تستك ِِث * ول ِربك فاص ِب﴾
ْ َّ ِّ ْ ى ى ْ ُ ى ى ُ ْ ُ ْ ََ ْ ُ ى ْى
يد.
الرش ِك ،ويدعو ِإىل اتلو ِح ِ ىومعَن﴿ :قم فأن ِذر﴾ ين ِذر ع ِن ِ
ْ َّ َ َ َّ َ َ َ ِّ ْ ى ْ ى ِّ ْ ُ
يد.
﴿وربك فكب﴾ أي :ع ِظمه بِاتلو ِح ِ
ْ ِّ ى َ َ َ َ َ َ ِّ ْ ى ْ ى ِّ ْ ى ْ ى ى ى
الرش ِك. ﴿وثِيابك فطهر﴾ أي :ط ِهر أعمالك ع ِن ِ
ُّ ْ ى ى ْ ى ُ ى ى ْ ُ ى ى ْ ُ ى ى ْ ى ى ى ُ َ ُّ ْ َ ْ ُ
الرج َز فاهج ْر﴾ الرجز :األصنام ،وهجرها :تركها ،والْباءة ﴿و
منْ ىها ىوأى ْهلُها.ى
ِ
ْ َّ ى ىْ ُ ى ى ى ى ى ىى ى ى ى ْ
يد. أخذ ىلع هذا عرش ِس ِنني؛ يدعو ِإىل اتلو ِح ِ
َّ ى ُ
الصلوات
ىُ ى ْ ى
ت ىعليْ ِه ىو ىب ْع ىد الْ ىع ْرش ُعر ىج به إ ىىل َّ
الس ىماءِ ،وف ِرض ِ ِ ِِ ِ
ُ ْ ى ْ
اخلمس.
20
ى ىىْ ى ى ُ ى ْ ْ ى ى ْ َّ ى ى ى َّ
ىو ىصَّل ِيف ىمكة ثالث ِس ِنني ،وبعدها أ ِمر بال ِهجرةِ إِىل الم ِدين ِة.
ى ى
ْ َ ْ ْ َ ُ ْ ى ُ ْ ى ى ِّ ْ ى ى ى
اإلسالمِ . ِل ِ الرش ِك ِإىل ب ِ ِل ِ وال ِهجرة :االن ِتقال ِمن ب ِ
ْ ُ َّ ْ ى ى ِّ ْ ى ى ْ ْ ىُ ى ى ٌ ىى ى
اإلسالمِ ، ِ بِل ىل إ ك
ِ ِ ِ ِ الرش ِل ب ن م
ِ ِةم األ ه
وال ِهجرة ف ِريضة ىلع ِ ِ
ذ ه
اىل﴿ :إ َّن َّاَّلِينَ ى ى ى ى ٌ ى ى ْ ى ُ ى َّ ى ُ ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى ى
ِ و ِيه با ِقية ِإىل أن تقوم الساعة ،وادل ِيلل قوهل تع
َ ُ ُ ْ َ ُ ْ ُ َّ َُْ ْ َ ُ ْ َ ُ َ َ َّ ُ ْ َ
ت َوفاه ُم المآلئ ِكة ظال ِِِم أنف ِس ِهم قالوا فِيم كنتم قالوا كنا
َ ْ َْ َ َ ْ َ ُ ْ َ ْ ُ ه َ َ ا َ ُ َ ُ ْ ْ َ ض َعف َ ُ ْ َ ْ
جروا ِ ا ه ت ف ة ع س
ِ او ِ اّلِل ض ر أ ن ك ت م ل أ او ال ق ض ِ ر األ ِف
ِ ي ِ مست
ي مِنَ ض َعف َ َّ ْ ُ ْ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ُ ْ َ َ َّ ُ َ َ ْ َ ْ ُ
ا
فِيها فأوَل ِك مأواهم جهنم وسآءت م ِصريا * إِال المست ِ
َا َ ََُْ َ َ ا
حيلة َوال يهتدون سبِيل *
َ َْ َ ُ َ
ان ال يست ِطيعون ِ الر َجال َوالنِّ َسآء َوالْو ْ َ
ِل ِّ
ِ ِ ِ
ا ه ُ َ َ ْ ُ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ ه ُ َ ُ ًّ َ ُ َ َُْ َ َ َ
فأوَل ِك عَس اّلِل أن يعفو عنهم وَكن اّلِل عفوا غفورا﴾
آم ُنوا إ َّن َأ ْر ِِض َواس َع ٌة َفإيَّايَ َ َ َ َّ َ َ
ِين اَّل ِي د ا ِب
ع ا ي ﴿ :
ى ىُُْ ى ى ى
اىل وقوهل تع
ِ ِ ِ
َ ُُْ
ون﴾ فاعب ِ
د
ُ ْ ى َّ
اِلينى ىُ ى ُ ى ى ْ ُ ى ُّ ى ى ُ
قال ابلغ ِوي ر ِمحه اهلل« :نزلت ه ِذهِ اآلية ِيف المس ِل ِمني ِ
اسم اإل ىاهلل ب ْ
اه ُم ُى َّ ى ى ْ ُ ى ُ ى ى ُ
ان» يم
ِ ِ ِ ِ اجروا ،ناد
بِمكة ولم يه ِ
21
ََْ ُ ْ ْ َُ ُ ى َّ ُ ى ى ْ ْ ى ى ُّ َّ ى ْ ُ
وادل ِيلل ىلع ال ِهجرةِ ِمن السن ِة :قوهل ﷺ « :ال تنق ِطع ال ِهجرة
ْ َ ُ َ َّ َ ْ ُ َ َّ ْ ُ ََْ ُ َُ َ َّ َ ْ َ َ
حَّت تنق ِطع اتلَّ ْوبةَ ،وال تنق ِطع اتلَّ ْوبة حَّت تطلع الشمس مِن
َْ َ
ربِها»[]3مغ ِ
[ ]3رواه أمحد ( )16906وأبو داود ( )2479وقال املحققون « :حسن لغريه ».
22
ُ ْ ى َّ ى ى ْ ُ ِّ ْ ُ ى ى ُ ى ى ْ ى َّ ُ َّ
اهلل ىو ىيأبىاهُ. ك ىرهُ مجيع ما ي
الرشك ،و ِ
اِلي حذرها ِمنهِ :
والرش ِ
ى ى ُ ْ ُ ْ ى ُ ى ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى
هل ت ىعاىلِ ﴿ :منْ ىها اس ِإذا ماتوا يبعثون =وادل ِيلل قو انل ُ
ىو َّ
خ ىرى﴾ وقى ْو ُهلُ ى ىْى ُ ْ ى ى ُ ُ ُ ْ ى ْى ُْ ُ ُ ْ ى ىً ُ ْ
خلقناكم و ِفيها ن ِعيدكم و ِمنها ُن ِرجكم تارة أ
ك ْم فيهاى ُ َّ ُ ُ ُ ىى ً ْ ى َّ ُ ى ى ى ُ ِّ ى ى ىى ى
ِ تعاىل﴿ :واَّلل أنبتكم من األر ِض نباتا * ثم ي ِعيد
ى
ى ى ْ ى ْى ْ ُى ى ى ىْ ى ْ ُْ ُ ُ ْ ْ ً
اسبُون ىوجم ِز ُّيون بِأع ىمال ِ ِه ْم، ىوُي ِرجكم ِإخ ىراجا﴾= وبعد ابلع ِ
ث ُم
23
جزيى ى ْ ْ ى ى ى َّ ى ى َّ ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى ى
ى ى
ات وما ِيف األر ِض ِيل ِ َّلل ما ِيف السماو ِ وادل ِيلل قوهل تعاىل﴿ :و ِ ِ
ى ْ ُ ْ ُ ى َّ ى ى ى ُ ى ى ُ ى ى ْ ى َّ ى ْ
ى
اِلين أحسنوا بِاحلسَن﴾ اِلين أساؤوا بِما ع ِملوا وَي ِزي ِ ِ
اِلينى ى ى ى َّ ى ى ى ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى ى ى ى ْ ى َّ ى ْ ى ْ
ث كفر ،وادل ِيلل قوهل تعاىل﴿ :زعم ِ ومن كذب بِابلع ِ
ُث ُث َّم ى ُتلنى َّب ُؤ َّن ب ىما ىعملْتُمْ ك ىف ُروا أىن لَّن ُيبْ ىعثُوا قُ ْل بى ىَّل ىو ىر ِِّب ى ُتلبْ ىع ُ َّ
ى
ِ ِ
ى ى ى ى َّ
اَّلل يىس ٌ
ري﴾ ىوذ لِك ىلع ِ ِ
24
َّ ُ ى ُ ى ُ ِّ ُ َّ َّ ُ ً ى ْ ُ ُ ْ ِّ ى ى ْ ى ىىى ْ ىىْ
﴿ولقد بعثنا ِيف ك أم ٍة رسوال أ ِن اعبدوا اَّلل واجتنِبوا الطاغوت﴾
ى ى ى ْ ى ْ ُ ْ ى َّ ُ ُ ىى ى ى ْىى ى
هلل.
ِ ِ ا ب انيم اإل
ِ ِو وت اغ الط ِ ب ر ف ك ال د
ِ ا ب ع ال
ِ ِ يعمج
ِ ىلع اهلل ض وافرت
ى ى ى ى ى ى ى ْ ُ ْ ى ِّ ى ى ُ ُ ى ى ى َ ْ َ َّ ُ
وت :ما َتاوز بِ ِه قال ابن الق ِي ِم ر ِمحه اهلل تعاىل« :معَن الطاغ ِ
ى ُ ْ ى ْ ى ْ ْ ى ْ ُ ى َّ ُ ْ ى ْ ى
وع أو مط ٍ
اع»[]4 العبد حده ِمن معبُو ٍد أو متب ٍ
ُ
ى ٌ ُ ى ُ ى
ون ىو ُر ُؤ ُ
وس ُه ْم َخْ ىسة: َّ
ىوالط ىو ِ
اغيت ك ِثري
يس لى ىعنى ُه ُ
اهلل. • إبْل ُ
ِ ِ
ى ْ ُ ى ُ
اض. • ىومن ع ِبد ىوه ىو ىر ٍ
ى ى ْ ى ى َّ ى ى ى ى ى ْ
• ومن دًع انلاس إِىل ِعبادةِ نف ِس ِه.
ب. اد ىَع ىشيْئًا ِم ْن ِعلْم الْ ىغيْ ى ى ْ َّ
• ومن
ِ ِ
ك ىم ب ىغ ْري ىما أىنْ ىز ىل اهللُ.
ىى ْ ى ى
• ومن ح
ِ ِ
َ َّ َ َّ َ ُّ ْ ُ
الرشد م َِن ين قد تبي اىل﴿ :الَ إ ْك َراهَ ِف ِّ
اِل
ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى ى
وادل ِيلل قوهل تع
ِ ِ ِ
ه ََ ْ َْ َ َ ُْ ْ ْ َ ِّ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َّ ُ
وت َويُؤمِن بِاّلِلِ فق ِد استمسك بِالع ْر َوة ِ َغ فمن يكفر بِالطاغ ِ ال
َّ ْ ى ى َّ ُ ى ُ ى
اهلل ىىلع ُم َّم ٍد ىوىلع آهل ىو ىصح ِب ِه ىو ىسل ىم. وصَّل
***
ى ى ى ٌ
يث ىح ىس ٌن ىصح ٌ
يح» ِ [ ]5رواه أمحد ( )22016والرتمذي ( )2616وقال« :هذا ح ِد
26
الشرح
املسائل األربعة
بدأ املصنف رمحه اهلل بمقدمة .وهذه املقدمة ليست يه
األصول اثلالثة ،بل يه أربع مسائل تمهيدية.
يم
ح ِ الر ْمحَن َّ
الر ِ ِمْسِب اهللِ َّ
ِ
ْ ْ َ َ َ ُ َ َّ ُ َ ُ َ َ ْ َ َ َ ُّ ُ َ ْ َ َ َ َ
َيب علينا تعلم أربع مسائ ِل: اعلم ر ِمحك اهلل أنه ِ
ه َ َْ َُ َ ُ َ ْ ُْ َ َُ َْ َُ
املسألة األول :ال ِعلم :وهو مع ِرفة اهللِ ،ومع ِرفة نبِيِ ِه ﷺ،
َ َّ ْ َ َْ َُ
اإلس ِ
لم باألدِلةِ. ِ ِِيند ةومع ِرف
َّ َ ُ ْ َ َ ُ
املسألة اثلانِية :العمل ب ِ ِه.
27
ْ َّ َ ُ َّ ْ َ ُ َ
اثلة :اِلعوة إَِل ِه. املسألة اثل ِ
َّ َ ُ َّ ْ ُ َ َ َ َ
املسألة الرابِعة :الصب لَع األذى فِي ِه.
َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ
واِل َِلل قوَل تعال:
[ُ ]6ممد.19:
28
بدأ رساتله بـ «بسم اهلل الرمحن الرحيم» كعادة أهل العلم،
ً
تيمنا بذكر اسم اهلل ،وتْبًك به ،وطلبا لعونه وتوفيقه.
ك ُ ْ ْ ََِ َ
اهلل» دًع للقارئ بالرمحة ،وهذا من أدب ثم قال «اعلم رمح
َّ َ
َّ ُ َ ُ َ َ ْ َ َ َ ُّ ُ ْ َ َ َ َ َ
خطابه ،وحسن قصده «أنه َيِب علينا تعلم أربع مسائ ِل» بني أن
تعلم هذه املسائل واجب ،وذلك لكونها من األصول العامة اليت
ُيتاجها املسلم يف ك حياته.
ُ ُ َ ْ ْ
«املسألة األول :ال ِعلم» سيبني يف هذه الفقرة معَن العلم .لن
يعرف العلم تعريفا لغويا وال تعريفا ىلع طريقة احلد والرسم؛ وإنما
خْب بأصل العلم انلافع عند اهلل سبحانه وتعاىل ،فما هو هذا؟ سيُ ُ
ِ
ِيند
َ َْ َُ
ةفر ع م و ،ﷺ ه
ِ قال« :الْ ِعلْ ُمَ :و ُه َو َم ْعر َف ُة اهللَِ ،و َم ْعر َف ُة نَب ه
ي
ِ ِ ِِ ِ ِ
َ َّ ْ
لم باألدِل ِة» هذه اثلالثة يه األصول اثلالثة اليت تأيت بعد اإلس ِِ
قليل يف الرسالة ،ولعله قدم بهذه املقدمة نلعرف كيف ننتفع بما
سنتعلم؟ وملاذا َنن نتعلمه ؟هل نتعلمه نلجادل فيه ؟هل نتعلمه
يلقال ًعلم؟ هل نتعلمه ملجرد االطالع؟
29
َّ َ ُ ْ َ َ ُ
فقال « :املسألة اثلانِية :العمل ب ِ ِه » فبني نلا أن االنتفاع بهذا
العلم ،وذلك بأن نعمل به ،فيكون هل أثر يف حياتنا ،فنغري أفاكرنا،
وأخالقنا ،وًعداتنا ،ومعامالتنا بمقتَض هذا العلم.
َّ َ ُ َّ ْ ُ َ
اِلع َوة إ ِ َْل ِه» اإلنسان إذا تعلم وعمل اثلة:
ثم قال« :املسألة اثل ِ
وأخلص هلل سبحانه وتعاىل فقد نىج ،ولكن اهلل سبحانه وتعاىل
أمر املسلمني بما أمر به املرسلني كما قال رسول اهلل ﷺ « :ىوإ َّن ى
اهلل ِ ىى ى ُْ ْ ى ى ى
ى ى ى ْ ُ ْ ى ى
أمر المؤ ِم ِنني بِما أمر بِ ِه المرس ِلني» [ ]7فإذا خلص اإلنسان نفسه
من غضب اهلل ومن ناره و ِمن عقابه؛ فهذا أمر حسن ،ولكن
َّ ى
األوَل أن يدعو غريه إىل اهلل وأن يقذ ىمن استطاع من الضال ِل
فياخذ بأيديهم إىل احلق واهلد ،وأن ينرص دين اهلل سبحانه وتعاىل.
ثم بعد ذلك يأيت الصْب ىلع األذ ى؛ ألن األذى ال يكون ىلع
جمرد اتلعلم ،قد تتعلم فال يؤذيك انلاس ألنهم ال يهتمون تعلمت
31
أم لم تتعلم.
وألن ادلعوة إىل احلق َتتاج إىل الرد ىلع ابلاطل ،فإن أهله
سينصبون لك من ألوان العداوة ما ال تتصوره ،قال أبو إسماعيل
السيف َخس مرات ،ال يقال ِل« :ارجع عن اهلرويُ :عر ُ
ضت ىلع
ِ ِ
مذهبك» لكن يُقال ِل« :اسكت عمن خالفك» فأقول« :ال
32
أسكت» [ ]8بل قد ال يتوقف األمر ىلع املخالفني ،وإنما ستعاديك
طائفة من املوافقني ،يلظهروا بمظهر املنصفني ،ومنهم من يريد
اتلتقرب من املخالفني ىلع حسابك ،ومنهم من ال يكون موافقا
لك عن علم ،وإنما عن جهل ،فلما رأى الفرقان بني احلق وابلاطل؛
ًعداك رَض منه بالضبابية اليت هو عليها ،ومن املوافقني من يتسم
بالغلو ،فال يرضيه إال أن توافقه ىلع غلوه.
املسائل الثالثة
ك ُ ْ َْ ََِ َ
اهلل» «اعلم» :فعل أمر يراد منه احلض ىلع يقول «اعلم رمح
ك ُ ََِ َ
اهلل » :دًعء للقارئ يلعرف أن الشيخ يريد به الرمحة العلم « .رمح
ويريد به اخلري .فهو يكتب هذا العلم راجيا لقارئه اخلري.
ْ َ ْ َ َ َ ُ َ َّ َ ُ َ َ ُ ه
ُك ُم ْسلِم َو ُم ْسلِ َمةَ ،ت َعلُّمُ
ٍ ٍ َيب لَع ِ قال « :اعلم ر ِمحك اهلل أنه ِ
ََُْ َّ َ َ َ
لث ،والعمل ب ِ ِه َّن » قد بينا أن العلم قبل القوول ه ِذه ِ المسائ ِل اثل ِ
والعمل؛ فاآلن يتطرق للمسائل اليت علينا أن نتعلمها ونعمل بها.
37
ُ َ َ َّ َ َ َ َ َ
« األول :أن اهلل خلقنا» فاهلل تعاىل هو اخلالق نلا ،أوجدنا من
ِئ ىسأى ْ ىتل ُهمْ
عدم ،وهذا أمر أقر به حىت كفار قريش ،قال تعاىل ﴿ :ىولى ْ
ِ
ُ ى ْ ى ى ى ُ ْ ى ى ُ ُ َّ َّ
من خلقهم يلقولن اَّلل﴾ وذلك لوضوح أدتله .وقد أنزل اهلل احلجة
َش ٍء أى ْم ُهمُ ى
ىلع من أنكر خالقيته فقال﴿ :أ ْم ُخ ِل ُقوا ِم ْن ىغ ْري ى ْ
ى ِ
ون * أ ْم عنْ ىد ُهمْ ى ْىْ ى ىْ ى ُ ُ ى ى ى َّ ْى ُ ى ى ْ ى ى ُ
ِ ات واألرض بل ال يوقِن اخلا ِلقون * أم خلقوا السماو ِ
ى ى ُ ى ِّ ى ى ْ ُ ُ ْ ُ ى ْ ُ ى
خزائِن ربك أم هم المصي ِطرون﴾
َََ
« َو َرزقنا » منذ أن كنا أجنة يف بطون أمهاتنا ،فإنه يرزقنا
ََْ َُْ َْ َ َ ا
الغذاء ويرزقنا الصحة ،ويرزقنا العقل « ولم يْتكنا همل » فكما
ً
لم يرتكنا همالورقنا يف أجسادنا ،فإنه لم يرتكنا همال يف ما ُييي
َْ َ ْ َ َ ََْ َ ُ ا
نفوسنا « بل أرسل إَِلنا رسوال » ُيْبنا برسالة اهلل تعاىل إيلنا ،عرفنا
ى ى ُ
أمور بربنا ،وهدانا السبيل ،أنزل نلا رشًع نسري وفقه ؛ ليك تصلح
َ َّ َ َ ْ َ َ َ ُ َ َ َ َ َّ َ َ َ ْ َ َ ُ َ َ َ دنيانا وآ ى
خرتنا « فمن أطاعه دخل اْلنة ،ومن عصاه دخل انلار »
قصد األخري ،إما جنة أو نار ؛ إن أطعنا الرسول دخلنا اجلنة، ى
ذلك الم ِ
َ َّ ُ
اِل َِلل ومن عصاه فكفر؛ دخل انلار -نعوذ باهلل من انلار ،-قال« :و
َّ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ ُ ا َ ا َ َ ْ ُ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ َُُْ َ َ َ
قوَل تعال﴿ :إِنا أرسلنا إَِلكم رسوال شاهِدا عليكم كما أرسلنا
َ ْ َ ْ َ َ ُ ا َ َ َ ْ َ ْ ُ َّ ُ َ َ َ َ ْ َ ُ َ ْ ا َ ا
إِل ف ِرعون رسوال * فعَص ف ِرعون الرسول فأخذناه أخذا وبِيل﴾»
38
علمتنا هذه اآليات كيف يكون اتلعامل مع هذا الرسول؟ وما
ول َفأَ َخ ْذنَاهُ
َ َ َ ْ َ ْ ُ َّ ُ َ
انلتيجة؟ ننظر إىل حال فرعون ﴿« :فعَص ف ِرعون الرس
َ ْ ا َ ا
أخذا وبِيل﴾» إذن هذا حال من يعيص الرسول بالكفر به.
والعكس بالعيك ،فمن يؤمن به ينجو.
َّ ُ
اثلان َِية:
َ َ ٌ َ َ َْ َ َ ْ ُْ َ َ َ َ ُ َ َ ٌ َ َّ
أن اهلل ال يرَض أن يْشك معه أحد ِِف عِبادت ِ ِه ،ال ملك
َ َ َّ ْ َ َ َ َّ َ َ ُ َ َّ ٌ َ َ ُ ْ َ ٌ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ
مقرب ،وال ن ٌّ
جد ِّلِلِ فل
ِ ا س م ال نأو ﴿ :ال ِب مرسل؛ واِل َِلل قوَل تع ِ
َ
َ ْ ُ َ َ َّ َ ا
تدعوا مع اّلِلِ أحدا﴾
َ َ َْ َ َ ْ ُْ َ َ َ َُ َ َ ٌ َ َّ
قال « أن اهلل ال يرَض أن يْشك معه أحد ِِف عِبادت ِ ِه» فالرشك
َّ َّ ى ى ى ْ ُ ى ْ
هو اِلنب اِلي ال يغفره اهلل سبحانه وتعاىل ﴿ ِإن اَّلل ال يغ ِفر أن
ُ ى ُْ ى ى ىىْ ُ ى ُ ى ى ى
ك ل ِ ىم ْن ي ى ىش ُ
أعظم الرشك هو اء﴾ فع ِلمنا أن يرشك بِ ِه ويغ ِفر ما دون ذل ِ
39
أنواع اِلنوبُّ ،
أي نوع من أنواع الرشك َكن.
ََ ٌ َُ ٌ
قال « ال ملك مق َّرب» فإذن اهلل سبحانه وتعاىل اِلي خلقنا
َّ
ورزقنا وأرسل إيلنا الرسل وحذرنا من انلار ورغبىنا باجلنة؛ ال يرَض
ٌ ُ ٌ
المالئك ِةملك من ى ٌ
سواء رشك ىم ىعه أحد ،أيا َكن هذا األحد، أن ي ُ ى
ى ى ُ
المقربني ،لو َكن جْبيل أو مياكئيل -وهؤالء من أعظم املالئكة-
ً ِب ُم ْر َس ٌل» فلو أن أحدا ى
« َوال نَ ٌّ
عبد نبيا من األنبياء لاكن مرشًك باهلل ِ
ً
سبحانه وتعاىل ،ال يُقبل منه عمل صالح ،ال يقبل منه َصفا وال
ً ى ً
عدال ،ومصريه جهنم ،وديلل ذلك أنك ترى أن قوما عبدوا عيىس
فيهم من أنهم مرشكون، ىى
ﷺ؛ فأخْب اهلل سبحانه وتعاىل بما أخْب ِ
ث ثى ىالثىة﴾ فلو عبدىى ى ْ ى ى ى َّ ى ى ُ َّ َّ ى ى ُ
ٍ اِلين قالوا ِإن اَّلل ثا ِل فقال﴿ :لقد كفر ِ
ٌ ً ُ
ُممدا ﷺ لاكن مرشًك باهلل سبحانه وتعاىل فمحمد ﷺ هو اإلنسان
ُ ى
هلل ،وًكن
دون ا ِ
اِلي علم انلاس اتلوحيد ،فال يرَض أن يعبد من ِ
ى ى ً ُ ْ ى ُ ْ ى َّ ى ى ُ َّ ى ى ْ َّ ُ َّ ى ى ْ ى ْ ى
اَّلل ىلع
ْبي وثنا يعبد .اشتد غضب ِ من دًعئه« :اللهم ال َتعل ق ِ
ى ى ى ْ ى ى ْ َّ ى ُ ُ ُ ى ى ْ
اجد» [ ]11واهلل سبحانه وتعاىل ال يرَض قومٍ اَتذوا قبور أن ِبيائِ ِهم مس ِ
[ ]11موطأ مالك -رواية ُيىي ( 172 /1ت عبد ابلايق) مسند أمحد ( )7358قال املحققون« :إسناده قوي».
40
َ َ َّ ْ َ َ َ َّ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ ُ
جد ِّلِلِ فل
أن يعبد معه غريه « واِل َِلل قوَل تعال﴿ :وأن المسا ِ
ى َ ْ ُ َ َ َّ َ َ ا
تدعوا مع اّلِلِ أحدا﴾» ؛ إذن علينا أن نفرد اهلل سبحانه وتعاىل
بالعبادة
َّ َ ُ
اثلة: اثل ِ
َ َّ َ ْ َ َ َ َّ ُ َ َ َ َّ َ َ َ ُ ُ َ ُ ُ َ ُ َ ْ َ َّ
أن من أطاع الرسول ،ووحد اهلل ال َيوز َل مواالة من حاد
َ َ ُ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ َ َ َ ُ َُ َ َْ َ َ ََْ َ َ
َتد يب؛ واِل َِلل قوَل تعال﴿ :ال ِ اهلل ورسوَل ،ولو َكن أقرب ق ِر ٍ
ُ ُّ َ َ ْ َ َّ َّ َ ُ َ َ َ ْ ا ُ ْ ُ َ َّ ْ ْ
خ ِر ي َوادون من حاد اّلِل َو َرسوَلُ َول ْو قوما يؤمِنون بِاّلِلِ َواَلَو ِم اآل ِ
َ َ ُ َ َ ُ ْ َْ ََْ ُ ْ َْ ْ َ َُ ْ َْ َ ََُ ْ َُْ َ ََ
َكنوا آباءهم أو أبناءهم أو إِخوانهم أو ع ِشريتهم أوَل ِك كتب ِِف
َْ َ َ َ َ َ َّ َ ُ ُ ٍ ِّ ْ ُ َ ُ ْ ُ ُ ْ َ َّ َ ْ ُ ُُ
ات َت ِري مِن َتتِها ٍ ن ج م هل خ
ِ ديو ه نم وح ر ِ ب م ه دي أو ان يم اإل
قل ِ ِ ِ
م هوب
َ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ْ َ َ ُ َ ْ ُ ُ ْ َ َ ْ ُ َّ ََْ ُ َ
حزب اّلِلِ اِلِين فِيها ر ِِض اّلِل عنهم ورضوا عنه أوَل ِك ِ األنهار خ ِ
َ َ َّ ْ َ َّ ُ ُ ْ ُ ْ ُ َ
حزب اّلِلِ هم المفلِحون﴾ أال إِن ِ
َ َّ َّ َ َ َ ُ َ
وَلُ » جعل ً
حدا بينه وبني اهلل ورسوهل. معَن « حاد اّلِل ورس
41
فهو ال يؤمن باهلل وال الرسول ،وال يطيعهما .فاملؤمن ال َيوز هل أن
ُ ِّ
المحاد ،فإذا وااله ال يكون مؤمنا. يواِل ذلك
ْ َ َ َ ُ َ ْ ا ُ ْ ُ َ َّ َ ْ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ
خ ِر ِ
َتد قوما يؤمِنون بِاّلِلِ واَلوم اآل ِ
«واِل َِلل قوَل تعال﴿ :ال ِ
ُ َ ُ ُّ َ َ ْ َ َّ َّ َ
ي َوادون من حاد اّلِل َو َرسوَلُ﴾» اهلل ُيْبنا خْبا وجب تصديقه،
قوما يؤمنون باهلل وايلوم اآلخر يوادون وهو أنه ال يمكن أن جند ً
من حاد اهلل ورسوهل؛ فإذا وجدنا أحدا يقول إنه يؤمن باهلل وايلوم
ى ى
فعند ذلك قوهلم أنهم اآلخر ،ووجدناه يُواد اِلين حادوا اهلل ورسوهل؛
يؤمنون باهلل وايلوم اآلخر كذب ،ألن اهلل يقول ﴿ال ُ
َتد﴾ فال
يمكن أن تقول« :ال يا رب أنا وجدت» بينما اهلل ُيْبك أنك لن
َتد ىمن هذه حاهل.
ُ
فهذا أمر عظيم ،ىم ىودة اِلين حادوا اهلل ورسوهل أمرها عظيم،
اءه ْم َأوْ
َ َْ َ ُ َ َ ُ ْ َ ْ ََْ ُ
ولو َكنوا أقرب قريب ،قال اهلل﴿ :ولو َكنوا آباءهم أو أبن
ْ ْ َ َُْ َْ َ ََُ
إِخوانهم أو ع ِشريتهم﴾ فال يليق إيلهم باملودة مع كفرهم ،قال
َُْ َ
﴿أوَل ِك﴾ يعين اِلين آمنوا باهلل وايلوم اآلخر ولم يوادوا الاكفرين
وح ِّم ْن ُه َويُ ْدخلُ ُهمْ ُ َ َ َ َ َّ َ ُ ُ ُُ َ َُْ َ ََ
ِ اإليمان وأيدهم بِر ٍ ﴿أوَل ِك كتب ِِف قلوب ِ ِهم ِ
َ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ْ َ َ ُ َْ َ َْ َ ُ َ َ َّ َ ْ
اِلِين فِيها ر ِِض اّلِل عنهم ورضوا ات َت ِري مِن َتتِها األنهار خ ِجن ٍ
42
َ ْ ُ ُ ْ َ َ ْ ُ َّ َ َ َّ ْ َ َّ ُ ُ ْ ُ ْ ُ َ
حزب اّلِلِ هم المفلِحون﴾
حزب اّلِلِ أال إِن ِ
عنه أوَل ِك ِ
ُ َّ ُ
شلك مسألة ،ويه أن إنسانا قد يكون وادله مرشًك،
هنا قد ت ِ
فهل احلب الفطري هل رشك؟
وقال جنم ادلين الطوِف احلنبيل« :أن مودة العصاة حرام ،ثم إن
َكنت مودة فاسق لفسقه فيه فسق أو َكفر لكفره فيه كفر ،أما
ودهما لسبب آخر دنيوي أو صفة أو خلق حسن كعلم يكتسب
منهما ،أو سخاء أو شجاعة فيهما فريىج عفو اهلل-عز وجل-عن
[]13 ذلك ،وأن ال يؤاخذ»
46
ىْ ىىُُْ ى ْ ىُ ى
ريي تركته و ِرشكه»[ ]15فاهلل غين عن الرشك ،فسيرتك هذا ِ غ يع
ِ م
العمل لغريه ،وال يقبل منه شيئًا ،فاكن األصل يف العبادة اتلوحيد؛
ال يمكن أن يعبد اإلنسان عبادة صحيحة إال مع توحيد صحيح.
ى ى ىى ُ ْ ىى ى ى ى ى َّ ى ى ى ى ىىى ُ ى
اس ،وخلقهم لها؛ كما قال مجيع انل ِ قال « وبِذلِك أمر اهلل ِ
ُ ُ ىى ْى ىْ ُ ُ ى ى ى ى ْ ُ ْ َّ ى ْ ى َّ ى ْ ىى ى
ون :
ِ د بع ي َنع مو ﴾ون
ِ د بع يل
ِ ال إ
ِ س ناإل
ِ و ن اجل
ِ تق ل خ ام﴿و :اىل تع
ون» فخلق اجلن واإلنس لغاية العبادة هلل سبحانه وتعاىل؛ ُ ى ِّ ُ
يو ِحد ِ
فهذا هو املطلوب منهم.
َُ ه ُ َ ََْ َُُْ
ون» هذا جاء عن ابن عباس حد ِون :يو ِ
قال «ومعَن يعبد ِ
بيَّ َّنا سبب ذلك ،أن من عبد اهلل وأرشك فعبادته ال
تكون هلل سبحانه وتعاىل؛ أما من أخلص العبادة هلل سبحانه
وتعاىل عندها ستكون عبادته صحيحة ،فال يمكن أن تكون
عبادة بدون توحيد قال ومعَن يعبدون يوحدون.
َّ ْ ُ ُ َ ََ ْ َ ُ َ َ َ
قال «وأعظم ما أمر اهلل ب ِ ِه اتلوحيِد» اتلوحيد أعظم ما أمر اهلل
48
األصول الثالثة
َْ َ ُ ََ َ َ َ َ ُ ُ ُ َّ َ ُ َ َ
ان
ِ س ن اإل
ِ لَع ب َي
ِ ِالِت ة لث اثل ول صاأل ا م :ك ل ِيل ق اذ فإ ِ
َْ ََُ
مع ِرفتها؟
َ ُ َ ُ ُ َ َّ ا َّ ُ َُْ َْ َُ َْ
فقل :مع ِرفة الع ْب ِد َربهَ ،ودِينهَ ،ونبِ َّيه َممدا ﷺ.
ُ ى
هذه يه ثالثة األصول ،ولو الحظنا االسئلة اليت ستسأل
لإلنسان يف القْب ،فيه هذه اثلالثة؛ من ربك؟ ما دينك؟ من هذا
الرجل اِلي أرسل فيكم؟ فالواجب ىلع ك مسلم معرفة هذه
اثلالثة والعمل بمقتضاها ،فإن لم يفعل فما عرف ادلين.
األصل األول :أن تعرف ربك ،واثلاين :أن تعرف دينك ،وهذا
ادلين ال يمكن أن تعرفه إال من خالل ُممد ﷺ .أي أنك قد
تعرف ربك ولكن ال تعرف كيف تعبده؛ فتعبده ال كما يريد ،فال
49
بد من أن تعرف ادلين الصحيح اِلي تتقرب به إىل اهلل سبحانه
وتعاىل ،وأن تعرف انلِب ﷺ ألنه هو اِلي يدلك ىلع ادلين
الصحيح.
َ َ َ َ َ َ ْ ُّ َ
فإِذا قِيل لك :من َربك؟
األصل األول :معرفة الرب
َ َ َ َ َ َ ْ َ ُّ َ
ك؟» فبماذا أجيب؟ « َف ُق ْلَ :ر ه َ
ِّب اهللُ
ِ « فإِذا قِيل لك :من رب
َّ َّ
اَّلِي َرب ِاِن » هو ال يقول لك أن هذه يه اإلجابة اِلي ال َيوز أن
َتيب بغريها ؛ لكن هو أراد من خالل هذا السؤال أن يوصل نلا
معَن الرب .وإال فأحسن جواب هو الكم اهلل سبحانه وتعاىل نقول:
َّ ُ َ َ َ َّ ُ َ ْ َ ُّ ْ َ ُّ ُ َ َ ْ ُ ُ ُ َ ٌ َ َ َ ْ ٌ َ ُ َ
﴿ اّلِل ال إَِل إِال هو الَح القيوم ال تأخذه ِسنة وال نوم َل ما ِِف
50
ْ َ ْ َ ْ َ َّ َ ْ َ ُ ْ َ ُ َّ ْ َ ْ َ ُ َ َ َّ
الس َم َ
ات َوما ِِف األر ِض من ذا اَّلِي يشفع عِنده إِال بِإِذن ِ ِه يعلم ما او ِ
ِش ٍء م ِْن عِلْ ِم ِه إ َّال ب َما َشاءَ ْ َْ َ َْ ْ َ َ َ َْ ُ ْ ََ ُ ُ َ َ
ِ ِ يهم وما خلفهم وال ُيِيطون ب ِ بي أي ِد ِ
ْ
ح ْف ُظ ُه َما َو ُه َو ال َع ِِلُّ َ َْْ َ ََ َُ ُ
ودهُ َ َ َ ُ ْ ُّ ُ َّ َ
ِ ات واألرض وال يئ و ِسع كر ِسيه السماو ِ
ْ َ َ َ َ َ َّ َ َّ َ َّ ُ ُ َّ ُ َّ الْ َع ِظ ُ
ات َواأل ْرض ِ َ
او م الس ق ل خ ِي اَّل اّلِل م ك ب ر ن ِ إ ﴿ وقوهل: ﴾ يم
ْ َّ َّ َ َّ ُ َّ ْ َ َ َ َ َ ْ ُ َ ِّ ُ ْ َ َ ْ َ
َ ْ ْ
يع إِال مِن ِِف ِست ِة أيامٍ ثم استوى لَع العر ِش يدبر األمر ما مِن ش ِف ٍ
َ ْ ْ َ ُ ُ َّ ُ َ ُّ ُ ْ َ ْ ُ ُ ُ َ َ َ َ َ َّ ُ َ
بع ِد إِذن ِ ِه ذل ِكم اّلِل ربكم فاعبدوه أفل تذكرون ﴾ هذا خري
الالكم ،وهذا ما جنيب به.
لكن الشيخ يريد أن يوصل ملعَن الربوبية ،فقالَ « :ف ُق ْلَ :ر هِّبَ
ِ
َ َ َّ َ َ ْ َ َ َ َ َّ ُ َّ
ي بِنِع ِم ِه» الرتبية يه اتلنشئة، اهلل اَّلِي َرب ِاِن ،ورَّب َجِيع العال ِم
وَنن قد نشأنا بنعمة اهلل سبحانه وتعاىل ،فهو اِلي خلقنا ورزقنا،
اهلل سبحانه وتعاىل وأنعم علينا بنعمه -سبحانه ولوال أن رزقىنا ُ
ى ُّ
وتعاىل وهل احلمد -ملا قام العالم ُكه.
ُ َْ
قالَ « :وه َو مع ُبودِي» املعبود :هو اِلي يُعبد ،معبودي ،أي:
َْ ٌ َْ َ
اِلي أعبده « .ليس ِِل مع ُبود ِس َواهُ » وذلك مقتَض كوِن مسلما.
هنا أثبت أن اهلل ٌّ
رب للعاملينقال وُك من سوى اهلل ًعملعندنا
51
عوالم؛ ًعلم احليوان؛ ًعلم اجلن؛ ًعلم اإلنس؛ ًعلم كذا ،فهذه
العوالم ُكها ربها من؟؟ اهلل.
ْ َ ْ ُ هَ َ ِّ ْ َ َ َ َ ُ ُّ َ ْ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ
قال « :واِل َِلل قوَل تعال﴿ :اِلمد ّلِلِ رب العال ِمي﴾ وك من
ى َ َ ٌ ََ َ َ ٌ ْ َ َ ْ َ َ
حد مِن ذل ِك العال ِم» العاملني ،مجع ًعلم ،وُك ِس َوى اهللِ َعلم ،وأنا وا ِ
ى جنس من ى
المخلوقاتً :علم .واهلل رب للك هذه العوالِم ،وأنا فرد
من أفراد تلك العوالم ،فرِب هو اهلل اِلي كغريي من العاملني.
َ ْ َ َّ َ َ َ َ َ َ
فإِذا قِيل لك :ب ِ َم ع َرفت َربك؟
َّ ْ ُ
ارَ ،والشمس، وقات ِ ِهَ ،وم ِْن آيَات ِ ِه :اللَّ ْي ُلَ ،وانلَّ َه ُ
َُْ َ َ َُْ َ
فقل :بِآيات ِ ِه وُمل
ُ َ َّ ُ َ ْ َ َّ َ َ ُ َّ ُ ْ َُْ َ َْ َ
اوات الس ْبع َواأل َرضون الس ْبع َومن َوالقم ُرَ ،ومِن ُملوقات ِ ِه السم
الَ ﴿ :وم ِْن آيَات ِ ِه اللَّ ْي ُل َوانلَّ َه ُ َّ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ
ار ِيهن ،وما بينهما؛ واِل َِلل قوَل تع ف ِ
َّ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ ُ ُ َّ َّ َ َّ ْ ُ َ ْ َ َ ُ َ َ ْ ُ ُ
والشمس والقمر ال تسجدوا ل ِلشم ِس وال ل ِلقم ِر واسجدوا ِّلِلِ اَّلِي
َّ َّ ُ ه ُ َّ ُ ُ َّ َ ْ ُ َ َ ُ َ َ َ َ ََ ُ
خلقه َّن إِن كنت ْم إِياهُ تع ُبدون﴾ َوق ْوَلُ تعال﴿ :إِن َربك ُم اّلِل اَّلِي
َّ َ َّ ُ َّ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َ َ َ َّ َ َ َ َ ْ َ
ات واألرض ِِف ِست ِة أيامٍ ثم استوى لَع العر ِش يغ ِِش خلق السماو ِ
وم ُم َس َّخ َ َّ ْ َ َّ َ َ َ ْ ُ ُ ُ َ ا َ َّ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ُّ ُ َ
اتٍ ر الليل انلهار يطلبه حثِيثا والشمس والقمر وانلج
52
َ َ ْ َ َ َ ُ ْ َ ْ ُ َ َ ْ ُ َ َ َ َ ه ُ َ ُّ ْ َ َ
بِأم ِره ِ أال َل اْللق واألمر تبارك اّلِل رب العال ِمي﴾
َ َ ُّ َ َّ ُ ْ ُ ُ ْ َ َّ ُ ُ َ ْ َ ْ ُ ُ َ َّ ُ َ ُ َ َ َ
اِل َِلل ق ْوَلُ تعال﴿ :يا أيها انلاس اعبدوا والرب هو المعبود ،و
َ ْ ُ ْ َ َ َّ ُ ْ َ َّ ُ َ َّ َ َ َ َ ُ ْ َ َّ َ َّ ُ ُ َّ
ربكم اَّلِي خلقكم واَّلِين مِن قبلِكم لعلكم تتقون * اَّلِي
الس َمآءِ َمآءا َ ا َ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ ُ ُ َ ْ َ َ ا َ َّ َ
جعل لكم األرض ف ِراشا والسمآء بِنآء وأنزل مِن
ْ ا َّ ُ ْ َ َ َ ْ َ ُ ْ ه َ َ ا َ َ ُ
نتمْ َ َ َّ َ ََ ْ َ َ
ات ِرزقا لكم فل َتعلوا ِّلِلِ أندادا وأ فأخرج ب ِ ِه مِن اثلمر ِ
َْ َُ َ
تعلمون﴾
اء ُهوَ ال :اْلَال ُِق ل َِه ِذه ِ األَ ْش َي ََ َُ ُ ََ َ
ري ـ ر ِمحه اهلل تع ِ ث
َ َ ْ ُ َ
ك قال ابن
ٍ
ْ ُ ْ َ ُّ ْ َ َ
حق ل ِل ِعبادة ِ. المست ِ
َ ْ َ َّ َ َ َ َ َ َ
قال « :فإِذا قِيل لك :ب ِ َم ع َرفت َربك؟» أي :كيف عرفه؟ وما
ديللك إيله؟
53
األرض من الشمس أكرث فستتبخر املياه ،وتيبس األشجار ،وتفسد
ى
احلياة ،ولو ابتعدت أكرث فإننا سنجمد ،فاهلل خل ىق هذا اخللق وفق
نظام دقيق .فلو نظرنا إىل دقة خلق اهلل سبحانه وتعاىل يف ك َشء
ُ
اإلنسان فإن ُج ى
رحه ألدركنا حكمته ،لو نظرنا إىل جِلنا ،إن ُج ِر ىح
سيلتئم ،فلو َكنت اجلروح ال تلتئم فمن اِلي يستطيع أن يصلحها؟
سيكون اجلرح الواحد كفيال بقتل اإلنسان .ملا َكن ادلماغ حساسا
ال ُيتمل الصدمات جعل هل مججمة َتميه ،وجعل للقلب قفصا
من العظام يقيه الصدمات ،ومرر انلخاع الشويك داخل السلسلة
من العظام (العمود الفقري) ،جعل الرئة أداة خللط ادلم
باألكسجني ،يلذهب من الرئة إىل القلب ،ومن القلب إىل أصغر
خلية من خاليا اجلسم.
إذا نظرت إىل دقة خلق اهلل سبحانه وتعاىل ستعلم أن هذا
ُ ى
اخللق لم يكن إال ِبالق ،ونعلم أن هذا اخلالق احلكيم لن ُيل ىق
حلكمة ،فما هذه احلكمة؟ هل سيرتكنا
شيئا عبثا ،باتلاِل هو خلقنا ِ
دون أن ُيْبنا بها؟ احلكمة تقتيض أن ُيْبنا لكيال نتوه ونعيش
ً
عبثا.
54
فإذا أخْبنا فمن أين سنأخذ هذا اخلْب؟ نسْب حال من قالوا أن
اهلل أرسلهم ،فنجد ُممدا ﷺ جاء باخلْب الرصيح ِّ
ابلني من عند
اهلل سبحانه وتعاىل .وهو الوحيد اِلي ُحفظت رساتله بأدق الوسائل.
ْ ِ َ َ ُْ َ َ ْ َ ُ ْ َ َ َّ َ َ َ ُ َ
ان،
اإليم ِاإلسلم ،و ِ وأنواع ال ِعبادة ِ ال ِِت أمر اهلل بِها؛ مِثلِ :
َ ْ ُ ُّ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ َّ َ ُ َ َّ َ ُّ ُ َ َّ ْ َ ُ َ ْ َ
ان ،ومِنه :اِلَعء ،واْلوف ،والرجاء ،واتلوك ،والرغبة، اإلحس ِو ِ
57
َ َّ ْ َ ُ َ ْ ُ ُ ُ َ ْ َ ْ َ ُ َ َ َ ُ َ ْ َ َ ُ َ ْ َ َ ُ
اإلنابة ،واالستِعانة ،واالستِعاذة، والرهبة ،واْلشوع ،واْلشية ،و ِ
َ َ
َ ْ َ َ ُ َ َّ ْ ُ َ َّ ْ ُ َ َ ْ ُ َ َ َ ْ ْ َ ِ ْ َ َّ َ
اع ال ِع َبادة ِ ال ِِت أم َرواالستِغاثة ،واَّلبح ،وانلذر ،وغري ذلك مِن أنو
ََ َ ُ َ ُ ُّ َ
اهلل بِهاَ .كها هللِ تعال.
َ َ َّ ْ َ َ َ َّ َ َ َ ْ ُ َ َ َّ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ
جد ِّلِلِ فل تدعوا مع اّلِلِ ِ ا س م ال ن أو ﴿ :ال واِل َِلل :قوَل تع
َ ُ َ ُ ْ ٌ َ ٌ َ َّ ُ َ َ ا َ َ ْ َ َ َ َْ َ ْا َ ْ
ْشك َكف ِر ،واِل َِلل: ري اهللِ؛ فهو م ِ أحدا﴾ فمن ِصف مِنها شيئا ل ِغ ِ
َ َّ َ َ َ ْ ُ َ َ َّ ا َ َ ُ َ َ َ َ ُ ََ َ
ق ْوَلُ تعالَ ﴿ :ومن يدع مع اّلِلِ إلها آخ َر ال ب ْرهان َلُ ب ِ ِه فإِنما
َ َ ُ ُ َ ِّ َّ ُ َ ُ ْ ُ ْ َ
حسابه عِند َرب ِه إِنه ال يفلِح الَكف ُِرون﴾ ِ
ََ َ ْ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ َ ُّ ْ
يث« :اِلَعء مخ ال ِعبادة ِ » واِل َِلل :قوَل تعال﴿ :وقالُ َو ِِف اِل ِد ِ
َ
َ ْ َ ْ َ ُ ْ َّ َّ َ َ ْ َ ْ ُ َ َ ْ َ َ َ ُّ ُ ُ ْ ُ
جب لكم إِن اَّلِين يستك ِبون عن عِباد ِِت وِن أست ِ ربكم ادع ِ
ون َج َه َّن َم َداخر َ َ َْ ُ ُ َ
ين﴾ ِِ سيدخل
58
وُك من أدى شعرية دينية يتوجه بها إىل غري اهلل؛ َكن مرشًك.
59
يث ىح ىس ٌن ىصح ٌ ى ى ى ٌ اخر ى ى
يح» قال الشيخ: ِ ين﴾ وقال الرتمذي «هذا ح ِد د ِِ
َ ْ َ ْ َ ُ ْ َّ َ َ َ َ ُّ ُ ُ ْ ُ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ
جب لكم إِن ِ ت س أ وِن ِ ع اد م ك بر القو ﴿ :ال « واِل َِلل :قوَل تع
َ َّ َ َ ْ َ ْ ُ َ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ ُ َ َ َ َّ َ َ
خ ِرين﴾» ووجه اَّلِين يستك ِبون عن عِباد ِِت سيدخلون جهنم دا ِ
َّ َّ
اِل ى
ين الشاهد أن اهلل أمر بدًعئه ،ثم سىم ادلًعء عبادة بقوهلِ ﴿ :إن ِ
ى ىْ ى ْ ُ ى ى
ْبون ع ْن ِعبىاد ِيت ﴾ ولم يقل هنا «عن دًعيئ» يستك ِ
60
ْ َ َ َْ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ َ ُ َْ ْ َ َ ْ ُ ُ َ َ َ
ود َِلل اْلشيةِ :قوَل تعال﴿ :فل َتشوهم واخشو ِِن﴾ اآلية.
َ َ ُ َ َ ِّ ُ ْ َ َ ْ ُ َ َ َ َ ُ ََ َ ََ ُ
اإلنابةِ :ق ْوَلُ تعال﴿ :وأن ِيبوا إِل ربكم وأسلِموا َل﴾
ُ
ود َِل ِ
ل
اآلية.
اك ن َ ْس َتع ُ
َّ َ َ ْ ُ ُ َّ َ ْ َ َ َُُْ َ َ َ ََ ُ
ي﴾ ِ يِ وإ دبع ن اك يِ إ ﴿ :ال ع ت َلوق ِ:
ة ان عِ تاالس ل ود َِل
َ ْ ََْ َ َ ْ َ ْ ْ
يث« :وإِذا استعنت فاست ِعن بِاهللِ» َو ِِف اِل ِد ِ
َ
ُْ ُ ْ َ ُ ُ َ ِّ ْ َ َ ْ َ َ َ ُ ََ َ َ ُ
َود َِلل االستِعاذة ِ :ق ْوَلُ تعال﴿ :قل أعوذ بِرب الفل ِق﴾ و﴿قل
َّ َ ُ ُ َ ِّ
اس﴾ أعوذ بِرب انل ِ
ْ َ ْ َ ُ َ َ َّ ُ
كمْ َُُْ َ َ َ ْ َ َ َ ُ
َود َِلل االستِغاثةِ :قوَل تعال﴿ :إِذ تست ِغيثون رب
َ ْ َ َ َ َ ُ
فاستجاب لك ْم﴾ اآلية.
َ َ ِّ َ ُ ْ َّ َ َ َ َ ُ َّ ْ َ ْ ُ ُ َ َ َ
اطود َِلل اَّلب ِح :قوَل تعال﴿ :قل إِن ِِن هد ِاِن رِّب إِل ِِص ٍ
َ ُْ ا َ ا ِّ َّ َ ْ َ َ َ ا َ َ َ َ َ ْ ُ ْ ُّ ْ َ
ِي * قل ْشك
ِ م ال ِن م ن َك ا م و ا يف ِ نح ِيم ه ار بِ إ ةل م ا م ِي ق ا ِين
د يم
ٍ ق
ِ ت مس
َ َ َ َ
َشيك َل ال * ياي َو َم َماِت ِ هّلِل َر ِّب الْ َعالَم َ َ َْ
َم َي َ و ِك
َّ َ َ َ ُ ُ
ِ ِ ِ ِ إِن صل ِِت ون ِ
س
َ َ ُ َ ْ ََ َ َ َ َ ُ َّ َ َ َ ُ ْ ُ َ َ َ َّ ُ ْ ُ ْ
َ
وبِذل ِك أمِرت وأنا أول المسلِ ِمي﴾ ومِن السنةِ« :لعن اهلل من ذبح
َْ
ري اهللِ»
ل ِغ ِ
61
ُ ْ ُ ْ َ َّ ْ َ َ َ ُ َ َ ْ ا َ َ
ودَلل انلذر قوَل تعال﴿ :يوفون بِانلذ ِر و َيافون يوما َكن
َ ُّ
َش ُه ُم ْس َت ِط ا
ريا﴾
62
َ َ ِّ ْ ُ ْ َ َ ْ
رائ﴾
واِل مِن و ِ خفت الم ِ تعاىل عن قول زكريا ﴿ :وإِِن ِ
َ َ َ َ ْ َ َ ا َ َ َ َّ
ْتق ُب﴾ وعن وقوهل عن موىس ﴿ :فخرج مِنها خائ ِفا ي
ََْ َ َ ْ ُ ْ َ ا
خيفة﴾إبراهيم ﴿فأوجس مِنهم ِ
• واملحرم :ما َكن من أمر غيِب ال تقتضيه العادةَ ،كتلطري،
وهو اخلوف من رضر غيِب سيحدث ملن رأء بوما أو غرابا،
أو أن الويل يغضب عليه فيسخطه.
• والرشيك :ما َكن فيه اخلوف من اخللق مثل أو أكرث من
َ ْ َ ُ ُ َ َّ
اس من يقول آمنا اخلوف من اهلل ،قال تعاىلَ ﴿ :وم َِن انلَّ ِ
َّ ََ َ َّ َّ َ َ َ ْ َ َ َ َّ َ َ ُ
اب اّلِلِ﴾
اس كعذ ِ بِاّلِلِ فإِذا أوذِي ِِف اّلِلِ جعل ف ِتنة انل ِ
ففتنة انلاس مؤذية مؤملة وقد ُيافها اإلنسان ولكن ال
تصل إىل مستوى اخلوف من اهلل ،أو يقدمها ىلع خمافة اهلل
عند اتلعارض.
ى
• وُك خوف أبعد عن طاعة أو أوق ىع بمعصية فهو من اخلوف
املنيه عنه ،وهذا يرتدد بني املحرم والرشيك.
ََ َُُْ َ َ َ َ َ ُ َّ َ
الرجاءِ» الرجاء هو ظن وقوع اخلري «قوَل تعال﴿ :فمن «ود َِلل
َ ِّ َ َ َ ْ ُ َ َ َ ِّ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ا َ ا َ َ ُ ْ ْ
ْشك ب ِ ِع َبادة ِ َرب ِه
اِلا وال ي ِ
َكن يرجو ل ِقاء رب ِه فليعمل عمل ص ِ
63
َ َ ا
أحدا﴾»
64
َ َ َ َ َ َّ ْ َ َ َّ َ ُ َ َ ْ ُ ُ
﴿ومن يتوك لَع اّلِلِ فهو حسبه﴾» وجه الشاهد :أمر اهلل باتلوُك
عليه ،وربط اتلوُك باإليمان.
66
ُ
oتطلب من اهلل تعاىل.
oيُطلب من املخلوق ما َكن من خصائص املخلوق،
مع اعتقاد أنه يفعل بإذن اهلل.
ى
• ُمرمة ،ويه ما َكن فيها إًعنة ىلع باطل ،قال تعاىل ﴿ :ىوال
ى ىى ىُ ىى ْ ْ ى ُْ ْ
ان﴾ أو إًعذة من حق كمن ُييم اإلث ِم والعدو ِ
تعاونوا ىلع ِ
املجرمني ،قال رسول اهلل ﷺ« :لعن اهلل من آوى ُمدثا»
[]16
«ودَلل انلذر» وهو إلزام انلفس بفعل عبادة غري واجبة « قوَل
ُ ْ ُ ْ َ َّ ْ َ َ َ ُ َ
ون يَ ْو اما ََك َن َ ُّ
َش ُه ُم ْس َت ِط ا
ريا﴾» تعال﴿ :يوفون بِانلذ ِر و َياف
68
َ َّ ْ َْ َُ
ِ
اإلسلم بِاألدِل ِة
ِين ِ[األصل اثلاِن ] :مع ِرفة د ِ
َ ْ َ ُ َ ُ َّ َ َ ْ َ َ َ ُ ْ ْ ْ ُ ُ
حي ِد ،واالن ِقياد َل بِالطاعةِ ،والباءة َوه َو :االستِسلم هللِ بِاتلَّو ِ
ْ ُ َ َ ُ َ ْ َ ُ َ َ َ ه ْ ََ ْ َ ُ َ َ ُ َ
اإلحسان. اإليمان ،و ِ
الْشكِ وأهلِ ِه ،وهو ثلث مرات ِب :اإلسلم ،و ِ مِن ِ
َ
ُ ُّ َ َ َ َ َ ٌ
َوك م ْرت َب ٍة لها أ ْرَكن.
70
ُ َ َ َّ ُ َ َّ ا َْ َ ٌ َ َ َُ َ ََْ َ ُ ْ
اإلس ِ
لم َخسة :شهادة أن ال اَل إِال اهلل وأن َممدا فأرَكن ِ
َ ْ ُ َ َ َ َ َ ُّ َ ْ َ َ ُ َّ َ َ ُ َّ ُ ُ
ت اء الزَكة َِ ،وصوم رمضانَ ،وحج بي ِ َرسول اهللَِ ،وإِقام الصلة ِ ،وإِيت
اهللِ ْ َ
اِل َرامِ.
اّلِل َأنَّ ُه الَ اَل إالَّ ُهوَ
َ َ هُ
د ه ش ﴿ :
َ َ ُ َّ َ َ َ ْ ُ ُ َ َ َ
ال فد َِلل الشهادة ِ :قوَل تع
ِ ِ
ِك ُة َو ُأ ْولُوا الْ ِعلْ ِم َقآئ اِما بالْ ِق ْسط الَ اَل إالَّ ُه َو الْ َعزيزُ
َ َْ َ َ
والملئ
ِ ِ ِ ِ
ِيم﴾اِلك ُ َْ
71
ُ
آءكمْ ََ ْ َ َُُْ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َّ ُ َ َّ ا َ ُ ُ
ودَِلل شهادة ِ أن َممدا رسول اهللِ :قوَل تعال﴿ :لقد ج
ُ ْ َ ٌ َ َ ْ َ َ ُّ ْ َ ٌ َ َ ْ ُ َ ُ ٌ ِّ ْ َ ُ
رسول من أنف ِسكم ع ِزيز علي ِه ما عنِتم ح ِريص عليكم
ٌ َّ ُْ ْ َ َ ُ ٌ
حيم﴾ بِالمؤ ِمنِي رؤوف ر ِ
ِيما َأ َمرَ،
َ َ َُُ َ َ ْ َ َ َ َ َ َّ ُ َ َّ ا َ ُ ُ
ومعَن شهادة أن َممدا رسول اهللِ :طاعته ف
ْ َ ُ َ َ َ َُْ َ َ َ َ َ
وأال ُي ْع َب َد اهللُ َ ََ ْ ُ ُ َ َ ْ
َ
وتص ِديقه فِيما أخب ،واجتِناب ما نَه عنه وزجر
َ َ َ َ
َشع. إِال بِما
72
ى
خرج من اإلسالم. ُممدا رسول اهلل ،وإقام الصالة ،فهذه من تركها
وأما من ترك بايق األرًكن اليت يه الزًكة والصوم واحلج؛ وقع يف
معصية ،وًكن من ُعصاة املوحدين ،ومن الفاسقني ،وال ُ
ُيرج من
اإلسالم ،ولكن يقع يف اإلثم العظيم.
اّلِل َأنَّ ُه الَ اَل إالَّ ُهوَ
َ َ هُ
ده ش ﴿ :
َ َ ُ َّ َ َ َ ْ ُ ُ َ َ َ
ال « فد َِلل الشهادة ِ :قوَل تع
ِ ِ
ُ ْ ْ ُ َْ َ َ ُ
َوالملئ ِكة» يعين واملالئكة كذلك يشهدون « َوأ ْولوا ال ِعل ِم» أيضا
ُ َ َّ ُ َ ْ َ ُ ْ َ َ ا ْ ْ
يشهدون «قآئ ِما بِال ِقس ِط ال اَل إِال هو الع ِزيز اِلكِيم﴾» فهذا ديلل
َْ َ ََْ َ
من أدلة الشهادة .ثم يذكر نلا معَن الشهادة « َومعناها :ال مع ُبود
اهلل » من أين جاء هذا املعَن؟ ُكمة إهل أي «املألوه» أي: ِبَ هق إال ُ
ِ ٍ
«املعبود» فلو فرسناها نقول «ال معبود إال اهلل» لكن ال بد هنا من
ُ ى ِّ
أن نقد ىر ُكمة؛ فهل نقول «ال معبود (موجود) إال اهلل»؟ لألسف أكرث
اِلين يُعربون هذه احلملة يقولون تقدير هذه اجلملة «ال معبود
ى ٌ
موجود إال اهلل» وهذا غلط ،أما الصحيح «ال معبود ِِبىق إال اهلل»
ألن هناك من يعبد األوثان ،فهناك معبود موجود سوى اهلل؛ لكنه
ٌ ال ُي ىع ُ
بد ِبق ،فهذا معبود باطل ،هلذا عندما نقول «ال إهل إال اهلل»
فمعَن هذه العبارة «ال معبود ِبق إال اهلل»
73
ُ ُْ ا َ ا َ َ َ َُُْ ْ ُ
اهلل) مثبِتا ون اهللِ( ،إِال
« و(ال إَل) نافِيا َجِيع ما يعبد مِن د ِ
ْ َ ْ ََ
ال ِع َبادة هللِ َوحدهُ » ُكمة اتلوحيد من جزءين «ال إهل» تنيف مجيع
املعبودات ،واجلزء اثلاين «إال اهلل» استثناء هلل تعاىل ِمن انليف،
فاكنت العبارة جبزءيها تنيف ك إهل إال اهلل .لو قلنا «ال إهل» وسكتنا
سننيف املعبود ،وهذا إحلاد؛ فاجلزءان مرتبطان متاكمالن ،فالبد من
اإلتيان باالستثناء يلكتمل املراد «ال إهل إال اهلل» فيكون انليف فيها
ينيف اآلهلة ابلاطلة .واتلعبري بهذه الطريقة اليت يه تقديم انليف ثم
االستثناء؛ يه أبلغ أسلوب عرِب للتعبري عن نيف ى
ورد مجيع
املعبودات غري اهلل؛ فاكنت هذه يه األكمل.
َ َ َ َّ ُ َ ْ َ َ ُ َ ٌ َ َ ُ َ َ َ
َشيك ِِف
َشيك َل ِِف عِبادت ِ ِه ،كما أنه ليس َل ِ
قال « :ال ِ
ُْ
ك ِه» وهذا معناه أن اهلل لكونه اخلالق الوحيد ،واملالك الوحيد،
مل ِ
وامللك الوحيد؛ فال َيوز َصف العبادة إىل غريه.
َ ْ َ َ
ال إبْ َراهِيمُ َ َ ْ ُ َ َّ ُ َ ه ُ َ َ ْ ُ ُ َ َ َ
قال « :وتف ِسريها :اَّلِي يو ِضحها قوَل تعال﴿ :وإِذ ق ِ
َّ َّ َ َ َ َ َّ ُ َ َ ْ َّ َ َ ِّ َّ َ ْ ُ ُ َ ْ ََ َ
ين
ألبِي ِه وقو ِم ِه إِن ِِن برآء مما تعبدون * إِال اَّلِي فطر ِِن فإِنه سيه ِد ِ
َ َ َّ ُ ْ َ ْ ُ َ َ َ َََ َ َا َ َا َ
جعون﴾» فرس الشيخ شهادة * وجعلها َكِمة باقِية ِِف ع ِقبِ ِه لعلهم ير ِ
َّ َّ َ ِّ َّ َ ْ ُ َ
اتلوحيد بكالم إبراهيم ﷺ قال ﴿« :إِن ِِن ب َرآء مما تع ُبدون * إِال
74
َ َّ ِ َ َ
اَّلي فطر ِِن ﴾» فتْبأ من مجيع معبوداتهم إال اِلي فطره ،فهذا ال
يتْبأ منه.
وِف احلاتلني اآلية فيها تْبؤه ِمن مجيع معبودات قومه ،وإثباته
ى
هلل سبحانه وتعاىل.
ِ ا ألوهية
75
َ ُْ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َْ َ ََ َ َ َُُْ َ َ َ
اب تعالوا إِل َكم ٍة سوا ٍء قال« :وقوَل تعال﴿ :قل يا أهل الكِت ِ
َ ْ َ َ َ َ ْ َ ُ ْ َ َّ َ ْ ُ َ َّ ه َ َ َ ُ ْ َ َ ْ ا َ َ َ َّ َ َ ْ ُ َ
خذ بعضنا ْشك ب ِ ِه شيئا وال يت ِ بيننا وبينكم أال نعبد إِال اّلِل وال ن ِ
ه َ َ َ َّ ْ ْ َ ُ ُ ْ ْ َ ُ ْ َ َّ ُ ْ ُ َ َ ْ ا َ ْ َ ا ِّ ُ
ون اّلِلِ فإِن تولوا فقولوا اشهدوا بِأنا مسلِمون﴾» بعضا أربابا من د ِ
فاللكمة السواء يه عبادة اهلل وحده دون رشك.
ََ ْ َُُْ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َّ ُ َ َّ ا َ ُ ُ
قال « :ودَِلل شهادة ِ أن َممدا رسول اهللِ :قوَل تعال﴿ :لقد
يز َعلَيهْ ٌ َ ٌ ىى ْ ُ ُ ْ َ ُ ٌ ِّ ْ َ ُ َ
ِ جآءكم رسول من أنف ِسكم﴾» أي :برش مثلكم «﴿ع ِز
ِّ َ َ ُّ
بالعنىت والضيق ى ما عنِت ْم﴾» أي :شديد عليه ما يصيبكم
ُْ ْ َ َ ُ ٌ َ ٌ َ َْ ُ
«﴿ح ِريص عليكم﴾» أن تؤمنوا وتهتدوا «﴿بِالمؤ ِمنِي رؤوف
يم﴾» ح ٌ َّ
ر ِ
ِيما َأ َمرَ،َ َُُ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َّ ُ َ َّ ا َ ُ ُ
قال « :ومعَن شهادة أن َممدا رسول اهللِ :طاعته ف
وأال ُي ْع َب َد اهللُ ْ َ ُ َ َ َ َُْ َ َ َ َ َ َ ََ ْ ُ ُ َ َ ْ
َ
وتص ِديقه فِيما أخب ،واجتِناب ما نَه عنه وزجر
َ َ َ َ
َشع» هذا ليس معَن اللكمة وإنما مقتَض هذه اللكمة إِال بِما
والزمها .عندما تقول «أنا أشهد أن ُممدا رسول من عند اهلل» هذه
هلا لوازم ،فال بد من أن تطيع أوامره؛ ألنك شهدت أنه مرسل من
عند اهلل ،فطاعته ِمن طاعة اهلل ،ألنه إذا أمرك بأمر ،فهذا األمر
جاء من عند اهلل ،فإذا لم تنصع ألمره فقد رددت أمر اهلل ،حىت لو
76
أن الشخص شهد الشهادتني ،ثم قال أنه لن يطع الرسول ،وسيعمل
بالقرآن فقط ،فهذا ليس ُمسلما.
َ َ ََ ْ ُ ُ َ َ ْ
«وتص ِديقه فِيما أخب » والبد من تصدقه فيما أخْب ألن اهلل
َّ
لن يُرسل كذابًا؛ فإذا شهدت أن اهلل أرسله؛ فأنت تشهد عليه
بالصدق.
ْ َ ُ َ َ َ َُْ َ َ
«واجتِناب ما نَه عنه َوزج َر » هذا داخل يف طاعته ،فنطيعه
باألوامر وانلوايه.
ى َ َ َ َ ُ َ ََُْ
« وأال يعبد اهلل إِال بِما َشع» هنا ملحظ دقيق جدا ،وفهم
عميق من هذا العالم .كيف يلزم من شهادة «أن ُممدا رسول اهلل»
أننا ال نعبد اهلل سبحانه وتعاىل إال بما رشعه ُممد ﷺ؟
ً
نقول :إذا علمنا أن اهلل إذا أراد ِم َّنا عمال فإنه يُرسل نلا رسوال،
فهو لم يرتكنا ىه ىم ًال (كما بينا يف أول الرسالة) وإنما أرسل إيلنا ُ
رسال.
ى ُ ى اهلل َّ
لما أرسل الرسول ،هل أرسل الرسول يلبلغ جزءا من الرشيعة
ى
اجلزء اآلخر نلا نلخرتع َنن رشائع من عندنا؟ ال .إذن هو ويرتك
ملا أرسل الرسول ،أرسله يلخْبنا بالرشع ،فما لم ُيْبنا به ال يكون
77
من الرشع ،ولو أننا نلا أن نرشع رشًع من عند أنفسنا ملا َكن
للرسول حاجة.
79
ُح َن َف َ
آء ﴾» حنفاء ىلع ملة إبراهيم ﷺ .وملة إبراهيم اليت يه
احلنيفية :يه اتلْبؤ من الرشك وأهله ،وقد مرت معنا اآلية يف ما
يتعلق بإبراهيم.
َّ َ َ ُ ْ ُ َّ َ َ َ َ َ ُ ْ َ َ ُ ُ
ِين الق ِّيم ِة﴾» فال بد
« ﴿ َوي ِقيموا الصلة ويؤتوا الزَكة وذل ِك د
من إقامة الصالة والبد من اإلتيان بالزًكة ،ويه مثال لالنصياع
ألمر اهلل سبحانه وتعاىل ،واتلعبد هل تبارك وتعاىل.
َ َ ُّ َ َّ َ َ
آم ُنواْ ُكتبَ َ ُ ََ َ َ ُ ه
ِ ام :ق ْوَلُ تعال﴿ :يا أيها اَّلِين
الص َي ِ
« ود َِلل ِ
َ ْ ُ ْ َ َ َّ ُ
كمْ َ َ َ ْ ُ ُ ِّ َ ُ َ َ ُ َ َ َ َّ
عليكم الصيام كما كتِب لَع اَّلِين مِن قبلِكم لعل
َ َّ ُ َ
تتقون﴾» فهذا ديلل من أدلة الصيام ،وفيه داللة ىلع أن الصيام
يورث اتلقوى ،وديلل ىلع أن األمم السابقة قد كتب عليهم الصيام.
ُّ ْ َ ْ َ َّ َ ه ََ َ ُ َْ ه َ ْ ُ ُ َ َ َ
ت م ِن
حج ابلي ِاس ِ « ود َِلل اِل ِج :قوَل تعال﴿ :و ِّلِلِ لَع انل ِ
ي﴾»ِن َعن الْ َعالَم ٌَّ َ
غ اهلل
َ َ َ َ َّ
ن إف ر ف ك ن م
ْ َ َ َ َْ َ ا َ َ
استطاع إَِل ِه سبِيل و
ِ ِ ِ ِ
80
ِمن أهل ال ِعلم ىمن قال« :يكون َكفرا» وهذا قول احلميدي،
ورواية عن أمحد ،ولكن الصحيح من قول اإلمام أمحد أنه ال
يكفر إال تارك الصالة .فتارك احلج ال يكفر.
َ ُ ْ َ ْ َ َ ُ َّ َ ُ
اإليمان
المرتبة اثلانِيةِ :
ُ ََ ْ َ َ َ ُ َ ْ ٌ َ َ ْ ُ َ ُ ْ َ ا ََ ْ َ َْ ُ
وهو بِضع وسبعون شعبة ،فأعلها قول ال اَل إِال اهلل ،وأدناها
َ َ َْ َ ُ ُ ْ َ ٌ ْ َّ َ َ ُ ََ َ
ان.
اإليم ِ
يق ،واِلياء شعبة مِن ِ إِماطة األذى ع ِن الط ِر ِ
َ ُ ُ َُُ َ َ َ َ َ َ ْ َ ُ ُ َّ ٌ َ ْ ُ ْ
وأرَكنه ِستة :أن تؤمِن بِاهللِ ،وملئ ِكتِ ِه ،وكتبِ ِه ،ورسلِ ِه،
َْ َ َ ُ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ه َ َّ ُ َ َ َ َو ْاَلَ ْ
اِل َِلل لَع ه ِذه ِ األرَك ِن َشه ِ ،و
ِ و ِ هري
ِ َِ خ ر د ق ال ِ ب ِن م ؤ ت و ، ر
ِ خ
ِ اآل ِ
م و
ْ
َُ ُ ُ َ ُ ْ ََ َ ْ ْ ُّ َّ ْ ْ َ َّ َ ه َ َُُْ َ َ
ْش ِق الستةِ :قوَل تعال﴿ :ليس ال ِب أن تولوا وجوهكم ق ِبل الم ِ ِ
َ َْ ْ ْ ه َوال ْ َم ْغرب َولَك َّن ال ْ َّ َ ْ َ َ
خ ِر َوالمآلئ ِك ِة ب من آمن بِاّلِلِ َواَلَو ِم اآل ِ ِ ِ ِ ِ
81
َ ِّ َّ َ َ ْ َ
اب وانلبِيي﴾
والكِت ِ
َّ ُ َّ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ُ ََ َ
َش ٍء خلقناهُ بِقد ٍر﴾ ودَلل القدر :ق ْوَلُ تعال﴿ :إِنا ُك
ْ ٌ َ َ ْ ُ َ ُ ْ َ ا ََ ْ َ
اإليمان كما قال رسول اهلل « :بِضع وسبعون شعبة ،فأعلها
َ َْ َ ُ ُ ْ َ ٌ َّ ُ ََ ْ َ َ َ َ ُ َ َ َ َُْ
يق ،واِلياء شعبة قول ال اَل إِال اهلل ،وأدناها إِماطة األذى ع ِن الط ِر ِ
َ ْ
ان » لو الحظنا ،فاحلديث ذكر أنواع اإليمان اثلالثة ،فقوهل اإليم ِ
مِن ِ
ُ ََ ْ َ َْ ُ
« فأعلها قول ال اَل إِال اهلل » هذا قول واعتقاد ،أن تقول بلسانك
ى
وتعتقد بقلبك أنه واحد ال إهل إال هو ،هذا أىلع شعب ال إهل إال اهلل،
َّ ََ ْ َ َ َ َ ُ َ َ َ
يق » إزالة األذى عن اإليمان « وأدناها إِماطة األذى ع ِن الط ِر ِ
َ َ َْ َ ُ ُ ْ َ ٌ ْ
ان » احلياء ِ ِيم اإل ِن الطريق هذا عمل بابلدن « ،واِلياء شعبة م
عمل من أعمال القلب.
82
ويزيد بالعلم ،كأن يعرف اإلنسان أسماء اهلل وصفاته ،
وبأن يزداد فهما للقرآن ،فهذا ُكه من العلم اِلي يزيد اإليمان،
وكذلك يزيده العمل؛ فمن كرثت صالته وكرثت طاًعته وقلت
معاصيه يزيد إيمانه ،وإذا كرثت معاصيه وكرثت خمالفاته وقلت
أعماهل؛ ينقص إيمانه .فهذا هو اإليمان عند أهل السنة :قول وعمل
يزيد وينقص.
83
ى َّ
باهلل ومالئكته وكتبه اليت تنقلها املالئكة ،ثم ُر ُس ِله اِلين تلقوا
انلاس ،وانلاس عليهم أن ى
يعملوا بهذه ى الرساالت ،وأمروا بإبالغها
الرشائع ،أي يطيعوا اهلل سبحانه وتعاىل ويكفوا عن معصيته،
ى
سيحاسبون ىلع أفعاهلم ،وذلك يف يوم احلساب، وهذا يعين أنهم
ايلوم اآلخروت ،فتكون حياتك وعملك بني ترشيع اهلل وُماسبته.
القدر
84
فإنه أثبت خالقا غري اهلل ،وهذا قول عظيم .ثم استشهد قائال
َّ ْ َ ْ َّ َ ُ َ ُّ ْ ه َ َُُْ َ َ َ َْ َ َّ ُ َ َ َ
الستةِ :قوَل تعال﴿ :ليس ال ِب أن تولوا « َواِل َِلل لَع ه ِذه ِ األرَك ِن ِ
َ َ َّ ْ َّ َ ْ َ َ ه ْ َ َْْ ُ ُ َ ُ ْ ََ َْ ْ
اّلِلِ َواَلَ ْومِ كن ال ِب من آمن ب ِ ْش ِق والمغ ِر ِب ول ِ وجوهكم ق ِبل الم ِ
ي﴾» :هذه اآلية فيها الكم عن ِكة َوالْك َِتاب َوانلَّب ِّي َ َ
ئ آلم
َ َْ
خ ِر وال
ِ ِ ِ اآل ِ
ايلهود وانلصارى اِلين تنازعوا يف جهة القبلة ،فأخْب اهلل أن َّ
الْب ِ
وصحة ادلين ليست بالقبلة ،فهناك ما هو أعظم من القبلة خالفتم
فيه ،فذكر أرًكن اإليمان « ﴿ َولَك َّن ال ْ َّ َ ْ َ َ ه ْ ْ
خ ِر ب من آمن بِاّلِلِ َواَلَو ِم اآل ِ ِ ِ
َ ِّ َّ َ َ َ ْ َ َ َْ
اب وانلبِيي﴾» ولم يذكر القدر هنا ،فقال والمآلئ ِك ِة والكِت ِ
َّ ُ َّ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ُ ََ َ
َش ٍء خلقناهُ بِقد ٍر﴾» املؤلف « :ودَلل القدر :ق ْوَلُ تعال﴿ :إِنا ُك
ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ ُ َّ َ ُ
اإلحسان اثل ِ
:ة المرتبة اثل ِ
َ ْ َ ْ ُ َ َ َ َ َّ َ َ َ ُ َ َ ْ َ ُ ْ ُ ْ ٌ َ ٌ
حد ،وهو « :أن تعبد اهلل كأنك تراه ،فإِن لم تكن ركن وا ِ
ِين َّات َقواْ َّو َّاَّل َ
ِين اّلِل َم َع َّاَّل َ
َّ ه َ َ َ ُ َ َّ ُ َ َ َ َ َّ ُ َ ُ َ َ َ
اِل َِلل ق ْوَلُ تعال﴿ :إِن تراه فإِنه يراك» و
َّ َ َ َ َّ َ َ َ َّ ْ َ َ ْ َ َُُْ َ َ َ ُ ُّ ْ ُ َ
يم * اَّلِي يراك ح ِيز الر ِ ِ ِ ز ع ال لَع ك و ت ﴿و :ال ع ت َلو وق ﴾ ون هم َم ِسن
َ َّ ُ ُ َ َّ ُ ْ َ ُ َ
وق ْو َُلُ َّ َ َ ُ ُ َ َ َ ُّ َ َ
ج ِدين * إِنه هو الس ِميع العلِيم﴾ ِ ا الس ِف
حي تقوم * وتقلب ِ
ك ِ
85
ُْ َ َ َْ َ ُ َ َ ْ َ َ َُْ ُْ َ َ َ ُ ُ ََ َ
آن وال تعملونتعال﴿ :وما تكون ِِف شأ ٍن وما تتلو مِنه مِن قر ٍ
َّ ُ َّ َ َ ُ ْ ُ ُ ا ْ ُ ُ َ ْ َ َ
مِن عم ٍل إِال كنا عل ْيكم شهودا إِذ ت ِفيضون فِي ِه﴾
ً
مدرسا ُكف أىلع املراتب يه اإلحسان ،فلو افرتضنا أن
طالبه بكتابة مقال :فجاء طالب كتب احلد األدىن بأقل ما
يمكن من اجلهد ،مع تقصري يف نقاص ،وخلل يف أخرى ،فهذا يمثل
املرتبة األوَل ،وأما اثلاين فكتبه ووىف جبميع املتطلبات ،فهذا يمثل
َّ َّ
املرتبة اثلانية ،وأما اثلالث ،فهذبه ،ورتبه ،وكتبه بط مجيل،
واستخدم األلوان ،قأخرجه بأحسن صورة ،فهذا اِلي يمثل درجة
اإلحسان.
َ ْ َ ْ ُ َ َ َ َ َّ َ
ك تَ َراهَُ ،فإن لَمْ ُ ْ ٌ َ ٌ
ِ حد ،وهو :أن تعبد اهلل كأن
قال « :ركن وا ِ
َ ُ ْ َ َ َّ ُ َ َ
تكن ت َراهُ فإِنه ي َراك» أكد ىلع أنه ركن واحد لكيال يظن الظان أنه
ركنان ،أوهلا أن تعبد اهلل كأنك تراه ،وثانيها أن اهلل يراك ،فالواقع
87
َ َ ْ َ ُ ْ َ َ ُ َ َّ ُ َ َ َ
أن قوهل ﷺ « فإِن لم تكن تراه فإِنه يراك » هذا بيان أن استشعار
رؤية اهلل نلا تقوم مقام رؤيتنا هل من حيث إحسان العمل.
فأن تعبد اهلل كأنك تراه؛ إذا رأينا اهلل سبحانه وتعاىل وصلينا
هل ،كيف ستكون هذه الصالة؟ ستكون صالة مليئة باخلشوع ،مع
حسن أداء ،وإخالص .وقس سائر األعمال ىلع ذلك.
ِين َّات َقواْ َّو َّاَّل َ
ِين اّلِل َم َع َّاَّل َ
َّ ه َ َ َّ ُ َ ُ َ َ َ
اِل َِلل ق ْوَلُ تعال﴿ :إِنثم قال « :و
ُ ُّ ْ ُ َ
هم َم ِسنون﴾» اهلل مع من؟ مع اتلقاة املحسنني فذكر لك فضيلة
هذه املزنلة اليت يه مزنلة االحسان ،ثم ذكر لك شاهدا ىلع مسألة
َ َ َ َّ ْ َ َ ْ َ َُُْ َ َ َ
يز
ِ ِ ز ع ال لَع ك و ت ﴿و :ال رؤية اهلل نلا ،فقال« :وقوَل تع
َ َّ َ َ ُ ُ َ َ َ ُّ َ َ ََ َ َّ َّ
ج ِدين﴾ » فلك حي تقوم * وتقلبك ِِف السا ِ يم * اَّلِي يراك ِ
ح ِ الر ِ
َّ ُ ُ َّ ُ
أحوالك ،اهلل يراها فاستشعر ذلك« ﴿إِنه ه َو الس ِميع
وق ْو َُلُ
َ
يم﴾ » كذلك فإنه سميع ملا تقول ،عليم بما يف قلبك « الْ َعلِ ُ
ُْ َ َ َْ َ ُ َ َ ْ َ َ َُْ ُْ َ َ َ ُ ُ ََ َ
آن وال تعملون تعال﴿ :وما تكون ِِف شأ ٍن وما تتلو مِنه مِن قر ٍ
َّ ُ َّ َ َ ُ ُ ُ ا ْ ُ ُ َ ْ َ َ
مِن عم ٍل إِال كنا عل ْيك ْم شهودا إِذ ت ِفيضون فِي ِه﴾» الشأن هذا قد
هم بأمر ما ،فاهلل شهيد عليه .فما بالك يشمل اتلفكري حىت من َّ
اِلي سأل انلِب ﷺ هذه األسئلة ذهب ،فمكثوا قليال ،وجاء يف
رواية أخرى أن رسول اهلل ﷺ قال «اتلمسوه» يعين اتبعوه ،فذهبوا
َّ ََ َ َ ُ َ ُ ََْ ُ َ َ
ولم َيدوه .فقال ﷺ لعمر «فقال« :يا عمر أتدرون م ِن السائ ِِل؟»»
90
وَلُ َأ ْعلَم»ُ
ُ َ َ ُ ُ َُْ
هذا الرجل اِلي جاء وسأل هذه االسئلة « قلنا :اهلل ورس
وللرسول ،أنت تعرف بالعلم اِلي هلل ى ىى ى
ِ َنن ال نعلم ،فننسب العلم ِ
ك ْم َأ ْمرَْ ُ ََ ُ ْ ُ َ هُ ُ
بيل أتاكم يعلِم
َ َ َ َ
ج ِ
يعلمك اهلل إياه « ،قال« :هذا ِ
ُ
دِينِكم»» أي :ليسألين هذه األسئلة وأجيبه بهذه اإلجابات
أمامكم ،تلتعلموا أصول هذا ادلين .وسبحان اهلل هذا من أعظم
األحاديث ،إذ يشمل أصول ادلين مجيعا.
[األصل اثلالث]
َ ْ َ ُ َ ُ ُ َ َّ
مع ِرفة نبِ هيِك ْم َمم ٍد ﷺ
َ ْ َ ْ َ ْ ْ ُ َّ ْ َ ُ َ ُ َ َّ ُ ْ ُ َ
ب ب ِن ها ِش ٍمَ .وها ِش ٌم ِ ِ ل ط م ال د
ِ بع ن
وهو َممد بن ِ ِ ِ
ب هلل ا دب ع
ْ َ ُ ْ ُ َّ ْ َ َ ْ َْ ُ ٌْ ْ ُ ْ
مِن ق َري ٍشَ ،وق َريش م َِن الع َر ِبَ ،والع َرب مِن ذ ه ِري ِة إِسماعِيل ب ِن
َّ َ َّ َ َْ َ ََ َ هَ َْ َ ُ ْ َ َ َْ
ِ
يل -علي ِه ولَع نبِيِنا أفضل الصلة ِ والسلم.- إِبراهِيم اْللِ ِ
َّ ُ ُّ َ َ ُ َ ُ ُ َ ٌ َ ُّ َ َ َ ا ْ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ
وَل مِن ال ِعم ِر ثلث و ِستون سنة ،مِنها أربعون قبل انلبوة ِ،
ََ ٌ َ ْ ُ َ
ِْشون ِف انلبوة. وثلث وع
91
ْ ْ ُ َّ ه ْ َ َُ ْ َ نُ هب َ
ئ بـ﴿اقرأ﴾ وأر ِسل بـ ﴿المدث ِر﴾ ِ
َ َ َ ُ َ َّ ُ
ِلهُ مكة. وب
َ َّ ُ ْ َّ ه ْ َ َْ ُ َ َ َ َ َََُ ُ
حي ِد ،واِل َِلل الْشكِ ،وباِلعوة إِل اتلو ِ بعثه اهلل بِانله ِذارة ِ ع ِن ِ
َ َ ُّ َ ْ ُ َّ ِّ ُ ُ ْ َ َ ْ َ َ َّ َ َ َ ِّ ْ َ َ َ َ َ ُ ََ َ
ق ْوَلُ تعال﴿ :يا أيها المدثر * قم فأن ِذر * وربك فكب * وثِيابك
ْ َ َ ِّ ْ َ ُّ ْ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ ْ ُ َ ْ َ ْ ُ َ َ ِّ َ َ ْ
فطهر * والرجز فاهجر * وال تمُن تستك ِِث * ول ِربك فاص ِب﴾
ْ َّ ه ْ ََْ ُ َ ُ ْ ََ ْ ُْ ُ َ ََْ
حي ِد.
الْشكِ ،ويدعو إِل اتلو ِ َومعَن﴿ :قم فأن ِذر﴾ ين ِذر ع ِن ِ
ْ َّ َ َ َّ َ َ َ ِّ ْ َ ْ َ ه ْ ُ
حي ِد. ﴿وربك فكب﴾ أي :ع ِظمه بِاتلو ِ
ْ ه َ َ َ َ َ َ ِّ ْ َ ْ َ ه ْ َ ْ َ َ َ َ
الْشكِ . ﴿وثِيابك فطهر﴾ أي :ط ِهر أعمالك ع ِن ِ
ُّ ْ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ ُ َ َ ْ ُ َ َ ْ َ َ َ ُ َ ُّ ْ َ ْ ُ
الرج َز فاهج ْر﴾ الرجز :األصنام ،وهجرها :تركها ،والباءة ﴿و
ْ َ ََ ْ ُ َ
مِنها وأهلها.
ْ َّ َ َْ ُ َ َ َ َ َ ََ َ َ َ ْ
حي ِد.
أخذ لَع هذا عْش ِسنِي؛ يدعو إِل اتلو ِ
َّ َ ُ ُ َ ْ َ َ َ َّ َ ََْ َ َْ ْ ُ َ
ْش ع ِرج ب ِ ِه إِل السماءَِ ،وف ِرضت عل ْي ِه الصلوات
وبعد الع ِ
َْ ْ ُ
اْلمس.
92
َ ََْ َ َ ُ َ ْ ْ َ ِ َ َْ َ َ َّ َ َ َ َ َّ
َوصَّل ِِف مكة ثلث ِسنِي ،وبعدها أمِر بال ِهجرة إِل الم ِدين ِة.
َ ْ َ ُ َ ُ ُ َ َّ
قال« مع ِرفة نبِ هيِك ْم َمم ٍد ﷺ » هذا األصل اثلالث.
ْ َ ُ ُ َ َّ ُ ْ َ
خمترصا فقالَ « :وه َو َممد ب ُن ع ْب ِد اهللِ ب ِن ع ْب ِد ً ثم ذكر نسبه
ََ ٌ ْ َُْ ْ َ ْ ُ َّ
ب ب ِن ها ِش ٍم .وها ِشم مِن قري ٍش» أي« :بنو هاشم» فرع من المطلِ ِ
ْ َ ُ ْ ُ َّ ْ َ َ ْ َْ ُ ٌْ
قبيلة قريش « َوق َريش م َِن الع َر ِبَ ،والع َرب مِن ذ ه ِري ِة إِسماعِيل ب ِن
ِ َ َّ َ َ ْ َ َ َ َ ه َ َ ْ َ ُ َّ ْ َ َ َْ
يل -علي ِه ولَع نبِيِنا أفضل الصلة ِ والسلم»- إِبراهِيم اْللِ ِ
ُّ َ َ َ ا ُُ َ ٌ َ
قالَ « :وَلُ م َِن ال ِعم ِر ثلث َو ِستون سنة » أي :هذا ما ًعشه من
َّ ُ ُّ َْ ََُْ َ ََْ
السنني « مِنها أربعون قبل انلبوة ِ » أي :قبل نزول الويح عليه «
ََ ٌ َ ْ ُ َ
ِْشون ِف انلبوة » وهذه تنقسم إىل ثالث عرشة ًعشها وثلث وع
يف مكة وعرشة يف املدينة.
َ ْ « نُ هب َ
ئ بـ﴿اقرأ﴾» أي بلغه اهلل انلبوة بإنزال هذه اآليات عليه ِ
ْ
ْ ى ى ى ُّ ى ى ىى ى ىى ْ ْى ى ْ ىى ْ ى ْ ْ ى ِّ ى َّ
اإلنسان ِمن عل ٍق * اقرأ وربك اِلي خلق * خلق ِ ﴿ اقرأ بِاس ِم ربك ِ
ْ ى َّ ى ْ ْ ى ى ى ى ْ ى ْ ى ى َّ ى ْ ى ى ْ ى ْ ى ُ َّ
اإلنسان ما لم يعلم ﴾ وإال فهو اِلي علم بِالقل ِم * علم ِ األكرم * ِ
93
ْ ْ ُ َّ ه (َ ْ ُ َ )17
قد كتبه اهلل نبيا قبل أن ُيلقه « وأر ِسل بـ ﴿المدث ِر﴾» وذلك
ْ ى ى ُّ ى ْ ُ َّ ِّ ُ ُ ْ ى ى ْ
ألن اهلل أنزل عليه ﴿ :ياأيها المدثر * قم فأن ِذر ﴾ فلما أمره بإنذار
انلاس من عذاب اهللَ ،كنت هذه الرسالة إيلهم.
َ َ َ ُ َ َّ ُ
ِلهُ مكة » أي بِله األم. قال « :وب
َ َْ ُ اهلل بانله ِ َذ َ
ارة ِ َعن ه ِ ْ « َب َع َث ُه ُ
الْشكِ » أي :اتلحذير منه «وباِلعوة ِ ِ
إ َل اتلَّ ْ
حي ِد »
ِ و ِ
ْ َ َ ُّ َ ْ ُ َّ ِّ ُ ُ ْ َ َ
وقد فرس الشيخ اآليات ،قفال «﴿ :يا أيها المدثر * قم فأن ِذر﴾
َ َ َّ َ َ َ ِّ ْ َ ْ َ ه ْ ُ ْ ه ْ ََْ ُ َ َ ُْ
حي ِد ﴿وربك فكب﴾ أي :ع ِظمه َّ
الْشكِ ،ويدعو إِل اتلو ِ ين ِذ ُر ع ِن ِ
ه َ َ َ َ َ َ ِّ ْ َ ْ َ ه ْ َ ْ َ َ َ َ ْ
الْشكِ » قال ابن ْ حي ِد ﴿وثِيابك فطهر﴾ أي :ط ِهر أعمالك ع ِن ِ بِاتلَّو ِ
طهر نفسك من اِلنوبَّ . قتيبة« :أي ِّ
فكَن عنه بثيابه :ألنها تشتمل
عليه»[ ]18وعن قتادة ،قال « :فاكنت العرب تسيم الرجل إذا نكث
( )17جاء عنه «كنت نبيا وآدم بني الروح واجلسد"» .مصنف ابن أِب شيبة ( 356 /20ت الشرثي) قلت:
وهذا احلديث قال فيه ادلارقطين بعد َتريج أسانيده« :وأشبهها بالصواب املرسل» .علل ادلارقطين
(. )74 /14
اهلجرة
ْ َ ْ ْ َُ ْ َ ُ ْ ََ ه ْ َ ََ
اإلسلمِ.
ِل ِ
الْشكِ إِل ب ِ
ِل ِوال ِهجرة :االنتِقال مِن ب ِ
96
ْ ُ َّ ْ َ َ ه ْ َ َ ْ ْ َُ َ َ ٌ ََ َ
اإلسلمِ، الْشكِ إِل بِل ِ ِل ِوال ِهجرة ف ِريضة لَع ه ِذه ِ األم ِة مِن ب ِ
ال﴿ :إ َّن َّاَّلِينَ َ َ َ َ ٌ َ َ ْ َ ُ َ َّ َ ُ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ
ِ و ِِه باقِية إِل أن تقوم الساعة ،واِل َِلل قوَل تع
َ ُ ُ ْ َ ُ ْ ُ َّ َُْ ْ َ ُ ْ َ ُ َ َ َ َّ ُ ُ ْ َ
توفاهم المآلئ ِكة ظال ِِِم أنف ِس ِهم قالوا فِيم كنتم قالوا كنا
َ َْْ ََ ْ َ ُ ْ َ ْ ُ ه َ َ ا َ ُ َ ُ ْ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ
جروا مستضع ِفي ِِف األر ِض قالوا ألم تكن أرض اّلِلِ وا ِسعة فتها ِ
ي مِنَ ض َعف َ َّ ْ ُ ْ َ ْ ا َ َ ُ ْ َ َ َ ْ َ ُ ْ َ َ َّ ُ َ َ ْ َ
فِيها فأوَل ِك مأواهم جهنم وسآءت م ِصريا * إِال المست ِ
َا َ ََُْ َ َ ا َ َْ َ ُ َ َ ِّ َ َ ِّ َ َ ْ ْ
حيلة َوال يهتدون سبِيل * ِ ون يع ط
ِ تس ي ال ان
ال والنسآء وال ِو ِ
ِل الرج ِ
ا ه ُ َ َ ْ ُ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ ه ُ َ ُ ًّ َ ُ َ َُْ َ َ َ
فأوَل ِك عَس اّلِل أن يعفو عنهم وَكن اّلِل عفوا غفورا﴾
آم ُنوا إ َّن َأ ْر ِِض َواس َع ٌة َفإيَّايَ
َ َ َ َّ َ َ ََُُْ َ َ َ
وقوَل تعال﴿ :يا عِبادِي اَّلِين
ِ ِ ِ
َ ُُْ
ون﴾
فاعب ِ
د
ي َّاَّلِينَ
الم ْسلم َُ َُ َ ُ َ َ ْ ُ َ ُّ َ َ ُ
ِِ قال ابلغ ِوي ر ِمحه اهلل« :نزلت ه ِذه ِ اآلية ِِف
َ َ َّ َ َ ْ ُ َ ُ َ َ ُ ُ ُ ْ
ان» جروا ،ناداهم اهلل ب ِ ِ ِ ِ
يم اإل م اس بِمكة ولم يها ِ
ََْ ُ ْ ْ َُ ُّ َّ َ ُ َ َّ ُ َ َ ْ ْ
اِل َِلل لَع ال ِهج َرة ِ م َِن السنةِ :ق ْوَلُ ﷺ « :ال تنق ِطع ال ِهجرةو
ْ َ َّ َ ْ َ َ َّ ْ َ ُ َ َ ْ َ ُ َّ ْ َ ُ َ َّ َ ْ ُ َ َّ ْ ُ
حَّت تنق ِطع اتلوبة ،وال تنق ِطع اتلوبة حَّت تطلع الشمس مِن
97
َ َْ
ربِها»[]21
مغ ِ
[ ]21رواه أمحد ( )16906وأبو داود ( )2479وقال املحققون « :حسن لغريه ».
98
حيث يعيش َتت ظل الرشع ،ويعارش املسلمني ،فليت شعري،
أين جند ايلوم من يقيم ادلين ،ويرفع لإلسالم ً
رأسا ،بل جنداحلكم
صار بقانون أهل الرشك ،واملسلم غريب يف وطنه ،العلماء يف
ُ
السجون ،واملالحدة ىلع املنابر ،وجيوش بالدنا تمنع فيها الصالة،
نَب بالتشدد وغريها من ب فيها اهلل ،واملسلم يُ ى يس ُّ وشوارعنا ى
َ َّ ُ َ ُ َ َ َ ى
اِل َِلل ق ْوَلُ تعال: األلقاب ،حىت حسد املسلمون أهل القبور « و
ْ َُْ ْ َ ُ ْ َ ُ ُ َ ُ َ َّ َّ َ َ َّ ُ ْ َ
ِين ت َوفاه ُم المآلئ ِكة ظال ِِِم أنف ِس ِهم قالوا فِيم كنتم﴾» قال ﴿إِن اَّل
َ َ ُ ْ ُ َّ ُ ْ َ ْ َ
هلم املالئكة :يف أي حال كنتم «﴿قالوا كنا مستضع ِفي ِِف
ْ َ
األر ِض﴾» أيَ :كن أهل الرشك يقهرونا يف أرضنا فيمنعونا من لزوم
َ ْ َْ َ َ ْ َ ُ ْ َ ْ ُ ه َ َ ا َ ُ َ ُ ْ َ
جروا فِيها﴾ دين اهلل تعاىل « ﴿قالوا ألم تكن أرض اّلِلِ وا ِسعة فتها ِ
َ َ َ ُ
» فتهجروا أرض الرشك إىل حيث تعبدون ربكم « ﴿فأ ْوَل ِك
َّ ْ ُ ْ َ ْ َ َ َ ِّ َ ا َ ْ َ ُ ْ َ َ َّ ُ َ َ ْ َ
ال
مأواهم جهنم وسآءت م ِصريا * إِال المستضع ِفي مِن الرج ِ
َا َ َ ََُْ َ َ ا َ َْ َ ُ َ َ َ ْ ْ َ ِّ َ
حيلة وال يهتدون سبِيل ﴾» ان ال يست ِطيعون ِ والنسآء وال ِوِل ِ
فتوعد اِلين لم يهاجروا وعصوا اهلل تعاىل ،واستثَن اِلين ال قدرة
هُ َ َ ْ ُ َ َ ُْ ْ ََ َ هُ
اّلِل َع ُفواًّ َ َُْ َ َ َ
هلم ىلع اهلجرة «﴿فأوَل ِك عَس اّلِل أن يعفو عنهم وَكن
َغ ُف ا
ورا﴾»
99
ومن املسائل اليت لم أجد هلا مثيًا يف تاريخ اإلسالم؛ إنك قد
َتد مسلما يستطيع إظهار دينه يف بِل الرشك ،وإذا ذهب إىل بِل
للمسلمني؛ ُمنع من إظهار دينه .فإذا َكن هل حلية َكن متهما
باإلرهاب ،وإذا َكن يصيل الفجر يف املساجد؛ يرفعون اسمه إىل
اجلهات األمنية ملراقبته ،وإذا ُعر ىف بأنه َّ
قوال للحق؛ ي ُ ى
سج ُن حىت لو ِ
لم يتلكم يف مسائل ُيافون أن يتلكم فيها ،وباملقابل ،بعض بالد
الرشك عندهم قوانني تمنعهم من إيذائه ،فيصري احلليم حريان.
َ ٌَ ْ َ َ َ َّ َ َ ُ َّ َ ََُُْ َ َ َ
قال « :وقوَل تعال﴿ :يا عِبادِي اَّلِين آمنوا إِن أر ِِض وا ِسعة
َ َّ َ َ ْ ُ ُ
ون﴾» أي :إن َكن عليكم تضييق يف أرضكم؛ فإِياي فاعب ِ
د
فهاجروا يف هذه األرض الواسعة تلعبدوا اهلل بأمان.
يالم ْسلم َ
ُ
ِف
َُ
ة اآلي هذ
َ
ه نزلت « : ال ْابلُ َغو ُّي َر ِمحَ ُه ُ
اهلل
َ َ
قال « :ق
ِِ ِ ِ ِ ِ
َ َّ َ َ َّ َ َ ْ ُ َ ُ َ َ ُ ُ ُ ْ
ان»» قوهل« :ناداهم يم
ِ ِ اإل م
ِ اسجروا ،ناداهم اهلل ب ِ اَّلِين بِمكة ولم يها ِ
اهلل باسم اإليمان» أي أنه لم يقل هلم «يا كفرة» كونهم لم يهاجروا،
فليسوا كفارا برتكهم اهلجرة.
ََْ ُ ُ َ َّ ُ َ َ ْ ْ َ َ ُّ َّ َ ْ ُ
قال « :واِل َِلل لَع ال ِهجرة ِ مِن السنةِ :قوَل ﷺ « :ال تنق ِطع
100
ْ ْ َ ُ َ َّ َ ْ َ َ َّ ْ َ ُ َ َ ْ َ ُ َّ ْ َ ُ َ َّ َ ْ ُ َ َّ ْ ُ
ال ِهجرة حَّت تنق ِطع اتلوبة ،وال تنق ِطع اتلوبة حَّت تطلع الشمس
ْ َْ َ
مِن مغ ِربِها»» وهذا ديلل ىلع قول املؤلف بأن اهلجرة باقية إىل أن
تقوم الساعة؛ ُكما دعت إيلها احلاجة.
الفْتة املدنية
101
َّ َ َ ْ َ َّ ا َ ْ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ اهلل إ َل انلَّ
َب َع َث ُه ُ
ي؛ِ ل ق اثل ِيع
ِ َج لَع ه ت اع ط ض ْت افو ،ة ف َك اس ِ ِ
ُ ْ َ َ ُّ َ َّ ُ ِّ َ ُ ُ ه َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ ْ ه َ ْ
اإلن ِس ،واِل َِلل قوَل تعال﴿ :قل يا أيها انلاس إِِن رسول اّلِلِ اْل ِن و ِ
ِ
َ ُ َ ا
إ ِ َْلك ْم َجِيعا﴾.
كمْ َْْ َ َ ْ َ ْ ُ َ ُ ه َ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ ُ َ َ َّ َ
ِلين ،واِل َِلل قوَل تعال﴿ :اَلوم أكملت ل وكمل اهلل ب ِ ِه ا ِ
ُ َ ُ ُ ْ ََ ا َ َ َ ُ ْ ََ ْ َ ْ ُ َ َ ْ ُ ْ ْ َ
اإلسلم دِينا﴾ دِينكم وأتممت عليكم ن ِعم ِِت ور ِضيت لكم ِ
َّ َ َ ٌ َّ ُ َّ ُ َ َ ُ ََ َ َ َّ ُ َ َ َ
اِل َِلل لَع م ْوت ِ ِه ﷺ ق ْوَلُ تعال﴿ :إِنك م ِّيت َوإ ِنهم م ِّيتون * و
َ َ ِّ ُ ْ َ ْ َ ُ َ ُ َّ َّ ُ ْ َ ْ َ ْ َ َ
ثم إِنكم يوم ال ِقيام ِة عِند ربكم َتت ِصمون﴾
ْ َ َ َ َّ ْ َ َ َّ ْ َ َ ُ َ َ َّ َ
ِثل:
لم ،م ِ اإلس ِ قال « :فلما استقر ِِف الم ِدين ِة؛ أمِر بِب ِقي ِة َشائ ِِع ِ
َ َّ ْ ُ َ ْ َ َ َْ َْ ْ َّ َ َ َّ ْ َ ْ َ ه َ َ َ
ْه
وف وانل ِ اْلهادِ ،واألم ِر بِالمعر ِ ان ،و ِ الزَكة ِ ،والصو ِم ،واِل ِج ،واألذ ِ
ْ َ َ ُْْ َ َ َْ َ َ ْ َ
اإلسلم» فالفرتة املدنية نزلت ِ ري ذل ِك مِن َشائ ِِع ِ ع ِن المنك ِر ،وغ ِ
فيها سائر الرشائع ،فقد آمن انلاس وصاروا مؤهلني تلليق الرشائع
َ َ َ َ َ ََ َ َ َ ْ
املفصلة واالنقياد هلا «أخذ لَع هذا عْش ِسنِي» ًعشها يف املدينة،
102
َّ
وعلم انلاس دين اهلل.
َ َ ُ ُ َ َْ َ ُُ َ ُ َ ُُ هَ َ
اق » أي أن ادلين
ٍ ب ه ِين
د و ـ ه
ِ يل ع هلمسو ِ هلل ا لوات ص « وتو ِِف ـ
لم ُ
يمت بموت رسول اهلل ﷺ
َ َّ َ َ َّ َ َّ ُ َّ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ ُ
ِين ُه ،ال َخ ْ َ
ري إِال دل األمة علي ِه ،وال َش إِال حذرها « وهذا د
ُْ
مِنه» هذه مزية دين اهلل تعاىل ،أنه دل ىلع ك خري ،وحذر من ك
َّ ْ ُ َ َ ُ َ ُ ُّ ُ ُ َ َ ري َّاَّلِي َدل َّ َها َعلَ َْ َْ ْ
اهلل َوي ْرضاهُ» حيد ،وَجِيع ما ُيِبه ِ و اتل :هِ ي ُ رش « .واْل
َ َّ َ َ ْ ُ ه ْ ُ َ ُ َ َّ ُ َّ َّ
الْشكَ ،وَجِيعالْش اَّلِي حذرها مِنهِ : قدم اتلوحيد ألنه األصل « و
ُ َ َ ْ َُ ُ َ ََْ
ما يكره اهلل ويأباه » فإذا نظرنا يف الكتاب والسنة جند أنها جامعة
يف مجيع أبواب اخلري ،تدل عليه ،وجامعة يف مجيع أبواب الرش تنَه
عنه.
َ َّ ا َََُ ُ َ
اس َكفة » فلم يبعثه فقط إىل العرب، اهلل إِل انلَّ ِ قال « :بعثه
َ ََْ َ َ ََُ ََ
ْتض طاعته لَع بل إىل انلاس َكفة ،فدعوة اإلسالم ًعملية « واف
ْ ه َ ْ َّ َ َ ْ َ
اإلن ِس » فحىت اجلن مأمورون باتباعه « اْل ِن و ِ
ي؛ ِ ِيع اثلقل ِ َج ِ
كمُْ ْ َ َ ُّ َ َّ ُ ِّ َ ُ ُ ه َ ْ ُ َ َّ ُ َ ُ َ َ َ
اِل َِلل ق ْوَلُ تعال﴿ :قل يا أيها انلاس إِِن رسول اّلِلِ إَِل و
َ ا
َجِيعا﴾»
103
َْْ َ َ ْ َ ْ ُ ه َ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ ُ َ َ َّ َ
ِلين ،واِل َِلل قوَل تعال﴿ :اَلوم أكملت قال « :وكمل اهلل ب ِ ِه ا ِ
ْ ََ ُ ُ َ ُ َ َ َ ُ ْ َ ُ ْ ََ ْ َ ْ ُ َ َ ْ ُ ْ ْ َ
اإلسلم لكم دِينكم وأتممت عليكم ن ِعم ِِت ور ِضيت لكم ِ
ا
دِينا﴾» هذا ادلين َكمل فال ُيتاج إىل زيادة .لو رضبنا مثال ،إذا
جئت بكأس وعبأته إىل آخره ،هل يمكن أن تزيد فيه؟ ال ،ألن
ى
خارجه خرج ما يف الكأس ُ
الزيادة لن تكون يف الكأس ،بل ست ِ
وَتل ماكنه ،ويه ليست منه ،وهذا حال ابلدع ،تهدم السنن ً
هدما،
ى
فعندما تأيت األذَكر ابلدعية والطرق الصوفية ،فيه َتل ماكن
األذَكر الصحيحة اليت جاءت عن انلِب ﷺ ،فتأيت هذه الرشائع
ابلدعية تلحل ماكن الرشائع ادلينية اليت أنزهلا اهلل سبحانه وتعاىل.
فهذا ادلين َكمل ال ُيتاج إىل بدعة مبتدع.
َّ َ َ ٌ َّ ُ َ ُ ََ َ َ َّ ُ َ َ َ
اِل َِلل لَع م ْوت ِ ِه ﷺ ق ْوَلُ تعال﴿ :إِنك م ِّيت َوإِنهمقال « :و
َ َ ِّ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َّ ِّ ُ َ ُ َّ َّ ُ ْ َ ْ َ ْ َ َ
ميتون * ثم إِنكم يوم ال ِقيام ِة عِند ربكم َتت ِصمون﴾» ذكر
ادليلل ىلع موته ﷺ ألن بعض الصوفية يقولون« :إنه لم يمت وال
َيوز لكم أن تقولوا أنه مات» بل ُيرج بعضهم ويقول عنا« :هؤالء
يسيئون إىل انلِب ﷺ» يقصد املسلمني ،يسيئون إىل انلِب ﷺ،
104
كيف يسيئون إىل انلِب ﷺ؟ يقولون إنه مات!
َْ
تعال﴿ :مِنها
ََ َ اِل َِل ُل َق ْو َُلُ ون = َو َّ َ َ ُ ْ َُُْ َ
َوانلَّاس إِذا ماتوا يبعث
ُ
وق ْو َُلُ
َ َ ُ ْ َ َْ َ ُ ْ َ َ ُ ُ ُ ْ َ َْ ُْ ُ ُ ْ َ َ ا
أخرى﴾ خلقناكم وفِيها ن ِعيدكم ومِنها ُن ِرجكم تارة
ُ َّ ُ ُ ُ ْ َ ََ ا ْ َ َّ ُ َ َ َ ُ ِّ َ َ ََ َ
تعال﴿ :واّلِل أنبتكم من األر ِض نباتا * ثم ي ِعيدكم فِيها
ون بأَ ْع َمال ِهمْ، َ َ ْ َ ْ َ ْ ُ َ َ ُ َ َ َ ْ ُّ َ َ ُْ ُ ُ ْ ْ َ ا
ِ ِ يزِ َم و ون ب اس َم ث
ِ ع ابل د ع بو ﴾= ا اج و َي ِرجكم إِخر
ْ َ َ َّ َ َ َّ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ
ات َوما ِِف األ ْر ِض َِلَج ِز َي ِ اوَ م الس ِف
ِ ا م ِ ّلِل
ِ و ﴿ :ال واِل َِلل قوَل تع
ُْ ْ َ َّ َ َ َ ُ َ َ ُ َ َ ْ َ َّ َ َ ْ َ ُ
اَّلِين أساؤوا بِما ع ِملوا و َي ِزي اَّلِين أحسنوا بِاِلسَن﴾
الَ ﴿ :ز َع َم َّاَّل َ َ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ َ َ ْ َ َّ َ ْ َ ْ
ِين ث كفر ،واِل َِلل قوَل تع ومن كذب بِابل ِ
ع
ُث ُث َّم َتلُنَ َّب ُؤ َّن ب َما َعملْ ُتمْ ك َف ُروا َأن لَّن ُي ْب َع ُثوا ُق ْل بَ ََّل َو َر ِِّّب َتلُ ْب َع ُ َّ
َ
ِ ِ
ٌ َ َ َ َ َ َّ َ
وذل ِك لَع اّلِلِ ي ِسري﴾
ُ َ َ ُ ْ ُ َُ َ
« َوانلَّاس إِذا ماتوا ي ْبعثون » ذكر مسألة ابلعث بعد املوت ،أي
105
أن هؤالء انلاس اِلين ماتوا مجيعا؛ فإن اهلل سبحانه سيبعثهم ،أي:
سيعيد إحياءهم بعد موتهم ،وَيمعهم يلحاسبهم .قال
َْ َ َْ َ ُ ْ َ َ ُ ُ ُ
كمْ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ
الشيخ « :واِل َِلل قوَل تعال﴿ :مِنها خلقناكم وفِيها ن ِعيد
َ َّ ُ َ َ َ ُ
كم ِّمنَ َُُْ َ َ َ َ َ َْ ُْ ُ ُ ْ َ َ ا ُ ْ
ومِنها ُن ِرجكم تارة أخرى﴾ وقوَل تعال﴿ :واّلِل أنبت
َ ْ َ َ ا ُ َّ ُ ُ ُ ْ َ َ ُ ْ ُ ُ ْ ْ َ ا
األر ِض نباتا * ثم ي ِعيدكم فِيها و َي ِرجكم إِخراجا﴾»
ْ ُ َ َ ُ َ َ َ ْ ُّ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َْ ْ
ث َماسبون وَم ِزيون بِأعمال ِِهم » أي قال « :وبعد ابل ِ
ع
عما عملوا ،وَيزيهم اجلنة أو انلار ِبسب أعماهلم، سيسأهلم اهلل َّ
وهم أصناف:
الكفر بالطاغوت
ى ى ى ٌ
يث ىح ىس ٌن ىصح ٌ
يح» ِ [ ]23رواه أمحد ( )22016والرتمذي ( )2616وقال« :هذا ح ِد
109
َم َّمد َولَع آَل َو َص ْحبه َو َسلَّمَ.
َ َ َّ ُ َ َ ُ َ
وصَّل اهلل لَع
ِِ ٍ
َ َ َّ ُ ُ َ َ ُّ ُ ُ َ ه َ َ ُ ْ ََ ْ َ َ
ْشين ومن ِذ ِرين؛ واِل َِللقال « :وأرسل اهلل َجِيع الرس ِل مب ِ ِ
ََ ه َ َّ َ ُ َ َّ ُّ ُ ا ُّ َ ِّ َ ُ َُُْ َ َ َ
ين ِ ََلل يكون ل ِلن ِ
اس لَع اّلِلِ ين َومن ِذ ِرْش
ِ ب م ل س ر ﴿ :ال قوَل تع
ُ َّ ٌ َ ْ َ ُّ ُ
الرس ِل﴾» يبرشون الطائعني باجلنة ،وُيذرون العايص حجة بعد
من انلار ،وهذا حال مجيع رسل اهلل عليهم صلوات اهلل وسالمه «
َّ ُ ْ َ َّ ُ ُ ْ ُ ٌ َ َ
وأولهم نوح علي ِه السلم » فأول نِب آدم ،وأول رسول نوح ومن
ى ىُْ ى
األدلة الواضحة ىلع ذلك احلديث عن يوم القيامة ،وفيه « :فيأتون
ْ ُ ً ى ُ ُ ى ى ُ ُ ى ْ ى ى َّ ُ ُّ ُ ى ْ ى
نوحا فيىقولون :يا نوح ،أنت أول الرس ِل ِإىل األر ِض»[ ]24فاألنبياء
بعضهم رسل ،وبعبارة أخرى :ليس ك األنبياء رسل؛ ولكن ك ُ
ُ ُ َ َّ ٌ
خ ُره ْم َممد ﷺ الرسل أنبياء ،فدرجة الرسالة أىلع ِمن انلبوة « َوآ ِ
َ َُ َ َ
ات ُم انلَّب هي َ
ي » فهو آخرهم ،وال نِب بعده ،ومن ادعة انلبوة ِِ وهو خ
َ َّ ُ َ َ بعده َكفر ،ومن صدق هؤالء الكذبة َكن ً
اِل َِلل لَع َكفرا مثلهم « و
وقد يقول قائلَ :نن ال نعلم الرسل اِلين أرسلوا إىل الصني
وإىل أمريكا وإىل غريها من هذه ابلالد ابلعيدة!
القوم اِلين أرسل إيلهم ُممد ﷺ ،فقد واجه ﷺ ايلهود ُ يعرفها
ى
وواجه انلصارى ،فاهلل سبحانه وتعاىل أنزل يف القرآن ق ىص ًصا عن
األنبياء اِلين يعرفهم هؤالء ليك يعروفوا صدقه ،ويأنسوا تللك
األنباء اليت تذكر رسلهم ،أما األقوام اآلخرين فأكرثهم لم يعتنوا
111
بأنبيائهم وكتبهم ،بل قد ال يعلمونهم النتشار انلرصانية أو الوثنية
فيهم.
َ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َ َّ ُ ُ ََ َ َ ََْ َ
اإليمان
وت و ِ
ِيع ال ِعبا ِد الكفر بِالطاغ ِ
« وافْتض اهلل لَع َج ِ
بِاهللِ » إذا ك األنبياء جاءوا يدلون انلاس ىلع الكفر بالطاغوت
والْباءة من ك ما ُعبد من دون اهلل ،وأن يؤمنوا باهلل سبحانه
وتعاىل .واسم الطاغوت مشتق من الطغيان.
َ ََ َ َ َ َ ْ ُ ْ َ ه َ َ ُ ُ َ َ َ َ ْ َ َّ ُ
« قال ابن القيِ ِم ر ِمحه اهلل تعال« :معَن الطاغو ِ
ت :ما َتاوز
َ ُ ْ ْ َ ْ ُ َ َّ ُ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ْ ُ َ
وع أو مط ٍ
اع»» ومعَن الكمه :أن ما ب ِ ِه العبد حده مِن معبو ٍد أو متب ٍ
َتاوز حد كونه ً
عبدا صار طاغوتا .قال الطْبي« :والصواب من
القول عندي يف"الطاغوت" ،أنه ك ذي طغيان ىلع اهلل ،فعبد من
دونه ،إما بقهر منه ملن عبده ،وإما بطاعة ممن عبده هل ،وإنسانا َكن
ذلك املعبود ،أو شيطانا ،أو وثنا ،أو صنما ،أو َكئنا ما َكن من
َشء»[]25
ب» أي زعم أنه يعرف الغيب، اد ََع َشيْ ائا م ِْن عِلْم الْ َغ ْ
ي
َ َ ْ َّ
«و م ن
ِ ِ
َكلكهنة واملنجمني .وقال مجاعة من السلف :الطاغوت هو الاكهن،
ومنهم :سعيد بن جبري ،و رفيع ،و جابر بن عبد اهلل.
ُ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ََْ َ
ري ما أنزل اهلل» وهو احلاكم أو القاِض اِلي
«ومن حكم بِغ ِ
نظاما يف احلكم يضايه حكم اهلل ،فيحكم به ً َيعل نلفسه
يفضله ىلع حكم اهلل ،أو يعاند به دين اهلل .عن جماهد:
«الطاغوت ،الشيطان يف صورة إنسان ،يتحاكمون إ ىيلْ ِه ،ىو ُهوى
ِ ِ
صاحب أمرهم»[]28
َ َُُْ َ َ َ َ َّ ُ
اِل َِلل» أي :ىلع الكفر بالطاغوت «قوَل تعال﴿ :ال قال « و
َ َّ َ َّ َ ُّ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َّ ُ إ ْك َراهَ ِف ِّ
وت
ِ اغ الط ِ ب ر ف كي ن م ف َغ ال ِنم د ش الر ي ب ت دق ين
ِ اِل ِ ِ
َ َ ََ ه ََ ْ َ ْ َ َ ُْْ َ َُْْ َ
هُ
َق ال ان ِفصام لها َواّلِل َويُ ْؤمِن بِاّلِلِ فق ِد استمسك بِالعروة ِ الوث َ
اهلل» أي الكفر يم﴾» قال « َو َه َذا ُه َو َم ْع ََن ال اَل إال ُ يع َعلِ ٌَ ٌ
س ِم
ِ
[ ]31اتلصاريف تلفسري القرآن مما اشتبهت أسمائه وترصفت معانيه (ص.)332
تمت هذه الرسالة الطيبة املباركة اليت فيها أصول هذا ادلين
احلنيف العظيم.
***
116