Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 116

1

‫احملتويات‬
‫مقدمة‪1.......................................................................................................‬‬

‫إسناد الرسالة ‪5 ............................................................................................‬‬


‫ً‬
‫املنت جمردا‪7 .................................................................................................‬‬

‫الرشح‪27 ....................................................................................................‬‬

‫املسائل األربعة‪27 .......................................................................................‬‬

‫املسائل اثلالثة‪36 ........................................................................................‬‬


‫ُ ى‬
‫األوَل‪37 ..............................................................................................:‬‬
‫ُ‬
‫اثلَّا ِنيىة‪39 .............................................................................................:‬‬
‫ُ‬
‫اثلَّ ِاثلىة‪41..............................................................................................:‬‬

‫احلنيفية ‪44 ...........................................................................................‬‬

‫األصول اثلالثة ‪49 .......................................................................................‬‬

‫األصل األول‪ :‬معرفة الرب‪50 ..................................................................‬‬

‫أنواع العبادة ‪57 ....................................................................................‬‬

‫‪2‬‬
‫ى َّ‬ ‫ى ْ ىُ‬
‫اإل ْسالمِ ِباأل ِدل ِة‪69 .......................................‬‬
‫ين ِ‬‫ِ‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ة‬ ‫[األصل اثلاين‪ ] :‬مع ِرف‬

‫املرتبة األوَل‪ :‬اإلسالم‪70........................................................................‬‬

‫املرتبة اثلانية‪ :‬اإليمان‪81 .......................................................................‬‬

‫القدر‪84 ...............................................................................................‬‬
‫ْ ُ‬ ‫ْ ى ْ ى ى ُ َّ ى ُ‬
‫اإلح ىسان‪85 ...................................................................‬‬ ‫المرتبة اثل ِاثلة‪ِ :‬‬
‫[األصل اثلالث]‪91.................................................................................‬‬
‫ْ ىُ ى ُ ُى‬
‫ىمع ِرفة ن ِب ِيِّك ْم ُم َّم ٍد ﷺ‪91....................................................................‬‬

‫اهلجرة‪96 ..............................................................................................‬‬

‫الفرتة املدنية ‪101....................................................................................‬‬

‫ابلعث بعد املوت ‪105 .............................................................................‬‬

‫الكفر بالطاغوت‪107 ...........................................................................‬‬

‫***‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة‬
‫بسم اهلل واحلمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم ىلع رسول اهلل‪ ،‬وبعد‬

‫هذا رشح خمترص ملنت «ثالثة األصول وأدتلها» للشيخ ُممد‬


‫بن عبد الوهاب ‪-‬رمحه اهلل تعاىل‪0‬‬

‫ويه رسالة نافعة يف بابها‪ ،‬بل لم أجد متنا يقوم مقامها‪ ،‬فقد‬
‫مجعت أصول ادلين يف ورقات قليلة‪.‬‬

‫واالسم الصحيح هلا هو «ثالثة األصول»‬

‫قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ‪« :‬الشيخ ‪ -‬رمحه‬


‫اهلل تعاىل ‪ -‬هل رسالة أخرى بعنوان األصول اثلالثة‪ ،‬رسالة صغرية‬
‫أقل من هذه ً‬
‫علما؛ يلعلمها الصبيان والصغار تلك يقال هلا األصول‬
‫اثلالثة‪ ،‬وأما ثالثة األصول فيه هذه اليت نقرأها‪ ،‬ويكرث اخللط‬
‫بني التسميتني‪ ،‬ربما قيل هلذه ثالثة األصول‪ ،‬أو األصول اثلالثة‪،‬‬
‫لكن تسميتها املعروفة أنها ثالثة األصول وأدتلها»‬

‫‪4‬‬
‫وهذه الرسالة مقسمة إىل مقدمة وأصل‪ ،‬واملقدمة فيها أربع‬
‫مسائل يراد منها ضبط اخلطة العلمية والعملية للمسلم‪ .‬أما األصل‬
‫ففيه ثالث أصول‪ ،‬ويه معرفة اهلل ورسوهل واإلسالم‪ .‬فذكر تعريفا‬
‫خمترصا للك أصل من هذه األصول‪ ،‬مع بيان ملة إبراهيم ﷺ‪ .‬وختم‬
‫بمسألة ابلعث واحلساب‪.‬‬

‫إسناد الرسالة‬
‫تلقيت هذا املنت عن عبد العزيز آل الشيخ بقراءة غريي‬
‫عليه بقصد ادلراية يف األكاديمية اإلسالمية املفتوحة‪ ،‬ى ى‬
‫فرش ىحه يف‬
‫ً‬
‫جملسا‪ ،‬وهو قرأه ىلع الشيخ ُممد بن ابراهيم آل الشيخ‪،‬‬ ‫اثين عرش‬
‫وهو عن شيخه عبد اللطيف بن عبد الرمحن بن حسن إجازة إن‬
‫ً‬
‫سماًع‪ ،‬وهو عن وادله عبد الرمحن بن حسن بن ُممد بن‬ ‫لم يكن‬
‫عبد الوهاب‪ ،‬عن جده ُممد بن عبد الوهاب‪.‬‬

‫وأريه سماًع ىلع صالح العصييم يف املسجد انلبوي‪ ،‬وهو‬


‫يرويه عن عبد العزيز بن صالح ابن مرشد‪ً ،‬‬
‫قراء عليه‪ ،‬عن عبد‬

‫‪5‬‬
‫اللطيف عبد الرمحن بن حسن‪ ،‬عن جده ُممد بن عبد الوهاب‪.‬‬

‫وسماًع ىلع دويخ احلاريث‪ ،‬وبقراءيت ىلع ُممد عبطان‬


‫القثايم‪ ،‬والكهما يرويه عن سليمان احلمدان‪ ،‬وهو عن عبد الستار‬
‫الصدييق‪ ،‬وهو عن أمحد بن ابراهيم بن عيىس‪ ،‬وهو عن عبد‬
‫الرمحن آل الشيخ‪ ،‬وهو عن جده ُممد بن عبد الوهاب‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫املنت جمردًا‬
‫يم‬ ‫ح‬ ‫محن َّ‬
‫الر‬ ‫الر ْ ى‬
‫هلل َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمْسِب ا ِ‬
‫ْ ْ ى ى ى ُ ى َّ ُ ى ُ ى ى ْ ى ى ى ُّ ُ ى ْ ى ى ى ى‬
‫َيب علينا تعلم أربع مسائِل‪:‬‬ ‫اعلم ر ِمحك اهلل أنه ِ‬
‫ِّ‬ ‫ىى ْ ىُ ى‬ ‫ُ َ ْ ُْ ىُى ى ْ ىُ‬
‫هلل‪ ،‬ومع ِرفة ن ِب ِي ِه ﷺ‪،‬‬
‫املسألة األول‪ :‬ال ِعلم‪ :‬وهو مع ِرفة ا ِ‬
‫ى َّ‬ ‫ىى ْ ىُ‬
‫اإل ْسالمِ باأل ِدل ِة‪.‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ين‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ومع ِرف‬
‫َّ ُ ْ ُ‬
‫املسألة اثلان َِية‪ :‬ال ىع ىمل بِ ِه‪.‬‬
‫َّ َ ُ َّ ْ ُ ى‬
‫ادلع ىوة ِإيلْ ِه‪.‬‬ ‫اثلة‪:‬‬
‫املسألة اثل ِ‬
‫ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى ى‬ ‫َّ َ ُ َّ ْ ُ ى ى ى ى‬
‫املسألة الرابِعة‪ :‬الصْب ىلع األذ ى ِفي ِه‪ .‬وادل ِيلل قوهل تعاىل‪:‬‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬


‫َّ َّ َ َ ُ َ ُ‬ ‫َ َ َ ُ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ َْ ْ‬
‫ِين آمنوا َوع ِملوا‬ ‫ْس * إِال اَّل‬
‫ِ ْ ٍ‬‫خ‬ ‫ِف‬ ‫ل‬ ‫ان‬ ‫نس‬ ‫اإل‬
‫﴿والع ِ ِ ِ‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫*‬ ‫ْص‬
‫َّ ْ‬ ‫َ ِّ َ َ َ َ‬
‫اص ْ‬ ‫اص ْ‬‫َّ َ َ َ َ َ‬
‫ب﴾‬‫ِ‬ ‫الص‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ا‬‫و‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫اِل‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ات وتو‬‫اِل ِ‬ ‫الص ِ‬
‫‪7‬‬
‫ى ْ ى ى ْ ى ى ُ ُ َّ ً ى ى‬ ‫َ َُ ُ ََ َ‬
‫ُّ‬ ‫َ َ َّ‬
‫ِ‬
‫قال الشاف ِيع ‪ -‬رمحه اهلل تعال ‪« : -‬لو ما أنزل اهلل حجة ىلع‬
‫ُّ ى ى ى ى ى‬ ‫ى‬ ‫ى ْ‬
‫ورة لكفتْ ُه ْم»‬ ‫خل ِق ِه ِإال ه ِذهِ الس‬
‫ْ‬ ‫ُْ ىْى ى‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫َ َ َ ُ َ ُّ َ َ ُ ُ َ َ َ‬
‫اري ـ ر ِمحه اهلل تعال ـ ‪ :‬باب‪ :‬ال ِعلم قبل القو ِل‬ ‫وقال ابلخ ِ‬
‫َّ َّ ُ ى ْ ْ‬ ‫ى‬
‫ى ْ ى َّ ُ ى‬ ‫ى ْ ى ى ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى‬
‫استىغ ِف ْر‬‫هل ت ىعاىل‪﴿ :‬فاعل ْم أنه ال اهل ِإال اَّلل و‬ ‫والعم ِل؛ وادل ِيلل قو‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ْ‬ ‫ى ى ىىىى ْ ْ ىْى ى‬
‫نبك﴾ فبدأ بِال ِعل ِم قبل القو ِل والعم ِل‪.‬‬
‫ِِل ِ‬

‫ى ُ ْ ى ى ى ُّ ُ ى‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ى َّ ى ُ ى ى ُ ِّ‬ ‫ْىْ ى ى ى‬


‫ك مس ِل ٍم ومس ِلم ٍة‪ ،‬تعلم ه ِذهِ‬ ‫ِ‬ ‫ىلع‬ ‫ب‬ ‫َي‬
‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫اهلل‬ ‫ك‬ ‫اعلم ر ِمح‬
‫الم ىسائل اثلَّالث ‪ ،‬والْ ىع ىم ُل بهن‪َّ:‬‬ ‫ى‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رت ْكنىا ىه ىم ًال‪ ،‬بى ْل أى ْر ىس ىل إ ىيلْناى‬ ‫ول‪:‬أى َّن ى‬
‫اهلل ىخلى ىقنىا‪ ،‬ىو ىر ىز ىقنىا‪ ،‬ىول ى ْم يى ْ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬ ‫األ‬
‫ى ُ ً ى ى ْ ى ى ى ُ ى ى ى ى َّ ى ى ى ْ ى ى ُ ى ى ى َّ ى ى َّ ُ‬
‫رسوال‪ ،‬فمن أطاعه دخل اجلنة‪ ،‬ومن عصاه دخل انلار‪ ،‬وادل ِيلل‬
‫َّ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ ُ ا َ ا َ َ ْ ُ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫ىُُْ ى ى‬
‫هل ت ىعاىل‪﴿ :‬إِنا أرسلنا إَِلكم رسوال شاهِدا عليكم كما أرسلنا‬ ‫قو‬
‫َ ْ َ ْ َ َ ُ ا َ َ َ ْ َ ْ ُ َّ ُ َ َ َ َ ْ َ ُ َ ْ ا َ ا‬
‫إِل ف ِرعون رسوال * فعَص ف ِرعون الرسول فأخذناه أخذا وبِيل﴾‬
‫ى ى‬ ‫ىْ ى ى ْ ُْ ى ى ىىُ ى ى ٌ‬ ‫َّ َ ُ ى َّ‬
‫اثلانِية‪ :‬أن اهلل ال يرَض أن يرشك معه أحد ِيف ِعبادتِ ِه‪ ،‬ال‬
‫َ َ َّ ْ َ َ َ‬ ‫ى ى ٌ ُ ى َّ ٌ ى ى ٌّ ُ ْ ى ٌ ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى ى‬
‫جد‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫أ‬‫و‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬ ‫اىل‬ ‫ملك مقرب‪ ،‬وال ن ِِب مرسل؛ وادل ِيلل قوهل تع‬

‫‪8‬‬
‫َّ َ َ َ ْ ُ َ َ َّ َ َ ا‬
‫ِّلِلِ فل تدعوا مع اّلِلِ أحدا﴾‬
‫َّ َ ُ ى َّ ى ْ ى ى ى َّ ُ ى ى ى َّ ى ى ى ُ ُ ى ُ ُ ى ُ‬
‫االة ىمنْ‬ ‫اثلة‪ :‬أن من أطاع الرسول‪ ،‬ووحد اهلل ال َيوز هل مو‬ ‫اثل ِ‬
‫َ َ ُ‬ ‫ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى ى‬ ‫ى َّ ى ى ى ُ ى ُ ى ى ْ ى ى ى ْ ى ى ى‬
‫َتد‬ ‫يب؛ وادل ِيلل قوهل تعاىل‪﴿ :‬ال ِ‬ ‫حاد اهلل ورسوهل‪ ،‬ولو َكن أقرب ق ِر ٍ‬
‫ُ ُّ َ َ ْ َ َّ َّ َ ُ َ َ‬ ‫َ ْ ا ُ ْ ُ َ َّ ْ ْ‬
‫خ ِر ي َوادون من حاد اّلِل َو َرسوَلُ َول ْو‬ ‫قوما يؤمِنون بِاّلِلِ َواَلَو ِم اآل ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ َ ُ ْ َْ ََْ ُ ْ َْ ْ َ َُ ْ َْ َ ََُ ْ َُْ َ ََ‬
‫َكنوا آباءهم أو أبناءهم أو إِخوانهم أو ع ِشريتهم أوَل ِك كتب ِِف‬
‫َْ َ‬ ‫َ َ َ َ َّ َ ُ ُ ٍ ِّ ْ ُ َ ُ ْ ُ ُ ْ َ َّ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُُ‬
‫ات َت ِري مِن َتتِها‬ ‫ٍ‬ ‫ن‬‫ج‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ل‬ ‫خ‬
‫ِ‬ ‫د‬ ‫ي‬‫و‬ ‫ه‬ ‫ن‬‫م‬ ‫وح‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫د‬‫ي‬ ‫أ‬‫و‬ ‫ان‬ ‫يم‬ ‫اإل‬
‫قل ِ ِ ِ‬
‫م‬ ‫ه‬‫وب‬
‫َ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ْ َ َ ُ َ ْ ُ ُ ْ َ َ ْ ُ َّ‬ ‫َْ َ ُ َ‬
‫حزب اّلِلِ‬ ‫اِلِين فِيها ر ِِض اّلِل عنهم ورضوا عنه أوَل ِك ِ‬ ‫األنهار خ ِ‬
‫َ َ َّ ْ َ َّ ُ ُ ْ ُ ْ ُ َ‬
‫حزب اّلِلِ هم المفلِحون﴾‬ ‫أال إِن ِ‬

‫يم‪ :‬أى ْن ىت ْعبُدى‬ ‫ْ ى ْ ى ْ ى ى ى ُ ى ى ى َّ ْ‬


‫احلىنيف َّي ىة ِملَّ ىة إبْ ىرا ِه ى‬
‫ِ‬ ‫ِاعلم أرشدك اهلل ِلطاع ِت ِه‪ ،‬أن ِ ِ‬
‫انلاس‪ ،‬ىو ىخلى ىق ُهمْ‬ ‫َّ‬ ‫اهلل ىمجيعى‬‫ُ‬ ‫ك أىمرى‬
‫ى‬ ‫ى ى ْ ى ُ ُ ْ ً ى ُ ِّ ى ى ى ى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اهلل وحده‪ ،‬خم ِلصا هل ادلين‪ .‬وبِذل ِ‬
‫َّ َ ْ ُ ُ‬ ‫َ َ َ َ ْ ُ ْ َّ َ ْ َ‬ ‫ىى ى ى ى ى ى ى ى‬
‫ون﴾‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫َل‬ ‫ِ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫اإل‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫اْل‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫اىل‬ ‫لها؛ كما قال تع‬
‫ون‪.‬‬ ‫ُ ى ِّ ُ‬ ‫ىى ْى ىُُْ‬
‫ون ‪ :‬يو ِحد ِ‬ ‫ومعَن يعبد ِ‬
‫ْ ى ى‬ ‫َّ ْ ُ ى ُ ى ْ ى ُ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫ىى ْ ى ُ ى ى‬
‫هلل بِال ِعبادةِ‪.‬‬ ‫حيد‪ ،‬وهو‪ِ :‬إفراد ا ِ‬ ‫ى‬
‫وأعظم ما أمر اهلل بِ ِه اتلو ِ‬
‫ادل ِيل ُل قى ْو ُهلُ‬
‫الرش ُك‪ ،‬ىو ُه ىو‪ :‬ىد ْع ىو ُة ىغ ْريه ىم ىع ُه‪ ،‬ىو َّ‬ ‫ى ى ْ ى ُ ى ى ى ى ْ ِّ‬
‫ِِ‬ ‫وأعظم ما نَه عنه ِ‬
‫‪9‬‬
‫َ ْ ُُ ْ هَ َ َ ُْ ُ ْ َ ْا‬ ‫ىى ى‬
‫ْشكوا ب ِ ِه شيئا﴾‬
‫تعاىل‪﴿ :‬واعبدوا اّلِل وال ت ِ‬
‫ى‬ ‫ْ‬ ‫ى ُ ىى‬ ‫ى ى ى ى ُ ُ ُ َّ ى ُ‬ ‫ى ى‬
‫ان‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫ن‬‫اإل‬
‫ِ‬ ‫ىلع‬ ‫ب‬ ‫َي‬
‫ِ ِ‬‫اليت‬ ‫ة‬ ‫الث‬‫اثل‬ ‫ول‬ ‫ص‬‫األ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫‪:‬‬‫ك‬ ‫ل‬ ‫يل‬‫ق‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ف ِإ‬
‫ْ ى‬
‫ىمع ِرفتُ ىها؟‬
‫ُ ى ُ ُى‬ ‫ُ‬ ‫ىُْ ْ ىُ ْ‬
‫فقل‪ :‬ىمع ِرفة ال ىعبْ ِد ىر َّبه‪ ،‬ىو ِدينىه‪ ،‬ىون ِب َّيه ُم َّم ًدا ﷺ‪.‬‬
‫ى‬ ‫ى ى ى ى ى‬
‫ف ِإذا ِقيل لك‪ :‬ىم ْن ىر ُّبك؟‬
‫ُ‬
‫ني بِ ِن ىع ِم ِه‪ ،‬ىوه ىو‬ ‫يع الْ ىعالىم ى‬‫اهلل َّاِلي ىر َّباين‪ ،‬ىو ىر ََّّب ىمج ى‬ ‫ىف ُق ْل‪ :‬ىر ِّ ى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِب ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ هَ ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ى‬ ‫ْ ُ ى‬‫ُ‬ ‫ى‬ ‫ُ‬ ‫ى ْ ٌ‬ ‫ىْ ى‬ ‫ى ْ‬
‫اِلمد ّلِلِ َرب‬ ‫هل ت ىعاىل‪﴿ :‬‬ ‫ود س ىو ُاه؛ ىو َّ‬
‫ادل ِيلل قو‬ ‫معبُو ِدي ليس ِِل معبُ ِ‬
‫ى ىٌ ىىى ى ٌ ْ ى ى ْى ى‬ ‫ى‬ ‫ْ‬ ‫ى‬ ‫ْ َ َ َ ى ُ ُّ‬
‫احد ِمن ذلِك العال ِم‪.‬‬ ‫هلل ًعلم‪ ،‬وأنا و ِ‬ ‫العال ِمي﴾ وُك من ِسوى ا ِ‬
‫َ ْ َ َّ َ‬ ‫ى ى ى ى ى‬
‫ف ِإذا ِقيل لك‪ :‬ب ِ َم ع َرفت َربك؟‬
‫َّ‬
‫ار‪ ،‬ىوالش ْم ُس‪،‬‬ ‫ىف ُق ْل‪ :‬بآيىاتِ ِه ىو ىخمْلُوقىاتِ ِه‪ ،‬ىو ِم ْن آيىاتِ ِه‪ :‬اللَّيْ ُل‪ ،‬ىو َّ‬
‫انل ىه ُ‬
‫ِ‬
‫ى‬
‫َّ ى ى ُ َّ ْ ُ ى ى ُ ى‬ ‫ىْ ى‬ ‫ُ‬ ‫ْى‬
‫السبْ ُع ىو ىم ْن‬ ‫ون َّ‬ ‫ىوالق ىم ُر‪ ،‬ىو ِم ْن خملوقاتِ ِه السماوات السبع واألرض‬
‫ار‬‫اىل‪َ ﴿ :‬وم ِْن آيَات ِ ِه اللَّ ْي ُل َوانلَّ َه ُ‬ ‫َّ ى ى ى ْ ى ُ ى ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى ى‬
‫يهن‪ ،‬وما بينهما؛ وادل ِيلل قوهل تع‬ ‫ِف ِ‬
‫َّ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ ُ ُ َّ َّ‬ ‫َ َّ ْ ُ َ ْ َ َ ُ َ َ ْ ُ ُ‬
‫والشمس والقمر ال تسجدوا ل ِلشم ِس وال ل ِلقم ِر واسجدوا ِّلِلِ اَّلِي‬
‫َّ َّ ُ ه ُ َّ‬ ‫ُ ُ ْ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ ى ى ْ ُ ُ ى ى‬ ‫َ ََ ُ‬
‫هل ت ىعاىل‪﴿ :‬إِن َربك ُم اّلِل اَّلِي‬ ‫خلقه َّن إِن كنتم إِياه تعبدون﴾ وقو‬
‫‪10‬‬
‫َّ َ َّ ُ َّ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ ُ ْ‬ ‫َ َ َ َّ َ َ َ َ ْ َ‬
‫ات واألرض ِِف ِست ِة أيامٍ ثم استوى لَع العر ِش يغ ِِش‬ ‫خلق السماو ِ‬
‫وم ُم َس َّخ َ‬ ‫َّ ْ َ َّ َ َ َ ْ ُ ُ ُ َ ا َ َّ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ُّ ُ َ‬
‫ات‬‫ٍ‬ ‫ر‬ ‫الليل انلهار يطلبه حثِيثا والشمس والقمر وانلج‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َ ُ ْ َ ْ ُ َ َ ْ ُ َ َ َ َ ه ُ َ ُّ ْ َ َ‬
‫بِأم ِره ِ أال َل اْللق واألمر تبارك اّلِل رب العال ِمي﴾‬
‫َ َ ُّ َ َّ ُ ْ ُ ُ ْ‬ ‫ى َّ ُ ُ ى ْ ى ْ ُ ُ ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى‬
‫هل ت ىعاىل‪﴿ :‬يا أيها انلاس اعبدوا‬ ‫والرب هو المعبود‪ ،‬وادل ِيلل قو‬
‫َ ْ ُ ْ َ َ َّ ُ ْ َ َّ ُ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ ْ َ َّ‬ ‫َ َّ ُ ُ َّ‬
‫ربكم اَّلِي خلقكم واَّلِين مِن قبلِكم لعلكم تتقون * اَّلِي‬
‫الس َمآءِ َمآءا‬ ‫َ ا َ َ َ َ َ َّ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ َ ْ َ َ ا َ َّ َ‬
‫جعل لكم األرض ف ِراشا والسمآء بِنآء وأنزل مِن‬
‫نتمْ‬‫ْ ا َّ ُ ْ َ َ َ ْ َ ُ ْ ه َ َ ا َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ََ ْ َ َ‬
‫ات ِرزقا لكم فل َتعلوا ِّلِلِ أندادا وأ‬ ‫فأخرج ب ِ ِه مِن اثلمر ِ‬
‫َْ َُ َ‬
‫تعلمون﴾‬
‫ى‬ ‫ى ىُ ُ ىى ى‬ ‫ى ى ُْ ى‬
‫اء ُهوى‬ ‫األ ْشيى ى‬ ‫ى ُ ى‬
‫اهلل تعاىل‪« :-‬اخلا ِلق لِه ِذهِ‬ ‫ري ‪-‬ر ِمحه‬ ‫قال ابن ِ ٍ‬
‫ث‬ ‫ك‬
‫ْ ى‬ ‫ْ‬
‫ال ُم ْستى ِح ُّق لِل ِعبىادةِ»‬

‫ى‬ ‫ْ‬ ‫ُْ‬ ‫ى‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫ى ى ْ ى ُ ْ ى ى َّ ى‬


‫ان‪،‬‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫اإليم ِ‬ ‫اإلسالمِ ‪ ،‬و ِ‬ ‫وأنواع ال ِعبادةِ ال ِيت أمر اهلل بِها؛ ِمثل‪ِ :‬‬
‫ى ْ ُ ُّ ى ُ ى ْ ى ْ ُ ى َّ ى ُ ى َّ ى ُّ ُ ى َّ ْ ى ُ‬ ‫ىو ْ ى‬
‫ان‪ ،‬و ِمنه‪ :‬ادلًعء‪ ،‬واخلوف‪ ،‬والرجاء‪ ،‬واتلوُك‪ ،‬والرغبة‪،‬‬ ‫اإلحس ِ‬
‫ِ‬
‫ى َّ ْ ى ُ ى ْ ُ ُ ُ ى ْ ى ْ ى ُ ى ى ى ُ ى ْ ى ى ُ ى ْ ى ُى‬
‫اإلنابة‪ ،‬واالس ِتعانة‪ ،‬واالس ِتعاذة‪،‬‬ ‫والرهبة‪ ،‬واخلشوع‪ ،‬واخلشية‪ ،‬و ِ‬
‫ادةِ الَّيت أى ىمرى‬
‫ى ْ ى ى ُ ى َّ ْ ُ ى َّ ْ ُ ى ى ْ ُ ى ى ى ْ ى ْ ى ِ ْ ى ى‬
‫واالس ِتغاثة‪ ،‬واِلبح‪ ،‬وانلذر‪ ،‬وغري ذلك ِمن أنواع ال ِعب‬
‫ِ‬
‫‪11‬‬
‫ىى ى‬ ‫ى‬ ‫ُ ى ُ ُّ‬
‫هلل تعاىل‪.‬‬
‫اهلل بِها‪ُ .‬كها ِ‬
‫َ َ َّ ْ َ َ َ َّ َ َ َ ْ ُ َ َ َّ‬ ‫ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى ى‬
‫جد ِّلِلِ فل تدعوا مع اّلِلِ‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫أ‬‫و‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫اىل‬‫وادل ِيلل‪ :‬قوهل تع‬
‫ى ُ ى ُ ْ ٌ ى ٌ ى َّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ا ى ى ْ ى ى ى ْى ى ًْ ى‬
‫رشك َكفِر‪ ،‬وادل ِيلل‪:‬‬ ‫هلل؛ فهو م ِ‬
‫ري ا ِ‬‫أحدا﴾ فمن َصف ِمنها شيئا ِلغ ِ‬
‫َ َ َ ْ ُ َ َ َّ ا َ َ َ ُ ْ َ َ َ ُ َ َّ َ َ ُ ُ‬ ‫ىُُْ ى ى ى‬
‫حسابه‬ ‫هل تعاىل‪﴿ :‬ومن يدع مع اّلِلِ إلها آخر ال برهان َل ب ِ ِه فإِنما ِ‬ ‫قو‬
‫َ َ ِّ َّ ُ َ ُ ْ ُ ْ َ ُ َ‬
‫عِند رب ِه إِنه ال يفلِح الَكف ِرون﴾‬
‫ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى‬ ‫ْ َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ْ‬
‫هل ت ىعاىل‪:‬‬ ‫اِلَع ُء مخ ال ِع َبادة ِ»[‪ ]1‬وادل ِيلل‪ :‬قو‬ ‫يث‪« :‬‬‫ِ ِ‬ ‫د‬‫ى‬ ‫احل‬ ‫ىو ِِف‬
‫َ ْ َ ْ َ ُ ْ َّ َّ َ َ ْ َ ْ ُ َ َ ْ‬ ‫َ َ َ َ ُّ ُ ُ ْ ُ‬
‫جب لكم إِن اَّلِين يستك ِبون عن‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫أ‬ ‫وِن‬
‫﴿وقال ربكم اد ِ‬
‫ع‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ ْ ُ ُ َ َ َ َّ َ َ‬
‫خ ِرين﴾‬ ‫عِباد ِِت سيدخلون جهنم دا ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ َ ََ ُ ُ ْ َ َ ُ‬ ‫ىُُْ ى ى ى‬ ‫ْ‬ ‫ى ى ُ َْ‬
‫ون إِن كنتم‬ ‫ود ِيلل اْلو ِف‪ :‬قوهل تعاىل‪﴿ :‬فل َتافوهم وخاف ِ‬
‫ي﴾‬ ‫ُّم ْؤمن َ‬
‫ِِ‬

‫ْ ى ىى‬
‫يعة»‬ ‫يث اب ِن ل ِه‬ ‫يب م ْن ىه ىذا ى ْ ى ى ْ ُ ُ َّ ْ ى‬ ‫يث ىغر ٌ‬ ‫ى ى ى ٌ‬
‫الوج ِه ال نع ِرفه إِال ِمن ح ِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫[‪ ]1‬رواه الرتمذي (‪ )3371‬وقال‪« :‬هذا ح ِد‬
‫ُّ ى ُ ى ى ى ُ ُ َّ ى ى ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫َّ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ ْ ى‬
‫ى‬ ‫ِب صَّل ُ‬
‫اَّلل عليْ ِه ىوسل ىم قال‪« :‬ادلًع ُء هو ال ِعبادة» ثم قرأ‪:‬‬ ‫ى‬ ‫ان بْن ب ى ِشري‪ ،‬ىعن انلَّ ِّ‬
‫ٍ ِ ِ‬ ‫ثم روى‪ :‬حديث انلعم ى ِ ِ‬
‫اخر ى‬ ‫ْ ى ْ ى ُ ْ َّ َّ ى ى ْ ى ْ ُ ى ى ْ ى ى ى ى ْ ُ ُ ى ى ى َّ ى ى‬ ‫ى ى ى ى ُّ ُ ْ ْ ُ‬
‫ين﴾‬ ‫ِلين يستك ِْبون عن ِعباد ِيت سيدخلون جهنم د ِ ِ‬ ‫وِن أست ِجب لكم إِن ا ِ‬ ‫﴿وقال ربكم ادع ِ‬
‫يث ىح ىس ٌن ىصح ٌ‬ ‫ى ى ى ٌ‬
‫يح»‬ ‫ِ‬ ‫وقال «هذا ح ِد‬
‫‪12‬‬
‫َ َ َ َ َ ْ ُ َ َ َ ِّ َ ْ َ ْ َ ْ‬ ‫ى ى ُ َّ َ ى ْ ُ ُ ى ى ى‬
‫ود ِيلل الرجاءِ‪ :‬قوهل تعاىل‪﴿ :‬فمن َكن يرجو ل ِقاء رب ِه فليعمل‬
‫َ َ ا َ ا َ َ ُ ْ ْ َ َ َ ِّ َ َ ا‬
‫ْشك ب ِ ِعبادة ِ رب ِه أحدا﴾‬ ‫اِلا وال ي ِ‬‫عمل ص ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ َ َ ه َ َ َ َّ ُ ْ‬ ‫ى ى ُ َّ َ ُ ى ْ ُ ُ ى ى ى‬
‫ك‪ :‬قوهل تعاىل‪﴿ :‬ولَع اّلِلِ فتوَّكوا إِن كنتم‬ ‫ود ِيلل اتلو ِ‬
‫َ َ َ َّ ْ َ َ َّ َ ُ َ ْ ُ‬ ‫ُّم ْؤمن َ‬
‫ي﴾ وقوهل‪َ ﴿ :‬ومن يت َوك لَع اّلِلِ فه َو حس ُبه﴾‬ ‫ِِ‬
‫َّ ُ ْ َ ُ‬ ‫ىُُْ ى ى ى‬ ‫ى ى ُ َّ ْ َ َ َّ ْ َ َ ْ ُ ُ‬
‫ِ‬
‫ود ِيلل الرغبةِ‪ ،‬والرهبةِ‪ ،‬واْلشوع‪ :‬قوهل تعاىل‪﴿ :‬إ ِنهم َكنوا‬
‫َْ ْ َ َ َ ْ ُ َ‬
‫ون َنا َر َغ ابا َو َر َه ابا َو ََكنُوا َنلَا َخاشع َ‬ ‫َُ ُ َ‬
‫ي﴾‬ ‫ِ ِ‬ ‫ات ويدع‬ ‫ارعون ِِف اْلري ِ‬ ‫يس ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َ َْ َ ْ ُ ْ َ ْ َ‬ ‫ى ى ُ َْ ْ َ ى ْ ُُ ى ى ى‬
‫ود ِيلل اْلشي ِة‪ :‬قوهل تعاىل‪﴿ :‬فل َتشوهم واخشو ِِن﴾ اآلية‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ َ ُ َ َ ِّ ُ ْ َ َ ْ ُ َ‬ ‫َ َ ىُُْ ى ى ى‬ ‫ىى ُ‬
‫اإلناب ِة‪ :‬قوهل تعاىل‪﴿ :‬وأن ِيبوا إِل ربكم وأسلِموا َل﴾‬ ‫ود ِيل ِ‬
‫ل‬
‫اآلية‪.‬‬
‫اك ن َ ْس َتع ُ‬
‫َّ َ َ ْ ُ ُ َّ َ‬ ‫ْ َ َ ىُُْ ى ى‬ ‫ى ُ‬
‫ي﴾ ىو ِِف‬ ‫ِ‬ ‫هل ت ىعاىل‪﴿ :‬إِياك نعبد وإِي‬ ‫ىود ِيلل االستِعان ِة‪ :‬قو‬
‫ت فى ْ‬
‫استىع ْ‬ ‫احلىديث‪« :‬وإ ىذا ْ‬
‫استى ىعنْ ى‬ ‫ْ‬
‫هلل»‬ ‫ا‬‫ب‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُْ‬ ‫ُ ْ َ ُ ُ َ ِّ ْ َ َ‬ ‫ْ َ َ ىُُْ ى ى‬ ‫ى ُ‬
‫هل ت ىعاىل‪﴿ :‬قل أعوذ بِرب الفل ِق﴾ و﴿قل‬ ‫ىود ِيلل االستِعاذة ِ‪ :‬قو‬
‫َّ‬ ‫َ ُ ُ َ ِّ‬
‫اس﴾‬ ‫أعوذ بِرب انل ِ‬
‫ْ َ ْ َ ُ َ َّ ُ‬ ‫ىُُْ ى ى‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ى ُ‬
‫هل ت ىعاىل‪﴿ :‬إِذ تست ِغيثون َربك ْم‬ ‫ىود ِيلل االستِغاث ِة‪ :‬قو‬
‫‪13‬‬
‫ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ ُ‬
‫فاستجاب لكم﴾ اآلية‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ ِّ َ‬ ‫ُ ْ َّ َ َ‬ ‫ى ى ُ َّ ْ ى ْ ُ ُ ى ى ى‬
‫اط‬ ‫ٍ‬ ‫ِص‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ِّب‬ ‫ر‬ ‫اِن‬‫ِ‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫ِن‬ ‫ن‬
‫ِ ِ‬ ‫إ‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫اىل‬ ‫ود ِيلل اَّلب ِح‪ :‬قوهل تع‬
‫َ ُْ‬ ‫ا َ ا ِّ َّ َ ْ َ َ َ ا َ َ َ َ َ ْ ُ ْ‬ ‫ُّ ْ َ‬
‫ْشك ِي * قل‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫َك‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫ن‬‫ح‬ ‫ِيم‬‫ه‬ ‫ا‬‫ر‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ة‬‫ل‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ِي‬ ‫ق‬ ‫ا‬ ‫ِين‬‫د‬ ‫يم‬
‫ٍ‬ ‫ق‬‫ِ‬ ‫ت‬ ‫مس‬
‫َ َ َ َ‬
‫َشيك َل‬ ‫ال‬ ‫*‬ ‫ي‬‫اي َو َم َماِت ِ هّلِل َر ِّب الْ َعالَم َ‬ ‫َ َْ‬
‫َم َي َ‬ ‫و‬ ‫ِك‬
‫َّ َ َ َ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إِن صل ِِت ون ِ‬
‫س‬
‫اهلل ىم ْن ىذبىحى‬
‫لع ىن ُ‬ ‫الس َّنة‪ « :‬ى‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ ْ ُ َ َ َ َ َّ ُ ْ ُ ْ‬
‫ِ‬ ‫وبِذل ِك أمِرت وأنا أول المسلِ ِمي﴾ و ِمن‬
‫ل ىغ ْ‬
‫هلل» [‪]2‬‬
‫ري ا ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ََ ُ َ َ ا َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫وديلل انلذر قوهل تعاىل‪﴿ :‬ي ْوف ْون بِانلَّذ ِر َو َيافون ي ْوما َكن‬
‫َ ُّ‬
‫َش ُه ُم ْس َت ِط ا‬
‫ريا﴾‬

‫َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َُ‬


‫اإلس ِ‬
‫لم بِاألدِل ِة‬ ‫ِين‬
‫ِ ِ‬ ‫د‬ ‫ة‬‫مع ِرف‬
‫ى ْ ى ُ ى ُ َّ ى ى ْ ى ى ى ُ‬ ‫َّ ْ‬ ‫ْ ْ ُ‬ ‫ُى‬
‫اءة‬ ‫يد‪ ،‬واالن ِقياد هل بِالطاع ِة‪ ،‬والْب‬ ‫ىوهو‪ :‬االس ِتسالم ِ‬
‫هلل بِاتلو ِح ِ‬
‫ْ ُ ى ى ُ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ىُى ى ُ‬ ‫ىى ْ‬ ‫ِم ىن ِّ ْ‬
‫اإليمان‪،‬‬ ‫الرش ِك وأه ِل ِه‪ ،‬وهو ثالث مراتِب‪ :‬اإلسالم‪ ،‬و ِ‬ ‫ِ‬

‫[‪ ]2‬رواه مسلم (‪)1978 - 43‬‬


‫‪14‬‬
‫ى ْ ى ُ ى ُ ُّ ى ْ ى ى ى ى ى ْ ى ٌ‬
‫اإلحسان‪ .‬وُك مرتب ٍة لها أرَكن‪.‬‬ ‫و ِ‬

‫املرتبة األول‪ :‬اإلسلم‬


‫اهلل ىوأى َّن ُُمى َّمداً‬
‫اد ُة أىن ال اهل إال ُ‬ ‫ىْ ى ٌ ى ى ى‬ ‫ْ‬ ‫ىىْ ى ُ‬
‫ِ‬ ‫اإلسالمِ َخسة‪ :‬شه‬ ‫فأرَكن ِ‬
‫ى ْ ُ ى ى ى ى ى ُّ ى‬ ‫ى ى ُ َّ ى‬ ‫ام َّ‬ ‫ول اهلل‪ ،‬ىوإقى ُ‬ ‫ىُ ُ‬
‫ت‬ ‫اء الزَكةِ‪ ،‬ىوصوم رمضان‪ ،‬ىوحج بيْ ِ‬ ‫الصالةِ‪ ،‬و ِإيت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس‬
‫ْ‬
‫هلل احل ى ىرامِ ‪.‬‬
‫ا ِ‬
‫اّلِل َأنَّ ُه الَ اَل إالَّ ُهوَ‬
‫َ َ هُ‬
‫د‬ ‫ه‬ ‫ش‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬
‫َ َ ُ َّ َ َ ى ْ ُ ُ ى ى ى‬
‫اىل‬ ‫فد َِلل الشهادة ِ‪ :‬قوهل تع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِك ُة َو ُأ ْولُوا الْ ِعلْ ِم َقآئ اِما بالْ ِق ْسط الَ اَل إالَّ ُه َو الْ َعزيزُ‬ ‫َ َْ َ َ‬
‫والملئ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫اِلكِيم﴾‬
‫ى ً ى ى ُْ‬ ‫ى ُْ ى‬ ‫َ ََْ َ‬
‫يع ىما يعبى ُد‬ ‫مج‬
‫اهلل‪ ،‬و(ال إهل) نا ِفيا ِ‬ ‫ِب ِّق إال ُ‬
‫ٍ‬
‫ود ى‬
‫ِ‬ ‫ب‬‫ع‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫‪:‬‬ ‫ا‬ ‫اه‬ ‫ومعن‬
‫هل ِيف‬ ‫يك ى ُ‬ ‫ى ى‬
‫رش‬ ‫ال‬ ‫ح ىد ُ‬
‫ه‬
‫ى ْ‬
‫و‬ ‫هلل‬
‫ُ ُْ ً ْ ى ىى‬
‫ة‬ ‫اد‬ ‫ب‬‫ع‬ ‫ال‬ ‫ا‬‫ت‬ ‫ب‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫)‬ ‫اهلل‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫(‬ ‫‪،‬‬ ‫هلل‬ ‫ا‬ ‫ون‬
‫ْ ُ‬
‫د‬ ‫ِمن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُْ‬ ‫ى ى ى َّ ُ ى ْ ى ى ُ ى ٌ‬ ‫ى ى‬
‫ك ِه‪.‬‬‫رشيك ِيف مل ِ‬ ‫ِعبادتِ ِه‪ ،‬كما أنه ليس هل ِ‬
‫َ ْ َ َ َْ ُ َ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َّ ُ ى ِّ ُ ى ى ْ ُ ُ ى ى ى‬
‫اِلي يو ِضحها قوهل تعاىل‪﴿ :‬وإِذ قال إِبراهِيم ألبِي ِه‬ ‫وتف ِسريها‪ِ :‬‬
‫َ َ َ َ َّ ُ َ َ ْ‬ ‫َّ َّ‬ ‫َّ َ َ ِّ َّ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫َو َق ْ‬
‫ين *‬ ‫ِ‬ ‫د‬‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫إ‬‫ف‬
‫ِ ِ‬ ‫ِن‬ ‫ر‬ ‫ط‬ ‫ف‬ ‫ِي‬ ‫اَّل‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫*‬ ‫ون‬ ‫د‬ ‫ب‬‫ع‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫آء‬‫ر‬ ‫ب‬ ‫ِن‬ ‫ن‬
‫ِ ِ‬ ‫إ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫و‬
‫‪15‬‬
‫ُْ َ‬ ‫ىُُْ ى ى ى‬ ‫َ َ َّ ُ ْ َ ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َََ َ َا َ َا‬
‫جعون﴾ وقوهل تعاىل‪﴿ :‬قل يا‬ ‫وجعلها َكِمة باقِية ِِف ع ِقبِ ِه لعلهم ير ِ‬
‫َ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ُ ْ َّ َ ْ ُ َ َّ ه َ‬
‫َ‬
‫اب تعالوا إِل َكم ٍة سوا ٍء بيننا وبينكم أال نعبد إِال اّلِل‬ ‫أهل الكِت ِ‬
‫ه َ‬ ‫َ ْ ا َ َ َ َّ َ َ ْ ُ َ َ ْ ا َ ْ َ ا ِّ ُ‬ ‫َ َ ُْ َ‬
‫ون اّلِلِ فإِن‬ ‫خذ بعضنا بعضا أربابا من د ِ‬ ‫ْشك ب ِ ِه شيئا وال يت ِ‬ ‫وال ن ِ‬
‫َ‬
‫َ َّ ْ َ ُ ُ ْ ْ َ ُ ْ َّ ُ ْ ُ َ‬
‫ت َول ْوا فقولوا اشهدوا بِأنا مسلِمون﴾‬
‫آءكمْ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ْ َ‬ ‫ىُُْ ى ى ى‬ ‫َ ُ َ َ َ َ َّ ُ َ َّ ا َ ُ ُ‬
‫ودَِلل شهادة ِ أن َممدا رسول اهللِ‪ :‬قوهل تعاىل‪﴿ :‬لقد ج‬
‫ُ ْ َ ٌ َ َ ْ َ َ ُّ ْ َ ٌ َ َ ْ ُ‬ ‫َ ُ ٌ ِّ ْ َ ُ‬
‫رسول من أنف ِسكم ع ِزيز علي ِه ما عنِتم ح ِريص عليكم‬
‫ح ٌ‬ ‫ْ ُ ْ َ ُ ٌ َّ‬
‫يم﴾‬ ‫بِالمؤ ِمنِي َرؤوف ر ِ‬
‫يما أى ىمر‪،‬ى‬ ‫اعتُ ُه ف ى‬ ‫ى ى‬ ‫َ َ ْ َ َ َ َ َ َّ ُ َ َّ ا َ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ومعَن شهادة أن َممدا رسول اهللِ‪ :‬ط‬
‫ُ‬ ‫ى‬ ‫ُْ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ْ ى ُ ى ى ى ىُْ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ىى ْ ُُ ى ى ْ‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫وتص ِديقه ِفيما أخْب‪ ،‬واج ِتناب ما نَه عنه وزجر وأال يعبد اهلل ِإال‬
‫ى ى ى ى‬
‫رشع‪.‬‬ ‫بِما‬
‫َ‬ ‫ىُُْ ى ى‬ ‫ري اتلَّ ْ‬ ‫َ َّ َ َ َ ْ‬ ‫َ َ ُ َّ‬
‫هل ت ىعاىل‪َ ﴿ :‬وما‬ ‫حي ِد‪ :‬قو‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫س‬‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ِ‪،‬‬ ‫ة‬ ‫َك‬ ‫الز‬ ‫و‬ ‫ِ‪،‬‬ ‫ة‬ ‫ل‬ ‫الص‬ ‫ود َِلل‬
‫َّ َ‬ ‫َ َ ُ ِّ َ ُ َ َ َ َ ُ ُ‬ ‫َّ َ ُ ْ‬ ‫َّ َ ْ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أمِروا إِال َِلعبدوا اّلِل ُملِ ِصي َل اِلين حنفآء وي ِقيموا الصلة‬
‫َ ُ ْ ُ َّ َ َ َ َ َ ُ ْ َ ِّ َ‬
‫ويؤتوا الزَكة وذل ِك دِين القيم ِة﴾‬
‫َ َ ُّ َ َّ َ َ ُ ْ ُ َ َ َ ْ ُ‬ ‫َ ُ ه َ ىُُْ ى ى‬
‫كمُ‬ ‫هل ت ىعاىل‪﴿ :‬يا أيها اَّلِين آمنوا كتِب علي‬ ‫ام‪ :‬قو‬ ‫الصي ِ‬ ‫ود َِلل ِ‬
‫َ ْ ُ ْ َ َ َّ ُ ْ َ َّ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ ُ َ َ ُ َ َ َ َّ‬
‫الصيام كما كتِب لَع اَّلِين مِن قبلِكم لعلكم تتقون﴾‬
‫‪16‬‬
‫ُّ ْ َ ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ه ََ‬ ‫َ ُ َْ ه ى ْ ُُ ى ى ى‬
‫ت م ِن‬
‫حج ابلي ِ‬‫اس ِ‬ ‫ود َِلل اِل ِج‪ :‬قوهل تعاىل‪﴿ :‬و ِّلِلِ لَع انل ِ‬
‫ي﴾‬‫ِن َعن الْ َعالَم َ‬ ‫ٌّ‬ ‫َ‬
‫غ‬ ‫اهلل‬
‫َ َ َ َ َّ‬
‫ن‬ ‫إ‬‫ف‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ن‬
‫ْ َ َ َ َْ َ ا َ َ‬
‫م‬ ‫استطاع إَِل ِه سبِيل و‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ ُ‬ ‫ْ َ ْ َ َ ُ َّ َ ُ‬
‫اإليمان‬ ‫المرتبة اثلانِي ِ‬
‫‪:‬‬ ‫ة‬
‫ُ ىى ْى ى‬ ‫ى ُ ى ْ ٌ ى ى ُْ ى ُ ْىً ىى ْ ى ىُْ‬
‫وهو بِضع وسبعون شعبة‪ ،‬فأعالها قول ال اهل ِإال اهلل‪ ،‬وأدناها‬
‫ى‬ ‫ْ‬ ‫ى ْى ى ُ ُ ْ ى ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ى‬ ‫ى ى ُ ىى‬
‫ان‪.‬‬‫اإليم ِ‬‫يق‪ ،‬واحلياء شعبة ِمن ِ‬ ‫ِإماطة األذ ى ع ِن الط ِر ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫ُ‬ ‫ىُ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫َ َ ْ َ ُ ُ َّ ٌ ى ْ ُ ْ‬
‫هلل‪ ،‬ومالئِك ِت ِه‪ ،‬وكت ِب ِه‪ ،‬ورس ِل ِه‪،‬‬ ‫وأرَكنه ِستة‪ :‬أن تؤ ِمن بِا ِ‬
‫ىْ ى‬ ‫ى ُ ْ ى ْ ى ى ى ْ ى ى ِّ ى َّ ُ ى ى ى‬ ‫ْ‬ ‫ى‬ ‫ى ْ‬
‫رشهِ‪ ،‬وادل ِيلل ىلع ه ِذهِ األرَك ِن‬ ‫ري َهِ و ِ‬ ‫اآلخ ِر‪ ،‬وتؤ ِمن بِالقد ِر خ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وايلومِ‬
‫ُ َ ُّ ْ ُ ُ َ ُ ْ َ َ ْ َ ْ‬ ‫اىل‪﴿ :‬لَّيْ َس ال ْ َّ‬ ‫ِّ ى ى ْ ُ ُ ى ى ى‬
‫ْش ِق‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫ِب‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫وه‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫وا‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫الست ِة‪ :‬قوهل تع‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َّ َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ََ‬ ‫َ َْْ‬
‫خ ِر والمآلئ ِك ِة‬ ‫ِ‬
‫كن ال ِب من آمن بِاّلِلِ واَلوم اآل ِ‬ ‫والمغ ِر ِب ول ِ‬
‫َوالْك َِتاب َوانلَّب ِّي َ‬
‫ي﴾‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ ُ َّ َ ْ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫ىُُْ ى ى‬
‫َش ٍء خلقناهُ بِقد ٍر﴾‬ ‫هل ت ىعاىل‪﴿ :‬إِنا ُك‬ ‫ودَلل القدر‪ :‬قو‬

‫ْ َ ُ‬ ‫ْ َ ْ َ َ ُ َّ َ ُ‬
‫اإلحسان‬
‫اثل ِ‬
‫‪:‬‬‫ة‬ ‫المرتبة اثل ِ‬
‫‪17‬‬
‫كنْ‬ ‫ى ْ ى ْ ُ ى ى ى ى َّ ى ى ى ُ ى ى ْ ى ُ‬ ‫ُ ْ ٌ ى ٌ‬
‫احد ‪ ،‬وهو ‪« :‬أن تعبد اهلل كأنك تراه‪ ،‬ف ِإن لم ت‬ ‫ركن و ِ‬
‫ِين‬ ‫ِين َّات َقواْ َّو َّاَّل َ‬ ‫اّلِل َم َع َّاَّل َ‬ ‫َّ ه َ‬
‫هل ت ىعاىل‪﴿ :‬إِن‬
‫ى ى ُ ى َّ ُ ى ى ى ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى‬
‫تراه ف ِإنه يراك»‪ .‬وادل ِيلل قو‬
‫َّ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ َّ ْ َ َ ْ َ‬ ‫ىُُْ ى ى ى‬ ‫ُ ُّ ْ ُ َ‬
‫يم * اَّلِي يراك‬ ‫ح ِ‬ ‫يز الر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ز‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫لَع‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬ ‫اىل‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫هل‬ ‫و‬ ‫وق‬ ‫﴾‬ ‫ون‬ ‫هم َم ِسن‬
‫هل‬‫يم﴾ وقى ْو ُ ُ‬ ‫يع الْ َعلِ ُ‬ ‫َ َّ ُ ُ َ َّ ُ‬
‫ج ِدين * إِنه هو الس ِم‬ ‫ا‬
‫َّ‬
‫الس‬ ‫ِف‬
‫َ َ ُ ُ َ َ َ ُّ َ َ‬
‫ِ‬ ‫حي تقوم * وتقلب ِ‬
‫ك‬ ‫ِ‬
‫ُْ َ َ َْ َ ُ َ‬ ‫َ ْ َ َ َُْ ُْ‬ ‫َ َ َ ُ ُ‬ ‫ىى ى‬
‫آن وال تعملون‬ ‫ٍ‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬‫ش‬ ‫ِف‬ ‫ِ‬ ‫ون‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫اىل‬ ‫تع‬
‫َّ ُ َّ َ َ ُ ُ ُ ا ْ ُ ُ َ‬ ‫ْ َ َ‬
‫مِن عم ٍل إِال كنا عل ْيك ْم شهودا إِذ ت ِفيضون فِي ِه﴾‬

‫بن‬ ‫ور‪ :‬ىع ْن ُع ىم ى‬


‫ر‬ ‫يل ال ْ ىم ْش ُه ُ‬ ‫َ َّ ُ َ ُّ َّ ى ُ ْ ى‬
‫ْب‬
‫ِ‬ ‫واِل َِلل مِن السن ِة‪ :‬ح ِديث ِج ِ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ى‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ى ى ُ ى ُْ ى ى ىْى ى ىْ ُ ُ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ى‬ ‫ْ‬
‫ِّ‬
‫اب ـ ر ِِض اهلل عنه ـ قال‪«:‬بينما َنن جلوس ِعند انل ِ ِِب ﷺ إِذ‬ ‫اخلط ِ‬
‫يد ىس ىوا ِد الشع ِر‪ ،‬ال يُ ىرى‬
‫َّ ْ‬ ‫يد ىبيىاض اثلِّيىاب‪ ،‬ىشد ُ‬ ‫ىطلى ىع ىعلىيْنىا ىر ُج ٌل‪ ،‬ىشد ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ىعلىيْه أىثى ُر َّ‬
‫ِب ﷺ فىأ ْسنىدى‬ ‫انل ِّ‬ ‫جلى ىس إ ىىل َّ‬ ‫الس ىفر‪ ،‬ىوال ىي ْعرفُ ُه م َّنا أ ىح ٌد‪ ،‬فى ى‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خ ْ‬ ‫ى‬
‫ُ ْ ى ى ْ ى ُ ْ ى ى ْ ى ى ى ى ى َّ ْ ى ى ى ى ْ ى ى ى ى ُ ى َّ ُ ْ‬
‫ْب ِِن‬ ‫ركبتي ِه ِإىل ركبتي ِه‪ ،‬ووضع كفي ِه ىلع ف ِخذي ِه‪ ،‬وقال‪ :‬يا ُممد أ ِ‬
‫ُ ى ى َّ ُ ى َّ ً ى ُ ُ‬ ‫ىى ى ى ْ ىْ ى ى ى ْ‬
‫اإل ْسالمِ فقال‪« :‬أن تشهد أن ال اهل ِإال اهلل وأن ُممدا رسول‬ ‫ع ِن ِ‬
‫ى‬
‫ى ُ ى َّ ى ى ُ ْ ى َّ ى ى ى ى ُ ى ى ى ى ى ى ى ُ َّ ْ ى ْ ى ْ‬
‫هلل‪ ،‬وت ِقيم الصالة‪ ،‬وتؤ ِِت الزَكة‪ ،‬وتصوم رمضان‪ ،‬وَتج ابليت إِن‬ ‫ا ِ‬
‫ِّ ُ ُ ى ى‬ ‫ى‬
‫هل ي ى ْسأ ُ ُ‬ ‫ت‪ .‬ىف ىعجبْنىا ى ُ‬ ‫يال» قى ىال‪ :‬ىص ىدقْ ى‬ ‫ْ ىى ْ ى ىْ ى ً‬
‫هل ىو ُي ىص ِدقه‪ .‬قال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫استطعت ِإيل ِه س ِب‬
‫ُ‬ ‫ىُ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى ى ى ْ ُْ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ْ‬ ‫ى ْ‬
‫هلل‪ ،‬ومالئِك ِت ِه‪ ،‬وكت ِب ِه‪،‬‬ ‫ان‪ .‬قال‪« :‬أن تؤ ِمن بِا ِ‬ ‫اإليم ِ‬ ‫أخ ِْب ِِن ع ِن ِ‬
‫ت‪ .‬قال‪:‬‬
‫ى ُ ْ ى ْ ى ى ى ْ ى ى ِّ ى ى ى ى ْ ى ى ى‬
‫رش ِه» قال‪ :‬صدق‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ري‬ ‫خ‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ؤ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬ ‫اآلخ‬ ‫مِ‬ ‫ىو ُر ُسله‪ ،‬ىو ْايلى ْ‬
‫و‬
‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫‪18‬‬
‫كنْ‬ ‫ى ى ى ْ ى ْ ُ ى ى ى ى َّ ى ى ى ُ ى ْ ى ْ ى ُ‬ ‫ى‬ ‫ْ‬ ‫ى‬ ‫ْ‬ ‫ى ْ‬
‫ان‪ .‬قال‪« :‬أن تعبد اهلل كأنك تراه‪ ،‬ف ِإن لم ت‬ ‫اإلحس ِ‬ ‫أخ ِْب ِِن ع ِن ِ‬
‫ُ ى‬ ‫ْ‬ ‫َّ ى ى ى‬ ‫ى‬
‫ى ى ُ ى َّ ُ ى ى ى ى ى ْ‬
‫اع ِة‪ .‬قال‪ « :‬ىما ال ىم ْس ُؤول عنْ ىها‬ ‫ْب ِِن ىع ِن الس‬
‫خ ْ‬
‫تراه ف ِإنه يراك» قال‪ :‬أ ِ‬
‫ى ى ىى ْ ْ ى ْ ىى ى ى ى ى ى ْ ى ى ىى ُ‬ ‫َّ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى ْى‬
‫بِأعلم ِمن السائِ ِل» قال‪ :‬فأخ ِْب ِِن عن أماراتِها‪ .‬قال‪« :‬أن ت ِِل األمة‬
‫ْ ُ ى ى ْ ُ ى ى ْ ى ى ى ى ى َّ ى ى ى ى ُ ى‬ ‫ى‬ ‫ى َّ ى ى ى ى ْ ى‬
‫ربتها‪ ،‬وأن ترى احلفاة العراة العالة ِرًعء الشا ِء يتطاولون ِيف‬
‫ى‬ ‫ى ى ْ ى ى َّ ى ى ى ى ُ ى ُ ى ى ْ ُ ى‬ ‫ى ى ىى ى‬ ‫ى‬ ‫ُْ ْ‬
‫ان» قال‪ :‬فمَض‪ ،‬فل ِبثنا م ِليا‪ ،‬فقال‪« :‬يا عمر أتدرون م ِن‬ ‫ابلني ِ‬
‫ْ ُ ى ُ‬ ‫ى‬ ‫ى ى‬ ‫ى‬
‫ُ ى ى ُ ُُ ْ ى ُ ى ى‬ ‫السائل؟» قُلْنى‬
‫ْبيل أتاك ْم‬ ‫ِ‬ ‫ج‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ه‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬‫ال‬ ‫ق‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫أ‬ ‫وهل‬‫س‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫اهلل‬ ‫ا‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫ُ‬ ‫ى‬
‫ُ ِّ ُ ْ‬
‫ي ىع ِل ُمك ْم أم ىر ِدي ِنكم»‬

‫َ ْ َ ُ َ ُ ُ َ َّ‬
‫مع ِرفة نبِ هيِك ْم َمم ٍد ﷺ‬

‫اش ٌم ِم ْن‬
‫ى‬ ‫ْ ى‬ ‫ىو ُه ىو ُُمى َّم ُد ْب ُن ىعبْد اهلل بْن ىعبْد ال ْ ُم َّ‬
‫اش ٍم‪ .‬ىوه ِ‬‫ب ب ِن ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ط‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫يل بْن إبْ ىرا ِه ى‬ ‫ى ْ ى ى ُ ْ ُ ِّ َّ ْ ى ى‬ ‫ى‬ ‫قُ ىريْش‪ ،‬ىوقُ ىري ْ ٌش م ىن الْ ى‬
‫يم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫س‬ ‫إ‬ ‫ة‬
‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ي‬‫ر‬ ‫ذ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ى‬
‫ى ى ْ ى ى ى ى ِّ ى ْ ى ُ‬ ‫ى‬ ‫ْ‬
‫ى‬
‫يل ‪-‬علي ِه وىلع ن ِب ِينا أفضل الصالةِ والسالمِ ‪.-‬‬ ‫اخل ِل ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ى ى ُ ى ُ ُ ى ٌ ى ُّ ى ى ى ً ْ ى ى ْ ى ُ ى ى ْ ى‬
‫وهل ِمن ا ِلعم ِر ثالث و ِستون سنة‪ِ ،‬منها أربعون قبل انلبوةِ‪،‬‬
‫ىى ٌ ى ْ ُ ى‬
‫رشون يف انلبوة‪.‬‬ ‫وثالث و ِع‬

‫‪19‬‬
‫ْ‬ ‫ْ ُ َّ ِّ‬ ‫ْى ىُ ْ ى‬ ‫نُبِّ ى‬
‫ئ بـ﴿اقرأ﴾ وأر ِسل بـ ﴿المدثِر﴾‬ ‫ِ‬
‫َّ ُ‬ ‫ى‬
‫ىو ىب ُِل ُه ىمكة‪.‬‬
‫ى َّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ ْ ى ى ْ ُ ى‬ ‫ى ى ى‬ ‫ىىىُ ُ‬
‫يد‪ ،‬وادل ِيلل‬ ‫الرش ِك‪ ،‬وبادلعوة ِإىل اتلو ِح ِ‬ ‫بعثه اهلل بِا ِنلِّذارةِ ع ِن ِ‬
‫َ َ ُّ َ ْ ُ َّ ِّ ُ ُ ْ َ َ ْ َ َ َّ َ َ َ ِّ ْ َ َ َ َ‬ ‫ىُُْ ى ى‬
‫هل ت ىعاىل‪﴿ :‬يا أيها المدثر * قم فأن ِذر * وربك فكب * وثِيابك‬ ‫قو‬
‫ْ‬ ‫َ َ ِّ ْ َ ُّ ْ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ ْ ُ َ ْ َ ْ ُ َ َ ِّ َ َ ْ‬
‫فطهر * والرجز فاهجر * وال تمُن تستك ِِث * ول ِربك فاص ِب﴾‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ ْ ى ى ْ ُ ى‬ ‫ى‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ ََ ْ ُ‬ ‫ى ْى‬
‫يد‪.‬‬
‫الرش ِك‪ ،‬ويدعو ِإىل اتلو ِح ِ‬ ‫ىومعَن‪﴿ :‬قم فأن ِذر﴾ ين ِذر ع ِن ِ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ ِّ ْ ى ْ ى ِّ ْ ُ‬
‫يد‪.‬‬
‫﴿وربك فكب﴾ أي‪ :‬ع ِظمه بِاتلو ِح ِ‬
‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ى‬ ‫َ َ َ َ َ َ ِّ ْ ى ْ ى ِّ ْ ى ْ ى ى ى‬
‫الرش ِك‪.‬‬ ‫﴿وثِيابك فطهر﴾ أي‪ :‬ط ِهر أعمالك ع ِن ِ‬
‫ُّ ْ ى ى ْ ى ُ ى ى ْ ُ ى ى ْ ُ ى ى ْ ى ى ى ُ‬ ‫َ ُّ ْ َ ْ ُ‬
‫الرج َز فاهج ْر﴾ الرجز‪ :‬األصنام‪ ،‬وهجرها‪ :‬تركها‪ ،‬والْباءة‬ ‫﴿و‬
‫منْ ىها ىوأى ْهلُها‪.‬ى‬
‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ى ىْ ُ ى‬ ‫ى‬ ‫ى ى ى ىى ى ى ى ْ‬
‫يد‪.‬‬ ‫أخذ ىلع هذا عرش ِس ِنني؛ يدعو ِإىل اتلو ِح ِ‬
‫َّ ى ُ‬
‫الصلوات‬
‫ىُ ى ْ ى‬
‫ت ىعليْ ِه‬ ‫ىو ىب ْع ىد الْ ىع ْرش ُعر ىج به إ ىىل َّ‬
‫الس ىماءِ‪ ،‬وف ِرض‬ ‫ِ ِ ِِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ى‬ ‫ْ‬
‫اخلمس‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫ى ىىْ ى ى ُ ى ْ ْ ى ى ْ‬ ‫َّ ى ى ى‬ ‫َّ‬
‫ىو ىصَّل ِيف ىمكة ثالث ِس ِنني‪ ،‬وبعدها أ ِمر بال ِهجرةِ إِىل الم ِدين ِة‪.‬‬
‫ى‬ ‫ى‬

‫ْ‬ ‫َ ْ ْ َ ُ ْ ى ُ ْ ى ى ِّ ْ ى ى ى‬
‫اإلسالمِ ‪.‬‬ ‫ِل ِ‬ ‫الرش ِك ِإىل ب ِ‬ ‫ِل ِ‬ ‫وال ِهجرة‪ :‬االن ِتقال ِمن ب ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ َّ ْ ى ى ِّ ْ ى‬ ‫ى ْ ْ ىُ ى ى ٌ ىى ى‬
‫اإلسالمِ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بِل‬ ‫ىل‬ ‫إ‬ ‫ك‬
‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫الرش‬ ‫ِل‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ ِ‬‫ة‬‫م‬ ‫األ‬ ‫ه‬
‫وال ِهجرة ف ِريضة ىلع ِ ِ‬
‫ذ‬ ‫ه‬
‫اىل‪﴿ :‬إ َّن َّاَّلِينَ‬ ‫ى ى ى ى ٌ ى ى ْ ى ُ ى َّ ى ُ ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى ى‬
‫ِ‬ ‫و ِيه با ِقية ِإىل أن تقوم الساعة‪ ،‬وادل ِيلل قوهل تع‬
‫َ ُ ُ ْ َ ُ ْ ُ َّ‬ ‫َُْ ْ َ ُ ْ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َّ ُ ْ َ‬
‫ت َوفاه ُم المآلئ ِكة ظال ِِِم أنف ِس ِهم قالوا فِيم كنتم قالوا كنا‬
‫َ ْ َْ َ َ ْ َ ُ ْ َ ْ ُ ه َ َ ا َ ُ َ ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ض َعف َ‬ ‫ُ ْ َ ْ‬
‫جروا‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫ة‬ ‫ع‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ِ‬ ‫اّلِل‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ض‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫األ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫مست‬
‫ي مِنَ‬ ‫ض َعف َ‬ ‫َّ ْ ُ ْ َ ْ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ َ ُ ْ َ َ َّ ُ َ َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ا‬
‫فِيها فأوَل ِك مأواهم جهنم وسآءت م ِصريا * إِال المست ِ‬
‫َا َ ََُْ َ َ ا‬
‫حيلة َوال يهتدون سبِيل *‬
‫َ َْ َ ُ َ‬
‫ان ال يست ِطيعون ِ‬ ‫الر َجال َوالنِّ َسآء َوالْو ْ َ‬
‫ِل‬ ‫ِّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ا‬ ‫ه ُ َ َ ْ ُ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ ه ُ َ ُ ًّ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُْ َ َ َ‬
‫فأوَل ِك عَس اّلِل أن يعفو عنهم وَكن اّلِل عفوا غفورا﴾‬
‫آم ُنوا إ َّن َأ ْر ِِض َواس َع ٌة َفإيَّايَ‬ ‫َ َ َ َّ َ َ‬
‫ِين‬ ‫اَّل‬ ‫ِي‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫ِب‬
‫ع‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬
‫ى ىُُْ ى ى ى‬
‫اىل‬ ‫وقوهل تع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُُْ‬
‫ون﴾‬ ‫فاعب ِ‬
‫د‬
‫ُ ْ ى َّ‬
‫اِلينى‬ ‫ىُ‬ ‫ى‬ ‫ُ‬ ‫ى ى ْ ُ ى ُّ ى ى ُ‬
‫قال ابلغ ِوي ر ِمحه اهلل‪« :‬نزلت ه ِذهِ اآلية ِيف المس ِل ِمني ِ‬
‫اسم اإل ى‬‫اهلل ب ْ‬
‫اه ُم ُ‬‫ى َّ ى ى ْ ُ ى ُ ى ى ُ‬
‫ان»‬ ‫يم‬
‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫اجروا‪ ،‬ناد‬
‫بِمكة ولم يه ِ‬

‫‪21‬‬
‫ََْ ُ ْ ْ َُ‬ ‫ُ‬ ‫ى َّ ُ ى ى ْ ْ ى ى ُّ َّ ى ْ ُ‬
‫وادل ِيلل ىلع ال ِهجرةِ ِمن السن ِة‪ :‬قوهل ﷺ ‪« :‬ال تنق ِطع ال ِهجرة‬
‫ْ‬ ‫َ ُ َ َّ َ ْ ُ َ َّ ْ ُ‬ ‫ََْ ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ َّ َ ْ َ َ‬
‫حَّت تنق ِطع اتلَّ ْوبة‪َ ،‬وال تنق ِطع اتلَّ ْوبة حَّت تطلع الشمس مِن‬
‫َْ َ‬
‫ربِها»[‪]3‬‬‫مغ ِ‬

‫َّ ى‬ ‫ْ‬ ‫ى‬ ‫ْ ى ى ُ ى ى َّ ى‬ ‫استى ىق َّ‬‫فىلى َّما ْ‬


‫ثل‪ :‬الزَكةِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫‪،‬‬ ‫المِ‬ ‫س‬ ‫اإل‬
‫ِ‬ ‫ع‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬‫ا‬‫رش‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫أ‬ ‫؛‬ ‫ة‬‫ِ‬ ‫ين‬ ‫د‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫يف‬‫ِ‬ ‫ر‬
‫ى َّ ْ‬ ‫ى ْ‬ ‫ْ‬ ‫ى‬
‫ى ْ‬ ‫ْ‬ ‫ى‬
‫احل ى ِّج‪ ،‬ىواألذ ىان‪ ،‬ىواجل ى‬ ‫ى َّ ْ ى ْ‬
‫يه ىع ِن‬ ‫ِ‬ ‫انل‬ ‫و‬ ‫وف‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ر‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ب‬
‫ِ ِ‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫األ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫د‬
‫ِ ِ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫والصومِ ‪ ،‬و ِ‬
‫ك ِم ْن ى ى‬ ‫ُْْ ى ى ىْ ى ى‬
‫اإل ْسالمِ ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬‫ا‬ ‫رش‬ ‫ري ذل ِ‬‫المنك ِر‪ ،‬وغ ِ‬
‫رش سنني‪.‬ى‬ ‫ى‬ ‫ى ى ى ىى ى ى ى ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫أخذ ىلع هذا ع‬

‫اق‪.‬‬ ‫الم ُه ىعلىيْ ِه ـ ىو ِدينُ ُه بى‬


‫لوات اهلل ىو ىس ُ‬ ‫ُ‬
‫ص‬‫ِف ـ ى‬ ‫ى‬ ‫ى ُ ُ ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وتو ِ‬
‫ى َّ ى ى ْ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ى َّ ُ َّ ى ى ى ْ ى ى‬ ‫ىو ىه ىذا ِدينُ ُه‪ ،‬ال ىخ ْ ى‬
‫ري ِإال دل األمة علي ِه‪ ،‬وال رش ِإال حذرها ِمنه‪.‬‬
‫ُي ُّب ُه ُ‬ ‫ى َّ ى ى ى ْ َّ ْ ُ ى ى ُ ى ُ‬ ‫ى ْ ى ْ ُ َّ‬
‫اهلل ىو ىي ْر ىض ُاه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫يع‬ ‫مج‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫يد‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫و‬‫اتل‬ ‫‪:‬‬‫ه‬‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ل‬‫د‬ ‫ي‬ ‫اِل‬
‫واخلري ِ‬

‫[‪ ]3‬رواه أمحد (‪ )16906‬وأبو داود (‪ )2479‬وقال املحققون‪ « :‬حسن لغريه »‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫ُ ْ‬ ‫ى َّ ى ى ْ ُ ِّ ْ ُ ى ى ُ ى ى ْ‬ ‫ى َّ ُ َّ‬
‫اهلل ىو ىيأبىاه‪ُ.‬‬ ‫ك ىرهُ‬ ‫مجيع ما ي‬
‫الرشك‪ ،‬و ِ‬
‫اِلي حذرها ِمنه‪ِ :‬‬
‫والرش ِ‬

‫َّ ى ى ْ‬ ‫ى َّ ً ى ْ ى ى ى ى ى ى ُ ى ى ى‬ ‫َّ‬ ‫ىىىُ ُ ى‬


‫ني؛‬ ‫يع اثلقل ِ‬ ‫مج ِ‬
‫اس َكفة‪ ،‬وافرتض طاعته ىلع ِ‬ ‫بعثه اهلل ِإىل انل ِ‬
‫ُ ْ ى ُّ ى َّ ُ ِّ ى ُ ُ ِّ‬ ‫ى‬ ‫ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى ى‬ ‫ْ ِّ ى ْ‬
‫اَّلل‬
‫ِ‬ ‫ول‬ ‫س‬‫ر‬ ‫ين‬‫إ‬
‫ِ‬ ‫اس‬ ‫انل‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫ي‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫اىل‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫هل‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫يل‬
‫ِ‬ ‫ادل‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫س‬ ‫اإلن ِ‬ ‫اجل ِن و ِ‬‫ِ‬
‫ك ْم ىمج ً‬ ‫ىْ ُ‬
‫يعا﴾‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِإيل‬
‫ْى ْ ى ى ْ ى ْ ُ ى ُ‬ ‫ِّ ى ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى‬ ‫ى ى َّ ى‬
‫كمْ‬ ‫هل ت ىعاىل‪﴿ :‬ايلوم أكملت ل‬ ‫دلين‪ ،‬وادل ِيلل قو‬ ‫ِِ ِ‬‫ا‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ُ‬
‫اهلل‬ ‫ل‬ ‫و كم‬
‫ً‬ ‫ى‬ ‫ى ُ ْ ىىْ ى ْ ُ ى ىْ ُ ْ ْ ى ى ى ُ ى ُ ُ ْ ى‬
‫اإلسالم ِدينا﴾‬ ‫ِدينكم وأتممت عليكم نِعم ِيت ور ِضيت لكم ِ‬
‫َّ ى ى ِّ ٌ ى َّ ُ َّ ِّ ُ ى‬ ‫ى ُُْ ى ى ى‬ ‫ى َّ ُ ى‬
‫ادل ِيلل ىىلع ىم ْوتِ ِه ﷺ قوهل تعاىل‪﴿ :‬إِنك ميت و ِإنهم ميتون *‬ ‫و‬
‫ى‬ ‫ُ ىْ‬ ‫امة ع ى‬ ‫ك ْم يى ْو ىم الْقيى ى‬ ‫ُ َّ َّ ُ‬
‫ند ىر ِّبك ْم َتتى ِص ُمون﴾‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ثم ِإن‬

‫ى ى ُ ْ ُ ْ ى ُ ى ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى‬
‫هل ت ىعاىل‪ِ ﴿ :‬منْ ىها‬ ‫اس ِإذا ماتوا يبعثون =وادل ِيلل قو‬ ‫انل ُ‬
‫ىو َّ‬
‫خ ىرى﴾ وقى ْو ُهلُ‬ ‫ى ىْى ُ ْ ى ى ُ ُ ُ ْ ى ْى ُْ ُ ُ ْ ى ىً ُ ْ‬
‫خلقناكم و ِفيها ن ِعيدكم و ِمنها ُن ِرجكم تارة أ‬
‫ك ْم فيهاى‬ ‫ُ َّ ُ ُ ُ‬ ‫ىى ً‬ ‫ْ‬ ‫ى َّ ُ ى ى ى ُ ِّ ى ى‬ ‫ىى ى‬
‫ِ‬ ‫تعاىل‪﴿ :‬واَّلل أنبتكم من األر ِض نباتا * ثم ي ِعيد‬
‫ى‬
‫ى ى ْ ى ْى ْ ُى ى ى ىْ ى ْ‬ ‫ُْ ُ ُ ْ ْ ً‬
‫اسبُون ىوجم ِز ُّيون بِأع ىمال ِ ِه ْم‪،‬‬ ‫ىوُي ِرجكم ِإخ ىراجا﴾= وبعد ابلع ِ‬
‫ث ُم‬
‫‪23‬‬
‫جزيى‬ ‫ى ْ‬ ‫ْ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫َّ‬ ‫ى‬ ‫ى َّ‬ ‫ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى ى‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫ات وما ِيف األر ِض ِيل ِ‬ ‫َّلل ما ِيف السماو ِ‬ ‫وادل ِيلل قوهل تعاىل‪﴿ :‬و ِ ِ‬
‫ى‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫َّ ى ى ى ُ ى ى ُ ى ى ْ ى َّ ى ْ‬
‫ى‬
‫اِلين أحسنوا بِاحلسَن﴾‬ ‫اِلين أساؤوا بِما ع ِملوا وَي ِزي ِ‬ ‫ِ‬
‫اِلينى‬ ‫ى ى ى َّ‬ ‫ى ى ى ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى ى‬ ‫ى ى ْ ى َّ ى ْ ى ْ‬
‫ث كفر‪ ،‬وادل ِيلل قوهل تعاىل‪﴿ :‬زعم ِ‬ ‫ومن كذب بِابلع ِ‬
‫ُث ُث َّم ى ُتلنى َّب ُؤ َّن ب ىما ىعملْتُمْ‬ ‫ك ىف ُروا أىن لَّن ُيبْ ىعثُوا قُ ْل بى ىَّل ىو ىر ِِّب ى ُتلبْ ىع ُ َّ‬
‫ى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ى ى ى ى َّ‬
‫اَّلل يىس ٌ‬
‫ري﴾‬ ‫ىوذ لِك ىلع ِ ِ‬

‫ادل ِيل ُل قى ْو ُهلُ‬ ‫ين ىو ُمنْ ِذر ى‬


‫ين؛ ىو َّ‬ ‫الر ُسل ُمبى ِّرش ى‬
‫ُّ‬ ‫اهلل ىمجيعى‬ ‫ُ‬ ‫ىى ْ ى ى‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأرسل‬
‫ى ى ِّ ُ َّ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ى ى َّ ى ُ ى‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ُّ ُ ً ُّ ى ِّ‬ ‫ىى ى‬
‫اَّلل حجة‬ ‫اس ىلع ِ‬ ‫نذ ِرين ِِلال يكون لِلن ِ‬ ‫رشين وم ِ‬ ‫تعاىل‪﴿ :‬رسال مب ِ‬
‫ىب ْع ىد ُّ‬
‫الر ُس ِل﴾‬
‫اتمُ‬ ‫ىُى ى ى‬ ‫َّ ُ ى ُ ُ ْ ُ ى َّ ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ى َّ ُ ُ ْ ُ ٌ ى ى‬
‫آخرهم ُممد ﷺ وهو خ‬ ‫وأولهم نوح علي ِه السالم‪ ،‬و ِ‬
‫َّ ْ ى ْ ى ى ْ ى‬ ‫ى‬ ‫َّ ِّ ى ى َّ ُ ى ى ى َّ ى َّ ى ُ ْ ُ ٌ ى ْ ُ ُ ى ى ى‬
‫انل ِب ِيني‪ ،‬وادل ِيلل ىلع أن أولهم نوح قوهل تعاىل‪ِ ﴿ :‬إنا أوحينا ِإيلك‬
‫ىْ‬ ‫ى‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ى‬ ‫ى ى ىْ ى ْى ى ُ‬
‫وح وانل ِبيني ِمن بع ِدهِ﴾‬ ‫كما أوحينا ِإىل ن ٍ‬
‫وح إ ىىل ُُمى َّمد ﷺ يىأ ْ ُم ُر ُهمْ‬ ‫ى ُ ُّ ُ َّ ى ى ى ُ ى ْ ى ُ ً ْ ُ‬
‫ٍ‬ ‫وُك أم ٍة بعث اهلل إِيل ِها رسوال ِمن ن ٍ ِ‬
‫ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى‬ ‫ى ْ ى ُ ى ى ْ ى ُ ْ ى ْ ى ى َّ ُ‬ ‫ى‬
‫هل ت ىعاىل‪:‬‬ ‫وت‪ ،‬وادل ِيلل قو‬ ‫ِ‬ ‫اغ‬ ‫هلل وحده‪ ،‬وينهاهم عن ِعبادةِ الط‬ ‫بِ ِعبىادةِ ا ِ‬

‫‪24‬‬
‫َّ ُ ى‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫ُ ِّ ُ َّ َّ ُ ً ى ْ ُ ُ ْ ِّ ى ى ْ‬ ‫ى‬ ‫ىىى ْ ىىْ‬
‫﴿ولقد بعثنا ِيف ك أم ٍة رسوال أ ِن اعبدوا اَّلل واجتنِبوا الطاغوت﴾‬
‫ى ى ى‬ ‫ْ ى ْ ُ ْ ى َّ ُ‬ ‫ُ ىى ى‬ ‫ى ْىى ى‬
‫هلل‪.‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ان‬‫يم‬ ‫اإل‬
‫ِ ِ‬‫و‬ ‫وت‬ ‫اغ‬ ‫الط‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ال‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ال‬
‫ِ ِ‬ ‫يع‬‫مج‬
‫ِ‬ ‫ىلع‬ ‫اهلل‬ ‫ض‬ ‫وافرت‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى ى‬ ‫ى ى ْ ُ ْ ى ِّ ى ى ُ ُ ى ى ى َ ْ َ َّ ُ‬
‫وت‪ :‬ما َتاوز بِ ِه‬ ‫قال ابن الق ِي ِم ر ِمحه اهلل تعاىل‪« :‬معَن الطاغ ِ‬
‫ى‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ى‬ ‫ْ‬ ‫ى‬ ‫ْ‬ ‫ْ ى ْ ُ ى َّ ُ ْ ى ْ ى‬
‫وع أو مط ٍ‬
‫اع»[‪]4‬‬ ‫العبد حده ِمن معبُو ٍد أو متب ٍ‬
‫ُ‬

‫ى ٌ‬ ‫ُ ى ُ ى‬
‫ون ىو ُر ُؤ ُ‬
‫وس ُه ْم َخْ ىسة‪:‬‬ ‫َّ‬
‫ىوالط ىو ِ‬
‫اغيت ك ِثري‬
‫يس لى ىعنى ُه ُ‬
‫اهلل‪.‬‬ ‫• إبْل ُ‬
‫ِ ِ‬
‫ى ْ ُ ى ُ‬
‫اض‪.‬‬ ‫• ىومن ع ِبد ىوه ىو ىر ٍ‬
‫ى ى ْ ى ى َّ ى ى ى ى ى ْ‬
‫• ومن دًع انلاس إِىل ِعبادةِ نف ِس ِه‪.‬‬
‫ب‪.‬‬ ‫اد ىَع ىشيْئًا ِم ْن ِعلْم الْ ىغيْ‬ ‫ى ى ْ َّ‬
‫• ومن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك ىم ب ىغ ْري ىما أىنْ ىز ىل اهلل‪ُ.‬‬
‫ىى ْ ى ى‬
‫• ومن ح‬
‫ِ ِ‬
‫َ َّ َ َّ َ ُّ ْ ُ‬
‫الرشد م َِن‬ ‫ين قد تبي‬ ‫اىل‪﴿ :‬الَ إ ْك َراهَ ِف ِّ‬
‫اِل‬
‫ى َّ ُ ى ْ ُ ُ ى ى ى‬
‫وادل ِيلل قوهل تع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ه ََ ْ َْ َ َ ُْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ِّ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َّ ُ‬
‫وت َويُؤمِن بِاّلِلِ فق ِد استمسك بِالع ْر َوة ِ‬ ‫َغ فمن يكفر بِالطاغ ِ‬ ‫ال‬

‫[‪ ]4‬إعالم املوقعني عن رب العاملني (‪ 92 /2‬ت مشهور)‪.‬‬


‫‪25‬‬
‫ٌ‬ ‫ََُْْ َ َ َ ََ َ هُ َ ٌ َ‬
‫الوثَق ال ان ِفصام لها واّلِل س ِميع علِيم﴾‬
‫ىو ىه ىذا ُه ىو ىم ْع ىَن ال اهل إال ُ‬
‫اهلل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُ ُ ُ َّ ُ َ ْ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫اإلسلم‪ ،‬وعموده الصلة‪ ،‬وذِروة‬ ‫يث‪« :‬رأس األم ِر ِ‬ ‫ىو ِِف احل ِد ِ‬
‫ى‬
‫ْ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫يل اهللِ»[‪]5‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫اد‬ ‫ه‬‫اْل‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫س‬
‫اهلل أى ْعلىم‪ُ.‬‬
‫ىو ُ‬

‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ى ى َّ ُ ى ُ ى‬
‫اهلل ىىلع ُم َّم ٍد ىوىلع آهل ىو ىصح ِب ِه ىو ىسل ىم‪.‬‬ ‫وصَّل‬

‫***‬

‫ى ى ى ٌ‬
‫يث ىح ىس ٌن ىصح ٌ‬
‫يح»‬ ‫ِ‬ ‫[‪ ]5‬رواه أمحد (‪ )22016‬والرتمذي (‪ )2616‬وقال‪« :‬هذا ح ِد‬
‫‪26‬‬
‫الشرح‬

‫املسائل األربعة‬
‫بدأ املصنف رمحه اهلل بمقدمة‪ .‬وهذه املقدمة ليست يه‬
‫األصول اثلالثة‪ ،‬بل يه أربع مسائل تمهيدية‪.‬‬

‫يم‬
‫ح ِ‬ ‫الر ْمحَن َّ‬
‫الر ِ‬ ‫ِمْسِب اهللِ َّ‬
‫ِ‬
‫ْ ْ َ َ َ ُ َ َّ ُ َ ُ َ َ ْ َ َ َ ُّ ُ َ ْ َ َ َ َ‬
‫َيب علينا تعلم أربع مسائ ِل‪:‬‬ ‫اعلم ر ِمحك اهلل أنه ِ‬
‫ه‬ ‫َ َْ َُ َ‬ ‫ُ َ ْ ُْ َ َُ َْ َُ‬
‫املسألة األول‪ :‬ال ِعلم‪ :‬وهو مع ِرفة اهللِ‪ ،‬ومع ِرفة نبِيِ ِه ﷺ‪،‬‬
‫َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ َُ‬
‫اإلس ِ‬
‫لم باألدِلةِ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬‫ِين‬‫د‬ ‫ة‬‫ومع ِرف‬
‫َّ َ ُ ْ َ َ ُ‬
‫املسألة اثلانِية‪ :‬العمل ب ِ ِه‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫ْ‬ ‫َّ َ ُ َّ ْ َ ُ َ‬
‫اثلة‪ :‬اِلعوة إَِل ِه‪.‬‬ ‫املسألة اثل ِ‬
‫َّ َ ُ َّ ْ ُ َ َ َ َ‬
‫املسألة الرابِعة‪ :‬الصب لَع األذى فِي ِه‪.‬‬
‫َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫واِل َِلل قوَل تعال‪:‬‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‪:‬‬


‫َّ َّ َ َ ُ َ َ ُ‬ ‫َ َ َ ُ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ َْ ْ‬
‫ْس * إِال اَّلِين آمنوا وع ِملوا‬ ‫خ ٍ‬ ‫اإلنسان ل ِِف‬ ‫ْص * إِن ِ‬ ‫﴿والع ِ‬
‫َّ ْ‬ ‫َّ َ َ َ َ َ ْ ْ َ ِّ َ َ َ َ‬
‫اص ْ‬
‫ب﴾‬‫ِ‬ ‫الص‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ات وتواصوا بِاِلق وتو‬ ‫اِل ِ‬ ‫الص ِ‬
‫َ ْ َ َ ْ َ َ ُ ُ َّ ا َ َ‬ ‫َ َُ ُ ََ َ‬
‫الشاف ُّ‬ ‫َ َ َّ‬
‫اهلل تعال – ‪ :‬لو ما أنزل اهلل حجة لَع‬ ‫ِيع ـ ر ِمحه‬ ‫قال‬
‫ورةَ لَ َك َف ْت ُهم‪ْ.‬‬
‫الس َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫خل ِق ِه إِال ه ِذه ِ‬
‫ْ َ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َ ُ َ ُّ َ َ ُ ُ َ َ َ‬
‫اهلل تعال ـ ‪ :‬باب‪ :‬ال ِعل ُم ق ْبل الق ْو ِل‬ ‫اري ـ ر ِمحه‬ ‫ِ‬ ‫وقال ابلخ‬
‫َّ َّ ُ َ ْ‬
‫اس َت ْغفرْ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َّ ُ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫والعم ِل؛ واِل َِلل قوَل تعال‪﴿ :‬فاعلم أنه ال اَل إِال اّلِل و‬
‫ََََ ْ ْ ََْ َْ َ ََ‬ ‫َ َ‬
‫َِّلنبِك﴾[‪ ]6‬فبدأ بِال ِعل ِم قبل القو ِل والعم ِل‪.‬‬

‫[‪ُ ]6‬ممد‪.19:‬‬
‫‪28‬‬
‫بدأ رساتله بـ «بسم اهلل الرمحن الرحيم» كعادة أهل العلم‪،‬‬
‫ً‬
‫تيمنا بذكر اسم اهلل‪ ،‬وتْبًك به‪ ،‬وطلبا لعونه وتوفيقه‪.‬‬
‫ك ُ‬ ‫ْ ْ ََِ َ‬
‫اهلل» دًع للقارئ بالرمحة‪ ،‬وهذا من أدب‬ ‫ثم قال «اعلم رمح‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫َّ ُ َ ُ َ َ ْ َ َ َ ُّ ُ ْ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫خطابه‪ ،‬وحسن قصده «أنه َيِب علينا تعلم أربع مسائ ِل» بني أن‬
‫تعلم هذه املسائل واجب‪ ،‬وذلك لكونها من األصول العامة اليت‬
‫ُيتاجها املسلم يف ك حياته‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ َ ْ ْ‬
‫«املسألة األول‪ :‬ال ِعلم» سيبني يف هذه الفقرة معَن العلم‪ .‬لن‬
‫يعرف العلم تعريفا لغويا وال تعريفا ىلع طريقة احلد والرسم؛ وإنما‬
‫خْب بأصل العلم انلافع عند اهلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬فما هو هذا؟‬ ‫سيُ ُ‬
‫ِ‬
‫ِين‬‫د‬
‫َ َْ َُ‬
‫ة‬‫ف‬‫ر‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫ﷺ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫قال‪« :‬الْ ِعلْ ُم‪َ :‬و ُه َو َم ْعر َف ُة اهللِ‪َ ،‬و َم ْعر َف ُة نَب ه‬
‫ي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َّ‬ ‫ْ‬
‫لم باألدِل ِة» هذه اثلالثة يه األصول اثلالثة اليت تأيت بعد‬ ‫اإلس ِ‬‫ِ‬
‫قليل يف الرسالة‪ ،‬ولعله قدم بهذه املقدمة نلعرف كيف ننتفع بما‬
‫سنتعلم؟ وملاذا َنن نتعلمه ؟هل نتعلمه نلجادل فيه ؟هل نتعلمه‬
‫يلقال ًعلم؟ هل نتعلمه ملجرد االطالع؟‬

‫‪29‬‬
‫َّ َ ُ ْ َ َ ُ‬
‫فقال‪ « :‬املسألة اثلانِية‪ :‬العمل ب ِ ِه » فبني نلا أن االنتفاع بهذا‬
‫العلم‪ ،‬وذلك بأن نعمل به‪ ،‬فيكون هل أثر يف حياتنا‪ ،‬فنغري أفاكرنا‪،‬‬
‫وأخالقنا‪ ،‬وًعداتنا‪ ،‬ومعامالتنا بمقتَض هذا العلم‪.‬‬
‫َّ َ ُ َّ ْ ُ َ‬
‫اِلع َوة إ ِ َْل ِه» اإلنسان إذا تعلم وعمل‬ ‫اثلة‪:‬‬
‫ثم قال‪« :‬املسألة اثل ِ‬
‫وأخلص هلل سبحانه وتعاىل فقد نىج‪ ،‬ولكن اهلل سبحانه وتعاىل‬
‫أمر املسلمني بما أمر به املرسلني كما قال رسول اهلل ﷺ‪ « :‬ىوإ َّن ى‬
‫اهلل‬ ‫ِ‬ ‫ىى ى ُْ ْ ى ى ى‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫أمر المؤ ِم ِنني بِما أمر بِ ِه المرس ِلني» [‪ ]7‬فإذا خلص اإلنسان نفسه‬
‫من غضب اهلل ومن ناره و ِمن عقابه؛ فهذا أمر حسن‪ ،‬ولكن‬
‫َّ ى‬
‫األوَل أن يدعو غريه إىل اهلل وأن يقذ ىمن استطاع من الضال ِل‬
‫فياخذ بأيديهم إىل احلق واهلد‪ ،‬وأن ينرص دين اهلل سبحانه وتعاىل‪.‬‬

‫فيعلم‪ ،‬ثم يعمل ثم يدعو‪.‬‬


‫َّ َ ُ َّ ْ ُ َ َ َ َ‬
‫قال الشيخ‪« :‬املسألة الرابِعة‪ :‬الصب لَع األذى فِي ِه» فما ِمن‬
‫إنسان عبى ىد ى‬
‫اهلل سبحانه وتعاىل ودًع إىل اهلل إال وأوذِ ي‪ ،‬وهذا األذ ى‬

‫[‪ ]7‬صحيح مسلم (‪.)1015-65‬‬


‫‪30‬‬
‫يتفاوت‪ .‬فتجد أن األنبياء أكرث من تعرض لألذى بسبب أنهم هم‬
‫رؤوس هذه ادلعوة‪ ،‬وهم موضع القدوة‪ ،‬فقد اوذ وا كثريا‪ ،‬وإذا‬
‫ى‬
‫ذكر قصصهم مع أقوامهم؛ لوجدت ِمن ال ِع ىْب‬
‫اطلعت إىل مواضع ِ‬
‫ى‬
‫اليشء الكثري‪.‬‬

‫املؤلف رتب املسائل ىلع الرتتيب الواقيع‪ ،‬فهذا ليس ترتيبا‬


‫ى‬ ‫ى‬
‫عملت دون‬ ‫غري مقصود‪ ،‬فإنك ال يمكن أن تعمل حىت تعلم‪ ،‬فإذا‬
‫ً‬
‫علم فإنك ستعمل عمال خاطئا‪ ،‬ستعمل عمال ىلع غري هدى‪ ،‬ىلع‬ ‫ٍ‬
‫غري بينة؛ فال يكون عملك صحيحا‪.‬‬

‫فاكن العمل بعد العلم‪ ،‬وًكنت ادلعوة بعد العلم والعمل‪،‬‬


‫ُ‬
‫ألنك إن دعوت بدون علم فدعوتك باطلة‪ ،‬ستدعو حينها إىل‬
‫الهدى وأن ى‬
‫ت لم تهتد ولم تقتد بانلِب‬ ‫ى‬
‫غريك إىل ُ‬ ‫ضاللة‪ ،‬وان دعوت‬
‫وبأعماهل وا دًع إيله؛ فعند ذلك تكون قد ضيعت نفسك وما‬
‫انتفعت من هذا العلم؛ فأنت أوَل بالعمل بما تعلمت‪.‬‬

‫ثم بعد ذلك يأيت الصْب ىلع األذ ى؛ ألن األذى ال يكون ىلع‬
‫جمرد اتلعلم‪ ،‬قد تتعلم فال يؤذيك انلاس ألنهم ال يهتمون تعلمت‬

‫‪31‬‬
‫أم لم تتعلم‪.‬‬

‫وإذا عبدت قد تؤذى‪ ،‬ولكنه أقل من األذى اآلخر‪ ،‬قد تلىق‬


‫ى‬
‫الزتامك‪ ،‬قد تلىق أذى من‬ ‫أذى من أهلك إذا َكنوا يعارضون‬
‫أصدقائك إذا لم يكونوا صاحلني غال يعجبهم أن تسري يف الطريق‬
‫الصحيح خالفا هلم‪ .‬ولكن هذا األذى سيبىق سائغا يف الغالب‪.‬‬

‫ولكن إذا دعوت إىل احلق فسيكون لك خصوم‪ .‬انلِب ﷺ‬


‫أخْبنا أن هذه األمة ستفرتق إىل ثالث وسبعني فرقة ُكها يف انلار‬
‫إال واحدة؛ فإذا كنت ىلع اهلدى وكنت من هذه الواحدة ودعوت‬
‫إىل احلق؛ فهناك اثنان وسبعون فرقة ُكهم خصوم لك‪ ،‬وبمقدار‬
‫دعوتك ومقدار بيانك للحق فإن هؤالء اخلصوم ينالون منك‪.‬‬

‫وألن ادلعوة إىل احلق َتتاج إىل الرد ىلع ابلاطل‪ ،‬فإن أهله‬
‫سينصبون لك من ألوان العداوة ما ال تتصوره‪ ،‬قال أبو إسماعيل‬
‫السيف َخس مرات‪ ،‬ال يقال ِل‪« :‬ارجع عن‬ ‫اهلروي‪ُ :‬عر ُ‬
‫ضت ىلع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مذهبك» لكن يُقال ِل‪« :‬اسكت عمن خالفك» فأقول‪« :‬ال‬

‫‪32‬‬
‫أسكت» [‪ ]8‬بل قد ال يتوقف األمر ىلع املخالفني‪ ،‬وإنما ستعاديك‬
‫طائفة من املوافقني‪ ،‬يلظهروا بمظهر املنصفني‪ ،‬ومنهم من يريد‬
‫اتلتقرب من املخالفني ىلع حسابك‪ ،‬ومنهم من ال يكون موافقا‬
‫لك عن علم‪ ،‬وإنما عن جهل‪ ،‬فلما رأى الفرقان بني احلق وابلاطل؛‬
‫ًعداك رَض منه بالضبابية اليت هو عليها‪ ،‬ومن املوافقني من يتسم‬
‫بالغلو‪ ،‬فال يرضيه إال أن توافقه ىلع غلوه‪.‬‬

‫وهلذا َتد من يدعو إىل احلق؛ لكنه ال يريد أن ُياصم أحدا؛‬


‫فيقول دعوِن أدعو إىل املسائل اليت اجتمع عليها انلاس‪َ ،‬كلصالة‪،‬‬
‫ذم الكذب‪ ،‬احلض ىلع السنن‪ ،‬انليه عن اخلمر والزىن‪ ،‬هذه أمور‬
‫جيدة‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫باب ال شك أنه نافع‪ ،‬ولكن هؤالء أيضا َتد هلم‬
‫خصوما؛ فكثري من انلاس‪ ،‬خاصة أهل ابلدع‪ ،‬فإنهم ال ُيبون من‬
‫ال يقبل ببدعهم‪ ،‬فإن أظهر نوًع من املوافقة هلم ليك يستقطبهم؛‬
‫فعند ذلك أهل احلق سيقولون عنه مميع‪ ،‬وإن لم يُظهر شيئا من‬
‫املوافقة ألهل ابلدع‪ ،‬فأهل ابلدع لن يرضوا به‪ .‬واملقصود‪ :‬إن‬

‫[‪ ]8‬املنثور من احلاكيات والسؤاالت البن طاهر املقديس (ص‪.)35‬‬


‫‪33‬‬
‫اإلنسان سواء حاول أن يرِض انلاس أو حاول أن يرِض اهلل‬
‫سبحانه وتعاىل فسيلىق أذى‪ ،‬فاألصل أن ُياول أن يرِض اهلل‬
‫سبحانه وتعاىل؛ وما عليه من انلاس‪ ،‬اِلي ينرصف يأيت بدال منه‬
‫عرشة‪ .‬أهل ابلاطل إذا دعوا إىل باطلهم سيسمع هلم ناس‪ ،‬وأهل‬
‫احلق إذا دعوا إىل حقهم سيسمع هلم ناس؛ فال يهمك من اِلي‬
‫ي ىسمع ومن اِلي ال ي ىسمع؛ إنما يهمك أن اِلي يسمع ينتفع باحلق‪،‬‬
‫ُ‬
‫ويسأهل ُ‬
‫اهلل‬ ‫فعندما تقف أمام اهلل سبحانه وتعاىل ويقف هو‬
‫سبحانه وتعاىل‪ ،‬فيقول إنه تعلم منك‪ ،‬فيسألك اهلل سبحانه وتعاىل‬
‫فتقول هل‪ :‬يا رب‪ ،‬ما وجدته يف كتابك؛ وما وجدته يف سنة نبيك‪،‬‬
‫وما وجدت عليه سلف هذه األمة اِلين ذكرهم رسولك اهلل ﷺ‬
‫أنهم خري انلاس؛ فهذا اِلي دعوت إيله‪ ،‬هذا اِلي ناضلت عنه‪،‬‬
‫وهذا اِلي كنت أعتقد به‪ ،‬وكنت أعمل بمقتضاه‪ ،‬فهذا يا رِب اِلي‬
‫عندي‪.‬‬

‫أما أهل ابلدع فيقولون‪ :‬يا رب إن هذه املسألة وافقت عقويل‪،‬‬


‫وهذا وجدته يف الكتاب الفالين‪ ،‬وهذا ما رأيت أنه يتماىش مع‬
‫الواقع‪ ،‬وهذا قلته بسبب ضغوط انلاس‪...‬الخ فهذا ليس ىلع خري‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫قال الشيخ‪« :‬واِل َِلل قوَل تعال‪ :‬بسم اهلل الرمحن الرحيم‪:‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َْ ْ‬
‫اإلنسان ل ِِف‬ ‫ِ ِ‬‫ن‬ ‫إ‬ ‫﴿‬ ‫«‬ ‫بالعرص‬ ‫وتعاىل‬ ‫سبحانه‬ ‫اهلل‬ ‫قسم‬ ‫أ‬ ‫»‬‫﴾‬ ‫ْص‬
‫﴿والع ِ‬
‫ُ ْ‬
‫ْس﴾» ك البرش يف خرس‪ ،‬أي خارسون‪ ،‬ما عدا ما عدا طائفة‬ ‫خ ٍ‬
‫َ ِّ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َّ َ َ ُ َ َ ُ‬
‫اِلق َوت َواص ْوا‬ ‫ات َوت َواص ْوا ِب‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫اِل‬‫ِ‬ ‫الص‬ ‫وا‬ ‫فائزة «﴿إِال اَّلِين آمنوا وع ِمل‬
‫َّ‬ ‫َّ ْ‬
‫ب﴾» فهذه صفات أربع للفائزين‪ ،‬ويه املسائل األربعة «﴿إِال‬ ‫بِالص ِ‬
‫َّ ِ َ َ ُ‬
‫ين آمنوا﴾» اإليمان قول وعمل‪ ،‬فالقول مبين ىلع العلم‪ ،‬فنعلم‪،‬‬ ‫اَّل‬
‫َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ات﴾»‬ ‫الص ِ َ‬
‫اِل ِ‬ ‫ون ِق ُّر بما علمنا‪ ،‬والعمل مبين ىلع العلم؛ «﴿ َوع ِملوا‬
‫ْ َ ِّ‬ ‫َ َ‬
‫فعملوا بما «﴿ َوت َواص ْوا بِاِلق﴾» وهذا اتلويص هو ادلعوة‬
‫َّ ْ‬ ‫اص ْ‬ ‫َََ َ‬
‫ب﴾» ألنهم سيحتاجون إيله‪ .‬فيصْبون ىلع‬ ‫ِ‬ ‫الص‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ا‬‫و‬ ‫«﴿ و ت و‬
‫الطاعة‪ ،‬ويصْبون ىلع ابلعد عن الشهوات‪ ،‬ويصْبون ىلع األذى‪.‬‬
‫َ َ َّ ُّ َ َ ُ ُ َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ ُ ُ َّ ا‬
‫ثم قال‪« :‬قال الشاف ِيع ر ِمحه اهلل تعال‪ :‬لو ما أنزل اهلل حجة‬
‫ورةَ لَ َك َف ْت ُه ْ‬ ‫ُّ‬
‫الس َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ْ‬
‫[‪]9‬‬ ‫»‬‫م‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ذ‬‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ال‬‫لَع خل ِ‬
‫إ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ق‬
‫ِ‬

‫ُ ى ى ْى ْ‬ ‫اس ُُكُّ ُه ْ‬ ‫ُ ى ى ْ َّ ِّ ى ى َّ ُ ى ْ ُ ى َّ ُ ى ى ى ْ ى َّ‬


‫ك ىر انلَّ ُ‬
‫رص﴾‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ال‬‫و‬‫﴿‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ور‬ ‫س‬ ‫يف‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫[‪ ]9‬قال ابن تيمية «ر ِوي عن الشافِ ِيع ر ِِض اَّلل عنه أنه قال‪ :‬لو ف‬
‫ى ىى‬
‫لكفتْ ُه ْم»‪ .‬جمموع الفتاوى (‪)152 /28‬‬
‫‪35‬‬
‫ماذا ؟ ألن فيها قواعد ادلين األساسية‬
‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َ ُ َ ُّ َ َ ُ ُ َ َ َ‬
‫اهلل تعال» يف صحيحه «باب‪ :‬ال ِعل ُم‬ ‫اري ر ِمحه‬
‫ِ‬ ‫قال‪« :‬وقال ابلخ‬
‫َّ َّ ُ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َّ ُ َ‬ ‫َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫قبل القو ِل والعم ِل؛ واِل َِلل قوَل تعال‪﴿ :‬فاعلم أنه ال اَل إِال اّلِل‬
‫َ ْ َْ ْ َ َ ََََ ْ ْ ََْ َْ َ ََ‬
‫واستغ ِفر َِّلنبِك﴾ فبدأ بِال ِعل ِم قبل القو ِل والعم ِل» [‪ ]10‬فاستدل ىلع‬
‫أن العلم البد أن ي ىسبق القول والعمل‪ .‬فأىت املؤلف بشاهد من فهم‬
‫السلف ىلع املسألة األوَل واثلانية‪.‬‬
‫ى‬
‫ووجه ادلاللة يف اآلية أن اهلل قدم األمر بالعلم‪ ،‬ثم ذك ىر‬
‫االستغفار بعده‪ ،‬واالستغفار عمل‪.‬‬

‫املسائل الثالثة‬

‫ُ ىىىى‬ ‫اعلى ْم أىنَّ ُه ال إ ى ى‬


‫ىى ى ى ْ‬ ‫ْىى ى ْ‬ ‫ٌ ْ ْ ىْى ْى ْ‬
‫هل إِال اهلل﴾ فبدأ‬ ‫ِ‬ ‫[‪ ]10‬عبارة ابلخاري‪« :‬بىاب‪ :‬ال ِعل ُم قبل القو ِل ىوالعم ِل ِلقو ِل ا ِ‬
‫هلل تعاىل ﴿ف‬
‫ْ ْ‬
‫ِبال ِعل ِم»‪ .‬صحيح ابلخاري (‪ 24 /1‬ط السلطانية)‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫َ ُ ْ َ َ َ ُّ ُ َ‬ ‫ْ َ ْ َ َ َ ُ َ َّ َ ُ َ َ ُ ه ُ ْ‬
‫ُك مسلِ ٍم ومسلِم ٍة‪ ،‬تعلم ه ِذه ِ‬ ‫َيب لَع ِ‬ ‫اعلم ر ِمحك اهلل أنه ِ‬
‫ْ َ َ ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬
‫لث ‪ ،‬والعمل ب ِ ِهن‪:‬‬
‫المسائ ِل اثل ِ‬
‫ُ َ‬
‫األول‪:‬‬
‫َ َّ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َ َ َ ا َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ‬
‫أن اهلل خلقنا‪ ،‬ورزقنا‪ ،‬ولم يْتكنا همل‪ ،‬بل أرسل إَِلنا‬
‫َ ُ ا َ َ ْ َ َ َ ُ َ َ َ َ َّ َ َ َ ْ َ َ ُ َ َ َ َّ َ َ َّ ُ‬
‫رسوال‪ ،‬فمن أطاعه دخل اْلنة‪ ،‬ومن عصاه دخل انلار‪ ،‬واِل َِلل‬
‫َّ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ ُ ا َ ا َ َ ْ ُ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َ ُ ََ َ‬
‫ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬إِنا أرسلنا إَِلكم رسوال شاهِدا عليكم كما أرسلنا‬
‫َ ْ َ ْ َ َ ُ ا َ َ َ ْ َ ْ ُ َّ ُ َ َ َ َ ْ َ ُ َ ْ ا َ ا‬
‫إِل ف ِرعون رسوال * فعَص ف ِرعون الرسول فأخذناه أخذا وبِيل﴾‬

‫ك ُ‬ ‫ْ َْ ََِ َ‬
‫اهلل» «اعلم»‪ :‬فعل أمر يراد منه احلض ىلع‬ ‫يقول «اعلم رمح‬
‫ك ُ‬ ‫ََِ َ‬
‫اهلل » ‪:‬دًعء للقارئ يلعرف أن الشيخ يريد به الرمحة‬ ‫العلم‪ « .‬رمح‬
‫ويريد به اخلري‪ .‬فهو يكتب هذا العلم راجيا لقارئه اخلري‪.‬‬
‫ْ َ ْ َ َ َ ُ َ َّ َ ُ َ َ ُ ه‬
‫ُك ُم ْسلِم َو ُم ْسلِ َمة‪َ ،‬ت َعلُّمُ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َيب لَع ِ‬ ‫قال‪ « :‬اعلم ر ِمحك اهلل أنه ِ‬
‫ََُْ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫لث ‪ ،‬والعمل ب ِ ِه َّن » قد بينا أن العلم قبل القوول‬ ‫ه ِذه ِ المسائ ِل اثل ِ‬
‫والعمل؛ فاآلن يتطرق للمسائل اليت علينا أن نتعلمها ونعمل بها‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫ُ َ َ َّ َ َ َ َ َ‬
‫« األول‪ :‬أن اهلل خلقنا» فاهلل تعاىل هو اخلالق نلا‪ ،‬أوجدنا من‬
‫ِئ ىسأى ْ ىتل ُهمْ‬
‫عدم‪ ،‬وهذا أمر أقر به حىت كفار قريش‪ ،‬قال تعاىل‪ ﴿ :‬ىولى ْ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ى ْ ى ى ى ُ ْ ى ى ُ ُ َّ َّ‬
‫من خلقهم يلقولن اَّلل﴾ وذلك لوضوح أدتله‪ .‬وقد أنزل اهلل احلجة‬
‫َش ٍء أى ْم ُهمُ‬ ‫ى‬
‫ىلع من أنكر خالقيته فقال‪﴿ :‬أ ْم ُخ ِل ُقوا ِم ْن ىغ ْري ى ْ‬
‫ى‬ ‫ِ‬
‫ون * أ ْم عنْ ىد ُهمْ‬ ‫ى ْىْ ى ىْ ى ُ ُ ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫َّ‬ ‫ْى ُ ى ى ْ ى ى ُ‬
‫ِ‬ ‫ات واألرض بل ال يوقِن‬ ‫اخلا ِلقون * أم خلقوا السماو ِ‬
‫ى ى ُ ى ِّ ى ى ْ ُ ُ ْ ُ ى ْ ُ ى‬
‫خزائِن ربك أم هم المصي ِطرون﴾‬
‫َََ‬
‫« َو َرزقنا » منذ أن كنا أجنة يف بطون أمهاتنا‪ ،‬فإنه يرزقنا‬
‫ََْ َُْ َْ َ َ ا‬
‫الغذاء ويرزقنا الصحة‪ ،‬ويرزقنا العقل « ولم يْتكنا همل » فكما‬
‫ً‬
‫لم يرتكنا همالورقنا يف أجسادنا‪ ،‬فإنه لم يرتكنا همال يف ما ُييي‬
‫َْ َ ْ َ َ ََْ َ ُ ا‬
‫نفوسنا « بل أرسل إَِلنا رسوال » ُيْبنا برسالة اهلل تعاىل إيلنا‪ ،‬عرفنا‬
‫ى‬ ‫ى ُ‬
‫أمور‬ ‫بربنا‪ ،‬وهدانا السبيل‪ ،‬أنزل نلا رشًع نسري وفقه ؛ ليك تصلح‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ ُ َ َ َ َ َّ َ َ َ ْ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫دنيانا وآ ى‬
‫خرتنا « فمن أطاعه دخل اْلنة‪ ،‬ومن عصاه دخل انلار »‬
‫قصد األخري‪ ،‬إما جنة أو نار ؛ إن أطعنا الرسول دخلنا اجلنة‪،‬‬ ‫ى‬
‫ذلك الم ِ‬
‫َ َّ ُ‬
‫اِل َِلل‬ ‫ومن عصاه فكفر؛ دخل انلار ‪-‬نعوذ باهلل من انلار‪ ،-‬قال‪« :‬و‬
‫َّ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ ُ ا َ ا َ َ ْ ُ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َُُْ َ َ َ‬
‫قوَل تعال‪﴿ :‬إِنا أرسلنا إَِلكم رسوال شاهِدا عليكم كما أرسلنا‬
‫َ ْ َ ْ َ َ ُ ا َ َ َ ْ َ ْ ُ َّ ُ َ َ َ َ ْ َ ُ َ ْ ا َ ا‬
‫إِل ف ِرعون رسوال * فعَص ف ِرعون الرسول فأخذناه أخذا وبِيل﴾»‬
‫‪38‬‬
‫علمتنا هذه اآليات كيف يكون اتلعامل مع هذا الرسول؟ وما‬
‫ول َفأَ َخ ْذنَاهُ‬
‫َ َ َ ْ َ ْ ُ َّ ُ َ‬
‫انلتيجة؟ ننظر إىل حال فرعون ‪﴿« :‬فعَص ف ِرعون الرس‬
‫َ ْ ا َ ا‬
‫أخذا وبِيل﴾» إذن هذا حال من يعيص الرسول بالكفر به‪.‬‬
‫والعكس بالعيك‪ ،‬فمن يؤمن به ينجو‪.‬‬

‫َّ ُ‬
‫اثلان َِية‪:‬‬
‫َ َ ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ َ َ ْ ُْ َ َ َ َ ُ َ َ ٌ‬ ‫َ َّ‬
‫أن اهلل ال يرَض أن يْشك معه أحد ِِف عِبادت ِ ِه‪ ،‬ال ملك‬
‫َ َ َّ ْ َ َ َ َّ َ َ‬ ‫ُ َ َّ ٌ َ َ ُ ْ َ ٌ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫مقرب‪ ،‬وال ن ٌّ‬
‫جد ِّلِلِ فل‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ن‬‫أ‬‫و‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫ال‬ ‫ِب مرسل؛ واِل َِلل قوَل تع‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫َ ْ ُ َ َ َّ َ ا‬
‫تدعوا مع اّلِلِ أحدا﴾‬

‫َ َ‬ ‫َْ َ َ ْ ُْ َ َ َ َُ َ َ ٌ‬ ‫َ َّ‬
‫قال « أن اهلل ال يرَض أن يْشك معه أحد ِِف عِبادت ِ ِه» فالرشك‬
‫َّ َّ ى ى ى ْ ُ ى ْ‬
‫هو اِلنب اِلي ال يغفره اهلل سبحانه وتعاىل ﴿ ِإن اَّلل ال يغ ِفر أن‬
‫ُ‬ ‫ى‬ ‫ُْ ى ى ىىْ ُ ى ُ ى ى ى‬
‫ك ل ِ ىم ْن ي ى ىش ُ‬
‫أعظم‬ ‫الرشك هو‬ ‫اء﴾ فع ِلمنا أن‬ ‫يرشك بِ ِه ويغ ِفر ما دون ذل ِ‬
‫‪39‬‬
‫أنواع اِلنوب‪ُّ ،‬‬
‫أي نوع من أنواع الرشك َكن‪.‬‬
‫ََ ٌ َُ ٌ‬
‫قال « ال ملك مق َّرب» فإذن اهلل سبحانه وتعاىل اِلي خلقنا‬
‫َّ‬
‫ورزقنا وأرسل إيلنا الرسل وحذرنا من انلار ورغبىنا باجلنة؛ ال يرَض‬
‫ٌ‬ ‫ُ ٌ‬
‫المالئك ِة‬‫ملك من ى‬ ‫ٌ‬
‫سواء‬ ‫رشك ىم ىعه أحد‪ ،‬أيا َكن هذا األحد‪،‬‬ ‫أن ي ُ ى‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ُ‬
‫المقربني‪ ،‬لو َكن جْبيل أو مياكئيل ‪-‬وهؤالء من أعظم املالئكة‪-‬‬
‫ً‬ ‫ِب ُم ْر َس ٌل» فلو أن أحدا ى‬
‫« َوال نَ ٌّ‬
‫عبد نبيا من األنبياء لاكن مرشًك باهلل‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫سبحانه وتعاىل‪ ،‬ال يُقبل منه عمل صالح‪ ،‬ال يقبل منه َصفا وال‬
‫ً‬ ‫ى ً‬
‫عدال‪ ،‬ومصريه جهنم‪ ،‬وديلل ذلك أنك ترى أن قوما عبدوا عيىس‬
‫فيهم من أنهم مرشكون‪،‬‬ ‫ىى‬
‫ﷺ؛ فأخْب اهلل سبحانه وتعاىل بما أخْب ِ‬
‫ث ثى ىالثىة﴾ فلو عبدى‬‫ى ى ْ ى ى ى َّ ى ى ُ َّ َّ ى ى ُ‬
‫ٍ‬ ‫اِلين قالوا ِإن اَّلل ثا ِل‬ ‫فقال‪﴿ :‬لقد كفر ِ‬
‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ُممدا ﷺ لاكن مرشًك باهلل سبحانه وتعاىل فمحمد ﷺ هو‬ ‫اإلنسان‬
‫ُ ى‬
‫هلل‪ ،‬وًكن‬
‫دون ا ِ‬
‫اِلي علم انلاس اتلوحيد‪ ،‬فال يرَض أن يعبد من ِ‬
‫ى ى ً ُ ْ ى ُ ْ ى َّ ى ى ُ َّ ى ى‬ ‫ْ‬ ‫َّ ُ َّ ى ى ْ ى ْ ى‬
‫اَّلل ىلع‬
‫ْبي وثنا يعبد‪ .‬اشتد غضب ِ‬ ‫من دًعئه‪« :‬اللهم ال َتعل ق ِ‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ْ‬ ‫ى‬ ‫ى ْ َّ ى ُ ُ ُ ى ى ْ‬
‫اجد» [‪ ]11‬واهلل سبحانه وتعاىل ال يرَض‬ ‫قومٍ اَتذوا قبور أن ِبيائِ ِهم مس ِ‬

‫[‪ ]11‬موطأ مالك ‪ -‬رواية ُيىي (‪ 172 /1‬ت عبد ابلايق) مسند أمحد (‪ )7358‬قال املحققون‪« :‬إسناده قوي»‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫َ َ َّ ْ َ َ َ َّ َ َ‬ ‫َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫جد ِّلِلِ فل‬
‫أن يعبد معه غريه « واِل َِلل قوَل تعال‪﴿ :‬وأن المسا ِ‬
‫ى‬ ‫َ ْ ُ َ َ َّ َ َ ا‬
‫تدعوا مع اّلِلِ أحدا﴾» ؛ إذن علينا أن نفرد اهلل سبحانه وتعاىل‬
‫بالعبادة‬

‫َّ َ ُ‬
‫اثلة‪:‬‬ ‫اثل ِ‬
‫َ َّ َ ْ َ َ َ َّ ُ َ َ َ َّ َ َ َ ُ ُ َ ُ ُ َ ُ َ ْ َ َّ‬
‫أن من أطاع الرسول‪ ،‬ووحد اهلل ال َيوز َل مواالة من حاد‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬ ‫َ َ َ ُ َُ َ َْ َ َ ََْ َ َ‬
‫َتد‬ ‫يب؛ واِل َِلل قوَل تعال‪﴿ :‬ال ِ‬ ‫اهلل ورسوَل‪ ،‬ولو َكن أقرب ق ِر ٍ‬
‫ُ ُّ َ َ ْ َ َّ َّ َ ُ َ َ‬ ‫َ ْ ا ُ ْ ُ َ َّ ْ ْ‬
‫خ ِر ي َوادون من حاد اّلِل َو َرسوَلُ َول ْو‬ ‫قوما يؤمِنون بِاّلِلِ َواَلَو ِم اآل ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ َ ُ ْ َْ ََْ ُ ْ َْ ْ َ َُ ْ َْ َ ََُ ْ َُْ َ ََ‬
‫َكنوا آباءهم أو أبناءهم أو إِخوانهم أو ع ِشريتهم أوَل ِك كتب ِِف‬
‫َْ َ‬ ‫َ َ َ َ َّ َ ُ ُ ٍ ِّ ْ ُ َ ُ ْ ُ ُ ْ َ َّ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُُ‬
‫ات َت ِري مِن َتتِها‬ ‫ٍ‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ل‬ ‫خ‬
‫ِ‬ ‫د‬‫ي‬‫و‬ ‫ه‬ ‫ن‬‫م‬ ‫وح‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫د‬‫ي‬ ‫أ‬‫و‬ ‫ان‬ ‫يم‬ ‫اإل‬
‫قل ِ ِ ِ‬
‫م‬ ‫ه‬‫وب‬
‫َ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ْ َ َ ُ َ ْ ُ ُ ْ َ َ ْ ُ َّ‬ ‫ََْ ُ َ‬
‫حزب اّلِلِ‬ ‫اِلِين فِيها ر ِِض اّلِل عنهم ورضوا عنه أوَل ِك ِ‬ ‫األنهار خ ِ‬
‫َ َ َّ ْ َ َّ ُ ُ ْ ُ ْ ُ َ‬
‫حزب اّلِلِ هم المفلِحون﴾‬ ‫أال إِن ِ‬

‫َ َّ َّ َ َ َ ُ َ‬
‫وَلُ » جعل ً‬
‫حدا بينه وبني اهلل ورسوهل‪.‬‬ ‫معَن « حاد اّلِل ورس‬

‫‪41‬‬
‫فهو ال يؤمن باهلل وال الرسول‪ ،‬وال يطيعهما‪ .‬فاملؤمن ال َيوز هل أن‬
‫ُ ِّ‬
‫المحاد‪ ،‬فإذا وااله ال يكون مؤمنا‪.‬‬ ‫يواِل ذلك‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ ْ ا ُ ْ ُ َ َّ َ ْ‬ ‫َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫خ ِر‬ ‫ِ‬
‫َتد قوما يؤمِنون بِاّلِلِ واَلوم اآل ِ‬
‫«واِل َِلل قوَل تعال‪﴿ :‬ال ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ ُّ َ َ ْ َ َّ َّ َ‬
‫ي َوادون من حاد اّلِل َو َرسوَلُ﴾» اهلل ُيْبنا خْبا وجب تصديقه‪،‬‬
‫قوما يؤمنون باهلل وايلوم اآلخر يوادون‬ ‫وهو أنه ال يمكن أن جند ً‬

‫من حاد اهلل ورسوهل؛ فإذا وجدنا أحدا يقول إنه يؤمن باهلل وايلوم‬
‫ى ى‬
‫فعند ذلك قوهلم أنهم‬ ‫اآلخر‪ ،‬ووجدناه يُواد اِلين حادوا اهلل ورسوهل؛‬
‫يؤمنون باهلل وايلوم اآلخر كذب‪ ،‬ألن اهلل يقول ﴿ال ُ‬
‫َتد﴾ فال‬
‫يمكن أن تقول‪« :‬ال يا رب أنا وجدت» بينما اهلل ُيْبك أنك لن‬
‫َتد ىمن هذه حاهل‪.‬‬
‫ُ‬
‫فهذا أمر عظيم‪ ،‬ىم ىودة اِلين حادوا اهلل ورسوهل أمرها عظيم‪،‬‬
‫اءه ْم َأوْ‬
‫َ َْ َ ُ َ َ ُ ْ َ ْ ََْ ُ‬
‫ولو َكنوا أقرب قريب‪ ،‬قال اهلل‪﴿ :‬ولو َكنوا آباءهم أو أبن‬
‫ْ‬ ‫ْ َ َُْ َْ َ ََُ‬
‫إِخوانهم أو ع ِشريتهم﴾ فال يليق إيلهم باملودة مع كفرهم‪ ،‬قال‬
‫َُْ َ‬
‫﴿أوَل ِك﴾ يعين اِلين آمنوا باهلل وايلوم اآلخر ولم يوادوا الاكفرين‬
‫وح ِّم ْن ُه َويُ ْدخلُ ُهمْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ َّ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫َُْ َ ََ‬
‫ِ‬ ‫اإليمان وأيدهم بِر ٍ‬ ‫﴿أوَل ِك كتب ِِف قلوب ِ ِهم ِ‬
‫َ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ْ َ َ ُ‬ ‫َْ َ َْ َ ُ َ‬ ‫َ َّ َ ْ‬
‫اِلِين فِيها ر ِِض اّلِل عنهم ورضوا‬ ‫ات َت ِري مِن َتتِها األنهار خ ِ‬‫جن ٍ‬
‫‪42‬‬
‫َ ْ ُ ُ ْ َ َ ْ ُ َّ َ َ َّ ْ َ َّ ُ ُ ْ ُ ْ ُ َ‬
‫حزب اّلِلِ هم المفلِحون﴾‬
‫حزب اّلِلِ أال إِن ِ‬
‫عنه أوَل ِك ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫شلك مسألة‪ ،‬ويه أن إنسانا قد يكون وادله مرشًك‪،‬‬
‫هنا قد ت ِ‬
‫فهل احلب الفطري هل رشك؟‬

‫الرسول ﷺ َكن عمه أبو طالب مرشًك‪ ،‬والرسول ﷺ َكن ُيبه‪،‬‬


‫فهل هذا يتعارض مع هذه اآلية وهذا األصل؟‬
‫ً‬
‫بداية ما ادليلل ىلع أنه َكن ُيبه؟ قال اهلل سبحانه وتعاىل‬
‫ى‬ ‫ىىى ْ ى‬ ‫ى‬ ‫ْ‬ ‫ى ْ ى ْ‬ ‫َّ ى ى ى ْ‬
‫ب»‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫ط‬ ‫ِب‬ ‫أ‬ ‫يف‬ ‫ت‬‫ل‬ ‫ز‬ ‫ن‬ ‫«‬ ‫املفرسون‬ ‫قال‬ ‫﴾‬ ‫ت‬ ‫ب‬‫ى‬ ‫ب‬‫ح‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ه‬ ‫﴿ ِإنك ال ت‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬

‫فلماذا ال يوجد تعارض بني هذه املحبة ألِب طالب مع هذه‬


‫اآلية؟ ذلك ألن هذه املحبة يه ُمبة طبعية فطرية‪ ،‬وليست حبا هل‬
‫ُ‬ ‫ى‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫لكونه مرشًك‪ .‬فهناك فرق بني أن يقول الرجل‪« :‬أنا أحب انلصارى»‬
‫وبني أن يقول‪« :‬أنا أحب أهيل» وإن َكن أهله نصارى‪ .‬فبني‬
‫اجلملتني فرق؛‬

‫األوَل‪ :‬فيها ربط املحبة بادلين‪ .‬فاكنت كفرا‪.‬‬

‫ب‪ ،‬فأحبهم للنسب ال لِلين‪.‬‬ ‫َّ ى‬


‫اثلانية ‪ :‬ربط للمحب ِة بالنس ِ‬
‫‪43‬‬
‫ى ىْ‬ ‫اَّلل ىع َّز ىو ىج َّل بىيْنى ُه ْم ب ِّ‬ ‫قال الشافيع‪ « :‬ىف ىم َّ ى‬
‫ّي َّ ُ‬
‫ين‪ ،‬ىول ْم يق ىط ْع‬ ‫ادل‬
‫ِ ِ‬
‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ى‬ ‫ْ ى ْ ى ى ى ْ ُ ُ ْ ى ى َّ ى ى ى ى ى َّ ْ ى ْ ى ى ى ْ‬
‫ين ِيف‬ ‫األنساب بينهم فدل ذلِك ىلع أن األنساب ليست ِمن ادل ِ‬
‫ى ْ‬
‫َش ٍء» [‪]12‬‬

‫وقال جنم ادلين الطوِف احلنبيل‪« :‬أن مودة العصاة حرام‪ ،‬ثم إن‬
‫َكنت مودة فاسق لفسقه فيه فسق أو َكفر لكفره فيه كفر‪ ،‬أما‬
‫ودهما لسبب آخر دنيوي أو صفة أو خلق حسن كعلم يكتسب‬
‫منهما‪ ،‬أو سخاء أو شجاعة فيهما فريىج عفو اهلل‪-‬عز وجل‪-‬عن‬
‫[‪]13‬‬ ‫ذلك‪ ،‬وأن ال يؤاخذ»‬

‫من ناحية ثانية‪ :‬املودة تقتيض املناَصة‪.‬‬


‫َّ َّ‬
‫وجل ‪ -‬أن إيمان املؤمن ىي ْف ُ‬ ‫َّ‬
‫سد‬ ‫ِِ‬ ‫قال الزجاج «فأعلم اَّلل ‪ -‬عز‬
‫[‪]14‬‬ ‫بِ ىم ىود ِة الكفار باملعاونة ىلع املؤمنني»‬
‫اِلنيفية‬

‫[‪ ]12‬األم لإلمام الشافيع (‪ 131 /4‬ط الفكر)‪.‬‬

‫[‪ ]13‬اإلشارات اإلهلية إِل املباحث األصويلة (ص‪.)629‬‬

‫[‪ ]14‬معاين القرآن وإعرابه للزجاج (‪.)141 /5‬‬


‫‪44‬‬
‫ْ َ ْ َ ْ َ َ َ ُ َ َ َ َّ ْ َ َّ َ َّ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ ُ َ‬
‫ا ِعلم أرشدك اهلل ل ِطاعتِ ِه‪ ،‬أن اِلنِي ِفية مِلة إِبراهِيم‪ :‬أن تعبد‬
‫ِيع انلَّاس‪َ ،‬و َخلَ َق ُهمْ‬ ‫َ َ ْ َ ُ ُ ْ ا َ ُ ِّ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫اهلل وحده‪ُ ،‬ملِصا َل اِلين‪ .‬وبِذل ِك أمر اهلل َج‬
‫َّ َ ْ ُ ُ‬ ‫َ َ َ َ ْ ُ ْ َّ َ ْ َ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫ون﴾‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫َل‬
‫ِ‬ ‫ال‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫اإل‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫اْل‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬ ‫لها؛ كما قال تع‬
‫َُ ه ُ‬ ‫َ ََْ َُُْ‬
‫ون‪.‬‬
‫حد ِ‬ ‫ون ‪ :‬يو ِ‬ ‫ومعَن يعبد ِ‬
‫ْ َ َ‬ ‫َّ ْ ُ َ ُ َ ْ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ َ ُ َ َ َ‬
‫وأعظم ما أمر اهلل ب ِ ِه اتلوحيِد‪ ،‬وهو‪ :‬إِفراد اهللِ بِال ِعبادة ِ‪،‬‬
‫اِل َِل ُل َق ْو َُلُ‬
‫الْش ُك‪َ ،‬و ُه َو‪َ :‬د ْع َوةُ َغ ْريه ِ َم َع ُه‪َ ،‬و َّ‬ ‫ه‬ ‫ََ ْ َ ُ َ َ َ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫وأعظم ما نَه عنه ِ‬
‫َ ْ ُُ ْ هَ َ َ ُْ ُ ْ َ ْا‬ ‫ََ َ‬
‫ْشكوا ب ِ ِه شيئا﴾‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫اّلِل‬ ‫وا‬ ‫د‬ ‫ب‬‫ع‬ ‫ا‬‫و‬‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫ال‬ ‫تع‬

‫هذه بداية ثالثة األصول‪ ،‬وما قبال مقدمات هلا‬


‫ُ َ َ‬ ‫ْ َْ َْ َ َ َ‬
‫قال‪« :‬ا ِعلم أرشدك اهلل ل ِطاعتِ ِه» يدعو لك بالرشاد‪ ،‬أن‬
‫يرشدك اهلل لطاعته‪ ،‬وهذه من ادلعوات الطيباتـ نسأل اهلل سبحانه‬
‫وتعاىل أن يتقبلها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ َّ ْ َ َّ َ َّ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ ُ َ َ َ ْ َ‬
‫قال «أن اِلنِي ِفية مِلة إِبراهِيم‪ :‬أن تعبد اهلل وحده» أي يقول‪:‬‬
‫‪45‬‬
‫إن احلنيفية اليت يه ملة إبراهيم ما يه ؟ يه أن تعبد اهلل وحده‪.‬‬
‫ُملِ اصا ََلُ ِّ‬
‫اِل َ‬
‫ين » أي‪ :‬ال تدين إال هلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬وال‬
‫ُْ‬
‫«‬
‫تتعبد إال هلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬فيكون دينك خالصا هلل سبحانه‬
‫وتعال‪ ،‬وأن ال ترشك مع اهلل ً‬
‫أحدا؛ فادلين ال يكون خالصا إال مع‬
‫نيف الرشك‪ ،‬أي نوع من أنواع الرشك‪ ،‬سواء َكن رشًك أكْب أو رشًك‬
‫اصغر‪ ،‬فاإلنسان ُُي ُ‬
‫لص دينىه هلل سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َ َ َ َََ ُ َ َ‬
‫اس» فإن مجيع األنبياء أتوا‬‫قال‪« :‬وبِذل ِك أمر اهلل َجِيع انل ِ‬
‫بهذا‪ ،‬ودعوة مجيع األنبياء تشمل مجيع انلاس‪ ،‬فاهلل أمر مجيع انلاس‬
‫َ ََ ُ ََ‬
‫بذلك‪َ « ،‬وخلقه ْم لها» ألنه خلقهم للعبادة‪ ،‬والعبادة تعين اتلوحيد‪،‬‬
‫ىىْ ى ْ ى ُ‬
‫ألن من أرشك ال تكون عبادته مقبولة‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬ولو أرشكوا‬
‫ى ُ ىْ ُ ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫حل ى ِب ىط عنْ ُه ْم ىما َكنوا يع ىملون﴾ أي أن من تلبس بالرشك؛ بطل‬
‫عمله‪.‬‬

‫بل لو عبد اهلل‪ ،‬ولكنه أدخل يف عبادته رشًك أصغر‪َ ،‬كلرياء‪،‬‬


‫وهو أن يطلب أن يراه انلاس‪ ،‬فيقول اهلل سبحانه وتعاىل يف احلديث‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ِّ ْ ى ْ ى ى ى ى ً ى ْ‬ ‫ى‬ ‫ى ى ى ْ ى ُّ ى ى‬
‫القديس‪« :‬أنا أغَن الرشًك ِء ع ِن الرش ِك‪ ،‬من ع ِمل عمال أرشك ِفي ِه‬

‫‪46‬‬
‫ىْ ىىُُْ ى ْ ىُ‬ ‫ى‬
‫ريي تركته و ِرشكه»[‪ ]15‬فاهلل غين عن الرشك‪ ،‬فسيرتك هذا‬ ‫ِ‬ ‫غ‬ ‫يع‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫العمل لغريه‪ ،‬وال يقبل منه شيئًا‪ ،‬فاكن األصل يف العبادة اتلوحيد؛‬
‫ال يمكن أن يعبد اإلنسان عبادة صحيحة إال مع توحيد صحيح‪.‬‬
‫ى ى ىى ُ ْ ىى ى ى ى ى‬ ‫َّ‬ ‫ى‬ ‫ى ى ى ىىى ُ ى‬
‫اس‪ ،‬وخلقهم لها؛ كما قال‬ ‫مجيع انل ِ‬ ‫قال « وبِذلِك أمر اهلل ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ىى ْى ىْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ى ى ى ى ْ ُ ْ َّ ى ْ ى َّ ى ْ‬ ‫ىى ى‬
‫ون ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫د‬ ‫ب‬‫ع‬ ‫ي‬ ‫َن‬‫ع‬ ‫م‬‫و‬ ‫﴾‬‫ون‬
‫ِ‬ ‫د‬ ‫ب‬‫ع‬ ‫يل‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫إ‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫ن‬‫اإل‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫اجل‬
‫ِ‬ ‫ت‬‫ق‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ا‬‫م‬‫﴿و‬ ‫‪:‬‬‫اىل‬ ‫تع‬
‫ون» فخلق اجلن واإلنس لغاية العبادة هلل سبحانه وتعاىل؛‬ ‫ُ ى ِّ ُ‬
‫يو ِحد ِ‬
‫فهذا هو املطلوب منهم‪.‬‬
‫َُ ه ُ‬ ‫َ ََْ َُُْ‬
‫ون» هذا جاء عن ابن عباس‬ ‫حد ِ‬‫ون‪ :‬يو ِ‬
‫قال «ومعَن يعبد ِ‬
‫‪ ‬بيَّ َّنا سبب ذلك‪ ،‬أن من عبد اهلل وأرشك فعبادته ال‬
‫تكون هلل سبحانه وتعاىل؛ أما من أخلص العبادة هلل سبحانه‬
‫وتعاىل عندها ستكون عبادته صحيحة‪ ،‬فال يمكن أن تكون‬
‫عبادة بدون توحيد قال ومعَن يعبدون يوحدون‪.‬‬
‫َّ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ َ ُ َ َ َ‬
‫قال «وأعظم ما أمر اهلل ب ِ ِه اتلوحيِد» اتلوحيد أعظم ما أمر اهلل‬

‫[‪ ]15‬رواه مسلم (‪.)2985 - 46‬‬


‫‪47‬‬
‫ى ُّ‬
‫ُيل به؛ بينما قد يغفر للعايص‪ ،‬وقد يغفر‬ ‫به ألنه ال يُغفر ملن ِ‬
‫أمر اتلوحيد أعظم‬‫للمقرص‪ ،‬أما يف اتلوحيد فال يوجد مغفرة‪ ،‬إذن ُ‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ َُ َْ ُ‬
‫األمور‪ ،‬قال‪« :‬وهو‪ :‬إِفراد اهللِ بِال ِعبادة ِ» أي جعل العبادة هل وحده‪.‬‬
‫ََ ْ َ ُ َ َ َ َ ْ ه ُ َ ُ َ َ ْ َ ُ َ ْ َ َ ُ‬
‫ريه ِ معه» وذلك ألنه ال‬‫الْشك‪ ،‬وهو‪ :‬دعوة غ ِ‬ ‫«وأعظم ما نَه عنه ِ‬
‫َ َّ ُ َ ُ َ َ َ‬
‫اِل َِلل ق ْوَلُ تعال‪:‬‬‫يغفر‪ ،‬بل إنه ُيبط األعمال الصاحلة‪« .‬و‬
‫َ ْ ُُ ْ هَ َ َ ُْ ُ ْ َ ْا‬
‫ْشكوا ب ِ ِه شيئا﴾» والواقع أن هذه اآلية ليست‬ ‫﴿واعبدوا اّلِل وال ت ِ‬
‫ديلال ىلع املطلوب‪ ،‬فليس فيها إملاح ملزية اتلوحيد وخطورة الرشك‪،‬‬
‫وإنما أمر باتلوحيد ونيه عن الرشك‪ ،‬وأقوى يف ادلاللة ىلع املطلوب‬
‫ََْ ُ َ ُ َ َ َ َ ْ‬ ‫َّ َّ َ َ َ ْ ُ َ ْ ُ ْ َ َ‬
‫هو قوهل‪﴿ :‬إِن اّلِل ال يغ ِفر أن يْشك ب ِ ِه ويغ ِفر ما دون ذل ِك ل ِمن‬
‫َ َ ُ َ َ ْ ُ ْ ْ َّ َ َ ْ َ َ ْ ا َ ا‬
‫ْشك بِاّلِلِ فق ِد افْتى إِثما ع ِظيما﴾ ولو أن هذه اآلية‬ ‫يشاء ومن ي ِ‬
‫فيها ذكر الرشك فقط‪ ،‬إال أن مفهومها يقتيض اتلوحيد‪ ،‬أو قوهل‪:‬‬
‫َْ َ ْ ُ َ َْ َ‬ ‫ُ ْ َّ َ ُ ْ ُ َ ْ َ ْ ُ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ‬
‫آب﴾‬ ‫َشك ب ِ ِه إَِل ِه أدعو وإَِل ِه م ِ‬
‫﴿قل إِنما أمِرت أن أعبد اّلِل وال أ ِ‬
‫فأداة احلرص ﴿إنما﴾ دلت ىلع اتلعظيم‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫األصول الثالثة‬

‫َْ‬ ‫َ ُ ََ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ ُ َّ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ان‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫اإل‬
‫ِ‬ ‫لَع‬ ‫ب‬ ‫َي‬
‫ِ ِ‬‫الِت‬ ‫ة‬ ‫لث‬ ‫اثل‬ ‫ول‬ ‫ص‬‫األ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫‪:‬‬‫ك‬ ‫ل‬ ‫ِيل‬ ‫ق‬ ‫ا‬‫ذ‬ ‫فإ ِ‬
‫َْ ََُ‬
‫مع ِرفتها؟‬
‫َ ُ َ ُ ُ َ َّ ا‬ ‫َّ ُ‬ ‫َُْ َْ َُ َْ‬
‫فقل‪ :‬مع ِرفة الع ْب ِد َربه‪َ ،‬ودِينه‪َ ،‬ونبِ َّيه َممدا ﷺ‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ى‬
‫هذه يه ثالثة األصول‪ ،‬ولو الحظنا االسئلة اليت ستسأل‬
‫لإلنسان يف القْب‪ ،‬فيه هذه اثلالثة؛ من ربك؟ ما دينك؟ من هذا‬
‫الرجل اِلي أرسل فيكم؟ فالواجب ىلع ك مسلم معرفة هذه‬
‫اثلالثة والعمل بمقتضاها‪ ،‬فإن لم يفعل فما عرف ادلين‪.‬‬

‫األصل األول‪ :‬أن تعرف ربك‪ ،‬واثلاين‪ :‬أن تعرف دينك‪ ،‬وهذا‬
‫ادلين ال يمكن أن تعرفه إال من خالل ُممد ﷺ‪ .‬أي أنك قد‬
‫تعرف ربك ولكن ال تعرف كيف تعبده؛ فتعبده ال كما يريد‪ ،‬فال‬
‫‪49‬‬
‫بد من أن تعرف ادلين الصحيح اِلي تتقرب به إىل اهلل سبحانه‬
‫وتعاىل‪ ،‬وأن تعرف انلِب ﷺ ألنه هو اِلي يدلك ىلع ادلين‬
‫الصحيح‪.‬‬

‫َ َ َ َ َ َ ْ ُّ َ‬
‫فإِذا قِيل لك‪ :‬من َربك؟‬
‫األصل األول‪ :‬معرفة الرب‬

‫ي بن َعمه‪َ ،‬و ُهوَ‬ ‫ِيع الْ َعالَم َ‬


‫َ َ َّ َ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ ُ ْ َ ه َ ُ َّ‬
‫فقل‪ :‬ر ِِّب اهلل اَّلِي رب ِاِن‪ ،‬ورَّب َج‬
‫ِ ِِ ِ ِ‬
‫َ ْ ُ هَ ِّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ُ ٌ َ ُ َ َّ ُ َ ُ َ َ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َْ‬
‫اِلمد ّلِلِ َرب‬ ‫اِل َِلل ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬‬ ‫مع ُبودِي ليس ِِل معبود ِسواه؛ و‬
‫َ َ ٌ ََ َ َ ٌ ْ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ُ ُّ َ ْ‬
‫حد مِن ذل ِك العال ِم‪.‬‬ ‫العال ِمي﴾ وك من ِسوى اهللِ َعلم‪ ،‬وأنا وا ِ‬

‫َ َ َ َ َ َ ْ َ ُّ َ‬
‫ك؟» فبماذا أجيب؟ « َف ُق ْل‪َ :‬ر ه َ‬
‫ِّب اهللُ‬
‫ِ‬ ‫« فإِذا قِيل لك‪ :‬من رب‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫اَّلِي َرب ِاِن » هو ال يقول لك أن هذه يه اإلجابة اِلي ال َيوز أن‬
‫َتيب بغريها ؛ لكن هو أراد من خالل هذا السؤال أن يوصل نلا‬
‫معَن الرب‪ .‬وإال فأحسن جواب هو الكم اهلل سبحانه وتعاىل نقول‪:‬‬
‫َّ ُ َ َ َ َّ ُ َ ْ َ ُّ ْ َ ُّ ُ َ َ ْ ُ ُ ُ َ ٌ َ َ َ ْ ٌ َ ُ َ‬
‫﴿ اّلِل ال إَِل إِال هو الَح القيوم ال تأخذه ِسنة وال نوم َل ما ِِف‬

‫‪50‬‬
‫ْ َ ْ َ ْ َ َّ َ ْ َ ُ ْ َ ُ َّ ْ َ ْ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫الس َم َ‬
‫ات َوما ِِف األر ِض من ذا اَّلِي يشفع عِنده إِال بِإِذن ِ ِه يعلم ما‬ ‫او ِ‬
‫ِش ٍء م ِْن عِلْ ِم ِه إ َّال ب َما َشاءَ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ َْ ْ َ َ َ َْ ُ ْ ََ ُ ُ َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫يهم وما خلفهم وال ُيِيطون ب ِ‬ ‫بي أي ِد ِ‬
‫ْ‬
‫ح ْف ُظ ُه َما َو ُه َو ال َع ِِلُّ‬ ‫َ َْْ َ ََ َُ ُ‬
‫ودهُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ْ ُّ ُ َّ َ‬
‫ِ‬ ‫ات واألرض وال يئ‬ ‫و ِسع كر ِسيه السماو ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َّ َ‬ ‫َّ َ َّ ُ ُ َّ ُ َّ‬ ‫الْ َع ِظ ُ‬
‫ات َواأل ْرض‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫او‬ ‫م‬ ‫الس‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ِي‬ ‫اَّل‬ ‫اّلِل‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫﴿‬ ‫وقوهل‪:‬‬ ‫﴾‬ ‫يم‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َّ ُ َّ ْ َ َ َ َ َ ْ ُ َ ِّ ُ ْ َ َ ْ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫يع إِال مِن‬ ‫ِِف ِست ِة أيامٍ ثم استوى لَع العر ِش يدبر األمر ما مِن ش ِف ٍ‬
‫َ ْ ْ َ ُ ُ َّ ُ َ ُّ ُ ْ َ ْ ُ ُ ُ َ َ َ َ َ َّ ُ َ‬
‫بع ِد إِذن ِ ِه ذل ِكم اّلِل ربكم فاعبدوه أفل تذكرون ﴾ هذا خري‬
‫الالكم‪ ،‬وهذا ما جنيب به‪.‬‬

‫لكن الشيخ يريد أن يوصل ملعَن الربوبية‪ ،‬فقال‪َ « :‬ف ُق ْل‪َ :‬ر هِّبَ‬
‫ِ‬
‫َ َ َّ َ َ ْ َ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َّ‬
‫ي بِنِع ِم ِه» الرتبية يه اتلنشئة‪،‬‬ ‫اهلل اَّلِي َرب ِاِن‪ ،‬ورَّب َجِيع العال ِم‬
‫وَنن قد نشأنا بنعمة اهلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬فهو اِلي خلقنا ورزقنا‪،‬‬
‫اهلل سبحانه وتعاىل وأنعم علينا بنعمه ‪-‬سبحانه‬ ‫ولوال أن رزقىنا ُ‬
‫ى ُّ‬
‫وتعاىل وهل احلمد‪ -‬ملا قام العالم ُكه‪.‬‬
‫ُ َْ‬
‫قال‪َ « :‬وه َو مع ُبودِي» املعبود‪ :‬هو اِلي يُعبد‪ ،‬معبودي‪ ،‬أي‪:‬‬
‫َْ ٌ‬ ‫َْ َ‬
‫اِلي أعبده‪ « .‬ليس ِِل مع ُبود ِس َواهُ » وذلك مقتَض كوِن مسلما‪.‬‬
‫هنا أثبت أن اهلل ٌّ‬
‫رب للعاملينقال وُك من سوى اهلل ًعملعندنا‬

‫‪51‬‬
‫عوالم؛ ًعلم احليوان؛ ًعلم اجلن؛ ًعلم اإلنس؛ ًعلم كذا ‪ ،‬فهذه‬
‫العوالم ُكها ربها من؟؟ اهلل‪.‬‬
‫ْ َ ْ ُ هَ َ ِّ ْ َ َ َ َ ُ ُّ َ ْ‬ ‫َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫قال‪ « :‬واِل َِلل قوَل تعال‪﴿ :‬اِلمد ّلِلِ رب العال ِمي﴾ وك من‬
‫ى‬ ‫َ َ ٌ ََ َ َ ٌ ْ َ َ ْ َ َ‬
‫حد مِن ذل ِك العال ِم» العاملني‪ ،‬مجع ًعلم‪ ،‬وُك‬ ‫ِس َوى اهللِ َعلم‪ ،‬وأنا وا ِ‬
‫ى‬ ‫جنس من ى‬
‫المخلوقات‪ً :‬علم‪ .‬واهلل رب للك هذه العوالِم‪ ،‬وأنا فرد‬
‫من أفراد تلك العوالم‪ ،‬فرِب هو اهلل اِلي كغريي من العاملني‪.‬‬

‫َ ْ َ َّ َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫فإِذا قِيل لك‪ :‬ب ِ َم ع َرفت َربك؟‬
‫َّ ْ ُ‬
‫ار‪َ ،‬والشمس‪،‬‬ ‫وقات ِ ِه‪َ ،‬وم ِْن آيَات ِ ِه‪ :‬اللَّ ْي ُل‪َ ،‬وانلَّ َه ُ‬
‫َُْ َ َ َُْ َ‬
‫فقل‪ :‬بِآيات ِ ِه وُمل‬
‫ُ َ َّ ُ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ ُ َّ ُ‬ ‫ْ َُْ َ‬ ‫َْ َ‬
‫اوات الس ْبع َواأل َرضون الس ْبع َومن‬ ‫َوالقم ُر‪َ ،‬ومِن ُملوقات ِ ِه السم‬
‫ال‪َ ﴿ :‬وم ِْن آيَات ِ ِه اللَّ ْي ُل َوانلَّ َه ُ‬ ‫َّ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫ار‬ ‫ِيهن‪ ،‬وما بينهما؛ واِل َِلل قوَل تع‬ ‫ف ِ‬
‫َّ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ ُ ُ َّ َّ‬ ‫َ َّ ْ ُ َ ْ َ َ ُ َ َ ْ ُ ُ‬
‫والشمس والقمر ال تسجدوا ل ِلشم ِس وال ل ِلقم ِر واسجدوا ِّلِلِ اَّلِي‬
‫َّ َّ ُ ه ُ َّ‬ ‫ُ ُ َّ َ ْ ُ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫َ ََ ُ‬
‫خلقه َّن إِن كنت ْم إِياهُ تع ُبدون﴾ َوق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬إِن َربك ُم اّلِل اَّلِي‬
‫َّ َ َّ ُ َّ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ ُ ْ‬ ‫َ َ َ َّ َ َ َ َ ْ َ‬
‫ات واألرض ِِف ِست ِة أيامٍ ثم استوى لَع العر ِش يغ ِِش‬ ‫خلق السماو ِ‬
‫وم ُم َس َّخ َ‬ ‫َّ ْ َ َّ َ َ َ ْ ُ ُ ُ َ ا َ َّ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ُّ ُ َ‬
‫ات‬‫ٍ‬ ‫ر‬ ‫الليل انلهار يطلبه حثِيثا والشمس والقمر وانلج‬
‫‪52‬‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َ ُ ْ َ ْ ُ َ َ ْ ُ َ َ َ َ ه ُ َ ُّ ْ َ َ‬
‫بِأم ِره ِ أال َل اْللق واألمر تبارك اّلِل رب العال ِمي﴾‬
‫َ َ ُّ َ َّ ُ ْ ُ ُ ْ‬ ‫َ َّ ُ ُ َ ْ َ ْ ُ ُ َ َّ ُ َ ُ َ َ َ‬
‫اِل َِلل ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬يا أيها انلاس اعبدوا‬ ‫والرب هو المعبود‪ ،‬و‬
‫َ ْ ُ ْ َ َ َّ ُ ْ َ َّ ُ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ ْ َ َّ‬ ‫َ َّ ُ ُ َّ‬
‫ربكم اَّلِي خلقكم واَّلِين مِن قبلِكم لعلكم تتقون * اَّلِي‬
‫الس َمآءِ َمآءا‬ ‫َ ا َ َ َ َ َ َّ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ َ ْ َ َ ا َ َّ َ‬
‫جعل لكم األرض ف ِراشا والسمآء بِنآء وأنزل مِن‬
‫ْ ا َّ ُ ْ َ َ َ ْ َ ُ ْ ه َ َ ا َ َ ُ‬
‫نتمْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ََ ْ َ َ‬
‫ات ِرزقا لكم فل َتعلوا ِّلِلِ أندادا وأ‬ ‫فأخرج ب ِ ِه مِن اثلمر ِ‬
‫َْ َُ َ‬
‫تعلمون﴾‬
‫اء ُهوَ‬ ‫ال ‪ :‬اْلَال ُِق ل َِه ِذه ِ األَ ْش َي َ‬‫َ َُ ُ ََ َ‬
‫ري ـ ر ِمحه اهلل تع‬ ‫ِ‬ ‫ث‬
‫َ َ ْ ُ َ‬
‫ك‬ ‫قال ابن‬
‫ٍ‬
‫ْ ُ ْ َ ُّ ْ َ َ‬
‫حق ل ِل ِعبادة ِ‪.‬‬ ‫المست ِ‬

‫َ ْ َ َّ َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫قال‪ « :‬فإِذا قِيل لك‪ :‬ب ِ َم ع َرفت َربك؟» أي‪ :‬كيف عرفه؟ وما‬
‫ديللك إيله؟‬

‫اإلنسان بمجرد أن يتأمل يف هذا الكون سيعلم أن هلذا الكون‬


‫ٌ‬ ‫ى‬ ‫ً‬
‫حكيم‪ ،‬فمن ِحكمته جعل هذا الكون يسري‬ ‫اخلالق‬ ‫خالقا‪ ،‬وأن هذا‬
‫َّ‬
‫وفق هذا انلظام اِلي لو اختل؛ ما أمكن أن تعيش؛ فلو اقرتبت‬

‫‪53‬‬
‫األرض من الشمس أكرث فستتبخر املياه‪ ،‬وتيبس األشجار‪ ،‬وتفسد‬
‫ى‬
‫احلياة‪ ،‬ولو ابتعدت أكرث فإننا سنجمد‪ ،‬فاهلل خل ىق هذا اخللق وفق‬
‫نظام دقيق‪ .‬فلو نظرنا إىل دقة خلق اهلل سبحانه وتعاىل يف ك َشء‬
‫ُ‬
‫اإلنسان فإن ُج ى‬
‫رحه‬ ‫ألدركنا حكمته‪ ،‬لو نظرنا إىل جِلنا‪ ،‬إن ُج ِر ىح‬
‫سيلتئم‪ ،‬فلو َكنت اجلروح ال تلتئم فمن اِلي يستطيع أن يصلحها؟‬
‫سيكون اجلرح الواحد كفيال بقتل اإلنسان‪ .‬ملا َكن ادلماغ حساسا‬
‫ال ُيتمل الصدمات جعل هل مججمة َتميه‪ ،‬وجعل للقلب قفصا‬
‫من العظام يقيه الصدمات‪ ،‬ومرر انلخاع الشويك داخل السلسلة‬
‫من العظام (العمود الفقري)‪ ،‬جعل الرئة أداة خللط ادلم‬
‫باألكسجني‪ ،‬يلذهب من الرئة إىل القلب‪ ،‬ومن القلب إىل أصغر‬
‫خلية من خاليا اجلسم‪.‬‬

‫إذا نظرت إىل دقة خلق اهلل سبحانه وتعاىل ستعلم أن هذا‬
‫ُ‬ ‫ى‬
‫اخللق لم يكن إال ِبالق‪ ،‬ونعلم أن هذا اخلالق احلكيم لن ُيل ىق‬
‫حلكمة‪ ،‬فما هذه احلكمة؟ هل سيرتكنا‬
‫شيئا عبثا‪ ،‬باتلاِل هو خلقنا ِ‬
‫دون أن ُيْبنا بها؟ احلكمة تقتيض أن ُيْبنا لكيال نتوه ونعيش‬
‫ً‬
‫عبثا‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫فإذا أخْبنا فمن أين سنأخذ هذا اخلْب؟ نسْب حال من قالوا أن‬
‫اهلل أرسلهم‪ ،‬فنجد ُممدا ﷺ جاء باخلْب الرصيح ِّ‬
‫ابلني من عند‬
‫اهلل سبحانه وتعاىل‪ .‬وهو الوحيد اِلي ُحفظت رساتله بأدق الوسائل‪.‬‬

‫نرجع ألصل املسألة‪ :‬انلظر يف املخلوقات يدل ىلع اهلل‬


‫َُْ َ‬ ‫َ‬ ‫َُْ‬
‫‪ ‬فهذا ما يقتضيه قول الشيخ «فقل‪ :‬بِآيات ِ ِه َوُملوقات ِ ِه‬
‫ْ َُْ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َّ ْ ُ‬ ‫َوم ِْن آيَات ِ ِه‪ :‬اللَّ ْي ُل‪َ ،‬وانلَّ َه ُ‬
‫ار‪َ ،‬والشمس‪َ ،‬والقم ُر‪َ ،‬ومِن ُملوقات ِ ِه‬
‫َّ َ َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫َّ َ َ ُ َّ ْ ُ َ َ َ ُ َ َّ ْ ُ َ َ ْ‬
‫ِيهن‪ ،‬وما بينهما» فلو‬ ‫السماوات السبع واألرضون السبع ومن ف ِ‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫حلكم يف ك ذلك لعرفت اهلل‪ ،‬فهذه ُكها‬ ‫نظرت يف دقة خلقهم‪ ،‬وا ِ‬
‫آيات تدلك ىلع عظمة اهلل وىلع عظمة خلقه وىلع حكمته‪ ،‬وىلع‬
‫قدرته‪ .‬ثم قال الشيخ مدلال ىلع صحة االستدالل بهذه اآليات ىلع‬
‫َّ ْ ُ َ َّ َ ُ َّ ْ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َّ ُ َ ُ َ َ َ‬
‫ار َوالشمس‬ ‫اِل َِلل ق ْوَلُ تعال‪َ ﴿ :‬ومِن آيات ِ ِه الليل وانله‬‫خالقها‪ « :‬و‬
‫َ ََ ُ‬ ‫ْ ُ ُ َّ َّ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َْ َ َ َْ ُ ُ‬
‫َوالقم ُر ال تسجدوا ل ِلشم ِس َوال ل ِلقم ِر َواسجدوا ِّلِلِ اَّلِي خلقه َّن‬
‫ُ ُ ْ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ‬
‫إِن كنتم إِياه تعبدون﴾» وجه ادلاللة يف اآلية أن معَن «آية» عالمة‪،‬‬
‫فهذه املخلوقات عالمات تدنلا ىلع اهلل‪.‬‬
‫َ َ َْ َ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َ َْ ُ ُ‬
‫قوهل‪ « :‬ال تسجدوا ل ِلشم ِس وال ل ِلقم ِر» عْب عن العبادة‬
‫بالسجود؛ فإذا عْب عن العبادة بفعل من األفعال ع ِلمنا أن هذا‬
‫‪55‬‬
‫ُ‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫الفعل ىمن ف ىعله لغري اهلل كفر‪ ،‬وهلذا أهل العلم قالوا إن اِلي‬
‫يسجد لغري اهلل يكفر يف رشيعتنا‪ ،‬بينما يف رشيعة من َكن قبلنا‬
‫إذا سجد سجود َتية فإنه ال يكفر‪ ،‬ألن اهلل لم يكن جعل‬
‫السجود عبادة خالصة‪ ،‬أما يف رشيعتنا من سجد لغري اهلل يكفر‬
‫َّ َّ‬ ‫ْ ُ ُ‬
‫ألن اهلل جعل السجود عبادة خالصة‪َ ﴿ « ،‬واسجدوا ِّلِلِ اَّلِي‬
‫ُ ُ َّ َ ْ ُ َ‬ ‫َ ََ ُ‬
‫خلقه َّن إِن كنت ْم إِياهُ تع ُبدون﴾» فإن كنت تعبد اهلل ‪‬‬
‫فإنك ستسجد هلل وال تسجد لغريه‪.‬‬
‫َ ََ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َّ ُ ُ ه ُ‬ ‫ََُُْ َ َ َ‬
‫قال‪« :‬وقوَل تعال‪﴿ :‬إِن ربكم اّلِل» فمن اهلل؟ « اَّلِي خلق‬
‫ْ‬ ‫َّ َ َّ ُ َّ ْ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َّ‬
‫الس َم َ‬
‫ات واألرض ِِف ِست ِة أيامٍ ثم استوى لَع العر ِش» فمن نىف‬‫او ِ‬
‫استواء اهلل ىلع عرشه؛ ما آمن باهلل‪ ،‬فقد عرفنا بنفسه بأنه هو‬
‫املستوي ىلع العرش « ُي ْغِش اللَّ ْي َل انلَّ َه َ‬
‫ار » أي هو اِلي جعل الليل‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫يغطي انلهار‪ ،‬وهذه من األمور اليت اكت ِشفت حديثا‪ ،‬أن انلهار ‪-‬‬
‫اِلي هو انتشار نور الشمس‪ -‬يف األرض ُييط به الليل ‪-‬وهو‬
‫َْ ُ ُ َ ا‬
‫الظالم‪ -‬إحاطة َكملة «يطل ُبه حثِيثا » أي يتعاقبات وكأن أحدهما‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ُّ ُ َ ُ َ َّ‬
‫ات بِأم ِره ِ » فما َكن‬
‫يالحق اآلخر «والشمس والقمر وانلجوم مسخر ٍ‬
‫َ َ َ ُ َْ ْ ُ َ ْ ُ َ َ َ َ‬
‫َ‬
‫منها من جريان ونور ومنافع‪ُ ،‬كها بأمره «أال َل اْللق واألمر تبارك‬
‫‪56‬‬
‫َ‬ ‫ه ُ َ ُّ ْ َ َ‬
‫اّلِل رب العال ِمي﴾»‬
‫َ َّ ُ ُ ْ َ ْ ُ‬
‫الرب ه َو المع ُبود» أي هذا الرب هو املستحق للعبادة‬ ‫«و‬
‫ُ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ ُ ْ ُ ُ ْ َ َّ ُ‬ ‫َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫«واِل َِلل قوَل تعال‪﴿ :‬يا أيها انلاس اعبدوا ربكم » وجه الشاهد‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِين مِن ق ْبلِك ْم‬ ‫ك ْم َو» خلق « َّاَّل َ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫َّ‬
‫أنه أمرنا بعبادة الرب «اَّلِي خلق‬
‫َ ََ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ ُ َ‬ ‫َ َ َّ ُ‬
‫كمُ‬ ‫لعلك ْم» إذا عبدتموه « تتقون »وذلك الرب هو« اَّلِي جعل ل‬
‫ا‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َْ َ َ ا‬
‫األرض ف ِراشا» أي‪ :‬مهدها وسهلها « والسمآء بِنآء »أي‪ :‬سقفا «‬
‫ْ ا َّ ُ ْ َ َ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َّ َ َ ا َ َ ْ َ َ‬
‫ات ِرزقا لكم فل َتعلوا‬ ‫وأنزل مِن السمآءِ مآء فأخرج ب ِ ِه مِن اثلمر ِ‬
‫ال ْاب ُن َكثري ‪َ -‬ر ِمحَ ُه اهللُ‬ ‫ََ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َ َ‬ ‫ه َ َ ا‬
‫ِ ٍ‬ ‫ِّلِلِ أندادا» رشًكء « وأنتم تعلمون﴾ ق‬
‫َ ْ َ َ ُ َ ْ ُ ْ َ ُّ ْ َ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ََ َ‬
‫حق ل ِل ِعبادة ِ»‬ ‫تعال‪ :-‬اْلال ِق ل ِه ِذه ِ األشياء هو المست ِ‬

‫وسيتلكم اآلن الشيخ عم أنواع العبادة نلحذر من َصفها لغري‬


‫اهلل‪.‬‬
‫أنواع العبادة‬

‫ْ ِ َ َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ َ ْ َ ُ ْ َ َ َّ َ َ َ ُ َ‬
‫ان‪،‬‬
‫اإليم ِ‬‫اإلسلم‪ ،‬و ِ‬ ‫وأنواع ال ِعبادة ِ ال ِِت أمر اهلل بِها؛ مِثل‪ِ :‬‬
‫َ ْ ُ ُّ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ َّ َ ُ َ َّ َ ُّ ُ َ َّ ْ َ ُ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ان‪ ،‬ومِنه‪ :‬اِلَعء‪ ،‬واْلوف‪ ،‬والرجاء‪ ،‬واتلوك‪ ،‬والرغبة‪،‬‬ ‫اإلحس ِ‬‫و ِ‬

‫‪57‬‬
‫َ َّ ْ َ ُ َ ْ ُ ُ ُ َ ْ َ ْ َ ُ َ َ َ ُ َ ْ َ َ ُ َ ْ َ َ ُ‬
‫اإلنابة‪ ،‬واالستِعانة‪ ،‬واالستِعاذة‪،‬‬ ‫والرهبة‪ ،‬واْلشوع‪ ،‬واْلشية‪ ،‬و ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ْ َ َ ُ َ َّ ْ ُ َ َّ ْ ُ َ َ ْ ُ َ َ َ ْ ْ َ ِ ْ َ َّ َ‬
‫اع ال ِع َبادة ِ ال ِِت أم َر‬‫واالستِغاثة‪ ،‬واَّلبح‪ ،‬وانلذر‪ ،‬وغري ذلك مِن أنو‬
‫ََ َ‬ ‫ُ َ ُ ُّ َ‬
‫اهلل بِها‪َ .‬كها هللِ تعال‪.‬‬
‫َ َ َّ ْ َ َ َ َّ َ َ َ ْ ُ َ َ َّ‬ ‫َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫جد ِّلِلِ فل تدعوا مع اّلِلِ‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫أ‬‫و‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫ال‬ ‫واِل َِلل‪ :‬قوَل تع‬
‫َ ُ َ ُ ْ ٌ َ ٌ َ َّ ُ‬ ‫َ َ ا َ َ ْ َ َ َ َْ َ ْا َ ْ‬
‫ْشك َكف ِر‪ ،‬واِل َِلل‪:‬‬ ‫ري اهللِ؛ فهو م ِ‬ ‫أحدا﴾ فمن ِصف مِنها شيئا ل ِغ ِ‬
‫َ َّ َ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َ َّ ا َ َ ُ َ َ َ‬ ‫َ ُ ََ َ‬
‫ق ْوَلُ تعال‪َ ﴿ :‬ومن يدع مع اّلِلِ إلها آخ َر ال ب ْرهان َلُ ب ِ ِه فإِنما‬
‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ ِّ َّ ُ َ ُ ْ ُ ْ َ‬
‫حسابه عِند َرب ِه إِنه ال يفلِح الَكف ُِرون﴾‬ ‫ِ‬
‫ََ َ‬ ‫ْ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬
‫يث‪« :‬اِلَعء مخ ال ِعبادة ِ » واِل َِلل‪ :‬قوَل تعال‪﴿ :‬وقال‬‫ُ‬ ‫َو ِِف اِل ِد ِ‬
‫َ‬
‫َ ْ َ ْ َ ُ ْ َّ َّ َ َ ْ َ ْ ُ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ ُّ ُ ُ ْ ُ‬
‫جب لكم إِن اَّلِين يستك ِبون عن عِباد ِِت‬ ‫وِن أست ِ‬ ‫ربكم ادع ِ‬
‫ون َج َه َّن َم َداخر َ‬ ‫َ َْ ُ ُ َ‬
‫ين﴾‬ ‫ِِ‬ ‫سيدخل‬

‫والعبادة يه ك ما أمر اهلل أن يُ ى‬


‫تقرب به إيله‪ .‬وهلا أنواع ثالثة؛‬
‫قويلة‪ ،‬وقلبية‪ ،‬وعملية‪ .‬والقلبية نوًعن؛ عقائد‪ ،‬وأعمال قلبية‪.‬‬
‫ً‬ ‫ى ى‬
‫وُك ما أمر اهلل أن ال يُفعل إال هل؛ َكن من ف ىعله لغريه مرشًك‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫وُك من أدى شعرية دينية يتوجه بها إىل غري اهلل؛ َكن مرشًك‪.‬‬

‫فبعد معرفة هذه الضوابط سننظر إىل عدد من العبادات اليت‬


‫ذكرها الشيخ‪ ،‬مع أدتلها بعد قليل‪.‬‬
‫َ َّ ُ‬
‫اِل َِلل» ىلع ما ذكرنا من املنع من َصف العبادة لغري‬ ‫قال‪« :‬و‬
‫َ َ َّ ْ َ َ َ َّ َ َ َ ْ ُ‬ ‫َُُْ َ َ َ‬
‫جد ِّلِلِ فل تدعوا‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫أ‬‫و‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫ال‬ ‫اهلل‪ ،‬وكفر من فعل ذلك « قوَل تع‬
‫ون ىعلىي ِهْ‬‫ى ى َّ ُ ى َّ ى ى ى ْ ُ َّ ى ْ ُ ُ ى ُ ى ُ ُ ى‬ ‫َ َ َّ َ َ ا‬
‫اَّلل يدعوه َكدوا يكون‬‫مع اّلِلِ أحدا﴾ * وأنه لما قام عبد ِ‬
‫ً‬ ‫ى‬ ‫ً ُ ْ َّ ى ى ْ ُ ى ِّ ى ى ُ ْ ُ ى‬
‫رشك بِ ِه أحدا﴾ وجه الشاهد أنه جاء‬ ‫ى‬
‫ِبلدا * قل ِإنما أدعو رِب وال أ ِ‬
‫املنع من دًعء غري اهلل‪ ،‬ثم سىم دًعء غري اهلل رشًك‪ .‬فاكن من َّ‬
‫وجه‬
‫عبادة سواء َكنت ادلًعء أو غري ادلًعء لغري اهلل َكن مرشًك‪.‬‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬
‫يث‪« :‬اِلَعء مخ ال ِعبادة ِ »» وهذا احلديث بهذا اللفظ‬ ‫ُ‬ ‫« َو ِِف اِل ِد ِ‬
‫َ‬
‫ى ى ى ٌ ى ٌ ْ ى ى ى ْ ى ىْ ُُ‬
‫الوج ِه ال نع ِرفه‬ ‫رواه الرتمذي وقال‪« :‬هذا ح ِديث غ ِريب ِمن هذا‬
‫يعة» وابن هليعة ضعيف‪ ،‬فأخطأ يف لفظه‪ ،‬ثم‬
‫ْ ى ىى‬
‫يث اب ِن ل ِه‬ ‫َّ ْ ى‬
‫ِإال ِمن ح ِد ِ‬
‫ري‪ ،‬ىع ِن‬ ‫ش‬ ‫انل ْع ىمان بْن ب ى‬
‫روى الرتمذي اللفظ الصحيح من حديث ُّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُّ ى ُ ُ ى ى ى ُ ُ َّ ى ى ى ى ى ى ى ُّ ُ ْ ْ‬ ‫ى ى‬ ‫َّ‬
‫انل ِّ‬
‫وِن‬‫ِ‬ ‫ع‬ ‫اد‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ال‬‫ق‬ ‫و‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫أ‬‫ر‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫»‬ ‫ة‬‫اد‬ ‫ب‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ء‬ ‫ًع‬ ‫«ادل‬ ‫‪:‬‬‫ال‬ ‫ِب ﷺ ق‬ ‫ى ِ‬
‫ى‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫أ ْستىجب لك ْ‬‫ى‬ ‫ْ‬
‫ْبون ع ْن ِعبىاد ِيت ىسيىدخلون ىج ىه َّن ىم‬ ‫ين ي ى ْستىك ُ‬
‫ِ‬
‫اِل ى‬‫ِ‬ ‫ن‬ ‫إ‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ِ‬

‫‪59‬‬
‫يث ىح ىس ٌن ىصح ٌ‬ ‫ى ى ى ٌ‬ ‫اخر ى‬ ‫ى‬
‫يح» قال الشيخ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ين﴾ وقال الرتمذي «هذا ح ِد‬ ‫د ِِ‬
‫َ ْ َ ْ َ ُ ْ َّ‬ ‫َ َ َ َ ُّ ُ ُ ْ ُ‬ ‫َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫جب لكم إِن‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫أ‬ ‫وِن‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫اد‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫ال‬‫ق‬‫و‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫ال‬ ‫« واِل َِلل‪ :‬قوَل تع‬
‫َ‬ ‫َّ َ َ ْ َ ْ ُ َ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ ُ َ َ َ َّ َ َ‬
‫خ ِرين﴾» ووجه‬ ‫اَّلِين يستك ِبون عن عِباد ِِت سيدخلون جهنم دا ِ‬
‫َّ َّ‬
‫اِل ى‬
‫ين‬ ‫الشاهد أن اهلل أمر بدًعئه‪ ،‬ثم سىم ادلًعء عبادة بقوهل‪ِ ﴿ :‬إن ِ‬
‫ى‬ ‫ىْ ى ْ ُ ى ى‬
‫ْبون ع ْن ِعبىاد ِيت ﴾ ولم يقل هنا «عن دًعيئ»‬ ‫يستك ِ‬

‫ُ ُ‬ ‫َ َ ََ ُ ُ ْ َ َ ُ‬ ‫َُُْ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ َْ‬


‫ون إِن كنتم‬
‫ود َِلل اْلو ِف‪ :‬قوَل تعال‪﴿ :‬فل َتافوهم وخاف ِ‬
‫ي﴾‬ ‫ُّم ْؤمن َ‬
‫ِِ‬
‫َ َ َ َ َ ْ ُ َ َ َ ِّ َ ْ َ ْ َ ْ‬ ‫َ َ ُ َّ َ َ ُ َ َ َ‬
‫الرجاءِ‪ :‬ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬فمن َكن يرجو ل ِقاء رب ِه فليعمل‬ ‫ود َِلل‬
‫َ‬
‫َ ِّ َ ا‬ ‫َ َ ا َ ا َ َ ُْ ْ‬
‫ْشك ب ِ ِع َبادة ِ َرب ِه أحدا﴾‬
‫اِلا وال ي ِ‬‫عمل ص ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ َ ه َ َ َّ ُ ْ‬ ‫َ َ ُ َّ َ ُ َ ُ َ َ َ‬
‫ك‪ :‬ق ْوَلُ تعال‪َ ﴿ :‬ولَع اّلِلِ فت َوَّكوا إِن كنتم‬ ‫ود َِلل اتلو ِ‬
‫َ َ َ َ َ َّ ْ َ َ َّ َ ُ َ َ ْ ُ ُ‬ ‫ُّم ْؤمن َ‬
‫ي﴾ وقوَل‪﴿ :‬ومن يتوك لَع اّلِلِ فهو حسبه﴾‬ ‫ِِ‬
‫َّ ُ ْ َ ُ‬ ‫َُُْ َ َ َ‬ ‫َ َ ُ َّ ْ َ َ َّ ْ َ َ ْ ُ ُ‬
‫وع‪ :‬قوَل تعال‪﴿ :‬إِنهم َكنوا‬ ‫ود َِلل الرغبةِ‪ ،‬والرهبةِ‪ ،‬واْلش ِ‬
‫َ‬ ‫َْ ْ َ َ َ ْ ُ َ َ َ َ ا َ َ َ ا َ َ ُ ََ َ‬ ‫َُ ُ َ‬
‫ات ويدعوننا رغبا ورهبا وَكنوا نلا خا ِش ِعي﴾‬ ‫ارعون ِِف اْلري ِ‬‫يس ِ‬

‫‪60‬‬
‫ْ‬ ‫َ َ َْ َ ْ ُ ْ َ ْ َ‬ ‫َ َ ُ َْ ْ َ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫ود َِلل اْلشيةِ‪ :‬قوَل تعال‪﴿ :‬فل َتشوهم واخشو ِِن﴾ اآلية‪.‬‬
‫َ َ ُ َ َ ِّ ُ ْ َ َ ْ ُ َ‬ ‫َ َ َ ُ ََ َ‬ ‫ََ ُ‬
‫اإلنابةِ‪ :‬ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬وأن ِيبوا إِل ربكم وأسلِموا َل﴾‬
‫ُ‬
‫ود َِل ِ‬
‫ل‬
‫اآلية‪.‬‬
‫اك ن َ ْس َتع ُ‬
‫َّ َ َ ْ ُ ُ َّ َ‬ ‫ْ َ َ َُُْ َ َ َ‬ ‫ََ ُ‬
‫ي﴾‬ ‫ِ‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫وإ‬ ‫د‬‫ب‬‫ع‬ ‫ن‬ ‫اك‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫ال‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫َل‬‫و‬‫ق‬ ‫ِ‪:‬‬
‫ة‬ ‫ان‬ ‫ع‬‫ِ‬ ‫ت‬‫االس‬ ‫ل‬ ‫ود َِل‬
‫َ ْ ََْ َ َ ْ َ ْ‬ ‫ْ‬
‫يث‪« :‬وإِذا استعنت فاست ِعن بِاهللِ»‬ ‫َو ِِف اِل ِد ِ‬
‫َ‬

‫ُْ‬ ‫ُ ْ َ ُ ُ َ ِّ ْ َ َ‬ ‫ْ َ َ َ ُ ََ َ‬ ‫َ ُ‬
‫َود َِلل االستِعاذة ِ‪ :‬ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬قل أعوذ بِرب الفل ِق﴾ و﴿قل‬
‫َّ‬ ‫َ ُ ُ َ ِّ‬
‫اس﴾‬ ‫أعوذ بِرب انل ِ‬
‫ْ َ ْ َ ُ َ َ َّ ُ‬
‫كمْ‬ ‫َُُْ َ َ َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫َود َِلل االستِغاثةِ‪ :‬قوَل تعال‪﴿ :‬إِذ تست ِغيثون رب‬
‫َ ْ َ َ َ َ ُ‬
‫فاستجاب لك ْم﴾ اآلية‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ ِّ َ‬ ‫ُ ْ َّ َ َ‬ ‫َ َ ُ َّ ْ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫اط‬‫ود َِلل اَّلب ِح‪ :‬قوَل تعال‪﴿ :‬قل إِن ِِن هد ِاِن رِّب إِل ِِص ٍ‬
‫َ ُْ‬ ‫ا َ ا ِّ َّ َ ْ َ َ َ ا َ َ َ َ َ ْ ُ ْ‬ ‫ُّ ْ َ‬
‫ِي * قل‬ ‫ْشك‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫َك‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫ن‬‫ح‬ ‫ِيم‬ ‫ه‬ ‫ا‬‫ر‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ة‬‫ل‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ِي‬ ‫ق‬ ‫ا‬ ‫ِين‬
‫د‬ ‫يم‬
‫ٍ‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫مس‬
‫َ َ َ َ‬
‫َشيك َل‬ ‫ال‬ ‫*‬ ‫ي‬‫اي َو َم َماِت ِ هّلِل َر ِّب الْ َعالَم َ‬ ‫َ َْ‬
‫َم َي َ‬ ‫و‬ ‫ِك‬
‫َّ َ َ َ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إِن صل ِِت ون ِ‬
‫س‬
‫َ َ ُ َ ْ ََ َ‬ ‫َ َ َ ُ َّ‬ ‫َ َ َ ُ ْ ُ َ َ َ َّ ُ ْ ُ ْ‬
‫َ‬
‫وبِذل ِك أمِرت وأنا أول المسلِ ِمي﴾ ومِن السنةِ‪« :‬لعن اهلل من ذبح‬
‫َْ‬
‫ري اهللِ»‬
‫ل ِغ ِ‬

‫‪61‬‬
‫ُ ْ ُ ْ َ َّ ْ َ َ َ ُ َ َ ْ ا َ َ‬
‫ودَلل انلذر قوَل تعال‪﴿ :‬يوفون بِانلذ ِر و َيافون يوما َكن‬
‫َ ُّ‬
‫َش ُه ُم ْس َت ِط ا‬
‫ريا﴾‬

‫اآلن يستدل الشيخ ىلع ك عبادة نص عليها بديلل ىلع كونها‬


‫عبادة‪ .‬ومن املالحظ أنه ذكر أمورا تكون من جهة عبادة‪ ،‬ومن‬
‫جهة ًعدة‪ ،‬وسأحاول ذكر الفرق بني ذلك‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ َْ‬
‫قال‪ « :‬ود َِلل اْلو ِف» اخلوف هو قلق يف انلفس تلوق ِع رضر‬
‫ُ ُ‬
‫نتم ُّم ْؤمن َ‬ ‫َ َ ََ ُ ُ ْ َ َ ُ‬ ‫َُُْ َ َ َ‬
‫ي﴾» وجه‬ ‫ِِ‬ ‫ون إِن ك‬
‫ِ‬ ‫اف‬ ‫خ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫وه‬‫اف‬ ‫َت‬ ‫ل‬‫ف‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫ال‬ ‫«قوَل تع‬
‫ادلاللة‪ :‬أنه أمر بأن ُنافه‪ .‬واخلوف من اهلل يكون من غضبه‬
‫وعقابه‪.‬‬

‫وأما خمافة غري اهلل فعَّل أنواع ثالثة‪ :‬جائزة‪ ،‬وُمرمة‪،‬‬


‫ورشكية‪.‬‬
‫ى‬
‫ُمتمل تقتضيه العادة‪،‬‬ ‫• فاجلائز‪ :‬يه ما َكن ِمن رضر‬
‫َكخلوف من انلار‪ ،‬واملرض‪ ،‬وما شابه ذلك‪ .‬كما قال اهلل‬

‫‪62‬‬
‫َ‬ ‫َ ِّ ْ ُ ْ َ َ ْ‬
‫رائ﴾‬
‫واِل مِن و ِ‬ ‫خفت الم ِ‬ ‫تعاىل عن قول زكريا‪ ﴿ :‬وإِِن ِ‬
‫َ َ َ َ ْ َ َ ا َ َ َ َّ‬
‫ْتق ُب﴾ وعن‬ ‫وقوهل عن موىس‪ ﴿ :‬فخرج مِنها خائ ِفا ي‬
‫ََْ َ َ ْ ُ ْ َ ا‬
‫خيفة﴾‬‫إبراهيم ﴿فأوجس مِنهم ِ‬
‫• واملحرم‪ :‬ما َكن من أمر غيِب ال تقتضيه العادة‪َ ،‬كتلطري‪،‬‬
‫وهو اخلوف من رضر غيِب سيحدث ملن رأء بوما أو غرابا‪،‬‬
‫أو أن الويل يغضب عليه فيسخطه‪.‬‬
‫• والرشيك‪ :‬ما َكن فيه اخلوف من اخللق مثل أو أكرث من‬
‫َ ْ َ ُ ُ َ َّ‬
‫اس من يقول آمنا‬ ‫اخلوف من اهلل‪ ،‬قال تعاىل‪َ ﴿ :‬وم َِن انلَّ ِ‬
‫َّ‬ ‫ََ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ ُ‬
‫اب اّلِلِ﴾‬
‫اس كعذ ِ‬ ‫بِاّلِلِ فإِذا أوذِي ِِف اّلِلِ جعل ف ِتنة انل ِ‬
‫ففتنة انلاس مؤذية مؤملة وقد ُيافها اإلنسان ولكن ال‬
‫تصل إىل مستوى اخلوف من اهلل‪ ،‬أو يقدمها ىلع خمافة اهلل‬
‫عند اتلعارض‪.‬‬
‫ى‬
‫• وُك خوف أبعد عن طاعة أو أوق ىع بمعصية فهو من اخلوف‬
‫املنيه عنه‪ ،‬وهذا يرتدد بني املحرم والرشيك‪.‬‬
‫ََ‬ ‫َُُْ َ َ َ‬ ‫َ َ ُ َّ َ‬
‫الرجاءِ» الرجاء هو ظن وقوع اخلري «قوَل تعال‪﴿ :‬فمن‬ ‫«ود َِلل‬
‫َ ِّ‬ ‫َ َ َ ْ ُ َ َ َ ِّ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ا َ ا َ َ ُ ْ ْ‬
‫ْشك ب ِ ِع َبادة ِ َرب ِه‬
‫اِلا وال ي ِ‬
‫َكن يرجو ل ِقاء رب ِه فليعمل عمل ص ِ‬
‫‪63‬‬
‫َ َ ا‬
‫أحدا﴾»‬

‫والرجاء منه ما هو مرشوع‪ ،‬ومنه ما هو غري مرشوع‪.‬‬

‫• فأما املرشوع فهو نوًعن‬


‫‪ o‬رجاء اخلري من اهلل‪.‬‬
‫‪ o‬ورجاء اخلري من اخللق ً‬
‫تبعا لرجاءه من اهلل‪ ،‬بالعلم‬
‫بأنه هو اِلي ييرس األمر‪.‬‬
‫• وأما غري املرشوع‪ ،‬فهو مذموم‪ ،‬ورشيك‪ ،‬وكفري‪.‬‬
‫‪ o‬فأما املذموم‪ ،‬فهو رجاء اخلري مع عدم اَتاذ أسبابه‬
‫املقدور عليها‪.‬‬
‫ِ‬
‫‪ o‬وأما الرشيك‪ ،‬فهو رجاء حصول اخلري مع اعتقاد‬
‫حصوهل دون تيسري من اهلل‪.‬‬
‫‪ o‬وأما الكفري‪ ،‬فهو رجاء جناة أهل الكفر يف‬
‫اآلخرة‪ ،‬فهذا رد للكتاب والسنة‪.‬‬
‫َ َ ُ َّ َ ُ‬
‫ك» اتلوُك هو االعتماد ىلع الغري‪ ،‬وتفويض األمر‬ ‫« ود َِلل اتلو ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ ُّ ْ‬ ‫َ َ َ ه َ َ َ َّ ُ ْ‬ ‫َُُْ َ َ َ‬
‫إيله «قوَل تعال‪﴿ :‬ولَع اّلِلِ فتوَّكوا إِن كنتم مؤ ِمنِي﴾ وقوَل‪:‬‬

‫‪64‬‬
‫َ َ َ َ َ َّ ْ َ َ َّ َ ُ َ َ ْ ُ ُ‬
‫﴿ومن يتوك لَع اّلِلِ فهو حسبه﴾» وجه الشاهد‪ :‬أمر اهلل باتلوُك‬
‫عليه‪ ،‬وربط اتلوُك باإليمان‪.‬‬

‫واتلوُك ينقسم إىل‪ :‬رشيع‪ ،‬وبديع‪ ،‬ورشيك‬

‫• فأما الرشيع‪ ،‬فهو اتلوُك ىلع اهلل مع األخذ باألسباب‪.‬‬


‫• وأما ابلديع‪ ،‬فهو اتلوُك ىلع اهلل دون أخذ باألسباب‪.‬‬
‫• وأما الرشيك‪ ،‬فهو اتلوُك ىلع غري اهلل‪ ،‬مع اعتقاد أن ذلك‬
‫املخلوق مستقل بفعله عن اهلل‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َّ ْ‬
‫«ود َِلل الرغب ِة» الرغبة يه العمل املرافق للرجاء «والرهب ِة»‬
‫ال‪﴿ :‬إ َّن ُهمْ‬ ‫َُُْ َ َ َ‬ ‫َ ُْ ُ‬
‫ِ‬ ‫وع» هو اِلل واخلضوع «قوَل تع‬ ‫خوف مستمر «واْلش ِ‬
‫ون َنا َر َغ ابا َو َر َه ابا َو ََكنُوا َنلاَ‬
‫ََْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫َ ُ َُ ُ َ‬
‫ات ويدع‬
‫ارعون ِِف اْلري ِ‬ ‫َكنوا يس ِ‬
‫ي﴾» وجه الشاهد‪ :‬ثناء اهلل ىلع من هذه صفته‪.‬‬ ‫َخاشع َ‬
‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ َْ ْ‬
‫«ود َِلل اْلشي ِة» اخلشية‪ :‬يه خوف من أمر مستقبيل‪ ،‬ولعلها‬
‫مرتبطة بمواطن اهليبة أكرث من ارتباطها بالرضر‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ ََ َ‬ ‫ى ى ْ ى ْ ى ى َّ ُ ْ ى ى ى ُ ى ُ ى ْ‬
‫اب﴾ «ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬فل‬
‫ِ‬
‫احل ى‬
‫س‬ ‫ِ‬ ‫﴿وُيشون ربهم وُيافون سوء‬
‫ْ‬ ‫َْ َ ْ ُ ْ َ ْ َ‬
‫َتشوهم واخشو ِِن﴾ اآلية»‬
‫‪65‬‬
‫َ َ‬ ‫ََ ُ‬
‫اإلناب ِة» اإلنابة‪ :‬الرجوع إىل الطاعة‪ ،‬ولعل الفرق‬
‫ِ‬ ‫ل‬‫« ود َِل‬
‫بينها وبني اتلوبة‪ :‬أن اتلوبة تكون من اِلنب‪ ،‬واإلنابة تشمل‬
‫ُ‬ ‫َ َ ُ َ َ ِّ ُ ْ َ َ ْ ُ َ‬ ‫َُُْ َ َ َ‬
‫اِلنب والغفلة «قوَل تعال‪﴿ :‬وأن ِيبوا إِل ربكم وأسلِموا َل﴾ اآلية»‬
‫االست َعانَ ِة» االستعانة طلب املدد من الغري « َق ْو َُلُ‬ ‫ْ‬
‫ل‬
‫ََ ُ‬
‫«ود َِل‬
‫ِ‬
‫اك ن َ ْس َتع ُ‬
‫َّ َ َ ْ ُ ُ َّ َ‬ ‫ََ َ‬
‫ي﴾» وجه الشاهد‪ ،‬تقديم املفعول‬ ‫ِ‬ ‫تعال‪﴿ :‬إِياك نعبد وإِي‬
‫«إياك» ىلع الفعل «نستعني» يدل ىلع اختصاصه باالستعانة‪َ « .‬و ِِف‬
‫َ ْ ََْ َ َ ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫يث‪« :‬وإِذا استعنت فاست ِعن بِاهللِ»»‬ ‫اِل ِد ِ‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫« َود َِلل االستِعاذة ِ» االستعاذة‪ :‬يه طلب احلماية من خطر‬
‫ُ ْ َ ُ ُ َ ِّ‬ ‫ُ ْ َ ُ ُ َ ِّ ْ َ َ‬ ‫َ ُ ََ َ‬
‫متوقع «ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬قل أعوذ بِرب الفل ِق﴾ و﴿قل أعوذ بِرب‬
‫اس﴾»‬‫انلَّ ِ‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫« َود َِلل االستِغاث ِة»االستغاثة‪ :‬يه طلب انلجدة من خطر واقع‬
‫ْ َ ْ َ ُ َ َّ ُ َ ْ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ ُ ََ َ‬
‫«ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬إِذ تست ِغيثون َربك ْم فاستجاب لك ْم﴾ اآلية»‬

‫واالستعانة واالستعاذة واالستغاثة ىلع ثالثة أنواع‬

‫• رشعية‪ ،‬ويه رضبان‪:‬‬

‫‪66‬‬
‫ُ‬
‫‪ o‬تطلب من اهلل تعاىل‪.‬‬
‫‪ o‬يُطلب من املخلوق ما َكن من خصائص املخلوق‪،‬‬
‫مع اعتقاد أنه يفعل بإذن اهلل‪.‬‬
‫ى‬
‫• ُمرمة‪ ،‬ويه ما َكن فيها إًعنة ىلع باطل‪ ،‬قال تعاىل‪ ﴿ :‬ىوال‬
‫ى‬ ‫ىى ىُ ىى ْ ْ ى ُْ ْ‬
‫ان﴾ أو إًعذة من حق كمن ُييم‬ ‫اإلث ِم والعدو ِ‬
‫تعاونوا ىلع ِ‬
‫املجرمني‪ ،‬قال رسول اهلل ﷺ‪« :‬لعن اهلل من آوى ُمدثا»‬
‫[‪]16‬‬

‫• رشكية‪ ،‬ويه رضبان‪:‬‬


‫‪ o‬يُطلب من املخلوق ما َكن من خصائص املخلوق‪،‬‬
‫مع عدم اعتقاد أنه يفعل بإذن اهلل‪.‬‬
‫‪ o‬يُطلب من املخلوق ما حقه أن يُطلب من اهلل‪ .‬كأن‬
‫يطلب من خملوق اغئب أن ينقذه يف الشدة‪.‬‬
‫ُْ‬ ‫َ ُ ََ َ‬ ‫َ ُ َّ ْ‬
‫اتلقرب بإراقة دم بهيمة «ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬قل‬ ‫ُّ‬ ‫« َود َِلل اَّلب ِح» وهو‬
‫ا َ ا ِّ َّ َ ْ َ َ َ ا َ‬ ‫َّ َ َ َ ِّ َ َ ُّ ْ َ‬
‫ِيم حنِيفا َوما‬‫يم دِينا قِيما ملة إِبراه‬
‫اط مس ِ ٍ‬
‫ق‬ ‫ت‬ ‫إِن ِِن هد ِاِن رِّب إِل ِِص ٍ‬

‫[‪ ]16‬رواه مسلم (‪ )1978 - 43‬وَنوه يف ابلخاري‪.‬‬


‫‪67‬‬
‫ه َ ِّ‬ ‫َ ََْ َ َ َ َ‬ ‫َ ُ ْ َّ َ َ َ ُ ُ‬ ‫َ َ َ ُْ ْ‬
‫ْشك ِي * قل إِن صل ِِت ونس ِِك وَمياي ومم ِاِت ِّلِلِ رب‬ ‫َكن مِن الم ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يك ََل َوب َذل َِك أم ِْر ُت َوأنَا أ َّو ُل ال ْ ُم ْسلم َ‬‫َْ َ َ َ َ َ‬
‫ي﴾» النسك‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َش‬
‫العال ِمي * ال ِ‬
‫َ َ ُ َ ْ ََ َ َْ‬ ‫َ َ ُ َّ‬ ‫َّ‬
‫ري اهللِ»»‬
‫ِ‬ ‫ِغ‬ ‫ل‬ ‫ح‬‫ب‬ ‫ذ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫اهلل‬ ‫ن‬ ‫لع‬ ‫«‬ ‫ِ‪:‬‬
‫ة‬ ‫ن‬ ‫الس‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫و‬ ‫«‬ ‫بح‬‫اِل‬ ‫هو‬

‫واِلبح ىلع ثالثة أنواع‬

‫• رشيع‪ ،‬وهو ما َكن بقصد اتلقرب إىل اهلل‪ ،‬أو بقصد‬


‫ُ‬
‫األكل‪ ،‬وذ بح ىلع اسم اهلل‪.‬‬
‫• ُمرم‪ ،‬وهو ما َكن بقصد اتلفاخر‪ ،‬وما لم يذكر عليه اسم‬
‫اهلل‪.‬‬
‫• رشيك‪ ،‬وهو ما أريد به اتلقرب إىل غري اهلل بإراقة ادلم‪.‬‬
‫ُ‬
‫وُيرج من هذا ما ذبح للضيف‪ ،‬ألنه يكون لألكل‪.‬‬

‫«ودَلل انلذر» وهو إلزام انلفس بفعل عبادة غري واجبة « قوَل‬
‫ُ ْ ُ ْ َ َّ ْ َ َ َ ُ َ‬
‫ون يَ ْو اما ََك َن َ ُّ‬
‫َش ُه ُم ْس َت ِط ا‬
‫ريا﴾»‬ ‫تعال‪﴿ :‬يوفون بِانلذ ِر و َياف‬

‫‪68‬‬
‫َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َُ‬
‫ِ‬
‫اإلسلم بِاألدِل ِة‬
‫ِين ِ‬‫[األصل اثلاِن‪ ] :‬مع ِرفة د ِ‬
‫َ ْ َ ُ َ ُ َّ َ َ ْ َ َ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫حي ِد‪ ،‬واالن ِقياد َل بِالطاعةِ‪ ،‬والباءة‬ ‫َوه َو‪ :‬االستِسلم هللِ بِاتلَّو ِ‬
‫ْ ُ َ َ ُ َ ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ه ْ ََ ْ َ ُ َ َ ُ َ‬
‫اإلحسان‪.‬‬ ‫اإليمان‪ ،‬و ِ‬
‫الْشكِ وأهلِ ِه‪ ،‬وهو ثلث مرات ِب‪ :‬اإلسلم‪ ،‬و ِ‬ ‫مِن ِ‬
‫َ‬
‫ُ ُّ َ َ َ َ َ ٌ‬
‫َوك م ْرت َب ٍة لها أ ْرَكن‪.‬‬

‫َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َُ‬


‫اإلس ِ‬
‫لم بِاألدِل ِة » فادلين يعرف بديلله‪،‬‬ ‫ِين‬
‫ِ ِ‬ ‫د‬ ‫ة‬‫قال « مع ِرف‬
‫وليس بآراء انللس وأهوائهم وبدعهم‪.‬‬
‫ْ ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫« َوه َو‪ :‬االستِسلم» هناك خطأ منترش عند كثري من انلاس‬
‫عندما يقولون اإلسالم هو السالم ؛ أو ُكمة اإلسالم مشتقة من‬
‫ْ ىى ُْ ُ ْ ى‬
‫إسال ًما؛وهو من معاين‬ ‫السالم‪ ،‬والصواب أن اشتقاقه‪ :‬أسلم يس ِلم‬
‫وجهنا هلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬فهذا هو اإلسالم‬ ‫االستسالم‪ ،‬ألننا ن ُسل ُم ى‬
‫ِ‬
‫ُ ْ َّ‬ ‫ُ ُ ى‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ ُ‬
‫حي ِد» فنس ِلم هل وحده‪ ،‬كما قال اهلل ﴿قل ِإن‬ ‫«االستِسلم هللِ بِاتلَّو ِ‬
‫اد ََلُ‬‫َ ْ َ ُ‬ ‫اي ىو ىم ىمايت ََّّلل ىر ِّب الْ ىعالىم ى‬
‫ني﴾ «واالن ِقي‬ ‫ىص ىاليت ىون ُ ُسيك ىو ىُمْيى ى‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ َ‬
‫بِالطاع ِة» فنحن يف اإلسالم منقادون هلل‪ ،‬الَنيد عن السبيل اِلي‬
‫َ َْ َ َ ُ َ ه ْ ََ ْ‬
‫الْشكِ وأهلِ ِه»‬ ‫ارتضاه‪ ،‬وهذا االنقياد يكون بطاعته «والباءة مِن ِ‬
‫‪69‬‬
‫فال يكيف جمرد عدم الرشك‪ ،‬بل البد من مباينة الرشك وأهله‬
‫بالْباءة منهم‪.‬‬
‫ْ ُ َ َ ُ َ ْ َ ُ َ ُ ُّ‬
‫ك َم ْر َتبةَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ َ ُ َ‬
‫ٍ‬ ‫اإلحسان‪ .‬و‬
‫اإليمان‪ ،‬و ِ‬
‫«وهو ثلث مرات ِب‪ :‬اإلسلم‪ ،‬و ِ‬
‫ََ َْ َ ٌ‬
‫لها أرَكن» سنتلكم عن هذه املراتب باتلفصيل بإذن اهلل‪ ،‬لكن‬
‫البد من أن نعرف أن هذه املراتب بعضها أىلع من بعض‪.‬‬

‫فاإلسلم‪ :‬يه مرتبة تشمل مجيع أهل امللة‪ ،‬صاحلهم‬


‫وًعصيهم‪ ،‬وسنيهم‪ ،‬ومبتدعهم‪.‬‬

‫واإليمان‪ :‬يه درجة الصاحلني من هذه األمة‪ ،‬وهم اِلين‬


‫يفعلون املأمورات‪ ،‬وتركون املنهيات‪.‬‬

‫واإلحسان‪ :‬ويه درجة العباد اِلين أطاعوا اهلل ىلع أحسن‬


‫وجه من وجوه العبادة‪.‬‬

‫املرتبة األول‪ :‬اإلسلم‬

‫‪70‬‬
‫ُ َ َ َّ ُ َ َّ ا‬ ‫َْ َ ٌ َ َ َُ َ‬ ‫ََْ َ ُ ْ‬
‫اإلس ِ‬
‫لم َخسة‪ :‬شهادة أن ال اَل إِال اهلل وأن َممدا‬ ‫فأرَكن ِ‬
‫َ ْ ُ َ َ َ َ َ ُّ َ ْ‬ ‫َ َ ُ َّ َ‬ ‫َ ُ َّ‬ ‫ُ ُ‬
‫ت‬ ‫اء الزَكة ِ‪َ ،‬وصوم رمضان‪َ ،‬وحج بي ِ‬ ‫َرسول اهللِ‪َ ،‬وإِقام الصلة ِ‪ ،‬وإِيت‬
‫اهللِ ْ َ‬
‫اِل َرام‪ِ.‬‬
‫اّلِل َأنَّ ُه الَ اَل إالَّ ُهوَ‬
‫َ َ هُ‬
‫د‬ ‫ه‬ ‫ش‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬
‫َ َ ُ َّ َ َ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫ال‬ ‫فد َِلل الشهادة ِ‪ :‬قوَل تع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِك ُة َو ُأ ْولُوا الْ ِعلْ ِم َقآئ اِما بالْ ِق ْسط الَ اَل إالَّ ُه َو الْ َعزيزُ‬
‫َ َْ َ َ‬
‫والملئ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِيم﴾‬‫اِلك ُ‬ ‫َْ‬

‫َ َ َ ُْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ود ِبَ هق إال ُ‬ ‫َُْ َ‬ ‫َ ََْ َ‬


‫اهلل‪ ،‬و(ال إَل) ناف اِيا َجِيع ما يع َبد‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫ع‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ا‪:‬‬ ‫اه‬ ‫ومعن‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ُ ُْ ا ْ َ ََ‬ ‫ْ ُ‬
‫َشيك َل ِِف‬ ‫ِ‬ ‫ال‬ ‫ه‬‫د‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫هلل‬ ‫ة‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫)‬ ‫اهلل‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫(‬ ‫ِ‪،‬‬ ‫هلل‬ ‫ا‬ ‫ون‬
‫ِ‬ ‫د‬ ‫مِن‬
‫ُْ‬ ‫َ َ َّ ُ َ ْ َ َ ُ َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ك ِه‪.‬‬
‫َشيك ِِف مل ِ‬ ‫عِبادت ِ ِه‪ ،‬كما أنه ليس َل ِ‬
‫َ ْ َ َ َْ ُ َ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َّ ُ َ ه ُ َ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫وتف ِسريها‪ :‬اَّلِي يو ِضحها قوَل تعال‪﴿ :‬وإِذ قال إِبراهِيم ألبِي ِه‬
‫َ َ َ َ َّ ُ َ َ ْ‬ ‫َّ َّ‬ ‫َّ َ َ ِّ َّ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫َو َق ْ‬
‫ين *‬ ‫ِ ِ‬ ‫د‬‫ه‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫إ‬‫ف‬
‫ِ ِ‬ ‫ِن‬ ‫ر‬ ‫ط‬ ‫ف‬ ‫ِي‬ ‫اَّل‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫*‬ ‫ون‬ ‫د‬ ‫ب‬‫ع‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫آء‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫ِن‬ ‫ن‬
‫ِ ِ ِ‬‫إ‬ ‫ه‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫و‬
‫ُْ َ‬ ‫َ ُ ََ َ‬ ‫َ َ َّ ُ ْ َ ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َََ َ َا َ َا‬
‫جعون﴾ وق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬قل يا‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ِف‬‫ِ‬ ‫ة‬ ‫وجعلها َكِمة باقِي‬
‫َ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ُ ْ َّ َ ْ ُ َ َّ ه َ‬
‫َ‬
‫اب تعالوا إِل َكم ٍة سوا ٍء بيننا وبينكم أال نعبد إِال اّلِل‬ ‫أهل الكِت ِ‬
‫ه َ‬ ‫َ‬
‫َ ْ ا َ َ َ َّ َ َ ْ ُ َ َ ْ ا ْ َ ا ِّ ُ‬ ‫َ َ ُْ َ‬
‫ون اّلِلِ فإِن‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫اب‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ذ‬ ‫خ‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ئ‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ْش ِ‬
‫ب‬ ‫ك‬ ‫وال ن ِ‬
‫َ َ َّ ْ ْ َ ُ ُ ْ ْ َ ُ ْ َ َّ ُ ْ ُ َ‬
‫تولوا فقولوا اشهدوا بِأنا مسلِمون﴾‬

‫‪71‬‬
‫ُ‬
‫آءكمْ‬ ‫ََ ْ َ‬ ‫َُُْ َ َ َ‬ ‫َ ُ َ َ َ َ َّ ُ َ َّ ا َ ُ ُ‬
‫ودَِلل شهادة ِ أن َممدا رسول اهللِ‪ :‬قوَل تعال‪﴿ :‬لقد ج‬
‫ُ ْ َ ٌ َ َ ْ َ َ ُّ ْ َ ٌ َ َ ْ ُ‬ ‫َ ُ ٌ ِّ ْ َ ُ‬
‫رسول من أنف ِسكم ع ِزيز علي ِه ما عنِتم ح ِريص عليكم‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ُْ ْ َ َ ُ ٌ‬
‫حيم﴾‬ ‫بِالمؤ ِمنِي رؤوف ر ِ‬
‫ِيما َأ َمر‪َ،‬‬
‫َ‬ ‫َ َُُ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ َ َ َّ ُ َ َّ ا َ ُ ُ‬
‫ومعَن شهادة أن َممدا رسول اهللِ‪ :‬طاعته ف‬
‫ْ َ ُ َ َ َ َُْ َ َ َ َ َ‬
‫وأال ُي ْع َب َد اهللُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ ُ ُ َ َ ْ‬
‫َ‬
‫وتص ِديقه فِيما أخب‪ ،‬واجتِناب ما نَه عنه وزجر‬
‫َ َ َ َ‬
‫َشع‪.‬‬ ‫إِال بِما‬

‫« املرتبة األول‪ :‬اإلسلم » ويه اليت تشلك ك مسلم صالح أو‬


‫ًعص؛ فهذه اليت َتمع مجيع من انتىم إىل هذا ادلين‪ ،‬أما من خرج‬
‫من هذه املرتبة؛ فقد خرج من ادلين‪ .‬أما املراتب األخرى‪ ،‬فيه‬
‫َْ َ ٌ َ َ َُ َ‬ ‫ََْ َ ُ ْ‬
‫لم َخسة‪ :‬شهادة أن‬ ‫اإلس ِ‬ ‫مراتب أىلع وذكر أرًكنه فقال‪ « :‬فأرَكن ِ‬
‫َ َ ُ َّ َ‬ ‫َ َ ُ َّ‬ ‫ُ َ َ َّ ُ َ َّ ا َ ُ ُ‬
‫ال اَل إِال اهلل وأن َممدا رسول اهللِ‪ ،‬وإِقام الصلة ِ‪ ،‬وإِيتاء الزَكة ِ‪،‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ُ َ َ َ َ َ ُّ َ ْ‬
‫َ‬
‫ت اهللِ اِلر ِام» هذه األرًكن اخلمسة تنقسم‬ ‫َوصوم رمضان‪َ ،‬وحج بي ِ‬
‫ى‬ ‫ى ى ى‬
‫وقسم ىمن تركه َكن ًعصيًا؛‬ ‫ٌ‬ ‫ركه َكن ً‬
‫َكفرا‪،‬‬ ‫إىل قسمني‪ :‬قسم من ت‬
‫فأما اِلي من تركه َكن َكفرا ركنان؛ شهادة أن ال إهل إال اهلل وأن‬

‫‪72‬‬
‫ى‬
‫خرج من اإلسالم‪.‬‬ ‫ُممدا رسول اهلل‪ ،‬وإقام الصالة‪ ،‬فهذه من تركها‬
‫وأما من ترك بايق األرًكن اليت يه الزًكة والصوم واحلج؛ وقع يف‬
‫معصية‪ ،‬وًكن من ُعصاة املوحدين‪ ،‬ومن الفاسقني‪ ،‬وال ُ‬
‫ُيرج من‬
‫اإلسالم‪ ،‬ولكن يقع يف اإلثم العظيم‪.‬‬
‫اّلِل َأنَّ ُه الَ اَل إالَّ ُهوَ‬
‫َ َ هُ‬
‫د‬‫ه‬ ‫ش‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬
‫َ َ ُ َّ َ َ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫ال‬ ‫« فد َِلل الشهادة ِ‪ :‬قوَل تع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ َ ُ‬
‫َوالملئ ِكة» يعين واملالئكة كذلك يشهدون « َوأ ْولوا ال ِعل ِم» أيضا‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ا ْ ْ‬
‫يشهدون «قآئ ِما بِال ِقس ِط ال اَل إِال هو الع ِزيز اِلكِيم﴾» فهذا ديلل‬
‫َْ َ‬ ‫ََْ َ‬
‫من أدلة الشهادة‪ .‬ثم يذكر نلا معَن الشهادة « َومعناها‪ :‬ال مع ُبود‬
‫اهلل » من أين جاء هذا املعَن؟ ُكمة إهل أي «املألوه» أي‪:‬‬ ‫ِبَ هق إال ُ‬
‫ِ ٍ‬
‫«املعبود» فلو فرسناها نقول «ال معبود إال اهلل» لكن ال بد هنا من‬
‫ُ ى ِّ‬
‫أن نقد ىر ُكمة؛ فهل نقول «ال معبود (موجود) إال اهلل»؟ لألسف أكرث‬
‫اِلين يُعربون هذه احلملة يقولون تقدير هذه اجلملة «ال معبود‬
‫ى‬ ‫ٌ‬
‫موجود إال اهلل» وهذا غلط‪ ،‬أما الصحيح «ال معبود ِِبىق إال اهلل»‬
‫ألن هناك من يعبد األوثان‪ ،‬فهناك معبود موجود سوى اهلل؛ لكنه‬
‫ٌ‬ ‫ال ُي ىع ُ‬
‫بد ِبق‪ ،‬فهذا معبود باطل‪ ،‬هلذا عندما نقول «ال إهل إال اهلل»‬
‫فمعَن هذه العبارة «ال معبود ِبق إال اهلل»‬
‫‪73‬‬
‫ُ ُْ ا‬ ‫َ ا َ َ َ َُُْ ْ ُ‬
‫اهلل) مثبِتا‬ ‫ون اهللِ‪( ،‬إِال‬
‫« و(ال إَل) نافِيا َجِيع ما يعبد مِن د ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ ََ‬
‫ال ِع َبادة هللِ َوحدهُ » ُكمة اتلوحيد من جزءين «ال إهل» تنيف مجيع‬
‫املعبودات‪ ،‬واجلزء اثلاين «إال اهلل» استثناء هلل تعاىل ِمن انليف‪،‬‬
‫فاكنت العبارة جبزءيها تنيف ك إهل إال اهلل‪ .‬لو قلنا «ال إهل» وسكتنا‬
‫سننيف املعبود‪ ،‬وهذا إحلاد؛ فاجلزءان مرتبطان متاكمالن‪ ،‬فالبد من‬
‫اإلتيان باالستثناء يلكتمل املراد «ال إهل إال اهلل» فيكون انليف فيها‬
‫ينيف اآلهلة ابلاطلة‪ .‬واتلعبري بهذه الطريقة اليت يه تقديم انليف ثم‬
‫االستثناء؛ يه أبلغ أسلوب عرِب للتعبري عن نيف ى‬
‫ورد مجيع‬
‫املعبودات غري اهلل؛ فاكنت هذه يه األكمل‪.‬‬
‫َ َ َ َّ ُ َ ْ َ َ ُ َ ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫َشيك ِِف‬
‫َشيك َل ِِف عِبادت ِ ِه‪ ،‬كما أنه ليس َل ِ‬
‫قال‪ « :‬ال ِ‬
‫ُْ‬
‫ك ِه» وهذا معناه أن اهلل لكونه اخلالق الوحيد‪ ،‬واملالك الوحيد‪،‬‬
‫مل ِ‬
‫وامللك الوحيد؛ فال َيوز َصف العبادة إىل غريه‪.‬‬
‫َ ْ َ َ‬
‫ال إبْ َراهِيمُ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َّ ُ َ ه ُ َ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫قال‪ « :‬وتف ِسريها‪ :‬اَّلِي يو ِضحها قوَل تعال‪﴿ :‬وإِذ ق ِ‬
‫َّ َّ َ َ َ َ َّ ُ َ َ ْ‬ ‫َّ َ َ ِّ َّ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ين‬
‫ألبِي ِه وقو ِم ِه إِن ِِن برآء مما تعبدون * إِال اَّلِي فطر ِِن فإِنه سيه ِد ِ‬
‫َ َ َّ ُ ْ َ ْ ُ َ‬ ‫َ َ َََ َ َا َ َا َ‬
‫جعون﴾» فرس الشيخ شهادة‬ ‫* وجعلها َكِمة باقِية ِِف ع ِقبِ ِه لعلهم ير ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ َ ِّ َّ َ ْ ُ َ‬
‫اتلوحيد بكالم إبراهيم ﷺ قال‪ ﴿« :‬إِن ِِن ب َرآء مما تع ُبدون * إِال‬
‫‪74‬‬
‫َ‬ ‫َّ ِ َ َ‬
‫اَّلي فطر ِِن ﴾» فتْبأ من مجيع معبوداتهم إال اِلي فطره‪ ،‬فهذا ال‬
‫يتْبأ منه‪.‬‬

‫يف اآلية لفتة لغوية ورشعية؛ االستثناء هنا‪ ،‬هل هو استثناء‬


‫ُمنقطع (كما قال مجاعة كبرية من أهل العلم) أم هو استثناء‬
‫متصل؟‬
‫ً ُ‬ ‫ى‬
‫هلل آهلة أخرى‪،‬‬
‫بمعَن هل هم َكنوا يعبدون اهلل ويعبدون مع ا ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫استثناء متصال‪.‬‬ ‫فهو تْبأ من مجيع اآلهلة إال من اهلل؟ فهذا يسىم‬
‫لكن قال عدد من أهل العلم‪ :‬إن االستثناء ُم ٌ‬
‫نقطع فهم ال‬
‫يعبدون اهلل‪ ،‬فتْبأ من معبوداتهم‪ ،‬إال اهلل‪ ،‬فاكن الكمه كما لو قال‬
‫ىى‬
‫قائل‪« :‬ال أريد أي كتاب إال القلم» فالقلم ليس من الكتب‪ ،‬فمعَن‬
‫ُ‬
‫العبارة‪« :‬أنا ال أريد األقال ُكها‪ ،‬ولكن أريد القلم» فقد ُيمل‬
‫الكم إبراهيم ﷺ يف اآلية ىلع هذا‪.‬‬

‫وِف احلاتلني اآلية فيها تْبؤه ِمن مجيع معبودات قومه‪ ،‬وإثباته‬
‫ى‬
‫هلل سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ألوهية‬

‫‪75‬‬
‫َ‬ ‫ُْ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َْ َ ََ َ َ‬ ‫َُُْ َ َ َ‬
‫اب تعالوا إِل َكم ٍة سوا ٍء‬ ‫قال‪« :‬وقوَل تعال‪﴿ :‬قل يا أهل الكِت ِ‬
‫َ ْ َ َ َ َ ْ َ ُ ْ َ َّ َ ْ ُ َ َّ ه َ َ َ ُ ْ َ َ ْ ا َ َ َ َّ َ َ ْ ُ َ‬
‫خذ بعضنا‬ ‫ْشك ب ِ ِه شيئا وال يت ِ‬ ‫بيننا وبينكم أال نعبد إِال اّلِل وال ن ِ‬
‫ه َ َ َ َّ ْ ْ َ ُ ُ ْ ْ َ ُ ْ َ َّ ُ ْ ُ َ‬ ‫َ ْ ا َ ْ َ ا ِّ ُ‬
‫ون اّلِلِ فإِن تولوا فقولوا اشهدوا بِأنا مسلِمون﴾»‬ ‫بعضا أربابا من د ِ‬
‫فاللكمة السواء يه عبادة اهلل وحده دون رشك‪.‬‬
‫ََ ْ‬ ‫َُُْ َ َ َ‬ ‫َ ُ َ َ َ َ َّ ُ َ َّ ا َ ُ ُ‬
‫قال‪ « :‬ودَِلل شهادة ِ أن َممدا رسول اهللِ‪ :‬قوَل تعال‪﴿ :‬لقد‬
‫يز َعلَيهْ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ىى‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ َ ُ ٌ ِّ ْ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫جآءكم رسول من أنف ِسكم﴾» أي‪ :‬برش مثلكم «﴿ع ِز‬
‫ِّ‬ ‫َ َ ُّ‬
‫بالعنىت والضيق‬ ‫ى‬ ‫ما عنِت ْم﴾» أي‪ :‬شديد عليه ما يصيبكم‬
‫ُْ ْ َ َ ُ ٌ‬ ‫َ ٌ َ َْ ُ‬
‫«﴿ح ِريص عليكم﴾» أن تؤمنوا وتهتدوا «﴿بِالمؤ ِمنِي رؤوف‬
‫يم﴾»‬ ‫ح ٌ‬ ‫َّ‬
‫ر ِ‬
‫ِيما َأ َمر‪َ،‬‬‫َ َُُ َ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ َ َ َّ ُ َ َّ ا َ ُ ُ‬
‫قال‪ « :‬ومعَن شهادة أن َممدا رسول اهللِ‪ :‬طاعته ف‬
‫وأال ُي ْع َب َد اهللُ‬ ‫ْ َ ُ َ َ َ َُْ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ ُ ُ َ َ ْ‬
‫َ‬
‫وتص ِديقه فِيما أخب‪ ،‬واجتِناب ما نَه عنه وزجر‬
‫َ َ َ َ‬
‫َشع» هذا ليس معَن اللكمة وإنما مقتَض هذه اللكمة‬ ‫إِال بِما‬
‫والزمها‪ .‬عندما تقول «أنا أشهد أن ُممدا رسول من عند اهلل» هذه‬
‫هلا لوازم‪ ،‬فال بد من أن تطيع أوامره؛ ألنك شهدت أنه مرسل من‬
‫عند اهلل‪ ،‬فطاعته ِمن طاعة اهلل‪ ،‬ألنه إذا أمرك بأمر‪ ،‬فهذا األمر‬
‫جاء من عند اهلل‪ ،‬فإذا لم تنصع ألمره فقد رددت أمر اهلل‪ ،‬حىت لو‬
‫‪76‬‬
‫أن الشخص شهد الشهادتني‪ ،‬ثم قال أنه لن يطع الرسول‪ ،‬وسيعمل‬
‫بالقرآن فقط‪ ،‬فهذا ليس ُمسلما‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ ُ ُ َ َ ْ‬
‫«وتص ِديقه فِيما أخب » والبد من تصدقه فيما أخْب ألن اهلل‬
‫َّ‬
‫لن يُرسل كذابًا؛ فإذا شهدت أن اهلل أرسله؛ فأنت تشهد عليه‬
‫بالصدق‪.‬‬
‫ْ َ ُ َ َ َ َُْ َ َ‬
‫«واجتِناب ما نَه عنه َوزج َر » هذا داخل يف طاعته‪ ،‬فنطيعه‬
‫باألوامر وانلوايه‪.‬‬
‫ى‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََُْ‬
‫« وأال يعبد اهلل إِال بِما َشع» هنا ملحظ دقيق جدا‪ ،‬وفهم‬
‫عميق من هذا العالم‪ .‬كيف يلزم من شهادة «أن ُممدا رسول اهلل»‬
‫أننا ال نعبد اهلل سبحانه وتعاىل إال بما رشعه ُممد ﷺ؟‬
‫ً‬
‫نقول‪ :‬إذا علمنا أن اهلل إذا أراد ِم َّنا عمال فإنه يُرسل نلا رسوال‪،‬‬
‫فهو لم يرتكنا ىه ىم ًال (كما بينا يف أول الرسالة) وإنما أرسل إيلنا ُ‬
‫رسال‪.‬‬
‫ى‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫اهلل َّ‬
‫لما أرسل الرسول‪ ،‬هل أرسل الرسول يلبلغ جزءا من الرشيعة‬
‫ى‬
‫اجلزء اآلخر نلا نلخرتع َنن رشائع من عندنا؟ ال‪ .‬إذن هو‬ ‫ويرتك‬
‫ملا أرسل الرسول‪ ،‬أرسله يلخْبنا بالرشع‪ ،‬فما لم ُيْبنا به ال يكون‬
‫‪77‬‬
‫من الرشع‪ ،‬ولو أننا نلا أن نرشع رشًع من عند أنفسنا ملا َكن‬
‫للرسول حاجة‪.‬‬

‫فتجد أهل ابلدع حرفوا نصوص الوحيني لوافق العقيدة اليت‬


‫اقتبسوها من الفالسفة‪ ،‬وزادوا بدًع من عندهم قدموها ىلع‬
‫نصوص الويح‪ ،‬وحرفوا انلصوص ايلوم يلوافقوا احلداثة الغربية‪،‬‬
‫فما ًعدت نصوص الويح بالنسبة هلم إال عبئ يشوش عليهم دينهم‪،‬‬
‫ِّ‬
‫ويقرعهم أهل ادلين بها‪ .‬واحلمد هلل ىلع نعمة‬ ‫يتعنتون يف َتريفها‪،‬‬
‫ِّ‬
‫االتباع‪.‬‬
‫ً‬ ‫فاهلل أرسل رسوهل برسالة َكملة‪ِّ ،‬‬
‫ولما َكنت هذه الرسالة َكملة‬
‫فإنا ال َيوز نلا ان نأيت برشائع من عندنا‪ ،‬ألن الاكمل ال نقص فيه‬
‫ُ ُّ‬
‫فنسده‪ ،‬وال عيب فيه فنصلحه‪ ،‬فال نعبد هلل كما نريدبل كما يريد‪،‬‬
‫وال نعرف ما يريد ‪ ‬إال بما بلغ الرسول ﷺ‬

‫َ َ‬ ‫َُُْ َ َ َ‬ ‫الز ََكة ِ‪َ ،‬و َت ْفس ُ ْ‬ ‫َ َ ُ َّ‬


‫الصلة ِ‪َ ،‬و َّ‬
‫حي ِد‪ :‬قوَل تعال‪﴿ :‬وما‬ ‫ري اتلَّو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ود َِلل‬
‫َّ َ‬ ‫َ َ ُ ِّ َ ُ َ َ َ َ ُ ُ‬ ‫َّ َ ُ ْ‬ ‫َّ َ ْ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أمِروا إِال َِلعبدوا اّلِل ُملِ ِصي َل اِلين حنفآء وي ِقيموا الصلة‬
‫‪78‬‬
‫َ ُ ْ ُ َّ َ َ َ َ َ ُ ْ َ ِّ َ‬
‫ويؤتوا الزَكة وذل ِك دِين القيم ِة﴾‬
‫َ َ ُّ َ َّ َ َ ُ ْ ُ َ َ َ ْ ُ‬ ‫َ ُ ه َ َ ُ ََ َ‬
‫كمُ‬ ‫ام‪ :‬ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬يا أيها اَّلِين آمنوا كتِب علي‬ ‫الصي ِ‬
‫ود َِلل ِ‬
‫َ ْ ُ ْ َ َ َّ ُ ْ َ َّ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ ُ َ َ ُ َ َ َ َّ‬
‫الصيام كما كتِب لَع اَّلِين مِن قبلِكم لعلكم تتقون﴾‬
‫ُّ ْ َ ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ه ََ‬ ‫َ ُ َْ ه َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫ت م ِن‬ ‫حج ابلي ِ‬‫اس ِ‬ ‫ود َِلل اِل ِج‪ :‬قوَل تعال‪﴿ :‬و ِّلِلِ لَع انل ِ‬
‫َ َ َْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ََ َ َ َ ا َ‬
‫َ‬
‫ِن ع ِن العال ِمي﴾‬ ‫ك َف َر فإ ِ َّن اهلل غ ِ ٌّ‬ ‫استطاع إ ِ َْل ِه سبِيل َومن‬

‫َ‬ ‫َ ُ ََ َ‬ ‫الز ََكة ِ‪َ ،‬و َت ْفس ُ ْ‬ ‫َ َ ُ َّ‬


‫حي ِد‪ :‬ق ْوَلُ تعال‪َ ﴿ :‬وما‬ ‫ري اتلَّو ِ‬ ‫ِ‬
‫الصلة ِ‪َ ،‬و َّ‬ ‫« ود َِلل‬
‫َّ َ‬ ‫َ َ ُ ِّ َ ُ َ َ َ َ ُ ُ‬ ‫َّ َ ُ ْ‬ ‫َّ َ ْ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أمِروا إِال َِلعبدوا اّلِل ُملِ ِصي َل اِلين حنفآء وي ِقيموا الصلة‬
‫َ ُ ْ ُ َّ َ َ َ َ َ ُ ْ َ َ‬
‫ِين الق ِّيم ِة﴾» هذه اآلية عظيمة‪ ،‬اشتملت ىلع‬ ‫ويؤتوا الزَكة وذل ِك د‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫الصالة والزًكة وتفسري اتلوحيد‪﴿« ،‬وما أمِروا إِال ﴾» يعين هذا اِلي‬
‫َّ َ‬ ‫َّ َ ْ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫جاء به رسول اهلل ﷺ ما هو؟؟ «﴿ وما أمِروا إِال َِلعبدوا اّلِل‬
‫ين ﴾» أمرهم بأن يعبدوا اهلل خملصني هل ادلين‪ ،‬أي‬ ‫اِل َ‬‫ي ََلُ ِّ‬
‫ُملص َ‬ ‫ُْ‬
‫ِ ِ‬
‫اِلينَ‬‫ي ََلُ ِّ‬ ‫ُملص َ‬ ‫ُْ‬ ‫ً‬
‫بعيدا عن الرشك‪ .‬اإلخالص هو منافاة الرشك «﴿ ِ ِ‬

‫‪79‬‬
‫ُح َن َف َ‬
‫آء ﴾» حنفاء ىلع ملة إبراهيم ﷺ‪ .‬وملة إبراهيم اليت يه‬
‫احلنيفية‪ :‬يه اتلْبؤ من الرشك وأهله‪ ،‬وقد مرت معنا اآلية يف ما‬
‫يتعلق بإبراهيم‪.‬‬
‫َّ َ َ ُ ْ ُ َّ َ َ َ َ َ ُ ْ َ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِين الق ِّيم ِة﴾» فال بد‬
‫« ﴿ َوي ِقيموا الصلة ويؤتوا الزَكة وذل ِك د‬
‫من إقامة الصالة والبد من اإلتيان بالزًكة‪ ،‬ويه مثال لالنصياع‬
‫ألمر اهلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬واتلعبد هل تبارك وتعاىل‪.‬‬
‫َ َ ُّ َ َّ َ َ‬
‫آم ُنواْ ُكتبَ‬ ‫َ ُ ََ َ‬ ‫َ ُ ه‬
‫ِ‬ ‫ام‪ :‬ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬يا أيها اَّلِين‬
‫الص َي ِ‬
‫« ود َِلل ِ‬
‫َ ْ ُ ْ َ َ َّ ُ‬
‫كمْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ ُ ِّ َ ُ َ َ ُ َ َ َ َّ‬
‫عليكم الصيام كما كتِب لَع اَّلِين مِن قبلِكم لعل‬
‫َ َّ ُ َ‬
‫تتقون﴾» فهذا ديلل من أدلة الصيام‪ ،‬وفيه داللة ىلع أن الصيام‬
‫يورث اتلقوى‪ ،‬وديلل ىلع أن األمم السابقة قد كتب عليهم الصيام‪.‬‬
‫ُّ ْ َ ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ه ََ‬ ‫َ ُ َْ ه َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫ت م ِن‬
‫حج ابلي ِ‬‫اس ِ‬ ‫« ود َِلل اِل ِج‪ :‬قوَل تعال‪﴿ :‬و ِّلِلِ لَع انل ِ‬
‫ي﴾»‬‫ِن َعن الْ َعالَم َ‬‫ٌّ‬ ‫َ‬
‫غ‬ ‫اهلل‬
‫َ َ َ َ َّ‬
‫ن‬ ‫إ‬‫ف‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ْ َ َ َ َْ َ ا َ َ‬
‫استطاع إَِل ِه سبِيل و‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫قوهل ‪﴿ ‬ومن كفر﴾ هل يعين أن اِلي يرتك احلج‬


‫يكون َكفرا؟‬

‫‪80‬‬
‫ِمن أهل ال ِعلم ىمن قال‪« :‬يكون َكفرا» وهذا قول احلميدي‪،‬‬
‫ورواية عن أمحد‪ ،‬ولكن الصحيح من قول اإلمام أمحد أنه ال‬
‫يكفر إال تارك الصالة‪ .‬فتارك احلج ال يكفر‪.‬‬

‫فما معَن قول اهلل ‪﴿ ‬ومن كفر﴾ الراجح أنه‬


‫ليس وصفا ملن ترك احلج‪ ،‬وإنما اِلي ادلين‪ ،‬بمعَن‪ :‬إن اهلل أمر‬
‫بكذا‪ ،‬وهو غين عن الاكفر اِلي ال يسمع أوامره‪.‬‬
‫املرتبة اثلانية‪ :‬اإليمان‬

‫َ ُ‬ ‫ْ َ ْ َ َ ُ َّ َ ُ‬
‫اإليمان‬
‫المرتبة اثلانِية‪ِ :‬‬
‫ُ ََ ْ َ َ‬ ‫َ ُ َ ْ ٌ َ َ ْ ُ َ ُ ْ َ ا ََ ْ َ َْ ُ‬
‫وهو بِضع وسبعون شعبة‪ ،‬فأعلها قول ال اَل إِال اهلل‪ ،‬وأدناها‬
‫َ‬ ‫َ َْ َ ُ ُ ْ َ ٌ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ُ ََ َ‬
‫ان‪.‬‬
‫اإليم ِ‬
‫يق‪ ،‬واِلياء شعبة مِن ِ‬ ‫إِماطة األذى ع ِن الط ِر ِ‬
‫َ ُ ُ‬ ‫َُُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ ُ ُ َّ ٌ َ ْ ُ ْ‬
‫وأرَكنه ِستة‪ :‬أن تؤمِن بِاهللِ‪ ،‬وملئ ِكتِ ِه‪ ،‬وكتبِ ِه‪ ،‬ورسلِ ِه‪،‬‬
‫َْ َ‬ ‫َ ُ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ه َ َّ ُ َ َ َ‬ ‫َو ْاَلَ ْ‬
‫اِل َِلل لَع ه ِذه ِ األرَك ِن‬ ‫َشه ِ‪ ،‬و‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ري‬
‫ِ َِ‬ ‫خ‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ؤ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫خ‬
‫ِ‬ ‫اآل‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫و‬
‫ْ‬
‫َُ ُ ُ َ ُ ْ ََ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ه َ َُُْ َ َ‬
‫ْش ِق‬ ‫الستةِ‪ :‬قوَل تعال‪﴿ :‬ليس ال ِب أن تولوا وجوهكم ق ِبل الم ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ه‬ ‫َوال ْ َم ْغرب َولَك َّن ال ْ َّ َ ْ َ َ‬
‫خ ِر َوالمآلئ ِك ِة‬ ‫ب من آمن بِاّلِلِ َواَلَو ِم اآل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫‪81‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫اب وانلبِيي﴾‬
‫والكِت ِ‬
‫َّ ُ َّ َ ْ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ ُ ََ َ‬
‫َش ٍء خلقناهُ بِقد ٍر﴾‬ ‫ودَلل القدر‪ :‬ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬إِنا ُك‬

‫ْ ٌ َ َ ْ ُ َ ُ ْ َ ا ََ ْ َ‬
‫اإليمان كما قال رسول اهلل‪ « :‬بِضع وسبعون شعبة‪ ،‬فأعلها‬
‫َ َْ َ ُ ُ ْ َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ََ ْ َ َ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫َُْ‬
‫يق‪ ،‬واِلياء شعبة‬ ‫قول ال اَل إِال اهلل‪ ،‬وأدناها إِماطة األذى ع ِن الط ِر ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ان » لو الحظنا‪ ،‬فاحلديث ذكر أنواع اإليمان اثلالثة‪ ،‬فقوهل‬ ‫اإليم ِ‬
‫مِن ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ ْ َ َْ ُ‬
‫« فأعلها قول ال اَل إِال اهلل » هذا قول واعتقاد‪ ،‬أن تقول بلسانك‬
‫ى‬
‫وتعتقد بقلبك أنه واحد ال إهل إال هو‪ ،‬هذا أىلع شعب‬ ‫ال إهل إال اهلل‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ََ ْ َ َ َ َ ُ َ َ َ‬
‫يق » إزالة األذى عن‬ ‫اإليمان « وأدناها إِماطة األذى ع ِن الط ِر ِ‬
‫َ‬ ‫َ َْ َ ُ ُ ْ َ ٌ ْ‬
‫ان » احلياء‬ ‫ِ ِ‬‫يم‬ ‫اإل‬ ‫ِن‬ ‫الطريق هذا عمل بابلدن‪ « ،‬واِلياء شعبة م‬
‫عمل من أعمال القلب‪.‬‬

‫فإذن اإليمان‪ :‬قول باللسان‪ ،‬واعتقاد يف القلب‪ ،‬وعمل يف‬


‫القلب‪ ،‬وعمل يف اجلوارح‪.‬‬

‫واإليمان عند أهل السنة يزيد وينقص؛ يزيد بكرثة الطاعة‪،‬‬

‫‪82‬‬
‫ويزيد بالعلم‪ ،‬كأن يعرف اإلنسان أسماء اهلل وصفاته ‪،‬‬
‫وبأن يزداد فهما للقرآن‪ ،‬فهذا ُكه من العلم اِلي يزيد اإليمان‪،‬‬
‫وكذلك يزيده العمل؛ فمن كرثت صالته وكرثت طاًعته وقلت‬
‫معاصيه يزيد إيمانه‪ ،‬وإذا كرثت معاصيه وكرثت خمالفاته وقلت‬
‫أعماهل؛ ينقص إيمانه‪ .‬فهذا هو اإليمان عند أهل السنة‪ :‬قول وعمل‬
‫يزيد وينقص‪.‬‬

‫أما أرًكن اإلسالم‬


‫َُُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ ُ ُ َّ ٌ َ ْ ُ ْ‬
‫قال‪ « :‬وأرَكنه ِستة‪ :‬أن تؤمِن بِاهللِ‪ ،‬وملئ ِكتِ ِه‪ ،‬وكتبِ ِه‪،‬‬
‫خر‪َ ،‬وتُ ْؤم َِن بالْ َق َدر َخ ْريه ِ َو َ ه‬ ‫ِ‬ ‫َو ُر ُسله‪َ ،‬و ْاَلَ ْ‬
‫َشه ِ » ذكر أرًكن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآل‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ِِ‬
‫اإليمان الستة‪ ،‬وقد ذكر نص احلديث ثم أىت باألدلة من القرآن مما‬
‫يدلك ىلع عناية أهل العلم بكتاب اهلل ‪.‬‬

‫وترتيب أرًكن اإليمان هل مقصد‪ .‬فنؤمن باهلل اِلي اإليمان به‬


‫حلكمة أن‬
‫هو مركزية ك َشء‪ ،‬ونعلم أنه خلقنا حلكمة‪ ،‬وأن ِمن ا ِ‬
‫يبلغنا بسبب خلقنا‪ ،‬ثم املالئكة اِلين ينقلون الرسالة‪ ،‬والرسالة‬
‫اليت تنقل مع املالئكة‪ :‬يه كتب اهلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬فنحن آمنا‬

‫‪83‬‬
‫ى َّ‬
‫باهلل ومالئكته وكتبه اليت تنقلها املالئكة‪ ،‬ثم ُر ُس ِله اِلين تلقوا‬
‫انلاس‪ ،‬وانلاس عليهم أن ى‬
‫يعملوا بهذه‬ ‫ى‬ ‫الرساالت‪ ،‬وأمروا بإبالغها‬
‫الرشائع‪ ،‬أي يطيعوا اهلل سبحانه وتعاىل ويكفوا عن معصيته‪،‬‬
‫ى‬
‫سيحاسبون ىلع أفعاهلم‪ ،‬وذلك يف يوم احلساب‪،‬‬ ‫وهذا يعين أنهم‬
‫ايلوم اآلخروت‪ ،‬فتكون حياتك وعملك بني ترشيع اهلل وُماسبته‪.‬‬
‫القدر‬

‫ثم قال‪« :‬وتؤمن بالقدر خريه وَشه» القدر مراتب‪.‬‬

‫‪ -1‬تؤمن أن اهلل سبحانه وتعاىل ىع ِل ىم ك َشء‪.‬‬


‫‪ -2‬وكتب ك َشء يكون إىل يوم القيامة‪.‬‬
‫‪ -3‬وشاء ك َشء َكئن‪.‬‬
‫‪ -4‬وخلق ك َشء‪.‬‬

‫هذه مراتب اإليمان بالقدر‬

‫وقوهل «خريه وَشه» ك َشء يصيب من خري أو رش ال يكون‬


‫إال بقضاء اهلل وقدر اهلل ‪ ،‬وال يمكن أن يقول‬
‫اإلنسان أن شيئا حصل بدون قدر اهلل ‪ ،‬فإذا قال ذلك‬

‫‪84‬‬
‫فإنه أثبت خالقا غري اهلل‪ ،‬وهذا قول عظيم‪ .‬ثم استشهد قائال‬
‫َّ ْ َ ْ َّ َ ُ َ ُّ ْ‬ ‫ه َ َُُْ َ َ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َّ ُ َ َ َ‬
‫الستةِ‪ :‬قوَل تعال‪﴿ :‬ليس ال ِب أن تولوا‬ ‫« َواِل َِلل لَع ه ِذه ِ األرَك ِن ِ‬
‫َ َ َّ ْ َّ َ ْ َ َ ه ْ‬ ‫َ َْْ‬ ‫ُ ُ َ ُ ْ ََ َْ ْ‬
‫اّلِلِ َواَلَ ْومِ‬ ‫كن ال ِب من آمن ب ِ‬ ‫ْش ِق والمغ ِر ِب ول ِ‬ ‫وجوهكم ق ِبل الم ِ‬
‫ي﴾»‪ :‬هذه اآلية فيها الكم عن‬ ‫ِكة َوالْك َِتاب َوانلَّب ِّي َ‬ ‫َ‬
‫ئ‬ ‫آل‬‫م‬
‫َ َْ‬
‫خ ِر وال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآل ِ‬
‫ايلهود وانلصارى اِلين تنازعوا يف جهة القبلة‪ ،‬فأخْب اهلل أن َّ‬
‫الْب‬ ‫ِ‬
‫وصحة ادلين ليست بالقبلة‪ ،‬فهناك ما هو أعظم من القبلة خالفتم‬
‫فيه‪ ،‬فذكر أرًكن اإليمان « ﴿ َولَك َّن ال ْ َّ َ ْ َ َ ه ْ ْ‬
‫خ ِر‬ ‫ب من آمن بِاّلِلِ َواَلَو ِم اآل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫َ َْ‬
‫اب وانلبِيي﴾» ولم يذكر القدر هنا‪ ،‬فقال‬ ‫والمآلئ ِك ِة والكِت ِ‬
‫َّ ُ َّ َ ْ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ ُ ََ َ‬
‫َش ٍء خلقناهُ بِقد ٍر﴾»‬ ‫املؤلف‪ « :‬ودَلل القدر‪ :‬ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬إِنا ُك‬

‫ْ َ ُ‬ ‫ْ َ ْ َ َ ُ َّ َ ُ‬
‫اإلحسان‬ ‫اثل ِ‬
‫‪:‬‬‫ة‬ ‫المرتبة اثل ِ‬
‫َ ْ َ ْ ُ َ َ َ َ َّ َ َ َ ُ َ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫ُ ْ ٌ َ ٌ‬
‫حد ‪ ،‬وهو ‪« :‬أن تعبد اهلل كأنك تراه‪ ،‬فإِن لم تكن‬ ‫ركن وا ِ‬
‫ِين َّات َقواْ َّو َّاَّل َ‬
‫ِين‬ ‫اّلِل َم َع َّاَّل َ‬
‫َّ ه َ‬ ‫َ َ ُ َ َّ ُ َ َ َ َ َّ ُ َ ُ َ َ َ‬
‫اِل َِلل ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬إِن‬ ‫تراه فإِنه يراك» و‬
‫َّ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ َّ ْ َ َ ْ َ‬ ‫َُُْ َ َ َ‬ ‫ُ ُّ ْ ُ َ‬
‫يم * اَّلِي يراك‬ ‫ح ِ‬‫يز الر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ز‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫لَع‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫﴿و‬ ‫‪:‬‬‫ال‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫َل‬‫و‬ ‫وق‬ ‫﴾‬ ‫ون‬ ‫هم َم ِسن‬
‫َ َّ ُ ُ َ َّ ُ ْ َ ُ َ‬
‫وق ْو َُلُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ُ ُ َ َ َ ُّ َ َ‬
‫ج ِدين * إِنه هو الس ِميع العلِيم﴾‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫الس‬ ‫ِف‬
‫حي تقوم * وتقلب ِ‬
‫ك‬ ‫ِ‬

‫‪85‬‬
‫ُْ َ َ َْ َ ُ َ‬ ‫َ ْ َ َ َُْ ُْ‬ ‫َ َ َ ُ ُ‬ ‫ََ َ‬
‫آن وال تعملون‬‫تعال‪﴿ :‬وما تكون ِِف شأ ٍن وما تتلو مِنه مِن قر ٍ‬
‫َّ ُ َّ َ َ ُ ْ ُ ُ ا ْ ُ ُ َ‬ ‫ْ َ َ‬
‫مِن عم ٍل إِال كنا عل ْيكم شهودا إِذ ت ِفيضون فِي ِه﴾‬

‫بن‬ ‫ور‪َ :‬ع ْن ُع َم َ‬


‫ر‬ ‫يل ال ْ َم ْش ُه ُ‬ ‫َ َّ ُ َ ُّ َّ َ ُ ْ َ‬
‫ب‬
‫ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫واِل َِلل مِن السنةِ‪ :‬ح ِديث ِ‬
‫ْ‬
‫ه‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ُ َ ْ ُ َ َ ََْ َ َْ ُ ُ ُ ٌ ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َْ‬
‫ِب ﷺ إِذ‬ ‫اب ـ ر ِِض اهلل عنه ـ قال‪«:‬بينما َنن جلوس عِند انل ِ ِ‬ ‫اْلط ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫اض ا هثل ِ َ‬ ‫َ ََ َ ََْ َ ُ ٌ َ ُ َ‬
‫اب‪ ،‬ش ِديد س َوا ِد الشع ِر‪ ،‬ال ي َرى‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫طلع علينا رجل‪ ،‬ش ِديد ِ‬
‫ي‬ ‫ب‬
‫ََ ْ َ َ‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ْ َ َ ُ َّ َ َ َ ْ ُ ُ َّ َ َ ٌ َ َ َ َ َ‬
‫ِب ﷺ فأسند‬ ‫ع ْلي ِه أثر السف ِر ْ‪ ،‬وال يع ِرفه مِنا أحد‪ ،‬فجلس إِل انل ِ ِ‬
‫ُ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ َ َ َ َ َّ ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ُ َ َّ ُ‬
‫خذي ِه‪ ،‬وقال‪ :‬يا َممد‬ ‫ركبتي ِه إِل ركبتي ِه‪ ،‬ووضع كفي ِه لَع ف ِ‬
‫ُ َ َّ ُ َ َّ ا‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ ْ َْ َ َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫لم فقال‪« :‬أن تشهد أن ال اَل إِال اهلل وأن َممدا‬ ‫اإلس ِ‬ ‫أخ ِب ِِن ع ِن ِ‬
‫َ ُ َ َّ َ َ ُ ْ َ َّ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ ُ َّ‬ ‫ُ ُ‬
‫َرسول اهللِ‪ ،‬وت ِقيم الصلة‪ ،‬وتؤ ِِت الزَكة‪ ،‬وتصوم رمضان‪ ،‬وَتج‬
‫ت‪َ .‬ف َعج ْب َنا ََلُ ي َ ْسأَ َُلُ‬ ‫َْْ َ ْ ْ َ َ ْ َ َْ َ ا َ َ َ َ ْ َ‬
‫ابليت إِن استطعت إَِل ِه سبِيل» قال‪ :‬صدق‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ْ ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َُ َ ه ُُ َ َ َ ْ‬
‫ان‪ .‬قال‪« :‬أن تؤمِن بِاهللِ‪،‬‬ ‫اإليم ِ‬ ‫ويص ِدقه‪ .‬قال‪ :‬أخ ِب ِِن ع ِن ِ‬
‫َُْ َ َْ َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َُُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ريه ِ‬ ‫ِ‬ ‫خ‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ؤ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫خ‬
‫ِ‬ ‫اآل‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫و‬ ‫اَل‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫ه‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ِك‬ ‫ئ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫و‬
‫ال‪« :‬أ ْن َت ْع ُب َد َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ه َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ ْ َ‬
‫اهلل‬ ‫ان‪ .‬ق‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫اإل‬
‫َشه ِ» قال‪ :‬صدقت‪ .‬قال‪ :‬أخ ِب ِِن ِ ِ‬
‫ن‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫و‬
‫َّ َ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ ُ َ ْ َ ْ َ ُ ْ َ َ ُ َ َّ ُ َ َ َ َ َ َ ْ ْ َ‬
‫كأنك تراه‪ ،‬فإِن لم تكن تراه فإِنه يراك» قال‪ :‬أخ ِب ِِن ع ِن الساعةِ‪.‬‬
‫َ َ ََ ْ ْ َ ْ‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ ُ ُ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َّ‬
‫قال‪« :‬ما المسؤول عنها بِأعلم مِن السائ ِِل» قال‪ :‬فأخ ِب ِِن عن‬
‫‪86‬‬
‫ُْ َ َ ْ ُ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ُ َ َّ َ َ َ َ ْ َ‬
‫أمارات ِها‪ .‬قال‪« :‬أن ت ِِل األمة ربتها‪ ،‬وأن ترى اِلفاة العراة العالة‬
‫ََ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ََ َْ َ‬
‫ان» قال‪ :‬فمَض‪ ،‬فلبِثنا ملِ َّيا‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫ون ِف ْابلُنْ َ‬‫َ َ َّ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِرَعء الشاءِ يتطاول ِ‬
‫ُ َ َ ُ ُُ َ ْ َُ َ َ َ َ‬ ‫َُْ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ َ ُ ََْ ُ َ َ‬
‫«يا عمر أتدرون م ِن السائ ِِل؟» قلنا‪ :‬اهلل ورسوَل أعلم‪ ،‬قال‪« :‬هذا‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ ََ ُ ْ ُ َ هُ ُ ْ َ ْ‬
‫بيل أتاكم يعلِمكم أمر دِينِكم»‬ ‫ج ِ‬‫ِ‬

‫ً‬
‫مدرسا ُكف‬ ‫أىلع املراتب يه اإلحسان‪ ،‬فلو افرتضنا أن‬
‫طالبه بكتابة مقال‪ :‬فجاء طالب كتب احلد األدىن بأقل ما‬
‫يمكن من اجلهد‪ ،‬مع تقصري يف نقاص‪ ،‬وخلل يف أخرى‪ ،‬فهذا يمثل‬
‫املرتبة األوَل‪ ،‬وأما اثلاين فكتبه ووىف جبميع املتطلبات‪ ،‬فهذا يمثل‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫املرتبة اثلانية‪ ،‬وأما اثلالث‪ ،‬فهذبه‪ ،‬ورتبه‪ ،‬وكتبه بط مجيل‪،‬‬
‫واستخدم األلوان‪ ،‬قأخرجه بأحسن صورة‪ ،‬فهذا اِلي يمثل درجة‬
‫اإلحسان‪.‬‬
‫َ ْ َ ْ ُ َ َ َ َ َّ َ‬
‫ك تَ َراهُ‪َ ،‬فإن لَمْ‬ ‫ُ ْ ٌ َ ٌ‬
‫ِ‬ ‫حد ‪ ،‬وهو ‪ :‬أن تعبد اهلل كأن‬
‫قال‪ « :‬ركن وا ِ‬
‫َ ُ ْ َ َ َّ ُ َ َ‬
‫تكن ت َراهُ فإِنه ي َراك» أكد ىلع أنه ركن واحد لكيال يظن الظان أنه‬
‫ركنان‪ ،‬أوهلا أن تعبد اهلل كأنك تراه‪ ،‬وثانيها أن اهلل يراك‪ ،‬فالواقع‬

‫‪87‬‬
‫َ َ ْ َ ُ ْ َ َ ُ َ َّ ُ َ َ َ‬
‫أن قوهل ﷺ « فإِن لم تكن تراه فإِنه يراك » هذا بيان أن استشعار‬
‫رؤية اهلل نلا تقوم مقام رؤيتنا هل من حيث إحسان العمل‪.‬‬

‫فأن تعبد اهلل كأنك تراه؛ إذا رأينا اهلل سبحانه وتعاىل وصلينا‬
‫هل‪ ،‬كيف ستكون هذه الصالة؟ ستكون صالة مليئة باخلشوع‪ ،‬مع‬
‫حسن أداء‪ ،‬وإخالص‪ .‬وقس سائر األعمال ىلع ذلك‪.‬‬
‫ِين َّات َقواْ َّو َّاَّل َ‬
‫ِين‬ ‫اّلِل َم َع َّاَّل َ‬
‫َّ ه َ‬ ‫َ َّ ُ َ ُ َ َ َ‬
‫اِل َِلل ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬إِن‬‫ثم قال‪ « :‬و‬
‫ُ ُّ ْ ُ َ‬
‫هم َم ِسنون﴾» اهلل مع من؟ مع اتلقاة املحسنني فذكر لك فضيلة‬
‫هذه املزنلة اليت يه مزنلة االحسان‪ ،‬ثم ذكر لك شاهدا ىلع مسألة‬
‫َ َ َ َّ ْ َ َ ْ َ‬ ‫َُُْ َ َ َ‬
‫يز‬
‫ِ ِ‬ ‫ز‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫لَع‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫﴿و‬ ‫‪:‬‬‫ال‬ ‫رؤية اهلل ‪ ‬نلا‪ ،‬فقال‪« :‬وقوَل تع‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ُ ُ َ َ َ ُّ َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ج ِدين﴾ » فلك‬ ‫حي تقوم * وتقلبك ِِف السا ِ‬ ‫يم * اَّلِي يراك ِ‬
‫ح ِ‬ ‫الر ِ‬
‫َّ ُ ُ َّ ُ‬
‫أحوالك‪ ،‬اهلل ‪ ‬يراها فاستشعر ذلك« ﴿إِنه ه َو الس ِميع‬
‫وق ْو َُلُ‬
‫َ‬
‫يم﴾ » كذلك فإنه سميع ملا تقول‪ ،‬عليم بما يف قلبك «‬ ‫الْ َعلِ ُ‬
‫ُْ َ َ َْ َ ُ َ‬ ‫َ ْ َ َ َُْ ُْ‬ ‫َ َ َ ُ ُ‬ ‫ََ َ‬
‫آن وال تعملون‬ ‫تعال‪﴿ :‬وما تكون ِِف شأ ٍن وما تتلو مِنه مِن قر ٍ‬
‫َّ ُ َّ َ َ ُ ُ ُ ا ْ ُ ُ َ‬ ‫ْ َ َ‬
‫مِن عم ٍل إِال كنا عل ْيك ْم شهودا إِذ ت ِفيضون فِي ِه﴾» الشأن هذا قد‬
‫هم بأمر ما‪ ،‬فاهلل شهيد عليه‪ .‬فما بالك‬ ‫يشمل اتلفكري حىت من َّ‬

‫بالعمل والقول‪ .‬فاهلل شهيد ىلع ك َشء‪ ،‬فاستشعر مراقبة اهلل‬


‫‪88‬‬
‫‪ ‬لك يف ك هذه األحوال‪.‬‬
‫يل ال ْ َم ْش ُه ُ‬
‫ور »‬
‫َ َّ ُ َ ُّ َّ َ ُ ْ َ‬
‫ب‬
‫ج ِ‬ ‫« واِل َِلل مِن السنةِ‪ :‬ح ِديث ِ‬
‫ال‪«:‬بَيْ َن َما ََنْنُ‬
‫َ َ ُ َُْ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َْ‬ ‫« َع ْن ُع َم َ‬
‫اب ـ ر ِِض اهلل عنه ـ ق‬ ‫ِ‬ ‫ط‬ ‫اْل‬ ‫بن‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫اض ا هثل ِ َ‬ ‫َ ُ‬
‫يد َب َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ ٌ‬
‫وس ع ِْن َد انلَّ‬
‫اب‪،‬‬‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ش‬ ‫‪،‬‬‫ل‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ط‬ ‫ذ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ﷺ‬ ‫ه‬
‫ِب‬ ‫جل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ َ َ ْ َ َ ُ َّ َ َ َ ْ ُ ُ َّ َ َ ٌ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ش ِديد س َوا ِد الشع ِر‪ ،‬ال يرى علي ِه أثر السف ِر‪ ،‬وال يع ِرفه مِنا أحد»‬
‫فحاهل عندهم غريبة‪ ،‬إذ هم يعرفون أهل بِلهم‪ ،‬وهذا ليس منهم‪،‬‬
‫وبنفس الوقت ال يظهر عليه آثار السفر من تعب‪ ،‬وشعث‪ ،‬واتساخ‬
‫ََ ْ َ َ ُ ْ ََْ َ ُ ْ ََْ َ َ َ َ‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫ِب ﷺ فأسند ركبتي ِه إِل ركبتي ِه‪ ،‬ووضع‬ ‫ثياب « فجلس إِل انل ِ ِ‬
‫َْ‬ ‫ََ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ َّ ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ُ َ َّ ُ ْ ْ َ‬
‫لم فقال‪« :‬أن‬ ‫اإلس ِ‬
‫خذي ِه‪ ،‬وقال‪ :‬يا َممد أخ ِب ِِن ِ ِ‬
‫ن‬ ‫ع‬ ‫كفي ِه لَع ف ِ‬
‫الصلةَ‪َ ،‬وتُ ْؤِتَ‬ ‫َ ُ َ َّ‬ ‫ُ َ َ َّ ُ َ َّ ا َ ُ ُ‬ ‫َْ َ َ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫تشهد أن ال اَل إِال اهلل وأن َممدا رسول اهللِ‪ ،‬وت ِقيم‬
‫َّ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َّ ْ َ ْ ْ َ َ ْ َ َ َ ا َ َ‬
‫الزَكة‪َ ،‬وتصوم َرمضان‪َ ،‬وَتُج ابلَ ْيت إِن استطعت إ ِ َْل ِه سبِيل» قال‪:‬‬
‫َ َ ْ َ َ َ َْ َُ َْ َُُ َ ُ َ ه ُ ُ‬
‫جبنا َل يسأَل ويص ِدقه» إذا قال الشخص لغريه‪:‬‬ ‫صدقت‪ .‬فع ِ‬
‫َ‬ ‫َّ ى َ َ ْ ْ َ‬‫َ‬
‫ان‪.‬‬‫اإليم ِ‬ ‫«صدقت» فانلاس يقولون هذا صدقه « قال‪ :‬أخ ِب ِِن ع ِن ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ْ ُْ‬
‫خ ِر‪،‬‬ ‫قال‪« :‬أن تؤمِن بِاهللِ‪ ،‬وملئ ِكتِ ِه‪ ،‬وكتبِ ِه‪ ،‬ورسلِ ِه‪ ،‬واَلو ِم اآل ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ َ ه َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ْ‬ ‫َُْ َ َْ َ‬
‫َشه ِ» قال‪ :‬صدقت‪ .‬قال‪ :‬أخ ِب ِِن ع ِن‬ ‫ريه ِ و ِ‬ ‫وتؤمِن بِالقد ِر خ ِ‬
‫َ َ َ ْ َ ْ ُ َ َ َ َّ َ َ َ ُ َ ْ َ ْ َ ُ ْ َ َ ُ َ َّ ُ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ان‪ .‬قال‪« :‬أن تعبد اهلل كأنك تراه‪ ،‬فإِن لم تكن تراه فإِنه‬ ‫اإلحس ِ‬ ‫ِ‬
‫‪89‬‬
‫ول َع ْن َها بأَ ْعلَ َم مِنَ‬
‫َّ َ َ َ َ ْ َ ْ ُ ُ‬ ‫ََ َ َ َ َ ْ ْ َ‬
‫يراك» قال‪ :‬أخ ِب ِِن ع ِن الساعةِ‪ .‬قال‪« :‬ما المسؤ‬
‫ِ‬
‫َّ‬
‫السائ ِِل»» والسؤال هنا عن موعدها‪ ،‬وهذا ال يعلمه رسول اهلل ﷺ‬
‫َ َ َ َ ْ ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ُ َ َّ َ َ‬
‫وال جْبيل « قال‪ :‬فأخ ِب ِِن عن أمارات ِها‪ .‬قال‪« :‬أن ت ِِل األمة ربتها »‬
‫قد يُل ِم ُح هذا احلديث إىل ما نراه ايلوم من أن ابلنات‪َ ،‬تد الواحدة‬
‫ىً‬
‫أمة هلا‪،‬‬ ‫منهن تتأمر ىلع أمها وكأنها يه السيدة‪ ،‬وكأن أمها صارت‬
‫تستعبد أمها‪ ،‬تتأمر ىلع أمها‪ ،‬فقالوا قد يكون هذا احلديث فيه‬
‫َ‬
‫إشارة إىل ما نراه ايلوم من هذا « َوأ ْن تَ َرى ْ ُ‬
‫اِل َفاةَ الْ ُع َراةَ الْ َعالَ َة ر ََعءَ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُْْ‬ ‫َّ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ان» » احلايف هو اِلي يميش بدون حذاء‪،‬‬ ‫الشاءِ يتطاولون ِِف ابلني ِ‬
‫العاري‪ :‬هو اِلي يكشف أكرث جسده‪ ،‬العالة‪ :‬هو ِباجة إىل غريه‬
‫وكذلك الفقراء‪ ،‬هذا يسىم ًعلة‪ ،‬رًعء الشاة‪ :‬يعين رًعة الغنم‪.‬‬

‫فهؤالء سيصلون يف فرتة من الفرتات إىل أن يتطاولون يف‬


‫برجا أطول منه‪ ،‬فسبحان اهلل‬‫برجا‪ ،‬وذاك يبين ً‬‫ابلنيان‪ ،‬هذا يبين ً‬
‫َ َ َ َ َ ََ َْ َ‬
‫هذا لم ُي ُدث إال يف أيامنا؛ « قال‪ :‬فمَض‪ ،‬فلبِثنا ملِيا» يعين هذا‬
‫َّ‬

‫اِلي سأل انلِب ﷺ هذه األسئلة ذهب‪ ،‬فمكثوا قليال‪ ،‬وجاء يف‬
‫رواية أخرى أن رسول اهلل ﷺ قال «اتلمسوه» يعين اتبعوه‪ ،‬فذهبوا‬
‫َّ‬ ‫ََ َ َ ُ َ ُ ََْ ُ َ َ‬
‫ولم َيدوه‪ .‬فقال ﷺ لعمر «فقال‪« :‬يا عمر أتدرون م ِن السائ ِِل؟»»‬
‫‪90‬‬
‫وَلُ َأ ْعلَم»ُ‬
‫ُ َ َ ُ ُ‬ ‫َُْ‬
‫هذا الرجل اِلي جاء وسأل هذه االسئلة « قلنا‪ :‬اهلل ورس‬
‫وللرسول‪ ،‬أنت تعرف بالعلم اِلي‬ ‫هلل‬ ‫ى‬ ‫ىى ى‬
‫ِ‬ ‫َنن ال نعلم‪ ،‬فننسب العلم ِ‬
‫ك ْم َأ ْمرَ‬‫ْ ُ ََ ُ ْ ُ َ هُ ُ‬
‫بيل أتاكم يعلِم‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ج ِ‬
‫يعلمك اهلل إياه‪ « ،‬قال‪« :‬هذا ِ‬
‫ُ‬
‫دِينِكم»» أي‪ :‬ليسألين هذه األسئلة وأجيبه بهذه اإلجابات‬
‫أمامكم‪ ،‬تلتعلموا أصول هذا ادلين‪ .‬وسبحان اهلل هذا من أعظم‬
‫األحاديث‪ ،‬إذ يشمل أصول ادلين مجيعا‪.‬‬

‫[األصل اثلالث]‬

‫َ ْ َ ُ َ ُ ُ َ َّ‬
‫مع ِرفة نبِ هيِك ْم َمم ٍد ﷺ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ َ ْ ْ ُ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ ُ َ َّ ُ ْ ُ َ‬
‫ب ب ِن ها ِش ٍم‪َ .‬وها ِش ٌم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ل‬ ‫ط‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ب‬‫ع‬ ‫ن‬
‫وهو َممد بن ِ ِ ِ‬
‫ب‬ ‫هلل‬ ‫ا‬ ‫د‬‫ب‬ ‫ع‬
‫ْ َ ُ ْ ُ َّ ْ َ َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ ٌْ‬ ‫ْ ُ ْ‬
‫مِن ق َري ٍش‪َ ،‬وق َريش م َِن الع َر ِب‪َ ،‬والع َرب مِن ذ ه ِري ِة إِسماعِيل ب ِن‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َْ َ ََ َ هَ َْ َ ُ‬ ‫ْ َ َ َْ‬
‫ِ‬
‫يل ‪-‬علي ِه ولَع نبِيِنا أفضل الصلة ِ والسلم‪.-‬‬ ‫إِبراهِيم اْللِ ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ ُ َ ُ ُ َ ٌ َ ُّ َ َ َ ا ْ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ‬
‫وَل مِن ال ِعم ِر ثلث و ِستون سنة‪ ،‬مِنها أربعون قبل انلبوة ِ‪،‬‬
‫ََ ٌ َ ْ ُ َ‬
‫ِْشون ِف انلبوة‪.‬‬ ‫وثلث وع‬

‫‪91‬‬
‫ْ‬ ‫ْ ُ َّ ه‬ ‫ْ َ َُ ْ َ‬ ‫نُ هب َ‬
‫ئ بـ﴿اقرأ﴾ وأر ِسل بـ ﴿المدث ِر﴾‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ ُ َ َّ ُ‬
‫ِلهُ مكة‪.‬‬ ‫وب‬
‫َ َّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ه ْ َ َْ ُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َََُ ُ‬
‫حي ِد‪ ،‬واِل َِلل‬ ‫الْشكِ ‪ ،‬وباِلعوة إِل اتلو ِ‬ ‫بعثه اهلل بِانله ِذارة ِ ع ِن ِ‬
‫َ َ ُّ َ ْ ُ َّ ِّ ُ ُ ْ َ َ ْ َ َ َّ َ َ َ ِّ ْ َ َ َ َ‬ ‫َ ُ ََ َ‬
‫ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬يا أيها المدثر * قم فأن ِذر * وربك فكب * وثِيابك‬
‫ْ‬ ‫َ َ ِّ ْ َ ُّ ْ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ ْ ُ َ ْ َ ْ ُ َ َ ِّ َ َ ْ‬
‫فطهر * والرجز فاهجر * وال تمُن تستك ِِث * ول ِربك فاص ِب﴾‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ه ْ ََْ ُ َ‬ ‫ُ ْ ََ ْ ُْ ُ َ‬ ‫ََْ‬
‫حي ِد‪.‬‬
‫الْشكِ ‪ ،‬ويدعو إِل اتلو ِ‬ ‫َومعَن‪﴿ :‬قم فأن ِذر﴾ ين ِذر ع ِن ِ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ ِّ ْ َ ْ َ ه ْ ُ‬
‫حي ِد‪.‬‬ ‫﴿وربك فكب﴾ أي‪ :‬ع ِظمه بِاتلو ِ‬
‫ْ‬ ‫ه‬ ‫َ َ َ َ َ َ ِّ ْ َ ْ َ ه ْ َ ْ َ َ َ َ‬
‫الْشكِ ‪.‬‬ ‫﴿وثِيابك فطهر﴾ أي‪ :‬ط ِهر أعمالك ع ِن ِ‬
‫ُّ ْ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ ُ َ َ ْ ُ َ َ ْ َ َ َ ُ‬ ‫َ ُّ ْ َ ْ ُ‬
‫الرج َز فاهج ْر﴾ الرجز‪ :‬األصنام‪ ،‬وهجرها‪ :‬تركها‪ ،‬والباءة‬ ‫﴿و‬
‫ْ َ ََ ْ ُ َ‬
‫مِنها وأهلها‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ َْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ََ َ َ َ ْ‬
‫حي ِد‪.‬‬
‫أخذ لَع هذا عْش ِسنِي؛ يدعو إِل اتلو ِ‬
‫َّ َ ُ‬ ‫ُ َ ْ َ َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ََْ َ َْ ْ ُ َ‬
‫ْش ع ِرج ب ِ ِه إِل السماءِ‪َ ،‬وف ِرضت عل ْي ِه الصلوات‬
‫وبعد الع ِ‬
‫َْ ْ ُ‬
‫اْلمس‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫َ ََْ َ َ ُ َ ْ ْ َ ِ َ َْ َ‬ ‫َ َّ َ َ َ‬ ‫َ َّ‬
‫َوصَّل ِِف مكة ثلث ِسنِي‪ ،‬وبعدها أمِر بال ِهجرة إِل الم ِدين ِة‪.‬‬

‫َ ْ َ ُ َ ُ ُ َ َّ‬
‫قال« مع ِرفة نبِ هيِك ْم َمم ٍد ﷺ » هذا األصل اثلالث‪.‬‬
‫ْ َ‬ ‫ُ ُ َ َّ ُ ْ َ‬
‫خمترصا فقال‪َ « :‬وه َو َممد ب ُن ع ْب ِد اهللِ ب ِن ع ْب ِد‬ ‫ً‬ ‫ثم ذكر نسبه‬
‫ََ ٌ ْ َُْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ ُ َّ‬
‫ب ب ِن ها ِش ٍم‪ .‬وها ِشم مِن قري ٍش» أي‪« :‬بنو هاشم» فرع من‬ ‫المطلِ ِ‬
‫ْ َ ُ ْ ُ َّ ْ َ َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ ٌْ‬
‫قبيلة قريش « َوق َريش م َِن الع َر ِب‪َ ،‬والع َرب مِن ذ ه ِري ِة إِسماعِيل ب ِن‬
‫ِ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ َ ه َ َ ْ َ ُ َّ‬ ‫ْ َ َ َْ‬
‫يل ‪-‬علي ِه ولَع نبِيِنا أفضل الصلة ِ والسلم‪»-‬‬ ‫إِبراهِيم اْللِ ِ‬
‫ُّ َ َ َ ا‬ ‫ُُ َ ٌ‬ ‫َ‬
‫قال‪َ « :‬وَلُ م َِن ال ِعم ِر ثلث َو ِستون سنة » أي‪ :‬هذا ما ًعشه من‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َْ ََُْ َ ََْ‬
‫السنني « مِنها أربعون قبل انلبوة ِ » أي‪ :‬قبل نزول الويح عليه «‬
‫ََ ٌ َ ْ ُ َ‬
‫ِْشون ِف انلبوة » وهذه تنقسم إىل ثالث عرشة ًعشها‬ ‫وثلث وع‬
‫يف مكة وعرشة يف املدينة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫« نُ هب َ‬
‫ئ بـ﴿اقرأ﴾» أي بلغه اهلل انلبوة بإنزال هذه اآليات عليه‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫ْ ى ى ى ُّ ى‬ ‫ى ىى ى ىى ْ ْى ى ْ ىى‬ ‫ْ ى ْ ْ ى ِّ ى َّ‬
‫اإلنسان ِمن عل ٍق * اقرأ وربك‬ ‫اِلي خلق * خلق ِ‬ ‫﴿ اقرأ بِاس ِم ربك ِ‬
‫ْ‬ ‫ى َّ ى ْ ْ ى ى ى ى ْ ى ْ ى‬ ‫ى َّ ى ْ ى ى‬ ‫ْ ى ْ ى ُ َّ‬
‫اإلنسان ما لم يعلم ﴾ وإال فهو‬ ‫اِلي علم بِالقل ِم * علم ِ‬ ‫األكرم * ِ‬

‫‪93‬‬
‫ْ‬ ‫ْ ُ َّ ه‬ ‫(‪َ ْ ُ َ )17‬‬
‫قد كتبه اهلل نبيا قبل أن ُيلقه « وأر ِسل بـ ﴿المدث ِر﴾» وذلك‬
‫ْ‬ ‫ى ى ُّ ى ْ ُ َّ ِّ ُ ُ ْ ى ى ْ‬
‫ألن اهلل أنزل عليه‪ ﴿ :‬ياأيها المدثر * قم فأن ِذر ﴾ فلما أمره بإنذار‬
‫انلاس من عذاب اهلل‪َ ،‬كنت هذه الرسالة إيلهم‪.‬‬
‫َ َ َ ُ َ َّ ُ‬
‫ِلهُ مكة » أي بِله األم‪.‬‬ ‫قال‪ « :‬وب‬
‫َ َْ ُ‬ ‫اهلل بانله ِ َذ َ‬
‫ارة ِ َعن ه ِ ْ‬ ‫« َب َع َث ُه ُ‬
‫الْشكِ » أي‪ :‬اتلحذير منه «وباِلعوة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إ َل اتلَّ ْ‬
‫حي ِد »‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َ ُّ َ ْ ُ َّ ِّ ُ ُ ْ َ َ‬
‫وقد فرس الشيخ اآليات‪ ،‬قفال «‪﴿ :‬يا أيها المدثر * قم فأن ِذر﴾‬
‫َ َ َّ َ َ َ ِّ ْ َ ْ َ ه ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ه ْ ََْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫حي ِد ﴿وربك فكب﴾ أي‪ :‬ع ِظمه‬ ‫َّ‬
‫الْشكِ ‪ ،‬ويدعو إِل اتلو ِ‬ ‫ين ِذ ُر ع ِن ِ‬
‫ه‬ ‫َ َ َ َ َ َ ِّ ْ َ ْ َ ه ْ َ ْ َ َ َ َ‬ ‫ْ‬
‫الْشكِ » قال ابن‬ ‫ْ‬ ‫حي ِد ﴿وثِيابك فطهر﴾ أي‪ :‬ط ِهر أعمالك ع ِن ِ‬ ‫بِاتلَّو ِ‬
‫طهر نفسك من اِلنوب‪َّ .‬‬ ‫قتيبة‪« :‬أي ِّ‬
‫فكَن عنه بثيابه‪ :‬ألنها تشتمل‬
‫عليه»[‪ ]18‬وعن قتادة‪ ،‬قال‪ « :‬فاكنت العرب تسيم الرجل إذا نكث‬

‫(‪ )17‬جاء عنه «كنت نبيا وآدم بني الروح واجلسد"»‪ .‬مصنف ابن أِب شيبة (‪ 356 /20‬ت الشرثي) قلت‪:‬‬
‫وهذا احلديث قال فيه ادلارقطين بعد َتريج أسانيده‪« :‬وأشبهها بالصواب املرسل»‪ .‬علل ادلارقطين‬
‫(‪. )74 /14‬‬

‫[‪ ]18‬غريب القرآن البن قتيبة ت أمحد صقر (ص‪)495‬‬


‫‪94‬‬
‫ولم يف بعهد أنه دنس اثلياب‪ ،‬وإذا وىف وأصلح قالوا‪ :‬مطهر‬
‫اثلياب»[‪ ]19‬ومن السلف ىمن محلها ىلع ظاهرها‪ ،‬وهو األظهر‬
‫ُّ ْ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ ُ َ َ ْ ُ َ َ ْ َ َ َ ُ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُّ ْ َ َ ْ ُ‬
‫«﴿والرجز فاهجر﴾ الرجز‪ :‬األصنام‪ ،‬وهجرها‪ :‬تركها‪ ،‬والباءة مِنها‬
‫ُ‬ ‫َْ َ ْ‬ ‫َ َ َُْ‬ ‫ََ ْ ُ َ‬
‫وأهلها ﴿ وال تمُن﴾» تنقطع عن العمل «﴿تستك ِِث﴾» عن جماهد‬
‫ى ى ْ‬ ‫ى‬ ‫ُ ِّ‬
‫[‪]20‬‬ ‫»‬ ‫اخلري‬ ‫من‬ ‫رث‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ست‬ ‫ت‬ ‫أن‬ ‫عينك‬ ‫يف‬ ‫ك‬ ‫بن جْب قال‪« :‬ال ت ىعظم عمل‬
‫اص ْ‬‫َ َ ِّ َ َ ْ‬
‫ب﴾ » سبق ِذكر الصْب‪.‬‬ ‫«﴿ول ِربك ف ِ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ َْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ََ َ َ َ ْ‬
‫حي ِد » فمكث‬ ‫قال‪ « :‬أخذ لَع هذا عْش ِسنِي؛ يدعو إِل اتلو ِ‬
‫يف مكة عرش سنني يدعو إىل اتلوحيد وهجر الرشك‪ ،‬دون أمر‬
‫َ َّ َ‬ ‫َََْ َْ ْ ُ َ‬
‫ْش ع ِرج ب ِ ِه إِل السماءِ‪،‬‬ ‫بتفاصيل الرشائع والعبادات « وبعد الع ِ‬
‫َّ َ ُ ْ َ ْ ُ‬ ‫ُ َ ْ َ َ‬
‫َوف ِرضت عل ْي ِه الصلوات اْلمس » وًكنت يه أول الفرائض‪ .‬وقد‬
‫َكن يصيل قبلها دون أن تكون الصالة ً‬
‫فرضا‪ ،‬وال هلا وقت ُمدد‪.‬‬
‫َ َّ َ َ َ‬
‫لث سن َ‬ ‫َ َّ‬
‫ي» أي مكث يف مكة ثالث سنني‬ ‫ِِ‬ ‫« َوصَّل ِِف مكة ث‬

‫[‪ ]19‬تفسري الطْبي ط هجر (‪.)407 /23‬‬


‫[‪« ]20‬عزاه السيويط إىل ىعبد بن ُ ى‬
‫محيد‪ ،‬وابن املنذر»‪ .‬موسوعة اتلفسري املأثور (‪.)387 /22‬‬
‫‪95‬‬
‫ََْ َ َ ُ َ ْ ْ َ ِ َ َْ َ‬
‫بعد فرض الصالة «وبعدها أمِر بال ِهجرة إِل الم ِدين ِة » واهلجرة‬
‫االنتقال من بِل الرشك إىل بِل اإلسالم‪.‬‬

‫وانلظر يف ترتيب هذه املراحل يفيدنا يف فهم كثري من األمور‪،‬‬


‫مثال‪ :‬بعض انلاس يقول‪« :‬انلِب ﷺ قال‪« :‬من قال ال إهل إال اهلل‬
‫خالصا من قلبه دخل اجلنة» وأنا قلت «ال إهل إال اهلل» إذن أدخل‬
‫ُ‬
‫تركت الصالة» يقال هل‪ :‬هذا َكن يف أول اإلسالم‪ ،‬ولكن‬ ‫اجلنة ولو‬
‫بعد ذلك نزلت الصالة‪ ،‬فاكن من تركها َكفر‪ ،‬فال َتتج ِبديث َكن‬
‫قبل فرض الصالة واحلكم بكفر تاركها‪ .‬ثم َّ‬
‫لما نزل بعد ذلك‬ ‫ِ‬
‫احلج والصيام والزًكة والصيام؛ َكن من تركها فاسق‪ ،‬يستحق العقاب‬
‫ىلع ذلك‪ ،‬فهذا حاهل ليس كحال ذلك اِلي لم يؤمر إال باتلوحيد‬
‫يف أول اإلسالم‬

‫اهلجرة‬

‫ْ‬ ‫َ ْ ْ َُ ْ َ ُ ْ ََ ه ْ َ ََ‬
‫اإلسلم‪ِ.‬‬
‫ِل ِ‬
‫الْشكِ إِل ب ِ‬
‫ِل ِ‬‫وال ِهجرة‪ :‬االنتِقال مِن ب ِ‬

‫‪96‬‬
‫ْ‬ ‫ُ َّ ْ َ َ ه ْ َ‬ ‫َ ْ ْ َُ َ َ ٌ ََ َ‬
‫اإلسلم‪ِ،‬‬ ‫الْشكِ إِل بِل ِ‬ ‫ِل ِ‬‫وال ِهجرة ف ِريضة لَع ه ِذه ِ األم ِة مِن ب ِ‬
‫ال‪﴿ :‬إ َّن َّاَّلِينَ‬ ‫َ َ َ َ ٌ َ َ ْ َ ُ َ َّ َ ُ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫و ِِه باقِية إِل أن تقوم الساعة‪ ،‬واِل َِلل قوَل تع‬
‫َ ُ ُ ْ َ ُ ْ ُ َّ‬ ‫َُْ ْ َ ُ ْ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َ َّ ُ ُ ْ َ‬
‫توفاهم المآلئ ِكة ظال ِِِم أنف ِس ِهم قالوا فِيم كنتم قالوا كنا‬
‫َ َْْ ََ ْ َ ُ ْ َ ْ ُ ه َ َ ا َ ُ َ ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ ْ َ َ‬
‫جروا‬ ‫مستضع ِفي ِِف األر ِض قالوا ألم تكن أرض اّلِلِ وا ِسعة فتها ِ‬
‫ي مِنَ‬ ‫ض َعف َ‬ ‫َّ ْ ُ ْ َ ْ‬ ‫ا‬ ‫َ َ ُ ْ َ َ َ ْ َ ُ ْ َ َ َّ ُ َ َ ْ َ‬
‫فِيها فأوَل ِك مأواهم جهنم وسآءت م ِصريا * إِال المست ِ‬
‫َا َ ََُْ َ َ ا‬ ‫َ َْ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ َ ِّ َ َ ْ ْ‬
‫حيلة َوال يهتدون سبِيل *‬ ‫ِ‬ ‫ون‬ ‫يع‬ ‫ط‬
‫ِ‬ ‫ت‬‫س‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ان‬
‫ال والنسآء وال ِو ِ‬
‫ِل‬ ‫الرج ِ‬
‫ا‬ ‫ه ُ َ َ ْ ُ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ ه ُ َ ُ ًّ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُْ َ َ َ‬
‫فأوَل ِك عَس اّلِل أن يعفو عنهم وَكن اّلِل عفوا غفورا﴾‬
‫آم ُنوا إ َّن َأ ْر ِِض َواس َع ٌة َفإيَّايَ‬
‫َ َ َ َّ َ َ‬ ‫ََُُْ َ َ َ‬
‫وقوَل تعال‪﴿ :‬يا عِبادِي اَّلِين‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُُْ‬
‫ون﴾‬
‫فاعب ِ‬
‫د‬
‫ي َّاَّلِينَ‬
‫الم ْسلم َ‬‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ ُ َ ُّ َ َ ُ‬
‫ِِ‬ ‫قال ابلغ ِوي ر ِمحه اهلل‪« :‬نزلت ه ِذه ِ اآلية ِِف‬
‫َ‬ ‫َ َّ َ َ ْ ُ َ ُ َ َ ُ ُ ُ ْ‬
‫ان»‬ ‫جروا‪ ،‬ناداهم اهلل ب ِ ِ ِ ِ‬
‫يم‬ ‫اإل‬ ‫م‬ ‫اس‬ ‫بِمكة ولم يها ِ‬
‫ََْ ُ ْ ْ َُ‬ ‫ُّ َّ َ ُ‬ ‫َ َّ ُ َ َ ْ ْ‬
‫اِل َِلل لَع ال ِهج َرة ِ م َِن السنةِ‪ :‬ق ْوَلُ ﷺ ‪« :‬ال تنق ِطع ال ِهجرة‬‫و‬
‫ْ‬ ‫َ َّ َ ْ َ َ َّ ْ َ ُ َ َ ْ َ ُ َّ ْ َ ُ َ َّ َ ْ ُ َ َّ ْ ُ‬
‫حَّت تنق ِطع اتلوبة‪ ،‬وال تنق ِطع اتلوبة حَّت تطلع الشمس مِن‬

‫‪97‬‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫ربِها»[‪]21‬‬
‫مغ ِ‬

‫ْ‬ ‫ْ َ ُ ْ ََ ه ْ َ ََ‬ ‫َ ْ ْ َُ‬


‫اإلس ِ‬
‫لم »‬ ‫ِ‬ ‫ِل‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫كِ‬‫الْش‬
‫ِ‬ ‫ِل‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ال‬ ‫ق‬‫ِ‬ ‫ت‬‫االن‬ ‫‪:‬‬‫قال‪ « :‬وال ِهجرة‬
‫تكلم عن اهلجرة وأن انلِب ﷺ أمر باهلجرة ؛ فهاجر من مكة إىل‬
‫املدينة ذلك أن املسلمني يف مكة َكن يُ ىض َّيق عليهم‪ ،‬وًكن أهل مكة‬
‫ُياربونهم‪ ،‬فانلِب َكن عندما يأيت ٌ‬
‫فوج إىل مكة يف وقت احلج (وقد‬
‫َكنوا ُيجون يف اجلاهلية‪ ،‬وذلك من بقايا دين إبراهيم اخلليل ﷺ)‬
‫فيلتيق انلِب ﷺ بالقبائل ويدعوهم إىل اإلسالم‪ ،‬فأهل املدينة‬
‫ى‬
‫انلبوية َكنوا يسمعون من ايلهود أن هناك نِب سيبعث‪ ،‬فلما اتلقوا‬
‫به ودًعهم؛ آمنوا به‪ .‬فهاجر انلِب ﷺ إيلهم‪.‬‬
‫ُ َّ ْ َ َ ه ْ َ‬ ‫ْ ْ ُ َ َ ٌ ََ َ‬
‫الْشكِ إِل‬ ‫قال الشيخ « َوال ِهج َرة ف ِريضة لَع ه ِذه ِ األم ِة مِن ب ِ‬
‫ِل ِ‬
‫ٌ‬ ‫َ َ َ َ ٌ َ َ ْ َ ُ َ َّ َ ُ‬ ‫ْ‬
‫لم‪ ،‬و ِِه باقِية إِل أن تقوم الساعة » اهلجرة حكم ثابت‬ ‫اإلس ِ‬‫بِل ِ‬
‫حىت تقوم الساعة‪ ،‬يهاجر املسلم ِمن بِل الرشك إىل بِل اإلسالم‪،‬‬

‫[‪ ]21‬رواه أمحد (‪ )16906‬وأبو داود (‪ )2479‬وقال املحققون‪ « :‬حسن لغريه »‪.‬‬
‫‪98‬‬
‫حيث يعيش َتت ظل الرشع‪ ،‬ويعارش املسلمني‪ ،‬فليت شعري‪،‬‬
‫أين جند ايلوم من يقيم ادلين‪ ،‬ويرفع لإلسالم ً‬
‫رأسا‪ ،‬بل جنداحلكم‬
‫صار بقانون أهل الرشك‪ ،‬واملسلم غريب يف وطنه‪ ،‬العلماء يف‬
‫ُ‬
‫السجون‪ ،‬واملالحدة ىلع املنابر‪ ،‬وجيوش بالدنا تمنع فيها الصالة‪،‬‬
‫نَب بالتشدد وغريها من‬ ‫ب فيها اهلل‪ ،‬واملسلم يُ ى‬ ‫يس ُّ‬ ‫وشوارعنا ى‬
‫َ َّ ُ َ ُ َ َ َ‬ ‫ى‬
‫اِل َِلل ق ْوَلُ تعال‪:‬‬ ‫األلقاب‪ ،‬حىت حسد املسلمون أهل القبور « و‬
‫ْ‬ ‫َُْ ْ َ ُ ْ َ ُ ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َّ َّ َ َ َّ ُ ْ َ‬
‫ِين ت َوفاه ُم المآلئ ِكة ظال ِِِم أنف ِس ِهم قالوا فِيم كنتم﴾» قال‬ ‫﴿إِن اَّل‬
‫َ‬ ‫َ ُ ْ ُ َّ ُ ْ َ ْ َ‬
‫هلم املالئكة‪ :‬يف أي حال كنتم «﴿قالوا كنا مستضع ِفي ِِف‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫األر ِض﴾» أي‪َ :‬كن أهل الرشك يقهرونا يف أرضنا فيمنعونا من لزوم‬
‫َ ْ َْ َ َ ْ َ ُ ْ َ ْ ُ ه َ َ ا َ ُ َ ُ ْ َ‬
‫جروا فِيها﴾‬ ‫دين اهلل تعاىل « ﴿قالوا ألم تكن أرض اّلِلِ وا ِسعة فتها ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫» فتهجروا أرض الرشك إىل حيث تعبدون ربكم « ﴿فأ ْوَل ِك‬
‫َّ ْ ُ ْ َ ْ َ َ َ ِّ َ‬ ‫ا‬ ‫َ ْ َ ُ ْ َ َ َّ ُ َ َ ْ َ‬
‫ال‬
‫مأواهم جهنم وسآءت م ِصريا * إِال المستضع ِفي مِن الرج ِ‬
‫َا َ َ ََُْ َ َ ا‬ ‫َ َْ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫َ ِّ َ‬
‫حيلة وال يهتدون سبِيل ﴾»‬ ‫ان ال يست ِطيعون ِ‬ ‫والنسآء وال ِوِل ِ‬
‫فتوعد اِلين لم يهاجروا وعصوا اهلل تعاىل‪ ،‬واستثَن اِلين ال قدرة‬
‫هُ َ َ ْ ُ َ َ ُْ ْ ََ َ هُ‬
‫اّلِل َع ُفواًّ‬ ‫َ‬ ‫َُْ َ َ َ‬
‫هلم ىلع اهلجرة «﴿فأوَل ِك عَس اّلِل أن يعفو عنهم وَكن‬
‫َغ ُف ا‬
‫ورا﴾»‬

‫‪99‬‬
‫ومن املسائل اليت لم أجد هلا مثيًا يف تاريخ اإلسالم؛ إنك قد‬
‫َتد مسلما يستطيع إظهار دينه يف بِل الرشك‪ ،‬وإذا ذهب إىل بِل‬
‫للمسلمني؛ ُمنع من إظهار دينه‪ .‬فإذا َكن هل حلية َكن متهما‬
‫باإلرهاب‪ ،‬وإذا َكن يصيل الفجر يف املساجد؛ يرفعون اسمه إىل‬
‫اجلهات األمنية ملراقبته‪ ،‬وإذا ُعر ىف بأنه َّ‬
‫قوال للحق؛ ي ُ ى‬
‫سج ُن حىت لو‬ ‫ِ‬
‫لم يتلكم يف مسائل ُيافون أن يتلكم فيها‪ ،‬وباملقابل‪ ،‬بعض بالد‬
‫الرشك عندهم قوانني تمنعهم من إيذائه‪ ،‬فيصري احلليم حريان‪.‬‬
‫َ ٌَ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َّ َ َ ُ َّ َ‬ ‫ََُُْ َ َ َ‬
‫قال‪ « :‬وقوَل تعال‪﴿ :‬يا عِبادِي اَّلِين آمنوا إِن أر ِِض وا ِسعة‬
‫َ َّ َ َ ْ ُ ُ‬
‫ون﴾» أي‪ :‬إن َكن عليكم تضييق يف أرضكم؛‬ ‫فإِياي فاعب ِ‬
‫د‬
‫فهاجروا يف هذه األرض الواسعة تلعبدوا اهلل بأمان‪.‬‬

‫ي‬‫الم ْسلم َ‬
‫ُ‬
‫ِف‬
‫َُ‬
‫ة‬ ‫اآلي‬ ‫ه‬‫ذ‬
‫َ‬
‫ه‬ ‫نزلت‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬ ‫ال ْابلُ َغو ُّي َر ِمحَ ُه ُ‬
‫اهلل‬
‫َ َ‬
‫قال‪ « :‬ق‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َّ َ َ َّ َ َ ْ ُ َ ُ َ َ ُ ُ ُ ْ‬
‫ان»» قوهل‪« :‬ناداهم‬ ‫يم‬
‫ِ ِ‬ ‫اإل‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫اس‬‫جروا‪ ،‬ناداهم اهلل ب ِ‬ ‫اَّلِين بِمكة ولم يها ِ‬
‫اهلل باسم اإليمان» أي أنه لم يقل هلم «يا كفرة» كونهم لم يهاجروا‪،‬‬
‫فليسوا كفارا برتكهم اهلجرة‪.‬‬
‫ََْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ ُ َ َ ْ ْ َ َ ُّ َّ َ ْ ُ‬
‫قال‪ « :‬واِل َِلل لَع ال ِهجرة ِ مِن السنةِ‪ :‬قوَل ﷺ ‪« :‬ال تنق ِطع‬

‫‪100‬‬
‫ْ ْ َ ُ َ َّ َ ْ َ َ َّ ْ َ ُ َ َ ْ َ ُ َّ ْ َ ُ َ َّ َ ْ ُ َ َّ ْ ُ‬
‫ال ِهجرة حَّت تنق ِطع اتلوبة‪ ،‬وال تنق ِطع اتلوبة حَّت تطلع الشمس‬
‫ْ َْ َ‬
‫مِن مغ ِربِها»» وهذا ديلل ىلع قول املؤلف بأن اهلجرة باقية إىل أن‬
‫تقوم الساعة؛ ُكما دعت إيلها احلاجة‪.‬‬

‫الفْتة املدنية‬

‫َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ ْ َ َ َّ ْ َ َ ُ َ َ َّ َ‬


‫ِثل‪ :‬الزَكة ِ‪،‬‬ ‫اإلس ِ‬
‫لم‪ ،‬م ِ‬ ‫فلما استقر ِِف الم ِدين ِة؛ أمِر بِب ِقي ِة َشائ ِِع ِ‬
‫َ َّ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ َّ ْ َ ْ َ ه َ َ َ‬
‫ْه ع ِن‬ ‫وف وانل ِ‬
‫اْلهادِ‪ ،‬واألم ِر بِالمعر ِ‬ ‫ان‪ ،‬و ِ‬ ‫والصو ِم‪ ،‬واِل ِج‪ ،‬واألذ ِ‬
‫اإلس ِ‬
‫لم‪.‬‬
‫ْ‬
‫ِع‬
‫ِ‬ ‫ئ‬‫ا‬ ‫ال ْ ُم ْن َكر‪َ ،‬و َغ ْري َذل َِك م ِْن َ َ‬
‫َش‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْش سني‪َ.‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ََ َ َ َ ْ‬
‫ِِ‬ ‫أخذ لَع هذا ع‬
‫َ َ ُ ُ َ َْ َ ُُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُُ هَ َ‬
‫اق‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ِين‬
‫د‬ ‫و‬ ‫ـ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ي‬‫ل‬ ‫ع‬ ‫ه‬‫لم‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫هلل‬‫ا‬ ‫لوات‬ ‫ص‬ ‫وتو ِِف ـ‬
‫َ َّ َ َ ْ ُ‬ ‫َ ْ َ َ َّ ُ َّ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ َ ُُ‬
‫َوهذا دِينه‪ ،‬ال خري إِال دل األمة علي ِه‪ ،‬وال َش إِال حذرها مِنه‪.‬‬
‫َّ‬

‫ضاه‪ُ.‬‬ ‫َّ ْ ُ َ َ ُ َ ُ ُّ ُ ُ َ َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ َ َ َ‬ ‫َ ْ َ ْ ُ َّ‬


‫حيد‪ ،‬وَجِيع ما ُيِبه اهلل وير‬ ‫واْلري اَّلِي دلها علي ِه‪ :‬اتلو ِ‬
‫اهلل َويَأْبَاه‪ُ.‬‬
‫ك َر ُه ُ‬‫َ َّ َ َ ْ ُ ه ْ ُ َ َ ُ َ َ ْ‬
‫الْش اَّلِي حذرها مِنه‪ :‬ال ِْشك‪ ،‬وَجِيع ما ي‬
‫َ َّ ُ َّ‬
‫و‬

‫‪101‬‬
‫َّ َ َ ْ‬ ‫َ َّ ا َ ْ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫اهلل إ َل انلَّ‬
‫َب َع َث ُه ُ‬
‫ي؛‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫اثل‬ ‫ِيع‬
‫ِ‬ ‫َج‬ ‫لَع‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫اع‬ ‫ط‬ ‫ض‬ ‫ْت‬ ‫اف‬‫و‬ ‫‪،‬‬‫ة‬ ‫ف‬ ‫َك‬ ‫اس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ْ َ َ ُّ َ َّ ُ ِّ َ ُ ُ ه‬ ‫َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬ ‫ْ ه َ ْ‬
‫اإلن ِس‪ ،‬واِل َِلل قوَل تعال‪﴿ :‬قل يا أيها انلاس إِِن رسول اّلِلِ‬ ‫اْل ِن و ِ‬
‫ِ‬
‫َ ُ َ ا‬
‫إ ِ َْلك ْم َجِيعا﴾‪.‬‬
‫كمْ‬ ‫َْْ َ َ ْ َ ْ ُ َ ُ‬ ‫ه َ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َّ َ‬
‫ِلين‪ ،‬واِل َِلل قوَل تعال‪﴿ :‬اَلوم أكملت ل‬ ‫وكمل اهلل ب ِ ِه ا ِ‬
‫ُ َ ُ ُ ْ ََ ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ ََ ْ َ ْ ُ َ َ ْ ُ ْ ْ َ‬
‫اإلسلم دِينا﴾‬ ‫دِينكم وأتممت عليكم ن ِعم ِِت ور ِضيت لكم ِ‬
‫َّ َ َ ٌ َّ ُ َّ ُ َ‬ ‫َ ُ ََ َ‬ ‫َ َّ ُ َ َ َ‬
‫اِل َِلل لَع م ْوت ِ ِه ﷺ ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬إِنك م ِّيت َوإ ِنهم م ِّيتون *‬ ‫و‬
‫َ َ ِّ ُ ْ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ُ َّ َّ ُ ْ َ ْ َ ْ َ َ‬
‫ثم إِنكم يوم ال ِقيام ِة عِند ربكم َتت ِصمون﴾‬

‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ ْ َ َ َّ ْ َ َ ُ َ َ َّ َ‬
‫ِثل‪:‬‬
‫لم‪ ،‬م ِ‬ ‫اإلس ِ‬ ‫قال‪ « :‬فلما استقر ِِف الم ِدين ِة؛ أمِر بِب ِقي ِة َشائ ِِع ِ‬
‫َ َّ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ َ َْ َْ ْ‬ ‫َّ َ َ َّ ْ َ ْ َ ه َ َ َ‬
‫ْه‬
‫وف وانل ِ‬ ‫اْلهادِ‪ ،‬واألم ِر بِالمعر ِ‬ ‫ان‪ ،‬و ِ‬ ‫الزَكة ِ‪ ،‬والصو ِم‪ ،‬واِل ِج‪ ،‬واألذ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُْْ َ َ َْ َ َ ْ َ‬
‫اإلسلم» فالفرتة املدنية نزلت‬ ‫ِ‬ ‫ري ذل ِك مِن َشائ ِِع ِ‬ ‫ع ِن المنك ِر‪ ،‬وغ ِ‬
‫فيها سائر الرشائع‪ ،‬فقد آمن انلاس وصاروا مؤهلني تلليق الرشائع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ََ َ َ َ ْ‬
‫املفصلة واالنقياد هلا «أخذ لَع هذا عْش ِسنِي» ًعشها يف املدينة‪،‬‬

‫‪102‬‬
‫َّ‬
‫وعلم انلاس دين اهلل‪.‬‬
‫َ َ ُ ُ َ َْ َ ُُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُُ هَ َ‬
‫اق » أي أن ادلين‬
‫ٍ‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ِين‬
‫د‬ ‫و‬ ‫ـ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ي‬‫ل‬ ‫ع‬ ‫ه‬‫لم‬‫س‬‫و‬ ‫ِ‬ ‫هلل‬ ‫ا‬ ‫لوات‬ ‫ص‬ ‫« وتو ِِف ـ‬
‫لم ُ‬
‫يمت بموت رسول اهلل ﷺ‬
‫َ َّ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ ُ َّ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ َ َ ُ‬
‫ِين ُه‪ ،‬ال َخ ْ َ‬
‫ري إِال دل األمة علي ِه‪ ،‬وال َش إِال حذرها‬ ‫« وهذا د‬
‫ُْ‬
‫مِنه» هذه مزية دين اهلل تعاىل‪ ،‬أنه دل ىلع ك خري‪ ،‬وحذر من ك‬
‫َّ ْ ُ َ َ ُ َ ُ ُّ ُ ُ َ َ‬ ‫ري َّاَّلِي َدل َّ َها َعلَ ْ‬‫َ َْ ْ‬
‫اهلل َوي ْرضاهُ»‬ ‫حيد‪ ،‬وَجِيع ما ُيِبه‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫اتل‬ ‫‪:‬‬‫ه‬‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫رش‪ « .‬واْل‬
‫َ َّ َ َ ْ ُ ه ْ ُ َ ُ‬ ‫َ َّ ُ َّ‬ ‫َّ‬
‫الْشك‪َ ،‬وَجِيع‬‫الْش اَّلِي حذرها مِنه‪ِ :‬‬ ‫قدم اتلوحيد ألنه األصل « و‬
‫ُ‬ ‫َ َ ْ َُ ُ َ ََْ‬
‫ما يكره اهلل ويأباه » فإذا نظرنا يف الكتاب والسنة جند أنها جامعة‬
‫يف مجيع أبواب اخلري‪ ،‬تدل عليه‪ ،‬وجامعة يف مجيع أبواب الرش تنَه‬
‫عنه‪.‬‬
‫َ َّ ا‬ ‫َََُ ُ َ‬
‫اس َكفة » فلم يبعثه فقط إىل العرب‪،‬‬ ‫اهلل إِل انلَّ ِ‬ ‫قال‪ « :‬بعثه‬
‫َ ََْ َ َ ََُ ََ‬
‫ْتض طاعته لَع‬ ‫بل إىل انلاس َكفة‪ ،‬فدعوة اإلسالم ًعملية « واف‬
‫ْ ه َ ْ‬ ‫َّ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫اإلن ِس » فحىت اجلن مأمورون باتباعه «‬ ‫اْل ِن و ِ‬
‫ي؛ ِ‬ ‫ِيع اثلقل ِ‬ ‫َج ِ‬
‫كمْ‬‫ُ ْ َ َ ُّ َ َّ ُ ِّ َ ُ ُ ه َ ْ ُ‬ ‫َ َّ ُ َ ُ َ َ َ‬
‫اِل َِلل ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬قل يا أيها انلاس إِِن رسول اّلِلِ إَِل‬ ‫و‬
‫َ ا‬
‫َجِيعا﴾»‬

‫‪103‬‬
‫َْْ َ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫ه َ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َّ َ‬
‫ِلين‪ ،‬واِل َِلل قوَل تعال‪﴿ :‬اَلوم أكملت‬ ‫قال‪ « :‬وكمل اهلل ب ِ ِه ا ِ‬
‫ْ ََ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ َ ُ ْ ََ ْ َ ْ ُ َ َ ْ ُ ْ ْ َ‬
‫اإلسلم‬ ‫لكم دِينكم وأتممت عليكم ن ِعم ِِت ور ِضيت لكم ِ‬
‫ا‬
‫دِينا﴾» هذا ادلين َكمل فال ُيتاج إىل زيادة‪ .‬لو رضبنا مثال‪ ،‬إذا‬
‫جئت بكأس وعبأته إىل آخره‪ ،‬هل يمكن أن تزيد فيه؟ ال‪ ،‬ألن‬
‫ى‬
‫خارجه‬ ‫خرج ما يف الكأس‬ ‫ُ‬
‫الزيادة لن تكون يف الكأس‪ ،‬بل ست ِ‬
‫وَتل ماكنه‪ ،‬ويه ليست منه‪ ،‬وهذا حال ابلدع‪ ،‬تهدم السنن ً‬
‫هدما‪،‬‬
‫ى‬
‫فعندما تأيت األذَكر ابلدعية والطرق الصوفية‪ ،‬فيه َتل ماكن‬
‫األذَكر الصحيحة اليت جاءت عن انلِب ﷺ‪ ،‬فتأيت هذه الرشائع‬
‫ابلدعية تلحل ماكن الرشائع ادلينية اليت أنزهلا اهلل سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫فهذا ادلين َكمل ال ُيتاج إىل بدعة مبتدع‪.‬‬

‫َّ َ َ ٌ َّ ُ‬ ‫َ ُ ََ َ‬ ‫َ َّ ُ َ َ َ‬
‫اِل َِلل لَع م ْوت ِ ِه ﷺ ق ْوَلُ تعال‪﴿ :‬إِنك م ِّيت َوإِنهم‬‫قال‪ « :‬و‬
‫َ َ ِّ ُ ْ َ ْ َ ُ َ‬ ‫َّ ِّ ُ َ ُ َّ َّ ُ ْ َ ْ َ ْ َ َ‬
‫ميتون * ثم إِنكم يوم ال ِقيام ِة عِند ربكم َتت ِصمون﴾» ذكر‬
‫ادليلل ىلع موته ﷺ ألن بعض الصوفية يقولون‪« :‬إنه لم يمت وال‬
‫َيوز لكم أن تقولوا أنه مات» بل ُيرج بعضهم ويقول عنا‪« :‬هؤالء‬
‫يسيئون إىل انلِب ﷺ» يقصد املسلمني‪ ،‬يسيئون إىل انلِب ﷺ‪،‬‬
‫‪104‬‬
‫كيف يسيئون إىل انلِب ﷺ؟ يقولون إنه مات!‬

‫ابلعث بعد املوت‬

‫َْ‬
‫تعال‪﴿ :‬مِنها‬
‫ََ َ‬ ‫اِل َِل ُل َق ْو َُلُ‬ ‫ون = َو َّ‬ ‫َ َ ُ ْ َُُْ َ‬
‫َوانلَّاس إِذا ماتوا يبعث‬
‫ُ‬
‫وق ْو َُلُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ َْ َ ُ ْ َ َ ُ ُ ُ ْ َ َْ ُْ ُ ُ ْ َ َ ا‬
‫أخرى﴾‬ ‫خلقناكم وفِيها ن ِعيدكم ومِنها ُن ِرجكم تارة‬
‫ُ َّ ُ ُ ُ ْ َ‬ ‫ََ ا‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ ُ َ َ َ ُ ِّ َ َ‬ ‫ََ َ‬
‫تعال‪﴿ :‬واّلِل أنبتكم من األر ِض نباتا * ثم ي ِعيدكم فِيها‬
‫ون بأَ ْع َمال ِهم‪ْ،‬‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ ْ ُ َ َ ُ َ َ َ ْ ُّ َ‬ ‫َ ُْ ُ ُ ْ ْ َ ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬‫ز‬‫ِ‬ ‫َم‬ ‫و‬ ‫ون‬ ‫ب‬ ‫اس‬ ‫َم‬ ‫ث‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ابل‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ب‬‫و‬ ‫﴾=‬ ‫ا‬ ‫اج‬ ‫و َي ِرجكم إِخر‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫ات َوما ِِف األ ْر ِض َِلَج ِز َي‬ ‫ِ‬ ‫او‬‫َ‬ ‫م‬ ‫الس‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ّلِل‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫ال‬ ‫واِل َِلل قوَل تع‬
‫ُْ ْ َ‬ ‫َّ َ َ َ ُ َ َ ُ َ َ ْ َ َّ َ َ ْ َ ُ‬
‫اَّلِين أساؤوا بِما ع ِملوا و َي ِزي اَّلِين أحسنوا بِاِلسَن﴾‬
‫ال‪َ ﴿ :‬ز َع َم َّاَّل َ‬ ‫َ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬ ‫َ َ ْ َ َّ َ ْ َ ْ‬
‫ِين‬ ‫ث كفر‪ ،‬واِل َِلل قوَل تع‬ ‫ومن كذب بِابل ِ‬
‫ع‬
‫ُث ُث َّم َتلُنَ َّب ُؤ َّن ب َما َعملْ ُتمْ‬ ‫ك َف ُروا َأن لَّن ُي ْب َع ُثوا ُق ْل بَ ََّل َو َر ِِّّب َتلُ ْب َع ُ َّ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫َ َ َ َ َ َّ َ‬
‫وذل ِك لَع اّلِلِ ي ِسري﴾‬

‫ُ َ َ ُ ْ ُ َُ َ‬
‫« َوانلَّاس إِذا ماتوا ي ْبعثون » ذكر مسألة ابلعث بعد املوت‪ ،‬أي‬
‫‪105‬‬
‫أن هؤالء انلاس اِلين ماتوا مجيعا؛ فإن اهلل سبحانه سيبعثهم‪ ،‬أي‪:‬‬
‫سيعيد إحياءهم بعد موتهم‪ ،‬وَيمعهم ‪ ‬يلحاسبهم‪ .‬قال‬
‫َْ َ َْ َ ُ ْ َ َ ُ ُ ُ‬
‫كمْ‬ ‫َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫الشيخ‪ « :‬واِل َِلل قوَل تعال‪﴿ :‬مِنها خلقناكم وفِيها ن ِعيد‬
‫َ َّ ُ َ َ َ ُ‬
‫كم ِّمنَ‬ ‫َُُْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ ُْ ُ ُ ْ َ َ ا ُ ْ‬
‫ومِنها ُن ِرجكم تارة أخرى﴾ وقوَل تعال‪﴿ :‬واّلِل أنبت‬
‫َ ْ َ َ ا ُ َّ ُ ُ ُ ْ َ َ ُ ْ ُ ُ ْ ْ َ ا‬
‫األر ِض نباتا * ثم ي ِعيدكم فِيها و َي ِرجكم إِخراجا﴾»‬
‫ْ‬ ‫ُ َ َ ُ َ َ َ ْ ُّ َ َ ْ َ‬ ‫َ َ ْ َ َْ ْ‬
‫ث َماسبون وَم ِزيون بِأعمال ِِهم » أي‬ ‫قال‪ « :‬وبعد ابل ِ‬
‫ع‬
‫عما عملوا‪ ،‬وَيزيهم اجلنة أو انلار ِبسب أعماهلم‪،‬‬ ‫سيسأهلم اهلل َّ‬

‫وهم أصناف‪:‬‬

‫• قوم يدخلون اجلنة بدون عذاب‪ ،‬وهم اِلين زادت‬


‫حسناتهم ىلع سيئاتهم‪.‬‬
‫• وقوم يدخلون انلار خادلين فيها ً‬
‫أبدا‪ ،‬وهم الاكفرون‪ ،‬ولو‬
‫َكن أحدهم قَض حياته ادلنيا يف األعمال احلسنة إال أنه‬
‫مات ىلع الكفر‪.‬‬
‫َّ‬
‫• وقوم يعذبون يف انلار ما شاء اهلل ثم ُيرجون منها‪ ،‬وهم‬
‫املسلمون اِلين زادت ذنوبهم ىلع حسناتهم‪ ،‬ولم يغفر اهلل‬
‫هلم‪.‬‬
‫‪106‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫ات وما ِِف‬ ‫قال‪ « :‬واِل َِلل قوَل تعال‪﴿ :‬و ِّلِلِ ما ِِف السماو ِ‬
‫َ‬
‫َ َ ُ َ َ ْ َ َّ َ ْ َ ُ‬ ‫َ ْ َ َّ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫األر ِض َِلج ِزي اَّلِين أساءوا بِما ع ِملوا و َي ِزي اَّلِين أحسنوا‬
‫َّ‬ ‫ُْ ْ َ‬
‫بِاِلسَن﴾» الالم يف قوهل ﴿يلجزي﴾ متعلقة باآلية السابقة ﴿ ِإن‬
‫اهتى ىدى﴾ فعلمى‬ ‫ىُى ى ْىُ ى ْ‬ ‫ى‬ ‫ْ‬ ‫ى َّ ى ُ ى ى ْ ى ُ ى ْ ى َّ ى‬
‫ِ‬ ‫ربك هو أعلم بِمن ضل عن س ِبي ِل ِه وهو أعلم بِم ِن‬
‫حاهلم‪ ،‬وسيجازيهم بما يستحقون‪.‬‬
‫ال‪َ ﴿ :‬ز َع َم َّاَّل َ‬ ‫َ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬ ‫َ َ ْ َ َّ َ ْ َ ْ‬
‫ِين‬ ‫ث كفر‪ ،‬واِل َِلل قوَل تع‬ ‫« ومن كذب بِابل ِ‬
‫ع‬
‫ك َف ُروا َأن لَّن ُي ْب َع ُثوا ُق ْل بَ ََّل َو َر ِِّّب َتلُ ْب َع ُ َّ‬
‫ُث ُث َّم َتلُنَ َّب ُؤ َّن ب َما َعملْ ُتمْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫َ َ َ َ َ َّ َ‬
‫وذل ِك لَع اّلِلِ ي ِسري﴾» بأحاديثوادليلل قوهل تعاىل فاآلن هو تكلم‬
‫يف إثبات أن انلاس بعد موتهم سيبعثون وُياسبون‪ ،‬وال يكون‬
‫مؤمنا إال بذلك‪ ،‬فأي ركن ِمن أرًكن اإليمان يسقطه العبد؛ يسقط‬
‫به إيمانه‪.‬‬

‫الكفر بالطاغوت‬

‫اِل َِل ُل َق ْو َُلُ‬


‫ين؛ َو َّ‬ ‫الر ُسل ُمبَ هْش َ‬
‫ين َو ُم ْنذر َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ََ ْ َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأرسل اهلل َجِيع‬
‫َ َ ه ُ َّ ٌ‬ ‫َ َّ َ ُ َ َّ‬ ‫ُّ ُ ا ُّ َ ِّ َ ُ‬ ‫ََ َ‬
‫اس لَع اّلِلِ حجة‬ ‫ين ِ ََلل يكون ل ِلن ِ‬ ‫ين َومن ِذ ِر‬ ‫ْش‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫ال‬ ‫تع‬
‫‪107‬‬
‫َ ْ َ ُّ ُ‬
‫الرس ِل﴾‬ ‫بعد‬
‫اتمُ‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫َّ ُ َ ُ ُ ْ ُ َ َّ ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ ُ ُ ْ ُ ٌ َ َ‬
‫خرهم َممد ﷺ وهو خ‬ ‫وأولهم نوح علي ِه السلم‪ ،‬وآ ِ‬
‫َّ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ‬ ‫َّ ه َ َ َّ ُ َ َ َ َّ َ َّ َ ُ ْ ُ ٌ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫انلبِيِي‪ ،‬واِل َِلل لَع أن أولهم نوح قوَل تعال‪﴿ :‬إِنا أوحينا إَِلك‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ ََْ َ ُ‬
‫وح وانلبِيي مِن بع ِده ِ﴾‬ ‫كما أوحينا إِل ن ٍ‬
‫َم َّمد ﷺ يَأْ ُم ُر ُهمْ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ُ ُّ ُ َّ َ َ َ ُ َ ْ َ ُ ا ْ ُ‬
‫وك أم ٍة بعث اهلل إَِل ِها رسوال مِن ن ٍ‬
‫ٍ‬ ‫وح إِل‬
‫اِل َِل ُل َق ْو َُلُ‬
‫اغوت‪َ ،‬و َّ‬ ‫َ ْ َ ُ َ َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ َّ ُ‬
‫ب ِ ِع َبادة ِ اهللِ وحده‪ ،‬وينهاهم عن عِبادة ِ الط‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ْ ُُ ْ هَ َ ْ َ‬ ‫ُ ِّ ُ َّ َّ ُ ا َ‬ ‫ََ ْ َََْ‬ ‫ََ َ‬
‫تعال‪َ ﴿ :‬ولقد بعثنا ِِف ُك أم ٍة رسوال أ ِن اعبدوا اّلِل واجتنِبوا‬
‫ُ‬
‫َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ََ َ‬ ‫َ ََْ َ‬ ‫َّ ُ َ‬
‫وت‬‫ِيع ال ِعبا ِد الكفر بِالطاغ ِ‬ ‫الطاغوت﴾ وافْتض اهلل لَع َج ِ‬
‫َ َ َ‬
‫اإليمان بِاهللِ‪.‬‬ ‫و ِ‬
‫َ ََ َ َ‬ ‫َ َ ْ ُ ْ َ ه َ َ ُ ُ َ َ َ َ ْ َ َّ ُ‬
‫قال ابن القيِ ِم ر ِمحه اهلل تعال‪« :‬معَن الطاغ ِ‬
‫وت‪ :‬ما َتاوز ب ِ ِه‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ْ ُ َ َّ ُ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ْ ُ َ‬
‫وع أو مط ٍ‬
‫اع»[‪]22‬‬ ‫العبد حده مِن معبو ٍد أو متب ٍ‬
‫ُ َ ُ َ ُ ُ ُ َْ َ ٌ‬ ‫َّ َ‬
‫ريون َو ُرؤوسه ْم َخسة‪:‬‬‫َوالطواغِيت كثِ‬

‫[‪ ]22‬إعالم املوقعني عن رب العاملني (‪ 92 /2‬ت مشهور)‪.‬‬


‫‪108‬‬
‫يس لَ َع َن ُه اهلل‪ُ.‬‬ ‫ْ ُ‬
‫• إِبلِ‬
‫اض‪.‬‬ ‫َ َ ْ ُ َ َ َُ َ‬
‫• ومن عبِد وهو ر ٍ‬
‫َ َ ْ َ َ َّ َ َ َ َ َ ْ‬
‫• ومن دَع انلاس إِل عِبادة ِ نف ِس ِه‪.‬‬
‫ب‪.‬‬ ‫اد ََع َشيْ ائا م ِْن عِلْم الْ َغ ْ‬
‫ي‬
‫َ َ ْ َّ‬
‫• ومن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َم ب َغ ْري َما َأنْ َز َل اهلل‪ُ.‬‬ ‫َ َ ْ َ َ‬
‫• ومن ح‬
‫ِ ِ‬
‫َ َّ َ َّ َ ُّ ْ ُ‬
‫الرشد م َِن‬ ‫ين قد تبي‬ ‫ال‪﴿ :‬الَ إ ْك َراهَ ِف ِّ‬
‫اِل‬
‫َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫واِل َِلل قوَل تع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ه ََ ْ َْ َ َ ُْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ِّ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َّ ُ‬
‫وت َويُؤمِن بِاّلِلِ فق ِد استمسك بِالع ْر َوة ِ‬ ‫َغ فمن يكفر بِالطاغ ِ‬ ‫ال‬
‫ٌ‬ ‫ََُْْ َ َ َ ََ َ هُ َ ٌ َ‬
‫الوثَق ال ان ِفصام لها واّلِل س ِميع علِيم﴾‬
‫َو َه َذا ُه َو َم ْع ََن ال اَل إال ُ‬
‫اهلل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُ ُ ُ َّ ُ َ ْ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫اإلسلم‪ ،‬وعموده الصلة‪ ،‬وذِروة‬
‫يث‪« :‬رأس األم ِر ِ‬ ‫َو ِِف اِل ِد ِ‬
‫َ‬
‫ْ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫يل اهللِ»[‪]23‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ِف‬ ‫ِ‬ ‫اد‬ ‫ه‬‫اْل‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫س‬
‫اهلل َأ ْعلَم‪ُ.‬‬‫َو ُ‬

‫ى ى ى ٌ‬
‫يث ىح ىس ٌن ىصح ٌ‬
‫يح»‬ ‫ِ‬ ‫[‪ ]23‬رواه أمحد (‪ )22016‬والرتمذي (‪ )2616‬وقال‪« :‬هذا ح ِد‬
‫‪109‬‬
‫َم َّمد َولَع آَل َو َص ْحبه َو َسلَّم‪َ.‬‬
‫َ َ َّ ُ َ َ ُ َ‬
‫وصَّل اهلل لَع‬
‫ِِ‬ ‫ٍ‬

‫َ َ َّ ُ‬ ‫ُ َ َ ُّ ُ ُ َ ه َ َ ُ ْ‬ ‫ََ ْ َ َ‬
‫ْشين ومن ِذ ِرين؛ واِل َِلل‬‫قال‪ « :‬وأرسل اهلل َجِيع الرس ِل مب ِ ِ‬
‫ََ ه‬ ‫َ َّ َ ُ َ َّ‬ ‫ُّ ُ ا ُّ َ ِّ َ ُ‬ ‫َُُْ َ َ َ‬
‫ين ِ ََلل يكون ل ِلن ِ‬
‫اس لَع اّلِلِ‬ ‫ين َومن ِذ ِر‬‫ْش‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫ال‬ ‫قوَل تع‬
‫ُ َّ ٌ َ ْ َ ُّ ُ‬
‫الرس ِل﴾» يبرشون الطائعني باجلنة‪ ،‬وُيذرون العايص‬ ‫حجة بعد‬
‫من انلار‪ ،‬وهذا حال مجيع رسل اهلل عليهم صلوات اهلل وسالمه «‬
‫َّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ ُ ُ ْ ُ ٌ َ َ‬
‫وأولهم نوح علي ِه السلم » فأول نِب آدم‪ ،‬وأول رسول نوح ومن‬
‫ى ىُْ ى‬
‫األدلة الواضحة ىلع ذلك احلديث عن يوم القيامة‪ ،‬وفيه‪ « :‬فيأتون‬
‫ْ‬ ‫ُ ً ى ُ ُ ى ى ُ ُ ى ْ ى ى َّ ُ ُّ ُ ى ْ ى‬
‫نوحا فيىقولون‪ :‬يا نوح‪ ،‬أنت أول الرس ِل ِإىل األر ِض»[‪ ]24‬فاألنبياء‬
‫بعضهم رسل‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ :‬ليس ك األنبياء رسل؛ ولكن ك‬ ‫ُ‬
‫ُ ُ َ َّ ٌ‬
‫خ ُره ْم َممد ﷺ‬ ‫الرسل أنبياء‪ ،‬فدرجة الرسالة أىلع ِمن انلبوة « َوآ ِ‬
‫َ َُ َ َ‬
‫ات ُم انلَّب هي َ‬
‫ي » فهو آخرهم‪ ،‬وال نِب بعده‪ ،‬ومن ادعة انلبوة‬ ‫ِِ‬ ‫وهو خ‬
‫َ َّ ُ َ َ‬ ‫بعده َكفر‪ ،‬ومن صدق هؤالء الكذبة َكن ً‬
‫اِل َِلل لَع‬ ‫َكفرا مثلهم « و‬

‫[‪ ]24‬رواه ابلخاري (‪ )3162‬ومسلم (‪.)194 - 327‬‬


‫‪110‬‬
‫َّ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ُ‬ ‫َ َّ َ َّ َ ُ ْ ُ ٌ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫أن أولهم نوح قوَل تعال‪﴿ :‬إِنا أوحينا إَِلك كما أوحينا إِل ن ٍ‬
‫وح‬
‫َْ‬ ‫َوانلَّب ِّي َ‬
‫ي مِن بع ِده ِ﴾» وجه ادلاللة‪ :‬أنه ذكر الويح انلازل ىلع نوح‬ ‫ِ‬
‫فمن بعده‪ ،‬واملراد هنا بالويح‪ :‬ويح الرسالة‪.‬‬
‫َم َّمد ﷺ يَأْ ُم ُر ُهمْ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ُ ُّ ُ َّ َ َ َ ُ َ ْ َ ُ ا ْ ُ‬
‫« وك أم ٍة بعث اهلل إَِل ِها رسوال مِن ن ٍ‬
‫ٍ‬ ‫وح إِل‬
‫اِل َِل ُل َق ْو َُلُ‬
‫اغوت‪َ ،‬و َّ‬ ‫َ ْ َ ُ َ َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ َّ ُ‬ ‫َ‬
‫ب ِ ِع َبادة ِ اهللِ وحده‪ ،‬وينهاهم عن ِعبادة ِ الط‬
‫ِ‬
‫ْ ُُ ْ هَ َ ْ َ‬ ‫ُ ِّ ُ َّ َّ ُ ا َ‬ ‫ََ ْ َََْ‬ ‫ََ َ‬
‫تعال‪َ ﴿ :‬ولقد بعثنا ِِف ُك أم ٍة رسوال أ ِن اعبدوا اّلِل واجتنِبوا‬
‫ُ‬
‫وت﴾» الرسل أرسلوا اىل ك األقوام‪ ،‬فلم ُي ُل ٌ‬ ‫َّ ُ َ‬
‫قوم إال وقد‬ ‫الطاغ‬
‫أرسل اهلل ‪ ‬إيلهم رسوال‪.‬‬

‫وقد يقول قائل‪َ :‬نن ال نعلم الرسل اِلين أرسلوا إىل الصني‬
‫وإىل أمريكا وإىل غريها من هذه ابلالد ابلعيدة!‬

‫قص علينا من أنباء ُر ُس ٍل‬


‫فنقول‪ :‬إن اهلل سبحانه وتعاىل قد َّ‬

‫القوم اِلين أرسل إيلهم ُممد ﷺ‪ ،‬فقد واجه ﷺ ايلهود‬ ‫ُ‬ ‫يعرفها‬
‫ى‬
‫وواجه انلصارى‪ ،‬فاهلل سبحانه وتعاىل أنزل يف القرآن ق ىص ًصا عن‬
‫األنبياء اِلين يعرفهم هؤالء ليك يعروفوا صدقه‪ ،‬ويأنسوا تللك‬
‫األنباء اليت تذكر رسلهم‪ ،‬أما األقوام اآلخرين فأكرثهم لم يعتنوا‬

‫‪111‬‬
‫بأنبيائهم وكتبهم‪ ،‬بل قد ال يعلمونهم النتشار انلرصانية أو الوثنية‬
‫فيهم‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫ْ َ ْ ُ ْ َ َّ ُ‬ ‫ُ ََ َ‬ ‫َ ََْ َ‬
‫اإليمان‬
‫وت و ِ‬
‫ِيع ال ِعبا ِد الكفر بِالطاغ ِ‬
‫« وافْتض اهلل لَع َج ِ‬
‫بِاهللِ » إذا ك األنبياء جاءوا يدلون انلاس ىلع الكفر بالطاغوت‬
‫والْباءة من ك ما ُعبد من دون اهلل‪ ،‬وأن يؤمنوا باهلل سبحانه‬
‫وتعاىل‪ .‬واسم الطاغوت مشتق من الطغيان‪.‬‬
‫َ ََ َ َ‬ ‫َ َ ْ ُ ْ َ ه َ َ ُ ُ َ َ َ َ ْ َ َّ ُ‬
‫« قال ابن القيِ ِم ر ِمحه اهلل تعال‪« :‬معَن الطاغو ِ‬
‫ت‪ :‬ما َتاوز‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ْ ُ َ َّ ُ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ْ ُ َ‬
‫وع أو مط ٍ‬
‫اع»» ومعَن الكمه‪ :‬أن ما‬ ‫ب ِ ِه العبد حده مِن معبو ٍد أو متب ٍ‬
‫َتاوز حد كونه ً‬
‫عبدا صار طاغوتا‪ .‬قال الطْبي‪« :‬والصواب من‬
‫القول عندي يف"الطاغوت"‪ ،‬أنه ك ذي طغيان ىلع اهلل‪ ،‬فعبد من‬
‫دونه‪ ،‬إما بقهر منه ملن عبده‪ ،‬وإما بطاعة ممن عبده هل‪ ،‬وإنسانا َكن‬
‫ذلك املعبود‪ ،‬أو شيطانا‪ ،‬أو وثنا‪ ،‬أو صنما‪ ،‬أو َكئنا ما َكن من‬
‫َشء»[‪]25‬‬

‫[‪ ]25‬تفسري الطْبي ط دار الرتبية والرتاث (‪.)419 /5‬‬


‫‪112‬‬
‫ُ َ ُ َ َ ُ ُ ُ ُ ْ َْ َ ٌ‬ ‫َّ‬
‫« َوالط َواغِيت كثِريون ورؤوسهم َخسة» هذا الكم الشيخ ابن‬
‫عبد الوهاب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ْ ُ َََُ‬
‫«إِبلِيس لعنه اهلل» هو رأس الطواغيت ألن فيه ك صفات‬
‫الطواغيت‪ ،‬وهو سيدهم ومعلمهم‪ .‬وعن عمر بن اخلطاب‪ ،‬و جماهد‪،‬‬
‫و الشعِب‪ ،‬و الضحاك‪ ،‬و قتادة‪ ،‬و السدي‪ :‬الطاغوت هو‬
‫الشيطان‪]26[.‬‬

‫اض» أي إنسان رِض بأن يعبده انلاس‪ ،‬فهذا‬ ‫َ َ ْ ُ َ َ َُ َ‬


‫«ومن عبِد وهو ر ٍ‬
‫طاغوت‪ ،‬وقد اشرتط الشيخ رضاه‪ ،‬ألن هناك من يُعبد وه ال يرَض‪،‬‬
‫َّ ُ ُ‬
‫«الطاغوت‪ :‬ىما‬ ‫كما فعل انلصارى بعيىس ﷺ‪ .‬قال اإلمام مالك‪:‬‬
‫َّ‬ ‫ىُُْ ى ْ ُ‬
‫اَّلل»[‪]27‬‬
‫ون ِ‬ ‫يعبدون ِمن ِ‬
‫د‬
‫َ َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َ َ‬
‫« َومن دَع انلَّاس إِل ع َِبادة ِ نف ِس ِه» والفرق بينه وبني سابقه‬
‫أن السابق قد عبده انلاس ورِض‪ ،‬أما هذا فدًع لعبادة نفسه‪ ،‬وقد‬

‫[‪ ]26‬تفسري الطْبي ط دار الرتبية والرتاث (‪.)417 /5‬‬

‫[‪ ]27‬تفسري ابن أِب حاتم (‪.)495 /2‬‬


‫‪113‬‬
‫ال يتبعه أحد‪.‬‬

‫ب» أي زعم أنه يعرف الغيب‪،‬‬ ‫اد ََع َشيْ ائا م ِْن عِلْم الْ َغ ْ‬
‫ي‬
‫َ َ ْ َّ‬
‫«و م ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َكلكهنة واملنجمني‪ .‬وقال مجاعة من السلف‪ :‬الطاغوت هو الاكهن‪،‬‬
‫ومنهم‪ :‬سعيد بن جبري‪ ،‬و رفيع‪ ،‬و جابر بن عبد اهلل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ََْ َ‬
‫ري ما أنزل اهلل» وهو احلاكم أو القاِض اِلي‬
‫«ومن حكم بِغ ِ‬
‫نظاما يف احلكم يضايه حكم اهلل‪ ،‬فيحكم به‬ ‫ً‬ ‫َيعل نلفسه‬
‫يفضله ىلع حكم اهلل‪ ،‬أو يعاند به دين اهلل‪ .‬عن جماهد‪:‬‬
‫«الطاغوت‪ ،‬الشيطان يف صورة إنسان‪ ،‬يتحاكمون إ ىيلْ ِه‪ ،‬ىو ُهوى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صاحب أمرهم»[‪]28‬‬

‫َ‬ ‫َُُْ َ َ َ‬ ‫َ َّ ُ‬
‫اِل َِلل» أي‪ :‬ىلع الكفر بالطاغوت «قوَل تعال‪﴿ :‬ال‬ ‫قال « و‬
‫َ َّ َ َّ َ ُّ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َّ ُ‬ ‫إ ْك َراهَ ِف ِّ‬
‫وت‬
‫ِ‬ ‫اغ‬ ‫الط‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ك‬‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ف‬ ‫َغ‬ ‫ال‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫د‬ ‫ش‬ ‫الر‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫د‬‫ق‬ ‫ين‬
‫ِ‬ ‫اِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ََ‬ ‫ه ََ ْ َ ْ َ َ ُْْ َ َُْْ َ‬
‫هُ‬
‫َق ال ان ِفصام لها َواّلِل‬ ‫َويُ ْؤمِن بِاّلِلِ فق ِد استمسك بِالعروة ِ الوث َ‬
‫اهلل» أي الكفر‬ ‫يم﴾» قال « َو َه َذا ُه َو َم ْع ََن ال اَل إال ُ‬ ‫يع َعلِ ٌ‬‫َ ٌ‬
‫س ِم‬
‫ِ‬

‫[‪ ]28‬تفسري ابن املنذر (‪.)747 /2‬‬


‫‪114‬‬
‫بالطاغوت واإليمان باهلل‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ُ َ‬ ‫ْ‬
‫اإلس ِ‬
‫لم»‬ ‫يث‪« :‬رأس األم ِر» األمر‪ :‬أمر ادلنيا « ِ‬ ‫قال‪َ « :‬و ِِف اِل ِد ِ‬
‫َ‬
‫َ ُ ُ َّ ُ‬
‫فبدونه ال تكون إال كجيفة ميتة « َوعمودهُ الصلة» فإن ك َشء‬
‫َ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫َ ْ َُ َ َ‬
‫يل اهللِ»» أي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫اد‬ ‫ه‬‫اْل‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫من ادلين بدونها يسقط «وذِروة س‬
‫أىلع األعمال وأرشفها اجلهاد إذا َكن يف سبيل اهلل‪.‬‬

‫واجلهاد جهادان؛ جهاد لسان‪ ،‬وجهاد ِسنان‪ ،‬والسنان‪ :‬السيف‪.‬‬


‫ً‬ ‫ْ ُ‬
‫وأما جهاد اللسان فقد نزل فيه قول اهلل‪ ﴿ :‬ىو ىجا ِهده ْم بِ ِه ِج ىهادا‬
‫ريا ﴾ قال ابن عباس[‪ ]29‬ومقاتل[‪ :]30‬بالقرآن‪ .‬وقال ُيىي بن‬ ‫ىكب ً‬
‫ِ‬
‫ُّ ِّ‬
‫السد ُّي[‪ :]32‬بالقول‬ ‫سالم[‪ ]31‬و‬

‫يل‬‫ب‬‫س‬‫وأما جهاد السيف‪ ،‬فقد جاء فيه قوهل تعاىل‪ ﴿ :‬ىوقىاتلُوا يف ى‬


‫ِ ِ ِ ِ‬

‫[‪ ]29‬الطْبي (‪.)470 /17‬‬

‫[‪ ]30‬تفسري مقاتل (‪.)237 /3‬‬

‫[‪ ]31‬اتلصاريف تلفسري القرآن مما اشتبهت أسمائه وترصفت معانيه (ص‪.)332‬‬

‫[‪ ]32‬تفسري ُيىي بن سالم (‪.)486 /1‬‬


‫‪115‬‬
‫ٌ‬ ‫ى‬ ‫ٌ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫َّ ى ْ ى ُ ى َّ َّ‬
‫اَّلل واعلموا أن اَّلل س ِميع ع ِليم﴾‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ ْ َ ُ َ َ َّ ُ َ َ ُ َ َّ‬
‫وختم رساتله بقوهل‪ « :‬واهلل أعلم‪ .‬وصَّل اهلل لَع َمم ٍد ولَع آَل‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ َ َ َّ‬
‫وصحبِ ِه وسلم »‬

‫تمت هذه الرسالة الطيبة املباركة اليت فيها أصول هذا ادلين‬
‫احلنيف العظيم‪.‬‬

‫سبحانك امهلل وِبمدك نشهد ان ال إهل إال أنت نستغفرك‬


‫ونتوب إيلك‪.‬‬

‫***‬

‫‪116‬‬

You might also like