Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 44

‫جامعــــــة تونــــــــــس المنــــــــــار‬

‫كليــــــــــة الحـــقــــــــوق و العــــــلــــــــــوم السيـــــــــــاسيـــــــة بتـــــــونس‬

‫المحور السادس ‪:‬‬


‫المسير في إطار اجراءات االنقاذ‬

‫تحت إشراف األستاذة إينــــــــــاس ســـــــــــــــعيــــــــد‬

‫من إعـــــــــــداد و تقديــــم‪:‬‬


‫فــرح الرويــسي‬
‫بشــــرى الفراتــي‬
‫دجـــلة زهمـــول‬

‫سنــــــــــــة أولــــــــــــى ماجستيـــــــــــــر قانـــــون خـــــــــاص‬


‫مجموعـــــــــة ‪6‬‬
‫السنة الجامعية ‪. 2024-2023 :‬‬

‫‪1‬‬
‫" ما من شك أن عملية التسيير معقدة تحتاج إلى مسير كفؤ له‬
‫الخبرة الكافية و يملك مستوى معينا من الحرفية تمكنه من إتخاذ‬
‫القرار المالءم في المؤسسة طبق موضوعها و بما يحقق غرضها‬
‫‪1‬‬
‫خاصة عندما تسوء حالتها "‬

‫‪ 1‬تؤكد ذلك األستاذة سماح قوبعة ( أستاذة مساعدة بكلية الحقوق بصفاقس) في إطار مفتتح مقالها المعنون " وضعية المسير في فترة المراقبة "‪،‬‬
‫‪،‬دراسات قانونية ‪ ،‬جامعة صفاقس ‪ ،‬عدد ‪ ، 2022، 27‬ص ‪ 59‬إلى ‪.120‬‬

‫‪2‬‬
‫قائمــــــــــــــــــــة المختـــــــــصرات‬
‫ج‬
‫ج‪ :.‬جزء ‪.‬‬

‫ص‬
‫ص‪ :.‬صفحة ‪.‬‬
‫ص ص ‪ :‬صفحات‪.‬‬

‫ط‬
‫ط‪ :.‬طبعة ‪.‬‬

‫ف‬
‫فق‪ :.‬فقرة ‪.‬‬

‫م‬
‫م‪.‬تج ‪ :‬المجلة التجارية ‪.‬‬
‫م‪.‬ش‪.‬تج‪ :‬مجلة شركات تجارية‪.‬‬
‫م‪.‬إ‪.‬ع ‪ :‬مجلة االلتزامات و العقود‪.‬‬
‫م‪.‬م‪.‬م‪.‬تج‪ :‬مجلة المرافعات المدنية و التجارية‬
‫م‪.‬ح‪.‬ع‪:‬مجلة حقوق عينية‪.‬‬

‫ن‬
‫ن‪ :.‬نشرية ‪.‬‬

‫‪3‬‬
Liste des abréviations
B:
Bull: Bulletin

C:
Civ: civile
Com: commercial
Cass:cassation

E:
Éd : édition

N:
N°: numéro

O:
Opt.cit: opere citato

P:
P : Page

4
‫المخطط العام‬

‫الجزء األول‪ :‬تحديد دور المسير في إطار إجراءات االنقاذ‬


‫فرع أ‪ /‬دور متغير‬
‫فرع ب‪ /‬دور قابل للحد‬
‫الجزء الثاني ‪:‬أثر إجراءات االنقاذ على المسير‬
‫فرع أ ‪ /‬أثر إجراءات االنقاذ على شخص المسير‬
‫فرع ب ‪ /‬أثر إجراءات االنقاذ على الذمة المالية للمسير‬

‫‪5‬‬
‫عندما يتعلق األمر باالصالح و االنقاذ للخروج من األزمات يحتل المسير مركز االهتمام ال‬
‫في مجال السياسة فحسب بل وخاصة في مجال األعمال و المؤسسات االقتصادية بوصفها‬
‫محور اهتمامات السياسة التنموية للدولة‪ .‬فالخروج من وضعية التعثر إلى وضعية االستقرار‬
‫يمر حتما عبر وجوب تصحيح المسار و إدخال تعديالت أو تغييرات عند االقتضاء على‬
‫هياكل التسيير في المؤسسات بحثا عن الكفاءة و النجاعة‪ ،‬حتى لو كان ذلك لفترات انتقالية أو‬
‫‪2‬‬
‫وقتية‪.‬‬
‫وفي هذا االطار يعتبر االنقاذ المكون األول لالجراءات الجماعية في صيغتها الجديدة في‬
‫القانون التونسي وذلك منذ إصدار قانون إنقاذ المؤسسات المارة بصعوبا ت إقتصادية سنة‬
‫‪ . 1995‬وتقوم إجراءات االنقاذ على فكرة رئيسية مفادها أنه طالما كانت الصعوبات‬
‫االقتصادية قابلة للتجاوز‪ ،‬فإن األولوية تعطى لهذه اإلجراءات‪ .‬و يتنزل إنقاذ المؤسسات‬
‫المارة بصعوبات إقتصادية في إطار قانوني يبرز بوضوح استناده على واقع اقتصادي يعتبر‬
‫المؤسسة االقتصادية بمثابة خلية أساسية لالقتصاد الوطني و انسحاب إحداها يؤثر على‬
‫‪3‬‬
‫تماسك النسيج االقتصادي و النماء المجتمعي وذلك مايستدعي ضرورة للمحافظة عليها‪.‬‬
‫تتعدد آليات االنقاذ بتعدد الوضعيات التي تكون المؤسسة االقتصادية في مواجهتها‪ .‬فاذا‬
‫كانت الصعوبة االقتصادية هي المحدد الرئيسي للخضوع لالجراءات الجماعية بصفة‬
‫عامة‪،‬فان طبيعتها المتدرجة من حيث شدتها‪ ،‬تبرر اعتماد أكثر من وسيلة لتحقيق االنقاذ‪.‬و‬
‫هو مايقتضي نوعا من التناسب بين شدة الصعوبة من ناحية‪،‬وآلية االنقاذ المعتمدة من ناحية‬
‫أخرى‪ .‬في هذا االطار‪ ،‬حدد المشرع ثالث اجراءات لالنقاذ تتمثل عموما في االشعار‬
‫ببوادر الصعوبات االقتصادية و التسوية الرضائية و التسوية القضائية ‪.4‬فالصعوبة‬
‫االقتصادية في إطار بوادرها األولى يفعل في شأنها إجراء وقائي يتمثل في التقاط االشارات‬
‫المنبهة و الدالة على وجود بوادر الصعوبة و العمل على تالفي تطورها حتى ال تتحول إلى‬
‫حقيقة وواقع ملموس مؤثر بشكل مباشر على سير و ديمومة المؤسسة االقتصادية‪ .5‬أما إذا‬
‫تحولت الصعوبة من وضعية كمون إلى وضع الصعوبة الواقعية الحقيقية التي بدأت تؤثر‬
‫في السيرالطبيعي للمؤسسة دون أن تبلغ من الشدة تحول بينه و بين تحقيق هذا الوفاء فذلك‬
‫حديث عن تسوية رضائية‪ 6‬تقوم على االتفاق بين المدين و دائنيه ‪7‬يتضمن مجمال مجموعة‬
‫من التنازالت‪ 8‬لفائدته‪ .‬أما إذا بلغت الصعوبة االقتصادية التي تواجهها المؤسسة االقتصادية‬

‫‪ 2‬سماح قوبعة ‪"،‬وضعية المسير في فترة المراقبة" ‪ ،‬دراسات قانونية ‪ ،‬جامعة صفاقس ‪ ،‬عدد ‪، 2022، 27‬ص ‪. 59‬‬
‫‪ 3‬علي النني‪ ،‬القانون التجاري االجراءات الجماعية ‪ ،‬مجمع األطرش ‪ ، 2022 ،‬ص ‪ ،88‬فق ‪. 90‬‬
‫‪ 4‬علي النني‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪ ،129‬فق ‪. 136‬‬
‫‪ 5‬علي النني‪،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪، 131‬فق ‪. 137‬‬
‫‪ 6‬علي نني ‪،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪ ، 157‬فق ‪. 179‬‬
‫‪ 7‬علي نني‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪ ، 157‬فق ‪. 180‬‬
‫‪ 8‬علي نني‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪ ، 175‬فق ‪. 209‬‬

‫‪6‬‬
‫درجة التوقف عن الدفع فيعتمد إجراء إنقاذ يتمثل في التسوية القضائية و الذي يقوم على‬
‫‪9‬‬
‫آلية محددة تتمثل في برنامج لالنقاذ يتضمن أحد حلول االنقاذ المحددة قانونا‪.‬‬
‫يقودنا الحديث عن مؤسسة تمر بصعوبات اقتصادية إلى تسليط الضوء مباشرة على المسير‬
‫لها بحكم إلمامه بجميع شؤونه و بوضعها االقتصادي و المالي و االجتماعي و بحكم درايته‬
‫بعالقاتها و خصوصيات نشاطها‪ 10.‬بالرغم من أهمية لفظ المسير الذي يحمل خلفه نظاما‬
‫قانونيا معقدا و خطيرا فان النصوص القانونية التونسية لم تتضمن تعريفا مدققا للتسييرهذا‬
‫ما أدى إلى صعوبة تمييز التسيير عن المصطلحات الشبيهة به كاالدارة و التصرف‪،‬خاصة‬
‫و أن المشرع يخلط أحيانا بين االدارة‪ ،‬التسيير‪،‬التنفيذ إذ نجده يستعملها دون تمييز لدالالتها ‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫و بالرجوع للمعنى اللغوي للتسيير‪ ،‬تفيد هذه العبارة معنى االدارة و التوجيه و القيادة ‪.‬‬
‫ويتفق جل الفقهاء في علم االقتصاد على أن التسيير هو مجموعة العمليات التي تشتمل على‬
‫التخطيط و التنظيم و الرقابة و التوجيه و هو باختصار تحديد األهداف و تنسيق الجهود‬
‫لبلوغها‪.12‬ويبدو أن هذا التعريف الواسع يجد صداه لدى الفقه و فقه القضاء التونسي‪ 13‬الذي‬
‫يعتمد على كل هذه المصطلحات‪ ،‬التسيير االدارة و التصرف‪ ،‬على حد السواء للتعبير على‬
‫جملة الصالحيات و السلطات التي يمارسها المسير‪.‬‬
‫كما أن النصوص القانونية التونسية لم تتضمن تعريفا مدققا للمسير للمؤسسات االقتصادية ‪.‬‬
‫و يمكن القول مبدئيا‪،‬كما هو الحال في عديد المواد األخرى التي تفتقر إلى تعريفات ‪ ،‬أن‬
‫انعدام التعريف القانوني من شأنه أن يفتح الباب نحو تعدد األقوال و تشعبها و ربما تناقضها‬
‫‪14‬‬
‫في موضوع يحتاج إلى وحدة الكلمة فيه و توحد التأويل حوله ‪.‬‬
‫ولعل عدم تضمن النصوص القانونية التونسية تعريفا مدققا للمسير يعود إلى أن ذلك اللفظ‬
‫يجمع تحت طياته عديد األنواع من المسيرين الذين ال يمكن أن يجمع بينهم قاسم مشترك‬
‫يمكن من صياغة تعريف طالما أن التعريف يرتكز أساسا على توفر هذه القواسم وعلى هذا‬
‫األساس ينبغي التمييز بين المسير القانوني و المسير الفعلي و المسير عرضي‪ 15.‬فأما المسير‬
‫الفعلي فأجمع الفقهاء على تعريفه بأنه كل من يمارس بكل سيادة و استقاللية نشاطا ايجابيا‬
‫في التصرف و االدارة و أما المسير العرضي فهو كما يدل عليه اسمه ليس المسير العرضي‬
‫‪16‬سوى شخصا كلف بتسيير المؤسسة و إدارة أمورها بصفة وقتية في انتظار التوصل إلى‬
‫حل جذري لوضعية المؤسسة التي إستوجبت حالتها تدخل شخص أجنبي الدارتها عرضيا‪.‬‬

‫‪ 9‬علي نني مرجع سابق الذكر‪،‬ص ‪ ، 185‬فق ‪. 223‬‬


‫‪ 10‬سماح قوبعة‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪،‬ص ‪. 59‬‬
‫‪ 11‬يراجع‪ ،‬يوسف محمد رضا‪ ،‬معجم العربية الكالسيكسة و المعاصرة ‪،‬مكتبة لبنان ناشرون‪ ،‬بيروت‪،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪، 2006،‬ص ‪. 904‬‬
‫‪ 12‬أحمد رفيق الطيب‪ ،‬مدخل للتسيير‪،‬ج ‪، 2‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬الجزائر‪، 1995،‬ص ‪. 12‬‬
‫‪ 13‬قرار تعقيبي مدني‪ ،‬الدوائر المجتمعة ‪ ،‬عدد ‪ 14‬بتاريخ ‪ ، 1988/07/ 01‬ن م ت ‪ ،‬القسم المدني‪ ،‬عدد‪، 1989، 1‬ص ‪. 358‬‬
‫‪ 14‬كمال العياري‪ ،‬المسير في الشركات التجارية‪،‬مجمع األطرش للكتاب المختص ‪ ،‬تونس ‪، 2010،‬ص ‪. 13‬‬
‫‪ 15‬كمال العياري ‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 13‬‬
‫‪ 16‬وقد يكون تدخل المسير العرضي ناتجا عن أزمة اقتصادية أوسياسية تمر بها المؤسسسة و تستدعي تعيين مسير عرضي بقرار من القضاء من‬
‫أجل تأمين استمرار المؤسسة ريثما تخرج من وضعيتها االقتصادية أو المالية المتردية التي تنذر بهالكها أو حل النزاع القوي الذي نشأبين‬
‫الشركاء و استحالت معه عملية التسيير من أحدهم بصفة طبيعية ‪ .‬كمال العياري ‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪. 20‬‬

‫‪7‬‬
‫أما المسير القانوني فقد دأب فقهاء القانون على تعريفه بأنه " هو الذي يقوم بدور اساسي في‬
‫المؤسسة فيمثلها و تقع على عاتقه إدارة أعمالها و االشراف على نشاطها و تنفيذ قراراتها‬
‫‪17‬‬
‫وسياستها العامة و عنه تصدر التعليمات و التوجيهات و القرارات‪ ،‬و باشرافه يتم التنفيذ"‬
‫كما يعرف المسير في علم االدارة بأنه القائد االداري الذي يقوم بأعماله من خالل اآلخرين إذ‬
‫‪18‬‬
‫أنه مخطط و منسق و مراقب لجهود اآلخرين بغية تحقيق هدف مشترك‪.‬‬
‫ولعل صعوبة التعريف ترجع لحداثة مصطلح مسير الشخص المعنوي ‪19‬فقانون االجراءات‬
‫الجماعية في بدايته لم يعرف إال التاجر كشخص طبيعي من ذلك لم تعرف االجراءات‬
‫الجماعية في بدايتها إال شكل المسير البسيط أي ذلك التاجر الذي يسير عمله بنفسه و الذي‬
‫كان يسلط عليه نظام عقابي متدرج الشدة في تاريخ االجراءات الجماعية وذلك لمجرد تعثره‬
‫في خالص ديونه ‪ 20.‬لكن عرف مصطلح المسير رواجا مع اعتراف االجراءات الجماعية‬
‫في مجال انطباقهاعلى األشخاص المعنوية كمؤسسات اقتصادية‪ 21‬و ذلك في إطار ظهور‬
‫اقتصاد العولمة المعروف باقتصاد السوق‪ 22.‬وخاصة مع تغير التوجه من مجرد عقاب إلى‬
‫توجه يعمل على انقاذ المؤسسة أو السعي على دعمها لمواصلة نشاطها‪ 23‬أصبح للمسير‬
‫مكانة أكبر فهو من أول األطراف المنتظرة لتساعد على تحقيق هذا الهدف باعتباره األكثر‬
‫علما بظروفها‪.‬ويمكن القول كذلك أن ربط المسير في إطارما يسمى باجراءات االنقاذ يرجع‬
‫لتتويج للتراث التاريخي الذي شهدته السلطة السياسية التونسية عبر البحث عن صيغ‬
‫‪24‬‬
‫لمساعدة المؤسسات التي تمر بصعوبات إقتصادية‪.‬‬
‫ويعتبر تكريس فكرة انقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية تجسيما لتكريس‬
‫المنظومة التشريعية التونسية للمفهوم الحديث لالجراءات الجماعية الذي ظهر في الفكر‬
‫القانوني و في التشاريع المقارنة منذ منتصف القرن العشرين و المبني أساسا على مبدأ‬
‫الفصل بين المؤسسة و صاحبها أو مسيرها و التركيز على هذه األخيرة بوصفها عنصرا‬
‫من عناصر الثورة الوطنية تساهم في االنتاج و في توفير مواطن الشغل ‪ 25.‬و يرجع تبني‬

‫‪ 17‬مصطفى العوجي‪،‬المسؤولية الجنائية في المؤسسة االقتصادية ‪،‬مجلة الحلبية الحقوقية ‪،‬بيروت‪، 2015،‬ص ‪. 493‬‬
‫آمال الصيد ‪ ،‬المسؤولية الجزائية للمسير الفعلي في الشركات التجارية‪،‬مجمع األطرش‪، 2019،‬ص ‪. 16‬‬
‫‪ 18‬سماح قوبعة‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 60‬‬
‫‪19‬‬
‫‪SEBAI(M), mémoire pour l’obtention du diplôme d’études approfondies en droit des affaires :Les dirigeants‬‬
‫‪d’entreprises et le droit des procédures collectives, faculté des sciences juridiques politiques et sociales de‬‬
‫‪tunis,1996/1997,p 14 .‬‬

‫‪20‬‬
‫‪SEBAI(M),opt.cit, p 5‬‬
‫‪21‬‬
‫‪SEBAI (M), opt.cit, p 16.‬‬
‫‪ 22‬علي نني‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪. 89‬‬
‫‪23‬‬
‫‪SEBAI (M), opt.cit, p 9.‬‬
‫‪ 24‬منصف الكشو‪،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذالمؤسسات التي تمربصعوباتإقتصادية دراسة نظرية تطبيقية‪،‬مجمع األطرش‪،‬ط‪، 2‬ص‪44‬‬
‫‪ 25‬سلمى عبيدة‪ ،‬الجديد في نظام اإلنقاذ من خالل القانون عدد ‪ 36‬المؤرخ في ‪ 26‬أفريل ‪ 2016‬أفريل ‪ ،2016‬محاضرة فدمتها السيدة سلمى عبيدة‬
‫بصفتها قاضية مكلفة بأمورية بديوان وزير العدل وهي مرقونة و منشورة على األنترنت تم اإلطالع عليها ‪. 2024/ 2/ 24‬‬

‫‪8‬‬
‫هذا المبدأ ألول مرة للعميد أوان‪ 26‬و الذي يقوم على االرتكاز على عنصر اقتصادي و في‬
‫ذلك ابتعاد عن األخذ بعناصر قانونية فيها ربط مصير المؤسسة بدرجة خطورة خطأ‬
‫مسيرها‪.27‬ولعل نظرية الفصل كذلك تحيلنا من جهة أخرى إلى غياب حتمية ربط‬
‫الصعوبات التي تجتازها المؤسسة بخطأ المسير إذ أنه وإن كان مذنبا محتمال نتيجة إهمال‬
‫منه أو تقصير إال أنه قد توجد عناصر عديدة و مختلفة في طبيعتها تخرج تماما عن المسير‬
‫لكنها تطرح في دائرة مسببات الصعوبة االقتصادية التي قد تتعرض لها المؤسسة‬
‫االقتصادية‪ 28‬وقد تصنف إلى أصناف مختلفة ‪29‬منها مايتميز بطابعه االقتصادي كصعوبة‬
‫الحصول على موارد تمويلية أو الحصول عليها بكلفة مرتفعة أو شح أو غالء في الموارد‬
‫األولية ذلك ما سيرتب إفقاد المؤسسة لقدرتها التنافسية على مستوى تحديد األسعار‪ 30.‬و‬
‫بعضها اآلخر قد يكون ذا طابع تقني‪ 31‬بحت متمثل في عدم قدرة المؤسسة على مسايرة‬
‫التطور التكنولوجي الحاصل في ميدان نشاطها بما ينعكس على جودة منتوجاتها و كلفة‬
‫انتاجها أو اهتراء آلة االنتاج المتمثل في قدم اآلالت و ارتفاع كلفة تجديدها أو عدم كفايتها ما‬
‫يخلق عائق كبير في استمرار النشاط بوتيرة تحافظ على مكانة المؤسسة في سوقها بالنظر‬
‫لشراسة المنافسة فيه‪ .‬وقد يكون لبعض االختيارات السياسية دور في هذه الصعوبة‪ 32‬فقد‬
‫تستحوذ الدولة على أنشطة معينة ألسباب عديدة كضمان موارد مالية لميزانيتها أو الرقابة‬
‫على قطاعات مهمة في االقتصاد أو قد تقطع الدولة عالقاتها مع دول معينة ما قد يسبب‬
‫ارتفاعا في كلفة التزود بالمواد األولية أو فقدان أسواق مهمة لترويج المنتجات أو قد تطرأ‬
‫اضطرابات سياسية من ذلك أخذ بعين االعتبار أحداث الثورة و أواخر سنة ‪ 2010‬و بداية‬
‫‪ 2011‬كصعوبة اقتصادية ‪ 33.‬وقد يكون لتردي الوضع االجتماعي داخل المؤسسة‬
‫االقتصادية أثر على انتظام سيرها مما يسبب لها مصاعب اقتصادية مترتبة على تدني‬
‫إنتاجيتها بما ينعكس على قدرتها التنافسية من ذلك تعدد االضرابات أو عدم حماس األجراء‬
‫ألداء العمل أو عدم االتقان في أدائه كما أن تضخم كتلة األجور بما اليتناسب مع المردودية‬
‫‪34‬‬
‫قد يعجل بتفاقم المشاكل المالية التي نتهي عادة بصعوبات مؤثرة ‪.‬‬
‫من ناحية أخرى إن وضعية المسير و األطراف المتداخلة في إجراءات االنقاذ و التي‬
‫تربطها عالقة بالمؤسسة االقصادية تطرح نقاشا فقهيا حول مدى اعتماد التوازن بين مختلف‬

‫‪26‬‬
‫‪HOUIN (R), « Permenance de l’entreprise à travers la faillite »,in « Aspects économiques de la faillite, sirey‬‬
‫‪1970,n°1 ,p135.‬‬
‫‪27‬‬
‫‪SEBAI (M), opt.cit, p 7;8.‬‬
‫‪28‬‬
‫‪SEBAI (M), opt.cit, p 1.‬‬
‫‪ 29‬علي النني مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪ ،45‬فق ‪. 35‬‬
‫‪ 30‬علي النني مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪ ، 45‬فق ‪. 36‬‬
‫‪ 31‬علي النني مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪ ، 46‬فق ‪. 38‬‬
‫‪ 32‬علي النني مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪ ، 47‬فق ‪. 39‬‬
‫‪ 33‬المنصف الكشو ‪ ،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪،‬مرجع سابق الذكر‪،‬‬
‫ص ‪. 149‬‬
‫‪ 34‬علي النني مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪ ، 48‬فق ‪. 40‬‬

‫‪9‬‬
‫المصالح المتعددة و المتضاربة صلب المؤسسة ‪35‬و في ذلك حديث عن نظرية الحوكمة‬
‫الرشيدة‪ 36‬التي من بين مقوماتها يوجد تفعيل لدور المسير بحكم إلمامه بجميع شؤون مؤسسته‬
‫و معرفته بنشاطها ودعم تفاعله مع جميع الهياكل و األطراف المتداخلة سواء من داخل‬
‫المؤسسة أو خارجها كالقضاء و مساعدي القضاء و الدائنين لكن مع تعزيز المراقبة و‬
‫المساءلة حتى اليرتبط مصير المؤسسة بشخصه و حتى ال يضار الدائنون بااللتفاف على‬
‫حقهم في استخالص ديونهم بما من شأنه أن ينعكس على أوضاعهم المالية و تنتشر بذلك‬
‫الصعوبات‪37 .‬ولعل الحديث عن خشية البحث عن توازن مرتبط أصال باحتكام تسيير‬
‫المؤسسات االقتصادية لمبدأ عام يحكم المادة التجارية و هو حرية الصناعة و التجارة الذي‬
‫أصبح اليوم يسمى حرية المبادرة الصناعية ‪38‬و الذي يتفرع عنه القول بأن المؤسسة‬
‫االقتصادية هي ملك ألصحابها‪ 39‬دون تدخل من جهات خارجية ‪ .‬فللمسير مبدئيا سلطات‬
‫واسعة تخول له مباشرة جميع الصالحيات و التصرفات باسم المؤسسة و لفائدتها و طبق‬
‫موضوعها لكن عمال لتحقيق ذلك التوازن عمل القانون على رسم حدود سلطات المسير‬
‫المطلقة و فرض عديد اآلليات الرقابية خاصة عندما تمر المؤسسة بصعوبات اقتصادية بما‬
‫من شأنه أن يعزز تدخل القضاء العدلي في تسييرها‪40.‬و أمام إختالل ممارسة الرقابة‬
‫اللالزمة على المسيرين أو عجز الطرق الرقابية المستعملة في إخراج المؤسسات االقتصادية‬
‫من أزمتها سعت جل التشاريعات المقارنة إلى إيجاد طرق و أساليب رقابية تجيز للقضاء‬
‫التدخل في تسييرهذه المؤسسات بما من شأنه إبعاد المسير أو التقليص من صالحياته التي‬
‫يستمدها من القانون أو من إرادة أصحاب المؤسسة ويعد هذا التدخل القضائي مظهرا من‬
‫مظاهر تطور وظيفة القاضي التي تختلف عن وظيفته التقليدية "ألنه ال يصدر أحكاما في‬
‫خصومة قضائية و يفصل فيها لهذا الطرف أو ذاك بل إنه يضع حلوال اقتصادية و مالية‬
‫ناجعة و قابلة للتطبيق تخرج المؤسسة من وضعها االقتصادي المتأزم" ‪ 41.‬وقدعمل المشرع‬
‫مجمال في إطار ضمان النجاعة على تفعيل تصورالجراءات االنقاذ و أهدافها‪ 42‬عبر‬

‫‪ 35‬فكل طرف له عالقة بالمؤسسة يبحث عن فرض مواقفه بحسب ما تمليه مصالحه فمصلحة المستثمر في البحث عن الربح ال تتناسق مع مصلحة‬
‫األجراء و ال تتالءم تطلعات المسير و رغبته في التطوير مع رغبة باقي األطراف بما قد يؤثر على ديمومة المؤسسة و استمرارها الشيئ الذي‬
‫يستدعي التدخل للمحافظة على نشاط المؤسسة و تكثيف الجهود لتحقيق تلك الغاية‪ ،‬سماح قوبعة مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 68‬‬
‫‪ 36‬نزار السنوسي‪ ،‬الحوكمة في قانون الشركات التجارية مقارنة بالمعايير الدولية‪ ،‬مجلة األخبار القانونية‪ ،‬عدد ‪، 150‬فيفري ‪، 2013‬ص ‪. 20‬‬
‫‪37‬سماح قوبعة‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 68‬‬
‫‪ 38‬علي النني مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪ , 120‬سماح قوبعة ‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪،‬ص ‪. 64‬‬
‫‪ 39‬علي النني‪ ،‬مرجع سابق الذكر ص ‪. 197‬‬
‫‪ 40‬سماح قوبعة مرجع سابق الذكر ص ‪. 61‬‬
‫‪ 41‬استقر موقف محكمة التعقيب التونسية حول خصوصية وظيفة القاضي في إجراءات االنقاذ‪.‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 7260‬مؤرخ في ‪14‬‬
‫جويلية‪ ( 1999‬غير منشور )‪ ،‬قرار تعقيبي عدد ‪ 82663 – 2009‬بتاريخ ‪ 12‬فيفري ‪ 2020‬منشور بالمنصة االلكترونية لمحكمة التعقيب‬
‫التونسية‪ .‬أنظر أيضا قرار آخر لمحكمة التعقيب بتاريخ في ‪ 8‬ماي ‪ 2014‬ذكره القاضي منصف الكشو‪ ،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ‬
‫المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫‪ 42‬هذه األهداف حددها المشرع بالفصل ‪ 415‬من المجلة التجارية إذ ورد فيه ما يلي " يهدف نظام اإلنقاذ إلى مساعدة المؤسسات التي تمر‬
‫بصعوبات إقتصادية على مواصلة نشاطها و المحافظة على مواظن الشغل فيها و الوفاء بديونها"‪ .‬و اختلف الفقهاء في مدى تمتعها بطابع الترتيب‬
‫فيتراءى للبعض أن األهداف متكافئة بالنظر إلى أن تحقيق بعضها يمكن أن يؤدي لتحقيق بعضها اآلخر‪ ،‬كما أن تحقيق هدف الوفاء بالديون ال‬
‫يمكن إال أن يكون أحد األهداف الرئيسية لإلجراءات الجماعية على الرغم من ذكره في ذيل قائمة األهداف‪ .‬و هذا الموقف يمكن أن يفهم مما جاء‬
‫بأحد قرارات محكمة التعقيب الذي جاء به مايلي " و إن كان هدف قانون اإلنقاذ هو مساعدة المؤسسة على مواصلة نشاطها إال أن المشرع وضع‬
‫هدفا ال يقل عنه أهمية باعتبار ربطه بحرف العطف الواو وهو الوفاء بديونها ( قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 67468‬مؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪، 2012‬‬
‫ورد بمؤلف عصام األحمر الجديد في فقه الفضاء‪ ،‬مجمع األطرش‪ ، 2018،‬ص ‪ ). 319‬لكن هذا الرأي حسب شق آخر من الفقهاء يفتقد إلى‬

‫‪10‬‬
‫االحتكام لجملة من المبادئ لتنظيم سلوك المسير والسيطرة عليه أحيانا ‪ .‬ونذكر من هذه‬
‫المبادئ وحدة األمر‪ ،‬وحدة التوجيه في إطار خطة واحدة ‪،‬مبدأ التخصص و تقسيم العمل‪،‬‬
‫‪43‬‬
‫مبدأ االشراف التخصصي و الطابع الرسمي للعالقات‪.‬‬
‫ولعل كل ما تم التقدم به بالذكر يؤول إلى طرح التساؤل التالي‬
‫كيف نظم المشرع وضعية المسير في إطار إجراءات االنقاذ ؟‬
‫ولالجابة عن االشكالية التالية يقتضي القول بأن المشرع حدد دور المسير في إطار‬
‫إجراءات االنقاذ ( جزء أول ) لكن أتبع ذلك في نفس الوقت بآثار تسري عليه ( جزء ثاني)‪.‬‬

‫الوجاهة على أكثر من مستوى إذ هو يغيب أهم مالمح التطور الحاصل في االجراءات الجماعية و المتمثل في االنتقال من البحث عن هدف سداد‬
‫الديون كم حرك رئيسي لإلجراءات الجماعية و المتمثل في االنتقال من البحث عن هدف سداد الديون كمحرك رئيسي لإلجراءات الجماعية في‬
‫مفهومها التقليدي إلى البحث على المحافظة على كيان المؤسسة االقتصادية كأساس لهذه االجراءات الجماعية في مفهومها المعاصر ‪ .‬ومن ذلك‬
‫فتنزيل قانون اال جراءات الجماعية في إطاره الموضوعي الجديد ال يمكن أن يقودنا حسب هذا التوجه الثاني إال إلى القول بترتيب أهداف االنقاذ‬
‫الواردة بالفصل ‪ 415‬من المجلة التجارية ترتيبا تفاضليا‪ .‬علي النني‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪, 105‬فق ‪. 106‬‬
‫‪ 43‬سماح قوبعة ‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 71‬‬

‫‪11‬‬
‫الـــــجــــــزء‬
‫األول‬

‫‪12‬‬
‫الجـــــــــــزء األول ‪ :‬تحديد دور المسير في إطار إجراءات االنقاذ‬
‫إن دور المسير في إطار إجراءات االنقاذ يختلف وصفه من دور متغير أحيانا ( فرع أ) إلى‬
‫دور محدود المدى أحيانا أخرى ( فرع ب) و لعل ذلك مرتبط بمدى خطورة االجراء و‬
‫اختالف شدة الصعوبة االقتصادية التي تمر بها المؤسسة االقتصادية‪.‬‬

‫فرع أ‪ /‬دور متغير ‪:‬‬


‫يعتبر اإلنقاذ المكون األول لإلجراءات الجماعية في صياغتها الجديدة في القانون التونسي و‬
‫ذلك منذ صدور قانون إنقاذ المؤسسات المارة بصعوبات اقتصادية سنة ‪.1995‬و يتحقق‬
‫اإلنقاذ من خالل مساعدة المؤسسات االقتصادية المتعثرة التي تواجه صعوبات اقتصادية‬
‫وذلك من خالل جملة من اإلجراءات تمثل إجراءات اإلنقاذ‪ .‬و المتمثلة أساسا في االشعار و‬
‫التسوية الرضائية والتسوية القضائية‪ .‬ان عمومية هدف مساعدة المؤسسة االقتصادية المارة‬
‫بصعوبات اقتصادية كما ورد بمفتتح الفصل ‪ 415‬من المجلة التجارية يدعو تحقيقه محمول‬
‫على الجميع‪ .‬وعلى هذا األساس‪ ،‬يمكن اإلشارة إلى أن المشرع وضع في قائمة المساهمين‬
‫في تحقيق هدف اإلنقاذ على مستوى األطراف المحيطة بالمؤسسة االقتصادية المسير ‪ .44‬و‬
‫لمزيد تدعيم الهدف المرصود من إجراءات اإلنقاذ اال وهو مساعدة المؤسسة ‪،‬تبنى المشرع‬
‫في القانون عدد ‪ 36‬لسنة ‪ 452016‬إصالحات شكلية و موضوعية اعتبرها ضرورية في‬
‫المساهمة في ربح الوقت ومساعدة المؤسسة قبل توقفها عن الدفع فدعم االحاطة المبكرة‬
‫بالمؤسسة من خالل تدعيم أول اجراءات اإلنقاذ وهو االشعار ألنه إجراء وقائي ‪،‬المحور‬
‫فيه المعلومة التي تساعد على اكتشاف بوادر الصعوبة االقتصادية و معالجتها في مهدها قبل‬
‫استفحالها و تشكل مخاطر قد يصعب تداركها و ذلك من خالل توسيع قائمة األطراف المكلفة‬
‫به‪ ،‬إذ أصبحت القائمة تشمل شخص المسير و الشريك كأطراف داخلة المؤسسة إلى جانب‬
‫إدارة الجباية كطرف خارجي عن هياكل المؤسسة‪46 .‬و قد جاء ذلك جليا بالفقرة األولى من‬
‫الفصل ‪ 419‬من المجلة التجارية "يتعين على المسير أو صاحب المؤسسة إشعار لجنة‬
‫متابعة المؤسسات االقتصادية ببوادر الصعوبات االقتصادية التي تمر بها المؤسسة و التي قد‬
‫تؤدي في صورة تواصلها إلى التوقف عن الدفع"‪.‬‬
‫اعتمد المشرع أسلوب اإللزام لضمان تحقيق هدف المساعدة و بالنظر للدور المحوري‬
‫للمعلومة في هذا اإلطار و ذلك سعيا منه لتحقيق السياسية التشريعية الجديدة الرامية إلى‬
‫‪47‬‬
‫إنقاذ المؤسسات المارة بصعوبات اقتصادية ‪.‬‬

‫‪ 44‬علي نني‪ ،‬امرجع سابق الذكر ص ‪. 95‬‬


‫‪ 45‬قانون عدد ‪ 36‬لسنة ‪ 2016‬المؤرخ ف ‪ 29‬أفريل ‪ 2016‬المتعلق باإلجراءات الجماعية‪ ،‬صدر بالرائد الرسم للجمهورية التونسية ‪ ،‬العدد ‪38‬‬
‫بتاري خ ‪ 10‬ماي ‪ ، 2016‬ص ‪ 1724‬إىل ‪. 1750‬‬

‫‪ 46‬منصف كشو ‪ ''،‬مساهمة أحكام اإلجراءات الجماعية ف النهوض بالمؤسسة عند ر‬


‫تعثها"‪ ،‬الجديد ف قانون اإلجراءات الجماعية‪ ،‬أعمال اليوم‬
‫الدراس الذي انتظم بكلية الحقوق بصفاقس ف ‪ 4‬مارس ‪ 2015‬المتعلق ر‬
‫بمشوع قانون اإلجراءات الجماعية و أعمال اليوم الدراس الذي انتظم‬
‫بثل الزيتونة بصفاقس ف ‪ 18‬أكتوبر ‪ 2016‬المتعلق بالقانون الجديد لالجراءات الجماعية ‪،‬جمعية الحقوقيي بصفاقس‪ ،‬مجمع االطرش ‪،‬ص‬
‫‪.20‬‬

‫‪ 47‬علي نني مرجع سابق الذكر‪،‬ص ‪. 99‬‬

‫‪13‬‬
‫وبذلك أصبح المسير أهم محرك و عنصرا فاعال في إجراءات اإلنقاذ وقد حمله المشرع‬
‫واجب االشعار وهو أمر معقول ألنه العارف بشؤون المؤسسة و ماقد يعترضها من‬
‫إشكاليات اقتصادية تهدد استمرار النشاط مما قد يؤول إلى ضياع رأس المال‪،‬فهو أكثر‬
‫األشخاص قربا من المؤسسة االقتصادية باعتبار العالقة المباشرة التي تجمعه بها فيفترض‬
‫في إشعاره الجدية و النجاعة و الواقعية المستمدة من مالمسته لظروف سير المؤسسة‬
‫االقتصادية ‪.‬‬
‫ويهدف إشراك المسير في نظام االشعار‪ ،‬مزيد تفعيله‪ ،‬وحتى تتم االحاطة بالمؤسسة منذ‬
‫بروز بوادر الصعوبات‪ .‬تتلقى لجنة متابعة المؤسسات االقتصادية من الجهات المخول لها‬
‫االشعار التي من بينها المسير فتتولى دراسته و تقييم مدى جديته و أثره على نشاط المؤسسة‬
‫االقتصادية‪.‬فتوجه اللجنة ما رأته جديا من االشعارات لرئيس المحكمة االبتدائية التي بدائرتها‬
‫مقر المؤسسة االقتصادية ‪،48‬فال يجوز منطقا ان توجه كل االشعارات الجدية و غير الجدية‪،‬‬
‫إلى المحكمة‪49 .‬وإن اقترنت جدية اشعار المسير بمجرد االفتراض فذلك يعود لما الشعاره‬
‫في الحقيقة من طبيعة نظرية جدا فالمسير عادة ما يكون مكابرا و غير قابل لفكرة االعتراف‬
‫باخفاقه في التسيير فهو ال يقبل حقيقة الصعوبات االقتصادية و قد برزت على السطح فكيف‬
‫له أن يستشعر وجود بوادرها‪ .‬ومن ذلك فتغافل المسيرين على وجود بوادر صعوبات‬
‫‪50‬‬
‫اقتصادية أو أملهم في تجاوزها يجعل مساهمتهم في االشعار هامشية ‪.‬‬
‫وفي هذه المرحلة يضطلع المسير أيضا بوظيفة ارشادية ‪51‬وذلك بالرجوع للفصل ‪ 420‬م‬
‫تج وذلك في إطار الشركات خفية االسم فحسب ‪ -‬عن بوادر الصعوبات االقتصادية التي‬
‫يمكن أن يستشعرها مراقب الحسابات فيلزم باالجابة في أجل ثمانية أيام عن االستفسار‬
‫الكتابي لمراقب الحسابات عندما يلفت انتباهه خلل قد يكون سببا لظهور صعوبات اقتصادية‬
‫وذلك في إطار القيام بمهامه‪ .‬ولعل هذا الدورثانوي ألنه في إطار اجابة غامضة أو غير‬
‫موجودة يمكن لمراقب الحسابات أن يعرض فيها األمر على مجلس االدارة أو مجلس‬
‫المراقبة و يمكن له عند التأكد دعوة المساهمين إلى عقد جلسة عامة للتداول في المسألة‪.‬‬
‫عند تلقي رئيس المحكمة االبتدائية التي بدائرتها مقر المؤسسة االقتصادية اإلشعار من‬
‫الجهات المخولة إلبالغه يقوم هذا األخير باستدعاء المسير أو صاحب المؤسسة بأي وسيلة‬
‫تترك أثرا كتابيا ليعلمه بفحوى االشعار و ما يمثله من جدية وجود مخاطر تتربص‬
‫بالمؤسسة و تستوجب تحركا من جانبه فعند وصوله عنده يقوم رئيس المحكمة االبتدائية‬
‫بمطالبته ببيان التدابير التي يعتزم اتخاذها لتفادي الصعوبات االقتصادية و يضرب رئيس‬
‫المحكمة االبتدائية للمسير أجال يمتد لشهر يقع بعدها تقييم اإلجراءات التي تم اتخاذها‬
‫فمآل االشعار يرتبط في جزء منه بكفاءة المسير فهو الذي يكون على عاتقه اتخاذ اإلجراء‬

‫‪ 48‬حمادي الرايد‪ ،‬شرح القانون التجاري التونسي ‪:‬اإلجراءات الجماعية ‪ ،‬مجمع األطرش للكتاب المختص ‪ ،‬تونس ‪ ، 2023‬الطبعة األولى ‪،‬ص‬
‫‪. 38‬‬
‫‪ 49‬علي الننيٍ‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 154‬‬
‫‪ 50‬علي نني مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪. 138‬‬
‫‪ 51‬علي نني‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 142‬‬

‫‪14‬‬
‫المناسب‪ ،‬فإما أن يكون سببا لتالفي الوضعية ووأد الصعوبة االقتصادية في مهدها ‪52‬أو‬
‫يكون سببا في فشلها المؤدي للظهور الفعلي للصعوبة االقتصادية مايترتب عنه طي مرحلة‬
‫االشعار و المرور للمرحلة التالية و هي مرحلة إجراء التسوية الرضائية‪.‬‬
‫يتحقق االنتفاع باجراءات التسوية الرضائية من خالل طلب يقدم إلى رئيس المحكمة‬
‫االبتدائية التي بدائرتها المؤسسة االقتصادية‪ ،‬فقد خول المشرع مسير المؤسسة أو صاحبها‬
‫بطلب االنتفاع باجراءاتها‪ .‬وقد اشترط الفصل ‪ 423‬م تج ان يكون هذا الطلب مرفقا الوثائق‬
‫الواردة بالفصل ‪ 417‬م تج‪.‬‬
‫خص المشرع المدين دون غيره بامكانية تقديم طلب االنتفاع بإجراءات التسوية الرضائية‪.‬‬
‫و المدين يختلف وضعه باختالف الشكل القانوني للمؤسسة االقتصادية‪ .‬فعندما تكون‬
‫المؤسسة الفردية فإن المخول بتقديم الطلب هو صاحبها أما إذا تعلق األمر بشركة تجارية‬
‫فإن المخول بتقديم الطلب هو مسيرها أي ممثلها القانوني‪ .‬فالشركة ال يمكن أن تمثل نفسها‬
‫باعتبار أنها منزلة منزلة الصغير غير المميز ككل الذوات المعنوية األخرى حسب صريح‬
‫‪53‬‬
‫الفصل ‪ 5‬من م إ ع‪.‬‬
‫و تجدر االشارة في هذا االطار أن كل ممثل قانوني هو مسير لكن ليس كل مسير هو ممثل‬
‫قانوني فمفهوم المسير أوسع بكثير من مفهوم الممثل القانوني‪.‬‬
‫يقرر رئيس المحكمة االبتدائية قبول طلب االنتفاع بالتسوية الرضائية عند معاينته لتوفر كل‬
‫الشروط‪ ،‬الذاتي منها و الموضوعي‪ .‬و تتجسم موافقته باصداره قرارا يفتتح من خالله‬
‫‪54‬‬
‫إجراءات التسوية الرضائية ‪.‬‬
‫و غاية هذا القرار متمثلة في الوصول إلى إتفاق بين المدين و دائنيه متضمن لجملة من‬
‫التسهيالت من شأنها أن تساعد على مواصلة المؤسسة نشاطها‪ .‬إذن‪ ،‬تتميز مرحلة التسوية‬
‫الرضائية بقيامها على أساس آلية إنقاذ معينة تتمثل في إبرام إتفاق بين المدين و دائنيه يسمح‬
‫للمؤسسة بمواصلة نشاطها الذي يمكن أن يتضمن حطا كليا أو جزئيا من الديون‪،‬أو جدولة‬
‫للديون‪،‬أو إيقافا لسريان الفوائض‪،‬أو غيرها من البنود‪ ،‬على أن يخضع ذلك االتفاق‬
‫لمصادقة رئيس المحكمة االبتدائية التي بدائرتها مقر المؤسسة المنتفع بالتسوية‬
‫الرضائية حتى يرتب آثاره؛ ان إتفاق التسوية الرضائية‪ ،‬و إن كان مبنيا باألساس على‬
‫أطرافه الرئيسة المتمثلة في المدين من جهة و الدائنين من جهة أخرى ‪،‬‬

‫‪ 52‬علي نني ‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪. 182‬‬


‫‪ 53‬الفصل ‪ 5‬من م إ ع ‪( :‬نقح باألمر المؤرخ ف ‪ 25‬ذي الحجة ‪ 1375‬و‪ 3‬أوت ‪.)1956‬‬
‫األشخاص اآلت بيانهم ليس لهم أهلية التعاقد إال بواسطة من له النظر عليهم‪.‬‬
‫عشة سنة كاملة‪.‬‬ ‫أوال ‪ :‬الصغث إىل أن يبلغ من العمر ثالث ر‬
‫ثانيا ‪ :‬الرشيد الذي اختل شعوره بما أخرجه من اإلدراك‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الذوات المعنوية المثلة مثلة الصغث قانونا‬
‫‪ 54‬حمادي الرايد‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 43‬‬

‫‪15‬‬
‫إال أن خصوصيته ال تغيب عن المتفحص لطبيعته القانونية‪ ،‬فهو وإن كان عقدا‪ ،‬اال انه‬
‫يتميز بتداخل اطراف خارجية في اعداده و في نفاذه فالمصالح يساهم في إعداده و القاضي‬
‫يأذن بنفاذه من خالل آلية المصادقه عليه‪.‬و لغرض تفعيل هذه اآللية‪،‬تبنى القانون عدة‬
‫خيارات أساسية من بينها إحداث مؤسسة المصالح فقد عمد القانون الجديد على تدارك‬
‫العوائق التي أدت إلى عدم نجاح آلية التسوية الرضائية على الصعيد العملي و المتمثلة‬
‫أساسا في عدم وضوح مؤسسة المصالح و أحال في أحكامه االنتقالية إلى صدور قانون‬
‫‪55‬‬
‫ينظم الشروط الواجب توفرها في المصالح و طرق عمله ‪.‬‬
‫غير أنه إلى حين صدور القانون المنظم لتلك الشروط الواجب توفرها في المصالح وضبط‬
‫قائمة في المصالحين بمقتضى قرار من وزير العدل‪ ،‬يمكن أن يقوم بهذا الدور المحامي‬
‫لدى التعقيب أو أي شخص آخر يعينه رئيس المحكمة سواء ممن يقترحه صاحب المؤسسة‬
‫أو مسيرها و يكون دور المصالح تقريب وجهات النظر بين أطراف االتفاق لبلوغ الغرض‬
‫من هذا االجراء و هو إبرام اتفاق التسوية الرضائية و تعتبر هذه المهمة صعبة بالنظر إلى‬
‫‪56‬‬
‫تباعد وجهات النظر‪.‬‬
‫مما يستوجب اتسامه بالكفاءة و الحيادية و الموضوعية و الخبرة في شؤون المؤسسات من‬
‫ذلك فنجاعة االجراء ترتبط ارتباطا وثيقا بهذه الشروط‪ ،‬فللمسير تقديم طلب لرئيس المحكمة‬
‫بتغييره في صورة غياب أحد أو مجمل هذه الشروط ومن ذلك حديث عن المسير الحريص‪.‬‬
‫ونجاعة هذا االجراء مرتبط بمدى االلتزام بهذا االتفاق و للمسير دور في ذلك ففي صورة‬
‫إخالل المدين بتعهداته المترتبة عن اتفاق التسوية الرضائية تجاه أحد دائنيه حسب الفصل‬
‫‪ 430‬م تج يمكن لكل من له مصلحة أن يطلب من المحكمة فسخ االتفاق الذي يمثل فشال‬
‫الحقا البرامه لكن يمكن أن يكون فشل االنقاذ في إطار التسوية الرضائية سابقا إلعداد‬
‫االتفاق في حال تقاعس المسير مثال عن الحضور لدى المصالح بعد التنبيه عليه وهو ما يقوم‬
‫دليال على عدم جديته وغياب حرصه على االنتفاع باجراءات التسوية الرضائية التي قدم‬
‫طلبا للحصول عليها ‪ .‬ذلك ما يفضي إلى القول أن لحرص المسير دورا كبيرا في تحديد مآل‬
‫التسوية الرضائية الذي يكون متراوحا بين النجاح و الفشل‪.‬‬
‫ولكن التراضي ال يكون دائما الحل للصعوبات التي تمر بها المؤسسة فأحيانا يكون الحل‬
‫بافتتاح إجراء جماعي قضائي وهو ما أطلق عليه المشرع إجراء التسوية القضائية و هي‬
‫‪57‬‬
‫إجراء قضائي و إن أصبحت له اليوم مسحة رضائية‪.‬‬
‫افتتاح هذا اإلجراء يكون متوقفا على وجود شرط موضوعي إيجابي وهو التوقف عن الدفع‬
‫و هو شرط واجب اإلثبات الذي يتولى المسير إثباته بكل الوسائل فاألمر يتعلق بواقعة‬
‫قانونية‪ ،‬بوصفه من بين الجهات المخولة قانونا بطلب االنتفاع بالتسوية القضائية تطبيقا‬

‫‪ 55‬منصف الكشو‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 28‬‬


‫‪ 56‬إذ يرغب الدائنون ف الحصول عىل ديونهم عند حلول آجالها بينما يرغب المدين ف مساعدته لتجاوز صعوباته االقتصادية فالمدين ف حاجة‬
‫إىل مساعدة حقيقية تقتض تضحيات من قبل الدائني أما الدائنون و هم ف الغالب تجار فلهم ارتباطاتهم ولن يكون من السهل إقناعهم‬
‫‪.‬بالتنازالت المتعلقة بديونهم مما يعط لتسمية المصالح أهمية قصوى بالنظر لضورة الوصول إىل اتفاق‬
‫‪ 57‬حمادي الرايد ‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 59‬‬

‫‪16‬‬
‫للفصل ‪ 434‬م تج وقد ورد به مايلي "تنتفع بالتسوية القضائية المؤسسة التي توقفت عن‬
‫‪58‬‬
‫دفع ديونها"‪.‬‬
‫وككل إجراء يتم افتتاحه بتقديم طلب تسوية قضائية ووفقا لعبارات الفصل ‪ 435‬م تج يقدم‬
‫هذا الطلب من قبل صاحب المؤسسة إن كانت المؤسسة فردية و مسير الشركة التجارية كل‬
‫حسب شكلها و يفرق المشرع بين وضعية الشركة خفية االسم وغيرها من أشكال الشركات‬
‫األخرى في ذلك التفريق أخذ بعين االعتبار باختالف أساليب التصرف واإلدارة في‬
‫الشركات التجارية‪ .‬ويكون في غير الشركة خفية االسم المسير أي وكيل الشركة وممثلها‬
‫القانوني وهو المخول بتقديم الطلب أما إذا تعلق األمر بشركة خفية االسم فقد فرق المشرع‬
‫بين طريقة إدارتها ليحدد على أساس ذلك الطرف المخول بتقديم طلب االنتفاع بإجراءات‬
‫التسوية القضائية فإذا كانت الشركة تدار بمجلس إدارة نمط االدارة التقليدي فيكون المخول‬
‫بتقديم الطلب إما الرئيس المدير العام أو المدير العام للشركة أو أغلبية أعضاء مجلس‬
‫االدارة أما إذا كانت الشركة تدار بهيئة إدارة جماعية أي نمط اإلدارة جديد فيكون المخول‬
‫بتقديم الطلب إما رئيس هيئة االدارة الجماعية أو المدير العام الوحيد أو أغلبية أعضاء هيئة‬
‫‪59‬‬
‫االدارة الجماعية ‪.‬‬
‫إن المسير هو األولى بتقديم طلب االنتفاع بإجراءات التسوية القضائية و المفترض فيه تقديم‬
‫طلب االنتفاع بالتسوية القضائية بالنظر لما يمكن أن يحققه هذا االجراء من امكانية إنقاذ‬
‫لوضعه المتردي ‪ .‬وهو ما يفسر وجوده على رأس قائمة األطراف المخول لها تقديم الطلب‬
‫وبالتالي على المسير أن يكون حريص على تقديم الطلب سعيا منه إلنقاذ المؤسسة‬
‫االقتصادية و قد حاول المشرع تالفي إمكانية تقاعس المسير في تقديم الطلب من خالل‬
‫سماحه ألغلبية أعضاء مجلس االدارة او هيئة اإلدارة الجماعية بتقديم طلب االنتفاع‬
‫باإلجراءات‪.‬‬
‫ولكن ال يخفى على المرء أنه أحيانا يقدم المسير طلب انتفاع التسوية القضائية لالنتفاع‬
‫بأثرها المباشر وهو ايقاف اجراءات التنفيذ الفردي ويمكن الحديث عن مسير سيئ النية‪.‬‬
‫ويقدم الطلب لرئيس المحكمة االبتدائية ( فصل ‪ 435‬م تج ) مرفقا بالمعطيات و الوثائق‬
‫المنصوص عليها بالفصل ‪ 417‬و على المدين و المسير ان يدلي إضافة إلى المعطيات و‬
‫الوثائق المنصوص عليها بالفصل ‪ 417‬من هذه المجلة ببرنامج اإلنقاذ المقترح ‪. 60‬و الذي‬

‫‪ 58‬تجدر المالحظة أن التوقف عن الدفع رشط موضوع سلي صلب إجراءات التسوية الرضائية و ف هذه الحالة سيكون اإلثبات متجها لنف‬
‫وصول الصعوبة االقتصادية لدرجة التوقف عن الدفع وهو إثبات يتواله المدين بوصفه الجهة الوحيدة المخولة قانونا بطلب االنتفاع بالتسوية‬
‫الرضائية‬
‫‪ 59‬علي نني‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 187‬‬
‫‪ 60‬لكن ف ذلك يعتث عىل ني قد توح للبعض بأن المدين هو من يعد برنامج االنقاذ و الحقيقة أن هذا االيحاء بعيد عن الواقع لسببي وجيهي‬
‫أحدهما ذات و اإلخر موضوع أما السبب الذات فيتعلق بالمدين إذ لو كان قادرا عىل صياغة برنامج االنقاذ كامل غث قابل للزيادة أو النقصان‬
‫بحيث يقدم عىل حالته للمحكمة ماكانت مؤسسته لتقع فيما وقعت فيه من صعوبات اقتصادية و اذا افثضنا أن سبب هذه الصعوبات قد يكون‬
‫خارجا عن إرادة المسث و غث مرتبط بدرجة كفاءته مما يقل من حجة عدم قدرته عىل صياغة برنامج انقاذ جدي قابل للتنفيذ فان سسا آخر ال‬
‫يقل أهمية قد يجعل مقتثحه بالضورة قابال للمراجعة وهو أن المدين سيكون ف الغالب باحثا عن مصلحته من خالل التوسع ف طلب‬
‫التضحيات من دائنيه وه مقثحات لن تحوز ف الغالب عىل موافقتهم كما صاغها المدين وهو ما يقتض بالضورة مراجعتها أما السبب‬

‫‪17‬‬
‫يقرر رفض المطلب بمقتضى قرار معلل أو يأذن بانطالق إجراءات التسوية القضائية إذ‬
‫تبين له أن الطلب جدي وله الخيار بين حلين إما أن يأذن بفترة مراقبة ( فترة تشخيص) أو‬
‫أن يحيل الملف على المحكمة دون المرور بفترة مراقبة إذا تبين له أن إحالة المؤسسة هي‬
‫الحل الوحيد إلنقاذها ‪.‬‬
‫و تعتبر فترة المراقبة الفترة التي تسمح لالطراف المعنيين في إطار إجراءات التسوية‬
‫القضائية بالتعرف على الوضع االقتصادي للمؤسسة و اعداد برنامج االنقاذ على خالف‬
‫قانون ‪ 1995‬الذي أسند مهمة إعداد برنامج اإلنقاذ للمتصرف القضائي و ابعاد‬
‫المسير وهو ما من شأنه أن يؤدي لعدم إنجاح هذا البرنامج‪ ،‬فقد حرص المشرع في قانون‬
‫‪ 2016‬على مزيد تفعيل دور المسير المدين في بلورة برنامج اإلنقاذ فال شك أن المسير‬
‫يعرف الخطوات التي يجب اتخاذها لتحقيق أهداف اإلنقاذ فأصبح المسير يشارك في إعداد‬
‫برنامج اإلنقاذ و قد أكدت على ذلك محكمة التعقيب بفرضها على المدين تقديم الحلول حتى‬
‫يقع اإلسراع في إجراءات اإلنقاذ‪.61‬‬
‫وعند انتهاء فترة المراقبة أوجب المشرع المحكمة بتركيبتها الجماعية سماع المسير المدين‬
‫‪62‬‬
‫قبل اتخاذ قرار التسوية القضائية‪.‬‬
‫تجدر االشارة في هذا الصدد ‪ ،‬انه في صورة ما لم تعد المؤسسة متوقفة عن الدفع يمكن‬
‫للمسير أن يتوجه إلى القاضي المراقب أو إلى رئيس المحكمة ليبين حالة المؤسسة و إقناعه‬
‫بتوجيه طلب لحجرة الشورى للقضاء بإيقاف إجراءات التسوية القضائية ‪.‬كما يمكن أن يقترح‬
‫عليه توجيه طلب للمحكمة لالذن باحالة المؤسسة إلى الغير إذا كان من الجلي أنها الحل‬
‫الوحيد إلنقاذ المؤسسة‪63 .‬وحتى لو لم يتجه المسير إلى القضاء بنفسه فقد أجاز المشرع‬
‫‪64‬‬
‫لرئيس المحكمة طلب معلومات عن حالة المؤسسة مباشرة من المسير المدين‪.‬‬
‫تقتضي اإلجراءات بصفة مبدئية ان يواصل المدين التصرف‪ .‬و المبدأ واضح و بسيط‬
‫بإعتبار أن فتح التسوية القضائية ال يفيد توقف هياكلها عن التصرف واإلدارة‪ 65.‬فالمسير ال‬
‫يفقد صالحية إدارة مكاسب المؤسسة‪ .‬فتصرفات المسير تظل صحيحة إذا لم تتجاوز أعمال‬
‫اإلدارة والتصرف العادي‪ .‬فالمؤسسة االقتصادية تكون عادة ملكا ألصحابها يسيرونها‬
‫بحرية مطلقة فال سلطان عليهم في ذلك غير احترام المقتضيات القانونية‪ .‬ويعتبر هذا األمر‬
‫تعبيرا صريحا لمبدأ الحرية االقتصادية في جانبه المتعلق بالحرية في التسيير‪ .‬اال ان هذه‬
‫الحرية يمكن أن تخضع إلى تقييد بمجرد دخول المؤسسة تحت طائلة اإلجراءات الجماعية‬
‫بالنظر لضرورة تغليب المصلحة العامة‪ .‬فالمؤسسة الخاضعة إلجراءات التسوية القضائية‬
‫يمكن أن تكون أحد أسباب صعوباتها متأتية من غياب كفاءة مسيريها مما يقتضي المبادرة‬
‫الموضوع فيتعلق بأن اشثاط االدالء بثنامج إنقاذ ضمن الوثائق المكونة لمطلب التسوية القضائية ماهو إال رشط للتحقق من جدية المدين‬
‫أوال و للسماح للمتضف القضات لالنطالق ف عمله من مقثح المدين ثانيا وذلك لالستئناس برأيه دون التقيد به‪.‬عىل ني ‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪،‬‬
‫ص ص ‪. 206 205‬‬
‫‪ .61‬محكمة التعقيب ‪،‬القرار عدد ‪ 82663‬بتاري خ ‪ 12‬فيفري ‪2020‬‬
‫‪ 62‬سماح قوبعة‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 86‬‬
‫‪ 63‬فصل ‪ 437‬م تج‬
‫‪ 64‬فصل ‪ 436‬م تج ‪ ،‬سماح قوبعة مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 84‬‬
‫‪ 65‬منصف الكشو‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 347‬‬

‫‪18‬‬
‫إلى إشراك المتصرف القضائي في عملية التصرف و التسيير‪ 66 .‬و هذا االشراك من شأنه‬
‫ابعاد المسير او التقليص من صالحياته التي يستمدها من القانون أو من إرادة أصحاب‬
‫‪67‬‬
‫المؤسسة‪.‬‬

‫فرع ب ‪/‬دور قابل للحد ‪:‬‬


‫إن المسير في فترة المراقبة ال يلتزم بنظام تسيير المؤسسات االقتصادية عامة بل يلتزم‬
‫بنظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات إقتصادية و يسعى لعدم االخالل بمجموعة‬
‫الضوابط المحددة بهذا القانون ‪68‬لما لها من صبغة آمرة و الرتباطها بالنظام العام‪.69‬إذ أن‬
‫لنظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات علوية كقانون خاص من شأنه أن يدخل على نظام‬
‫تسيير هذه المؤسسات مجموعة من الضوابط المحددة للحقوق و للواجبات و للعالقات‪ 70‬و‬
‫مجموعة من التغييرات على الطريقة التي كان يدير بها المؤسسة التي توقفت عن دفع‬
‫ديونها‪ 71.‬فقد تدخل المشرع بالقدر الالزم و الضروري إلنقاذ المؤسسة و فض حاالت النزاع‬
‫بين المصالح الفردية المتضاربة‪ .‬فقد فرض المشرع في األحكام المتعلقة بفترة المراقبة جملة‬
‫من القيود التي تحد من شمولية وظائف المسير و امتداد سلطاته‪ 72.‬غير أنه غالبا ما يتنازل‬
‫المشرع عن إرادته في التحديد و التقييد و يترك الخيار للقاضي ليقوم بدال عنه وفق سلطته‬
‫التقديرية‪ 73‬فتكون بذلك وضعية المسير غير مستقرة و تخضع إلى إرادة القضاء‪.‬فبالرجوع‬
‫إلى جل األحكام الخاصة بفترة المراقبة يفوض المشرع صراحة صالحية إصدار األوامر و‬
‫التوجيه للقاضي نظرا ألهمية المعطيات الواقعية في تحقيق أهداف االنقاذ فلئن كان السير‬
‫العادي للمؤسسة يجعل من نظام التسيير مغلقا على المحيط الخارجي‪ 74‬بما تفرضه الحرية‬
‫في التسيير و عدم التدخل في شؤون المؤسسة‪ 75‬فان المسير من الممكن أن تخضع حريته‬
‫في القيادة و التصرف و التوجيه لتقييد بمجرد دخول المؤسسة في فترة المراقبة تبعا لتوقفها‬
‫عن دفع ديونها بما أن سبب المشاكل التي تعترض المؤسسة قد تكون وراءها أساسا مدى‬
‫كفاءة مسيريها ‪ 76‬مما يقتضي حتما في إطار آخر اجراءات إنقاذها فتح نظام التسيير على‬
‫المحيط الخارجي من قضاء و مساعدي قضاء‪ .‬ومن هنا يفقد المسير االستئثار بصالحية‬
‫القيادة في نظام التسيير التي يتمتع بها في السير العادي للمؤسسة و يخضع لتسلسل‬

‫‪ 66‬علي النني ‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 197‬‬


‫‪ 67‬سماح قوبعة‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 61‬‬
‫‪ 68‬سماح قوبعة ‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 70 , 69‬‬
‫‪ 69‬علي النني ‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪،‬ص ‪ / 114‬سماح قوبعة‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪. 69‬‬
‫‪ 70‬سماح قوبعة ‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 70‬‬
‫‪ 71‬سماح قوبعة‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 72‬‬
‫‪ 72‬سماح قوبعة ‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪. 71‬‬
‫‪ 73‬سماح قوبعة مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪. 71‬‬
‫‪74‬‬
‫‪CONSO (P) et HEMICI (F), L’entreprise en 20 leçons, 4 éme éd, Dunod, Paris, 2006, p37.‬‬
‫‪ 75‬سماح قوبعة ‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪. 71‬‬
‫‪ 76‬علي النني مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪. 120‬‬

‫‪19‬‬
‫هرمي‪ 77‬يكون فيه القانون أو القاضي المفوض له بالقانون دور كبير في تحديد أو تقييد‬
‫‪78‬‬
‫صالحيته في القيادة كلما توقفت المؤسسة عن دفع ديونها‪.‬‬

‫ففي إطار نظام االنقاذ فوض المشرع للقاضي سلطة القرار في مسألة إبعاد المسير و تحديد‬
‫صالحياته‪.‬فقد خول المشرع لرئيس المحكمة بأن يقوم بتوزيع سلطات التصرف بين المسير‬
‫و المتصرف القضائي و االختيار بين إعمال أكثر من أثر قانوني‪ 79‬وارد في الفصل ‪ 443‬م‬
‫تج‪ 80‬فيجوز حصر صالحيات المسير‪ 81‬في أعمال التصرف من قبل القضاء لفائدة‬
‫المتصرف القضائي‪ 82‬و يتسم هذا الحصر بتدرج ثالثي فتختلف درجة الحصر باختالف‬
‫درجة عدم كفاءة المسير و عالقتها بالصعوبة االقتصادية ‪83‬فيمكن أن يكون المتصرف‬
‫القضائي في درجة أدنى مساعدا‪ 84‬للمسير األصلي في جميع أو في بعض أعمال التصرف‬
‫التي يحددها رئيس المحكمة و يكون ذلك باالستشارة و النصح ‪85‬و االرشاد ‪86‬حسب إتجاه‬
‫أول أو بتوقيع ضروري من المتصرف مالزم المضاء المسير حسب اتجاه ثان‪ 87‬أما في‬
‫درجة أقصى قد يحل المتصرف القضائي محل المسير األصلي فيصبح بذلك مسيرا‪ 88‬و‬
‫ذلك في إطار فرضية استثنائية ‪89‬قصوى يثبت فيها لرئيس المحكمة سوء تصرف المسير و‬
‫أثره المباشر على المشاكل االقتصادية التي تواجهها المؤسسة ‪ 90‬فيأذن بقرار معلل بتكليف‬
‫المتصرف القضائي بادارة المؤسسة كليا‪ 91‬أو جزئيا بما من شأنه إبعاد المسير األصلي‬

‫‪ 77‬سماح قوبعة‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 71‬‬


‫‪ 78‬سماح قوبعة ‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 72‬‬
‫‪ 79‬سماح قوبعة ‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪. 72‬‬
‫‪ 80‬يمثل هذا الفصل إعادة صياغة للفصل ‪ 26‬قديم من قانون ‪ 17‬أفريل ‪. 1995‬‬
‫‪ - 81‬وعند ثبوت حالة من حاالت المنع القانوني يمكن للمسير أن يشتكي للقاضي المراقب و له أيضا بشأن أي عمل من أعمال المتصرف‬
‫القضائي( الفصل ‪ 441‬م تج) – إذا لم يبت القاضي المراقب في الشكاوى المقدمة إليه في أجل ‪ 3‬أيام من تاريخ تلقيه الشكاية فانه يمكن رفعها إلى‬
‫المحكمة للبت فيها في ألجل ‪ 7‬أيام من تاريخ تلقيهاأو في صورة وجود خالف معه حول التسيير أو االمضاء ( الفصل ‪ 443‬م تج ) و يودع قرار‬
‫القاضي المراقب في الحال بكتابة المحكمة و ينفذ تنفيذا مؤقتا و ذلك حسب الفصل ‪ 567‬م تج ‪ ،‬سماح قوبعة‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 76‬‬
‫‪ 82‬تطبيقا للفصل ‪ 443‬فقرة أولى م تج "يتولى المتصرف القضائي مراقبة أعمال التصرف أو مساعدة المدين في جميع أعمال التصرف أو في‬
‫البعض منها حسب ما يحدده رئيس المحكمة الذي يمكنه بصفة استثنائية و بموجب قرار معلل تكليفه بادارة المؤسسة كليا أو جزئيا بمساعدة المدين‬
‫أو بدونها ‪ .‬و إذا اقتصرت مهمة المتصرف على المراقبة فلرئيس المحكمة أن يحدد العمليات التي ال تتم إال بامضاء المتصرف القضائي مع‬
‫المدين ‪ ،"....‬يمثل هذا الفصل إعادة صياغة للفصل ‪ 26‬قديم من قانون ‪ 17‬أفريل ‪. 1995‬‬
‫‪ 83‬علي النني‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪ ، 197‬فق ‪. 243‬‬
‫‪ 84‬علي النني‪ ،‬مرجع سابق الذكر ص ‪ ، 197‬فق ‪. 243‬‬
‫‪ 85‬علي النني‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 198‬‬
‫‪ 86‬سماح قوبعة ‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 72‬‬
‫‪ 87‬حمادي الرايد شرح القانون التجاري التونسي اإلجراءات الجماعية ‪ ،‬مجمع األطرش للكتاب المختص ‪ ،‬تونس ‪ ، 2023‬ط ‪،1‬ص ‪ ، 103‬فق‬
‫‪. 213‬‬
‫‪ 88‬قد يحصل ذلك لضرورة ما تحصل في إطار إجراءات التسوية كأن يفر المسير أو يؤاخذ جزائيا بعقوبة سالبة للحرية من أجل إختالسات أو‬
‫غيرها‬
‫‪ 89‬قرار إبعاد المسير عن التسيير يظل إجراء إستثنائيا خوله المشرع لرئيس المحكمة حينما يقرر فتح إجراءات التسوية القضائية التي تبدأ بفترة‬
‫مراقبة و مبنى هذا القول واضح فبرنامج االنقاذ بمواصلة النشاط مدعو لالستمرار في الزمن قد تفوق السبع سنوات فيمون من غير المناسب ومن‬
‫غير الشرعي تعيين متصرف قضائي على المؤسسة يتولى تسييرها بصورة مستمرة خالل كامل مدة اجراء االنقاذ ‪.‬فقرار االبعاد و تعيين‬
‫متصرف قضائي قسرا يقلل من فرص االنقاذ ألنه ليس من المؤكد أن يكون الشخص المعين مؤقتا له القدرات االنسانية و الفنية و التفرغ الكامل و‬
‫ل يس مؤكدا أن يحظى بثقة غير المتعاملين مع المؤسسة و خاصة البنوك الممولة أو المزودين ألجل ‪.‬فإن كان من الالزم تغيير المسيرين فان قرارا‬
‫مثل هذا يجب أن يصدر من داخل الشركة بصورة اختيارية من أصحاب رأس المال‪ .‬المنصف الكشو ‪ ،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ‬
‫المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪،‬ص ‪. 349‬‬
‫‪ 90‬يمكن للقاضي أن يتبين له وجود خلل في التنظيم و التسيير أدى إلى تعطيل سير النشاط و االضرار بالمؤسسة وذلك الرتكاب المسير عدة‬
‫مخالفات في التسيير و الستيالءه على أمالك المؤسسة أو جعل منها واجهة لتحقيق منافع شخصية فانه و بصفة نهائية في هذه الحالة أن يتم إبعاد‬
‫المسير عن مهام التسيير إلى حين البت في مآل التسوية و المصادقة على برنامج إنقاذها من المحكمة‪.‬‬
‫‪ 91‬بموجب الصالحيات المخولة لرئيس المحكمة االبتدائية له أن يسند إدارة المؤسسة بصفة كلية للمتصرف القضائي و يتمتع تبعا لذلك هذا األخير‬
‫بصالحيات استثنائية في إدارة مكاسب المؤسسة االقتصادية بما يخوله اتخاذ ما يراه مناسيا‬

‫‪20‬‬
‫بصفة قطعية أو جزئية و تنقلب تبعا لذلك األدوار فيصبح المتصرف القضائي مسيرا و‬
‫يصبح المسير األصلي مساعدا له أو يتم التخلي عنه تماما و في هذه الصورة األخيرة اعتبر‬
‫فقه القضاء الفرنسي أن المتصرف الذي تولى مهمة اإلدارة بصفة كلية يكون ملزما بكل‬
‫‪92‬‬
‫األعمال و منها الدعوة لعقد الجلسات العامة للمؤسسة‪.‬‬
‫و ينتقد جانب من الفقه توجه محكمة التعقيب الفرنسية على أساس أن المتصرف ال يمكن‬
‫بأي حال أن يتحول إلى مسير يتحمل كل تبعات التسيير و خاصة منها الداخلية للشركة التي‬
‫تبقى محمولة على باقي هياكلها حسب ما ينص عليه قانون الشركات التجارية ‪ .‬و يخلص‬
‫من هذا النقد أنه من المتجه االبقاء على صالحيات المسير في كل ما يخص االتفاقات‬
‫‪93‬‬
‫المتعلقة بعمليات جارية و مبرمة بشروط عادية ‪.‬‬
‫باالضافة إلى ذلك يالحظ بعض الفقهاء التونسيون أن في هذه الحالة ال يمكن اعتبار تنصيب‬
‫المتصرف القضائي ليصبح المسير القانوني للمؤسسة إجراءا عقابيا بقدر ماهو وسيلة وقتية‬
‫و إجراء تحفظي لحماية مصالح المؤسسة من المخاطر التي تتفاقم أو يتعذر تالفي عواقبها‬
‫‪94‬كما يبقى آخر الحلول في التطبيق و يتحفظ القضاء في إسناد هذه الصالحية للمتصرف‬
‫القضائي باعتبار أن المسير األصلي أكثر دراية بعالقات المؤسسة و خصوصيات نشاطها‬
‫لذلك قد يلجأ رئيس المحكمة أكثر إلى حصر صالحيات المسير في أعمال التصرف من قبل‬
‫القضاء لفائدة المتصرف القضائي بدرجة تدوربين الحد األدنى و األقصى فيكون المتصرف‬
‫القضائي مشاركا باضطالعه بمهمة الرقابة على أعمال المسير األصلي‪ .‬فيكون بمثابة خبير‬
‫في التصرف حسب قول محكمة التعقيب‪ 95.‬ويحدد رئيس المحكمة االبتدائية مجال تدخله‬
‫فيحدد أعماال معينة بكل وضوح وتدقيق لتكون من زمرة األعمال التي تدخل في مجال‬
‫رقابة المتصرف القضائي ‪ .‬و يختلف الفقهاء في تحديد ماهية الرقابة و زمنها فالبعض يرى‬
‫أن هذه الرقابة ال تكون إال الحقة على التصرفات التي يتممها المسير أثناء فترة المراقبة و‬
‫ال يمكن تعطيل أي تصرف أو أية عملية يبرمها المسير حتى و إن تبين أنها ال تتالءم مع‬
‫حاجيات المؤسسة و ضمان استمرار نشاطها أو أنها أكثر من ذلك قد تمثل خطورة على‬
‫وضعية المؤسسة و ليس على المتصرف القضائي قانونا في هذه الحالة إال عرض المسألة‬
‫على القاضي المراقب ليبت حاال فيما يختلف فيه المتصرف مع المسير‪ 96‬حسب الفصل‬
‫‪ 443‬م تج ‪97.‬و البعض اآلخر يرى أنه في هذا االطار ال يمكن للمسير إتمام مجموعة‬

‫‪ 92‬و أن تخلفه عن ذلك يقيم في حقه جريمة الفصل ‪ 10- 242‬للمجلة التجارية‪.‬‬
‫‪ 93‬فتقتضي الدواعي العملية عدم حشر المتصرف القضائي في العمليات الجارية اليومية في المؤسسة و هي العمليات التي تتصل‬
‫بممارسة المهنة و التي تتميز بأنها تتكرر بصفة طبيعية في نشاط المؤسسة و منها عمليات االشهار لترويح بيع المنتوج و بيع المنتوج‬
‫بالشروط المعلومة و التي يتم تطبيقها في كل مرة كطريقة الخالص و آجاله و مكان التسليم ‪.‬‬
‫م نصف الكشو‪،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪،‬مرجع سابق الذكر‪،‬ص‬
‫‪. 350‬‬

‫‪ 94‬قرار تعقيبي عدد ‪ 51214‬مؤرخ في ‪ ، 1996 16/ 13‬ن ‪ ، 1996‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 82‬‬
‫‪ 95‬قرار عدد ‪ 63894- 2011‬بتاريخ ‪ 2012-04-24‬تعليق نجاة البراهمي الزواري‪ -‬األخبار القانونية عدد ‪ 189 / 188‬نوفمبر ‪ 2014‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 96‬منصف الكشو‪ ،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪،‬‬
‫ص ‪. 348‬‬
‫‪ 97‬وفي نفس االتجاه يرى البعض اآلخر أن عبارة المراقبة ليس لها معنى قانوني دقيق وهي تفترض على كل حال أن المسير يسير المؤسسة كما‬
‫يشاء ‪ .‬فعلى المتصرف القضائي فقط أن يقيم مدى شرعية و جدوى األعمال الموكول له النظر فيها و األمر و مآل تقييمه مرتبط بمدى قبول‬
‫ال مسير اإللتزام به فالعمل الذي يقوم به المسير يبقى صحيحا مهما كان عدم جدواه لذلك يرون أن الرقابة هي المهمة الدنيا و ما على المتصرف‬
‫القضائي في هذه الحالة إال أن يطلب من رئيس المحكمة تغيير مهمته و الترفيع في سلطاته إذا اعتبر ذلك ممكنا‪.‬ولعل في دنو الرقابة في حالها هذا‬

‫‪21‬‬
‫األعمال المشمولة بالرقابة إال بموافقة المتصرف القضائي و يتم ذلك عمليا باخضاعها‬
‫الجراء االمضاء المزدوج لكل من المسير األصلي و المتصرف القضائي‪.98‬‬

‫وقد يطرح في هذا االطار السؤال التالي ماهو جزاء األعمال التي ال تحمل التوقيعين‪ 99‬و‬
‫إجابة على السؤال التالي هنالك تفرقة ال بد منها فإذا قام المتصرف القضائي بالعمل بمفرده‬
‫يكون العمل متسما باالفراط في السلطة و بالتالي باطال أما إذا قام المسير بالعمل بمفرده‬
‫فيعتبر عمله باطال النعدام السلطة و يتعلق األمر ببطالن مطلق ألن "العمل المنتقد من شأنه‬
‫أن يعرض المصلحة العامة المرتبطة بإنقاذ المؤسسة للخطر " بالنسبة إلى بعض الفقهاء‬
‫اآلخرين العمل الذي يقوم به المسير بمفرده ال يعارض به االجراء الجماعي ‪.‬فيبقى العمل‬
‫صحيحا بين الطرفين لكن الدائن ال يمكنه أن يتمسك بهذا االجراء‪.‬‬
‫ويجب االشارة من بعد عرض كل صور الحد من صالحيات المسير أن رقابة التسيير و‬
‫المساعدة من طرف القاضي قد تدخل عموما سوى في إطار العمليات التي تتضارب مع‬
‫مصلحة المؤسسة و التي تضر بحقوق الدائنين و تلك التي بطبيعتها تخضع للرقابة و‬
‫‪100‬‬
‫التدقيق و المصادقة من طرف هياكل المؤسسة و تلك الممنوعة قانونا ‪.‬‬

‫وترتيبا على ما تقدم يمكن للقاضي‪ 101‬أن يختار من بين هذه الفرضيات الثالث ضمن حدود‬
‫سلطته التقديرية ما يناسب مصلحة المؤسسة بعد دراسة كل الظروف و المعطيات‬
‫الموضوعية و الشخصية لرسم توزيع االختصاص بين المسير و المتصرف القضائي‪ .‬و‬
‫‪102‬‬

‫بطبيعة الحال ال يتم التقدير من قبل القاضي بسهولة فيقوم بدراسة دقيقة لوضعية المؤسسسة‬
‫المعنية و مدى كيفية قدرتها على تجاوز صعوباتها فينظر عموما لسلوك المسير و ظروفه‬
‫الشخصية التي من شأنها أن تؤثر في نجاح أو فشل التسيير خالل فترة المراقبة آخذا في‬
‫ذلك بمعايير الكفاءة و الخبرة و السن و الحالة االجتماعية للمسير األصلي‪ 103.‬لكن القاضي‬
‫في هذا االطار و ان كان حرا في التقدير إال أنه يكون ملزما باثبات صحة تقديره للوقائع‬
‫فعلى رئيس المحكمة أن يصدر قرارا معلال باعتبار أن التوسيع من مهمة المتصرف‬
‫القضائي لها أثر على إدارة المؤسسة عموما‪104.‬و بالرجوع إلى التطبيقات القضائية فان‬
‫التعليل عادة ما يتأسس على ثبوت سوء التصرف أو وجود جرائم في التسيير من اختالس‬

‫حسب رأيهم ضمانة هشة للغير لذلك نص الفصل ‪ 443‬م تج بالفقرة األولى على أنه " إذا اقتصرت مهمة المتصرف على المراقبة فلرئيس‬
‫المحكمة أن يحدد العمليات التي ال تتم إال بإمضاء المتصرف مع المدين"‪ ،‬حمادي الرايد‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫‪ 98‬علي النني‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 198‬‬

‫‪ 99‬المنصف الكشو ‪ ،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪،‬‬
‫ص ‪. 351‬‬
‫‪ 100‬حمادي الرايد‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪، 103‬فق ‪. 213‬‬
‫‪ 101‬حسب الفصل ‪ 440‬م تج يمنع على القاضي تعيين المتصرف القضائي من بين األشخاص الذين الذين تربطهم بالمسير عالقة عائلية أو شغلية‬
‫أو مديونية أوشراكة و يتضح بذلك جليا أن قانون ‪ 2016‬عزز بتميز الطابع الرسمي‪ .‬سماح قوبعة‪،‬مرجع سابق الذكر‪،‬ص‪. 75‬‬
‫فال يجوز حسب الفصل ‪ 440‬م تج " أن يعين متصرفا قضائيا قرين المدين أو أحد أصوله أو فروعه أو أقاربه أو أصهاره لغاية الدرجة الرابعة أو‬
‫من كان أجيرا لديه خالل السنوات الخمسالسايقة الفتتتاح إجراءات التسوية أو أحد دائنيه أو مراقب حساباته‪.‬كما ال يجوز أن يعسن المتصرف‬
‫القضائي من بين األشخاص الذين تربطهم عالقات من نوع ما تقدم بوكيل الشركة أو مديرها العام أو رئيس المدير العام أو أحد أعضاء مجلس‬
‫إدارتها أو أحد أعضاء هيئة إدارتها الجماعية أو مديرها العام الوحيد أو أعضاء مجلس مراقبتها أو بالشريك المتضامن أو بكل شريك‪".‬‬
‫‪ 102‬سماح قوبعة ‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 72‬‬
‫‪ 103‬سماح قوبعة مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 73‬‬
‫‪104‬سماح قوبعة‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 73‬‬

‫‪22‬‬
‫أو غيره من األفعال التي تدل على االضرار بالمؤسسة و تعطيل إخراجها من وضعية‬
‫التعثر إلى وضعية استقرار‪105 .‬و رغم أن المشرع لم يتعرض لذلك لكن يجيز الفقه إمكانية‬
‫إدخال أي تعديل على مهام المتصرف القضائي خالل إجراءات التسوية سواء بالتوسيع أو‬
‫بالتضييق من ذلك يمكن القول أن التضييق من دور المسير قد يتسم بطابع التغير‪ 106‬وعدم‬
‫االستقرار‪ .107‬و يفسر هذا االقرار بقول أن تحديد مهام المتصرف القضائي في أعمال‬
‫المراقبة و المساعدة فقط ال يحول دون القيام من طرف رئيس المحكمة برفع يد المسير و‬
‫تكليف المتصرف القضائي وذلك بناء على أعمال تشخيص و كشف لحقيقة الوضع‬
‫االقتصادي و االجتماعي للمؤسسة و ما يتبين من التقرير األولي الذي يعده المتصرف‬
‫القضائي على معنى الفقرة الثانية من الفصل ‪ 442‬من م تج و يمكن أيضا من جهة أخرى‬
‫الحد من التوسيع في المهام التي عهدها رئيس المحكمة للمتصرف القضائي إذا تبين له أن‬
‫وضع المؤسسة ال يقتضي التدخل في دور المسير األصلي‪ 108.‬لكن ال يجب التسليم بامكانية‬
‫المراجعة ووضوحها من كل جوانبها بما أن األمر يخضع لنقاش حاد بين الفقهاء خاصة من‬
‫حيث شخص مفعلها وطالبها فأما عن مفعلها و استئناسا بالفصل ‪ 443‬يرى البعض أن مهمة‬
‫المراجعة تكون بيد القاضي المراقب‪ 109‬لكن في الواقع من غير المعقول أن تكون لهذا‬
‫األخير مراجعة سلطات حددها بداية رئيس المحكمة لذلك قد يكون من األوجه القول أن‬
‫رئيس المحكمة هو الذي يحدد سلطات المتصرف القضائي حسب البعض من شراح القانون‬
‫‪110‬أما بالنسبة لطالب المراجعة فيمكن القول أنه من األحسن التنصيص على أنه يجوز طلب‬
‫مراجعة تلك السلطات من قبل كل من له مصلحة‪111.‬و إلى جانب ذلك وجب االشارة أن‬
‫مايرد على دور المسير من تضييق ال يمكن أن يشمل دور المسير كممثل قانوني للمؤسسة‬
‫فيظل متمتعا بحق التقاضي في شأنها و القيام بالطعون‪ 112‬و قد أكدت محكمة التعقيب ذلك‬

‫‪ 105‬المنصف الكشو ‪ ،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪ ،‬مرجع سابق‬
‫الذكر‪ ،‬ص ‪. 329‬‬
‫‪ 106‬يتحدث الفقه عن " رفع يد ذي محتوى متغير "‪:‬‬
‫‪Derrida (F), Godé (P), Sortais (J-P), Redressement et liquidation judiciaires des‬‬
‫‪entreprises,Dalloz ,1991,p 73,n° ,95.‬‬

‫‪ 107‬سماح قوبعة‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪،‬ص ‪. 74‬‬


‫‪ 108‬منصف الكشو‪ ،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪،‬مرجع سابق‬
‫الذكر‪،‬ص ‪. 329‬‬
‫‪ 109‬وذلك من خالل مالحظة أن الفصل ‪ 443‬م تج أسند للقاضي المراقب اختصاص و صالحية البت في الخالف دون أية إشارة أو عرض لما‬
‫يمكن أن يتخذه من قرارات و تكون بذلك صالحياته موسعة فيمكنه إدخال تغيير أو تعديل على مهمة المتصرف القضائي فيدخل بذلك تحويرا على‬
‫قرار رئيس المحكمة و ليس في األمر من الناحية القانونية أو الواقعية أية إشكال ألن ما يتخذه القاضي المراقب فيما ذكر خالل فترة المراقبة‬
‫يندرج في الضرورة و الحاجة األكيدة لضمان تحقيق أهداف االنقاذ و المحافظة على مصالح الدائنين و الحد من تخوف هؤالء من تعمد المدين‬
‫التفويت في بعض المكاسب أو توظيف بعض الحقوق العينية عليها أو خالص بعض الدائنين و تفضيلهم على البقية ‪ .‬ولكن يجب أن تبقى‬
‫التعديالت و التحويرات التي يأذن بإدخالها على تصرفات المسير مرتبطة بمهمة المراقبة و التصرف و ال تخرج عن االطار القانوني لمهام‬
‫المتصرف مثلما بينها الفصل ‪ 443‬من م تج ‪ .‬منصف الكشو‪ ،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫دراسة نظرية و تطبيقية‪،‬مرجع سابق الذكر‪،‬ص‬
‫‪ 110‬حمادي الرايد ‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪،102‬فق ‪. 212‬‬
‫‪ 111‬حمادي الرايد ‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪،102‬فق ‪. 212‬‬
‫‪ 112‬فمهام المتصرف القضائي و إن توسعت في االدارة و التصرف فانها ال تعطيه صفة الممثل القانوني للمؤسسة الخاضعة للتسوية ذلك أن مهمة‬
‫االدارة و التصرف يجب أن تحترم االلتزامات القانونية و التعاقدية المحمولة على المسير منصف الكشو‪ ،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ‬
‫المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪،‬مرجع سابق الذكر‪،‬ص ؛ يسمح الفصل ‪ 562‬م تج بالطعن في القرارات‬
‫الصادرة عن رئيس المحكمة في التسوية القضائية طبق االجراءات المنصوص عليها بم م م تج في مادة األذون على المطالب كما يسمح الفصل‬
‫‪ 564‬م تج للمسير الطعن باالستئناف في األحكام الصادرة في مادة التسوية القضائية في أجل عشرين يوما من تاريخ نشرها بالرائد الرسمي‬
‫للجمهورية التونسية‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫في إطار قرار لها بتاريخ ‪ 05‬أفريل ‪ .113 2005‬وعليه يمكن للمسيرين الطعن في حق‬
‫الشخص المعنوي فيما يصدر من أحكام تحدد برنامج إنقاذه كما يمكنهم تشغيل هياكل‬
‫الشركة و خاصة استدعاء الجلسة العامة العادية ‪ .‬لكن قد يصعب الحديث عن الجزم بهذا‬
‫اإلقرار في صورة إبعاد المسير عن دائرة التسيير أو إذا تم إسنادها كليا لمتصرف قضائي‬
‫فيبرز في ذلك اتجاهين يرى اتجاه أول أن االبعاد ال يعني عزل المسير األصلي و بالتالي‬
‫فإن صفة الوكيل تظل باقية و يمكن القول في هذه الصورة أنه وقع تعليقها بصورة‬
‫حصرية في خصوص تسيير المؤسسة خالل فترة المراقبة أو لغرض تنفيذ برنامج االنقاذ‬
‫بمواصلة النشاط و خالل مدته‪ .‬فقرار المحكمة في إبعاد الوكيل و إسناد التسيير للمتصرف‬
‫القضائي ال يمكنه أن يكون ذو نطاق مطلق و ال يؤدي إلى الحيلولة دون ممارسة المؤسسة‬
‫بقية " حقوقها الخاصة بها" بواسطة وكيلها القانوني طالما كانت هذه الحقوق ال تدخل في‬
‫نطاق تسيير المؤسسة ‪ 114‬و ليس لها تأثير على حسن سير المؤسسة ببرنامج االنقاذ بل أنها‬
‫تساعد أكثر على نجاحه لما تتيحه من مراقبة لعمل المتصرف القضائي‪ 115.‬كما ال يمكن‬
‫إنكار حق المسير األصلي الذي تم استبعاده في ممارسة الطعون في القرارات التي قد تتخذ‬
‫ضد الشركة حتى اليؤول األمر إلى انتزاع حقيقي لحق ملكية المؤسسة من طرف أصحابها‬
‫الشرعيين‪ .‬و لعل هذا االتجاه يتماشى في رؤيته مع مايعطيه القانون للممثل القانوني‬
‫للمؤسسة من سلطة القيام في حق الشركة و ممارسة الطعون و الدعاوى الداخلة في‬
‫إجراءات التسوية القضائية كطلب تعويض المتصرف القضائي أو القيام في حقها لطلب‬
‫إعادة الوكالء في التصرف في صورة ما إن ظهر أمر جديد يساعد على تنفيذ برنامج‬
‫االنقاذ و لهم عند االقتضاء ممارسة الطعون المتعلقة بالقرارات التي يتخذها القاضي‬
‫المراقب في نطاق تنفيذ برنامج االنقاذ‪116 .‬أما االتجاه الثاني فيرى أن إعطاء سلطة‬
‫االدارة و التسيير للمتصرف القضائي تعتبر بمثابة رفع اليد للمسيرين سيما و أن تأكيد‬
‫المشرع على إشهار و إبعاد المسيرين األصليين بالفصلين ‪ 27‬و ‪ 28‬من نظام االنقاذ دليل‬
‫في إتجاه إعالم الغير في عدم قدرة المسير على تمثيل المؤسسة في صورة رفع يده و‬

‫‪ 113‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 8423- 2005‬بتاريخ ‪ 5‬أفريل ‪ ": 2005‬حيث أنه إلى جانب المهنة األساسية الموكولة بموجب القانون للمتصرف‬
‫القضائي و المتمثلة في إعداد برنامج االنقاذ فقد أوكل له مهمة التسيير الكلي و التسيير ال يشمل التمثيل الذي يبقى من صلوحيات رئيس مجلس‬
‫االدارة ذلك أنه ال تمثيل بدون نص قانوني أو وكالة خاصة ‪ "....‬راجع حول هذا القرار‪ ،‬منصف الكشو ‪ ،‬المرونة و الواقعية في االنقاذ ‪.‬قراءة في‬
‫قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات إقتصادية ‪،‬سوجيك صفاقس‪،2011.‬ص ‪. 171‬‬
‫‪ 114‬فقرار إبعاد المسيرين مثال يتحدد نقاطه فقط في تسيير المؤسسة أي في العالقة مع الغير سواء كانوا مزودين أو حرفاء أو في العالقة داخل‬
‫المؤسسة أي في تنظيم حلقة االنت اج و تسيي العملة و مراقبتهم و أما ماعدى ذلك فهو يبقى من صالحيات وكيل الشركة يمارسه بصفة عادية أو‬
‫على األقل بصفة متوازية مع المتصرف القضائي و هو يمثل حقوقا خاصة‪ .‬منصف الكشو‪ ،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات التي‬
‫تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪،‬مرجع سابق الذكر‪،‬ص ‪. 366‬‬
‫‪ 115‬فإذا كان المبدأ أن تواصل المؤسسة نشاطها بواسطة ممثلها القانوني تحت رقابة مراقب التنفيذ فإن إبعاد الممثل القانوني عن التسيير حق‬
‫المراقبة و الطعن و يبقى في األخير حقا غير قابل لالستئصال لكونه امتداد لحق أساسي و هو حق الملكية‪ .‬منصف الكشو‪ ،‬قانون االجراءات‬
‫الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪،‬مرجع سابق الذكر‪،‬ص ‪. 367‬‬
‫‪ 116‬منصف الكشو ‪ ،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية ‪،‬مرجع‬
‫سابق الذكر‪ ،‬ص ‪.367‬‬

‫‪24‬‬
‫تعويضه بالمتصرف و قد أخذت بهذا الرأي محكمة االستئناف بتونس ‪ 117‬و كذلك محكمة‬
‫‪118‬‬
‫التعقيب بأحد قراراتها‪.‬‬
‫لكن يبدو أن فقه القضاء عموما متجه نحو نفي صفة تمثيل للمتصرف القضائي و تثبيتها‬
‫لفائدة للمسير األصلي ‪ 119‬إذ أقرت محكمة التعقيب بأن المتصرف القضائي ال يعد ممثال‬
‫قانونيا للشركة حتى و إن أوكلت له مهمة التسيير الكلي ألن التسيير ال يشمل التمثيل إذ يبقى‬
‫التمثيل من صالحيات رئيس مجلس االدارة المكلف بذلك باعتباره مسيرا‪120.‬و قد تم‬
‫االستقرار على هذا الموقف فقد بينت أن االبعاد ال يمكن أن يؤول إلى نزع صفة الممثل‬
‫‪121‬‬
‫القانوني على المسير و أن مهمة المتصرف االقضائي تظل محددة في مدتها و مداها‪.‬‬
‫وقد عززت محكمة التعقيب الفرنسية هذا الموقف و اعتبرت أن المسير يتمتع بحق شخصي‬
‫يخوله ممارسة الطعن باالستئناف ما لم ينص القانون األساسي على خالف ذلك أو اتخذت‬
‫‪122‬‬
‫الجلسة العامة للشركاء موقف يمنع الممثل القانوني من ممارسة حق الطعن‪.‬‬

‫إلى جانب ما قد تقدم قد يتم إقصاء المسير تماما من دائرة التصرف في إطار طلب من‬
‫الشركاء يرغبون على أساسه عزل المسير خالل فترة المراقبة حسب بعض الفقهاء إذ‬
‫اليوجد أي مانع في أن يطلب الشركاء عزل المسير‪ 123‬و تسمية متصرف قضائي محله‬
‫يدعو لعقد جلسة عامة تبت في تسمية وكيل و اليوجد تضارب في ذلك بين مهام المتصرف‬
‫المكلف باعداد برنامج االنقاذ و مهام المتصرف المعين قضائيا الدارة الشركة ‪ 124.‬لكن‬
‫تختلف اآلراء في شأن القاضي المختص بالنظر في الطلب فان كان الرأي األول يقول‬

‫‪ 117‬اعتبرت محكمة االستئناف بتونس أن المسير الذي صدر قرار في إبعاده عن دائرة التسيير من طرف المحكمة ال يمكنه الطعن في حكم القاضي‬
‫بإحالة المسير إلى الغير على أساس انعدام الصفة لديه في ذلك بمقولة أن الممثلين القانونيين للمؤسسة التي تمر بصعوبات قد زالت عنهما تلك‬
‫الصفة بصدور قرار إبعادهما من التسيير ‪ .‬قذ ذكر محتوى هذا القرار ‪( :‬منصف الكشو‪ ،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات‬
‫التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪،‬مرجع سابق الذكر‪،‬ص ‪).‬لكن لم يذكر عدد القرار أو تاريخه‪.‬‬
‫‪ 118‬وذلك في مادة التفليس فرفضت الطعن بالتعقيب شكال الذي تم رفعه من طرف الممثل القانوني للشركة المفلسة قوال بأنه من المعلوم أنه يترتب‬
‫عن الحكم بالتفليس زوال الصفة في التقاضي لدى الشركة المفلسة و يحل محلها سواء كانت طالبة أو مطلوبة أمين الفلسة وفقا للفصل ‪ 457‬من‬
‫المجلة التجارية ‪ .‬وهي مسألة إجرائية أساسية متصلة بالصفة في التقاضي و تثيرها المحكمة من تلقاء نفسها و تعتبر أنه من النظام العام االجرائي‬
‫مقاضاة المفلسة في شخص أمين الفلسة و قد ورد الطعن مختال من وجهته الشكلية ألن مطلب التعقيب لم يرفع من أمين الفلسة و إنما من الممثل‬
‫القانوني للشركة في حين أن صفته قد زالت‪ .‬منصف الكشو‪ ،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪ .‬دراسة نظرية و تطبيقية‪،‬مرجع سابق الذكر‪،‬ص ‪ . 368‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 66817/2011‬مؤرخ في ‪ ( 2012/01/3‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ 119‬منصف الكشو‪،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪،‬مرجع‬
‫سابق الذكر‪،‬ص ‪. 369‬‬
‫‪ 120‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 2005/8423‬في ‪ ( 2006/4/5‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ 121‬منصف الكشو‪،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪،‬مرجع سابق‬
‫الذكر‪،‬ص ‪. 369‬‬

‫‪122‬‬
‫‪Cass com,15 December 2009 ;n°08-21-235 Bull civ IV,n°169,D2010,p11.‬‬
‫‪ 123‬ال يمكن أن يحرم الشركاء من ممارسة حقوقهم و القيام بواجباتهم باعتبارهم أطراف فاعلون في المؤسسة في طور التسوية أو غيره‪.‬فلهؤالء‬
‫المبادرة باالشعار ببوادر الصعوبات االقتصادية طبق الفصل ‪ 419‬م تج و إنقاذ المؤسسة بتقديم مجهودات إضافية بضخ أموال جديدة أو المساهمة‬
‫في الترفيع في رأس مال المؤسسة أو إقراضها أمواال تكون سيولة مالية في التصرف كما أن لهؤالء التدخل في إدارة المشترك على معنى القانون‬
‫العام بالفصول ‪ 63‬و مابعده م ح ع ‪ .‬و لذلك فان قيام الشركاء كأطراف فاعلة في المؤسسة أمر جائز حتى و إن كانت تحت نظام التسوية‬
‫القضائية‪ .‬منصف الكشو‪ ،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪،‬مرجع سابق‬
‫الذكر‪،‬ص ‪. 358‬‬
‫‪ 124‬منصف الكشو‪،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪،‬مرجع‬
‫سابق الذكر‪،‬ص ‪. 358‬‬

‫‪25‬‬
‫بامكانية تعهد القاضي االستعجالي ألن تدخل القاضي االستعجالي في هذا االطار لتكليف من‬
‫يدعو إلى جلسة عامة تبت في عزل الوكيل هو ضمان الستمرارية تسيير المؤسسة بنزاهة‬
‫و شفافية و لتثبيت الهياكل المالءمة و الناجعة و النافعة للمؤسسة دون إبقاء الطرف الذي‬
‫ارتكب مخالفات تسيير أو استولى على أمالك الشركة و أضر بالشركة بما جعلها تمر‬
‫بصعوبات اقتصادية و بذلك فان تدخل القاضي االستعجالي جائز لتدارك إخالالت التسيير‬
‫‪125‬و قد تبنت محكمة التعقيب ذلك في إطار قرار لها بتاريخ ‪. 126 2012 /04 /24‬اال أن‬
‫هناك رأي ثان بقول بالنفي نظرا الكتساء قواعد قانون االنقاذ بالصبغة اآلمرة سيما منها‬
‫المتعلقة بتسيير المؤسسات االقتصادية التي تمر بصعوبات اقتصادية‪ .‬فأحكامه تتعلق بالنظام‬
‫العام االقتصادي‪ 127‬بما يقصي تطبيق أحكام م‪.‬ش‪.‬تج فتكون محكمة االنقاذ هي وحدها‬
‫المختصة في هذا المطلب‪128.‬واليمكن للقاضي االستعجالي أن يتدخل في سير المؤسسة‬
‫خالل فترة المراقبة‪ 129.‬لكن تظل إمكانية عزل المسير بطلب من الشركاء في ذاته قابال‬

‫‪ 125‬و ال يتعارض هذا األمر مع صالحيات المتصرف القضائي المكلف بإعداد برنامج االنقاذ بموجب قرار رئيس المحكمة في فتح‬
‫إجراءات التسوية القضائية ألن هذا األخير ال يمثل الشركة بل يمثلها مسيرها فال يصبح المتصرف القضائي حتى و إن تولى أعمال‬
‫االدارة ممثال قانونيا لها و بالتالي فان ضرورة تمثيل الذات المعنوية للمؤسسة االقتصادية إن كانت على شكل شركة يقتضي تدخل‬
‫القاضي االستعجالي لعزل المسير المخالف و تكلبف المتصرف قضائي إخر بمهمة التسيير و الدعوة لجلسة عامة للنظر في جدول‬
‫معين‪ .‬كما أن صالحيات كل منهما ال تتعارض بل تتكامل ذلك أن االتحاد في التسمية ال يعني أبدا االتحاد في الصالحيات و تداخلها‬
‫فإما أن يتعاونا على تسيير المؤسسة و إدارتها أو أن تبقى للمسير المكلف استعجاليا تنفيذ المهمة المكلف بها ال غير‪ .‬منصف‬
‫الكشو‪،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪،‬مرجع سابق‬
‫الذكر‪،‬ص ‪. 359‬‬

‫‪ 126‬وقد ورد على لسان المحكمة التالي" إخضاع المؤسسة إلى التسوية ال يحول دون تطبيق مقتضيات مجلة الشركات التجارية و ال يمنع الشركاء‬
‫أو المساهمين في تفعيل كل االجراءات الحمائية لمصالحهم االقتصادية و السياسية و في ممارسة حقوقهم في االطالع و االستغالل و المراقبة عند‬
‫االقتضاء لكل قرارات المسير للتعرف من مدى ضرورتها و نجاعتها و ذلك بالرجوع إلى القاضي االستعجالي لطلب تسمية خبير تصرف و ال‬
‫يمنع أيضا من اللجوء إلى القاضي االستعجالي وفق الفصل ‪ 127‬م ش تج لطلب تكليف متصرف يدعو لجلسة عامة تنظر في عزل الوكيل حتى‬
‫وإن كانت المؤسسة في حالة تسوية قضائية " و هذه الحيثية مأخوذة من قرار عدد ‪ 63849-2011‬بتاريخ ‪ 24‬أفريل ‪ 2012‬تعليق نجاة البراهمي‬
‫الزواري األخبار القانونية عدد ‪ 189 – 188‬نوفمبر ‪ 2014‬ص ‪ . 22‬و قد تم ذكر القرار من قبل منصف الكشو في المرجع المذكور ص ص‬
‫‪ 362‬و ‪. 363‬‬
‫‪127‬‬
‫‪MELEDO-BRIAND (D), »Procedures collectives et droit économique.l’exemple francais,RIDE,1994,n°2,p265.‬‬
‫‪CHAMPAUD (C),Rapport de synthése au colloque « Entreprise en difficultés économiques et‬‬
‫‪concurrence »,RIDE,1995,n°2 ,p343.‬‬
‫‪ 128‬منصف الكشو‪،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪،‬مرجع‬
‫سابق الذكر‪،‬ص ‪. 361‬‬

‫‪ 129‬ردا على هذا الرأي يرى البعض أن "صالحيات محكمة االنقاذ تتمثل في إخراج المؤسسة من وضعية التعثر إلى وضعية‬
‫االستقرار وفق برنامج معين تصادق عليه المحكمة حسب الفصل ‪ 453‬من م تج و تقتصر صالحياتها بشأن التسيير على إبعاد‬
‫المسير عن االدارة و ليس لها أن تعزله إذ هي في أقصى الحاالت و عند وجود جريمة إختالسات أو جرائم التسيير فإنها تفعل‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 448‬م تج في طلب تدخل النيابة العمومية للتقاضي استعجاليا لنصب االئتمان على مكاسب المسير المشتبه و ليس‬
‫من اختصاصها البت في ذلك بصريح الفصل‪ 448‬المذكور و هو أمر منطقي ألنها غير متعهدة بخصومة قضائية بالمعنى التقليدي‬
‫للكلمة "مواجهة قضائية لغاية استصدار حكم" ز إنما هي تتابع إجراءات إنقاذ محصورة في الزمن و من المفروض أن تسترجع بعدها‬
‫هياكل المؤسسة صالحياتها عند المصادقة على البرنامج –إن كان‪ -‬و لتتولى تنفيذه بمراقبة مراقب التنفيذ و يتبين مما تقدم أن حسب‬
‫هذا الرأي ال يجوز لمحكمة االنقاذ النظر في عزل الوكيل ألن ذلك يخرج وفق ما تم بيانه عن اختصاصها من جهة‪ ،‬و من أخرى فإن‬
‫عزل الوكيل يقتضي التقاضي و المواجهة و ال يمكن لمحكمة االنقاذ أن تنتصب للبت في ذلك كما أنه و بقراءة شاملة لنظام االنقاذ‬
‫يتبين أنها ال تتعهد بالخالف كلما اقتضى األمر تفعيل القواعد الكالسيكية في التقاضي فهي مثال تحفظ على معنى الفقرة األخيرة من‬
‫الفصل ‪ 445‬م تج حق الدائن في المطالبة بدينه قضائيا أمام الهياكل القضائية المختصة بقطع النظر عن تعطيل التتبعات المنصوص‬

‫‪26‬‬
‫للنقاش حسب شق آخر من الفقهاء خاصة و إن تم تأسيس القول على المصلحة التي جاء‬
‫القانون لحمايتها‪130 .‬فترجيح المصلحة العامة يؤول إلى تغيير الطريقة القيادية للمؤسسة‬
‫باعتماد التخصص و الكفاءة و الدقة في العمل و القدرة على التسيير بمنأى عن المصلحة‬
‫الخاصة للشركاء أما ترجيح المصلحة الخاصة قد يغلب عليه طابع شخصي ذاتي بين‬
‫الشريك و المسير من ذلك قد يتم الوصول إلى النتيجة التالية و هو اتفاق الشركاء على إبعاد‬
‫المسير رغم توفر كل الشروط و المؤهالت في المسير التي تجعل من بقاءه في المؤسسة‬
‫سببا مساهما في تحقيق االنقاذ‪.‬‬
‫و لعل المسير من كل ما تقدم يبدو متأثرا في إطار إجراءات االنقاذ بالنظر لدوره‬
‫باعتبارأنه يتعرض لتقليص مختلف المدى حسب الحال إال أن تأثير إجراءا االنقاذ على‬
‫المسير ال يقف إلى هذا الحد فقد يكون مجال التأثير أوسع و أكبر في حاالت معينة‪.‬‬

‫عليها بالفصل ‪ 449‬م تج إذا تبين لها أن الدين فير مدعم و ال يمكن ترسيمه" منصف الكشو‪،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ‬
‫المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪،‬مرجع سابق الذكر‪،‬ص ص ‪. 360 359‬‬

‫‪ 130‬سماح قوبعة ‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 75‬‬

‫‪27‬‬
‫الجــــــــــــزء‬

‫الـــــثانـــــي‬

‫‪28‬‬
‫الجـــــزء الثانـــــــــي‪ :‬أثر إجراءات االنقاذ على المسير‬
‫لضمان تحقيق الهدف األساسي لإلجراءات الجماعية في صبغتها الحديثة وهو االنقاذ ال بد‬
‫من خلق مجال يكسوه التعاون بين مختلف األطراف حتى نضمن تحقيق هذه الغاية إال إن‬
‫واقع المؤسسة يشهد ال محالة بعض العراقيل التي قد تتجسد في األخطاء المرتكبة من قبل‬
‫مسيري الشركة خالل فترة اإلنقاذ و باعتبار أن القاعدة القانونية تقتضي أنه ليس ألحد أن‬
‫ينتفع من خطئه فاألصل أن يتحمل المخطئ تبعات أخطائه‪ 131‬و يختلف هذا التحمل‬
‫باختالف الخطأ لذلك توجد آثار تترتب عند ارتكاب المسير ألخطاء خالل فترة اإلنقاذ إذ‬
‫هناك آثار تنسحب على شخص المسير (فرع أ) و كذلك أثر يلحق ذمته المالية (فرع ب)‪.‬‬

‫أثر إجراءات االنقاذ على شخص المسير‪:‬‬ ‫أ‪/‬‬


‫إن المبدأ العام يقتضي؛ أن العمل في ميدان التجارة حر و بالتالي لكل شخص الحق في‬
‫امتهان العمل التجاري و تسيير إدارة المؤسسات اإلقتصادية مع غياب تام ألي إقصاء و‬
‫إن هذا المبدأ يستند إلي الفصل ‪ 5‬من م إ ع الذي ينص على أن " كل شخص أهل لاللتزام و‬
‫اإللزام " و بتالي يجوز لكل شخص أن يمارس النشاط التجاري‪ ،‬لكن الجدير بالذكر أن‬
‫ممارسة النشاط التجاري ليست مطلقة إذ تحكمها ضوابط موضوعية متصلة بالنظام العام‬
‫األخالقي و اإلقتصادي ؛ فعلي المستوي األخالقي نجد النشاط التجاري مقيد بمشروعية‬
‫السبب إذ يمنع المشرع التونسي كل تعاقد يكون سببه غير مشروع و مخالف األخالق‬
‫‪132‬‬
‫الحميدة على معني الفصل ‪67‬من مجلة االلتزامات و العقود‪.‬‬
‫لذلك فإنه يجوز إبطاله و كذلك إيقاف كل نشاط تجاري يمس بالنظام العام األخالقي‪ ،‬أما‬
‫علي المستوي اإلقتصادي ال تعني حرية العمل التجاري االحتكار و المضاربة ‪133‬و الجدير‬
‫بالذكر أن التذكير بهذا المبدأ له أهمية تذكر ألن المسير عند ارتكابه لألخطاء يكون‬
‫قد تجاوز كل الضوابط التي تحكم المبدأ ؛ إذ يرتكب المسير في الشركات التجارية أخطاء‬
‫في التصرف و اإلدارة و نذكر من بين هذه األخطاء ؛ التعسف في استعمال مكاسب الشركة‬
‫لفائدته الخاصة كذلك عدم تجنب المسير إلحاق الضرر بالشركة و من بين األخطاء الشائعة‬
‫إبرامه إلتفاقات مع الشركة لنفسه دون مراعاة مصلحة الشركة أو كذلك مخالفته أحكام و‬
‫قواعد االتفاقات التي تربط المسير بالشركة على معنى الفصل ‪ 200‬من مجلة الشركات‬
‫التجارية ‪ 134‬أو كذلك قيام المسير باختالس بعض المكاسب و بصفة عامة ارتكابه لكل‬
‫األفعال المخالفة للقانون المتعلق بتسيير الشركة‪ ،‬مانالحظه من خالل جل هاته األمثلة أن‬
‫خطأ المسير قائم باألساس علي تحقيق و تغليب مصلحته الشخصية على حساب مصلحة‬

‫‪ 131‬منصف الكشو ‪" ،‬أثر التسوية القضائية على مسيري الشركات التجارية" ‪ ،‬المجلة القانونية التونسية‪ ،‬ديسمبر ‪، 2012‬صفحة ‪. 181‬‬
‫‪ 132‬الفصل ‪ 67‬من م إ ع ينص على أن " االلتزام المبني على غير سبب أو على سبب غير جائز ال عمل عليه والسبب غير جائز عبارة عما‬
‫يخالف القانون و األخالق الحميدة أو النظام العام‪".‬‬
‫‪ 133‬منصف كشو‪،‬أثر التسوية القضائية على مسير الشركة ‪ ،‬مقال سابق الذكر‪،‬صفحة ‪. 192‬‬
‫‪ 134‬ينص الفصل ‪ " 200‬ا‪-‬تجنب تضارب المصالح على مسيري الشركة خفية االسم أن يحرصوا على تجنب كل تضارب بين مصالحهم الشخصية‬
‫و مصالح الشركة و أن تكون شروط العمليات التي يبرمونها مع الشركة التي يسيرونها عادلة‪ .‬و عليهم أن يصرحوا كتابة بما لهم من مصالح‬
‫مباشرة أو غير مبا شرة في العقود أو العمليات التي تبرم مع الشركة أو أن يطلبوا التنصيص على ذلك في محاضر اجتماعات مجلس اإلدارة‪".‬‬

‫‪29‬‬
‫المؤسسة مما يؤدي دون شك إلى إلحاق اضرار فادحة تؤدي إلي منعها من مواصلة نشاطها‬
‫و من جهة اخري تهدد األخطاء المرتكبة من قبل المسير حقوق الدائنين‪.‬‬

‫كما تجدر اإلشارة أن األخطاء التي يرتكبها المسير خالل إجراءات اإلنقاذ خطيرة جدا و‬
‫تفسر هذه الخطورة بأنه قد تصاحب خالل كامل فترة المراقبة اجراءات المصاحبة فقبل‬
‫الوصول إلى اعتماد برنامج االنقاذ المتضمن لحلول االنقاذ ال يمكن تغافل إمكانية تدهور‬
‫الحالة االقتصادية للمؤسسة بقدر قد يجعل برنامج االنقاذ بدون معنى لوصوله متأخرا بعد أن‬
‫استفحلت الصعوبة االقتصادية و أدت شدتها إلى الخروج من منطق االنقاذ أصال والولوج في‬
‫مرحلة الفلسة و للتوقي من هذه المخاطر الجدية وجب اتخاذ جملة من االجراءات المصاحبة‬
‫التي تكون في شكل مساعدة تضمن استمرار نشاط المؤسسة خالل فترة المراقبة و عدم تفاقم‬
‫صعوباتها االقتصادية وتتعلق هذه االجراءات أساسا بالمحافظة على السير الطبيعي للمؤسسة‬
‫بقدر االمكان من خالل التحجير على المدين القيام ببعض التصرفات ؛ و إن إستعمال‬
‫المشرع لمصطلح التحجير في ميدان الشركات التجارية ليس حديثا في التشريع التونسي في‬
‫مادة الشركات التجارية إذ نص عليه منذ أن كان تنضيم الشركات التجارية في مجلة‬
‫االلتزامات و العقود اذ نص الفصل ‪ 1327‬على التحجير من ممارسة التجارة و‬
‫بالتالي فإن هدف هذه التحجيرات؛ المحافظة على االنقاذ و ما قد يترتب عن أعمال المدين‬
‫من مساس باستمرارية نشاط المؤسسة ‪.‬‬
‫لذلك نجد المشرع أوال يمنع المسير من القيام ببعض األعمال لما لها من خطورة علي عملية‬
‫اإلنقاذ و" تكمن هذه الخطورة في استشعار المدين لسيره الحثيث لالندثار األمر الذي قد‬
‫يشجعه على التفويت في أصوله بأثمان زهيدة أو بمحاباة في تصرفاته تجاه دائينيه وهي‬
‫اعمال مضرة ال فقط بدائنيه بل امكانية إنقاذ المؤسسة من الصعوبات التي يتخبط فيه " تتعلق‬
‫بتبديد أصولها و لغلبة الظن بالمحاباة فيها مما يخرق أساسا من أسس االجراءات الجماعية‬
‫المتمثل في المساواة بين الدائنين و يبدأ التحجير من تاريخ التوقف عن الدفع و الجدير بالذكر‬
‫أن هذا التحجير رتب المشرع عن مخالفته بطالن األعمال التالية ؛ التبرعات و‬
‫التفويتات دون عوض باستثناء الهدايا الزهيدة المعتدة‪ ،‬كل وفاء بديون لم يحل اجالها‪ ،‬كل‬
‫أداء بعوض عيني من الملتزم أو كل وفاء بديون نقدية حل أجلها بغير نقود أو كمبياالت أو‬
‫سندات األمر‪ ،‬توظيف رهن عقاري و ترتيب توثقه لضمان دين سابق عليه و تسقط دعوى‬
‫البطالن بمضي سنتين من تاريخ حكم التسوية‪ 135‬و باإلضافة إلى ذلك يحدد المشرع سلطات‬
‫المدين بأن حجر عليه بعض األعمال التي يمكن أن تؤدي إلي تعطيل أو إفشال عملية اإلنقاذ‬
‫و الجدير بالذكر أن هذا التحجير يعتبر من قبيل اإلحتياط من أي تجاوزات من طرف المدين‬
‫و يتعلق األمر أساسا بالممتلكات المهمة للمؤسسة و المرتبطة بوسائل اإلنتاج فيها و ذلك من‬
‫خالل اشتراط الحصول على إذن مسبق من المحكمة للقيام بأعمال قانونية تتعلق بها ‪.‬‬
‫فقد جاء بالفقرة الثالثة من الفصل ‪ 455‬من المجلة التجارية أنه ال يجوز للمدين خالل فترة‬
‫تنفيذ برنامج مواصلة النشاط و دون الحصول علي اذن من المحكمة ؛ أن يفوت في األصول‬
‫الثابتة المسجلة في موازنة المؤسسة ‪ ،‬أن يرهن األصول الثابتة المسجلة في موازنة المؤسسة‬
‫كما أضافت الفقرة الرابعة من نفس الفصل أنه للمحكمة أن تتوسع في دائرة المنع لتشمل‬

‫‪ 135‬علي نني ‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪. 214‬‬

‫‪30‬‬
‫أصوال اخرى غير الثابتة أو األصول الثابتة غير المسجلة في الموازنة و تتعلق األصول‬
‫الثابتة باألموال العقارية أو المنقولة األقل سيولة في الموازنة كالعقارات ‪ ،‬حكمية أو طبيعية‬
‫و كذلك بعض المنقوالت كاألصول التجارية أو براءات االختراع أما األصول غير الثابتة‬
‫فهي باألساس األصول المتحولة كالسلع و المواد األولية و األوراق التجارية و بالتالي يكون‬
‫المنع مباشرا كلما تعلق األمر باألصول الثابتة و غير مباشر كلما تعلق األمر باألصول الغير‬
‫الثابتة إذ يمكن مثال لرئيس المحكمة أن يقرر أن بيع المساهمات التي تملكها المؤسسة ممنوع‬
‫إال بإذن من المحكمة و يتعلق األمر باألسهم و األوراق المالية المكونة لمحفظة االستثمارات‬
‫و الجدير بالذكر أن المنع واجب اإلشهار من طرف مراقب التنفيذ بالرائد الرسمي و بسجل‬
‫‪136‬‬
‫الوطني لمؤسسات و برسوم الملكية بالسجالت العمومية األخرى‬
‫و في صورة قيام المدين بهذه األعمال الممنوعة دون حصوله على اذن من المحكمة يترتب‬
‫بطالنها في إطار دعوي قضائية تتقادم بأجل ثالث سنوات من تاريخ القيام بالعمل ‪ 137‬و البد‬
‫من اإلشارة أنه رغم حرص المشرع التونسي على مسألة إشهار المنع إال أن المدين قد يعمد‬
‫إلى تجاوز قرار المنع و لذلك حدد المشرع الجزاء بالفصل ‪ 443‬من مجلة التجارية إذ اعتبر‬
‫أنه يعد كل تفويت تم خالف للمنع باطل‪. 138‬‬
‫و الجدير بالذكر أنه باإلضافة إلي تحجير القيام ببعض األعمال نجد كذلك التحجير عن‬
‫مباشرة األنشطة التجارية كأثر من آثار التسوية القضائية و هي عقوبة تكميلية تسلط على‬
‫مسيري الشركة باالستناد إلي الفصول ‪ 214‬و ‪ 139 215‬و الفصل ‪ 121‬فقرة أولى م‪.‬ش‪.‬ت‬
‫يمكن للمحكمة التي قضت بسد العجز " أن تحجر على المحكوم عليه مباشرة تسيير‬
‫الشركات أو مباشرة نشاط تجاري لمدة يحددها الحكم و هي نفس العبارات التي استعملها‬
‫المشرع في الفصالن ‪ 214‬و ‪ 215‬من نفس المجلة إذا تعلق األمر بشركة خفية االسم و قد‬
‫اعتبرت المحكمة االبتدائية بصفاقس في حكم ابتدائي تجاري عدد ‪ 5845‬صادر في ‪ 26‬ماي‬
‫‪ 2009‬عن المحكمة االبتدائية بصفاقس أن أساس التحجير يستند إلى ما ينسب للمسير من‬
‫أخطاء في التصرف و اإلدارة و الحقيقة أن األمر متعلق بجزاء يسلط على المسير على‬
‫أساس مسؤليته المفترضة عن العجز في األصول غير أنه طالما كان األمر متروكا الجتهاد‬
‫المحكمة فإنها مبدئيا ال تقضي بالتحجير إال إذا اثبت أن المسير قد ارتكب خطأ في التسير‬
‫‪140‬‬
‫حتى و إن لم تصرح المحكمة بذلك صراحة‬
‫و بهذا نستنتج أنه من الثابت أن للقاضي سلطة تقديرية في تسليط العقوبة يستمدها مما انتهت‬
‫إليه اعمال التسوية القضائية التي تبرز من تقارير المتصرف القضائي أو الخبير في‬
‫التشخيص و الجدير بالذكر أن هذه العقوبة التي تمس من شخص المسير نضمها المشرع‬
‫الفرنسي بالفصل ‪ 128‬من المجلة التجارية و تشمل هذه العقوية كل أعمال اإلدارة و‬
‫التصرف و ا لجدير بالذكر أن المشرع التونسي كان يعتبر التحجير سبب من أسباب انحالل‬
‫الشركة فإنه في قانون ‪ 16‬مارس ‪ 2009‬اعتبره عقابا و مؤاخذة تكميلية لعقوبة أصلية‬

‫‪ 136‬علي نني‪،‬مرجع سابق الذكر ص ‪. 222‬‬


‫‪ 137‬الفصل ‪ 455‬فقرة قبل اخيرة " ويسهر مراقب التنفيذ على إشهار المنع بارائد الرسمي للجمهورية التونسية و ترسيمه بالسجل التجاري و برسوم‬
‫الملكية و بالسجالت العمومية األخري بحسب الحالة"‪.‬‬
‫‪ 138‬منصف كشو‪ ،‬قانون اإلجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات إقتصادية‪،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬صفحة ‪. 357‬‬
‫‪ 139‬الفصل ‪ " 214‬إذا اظهرت التسوية القضائية أو‪ ...‬عجزا في األصول يمكن للمحكمة‪ ...‬ولها أن تحجر على المحكوم عليه مباشرة تسيير‬
‫الشركات أو مباشرة نشاط تجاري لمدة يحددها الحكم ")‪.‬‬
‫‪ 140‬حمادي الرايد ‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪،‬ص ‪255‬‬

‫‪31‬‬
‫تستهدف ابعاد المسير الذي تبينت عدم قدرته على التصرف و التسيير‪ 141‬وال بد من تحديد‬
‫مناط التحجير إذ تقوم إجراءات التسوية القضائية علي مبدأ هام و هو المساواة بين الدائنين و‬
‫تجسيما لذلك نص الفصل ‪ 443‬من مجلة التجارية على منع المدين من أداء الديون السابقة‬
‫النطالق التسوية و هذا المنع يطبق بصفة فورية و يستثني من هذا المنع أداء الديون التي‬
‫نشأت قبل انطالق التسوية أي الديون السابقة و لكن حلولها خالل فترة المراقبة فهذه الديون‬
‫ال ينطبق عليها المنع و ينشأ المنع منذ صدور قرار رئيس المحكمة في األذن بانطالق‬
‫التسوية و فتح فترة المراقبة وحتى قبل إشهاره و لذلك ال يجوز دفع أي مبلغ لدائنين بمجرد‬
‫‪142‬‬
‫صدور القرار‬
‫و يجدر التذكير بأن التحجير يزول بحلول اجله أو قبل حلوله إذا‪ :‬تم التصريح بختم التسوية‬
‫النقضاء الديون و خالص الدائنين و المالحظ أن المشرع لم ينص على إجراء ختم التسوية‬
‫القضائية و اجتهد القضاء في تفعيلها مستأنسا في ذلك بإجراء ختم الفلسة النعدام مصلحة‬
‫الدائنين و هذا ما جاء بالحكم عدد ‪ 4774‬الصادر عن المحكمة االبتدائية بصفاقس في ‪23‬‬
‫أكتوبر ‪، 2007‬أو بطلب من المدين إذا قدم مساهمة قيمة أو كافية لخالص الديون وان تقدير‬
‫المساهمة القيمة من عدمها يرجع لقضاة األصل و بهذا نؤكد أن التحجير ليس أبديا فهو يزول‬
‫بصفة آلية عند حلول األجل بمعنى ان تنتهي المدة المقررة لهذه العقوبة المدنية و يسترجع‬
‫تبعا لذلك المسير صالحية بصفة آلية و دون حاجة إلى حكم أو غيره في إدارة الشركات و‬
‫مباشرة األنشطة التجارية و السؤال الذي يطرح في هذا االطار‪ :‬هل يجوز للمسير أن يرفع‬
‫أمام المحكمة طلب رفع تحجير ؟ و اإلجابة عن هذا السؤال تكون بالنفي باعتبار أن المشرع‬
‫التونسي لم يتطرق لرفع الحجر و على خالف ذلك يتيح القانون الفرنسي للمسير إقامة دعوي‬
‫رفع تحجير لكن شريطة أن يكون المسير قد قدم مساهمة هامة في تغطية الديون و خالصها‬
‫‪143‬‬
‫‪.‬‬
‫ويبقى للمحكمة صالحية تقدير ما إذا كان المبلغ المدفوع هام أو ال‪ .‬و تجدر اإلشارة أن‬
‫المشرع جعل أمر الحكم بالتحجير موكوال الجتهاد القاضي انطالقا من الصيغة التي استعملها‬
‫في الفصل ‪ 121‬م‪.‬ت "و لها أن تحجر على المحكوم عليه " و بالتالي هنالك اجتهاد في‬
‫تسليط العقوبة و تقدير مدتها بما يجعل تقديرها يختلف من حالة إلى أخرى و قد اجتهد قضاة‬
‫األصل في تفعيل العقوبة و تقدير مدتها و تم ربطها بانقضاء الدين بصفة تجعل التحجير قائما‬
‫كلما لم تتم تسوية الدين و الوفاء به و هذا االجتهاد موضوعي فهو يهدف إلى حماية الدائن‬
‫من جهة و المدين من جهة اخرى بدفعه على الخالص حتي يتحرر من قيد منع مباشرة‬
‫األعمال التجارية‪ 144‬و بالرجوع إلي القانون الفرنسي يتبين أن المشرع جعل لها مدة قصوى‬
‫و سقفا ال يتجاوز ‪ 15‬سنة بقانون اإلنقاذ لسنة ‪ 2005‬كما جعلها من ناحية اخرى بيد القاضي‬
‫الجزائي يسلطها كعقوبة بديلة و يؤكد فقه القضاء الفرنسي على ضرورة تفعيل مبدأ التناسب‬
‫في اتخاذ قرار التحجير بين ما ينسب للمسير و ما تقتضيه مدة التحجير و الجدير بالذكر؛ إن‬
‫تحديد المدة من اجتهاد من القاضي التونسي قد يكون مبالغ فيه و األجدر تحديد سقف لها ال‬
‫‪141‬‬
‫‪André Jacquement ,droit des entreprises en difficulté, 5ème éd, p 481‬‬ ‫‪.‬‬
‫منصف كشو‪ ،‬قانون اإلجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات المارة بصعوبات إقتصادية‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 355‬‬ ‫‪142‬‬
‫‪143‬‬
‫‪Action en relève de déchéance article 326 du décret du 28/12/2005" une contribution suffisante au‬‬
‫‪paiement du passif.‬‬

‫‪ 144‬منصف كشو‪ ،‬مقال سابق الذكر‪ ،‬صفحة ‪. 197‬‬

‫‪32‬‬
‫يمكن تجاوزه حتي ال يفقد المسير األمل في استعادة نشاطه و باإلضافة الي عقوبة التحجير‬
‫المسلطة على المسير و التي تمس من شخصه باعتبارها تقوم على حرمانه من ممارسة‬
‫النشاط التجاري نجد المشرع التونسي يقر عقوبات جزائية تسلط على المسير في العديد من‬
‫الفصول نذكر الفصل ‪ 448‬من م‪.‬تج " يتولي رئيس المحكمة أو القاضي المراقب تحرير‬
‫تقرير يرفعه إلى وكيل الجمهورية كلما تبين وجود اختالسات" كذلك مجلة الشركات‬
‫التجارية التي تحتوي على الفصول ‪ 49‬و‪ 53‬التي تحتوي على عقوبات جزائية؛ كالسجن من‬
‫شهر إلى ستة اشهر باإلضافة إلى خطايا مالية كذلك نشير إلى قانون ‪ 29‬ديسمبر ‪ 2003‬إذ‬
‫يجرم كل من الفصل ‪ 8‬الفصل ‪ 20‬عدم تقديم مستندات معينة ‪ ،‬و بالرجوع إلي المجلة‬
‫الجزائية نشير الي الفصول ‪288‬و ‪ 289‬و مانالحظه بالنسبة للعقوبات الجزائية هي أنها‬
‫تتميز بتعددها و كذلك تقسيمها بين عدة مجاالت قانونية مما يؤكد على انعدام رؤية واضحة و‬
‫رغبة فى تشريع مسألة العقوبات المسلطة على مسيري الشركات ‪145‬و باإلضافة إلى االثار‬
‫الماسة من شخص المسير فإن ذمته المالية ليست بمنأى عن هذه اآلثار ‪.‬‬

‫أثر إجراءات االنقاذ على الذمة المالية للمسير‬ ‫ب‪/‬‬


‫تعتبر الذمة المالية لذات المعنوية ذمة مستقلة مبدئيا عن ذمة كل شخص مكون أو مدير لها‬
‫فال يحق لدائن الشركة مبدئيا القيام ضد أعضائها أو مسيريها و ال ضد المساهمين فيها‬
‫شخصيا و عليه القيام على الشركة بوصفها ذات مستقلة و ال يقر القانون إمكانية مطالبة‬
‫األشخاص الطبيعيين المسيرين في ديون تخلدت بذمة الذات المعنوية إال استثنائيا و بأحكام‬
‫خاصة ‪146‬و في هذا اإلطار ال بد أن نفرق بين المؤسسة كذات معنوية و بين األشخاص‬
‫الطبيعيين الذين يمثلونها فالذات المعنوية تبرز للخارج بواسطة هياكل تسييرها و يؤاخذ‬
‫هؤالء عن أخطائهم في التصرف تجاهها أو تجاه الغير فيلزمون بسد ما ترتب عن سوء‬
‫تسييريهم عن العجز و الجدير بالذكر أنه يهدف تحميل المسؤول عن المؤسسة باقي الديون‬
‫إلى تحقيق غايتين اولهما مؤاخذة المسيرين و ثانيهما تعويض األضرار الناتجة عن‬
‫تصرفهم و يرتب الفصالن ‪ 121‬و‪ 214‬و ‪ 254‬من مجلة الشركات التجارية جزاء مدنيا‬
‫يحمل على مسير الشركة سواء كان مسير قانونيا أو فعليا ‪147‬يتمثل في إمكانية تحميله‬
‫قضائيا بصفة أصلية ديون الشركة كليا أو جزئيا غير أن المسؤلية ال تكون بمقتضى‬
‫الفصول المذكورة فقط و إنما أيضا بأحكام الفصل ‪ 49‬من قانون االنقاذ المؤرخ في ‪17‬‬
‫أفريل‪ 1995‬المنقح في ‪ 15‬جويلية ‪ 1999‬و ‪ 29‬ديسمبر ‪ 2003‬الذي يقضي بتحميل‬
‫المدين بباقي الدين مع إمكانية التحفظ على مكاسبه ‪ ،‬نبدأ أوال اآلثار المترتبة على الذمة‬
‫المالية بموجب قانون إنقاذ المؤسسات التى تمر بصعوبات إقتصادية ‪ ،‬بالرجوع إلى الفصل‬

‫‪145‬‬
‫‪JAOUHAR (M), Les sanctions applicable aux dirigeants des entreprises en difficulté, approche comparative,‬‬
‫‪Revue publié à la fac de sfax, p 242‬‬

‫‪ 146‬محمد كمال شرف الدين‪،‬قانون مدني النظرية العامة للحق النظرية العامة للفانون ‪،‬مجمع األطرش‪،‬الطبعة الثالثة‪،‬ماي‪ ،2020‬ص ‪. 366‬‬
‫‪ 147‬المسير الفعلي هو المسير الذي ال يمارس مهامه طبق القانون و هو نسخة غير مطابقة األصل للوضعية القانونية و الوضعية الفعلية ينقصها‬
‫شرط شكلي لذلك هي غير قانونية و المسير القانوني هو الذي يمارس مهامه طبقا للقانون ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ 49‬من قانون االنقاذ ‪148‬تقوم المؤسسة هنا بتحميل المسير ما ينقص الدائنين من ديونهم بعد‬
‫تنفيذ التسوية سواء بالتحفظ على مكاسبه لضمان خالص الديون على معني الفصل ‪192‬‬
‫من م ح ع ‪ 149‬أو بتحميله ما تبقي من ديون على معني الفصل ‪ 49‬من قانون االنقاذ و‬
‫المالحظ أن المشرع لم يكن متشدد كثيرا في آثار أحكام التسوية على الممثلين القانونين‬
‫للذاوات المعنوية باعتباره ال ينص على تحمل المسؤولية إال في خصوص ما تبقى من الدين‬
‫‪150‬‬
‫وفقا ألحكام الفصل ‪ 49‬و ال يتم التحفظ على امالك المسير إال عند ثبوت جرائم تسيير‪.‬‬
‫و تجدر اإلشارة بأن حلول إنقاذ المؤسسة هي ثالثة‪:‬‬
‫أوال مواصلة المؤسسة لنشاطها بنفسها و ذلك استناد إلى الفصول ‪ 41‬و ‪ 46‬من قانون‬
‫‪151‬‬
‫االنقاذ‪.‬‬
‫أما الحل الثاني فهو إحالتها إلي الغير و يكون ذلك مقابل ثمن معين يخصص لتوزيعه على‬
‫‪152‬‬
‫الدائنين حسب ترتيبهم وفق للفصل ‪ 47‬جديد من قانون االنقاذ‪.‬‬
‫أما الحل الثالث كراء المؤسسة و يكون الكراء عادي أو مشفوع بإحالة أو في شكل وكالة‬
‫‪ 153‬بالنسبة إلي الحل الثاني بما أن إحالة المؤسسة إلى الغير ال تستند على ما توفره من‬
‫أموال بقدر ماهي ضمان إستمرار النشاط و اإلحتفاظ بمواطن الشغل و تطهير الديون و‬
‫باعتبار أن ثمن اإلحالة ال يكفي لخالص كامل الديون لذلك فإنه من الضروري إيجاد جهة‬
‫مسؤولة عن ذلك و كانت هذه الجهة في نظر المشرع المدين شخصيا و الضامنين و‬
‫المتضامنين و بموجبه خول الفصل ‪ 49‬استثناء المفعول التطهيري لإلحالة بالفصل ‪292‬‬
‫م‪.‬ح‪.‬ع و يخضع التتبع الفردي على معنى أحكام الفصل ‪ 49‬لشروط موضوعية و أخرى‬
‫ذاتية ؛ فبالنسبة لشروط الموضوعية يستخلص من الفصل ‪ 49‬أنه ال يكفي صدور الحكم‬
‫القاضي باإلحالة و دفع الثمن لمباشرة التتبعات الفردية و إنما يتعين اتمام موجبات اإلحالة‬
‫حتى يسترجع الدائن إمكانية تتبع مكاسب المدين و الضامنين و المتضامنين وعليه يكون‬
‫استئناف التتبعات الفردية رهين توزيع متحصل ثمن اإلحالة على الدائنين باعتبار أن الدائن‬
‫يكون من ذلك التاريخ على علم بالجزء المتبقي من دينه أما بالنسبة إلى الشروط الذاتية فقد‬

‫‪ 148‬الفصل ‪ 49‬من قانون االنقاذ‪ : :‬خالفا للفصل ‪ 292‬من مجلة الحقوق العينية‪ ،‬تطهر المؤسسة‪ ،‬عند بيعها من جميع الديون والترسيمات السابقة‬
‫بما فيها الممتازة وتنتقل ملكية المؤسسة إلى المحال له بمجرد وفائه بجميع إلتزاماته ودفعه كامل الثمن‪ ،‬ويحجز محصول البيع لفائدة الدائنين‬
‫ولهم حق المطالبة الفردية ضد المدين والضامنين والمتضامنين معه فيما تبقى من ديونهم ‪.‬‬
‫وبالنسبة للعقود الجارية التي أذنت المحكمة بمواصلة العمل بها وفق أحكام الفصل ‪ 47‬من هذا القانون ‪ ,‬يحال المحال إليه محل المتعاقد المحال‬
‫عنه في ما له من حقوق والتزامات اكتسبت او حل اجلها منذ تاريخ اإلحالة‪.‬‬
‫‪ 149‬الفصل ‪ 192‬م‪.‬ح‪.‬ع ‪ ":‬مكاسب المدين ضمان لدائنينه يتحاصصون ثمنها إال إذا كانت هنالك أسباب قانونية في تفضيل بعضهم على بعض"‬
‫‪ 150‬مصنف كشو ‪" ،‬أثر التسوية القضائية و التفليس على مسيري الشركات التجارية" ‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪،‬ص‪. 213‬‬
‫‪ 151‬الفصل ‪ : 41‬تقرر المحكمة مواصلة المؤسسة لنشاطها استنادا إلى تقرير المتصرف القضائي عندما تكون هناك إمكانيات جدية لمواصلة‬
‫النشاط مع االحتفاظ بكل أو بعض مواطن الشغل وخالص الديون‪ .‬ويمكن أن تكون مواصلة النشاط مصحوبة ببيع أو إحالة بعض الممتلكات أو‬
‫النشاطات الفرعية للمؤسسة‪ .‬الفصل ‪ : 46‬إذا لم يوف المدين بإلتزاماته المالية‪ ،‬فان الدائن له الحق في إجباره على الوفاء بالطرق القانونية‬
‫األخرى بإستثناء التفويت في األشياء التي حجرت المحكمة التفويت فيها مؤقتا وليس له القيام بفسخ العقد‬
‫ويمكن في هذه الحالة القيام بطلب إبطال البرنامج من طرف وكيل الجمهورية أو مراقب التنفيذ أو من طرف دائن أو دائنين بلغ دينه أو دينهم‬
‫خمسة عشر بالمائة من جملة الديون وتقضي المحكمة بإعادة فتح التسوية القضائية إلحالة المؤسسة للغير‪ ،‬وان تعذرت‪ ،‬تقضي بتفليسها أو‬
‫بتصفيتهاعند تعذر مواصلة المؤسسة لنشاطها تنطبق أحكام الفقرة السابقة‪.‬‬

‫‪ 152‬يمكن أن تأذن المحكمة بإحالة المؤسسة إلى الغير إذا تعذر إنقاذها طبقا الحكام الفصول ‪ 41‬إلى ‪ 46‬من هذا القانون وكان في ذلك ضمان‬
‫الستمرار نشاطها ‪ ،‬أو اإلحتفاظ بكل مواطن الشغل فيها‪ ،‬أو بعضها وتطهير ديونها‬
‫‪.‬ويم كن أن تشمل اإلحالة كل المؤسسة‪ ،‬أو فرعا من نشاطها‪ ،‬أو مجموعة من فروع متكاملة‪ ،‬مع بيع الممتلكات التي لم تشملها اإلحالة‬
‫‪.‬وتحدد المحكمة العقود الجارية مع المؤسسة والضرورية لمواصلة نشاطها بناءا على طلب مقدمي العروض‬
‫وإذا تعلق األمر بإحالة مؤسسة تستغل أرضا فالحية دولية ‪ ,‬يجب احترام التراتيب الجاري بها العمل في ما يتعلق بالتراخيص اإلدارية المستوجبة‪.‬‬
‫‪ 153‬علي نني‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 110‬‬

‫‪34‬‬
‫حدد المشرع األشخاص المستهدفين لتتبع فقد خول الفصل ‪ 49‬تتبع أكثر من شخص و‬
‫الجدير بالذكر أن تعدد األشخاص من شأنه أن يوفر أكثر فرصة الستخالص الدين وهم‬
‫المدين و هو المسؤول المباشر ثم الكفيل و هو الشخص الذي يلتزم بأن يؤدي لدائن ما إلتزم‬
‫به المدين األصلي و ذلك باإلستناد للفصل ‪ 1478‬من مجلة االلتزامات و العقود ‪154‬ثم‬
‫الضامن الذي يفترض أن يكون التزامه بالوفاء بجميعه أو بعضه مرة واحدة و تجدر اإلشار‬
‫أنه ال فرق بين دائن عادي و دائن ممتاز بخصوص المطالبة بما تبقي من الدين ألن لكل‬
‫منهم الحق في استخالص دينه ‪155‬و إلى جانب تتبع المدين من أجل ما تبقي من الدين بعد‬
‫تنفيذ اإلحالة فإنه يمكن أثناء إجراءات التسوية التحفظ على مكاسبه اذ نص الفصل ‪448‬‬
‫من م تج في فقرته الثانية انه " يمكن لنيابة العمومية أن تطلب من القاضي اإلستعجالي‬
‫وضع المكاسب المنقولة أو العقارية أو األرصدة المالية الراجعة لمن يشتبه في مسؤليته عن‬
‫تلك األفعال قيد اإلئتمان " والهدف من هذا اإلجراء حماية الدائنين إذ قد تصلح األموال‬
‫الموضوعة تحت اإلئتمان لتنفيذ األحكام الصادرة ضد المسيرين‪ 156‬و بالرجوع إلى قانون‬
‫االنقاذ نجد الفصل ‪157 29‬منه يمكن النيابة العمومية بناء على تقرير من رئيس المحكمة‬
‫أن تطلب استعجاليا وضع مكاسب المدين سواء كانت عقارية أو منقوالت تحت قيد اإلئتمان‬
‫و هنا من الضروري التوضيح بأن اإلئتمان ال يوجه على المسير القانوني فقط و إنما كل‬
‫من يشتبه في مسؤليته عن خطأ‪.‬‬
‫و السبب الذي يمكن أن يكون وراء اإلطالق في العبارة هو ضمان حقوق الدائنين بتوفير‬
‫أكثر ما يمكن من مال الستخالص ديونهم ألن اإلئتمان على مكاسب المسير يجعل منها‬
‫ضمانا لحقوق الغير و كذلك يوسع في مجال تحميل المسؤولية لكل طرف ارتكب اختالسات‬
‫و أفعاال تكون جريمة تسيير و بذلك يوسع المشرع قائمة المسؤولين الذين يمكن مطالبتهم‬
‫حتي ال تكون الذات المعنوية واجهة يتستر بها المسير إلخفاء سوء تصرفه ‪158‬و قد بينت‬
‫محكمة التعقيب األساس و المرجع في التحفظ على المكاسب و تسمية مؤتمن عليها و ذلك‬
‫في قرارها عدد ‪ 67054‬بتاريخ ‪ 2012\01\24‬حيث جاء في حيثية القرار " حيث‬
‫أجمعت التشاريع على أن حق الملكية حق مضمون و جامع يخول لصاحب الشئ جميع‬
‫سلطات اإلستعمال و اإلستغالل و التصرف و هو حق جامع أيضا القتصار استئثار المالك‬
‫بجميع مزايا ملكه و يقتضي ذلك أنه ال تنزع ممارسة الحقوق المتفرعة عن الملكية من‬
‫المالك إال برضاه أو في صورة استثنائية يقتضيها القانون بما يقتضي وضع المال الذي يقوم‬
‫فيه نزاع أو يكون الحق غير ثابت من جهة منشأة و طريقة اكتسابه في يد أمين يتكفل‬
‫بحفظه و إدارته لفائدة أصحاب المصلحة و رده مع غلته إلى من يثبت له الحق فيه و هو ما‬
‫اصطلح على تسميته باإلئتمان العدلى الذي يفترض بهذا المعنى تسمية شخص تعهد إليه‬
‫مهمة اإلئتمان يطلق عليه تسمية " مؤتمن عدلي " و حيث يقتضي تدخل القضاء لتسمية‬
‫المؤتمن العدلي توفر شروط موضوعية تجيز إقامة اإلئتمان بناء على طلب األطراف‬
‫‪ 154‬الفصل ‪ : 1478‬الكفالة عقد يلتزم بمقتضاه شخص بأن يؤدي لدائن ما التزم به المدين إن لم يؤديه "‬
‫‪ 155‬منصف كشو‪ ،‬أثر التسوية القضائية و التفليس على مسيري الشركات التجارية ‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪،‬ص ‪. 214‬‬
‫‪ 156‬حمادي الرايد‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 275‬‬
‫‪ 157‬الفصل ‪ " : 29‬يتولى رئيس المحكمة تحرير تقرير يرفعه فورا الى وكيل الجمهورية كلما تبين له من اوراق الملف وجود اختالسات او غيرها‬
‫من االفعال التي من شانها ان تشكل جريمة تتعلق بتسيير المؤسسة على معنى التشريع تالجاري به العمل‬
‫ويمكن للنيابة العمومية ان تطلب من القاضي االستعجالي وضع المكاسب المنقولة او العقارية او االرصدة المالية الراجعة الى من يشتبه في‬
‫مسؤوليته عن تلك االفعال قيد االئتمان"‬
‫‪ 158‬منصف كشو‪ ،‬مقال سابق الذكر‪،‬ص ‪. 215‬‬

‫‪35‬‬
‫المشتركة أو يسعي من المحكمة أو من تلقاء نفسها إذا قدر القاضي وجود ضرورة إلقامتها‬
‫كما هو الحال في الفصل ‪ 29‬من قانون اإلنقاذ و كما هو الحال عند ضرورة تدخل حماية‬
‫المصالح العامة االقتصادية و المالية و اإلجتماعية إذ يجوز للقاضي نصب اإلئتمان كلما‬
‫كانت هنالك ضرورة حتي في غياب طلب الخصوم ‪"...‬‬
‫و البد من التوضيح أن التصريح بوضع مكاسب " المشتبه في مسؤليته " قيد اإلئتمان من‬
‫طرف القاضي اإلستعجالي يثير مسألة تدخل القضاء فى فرض إجراء اإلئتمان على‬
‫الشركات التجارية و تجدر اإلشارة أن األصل بالنسبة للشركات التجارية أو مديرها أو‬
‫وكيلها هو الذي يتمم أعمال اإلدارة و التصرف لكن أمام تعطل السير الطبيعي للشركة‬
‫القاصر مديرها في مهامه و عدم رعاية مصالح الشركة أو بسبب اختالف الشركاء حول‬
‫شؤون اإلدارة فإنه يجوز تدخل القضاء للمحافظة على نجاعة التسيير في الشركات و يقوم‬
‫اإلئتمان في قانون االنقاذ على فكرة التحفظ على المكاسب حتى ال يبذرها المسير فهو‬
‫يضمن الحماية لدائنين من سوء تصرف المدين ‪.‬‬
‫و باالطالع على مجلة الشركات التجارية نجد آثار على الذمة المالية للمسير فالجدير بالذكر‬
‫أن المشرع التونسي أدخل بموجب القانون عدد ‪ 16‬لسنة ‪ 2009‬تعديالت على أحكام‬
‫الفصول ‪ 121،214،215‬و غيرها من م‪.‬ش‪.‬ت و ذلك في إطار تدعيم مسار تحديث‬
‫قانون الشركات الذي يقوم على فكرة جوهرية أساسها تحقيق الموازنة بين اعتبارات‬
‫النجاعة و الفاعلية في سير دواليب الشركة و حماية حقوق المساهمين األساسية و كذلك‬
‫تدعيم الحق في مقاضاة كل مسير ثبت ارتكابه ألخطاء و خرق قواعد حسن التصرف مما‬
‫أدى إلى انخرام التوازنات المالية للمؤسسة و لضمان عدم توجه المسير نحو تغليب‬
‫مصالحه الشخصية على حساب مصلحة المؤسسة و في إطار تحقيق هذا التوجه التشريعي‬
‫تضمنت كل من الفصول ‪ 121،214،215‬معطيات هامة تتعلق بتحميل الوكيل القانوني أو‬
‫المسير الفعلي ديون الشركة كمسألة أصلية مع تمكينه من الدفع بانقضاء مسؤليته بإثبات أنه‬
‫تصرف بكل عناية و يهدف هذا الجزاء ذو الصبغة المالية إلى ضمان تسديد ديون الشركة‬
‫بصفة كلية أو جزئية من طرف مسيرها في دعوى توجه عليه‪159 .‬و يطلق عليها دعوي سد‬
‫العجز و هذه الدعوي يمكن ممارستها سواء كان اإلجراء الجماعي تسوية قضائية أو تفليس‬
‫و دعوى سد العجز ينظمها الفصل ‪ 121‬من م‪.‬ش‪.‬ت اذا تعلق األمر بشركة ذات مسؤولية‬
‫محدودة و الفصول ‪214‬و ‪ 215‬إذا تعلق األمر بشركة خفية االسم و هي فصول مستمدة‬
‫من الفصل ‪ 99‬من القانون الفرنسي المؤرخ في ‪ 13‬جويلية ‪ 1967‬وال نجد فيها صدى‬
‫‪160‬‬
‫لتطور الذي عرفه القانون الفرنسي منذ ذلك التاريخ‬
‫أوال ال بد من تحديد طبيعة الدعوى ؛ في دعوى سد العجز يتعلق األمر بدعوى في‬
‫المسؤولية المدنية و تحديد مسؤلية بسبب خطأ مفترض كما كان الشأن في المجلة التجارية‬
‫إذ يخضع المسير لقرينة الخطأ و قرينة العالقة السببية بين الخطأ و عدم كفاية األصول و‬
‫هو ما جعل فقه القضاء يتحدث عن قرينة المسؤولية و ذلك في قرار صادر عن محكمة‬
‫االستئناف بصفاقس في ‪ 21‬جانفي ‪ 2016‬و يفترض المشرع أن النقص في أصول الشركة‬
‫الخاضعة إلجراءات التسوية القضائية سببه خطأ في التصرف من قبل المسيرين فالدعوى‬

‫‪ 159‬منصف الكشو‪ ،‬مقال سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 217‬‬


‫‪ 160‬حمادي الرايد‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 268‬‬
‫‪36‬‬
‫ترفع ضد كل من يفترض أنه أخطأ لكن الجدير بالذكر أن هذه القرينة هي قرينة بسيطة‬
‫فالمسير يتفصى منها بمجرد اثباته انعدام الخطأ عليهم أن يثبتوا "أنهم بذلوا في إدارة الشركة‬
‫من النشاط و العناية مايبذله صاحب المؤسسة المتبصر و النزيه " و تفسر عبارة المتبصر‬
‫بانه المسير المحترف و أما عبارة الوكيل النزيه تعني المسير األمين و المالحظ أن هذا‬
‫الحل مجحف الن المؤسسة مهددة دائما بالتعرض للألزمات مما يؤدي إلى ظهور ظروف‬
‫خارجية ليست لها اي عالقة بخطأ في التصرف وهذا الطابع المجحف جعل المشرع‬
‫‪161‬‬
‫الفرنسي يتخلى عن هذا الحل و يشترط إثبات الخطأ في قانون ‪ 25‬جانفي ‪1985‬‬

‫ثانيا شروط رفع الدعوى؛ إن دعوى سد العجز ال يمكن ان ترفع إال في صورة خضوع‬
‫الشركة ذات مخاطر محدودة إلجراءجماعي التسوية القضائية أو التفليس أما في الشركات‬
‫ذات المخاطر غير المحدودة فإن المشرع اعتبر أنه ال داعي لتلك الدعوى إذ يكفي أن يقوم‬
‫الدائنون على الشركاء باعتبارهم مسؤولين بالتضامن عن ديون الشركة و تجدر اإلشارة أن‬
‫القانون التونسي يختلف في هذه النقطة عن نظيره الفرنسي الذي يعتبر أن دعوى سد العجز‬
‫يمكن أن ترفع ضد كل مسير لشخص معنوي ‪162‬و لرفع دعوى سد العجز يجب علي‬
‫المدعي إثبات عدم كفاية االصول و لكن السؤال الذي يطرح هو‪ :‬التاريخ الذي يجب فيه‬
‫معاينة عدم كفاية األصول ‪ ،‬هنالك رأيين؛ إذ يعتبر أصحاب الرأي األول أن معاينة عدم‬
‫كفاية االصول ال يمكن أن تتم إال بعد انتهاء اإلجراء الجماعي و نتجة لذلك يجب انتهاء‬
‫التسوية القضائية ثم القيام بدعوي سد العجز اما الرأي الثاني فيعتبر أنه يجب أن ترفع‬
‫الدعوى عندما يالحظ المتصرف القضائي بصورة ال مجال فيها لشك عجز في األصول و‬
‫باالطالع على فقه القضاء نجد أن المحكمة االبتدائية بصفاقس تبنت الرأي الثاني في القضية‬
‫المعروفة تحت اسم سيكا و كذلك تبنى فقه القضاء الفرنسي نفس الرأي و يقدر القاضي عدم‬
‫كفاية االصول بصورة نهائية في التاريخ الذي يصدر فيه الحكم ال في تاريخ افتتاح اإلجراء‬
‫الجماعي و الجدير بالذكر بأنه ال مجال للحديث عن نقص في األصول إذا صادقت المحكمة‬
‫عن برنامج مواصلة النشاط الن المصادقة على مثل هذا البرنامج تفترض انه سيتم الوفاء‬
‫بكامل الديون‪.163‬‬
‫و بالنسبة إلى أطراف الدعوى نبدأ اوال بتحديد المدعي و يتمتع بهذه الصفة المتصرف‬
‫القضائي أو الدائنون إذا تعلق األمر بتسوية قضائية و إن كانت صفة الدائن ال تثير إشكاال‬
‫باعتباره صاحب دين و يسعي لحماية مصالحه و بتالي تتوفر لديه شروط الدعوى على‬
‫معني الفصل ‪19‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت لكن تطرح صفة المتصرف القضائي تساؤل بما أن مهامه‬
‫تنحصر في مراقبة أعمال التصرف في إدارة المؤسسة ‪164‬و في إعداد برنامج اإلنقاذ إال انه‬
‫ال يمكن أن يمثلها قانونا و ينتهي دوره بصدور الحكم في التسوية فيحل مراقب التنفيذ محله‬
‫إذن السؤال المطروح هل يمكن للمتصرف القضائي اثارة الدعوي و الحال أن الهيكل قد‬
‫‪ 161‬في هذا الصدد عاب الفقه الفرنسي على قانون ‪ 1985‬المرور من التشدد المبالغ فيه إلى التسامح المبالغ فيه ‪.‬‬
‫‪ 162‬الفصل ‪180‬من قانون ‪ 25‬جوان ‪ 1985‬ثم الفصل ‪ 651-2‬من المجلة التجارية الفرنسية كما تم تنقيحها بموجب قانون ‪ 172‬لسنة ‪2022‬‬
‫مؤرخ ‪ 14‬فيفري ‪2022‬‬
‫‪ 163‬حمادي الرايد‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪. 272‬‬
‫‪ 164‬الفصل ‪( 26‬جديد) ‪ :‬يتولى المتصرف القضائي مراقبة أعمال التصرف‪ ,‬أو مساعدة المدين في جميع أعمال التصرف أو في البعض منها‬
‫او ادارة المؤسسة كليا او جزئيا بمساعدة المدين او دونها حسب ما تحدده المحكمة‪ .‬واذا اقتصرت مهمة المتصرف على المراقبة ‪ ,‬فللمحكمة ان‬
‫تحدد العم ليات التي ال تتم اال بامضاء المتصرف القضائي مع المدين وعند امتناع المتصرف عن االمضاء يرفع االمر الى القاضي المراقب الذي‬
‫يبت فيه حاال‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫زال؟ إن إرادة المشرع عند تنقيحه للفصول ‪ 215 ، 214، 121‬من م‪.‬ش‪.‬ت ال تخلو من‬
‫فرضيتين أوال أن المشرع سهى عن ذكر مراقب التنفيذ و اكتفي بالمتصرف القضائي دون‬
‫تفريق بينهم ‪ ،‬ثانيا أن المشرع يقبل برفع دعوي سد العجز خالل ممارسة المتصرف‬
‫لصالحيته أي خالل فترة المراقبة و هو أمر مستبعد باعتبار أن العجز ال يظهر إال بعد مآل‬
‫التسوية القضائية اما بالنسبة إلى صفة المدعى عليه فإن الدعوي ترفع ضد المسيرين‬
‫المذكورين أعاله و المحكمة التي ترفع أمامها دعوي سد العجز هي تلك التي افتتح أمامها‬
‫اإلجراء الجماعي الذي خضعت له الشركة و ذلك تطبيق للفصل ‪ 414‬من م‪.‬ت و يجب أن‬
‫ترفع الدعوي خالل ثالث سنوات من تاريخ حكم التسوية القضائية وفي إطار آثار دعوى‬
‫سد العجز البد من اإلشارة إلى السلطة التقديرية الكبيرة التي يتمتع بها القاضي و هامش‬
‫الحرية الواسع الذي منح له و هو األمر الذي جعل الفقه الفرنسي يصف دعوى سد العجز‬
‫بأنها عقوبة خاصة و تأخذ تلك الحرية أربعة مظاهر أوال؛ خالف للقواعد العامة للمسؤلية‬
‫التى تفضي بان المدعى عليه ملزم بالتعويض طالما اعتبرته المحكمة مسؤوال ‪ ،‬للمحكمة‬
‫كامل الحرية في إلزام أو عدم إلزام مسيري الشركة بسد العجز‪ ،‬ثانيا يمكن للمحكمة أن‬
‫تلزم بعض المسيرين ال كامل المسيرين مطلوبين‪ ،‬ثالثا خالف للقواعد العامة التي توجب‬
‫التعويض الكامل تحدد المحكمة بكل حرية مبلغ ديون الشركة الذي يتحمله المسيرون‪ ،‬رابعا‬
‫في صورة تعدد المسيرين يمكن أن يكونوا ملزمين بالتضامن أو بدونه‪.‬‬

‫لكن قد تكون األخطاء المرتكبة من قبل المسير خطيرة و و بالتالي تصبح دعوى سد العجز‬
‫غير مجدية و الجزاء الناجم عنها ال يتناسب مع خطورة األفعال المرتكبة خاصة عندما‬
‫تطال إحدى الشركات المنتمية لتجمع الشركات لذلك يتجه تسليط جزاء أشد يتمثل في سحب‬
‫‪165‬‬
‫إجراءات التسوية القضائية‪.‬‬

‫تجد دعوى سحب إجراءات التسوية القضائية أساسها في الفصل ‪ 478‬من م ش تج الذي جاء‬
‫فيه أنه " يمكن سحب إجراءات التسوية القضائية أو التفليس التي تفتح ضد إحدى الشركات‬
‫المنتمية إلى تجمع الشركات على بقية الشركات المنتمية إليه معها في صورة اختالط ذممها‬
‫المالية أو في صورة التحيل أو التعسف في استغالل أموال الشركة موضوع إجراءات‬
‫التسوية أو التفليس أو إذا ثبت أن الشركة المدينة كانت وهمية و أن الشركات المنتمية إلى‬
‫تجمع الشركات التي ظهرت بمظهر الشركاء فيها"‬

‫يستخلص من أحكام هذا الفصل أن إخضاع إحدى الشركات المنتمية لتجمع الشركات إلى‬
‫إجراءات التسوية القضائية قد يؤدي إلى سحب نفس االجراءات على بقية الشركات إذا ما‬
‫تحقق أحد األسباب الموجبة لذلك‪ .‬فهذا الفصل يكرس استثناء لقاعدة استقاللية الشخصية‬
‫‪166‬‬
‫القانونية و الذمة المالية لكل شركة فرعية‪.‬‬

‫‪ 165‬سماح قوبعة‪،‬مرجع سابق الذكر‪،‬ص ‪. 114‬‬


‫‪ 166‬سماح قوبعة‪،‬مرجع سابق الذكر‪،‬ص ص ‪. 115 114‬‬

‫‪38‬‬
‫وقد استعرضت محكمة التعقيب مفهوم تجمع الشركات باالستناد إلى التعريف التشريعي‬
‫الذي جاء به الفصل ‪ 461‬م ش تج مؤكدة على الخصائص المميزة له و التي ترتكز على‬
‫‪167‬‬
‫قاعدة عامة مفادها استقاللية الذمم المالية للشركات المنتمية إلى تجمع الشركات‪.‬‬

‫فإعمال قاعدة االستقاللية يؤدي إلى إخضاع الشركة الفرعية التي توقفت عن دفع ديونها‬
‫الجراءات التسوية القضائية على انفراد جون أن يكون لذلك أي إنعكاس على بقية الشركات‬
‫الفرعية بمعنى أن مجرد االنتماء لتجمع الشركات ال تأثير له مبدئيا على االجراءات‬
‫الجماعية‪.‬غير أن هذه القاعدة التخدم مصالح الدائنين وجميع المتعاملين مع الشركة الفرعية‬
‫سيما عندما تكون االستقاللية القانونية ال تعكس حقيقة العالقة في الواقع بين الشركة األم و‬
‫الشركات الفرعية نظرا لما تتمتع به الشركة األم من نفوذ يؤدي بها إلى التدخل في القرارات‬
‫المالية للشركات الفرعية‪.‬لذلك خول الفصل ‪ 478‬م ش تج إمكانية سحب إجراءات التسوية‬
‫القضائية على بقية الشركات المنمية لتجمع الشركات في حاالت محددة و هي اختالط الذمم ‪،‬‬
‫التحيل‪،‬التعسف في استغالل أموال الشركة الخاضعة الجراءات التسوية‪،‬وهمية الشركة‬
‫‪168‬‬
‫المدينة و ظهور الشركات المنتمية إلى تجمع الشركات بمظهر الشركاء فيها‪.‬‬

‫ولتطبيق الفصل ‪ 478‬م ش تج فال بد من اثبات االنتماء إلى تجمع الشركات من جهة و توفر‬
‫حالة من الحاالت الموجبة لسحب اجراءات التسوية الرضائية المبينة به حصرسا وقد أكدت‬
‫محكمة التعقيب أن إثبات انتماء الشركة المدينة إلى تجمع شركات تبقى مسألة واقعية تختص‬
‫بها محاكم األصل و تدخل في نطاق الصالحيات المخولة لها قانونا في فهم وقائع الدعوى و‬
‫‪169‬‬
‫تقدير أدلتها و استخالص النتائج منها"‬

‫‪ 167‬القرار عدد ‪ 30627 – 2014‬المؤرخ في ‪ 17‬مارس ‪ 2016‬منشور بالواقع االلكتروني لمحكمة التعقيب التونسية‪.‬‬
‫‪ 168‬سماح قوبعة‪،‬مرجع سابق الذكر‪،‬ص ص ‪. 116 115‬‬
‫‪ 169‬قرار عدد ‪ 30627- 2014‬المؤرخ في ‪ 17‬مارس ‪ ، 2016‬سابق الذكر‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫المراجع باللغة العربية‬
‫‪ ‬المراجع العامة ‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد رفيق الطيب‪ ،‬مدخل للتسيير‪،‬ج ‪، 2‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬الجزائر‪. 1995،‬‬
‫‪ -‬المنصف الكشو ‪ ،‬قانون االجراءات الجماعية‪ :‬نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات‬
‫اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية‪ ،‬مجمع األطرش ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪. 2019 ،‬‬
‫‪ -‬حمادي الرايد شرح القانون التجاري التونسي اإلجراءات الجماعية ‪ ،‬مجمع األطرش‬
‫للكتاب المختص ‪ ،‬تونس ‪ ، 2023‬الطبعة األولى ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ -‬عصام األحمر‪ ،‬الجديد في فقه الفضاء‪ ،‬مجمع األطرش للكتاب المختص‪2018،‬‬
‫‪ -‬علي النني‪ ،‬القانون التجاري االجراءات الجماعية ‪ ،‬مجمع األطرش ‪. 2022 ،‬‬
‫‪ -‬محمد كمال شرف الدين‪،‬قانون مدني النظرية العامة للحق النظرية العامة للفانون ‪،‬مجمع‬
‫األطرش‪،‬الطبعة الثالثة‪،‬ماي‪. 2020‬‬
‫‪ -‬يوسف محمد رضا‪ ،‬معجم العربية الكالسيكسة و المعاصرة ‪،‬مكتبة لبنان ناشرون‪،‬‬
‫بيروت‪،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪. 2006،‬‬

‫‪ ‬المراجع الخاصة ‪:‬‬


‫‪ -‬آمال الصيد ‪ ،‬المسؤولية الجزائية للمسير الفعلي في الشركات التجارية‪،‬مجمع األطرش‬
‫للكتاب المختص ‪. 2019،‬‬
‫‪ -‬كمال العياري‪ ،‬المسير في الشركات التجارية‪،‬مجمع األطرش للكتاب المختص ‪ ،‬تونس‬
‫‪. 2010‬‬
‫‪ -‬مصطفى العوجي‪،‬المسؤولية الجنائية في المؤسسة االقتصادية ‪،‬مجلة الحلبية الحقوقية ‪،‬‬
‫بيروت‪.2015،‬‬
‫‪‬مقاالت ‪:‬‬
‫‪ -‬منصف الكشو‪ "،‬أثر التسوية القضائية و التفليس على المسير في الشركة التجارية "‪،‬‬
‫دراسات في القانون التجاري‪،‬جمعية الحقوق بصفاقس ‪،‬مجمع األطرش للكتاب المختص‪،‬‬
‫ص ‪ 181‬إلى ‪. 204‬‬
‫‪ -‬سماح قوبعة ‪"،‬وضعية المسير في فترة المراقبة" ‪ ،‬دراسات قانونية ‪ ،‬جامعة صفاقس ‪،‬‬
‫عدد ‪ ، 2022، 27‬ص ‪ 59‬إلى ‪. 120‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ -‬نزار السنوسي‪ "،‬الحوكمة في قانون الشركات التجارية مقارنة بالمعايير الدولية"‪ ،‬مجلة‬
‫األخبار القانونية‪ ،‬عدد ‪، 150‬فيفري ‪. 2013‬‬
‫‪ -‬منصف كشو ‪ ''،‬مساهمة أحكام اإلجراءات الجماعية في النهوض بالمؤسسة عند تعثرها"‪،‬‬
‫الجديد في قانون اإلجراءات الجماعية‪ ،‬أعمال اليوم الدراسي الذي انتظم بكلية الحقوق‬
‫بصفاقس في ‪ 4‬مارس ‪ 2015‬المتعلق بمشروع قانون اإلجراءات الجماعية و أعمال اليوم‬
‫الدراسي الذي انتظم بنزل الزيتونة بصفاقس في ‪ 18‬أكتوبر ‪ 2016‬المتعلق بالقانون الجديد‬
‫لالجراءات الجماعية ‪،‬جمعية الحقوقيين بصفاقس‪ ،‬مجمع االطرش‪.‬‬
‫‪ -‬نجاة البراهمي الزواري‪ ،‬تعليق على قرار عدد ‪ 63849-2011‬بتاريخ ‪ 24‬أفريل ‪2012‬‬
‫‪ ،‬األخبار القانونية‪ ،‬عدد ‪، 189 – 188‬نوفمبر ‪ ،2014‬ص ‪ 18‬إلى ‪. 26‬‬

‫‪‬محاضرات ‪:‬‬
‫‪ -‬سلمى عبيدة‪ ،‬الجديد في نظام اإلنقاذ من خالل القانون عدد ‪ 36‬المؤرخ في ‪ 26‬أفريل‬
‫‪ 2016‬أفريل ‪ ،2016‬محاضرة قدمتها السيدة سلمى عبيدة بصفتها قاضية مكلفة بأمورية‬
‫بديوان وزير العدل وهي مرقونة و منشورة على األنترنت تم اإلطالع عليها ‪2/ 24‬‬
‫‪. 2024/‬‬

‫‪41‬‬
Bibliographie
 Ouvrages généraux :

JACQUEMENT (A) :
- Droit des entreprises en difficulté, 5 éme éd, LGDJ, paris, 2007.

CONSO (P) et HEMICI (F) :


- L’entreprise en 20 leçons, 4 éme éd, Dunod, Paris, 2006.

Derrida (F), Godé (P), Sortais (J-P) :


- Redressement et liquidation judiciaires des
entreprises,Dalloz ,1991.

 Thèses et mémoires :
SEBAI(M), mémoire pour l’obtention du diplôme d’études
approfondies en droit des affaires : Les dirigeants d’entreprises et le
droit des procédures collectives, faculté des sciences juridiques
politiques et sociales de Tunis, 1996/1997.

 Articles :

JAOUHAR (M) :
- « Les sanctions applicable aux dirigeants des entreprises en
difficulté », approche comparative, Revue publié à la fac de
Sfax.
PAILLUSSEAU (Y) :

- « Du droit des faillites au droit des entreprises en difficulté »,


Mélanges Roger HOUIN, 1985.

42
HOUIN (R) :
- « Permenance de l’entreprise à travers la faillite »,in « Aspects
économiques de la faillite, sirey 1970.

MELEDO-BRIAND (D):
- « Procedures collectives et droit économique.l’exemple
francais »,RIDE,1994,p230-265.

CHAMPAUD (C) :
- Rapport de synthése au colloque « Entreprise en difficultés
économiques et concurrence », RIDE, 1995, p318-343.

43
‫الفهرس‬

‫قائمة المختصرات‪3................................................................‬‬
‫الفهرس‪5...............................................................................‬‬
‫المقدمة‪6................................................................................‬‬
‫الجزء األول‪ :‬تحديد دور المسير في إطار إجراءات االنقاذ‪12...............‬‬
‫فرع أ‪ /‬دور متغير‪13................................................................‬‬
‫فرع ب‪ /‬دور قابل للحد‪19.........................................................‬‬
‫الجزء الثاني ‪:‬أثر إجراءات االنقاذ على المسير‪28 ............................‬‬
‫فرع أ ‪ /‬أثر إجراءات االنقاذ على شخص المسير‪29...........................‬‬
‫فرع ب ‪ /‬أثر إجراءات االنقاذ على الذمة المالية للمسير‪33..................‬‬
‫قائمة المراجع‪40.....................................................................‬‬

‫‪44‬‬

You might also like