Professional Documents
Culture Documents
المسير في إطار الاجراءات الانقاذ .Vers.fin
المسير في إطار الاجراءات الانقاذ .Vers.fin
1
" ما من شك أن عملية التسيير معقدة تحتاج إلى مسير كفؤ له
الخبرة الكافية و يملك مستوى معينا من الحرفية تمكنه من إتخاذ
القرار المالءم في المؤسسة طبق موضوعها و بما يحقق غرضها
1
خاصة عندما تسوء حالتها "
1تؤكد ذلك األستاذة سماح قوبعة ( أستاذة مساعدة بكلية الحقوق بصفاقس) في إطار مفتتح مقالها المعنون " وضعية المسير في فترة المراقبة "،
،دراسات قانونية ،جامعة صفاقس ،عدد ، 2022، 27ص 59إلى .120
2
قائمــــــــــــــــــــة المختـــــــــصرات
ج
ج :.جزء .
ص
ص :.صفحة .
ص ص :صفحات.
ط
ط :.طبعة .
ف
فق :.فقرة .
م
م.تج :المجلة التجارية .
م.ش.تج :مجلة شركات تجارية.
م.إ.ع :مجلة االلتزامات و العقود.
م.م.م.تج :مجلة المرافعات المدنية و التجارية
م.ح.ع:مجلة حقوق عينية.
ن
ن :.نشرية .
3
Liste des abréviations
B:
Bull: Bulletin
C:
Civ: civile
Com: commercial
Cass:cassation
E:
Éd : édition
N:
N°: numéro
O:
Opt.cit: opere citato
P:
P : Page
4
المخطط العام
5
عندما يتعلق األمر باالصالح و االنقاذ للخروج من األزمات يحتل المسير مركز االهتمام ال
في مجال السياسة فحسب بل وخاصة في مجال األعمال و المؤسسات االقتصادية بوصفها
محور اهتمامات السياسة التنموية للدولة .فالخروج من وضعية التعثر إلى وضعية االستقرار
يمر حتما عبر وجوب تصحيح المسار و إدخال تعديالت أو تغييرات عند االقتضاء على
هياكل التسيير في المؤسسات بحثا عن الكفاءة و النجاعة ،حتى لو كان ذلك لفترات انتقالية أو
2
وقتية.
وفي هذا االطار يعتبر االنقاذ المكون األول لالجراءات الجماعية في صيغتها الجديدة في
القانون التونسي وذلك منذ إصدار قانون إنقاذ المؤسسات المارة بصعوبا ت إقتصادية سنة
. 1995وتقوم إجراءات االنقاذ على فكرة رئيسية مفادها أنه طالما كانت الصعوبات
االقتصادية قابلة للتجاوز ،فإن األولوية تعطى لهذه اإلجراءات .و يتنزل إنقاذ المؤسسات
المارة بصعوبات إقتصادية في إطار قانوني يبرز بوضوح استناده على واقع اقتصادي يعتبر
المؤسسة االقتصادية بمثابة خلية أساسية لالقتصاد الوطني و انسحاب إحداها يؤثر على
3
تماسك النسيج االقتصادي و النماء المجتمعي وذلك مايستدعي ضرورة للمحافظة عليها.
تتعدد آليات االنقاذ بتعدد الوضعيات التي تكون المؤسسة االقتصادية في مواجهتها .فاذا
كانت الصعوبة االقتصادية هي المحدد الرئيسي للخضوع لالجراءات الجماعية بصفة
عامة،فان طبيعتها المتدرجة من حيث شدتها ،تبرر اعتماد أكثر من وسيلة لتحقيق االنقاذ.و
هو مايقتضي نوعا من التناسب بين شدة الصعوبة من ناحية،وآلية االنقاذ المعتمدة من ناحية
أخرى .في هذا االطار ،حدد المشرع ثالث اجراءات لالنقاذ تتمثل عموما في االشعار
ببوادر الصعوبات االقتصادية و التسوية الرضائية و التسوية القضائية .4فالصعوبة
االقتصادية في إطار بوادرها األولى يفعل في شأنها إجراء وقائي يتمثل في التقاط االشارات
المنبهة و الدالة على وجود بوادر الصعوبة و العمل على تالفي تطورها حتى ال تتحول إلى
حقيقة وواقع ملموس مؤثر بشكل مباشر على سير و ديمومة المؤسسة االقتصادية .5أما إذا
تحولت الصعوبة من وضعية كمون إلى وضع الصعوبة الواقعية الحقيقية التي بدأت تؤثر
في السيرالطبيعي للمؤسسة دون أن تبلغ من الشدة تحول بينه و بين تحقيق هذا الوفاء فذلك
حديث عن تسوية رضائية 6تقوم على االتفاق بين المدين و دائنيه 7يتضمن مجمال مجموعة
من التنازالت 8لفائدته .أما إذا بلغت الصعوبة االقتصادية التي تواجهها المؤسسة االقتصادية
2سماح قوبعة "،وضعية المسير في فترة المراقبة" ،دراسات قانونية ،جامعة صفاقس ،عدد ، 2022، 27ص . 59
3علي النني ،القانون التجاري االجراءات الجماعية ،مجمع األطرش ، 2022 ،ص ،88فق . 90
4علي النني ،مرجع سابق الذكر ،ص ،129فق . 136
5علي النني،مرجع سابق الذكر ،ص ، 131فق . 137
6علي نني ،مرجع سابق الذكر ،ص ، 157فق . 179
7علي نني ،مرجع سابق الذكر ،ص ، 157فق . 180
8علي نني ،مرجع سابق الذكر ،ص ، 175فق . 209
6
درجة التوقف عن الدفع فيعتمد إجراء إنقاذ يتمثل في التسوية القضائية و الذي يقوم على
9
آلية محددة تتمثل في برنامج لالنقاذ يتضمن أحد حلول االنقاذ المحددة قانونا.
يقودنا الحديث عن مؤسسة تمر بصعوبات اقتصادية إلى تسليط الضوء مباشرة على المسير
لها بحكم إلمامه بجميع شؤونه و بوضعها االقتصادي و المالي و االجتماعي و بحكم درايته
بعالقاتها و خصوصيات نشاطها 10.بالرغم من أهمية لفظ المسير الذي يحمل خلفه نظاما
قانونيا معقدا و خطيرا فان النصوص القانونية التونسية لم تتضمن تعريفا مدققا للتسييرهذا
ما أدى إلى صعوبة تمييز التسيير عن المصطلحات الشبيهة به كاالدارة و التصرف،خاصة
و أن المشرع يخلط أحيانا بين االدارة ،التسيير،التنفيذ إذ نجده يستعملها دون تمييز لدالالتها .
11
و بالرجوع للمعنى اللغوي للتسيير ،تفيد هذه العبارة معنى االدارة و التوجيه و القيادة .
ويتفق جل الفقهاء في علم االقتصاد على أن التسيير هو مجموعة العمليات التي تشتمل على
التخطيط و التنظيم و الرقابة و التوجيه و هو باختصار تحديد األهداف و تنسيق الجهود
لبلوغها.12ويبدو أن هذا التعريف الواسع يجد صداه لدى الفقه و فقه القضاء التونسي 13الذي
يعتمد على كل هذه المصطلحات ،التسيير االدارة و التصرف ،على حد السواء للتعبير على
جملة الصالحيات و السلطات التي يمارسها المسير.
كما أن النصوص القانونية التونسية لم تتضمن تعريفا مدققا للمسير للمؤسسات االقتصادية .
و يمكن القول مبدئيا،كما هو الحال في عديد المواد األخرى التي تفتقر إلى تعريفات ،أن
انعدام التعريف القانوني من شأنه أن يفتح الباب نحو تعدد األقوال و تشعبها و ربما تناقضها
14
في موضوع يحتاج إلى وحدة الكلمة فيه و توحد التأويل حوله .
ولعل عدم تضمن النصوص القانونية التونسية تعريفا مدققا للمسير يعود إلى أن ذلك اللفظ
يجمع تحت طياته عديد األنواع من المسيرين الذين ال يمكن أن يجمع بينهم قاسم مشترك
يمكن من صياغة تعريف طالما أن التعريف يرتكز أساسا على توفر هذه القواسم وعلى هذا
األساس ينبغي التمييز بين المسير القانوني و المسير الفعلي و المسير عرضي 15.فأما المسير
الفعلي فأجمع الفقهاء على تعريفه بأنه كل من يمارس بكل سيادة و استقاللية نشاطا ايجابيا
في التصرف و االدارة و أما المسير العرضي فهو كما يدل عليه اسمه ليس المسير العرضي
16سوى شخصا كلف بتسيير المؤسسة و إدارة أمورها بصفة وقتية في انتظار التوصل إلى
حل جذري لوضعية المؤسسة التي إستوجبت حالتها تدخل شخص أجنبي الدارتها عرضيا.
7
أما المسير القانوني فقد دأب فقهاء القانون على تعريفه بأنه " هو الذي يقوم بدور اساسي في
المؤسسة فيمثلها و تقع على عاتقه إدارة أعمالها و االشراف على نشاطها و تنفيذ قراراتها
17
وسياستها العامة و عنه تصدر التعليمات و التوجيهات و القرارات ،و باشرافه يتم التنفيذ"
كما يعرف المسير في علم االدارة بأنه القائد االداري الذي يقوم بأعماله من خالل اآلخرين إذ
18
أنه مخطط و منسق و مراقب لجهود اآلخرين بغية تحقيق هدف مشترك.
ولعل صعوبة التعريف ترجع لحداثة مصطلح مسير الشخص المعنوي 19فقانون االجراءات
الجماعية في بدايته لم يعرف إال التاجر كشخص طبيعي من ذلك لم تعرف االجراءات
الجماعية في بدايتها إال شكل المسير البسيط أي ذلك التاجر الذي يسير عمله بنفسه و الذي
كان يسلط عليه نظام عقابي متدرج الشدة في تاريخ االجراءات الجماعية وذلك لمجرد تعثره
في خالص ديونه 20.لكن عرف مصطلح المسير رواجا مع اعتراف االجراءات الجماعية
في مجال انطباقهاعلى األشخاص المعنوية كمؤسسات اقتصادية 21و ذلك في إطار ظهور
اقتصاد العولمة المعروف باقتصاد السوق 22.وخاصة مع تغير التوجه من مجرد عقاب إلى
توجه يعمل على انقاذ المؤسسة أو السعي على دعمها لمواصلة نشاطها 23أصبح للمسير
مكانة أكبر فهو من أول األطراف المنتظرة لتساعد على تحقيق هذا الهدف باعتباره األكثر
علما بظروفها.ويمكن القول كذلك أن ربط المسير في إطارما يسمى باجراءات االنقاذ يرجع
لتتويج للتراث التاريخي الذي شهدته السلطة السياسية التونسية عبر البحث عن صيغ
24
لمساعدة المؤسسات التي تمر بصعوبات إقتصادية.
ويعتبر تكريس فكرة انقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية تجسيما لتكريس
المنظومة التشريعية التونسية للمفهوم الحديث لالجراءات الجماعية الذي ظهر في الفكر
القانوني و في التشاريع المقارنة منذ منتصف القرن العشرين و المبني أساسا على مبدأ
الفصل بين المؤسسة و صاحبها أو مسيرها و التركيز على هذه األخيرة بوصفها عنصرا
من عناصر الثورة الوطنية تساهم في االنتاج و في توفير مواطن الشغل 25.و يرجع تبني
17مصطفى العوجي،المسؤولية الجنائية في المؤسسة االقتصادية ،مجلة الحلبية الحقوقية ،بيروت، 2015،ص . 493
آمال الصيد ،المسؤولية الجزائية للمسير الفعلي في الشركات التجارية،مجمع األطرش، 2019،ص . 16
18سماح قوبعة ،مرجع سابق الذكر ،ص . 60
19
SEBAI(M), mémoire pour l’obtention du diplôme d’études approfondies en droit des affaires :Les dirigeants
d’entreprises et le droit des procédures collectives, faculté des sciences juridiques politiques et sociales de
tunis,1996/1997,p 14 .
20
SEBAI(M),opt.cit, p 5
21
SEBAI (M), opt.cit, p 16.
22علي نني ،مرجع سابق الذكر ،ص . 89
23
SEBAI (M), opt.cit, p 9.
24منصف الكشو،قانون االجراءات الجماعية :نظام إنقاذالمؤسسات التي تمربصعوباتإقتصادية دراسة نظرية تطبيقية،مجمع األطرش،ط، 2ص44
25سلمى عبيدة ،الجديد في نظام اإلنقاذ من خالل القانون عدد 36المؤرخ في 26أفريل 2016أفريل ،2016محاضرة فدمتها السيدة سلمى عبيدة
بصفتها قاضية مكلفة بأمورية بديوان وزير العدل وهي مرقونة و منشورة على األنترنت تم اإلطالع عليها . 2024/ 2/ 24
8
هذا المبدأ ألول مرة للعميد أوان 26و الذي يقوم على االرتكاز على عنصر اقتصادي و في
ذلك ابتعاد عن األخذ بعناصر قانونية فيها ربط مصير المؤسسة بدرجة خطورة خطأ
مسيرها.27ولعل نظرية الفصل كذلك تحيلنا من جهة أخرى إلى غياب حتمية ربط
الصعوبات التي تجتازها المؤسسة بخطأ المسير إذ أنه وإن كان مذنبا محتمال نتيجة إهمال
منه أو تقصير إال أنه قد توجد عناصر عديدة و مختلفة في طبيعتها تخرج تماما عن المسير
لكنها تطرح في دائرة مسببات الصعوبة االقتصادية التي قد تتعرض لها المؤسسة
االقتصادية 28وقد تصنف إلى أصناف مختلفة 29منها مايتميز بطابعه االقتصادي كصعوبة
الحصول على موارد تمويلية أو الحصول عليها بكلفة مرتفعة أو شح أو غالء في الموارد
األولية ذلك ما سيرتب إفقاد المؤسسة لقدرتها التنافسية على مستوى تحديد األسعار 30.و
بعضها اآلخر قد يكون ذا طابع تقني 31بحت متمثل في عدم قدرة المؤسسة على مسايرة
التطور التكنولوجي الحاصل في ميدان نشاطها بما ينعكس على جودة منتوجاتها و كلفة
انتاجها أو اهتراء آلة االنتاج المتمثل في قدم اآلالت و ارتفاع كلفة تجديدها أو عدم كفايتها ما
يخلق عائق كبير في استمرار النشاط بوتيرة تحافظ على مكانة المؤسسة في سوقها بالنظر
لشراسة المنافسة فيه .وقد يكون لبعض االختيارات السياسية دور في هذه الصعوبة 32فقد
تستحوذ الدولة على أنشطة معينة ألسباب عديدة كضمان موارد مالية لميزانيتها أو الرقابة
على قطاعات مهمة في االقتصاد أو قد تقطع الدولة عالقاتها مع دول معينة ما قد يسبب
ارتفاعا في كلفة التزود بالمواد األولية أو فقدان أسواق مهمة لترويج المنتجات أو قد تطرأ
اضطرابات سياسية من ذلك أخذ بعين االعتبار أحداث الثورة و أواخر سنة 2010و بداية
2011كصعوبة اقتصادية 33.وقد يكون لتردي الوضع االجتماعي داخل المؤسسة
االقتصادية أثر على انتظام سيرها مما يسبب لها مصاعب اقتصادية مترتبة على تدني
إنتاجيتها بما ينعكس على قدرتها التنافسية من ذلك تعدد االضرابات أو عدم حماس األجراء
ألداء العمل أو عدم االتقان في أدائه كما أن تضخم كتلة األجور بما اليتناسب مع المردودية
34
قد يعجل بتفاقم المشاكل المالية التي نتهي عادة بصعوبات مؤثرة .
من ناحية أخرى إن وضعية المسير و األطراف المتداخلة في إجراءات االنقاذ و التي
تربطها عالقة بالمؤسسة االقصادية تطرح نقاشا فقهيا حول مدى اعتماد التوازن بين مختلف
26
HOUIN (R), « Permenance de l’entreprise à travers la faillite »,in « Aspects économiques de la faillite, sirey
1970,n°1 ,p135.
27
SEBAI (M), opt.cit, p 7;8.
28
SEBAI (M), opt.cit, p 1.
29علي النني مرجع سابق الذكر ،ص ،45فق . 35
30علي النني مرجع سابق الذكر ،ص ، 45فق . 36
31علي النني مرجع سابق الذكر ،ص ، 46فق . 38
32علي النني مرجع سابق الذكر ،ص ، 47فق . 39
33المنصف الكشو ،قانون االجراءات الجماعية :نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية،مرجع سابق الذكر،
ص . 149
34علي النني مرجع سابق الذكر ،ص ، 48فق . 40
9
المصالح المتعددة و المتضاربة صلب المؤسسة 35و في ذلك حديث عن نظرية الحوكمة
الرشيدة 36التي من بين مقوماتها يوجد تفعيل لدور المسير بحكم إلمامه بجميع شؤون مؤسسته
و معرفته بنشاطها ودعم تفاعله مع جميع الهياكل و األطراف المتداخلة سواء من داخل
المؤسسة أو خارجها كالقضاء و مساعدي القضاء و الدائنين لكن مع تعزيز المراقبة و
المساءلة حتى اليرتبط مصير المؤسسة بشخصه و حتى ال يضار الدائنون بااللتفاف على
حقهم في استخالص ديونهم بما من شأنه أن ينعكس على أوضاعهم المالية و تنتشر بذلك
الصعوبات37 .ولعل الحديث عن خشية البحث عن توازن مرتبط أصال باحتكام تسيير
المؤسسات االقتصادية لمبدأ عام يحكم المادة التجارية و هو حرية الصناعة و التجارة الذي
أصبح اليوم يسمى حرية المبادرة الصناعية 38و الذي يتفرع عنه القول بأن المؤسسة
االقتصادية هي ملك ألصحابها 39دون تدخل من جهات خارجية .فللمسير مبدئيا سلطات
واسعة تخول له مباشرة جميع الصالحيات و التصرفات باسم المؤسسة و لفائدتها و طبق
موضوعها لكن عمال لتحقيق ذلك التوازن عمل القانون على رسم حدود سلطات المسير
المطلقة و فرض عديد اآلليات الرقابية خاصة عندما تمر المؤسسة بصعوبات اقتصادية بما
من شأنه أن يعزز تدخل القضاء العدلي في تسييرها40.و أمام إختالل ممارسة الرقابة
اللالزمة على المسيرين أو عجز الطرق الرقابية المستعملة في إخراج المؤسسات االقتصادية
من أزمتها سعت جل التشاريعات المقارنة إلى إيجاد طرق و أساليب رقابية تجيز للقضاء
التدخل في تسييرهذه المؤسسات بما من شأنه إبعاد المسير أو التقليص من صالحياته التي
يستمدها من القانون أو من إرادة أصحاب المؤسسة ويعد هذا التدخل القضائي مظهرا من
مظاهر تطور وظيفة القاضي التي تختلف عن وظيفته التقليدية "ألنه ال يصدر أحكاما في
خصومة قضائية و يفصل فيها لهذا الطرف أو ذاك بل إنه يضع حلوال اقتصادية و مالية
ناجعة و قابلة للتطبيق تخرج المؤسسة من وضعها االقتصادي المتأزم" 41.وقدعمل المشرع
مجمال في إطار ضمان النجاعة على تفعيل تصورالجراءات االنقاذ و أهدافها 42عبر
35فكل طرف له عالقة بالمؤسسة يبحث عن فرض مواقفه بحسب ما تمليه مصالحه فمصلحة المستثمر في البحث عن الربح ال تتناسق مع مصلحة
األجراء و ال تتالءم تطلعات المسير و رغبته في التطوير مع رغبة باقي األطراف بما قد يؤثر على ديمومة المؤسسة و استمرارها الشيئ الذي
يستدعي التدخل للمحافظة على نشاط المؤسسة و تكثيف الجهود لتحقيق تلك الغاية ،سماح قوبعة مرجع سابق الذكر ،ص . 68
36نزار السنوسي ،الحوكمة في قانون الشركات التجارية مقارنة بالمعايير الدولية ،مجلة األخبار القانونية ،عدد ، 150فيفري ، 2013ص . 20
37سماح قوبعة ،مرجع سابق الذكر ،ص . 68
38علي النني مرجع سابق الذكر ،ص , 120سماح قوبعة ،مرجع سابق الذكر ،ص . 64
39علي النني ،مرجع سابق الذكر ص . 197
40سماح قوبعة مرجع سابق الذكر ص . 61
41استقر موقف محكمة التعقيب التونسية حول خصوصية وظيفة القاضي في إجراءات االنقاذ.قرار تعقيبي مدني عدد 7260مؤرخ في 14
جويلية ( 1999غير منشور ) ،قرار تعقيبي عدد 82663 – 2009بتاريخ 12فيفري 2020منشور بالمنصة االلكترونية لمحكمة التعقيب
التونسية .أنظر أيضا قرار آخر لمحكمة التعقيب بتاريخ في 8ماي 2014ذكره القاضي منصف الكشو ،قانون االجراءات الجماعية :نظام إنقاذ
المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية ،ص .29
42هذه األهداف حددها المشرع بالفصل 415من المجلة التجارية إذ ورد فيه ما يلي " يهدف نظام اإلنقاذ إلى مساعدة المؤسسات التي تمر
بصعوبات إقتصادية على مواصلة نشاطها و المحافظة على مواظن الشغل فيها و الوفاء بديونها" .و اختلف الفقهاء في مدى تمتعها بطابع الترتيب
فيتراءى للبعض أن األهداف متكافئة بالنظر إلى أن تحقيق بعضها يمكن أن يؤدي لتحقيق بعضها اآلخر ،كما أن تحقيق هدف الوفاء بالديون ال
يمكن إال أن يكون أحد األهداف الرئيسية لإلجراءات الجماعية على الرغم من ذكره في ذيل قائمة األهداف .و هذا الموقف يمكن أن يفهم مما جاء
بأحد قرارات محكمة التعقيب الذي جاء به مايلي " و إن كان هدف قانون اإلنقاذ هو مساعدة المؤسسة على مواصلة نشاطها إال أن المشرع وضع
هدفا ال يقل عنه أهمية باعتبار ربطه بحرف العطف الواو وهو الوفاء بديونها ( قرار تعقيبي مدني عدد 67468مؤرخ في 17أفريل ، 2012
ورد بمؤلف عصام األحمر الجديد في فقه الفضاء ،مجمع األطرش ، 2018،ص ). 319لكن هذا الرأي حسب شق آخر من الفقهاء يفتقد إلى
10
االحتكام لجملة من المبادئ لتنظيم سلوك المسير والسيطرة عليه أحيانا .ونذكر من هذه
المبادئ وحدة األمر ،وحدة التوجيه في إطار خطة واحدة ،مبدأ التخصص و تقسيم العمل،
43
مبدأ االشراف التخصصي و الطابع الرسمي للعالقات.
ولعل كل ما تم التقدم به بالذكر يؤول إلى طرح التساؤل التالي
كيف نظم المشرع وضعية المسير في إطار إجراءات االنقاذ ؟
ولالجابة عن االشكالية التالية يقتضي القول بأن المشرع حدد دور المسير في إطار
إجراءات االنقاذ ( جزء أول ) لكن أتبع ذلك في نفس الوقت بآثار تسري عليه ( جزء ثاني).
الوجاهة على أكثر من مستوى إذ هو يغيب أهم مالمح التطور الحاصل في االجراءات الجماعية و المتمثل في االنتقال من البحث عن هدف سداد
الديون كم حرك رئيسي لإلجراءات الجماعية و المتمثل في االنتقال من البحث عن هدف سداد الديون كمحرك رئيسي لإلجراءات الجماعية في
مفهومها التقليدي إلى البحث على المحافظة على كيان المؤسسة االقتصادية كأساس لهذه االجراءات الجماعية في مفهومها المعاصر .ومن ذلك
فتنزيل قانون اال جراءات الجماعية في إطاره الموضوعي الجديد ال يمكن أن يقودنا حسب هذا التوجه الثاني إال إلى القول بترتيب أهداف االنقاذ
الواردة بالفصل 415من المجلة التجارية ترتيبا تفاضليا .علي النني ،مرجع سابق الذكر ،ص , 105فق . 106
43سماح قوبعة ،مرجع سابق الذكر ،ص . 71
11
الـــــجــــــزء
األول
12
الجـــــــــــزء األول :تحديد دور المسير في إطار إجراءات االنقاذ
إن دور المسير في إطار إجراءات االنقاذ يختلف وصفه من دور متغير أحيانا ( فرع أ) إلى
دور محدود المدى أحيانا أخرى ( فرع ب) و لعل ذلك مرتبط بمدى خطورة االجراء و
اختالف شدة الصعوبة االقتصادية التي تمر بها المؤسسة االقتصادية.
13
وبذلك أصبح المسير أهم محرك و عنصرا فاعال في إجراءات اإلنقاذ وقد حمله المشرع
واجب االشعار وهو أمر معقول ألنه العارف بشؤون المؤسسة و ماقد يعترضها من
إشكاليات اقتصادية تهدد استمرار النشاط مما قد يؤول إلى ضياع رأس المال،فهو أكثر
األشخاص قربا من المؤسسة االقتصادية باعتبار العالقة المباشرة التي تجمعه بها فيفترض
في إشعاره الجدية و النجاعة و الواقعية المستمدة من مالمسته لظروف سير المؤسسة
االقتصادية .
ويهدف إشراك المسير في نظام االشعار ،مزيد تفعيله ،وحتى تتم االحاطة بالمؤسسة منذ
بروز بوادر الصعوبات .تتلقى لجنة متابعة المؤسسات االقتصادية من الجهات المخول لها
االشعار التي من بينها المسير فتتولى دراسته و تقييم مدى جديته و أثره على نشاط المؤسسة
االقتصادية.فتوجه اللجنة ما رأته جديا من االشعارات لرئيس المحكمة االبتدائية التي بدائرتها
مقر المؤسسة االقتصادية ،48فال يجوز منطقا ان توجه كل االشعارات الجدية و غير الجدية،
إلى المحكمة49 .وإن اقترنت جدية اشعار المسير بمجرد االفتراض فذلك يعود لما الشعاره
في الحقيقة من طبيعة نظرية جدا فالمسير عادة ما يكون مكابرا و غير قابل لفكرة االعتراف
باخفاقه في التسيير فهو ال يقبل حقيقة الصعوبات االقتصادية و قد برزت على السطح فكيف
له أن يستشعر وجود بوادرها .ومن ذلك فتغافل المسيرين على وجود بوادر صعوبات
50
اقتصادية أو أملهم في تجاوزها يجعل مساهمتهم في االشعار هامشية .
وفي هذه المرحلة يضطلع المسير أيضا بوظيفة ارشادية 51وذلك بالرجوع للفصل 420م
تج وذلك في إطار الشركات خفية االسم فحسب -عن بوادر الصعوبات االقتصادية التي
يمكن أن يستشعرها مراقب الحسابات فيلزم باالجابة في أجل ثمانية أيام عن االستفسار
الكتابي لمراقب الحسابات عندما يلفت انتباهه خلل قد يكون سببا لظهور صعوبات اقتصادية
وذلك في إطار القيام بمهامه .ولعل هذا الدورثانوي ألنه في إطار اجابة غامضة أو غير
موجودة يمكن لمراقب الحسابات أن يعرض فيها األمر على مجلس االدارة أو مجلس
المراقبة و يمكن له عند التأكد دعوة المساهمين إلى عقد جلسة عامة للتداول في المسألة.
عند تلقي رئيس المحكمة االبتدائية التي بدائرتها مقر المؤسسة االقتصادية اإلشعار من
الجهات المخولة إلبالغه يقوم هذا األخير باستدعاء المسير أو صاحب المؤسسة بأي وسيلة
تترك أثرا كتابيا ليعلمه بفحوى االشعار و ما يمثله من جدية وجود مخاطر تتربص
بالمؤسسة و تستوجب تحركا من جانبه فعند وصوله عنده يقوم رئيس المحكمة االبتدائية
بمطالبته ببيان التدابير التي يعتزم اتخاذها لتفادي الصعوبات االقتصادية و يضرب رئيس
المحكمة االبتدائية للمسير أجال يمتد لشهر يقع بعدها تقييم اإلجراءات التي تم اتخاذها
فمآل االشعار يرتبط في جزء منه بكفاءة المسير فهو الذي يكون على عاتقه اتخاذ اإلجراء
48حمادي الرايد ،شرح القانون التجاري التونسي :اإلجراءات الجماعية ،مجمع األطرش للكتاب المختص ،تونس ، 2023الطبعة األولى ،ص
. 38
49علي الننيٍ ،مرجع سابق الذكر ،ص . 154
50علي نني مرجع سابق الذكر ،ص . 138
51علي نني ،مرجع سابق الذكر ،ص . 142
14
المناسب ،فإما أن يكون سببا لتالفي الوضعية ووأد الصعوبة االقتصادية في مهدها 52أو
يكون سببا في فشلها المؤدي للظهور الفعلي للصعوبة االقتصادية مايترتب عنه طي مرحلة
االشعار و المرور للمرحلة التالية و هي مرحلة إجراء التسوية الرضائية.
يتحقق االنتفاع باجراءات التسوية الرضائية من خالل طلب يقدم إلى رئيس المحكمة
االبتدائية التي بدائرتها المؤسسة االقتصادية ،فقد خول المشرع مسير المؤسسة أو صاحبها
بطلب االنتفاع باجراءاتها .وقد اشترط الفصل 423م تج ان يكون هذا الطلب مرفقا الوثائق
الواردة بالفصل 417م تج.
خص المشرع المدين دون غيره بامكانية تقديم طلب االنتفاع بإجراءات التسوية الرضائية.
و المدين يختلف وضعه باختالف الشكل القانوني للمؤسسة االقتصادية .فعندما تكون
المؤسسة الفردية فإن المخول بتقديم الطلب هو صاحبها أما إذا تعلق األمر بشركة تجارية
فإن المخول بتقديم الطلب هو مسيرها أي ممثلها القانوني .فالشركة ال يمكن أن تمثل نفسها
باعتبار أنها منزلة منزلة الصغير غير المميز ككل الذوات المعنوية األخرى حسب صريح
53
الفصل 5من م إ ع.
و تجدر االشارة في هذا االطار أن كل ممثل قانوني هو مسير لكن ليس كل مسير هو ممثل
قانوني فمفهوم المسير أوسع بكثير من مفهوم الممثل القانوني.
يقرر رئيس المحكمة االبتدائية قبول طلب االنتفاع بالتسوية الرضائية عند معاينته لتوفر كل
الشروط ،الذاتي منها و الموضوعي .و تتجسم موافقته باصداره قرارا يفتتح من خالله
54
إجراءات التسوية الرضائية .
و غاية هذا القرار متمثلة في الوصول إلى إتفاق بين المدين و دائنيه متضمن لجملة من
التسهيالت من شأنها أن تساعد على مواصلة المؤسسة نشاطها .إذن ،تتميز مرحلة التسوية
الرضائية بقيامها على أساس آلية إنقاذ معينة تتمثل في إبرام إتفاق بين المدين و دائنيه يسمح
للمؤسسة بمواصلة نشاطها الذي يمكن أن يتضمن حطا كليا أو جزئيا من الديون،أو جدولة
للديون،أو إيقافا لسريان الفوائض،أو غيرها من البنود ،على أن يخضع ذلك االتفاق
لمصادقة رئيس المحكمة االبتدائية التي بدائرتها مقر المؤسسة المنتفع بالتسوية
الرضائية حتى يرتب آثاره؛ ان إتفاق التسوية الرضائية ،و إن كان مبنيا باألساس على
أطرافه الرئيسة المتمثلة في المدين من جهة و الدائنين من جهة أخرى ،
15
إال أن خصوصيته ال تغيب عن المتفحص لطبيعته القانونية ،فهو وإن كان عقدا ،اال انه
يتميز بتداخل اطراف خارجية في اعداده و في نفاذه فالمصالح يساهم في إعداده و القاضي
يأذن بنفاذه من خالل آلية المصادقه عليه.و لغرض تفعيل هذه اآللية،تبنى القانون عدة
خيارات أساسية من بينها إحداث مؤسسة المصالح فقد عمد القانون الجديد على تدارك
العوائق التي أدت إلى عدم نجاح آلية التسوية الرضائية على الصعيد العملي و المتمثلة
أساسا في عدم وضوح مؤسسة المصالح و أحال في أحكامه االنتقالية إلى صدور قانون
55
ينظم الشروط الواجب توفرها في المصالح و طرق عمله .
غير أنه إلى حين صدور القانون المنظم لتلك الشروط الواجب توفرها في المصالح وضبط
قائمة في المصالحين بمقتضى قرار من وزير العدل ،يمكن أن يقوم بهذا الدور المحامي
لدى التعقيب أو أي شخص آخر يعينه رئيس المحكمة سواء ممن يقترحه صاحب المؤسسة
أو مسيرها و يكون دور المصالح تقريب وجهات النظر بين أطراف االتفاق لبلوغ الغرض
من هذا االجراء و هو إبرام اتفاق التسوية الرضائية و تعتبر هذه المهمة صعبة بالنظر إلى
56
تباعد وجهات النظر.
مما يستوجب اتسامه بالكفاءة و الحيادية و الموضوعية و الخبرة في شؤون المؤسسات من
ذلك فنجاعة االجراء ترتبط ارتباطا وثيقا بهذه الشروط ،فللمسير تقديم طلب لرئيس المحكمة
بتغييره في صورة غياب أحد أو مجمل هذه الشروط ومن ذلك حديث عن المسير الحريص.
ونجاعة هذا االجراء مرتبط بمدى االلتزام بهذا االتفاق و للمسير دور في ذلك ففي صورة
إخالل المدين بتعهداته المترتبة عن اتفاق التسوية الرضائية تجاه أحد دائنيه حسب الفصل
430م تج يمكن لكل من له مصلحة أن يطلب من المحكمة فسخ االتفاق الذي يمثل فشال
الحقا البرامه لكن يمكن أن يكون فشل االنقاذ في إطار التسوية الرضائية سابقا إلعداد
االتفاق في حال تقاعس المسير مثال عن الحضور لدى المصالح بعد التنبيه عليه وهو ما يقوم
دليال على عدم جديته وغياب حرصه على االنتفاع باجراءات التسوية الرضائية التي قدم
طلبا للحصول عليها .ذلك ما يفضي إلى القول أن لحرص المسير دورا كبيرا في تحديد مآل
التسوية الرضائية الذي يكون متراوحا بين النجاح و الفشل.
ولكن التراضي ال يكون دائما الحل للصعوبات التي تمر بها المؤسسة فأحيانا يكون الحل
بافتتاح إجراء جماعي قضائي وهو ما أطلق عليه المشرع إجراء التسوية القضائية و هي
57
إجراء قضائي و إن أصبحت له اليوم مسحة رضائية.
افتتاح هذا اإلجراء يكون متوقفا على وجود شرط موضوعي إيجابي وهو التوقف عن الدفع
و هو شرط واجب اإلثبات الذي يتولى المسير إثباته بكل الوسائل فاألمر يتعلق بواقعة
قانونية ،بوصفه من بين الجهات المخولة قانونا بطلب االنتفاع بالتسوية القضائية تطبيقا
16
للفصل 434م تج وقد ورد به مايلي "تنتفع بالتسوية القضائية المؤسسة التي توقفت عن
58
دفع ديونها".
وككل إجراء يتم افتتاحه بتقديم طلب تسوية قضائية ووفقا لعبارات الفصل 435م تج يقدم
هذا الطلب من قبل صاحب المؤسسة إن كانت المؤسسة فردية و مسير الشركة التجارية كل
حسب شكلها و يفرق المشرع بين وضعية الشركة خفية االسم وغيرها من أشكال الشركات
األخرى في ذلك التفريق أخذ بعين االعتبار باختالف أساليب التصرف واإلدارة في
الشركات التجارية .ويكون في غير الشركة خفية االسم المسير أي وكيل الشركة وممثلها
القانوني وهو المخول بتقديم الطلب أما إذا تعلق األمر بشركة خفية االسم فقد فرق المشرع
بين طريقة إدارتها ليحدد على أساس ذلك الطرف المخول بتقديم طلب االنتفاع بإجراءات
التسوية القضائية فإذا كانت الشركة تدار بمجلس إدارة نمط االدارة التقليدي فيكون المخول
بتقديم الطلب إما الرئيس المدير العام أو المدير العام للشركة أو أغلبية أعضاء مجلس
االدارة أما إذا كانت الشركة تدار بهيئة إدارة جماعية أي نمط اإلدارة جديد فيكون المخول
بتقديم الطلب إما رئيس هيئة االدارة الجماعية أو المدير العام الوحيد أو أغلبية أعضاء هيئة
59
االدارة الجماعية .
إن المسير هو األولى بتقديم طلب االنتفاع بإجراءات التسوية القضائية و المفترض فيه تقديم
طلب االنتفاع بالتسوية القضائية بالنظر لما يمكن أن يحققه هذا االجراء من امكانية إنقاذ
لوضعه المتردي .وهو ما يفسر وجوده على رأس قائمة األطراف المخول لها تقديم الطلب
وبالتالي على المسير أن يكون حريص على تقديم الطلب سعيا منه إلنقاذ المؤسسة
االقتصادية و قد حاول المشرع تالفي إمكانية تقاعس المسير في تقديم الطلب من خالل
سماحه ألغلبية أعضاء مجلس االدارة او هيئة اإلدارة الجماعية بتقديم طلب االنتفاع
باإلجراءات.
ولكن ال يخفى على المرء أنه أحيانا يقدم المسير طلب انتفاع التسوية القضائية لالنتفاع
بأثرها المباشر وهو ايقاف اجراءات التنفيذ الفردي ويمكن الحديث عن مسير سيئ النية.
ويقدم الطلب لرئيس المحكمة االبتدائية ( فصل 435م تج ) مرفقا بالمعطيات و الوثائق
المنصوص عليها بالفصل 417و على المدين و المسير ان يدلي إضافة إلى المعطيات و
الوثائق المنصوص عليها بالفصل 417من هذه المجلة ببرنامج اإلنقاذ المقترح . 60و الذي
58تجدر المالحظة أن التوقف عن الدفع رشط موضوع سلي صلب إجراءات التسوية الرضائية و ف هذه الحالة سيكون اإلثبات متجها لنف
وصول الصعوبة االقتصادية لدرجة التوقف عن الدفع وهو إثبات يتواله المدين بوصفه الجهة الوحيدة المخولة قانونا بطلب االنتفاع بالتسوية
الرضائية
59علي نني ،مرجع سابق الذكر ،ص . 187
60لكن ف ذلك يعتث عىل ني قد توح للبعض بأن المدين هو من يعد برنامج االنقاذ و الحقيقة أن هذا االيحاء بعيد عن الواقع لسببي وجيهي
أحدهما ذات و اإلخر موضوع أما السبب الذات فيتعلق بالمدين إذ لو كان قادرا عىل صياغة برنامج االنقاذ كامل غث قابل للزيادة أو النقصان
بحيث يقدم عىل حالته للمحكمة ماكانت مؤسسته لتقع فيما وقعت فيه من صعوبات اقتصادية و اذا افثضنا أن سبب هذه الصعوبات قد يكون
خارجا عن إرادة المسث و غث مرتبط بدرجة كفاءته مما يقل من حجة عدم قدرته عىل صياغة برنامج انقاذ جدي قابل للتنفيذ فان سسا آخر ال
يقل أهمية قد يجعل مقتثحه بالضورة قابال للمراجعة وهو أن المدين سيكون ف الغالب باحثا عن مصلحته من خالل التوسع ف طلب
التضحيات من دائنيه وه مقثحات لن تحوز ف الغالب عىل موافقتهم كما صاغها المدين وهو ما يقتض بالضورة مراجعتها أما السبب
17
يقرر رفض المطلب بمقتضى قرار معلل أو يأذن بانطالق إجراءات التسوية القضائية إذ
تبين له أن الطلب جدي وله الخيار بين حلين إما أن يأذن بفترة مراقبة ( فترة تشخيص) أو
أن يحيل الملف على المحكمة دون المرور بفترة مراقبة إذا تبين له أن إحالة المؤسسة هي
الحل الوحيد إلنقاذها .
و تعتبر فترة المراقبة الفترة التي تسمح لالطراف المعنيين في إطار إجراءات التسوية
القضائية بالتعرف على الوضع االقتصادي للمؤسسة و اعداد برنامج االنقاذ على خالف
قانون 1995الذي أسند مهمة إعداد برنامج اإلنقاذ للمتصرف القضائي و ابعاد
المسير وهو ما من شأنه أن يؤدي لعدم إنجاح هذا البرنامج ،فقد حرص المشرع في قانون
2016على مزيد تفعيل دور المسير المدين في بلورة برنامج اإلنقاذ فال شك أن المسير
يعرف الخطوات التي يجب اتخاذها لتحقيق أهداف اإلنقاذ فأصبح المسير يشارك في إعداد
برنامج اإلنقاذ و قد أكدت على ذلك محكمة التعقيب بفرضها على المدين تقديم الحلول حتى
يقع اإلسراع في إجراءات اإلنقاذ.61
وعند انتهاء فترة المراقبة أوجب المشرع المحكمة بتركيبتها الجماعية سماع المسير المدين
62
قبل اتخاذ قرار التسوية القضائية.
تجدر االشارة في هذا الصدد ،انه في صورة ما لم تعد المؤسسة متوقفة عن الدفع يمكن
للمسير أن يتوجه إلى القاضي المراقب أو إلى رئيس المحكمة ليبين حالة المؤسسة و إقناعه
بتوجيه طلب لحجرة الشورى للقضاء بإيقاف إجراءات التسوية القضائية .كما يمكن أن يقترح
عليه توجيه طلب للمحكمة لالذن باحالة المؤسسة إلى الغير إذا كان من الجلي أنها الحل
الوحيد إلنقاذ المؤسسة63 .وحتى لو لم يتجه المسير إلى القضاء بنفسه فقد أجاز المشرع
64
لرئيس المحكمة طلب معلومات عن حالة المؤسسة مباشرة من المسير المدين.
تقتضي اإلجراءات بصفة مبدئية ان يواصل المدين التصرف .و المبدأ واضح و بسيط
بإعتبار أن فتح التسوية القضائية ال يفيد توقف هياكلها عن التصرف واإلدارة 65.فالمسير ال
يفقد صالحية إدارة مكاسب المؤسسة .فتصرفات المسير تظل صحيحة إذا لم تتجاوز أعمال
اإلدارة والتصرف العادي .فالمؤسسة االقتصادية تكون عادة ملكا ألصحابها يسيرونها
بحرية مطلقة فال سلطان عليهم في ذلك غير احترام المقتضيات القانونية .ويعتبر هذا األمر
تعبيرا صريحا لمبدأ الحرية االقتصادية في جانبه المتعلق بالحرية في التسيير .اال ان هذه
الحرية يمكن أن تخضع إلى تقييد بمجرد دخول المؤسسة تحت طائلة اإلجراءات الجماعية
بالنظر لضرورة تغليب المصلحة العامة .فالمؤسسة الخاضعة إلجراءات التسوية القضائية
يمكن أن تكون أحد أسباب صعوباتها متأتية من غياب كفاءة مسيريها مما يقتضي المبادرة
الموضوع فيتعلق بأن اشثاط االدالء بثنامج إنقاذ ضمن الوثائق المكونة لمطلب التسوية القضائية ماهو إال رشط للتحقق من جدية المدين
أوال و للسماح للمتضف القضات لالنطالق ف عمله من مقثح المدين ثانيا وذلك لالستئناس برأيه دون التقيد به.عىل ني ،مرجع سابق الذكر،
ص ص . 206 205
.61محكمة التعقيب ،القرار عدد 82663بتاري خ 12فيفري 2020
62سماح قوبعة ،مرجع سابق الذكر ،ص . 86
63فصل 437م تج
64فصل 436م تج ،سماح قوبعة مرجع سابق الذكر ،ص . 84
65منصف الكشو ،مرجع سابق الذكر ،ص . 347
18
إلى إشراك المتصرف القضائي في عملية التصرف و التسيير 66 .و هذا االشراك من شأنه
ابعاد المسير او التقليص من صالحياته التي يستمدها من القانون أو من إرادة أصحاب
67
المؤسسة.
19
هرمي 77يكون فيه القانون أو القاضي المفوض له بالقانون دور كبير في تحديد أو تقييد
78
صالحيته في القيادة كلما توقفت المؤسسة عن دفع ديونها.
ففي إطار نظام االنقاذ فوض المشرع للقاضي سلطة القرار في مسألة إبعاد المسير و تحديد
صالحياته.فقد خول المشرع لرئيس المحكمة بأن يقوم بتوزيع سلطات التصرف بين المسير
و المتصرف القضائي و االختيار بين إعمال أكثر من أثر قانوني 79وارد في الفصل 443م
تج 80فيجوز حصر صالحيات المسير 81في أعمال التصرف من قبل القضاء لفائدة
المتصرف القضائي 82و يتسم هذا الحصر بتدرج ثالثي فتختلف درجة الحصر باختالف
درجة عدم كفاءة المسير و عالقتها بالصعوبة االقتصادية 83فيمكن أن يكون المتصرف
القضائي في درجة أدنى مساعدا 84للمسير األصلي في جميع أو في بعض أعمال التصرف
التي يحددها رئيس المحكمة و يكون ذلك باالستشارة و النصح 85و االرشاد 86حسب إتجاه
أول أو بتوقيع ضروري من المتصرف مالزم المضاء المسير حسب اتجاه ثان 87أما في
درجة أقصى قد يحل المتصرف القضائي محل المسير األصلي فيصبح بذلك مسيرا 88و
ذلك في إطار فرضية استثنائية 89قصوى يثبت فيها لرئيس المحكمة سوء تصرف المسير و
أثره المباشر على المشاكل االقتصادية التي تواجهها المؤسسة 90فيأذن بقرار معلل بتكليف
المتصرف القضائي بادارة المؤسسة كليا 91أو جزئيا بما من شأنه إبعاد المسير األصلي
20
بصفة قطعية أو جزئية و تنقلب تبعا لذلك األدوار فيصبح المتصرف القضائي مسيرا و
يصبح المسير األصلي مساعدا له أو يتم التخلي عنه تماما و في هذه الصورة األخيرة اعتبر
فقه القضاء الفرنسي أن المتصرف الذي تولى مهمة اإلدارة بصفة كلية يكون ملزما بكل
92
األعمال و منها الدعوة لعقد الجلسات العامة للمؤسسة.
و ينتقد جانب من الفقه توجه محكمة التعقيب الفرنسية على أساس أن المتصرف ال يمكن
بأي حال أن يتحول إلى مسير يتحمل كل تبعات التسيير و خاصة منها الداخلية للشركة التي
تبقى محمولة على باقي هياكلها حسب ما ينص عليه قانون الشركات التجارية .و يخلص
من هذا النقد أنه من المتجه االبقاء على صالحيات المسير في كل ما يخص االتفاقات
93
المتعلقة بعمليات جارية و مبرمة بشروط عادية .
باالضافة إلى ذلك يالحظ بعض الفقهاء التونسيون أن في هذه الحالة ال يمكن اعتبار تنصيب
المتصرف القضائي ليصبح المسير القانوني للمؤسسة إجراءا عقابيا بقدر ماهو وسيلة وقتية
و إجراء تحفظي لحماية مصالح المؤسسة من المخاطر التي تتفاقم أو يتعذر تالفي عواقبها
94كما يبقى آخر الحلول في التطبيق و يتحفظ القضاء في إسناد هذه الصالحية للمتصرف
القضائي باعتبار أن المسير األصلي أكثر دراية بعالقات المؤسسة و خصوصيات نشاطها
لذلك قد يلجأ رئيس المحكمة أكثر إلى حصر صالحيات المسير في أعمال التصرف من قبل
القضاء لفائدة المتصرف القضائي بدرجة تدوربين الحد األدنى و األقصى فيكون المتصرف
القضائي مشاركا باضطالعه بمهمة الرقابة على أعمال المسير األصلي .فيكون بمثابة خبير
في التصرف حسب قول محكمة التعقيب 95.ويحدد رئيس المحكمة االبتدائية مجال تدخله
فيحدد أعماال معينة بكل وضوح وتدقيق لتكون من زمرة األعمال التي تدخل في مجال
رقابة المتصرف القضائي .و يختلف الفقهاء في تحديد ماهية الرقابة و زمنها فالبعض يرى
أن هذه الرقابة ال تكون إال الحقة على التصرفات التي يتممها المسير أثناء فترة المراقبة و
ال يمكن تعطيل أي تصرف أو أية عملية يبرمها المسير حتى و إن تبين أنها ال تتالءم مع
حاجيات المؤسسة و ضمان استمرار نشاطها أو أنها أكثر من ذلك قد تمثل خطورة على
وضعية المؤسسة و ليس على المتصرف القضائي قانونا في هذه الحالة إال عرض المسألة
على القاضي المراقب ليبت حاال فيما يختلف فيه المتصرف مع المسير 96حسب الفصل
443م تج 97.و البعض اآلخر يرى أنه في هذا االطار ال يمكن للمسير إتمام مجموعة
92و أن تخلفه عن ذلك يقيم في حقه جريمة الفصل 10- 242للمجلة التجارية.
93فتقتضي الدواعي العملية عدم حشر المتصرف القضائي في العمليات الجارية اليومية في المؤسسة و هي العمليات التي تتصل
بممارسة المهنة و التي تتميز بأنها تتكرر بصفة طبيعية في نشاط المؤسسة و منها عمليات االشهار لترويح بيع المنتوج و بيع المنتوج
بالشروط المعلومة و التي يتم تطبيقها في كل مرة كطريقة الخالص و آجاله و مكان التسليم .
م نصف الكشو،قانون االجراءات الجماعية :نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية،مرجع سابق الذكر،ص
. 350
94قرار تعقيبي عدد 51214مؤرخ في ، 1996 16/ 13ن ، 1996ج ، 2ص . 82
95قرار عدد 63894- 2011بتاريخ 2012-04-24تعليق نجاة البراهمي الزواري -األخبار القانونية عدد 189 / 188نوفمبر 2014ص .22
96منصف الكشو ،قانون االجراءات الجماعية :نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية ،مرجع سابق الذكر ،
ص . 348
97وفي نفس االتجاه يرى البعض اآلخر أن عبارة المراقبة ليس لها معنى قانوني دقيق وهي تفترض على كل حال أن المسير يسير المؤسسة كما
يشاء .فعلى المتصرف القضائي فقط أن يقيم مدى شرعية و جدوى األعمال الموكول له النظر فيها و األمر و مآل تقييمه مرتبط بمدى قبول
ال مسير اإللتزام به فالعمل الذي يقوم به المسير يبقى صحيحا مهما كان عدم جدواه لذلك يرون أن الرقابة هي المهمة الدنيا و ما على المتصرف
القضائي في هذه الحالة إال أن يطلب من رئيس المحكمة تغيير مهمته و الترفيع في سلطاته إذا اعتبر ذلك ممكنا.ولعل في دنو الرقابة في حالها هذا
21
األعمال المشمولة بالرقابة إال بموافقة المتصرف القضائي و يتم ذلك عمليا باخضاعها
الجراء االمضاء المزدوج لكل من المسير األصلي و المتصرف القضائي.98
وقد يطرح في هذا االطار السؤال التالي ماهو جزاء األعمال التي ال تحمل التوقيعين 99و
إجابة على السؤال التالي هنالك تفرقة ال بد منها فإذا قام المتصرف القضائي بالعمل بمفرده
يكون العمل متسما باالفراط في السلطة و بالتالي باطال أما إذا قام المسير بالعمل بمفرده
فيعتبر عمله باطال النعدام السلطة و يتعلق األمر ببطالن مطلق ألن "العمل المنتقد من شأنه
أن يعرض المصلحة العامة المرتبطة بإنقاذ المؤسسة للخطر " بالنسبة إلى بعض الفقهاء
اآلخرين العمل الذي يقوم به المسير بمفرده ال يعارض به االجراء الجماعي .فيبقى العمل
صحيحا بين الطرفين لكن الدائن ال يمكنه أن يتمسك بهذا االجراء.
ويجب االشارة من بعد عرض كل صور الحد من صالحيات المسير أن رقابة التسيير و
المساعدة من طرف القاضي قد تدخل عموما سوى في إطار العمليات التي تتضارب مع
مصلحة المؤسسة و التي تضر بحقوق الدائنين و تلك التي بطبيعتها تخضع للرقابة و
100
التدقيق و المصادقة من طرف هياكل المؤسسة و تلك الممنوعة قانونا .
وترتيبا على ما تقدم يمكن للقاضي 101أن يختار من بين هذه الفرضيات الثالث ضمن حدود
سلطته التقديرية ما يناسب مصلحة المؤسسة بعد دراسة كل الظروف و المعطيات
الموضوعية و الشخصية لرسم توزيع االختصاص بين المسير و المتصرف القضائي .و
102
بطبيعة الحال ال يتم التقدير من قبل القاضي بسهولة فيقوم بدراسة دقيقة لوضعية المؤسسسة
المعنية و مدى كيفية قدرتها على تجاوز صعوباتها فينظر عموما لسلوك المسير و ظروفه
الشخصية التي من شأنها أن تؤثر في نجاح أو فشل التسيير خالل فترة المراقبة آخذا في
ذلك بمعايير الكفاءة و الخبرة و السن و الحالة االجتماعية للمسير األصلي 103.لكن القاضي
في هذا االطار و ان كان حرا في التقدير إال أنه يكون ملزما باثبات صحة تقديره للوقائع
فعلى رئيس المحكمة أن يصدر قرارا معلال باعتبار أن التوسيع من مهمة المتصرف
القضائي لها أثر على إدارة المؤسسة عموما104.و بالرجوع إلى التطبيقات القضائية فان
التعليل عادة ما يتأسس على ثبوت سوء التصرف أو وجود جرائم في التسيير من اختالس
حسب رأيهم ضمانة هشة للغير لذلك نص الفصل 443م تج بالفقرة األولى على أنه " إذا اقتصرت مهمة المتصرف على المراقبة فلرئيس
المحكمة أن يحدد العمليات التي ال تتم إال بإمضاء المتصرف مع المدين" ،حمادي الرايد ،مرجع سابق الذكر ،ص .102
98علي النني ،مرجع سابق الذكر ،ص . 198
99المنصف الكشو ،قانون االجراءات الجماعية :نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية ،مرجع سابق الذكر،
ص . 351
100حمادي الرايد ،مرجع سابق الذكر ،ص ، 103فق . 213
101حسب الفصل 440م تج يمنع على القاضي تعيين المتصرف القضائي من بين األشخاص الذين الذين تربطهم بالمسير عالقة عائلية أو شغلية
أو مديونية أوشراكة و يتضح بذلك جليا أن قانون 2016عزز بتميز الطابع الرسمي .سماح قوبعة،مرجع سابق الذكر،ص. 75
فال يجوز حسب الفصل 440م تج " أن يعين متصرفا قضائيا قرين المدين أو أحد أصوله أو فروعه أو أقاربه أو أصهاره لغاية الدرجة الرابعة أو
من كان أجيرا لديه خالل السنوات الخمسالسايقة الفتتتاح إجراءات التسوية أو أحد دائنيه أو مراقب حساباته.كما ال يجوز أن يعسن المتصرف
القضائي من بين األشخاص الذين تربطهم عالقات من نوع ما تقدم بوكيل الشركة أو مديرها العام أو رئيس المدير العام أو أحد أعضاء مجلس
إدارتها أو أحد أعضاء هيئة إدارتها الجماعية أو مديرها العام الوحيد أو أعضاء مجلس مراقبتها أو بالشريك المتضامن أو بكل شريك".
102سماح قوبعة ،مرجع سابق الذكر ،ص . 72
103سماح قوبعة مرجع سابق الذكر ،ص . 73
104سماح قوبعة ،مرجع سابق الذكر ،ص . 73
22
أو غيره من األفعال التي تدل على االضرار بالمؤسسة و تعطيل إخراجها من وضعية
التعثر إلى وضعية استقرار105 .و رغم أن المشرع لم يتعرض لذلك لكن يجيز الفقه إمكانية
إدخال أي تعديل على مهام المتصرف القضائي خالل إجراءات التسوية سواء بالتوسيع أو
بالتضييق من ذلك يمكن القول أن التضييق من دور المسير قد يتسم بطابع التغير 106وعدم
االستقرار .107و يفسر هذا االقرار بقول أن تحديد مهام المتصرف القضائي في أعمال
المراقبة و المساعدة فقط ال يحول دون القيام من طرف رئيس المحكمة برفع يد المسير و
تكليف المتصرف القضائي وذلك بناء على أعمال تشخيص و كشف لحقيقة الوضع
االقتصادي و االجتماعي للمؤسسة و ما يتبين من التقرير األولي الذي يعده المتصرف
القضائي على معنى الفقرة الثانية من الفصل 442من م تج و يمكن أيضا من جهة أخرى
الحد من التوسيع في المهام التي عهدها رئيس المحكمة للمتصرف القضائي إذا تبين له أن
وضع المؤسسة ال يقتضي التدخل في دور المسير األصلي 108.لكن ال يجب التسليم بامكانية
المراجعة ووضوحها من كل جوانبها بما أن األمر يخضع لنقاش حاد بين الفقهاء خاصة من
حيث شخص مفعلها وطالبها فأما عن مفعلها و استئناسا بالفصل 443يرى البعض أن مهمة
المراجعة تكون بيد القاضي المراقب 109لكن في الواقع من غير المعقول أن تكون لهذا
األخير مراجعة سلطات حددها بداية رئيس المحكمة لذلك قد يكون من األوجه القول أن
رئيس المحكمة هو الذي يحدد سلطات المتصرف القضائي حسب البعض من شراح القانون
110أما بالنسبة لطالب المراجعة فيمكن القول أنه من األحسن التنصيص على أنه يجوز طلب
مراجعة تلك السلطات من قبل كل من له مصلحة111.و إلى جانب ذلك وجب االشارة أن
مايرد على دور المسير من تضييق ال يمكن أن يشمل دور المسير كممثل قانوني للمؤسسة
فيظل متمتعا بحق التقاضي في شأنها و القيام بالطعون 112و قد أكدت محكمة التعقيب ذلك
105المنصف الكشو ،قانون االجراءات الجماعية :نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية ،مرجع سابق
الذكر ،ص . 329
106يتحدث الفقه عن " رفع يد ذي محتوى متغير ":
Derrida (F), Godé (P), Sortais (J-P), Redressement et liquidation judiciaires des
entreprises,Dalloz ,1991,p 73,n° ,95.
23
في إطار قرار لها بتاريخ 05أفريل .113 2005وعليه يمكن للمسيرين الطعن في حق
الشخص المعنوي فيما يصدر من أحكام تحدد برنامج إنقاذه كما يمكنهم تشغيل هياكل
الشركة و خاصة استدعاء الجلسة العامة العادية .لكن قد يصعب الحديث عن الجزم بهذا
اإلقرار في صورة إبعاد المسير عن دائرة التسيير أو إذا تم إسنادها كليا لمتصرف قضائي
فيبرز في ذلك اتجاهين يرى اتجاه أول أن االبعاد ال يعني عزل المسير األصلي و بالتالي
فإن صفة الوكيل تظل باقية و يمكن القول في هذه الصورة أنه وقع تعليقها بصورة
حصرية في خصوص تسيير المؤسسة خالل فترة المراقبة أو لغرض تنفيذ برنامج االنقاذ
بمواصلة النشاط و خالل مدته .فقرار المحكمة في إبعاد الوكيل و إسناد التسيير للمتصرف
القضائي ال يمكنه أن يكون ذو نطاق مطلق و ال يؤدي إلى الحيلولة دون ممارسة المؤسسة
بقية " حقوقها الخاصة بها" بواسطة وكيلها القانوني طالما كانت هذه الحقوق ال تدخل في
نطاق تسيير المؤسسة 114و ليس لها تأثير على حسن سير المؤسسة ببرنامج االنقاذ بل أنها
تساعد أكثر على نجاحه لما تتيحه من مراقبة لعمل المتصرف القضائي 115.كما ال يمكن
إنكار حق المسير األصلي الذي تم استبعاده في ممارسة الطعون في القرارات التي قد تتخذ
ضد الشركة حتى اليؤول األمر إلى انتزاع حقيقي لحق ملكية المؤسسة من طرف أصحابها
الشرعيين .و لعل هذا االتجاه يتماشى في رؤيته مع مايعطيه القانون للممثل القانوني
للمؤسسة من سلطة القيام في حق الشركة و ممارسة الطعون و الدعاوى الداخلة في
إجراءات التسوية القضائية كطلب تعويض المتصرف القضائي أو القيام في حقها لطلب
إعادة الوكالء في التصرف في صورة ما إن ظهر أمر جديد يساعد على تنفيذ برنامج
االنقاذ و لهم عند االقتضاء ممارسة الطعون المتعلقة بالقرارات التي يتخذها القاضي
المراقب في نطاق تنفيذ برنامج االنقاذ116 .أما االتجاه الثاني فيرى أن إعطاء سلطة
االدارة و التسيير للمتصرف القضائي تعتبر بمثابة رفع اليد للمسيرين سيما و أن تأكيد
المشرع على إشهار و إبعاد المسيرين األصليين بالفصلين 27و 28من نظام االنقاذ دليل
في إتجاه إعالم الغير في عدم قدرة المسير على تمثيل المؤسسة في صورة رفع يده و
113قرار تعقيبي مدني عدد 8423- 2005بتاريخ 5أفريل ": 2005حيث أنه إلى جانب المهنة األساسية الموكولة بموجب القانون للمتصرف
القضائي و المتمثلة في إعداد برنامج االنقاذ فقد أوكل له مهمة التسيير الكلي و التسيير ال يشمل التمثيل الذي يبقى من صلوحيات رئيس مجلس
االدارة ذلك أنه ال تمثيل بدون نص قانوني أو وكالة خاصة "....راجع حول هذا القرار ،منصف الكشو ،المرونة و الواقعية في االنقاذ .قراءة في
قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات إقتصادية ،سوجيك صفاقس،2011.ص . 171
114فقرار إبعاد المسيرين مثال يتحدد نقاطه فقط في تسيير المؤسسة أي في العالقة مع الغير سواء كانوا مزودين أو حرفاء أو في العالقة داخل
المؤسسة أي في تنظيم حلقة االنت اج و تسيي العملة و مراقبتهم و أما ماعدى ذلك فهو يبقى من صالحيات وكيل الشركة يمارسه بصفة عادية أو
على األقل بصفة متوازية مع المتصرف القضائي و هو يمثل حقوقا خاصة .منصف الكشو ،قانون االجراءات الجماعية :نظام إنقاذ المؤسسات التي
تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية،مرجع سابق الذكر،ص . 366
115فإذا كان المبدأ أن تواصل المؤسسة نشاطها بواسطة ممثلها القانوني تحت رقابة مراقب التنفيذ فإن إبعاد الممثل القانوني عن التسيير حق
المراقبة و الطعن و يبقى في األخير حقا غير قابل لالستئصال لكونه امتداد لحق أساسي و هو حق الملكية .منصف الكشو ،قانون االجراءات
الجماعية :نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية،مرجع سابق الذكر،ص . 367
116منصف الكشو ،قانون االجراءات الجماعية :نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية ،مرجع
سابق الذكر ،ص .367
24
تعويضه بالمتصرف و قد أخذت بهذا الرأي محكمة االستئناف بتونس 117و كذلك محكمة
118
التعقيب بأحد قراراتها.
لكن يبدو أن فقه القضاء عموما متجه نحو نفي صفة تمثيل للمتصرف القضائي و تثبيتها
لفائدة للمسير األصلي 119إذ أقرت محكمة التعقيب بأن المتصرف القضائي ال يعد ممثال
قانونيا للشركة حتى و إن أوكلت له مهمة التسيير الكلي ألن التسيير ال يشمل التمثيل إذ يبقى
التمثيل من صالحيات رئيس مجلس االدارة المكلف بذلك باعتباره مسيرا120.و قد تم
االستقرار على هذا الموقف فقد بينت أن االبعاد ال يمكن أن يؤول إلى نزع صفة الممثل
121
القانوني على المسير و أن مهمة المتصرف االقضائي تظل محددة في مدتها و مداها.
وقد عززت محكمة التعقيب الفرنسية هذا الموقف و اعتبرت أن المسير يتمتع بحق شخصي
يخوله ممارسة الطعن باالستئناف ما لم ينص القانون األساسي على خالف ذلك أو اتخذت
122
الجلسة العامة للشركاء موقف يمنع الممثل القانوني من ممارسة حق الطعن.
إلى جانب ما قد تقدم قد يتم إقصاء المسير تماما من دائرة التصرف في إطار طلب من
الشركاء يرغبون على أساسه عزل المسير خالل فترة المراقبة حسب بعض الفقهاء إذ
اليوجد أي مانع في أن يطلب الشركاء عزل المسير 123و تسمية متصرف قضائي محله
يدعو لعقد جلسة عامة تبت في تسمية وكيل و اليوجد تضارب في ذلك بين مهام المتصرف
المكلف باعداد برنامج االنقاذ و مهام المتصرف المعين قضائيا الدارة الشركة 124.لكن
تختلف اآلراء في شأن القاضي المختص بالنظر في الطلب فان كان الرأي األول يقول
117اعتبرت محكمة االستئناف بتونس أن المسير الذي صدر قرار في إبعاده عن دائرة التسيير من طرف المحكمة ال يمكنه الطعن في حكم القاضي
بإحالة المسير إلى الغير على أساس انعدام الصفة لديه في ذلك بمقولة أن الممثلين القانونيين للمؤسسة التي تمر بصعوبات قد زالت عنهما تلك
الصفة بصدور قرار إبعادهما من التسيير .قذ ذكر محتوى هذا القرار ( :منصف الكشو ،قانون االجراءات الجماعية :نظام إنقاذ المؤسسات
التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية،مرجع سابق الذكر،ص ).لكن لم يذكر عدد القرار أو تاريخه.
118وذلك في مادة التفليس فرفضت الطعن بالتعقيب شكال الذي تم رفعه من طرف الممثل القانوني للشركة المفلسة قوال بأنه من المعلوم أنه يترتب
عن الحكم بالتفليس زوال الصفة في التقاضي لدى الشركة المفلسة و يحل محلها سواء كانت طالبة أو مطلوبة أمين الفلسة وفقا للفصل 457من
المجلة التجارية .وهي مسألة إجرائية أساسية متصلة بالصفة في التقاضي و تثيرها المحكمة من تلقاء نفسها و تعتبر أنه من النظام العام االجرائي
مقاضاة المفلسة في شخص أمين الفلسة و قد ورد الطعن مختال من وجهته الشكلية ألن مطلب التعقيب لم يرفع من أمين الفلسة و إنما من الممثل
القانوني للشركة في حين أن صفته قد زالت .منصف الكشو ،قانون االجراءات الجماعية :نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية
.دراسة نظرية و تطبيقية،مرجع سابق الذكر،ص . 368قرار تعقيبي مدني عدد 66817/2011مؤرخ في ( 2012/01/3غير منشور).
119منصف الكشو،قانون االجراءات الجماعية :نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية،مرجع
سابق الذكر،ص . 369
120قرار تعقيبي مدني عدد 2005/8423في ( 2006/4/5غير منشور).
121منصف الكشو،قانون االجراءات الجماعية :نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية،مرجع سابق
الذكر،ص . 369
122
Cass com,15 December 2009 ;n°08-21-235 Bull civ IV,n°169,D2010,p11.
123ال يمكن أن يحرم الشركاء من ممارسة حقوقهم و القيام بواجباتهم باعتبارهم أطراف فاعلون في المؤسسة في طور التسوية أو غيره.فلهؤالء
المبادرة باالشعار ببوادر الصعوبات االقتصادية طبق الفصل 419م تج و إنقاذ المؤسسة بتقديم مجهودات إضافية بضخ أموال جديدة أو المساهمة
في الترفيع في رأس مال المؤسسة أو إقراضها أمواال تكون سيولة مالية في التصرف كما أن لهؤالء التدخل في إدارة المشترك على معنى القانون
العام بالفصول 63و مابعده م ح ع .و لذلك فان قيام الشركاء كأطراف فاعلة في المؤسسة أمر جائز حتى و إن كانت تحت نظام التسوية
القضائية .منصف الكشو ،قانون االجراءات الجماعية :نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية،مرجع سابق
الذكر،ص . 358
124منصف الكشو،قانون االجراءات الجماعية :نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية،مرجع
سابق الذكر،ص . 358
25
بامكانية تعهد القاضي االستعجالي ألن تدخل القاضي االستعجالي في هذا االطار لتكليف من
يدعو إلى جلسة عامة تبت في عزل الوكيل هو ضمان الستمرارية تسيير المؤسسة بنزاهة
و شفافية و لتثبيت الهياكل المالءمة و الناجعة و النافعة للمؤسسة دون إبقاء الطرف الذي
ارتكب مخالفات تسيير أو استولى على أمالك الشركة و أضر بالشركة بما جعلها تمر
بصعوبات اقتصادية و بذلك فان تدخل القاضي االستعجالي جائز لتدارك إخالالت التسيير
125و قد تبنت محكمة التعقيب ذلك في إطار قرار لها بتاريخ . 126 2012 /04 /24اال أن
هناك رأي ثان بقول بالنفي نظرا الكتساء قواعد قانون االنقاذ بالصبغة اآلمرة سيما منها
المتعلقة بتسيير المؤسسات االقتصادية التي تمر بصعوبات اقتصادية .فأحكامه تتعلق بالنظام
العام االقتصادي 127بما يقصي تطبيق أحكام م.ش.تج فتكون محكمة االنقاذ هي وحدها
المختصة في هذا المطلب128.واليمكن للقاضي االستعجالي أن يتدخل في سير المؤسسة
خالل فترة المراقبة 129.لكن تظل إمكانية عزل المسير بطلب من الشركاء في ذاته قابال
125و ال يتعارض هذا األمر مع صالحيات المتصرف القضائي المكلف بإعداد برنامج االنقاذ بموجب قرار رئيس المحكمة في فتح
إجراءات التسوية القضائية ألن هذا األخير ال يمثل الشركة بل يمثلها مسيرها فال يصبح المتصرف القضائي حتى و إن تولى أعمال
االدارة ممثال قانونيا لها و بالتالي فان ضرورة تمثيل الذات المعنوية للمؤسسة االقتصادية إن كانت على شكل شركة يقتضي تدخل
القاضي االستعجالي لعزل المسير المخالف و تكلبف المتصرف قضائي إخر بمهمة التسيير و الدعوة لجلسة عامة للنظر في جدول
معين .كما أن صالحيات كل منهما ال تتعارض بل تتكامل ذلك أن االتحاد في التسمية ال يعني أبدا االتحاد في الصالحيات و تداخلها
فإما أن يتعاونا على تسيير المؤسسة و إدارتها أو أن تبقى للمسير المكلف استعجاليا تنفيذ المهمة المكلف بها ال غير .منصف
الكشو،قانون االجراءات الجماعية :نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية،مرجع سابق
الذكر،ص . 359
126وقد ورد على لسان المحكمة التالي" إخضاع المؤسسة إلى التسوية ال يحول دون تطبيق مقتضيات مجلة الشركات التجارية و ال يمنع الشركاء
أو المساهمين في تفعيل كل االجراءات الحمائية لمصالحهم االقتصادية و السياسية و في ممارسة حقوقهم في االطالع و االستغالل و المراقبة عند
االقتضاء لكل قرارات المسير للتعرف من مدى ضرورتها و نجاعتها و ذلك بالرجوع إلى القاضي االستعجالي لطلب تسمية خبير تصرف و ال
يمنع أيضا من اللجوء إلى القاضي االستعجالي وفق الفصل 127م ش تج لطلب تكليف متصرف يدعو لجلسة عامة تنظر في عزل الوكيل حتى
وإن كانت المؤسسة في حالة تسوية قضائية " و هذه الحيثية مأخوذة من قرار عدد 63849-2011بتاريخ 24أفريل 2012تعليق نجاة البراهمي
الزواري األخبار القانونية عدد 189 – 188نوفمبر 2014ص . 22و قد تم ذكر القرار من قبل منصف الكشو في المرجع المذكور ص ص
362و . 363
127
MELEDO-BRIAND (D), »Procedures collectives et droit économique.l’exemple francais,RIDE,1994,n°2,p265.
CHAMPAUD (C),Rapport de synthése au colloque « Entreprise en difficultés économiques et
concurrence »,RIDE,1995,n°2 ,p343.
128منصف الكشو،قانون االجراءات الجماعية :نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية،مرجع
سابق الذكر،ص . 361
129ردا على هذا الرأي يرى البعض أن "صالحيات محكمة االنقاذ تتمثل في إخراج المؤسسة من وضعية التعثر إلى وضعية
االستقرار وفق برنامج معين تصادق عليه المحكمة حسب الفصل 453من م تج و تقتصر صالحياتها بشأن التسيير على إبعاد
المسير عن االدارة و ليس لها أن تعزله إذ هي في أقصى الحاالت و عند وجود جريمة إختالسات أو جرائم التسيير فإنها تفعل
مقتضيات الفصل 448م تج في طلب تدخل النيابة العمومية للتقاضي استعجاليا لنصب االئتمان على مكاسب المسير المشتبه و ليس
من اختصاصها البت في ذلك بصريح الفصل 448المذكور و هو أمر منطقي ألنها غير متعهدة بخصومة قضائية بالمعنى التقليدي
للكلمة "مواجهة قضائية لغاية استصدار حكم" ز إنما هي تتابع إجراءات إنقاذ محصورة في الزمن و من المفروض أن تسترجع بعدها
هياكل المؤسسة صالحياتها عند المصادقة على البرنامج –إن كان -و لتتولى تنفيذه بمراقبة مراقب التنفيذ و يتبين مما تقدم أن حسب
هذا الرأي ال يجوز لمحكمة االنقاذ النظر في عزل الوكيل ألن ذلك يخرج وفق ما تم بيانه عن اختصاصها من جهة ،و من أخرى فإن
عزل الوكيل يقتضي التقاضي و المواجهة و ال يمكن لمحكمة االنقاذ أن تنتصب للبت في ذلك كما أنه و بقراءة شاملة لنظام االنقاذ
يتبين أنها ال تتعهد بالخالف كلما اقتضى األمر تفعيل القواعد الكالسيكية في التقاضي فهي مثال تحفظ على معنى الفقرة األخيرة من
الفصل 445م تج حق الدائن في المطالبة بدينه قضائيا أمام الهياكل القضائية المختصة بقطع النظر عن تعطيل التتبعات المنصوص
26
للنقاش حسب شق آخر من الفقهاء خاصة و إن تم تأسيس القول على المصلحة التي جاء
القانون لحمايتها130 .فترجيح المصلحة العامة يؤول إلى تغيير الطريقة القيادية للمؤسسة
باعتماد التخصص و الكفاءة و الدقة في العمل و القدرة على التسيير بمنأى عن المصلحة
الخاصة للشركاء أما ترجيح المصلحة الخاصة قد يغلب عليه طابع شخصي ذاتي بين
الشريك و المسير من ذلك قد يتم الوصول إلى النتيجة التالية و هو اتفاق الشركاء على إبعاد
المسير رغم توفر كل الشروط و المؤهالت في المسير التي تجعل من بقاءه في المؤسسة
سببا مساهما في تحقيق االنقاذ.
و لعل المسير من كل ما تقدم يبدو متأثرا في إطار إجراءات االنقاذ بالنظر لدوره
باعتبارأنه يتعرض لتقليص مختلف المدى حسب الحال إال أن تأثير إجراءا االنقاذ على
المسير ال يقف إلى هذا الحد فقد يكون مجال التأثير أوسع و أكبر في حاالت معينة.
عليها بالفصل 449م تج إذا تبين لها أن الدين فير مدعم و ال يمكن ترسيمه" منصف الكشو،قانون االجراءات الجماعية :نظام إنقاذ
المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية،مرجع سابق الذكر،ص ص . 360 359
27
الجــــــــــــزء
الـــــثانـــــي
28
الجـــــزء الثانـــــــــي :أثر إجراءات االنقاذ على المسير
لضمان تحقيق الهدف األساسي لإلجراءات الجماعية في صبغتها الحديثة وهو االنقاذ ال بد
من خلق مجال يكسوه التعاون بين مختلف األطراف حتى نضمن تحقيق هذه الغاية إال إن
واقع المؤسسة يشهد ال محالة بعض العراقيل التي قد تتجسد في األخطاء المرتكبة من قبل
مسيري الشركة خالل فترة اإلنقاذ و باعتبار أن القاعدة القانونية تقتضي أنه ليس ألحد أن
ينتفع من خطئه فاألصل أن يتحمل المخطئ تبعات أخطائه 131و يختلف هذا التحمل
باختالف الخطأ لذلك توجد آثار تترتب عند ارتكاب المسير ألخطاء خالل فترة اإلنقاذ إذ
هناك آثار تنسحب على شخص المسير (فرع أ) و كذلك أثر يلحق ذمته المالية (فرع ب).
131منصف الكشو " ،أثر التسوية القضائية على مسيري الشركات التجارية" ،المجلة القانونية التونسية ،ديسمبر ، 2012صفحة . 181
132الفصل 67من م إ ع ينص على أن " االلتزام المبني على غير سبب أو على سبب غير جائز ال عمل عليه والسبب غير جائز عبارة عما
يخالف القانون و األخالق الحميدة أو النظام العام".
133منصف كشو،أثر التسوية القضائية على مسير الشركة ،مقال سابق الذكر،صفحة . 192
134ينص الفصل " 200ا-تجنب تضارب المصالح على مسيري الشركة خفية االسم أن يحرصوا على تجنب كل تضارب بين مصالحهم الشخصية
و مصالح الشركة و أن تكون شروط العمليات التي يبرمونها مع الشركة التي يسيرونها عادلة .و عليهم أن يصرحوا كتابة بما لهم من مصالح
مباشرة أو غير مبا شرة في العقود أو العمليات التي تبرم مع الشركة أو أن يطلبوا التنصيص على ذلك في محاضر اجتماعات مجلس اإلدارة".
29
المؤسسة مما يؤدي دون شك إلى إلحاق اضرار فادحة تؤدي إلي منعها من مواصلة نشاطها
و من جهة اخري تهدد األخطاء المرتكبة من قبل المسير حقوق الدائنين.
كما تجدر اإلشارة أن األخطاء التي يرتكبها المسير خالل إجراءات اإلنقاذ خطيرة جدا و
تفسر هذه الخطورة بأنه قد تصاحب خالل كامل فترة المراقبة اجراءات المصاحبة فقبل
الوصول إلى اعتماد برنامج االنقاذ المتضمن لحلول االنقاذ ال يمكن تغافل إمكانية تدهور
الحالة االقتصادية للمؤسسة بقدر قد يجعل برنامج االنقاذ بدون معنى لوصوله متأخرا بعد أن
استفحلت الصعوبة االقتصادية و أدت شدتها إلى الخروج من منطق االنقاذ أصال والولوج في
مرحلة الفلسة و للتوقي من هذه المخاطر الجدية وجب اتخاذ جملة من االجراءات المصاحبة
التي تكون في شكل مساعدة تضمن استمرار نشاط المؤسسة خالل فترة المراقبة و عدم تفاقم
صعوباتها االقتصادية وتتعلق هذه االجراءات أساسا بالمحافظة على السير الطبيعي للمؤسسة
بقدر االمكان من خالل التحجير على المدين القيام ببعض التصرفات ؛ و إن إستعمال
المشرع لمصطلح التحجير في ميدان الشركات التجارية ليس حديثا في التشريع التونسي في
مادة الشركات التجارية إذ نص عليه منذ أن كان تنضيم الشركات التجارية في مجلة
االلتزامات و العقود اذ نص الفصل 1327على التحجير من ممارسة التجارة و
بالتالي فإن هدف هذه التحجيرات؛ المحافظة على االنقاذ و ما قد يترتب عن أعمال المدين
من مساس باستمرارية نشاط المؤسسة .
لذلك نجد المشرع أوال يمنع المسير من القيام ببعض األعمال لما لها من خطورة علي عملية
اإلنقاذ و" تكمن هذه الخطورة في استشعار المدين لسيره الحثيث لالندثار األمر الذي قد
يشجعه على التفويت في أصوله بأثمان زهيدة أو بمحاباة في تصرفاته تجاه دائينيه وهي
اعمال مضرة ال فقط بدائنيه بل امكانية إنقاذ المؤسسة من الصعوبات التي يتخبط فيه " تتعلق
بتبديد أصولها و لغلبة الظن بالمحاباة فيها مما يخرق أساسا من أسس االجراءات الجماعية
المتمثل في المساواة بين الدائنين و يبدأ التحجير من تاريخ التوقف عن الدفع و الجدير بالذكر
أن هذا التحجير رتب المشرع عن مخالفته بطالن األعمال التالية ؛ التبرعات و
التفويتات دون عوض باستثناء الهدايا الزهيدة المعتدة ،كل وفاء بديون لم يحل اجالها ،كل
أداء بعوض عيني من الملتزم أو كل وفاء بديون نقدية حل أجلها بغير نقود أو كمبياالت أو
سندات األمر ،توظيف رهن عقاري و ترتيب توثقه لضمان دين سابق عليه و تسقط دعوى
البطالن بمضي سنتين من تاريخ حكم التسوية 135و باإلضافة إلى ذلك يحدد المشرع سلطات
المدين بأن حجر عليه بعض األعمال التي يمكن أن تؤدي إلي تعطيل أو إفشال عملية اإلنقاذ
و الجدير بالذكر أن هذا التحجير يعتبر من قبيل اإلحتياط من أي تجاوزات من طرف المدين
و يتعلق األمر أساسا بالممتلكات المهمة للمؤسسة و المرتبطة بوسائل اإلنتاج فيها و ذلك من
خالل اشتراط الحصول على إذن مسبق من المحكمة للقيام بأعمال قانونية تتعلق بها .
فقد جاء بالفقرة الثالثة من الفصل 455من المجلة التجارية أنه ال يجوز للمدين خالل فترة
تنفيذ برنامج مواصلة النشاط و دون الحصول علي اذن من المحكمة ؛ أن يفوت في األصول
الثابتة المسجلة في موازنة المؤسسة ،أن يرهن األصول الثابتة المسجلة في موازنة المؤسسة
كما أضافت الفقرة الرابعة من نفس الفصل أنه للمحكمة أن تتوسع في دائرة المنع لتشمل
30
أصوال اخرى غير الثابتة أو األصول الثابتة غير المسجلة في الموازنة و تتعلق األصول
الثابتة باألموال العقارية أو المنقولة األقل سيولة في الموازنة كالعقارات ،حكمية أو طبيعية
و كذلك بعض المنقوالت كاألصول التجارية أو براءات االختراع أما األصول غير الثابتة
فهي باألساس األصول المتحولة كالسلع و المواد األولية و األوراق التجارية و بالتالي يكون
المنع مباشرا كلما تعلق األمر باألصول الثابتة و غير مباشر كلما تعلق األمر باألصول الغير
الثابتة إذ يمكن مثال لرئيس المحكمة أن يقرر أن بيع المساهمات التي تملكها المؤسسة ممنوع
إال بإذن من المحكمة و يتعلق األمر باألسهم و األوراق المالية المكونة لمحفظة االستثمارات
و الجدير بالذكر أن المنع واجب اإلشهار من طرف مراقب التنفيذ بالرائد الرسمي و بسجل
136
الوطني لمؤسسات و برسوم الملكية بالسجالت العمومية األخرى
و في صورة قيام المدين بهذه األعمال الممنوعة دون حصوله على اذن من المحكمة يترتب
بطالنها في إطار دعوي قضائية تتقادم بأجل ثالث سنوات من تاريخ القيام بالعمل 137و البد
من اإلشارة أنه رغم حرص المشرع التونسي على مسألة إشهار المنع إال أن المدين قد يعمد
إلى تجاوز قرار المنع و لذلك حدد المشرع الجزاء بالفصل 443من مجلة التجارية إذ اعتبر
أنه يعد كل تفويت تم خالف للمنع باطل. 138
و الجدير بالذكر أنه باإلضافة إلي تحجير القيام ببعض األعمال نجد كذلك التحجير عن
مباشرة األنشطة التجارية كأثر من آثار التسوية القضائية و هي عقوبة تكميلية تسلط على
مسيري الشركة باالستناد إلي الفصول 214و 139 215و الفصل 121فقرة أولى م.ش.ت
يمكن للمحكمة التي قضت بسد العجز " أن تحجر على المحكوم عليه مباشرة تسيير
الشركات أو مباشرة نشاط تجاري لمدة يحددها الحكم و هي نفس العبارات التي استعملها
المشرع في الفصالن 214و 215من نفس المجلة إذا تعلق األمر بشركة خفية االسم و قد
اعتبرت المحكمة االبتدائية بصفاقس في حكم ابتدائي تجاري عدد 5845صادر في 26ماي
2009عن المحكمة االبتدائية بصفاقس أن أساس التحجير يستند إلى ما ينسب للمسير من
أخطاء في التصرف و اإلدارة و الحقيقة أن األمر متعلق بجزاء يسلط على المسير على
أساس مسؤليته المفترضة عن العجز في األصول غير أنه طالما كان األمر متروكا الجتهاد
المحكمة فإنها مبدئيا ال تقضي بالتحجير إال إذا اثبت أن المسير قد ارتكب خطأ في التسير
140
حتى و إن لم تصرح المحكمة بذلك صراحة
و بهذا نستنتج أنه من الثابت أن للقاضي سلطة تقديرية في تسليط العقوبة يستمدها مما انتهت
إليه اعمال التسوية القضائية التي تبرز من تقارير المتصرف القضائي أو الخبير في
التشخيص و الجدير بالذكر أن هذه العقوبة التي تمس من شخص المسير نضمها المشرع
الفرنسي بالفصل 128من المجلة التجارية و تشمل هذه العقوية كل أعمال اإلدارة و
التصرف و ا لجدير بالذكر أن المشرع التونسي كان يعتبر التحجير سبب من أسباب انحالل
الشركة فإنه في قانون 16مارس 2009اعتبره عقابا و مؤاخذة تكميلية لعقوبة أصلية
31
تستهدف ابعاد المسير الذي تبينت عدم قدرته على التصرف و التسيير 141وال بد من تحديد
مناط التحجير إذ تقوم إجراءات التسوية القضائية علي مبدأ هام و هو المساواة بين الدائنين و
تجسيما لذلك نص الفصل 443من مجلة التجارية على منع المدين من أداء الديون السابقة
النطالق التسوية و هذا المنع يطبق بصفة فورية و يستثني من هذا المنع أداء الديون التي
نشأت قبل انطالق التسوية أي الديون السابقة و لكن حلولها خالل فترة المراقبة فهذه الديون
ال ينطبق عليها المنع و ينشأ المنع منذ صدور قرار رئيس المحكمة في األذن بانطالق
التسوية و فتح فترة المراقبة وحتى قبل إشهاره و لذلك ال يجوز دفع أي مبلغ لدائنين بمجرد
142
صدور القرار
و يجدر التذكير بأن التحجير يزول بحلول اجله أو قبل حلوله إذا :تم التصريح بختم التسوية
النقضاء الديون و خالص الدائنين و المالحظ أن المشرع لم ينص على إجراء ختم التسوية
القضائية و اجتهد القضاء في تفعيلها مستأنسا في ذلك بإجراء ختم الفلسة النعدام مصلحة
الدائنين و هذا ما جاء بالحكم عدد 4774الصادر عن المحكمة االبتدائية بصفاقس في 23
أكتوبر ، 2007أو بطلب من المدين إذا قدم مساهمة قيمة أو كافية لخالص الديون وان تقدير
المساهمة القيمة من عدمها يرجع لقضاة األصل و بهذا نؤكد أن التحجير ليس أبديا فهو يزول
بصفة آلية عند حلول األجل بمعنى ان تنتهي المدة المقررة لهذه العقوبة المدنية و يسترجع
تبعا لذلك المسير صالحية بصفة آلية و دون حاجة إلى حكم أو غيره في إدارة الشركات و
مباشرة األنشطة التجارية و السؤال الذي يطرح في هذا االطار :هل يجوز للمسير أن يرفع
أمام المحكمة طلب رفع تحجير ؟ و اإلجابة عن هذا السؤال تكون بالنفي باعتبار أن المشرع
التونسي لم يتطرق لرفع الحجر و على خالف ذلك يتيح القانون الفرنسي للمسير إقامة دعوي
رفع تحجير لكن شريطة أن يكون المسير قد قدم مساهمة هامة في تغطية الديون و خالصها
143
.
ويبقى للمحكمة صالحية تقدير ما إذا كان المبلغ المدفوع هام أو ال .و تجدر اإلشارة أن
المشرع جعل أمر الحكم بالتحجير موكوال الجتهاد القاضي انطالقا من الصيغة التي استعملها
في الفصل 121م.ت "و لها أن تحجر على المحكوم عليه " و بالتالي هنالك اجتهاد في
تسليط العقوبة و تقدير مدتها بما يجعل تقديرها يختلف من حالة إلى أخرى و قد اجتهد قضاة
األصل في تفعيل العقوبة و تقدير مدتها و تم ربطها بانقضاء الدين بصفة تجعل التحجير قائما
كلما لم تتم تسوية الدين و الوفاء به و هذا االجتهاد موضوعي فهو يهدف إلى حماية الدائن
من جهة و المدين من جهة اخرى بدفعه على الخالص حتي يتحرر من قيد منع مباشرة
األعمال التجارية 144و بالرجوع إلي القانون الفرنسي يتبين أن المشرع جعل لها مدة قصوى
و سقفا ال يتجاوز 15سنة بقانون اإلنقاذ لسنة 2005كما جعلها من ناحية اخرى بيد القاضي
الجزائي يسلطها كعقوبة بديلة و يؤكد فقه القضاء الفرنسي على ضرورة تفعيل مبدأ التناسب
في اتخاذ قرار التحجير بين ما ينسب للمسير و ما تقتضيه مدة التحجير و الجدير بالذكر؛ إن
تحديد المدة من اجتهاد من القاضي التونسي قد يكون مبالغ فيه و األجدر تحديد سقف لها ال
141
André Jacquement ,droit des entreprises en difficulté, 5ème éd, p 481 .
منصف كشو ،قانون اإلجراءات الجماعية :نظام إنقاذ المؤسسات المارة بصعوبات إقتصادية ،مرجع سابق الذكر ،ص . 355 142
143
Action en relève de déchéance article 326 du décret du 28/12/2005" une contribution suffisante au
paiement du passif.
32
يمكن تجاوزه حتي ال يفقد المسير األمل في استعادة نشاطه و باإلضافة الي عقوبة التحجير
المسلطة على المسير و التي تمس من شخصه باعتبارها تقوم على حرمانه من ممارسة
النشاط التجاري نجد المشرع التونسي يقر عقوبات جزائية تسلط على المسير في العديد من
الفصول نذكر الفصل 448من م.تج " يتولي رئيس المحكمة أو القاضي المراقب تحرير
تقرير يرفعه إلى وكيل الجمهورية كلما تبين وجود اختالسات" كذلك مجلة الشركات
التجارية التي تحتوي على الفصول 49و 53التي تحتوي على عقوبات جزائية؛ كالسجن من
شهر إلى ستة اشهر باإلضافة إلى خطايا مالية كذلك نشير إلى قانون 29ديسمبر 2003إذ
يجرم كل من الفصل 8الفصل 20عدم تقديم مستندات معينة ،و بالرجوع إلي المجلة
الجزائية نشير الي الفصول 288و 289و مانالحظه بالنسبة للعقوبات الجزائية هي أنها
تتميز بتعددها و كذلك تقسيمها بين عدة مجاالت قانونية مما يؤكد على انعدام رؤية واضحة و
رغبة فى تشريع مسألة العقوبات المسلطة على مسيري الشركات 145و باإلضافة إلى االثار
الماسة من شخص المسير فإن ذمته المالية ليست بمنأى عن هذه اآلثار .
145
JAOUHAR (M), Les sanctions applicable aux dirigeants des entreprises en difficulté, approche comparative,
Revue publié à la fac de sfax, p 242
146محمد كمال شرف الدين،قانون مدني النظرية العامة للحق النظرية العامة للفانون ،مجمع األطرش،الطبعة الثالثة،ماي ،2020ص . 366
147المسير الفعلي هو المسير الذي ال يمارس مهامه طبق القانون و هو نسخة غير مطابقة األصل للوضعية القانونية و الوضعية الفعلية ينقصها
شرط شكلي لذلك هي غير قانونية و المسير القانوني هو الذي يمارس مهامه طبقا للقانون .
33
49من قانون االنقاذ 148تقوم المؤسسة هنا بتحميل المسير ما ينقص الدائنين من ديونهم بعد
تنفيذ التسوية سواء بالتحفظ على مكاسبه لضمان خالص الديون على معني الفصل 192
من م ح ع 149أو بتحميله ما تبقي من ديون على معني الفصل 49من قانون االنقاذ و
المالحظ أن المشرع لم يكن متشدد كثيرا في آثار أحكام التسوية على الممثلين القانونين
للذاوات المعنوية باعتباره ال ينص على تحمل المسؤولية إال في خصوص ما تبقى من الدين
150
وفقا ألحكام الفصل 49و ال يتم التحفظ على امالك المسير إال عند ثبوت جرائم تسيير.
و تجدر اإلشارة بأن حلول إنقاذ المؤسسة هي ثالثة:
أوال مواصلة المؤسسة لنشاطها بنفسها و ذلك استناد إلى الفصول 41و 46من قانون
151
االنقاذ.
أما الحل الثاني فهو إحالتها إلي الغير و يكون ذلك مقابل ثمن معين يخصص لتوزيعه على
152
الدائنين حسب ترتيبهم وفق للفصل 47جديد من قانون االنقاذ.
أما الحل الثالث كراء المؤسسة و يكون الكراء عادي أو مشفوع بإحالة أو في شكل وكالة
153بالنسبة إلي الحل الثاني بما أن إحالة المؤسسة إلى الغير ال تستند على ما توفره من
أموال بقدر ماهي ضمان إستمرار النشاط و اإلحتفاظ بمواطن الشغل و تطهير الديون و
باعتبار أن ثمن اإلحالة ال يكفي لخالص كامل الديون لذلك فإنه من الضروري إيجاد جهة
مسؤولة عن ذلك و كانت هذه الجهة في نظر المشرع المدين شخصيا و الضامنين و
المتضامنين و بموجبه خول الفصل 49استثناء المفعول التطهيري لإلحالة بالفصل 292
م.ح.ع و يخضع التتبع الفردي على معنى أحكام الفصل 49لشروط موضوعية و أخرى
ذاتية ؛ فبالنسبة لشروط الموضوعية يستخلص من الفصل 49أنه ال يكفي صدور الحكم
القاضي باإلحالة و دفع الثمن لمباشرة التتبعات الفردية و إنما يتعين اتمام موجبات اإلحالة
حتى يسترجع الدائن إمكانية تتبع مكاسب المدين و الضامنين و المتضامنين وعليه يكون
استئناف التتبعات الفردية رهين توزيع متحصل ثمن اإلحالة على الدائنين باعتبار أن الدائن
يكون من ذلك التاريخ على علم بالجزء المتبقي من دينه أما بالنسبة إلى الشروط الذاتية فقد
148الفصل 49من قانون االنقاذ : :خالفا للفصل 292من مجلة الحقوق العينية ،تطهر المؤسسة ،عند بيعها من جميع الديون والترسيمات السابقة
بما فيها الممتازة وتنتقل ملكية المؤسسة إلى المحال له بمجرد وفائه بجميع إلتزاماته ودفعه كامل الثمن ،ويحجز محصول البيع لفائدة الدائنين
ولهم حق المطالبة الفردية ضد المدين والضامنين والمتضامنين معه فيما تبقى من ديونهم .
وبالنسبة للعقود الجارية التي أذنت المحكمة بمواصلة العمل بها وفق أحكام الفصل 47من هذا القانون ,يحال المحال إليه محل المتعاقد المحال
عنه في ما له من حقوق والتزامات اكتسبت او حل اجلها منذ تاريخ اإلحالة.
149الفصل 192م.ح.ع ":مكاسب المدين ضمان لدائنينه يتحاصصون ثمنها إال إذا كانت هنالك أسباب قانونية في تفضيل بعضهم على بعض"
150مصنف كشو " ،أثر التسوية القضائية و التفليس على مسيري الشركات التجارية" ،مرجع سابق الذكر،ص. 213
151الفصل : 41تقرر المحكمة مواصلة المؤسسة لنشاطها استنادا إلى تقرير المتصرف القضائي عندما تكون هناك إمكانيات جدية لمواصلة
النشاط مع االحتفاظ بكل أو بعض مواطن الشغل وخالص الديون .ويمكن أن تكون مواصلة النشاط مصحوبة ببيع أو إحالة بعض الممتلكات أو
النشاطات الفرعية للمؤسسة .الفصل : 46إذا لم يوف المدين بإلتزاماته المالية ،فان الدائن له الحق في إجباره على الوفاء بالطرق القانونية
األخرى بإستثناء التفويت في األشياء التي حجرت المحكمة التفويت فيها مؤقتا وليس له القيام بفسخ العقد
ويمكن في هذه الحالة القيام بطلب إبطال البرنامج من طرف وكيل الجمهورية أو مراقب التنفيذ أو من طرف دائن أو دائنين بلغ دينه أو دينهم
خمسة عشر بالمائة من جملة الديون وتقضي المحكمة بإعادة فتح التسوية القضائية إلحالة المؤسسة للغير ،وان تعذرت ،تقضي بتفليسها أو
بتصفيتهاعند تعذر مواصلة المؤسسة لنشاطها تنطبق أحكام الفقرة السابقة.
152يمكن أن تأذن المحكمة بإحالة المؤسسة إلى الغير إذا تعذر إنقاذها طبقا الحكام الفصول 41إلى 46من هذا القانون وكان في ذلك ضمان
الستمرار نشاطها ،أو اإلحتفاظ بكل مواطن الشغل فيها ،أو بعضها وتطهير ديونها
.ويم كن أن تشمل اإلحالة كل المؤسسة ،أو فرعا من نشاطها ،أو مجموعة من فروع متكاملة ،مع بيع الممتلكات التي لم تشملها اإلحالة
.وتحدد المحكمة العقود الجارية مع المؤسسة والضرورية لمواصلة نشاطها بناءا على طلب مقدمي العروض
وإذا تعلق األمر بإحالة مؤسسة تستغل أرضا فالحية دولية ,يجب احترام التراتيب الجاري بها العمل في ما يتعلق بالتراخيص اإلدارية المستوجبة.
153علي نني ،مرجع سابق الذكر ،ص . 110
34
حدد المشرع األشخاص المستهدفين لتتبع فقد خول الفصل 49تتبع أكثر من شخص و
الجدير بالذكر أن تعدد األشخاص من شأنه أن يوفر أكثر فرصة الستخالص الدين وهم
المدين و هو المسؤول المباشر ثم الكفيل و هو الشخص الذي يلتزم بأن يؤدي لدائن ما إلتزم
به المدين األصلي و ذلك باإلستناد للفصل 1478من مجلة االلتزامات و العقود 154ثم
الضامن الذي يفترض أن يكون التزامه بالوفاء بجميعه أو بعضه مرة واحدة و تجدر اإلشار
أنه ال فرق بين دائن عادي و دائن ممتاز بخصوص المطالبة بما تبقي من الدين ألن لكل
منهم الحق في استخالص دينه 155و إلى جانب تتبع المدين من أجل ما تبقي من الدين بعد
تنفيذ اإلحالة فإنه يمكن أثناء إجراءات التسوية التحفظ على مكاسبه اذ نص الفصل 448
من م تج في فقرته الثانية انه " يمكن لنيابة العمومية أن تطلب من القاضي اإلستعجالي
وضع المكاسب المنقولة أو العقارية أو األرصدة المالية الراجعة لمن يشتبه في مسؤليته عن
تلك األفعال قيد اإلئتمان " والهدف من هذا اإلجراء حماية الدائنين إذ قد تصلح األموال
الموضوعة تحت اإلئتمان لتنفيذ األحكام الصادرة ضد المسيرين 156و بالرجوع إلى قانون
االنقاذ نجد الفصل 157 29منه يمكن النيابة العمومية بناء على تقرير من رئيس المحكمة
أن تطلب استعجاليا وضع مكاسب المدين سواء كانت عقارية أو منقوالت تحت قيد اإلئتمان
و هنا من الضروري التوضيح بأن اإلئتمان ال يوجه على المسير القانوني فقط و إنما كل
من يشتبه في مسؤليته عن خطأ.
و السبب الذي يمكن أن يكون وراء اإلطالق في العبارة هو ضمان حقوق الدائنين بتوفير
أكثر ما يمكن من مال الستخالص ديونهم ألن اإلئتمان على مكاسب المسير يجعل منها
ضمانا لحقوق الغير و كذلك يوسع في مجال تحميل المسؤولية لكل طرف ارتكب اختالسات
و أفعاال تكون جريمة تسيير و بذلك يوسع المشرع قائمة المسؤولين الذين يمكن مطالبتهم
حتي ال تكون الذات المعنوية واجهة يتستر بها المسير إلخفاء سوء تصرفه 158و قد بينت
محكمة التعقيب األساس و المرجع في التحفظ على المكاسب و تسمية مؤتمن عليها و ذلك
في قرارها عدد 67054بتاريخ 2012\01\24حيث جاء في حيثية القرار " حيث
أجمعت التشاريع على أن حق الملكية حق مضمون و جامع يخول لصاحب الشئ جميع
سلطات اإلستعمال و اإلستغالل و التصرف و هو حق جامع أيضا القتصار استئثار المالك
بجميع مزايا ملكه و يقتضي ذلك أنه ال تنزع ممارسة الحقوق المتفرعة عن الملكية من
المالك إال برضاه أو في صورة استثنائية يقتضيها القانون بما يقتضي وضع المال الذي يقوم
فيه نزاع أو يكون الحق غير ثابت من جهة منشأة و طريقة اكتسابه في يد أمين يتكفل
بحفظه و إدارته لفائدة أصحاب المصلحة و رده مع غلته إلى من يثبت له الحق فيه و هو ما
اصطلح على تسميته باإلئتمان العدلى الذي يفترض بهذا المعنى تسمية شخص تعهد إليه
مهمة اإلئتمان يطلق عليه تسمية " مؤتمن عدلي " و حيث يقتضي تدخل القضاء لتسمية
المؤتمن العدلي توفر شروط موضوعية تجيز إقامة اإلئتمان بناء على طلب األطراف
154الفصل : 1478الكفالة عقد يلتزم بمقتضاه شخص بأن يؤدي لدائن ما التزم به المدين إن لم يؤديه "
155منصف كشو ،أثر التسوية القضائية و التفليس على مسيري الشركات التجارية ،مرجع سابق الذكر ،ص . 214
156حمادي الرايد ،مرجع سابق الذكر ،ص . 275
157الفصل " : 29يتولى رئيس المحكمة تحرير تقرير يرفعه فورا الى وكيل الجمهورية كلما تبين له من اوراق الملف وجود اختالسات او غيرها
من االفعال التي من شانها ان تشكل جريمة تتعلق بتسيير المؤسسة على معنى التشريع تالجاري به العمل
ويمكن للنيابة العمومية ان تطلب من القاضي االستعجالي وضع المكاسب المنقولة او العقارية او االرصدة المالية الراجعة الى من يشتبه في
مسؤوليته عن تلك االفعال قيد االئتمان"
158منصف كشو ،مقال سابق الذكر،ص . 215
35
المشتركة أو يسعي من المحكمة أو من تلقاء نفسها إذا قدر القاضي وجود ضرورة إلقامتها
كما هو الحال في الفصل 29من قانون اإلنقاذ و كما هو الحال عند ضرورة تدخل حماية
المصالح العامة االقتصادية و المالية و اإلجتماعية إذ يجوز للقاضي نصب اإلئتمان كلما
كانت هنالك ضرورة حتي في غياب طلب الخصوم "...
و البد من التوضيح أن التصريح بوضع مكاسب " المشتبه في مسؤليته " قيد اإلئتمان من
طرف القاضي اإلستعجالي يثير مسألة تدخل القضاء فى فرض إجراء اإلئتمان على
الشركات التجارية و تجدر اإلشارة أن األصل بالنسبة للشركات التجارية أو مديرها أو
وكيلها هو الذي يتمم أعمال اإلدارة و التصرف لكن أمام تعطل السير الطبيعي للشركة
القاصر مديرها في مهامه و عدم رعاية مصالح الشركة أو بسبب اختالف الشركاء حول
شؤون اإلدارة فإنه يجوز تدخل القضاء للمحافظة على نجاعة التسيير في الشركات و يقوم
اإلئتمان في قانون االنقاذ على فكرة التحفظ على المكاسب حتى ال يبذرها المسير فهو
يضمن الحماية لدائنين من سوء تصرف المدين .
و باالطالع على مجلة الشركات التجارية نجد آثار على الذمة المالية للمسير فالجدير بالذكر
أن المشرع التونسي أدخل بموجب القانون عدد 16لسنة 2009تعديالت على أحكام
الفصول 121،214،215و غيرها من م.ش.ت و ذلك في إطار تدعيم مسار تحديث
قانون الشركات الذي يقوم على فكرة جوهرية أساسها تحقيق الموازنة بين اعتبارات
النجاعة و الفاعلية في سير دواليب الشركة و حماية حقوق المساهمين األساسية و كذلك
تدعيم الحق في مقاضاة كل مسير ثبت ارتكابه ألخطاء و خرق قواعد حسن التصرف مما
أدى إلى انخرام التوازنات المالية للمؤسسة و لضمان عدم توجه المسير نحو تغليب
مصالحه الشخصية على حساب مصلحة المؤسسة و في إطار تحقيق هذا التوجه التشريعي
تضمنت كل من الفصول 121،214،215معطيات هامة تتعلق بتحميل الوكيل القانوني أو
المسير الفعلي ديون الشركة كمسألة أصلية مع تمكينه من الدفع بانقضاء مسؤليته بإثبات أنه
تصرف بكل عناية و يهدف هذا الجزاء ذو الصبغة المالية إلى ضمان تسديد ديون الشركة
بصفة كلية أو جزئية من طرف مسيرها في دعوى توجه عليه159 .و يطلق عليها دعوي سد
العجز و هذه الدعوي يمكن ممارستها سواء كان اإلجراء الجماعي تسوية قضائية أو تفليس
و دعوى سد العجز ينظمها الفصل 121من م.ش.ت اذا تعلق األمر بشركة ذات مسؤولية
محدودة و الفصول 214و 215إذا تعلق األمر بشركة خفية االسم و هي فصول مستمدة
من الفصل 99من القانون الفرنسي المؤرخ في 13جويلية 1967وال نجد فيها صدى
160
لتطور الذي عرفه القانون الفرنسي منذ ذلك التاريخ
أوال ال بد من تحديد طبيعة الدعوى ؛ في دعوى سد العجز يتعلق األمر بدعوى في
المسؤولية المدنية و تحديد مسؤلية بسبب خطأ مفترض كما كان الشأن في المجلة التجارية
إذ يخضع المسير لقرينة الخطأ و قرينة العالقة السببية بين الخطأ و عدم كفاية األصول و
هو ما جعل فقه القضاء يتحدث عن قرينة المسؤولية و ذلك في قرار صادر عن محكمة
االستئناف بصفاقس في 21جانفي 2016و يفترض المشرع أن النقص في أصول الشركة
الخاضعة إلجراءات التسوية القضائية سببه خطأ في التصرف من قبل المسيرين فالدعوى
ثانيا شروط رفع الدعوى؛ إن دعوى سد العجز ال يمكن ان ترفع إال في صورة خضوع
الشركة ذات مخاطر محدودة إلجراءجماعي التسوية القضائية أو التفليس أما في الشركات
ذات المخاطر غير المحدودة فإن المشرع اعتبر أنه ال داعي لتلك الدعوى إذ يكفي أن يقوم
الدائنون على الشركاء باعتبارهم مسؤولين بالتضامن عن ديون الشركة و تجدر اإلشارة أن
القانون التونسي يختلف في هذه النقطة عن نظيره الفرنسي الذي يعتبر أن دعوى سد العجز
يمكن أن ترفع ضد كل مسير لشخص معنوي 162و لرفع دعوى سد العجز يجب علي
المدعي إثبات عدم كفاية االصول و لكن السؤال الذي يطرح هو :التاريخ الذي يجب فيه
معاينة عدم كفاية األصول ،هنالك رأيين؛ إذ يعتبر أصحاب الرأي األول أن معاينة عدم
كفاية االصول ال يمكن أن تتم إال بعد انتهاء اإلجراء الجماعي و نتجة لذلك يجب انتهاء
التسوية القضائية ثم القيام بدعوي سد العجز اما الرأي الثاني فيعتبر أنه يجب أن ترفع
الدعوى عندما يالحظ المتصرف القضائي بصورة ال مجال فيها لشك عجز في األصول و
باالطالع على فقه القضاء نجد أن المحكمة االبتدائية بصفاقس تبنت الرأي الثاني في القضية
المعروفة تحت اسم سيكا و كذلك تبنى فقه القضاء الفرنسي نفس الرأي و يقدر القاضي عدم
كفاية االصول بصورة نهائية في التاريخ الذي يصدر فيه الحكم ال في تاريخ افتتاح اإلجراء
الجماعي و الجدير بالذكر بأنه ال مجال للحديث عن نقص في األصول إذا صادقت المحكمة
عن برنامج مواصلة النشاط الن المصادقة على مثل هذا البرنامج تفترض انه سيتم الوفاء
بكامل الديون.163
و بالنسبة إلى أطراف الدعوى نبدأ اوال بتحديد المدعي و يتمتع بهذه الصفة المتصرف
القضائي أو الدائنون إذا تعلق األمر بتسوية قضائية و إن كانت صفة الدائن ال تثير إشكاال
باعتباره صاحب دين و يسعي لحماية مصالحه و بتالي تتوفر لديه شروط الدعوى على
معني الفصل 19من م.م.م.ت لكن تطرح صفة المتصرف القضائي تساؤل بما أن مهامه
تنحصر في مراقبة أعمال التصرف في إدارة المؤسسة 164و في إعداد برنامج اإلنقاذ إال انه
ال يمكن أن يمثلها قانونا و ينتهي دوره بصدور الحكم في التسوية فيحل مراقب التنفيذ محله
إذن السؤال المطروح هل يمكن للمتصرف القضائي اثارة الدعوي و الحال أن الهيكل قد
161في هذا الصدد عاب الفقه الفرنسي على قانون 1985المرور من التشدد المبالغ فيه إلى التسامح المبالغ فيه .
162الفصل 180من قانون 25جوان 1985ثم الفصل 651-2من المجلة التجارية الفرنسية كما تم تنقيحها بموجب قانون 172لسنة 2022
مؤرخ 14فيفري 2022
163حمادي الرايد ،مرجع سابق الذكر ،ص . 272
164الفصل ( 26جديد) :يتولى المتصرف القضائي مراقبة أعمال التصرف ,أو مساعدة المدين في جميع أعمال التصرف أو في البعض منها
او ادارة المؤسسة كليا او جزئيا بمساعدة المدين او دونها حسب ما تحدده المحكمة .واذا اقتصرت مهمة المتصرف على المراقبة ,فللمحكمة ان
تحدد العم ليات التي ال تتم اال بامضاء المتصرف القضائي مع المدين وعند امتناع المتصرف عن االمضاء يرفع االمر الى القاضي المراقب الذي
يبت فيه حاال.
37
زال؟ إن إرادة المشرع عند تنقيحه للفصول 215 ، 214، 121من م.ش.ت ال تخلو من
فرضيتين أوال أن المشرع سهى عن ذكر مراقب التنفيذ و اكتفي بالمتصرف القضائي دون
تفريق بينهم ،ثانيا أن المشرع يقبل برفع دعوي سد العجز خالل ممارسة المتصرف
لصالحيته أي خالل فترة المراقبة و هو أمر مستبعد باعتبار أن العجز ال يظهر إال بعد مآل
التسوية القضائية اما بالنسبة إلى صفة المدعى عليه فإن الدعوي ترفع ضد المسيرين
المذكورين أعاله و المحكمة التي ترفع أمامها دعوي سد العجز هي تلك التي افتتح أمامها
اإلجراء الجماعي الذي خضعت له الشركة و ذلك تطبيق للفصل 414من م.ت و يجب أن
ترفع الدعوي خالل ثالث سنوات من تاريخ حكم التسوية القضائية وفي إطار آثار دعوى
سد العجز البد من اإلشارة إلى السلطة التقديرية الكبيرة التي يتمتع بها القاضي و هامش
الحرية الواسع الذي منح له و هو األمر الذي جعل الفقه الفرنسي يصف دعوى سد العجز
بأنها عقوبة خاصة و تأخذ تلك الحرية أربعة مظاهر أوال؛ خالف للقواعد العامة للمسؤلية
التى تفضي بان المدعى عليه ملزم بالتعويض طالما اعتبرته المحكمة مسؤوال ،للمحكمة
كامل الحرية في إلزام أو عدم إلزام مسيري الشركة بسد العجز ،ثانيا يمكن للمحكمة أن
تلزم بعض المسيرين ال كامل المسيرين مطلوبين ،ثالثا خالف للقواعد العامة التي توجب
التعويض الكامل تحدد المحكمة بكل حرية مبلغ ديون الشركة الذي يتحمله المسيرون ،رابعا
في صورة تعدد المسيرين يمكن أن يكونوا ملزمين بالتضامن أو بدونه.
لكن قد تكون األخطاء المرتكبة من قبل المسير خطيرة و و بالتالي تصبح دعوى سد العجز
غير مجدية و الجزاء الناجم عنها ال يتناسب مع خطورة األفعال المرتكبة خاصة عندما
تطال إحدى الشركات المنتمية لتجمع الشركات لذلك يتجه تسليط جزاء أشد يتمثل في سحب
165
إجراءات التسوية القضائية.
تجد دعوى سحب إجراءات التسوية القضائية أساسها في الفصل 478من م ش تج الذي جاء
فيه أنه " يمكن سحب إجراءات التسوية القضائية أو التفليس التي تفتح ضد إحدى الشركات
المنتمية إلى تجمع الشركات على بقية الشركات المنتمية إليه معها في صورة اختالط ذممها
المالية أو في صورة التحيل أو التعسف في استغالل أموال الشركة موضوع إجراءات
التسوية أو التفليس أو إذا ثبت أن الشركة المدينة كانت وهمية و أن الشركات المنتمية إلى
تجمع الشركات التي ظهرت بمظهر الشركاء فيها"
يستخلص من أحكام هذا الفصل أن إخضاع إحدى الشركات المنتمية لتجمع الشركات إلى
إجراءات التسوية القضائية قد يؤدي إلى سحب نفس االجراءات على بقية الشركات إذا ما
تحقق أحد األسباب الموجبة لذلك .فهذا الفصل يكرس استثناء لقاعدة استقاللية الشخصية
166
القانونية و الذمة المالية لكل شركة فرعية.
38
وقد استعرضت محكمة التعقيب مفهوم تجمع الشركات باالستناد إلى التعريف التشريعي
الذي جاء به الفصل 461م ش تج مؤكدة على الخصائص المميزة له و التي ترتكز على
167
قاعدة عامة مفادها استقاللية الذمم المالية للشركات المنتمية إلى تجمع الشركات.
فإعمال قاعدة االستقاللية يؤدي إلى إخضاع الشركة الفرعية التي توقفت عن دفع ديونها
الجراءات التسوية القضائية على انفراد جون أن يكون لذلك أي إنعكاس على بقية الشركات
الفرعية بمعنى أن مجرد االنتماء لتجمع الشركات ال تأثير له مبدئيا على االجراءات
الجماعية.غير أن هذه القاعدة التخدم مصالح الدائنين وجميع المتعاملين مع الشركة الفرعية
سيما عندما تكون االستقاللية القانونية ال تعكس حقيقة العالقة في الواقع بين الشركة األم و
الشركات الفرعية نظرا لما تتمتع به الشركة األم من نفوذ يؤدي بها إلى التدخل في القرارات
المالية للشركات الفرعية.لذلك خول الفصل 478م ش تج إمكانية سحب إجراءات التسوية
القضائية على بقية الشركات المنمية لتجمع الشركات في حاالت محددة و هي اختالط الذمم ،
التحيل،التعسف في استغالل أموال الشركة الخاضعة الجراءات التسوية،وهمية الشركة
168
المدينة و ظهور الشركات المنتمية إلى تجمع الشركات بمظهر الشركاء فيها.
ولتطبيق الفصل 478م ش تج فال بد من اثبات االنتماء إلى تجمع الشركات من جهة و توفر
حالة من الحاالت الموجبة لسحب اجراءات التسوية الرضائية المبينة به حصرسا وقد أكدت
محكمة التعقيب أن إثبات انتماء الشركة المدينة إلى تجمع شركات تبقى مسألة واقعية تختص
بها محاكم األصل و تدخل في نطاق الصالحيات المخولة لها قانونا في فهم وقائع الدعوى و
169
تقدير أدلتها و استخالص النتائج منها"
167القرار عدد 30627 – 2014المؤرخ في 17مارس 2016منشور بالواقع االلكتروني لمحكمة التعقيب التونسية.
168سماح قوبعة،مرجع سابق الذكر،ص ص . 116 115
169قرار عدد 30627- 2014المؤرخ في 17مارس ، 2016سابق الذكر.
39
المراجع باللغة العربية
المراجع العامة :
-أحمد رفيق الطيب ،مدخل للتسيير،ج ، 2ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر. 1995،
-المنصف الكشو ،قانون االجراءات الجماعية :نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات
اقتصادية دراسة نظرية و تطبيقية ،مجمع األطرش ،الطبعة الثانية . 2019 ،
-حمادي الرايد شرح القانون التجاري التونسي اإلجراءات الجماعية ،مجمع األطرش
للكتاب المختص ،تونس ، 2023الطبعة األولى .
. -عصام األحمر ،الجديد في فقه الفضاء ،مجمع األطرش للكتاب المختص2018،
-علي النني ،القانون التجاري االجراءات الجماعية ،مجمع األطرش . 2022 ،
-محمد كمال شرف الدين،قانون مدني النظرية العامة للحق النظرية العامة للفانون ،مجمع
األطرش،الطبعة الثالثة،ماي. 2020
-يوسف محمد رضا ،معجم العربية الكالسيكسة و المعاصرة ،مكتبة لبنان ناشرون،
بيروت،لبنان ،الطبعة األولى. 2006،
40
-نزار السنوسي "،الحوكمة في قانون الشركات التجارية مقارنة بالمعايير الدولية" ،مجلة
األخبار القانونية ،عدد ، 150فيفري . 2013
-منصف كشو ''،مساهمة أحكام اإلجراءات الجماعية في النهوض بالمؤسسة عند تعثرها"،
الجديد في قانون اإلجراءات الجماعية ،أعمال اليوم الدراسي الذي انتظم بكلية الحقوق
بصفاقس في 4مارس 2015المتعلق بمشروع قانون اإلجراءات الجماعية و أعمال اليوم
الدراسي الذي انتظم بنزل الزيتونة بصفاقس في 18أكتوبر 2016المتعلق بالقانون الجديد
لالجراءات الجماعية ،جمعية الحقوقيين بصفاقس ،مجمع االطرش.
-نجاة البراهمي الزواري ،تعليق على قرار عدد 63849-2011بتاريخ 24أفريل 2012
،األخبار القانونية ،عدد ، 189 – 188نوفمبر ،2014ص 18إلى . 26
محاضرات :
-سلمى عبيدة ،الجديد في نظام اإلنقاذ من خالل القانون عدد 36المؤرخ في 26أفريل
2016أفريل ،2016محاضرة قدمتها السيدة سلمى عبيدة بصفتها قاضية مكلفة بأمورية
بديوان وزير العدل وهي مرقونة و منشورة على األنترنت تم اإلطالع عليها 2/ 24
. 2024/
41
Bibliographie
Ouvrages généraux :
JACQUEMENT (A) :
- Droit des entreprises en difficulté, 5 éme éd, LGDJ, paris, 2007.
Thèses et mémoires :
SEBAI(M), mémoire pour l’obtention du diplôme d’études
approfondies en droit des affaires : Les dirigeants d’entreprises et le
droit des procédures collectives, faculté des sciences juridiques
politiques et sociales de Tunis, 1996/1997.
Articles :
JAOUHAR (M) :
- « Les sanctions applicable aux dirigeants des entreprises en
difficulté », approche comparative, Revue publié à la fac de
Sfax.
PAILLUSSEAU (Y) :
42
HOUIN (R) :
- « Permenance de l’entreprise à travers la faillite »,in « Aspects
économiques de la faillite, sirey 1970.
MELEDO-BRIAND (D):
- « Procedures collectives et droit économique.l’exemple
francais »,RIDE,1994,p230-265.
CHAMPAUD (C) :
- Rapport de synthése au colloque « Entreprise en difficultés
économiques et concurrence », RIDE, 1995, p318-343.
43
الفهرس
قائمة المختصرات3................................................................
الفهرس5...............................................................................
المقدمة6................................................................................
الجزء األول :تحديد دور المسير في إطار إجراءات االنقاذ12...............
فرع أ /دور متغير13................................................................
فرع ب /دور قابل للحد19.........................................................
الجزء الثاني :أثر إجراءات االنقاذ على المسير28 ............................
فرع أ /أثر إجراءات االنقاذ على شخص المسير29...........................
فرع ب /أثر إجراءات االنقاذ على الذمة المالية للمسير33..................
قائمة المراجع40.....................................................................
44