Professional Documents
Culture Documents
اقتصاد الاعلام والمعرفة
اقتصاد الاعلام والمعرفة
ﺗدﻗﯾﻖ :
اﻟدﻛﺗور ﻋﯾﺳﻰ ﻋﺳﺎﻓﯾن
اﻟدﻛﺗور ﻣﺣﻣد اﻟرﻓﺎﻋﻲ
اﻟدﻛﺗورة إﻟﮭﺎم اﻟﻌﯾﻧﺎوي
ISSN: 2617-989X
اﻗﺗﺻﺎد اﻹﻋﻼم واﻟﻣﻌرﻓﺔ
اﻟدﻛﺗور ﻟؤي اﻟزﻋﺑﻲ
من منشورات الجامعة االفتراضية السورية
الجمهورية العربية السورية 2020
هذا الكتاب منشور تحت رخصة المشاع المبدع – النسب للمؤلف – حظر االشتقاق ()CC– BY– ND 4.0
https://creativecommons.org/licenses/by-nd/4.0/legalcode.ar
يحق للمستخدم بموجب هذه الرخصة نسخ هذا الكتاب ومشاركته وإعادة نشره أو توزيعه بأية صيغة وبأية وسيلة للنشر وألية غاية تجارية
أو غير تجارية ،وذلك شريطة عدم التعديل على الكتاب وعدم االشتقاق منه وعلى أن ينسب للمؤلف األصلي على الشكل اآلتي حصرا:
ﻟؤي اﻟزﻋﺑﻲ ،اﻻﺟﺎزة ﻓﻲ اﻻﻋﻼم واﻻﺗﺻﺎل ،من منشورات الجامعة االفتراضية السورية ،الجمهورية العربية السورية2020 ،
متوفر للتحميل من موسوعة الجامعة https://pedia.svuonline.org/
https://creativecommons.org/licenses/by-nd/4.0/legalcode
األهداف التعليمية:
في نهاية هذه الوحدة التعليمية يجب أن يكون الطالب قادراً على أن:
يحدد العالقة المنطقية بين اإلنتاج واالقتصاد عمومًا وفي اإلعالم خصوصًا.
يعدد المبررات واألسباب الموضوعية لالهتمام بدراسة وتحليل اقتصاديات اإلعالم.
يحدد أسباب وكيفية تحول صناعة اإلعالم إلى اقتصاد حيوي ومميز في المجتمعات الحديثة.
يشرح آلية ومصادر تمويل وسائل اإلعالم المختلفة باعتبار ذلك عصب العملية اإلعالمية.
1
اإلنتاج واشكالية المصطلح:
إن مصطلح إنتاج productionمن المصطلحات التي يختلف في تحديد مفهومها الكثيرون نظ ًار
التساع دائرة استخدامه إذ يشمل أنشطة عديدة اقتصادية وصناعية وزراعية وحيوانية وحرفية وعلمية
وفنية واتصالية إعالمية ،بل وكثي اًر ما يأتي الخالف نتيجة رؤية سياسية أو إيديولوجية معينة تعطي
المصطلح مفهومًا مختلفاً طبقًا لكل اتجاه.
جاءت أوسع التعريفات لتجعل من اإلنتاج كل نشاط ساهم في إشباع الحاجات اإلنسانية ،وهذا أوضح ما
يكون في حالة الزارع والخباز أو البناء أو الخياط ،فإن نشاطهم يتمخض عن سلعة تشبع حاجتنا إلى
الغذاء أو الوقاء أو الكساء ،ولكنه يصدق أيضًا بالنسبة للعامل في مصنع اآلالت ،أو التاجر أو الطبيب
أو المعلم أو الممثل أو الموسيقي ،حيث يساهم كل هؤالء جميعاً في إشباع حاجة أو أخرى بطريقة
مباشرة أو غير مباشرة .غير أن تعريف اإلنتاج لم يكن دائماً بهذا الشمول فالطبيعيون في القرن الثامن
عشر كانوا يقصرون اإلنتاج على الصناعة والتجارة من دائرته ،وبعض االشتراكيين يقصرون اإلنتاج
على الزراعة والصناعة ،وينظرون بارتياب إلى التجارة والخدمات بأنواعها غير أن هذا التضييق ال يستند
إلى أسس مقبولة.
وتتسع دائرة المصطلح أيضًا عندما يتضمن كافة نواحي اإلنتاج المادي الذي يحصل عليه اإلنسان
كنتيجة مباشرة لعمل ما إن إنتاج الخبرات المادية هو أساس حياة المجتمع البشري في كل درجة من
درجات التطور ،وعليه فاإلنتاج مفهوم واسع جداً إن تعاطي الناس أنواعًا ملموسة من اإلنتاج منها
البستنة (زراعة الفواكه في البساتين) وتربية المواشي وزراعة الحقول وزراعة الخضار هي أنواع من
اإلنتاج الزراعي ،واستخدام الفحم والنفط والغاز هو من ميدان صناعة االستخراج (التعدين) ،أما إنتاج
اآلالت وسائر وسائل العمل فتقوم به الصناعات الثقيلة.
2
اإلنتاج في مفهوم علوم االتصال:
3
وملكية تعاونية ،وقد تصل ببعض النظم االشتراكية في مرونتها إلى إطالق المشروعات الفردية
مع وجود رقابة من الدولة وهناك دول تجمع بين الملكيات الرأسمالية والملكيات العامة والملكيات
المشتركة والملكيات التعاونية ،والمنتج هنا صاحب رأس المال الفردي ،فرداً أو شركة أو الدولة
في ملكيتها العامة للمشروعات اإلنتاجية أو الملكيات المشتركة في حالة دخول شركاء مع الدولة
في عمليات اإلنتاج.
في النواحي االتصالية اإلعالمية فيشير المصطلح في لغة المسارح األميركية على سبيل المثال
إلى الشخص أو األشخاص المسؤولين عن تمويل العمل المسرحي من الناحية المالية التنظيمية
واإلدارية والحرفية ،وعادةً ما يقوم بذلك المنتج بالتعاون مع المؤلف والمخرج والممثلين والحرفيين
المسرحيين ،أما في المجال المسرحي في المملكة المتحدة فإن المصطلح يشير إلى المخرج
المنوط به إخراج المسرحية.
وفي النواحي االتصالية أيضا يشير المصطلح إل الشخص المسؤول مسؤولية كاملة عن أي إنتاج للراديو
أو التلفزيون أو المسرح أو اإلعالنات التجارية ،وهذا يطلق على الشخص الذي يقوم بالتمويل الخاص
بعملية اإلنتاج ،وكذلك على الشخص المسؤول من الناحية اإلدارية والمالية والفنية واختيار مجموعة من
العاملين في اإلنتاج production teamوعن اإلنتاج ذاته من ناحية اختيار المخرج والممثلين والتوزيع
وتحديد ساعات اإلنتاج ،production hoursباإلضافة إلى مسؤوليته القانونية أمام الجهات المعنية،
واذا كان المخرج هو المسؤول عن الحصول عن المنت ج النهائي كعمل فني إبداعي ،فمن البديهي أن
يكون هناك تفاهم تام بين المنتج وبين المخرج ،وقد يطلق المنتج يد المخرج بحرية تامة في جميع
خطوات التنفيذ بشرط االلتزام بالميزانية المحددة لإلنتاج.
4
شجرة وارفة في غابة غ ّناء:
لكي تستمر وسائل االتصال في أداء مهامها ال بد لها أن ترتكز على قاعدة اقتصادية قوية ألن هذه
الوسائل بحاجة إلى نفقات كبيرة تتم ثل في الكادر البشري والمعدات وأنظمة االستقبال واإلرسال...الخ.
ونظ اًر ألن وسائل اإلعالم تعمل في سوق مشترك وفق مفهوم تدفق المعلومات عليها أن ترتقي إلى
مستوى المنافسة ،وهذا يتطلب الكثير من الجهد ،األمر الذي أضفى عليها الطابع التجاري ،وبالتالي
تسعى وسائل اإلعالم واالتصال في كل دولة ألن تتميز على وصيفاتها ،فكان عليها أن توفر الكادر
البشري والتقنية المتطورة وتقدم نفسها للجمهور من خالل مادة مؤثرة تعرضها وفق منهجية علمية.
5
مبررات االهتمام بدراسة وتحليل اقتصاديات اإلعالم:
يلحون على ضرورة الوقوف على النظم المالية واالقتصادية التي تطبقها مؤسسات
أخذ رجال االقتصاد ّ
اإلعالم من أجل الوصول إلى أفضل البدائل في التشغيل االقتصادي لهذه المؤسسات وظهر علم جديد
هو اقتصاديات اإلعالم الذي يعنى باألسس التي تحكم
اء كانت هادفة للربح أم
األنشطة اإلعالمية المختلفة ،سو ً
الخدمة العامة.
وقد صاحب هذا االهتمام اهتمام بدراسات الجدوى من
إنشاء شبكات إرسال جديدة وتقديم البرامج وتطورها
واستخدام األقمار الصناعية وغير ذلك ،كما صاحبه
تطبيق دراسات عن الكلفة والعائد والفاعلية والدراسات
المعتمدة على تحليل النظم وغيرها.
6
هنا سؤال مهم :هل يمكن تقييم اإلعالم بالتحليل االقتصادي؟ ولإلجابة على هذا السؤال نقول إنه
مادامت الحاجة إلى إنتاج اإلعالم قائمة وخاصة مع توافر العوامل الثالثة التقليدية لإلنتاج وهي :المادة
الخام والعمل ورأس المال في إنتاج الصحيفة أو اإلذاعة أو التلفاز أو الكتاب أو الوسائل الفضائية
الحديثة ،فإن تتبع منهج التحليل االقتصادي ينطبق على اإلعالم.
إن موضوع اقتصاديات اإلعالم خرج إلى الوجود مع ثورة االتصال والنمو السريع لصناعة اإلعالم فلم
يكن الموضوع مثار االهتمام في اإلعالم والدراسات اإلعالمية قديماً ألن تكلفة اإلعالم قبل اختراع
الطباعة ثم اختراع المذياع والتلفاز لم تكن شيئاً يستحق البحث لقد كان االهتمام قديمًا بالشكل المثالي أو
بمحتوى الرسالة بحيث كان يغلب على ما عداه أما اليوم فإن االهتمام بالشكل المادي وبتكلفة الرسالة
اإلعالمية يقف إلى جانب االهتمام بمضمونها كتفًا بكتف.
ومن ثم خرجت دراسات اقتصاديات اإلعالم من علوم اإلعالم ،واالقتصاد ،واإلدارة لتبين لنا كيف ينتج
سوق وكيف يستخدم.
اإلعالم وكيف يخزن وكيف ي ّ
إن دارس اإلعالم يالحظ أن اقتصاديات اإلعالم لم تحظ باهتمامات علماء االقتصاد وكأن اقتصاديات
اإلعالم ال تشغل إال بيتًا متواضعاً في مدينة االقتصاد الواسعة لذلك ،شهد الربع األخير من القرن
العشرين دراسات واهتمامات بدأت في التعمق والدراسة وتحليل اقتصاديات اإلعالم ،ولعل أهم أسباب هذا
التعمق ما يلي:
7
ثالثاً :صعوبة مشاكل اإلنتاج في اإلعالم:
إن مشاكل اإلنتاج في إعالم البلدان الرأسمالية تختلف إلى حد كبير عن مشاكل اإلنتاج في البلدان
االشتراكية وكالهما يختلف في مشاكله اإلنتاجية عن المشاكل التي يواجهها اإلعالم في البلدان النامية.
لقد تبين أن األخذ بالجديد م ن التقنية في نطاق الصحافة يؤدي إلى توفير ثلثي القوى العاملة وأكثر من
نصف التكلفة النقدية لهذه األسباب وغيرها كان التعمق في دراسة وتحليل اقتصاديات اإلعالم ضرورية
فالعصر الحديث بثورة معلوماتية وتقنية وعولمة اقتصادية وكوكبية كونية ونهضة حاسوبية وقنوات
فضائية يؤكد أهمية العناية باإلعالم ووسائله من جميع النواحي وخاصة الجانب االقتصادي.
إن المسؤولين ورجالواذا كان األمر كذلك في الدول المتقدمة ،فاألمر غير ذلك في غيرها من الدول ّ
اء في النظام أم المعارضة ،لم يحملوا أية رؤية
اإلعالم وأصحاب القرار السياسي في العالم الثالث سو ً
اقتصادية لوسائل اإلعالم واالتصال وكان االعتماد واالهتمام فقط بالجانبين السياسي االجتماعي والثقافي
لقد كانوا أسيري فكرة واهمة هي أن وسائل اإلعالم هي مجرد أدوات للنشر والبث والدعاية.
مع بداية األلفية الثالثة ،أصبح موضوع اقتصاديات اإلعالم واالتصال في العالم الثالث فرعًا جديدًا له
أن ظهور األبعاد االقتصادية تم في األربعينيات من خالل
تواجد وضرورة في العلوم االقتصادية ،علماً ّ
الصناعة السينمائية في أمريكا ،وظهر هذا البعد في أوروبا في الستينيات ،ثم أخي اًر في بعض بلدان
العالم الثالث مع بداية األلفية الثالثة أي منذ عام ،.111حيث ترسخ الجانب االقتصادي وفرض قوانينه.
ومن الجانب التعليمي واألكاديمي ،فإن أغلب طالب تخصص اإلعالم واالتصال ال يهتم بموضوع
ويفضلون البحث في إشكاليات تتعلق بالسياسة واإليديولوجيات
ّ اقتصاديات وسائل اإلعالم واالتصال
والرأي العام ومن هنا تأتي أهمية هذا المقرر.
إضافة إلى أن الحديث عن الجانب االقتصادي في هذه المؤسسات ال يزال غائبًا في الثقافة العربية إذ
يعتبر ربط المؤسسات اإلعالمية بالمال واالقتصاد بالنسبة للبعض عيباً وعا ًار.
8
ما هي اقتصاديات اإلعالم واال تصال؟
تعرف اقتصاديات اإلعالم باعتبارها فرع من فروع االقتصاد التطبيقي الذي يدرس :اإلنتاج ،التوزيع،
االستهالك.
-3والمقصود باإلنتاج هو عملية تنظيم العمل في البرنامج ،والتنسيق بين العناصر الفنية المشاركة
في التنفيذ وتسهيل كل المع وقات والصعوبات في حدود الميزانية المقررة ويدخل ضمن هذا
المفهوم كل النفقات المادية والفنية والتقنية والبشرية ،وتتفاوت اإلمكانيات حسب طبيعة الوسائل
وفق ما يتوفر لها من موارد وبيئة عمل.
-.أما التوزيع فهو قدرة القائم باالتصال على توصيل المادة اإلعالمية للجمهور ويدخل ضمن ذلك
توصيل الصحف للقارئ عن طريق استخدام الوسائل التي تتمثل في السيارات والطائرات وغيرها،
وتوصيل الخدمة اإلذاعية عن طريق الموجات األثيرية ،والخدمة التلفزيونية عن طريق األقمار
االصطناعية ،واتاحة خدمة اإلنترنت.
-1واالستهالك يعني مدى قبول الجمهور لمحتوى وسائل اإلعالم وشكل الرسائل المقدمة ويتطلب
محتوى ما تقدمه الوسائل
ً هذا جهداً كبي اًر يختلف باختالف طبيعة الوسائل ،فلكي يقبل الجمهور
علينا الكثير من العمل ليس فيما يختص بالمضمون فحسب ،إنما بالنسبة لشكل وقالب المادة
أيضًا ،وهذان هما قطبا المادة اإلعالمية التي تتطلب فهمًا واسعًا للوسائل والجمهور يرتقي إلى
مستوى الدراسة والتمحيص.
يمكن تصوير صناعة وسائل اإلعالم باعتبارها سلسلة من األنشطة الفرعية ،مترابطة الحلقات يأخذ
بعضها برقاب بعض ويهيمن عليها نشاط رئيس يختلف من وسيلة إعالم إلى أخرى.
النشاط الرئيس :في الصحافة المكتوبة هو النشر أما في اإلذاعة والتلفزيون فهو البرمجة.
أما األنشطة األمامية :فهو ما يتعلق بجميع المعلومات أو ما يمثل المحتوى عموماً األنباء،
الصور اإلعالنات ،وهذا تشترك فيه الصحافة المكتوبة والتلفزيون واإلذاعة.
9
هناك أنشطة أمامية أخرى تخص اإلذاعة والتلفزيون مثل إنتاج البرامج اإلذاعية والتلفزيونية والمواد
السمعية البصرية المختلفة ،األشرطة ،التحقيقات ،المنتجات اإلخبارية والثقافية والمواد العلمية الخيالية
واإلعالنية...إلخ.
اإلنتاج الفني الحفالت الموسيقية ،األلعاب باإلضافة إلى األفالم السينمائية ،فكل هذه األنشطة يمكن أن
تسن د إلى مؤسسات أخرى غير المؤسسات التي تقوم بالبرمجة وكذلك الشأن.
األنشطة الخلفية :الطباعة والتوزيع بالنسبة إلى الصحف والبث الهرتزي األرضي أو عبر األقمار
االصطناعية ،أو التوزيع عبر الكابل (التلفزيون السلكي) بالنسبة إلى التلفزيون فكلها أنشطة
يمكن أن تقوم بها مؤسسات أخرى.
في آخر السلسلة يوجد الجمهور الذي يتجه إليه كل النشاط :قراء الصحافة ومشاهدو التلفزيون
ومستمعو اإلذاعة.
هذه البنية الصناعية لنشاط وسائل اإلعالم ثابتة تقريبًا وال يمكن أن تتغير إال بحدوث طفرة تكنولوجية
تعدل البنية الصناعية بإلغاء بعض الحلقات (أو بإضافة حلقات جديدة) أو تغير محتوى النشاط
باهرة ّ
داخل كل حلقة من حلقات السلسلة.
يتمثل جوهر هذا الطرح في القول بأن ما يحدد أية وسيلة إعالم في المجتمع الحديث هو تضافر ثالثة
مستويات :سياسي وصناعي (تكنولوجي) واقتصادي يقدم هذا الطرح تفسير النشأة أية وسيلة إعالم
وللتحوالت التي تط أر عليها ،وهو طرح متميز يحاول تفسير جوانب التطور أو القصور في وسائل
اإلعالم في المجتمعات الصناعية المعروفة بالمجتمعات الديمقراطية غير أن افتراض أن المستوى
السياسي هو المحدد النهائي لتطور وسائل اإلعالم ،وأن المستويين اآلخرين التكنولوجي واالقتصادي،
هما مستويان ثانويان مكمالن فقط ،هو افتراض يحتاج إلى فحص وتحميص خارج نطاق البلد المصنعة.
10
.1إن إدارة مؤسسة إعالمية تعتبر نشاطاً إبداعياً إداريًا ،واذا نظرنا للواقع نجد أن كثير من مديري
الصحف هم من المبدعين ومن منتجي الفكر.
.3إن مديري وسائل اإلعالم تنطبق عليهم صفة مديري المؤسسات اإلعالمية الذين يتولون مهمة
تهيئة البيئة اإلدارية المالئمة والتي تجعل جهود الجماعة موجهة نحو تحقيق أهداف العمل
الجماعي حتى تخرج الصحيفة كسلعة مادية أو خدمة ملموسة تهدف لتحقيق الربح.
.1التغييرات الواسعة التي حدثت في طبيعة العالقات المهنية واالجتماعية بين فئات العاملين في
المؤسسة اإلعالمية من مالك وصحفيين واداريين وأهمية إعادة التوازن في هذه العالقة بعد
دخول عناصر جديدة غريبة عن الروح اإلعالمية مثل المبرمجين ألجهزة الحاسوب والمنظمين.
.6تعاظم دور االقتصاد في الصناعة اإلعالمية مع تزايد االتجاه نحو خصخصة النشاط اإلعالمي
على المستويين العالمي والمحلي.
فرقوا بين
فرق الباحثون منذ الثمانينات بين منطقين مختلفين يحكمان سير صناعات وسائل اإلعالم ،ثم ّ
هذه الصناعات بداللة هذين المنطقين ويجدر بنا ،في هذا المقام ،أن نبدأ بضبط معنى مصطلح منطق
في سياق تحليل نظرية الصناعات اإلعالمية التي يشكل فيها مقولة محورية وتحليل مقولة المنطق
الصناعي هنا يعني الحديث عن مستويين متمايزين :مستوى بنية الصناعة ومستوى تنظيمها.
فأولهما :ي عني الشروط الهيكلية التي تحدد متغيرات عمل األطراف الفاعلة في قطاع معين في فترة
تاريخية محددة فهو يشير هنا بالتحديد إلى القواعد التي توجه هيكلة وسير قطاع صناعي معين،
والتي تحدد خصوصيات وتمفصل عمليات اإلبداع واإلنتاج ،وصيغة الصالحية واستهالك
المنتجات الثقافية.
فالمنطق هنا ،يحدد قواعد العمل (اللعبة) بين مختلف األطراف بصرف النظر عن إرادتهم ،أي أنه
يصف االتجاهات الكبرى للصناعة في لحظة معينة.
ثانيهما :هو األشكال الغالبة لتبضيع الثقافة وتصنيعها في لحظة تاريخية معينة وهي نتيجة الرتباط
معين بين وظائف اإلنتاج والبرمجة (أو النشر) والبث (أو التوزيع).
11
يتم التمييز عادةً بين منطق النشر ومنطق البث ،فمصطلح (المنطق) هنا يجمع بين المعنيين معًا أي
الشروط الهيكلية وأشكال المؤسسة الناجمة عنها.
يحكم منطق النشر إنتاج المواد الثقافية ،وأنماط صالحيتها معاً ،وتسمح ت قنيات اإلنتاج ،في هذا المنطق،
اء (إيجا ًار) للمستهلكين مباشرًة ،ومن أهم أمثلة الصناعات
بإنتاج وتسويق نسخ من عمل معين بيعًا أو كر ً
القائمة على منطق النشر صناعة الكتاب وصناعة الشريط المسموع وشريط الفيديو ،وصناعة الصورة
المكبرة ،واألسطوانة المضغوطة.
دور الناشر:
يلعب الناشر في هذه الصناعات جميعاً دو ًار مركزياً ،فهو الذي يجمع بين وظيفة اإلبداع الفكري واإلنتاج
المادي (الصنع) ،والنسخ الصناعي لألعمال الثقافية.
فهو يختار المشاريع واألعمال التي يقدمها للنشر والتسويق من بين فهرس متعدد األسماء والعناوين من
المؤلفين وأعمالهم المقترحة ،ويتحمل مخاطرها جزئيًا أو كلياً.
ووظيفة النشر مهمة جدًا :تتمثل في اختيار األعمال وتصنيعها وتسويقها ويكمن مصدر الصعوبة في
عشوائية الطلب على المنتجات الثقافية ،إذ يتعين على الناشر أن يوازن على األقل بين األعمال الفاشلة
واألعمال الناجحة ليضمن توازن المؤسسة.
الوظيفة األساسية ،المماثلة لوظيفة الناشر في صناعة النشر ،هي هنا وظيفة المبرمج ومهمة المبرمج
األساسية هي بناء شبكة برامج يمكنها أن تجتذب اهتمام أكبر قدر من المستمعين أو المشاهدين خالل
12
أطول فترة ممكنة ،ولذلك يحاول المبرمج أن يبني شبكة برامجية توافق وقت العائالت ،وجدول
انشغاالتها.
-1اإلعالن:
الذي يعتبر بحق المصدر األهم لمعظم وسائل ومؤسسات اإلعالم ،أحياناً بعد الدعم الحكومي والخاص.
اإلعالن أحد األشكال الرئيسة لترويج المبيعات الذي يستهدف تعريف مجموعات المستهلكين بالسلع
والخدمات وخصائصها ومميزاتها وحث المستهلكين واقناعهم باتخاذ خطوات استهالكية معينة وفق
األهداف التسويقية األساسية.
وال شك أن اإلعالن الجيد يحقق زيادة في كمية المبيعات من السلعة وبذلك يحقق خفضّا في تكلفة
اإلنتاج ومن ثم يؤدي على المدى الطويل إلى خفض سعر بيع السلعة للمستهلك وعليه فإ ن كل مبلغ
يصرف على اإلعالنات يصب في االستثمارات التي تدر أرباحًا حاضرة ومستقبلية.
لقد أصبح اإلعالن أحد معالم المجتمع الحديث الذي ال يمكن االستغناء عنه.
يقول أرمان ماتالر في كتابه (إمبراطورية اإلعالن) إن االهتمام المتزايد باإلعالن كفن ينسينا أنه أيضًا
صناعة يزداد ثقلها يومًا بعد يوم ،ومؤسسة قائمة بذاتها ،حيث يشارك اإلعالن في كل الظواهر التي
ال عن الدور الذي أصبح يلعبه في المضاربات المالية
تزخر بها القطاعات االقتصادية المختلفة ،فض ً
التي تجري على الصعيد العالمي.
13
إن معركة السيطرة على شبكات ووكاالت اإلعالن تواكب معركة السيطرة على الشركات التجارية
والصناعية عابرة القارات من أجل الحصول على نصيب األسد من السوق العالمي وعليه ،يمكننا التأكيد
بأن اإلعالن هو الداعم األساس القتصاديات وسائل اإلعالم.
-2مبيعات البرامج:
تقوم بعض وسائل االتصال ببيع برامجها ،ولكن هذا يتطلب أن تكون لهذه الوسائل قدرة مهنية ومادية
وتقنية تم ّكنها من تقديم برامج منافسة تستطيع من خاللها زيادة دخلها.
-3رعاية المؤسسات:
تقوم بعض المؤسسات برعاية البرامج اإلذاعية أو التلفزيونية أو غيرها مقابل قيمة تدفعها للمحطـة
والغرض من مثل هذه البرامج هو اإلعالن عن سلع أو خدمات تقدمها تلك المؤسسات ،وعليه يمكن
القول بأن هناك مصالح مشتركة بين المؤسسة والمحطة.
من المعلوم أن هناك الكثير من محطات الراديو والتلفزيون والصحف ومواقع االنترنت لها ارتباط بالقطاع
العام أو القطاع الخاص ،وحسب ما تمليه تلك العالقة يمكن أن تقدم الحكومة أو مؤسسات القطاع
الخاص الدعم للمؤسسات اإلعالمية ،وقد يكون ذلك الدعم دعمًا ماليًا مباش ًار ،أو في شكل مساعدات
وتسهيالت.
كثي اًر ما يؤدي اعتماد وسائل اإلعالم على مصادر تمويل بعينها إلى أن تتحول مصادر التمويل هذه إلى
فاعل مؤثر في محتوى تلك الوسائل وربما سياساتها ،ويؤدي هذا غالبًا إلى بعض السلبيات:
14
وهي تمثل ضغطاً على األسرة لشراء سلع ربما تكون غيــر ضرورية ،بل ربما ضارة.
15
الخالصة
تتحدث الوحدة عن موضوع اإلنتاج والمنتج ومفهومهما ودورهما في علوم اإلعالم واالتصال حيث ال
اقتصاد دون إنتاج وحيث اإلعالم هو الداعم األساسي القتصاديات العالم ،ألنه صناعة متكاملة في
عصرنا الحاضر.
وثمة مبررات وأسباب موضوعية ل الهتمام بدراسة وتحليل اقتصاديات اإلعالم منها:
ضخامة االستثمار في مجال اإلعالم ودخول الدول الحكومات في النشاط االقتصادي لإلعالم باعتبار
أن صناعة اإلعالم فرضت نفسها كاقتصاد حيوي ومميز.
وهذا االقتصاد يخضع لمنطقي النشر والبث بحكم طبيعة وسائل اإلعالم المختلفة التي تمتلك مصادر
عديدة لتمويلها مثل :اإلعالن ومبيعات البرامج ورعاية المؤسسات والدعم الحكومي أو دعم القطاع
الخاص.
16
اﻟﺗﻣﺎرﯾن
17
الوحدة التعليمية الثانية
األهداف التعليمية:
في نهاية هذه الوحدة التعليمية يجب أن يكزن الطالب قاد اًر على:
أن يدرك الطالب أهمية العوامل االقتصادية في إنشاء الصحف المطبوعة واستمرار عملها.
أن يعرف الطالب بدقة تفاصيل أنواع تمويل الصحافة المطبوعة ومصادرها ،وضرورة ذلك لوجود
واستمرار الصحيفة.
أن يعرف الطالب بدقة مجمل تفاصيل عناصر الصحافة المطبوعة وتكاليفه
18
مقدمة:
أن الظروف الخاصة باستثماراتها وطرق إدارتها يضيفان عليها صورة فريدة مميزة مقارنة بباقي
كما ّ
القطاعات اإلنتاجية والصناعية ،فالصحف منتج صناعي ذو طبيعة خاصة يستهلك سريعًا (سريعة التلف
والسيما اليومية م نها أو النصف يومية) ،لذلك ينبغي أن تباع على وجه السرعة ،وما لم تبع يتسبب ذلك
زيادة في نسبة المرتجعات وزيادة في أعباء التخزين.
وعدد الصفحات ،ونوعية الطباعة ،وسعر المطبوعة ،ومجال توزيعها الجغرافي ،وطرق التوزيع ،والنظام
كل ذلك يحدد مصروفات الصحيفة ومواردها .وحتى
االقتصادي السائد في بلد صدور الصحيفة...الخ ّ
اء بزيادتها أم بتقليل
تضمن الصحف استمرار صدورها عليها أن تعدل ميزانها التجاري لحساب الموارد سو ً
نسبة المصروفات بما يعبر عنه اقتصاديًا بالميزان التجاري الرابح.
تسعى المؤسسة الصحفية إلى تحقيق رسالة الصحافة في توعية الرأي العام وتثقيفه وتوجيهه كهدف
رئيسي لها ،وفي سبيل القيام بهذا الدور اإلعالمي الكبير ،يجب أن تكون المؤسسة الصحفية في مركز
مالي يحقق لها االستقالل االقتصادي ،ولن تتمكن المؤسسة الصحفية من الوصول إلى هذا االستقالل،
إال إذا كانت تحقق ربحًا يم ّكنها من االستمرار في إصدار صحفها ،وتطوير الخدمة الصحفية بها،
ومسايرة التطور العلمي والتكنولوجي في صناعة الصحافة في العالم ،دون االعتماد على مصادر خارجية
قد تقيد من حريتها.
وحتى تتمكن المؤسسة الصحفية من أداء رسالتها ومجابهة مسؤولياتها تجاه العاملين فيها والمجتمع ،فإنها
تقوم ببعض األعمال التي تمكنها من تغطية تكاليف إصدار صحفها وتحقيق الربح ،وأهم هذه األعمال
بيع المساحات اإلعالنية ،ونشاط الطباعة التجارية ،والتوزيع للغير من باقي الناشرين والكتاب والمؤسسات
الصحفية ،وال يمكن فصل هذه األنشطة ،في حقيقة األمر ،عن الغرض األساسي الذي قامت من أجله
المؤسسة الصحفية ،فتحقيق الربح في هذه المنشآت من خالل القيام بهذه األعمال التجارية ليس هدفًا في
حد ذاته ،ولكنه وسيلة لتحقيق هدف آخر ،وهو تحقيق رسالة الصحافة وضمان حريتها واستقالل
المؤسسة الصحفية اقتصادياً.
19
قس م بعض المختصين ومنهم حسنين عبد القادر ،ومحمد الرفاعي موارد الصحيفة إلى ثالثة مصادر
ّ
مشروعة ،ومصدران غير مشروعين (سنتطرق إليهما الحقًا) ،أما المصادر المشروعة فهي:
-التوزيع واالشتراكات.
-اإلعالنات.
أولا – التوزيع:
ال توزيع الحلقة التالية النتهاء عمليات المراحل اإلنتاجية للمطبوعات ،لكنه ليس الحلقة النهائية في العملية
االتصالية ،فهو ضمناً خطوة من خطوات التسويق .والتوزيع بالفهم العام وظيفة إدارية (قد تناط بالناشر
أو بآخرين) ،ولكنه في الفهم الخاص وظيفة إعالمية تحتاج إلى تضافر جهود طاقم المؤسسة الناشرة
مسوقين وموزعين محترفين ،وما يرتبط بذلك من متغيرات منها ما هو صحفي
بجميع أفرادها مع جهود ِّ
بشقيه المهني واإلنتاجي وبكفاية البنية التحتية الالزمة لتوزيع المطبوعات والظروف المشجعة أو المعوقة
لتلك العمليات.
20
وللتوزيع طرق عدة أهمها:
التوزيع من خالل االشتراك الدوري ،السنوي أو نصف السنوي أو الفصلي ،الذي يمكن أن َي َم َّد الصحيفة
ٍ
بمورد معين حتى لو كان قليالً.
التوزيع غير المباش ر أو التوزيع التعاوني عن طريق شخص أو مؤسسة مختصة بتوزيع المطبوعات
بحسب اتفاق بين الصحيفة وهذه المؤسسة.
فالتوزيع على تواضعه وتذبذبه في الجزائر ،على سبيل المثال ،كان قاد ًار على ضمان تغطية التكاليف
العامة بحسب أحسن جاب الّله بلقاسم في كتابه (اقتصاد الصحافة ووسائل اإلعالم).
ثانيا -اإلعالنات:
نشير بدايةً إلى أن اإلعالنات تشكل المصدر األكثر أهمية لجميع وسائل اإلعالم التقليدي واإللكتروني.
بدأت اإلعالنات تغزو المجال الصحفي على نحو مكثف بدءاً من عام 0481م ،ولمدة طويلة احتلت
إعالنات األدوية ،والسيما أدوية السعال ودهانات الروماتيزم مساحة كبيرة ،وجنى منها متعهدو اإلعالنات
أرباحًا ال بأس بها .أثناء الحرب األهلية األمريكية استغلت و ازرة المالية الصحف لإلعالن عن بيع سندات
الحرب ،ومع زيادة عدد المهاجرين إلى أمريكا واالزدهار النسبي في الصناعة وفتح مدارس جديدة زاد
عدد القراء ،وظهر الكرتون الملون المصور ليجتذب مئات اآلالف من القراء ،ومع نهاية القرن التاسع
ال من انتظارها لتأتي إلى
عشر أخذت الصحف ترسل مندوبيها للبحث عن األخبار واإلعالنات بد ً
الصحف ،ثم برزت إعالنات التدخين بقوة ،وعند صدور أول تقرير طبي عن منظمة الصحة العالمية
يحذر من أخطار التدخينَّ ،
كشرت شركات التدخين عن أنيابها لتدافع عن موقفها آنذاك ،وكادت أن
تنتصر لوال تدخل عشرات األطباء الذين انتصروا للحقيقة ،وأجبروا مصنعي التبغ اإلشارة إلى مضار
التدخين (التدخين يضر بالصحة – التدخين سبب رئيسي ألمراض سرطان الرئة – و ازرة الصحة تحذر
من أضرار التدخين...الخ).
يستخدم المعلنون وسائل اإلعالم إليصال الرسائل التجارية إلى جمهور مستهدف ،وتعتمد وسائل اإلعالم
ٍ
بدرجات متفاوتة على بيع المساحات اإلعالنية لتغطية أنشطتها اإلعالمية األخرى ،ويسهم اإلعالن على
21
نحو مباشر في تمويل الصحف بنسبة كبيرة من ميزانيتها ،تصل إلى كامل الميزانية في الصحف
اإلعالنية (التي توزع مجانًا) ،وفي الصحف العامة تحتل جزءًا ليس بالقليل من عدد صفحاتها ،ويمكن
االستدالل على أهمية اإلعالن بوصفه مصد اًر من مصادر التمويل من خالل حجم اإلنفاق ونصيب كل
وسيلة إعالمية منه .ففي إحصائية أجرتها شركة ماكان إريكسون McCann Ericksonعام 0791م
حول حصة وسائل اإلعالم من اإلعالنات األمريكية كان نصيب الصحف ،%87.4والتلفزيون 04.4
،%والراديو ،%9.0والمجالت ،%1.4والوسائل األخرى .%17.0
استجر ظهور التلفزيون وشيوعه القراء والمعلنين من الحصة اإلجمالية للصحف والمجالت والسيما العامة
في أواخر ستينيات وأوائل سبعينيات القرن الماضي .وبالوقت نفسه أعقب هذه المدة ميالد العديد من
الصحف والمجالت ذات القدرة التنافسية ،وغالبًا ما يتزامن ظهور وسائط جديدة بتهديد ينذر بإزاحة وسائط
اإلعالم السابقة بدرجة أو بأخرى.
وقُ ِّد َر اإلنفاق اإلعالني عام 8110بـ ـ 811.9بليون دوالر ،وكان نصيب التلفزيون ،%88.1والبريد
المباشر ،%07.4والصحف ،%07.1والراديو ،%9.9والصفحات الصفراء ،%1.9والمجالت
،%8.9وأخي اًر الشبكة العنكبوتية مع الوسائل اإلعالمية األخرى .%0.4
وبظهور الوسائل اإللكترونية وال سيما اإلنترنت التي استقطبت شريحة من القراء والسيما الشباب ،وبالتالي
حدث ،ولعل ما شهدته MSNمن إقبال حققت ما نسبته
المعلنين ،تأثرت أرقام توزيع الصحف بهذا المستَ َ
%84أرباحًا من عوائد اإلعالنات عام 8111م ،وحققت نيويورك تايمز ديجيتال ما نسبته %07.4من
عوائد ا إلعالنات في الربع الثالث من عام 8118م .وازداد اإلنفاق اإلعالني في الواليات المتحدة على
شبكة اإلنترنت بنسبة %01.4منذ منتصف عام 8118م وحتى منتصف 8111م.
َّد اإليرادات اإلعالنية المصدر الثاني من مصادر تمويل الصحف (باستثناء الصحف اإلعالنية التي
وتُع ُ
عد اإلعالن مصدر تمويلها األساسي ،وربما يكون الوحيد) على الرغم من تراجع حصة
توزع مجانًا إذ ُي ّ
الصحف من اإلنفاق اإلعالني لمصلحة وسائل االتصال اإللكترونية وانخفاض حصة كل صحيفة (مجلة)
نتيجة زيادة عدد الصحف والمجالت الصادرة .من المهم االنتباه إلى أن قيمة المساهمات اإلعالنية في
المؤسسات الصحفية تتوقف على حجم اإلنفاق اإلعالني على المستوى الوطني ،ومستوى التقدم الصناعي
الذي حققه المجتمع ،وخصائصه االستهالكية ،واعتماده على الوسائل اإلعالنية -اإلعالمية .في حين
22
تعتمد صحف أخرى على اإلعالن في حدود ضيقة للغاية ،وبعضها ال ينشر إعالنات على اإلطالق وهي
نادرة جدًا اليوم.
وتبلغ نسبة مساهمة الموارد اإلعالنية في المجتمعات الرأسمالية ما يقرب من نصف موارد الصحيفة أو
أكثر قليالً .وقد أسس الصحفي الفرنسي أميل دي جيرارديان لنظرية أصبحت فيما بعد أساس كل مشروع
صحفي ناجح ،عندما نادى وطبق مقولة :إذا بيعت الصحف بثمن قليل سيرفع من عدد النسخ المباعة
وكلما ارتفع هذا العدد ازداد إقبال المعلنين وارتفع سعر اإلعالن ،ونادى أيضًا بمقولة ال ربح تجاري
للصحيفة إال عن طريق جلب المزيد من اإلعالنات ورفع سعرها.
ويرى بعض الباحثين أن نسخة من صحيفة أوروبية مثالية تحقق ربحًا يصل إلى 1.18يورو نجد أن
%1.00من األرباح يأتي من اإليرادات اإلعالنية في اليوم المثالي .وحين يوضع اإلعالن في الحسبان
يغطي أكثر من %01من إجمالي األرباح ،وذلك بعد حذف نفقات التسويق ،واذا أضفنا تكاليف الطباعة
وورق الصحف نجد أن العديد من الصحف ال تجني أرباحًا يمكن تثمينها من نشاطات التوزيع بل تعتمد
على اإلعالن لجني األرباح.
وتباع اإلعالنات في الصحف بالسطر /عمود أو سم /عمود ،أو بأقسام الصفحة ربع – نصف – ثلث
– ثمن – صفحة كما هو الحال في المجالت ،وتحدد مساحة اإلعالن سعر نشره إضافة إلى عمر
الصحيفة وتاريخها وجودة طباعتها وورقها ومستوى تطور الصحيفة وعدد قرائها ونوعيتهم ،وعدد النسخ
المطبوعة والموزعة منها ومجال تغطيتها الجغرافي ودورية صدورها ...وغيرها من العوامل المرتبطة
باإلعالن نفسه ،خدمي ،اجتماعي ،ثقافي ...وعدد مرات نشره.
ومن جانب آخر يمكن أن يسهم اإلعالن بزيادة األرباح عندما ترتفع أجور نشره ،ففي بعض الحاالت
يطلب المعلن نشر إعالنه بصورة مستعجلة ،ففي هذه الحالة من الممكن إضافة %11من قيمة
اإلعالن ،كما تزيد قيمة اإلعالن إذا نشر ملونًا ،أو طبع على ورق خاص ،أو اختار المعلن صفحة ما
أو زاوية محددة ،فالصفحات األولى واألخيرة ُيدفع عنها سعر أكبر بضعفين أو ثالثة أضعاف ما ينشر
في صحيفة داخلية.
23
ثالث ا– الطباعة التجارية:
-8قدرة المطابع الصحفية على األفرخ واللفافات الورقية ،وهو ما تعجز عن تنفيذه المطابع الصغيرة.
وتختلف نسبة مساهمة هذا النشاط في اقتصاديات الصحف على حجم األعمال التي تستطيع تأديتها،
والجودة المأمولة ،ورغبة اآلخرين في التعامل مع المؤسسة الصحفية ،وتنوع الخدمات الطباعية الذي يبدأ
ال
بطباعة الصحف لآلخرين وطباعة الكتب والدفاتر ومطبوعات العالقات العامة والمواد اإلعالنية وصو ً
إلى المطبوعات المكتبية الصغيرة كالتقاويم وغيرها.
يعمد الكثير من ا لصحف في العالم إلى استثمار بعض أقسامها ألغراض استثمارية بهدف الحصول على
دخل مضاف إلى المؤسسة الصحفية ،يستثمر خالله جهود العاملين وخبرتهم ،والتقنية عالية المستوى،
ويحسن من صورتها في
ّ ولربط المتعاملين بالمؤسسة بطرق عدة ،مما يعزز من موقف المؤسسة الصحفية
24
المجت مع الذي تصدر به .وهذا المورد جديد في بعض المؤسسات ولم تدخله مؤسسات أخرى ،ويرتبط هذا
النشاط عضويًا باألنشطة الصحفية كالترجمة والتأليف والنشر في فروع العلم المختلفة ،واصدار المالحق،
وبيع األخبار من خالل وكالة متخصصة بجمع موضوعات تحريرية ومعالجتها وارسالها (الفائض عن
اإلنتاج التحريري) وطرح برامج تدريب متخصصة صحفية أو مجاورة ،أو تأجير بعض صفحات الصحيفة
أو الصحف التي تصدر عن المؤسسة لجهة معينة ولمدة زمنية ُيتفق عليها مقابل أجر ُيتفق عليه.
وتختلف نسبة مساهمة هذه الموارد في اقتصاديات الصحف من مؤسسة صحفية ألخرى ،فتشكل نسبة
مؤثرة في موارد بعض الصحف ،وال تكاد تذكر أو تكون معدومة في مؤسسات أخرى.
تمثل المرتجعات أحد أبرز مصادر تمويل الصحيفة ،وتباع مرتجعات الصحف بالميزان الستخدامها في
أعمال التغليف وغير ذلك ،وفي بعض الدول تباع إلى معامل الورق ليعاد تصنيعها من جديد.
تتعدد صور مساعدة الدولة للصحافة بتعدد طبيعة العالقة المتبادلة بين األوضاع القانونية للصحافة
وحريتها ،وطبيعة النظام االقتصادي اال جتماعي السائد في بلد إصدار الصحيفة ،وتأخذ المساعدات التي
تقدمها الدول للصحافة أشكاالً متعددة:
-دعم مباشر:
تقديم دعم مالي أو تقني مباشرة (بالتمويل المباشر أو باسترداد المعدات الطباعية أو نقلها جوًا داخل
البالد دون مقابل) ،أو إمداد صحف الصف الثاني بمواد إعالنية ،أو اشتراكات ،أو تعفى من دفع حصة
التوزيع لمدة من الزمن (توزيع مجاني).
25
وتخفيضات في أسعار االتصاالت الهاتفية السلكية والالسلكية ،أو حماية صناعة ورق الصحف (إن كان
ُينتج محليًا) أو إعفاء وارداته من الضرائب ،أو المساعدة في تحديث المطابع ،أو تقديم قروض ميسرة
بفائدة بسيطة ألعمال التطوير والتحديث.
ومن أشكال الدعم الحكومي المشروع في أثناء التأسيس أو خالل الصدور تمد الحكومة يد المساعدة إلى
الصحف إذا تعرضت ألزمة ما تهدد مستقبلها في الصدور وتعرقل تأدية رسالتها االجتماعية.
كما تتلقى بعض الصحف دعمًا غير مشروع من مصادر عديدة داخلية وخارجية ،ويعد هذا الدعم موردًا
مشبوهاً يعرض بعضه الصحيفة للمسائلة القانونية ،وقد تصل جزاءات بعض هذه الجرائم إلى سحب
الترخيص نهائيًا .ومن المصادر غير المشروعة نجد:
- 1المساعدات المالية من الدول األجنبية التي تستغل الصحيفة ألغراض الدعاية لها.
كما تتلقى الصحف بعض أشكال الدعم المشروع في هيئة تبرعات من منظمات أو شركات أو مواطنين
على أن تتم في إطار قانوني معلن يسمح لها بتلقي هذه التبرعات.
وبعضهم اآلخر يحقق موارد من أنشطة أخرى كبيع األسهم وشرائها في سوق البورصة ،وجني أرباح
أموال المؤسسة المودعة في البنوك ،وتأجير أراضي أو أمكنة تملكها الصحيفة داخل المدينة أو خارجها،
ورعاية معارض فنية ،وتشجيع أصحاب الفعاليات االقتصادية واالجتماعية على طرح سلع بأسعار
مشجعة في بعض المواسم تكون الصحيفة شريكاً في الحصول على بعض األرباح ،أو السعي إلى جني
عائدات من أنشطة سياحية كدخول مجال االستثمار السياحي ...أو موارد من أنشطة وخدمات عقارية
تسهم بها الصحيفة...
26
مصروفات أو عناصر تكاليف الصحيفة:
تنحصر مصروفات الصحيفة بحسب حسنين عبد القادر ومحمد الرفاعي في ثالثة أنواع رئيسة هي:
أهمها أجور العاملين (المحررين والفنيين )...وأقسام التأمين ،وايجارات المباني إن كانت مؤجرة ..وهو
نوع من المصروفات ال يتأثر بارتفاع أرقام توزيع الصحيفة أو انخفاضه أو بكمية المطبوع ،أو بكمية
اإلعالن في الصحيفة من عدمه.
-2مصروفات متغيرة:
وأهمها ثمن الورق وأحبار الطباعة والضرائب ونفقات التوزيع .ويمكن ضغط هذه المصروفات في حال
انخفاض التوزيع ،وبعضها يتجه عكسيًا أي أنها تزيد في حالة انخفاض التوزيع.
-3استثمارات جديدة:
تتمثل با لتوسع في المباني أو اإلنشاءات الجديدة ،وأعمال التطوير التقني لتطوير أداء الخدمات
الصحفية.
27
تقسيمات تكاليف اإلصدار:
هي مجموع التكاليف التي يتحملها الناشر قبل الشروع بإصدار العدد األول من صحيفته أو مجلته ،ومن
أهمها:
-1تكاليف التحرير:
يقصد بتكاليف التحرير مجموع المصروفات الالزمة لتشغيل هذا النشاط بدءاً من جمع المادة الصحفية
ومعالجتها ونشرها وحفظها ...وفق رؤية صحفية معينة تتأثر بالمناخ العام لبلد إصدار الصحيفة،
صص ومهارة ُكتَّاب ها (الصحفيين العاملين بها أو الكتاب من خارج الصحيفة)
والصحف المنافسة ،وتَ َخ ُ
وكفاية األقسام المعاونة للتحرير ،وقراء الصحيفة ،وبالتالي معلنيها وبالتالي تسويقها .مما سيكون له أثر
بارز على اقتصاديات الصحيفة ،فترصد اإلدارة الصحيفة لهذا النشاط نصيبًا من مواردها للنهوض به،
فهو يمثل الع مود الفقري في العمل الصحفي برمته ،وعليه يتوقف مستوى الصحيفة بين القراء وفي السوق
الصحفية.
28
وتتوزع تكاليف التحرير الصحفي في المؤسسة الصحفية على:
وعلى الرغم من أن هذا النشاط من أنشطة المؤسسة الصحفية يمثل جوهر العملية الصحفية ،لكنه ال
يستقطب الكثير من إجمالي اإلنفاق العام للصحيفة إذا ما قورن بغيره من المصروفات ،وأثبتت التجارب
أن العالقة بين تكاليف التحرير وسعر بيع النسخة عالقة عكسية ،بمعنى أنه كلما ارتفعت تكاليف
الواقعية ّ
التحرير انخفض سعر النسخة الواحدة من الصحيفة أو المجلة ،وهو االتجاه الذي تنحو نحوه الصحف
والمجالت على نطاق عالمي .فاستقطاب ُكتّاب يتمتعون بسمعة مرموقة بين القراء ،وزيادة رواتب
الصحفيين العاملين في المطبوعة وحوافزهم ،سيدفعهم إلى إنتاج تحريري نوعي .صحيح أن تكاليف
التحرير زادت ،لكن بالوقت نفسه زاد الطلب على الصحيفة (التوسع في إصدار األعداد وزيادة اإلنفاق
على التحرير تعادل ارتفاع أرقام التوزيع) ،وهو ما يعني انخفاض نسبة المرتجعات وبالوقت نفسه
استقطاب المزيد من المواد اإلعالنية وارتفاع أسعارها ،أي تكاليف تحرير النسخة الموزعة من مطبوعة
تزيد بانخفاض الموزع منها وتنخفض بزيادته .فاإلنفاق على النشاط التحريري ستنعكس بمزايا ايجابية
على كل المطبوعة.
-2تكاليف الطباعة:
تُ ُّ
عد تكاليف الطباعة الجزء األكثر تكلفةً في صناعة الصحافة ،وتستقطب الجزء األكبر من حجم اإلنفاق
العام للمؤسسة الصحفية ،ويعود ذلك ألسباب عدة منها:
29
-ارتفاع تكاليف تشغيل المعدات األساسية والملحقة في المطابع الصحفية.
وي ُّ
عد الورق العنصر األكثر كلفة في صناعة الصحف. ورق ،أحبار ،مواد كيميائية ،أفالمُ .
-3تكاليف التسويق:
هي مجموع التكاليف التي تتحملها المؤسسة الصحفية لنقل وتوزيع وبيع وتحصيل قيمة المباع من ُنسخ
الصحيفة ،وتتعدد أشكال تكاليف التسويق ومنها:
-1تكاليف تسويق المساحات اإلعالنية للمعلنين وأصحاب الفعاليات االقتصادية واالجتماعية ،لنشر
إعالناتهم في المساحات التي تحددها إدارة التحرير من حيث المساحة والموقع.
-8تكاليف نقل المرتجعات وتخزينها وحفظها ،وهي تكاليف تتناسب عكساً مع حجم المبيعات ،فكلما زاد
ال وحفظًا وتخزينًا.
حجم المبيعات انخفضت تكاليف التعامل مع المرتجعات نق ً
30
-1تكاليف الترويج للمبيعات ،وسبل رفع أرقام التوزيع وتنشيط الطلب.
وتختلف تكاليف التسويق من صحيفة ألخرى طبقًا لحجم خطط التسويق ،ومدى توافر الخبرات داخل
الصحيفة إلجراء البحوث ،وان كانت خطط التسويق موجهة للخارج أو لداخل البالد.
-1تكاليف مرتبطة بالصحيفة :كتكاليف األعداد الموزعة مجانًا للصحفيين ورجال الفكر وأساتذة
الجامعات أو م ن تختصهم هيئة التحرير ،والنسخ المرسلة إلى دار الكتب أو المكتبات العامة
والسفارات ...فضالً عن نفقات إيصالها – تكاليف النقل الجوي والبري للصحف – صندوق الصحفيين...
-2تكاليف مرتبطة بالصحفيين :المهمات ،مصروفات الصناديق االجتماعية ،الرعاية الصحية ،بدل
السكن ،بد ل اتصاالت ،بدل مواصالت ،بدل سفر ،ترفيه ..رعاية ،التأمين على الحياة في حال سفر
الصحفيين إلى مناطق الحروب واالشتباكات ،تكاليف النقل الجوي والبري للصحفيين.
-3تكاليف مرتبطة بمقر الصحفيين :تكاليف استهالك المباني واألثاث وتحديثها ،نفقات محروقات
للسيارات وتدفئة المباني والكهرباء (مازوت وبنزين وكهرباء) ،شراء مواد مستهلكة ،نفقات الحماية واألمن.
-4تكاليف مرتبطة بمعدات المؤسسة الصحفية :تكاليف الطباعة في أكثر من مكان ،شراء المعدات
التقنية والسيارات واستهالكها وتحديثها ،تكاليف شراء معدات التصوير والتحضير الطباعي وأجهزة
التحميض والمحاليل الكيميائية.
-5تكاليف مرتبطة بأعمال التطوير والتحديث :بدل إحالل تقني ،تكاليف تطوير اإلصدار.
-6تكاليف مرتبطة بأنشطة أخرى :تكاليف البريد والمراسالت وأنشطة العالقات العامة الخارجية،
تكاليف أعمال التحصيل والمراجعة.
-7الضرائب بأنواعها :إن لم تكن الصحف معفاة من الضرائب ،ومنها الضرائب العقارية على المباني،
الضريبة على األرباح ،الضرائب على اإلعالنات ،ضرائب القيمة المضافة (تعفى منها الصحف في كثير
من دول العالم) ،ضرائب عربات النقل.
31
العالقة بين موارد الصحيفة ومصروفاتها معادلة ينبغي على اإلدارة الصحفية حلها ،ونجاح اإلدارة في
تحقيق التوازن بين المصروفات واإليرادات بما يضمن استمرار عمل المؤسسة الصحفية وما يصدر عنها
من منشورات مؤشر على نجاح اإلدارة ونجاح المؤسسة الصحفية ككل.
32
الخالصة
في الحديث عن اقتصاد الصحافة المطبوعة ،تتنوع موارد الصحيفة ومصادر تمويلها ،وتأتي أهم هذه
الموارد من التوزيع ،واإلعالنات ،والطباعة التجارية ،واستثمار بعض أقسام المؤسسة الصحفية ألغراض
اء المشروع منه أم غير
استثمارية ،ومرتجعات الصحف ،ومخلفات ورق الطباعة ،وأيضًا الدعم سو ً
المشروع .وتتنوع مصروفات أو عناصر تكاليف الصحيفة بين مصروفات ثابتة أو شبه ثابتة ومصروفات
متغيرة واستثمارات جديدة لحساب الصحيفة .وبالنسبة لتكاليف اإلصدار فثمة ما هو قبل اإلصدار مثل
تكاليف الحصول على ترخيص الصحيفة ،تكاليف شراء أو استئجار مبنى ،تكاليف االشتراك بصحف
ومجالت ووكاالت أنباء ...الخ ،وتكاليف اإلصدار الدوري مثل تكاليف التحرير والطباعة والتسويق،
وتكاليف أخرى مرتبطة بالصحفيين ،وبمعدات المؤسسة الصحفية ،وبأعمال التطوير والتحديث.
33
تمارين
- Bتعمل المؤسسات الصحفية كجزء من مشروع غير متكامل يقدم خدمة الطباعة التجارية.
- Cقدرة المطابع الصح فية على تنفيذ ما تعجز عنه المطابع الصغيرة.
34
الوحدة التعليمية الثالثة
اقتصاد السينما
األهداف التعليمية:
في نهاية هذه الوحدة التعليمية يجب أن يكون الطالب قاد ًار على:
أن يدرك الطالب أهمية العوامل االقتصادية في إنشاء السينما وانتاج األفالم واستمرار عملها.
أن يعرف الطالب بدقة تفاصيل أنواع ومصادر تمويل السينما وضرورة ذلك لوجود الفن السابع
واستم ارره.
أن يعرف الطالب بدقة مجمل تفاصيل عناصر األعمال السينمائية وتكاليفها.
35
مقدمة:
لم يأخذ موضوع االقتصاد السينمائي في الماضي االهتمام نفسه كما هو حاصل اليوم رغم أن السينما
إن اقتصاد السينما يبرز كاهتمام رئيس يشمل الحسابات والميزانيات ،والتقنيات والتجهيزات ،والتفاوض
فإن الميدان
بين الفاعلين االقتصاديين السينمائيين ،والصاالت الجديدة أو التي تم تحديثها ،ومع ذلك ّ
االقتصادي للسينما ال يمكن حصره بذلك وكفى ،ألنه يشمل بالضرورة جمهور المشاهدين ،والنشاطات
المهنية السينمائية المتنوعة ،واستراتيجية الشركات اإلنتاجية والسياسة الثقافية المعتمدة من قبل السلطات
العامة.
إيضاحًا لذلك ،ال يمكن عزل اقتصاد السينما عن تاريخ الفن السينمائي وتطوراته ،كما أن جمهور
المشاهدين يطرح مسألة تحليل تلقي األفالم لديه ،بينما تتعلق اجتماعات المهنة السينمائية بالمبدعين
العاملين في ميدانها؟ وأخي ًار فإن إستراتيجية الشركات ترتبط بالمنافسة والتسويق السينمائي ،في حين أن
السياسة الثقافية تتناول اإلجراءات التي تقوم بها الدولة لتنمية اإلنتاج السينمائي الوطني ووقايته.
من هنا تقوم معالجة موضوع اقتصاديات السينما عبر األسئلة المتعددة التي يطرحها كل منا بعد
مشاهدته لفيلم ما ،كيف ُي َق َدم الفيلم للجمهور؟ كيف يتم تنظيم المجال السينمائي؟ ما هي األعمال التي
تقوم بها السلطات العامة؟ والحقيقة ،أنه عند مشاهد فيلم في صالة سينمائية أو على شاشة التلفزيون ،أو
اء احتسبنا ذلك أم
عبر شريط تلفزيوني مسجل ،فإن الجمهور إلى جانب كونه مستهلكًا هو فاعل أيضًا سو ً
ال ،بمعنى أنه يش ّكل حلق ًة أساسيةً ال في اقتصاد السينما وحسب ،إنما أيضاً في الثقافة السينمائية .من
هنا ،من األفضل أن نعرف «السلسلة االقتصادية» إن صح التعبير ،إنتاجًا ،وتوزيعاً ،واستثما اًر ،ورهانات.
36
اإلنتاج السينمائي:
فإن مهنة اإلنتاج السينمائي هي ا لمهنة التي يحمل القائمين عليها أمانة الحفاظ على أموال
بشكل عامّ ،
الممولين السينمائيين بتوظيفها التوظيف االقتصادي األمثل في مجال إنتاج األفالم وخاص ًة الروائية.
وبعبارة أخرى هي المهنة المسؤولة عن الحفاظ على رؤوس أموال المنتجين السينمائيين باستثمارها
ألن
االستثمار االقتصادي والفني السليم في مجال إنتاج األفالم بما يكفل استمرارهم في السوق السينمائية ّ
القائمين عليها ينوبون عن هؤالء الممولين في استثمار أموالهم في هذا المجال المتخصص وهو إدارة
إنتاج األفالم.
وهكذا نرى أن مهنة اإلنتاج السينمائي تتمثل أهميتها بشكل عام في أنها المهنة ذات النظرة الشمولية
ٍ
بشكل متوازن لما فيه الصالح العامة للعمل السينمائي ،والهادفة إلى مراعاة كل أبعاده الفنية واالقتصادية
37
العام للفيلم ولصناعة السينما ولفريق العمل الفني القائم على صناعة الفيلم من خالل القدرة على تعميق
العالقة فيما بين أعضاء هذه المهن كفريق عمل متكامل.
تخضع صناعة السينما لسائر الشروط المتعلقة بالجدوى االقتصادية شأنها في ذلك شأن كل المشروعات
اإلنتاجية الصناعية ،ويمكن التعامل مع صناعة السينما على أساس اعتبارات أن المشروع السينمائي
يهدف إلى إنتاج سلع وخدمات سينمائية ،يمكن التعامل معها عن طريق التخزين أو البيع لألطراف
الراغبة باستهالكها .وتجدر اإلشارة إلى أن السلع والخدمات السينمائية ،التي ينتجها المشروع السينمائي،
تخضع لكل العمليات اإلجرائية االقتصادية المتعلقة بعمليات البيع والشراء ،وفقًا لقوانين العرض والطلب.
إن السوق السينمائي ليس مجرد التعامل مع األفالم السينمائية ،وانما في كل مكان يرتبط بعمليات
صناعة السينما ،من إنتاج سينمائي ،وتسويق سينمائي ،إضافة إلى االستهالك السينمائي ،وتندرج ضمن
دائرة التعامل التسويقي السينمائي:
الوسائط السينمائية :وتشمل أنشطة الوكالء واألطراف التي تقوم بخدمات الدعاية واإلعالن.
االستهالك السينمائي :ويشمل أنشطة ُدور العرض السينمائي واألجهزة ووسائط العرض السينمائي.
38
دراسة الجدوى االستثمارية واالقتصادية لصناعة الفيلم:
كمرحلة أولى ،تتم دراسة الجدوى االستثمارية واالقتصادية للقيم المراد إنتاجها قبل الدخول في أي عملية
إنتاج سينمائي ،ذلك أن دراسة الجدوى االستثمارية واالقتصادية تشكل بالضرورة عنصر األمان والضمان
للوقوف على آفاق وامكانيات نجاح الفيلم ،وضمانة أال يتعرض االستثمار السينمائي لإلخفاق أو الخسارة،
أي محاولة ضمان أن عائدات الفيلم لن تكون بأي حالة من األحوال أقل من تكاليفه.
ولذلك فدراسة الجدوى تعبر عن التقييم االقتصادي واالجتماعي المسبق لفكرة إنتاج فيلم جديد قبل صدور
قرار البدء في اإلنتاج الفعلي ،وذلك تخفيفًا لحجم المخاطرة ،وتأميناً ألموال الممولين السينمائيين والحفاظ
عليها من الضياع.
ودراسة الجدوى االستثمارية واالقتصادية هي أداة موضوعية سليمة تفيد أصحاب شركات اإلنتاج
السينمائي في التحقق فيما إذ ا كانت هناك جدوى أم ال ستعود عليها من االتجاه إلنتاج هذا الفيلم موضوع
السيناريو المعروض عليها.
من أبرز خصائص وسمات دراسة الجدوى االستثمارية للفيلم ،نجد اآلتي:
على مستوى التحليل الجزئي ،ترصد دراسة الجدوى ،عناصر األجور المشتريات ،واإليجارات ،والرسوم،
والمد فوعات ،وغيرها من عناصر التكلفة المباشرة وغير المباشرة لكل ما يتعلق بالمدخالت والمخرجات.
على مستوى التحليل الكلي ،ترصد دراسة الجدوى الجوانب الرقابية واألبعاد القيمية ،وعناصر التسويق
الخاصة ،ومدى إمكانية أن يتم توزيع الفيلم وجعله يحقق أهدافه بنجاح.
على مستوى الموازنة العامة النهائية بين المدخالت والمخرجات ،والتكاليف والعائدات ترصد دراسة
الجدوى ،مدى إمكانية الحصول على أكبر مخرجات بأقل مدخالت ممكنة ،واسقاط ذلك على الجوانب
المالية ،بحيث يتم إنفاق أقل ما يمكن من أجل الحصول على أكبر عائد مالي ممكن.
وعليه ،يتعين عد م البدء في اتخاذ أي خطوة تنفيذية للبدء في تصوير مشاهد الفيلم إال بعد التحقق والتأكد
مسبقًا وبشكل قاطع وموثوق به من إمكانية تدبير المتطلبات التمويلية كافة من السيولة النقدية الالزمة
لمواجهة كل تكاليف الفيلم إنتاجه وتسويقه .ويتأتى ذلك إما من خالل مصدر التمويل الذاتي ،أي بتدبير
المتطلبات التمويلية كافة للفيلم بالكامل من األموال الخاصة للقائمين على إنتاجه ،أو من خالل تدبير
39
جزء من إجمالي المتطلبات التمويلية للفيلم كتمويل ذاتي جزئي من أموال القائمين على إنتاجه ،ثم
تستكمل باقي المتطلبات التمويلية للفيلم من مصادر التمويل التقليدية األخرى المتعارف عليها ،وذلك
حسب إجمالي الميزانية التقديرية المبدئية المتوقعة للفيلم التي يتولى إعدادها مدير اإلنتاج السينمائي
المرشح إلدارة إنتاج هذا الفيلم في هذه المرحلة من دراسة الجدوى.
يوجد – على سبيل المثال -الكثير من الوسطاء والشركات االستثمارية المختصة بتسويق اإلنتاج
السينمائي وفقًا لدراسات الجدوى االستثمارية التي يتم إعدادها من ِقَبل هؤالء الوسطاء ،وهذه الشركات،
وخبراء دراسات الجدوى المختصة بالصناعة السينمائية.
مثلما تقوم األنشطة الصناعية على البنى الت حتية الصناعية ،يقول الباحث السينمائي عبد المعين الموحد،
إن لصناعة السينما -التي تمثل صناعة قائمة بذاتها ضمن فروع المجاالت الصناعية ُ -بناها التحتية
ّ
الخاصة بها ،والتي تمثل األساس الذي يقدم اإلسناد لقوام عملية اإلنتاج والتصنيع السينمائي ،ومن أمثلة
ذلك نجد ،االستوديوهات ،أجهزة الحاسوب المزودة بالبرامج الخاصة بمعالجة األفالم والتصوير واإلخراج
والمونتاج والمكساج والدوبالج وغير ذلك.
وأيضًا نجد المنشات الصناعية المتخصصة التي تقوم بتصنيع المستلزمات التي تدخل في صناعة
السينما ،مثل صناعة أشرطة األفالم ،والكاميرات ،وأجهزة اإلضاءة ،والمواد والمحاليل الكيميائية التي
تُستخدم في المعالجة .وفي مجال إعداد العناصر البشرية ،نجد أن البنية التحتية السينمائية تتضمن
الكليات الجامعية والمعاهد والمراكز المتخصصة بالتعليم والتدريب السينمائي ،وغير ذلك مما يتعلق
باالعتبارات الخاصة بإع داد العناصر والكوادر ذات المهارة العالية والمتخصصة في مختلف المجاالت
السينمائية.
40
منشآت األعمال السينمائية:
برزت منشآت األعمال السينمائية المتخصصة باألنشطة السينمائية بشكل متو ٍاز مع منشآت األعمال
التجارية والزراعية ،وغيرها ،وتعمل هذه المنشآت على غرار طريقة المنشآت األخرى ،وبالذات فيما يتعلق
بإدارة المشروع السينمائي من لحظة الفكرة السينمائية وجدواها االقتصادية مرو ًار بمرحلة تنفيذ الفيلم
انتهاء بمرحلة التوزيع والبيع.
السينمائي و ً
برزت منشآت األعمال السينمائية في االقتصاديات الغربية الرأسمالية ،وعلى وجه الخصوص في
االقتصاد األميركي ،حيث استطاعت هذه المنشآت إحراز المزيد من التقدم والمكاسب ،من جراء سهولة
اندماجها في اقتصاد السوق الرأسمالي األميركي ودورته االقتصادية.
حققت منشات األعمال السينمائية – أي الشركات السينمائية األولى أرباحًا هائلة ألصحابها ،وقد أدى
ذلك إل ى خلق شعور عام لدى أصحاب رؤوس األموال في البلدان الغربية ،بأن االستثمار في المجال
السينمائي هو المنجم الذي يدر عليهم أرباحًا طائل ًة ،ولم يقتصر األمر على األفراد األثرياء فحسب بل
دخلت المجال الشركات والبنوك والمصارف .وكان من جراء الطلب على الفن السينمائي ،أن تزايدت
واشتعلت المنافسة بين رؤوس األموال ،مما أدى إلى ارتفاع أجور كبار الممثلين والنجوم ،والى ارتفاع
المكافآت المالية للكتّاب السينمائيين والمخرجين والمصورين ،وغيرهم من أصحاب المهارات في المجال
السينمائي ،ولم يعد هذا العمل في مجال السينما يتطلب االحتراف والتفرغ الكامل.
في االقتصاديات الغربية ،تتسم منشآت األعمال السينمائية بالطابع االستثماري الخاص المملوك لألفراد
والشركات ،ونجد هذا النمط من الشركات في أميركا والبلدان األوروبية وغيرها من البلدان التي تقوم
اقتصادياتها على نظام اقتصاد السوق الحر ،لكن في البلدان التي تعتمد نظام االقتصاد المركزي ،مثل
فإن منشآت األعمال السينمائية ،تكون ضمن القطاع العام
الصين وكوبا وغيرها من البلدان االشتراكيةّ ،
المملوك حص ًار للدولة ،أما في البلدان ذات االقتصاد المختلط الذي يجمع بين وجود القطاع العام
فإن منشآت األعمال تكون مختلطة
المملوك للدولة والقطاع الخاص المملوك لألفراد والشركات وغيرهاّ ،
أيضًا ،بحيث توجد منشآت أعمال سينمائية ومملوكة بالكامل للدولة ،وتنطوي تحت لواء القطاع العام.
وبالنسبة لمنشآت األعمال السينمائية المملوكة للقطاع الخاص ،فهي تعمل ضمن شروط المنافسة السائدة
في االقتصاد واألسواق.
41
عناصر التكاليف اإلنتاجية للفيلم:
- 1األجور (المباشرة):
المخرج -األبطال -الدوبلير -األدوار الثانوية -المجاميع (الكومبارس) -مدير اإلضاءة -التصوير-
مصمم الديكور -مصمم المالبس -منسق المناظر -مسجل الصوت -مهندس الصوت-مونتير
النيجاتيف -مركب الفيلم -مونتير بوزتيف -مؤلف الموسيقى التصويرية -مخرج المعارك-مخرج الخدع-
خبير المفرقعات -مصمم التتر -مصمم االستعراضات -نجوم االستعراضات-الموسيقيون -ماكيير-
كوافير -الكالكيت.
- 2الخامات (المباشرة)
الديكورات -المالبس -اإلكسسوارات -خام الفيلم -نيجاتيف صورة -بوزتيف نسخة عمل -شرائط ربع
بوصة -ماجنتيك -نيجاتيف صوت ( أوبتكال ) -خام استاندرد -جيالتين وكلك -أطعمة ومشروبات
متنوعة للتصوير.
-تكاليف خدمات االستوديوهات - :إيجار البالتوهات -خدمات المونتاج -خدمات معامل التحميض -
خدمات الصوت والمكساج -إيجار أماكن تصوير مختلفة داخل االستوديوهات (الحارة -الحديقة -
الشوارع -المكاتب)-إيجار أماكن تصوير خارجية (شقق -فيالت -مالهي -حدائق وغيرها) -
القصة والسيناريو -إيجار سيارات للتصوير -إيجار إكسسوارات -إيجار مالبس -إيجار حيوانات -
إيجار كاميرات ومعدات تصوير واضاءة إضافية.
42
ثانياً :عناصر التكاليف (غير المباشرة):
مدير إنتاج -منفذ إنتاج -مساعد إنتاج -مساعد مخرج أول -مساعد مخرج ثاني -مساعد مصور-
منفذ ديكور -مساعدو اإلكسسوار -عامل مالبس -عاملة مالبس -مساعد مسجل صوت -مساعد
ماكيير -مساعد كوافير -ريجيسير -مساعد ريجيسير -بدالت غذاء للعاملين في الفيلم.
بليدج (منظفات) -مشابك -أحبال – بيروسول (مواد كيماوية ومبيدات للحشرات) -دبابيس -مسامير
-سلك -أدوات كهرباء – شيكرتون (صمغ والصق).
إيجار سيارات انتقال العاملين بالفيلم -إيجار عربات لنقل معدات وأجهزة التصوير واإلضاءة
-أقساط تأمين ضد األخطار التي يتعرض لها الفيلم -فوائد القروض.
الرسوم ومصروفات الرقابة -أدوات كتابية -مصاريف كتابة وتصوير نسخ السيناريو.
43
إيجار مقر الشركة -أجور اإلداريين والماليين والسكرتارية -كهرباء -مياه -تليفون -فاكس
-مطبوعات وسجالت -الحراسة والنظافة -المحاسب القانوني.
التطورات السينمائية ال تي حدثت في فترة نصف القرن الماضي والتي أعقبت الحرب العالمية الثانية ،أدت
إلى ظهور التخصص كميزة نوعية في األنشطة الصناعية ،بحسب الباحث السينمائي عبد المعين
الموحد ،بحيث أصبحت المصانع أكثر تخصصاً في إنتاج األنواع المحدودة من السلع والخدمات.
التخصص أدى إلى إعادة هيكلة القطاعات الصناعية ،وفقًا لمبدأ تكامل األنشطة الصناعية ،وتبعًا لذلك
أصبحت هناك صناعات تعتمد مدخالتها ال على المواد الخام األولية ،وانما على المواد المصنعة بواسطة
األطراف التجميعية ،وعلى هذا النحو ظهر ما يعرف بالصناعات التجميعية ،مثل صناعة السيارات
وغيرها من الصناعات التي تحصل على مدخالتها من القطاعات الصناعية األخرى.
تأثرت صناعة السينما ،باعتبارها صناعة متخصصة ،بالتطورات الصناعية المتعلقة بالتخصص والتكامل
كثي اًر ،وتأسيساً على ذلك نجد أن صناعة السينما تحصل على احتياجاتها األولية ،وبالذات فيما يتعلق
بالمعدات واألجهزة ،من القطاعات الصناعية األخرى .وعليه أصبحت صناعة السينما تضم سلسلة من
الصناعات الفرعية التي تغذيها بالمدخالت ،ومن أبرز هذه الصناعات الفرعية نجد:
مصانع األفالم.
مصانع الكيماويات التي تقوم بإعداد المواد الكيميائية الالزمة لمعالجة األفالم.
44
واضافةً إلى هذه المعامل والمصانع ،توجد العديد من األنشطة الصناعية األخرى التي تسهم بشكل أو
بآخر في مدخالت صناعة السينما .هذا وبسبب عمليات التنظيم الصناعي التي هدفت إلى تقليل
التكاليف وكسب الوقت وتحقيق المزيد من التركيز ،ظهرت عملية التجميع الصناعي للوحدات والمعامل
التي تعتمد على بعضها بعضًا في تبادل ال منتجات .وهكذا ظهرت فكرة مشروعات الحاضنات الصناعية،
وهي عبارة عن مناطق صناعية متخصصة ،وعلى خلفية مشروعات الحاضنات الصناعية ظهرت
المجمعات الصناعية الكبيرة المتخصصة بمجال صناعة السينما ،وهي مجمعات تتكون من المصانع
عد مدينة هوليود المتخصصة بصناعة
والمعامل التي يتم استهالك منتجاتها في مجال صناعة السينما .وتُ ّ
السينما بمثابة أكبر مجمع في العالم لحاضنات صناعة السينما ،إضافة إلى المرافق الخدمية األخرى التي
تقدم الدعم والمساندة لهذه الصناعة.
ارتباطات كلية :يرتبط قطاع صناعة السينما بمستوى التطور االقتصادي ،وفي البلدان المتطورة ذات
البنى التحتية المتطورة نجد أن قطاع صناعة السينما متطور ،وذلك ألن السينمات ليست مثل الزراعة
والصناعة وغيرها ،وهي وان كانت ترتبط بالصناعة والتجارة وغيرها ،فإن صناعة السينما تتميز
بخصوصيتها وذلك لجهة ارتباطها ،وربما اعتمادها على مزايا اقتصادية ال تتوافر إال في البلدان ذات
االقتصاديات المتطورة ..كذلك ،ترتبط صناعة السينما بمستويات االقتصاد الكلي ،مثل مستوى الدخل
وتوزيع الخدمات ،ونشاط األسواق ،وتوافر رأس المال ،والمهارات البشرية ،إضافة لذلك ،ال بد من توافر
بيئة طبيعية ،اجتماعية غنية بالتنوع والتعدد ،بحيث تكون قادرة على تلبية احتياجات صناعة السينما
المتعلقة بالموارد االقتصادية ،وأيضًا المتعلقة بالموارد البشرية والطبيعية.
ارتباطات جزئية :ترتبط منشآت األعمال السين مائية ،العامة والخاصة على السواء ،بمنشآت األعمال
العامة والخاصة الناشطة في المجاالت األخرى ،وعلى سبيل المثال لجهة الحصول على التمويل ترتبط
45
منشآت األعمال السينمائية بالبنوك والمصارف وغيرها من الجهات المانحة للتمويل ،ولجهة الحصول
على الخدمات ترتبط منشآت األع مال السينمائية بالمنشآت الخدمية مثل شركات ومؤسسات الكهرباء
واالتصاالت والنقل وغيرها.
االرتباطات الجزئية لقطاع صناعة السينما ،ومنشآت األعمال السينمائية المنضوية تحت لوائه ،وهي
ارتباطات تقوم على أساس تبادل السلع والخدمات والمزايا والمنافع ،ومصدر هذه االرتباطات هو ظاهرة
التخصص في مجال تقديم السلع والخدمات .على سبيل المثال تقوم منشآت اإللكترونيات بتزويد منشآت
األعمال السينمائية بأجهزة التصوير واإلضاءة ،وتقوم شركات الكمبيوتر بتزويد الشركات السينمائية
بأجهزة الحاسوب وبرامج الكمبيوتر الخاصة باحتياجات صناعة السينما ،وغير ذلك.
ارتباطات نوعية :ونجد هذه االرتباطات أكثر تجسداً داخل منشآت األعمال السينمائية ،وتتمثل هذه
االرتباطات في استفادة هذه المنشآت من التطورات العلمية في مجاالت اإلدارة واالستثمار وأساليب
التكنولوجيا المتطورة وتعميماتها في مجال العمل ،وحاليًا تطبق وتعمم منشآت األعمال السينمائية كل
األساليب العلمية المتعارف عليها كأساليب معيارية لالستخدام والتعميم جنبًا إلى جنب وبأعلى المواصفات
المطبقة بها في منشآت األعمال األخرى.
ارتباطات تشريعية :تلتزم منشآت األعمال السينمائية بتطبيق كل قوانين التشريعات الرسمية السائدة
والنافذة في بنية العمل وانفاذها ،وحالياً نجد كل منشأة تلتزم بتطبيق تشريعات وقوانين البلد الذي تعمل
ضمنه ،في كل ما يتعلق بأنشطتها وفعاليتها ،مثل قوانين األجور والمعاشات والمكافآت والعطالت
الرسمية والنظم واآلداب العامة ،وتستوي في ذلك كل المنشآت بما في ذلك الفروع التي توجد في بلد
وتوجد رئاستها في بلدان أخرى ،وذلك بحيث يكون االلتزام حص اًر بقوانين وتشريعات البلد التي توجد
ضمنه المنشأة.
ارتباطات معلوماتية :من غير الممكن وربما من المستحيل أن تعتمد منشأة األعمال السينمائية على
قاعدة بياناتها المستقلة في كل شيء بم عزل عن المنشآت السينمائية األخرى وغير السينمائية .لتوضيح
أن انفتاح األفالم السينمائية على كل جوانب الحياة ،جعل هناك ضرورة الزمة الستعانة
ذلك نشير إلى ّ
قطاع السينما بالبيانات والمعلومات واألرشيف الخاص بالقطاعات األخرى ،وعلى سبيل المثال في حال
األفالم الوثائ قية الطبية ،ال بد من االستعانة بمعلومات الجهات الطبية المتخصصة واستخدام المواد
46
األرشيفية المتاحة لديها ،وينطبق على ذلك األفالم السينمائية األخرى ،المتعلقة بالطيران مثالً أو
المجاالت الحربية والتاريخية وغير ذلك.
تارك ًة وراءه ا المسارح ،والحفالت الموسيقية والمتاحف والمكاتب ،الدراسات اإلحصائية تشير إلى أن
%06من الفرنسيين يشاهدون فيلمًا سينمائيًا على األقل مرة واحدة في السنة .هكذا يمكن القول بوضوح
أن الفرنسيين ،على سبيل المثال ،يقيمون عالقة قوية مع السينما تعبر عن اهتمامهم بها وحبهم لها إذ
ّ
تكفي اإلشارة إلى أن 591مليون تذكرة سينمائية قد بيعت عام ،4662أي أن مؤشر التردد على
الصاالت هو بنسبة %3،3من مجمل الفرنسيين ،واذا كان هذا المؤشر واحدًا من أعلى المؤشرات
فإن األميركيين واالستراليين يتجاوزون هذا المؤشر ليصل إلى 1،2بالنسبة
بالنسبة للبلدان األوروبية ّ
لألميركيين والى 0،2بالنسبة لالستراليين.
47
المؤلف لقصة أو مسرحية ومرو اًر بالكتابة السينمائية ووصوالً إلى دفع أجور الممثلين والتقنيين ،تكفي
اإلشارة هنا إلى أن تكاليف الفيلم الواحد تتراوح بين 3مستويات دنيا فعليًا:
5 - )5مليون يورو
56 - 1 - )4ماليين يورو
وهذا المشروع ال يتوقف عند مرحلة اإلنتاج ،إذ البد من تسويته بعدها ،بعرضه على الموزعين الذين
ساهموا منذ عام 5936بنصيب مالي في إنتاج الفيلم .ومنذ عام 5980فإن القنوات التلفزيونية الفرنسية
تدخل في المشاركة بتكاليف اإلنتاج مقابل حق البث المستبق.
وتشكل المهرجانات السينمائية جزءًا من حياة الفيلم ألنها ليست مكانًا للقاء األسرة السينمائية والموزعين
وحسب ،وانما هي أيضًا مكان لتقديم الجوائز وتعريف الجمهور باألفالم وتوسيع حظوظ عرضها في
الصاالت .من هنا تحرص فرنسا على مهرجان كان السنوي ومشاركتها في بقية المهرجانات السينمائية
البارزة وتصدير أفالمها لغايات اقتصادية وثقافية معًا.
هكذا فمنذ الموقف الذي أصبحت فيه السينما رهانًا اقتصاديًا وثقافيًا ،فإن الدولة أعطته اهتمامًا منفردًا.
وهذا االهتمام المنفرد يعود إلى مشكالت متعددة يفرزها القطاع السينمائي بالوقت نفسه .فهناك 34666
شخص يعملون في هذا القطاع ،بينما يتوجه عدد من المنتجين نحو بلدان أوروبية جنوبية أو نحو أوروبا
الشرقية ألخذ المناظر بغية التخفيف من تكاليف اإلنتاج.
لعب تطور السينما األميركية دو اًر كبي اًر في تحويل صناعة السينما من مجرد أنشطة استثمارية محدودة
يتم تمويلها بواسطة رؤوس األموال المباشرة وغير المباشرة ،إلى مجرد رواج الطلب على صاالت العرض
48
السينمائي ،وتزايد أعداد الجمهور ،وتزايد طلب الصاالت على األفالم ،األمر الذي دفع بدوره شركات
اإلنتاج الس ينمائي إلى تنشيط إنتاجها من األفالم السينمائية القصيرة والمتوسطة والطويلة ،ولم تعد النخبة
يشيدون
السينمائية تتكون حص اًر من الممثلين والمخرجين والمصورين ،إنما من رجال األعمال الذين أخذوا ّ
االستوديوهات السينمائية الضخمة ،واألعداد الكبيرة من دور العرض السينمائي .وأسهم تأسيس هوليود
باجتذاب رؤوس األموال من شتى أنحاء العالم ،وبالذات األطراف أصحاب رؤوس األموال الكبيرة ،والتي
وجدت في هوليود مالذاً من مخاطر الكساد االقتصادي العالمي.
تتعدد أنواع اإلنتاج في صناعة السينما األمريكية؛ من اإلنتاج بميزانيات ضخمة وطاقم ضخم ،إلى
الميزانيات الصغيرة والطاقم الضخم ،إلى ميزانية وطاقم صغيرين.
وبالنسبة لمصادر تمويل األفالم األمريكية ،تحتل الكيانات السينمائية الكبرى (هوليوود) إحدى كفتي
الميزان ،أما الكفة األخرى فتشمل شركات اإلنتاج المستقل ،المتخصصون ،فالبنوك ،التمويل
األجنبي...الخ ،حيث وصلت نسبة عدد األفالم الروائية الطويلة التي تساهم فيها هوليوود %24.3من
مجمل األفالم المطروحة بالواليات المتحدة ،أي ما يقارب نصف األفالم المنتَجة ،أما نصيب أفالم
هوليوود من إيرادات دور العرض فتشكل ما نسبته ،% 94فيما ِّ
تشكل % 8نصيب باقي الصناعات
السينمائية األخرى ،من باقي الواليات المتحدة أو الدول األجنبية.
ٍ
وباهتمام بالغ إلى تشجيع قطاع السينما العالمية ،هذا القطاع المهم الذي تسعى بعض الدول المتقدمة
أسهم في دعم اقتصادها من خالل توفير مليارات الدوالرات سنويًا ،ويرى بعض الخبراء في هذا المجال
أن ذلك الدعم سيؤثر ولو بشكل نسبي على إنعاش االقتصاد ،وخاصة بعد تأثر العديد من دول العالم
ٍ
بشكل واضح بعد النجاحات التي باألزمة المالية التي أثرت سلباً على االقتصاد العالمي ،وقد تجلى ذلك
حققتها بعض األفالم العالمية الحائزة على العديد من الجوائز .فقد أعلنت استديوهات "بارامونت بيكتشرز"
األميركية أنها حققت العام الماضي إيرادات قياسية بقيمة 1،54مليارات دوالر بفضل األفالم الستة عشر
التي أصدرتها في 4655على مستوى العالم ،وأوضحت "باراماونت" التابعة لمجموعة "فياكوم" األميركية
أن السوق األميركية أمنت لها 5،90مليار دوالر ،إلى جانب اإليرادات القياسية التي حققتها في الخارج
والتي بلغت قيمتها 3،45مليار دوالر.
49
أن الصناعة السينمائية تعاني صعوبات كثيرة ،حيث بدأ عدد المشاهدين بعد الفترة الذهبية للسينما
إال ّ
بالتناقص ،ولم يتم تصحيح هذه الوضعية إال بعد اتخاذ إجراءات متنوعة في تحديث الصاالت وتوزيعها،
وفي حماية اإلنتاج السينمائي في كل بلد من المنافسة ،وفي تقديم المساعدات للقطاع السينمائي بمجمله.
وال بد من تشجيع اإلنتاج السينمائي في البلدان كافة «اآلسيوية واإلفريقية والمغربية ،أو فيما يتعلق بأفالم
الشرق األوسط وأوروبا الشرقية» ،حيث يمكن الحصول على مساعدة لدعم األعمال التي يقوم بها
أصحاب الصاالت في تحديثها وتجهيزها.
لم تعد العروض السينمائية حك اًر على صاالت السينما ،بل أصبح في غاية اليسر والسهولة ألي شخص
أن يمتلك مكتب ته السينمائية الخاصة في المنزل بعدما تمكن من اقتناء األجهزة الخاصة بـ Cinema
homeأو السينما المنزلية .فمن الممكن لألشخاص اقتناء األفالم المسجلة على أشرطة الفيديو أو على
األقراص المدمجة CDو DVDأو على أي نوع من التقنيات مثل الفالش ميموري .وقد ساعد وجود هذا
النوع من المكتبات السينمائية انتشار وسهولة الحصول على تقنيات الوسائل واألجهزة السمعية والبصرية
المختلفة التي ال يتطلب تركيبها وتشغيلها أي خبرة أو جهد.
ال بأول
من جانب آخر ،ازدادت وتنوعت كثي ًار القنوات التلفزيونية الفضائية التي تبث األفالم السينمائية أو ً
كثير من هذه القنوات نسبًا
لحظة إنتاجها أو بعد إنتاجها بوقت قصير وعلى مدار األيام والسنين .وحصد ٌ
مرتفعة من متابعة المشاهدين .والبد لكل ذلك أن يؤثر على اقتصاد السينما من حيث المردودات
والعائدات المادية .فدورة حياة الفيلم السينمائي تبدأ من خالل العرض بصاالت السينما ،وتنتهي بالعرض
على شاشات التلفزيون مرو اًر ببيع نسخ على األقراص المدمجة CDو DVDوبالتبادل الثقافي بين الدول
وغيرها من وسائل البيع والترويج.
تنشر وسائل اإلعالم الفرنسية ،على سبيل المثال ،كل أسبوع تصنيف األفالم التي يتردد عليها
المواطنون ،وعدد األفالم ال تي تم إنتاجها ،والنجاحات التي يحظى بعضها بالقياس إلى بعضها اآلخر،
ووقائع النقد السينمائي حولها ،ووضعية السوق السينمائية ،ولقد وصل األمر حدًا بحيث أن لغة
اإلحصاءات حول السينما تبدو كأنها خطاب سينمائي بحد ذاته .إن األرقام االقتصادية تتغلب على
طرُد من الذاكرة ما سبقها من أفالم.
النزعة الجمالية للسينما في حين أن األفالم الجديدة كل سنة تَ ُ
50
اقتصاد مشتق ورديف القتصاد السينما:
دخلت التكنولوجيا الجديدة بقوة إلى المجال السينمائي فحولته إلى صناعة مثيرة في قدرتها وأدائها،
وخاصة مع تطور السينما الرقمية ،وهذا بدأ ي ِ
حدث تغييرات مهمة تسهم في تغيير وضع السينما ُ
التكنولوجي واالقتصادي.
منذ سنوات يقوم االنترنت بدور الوسيلة الجديدة لتوزيع األفالم السينمائية وعرضها وتخزينها حيث يمكن
لألشخاص تحميل ما يريدون من أفالم ومشاهدتها على حواسيبهم الشخصية مقابل مبالغ زهيدة من
يعرض اقتصاد السينما التقليدي إلى مخاطر عديدة .وتتابع استوديوهات هوليوود كل ذلك
المال ،مما ّ
بحذر لما فيه من تأثير في مستقبل صناعة األحالم وتوزيعها وتسويقها.
وتقوم السينما المنزلية من جانبها أيضًا بتغيير المعادلة االقتصادية للسينما ومشتقاتها لجهة عدم ذهاب
الجمهور إلى الصاالت ،وبالتالي مدى صمود هذه الصاالت واستمرار نشاطها.
51
الخالصة
تطرقنا في الوحدة الثالثة أيضًا إلى السينما والمجمعات الصناعية المتكاملة ،وعالقة اقتصاديات السينما
بالجوانب األخرى مثل العالقة مع البنوك والمصارف وغيرها من جهات التمويل ،والتطورات العلمية في
مجاالت اإلدارة واالستثمار وأساليب التكنولوجيا المتطورة وتطبيقاتها ،وما يتعلق بتطبيق التشريعات
والقوانين الخاصة باإلنتاج السينمائي مثل قوانين األجور والمعاشات والمكافآت ..الخ ،وما يتعلق
باالعتماد على مختلف مصادر البيانات وقواعدها خاصة في حال اإلنتاج السينمائي الوثائقي.
تطرقنا أيضاّ إلى بعض النماذج القتصاد السينما مثل النموذج الفرنسي واألمريكي ،متحدثين عن أهمية
السينما لالقتصاد الوطني.
52
تمارين
إن مهنة اإلنتاج السينمائي هي المهنة التي يحمل القائمون عليها أمانة الحفاظ على:
- Bالحفاظ على رؤوس أموال المخرجين السينمائيين باستثمارها االستثمار االقتصادي والفني
السليم.
- Cمحاولة ضمان أن تكاليف الفيلم لن تكون بأي حالة من األحوال أقل من عائداته.
53
الوحدة التعليمية الرابعة
األهداف التعليمية:
في نهاية هذه الوحدة التعليمية على الطالب أن يكون قاد اًر على أن:
54
صناعة وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة:
يمكن تصوير صناعة وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة باعتبارها سلسلة من األنشطة
الفرعية ،مترابطة الحلقات يأخذ بعضها برقاب بعض ،ويهيمن عليها نشاط رئيس يختلف من
وسيلة إعالم إلى أخرى .فالنشاط الرئيس في اإلذاعة والتلفزيون هو البرمجة – كما ذكرنا
سابقاً -أما األنشطة األمامية فهو ما يتعلق بجمع المعلومات ،أو ما يمثل المحتوى عامة:
األنباء ،الصور ،اإلعالنات...الخ ،وهذا تشترك فيه الصحافة المكتوبة والتلفزيون واإلذاعة،
وهناك أنشطة أمامية أخرى تخص اإلذاعة والتلفزيون مثل إنتاج البرامج اإلذاعية والتلفزيونية
والمواد السمعية البصرية المختلفة ،األشرطة ،التحقيقات ،المنتجات اإلخبارية والثقافية والمواد
العلمية الخيالية واإلعالنية ...الخ .وكذا اإلنتاج الفني :الحفالت الموسيقية ،األلعاب،
سند إلى مؤسسات أخرى غير
باإلضافة إلى األفالم السينمائية ،وكل هذه األنشطة يمكن أن ت َ
المؤسسات التي تقوم بالبرمجة.
55
وكذلك الشأن بالنسبة إلى األنشطة الخلفية :البث الهرتزي األرضي أو عبر األقمار
اال صطناعية ،أو التوزيع عبر الكابل (التلفزيون السلكي) بالنسبة إلى التلفزيون ،فكلها أنشطة
يمكن أن تقوم بها مؤسسات أخرى .وفي آخر السلسلة يوجد الجمهور الذي يتجه إليه كل
النشاط :مشاهدو التلفزيون ومستمعو اإلذاعة.
هذه البنية الصناعية لنشاط وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة ثابتة تقريبًا ،وال يمكن أن
تعدل البنية الصناعية بإلغاء بعض الحلقات (أو
تتغير إال بحدوث طفرة تكنولوجية باهرة ّ
بإضافة حلقات جديدة) ،أو تغير محتوى النشاط داخل كل حلقة من حلقات السلسلة.
56
طريق الراديو أو التلفزيون ،أما المنتِج producerفهو الشخص المسؤول مسؤولية كاملة
عن هذا اإلنتاج.
لم تعد تنحصر مهمة التلفزيون ،كأداة اتصال في عصر التقدم العلمي والتكنولوجي ،في
كونه أداة للتسجيل ووصف األحداث المحلية والدولية ،أو في كونه مجرد وسيلة لنقل
األخبار المصورة ،ونقلها حي ًة على الهواء مباشرةً عبر األقمار الصناعية ،بل في قدرته على
اإلقناع والتأثير والسيطرة ،وكونه قوة ال يستهان بها تدخل في مجال إعادة صياغة اإلنسان.
وايمانًا بذلك الدور قامت الحكومات والمؤسسات بعمل القنوات والبرامج التلفزيونية التي تخدم
أهداف وطموحات تلك الجهات ،وأسست على ضوئه مراكز اإلنتاج التلفزيوني ،ليصبح
اإلنتاج التلفزيوني صناع ًة مهمة ثقافيًا ورابحة اقتصاديًا ،فيما إذا عرفنا كيف ننتج وماذا
ف هذا اإلنتاج ويتم توزيعه .لذا تعددت وتنوعت المؤسسات
ننتج ،وكيف يجب أن ي َوظَ َ
العامة والخاصة في العالم التي تعمل من أجل تحقيق ذلك.
يمكن توضيح مفهوم اإلنتاج التلفزيوني بشكل مبسط بأنه يعني مجموعة الخطوات
التخطيطية والتنفيذية المختلفة التي تؤدي إلى تحويل الفكرة إلى برنامج تلفزيوني يمكن بثه،
وبناء على هذا المفهوم تكمن أهميته في كونه يتضمن معظم الخطوات والعوامل المؤدية إلى
ً
عمل البرنامج التلفزيوني ،وتحقيق الهدف منه ،بدءاً بتحديد احتياجات الجمهور ،واعداد
الفكرة ،وتحديد الهدف من البرنامج والجمهور المستَهدف ،وتحديد القالب التلفزيوني
المناسب ،ومن ثم اإلخراج وتقييم العمل.
وعلى ضوء ذلك ارتبط البرنامج الناجح بوجود إنتاج تلفزيوني متميز ذي إمكانيات مادية
ٍ
ضعف وفيرة (ميزانية العمل) ،وكذلك ضعف البرنامج هو نتيجة طبيعية لضعف اإلنتاج أو
في بعض أج ازئه ،وضعف اإلمكانيات المادية سيكون على األغلب سببًا في ذلك.
57
أهمية اإلنتاج التلفزيوني للمؤسسات:
تحدد عناصر اإلنتاج في ضوء األهداف والخطط المراد تحقيقها ،كما يمثل حجم المؤسسة
وطبيعة أنشطتها دو اًر مهماً في رسم خطة اإلنتاج التلفزيوني في المؤسسات العامة ،ووفقاً
لهذا المنظور يتم االستعانة بكوادر بشرية ،وتزويده بالتجهيزات التقنية الالزمة لتحقيق هذه
األهداف ،وتتكون عناصر اإلنتاج مما يلي:
58
.1العناصر البشـرية ،ومنها:
-المخرج (.)Director
-الكاميرات وملحقاتها.
-اإلضاءة والمرشحات.
-الصــوت.
-المونتــاج.
59
.3العناصر المالية واإلدارية:
يتطلب العمل اإلذاعي والتلفزيوني ،والتلفزيوني بخاصة ،تكاليف مالية باهظة مقارنة بغيره
من الوسائل ،ويعود ذلك لطبيعة عناصره وكثرة خطوات مراحله ،لذا عمدت كثير من
المؤسسات الخاصة باإلنتاج إلى توفير طاقم إنتاجي مخصص للمسائل المالية والمصروفات
على تلك األعمال ،ويتم ذلك عبر وضع ميزانيات ببنود معروفة كاستئجار المعدات وأجور
الفنانين ومكافأة العاملين وايجار المواقع والسفر والتنقالت وغيرها من البنود التي تكون في
مجملها ما يعرف بميزانية البرنامج ،ثم ترصد ليتم صرفها وفقًا لما هو مرسوم لها .وال يتوقف
األمر عند هذا الحد بل يجب أن ي َّ
دع َم ذلك بتسهيل إداري لمراحل اإلنتاج المختلفة ،والتي
تتطلب في بعض األحيان شروطاً صعبةً إلتمام متطلب إنتاجي كتصوير لقطات معينة
يصعب الوصول إليها .ويجب أن تتفهم اإلدارة العليا في المؤسسة هذه المطالب بشكل جيد
ليتم تقديم عمل يتواءم مع تطلعات المؤسسات ذاتها.
يشترط نشاط وسائل اإلعالم عامة ،والمرئية والمسموعة خاصة ،تطبيق القواعد الصناعية
بشكل واضح :االستثمارات الضخمة في وسائل اإلنتاج والبث واالستقبال وتقسيم العمل
التقني والفني المتقدم جداً ،واستخدام طرق إنتاج يغلب عليها عنصر رأس المال ،واعتماد
أحدث التقنيات الدقيقة ،ويتطلب ذلك كله سوقًا واسع ًة وطلبًا نشيطًا متجددًا يسمح بجلب
االستثمارات وتطوير اإلبداع الثقافي واإلنتاج الفكري واإلعالمي القادر على المنافسة ،ويقف
ذلك وراء الحركية اإلعالمية والثقافية في البلدان الصناعية ،ويمثل رهانات تكنولوجية
وصناعية وتجارية كبرى في سياق عالقات دولية جديدة تلعب فيها تلك الحركية اإلعالمية
والثقافية دو اًر نشيطاً.
60
إن ما يصنع كل تلك الحيوية في وسائل اإلعالم عامالن :التصنيع والسوق ،فتصنيع وسائل
اإلعالم عامة والمرئية والمسموعة خاصة ،سمح بتطوير القدرات اإلنتاجية التي تضمن
بدورها مرونة العرض الالزمة لمواجهة الطلب المتزايد كميًا ،والمتجدد المتنوع نوعيًا،
والمتغير بسرعة .أما منطق السوق فقد سمح بتكييف المنتجات وتنويعها طبقاً لالحتياجات
الحقيقية والمتجددة للمجتمع.
إن حركية وسائل اإلعالم واالتصال في البالد المصنِعة إنما يقف وراءها منطق تسويقي
ذكي يعمل على دراسة احتياجات السوق ،وفهمها ،والتنبؤ بتغيراتها والتحسب لمواجهة الطلب
المتجدد وفقاً لحركية المجتمع التي تحددها ،جزئياً ،حركية وسائل اإلعالم نفسها .وقد شهد
العالم كيف تقف شبكات اإلعالم واالتصال في البالد الصناعية جنباً إلى جنب مع
نعت نهاية القرن العشرين ،وترسم مالمح القرن
المؤسسات االقتصادية الكبرى التي ص َ
الجديد.
تتميز تكلفة إنتاج المواد المرئية والمسموعة ببنية خاصة ،كما تتميز ببعض السمات
االقتصادية التي تميزها عن المنتجات الصناعية العادية ،وهذه السمات هي:
رغم اختالف شروط اإلنتاج بين البلدان فإن هناك بعض العناصر االقتصادية التي تتكرر
في معظم البلدان وهي:
61
هناك عالقة مباشرة بين تكلفة المنتج وموقعه في شبكة برامج القناة أو المحطة المبرمجة،
فهذا الموقع في البرمجة يحدد مستوى عائدات البرنامج ،وبالتالي مستوى مردوديته ضمن
مجموع الشبكة البرامجية.
هناك نوع من التجانس بين تكلفة الدقيقة الواحدة ونوع المنتج المرئي المسموع .ففي معظم
الحاالت نجد أن تكلفة المنتجات القابلة للتخزين أعلى بكثير من تكلفة المنتجات غير القابلة
للتخزين ،حيث تقل تكلفة الدقيقة الواحدة من الشريط الوثائقي ( 222دوال اًر أمريكياً) عن
تكلفة الدقيقة من المجلة اإلخبارية التلفزيونية ( 133دوال ًار أمريكيًا) .وفي كل الحاالت تظل
تكلفة الدقيقة الواحدة من األفالم السينمائية الطويلة أعلى من غيرها ،وهي تتراوح بين 55
ألف دوالر في نيجيريا ،و 55ألف دوالر في الهند .ويرى الباحثون أن لألمر عالقة بسعة
السوق واإلقبال على قاعات السينما (حالة الهند ومصر) ،وفي حالة ضعف هذين المعطيين
يتعين اللجوء إلى التمويل العمومي أو الحكومي (ليتوانيا) أو إلى التعاون الخارجي (بوركينا
فاسو) واإلنتاج المشترك (كولومبيا).
في معظم الحاالت يتم إنتاج الفيلم التلفزيوني الخيالي من قبل القناة التي تبثه مما يؤدي إلى
تخفيض تكلفة الوسائل التقنية ،أما األشرطة الوثائقية فال تتوفر على أسواق مهيكلة في هذه
البلدان ،فهي تتوقف على اإلنتاج الذي تموله الجهات العمومية (غير الخاصة) فيتم إنتاجها
خاصة من قبل القنوات العمومية ومن تمويل الجهات شبه العمومية مثل الجمعيات
والمنظمات الدولية ،وعبر اإلنتاج المشترك ،وبمساعدة أنظمة الدعم العمومية ،مما يترتب
عليه عدم ارتباط التكلفة بسعر السوق.
62
دور التكنولوجيا الحديثة في تحسين اإلنتاج وتخفيض التكاليف:
وأتاحت هذه التكنولوجيا للراديو جودة صوتية فائقة ومجاالت واسعة ومساحات شاسعة من
العالم يصل إليها بوضوح وسهولة ويسر ،وأصبح ممكناً اآلن إطالق أقمار صناعية ال
عالقة لها بالقنوات التلفزيونية فهي تختص بالقنوات الصوتية (أي بمحطات الراديو أو
اإلذاعات المسموعة وحدها).
ومن التحسينات أيضاً ما أ دخل من تقنيات أخرى طورت من التقنيات السابقة ،ومن ذلك أن
التسجيل للمواد اإلعالمية أصبح يسجل على أسطوانة ليزر CDأو DVDبعد أن كان
يسجل على أسطوانة عادية ،ومن ثم على أشرطة كاسيت.
ومن التحسينات إدخال نظام الستريو ،وكذلك ما يسمى بـنظام التسجيل واالستماع الرباعي
الذي يساعد على تطوير عمليات تسجيل الدراما اإلذاعية التي يمكن اآلن تسجيلها وسماعها
بواسطة صوت مجسم وكأنه منبعث من جهتين أو أكثر ،ومن ذلك -أيضاً -دخول الهاتف
والفاكس ووسائل التواصل االجتماعي واالنترنت عامة كوسائل فاعلة لربط الجمهور
63
بالمرسل ،وخاصة في البرامج التي ترتبط به ارتباطًا مباش ًار كمناقشة قضية مهمة تتطلب
رأي الجمهور ،أو سماع استفساراته ،أو مشاركته في الحوار والمناقشة.
ومنذ عدة سنوات ظهر راديو االنترنت بما يتمتع به من مميزات ،حيث أنه يتيح للمستخدم
استقبال عدد ال حصر له من المحطات اإلذاعية ،فإجمالي المحطات التي تبث برامجها
مباشرة عبر شبكة االنترنت تتزايد سريعًا بما فيها قنوات رسمية وأخرى خاصة وثالثة ال توجد
فقط إال من خالل االنترنت ،ومن ناحية أخرى تساعد تكنولوجيا التواصل مع شبكة االنترنت
من خالل البث الالسلكي على متابعة كل برامج اإلذاعة المتوافرة على الشبكة ،أي أن ننتقل
بواسطة الكومبيوتر إلى أي مكان ،ونستقبل اإلذاعة التي نحب أو نرغب في سماعها.
كما تستخدم المؤسسات اإلعالمية الهاتف الجوال كوسيط إعالمي جديد لتوزيع المضامين
اإلعالمية التلفزيونية واإلذاعية واإلخبارية .ويمكن بالتالي اعتبار الهاتف الجوال وسيطاً
ال بذاته له خصوصياته التحريرية واالقتصادية ،وبهذا المعنى يمثل الهاتف
إعالميًا مستق ً
الجوال الوسيط اإلعالمي الخامس بعد الصحافة المكتوبة واإلذاعة والتلفزيون واإلنترنت.
وتستثمر اإلذاعة خصوصيات الهاتف الجوال لتوفير تطبيقات تحريرية (كخدمات األخبار
العاجلة) والستحداث خدمات بمقابل ،تسهم في تنويع مصادر تمويلها مثل (تحميل الرنات).
كل ما سبق يتيح الفرصة أكثر للمعلنين للوصول إلى أوسع جمهور ممكن ما ينعكس بالفوائد
المالية على اإلذاعات.
64
.2في مجال اإلنتاج التلفزيوني:
-1التقليل من استخدام الديكور بسبب تواجد الكامي ار في موقع الحدث ،الستخدام مختلف
المرئيات اإللكترونية كخلفيات للقطات والمشاهد ،مما يساعد كثي ًار في توفير تكاليف
التصوير واإلنتاج.
-2المحدودية لحركة الكامي ار ،خاصة وا ّن معظم البرامج غير الدرامية أصبحت تنقل
بواسطة األقمار الصناعية ومن مواقع إنتاجها مباشرة إلى منزل المستقبل لها بواسطة
الصحن الالقط ،مما يساعد أيضًا في توفير تكاليف اإلنتاج.
65
-3استخدام البث الحي المباشر لنقل المؤتمرات الصحفية المهمة ،حيث أصبح بإمكان
المشاهد أن ينتقل من دولة إلى أخرى ليتحدث مع المعنيين بخصوص قضية ما وهو في
مكتبه أو في منزله ،مما يساعد أيضًا في توفير تكاليف اإلنتاج لجهة تخفيض نفقات السفر
والتنقل واإلقامة للقائمين على اإلنتاج.
وحول عالقة االنترنت بالبث التلفزيوني ،فإن العالم يشهد زيادة متنامية لحاجات االتصال
على صعيد التطبيقات الجديدة الخاصة بالشبكة ،فدخول االنترنت في هذا المجال أتاح
لمستخدمي الحاسوب الحصول على خدمة متطورة ال تقتصر على االستماع إلى البث الحي
للقنوات التلفزيونية فقط ،لكنها تشمل طلب االستماع إلى برامج ومواد إعالمية محددة يتم
بثها على الفور للمشترك دون انتظار مواعيد البث المقررة لهذه البرامج.
وتتفاعل المؤسسات اإلعالمية بأشكال مختلفة وبدرجات متفاوتة مع هذه التحوالت .بعضها
انفتح على هذا الحراك الجديد ،واستثمر اإلنترنت وأدواته بشكل خالق كإحدى آليات
التحديث الشامل تكنولوجيًا وبرامجيًا واقتصادياً .ومن أسباب التحول إلى البث اإلذاعي
والتلفزيوني عبر االنترنت االنخفاض في أسعار بطاقات االشتراك في االنترنت .وكل ما
سبق يسهم في خفض نفقات البث وتكاليفه.
وقد لعب البث التلفزيوني عبر االنترنت دو ًار في تحسين اإلنتاج التلفزيوني ما جعله من أهم
الوسائل اإلعالمية التي تحوز على رضا الجمهور.
تمثل مواقع الويب آليات مهمة الستحداث وتنويع مصادر تمويل للهيئة اإلذاعية .ومن هذه
المصادر خلق الفضاءات التجارية لعرض المنتجات ذات الصلة ،وبيع الملفات الموسيقية
والرنات ،واالشتراك في الخدمات اإلخبارية ،وبيع برامج األرشيف ،واستقطاب المعلنين عبر
آليات اإلعالن اإللكتروني بأشكاله المختلفة بما في ذلك الفيديو.
66
مقومات اقتصاديات اإلعالم التلفزيوني في الواليات المتحدة األمريكية:
إن نجاح اإلعالم التلفزيوني في المجتمع األمريكي منذ انطالقه في أوائل القرن العشرين لم
يأت من فراغ ،بل جاء نتيجة طبيعية لتضافر عوامل عدة تتعلق بالترابط الوثيق بين
المؤسسات اإلعالمية التلفزيونية م َمثَلَ ًة في شبكات التلفزيون األمريكية الثالث والمؤسسات
االقتصادية العاملة في المجتمع نفسه.
فقد أثبتت الدراسات المتتالية التي أجريت حول التلفزيون في الواليات المتحدة أن هذه
الشبكات إما أن تكون مملوكة للقطاع الخاص ،كما هو الحال في شبكة NBCالمملوكة
بنسبة % 28لشركة (جنرال إلكتريك) ،أو أن هناك مصالح مشتركة مع تلك الشركات ،كما
هو الحال بين شبكة ( )CNNوشركة (مايكروسوفت) وشركة (تايم وورنر) ،وهذا الترابط
الوثيق يسهم بشكل أو بآخر في توفير التمويل الكافي للشبكات التلفزيونية من خالل
اإلعالن ،ورعاية البرامج ،أو حتى من خالل الدعم المباشر ،ولعل معدالت اإلعالن العالية
التي تظهر على شاشات التلفزيون في الواليات المتحدة تشير بشكل ال يقبل الشك إلى حجم
تدفق التمويل الذي تتلقاه تلك الشبكات العمالقة التي ترتبط بها.
وهناك سبب ثان يتعلق بكون عملية البرمجة في الشبكات التلفزيونية األمريكية تتم بالتناغم
مع العملية اإلعالنية التي تستند إلى بث اإلعالنات خالل البرامج األكثر شعبية لدى
بناء
الجماهير ،وهذا يعني أن موضوعات البرامج وصيغها تخضع ألذواق الجماهير ،وذلك ً
على نتائج دراسات ميدانية تقوم بها شركات أبحاث السوق لصالح المؤسسات اإلعالنية
لمعرفة مدى تغلغل برامج التلفزيون في أوساط الجماهيـر.
أما السبب الثالث فيتعلق باالتساع الهائل لسوق اإلعالن األمريكية ،حيث أن قوة االقتصاد
األمريكي المستند إلى السوق الحرة في التعامالت التجارية ارتبطت تقليديًا بصناعة اإلعالن
التي هي جزء ال يتج أز من الصناعة اإلعالمية.
67
ومن ه نا فقد غدا هذا الثالوث (اإلعالم ،اإلعالن ،االقتصاد) يشكل بنية صلبة تستند إليها
القنوات التلفزيونية المختلفة في عملها.
وعليه تظهر لنا ضخامة اإليرادات التي تحصل عليها وسائل اإلعالم وما تحدثه من تأثيرات
عميقة من قبل الشركات المنتِجة في توجهات وسائل اإلعالم ومواقفها ،وذلك لما تشكله من
مورد مهم لتلك الوسائل وبالشكل الذي يؤثر في حياديتها في نقل األحداث وتناول القضايا
المختلفة ،فأفرغت الكثير من وسائل اإلعالم من المضامين التي تحمل الحقيقة ،وتنهض
بواقع الجمهور ،وتخدم قضاياه ،وأصبحت أداة في خدمة الممولين والمعلنين والترويج
ألهدافهم الربحية ،مما أثر سلباً في مصداقية الكثير من هذه الوسائل بعد أن تحولت إلى
إمبراطوريات اقتصادية ضخمة.
68
الخالصة
تعد صناعة وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة من أوسع االنتاجات اإلعالمية وأكثرها تنوعًا
ّ
وحضو ًار على الساحة اإلعالمية ،وينسحب هذا بالتالي على اقتصاد الراديو والتلفزيون الذي
يشهد تطو اًر متزايداً ،وخاصةً مع ازدياد أعداد القنوات التلفزيونية الفضائية .إن اإلنتاج
المرئي والمسموع أو السمعي البصري هو عماد اقتصاد اإلذاعة والتلفزيون إضافة إلى ما
يرافقه من نشاطات التمويل والبيع والتوزيع ...الخ.
بالنسبة لعناصر اإلنتاج التلفزيوني فهي متنوعة بين بشـرية وتقنيـة ومالية وادارية ،حيث
يفرض منطق اقتصاد وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة اللجوء إلى عناصر اإلنتاج هذه،
وهذا يفرض بدوره دراسة تكلفة المنتجات اإلعالمية المرئية والمسموعة .وتلعب التكنولوجيا
الحديثة دو اًر مهماً في تحسين اإلنتاج وتخفيض التكاليف .وكمثال عن كل ما سبق قمنا
بالتعريف بمقومات اقتصاديات اإلعالم التلفزيوني في الواليات المتحدة األمريكية.
69
تمارين
إن ما يصنع الحيوية في وسائل اإلعالم عامالن ،بحسب ما ورد في الكتاب ،هما:
– Aالتصنيع والجمهور.
- Bالتصنيع والسوق.
– Cاإلبداع والسوق.
– Dاإلنتاج واإلبداع.
تتميز تكلفة إنتاج المواد المرئية والمسموعة بسمات اقتصادية تميزها عن المنتجات
الصناعية العادية ،منها:
70
الوحدة التعليمية الخامسة
اقتصاد اإلعالم اإللكتروني والجديد
األهداف التعليمية:
في نهاية هذه الوحدة التعليمية يجب على الطالب أن يكون قاد اًر على أن:
يدرك أهمية العوامل المختلفة ،وخاص ًة االقتصادية في ظهور اإلعالم اإللكتروني واإلعالم
الجديد
يفهم ماهية أنواع ومصادر تمويل اإلعالم اإللكتروني الضروري لوجوده واستم ارره
يعرف مستلزمات اقتصاد اإلعالم اإللكتروني واإلعالم الجديد من أدوات وتجهيزات وتطبيقات
يدرك أهمية التكنولوجيا الحديثة وتطبيقاتها في صناعة وتحسين اإلعالم اإللكتروني واإلعالم
ِ
المستخدم الجديد ،وأثر ذلك في تخفيض النفقات والتكلفة بالنسبة للمستهلك أو
يشرح طبيعة اقتصاد اإلعالم اإللكتروني وتكاليفه مقارنةً بطبيعة اقتصاد اإلعالم التقليدي
وتكاليفه
71
التكنولوجيا والمال وراء ظهور اإلعالم الجديد:
وراء ظاهرة اإلعالم الجديد عوامل تقنية واقتصادية وسياسية يمكن تلخيصها فيما يلي:
-1العامل التقني المتمثل في التقدم الهائل في تكنولوجيا الكمبيوتر وتجهيزاته وبرمجياته وتكنولوجيا
االتصاالت ،والسيما فيما يتعلق باألقمار الصناعية وشبكات األلياف الضوئية ،فقد اندمجت
هذه العناصر التكنولوجية في توليفات اتصالية عدة إلى أن أفرزت شبكة اإلنترنت التي تشكل
حاليًا وسيطًا يحوي بداخله جميع وسائط االتصال األخرى المطبوعة والمسموعة والمرئية،
وكذلك الجماهيرية والشخصية.
-2العامل االقتصادي المتمثل في عولمة االقتصاد ،وما يتطلبه من إسراع حركة السلع ورؤوس
األموال ،وهو ما يتطلب بدوره اإلسراع في تدفق المعلومات ،وليس هذا لكون المعلومات قاسمًا
مشتركًا يدعم جميع النشاطات االقتصادية دون استثناء ،بل لكونها سلعة اقتصادية في حد ذاتها
تتعاظم أهميتها يومًا بعد يوم.
-3العامل السياسي المتمثل في االستخدام المتزايد لوسائل اإلعالم من قبل القوى السياسية بهدف
إحكام قبضتها على س ير األمور والمحافظة على استقرار موازين القوى في عالم شديد
االضطراب زاخر بالصراعات والتناقضات.
72
من مظاهر اإلعالم الجديد:
-1تسهيل الحصول على المعلومات وهي ال تزال جديدة من مصادرها المباشرة ،فبمجرد نقرة على
شاشة الكمبيوتر ينتقل القارئ من موقع إلى موقع أينما أراد على وجه األرض ،ويق أر عن أي
موضوع يشاء وبأي لغة يفهم.
-2تسهيل إيصال المعلومات إلى الجمهور دون تحكم من الحكام المستبدين أو غيرهم وتوفير
المعلومات الصحيحة هو أول خطوات التغيير ،وقد كان احتكار الحكام للمعلومات في الماضي
من أهم الوسائل التي يحتمون بها.
-3التمكن من إيصال الرسالة اإلعالمية دون تدخل موجه من أباطرة اإلعالم الذين اعتادوا
التصرف في المعلومات التي تصلهم وصياغتها واخراجها بالطريقة التي تخدمهم على حساب
المرسل األصلي ورسالته.
-4رخص ثمن االتصاالت بل ومجانيتها في أغلب األحوال مما يجعلها متاحة للجميع ،وال مجال
الحتكارها من طرف الحكومات القمعية أو الشركات االحتكارية ومن فوائد رخص ثمن
االتصاالت إشراك عامة الناس في المعلومات.
73
اقتصاد أدوات وسائل اإلعالم الجديد:
إننا نتعامل اليوم مع المحمول واإلنترنت بوصفهما ظاهرة اجتماعية ،وقد أضحى كذلك بالفعل بمعايير
74
-1االنتشار الواسع.
-3الضغوط االجتماعية واالقتصادية والثقافية والسيكولوجية التي تدفع فئات متنوعة إلى االنخراط
في جماعة أصحاب المحمول للمسايرة أو االستمتاع بالدالالت والرموز االجتماعية ذاتها.
-4تحقيق التوازن النفسي واالجتماعي كون هذا الجهاز أصبح بمثابة ظاهرة اجتماعية وليس ثقافية
اجتماعية.
-5إن المحمول أصبح رم ًاز اجتماعيًا كونه بات لديه قدرة على التصنيف االجتماعي.
لكن ما هو الحال لمن ال عمل لهم ،ويحملون المحمول الذي يكلفهم الكثير من ميزانياتهم ومصروفهم
الشخصي ،والذي أصبح يمثل لديهم صورة من صور عدة تتمثل في:
-1التسلية والترفيه :وخاصة لقطاع الشباب بصورة عامة في تبادل كلمات الحب والغزل والعالقات.
-2التصنيف والتميز االجتماعي :من خالل رسم صورة وهمية للذات لدى الشعب لتزييف الحقيقة عن
انتمائهم االجتماعي ،وحل المشكالت الخاصة بهم كافة (على الصعيد النفسي) ،كون أن حيازتهم
لهذا الجهاز يحقق إشباعًا سيكولوجيًا زائفًا بمجرد حيازته واظهاره في الشارع أو في المناسبات أو
في العمل أو في النادي أو المقهى ،لذا فهو يحقق لدى بعض الفئات التوازن النفسي الموهوم
75
-3النهم االستهالكي :لدى الفئات التي صعدت الهرم االقتصادي (الطفيلية الجديدة) التي نبتت من قاع
المجتمع ،والتي التصقت بثقافة الحرمان الطويلة التي عاشتها هذه الطبقة ،ومن ثم فقد ولد هذا
-4التفاعل االجتماعي :سهل هذا الجهاز عملية التفاعل االجتماعي ،فالمحمول مخصص للتكلم بكل
أنواع الموضوعات المشتركة بين الناس مع مالحظة أن لغة الحوار حالياً وفي العديد من الدول
ت ِ
سقط الحديث في السياسة من حساباتها.
وفي ظل هذا التطور المتنامي للتكنولوجيا لم يعد المحمول فقط وسيلة تواصل اجتماعي ،بل أصبح
وسيلة إعالمية ،وظهرت صحافة الهاتف المحمول كشكل من أشكال اإلعالم الجديد واستقبال األخبار
الذي ولده الجلوس وبيدنا المحمول نتصفح مواقع التواصل االجتماعي لساعات طويلة ال ينتهي بآثار
إيجابية كالترفيه والحصول على المعلومات ،بل له أضرار صحية (ال مجال هنا لذكرها) وآثار اقتصادية
76
اقتصاد أدوات وسائل اإلعالم اإللكتروني:
لقد بدا لظاهر العيان في البداية أن وسائل اإلعالم التقليدية لجأت إلى اإلنترنت مجبرةً على ذلك ال رغب ًة
منها نتيجة لمعرفتها بمنافع دخولها في هذا المجال وفوائده ،وذلك للوصول إلى فئة من الجمهور شعرت
بأنها تتسرب من بين أيديها لتصبح من جمهور هذه الوسيلة الجديدة لكن ما هو مقدار التكاليف التي
تكبدتها وسائل اإلعالم التقليدية نتيجة لدخولها هذا المجال وتشكيلها ما أصبح يعرف بالصحافة أو
اإلعالم اإللكتروني.
إن تكاليف بناء موقع على الشبكة العنكبوتية ال تكاد تذكر قياساً إلى التكلفة التي تتكبدها وسائل اإلعالم
اء في آالت الطباعة بالنسبة للصحافة المطبوعة أم في
التقليدية ،عدا عن تكاليف الصيانة المستمرة سو ً
أدوات البث والمعالجة لدى الراديو والتلفزيون.
فبالنسبة للصحافة :فإنها تتخلص من تكاليف الطباعة وأسعار الورق التي تتزايد بشكل مستمر
في حال انتقلت إلى النشر بالصيغة اإللكترونية.
أما الراديو :فإنه يوفر أجهزة البث عندما يستخدم اإلنترنت ،ولكنه بالوقت نفسه يبث لكل أنحاء
العالم عن طريق الشبكة.
التلفزيون :له خصوصية تحتم عليه أن تكون اإلنترنت مجرد ساحة من ساحاته وقد دخلها بقوة،
والتلفزيون ليس بحاجة لكي ينتقل إلى البث عن طريق الشبكة ألنه وبكل بساطة ملك وسائل
اإلعالم ورفيق األسرة وطفلها المدلل.
77
أبرز موارد المواقع اإللكترونية وايراداتها:
إن هذا االتجاه من قبل الشركات التجارية جعل من إعالناتها مورداً غنياً بالنسبة للصحافة اإللكترونية
يفوق في كثير من األحيان ما تحصله بعض التلفزيونات حتى من إعالناتها فالموقع اإللكتروني األكثر
شعبيةً وتصفحًا يعد بيئة خصبة بالنسبة للشركات التجارية حتى تزرع إعالناتها على صفحاته.
وقد يحسم األمر في المنافسة بين المواقع اإلعالمية اإللكترونية لصالح المواقع األكثر تطو اًر من الناحية
التقنية واألكبر حجمًا على مستوى المضمون ،أي في الغالب األكثر تكلف ًة اقتصاديًا ولذلك قد يتخلى
الجمهور عن وسائل اإلعالم المألوفة له لصالح وسائل أخرى لها القدرة على مده بالمعلومات التي يرغب
فيها أكثر من وسائل أخرى ،ولن يتأتى ذلك إال بتكريس مصروفات معتبرة.
78
ثانياً :الرسائل اإللكترونية:
أثر تبادل الرسائل اإللكترونية على سوق شراء أوراق كتابة الرسائل وظروف الرسائل والطوابع البريدية،
فالجيل الجديد ليس عنده الوقت الكافي ليمسك بالقلم ويكتب خطابًا منذ أن اكتشف نعمة الرسائل
اإللكترونية ،وألنه وببساطة ال يجد الوقت ليهب إلى دائرة البريد ليبعث برسالة وتلك اللعنة طالت الكتاب
والصحفيين ،ففي السابق كان الصحفي يكتب موضوعاته ويبي ض مقابالته الصحفية بخط يديه ،أما اآلن
فقد تخلى عن اقتناء األقالم كثي ًار وعوضها بالتنضيد والطبع من خالل جهاز الكومبيوتر ،وبدل البحث
عن الدفاتر ليسجل فيها أخباره الصحفية صار يبحث عن آخر التطورات في عالم اكتشاف الحروف،
وطبع ما ترده من أخبار وارسالها إلى أصقاع الدنيا عبر البريد اإللكتروني.
سابقًا ،منحت تقنية الصحافة المكتوبة عملية رجع الصدى ) (feed backإمكانات حقيقية لم تكن متوفرة
من قبل بوسائل اإلعالم ،وخاصة بالنسبة للصحافة،
وبات الحديث ممكنًا عن تفاعل بين الصحف والقراء
بعد أن ظلت العالقات محدودة وهامشية طيلة عمر
الصحافة الورقية ويمكن أن يجد متصفح مواقع
ال خاص ًة في شتى الصفحات
الصحف اإللكترونية حقو ً
تتضمن الطلب من القارئ أن يبدي رأياً حول موضوع
المنشور ،أو يكتب تعليقًا حوله ،وفي حال قيام
ِ
المستخدم بذلك سيظهر تعليقه فو ًار على موقع
ِ
المستخدمين في أي الصحيفة ،حيث أصبح بإمكان
مكان اإلطالع عليه ،وتشمل هذه اإلمكانية بطبيعة
الحال رسائل القراء التي تنتشر فوريًا على صفحات
الصحيفة اإللكترونية.
79
اقتصاد الصحافة اإللكترونية :مواقع الصحف على اإلنترنت:
يظهر من مستويات إفادة الصحف من اإلنترنت أهمية اإلعالن بالنسبة لهذه الصحف ،كما هي الحال
للوسائل اإلعالمية المختلفة ،حيث تتلخص مستويات اإلفادة هذه بما يلي:
.1كمصدر للمعلومات.
.2كوسيلة اتصال.
.3كوسيلة اتصال تفاعلي.
.4كوسيط للنشر الصحفي.
.5كوسيط إعالني يضيف دخالً للصحيفة.
.6كأداة لتسويق الخد مات التي تقدمها المؤسسة الصحفية من خالل إنشاء موقع أو أكثر يقدم
معلومات أساسية عن تطورها وانجازاتها.
.7تقدم خدمات معلوماتية من خالل تحول المؤسسة الصحفية إلى مزود بالخدمات
للمشتركين ،وتقديم خدمات التصميم ،واصدار الصحف والنشرات لحساب الغير مقابل
مردود مالي متفق عليه.
دخل مفهوم الصحافة اإللكترونية على مجتمعاتنا لسهولة استخدام اإلنترنت والتطور الهائل الذي حصل
عليه في مجال التقنيات الحديثة ،فاكتسبت الصحافة اإللكترونية أهمي ًة بالغة في حياتنا السياسية
واالجتماعية واالقتصادية وفي جميع نواحي الحياة ،وقد تطورت تكنولوجيا االتصاالت بشكل هائل نتيجة
التطور التقني وانتشار المعلومات بسرعة فائقة استطاعت أن تعبر القارات وتتخطى الحدود بمجرد
80
وبتطور الشبكة العنكبوتية اتسع المجال أمام الصحفيين لدخول هذا العالم الجديد ،وأصبحت لديهم القدرة
الفائقة على اكتساب المعلومة بسرعة عجيبة بعدما كان الصحفي يعاني من استالم المعلومة ،والخبر
وتكلفة الوقت والجهد ،فتطور عمل الصحفيين بالشبكة ،وازدادت أعدادهم وتنوعت مجاالتهم ،ولكن ينظر
إلى الصحفي في اإلنترنت بتقدير واهتمام أقل من نظيره في الصحافة التقليدية التي لها نقابة خاصة بها،
وهذا ال يمنع أن صحف اإلنترنت في تطور دائم وبسرعة فائقة ،وكل يوم تظهر تطبيقات وتقنيات جديدة
لتحديد سعر اإلعالن في صحف اإلنترنت الذي يعد أهم مصادر تمويلها.
ال يقتصر وجود مواقع الصحف على اإلنترنت على الصحف الكبيرة فحسب ،بل إن هناك أعداداً كبيرةً
من الصحف المتوسطة والصغيرة الحجم أيضًا ،ورغم أن حوالي نصف تلك المواقع خاصة بالصحف
األميركية ،يليها البريطانية بحوالي %11فقط من إجمالي الصحف األميركية ثم الصحف الكندية ،مع
ذلك نجد أن أعداد الصحف اإللكترونية من أطراف العالم األخرى في تزايد مستمر ،بل إننا نجد مواقع
كثيرة لصحف دول نامية تفتقد إلى كثير من مقومات البنية التحتية الالزمة لإلنترنت لم يقتصر االختالف
فقط على حجم مواقع تلك الصحف ولغاتها ،ولكنه يشمل أيضاً اختالفًا في نماذج العمل المستخدمة
عليها ،ومن أمثلة المواقع الضخمة تلك الخاصة بصحف Wall Street Journal , New York
USA Today, Timesمن ناحية أخرى نجد الصحيفة األولى تطبق النموذج األكثر انتشا ًار للدخل
والمتمثل في عرض صفحاتها على اإلنترنت مجانًا للمستخدمين معتمدة على دخلها من اإلعالنات
والتجارة اإللكترونية ،بينما في المقابل تعد صحيفة Wall Street Journalمن الصحف القليلة التي
تمكنت من النجاح من فرض نموذج يعتمد على الحصول من المستخدمين على مبلغ اشتراك شهري
للدخول على موقعها على اإلنترنت.
81
تسعير إعالنات صحف اإلنترنت:
مقارنة بوسائل اإلعالن الشائعة تعد عملية تسعير إعالنات صحف اإلنترنت صعبة ،وقد ظهرت طرق
82
ويمكن إيجاز السمات االقتصادية للصحافة اإللكترونية كاآلتي:
.1التكاليف المالية للبث اإللكتروني للصحف عبر شبكة اإلنترنت أقل بكثير مما هو مطلوب
.2إلصدار صحيفة ورقية ،فهي ال تحتاج إلى توفير المباني والمطابع والورق ومستلزمات الطباعة،
ناهيك عن متطلبات التوزيع والتسويق ،والعدد الكبير من الموظفين والمحررين والعمل.
.3لجوء معظ م الصحف اإللكترونية إلى التمويل من خالل اإلعالنات ،وقد أصبح اإلعالن المتكرر
على كل صفحة في الصحيفة اإللكترونية المسمى بإعالن اليافطة ) (Bannerهو مصدر
الدخل الرئيس لهذه الصحف.
.4فرضت الصحافة اإللكترونية واقعاً مهنيًا جديداً فيما يتعلق بالصحفيين وامكانياتهم وشروط
عملهم ،وقد أصبح المطلوب من الصحفي المعاصر أن يكون ملمًا باإلمكانات التقنية ،وبشروط
الكتابة لإلنترنت وللصحافة اإللكترونية كوسيلة تجمع بين نمط الصحافة ،ونمط التلفزيون
المرئي ،ونمط الحاسوب ،وأن يضع في حسبانه أيضًا عالمية هذه الوسيلة وسعة انتشارها ،وما
ي ارفق ذلك من اعتبارات تتجاوز المهني إلى األخالقي في تحديد المضامين وطريقة عرضها،
واعتبارات اقتصادية ومالية فيما يخص أساليب العمل واألجور والتعويضات المالية.
تعاني الكثير من الصحف اإللكترونية صعوبات مادية تتعلق بتمويلها وتسديد مصاريفها وعدم وجود
عائد مادي لها من خالل اإلعالنات ،كما هي الحال في الصحافة الورقية حيث أن المعلن ال يزال
يشعر بعدم الثقة في الصحافة اإللكترونية.
83
يقول أحد المحررين في صحيفة ميدل إيست اإل لكترونية :نحن ال نمتلك صحيفة مطبوعة ،نعم يعني
ذلك أننا ال نطبع وال نوزع وال ننتظر إيرادات من المبيعات فلألسف ال توجد لدينا مبيعات وكل المحاوالت
التي سعت إلى الحصول على دخل من مبيعات الصحافة إلكترونية باءت بالفشل لكننا أيضًا نصرف
أقل ،فالنفقات األساسية في اإلعالم اإللكتروني
هي البشر ال ورق وال حبر ،وال شحن ،وال توزيع،
وال مرتجع المهمة في البداية كانت صعبة،
والصحافة اإللكترونية في البداية كانت مهمة
انتحارية ،فال يوجد لديك عدد من الجريدة تأخذه
للمعلن المحتمل ،ولكن كان هناك دائمًا أشخاص
من وقف
ينظرون إلى أبعد من الحاضر ،هؤالء ْ
إلى جانبنا حتى صار أمام المعلن المحتمل شاشة
كمبيوتر يتصفحها ما إن تدخل إليه لتحادثه وزاد
االهتمام اآلن باإلعالم اإللكتروني ،وزاد معه عدد
من يرعون صناعته الناشئة ويدعمونها في هذه
الموازنة الحساسة بين الدخل واإلنفاق كنا نربح
دائماً.
تعاني صحف إلكترونية كثيرة صعوبات مادية تتعلق بتمويلها وتسديد مصاريفها.
غياب التخطيط وعدم وضوح الرؤية المتعلقة بمستقبل هذا النوع من اإلعالم.
ندرة الصحفي اإللكتروني.
عدم وجود عائد مادي للصحافة اإللكترونية من خالل اإلعالنات ،كما هي الحال في الصحافة
الورقية ،حيث أن المعلن ال يزال يشعر بعدم الثقة بالصحافة اإللكترونية.
غياب األنظمة واللوائح والقوانين ،علمًا أنها في حاجة ماسة إليها.
84
ما بين الصحف الورقية واإللكترونية:
إذا كانت التقنية الجديدة قادرة على تغيير طرق توزيع الصحف واألخبار وقادرة على استخدام اإلنترنت
أيضًا ،وا ن كان بنسب كبيرة تختلف عن الورقية ،إال أنها لن تستطيع استبدال المؤسسات الصحفية
الكبرى التي تقوم بجمع األخبار واستقصائها وتحريرها ،فمن دونها لن توجد محتويات للتوزيع على
اإلطالق ولكن حتى لو استمرت عائدات الصحف اإللكترونية ف ي النمو بالمعدالت الحالية نفسها ،فإنها
لن تستطيع اللحاق بركب الصحف المطبوعة حتى سنة 2117وذلك على افتراض أن الصحف
المطبوعة ستظل تنمو بالنسبة الحالية نفسها بمقدار % 3فقط سنويًا ولكن من الناحية الواقعية ال يزال
أمام الصحف اإللكترونية سنوات عدة حتى تصل إلى م جال التنافس مع اقتصادات اإلعالم القديم الممثل
في الصحف المطبوعة والتلفاز وحتى في ظل انخفاض تكاليف توزيعها مقارنةً بالصحف ،وبالرغم من أن
عدد قراء الصحف في تناقص إال أن معدالت استهالك المعلومات يتزايد وقد ذكر تقرير مؤسسة "نيمان"
الذي يصدر بصفة دورية عن مؤسسة نيمان للدراسات الصحفية التابع لجامعة هارفارد أن كل المؤسسات
الصحفية تقريباً في العالم أصبح لها اليوم مواقع على اإلنترنت ،وقد أصبح اإلنترنت إضافة جديدة إلى
قدراتها وخصائصها في جذب جماهير جديدة وشركات جديدة لوضع إعالناتها في تلك المواقع
ولكن تبقى نكهة استخدام الصحف المطبوعة رم اًز بعيداً عن االنقراض.
إن هيمنة الشركات التجارية على ساحة اإلنترنت أفاد اإلعالم اإللكترون ي من حيث مده باإلعالنات التي
شكلت بالنسبة له شريان الحياة الذي ساعده على النمو ضمن هذه البيئة الخصبة ،حتى وصل حدوداً
ال بأسلوبه وأخباره ،وحتى في المواقع التابعة لوسائل إعالم تقليدية أصبحت على مر
جعلت منه مستق ً
الزمن مستقلة عن إدارة الوسيلة في طاقم تحريرها ومراسليها وأخبارها التي تحقق سبقًا في بعض األحيان
حتى على الوسيلة األم نفسها.
وقد برعت الوسائل اإلعالمية التقليدية في االستفادة من هذه الوسيلة الجديدة واستغاللها للحاق بجمهورها
المفتون بها ،بل واكتساب جمهور جديد خلقت معه نوعاً من التفاعلية المفتقدة في طريقة عرضها
األساسية ،وتواءمت في صياغتها ألخبارها وتوقيت بثها على الشبكة مع عادات التعرض المختلفة في
في الويب عنها في الوسائل التقليدية .
85
ال ننسى ،أن تكلفة إطالق أي موقع إلكتروني هي أقل من إنشاء أي وسيلة إعالم تقليدية ،وهذه من أهم
ميزات اإلعالم اإللكتروني.
86
الخالصة
يعد اقتصاد اإلعالم اإللكتروني واإلعالم الجديد من أحدث االقتصادات اإلعالمية ،حيث أن التكنولوجيا
والمال وراء ظهور هذا النوع من اإلعالم ويندرج تحت أدوات اإلعالم اإللكتروني واإلعالم الجديد العديد
من الوسائل والتطبيقات مثل الهاتف المحمول وخاصة الذكية منها اإلنترنت ،المواقع اإللكترونية،
الصحف اإللكترونية ،الرسائل اإللكترونية وت ُّ
عد اإلعالنات من أبرز موارد هذه الوسائل وايراداتها ،وثمة
طرق خاصة لتسعير إعالنات صحف اإلنترنت تختلف عن الطرق التقليدية وتعاني الكثير من الصحف
اإللكترونية صعوبات مادية تتعلق بتمويلها وتسديد مصاريفها وعدم وجود عائد مادي ثابت أو شبه
ثابت ،ولكن مع زيادة االهتمام باإلعالم اإللكتروني ازدادت أعداد من يرعون صناعته ويدعمونها ،ومع
ذلك تواجه الصحافة اإللكترونية صعوبات تهدد استمرارها وبالرغم من ذلك تبقى تكلفة إطالق أي موقع
إلكتروني هي أقل من إنشاء أي وسيلة إعالم تقليدية.
87
التمارين
قد يحسم األمر في المنافسة بين المواقع اإلعالمية اإل لكترونية لصالح:
- Aالمواقع األكثر تطو ًار من الناحية التقنية واألقل تكلف ًة اقتصاديًا.
- Bالمواقع األكبر حجمًا على مستوى الشكل.
- Cالمواقع األقل تكلف ًة اقتصاديًا.
-Dالمواقع التي لها القدرة على مد الجمهور بالمعلومات.
88
الوحدة التعليمية السادسة
األهداف التعليمية:
أن يدرك الطالب أهمية اإلعالن كمصدر مهم من مصادر تمويل وسائل اإلعالم من جهة ،ومن
جهة أخرى أهمية مصادر تمويل وتكاليف اإلعالن نفسه ككائن له اقتصاده الخاص به.
أن يفهم الطالب ماهية العائدات اإلعالنية لمختلف الوسائل والضرورية لوجودها واستمرارها.
أن يعرف الطالب بالتفصيل الدقيق طرق تحديد مخصصات اإلنفاق اإلعالني ،كيف ولماذا.
أن يعرف الطالب بالتفصيل الدقيق طبيعة اإلعالن على صفحات الويب وطرقه.
أن يدرك الطالب أهمية العالقة الوثيقة -المتبادلة والمتكاملة -بين اإلعالن واإلنترنت.
أن يعي الطالب طبيعة وتكاليف اقتصاد اإلعالن واقتصاد اإلنترنت اللذين يحددان وبشكل كبير
آفاق اقتصادات أخرى في مجاالت اإلعالم والتكنولوجيا الحديثة.
89
إمبراطورية اإلعالن:
يشكل اإلعالن جزءًا من نظام اإلنتاج والتوزيع إذ يحتاج صانعو السلع ومقدمو الخدمات إلى إعالم الناس
فحينما تتم السيطرة على شبكة شركات مثل كوكا كوال ،ماكدونالدز لها مئات الفروع ،وتشكل إمبراطوريات
ال تغرب عنها الشمس ،يكون اإلغراء شديدًا لكون العالم كله سوقًا واحدة .هذه هي الفكرة التي وضعها
"ليفيت" ،وعملت شركة سالتشي وساتشي ،على استخدامها في نشر إستراتيجيتها لبناء تجمعات كبرى
تضم وكاالت إعالن المستقبل.
90
أهمية صناعة اإلعالن:
وتدور مليارات الدوالرات سنويًا ،وتتنامى االستثمارات فيها يوماً بعد آخر ،وال ريب
در صناعة اإلعالن ّ
تَ ُّ
أن هذه الصناعة أصبحت تقف بقوة وراء استثمار وسائل اإلعالم بالشكل الذي نراها عليه ،بصفة
اإلعالن كممول رئيسي لهذه الوسائل ،التي ما كان لها أن تستمر لوال الدخل المتأتي من المساحات
واألوقات اإلعالنية .وليس صحيحاً أن اإلعالن أسهم في ارتفاع أسعار السلع ،بحسب الباحث "أحمد
العمار" ،بل على العكس تمامًا ،يساعد اإلعالن في تخفيض تكاليف السلعة ،من خالل تمكين المعلن من
الوصول إلى أكبر قدر ممكن من المستهلكين ،ما يجعل تكلفة الوحدة المباعة أقل ،نتيجة الرتفاع وتيرة
اإلنتاج ،وزيادة الطلب على الس لع ،وهناك من السلع التي نرى إعالناتها بشكل دائم ،ونرى أن أسعارها
أصبحت منخفضة إذا ما قيست بمرحلة ما قبل اإلعالن ،أي أن اإلعالن أسهم بشكل واضح في
انخفاضها ،بالمقابل هناك العديد من السلع التي ال نرى لها أي نشاط إعالني ،أو أن لها نشاطًا محدودًا،
ومع ذلك تصنف من السلع الغالية في السوق.
وغالبا ما يدلل على أهمية صناعة اإلعالن من خالل مثال الدجاجة واإلوزة ،حيث يقول أحدهم :عندما
تبيض الدجاجة ،فإنها تصيح وتمأل الغابة صراخاً ،فيعرف الجميع أنها قد باضت ،بينما تبيض اإلوزة
صامتة ،وبالتالي فإن أحدًا ال يعرف أنها قد باضت ،لذا نجد أن الناس يأكلون بيض الدجاج في حين ال
أحد يستهلك بيض اإلوز .وهو مثل معبر ،ويلخص الحاجة لإلعالن باعتباره الوسيلة األشهر إلخبار
الناس بوصول أو ابتكار منتجات أو خدمات أو أفكار جديدة ،حتى باتت حصة المعلن من الصوت
(اإلعالن) تتحدد وتتناسب مع حصته من السوق (.)Share of Voice Share of Marketing
التسويق واإلعالن:
وتحول العالم إلى ما يشبه القرية الكونية سادت المادة اإلعالنية ،ونمت قيم
ُ في عصر السماوات المفتوحة
االستهالك في العالم بأسره ،وهو اتجاه عززه اإلعالم لتسويق المنتجات على نطاق عالمي ،فظهرت
سوق على أنه األسلوب
وي َّ
العالمات التجارية العالمية والمنتجات العالمية وأسلوب الحياة العالميُ ...ينتَج ُ
األمثل .
عندما عرض الطبيب الفرنسي "هنري دوبان" المدير السابق لهيئة بحوث الغذاء والطعام األفريقية دراسته
دور كبي اًر بهذا الشأن ،وذكر أنه في أثناء
حول العوامل المؤثرة في أنماط التغذيةّ ،بين أن اإلعالن يؤدي اً
91
زيارته لساحل العاج رأى السيدات يسقين أبناءهن القهوة ،وهم في سن مبكرة ال تتجاوز أعمار الرضع
العشرين شه ًار ،وبسؤاله السيدات عن ذلك استغربن السؤال ،واستهجن جهله ،وردت إحداهن عليه :أال
تشاهد وتسمع وتق أر وسائل اإلعالم التي تعرض أن البن ماركة تجعل الرجال أكثر قوة ،والنساء أكثر
ذكاء .وفيما بعد تبين أن شركة األطعمة المنتجة للبن أنفقت عام 802 ،8898
ً مرحاً ،واألطفال أكثر
مليون دوالر على هذا اإلعالن لوحده ،وأن هذا اإلنفاق يفوق ميزانية منظمة الصحة العالمية في ذلك
العام.
على الرغم من المساحة والزمن القليلين الذين يقدم بهما اإلعالن إال أنه يحمل الكثير من القيم .ومع
تعاظم اإلنفاق العالمي على اإلعالن ،وتجاوزه الحدود حتى كاد يصبح إعالنًا عالمياً (بمعنى غربي
ال عن تك ارره في
المميزات وأمريكي الطبيعة) يعرض بطريقة تفوق قدرة المتلقي على مقاومة الغواية ،فض ً
القناة الواحدة والقنوات المتعددة مرات عدة يوميًا ...يجعله يمارس كل أدوار اإلعالم الظاهرة ،فيغرس
قيماً ،ويهدم أخرى ،ويحل قيماً محل أخرى.
ويعد هذا
أصدرت شركة الدراسات األمريكية ( )v s sتقريرها السنوي عن وسائل اإلعالم لعام ّ ،0229
التقرير من أبرز ما ينشر حول الموضوع في أمريكا .ولعل أهم ما ورد فيه تَوقُ ٌع بأن تكون قيمة
اإلعالنات الخاصة بوسائل اإلعالم اإللكترونية ،أي بمواقع اإلنترنت ،أعلى من قيمة اإلعالنات المنشورة
في وسائل اإلعالم المطبوعة ،وذلك اعتبا ًار من سنة .0288وقد أتى هذا التوقع في ظل التراجع الذي
تشهده عائدات إعالنات وسائل اإلعالم المطبوعة األمريكية .وتوقعت الدراسة بأن تتنامى قيمة عائدات
إعالنات وسائل إعالم اإلنترنت بنسبة تزيد على %08سنوياً بين 0229و ،0288لتصل هذه القيمة إلى
60بليون دوالر سنة .0288بينما ال تزيد قيمة إعالنات اإلعالم المطبوع عن 62بليون دوالر عام
. 0288وتبقى إعالنات وسائل اإلعالم السمعية البصرية من إذاعة وتلفزيون يتم بثه عبر األقمار
االصطناعية محتلة الصدارة من إجمالي إعالنات وسائل اإلعالم ،حيث ُينتظر أن تبلغ قيمتها 61بليون
دوالر أميركي سنة .0288
يعيش اإلنسان اآلن في عصر المعلومات الذي طالما َب َّش َر به العديد من الخبراء والدارسين ،وعليه فإن
عد شرطًا أساسيًا من شروط النجاح في قطاعات األعمال المختلفة ،مع
الحصول على المعلومات ُي ّ
92
ضرورة اختيار وسائط اإلعالم المناسبة إليصال هذه المعلومات إلى الجهات المعنية .والمعلومات
تعد من مستلزمات هذا العصر .وقد
التجارية واإلعالنية ما هي إال جزء من المعلومات الشاملة التي ّ
باتت وسائل اإلعالم اإللكترونية هي الوسائل المناسبة في عالم اليوم لمواكبة هذا العصر.
هذا وقد بلغت قيمة عائدات اإلعالنات على ألعاب الفيديو 22مليون دوالر في الواليات المتحدة
عد متواضعة إلى حد ما .على أن شركة األبحاث التسويقية
األمريكية العام ،0226وهي قيمة يمكن أن تُ ّ
"" parks associatesتتوقع أن تشهد السنوات القادمة تناميًا قويًا في هذه العائدات ،بحيث تصل قيمتها
إلى نحو 122مليون دوالر أميركي في الواليات المتحدة األميركية وحدها في غضون خمس سنوات،
بس فيه.
ومن هنا تبرز أهمية قياس اإلقبال على هذه األلعاب على نحو دقيق ال لُ َ
93
طرق تحديد مخصصات اإلنفاق اإلعالني:
من الخطأ النظر إلى اإلنفاق اإلعالني في المنشأة على أنه يدخل في باب التبذير ،وتحميلها نفقات في
غنى عنها ،بل ال بد من االعتماد على اإلعالن كاستثمار إستراتيجي بعيد األمد يتعلق بصورة المنشأة
ال ،وأيضًا كاستثمار تكتيكي مرحلي يتعلق
لدى المستهلكين ،وبخطط الشركة البعيدة كبقائها في السوق مث ً
بأهداف قصيرة ومحدودة ،مثل الدخول إلى أسواق خارجية ،أو طرح منتجات وخدمات جديدة ،وهنا نحتاج
الستخدام أنواع عديدة من اإلعالنات التعريفية والتذكيرية وغيرها.
من هنا ،كان تحديد مخصصات واضحة ومدروسة لإلنفاق اإلعالني على أساس فصلي أو نصف سنوي
أو سنوي أم ًار في غاية األهمية ..ومن المتعارف عليه في هذا اإلطار أن هناك طرق عدة لتحديد
مخصصات هذا اإلنفاق ،بحسب الباحث "أحمد العمار" ،وهي كما يلي:
بناء على مبيعات فترة سابقة ،وغالبًا ما تكون سنة ،وتحتسب الميزانية كنسبة
تحدد ميزانية اإلعالن هنا ً
مئوية من مبيعات العام السابق( ،جرت ال عادة أن تتراوح هذه النسبة بين % 82– 1مع مراعاة جملة
ظروف تتعلق بالمنشأة والسوق وطبيعة األهداف المخططة) ،وتختلف هذه النسبة باختالف الموقف
اإلعالني لكل منشأة .من عيوب هذه الطريقة أنها تنظر إلى اإلعالن على أنه نتيجة للمبيعات وليس
العكس ،ومع أن المصروف على اإل عالن يؤثر في حجم المبيعات ،وكذلك يؤدي األخذ بهذه الطريقة إلى
تقليل اإلنفاق على اإلعالن أو المبالغة فيه خالفاً لما قد يكون مطلوبًا.
94
-3تحديد الميزانية كنسبة من األرباح:
ويمكن أن تحتسب ميزانية اإلعالن ،حسب هذه الطريقة ،كنسبة من أرباح العام السابق أو أرباح العام
ال عن كون هذه الطريقة تكرس
القادم ،ولهذه الطريقة عيوب ومزايا الطريقتين السابقتين نفسيهما ،فض ً
مفهوماً خاطئًا عن اإلعالن بوصفه عبئًا على المنشأة ،ويحرمها بعضًا من مواردها أو يبددها.
وت حسب في هذه الطريقة تكلفة إنتاج الوحدة الواحدة من السلعة ،ثم تضاف إليها التكلفة المتوقعة لتسويقها
واإلعالن عنها ،ثم يضرب ما يصرف على اإلعالن لسلعة واحدة بعدد السلع المتوقع بيعها ،ليشكل الناتج
النهائي ميزانية اإلعالن .مثال:
-تكلفة التسويق المتوقع لاير واحد (نصفها لإلعالن ،أي بواقع نصف لاير لكل وحدة)
وميزة هذه الطريقة أنها تعتبر اإلعالن جزءًا من السلعة ذاتها ،وبالتالي ذا قيمة اقتصادية ،ويقدم منافع
إضافية .ونجاح هذه الطريقة مرتبط بالتقدير الصائب والموضوعي لتكاليف اإلعالن.
وتُ ُّ
عد هذه الطريقة من أفضل الطرق المستخدمة لتحديد ميزانية اإلعالن ،حيث تعتمد على تحديد الهدف
اإلعالني ،ومن ثم تحديد المتطلبات المالية الالزمة لتحقيق الهدف .وتتميز هذه الطريقة بنظرتها لإلعالن
95
كوسيلة لتحقيق هدف ،فقد يكون الهدف تحقيق زيادة في المبيعات مقدارها ( )%02مثالً ،أو الحصول
على حصة من السوق مقدارها ( ،) %82أو بيع عدد ( ) 122.222وحدة من السلعة خالل عام.
تصلح هذه الطريقة في الدول التي تتوافر فيها نسب إنفاق إعالني لبعض الصناعات ،فمثالً نسبة
اإلعالن في الواليات المتحدة لصناعات مثل السيارات واألطعمة واألواني المنزلية ال تتجاوز( ) %81
من إجمالي مبيعات الصناعة.
يجب في هذه الحالة التعرف على ما ينفقه المنافسون ،وفي حال عدم توافر رقم دقيق ،فإنه يتم تقدير ذلك
ويبث من إعالنات ،ما دامت أسعار الوسائل اإلعالنية معروفة.
على ضوء ما ُينشر ُ
تحتاج طريقة تحديد الميزانية بهذه الطريقة إلى معلومات عن سهم السوق ( )Share Marketلكل سلعة
من السلع المنافسة ،وبالتالي مجموع المبالغ التي يصرفها المنافسون على اإلعالن ،فإذا كان أحد منتجي
الحليب الطازج في البلد يرغب في الحصول على ( ) %82من سوق الحليب في البلد ،وتوافرت له
المعلومة االفتراضية التالية:
فإنه سيحدد ميزانية اإلعالن لديه بـ ( )%82من هذا المبلغ ،أي مليوني لاير.
-9الطرق الكمية:
وهنا يتم ا لحصول على كمية اإلنفاق اإلعالني عبر معادالت حسابية ،وفي هذا الصدد هناك نموذج
( ،)Longmanونموذج (.)Vidale Wolfe
96
-11تحديد الميزانية بناء على أسس عدة:
وتجمع هذه الطريقة بين طريقتين أو أكثر من الطرق السابقة ،والهدف من ذلك هو الحصول على أكبر
نسبة من اإليجابيات مع تجنب أكبر قدر من السلبيات.
إذاً ،نستطيع القول :إن اإلعالن أصبح صناعة متطورة ،لها مبرراتها ولها فوائدها على الصعد كافة،
وبات من الطبيعي أن يتأثر اإلعالن بالنمو االقتصادي العام لبلد من البلدان ،وهو أمر طبيعي ،إذ كلما
زادت معدالت الن مو ارتفع حجم اإلنفاق اإلعالني ،من خالل السعي إلنتاج سلع جديدة وتطوير أخرى
قديمة ،وزادت فرص التشغيل ،وقلت البطالة ،وانعكس ذلك كله على القوى الشرائية للمستهلكين.
قدرة هذه اإلعالنات على الوصول إلى عدد كبير جدًا من المشترين المحتملين في شتى بقاع األرض.
اإلعالنات على الشبكة أرخص أحيانًا بالمقارنة مع إعالنات الوسائل التقليدية كالتلفاز والصحف والراديو.
تتيح خدمة الويب لإلعالنات التحكم بدرجة وضوح النصوص والصوت والصورة لالستفادة منها بفاعلية.
تستطيع اإلعالنات على الويب أن تكون أكثر فاعلي ًة أو تكون موجهةً إلى مجموعات أو أفراد ذوي
اهتمامات خاصة.
إن مصدر الدخل الرئيس لمواقع الصحف اإللكترونية هو من اإلعالن المتكرر على كل صفحة ،وهو ما
يسمى بإعالن الالفتة ،وقد جربت طرق عديدة الحتساب قيمة اإلعالن ،منها أن يتم دفع مبلغ لوسيلة
اإلعالن كلما نقر المستخدم على المساحة اإلعالنية طلباً لمزيد من المعلومات ،إال أن هذا األنموذج لم
ينتج إال أعداداً قليلة فقط من المتصفحين تقوم بالنقر على الالفتة اإلعالنية ليتم توجيهها إلى موقع
المعلن ،ولهذا فقد تم اعتماد نظام آخر إلى جانب األول يعتمد على محاسبة المعلن عن كل ألف صفحة
يتم تصفحها ،وبالتالي رؤية اإلعالن عليها ،وهو ما اصطلح على تسميته الكلفة لكل ألف صفحة ،وقد
يبدو هذا األسلوب بسيطاً وحتى بدائياً ،إال أن حقيقة األمر هي غير ذلك فاإلعالن على اإلنترنت يعطي
97
المعلن سيطرة بين وسائل اإلعالن األخرى إليصال رسالته للمستهلك ،فهو يستطيع أن يطلب أال يظهر
إعالنه إال لمتصفحين قادمين من األردن أو من أمريكا أو من أي بلد آخر ،كما أنه يستطيع أن يطلب
إظهار اإلعالن لفئة عمرية محددة ،أو للذكور دون اإلنا ث أو للمهتمين بالرياضة ال لقارئ األخبار
السياسية ،ويتم ذلك باستخدام بروتوكوالت التعريف بالمستخدم من خالل مزودي خدمة الربط بالشبكة
ومن خالل قوائم التسجيل.
من ضمن التحديات التي تطرحها شبكة اإلنترنت على وسائل اإلعالم ال تقليدية ،والتي تكاد تمسح كامل
المجاالت الحياتية لهذه الوسائل نجد:
التحدي االقتصادي:
إن التنافس بين وسائل اإلعالم التقليدية على خبرة اإلعالن التجاري قديم في الزمن ومتعدد األطوار.
وهاهو طرف جديد يبرز على الساحة الختطاف القراء والمستمعين والمشاهدين جالبًا معهم اإلعالنات
التجارية مقلصًا بذلك المداخيل والعائدات العادية لوسائل اإلعالم التقليدية.
صحيح أن نسبة اإلعالن التجاري على اإلنترنت ما زالت خجولة نوعًا ما ،ولكن تطور خدماتها وتحسنها
– خاصة منها التفاعلية – ينبئ بتصاعد مضطرد في الميزانيات المخصصة لإلعالن التجاري على
اإلنترنت.
التحدي المهني:
98
اإلنترنت كوسيلة لعرض الخدما ت التجارية الجديدة غير المعهودة التي على الهيئات ابتكارها عالوة على
اإلعالن التجاري.
وقد تستوجب هذه الخدمات تحالفات مع شركات وقطاعات أخرى ليس لها عالقة باإلعالم.
يتم وضع اإلعالن الترويجي على شبكة اإلنترنت في أعلى مواقع الويب على شكل صور متحركة لها
آلية ربط ،بحيث إذا نقر المستخدم على اإلعالن يتم إرسالها فو اٌر إلى الموقع المعلن ،ورسوم gif
المتحركة هي صور متعددة تعطي إحساسًا بالحركة عند تشغيلها ،ويمكن مشاهدتها أثناء الدوران،
وتتقاضى الشركات المختصة باإلعالن عموالت أو نسب من المبيعات وفقاٌ لعدد مرات مشاهدة اإلعالن،
وقد تكون اإلعالنات في بعض األحيان مجانية .أما طرق اإلعالن على صفحات الويب فهي كما يلي:
أوالً -اليافطات :إن اإلعالن باليافطات هو أكثر األشكال استخداماً في صحف اإلنترنت فهي موجودة في
كل مكان تقريبًا على الويب ،ويجب أن ال يتجاوز حجم ملف صورة اإلعالن 82كيلو بايت ،فكلما كان
الملف صغي اًر كان تحميله أسرع ،ولهذا يعير مصممي اليافطات الكثير من االهتمام لحجم الصورة ،ألن
ِ
المستخدم صبره ،فيغير الصفحة قبل أن يظهر اإلعالن فترات التحميل الطويلة قد تفقد المشاهد أو
ال.
كام ً
وفي الحالة النموذ جية يحتوي اإلعالن على نص قصير ،أو رسالة بيانية قصيرة لإلعالن عن المنتج.
يوجد نوعان من اليافطات يافطة الكلمة المفتاحية keyword bannerواليافطة العشوائية "randon
" ،bannerتظهر يافطة الكلمة المفتاحية عندما نطلب كلمة محددة مسبقًا من محركات البحث ،وهذا
فعال للشركات التي تريد تضييق مجال هدفها أكثر ،بينما اليافطات العشوائية تُستخدم للشركات التي تريد
تقديم منتجاتها الجديدة.
هناك طرق عدة لوضع يافطة إعالن على صحف اإلنترنت ،والطرق األكثر شيوعاً هي:
99
فإن اليافطة (أ) سوف تظهر مانحًا الفرصة لموقع صحيفة
مرة يجري فيها الولوج إلى صفحة الويب (ب) ّ
اإلنترنت (أ) للظهور.
تبادل اليافطات "" :panner exchangeفي كثير من األحيان ال تعمل مبادلة اليافطات بسبب تحقق
شرط التناظر ،غير أنه إذا كان هناك شركات عدة معنية باألمر فإن إيجاد أمر التوافق يكون أيسر ،فمثالً
في حالة شركات عدة بافتراض أن (أ) تستطيع إظهار يافطة (ب) ،في حين ال تستطيع األخيرة إظهار
يافطة (أ) بشكل مناسب لكن بإمكانها إظهار يافطة (ج) ،وهذه األخيرة تعمل على إظهار يافطة (أ).
معظم المبادالت تعرض نسبة اعتماد بحدود 8:0هذا يعني أنه من أجل كل يافطتين تظهران على
موقعك فإن يافطتين تظهر مرة واحدة.
ثانياً -اإلعالن المدفوع " :"paid advertisingإن شراء حيز أو مساحة إعالنية ليافطة على اإلنترنت
عد هذا
هو مشابه تمامًا لشراء مساحة إعالنية في الوسائل التقليدية ،ومع ذلك ففي كثير من الحاالت ُي ّ
الخيار أغلى من الوسائل التقليدية ،أضف إلى ذلك أنك على اإلنترنت محدود بحجم اإلعالن وكمية
ِ
المستخدمينالمحتوى (النص والرسوم البيانية) ،وهذه الحدود هي لضمان عدم نفاذ صبر المشاهدين-
بانتظار أن يظهر اإلعالن ومغادرتهم الموقع قبل الظهور بالكامل.
ثالثاً -الشاشة الومضية الخاطفة لألبصار :الشاشة الومضية هي صفحة ابتدائية لموقع تستخدم لخطف
انتباه المستخدم أو إلخبار المستخدم ماهي نوعية البرمجيات الالزمة لمشاهدة الموقع .الميزة التنافسية
للصفحة الومضية أنها تقدم معلومات وافية وشاملة باستخدام الوسائط المتعددة في زيارة واحدة.
رابعاً -استئجار حيز أو بقعة :تقدم محركات البحث عادةً مكانًا أو بقع ًة من صفحات الويب لصفحة
اإلنترنت الستئجارها من أي شركة ،ومدة اإليجار تعتمد على نص العقد بين موقع الويب للمضيف
والمستأجر ،وخالفاً لليافطات التي تظهر بأوقات متفرقة فإن مكان اإلعالن يبقى مكانه على الدوام ،ومن
ثم فإن التنافس على تلك البقعة سوف يقل .وسيئات هذا النوع من اإلعالن هي أن حجم اإلعالن عادةً ما
100
ِ
المستخدمين كما أن كلفتهيكون صغي ًار ومحدوداً ،األمر الذي يتسبب بعدم مالحظته من قبل المتفرجين-
تكون عالية جدًا.
خامساً -اإلعالنات الخاصة عبر اإلنترنت :تعتمد هذه الطريقة على أساليب توظيف المعلومات المخزنة
ِ
مستخدمين معينين ،وسيتم تخصيص بناء على طلب
بشكل مكثف ليتم بثها في أوقات محددة ،أو ً
اإلعالنات لهؤالء المستخدمين بما في ذلك تقديم المعلومات الشخصية ،مثل اسم المستخدم ،وتصميم
ِ
المستخدم وسلوكه ،كما ويمكن أن يتلقى المستخدم تحية خاصة الصور في اإلعالن لتناسب ذوق هذا
عند زيارته ألحد مواقع الويب .وتصمم اإلعالنات بألوان خاصة تُناسب أذواق الرجال والنساء وسلوكهم
الشرائي ،مما يعطي انطباعاً بأن موقع الويب يتفاعل مع المستخدم بشكل شخصي.
ٍ
بشكل مطرد أعداد مستخدمي اإلنترنت في ستزداد
السنوات القليلة القادمة بمعدالت قياسية في بلدان العالم
الثالث ،كما في البلدان المتقدمة ،وستزداد مع مرور األيام
أعداد مستخدمي مختلف تكنولوجيا االتصال الحديثة،
السيما الهواتف الذكية مما يضاعف فرص بث اإلعالنات
من ِقَبل المعلِن وفرص التعرض لإلعالنات من ِقَبل
الجمهور.
101
كل النهضات االقتصادية التي شهدها العالم منذ الثورة الصناعية ،حيث سيكون من الصعب تجاهل
مكونات اقتصاد اإلنترنت وما تحمله ثورة اإلنترنت من ِقَيم مضافة جديدة وثروات متنوعة للناس أوسع
وأغنى مما جلبته أي تنمية اقتصادية للبشرية منذ الثورة الصناعية.
وجاء في الب حث نفسه أن اقتصاد اإلنترنت العالمي سيساهم بأكثر من 1.0ترليون دوالر في الناتج
المحلي لدول مجموعة العشرين G-20بحلول العام .0286
يقول "داڤيد دين" الشريك في مجموعة بوسطن لالستشارات وأحد ُكتّاب بحث اقتصاد اإلنترنت وتأثيره
على اقتصادات دول مجموعة العشرين :لو اعتبرنا اقتصاد اإلنترنت العالمي بمجمله بمثابة اقتصاد ٍ
دولة
ما ،فإن ذلك سيشير إلى أنها الدولة الخامسة عالمياً خلف اقتصادات أمريكا والصين والهند واليابان .أي
وتعد المملكة المتحدة من أكثر
(صناعية ضخمة) مثل ألمانيا خلفه في الترتيبّ .
ّ أنه سيضع اقتصاد دولة
الدول استفادة من اإلنترنت التي تؤثر كثي اًر على اقتصادها.
أخي ًار ،إن هيمنة الشركات التجارية على ساحة اإلنترنت لم يمنع اإلعالم اإللكتروني من االستفادة كثي ًار
من حيث مده باإلعالنات التي شكلت وتشكل بالنسبة له شريان الحياة الذي ساعده على النمو ضمن هذه
ال بأسلوبه وأخباره ،وحتى المواقع التابعة لوسائل
البيئة الخصبة ،حتى وصل حدوداً جعلت منه مستق ً
إعالم تقليدية أصبحت على مر الزمن مستقلة عن إدارة الوسيلة في طاقم تحريرها ومراسليها وأخبارها
التي تحقق سبقًا في بعض األحيان حتى على الوسيلة األم نفسها.
102
الخالصة:
إذا كان اإلعالن هو من أهم مصادر التمويل بالنسبة لمعظم وسائل اإلعالم ،فاإلعالن نفسه يمتلك
اقتصاده الخاص به ،وتزداد أهمية اقتصاد اإلعالن إذا ما ترافق مع اقتصاد اإلنترنت .لذلك تحدثنا في
هذه الوحدة عن أهمية صناعة اإلعالن وخاص ًة اإلعالن عبر اإلنترنت ،فتطرقنا إلى التسويق واإلعالن و
إلى مستقبل العائدات اإلعالنية في مختلف الوسائط اإلعالمية و إلى اإلعالنات وألعاب الفيديو و إلى
طرق تحديد مخصصات اإلنفاق اإلعالني ،ووجدنا أن اإلعالن هو مصدر التمويل الرئيس لإلنترنت،
فحددنا طرق اإلعالن على صفحات الويب ألهمية ذلك .وعرضنا في هذه الوحدة للتحديات االقتصادية
والمهنية التي تواجه شبكة اإلنترنت بوجود اإلعالم التقليدي متحدثين أيضًا عن مستقبل اقتصاد اإلنترنت
يعد بمثابة اقتصاد دولة من الدول ،وهي الدولة الخامسة
ومؤكدين أن اقتصاد اإلنترنت العالمي بمجمله ّ
عالمياً خلف اقتصادات أمريكا والصين والهند واليابان.
103
تمارين
- Dاإلعالن.
104
الوحدة التعليمية السابعة
ماهية اقتصاد المعرفة
مالمح ظهور اقتصاد المعرفة
األهداف التعليمية:
في نهاية هذه الوحدة التعليمية يجب على الطالب أن يكون قادراً على أن:
105
مالمح ظهور اقتصاد المعرفة:
يعود تاريخ الكتابة عن اقتصاد المعرفة إلى بداية الثمانينات من القرن الماضي ،حيث ُنشرت منذ ذاك
الحين وحتى اآلن العديد من الدراسات واألبحاث العلمية والمقاالت التي تتحدث عن دور وأهمية المعرفة
والعلم والتعلم في االقتصاد أو ما يسمى باقتصاد المعرفة Knowledge economyوهذا نتيجة
للتطورات الهائلة التي حصلت في مجال انتشار تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت ،مع نهاية القرن
العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين أو ما يسمى بالثورة العلمية التكنولوجية المعاصرة.
ظهرت نتيجة لذلك مفاهيم ومصطلحات جديدة في عالم االقتصاد مثل :االقتصاد الرقمي والتجارة
االلكترونية ،والحكومة االلكترونية ،والفائض المعرفي ،والقيمة المضافة للمعرفة ،ومجتمع المعلومات،
واقتصاد المعرفة ،حيث تُرّكز هذه المصطلحات على دور وأهمية المعرفة ورأس المال البشري في تنمية
المجتمعات المعاصرة.
لقد أُجري الكثير من الدراسات حول اقتصاد المعرفة خالل العقود األخيرة من القرن العشرين وهي كتابات
لم تكن تشي ر مباشرة إلى اقتصاد المعرفة كمصطلح واضح المعالم ،إال أنها تدور في فلكه من حيث
األفكار واآلراء.
وربما يكون مارك بورات عام ٧٧١١أول من كتب عن اقتصاد المعرفة وذلك حينما كتب عن اقتصاد
المعلومات وأبعاده وكيفية قياسه.
ثم جاء رومر في عام ٧٧٩١الذي ناقش النظريات النيو كالسيكية التي تَعتبر الطبيعة ورأس المال
وبّي َن أنه في الوقت الراهن أصبح هناك عنصر آخر يكتسب أهمية
والعمل والتنظيم أهم عناصر اإلنتاجَ ،
أكبر في زيادة الناتج المحلي لكثير من الدول المتقدمة ويتمثل هذا العنصر في مدى انتشار المعرفة
ووسائل االتصاالت والتكنولوجيا ،فراح يقترح ما يسمى باقتصاد المعرفة الذي يقوم أساسًا على المعرفة
كأهم عنصر إنتاج.
106
ما هي المعلومات وما فرقها عن المعرفة؟
األول :االستنباط الذي ُيم ّكن اإلنسان من استنباط المعرفة باالعتماد على مفردات منطقية مسبقة مثالً ال
ومنذ أن ركزت المناهج العلمية على الجانب االستقرائي في إنتاج المعرفة دون إغفال جانب االستنباط
بطبيعة الحال فإن عملية إنتاج المعرفة تطورت بصورة متالحقة وخلقت العصر الحديث والذي يعرف
بعصر المعرفة.
فعصر المعلومات هو عصر وجود وسائل تكنولوجيا المعلومات كالكمبيوتر واألقمار الصناعية والهواتف
النقالة وغيرها إال أن هذه جميعها ال ُّ
تك ِون عصر معرفة دون وجود اإلنسان الحر والمتمكن من إرادته
والمستمر في إبداعه ،ولذا فإن إضافة اإلنسان المحترف والمتمرس والواعي لعصر المعلومات هو الذي
يخلق عصر المعرفة.
107
والمؤكد أن أهم ية الجانب المعرفي يكمن في أن أكثر من نصف اإلنتاج في الدول المتقدمة يعتمد على
االقتصاد المعرفي ،ذلك االقتصاد القائم على العامل اإلنساني المتداخل والمسيطر والمستخدم لتكنولوجيا
المعلومات.
أما االقتصاد المعرفي فيعتمد على أصحاب المهارات (وليس أصحاب األموال) وأصحاب العقول العلمية،
وهؤالء ليسوا عماالً أو موظفين ،إنما هم يشتغلون في المعرفة
ومع استمرار التطور فإن كثي ًار من المشتغلين في المعرفة
rokro يديرونها التي الشركات سيملكون وللمعرفة
kgr lronrأو أنهم سيتحولون لمستشارين غير مرتبطين
بشركة واحدة فقط.
أنواع المعرفة:
ال عن اختالف وجهات نظر الباحثين الذين درسوها ويمكن تصنيفها ضمن أربعة أنواع وهي:
فض ً
108
-2المعرفة السببية أو معرفة لماذا:
وهي المعرفة التي تتطلب فهمًا أعمق للعالقات البينية عبر مجاالت المعرفة ،وهذه المعرفة تتطلب
منظو اًر للنظم وبناء إطار للمعرفة يمكن االعتماد عليه في اتخاذ الق اررات النشطة في السياقات
المعقدة وغير المؤكدة ،وهي المعرفة حول المبادئ والقوانين.
-4معرفة من :وهي المعلومات حول من يعرف ماذا أو من يعرف كيفية أداء ماذا؟
هذا فيما يخص أنواع المعرفة حسب تصنيف عدد من الباحثين ،أما إدارة المعرفة فيمكن الحديث عنها
من خالل عمل المؤسسات والدور الذي تلعبه في اإلدارة الصحيحة للمؤسسة من خالل إدارة المعرفة وهي
حصول المؤسسات في سياق أعمالها على معلومات في شكل تقارير ووثائق ورسائل البريد اإللكتروني
ودراسات ونتائج بحوث وبيانات حول المنتجات والخدمات وجميع االتصاالت من جميع المصادر.
وتُ ِّ
شكل بعض المعلومات جزءاً من العمليات الطبيعية للمؤسسة ،ويتم استالم بعض المعلومات دون
طلبها.
كم هائل من المعلومات ،ويمكن القول بأن المؤسسة ينهال عليها معلومات
وبالتالي يتم إنتاج واستالم ّ
ي ،وبعضها يتم إنتاجه داخليًا ،وبعضها يتم استالمه دون طلبه ،مما يؤدي إلى غرق
بعضها ضرور ّ
المؤسسات بالمعلومات.
ويمكن أن ندعو مثل هذا الوضع بالحمل الزائد للمعلومات ففي هذا البحر من المعلومات ،يكون لدينا
معلومات مفيدة وضرورية إلدارة ومراقبة العمليات الجارية ،ويكون لدينا معلومات ذات قيمة الستخدامها
في المستقبل ،على الرغم من أنه قد ال يكون لها فائ دة في الوقت الحالي.
إضافةً إلى ذلك ،يكون لدينا في بركة المعلومات المؤسسية كميَّة ضخمة من المعلومات عديمة الفائدة،
وهو ما يمكن تسميته بالفوضى.
109
وفي المؤسسات التقليدية ،قد تكون المعلومات المعرفة المكتسبة والتي يتم إنشاؤها من قبل المؤسسة
جمعة جزئيًا بأفضل األحوال.
معلومات معرفة ُم َّ
ويكمن الهدف من اإلدارة المنهجيَّة للمعرفة في الحصول على هذه المعرفة التنظيمية وادارتها.
اقتصاد المعرفة:
يعتبر اقتصاد المعرفة فرعًا جديدًا من فروع العلوم االقتصادية ظهر في اآلونة األخيرة ،ويقوم على فهم
جديد أكثر عمقاً لدور المعرفة ورأس المال البشري في تطور االقتصاد ودور المجتمع.
يقوم اقتصاد المعرفة على معطيات العلم والتكنولوجيا ،أو ما يعرف باالستخدام الكثيف للمعرفة ومفرزات
هذه المعرفة من تقنيات ذكية وتحويلها إلى مردود اقتصادي يتظاهر بنمو مطرد يفوق كثي ًار النمو
االقتصادي ا لتقليدي ،في حال وجود عقول تعمل في المخابر وتجرب وتكتشف وتخترع وفي حال وجود
من يتلقف هذه االكتشافات ويحولها إلى مشاريع اقتصادية.
فاألمر إذًا ال يتوقف عند إغراق السوق باالختراعات واالكتشافات والبراءات بل البد أن تجد هذه البراءات
طريقها إلى قلب اقتصاد المعرفة.
عرف بعض االقتصاديين اقتصاد المعرفة على أنه االقتصاد الذي يقوم على أساس إنتاج هذه المعرفة
وي ّ
ُ
واستخدام نتائجها وثمارها وانجازاتها أو باألحرى استهالكها بالمعنى االقتصادي لمفهوم االستهالك،
وبذلك تشكل المعرفة بمفهومها الحديث جزءًا أساسيًا من ثروة المجتمع المتطور ومن رفاهيته االجتماعية.
وثمة تعريف ُي ِ
قرُن اقتصاد المعرفة باقتصاد المنتجات الذكية ،أي أن هذه المنتجات هي بعض مالمح
اقتصاد المعرفة القائم على تكتل المعلومات وتراكمها في جهاز الكمبيوتر الذي يقوم بدوره بتحليلها
وتنسيقها ليتعاطى مع أحداث الواقع بما يتناسب معها تماماً كما يتعاطى معها اإلنسان الراشد.
110
مفهوم اقتـصاد المعــرفة:
لقد استُ ِ
خدمت عدة تسميات لتدل على اقتصاد المعرفة كاقتصاد المعلومات ،واقتصاد االنترنت واالقتصاد
الرقمي ،االقتصاد االفتراضي ،االقتصاد االلكتروني ،االقتصاد الشبكي واقتصاد الالملموسات...الخ ،وكل
هذه التسميات إنما تشير في كليتها إلى اقتصاد المعرفة.
تلق
وفي الغالب تستخدم بطريقة متبادلة ،مما ُي ّبي ُن أن مسالة تحديد تعريف جامع مانع لهذا االقتصاد لم َ
إجماعاً بعد بين أوساط الباحثين والمنظرين ،وعليه سنحاول عرض أهم تلك التعريفات على سبيل المثال
ال الحصر:
اقتصا د المعرفة هو نظام اقتصادي يمثل فيه العلم الكيفي والنوعي عنصر اإلنتاج األساس
والقوة الدافعة إلنتاج الثروة.
اقتصاد المعرفة هو ذلك االقتصاد الذي يعمل على زيادة نمو معدل اإلنتاج بشكل مرتفع على
المدى الطويل بفضل استعمال واستخدام تكنولوجيا اإلعالم واالتصال.
عرفه كما يلي :اقتصاد المعرفة هو اقتصاد جديد فرضته
أما التقرير االستراتيجي العربي فقد ّ
طائفة جديدة من األنشطة المرتبطة بالمعرفة وتكنولوجيا المعلومات ومن أهم مالمحه التجارة
االلكترونية.
أما جمال سالمي فقد عرفه بأنه :نمط اقتصادي متطور قائم على االستخدام واسع النطاق
للمعلوماتية وشبكة االنترنت في مختلف أوجه النشاط االقتصادي وخاص ًة في التجارة
اإللكترونية ،مرتك ًاز بقوة على المعرفة واإلبداع والتطور التكنولوجي خاص ًة ما يتعلق
بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال.
أما منظمة التعاون والتنمية االقتصادية فعرفته بأنه :ذلك االقتصاد المبني أساسًا على إنتاج
ونشر واستخدام المعرفة والمعلومات.
وعرف برنامج األمم المتحدة اإلنمائي عام 3002االقتصاد المعرفي بأنه :نشر المعرفة
ّ
وانتاجها وتوظيفها بكفاية في جميع مجاالت النشاط المجتمعي االقتصادي والمجتمع المدني
ال لترقية الحالة اإلنسانية باطراد أي إقامة التنمية اإلنسانية،
والسياسة والحياة الخاصة وصو ً
ويتطلب األمر بناء القدرات البشرية الممكنة والتوزيع الناجح للقدرات البشرية.
111
ومن خالل ما سبق ،يمكن أن نصل بالقول إلى أن اقتصاد المعرفة هو ذلك االقتصاد الذي ينتج عن
تقدم المعلومات بعد العصر الصناعي ،وهو فرع ج ديد من فروع العلوم االقتصادية يقوم على فهم جديد
حقق فيه
لدور المعرفة ورأس المال البشري في تطور االقتصاد وتقدم المجتمع ،وهو االقتصاد الذي تُ ُ
المعرفة الجزء األعظم من القيمة المضافة ،فهو يقوم على أساس تكنولوجيا المعلومات واالتصال
باعتبارها نقطة االنطالق له ،أ ي أن المعرفة هي العنصر الوحيد في العملية اإلنتاجية ،والمعلومات
والمعرفة هي المنتَج الوحيد في هذا االقتصاد ،وأن المعلومات وتكنولوجياتها تشكل وتحدد أساليب اإلنتاج
وفرص التسويق ومجاالتها.
وقد شهد مفهوم اقتصاد المعرفة تطو ًار كبي ًار في العقود القليلة الماضية مع اتساع استخدام شبكة االنترنت
والتجارة االلكترونية والدفع االلكتروني ،ويقوم هذا االقتصاد على وجود بيانات يتم تطويرها إلى معلومات،
ومن ثمة إلى معرفة وحكمة في اختيار األنسب من بين الخيارات الواسعة التي يتيحها اقتصاد المعرفة،
Knowledge وتجدر اإلشارة إلى أن أول استخدام لمصطلح اقتصاد المعرفة ومجتمع المعرفة
Society and Economyكان في الفصل الثاني عشر Knowledge Economyمن كتاب:
،Peter Drucker The Age of Discontinuityوكثي ًار ما تستخدم مصطلحات متعددة للتأكيد
على جوانب مختلفة القتصاد المعرفة منها مجتمع المعلومات واالقتصاد ،واالقتصاد الرقمي ،وشبكة
االقتصاد الجديد أو اقتصاد المعرفة وثورة المعلومات.
وهنا وجب التمييز بين مستويين أو داللتين مختلفتين لتعبيري اقتصاد المعرفة واالقتصاد القائم أو
المبني على المعرفة ،مشيرة إلى أن:
اء من حيث
الداللة األولى لتعبير اقتصاد المعرفة هي ما يتعلق باقتصاديات عمليات المعرفة ذاتها ،سو ً
التكاليف العملية المعرفية أم الذهنية مثل تكاليف البحوث والتطوير ،أو تكاليف إدارة األعمال االستشارية
أو إعداد الخبراء وتدريبهم من جهة ،وبين العائد أو اإليراد الناتج من هذه العملية باعتبارها عملية
اقتصادية مجردة من جهة أخرى.
112
الداللة الثانية لتعبير االقتصاد القائم على المعرفة فهي تذهب إلى معنى أكثر اتساعًا ورحاب ًة بحيث
اء كان نشاطًا
تشمل حجم قطاعات المعرفة والمعلومات واالستشارات الذهنية داخل نسيج االقتصاد سو ً
سلعيًا أم خدميًا عينيًا أم نقدياً.
ولو أردنا تقديم تعريف مختصر القتصاد المعرفة ألمكننا القول بأنه ذلك االقتصاد الذي يشكل فيه إنتاج
المحرك الرئيس لعملية النمو المستدام ولخلق الثروة وفرص التوظيف في
ِّ المعرفة وتوزيعها واستخدامها
كل المجاالت.
اء
إنه يقوم على أساس إنتاج المعرفة أي خلقها واستخدام ثمارها وانجازاتها ،بحيث تشكل هذه المعرفة (سو ً
ما يعرف بالمعرفة الصريحة التي تشتمل على قواعد البيانات والمعلومات والبرمجيات وغيرها ،أم المعرفة
الضمنية التي يمثلها األفراد بخبراتهم ومعارفهم وعالقاتهم وتفاعالتهم) مصد ًار رئيسًا لثروة المجتمع
ورفاهيته.
اقتصاد قائم على المعرفة لكون المعرفة مقومًا حيوياً ال غنى عنه في كل القطاعات االقتصادية واقتصاد
المعرفة ذاتها بصفتها قطاعًا اقتصاديًا قائمًا بذاته ،له أصوله وخصومه وتكنولوجيته المحورية وصناعاته
المغذية وشبكات توزيعه المحلية والعالمية ومنتجاته الوسيطة والنهائية ويشمل ذلك على سبيل المثال:
أصول البرمجيات وبراءات االختراع وقواعد المعارف ومنتجات صناعة المحتوى من نشر طباعي
والكتروني وانتاج تلفزيوني واعالمي وخدمات االستشارات ومرافق المعلومات.
عبر بعض االقتصاديين عن اقتصاد المعرفة بداللة أخرى أال وهي :االقتصاد القائم على المعرفة أو
لقد ّ
االقتصاد المبني على المعرفة ،ولكن بحكم تسارع التحوالت االقتصادية والتطورات التكنولوجية فقد عمل
بعض الباحثين االقتصاديين على إعادة النظر والتمييز بين هاتين الداللتين المختلفتين للمصطلح:
113
وتدريبهم من جهة ،وبين العائد أو اإليراد الناتج عن هذه العملية باعتبارها عملية اقتصادية
مجردة مثلها مثل اقتصاديات الخدمة السياحية أو الفندقية أو غيرها من جهة أخرى.
الداللة الثانية :تعبير االقتصاد القائم على المعرفة ينصب إلى معنى أكثر
ً
اتساعاً ورحاب ًة بحيث تشمل في داللته حجم قطاعات المعرفة والمعلومات واالستثمارات داخل
نسيج االقتصاد ،وكذلك مدى تغلغل المعرفة والتكنولوجيا في األنشطة اإلنتاجية.
فاالقتصاد القائم على المعرفة يعتبر مرحلة متقدمة من االقتصاد المعرفي ،أي أنه يعتمد على تطبيق
االقتصاد المعرفي في مخ تلف األنشطة االقتصادية واالجتماعية مثل التزاوج بين تكنولوجيا المعلومات مع
قطاعات متعددة كاالتصاالت مثل( :تشخيص األمراض عن بعد إجراء العمليات الجراحية عن بعد،
اإلنتاج عن بعد ،عقد المؤتمرات عن بعد) كلها تجعل االقتصاد مبنياً على المعرفة والعلم ،فالدول
وسخرتها في صناعات تُِّوِلد لها
الصناعي ة الكبرى التي استفادت من منجزات الثورة العلمية التكنولوجية ّ
معارف ومكتشفات جديدة وتقنيات متطورة قد وصلت إلى مرحلة االقتصاد المبني على المعرفة ،أو ما
يمكن أن نسميه مرحلة ما بعد االقتصاد المعرفي ،أما الدول التي تسعى إلى إنتاج المعرفة من ابتكار
واكتساب ونشر واستعمال وتخزين للمعرفة فهي مازالت في طور االقتصاد المعرفي.
قد يشكل وصف المرحلة التي اعتمد فيها اإلنسان بشكل أساس على الطبيعة بالتحول األول بعض من
التحفظ ،باعتبار أن اإلنسان ومنذ نزوله على األرض كان يعتمد على الطبيعة ومواردها بشكل تلقائي،
وبذلك فليست مرحلة المجتمع الزراعي من هذه الزاوية تحوالً ،بل هي امتداد طبيعي ،ونتاج فطري
للسلوك البشري.
114
هذا من ناحية علم التاريخ البشري عمومًا ،ولكن
للتأريخ االقتصادي معايير أخرى اعتُ ِمد عليها
لوصف مرحلة ما بالثورة الزراعية والتي أنجبت
مجتمعها الزراعي باعتبارها التحول األول فخالل
قرون طويلة من الزمن لم يتشكل بالمفهوم
االقتصادي ذلك التكتل البشري الذي قد يعتبر
مجتمعاً يحمل في طياته بذور نموذج اقتصادي
ال ومبعث ًار والنشاط
متكامل ،فعدد السكان كان قلي ً
االقتصادي كان معدومًا وال يتجاوز حدود االكتفاء الفردي.
وعندما بدأت تت جلى مالمح تكتالت بشرية منظمة تعتمد على نشاط الزراعة كأساس لتوفير ما تحتاج إليه
ليسد ضرورياتها من الحاجيات اليومية من خالل دورة نشاط اقتصادي زراعي منظمة ،بدأ عمداء التأريخ
االقتصادي مسارهم في التدوين ،باعتبار تلك المرحلة الثورة الزراعية التي أنجبت مجتمعها الزراعي
بوصفه التحول األول في ظل اقتصاد الطبيعة.
وبدأت هذه الثورة أول ما بدأت على ضفاف األنهار الكبرى في المنطقة القريبة من المنطقة االستوائية
نهر النيل ودجلة والفرات واإلندوس والجانح ونهر الغانج والنهر األصفر (أو هوانغ هو) حيث التربة
الخصبة والمتجددة ،وبذل ك تشكلت لدى تلك المجتمعات ظروف تالءمت بوجه خاص مع وصف
المجتمع الزراعي وهي الحقبة التي سماها المؤرخون بثورة العصر الحجري الحديث والتي دامت على
مدى آالف السنين منذ العام 00آالف قبل الميالد.
وقد اقترن ذلك التحول إلى المجتمعات الزراعية المستقرة (بعد أن كانت المجتمعات زراعية ومبعثرة
ومتنقلة عبر مناطق األرض) بالتسارع في زيادة المهارات التقنية ،ومن ثم اتسع نطاق تشكيل الحجر
ال.
لصناعة األدوات واألسلحة وازداد أسلوب صناعتها صق ً
كذلك فإن امتالك حيوانات أليفة عزز من مهارات تحويل صوف الماشية إلى ألياف لصناعة النسيج،
وأد ى التقدم في استخدام النار والتحكم فيها إلى ابتكار القمائن واألفران لصناعة اآلجر والسيراميك ،ثم
بعد ذلك لتشكيل المعادن ،وتهيأت لإلنسان تقنيات صناعة األدوات المعدنية واستخراج المعادن من
115
خاماتها الطبيعية ثم تشكيلها على هيئة أدوات وغير ذلك مما يريد من مصنوعات ،وهكذا أصبحت
المجتمعات البشرية في وضع ُيمهد لحدوث تحول عميق آخر ينتقل بها إلى بداية المجتمعات الحضارية
عبر اقتصاد اآللة من خالل الثورة الصناعية.
جمعُ الكثير من الدراسات التاريخية أن عملية االنتقال عبر التحولين األول والثاني (من الزراعة إلى تُ ِ
وكان ضروريًا على سكان تلك الحقبات من الزمن ،اللجـوء إلى ما يمكن أن ُيصطلح عليه بعملية
التصنيع بدل عمليات الزراعة والصيد ،ولن يكون استعمال مصطلح التصنيع نافذ المعنى إن لم نقرنه
بمفهوم اآللة ،فاآللـة أساس المصنع والمصنع عمود الصناعة ،والصناعة تحدد معدالت ومستويات
التصنيع ،والتصنيع أنجب مجتمعه الصناعي الذي يحتوى بين طياته اقتصاده الميكانيكي.
لقد شكلت الحرب العالمية الثانية نقطة انعراج في مسيرة البشرية جمعاء ،فبمجرد وصفها حربًا فقد تسببت
في تغيير الكثير من وقائع ومظاهر العالم ،واقتصاديًا وبعد النظر إليها كقدر َح َّل بالبشرية ،يعتبرها
مثل في الثورة العلمية أو التكنولوجية أو المعرفية.
الكثير من المختصين نقطة التحول الثالث ،والذي تَ َ
من أهم ما ميَّز هذا التحول عما سبقه ،نذكر النقاط التالية:
116
اندماج العلوم في منظومات اإلنتاج وتحول المعرفة إلى قوة منتجة.
تقلص المسافة الفاصلة بين ميالد االختراع وتطبيقه على أرض الواقع :ففي حين كان الفارق بين
ظهور اال ختراعات وتجسيدها على واقع الحياة العامة للناس يحتاج إلى سنين طويلة من الزمن
أصبح ذلك الفارق في ظل الثورة المعرفية ال يتعدى بأقصى تقدير بعضاً من السنوات فلم تمض
سوى خمسة سنوات عن اكتشاف الترانزستور حتى عم استعماله صناعيًا ،كما أن الدارة المتكاملة
لم تحتاج سوى لثالث سنوات لتدخل سوق اإلنتاج والحياة العامة للناس.
تحول نمط اإلنتاج العلمي والتقني ،من مرحلة اإلبداع الفردي خالل القرنين 01و 01إلى مرحلة
اإلنتاج الجماعي والمؤسساتي خالل القرن العشرين بمعنى أنه خالل التحولين األول والثاني كان
األفراد هم أساس االخت ارع واالبتكار ،أما في ظل التحول الثالث فقد أصبحت المؤسسات
والجامعات والجمعيات العلمية...الخ هي الرائدة في إنتاج الصناعات االبتكارية والتكنولوجية.
طغيان الطابع األوتوماتيكي على وسائل ودورات اإلنتاج :فخالل مرحلة الزراعة كانت وسائل
اإلنتاج ال تتعدى حدود بعض األ دوات البسيطة ،وبظهور الصناعة تحولت تلك األدوات إلى آالت
ضخمة تعمل بمصادر الطاقة التقليدية كالفحم والبخار ،ولكن الثورة المعرفية طورت تلك اآلالت
وأدخلت ما يدعى بالعقول اإللكترونية ضمن نظام التشغيل لآللة فأصبح نظام تشغيلها أوتوماتيكيًا
دون الحاجة إلى كثير من اليد العاملة.
السيطرة على الالمتناهيات الثالثة :فقد مكنت التكنولوجيا من التحكم في ثالث ال متناهيات هي:
اء في الطبيعة الجامدة كالذرة
السيطرة على الالمتناهيات في الصغر :سو ً o
فيه...الخ.
السيطرة على الالمتناهيات في التعقيد :ويقصد بها السيطرة الذاتية الكاملة على اآلالت o
117
من االقتصاد الصناعي إلى اقتصاد المعرفة:
-1مصدر تكوين الثروة :طالما أن االستثمار في اقتصاد المعرفة يكمن في عقول العاملين والمفكرين
والمخططين ،فإن المعرفة تعد مصد ًار غنيًا ومتجددًا يرفد عمليات اإلنتاج ويغذيها ويشكل أساس تكوين
الثروة في بيئة عمل اقتصاد المعرفة.
-2تطور الرأسمال البشري :لقد تطور مفهوم التوجه نحو العنصر البشري في العملية اإلنتاجية فمن
الحاجة إلى القوة البدنية (كممثل للعنصر البشري) ،إلى الحاجة لبعض الميزات التي يمكن أن يحملها
العنصر البشري والتي تُستثمر في جوانب إدارية ،إلى الحاجة للقدرات الذهنية (المعارف الضمنية
والكامنة) فيه ،وال تي أمست من أهم األشياء المطلوبة في العنصر البشري عند الحديث عن اقتصاد
المعرفة لذلك فإن مفهوم العمالة تطور من العمال اليدويين والحرفيين وأصحاب الياقات الزرقاء أثناء
الثورة الصناعية ،إلى الموظفين اإلداريين والمشرفين في مرحلة ما بعد الثورة الصناعية أصحاب الياقات
البيضاء ،إلى المفكرين والمصممين والمبتكرين أصحاب الياقات الذهبية والذين أصبحوا أهم عناصر
اإلنتاج في بيئة عمل اقتصاد المعرفة.
-3التغييرات والتحسينات المضافة :يؤسس اقتصاد المعرفة لنظرية اقتصادية جديدة ،تختلف في كثير
من مبادئها عن النظرية االقتصادية التق ليدية ،وبالتالي فإن الكثير من أسس النظرية االقتصادية المتعلقة
ال (نماذج
باالقتصاد الصناعي أصبحت مهددة باالندثار ،حيث يعمل الذكاء الصنعي أو االصطناعي مث ً
الحوسبة المتقدمة في الصناعة) على إحداث تغييرات جذرية في مستويات مختلفة من االقتصاد
الصناعي ،إذ أن بإمكان ه أن يقدم دائمًا الحل األمثل للعملية اإلنتاجية بالسرعة والوقت المطلوبين ،مما
ينعكس على ترشيد الخيارات والق اررات وجميع العمليات ،مما يعني اقتصادًا صناعيًا أكثر مرون ًة وايرادًا إذ
أن استخدام التقانات الحديثة والذكاء الصنعي يؤدي إلى خفض التكاليف في ٪ ٩٧من المؤسسات
والشركات ،ويؤدي إلى تحسين صنع القرار في ٪ ٩١منها ،وكذلك تحسين اإلنتاجية في ٪ ١٧من تلك
الشركات ،حسب تقرير إحدى الدراسات ،أنظر الشكل رقم (.)0
118
مقارنة بين اقتصاد مجتمع المعرفة واقتصاد عصر الصناعة
119
شبكية ديناميكية تجمع بين مركزية نمط إدارة مركزية هرمية استثنائية.
اإلنتاج والتوزيع وال مركزية السيطرة. اإلدارة تنظيمات فعلية.
تنظيمات خالية .virtual massوالتنظيم (كتلي) جملي إنتاج
إنتاج ال كتلي .Demassified .production
التنافس مع التعاون).(co- petition زيادة القدرة التنافسية.
الشكل رقم ()1
120
فوائد االقتصاد المعرفي:
من خالل الدراسات الميدانية واألكاديمية التي قام بها الباحثون في هذا المجال معتمدين
على قدرة أي بلد في االستفادة من اقتصاد المعرفة من أجل الوصول إلى قمة اإلبداع
معتمدين على التعليم من جهة واالستخدام األمثل والعقالني للتكنولوجيا الحديثة المواكبة ألي
زمان ومكان يمكن تلخيص فوائد االقتصاد المعرفي بما يلي:
االقتصاد المعرفي يدعم مرحلة الطفولة المبكرة نظ ًار للتأثير القوي واالستعداد للتعلم منذ بداية
العمر.
تحسين نوعية الخدمات الضرورية لمرحلة الطفولة المبكرة.
تحقيق تغيرات وتحسينات أساسية وضرورية للمستقبل.
تحقيق مخرجات ونواتج تعليمية مرغوبة وجوهرية.
يعطي المستهلك ثقة أكبر وخيارات أوسع.
يصل إلى كل محل تجاري ومكتب وادارة ومدرسة.
يحقق التبادل إلكترونيًا.
يغير الوظائف القديمة ويستحدث وظائف جديدة.
يقوم على نشر المعرفة وتوظيفها وانتاجها في المجاالت جميعها.
يرغم المؤسسات كافة على التجديد واإلبداع واالستجابة الحتياجات المستهلك أو المستفيد من
الخدمة.
له أثر في تحديد :النمو ،واإلنتاج ،والتوظيف ،والمهارات المطلوبة.
121
منظومة اقتصاد المعرفة والتغيرات الجذرية التي طرأت على ركائز منظومة االقتصاد:
تناول الباحث نبيل علي منظومة اقتصاد المعرفة مرك اًز على التغيرات الجذرية التي طرأت على الركائز
األساسية التي تقوم عليها منظومة االقتصاد ،والتي نوجزها هنا بداللة مجموعة من النقالت النوعية:
مفهوم القيمة :النقلة من ثنائية قيمتي التبادل والمنفعة إلى رباعية تشمل عالوة على ذلك الثنائية
التقليدية قيمة المعلومات والقيمة الرمزية ،كذلك المتعلقة بالهوية الثقافية على سبيل المثال.
مفهوم الملكية :النقلة من الملكية المادية التي يسهل حصرها وتوثيقها وحمايتها إلى الملكية
الفكرية التي يصعب تحديدها وحمايتها.
عالقة اإلنتاج باالستهالك :النقلة من نضوب الموارد المالية مع زيادة استهالكها إلى عكس ذلك
فيما يخص الموارد المعرفية التي تنمو مع زيادة استهالكها ،إضافة إلى النقلة النوعية من نمط
اقتصادي قائم على طور اإلنتاج إلى نمط اقتصادي قائم على طور إعادة اإلنتاج من أمثلة
استنساخ البرامج ووسائط الموسيقى واألفالم وخالفها.
عالقة العرض بالطلب :النقلة من التركيز على جانب العرض (حيث كان الوضع فيما مضى أن
تعرض التكنولوجيا كل ما في وسعها أن تنجزه) إلى التركيز على جانب الطلب ،بعد أن أمست
التكنولوجيا ذات قدرة إنجاز هائلة ،وليس كل ما في وسعها أن تنجزه يمكن لألسواق أن
تست وعبه ،حيث يتوقف ذلك على توافر الطلب االجتماعي عليها.
نمط اإلدارة :النقلة من إدارة ذات نمط مركزي تقوم على سريان السلطة من أعلى إلى أسفل إلى
إدارة ذات نمط ال مركزي يتصاعد فيه قدر السلطات ،ومن ثم المسؤوليات من أسفل إلى
أعلى ،وذلك بعد أن أضحى أداء المنشآت رهناً إلبداع عمالتها ال صرامة إدارتها.
من زاوية أخرى نظ اًر إلى اعتماد اقتصاد المعرفة ،كما أوردنا سابقًا ،على طور إعادة اإلنتاج أي استنساخ
السلع والخدمات من دون استهالك مزيد من المواد وطاقة العمل أو لنقل استهالك قدر طفيف منها ،لذا
وفقًا لما يراه الكثيرون فقد أ صبحت التنافسية ،في هذا االقتصاد الالمادي ،تعتمد على ما يتعذر استنساخه
من أمور أساسية من قبيل العناصر االبتكارية في التصميم واإلنتاج والتسويق ،أو عوامل ثانوية من قبيل
سرعة العثور على المعلومات ،وتقديم الدعم للمتلقي ،لكي يصبح أكثر قدرة على تأويل المعلومات
واكتشاف ما تحمله في ثناياها من معرفة ذات مغزى.
122
الخالصة:
شهدت العقود األخيرة من القرن العشرين ظهور اقتصاد المعلومات ومالمح ظهور اقتصاد المعرفة التي
تتميز بأنواع عديدة مثل المعرفة اإلدراكية والسببية واإلجرائية.
كانت نشأة اقتصـاد المعرفة مبنية على ثالث تحوالت بثالث اقتصادات كبرى في المجتمع اإلنساني من
المجتمع الزراعي أو اقتصاد الطبيعة إلى المجتمع الصناعي أو اقتصاد اآللة ثم إلى المجتمع المعرفي أو
اقتصاد المعرفة واالقتصاد القائم على المعرفة.
من سمات االقتصاد المعرفي :االستثمار في الموارد البشرية باعتبارها رأس المال الفكري والمعرفي،
انتقال النشاط االقتصادي إلى إنتاج وصناعة الخدمات المعرفية ،توظيف تكنولوجيا المعلومات
واالتصاالت بفاعلية ،االستخدام الكثيف للمعرفة العلمية والمعرفة العملية وتحول المعلومة إلى سلعة.
من فوائد اقتصاد المعرفة أنه ُيرغم المؤسسات على التجديد واإلبداع واالستجابة الحتياجات البشر وله
أثر مهم في تحديد النمو واإلنتاج والتوظيف وغير ذلك.
123
التمارين:
124
الوحدة التعليمية الثامنة
طبيعة ومكونات وخصـائص اقتصاد المعرفة
األهداف التعليمية:
في نهاية هذه الوحدة التعليمية يجب أن يكون الطالب قاد ًار على:
أن يعرف الطالب بالتفصيل الدقيق طبيعة وخصائص ومكونات ومنطق اقتصاد المعرفة
أن يتمكن من التمييز بين خصائص اقتصاد المعرفة وخصائص االقتصاد التقليدي من خالل
المقارنة بينهما
أن يعرف الطالب مؤشرات اقتصاد المعـرفة وأهمية توافرها لدخول الدول في اقتصاد المعرفة
أواالقتصاد الجديد
أن يستوعب الطالب القوى الدافعة القتصاد المعرفة والمتمثلة في في العولمة وثورة المعلومات
وانتشار الشبكات الحاسوبية وربطها مع شبكة االنترنت
125
سمات وخصـائص اقتصاد المعرفة:
ينفرد اقتصاد المعرفة بسمات تميزه عن االقتصاديات التقليدية السابقة ،الصناعية والزراعية من حيث
التقنيات والعلم والهدف ومصدر الطاقة وطبيعة اإلنتاج .وعليه يتمتع اقتصاد المعرفة بسمات عديدة هي:
-االستثمار في الموارد البشرية باعتبارها رأس
المال الفكري والمعرفي.
-االعتماد على القوى العاملة المؤهلة
والمتخصصة.
-انتقال النشاط االقتصادي من إنتاج وصناعة
السلع إلى إنتاج وصناعة الخدمات المعرفية.
-اعتماد التعلم والتدريب المستمرين واعادة
التدريب ،فالتعليم أساسي في العملية اإلنتاجية
والتنافسية االقتصادية ،ولهذا يتعين على
الجهات المعنية أن توفر اليد الماهرة والمبدعة
وأن تجد الكادر القادر على دمج التكنولوجيا
في العمل ،وال يتحقق ذلك إال بتطوير المناهج
التعليمية وتحديثها ،والمثابرة على تأمين برامج
التعلم مدى الحياة.
-توظيف تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت ( )ictبفاعلي ة ،فالبنية التحتية المبنية على أساس
تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت تسهل نشر واستثمار المعلومات ،وتكيفها لصالح االحتياجات
المختلفة.
-االستخدام الكثيف للمعرفة العلمية والمعرفة العملية المتطورة عالية التقنية وتوظيفها في أداء النشاط
االقتصادي لتحقيق أعلى نتائج متوقعة حيث يتسم اقتصاد المعرفة بالقدرة على توليد واستخدام
المعرفة ،أو بمعنى آخر القدرة على االبتكار ،إذ ال يمثل فقط المصدر األساس للثروة ،وانما ُيعد
أساس الميزة النسبية المكتسبة في االقتصاد الجديد ،فالمعرفة هي الوسيلة األساسية لتحقيق كفاءة
عمليات اإلنتاج والتوزيع وتحسين نوعية وكمية اإلنتاج وفرص االختيار بين السلع والخدمات
126
اء بالنسبة للمستهلكين أم المنتجين إن المعرفة متاحة بشكل متزايد لكافة األفراد ويتمالمختلفة سو ً
توفيرها بصورة تتوافق واالحتياجات الفردية واالجتماعية بما ِّ
يمكن كل فرد من اتخاذ الق اررات بصورة
أكثر حكمة في كافة مجاالت الحياة.
ال للجهد العضلي بل واحالل العمل الفكري عالي المستوى محل
-االعتماد على رأس المال الفكري بدي ً
العمل الفكري األدنى بحيث ُيثار تنافس مستمر بين ما هو قائم وما يمكن أن يكون مما يقود إلى
حركة فكرية مستمرة.
نفتح على العالم ،ألنه ال يوجد اقتصاد يمكنه خلق واحتكار المعرفة دون
اقتصاد م ٌ
ٌ -اقتصاد المعرفة
أن يشارك أو يستورد المعارف الجديدة من اآلخرين ،كما أن المناخ االقتصادي على المستوى الكلي
في االقتصاد المبني على المعرفة يجب أن يكون مشجعاً لالستثمار في المعرفة والمعلومات والقدرة
على االبت كار ،وهو أمر في غاية األهمية ،ألن ضمان ديمومة االقتصاد المبني على المعرفة
يقتضي ضرورة تشجيع االستثمار في المستقبل ،والذي قد تكون معدالت العائد عليه منخفضة أو
محدودة ،ولذا تحتاج مثل هذه المجاالت إلى دعم السياسة االقتصادية في الدول التي تسعى نحو
تحقيقاالقتصاد المبني على المعرفة.
-مرونة فائقة وقدرة على التطويع والتكيف مع المتغيرات والمستجدات الحياتية التي يتسارع معدل
تغيرها ويتكاثف حجم تأثيرها.
-يملك القدرة الفائقة على التجدد والتواصل الكامل مع غيره من االقتصادات التي أصبحت تتوق إلى
االندماج فيه حتى إنه يصعب فصله عنها أو الحديث عنه من دونها أو اإلشارة إليها من دون
أنيكون له موقفاً منها.
-يملك القدرة على االبتكار وايجاد وتوليد وتوالد منتجات فكرية ومعرفية وغير معرفية جديدة تماماً لم
تكن تعرفها األسواق من قبل ثم يساعد على خلق وايجاد المنتجات غير المسبوقة واألكثر إشباعًا
فعال من
واقناعاً للمستهلك والموزع والمتعامل معه وفيه وبه واالبتكار أيضاً يعني إيجاد نظام ّ
الروابط التجارية مع المؤسسات األكاديمية وغيرها من مراكز البحوث القادرة على مواكبة
ثورةالمعلومات المتنامية واستثمارها وتكييفها مع االحتياجات المحلية.
-تحقيق قيمة م ضافة مرتفعة لتمركز المعرفة في مجموعات محددة من ذوات القدرات عالية المستوى
مجاالت خلق القيمة المضافة فيه متعددة ومتنوعة وممتدة ومتجددة وذوات طبيعة تزامنية متدفقة،
127
ِ
المضمون والمحتوى فإنها في الوقت ذاته ثرية وغنية وتكاد تكون ال نهائية وهي إن كانت تناسبيةُ
وتعطي تأثيرها الحافز على مجاالت هذا االقتصاد كافة.
-ال توجد موانع للدخول إليه وال توجد أبواب مغلقة عليه ،بل هو اقتصاد مفتوح بالكامل ومن ثم ال
توجد فواصل زمنية أو عقبات مكانية أمام من يرغب بالتعامل معه وبه ،بل كل الذي يحتاج إليه
معرفة عقلية وارادة تشغيلية ووعي كامل بأبعاد وجوانب هذا االقتصاد ومسؤوليته االلتزام التقاني بكل
ما فيه واحترام دقيق لحقوق األطراف المختلفة.
-أن اقتصاد المعرفة قائم على ذاته وقائم على عالقاته مع االقتصاديات األخرى ،وهو بعالقاته
القة ،ومن ثم فإن الصراع عليها يعتمد
وارتباطاته دائم الحركة ودائم البحث عن أصحاب العقول الخ ّ
على قدرة المشروعات ونظم المعلومات على جذب هذه العقول وتوظيفها.
-توفير الحوافز االقتصادية القوية ضمن أطر قانونية واضحة لها دور كبير في عملية اإلنتاج والنمو
على أن يكون من أهداف هذه الحوافز جعل تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت أكثر تواف ًار وأسهل
استخداماً ،وأن تعمل على تخفيض التعريفات الجمركية على منتجات التكنولوجيا وزيادة القدرة
التنافسية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
-تحقيق عائد استثماري مرتفع نظ ًار للتنافس والتفرد من قبل مجموعات محددة قد تحتكر السوق.
-يحقق اقتصاد المعرفة تناقصًا في التكاليف وبالتالي زيادة في العوائد نظ ًار الختصار الوقت واحتكار
المعرفة من ِقَب ْل أصحاب الكفاءات العالية.
-يتسم اقتصاد المعرفة بالتغيرات المتسارعة نظ ًار لحصول اكتشافات متتابعة ومتسارعة.
-تفعيل عمليات البحث والتطوير كمحرك للتغيير والتنمية.
-ارتفاع الدخل لصناع المعرفة كلما ارتفعت وتنوعت مؤهالتهم وخبراتهم وكفايتهم.
-عقود العمل هي أكثر مرونة ومؤقتة ومرتبطة بالمهمة.
-لم تعد الموجودات الفيزيائية للشركة تشكل عامل أساس في تقييم الشركة المالي.
-لم يعد كبر حجم الشركة يتطلب زيادة في التكاليف وبالتالي يحد األرباح.
-لم يعد هناك مواقع مالية أو تقنية تمنع النفاذ للمعلومات.
-لم يعد تأسيس شركات عالمية يتطلب استثمارات مالية ضخمة.
-تحول المعلومة إلى سلعة يمكن االتجار بها والى قيمة تبادلية وقيمة استعماليه.
128
-ال تمثل المسافات أياً كانت أبعادها أي عائق أمام عملية التنمية االقتصادية أو االتصال أو التعليم
أو نجاح المشروعات أو االندماج الكامل في المجتمع بشكل عام.
-إن كل فرد في المجتمع ليس مجرد مستهلك للمعلومات ،ولكنه أيضاً صانع أو مبتكر لها.
اء في مجال البحوث أم مجاالت التقنيات الذكية.
-يقتضي اقتصاد المعرفة إمكانات ضخمة سو ً
تجدد الحاجة إليه والرغبة والطلب على منتجاته المعرفية التي تدخل في كل نشاط ،وفي كل
ع مل ،وفي كل وظيفة وبشكل متصاعد إلى درجة يمكن القول باستحالة قيام نشاط ما بدون
المعرفة.
ومن خالل استعراضنا لخصائص وسمات اقتصاد المعرفة ،يمكننا أن نلخص أهم السمات التي تميز
االقتصاد المعرفي عن االقتصاد التقليدي على شكل مقارنة من خالل عرض الجدول التالي انظر الشكل
رقم (:)2
129
الكامل للقوى العاملة دون تحديد مهارات مميزة لألجور والتوسع في استخدام القوى العاملة ذات
المهارات العالية التي تتفاعل مع التعليم والتدريب ألداء العمل.
المستمر.
-أنه اقتصاد ندرة ،حيث تنضب موارده بكثرة -أنه اقتصاد وفرة ،حيث تزداد موارده (المعرفة)
بكثرة االستخدام. االستخدام.
-خضوع االقتصاد الزراعي لقانون تناقص -خضوع االقتصاد المعرفي لقانون تزايد العوائد
العوائد (تزايد التكاليف) ،واالقتصاد الصناعي (تناقص التكاليف) مع االستمرار في االستخدام.
لقانون ثبات العوائد (ثبات التكاليف) مع
االستمرار في االستخدام.
-العالقات بين اإلدارة والقوى العاملة في -العالقات بين اإلدارة والقوى العاملة في
االقتصاد المعرفي تتسم بعدم االستقرار ،إذ ينتفي االقتصاد التقليدي تتسم باالستقرار.
مبدأ التوظيف مدى الحياة.
-العالقة بين قطاعات األعمال والدولة غير -العالقة بين قطاعات األعمال والدولة في
متكافئة ،إذ تفرض الدولة سيطرتها وتصدر االقتصاد المعرفي قائمة على التحالف والتعاون.
أوامرها طبقا لمتطلبات الدولة وتوجهاتها
االقتصادية.
-ليس مقيدًا بزمان أو مكان. -مقيد بزمان ومكان.
الشكل رقم ()2
130
مؤشرات اقتصاد المعـرفة:
أنشأ البنك الدولي ما يعرف بـ منهجية تقييم اقتصاد المعرفة Knowledge assessment
Methodologyوهي عبارة عن مؤشرات الهدف من ها مساعدة الدول على تحديد الفرص والتحديات في
عملية التحول إلى اقتصاد المعرفة ،وتضم هذه المنهجية 901مؤش ًار (أو متغي ًار) مقسمًا على 4أسس أو
ركائز لقياس أداء الدول في مجال اقتصاد المعرفة ،هذا المقياس يمتد من درجة الصفر ( )0إلى درجة
العشرة ( ،)90فكلما اقترب المؤشر من العشرة كان ذلك دليالً على مستوى أفضل من اقتصاد المعرفة
التحول إلى اقتصاد المعرفة وكلما اقترب المؤشر من
ّ ويبين على أن الدولة في الطريق الصحيح من
ال على أن الدولة مازالت في بداية
الصفر كان ذلك دلي ً
الطريق.
إن للموارد البشرية أهمية كبرى في عمل النشاطات االقتصادية وتنميتها وتطويرها خاصة في ظل اقتصاد
المعرفة وما يتضمنه من تقنيات متقدمة ،إال أن المؤشرات المعروفة جدًا لدراسة هذا البعد من اقتصاد
131
المعرفة ما تزال قليلة وذلك يعود من جهة إلى نقص األعمال في هذا المجال ومن جهة أخرى إلى
صعوبة قياس كفاءات األفراد مباشرة.
ولمؤشرات الموارد البشرية مصدران رئيسان على قدر كبير من األهمية وهي
البيانات المتعلقة بالتعليم والتدريب.
البيانات المتعلقة بالكفاءات أو بمهن العمال.
وتسمح المؤشرات القائمة على البيانات المتعلقة بالتعليم والتدريب بتقييم المعارف والمهارات أو (الرأسمال
البشري) المتكسبة خالل العملية الرسمية للتعليم ،وتسمح هذه المؤشرات أيضًا بتقييم المخزون واالستثمار
في الرأسمال البشري.
تُجمع إحصاءات التعلم على قاعدة دولية من قبل منظمة التعاون والتنمية االقتصادية واليونسكو وادارة
ادة لبضع أعوام ،ويعد هذا المؤشر على درجة عالية
اإلحصاء في المجموعة األوروبية ،وهي تتوافر ع ً
من األهمية لما له من تأثير مباشر على ثورة التكنولوجيا والمعرفة من حيث زيادة نسبة المتخصصين في
مجاالت المعرفة المختلفة وبالتالي زيادة اإلنتاجية ،كما أن مؤشر التعليم والتدريب يسمح بتقديم المخزون
واالستثمار في الرأسمال البشري.
132
في مجال المعالجة ،التخزين وتبادل المعلومات.
تعزز تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت الجديدة ظهور وازدهار صناعات جديدة مثل :وسائل
اإلعالم المتعددة ،التجارة اإللكترونية ،الجداول اإللكترونية...الخ.
أنها تحث على اعتماد نماذج تنظيمية أصلية بهدف استخدام أفضل لإلمكانيات الجديدة لتوزيع
ونشر المعلومات.
وقد وضع مؤتمر األمم المتحدة للتجارة والتنمية لتكنولوجيا المعلومات واالتصاالت ،مجموعة من
المؤشرات تتيح بناء القدرات في تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت بين البلدان ،وهذا استنادًا إلى مجموعة
من المعايير التي بموجبها تتيح لصانعي القرار والسياسة استنباط سياسات مناسبة ومالئمة لوضع خطط
عمل مستقبلية.
ويدخل ضمن هذا المؤشر كل العمليات ذات العالقة بالحواسيب خاصةً إذا ما تعلق األمر بعدد
الحواسيب لكل ألف نسمة من السكان ومستخدمي شبكة االنترنت ،إذ يعبر عدد مصنفي االنترنت عن
مدى حضور البلد في االنترنت والمصنف هو اسم مجال له عنوان مسجل في بروتوكول االنترنت مرتبط
به فاألسم ( )FRيدل على أن المضيف من فرنسا.
وفي معظم األحيان تنتهي باألسماء ( )COM. NETوفي أغلب مجاالت االنترنت تنتهي بـ)EDU( :
مما يدل على أن الموقع تعليمي أو على صلة بمؤسسة تعليمية.
ابتداء ،ترتكز اقتصاديات المعلومات على ثالثة أعمدة جوهرية هي الحصول على البيانات ومعالجتها من
ً
خالل نظم المعلومات والمحتوى المعلوماتي الذي يمثل مخرجات هذه النظم وشبكات االتصاالت التي
تمثل قنوات تدفقات البيانات من مصادرها إلى النظم ،وتدفق المعلومات من النظام إلى الجهات المستفيدة
منها.
قبل الحديث عن األهداف التي يسعى إلى تحقيقها علم اقتصاديات المعلومات نرى أنه من الضروري
اإلجابة عن التساؤالت التالية:
ماذا تنتج ؟ أي ما هي المعلومات التي يرغب المستفيدون في إنتاجها وبأي كميات؟
133
كيف تنتج؟ أي ما هي المعلومات التي يمكن اتباعها في
إنتاج هذه المعلومات؟
لمن تنتج؟ أي تحديد الجهات المستفيدة من هذه
المعلومات وآلية توزيع هذه المعلومات إلى الجهات؟
القوى الدافعة الرئيسة التي لها القدرة على تغيير قواعد التجارة والقدرة التنافسية في ظل اقتصاد المعرفة
هي:
134
انتشار الشبكات الحاسوبية :nnlwrobIl GIbmlltoGوربطها مع شبكة االنترنت،
ال.
ال ال قو ً
جعاللعالم قري ًة واحدةً فع ً
ومؤخ ًار ازدادت عمليات إنتاج وتطوير السلع والخدمات على أنواعها وصارت في أكثر األحيان تُباع
وتُشرى من خالل الشبكات االلكترونية ،مما زاد الحاجة إلى تعلم واستيعاب كيفية استخدام التكنولوجيا
الجديدة وتطبيقاتها ،وقد ساهمت هذه القوى أيضاً في توسع وازدياد اإلنتاج العالمي بسبب العوامل
طويلة األمد التالية:
oتحرير السياسات االقتصادي ة وتالشي الحدود بين البلدان األمر الذي أفسح المجال أمام كل
أنواع االستثمار األجنبي المباشر وغير المباشر وزيادة التشابكات الرأسمالية المختلفة.
oالتغيرات التكنولوجية السريعة وانخفاض تكاليف المواصالت واالتصاالت جعل من الممكن
اقتصادياً إجراء تكامل بين النشاطات االقتصادية المتباعدة جغرافيًا.
oالمنافسة المتزايدة ح ّفزت الشركات على إتباع طرق مستحدثة لزيادة نشاطاتها االقتصادية بما
في ذلك إيجاد أسواق جديدة وتغيير أماكن اإلنتاج وغير ذلك بهدف االختصار من الوقت
واإلقالل من التكاليف.
135
تكنولوجيا المعلومات والرقميات واإلنترنت والضمنية هي التي تبقى في رؤوس األفراد وتعمل في
تفاعالتهم السياقية وكالهما ضروري في إنشاء الثروة في اقتصاد المعلومات.
-3األصول البشرية والالملموسات :إذا كانت األرض هي قاعدة الثروة في االقتصاد الزراعي واآللة
في العصر الصناعي فإن المعرفة والقوة الدماغية هي قاعدة الثروة في اقتصاد المعرفة ،خاص ًة
ٍ
عصر يشهد ازديادًا في استخدام تكنولوجيا المعلومات والرقميات واإلنترنت .وعليه ،تتسم في
ال ال ملموسة وهذا ما يجعل المعرفة بمثابة
األصول البشرية المتعلقة بالمعرفة بكونها أصو ً
اقتصاد الالملموسات.
-4الخصائص والقواعد الجديدة :إن المعرفة هي التي تمثل المورد القاعدة في االقتصاد الجديد
والمعرفة لها خصائص جديدة في مقدمتها هو إن األصول المادية أصول نهائية تستهلك
باالستخدام وتخضع للمبادلة في حين أ ن أصول المعرفة هي أصول ال نهائية يمكن أن تبقى
ال وتوليدها بال حدود مادامت التكلفة الحدية أقرب إلى الصفر.
طوي ً
هذه الخصائص هي التي تجعل اقتصاد المعرفة يقوم على مبادئ وقواعد جديدة في مقدمتها تزايد العوائد
بدالً من تناقصها.
يتضح مما سبق أن هذا النظام يرتكز على عدة مرتكزات أهمها:
-1ملكية المعرفة
-2األسواق المالية
-3تدريب عمال المعرفة
-4إرضاء الزبائن
-5الحاجة للتعلم وظاهرة التوظيف.
136
كفاءات اقتصاد المعرفة:
أثار التطور الهائل لتكنولوجيا المعلومات واالتصال نقاشاً كبي اًر بين الباحثين حول الكفاءات التي يتطلبها
االقتصاد الحديث ،حيث ظهرت للوجود وظائف جديدة ومتنوعة ومتخصصة وارتفعت نسبة الوظائف التي
تتطلب كفاءات عالية وقد أصبح للمهارة دو ًار مهمًا ليس في القطاعات التي تعتمد على المعرفة فحسب
بل في كل القطاعات األخرى.
إن اقتصاد المعرفة يتطلب يدًا عامل ًة ذات كفاءة ومهارة عالية ومتخصصة وكذلك متنوعة ،حيث يعتبر
بعض الباحثين أن معرفة القراءة والكتابة والحساب لم يعد كافيًا ألداء العمل وكذلك بالنسبة للتعليم
النظامي وقد ظهرت الحاجة إلى تحسين األداء الوظيفي.
ومن هذا المنطلق ظهرت المعاهد العالية المتخصصة والتي ساهمت في تكوين العمال من أجل رفع
مهاراتهم وزيادة كفاءتهم ،وهنا ظهرت أنواع جديدة من التعلم كالتعلم االلكتروني والتعلم عن بعد والتعلم
مدى الحياة Life long learningوكذلك التدريب والكوتشينغ coachingفاالستراتيجيات الحديثة ال
تعتمد فقط على المتطلبات األساسية كالمستوى التعليمي والشهادات المتحصل عليها ولكنها امتدت إلى
المهارات الشخصية ،حيث بينت إحدى البحوث حول معايير التوظيف في الواليات المتحدة األمريكية أن
المعيار األساس هو مهارات التواصل intra personal and communication skillsتليها الخبرة
والتجربة.
وبينت الدراسة أن مهارات التواصل والقدرة على التعلم والعمل الجماعي ومهارات حل المشكالت هي من
بين المعايير الرئيسة في التوظيف في المملكة المتحدة ،فمهارات التواصل والتحفيز واألخذ بزمام المبادرة
لها تأثير كبير داخل المنظمات.
.9التجريد .abstraction
137
.2نظام التفكير .system thinking
.3التجريب .experimentation
.4التعاون .collaboration
وقد عرف قطاع الخدمات تغييرات تنظيمية كبيرة وهذا ما جعله يوظف نسبة كبيرة من العاملين في مجال
المعرفة ،وقد أظهرت بعض الدراسات في الدول المتقدمة زيادة الطلب على هذه الكفاءات ،وهذا من أجل
مواجهة التغيرات الحاصلة في المحيط من خالل قدرتها على التأقلم مع محيط غير واضح المعالم ودائم
التغير ،وكذلك مع إجراءات العمل غير الروتينية والقدرة على تحمل المسؤوليات واتخاذ أفضل الق اررات.
من وجهة نظر أخرى ،تلعب اإلنترنت دو ًار رئيسًا في اقتصاد المعرفة خاصة فيما يتعلق بالمنتجات
الرقمية التي يمكن توزيعها عبر الشبكة ،كالبرمجيات والكتب والتسجيالت الموسيقية والخدمات البنكية
والخدمات ال تعليمية واألغاني وأفالم الفيديو وما شابه ،ومن أبرز المؤشرات على األهمية االقتصادية
لإلنترنت أنها أوجدت في الواليات المتحدة ما يزيد عن 3ماليين فرصة عمل بما يوازي ضعف قطاع
صناعة العقارات ،وقد زاد اإلنفاق العالمي على صناعة ت م ص (تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت) من
2,2تريليون دوالر في العام 9111إلى 3تريليونات دوالر عام ،2003واذا نظرنا إلى حجم التجارة
اإللكترونية ما بين شركات األعمال ) (B2Bفقد زادت من 9,2تريليون دوالر عام 9111إلى 90
تريليونات دوالر عام ،2003أما حجم التجارة اإللكترونية بين الشركات والمستهلك ) (B2Cفقد زادت
خالل الفترة من 9111إلى 2004من 19مليار دوالر إلى 223مليار دوالر في العام .2004
لقد غيرت اإلنترنت بصورة جذرية من أسلوب عمل المؤسسات االقتصادية ،واستحدثت نماذج جديدة
للقيام بنشاط األعمال ،وهكذا أمتزج اقتصاد المعرفة الذي يمثل بصورة تقريبي ة اقتصاد شق المحتوى ،مع
ما يمكن أن نطلق عليه اقتصاد االنترنت الذي يمثل في هذه المنظومة االقتصادية الجديدة وبصورة
تقريبية أيضًا عنصر التوزيع القائم على شق االتصاالت.
وعلى أهميته ،وكثرة ما نشر عنه ،فما زال معظم جوانب اقتصاد المعرفة يكتنفه الغموض ويفتقد خطابه
السائد إلى التأصيل النظري ،وما زالت سلطة هذا الخطاب في قبضة مفكري اقتصاد العولمة ،الذين ال
هم لهم إال إبقاء الحال على ما هي عليه حرصًا على مصالح القوى المهيمنة.
138
الخالصة:
يتسم اقتصاد المعرفة بالقدرة على توليد واستخدام المعرفة وعلى االبتكار ،ومن سماته أيضاً االستثمار في
رأس المال المعرفي واالعتماد على الجهد الفكري (الالملموسات) بدرجة أساسية والرقمية باعتبارها
المحرك األساسي لالقتصاد المعرفي.
وفي الحديث عن مختلف مؤشرات اقتصاد المعـرفة ،وجدنا أنه كلما اهتمت الدول بالبحث والتعليم
وبتكنولوجيا المعلومات واالتصا الت كلما زادت إمكانية انضمامها إلى االقتصاد الجديد اقتصاد المعرفة.
تتركز القوى الدافعة القتصاد المعرفة في العولمة وثورة المعلومات التي كان من ثمراتها زيادة كبيرة في
اإلنتاج وزيادة العاملين مجال المعلومات وانتشار الشبكات الحاسوبية وربطها مع شبكة االنترنت.
139
التمارين
140
الوحدة التعليمية التاسعة
اقتصاد المعرفة والتنمية االقتصادية والبشرية
األهداف التعليمية:
يميز كيف يكون اقتصاد المعرفة اقتصاداً مفتوحًا ومحركًا جديداً للنمو االقتصادي
يشرح دور اقتصاد المعرفة في خلق وتطوير المؤسسات والمجتمعات ودوره في التعليم وفي التنمية
البشرية
يحدد أهمية اقتصـاد المعـرفة وطبيعة العـمالة في هذا االقتصـاد والقائمة على عمال المعرفة
يشرح كيف ولماذا تكون المعرفة هي أهم مصادر الثروة والسلطة في عصر المعلومات وتكنولوجيا
المعلومات واالنترنت
يحدد عالقة اقتصاد المعرفة بالمتغيرات االقتصادية المختلفة مثل اإلنتاج واالستثمار وتكوين رأس
المال والعمل
141
محرك جديد للنمو االقتصادي:
حين كانت األرض والعمالة ورأس المال هي العوامل الثالثة األساسية لإلنتاج في االقتصاد القديم،
أصبحت األصول المهمة في االقتصاد الجديد هي المعرفة الفنية واإلبداع والذكاء والمعلومات وصار
لل ذكاء المتجسد في برامج الحاسوب والتكنولوجيا عبر نطاق واسع من المنتجات أهمية تفوق أهمية رأس
المال أو المواد أو العمالةِّ ،
وتقد ُر األمم المتحدة أن اقتصاديات المعرفة تستأثر اآلن على ( )٪٧من
الناتج المحلي اإلجمالي العالمي وتنمو بمعدل ( )٪٠١سنويًا وجدير بالذكر أن ( )٪٠١من اإلنتاجية
في االتحاد األوربي هو نتيجة مباشرة الستخدام وانتاج تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت ،أنظر الشكل
رقم (.)3
قص ُد باقتصاد المعرفة أساساً أن تكون المعرفة هي المحرك الرئيس للنمو االقتصادي
وبناء عليهُ ،ي َ
ً
واقتصاديات المعرفة تعتمد على توافر تكنولوجيا المعل ومات واالتصاالت وعلى العكس من االقتصاد
المبني على اإلنتاج التقليدي حيث تلعب المعرفة دو ًار أقل ،وحيث يكون النمو مدفوعًا بعوامل اإلنتاج
التقليدية ،أيضاً ،فإن الموارد البشرية المؤهلة وذات المهارات العالية ،أو رأس المال البشري هي أكثر
األصول قيمة في االقتصاد الجديد المبني على المعرفة.
ويبدو واضحًا اليوم أننا إزاء تطور جديد من التطور المجتمعي يعتمد في سيطرته ونفوذه على المعرفة
عموماً وعلى العلمية خصوصاً ،مثلما يعتمد على كفاءة استخدام المعلومات في كافة مجاالت الحياة،
حيث يتعاظم فيه دور صناعة المعلومات بوصفها الركيزة األساس في بناء االقتصاديات الحديثة،
142
وتتعزز فيه مكانة األنشطة المعرفية لتتبوأ أكثر األماكن حساسية وتأثي ًار في منظومة اإلنتاج
االجتماعي ،وغالبًا ما يطلق على هذا التحول وبشكل غير دقيق عصر ثورة المعلومات ألن المعلومات
ال تشكل إال جزءًا من الثورة المعرفية التي تقوم أساساً على التقدم التكنولوجي في مجاالت البيولوجيات
والفيزياء والكيمياء واالتصاالت وغيرها.
الشك أن التطور األبرز في هذا المشهد هو ظهور نمط معرفي جديد يقوم على وعي أكثر عمقًا لدور
المعرفة والرأسمال البشري في تطور االقتصاد وتنمية المجتمع وهو ما يطلق عليه اقتصاد المعرفة
بحيث أصبحت المعرفة موردًا اقتصادياً يفوق بأهميته الموارد االقتصادية الطبيعية ،بل أن القيمة
المضافة الناتجة عن العمل في التكنولوجيا كثيفة المعرفة تفوق بعشرات وربما مئات المرات القيمة
المضافة الناتجة عن العمل في الزراعة أو الصناعة التقليديتين ويكفي إلقاء نظر مقارنة على مساهمة
القطاعات االقتصادية والشركات التي تعمل في مجاالت الذكاء الصناعي والبرمجيات والتقنيات الحيوية
المعدلة وراثيًا وبعض أنواع العقاقير الحديثة ،إضاف ًة إلى أجهزة االتصاالت وأنظمة التسلح،
َ والزراعة
للتأكد من أن المعرفة قد أدخ لت المجتمعات المعاصرة في مرحلة ما بعد الصناعية ،ونجم عن هذه
التحوالت نتائج وآثار مباشرة وبعيدة المدى أيضاً ،فلم تعد المعرفة سلطة وقوة وحسب ،بل أصبحت في
أبرز مظاهرها وتجلياتها في العالم اليوم ،ولم يعد مفيدًا للدول التي تحاول تنمية وتحديث اقتصادياتها
واللحاق بركب التقدم العلمي ،أن تتجاهل هذه الحقائق أو أن تتردد في األخذ بناصيتها.
أدت المعدالت المرتفعة للنمو التي اتسم بها اقتصاد المعلومات وصناعة تخليق المعرفة إلى أحداث
ٍ
بشكل كامل ،وفي الفكر التنموي بشكل خاص. طفرة غير مسبوقة في الفكر االقتصادي
ليس فقط لما أحدثه من تغييرات هائلة في طبيعة العمليات االقتصادية ،ولكن وهو األهم لما أنتجه
وأحدثه من تغييرات في أدوات ووسائل وطرق اإلنتاج والتسويق والتمويل وتنمية الكوادر البشرية ومع
بروز فجر العولمة ،وظهور النظم التشابكية والمنظومات المفتوحة لإلنتاج االبتكاري واإلبداعي ،أصبح
االقتصاد المعرفي اقتصاداً جديداً ذو طابع ال يستمد خصوصيته من اعتبارات الحاضر أو الماضي
ولكن من خصوصية دوره الذي سيقوم به في المستقبل.
143
ويمتلك االقتصاد المعرفي القدرة على االبتكار وايجاد منتجات
فكرية معرفية لم تكن تعرفها األسواق من قبل وال توجد حواجز
للدخول إليه ،بل هو اقتصاد مفتوح ومن ثم ال يوجد فواصل
زمنية أو عقبات مكانية أمام َم ْن يرغب في التعامل معه،
فالمعرفة أكثر األمور أهمي ًة وحيوي ًة للمشروعات والشركات بل
ولكافة البشر.
ٍ
نظام وهي ليست وقفًا على شعب بذاته أو دولة بذاتها أو
متاح للجميع.
بذاته ،وليست حك اًر أو احتكا ًار لشركة أو لمشرع ما لها جنسية أو قومية بل هي مشاعٌ ٌ
فالمعرفة مصدر قوة هائل يدفع إلى التقدم والى االرتقاء ،وهي مصدر تهديد قوي وفرض نفوذ وهيمنة
يمارسها األقوياء بالمعرفة على الضعفاء نتيجة جهلهم.
إن الصراع العالمي في عالم األلفية الثالثة ،لن يكون صراعاً على رأس المال أو المواد الخام الرخيصة
أو األسواق المفتوحة بل أنه وسيستمر لفترة طويلة صراعاً على المعرفة ألنها هي التي ستصنع القوة
وتوفر المال وتخلق المواد الخام وتفتح األسواق.
بل أن المعرفة شكلت وستستمر اقتصاداً جديداً في مجاالته وآلياته ونظمه التي تضم األنظمة التالية
(نظم اإلنتاج المعرفية ،نظم التسويق ال معرفية ،نظم التمويل المعرفية ،نظم الكوادر البشرية العاملة في
مجال المعرفة).
إن هذه النظم المعرفية أدت إلى نشوء اقتصاد جديد قائم على الوعي اإلدراكي وامتالك زمام صنع
المستقبل
144
االقتصاد المبني على المعرفة:
145
وأخي اًر البد من القول أن المعرفة مصدر رئيس للقوة في الحاضر وكذلك في المستقبل أن لم تكن هي
المصدر األهم في المستقبل ،ومن ثم فإنها محور صناعات المستقبل وسوف يحرص الجميع الحصول
عليها.
العمل المعرفي هو العمل الذي يتطلب مهارات إدراكية cognitive skillsالتي يتم استخدامها لتحديد
وحل المشكالت ومعالجة المعلومة بطريقة خالقة إلضافة قيمة إلى المنظمة.
-2عمال المعرفة:
لقد ظهر مفهوم منشئي المعرفة knowledge workersأي أولئك العمال الذين يشاركون بفعالية
أكبر في االقتصاد القائم على المعرفة ،على أساس أن كفاءاتهم تعكس بقوة الديناميكيات الناشئة من
التغير التكنولوجي والعولمة.
ال من
عامل المعرفة هو الشخص الذي يكون عمله باألساس فكري ،إبداعي وغير روتيني والذي يشمل ك ً
استخدام وانشاء المعارف.
يتميز اقتصاد المعرفة بزيادة الطلب على العمال المهرة في سوق العمل ،وهذا ما أدى إلى ارتفاع األجور
ّبين العديد من األبحاث أنه كلما زاد االعتماد على وسائل اإلنتاج التي تعتمد على المعرفة بكثرة
كتكنولوجيات اإلعالم واالتصال كلما زاد الطلب عل ى العمال المهرةّ ذوو الكفاءة وكذلك فإن العمال الذين
يستخدمون التقنيات المتطورة أو يعملون في شركات تعتمد على التكنولوجيا المتطورة فإنهم يتحصلون
على رواتب مرتفعة.
يحسن
في بعض األحيان ،فإن إدخال التكنولوجيا يحسن من طرق اإلنتاج ويوفر في التكاليف وبالتالي ّ
من إنتاجية المؤسسات.
هذه اإلنتاجية تقلص من العمالة في المؤسسات الصناعية ولكنها تشجع العمالة التي تزود هذه المؤسسات
بهذه التكنولوجيات (قطاع تكنولوجيات اإلعالم واالتصال).
146
إن إدخال التكنولوجيا في الصناعات سوف يعمل على تغيير العمل في بعض القطاعات وقد تكون هناك
ّ
أن شطة يمكن نقلها للخارج من أجل تخفيض التكاليف حيث ظهر ما يسمى العمل عن بعد ومن أمثلة ذلك
المبرمجين ،وسوف يتأثر األفراد أكثر من الشركات.
إن تكنولوجيات اإلعالم واالتصال تسمح بتقليص تكاليف المعامالت وتخلق توازناً أفضل بين العرض
ّ
والطلب وهو ما يح ّفز نمو أسواق جديدة.
هذا االنخفاض في التكاليف يسمح بزيادة األموال الموجهة لالستثمار مما يسمح بخلق مؤسسات أكثر
وهذا ما يساعد في توظيف أكبر لليد العاملة ،وهي كذل ك تسمح ببروز فرص اقتصادية جديدة عن طريق
المصدرة.
ّ تسهيل تنويع السلع والمنتجات
147
دور اقتصاد المعرفة في خلق وتطوير المؤسسات:
فوتيرة تطوير البنية التحتية الالزمة لبناء االقتصاد الرقمي والمعرفي مرتبطة أساسًا بالسرعة التي يتم
بها تطوير البنية التحتية لالتصاالت.
فمن قبل ،كان االحتفاظ بالمعارف فقط على مستوى الجامعات ومعاهد البحث ولكن مع تطور
تكنولوجيات اإلعالم واالتصال أصبح الوضع أكثر تعقيدًا ،فباإلضافة إلى توفيرها لوسائل تسهيل
عمليات اإلبداع والممارسات التنظيمية ،فإن هذه التكنولوجيات تعمل على توفير نماذج جديدة من
المعارف وكذلك خلق نماذج جديدة للتفكير.
148
التكنولوجيات الحديثة واإلنتاجية:
رّكزت العديد من الدراسات المتعلقة باقتصاد المعرفة على العالقة بين التكنولوجيا وانتاجية العمل،
حيث أن أهم الدراسات التي تطرقت
إلى هذه العالقة كانت بسبب االرتفاع
الموجهة االستثمارات في النوعي
للمعلومات خاصة في قطاع الخدمات،
تطرق الباحث )(Sitroh, 2002
وقد ّ
إلى دراسة العالقة ما بين قيمة
االستثمارات في مجال تكنولوجيات
اإلعالم واالتصال ونمو إنتاجية العمل
في الصناعات التحويلية األمريكية بين
عامي 0513و ،0555حيث توصل
إلى وجود عالقة إيجابية بين االستثمار
ونمو المعلومات تكنولوجيا في
اإلنتاجية إذ أن هذه المؤسسات
استثمرت بكثافة في معظم تكنولوجيات
المعلومات في أواخر 0501و،0551
وهو ما مكنها من تحقيق أرباح معتبرة
في أواخر.0551
فالنظرية االقتصادية التقليدية تعتبر أن النمو االقتصادي هو نتيجة لعوامل النمو المتمثلة في إنتاجية
العمل ونمو عرض العمل ،فتحقيق النمو في إنتاجية العمل مرتبط أساساً بالنمو في المدخالت
اإلنتاجية مثل كثافة رأس المال ونوعية العمل ،فكثير من منظري اقتصاد المعرفة يعتبرون أن
االستثمار في التكنولوجيات الحديثة من شأنه أن يسهم في تحقيق النمو من خالل خلق مصادر ربح
جديدة في شكل عوائد اقتصادية ،وبالتالي فإن هذه التكنولوجيات ساهمت كثي اًر في تحقيق أهداف
149
المنظمات المعاصرة والمتمثلة في تلب ية االحتياجات المتزايدة ألكبر عدد ممكن من العمالء بأقل
التكاليف الممكنة.
ينظر إلى هذا األمر النظرة التطبيقية البحتة ،أي بعد أن تجلي المعرفة من خالل المعارف الصريحة،
ومن خالل تبلورها الكامل في أحد أهم تطبيقات اقتصاد المعرفة ،التجارة اإللكترونية ،وبالتالي فإن
البنية التحتية القتصاد المعرفة تتجلى بشكل أساس بما يحتاجه هذا االقتصاد من عناصر مادية وغير
مادية تؤدي بشكل أو بآخر إلى فعالية هذا االقتصاد ،وأكثر ما يحتاجه هذا االقتصاد من البنى التحتية
في الفترة الراهنة هو ما يتعلق بالبن ى التحتية لشبكة اإلنترنت الدولية ،ويحلو للبعض تسمية اقتصاد
المعرفة باقتصاد اإلنترنت كما سبق وذكرنا وذلك بالنظر إلى أن االنترنت هو روح هذا االقتصاد
والمحرك األساس له.
كان رأس المال يشتري المعرفة العلمية ويوظفها في خدمة خطوط إنتاجه الكثيفة في المراحل السابقة
جميعها بدءا من الثورة الصناعية ،أما اليوم فإن المعرفة العلمية أو بعبارة أخرى (المعلومات) تحولت
إلى مصدر من مصادر الثروة ،ولعله سيكون أحد أهم مصادرها في القرن الحادي والعشرين ،فقد
ظهرت في النصف الثاني من القرن الع شرين مجموعة من أقوى الشركات العالمية لم تستند في قوتها
إلى أرصدتها المالية أو إلى موجوداتها المادية من بناء أو تجهيزات أو آالت ،بل استندت إلى الكفاءة
التنظيمية لدى اإلدارة ومجموعة العالقات والصالت والتطوير المستمر واإلبداع والطرح المستمر
لمبادرات جديدة.
150
وكان أوضح مثال على هذا النموذج الجديد من شركات المستقبل :شركة مايكروسوفت ومؤسسها بيل
غيتس الذي كان مبرِمجًا متواضعًا في إمكاناته المادية ،ولكنه يمتلك اإلبداع والقدرة على اإلدارة ،وبذلك
استطاع أن ينتقل إلى مرتبة أغنى رجل في العالم ،وتقدر ثروته اليوم بمئة مليار دوالر.
غير أن مايكروسوفت ليست الوحيدة فهناك MBIوشركة NCCفي أمريكا و BlBBفي فرنسا وهناك
صناعة برمجية مهمة في الهند استطاعت أن تحصل على عقود تجاوزت الخمسة مليارات دوالر في
مجال المساعدة في تصحيح برمجيات الشركات الغربية لتتالئم مع العام الحالي ،وهناك بداية طيبة
لصناعة البرمجيات العربية في مصر تجاوزت وارداتها ثالثمائة مليون دوالر وكل هذه األعمال
اعتمدت أساسا على رأس مال وحيد :إنه اإلنسان بخبرته ومعرفته وعلمه.
151
العصر الصناعي MgAllairtB dnIيتراجع بوتيرة متسارعة لصالح اقتصاد عصر االنترنت MgaIigIa
dnI ocegegAومثلما أحدث التحول من العهد الزراعي إلى العهد الصناعي تغيرات جوهرية في
أساليب تنظيم وادارة النشاط االقتصادي فإن التحول إلى عصر االنترنت كفيل تمامًا بتغيير وتحقيق
أحداث جديدة.
هذا التغير سوق يؤثر على المصالح التجارية ومؤسسات األعمال التي يتعين عليها أن تستوعبه واألهم
من ذلك أن تستثمره.
إن القرن الحادي والعشرين هو بحق عصر االقتصاد الرقمي DigiatB Economyأو عصر اقتصاد
االنترنت MgaIigIa ocegegAأو اقتصاد ثورة تكنولوجيا المعلومات.Mgoeigtareg oIcageBenA
إن اقتصاد المعرفة ليس مبنياً على القاعدة المعرفية فقط ولكنه اقتصاد يتجاوب بالدرجة األولى مع
المتطلبات والمتغيرات في السوق العالمية ،لذا فإنه يتكون من رزمة عناصر أساسية متكاملة مترابطة
أبرزها:
.0قوة بشرية مؤيدة :المجتمع هو أكبر قاعدة لدعم اقتصاد المعرفة فهو المستهلك لهذه المعرفة
وهو المستفيد من ثمراتها ولذلك كلما كان تأكيد المجتمع على هذه الفوائد واستحسانه لنتائجها
فإن مردودها سيكون إيجابيًا من ناحية التقدم واإلبداع والتطور.
.2وجود مجتمع تعلم :أي إن توافر ذلك المجتمع يعد أفضل البيئات لنمو اقتصاد المعرفة فعلى
األفراد مسؤولية التطوير واإلبداع والتقدم واذا لم تتهيأ للشباب فرص التعلم فإن اقتصاد المعرفة
سيبقى متأخ ًار عن التطور المرجو.
.3توافر منظومة فاعلة للبحث والتطوير :إن توافر هذه المنظومة المتقدمة ِّ
يشكل أحد المتطلبات
الضرورية القتصاد المعرفة ألنه بغيرها يعني غياب التخطيط والتوجيه والتقويم والتطوير.
.4تهيئة عمال معرفة وصناعها :أن يكون لديهم معرفة وقدرة على التساؤل والربط واالبتكار في
المجال المعرفي.
152
.9إيجاد الربط اإللكتروني الواسع :إن المعرفة تحتاج إلى وسائل انتقال ،وان بروز مفهوم اقتصاد
المعرفة ارتبط وجوده باالنترنت وسهولة االتصال والوصول إليه فإذا تحقق كل ذلك تحققت
أولى الخطوات نحو تنفيذ متطلبات اقتصاد المعرفة.
.6تأخذ المعرفة مصداقي ًة أكبر وتعدداً أوثق بالتواصل مع اآلخرين في أنحاء العالم لنشر ثقافة
مجتمع التعلم فك ًار وتطبيقًا في المؤسسات المجتمعية المختلفة ألن المعرفة في كنهها هي
تفاعل المعلومات واستخدامها وتنميتها وتأصيلها.
تصنيف المعرفة:
تعمل تكنولوجيا المعلومات Moمؤخ اًر على تصنيف المعرفة وتحويلها إلى سلع تؤثر بشكل مباشر في
عالم االقتصاد والمال على الشكل التالي:
-1معرفة المعلومة :أو معرفة ماذا know whatوتشتمل على معرفة الحقائق وهي أقرب إلى معرفة
المعلومات التقليدية كمعرفة الحقائق الطبية من قبل الطبيب أو معرفة القوانين والشرائع من قبل
المحامي وهكذا.
-2معرفة العلة :أو معرفة لماذا know whyوتشتمل على معرفة األسباب وراء الظواهر الطبيعية
واستثمارها لخدمة اإلنسان وتكمن هذه المعرفة وراء التقدم العلمي والتكنولوجي والصناعي.
-3معرفة الكيفية :أو معرفة كيف know howوتشير هذه المعرفة إلى الخبرة في تنفيذ األشياء
وعادة
ً اء كانت إدارة الكادر البشري أم تشغيل األجهزة واآلالت أم استخدامات التكنولوجيا المختلفة،
سو ً
ما تكون هذه المعرفة حك اًر على الشركات والمؤسسات (سر الصنعة) ويحتاج الحصول عليها إلى
آليات مختلفة ومعقدة ومكلفة.
-4معرفة التقنية :أو معرفة من know whoأي من يستطيع تنفيذ العمل وهذه المعرفة تزداد أهمية
يوماً بعد يوم ،من أجل معرفة من يستطيع انجاز العمل بدقة وسرعة وبأقل التكاليف.
الوصول إلى مرحلة التحكم بهذه األنواع األربعة من المعرفة يتم عبر طرق مختلفة ،فمعرفة المعلومة
ومعرفة العلة يمكن الحصول عليهما من المراجع والمكتبات والمؤسسات التعليمية والتدريبية ومن قواعد
المعلومات ،أما النوعان اآلخران فال يمكن الحصول عليهما إال بالخبرة والممارسة.
153
ال
إن عملية تصنيف المعرفة وتخزينها رقمياً ونفلها عبر الشبكات الرقمية العالمية يجعلها تلعب دو اًر فعا ً
للغاية في مجال التنمية االق تصادية والثقافية واألمنية وهذا ما يجعلنا أقرب من مجتمع المعلومات.
كما أن توفير المعرفة وتحويلها إلى معلومات يجعل من تكنولوجيا المعلومات TIأداة فاعلة من أجل
وضعها في متناول الجميع ،السيما وأن شبكات المعلومات مثل االنترنت وغيرها تقرب المسافات
وتختصر الزمن وتقلل الكلفة ،وبالتالي تؤثر في االقتصاد العالمي الذي يتحول بدوره إلى اقتصاد
المعرفة.
تعتمد قدرة أي بلد في االستفادة من اقتصاد المعرفة على مدى السرعة التي يمكن من خاللها أن يتحول
إلى اقتصاد تعليمي ،والت عليم ال يعني فقط استخدام التكنولوجيا الحديثة للوصول إلى المعرفة الشاملة
وانما استخدامها لالتصال مع اآلخرين أيضًا من أجل اإلبداع ،وقد عدد الباحثون مجموعة فوائد
القتصاد المعرفة منها:
.0القتصاد المعرفي يدعم مرحلة الطفولة المبكرة نظ ًار للتأثير القوي واالستعداد للتعلم منذ بداية
العمر فينجم عنه تحسين نجاح المتعلمين خالل مراحل التعليم.
.2تحسين نوعية الخدمات الضرورية لمرحلة الطفولة المبكرة.
.3تحقيق التغيرات والتحسينات الضرورية واألساسية للمستقبل.
.4تحقيق مخرجات ونواتج تعليمية مرغوبة وجوهرية.
.9يعطي المستهلك ثقة أكبر وخيارات أوسع.
.6يحقق التبادل إلكترونيًا.
.1يغير الوظائف القديمة ويستحدث وظائف جديدة.
.0يقوم على نشر المعرفة وتوظيفها وانتاجها.
ُ .5يرِغ ُم المؤسسات على التجديد واالبتكار.
له أثر في تحريك النمو واإلنتاج والتوظيف والمهارات. .01
154
اقتصاد المعرفة في الدول المتقدمة
من بين األسب اب التي أدت إلى استمرار النمو في الدول المتقدمة:
تطور نظامها التعليمي كمًا ونوعًا والذي تضمن القضاء على األمية وزيادة نسبة االلتحاق بالتعليم
في كافة مراحله وتوفير متطلبات االرتفاع بنوعية هذا التعليم وربطه بدرجة أكبر بالمجاالت العملية
وبواقع ممارسة النشاطات وبالذات اإلنتاجية منها سلعية وخدمية وهو األمر الذي أسهم من خالله في
إتاح ة المعرفة العلمية والعملية للجهات المختلفة وبالذات جهات العمل ،وكذلك مؤسسات البحث
العلمي والتطوير التكنولوجي.
تطور مواردها البشرية وبالذات في جانبها النوعي ،بتوفير معارف ومهارات وخبرات وقدرات بشرية
عالية المستوى يتاح بتوفيرها القدرة على توليد مضامين اقتصاد المعرفة ومعطياته بكفاءة عالية
وفاعلية.
التأكيد على البحث والتطوير العلمي والتكنولوجي من خالل متطلباته ومستلزماته.
تطور النشاطات االقتصادية وتنوعها والحجوم الكبيرة للمشاريع والشركات واستخدامها ألساليب
ووسائل وتقنيات متطورة وامتالكها إلمكانات ضخمة وال توقف هذه النشاطات االقتصادية عن الطلب
الواسع والمستمر للتقنيات المتقدمة التي
يتضمنها اقتصاد المعرفة والذي ُيح ّفز على
التوسع في توليدها.
توفر البنية التحتية وبالذات ما يتصل منها
بالتقنيات المتقدمة كثيفة االستخدام للعلم
والمعرفة وبالشكل الذي يوفر األساس لتوليد
هذه التقنيات واستخدامها بكفاءة وفاعلية.
توفر البيئة والمناخ االجتماعي المالئم الذي
والتطوير العلمي البحث على ُيحفِّ ُز
التكنولوجي من خالل الحوافز المادية
والمعنوية.
155
اقتصاد المعرفة في الدول النامية:
من بين األسباب التي أدت إلى ضعف قدرة اقتصاديات الدول النامية على االنتفاع من مضامين اقتصاد
المعرفة:
تمتاز بالضعف الكمي والنوعي للتعليم وتركيزها على الجوانب التطبيقية واالختالل في نظام التعليم
لصالح المناطق الحضرية وعلى حساب المناطق الريفية بالشكل الذي ال يسهم من خالله التعليم في
توفير المعرفة العملية.
ضعف قدرتها على توليد مضامين اقتصاد المعرفة ومعطياته بسبب ضعف مواردها البشرية وبالذات
في جانبها النوعي ،خاصةً وأن اإلسهام في هذا الجانب يتطلب موارد بشرية عالية المستوى
ومتخصصة وتتسم بالذكاء والفاعلية والقدرة على اإلبداع واالبتكار والتجديد.
محدودية نشاطاتها االقتصادية وضعف اإلمكانات البشرية والفنية والمادية المتاحة لدى الجهات
المختصة التي تتولى القيام بها ،واتباعها في الغالب أساليب ووسائل غير متطورة ال تتناسب مع
معطيات ومضامين اقتصاد المعرفة.
تَ َحم ل كلف مرتفعة في استخدام التقنيات المتقدمة في الدول النامية إذا تم األخذ في االعتبار
محدودية الموارد والدخول في هذه الدول ،دون أن يقابل ذلك تحقق عائد ونفع أو مردود يوازي
ويغطي التكاليف المرتفعة التي يتحملها الفرد والمجتمع.
ضعف إمكانات البحث والتطوير العلمي والتكنولوجي فيها والتي تتصل بقدرات البحث األساسي منه
والتطبيقي بالذات نتيجة ضعف االهتمام بالبحوث العلمية والتكنولوجية النظرية منها والعملية وضعف
اإلنفاق عليها ،وضعف النسبة من هذا اإلنفاق عليها إلى إجمالي اإلنفاق فيها أو إلى ناتجها
القومي ،وكذلك ضعف درجة توفر العلماء والباحثين وبالذات الذين تتوفر لديهم المعارف والخبرات
العملية إضافة إلى المعارف العملية وضعف توفر المؤسسات التي تقوم بذلك.
ضعف درجة توفر البنية التحتية في الدول النامية التي تسهم في توليد مضامين االقتصاد المعرفي
ومعطياته ،كاالفتقار إلى العدد الكافي من أجهزة الحاسوب ووسائل االتصال وخدمات االنترنت.
عدم توفر البيئة االجتماعية المناسبة والمشجعة لتوليد التقنيات المتقدمة واستخدامها بكفاءة نظ ًار
لضعف الحوافز االجتماعية وضعف التقدير واالعتبار االجتماعي.
156
إن كل ما سبق يجعل استفادة الدول النامية من مضامين اقتصاد المعرفة ومعطياته محدودة والتي ال
تتناسب والكلف العالية التي تتحملها في استخدام بعضها ،وذلك نتيجة ضعف قدرتها على اإلسهام في
توليدها أي عرضها وضعف قدرتها على توليد الطلب الذي يسهم بتوليد العرض وبالتالي إعاقة انتفاعها
منها بما يحقق نموها وتطورها.
إن أعظم المهام األساسية للمعرفة هي إحداث عملية تنمية بشرية حقيقية تبدأ من عملية التربية والتعليم
والبحث وهي عوامل للنمو في كل الدول مهما كان مستواها في التطور التكنولوجي.
وتحقق المعرفة آثارها في التنمية البشرية من خالل:
إعادة هيكلة مؤسسات البحث والتجريب جنبًا إلى جنب مع مؤسسات التعليم.
اإلسهام في تدعيم العقل البنائي الواعي من خالل عمليات التعلم الذاتي والتحاور عبر اللغات
والقوميات واألمم.
تنمية قدرات التشغيل الذاتي عبر وسائل االتصال وتكنولوجيا المعلومات ،بل تحرير السوق الدولي
ذاته.
المساواة في الحصول على الفرص المتكافئة في اكتساب المهارات المرغوبة.
إحداث ثورة في طرق وأساليب التعليم والتعلم.
التعليم عن بعد ،تعليم الكبار أو ما يسمى تعليم مدى الحياة.
وعلى الرغم من أن عملية التحول إلى اقتصاد مبني على المعرفة تعني المزيد من الفرص في التوظيف،
فإن المشكلة األساسية تتمثل في أن هذه الوظائف تحتاج إلى مهارات وخبرات عالية وعلى المؤسسات في
157
االقتصاد المبني على المعرفة هو تحويل نفسها إل ى منظمات تعمل على تحسين عملية تراكم وتنمية
عمال المعرفة ( )knowledge workersوعلى العمال االرتقاء بمهارتهم وتوسيعها من خالل نظم
التعليم الرسمية وغير الرسمية.
إن اقتصاد المعرفة ومعطياته وما يرتبط به من تقنيات متقدمة ووسائل وأساليب متطورة يؤدي إلى إف ارزات
متنوعة ومتعددة ومتزايدة وبسرعة فائقة تؤثر على االقتصاد بمتغيراته ونشاطاته وقطاعاته وسنحاول
التركيز على أهم أبرز جوانب االقتصاد والتي من أهمها الجوانب ذات الصلة باإلنتاج واإلنتاجية
واالستثمار وتكوين رأس مال والعمل.
إن اقتصاد المعرفة وما يتضمنه من ثروة في المعلومات واالتصاالت وتقنياتها المتقدمة والتقنيات المتقدمة
األخرى في مجاالت عديدة ومتنوعة تسهم بشكل واضح وبدرجة كبيرة في تحقيق زيادة اإلنتاجية وفي
اإلنتاج من خالل ما يلي:
أن مضامين اقتصاد المعرفة تتيح تنوع النشاطات االقتصادية بدرجة كبيرة واعتماداً على التقنيات
المتطورة وبالشكل الذي يسمح بزيادة اإلنتا ج ،حيث يتسع اإلنتاج المعرفي المتصل بثروة
المعلومات واالتصاالت ،والوسائل والبرمجيات والتقنيات المرتبطة بهما ،بحيث أصبح هذا اإلنتاج
المتصل بالتقنيات هذه جزءًا مهمًا ومتزايدًا من اإلنتاج ككل.
بروز سلع ومنتجات جديدة غير ملموسة أي غير مادية تمثلها المنتجات المعرفية غير المادية
المرتبطة باألفكار والبرامج والتصميمات ،ومنتجات الوسائل المتعددة والمشتقات المالية والتي
158
يمكن أن تُستخدم استخدامات وسطية ونهائية وبالشكل الذي يحقق زيادة مهمة في اإلنتاج من
خاللها.
ظهرت تقنيات جديدة متقدمة في مجاالت التكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية والتقنيات
الصيدالنية والكيماوية والطبية ومجاالت الفضاء والطاقة البديلة وغيرها ،مما سمح القتصاد
المعرفة أن يقوم بنشاطات جديدة متنوعة وواسعة ترتبط بهذه التقنيات الجديدة وبما يساهم في
زيادة اإلنتاج.
أن التقنيات الجديدة تتيح زيادة االستثمار الذي يتضمن استخدام هذه التقنيات في مجال عمل
النشاطات االقتصادية وبالشكل الذي يتم من خالله توسيع القدرة اإلنتاجية وزيادة اإلنتاج وكذلك
تجديد النشاطات هذه وبالشكل الذي يؤدي إلى زيادة إنتاجيتها وانتاجها.
إن التقنيات الجديدة التي يتضمنها اقتصاد المعرفة وبالذات ما يتصل منها بالمعلومات
واالتصاالت وتقنياتها تؤدي إلى ضمان حسن استخدام الموارد والقدرات اإلنتاجية المتاحة من خالل
توفير القدرات البشرية واإلدارية المتطورة وبما يحقق استغالل أكبر وأكفأ للطاقات اإلنتاجية وبما يقود
إلى زيادة إنتاجياتها وزيادة اإلنتاج.
االستثمار يعني استخدام المدخرات النقدية والعينية لتكوين أصول رأسمالية تستخدم في إنتاج السلع
والخدمات ،وهذه األصول الرأسمالية لم تعد مجرد موجودات ثابتة فقط أي مادية ،وانما امتدت في اقتصاد
المعرفة لتضمن في االستثمار المعرفة م ن أجل تكوين رأس المال المعرفي إلنتاج منتجات معرفية وهي
في جزء مهم منها منتجات غير مادية كالبرامج والتصاميم وغيرها والتي تتصل بمضامين اقتصاد
المعرفة.
هو األمر الذي أدى إلى تحول هيكلي في تكوين رأس المال بحيث أصبح يتضمن إضافة إلى االستثمار
المادي والملموس لتكوين الموجودات الرأسمالية الثابتة آالت وتجهيزات وغيرها قد اًر مهماً من االستثمار
غير المادي وغير الملموس لتكوين أصول رأسمالية غير مادية وغير ملموسة تسهم في توسيع اإلنتاج
وزيادة اإلنتاجية ومن ثم زيادة اإلنتاج واإلسهام في تحقيق نمو أكبر لالقتصاد.
159
من المعلوم أن االستثمار يسهم في زيادة الطاقة اإلنتاجية لالقتصاد من خالل األصول الرأسمالية الجديدة
التي يضيفها االستثمار إلى الخزين الرأسمالي لالقتصاد وبالشكل الذي يتيح التوسع في اإلنتاج ونموه.
ومما الشك فيه أن المجاالت التي تمثلها التقنيات المتقدمة التي يتضمنها اقتصاد المعرفة تتيح القيام
باستثمارات جديدة من خالل استخدام هذه التقنيات الجديدة في القيام بالنشاطات االقتصادية وتوسيعها
وبالشكل الذي يحقق زيادة اإلنتاج ونمو االقتصاد.
كما أن االستثمار يسهم في تجديد الطاقة اإلنتاجية بإحالل أصول رأسمالية محل األصول الرأسمالية التي
تتعرض لالندثار نتيجة استخدامها وارتباطا بعمرها اإلنتاجي من ناحية وكفاءة واستخدامها من ناحية
أخرى وكذلك التي تتعرض لالندثار نتيجة تقادمها الزمني.
األهم في اقتصاد المعرفة هو االستثمار الذي يتم من خالله التعويض عن األصول الرأسمالية بإحالل
أصول رأسمالية أحدث أكثر تقدماً وتطو ًار.
أن االستثمار دالة للربح ،أي أن الربح يعتمد على االستثمار وأن الربح دالة للتقدم التكنولوجي ولذلك فإن
التقنيات المتقدمة تحفز على االستثمار وبالذات في المجاالت المعرفية والتي يتم من خاللها تكوين رأس
مال معرفي يسهم في تحقيق أرباح مرتفعة وم ن خالل توسيع النشاطات التي سيستخدم فيها رأس المال
المعرفي والذي يتحقق من خالل استخدامه فيها إنتاج منتجات معرفية تحقق األرباح المرتفعة هذه.
أفرز اقتصاد المعرفة وما يتضمنه من وسائل وأساليب وتقنيات متقدمة العديد من المضامين واآلثار على
العمل ويتمثل هذا في الجوانب التالية:
إن التكنولوجيا عمومًا والمتقدمة منها خصوصًا أدت وتؤدي إلى تقليل الجهد العضلي وبدرجة
كبيرة وتقليل ساعات العمل وتوفير وقت فراغ وراحة أكبر.
أدى استخدام التقنيات المتقدمة إلى إحالل العمل الفكري والعقلي محل العمل العضلي وبدرجة
كبيرة.
160
التقنيات المتقدمة واألساليب والوسائل التي ترافق استخدامها في إطار اقتصاد المعرفة أدت إلى
تغيير العالقة بين العامل وصاحب العمل والعمل الذي يؤديه ،بحيث برزت أنماط جديدة لممارسة
العمل.
ارتفاع دخول العاملين الذين ُيتاح لهم العمل في النشاطات التي يتم استخدام التقنيات واألساليب
المتقدمة فيها.
نظ اًر الرتباط أداء العمل فيه بمستوى معارف ومهارات أعلى وحصولهم على دخول أعلى ارتباطًا
بمستويات معارفهم ومهاراتهم األعلى وهو األمر الذي يحفز على تطويرها وبذلك تزداد معارف
ومهارات العاملين وتتطور بشكل مستمر وما يرافقه من زيادة وتحسين مستويات معيشتهم.
تتيح مضامين اقتصاد المعرفة والتقنيات واألساليب التي تُستخدم في إطاره زيادة إنتاجية العامل
وزيادة دخله وتحسين مستويات حياته ،ويتيح التطور والتجديد والتنويع في النشاطات االقتصادية
وبالذات ما يرتبط منها بالتقنيات المتقدمة الفرصة واإلمكانية لالنتقال المهني والمهاراتي بحيث يتم
االنتقال من المهارات األدنى إنتاجيةً ودخالً إلى المهن والمهارات األعلى إنتاجية ودخالً.
إ ن االنتقال من اقتصاد الصناعة القائم على الماديات إلى اقتصاد المعرفة القائم على النقيض الالمادي،
يحمل في طياته نقال ت نوعية حادة للغاية تبلغ من شدة حدتها درجة التضاد التام في كثير من األحوال،
و"كفاتح للشهية" نورد تاليًا أمثلة ثالث لهذا التضاد تاركين أمر تفاصيلها ،هي وغيرها ،لما يتضمنه السرد
في الفقرات التالية:
بينما تنضب الموارد المادية مع استهالكها تنمو الموارد المعرفية كلما زاد استهالكها.
ينمو سوق االقتصاد التقليدي بدفع العرض .demand-driven
تزيد قيمة المنتج المادي مع الندرة وقلة الطلب ،في حين تزداد قيمة المنتج المعرفي مع وفرته
وشيوع استخدامه.
ٍ
باختصار شديد ،إن اقتصاد المعرفة أو االقتصاد الجديد هو االقتصاد المعتمد على المعرفة حيث
تحقق المعرفة الجزء األعظم من القيمة المضافة ومفتاح المعرفة هو اإلبداع والتكنولوجيا ،بمعنى أن
االقتصاد يحتاج إلى المعرفة وكلما زادت كثافة المعرفة في مكونات العملية اإلنتاجية زاد النمو
االقتصادي.
161
الخالصة
يعتبر اقتصاد المعرفة المحرك الجديد للنمو االقتصادي والتنمية البشرية فهو اقتصاد مفتوح يعتمد على
نوع مختلف من العمالة هي عمالة عمال المعرفة الذين يتخذون من رؤوسهم وأفكارهم أدوات للعمل
ال عن بعد ،حيث تعتبر المعرفة أهم مصادر الثروة والسلطة في عصر
الذي يمكن أن يكمن عم ً
المعلومات وبالتالي في عصر االقتصاد الجديد.
يلعب اقتصاد المعرفة دو اًر مهمًا في تحقيق النمو االقتصادي من خالل خلق وتطوير المؤسسات
وانشاء البنى التحتية لتفعيل تشارك المعرفة واستخدام التكنولوجيات الحديثة.
تعتبر القوة البشرية المتخصصة ومجتمع التعلم المنظومة الفاعلة للبحث والتطوير من أبرز عناصر
االقتصاد المعرفي.
162
التمارين
المعرفة هي:
– Aنتاج تفاعل حيوي ناجم عن تجارب معايشة حياتية واقعية.
- Bنتاج معامل وأبحاث ودراسات.
متاح للجميع.
- Cتتولد من واقع حي معاش وهي مشاعٌ ٌ
– Dكل اإلجابات صحيحة.
من الفوائد التي يحققها االقتصاد المعرفي:
- Aيقوم على اكتشاف المعرفة وتوظيفها وانتاجها.
– Bيجبر المؤسسات على التجديد واالبتكار.
- Cيحقق التبادل آليًا وميكانيكيًا.
- Dيحقق مخرجات ونواتج تعليمية متوفرة.
163
الوحدة التعليمية العاشرة
األهداف التعليمية:
164
المستلزمات األساسية القتصاد المعرفة:
أوالا :إعادة هيكل اإلنفاق العام وترشيده ،واجراء زيادة حاسم في اإلنفاق المخصص لتعزيز المعرف
ابتداء من المدرس االبتدائي وصوال إلى التعليم الجامعي مع توجيه اهتمام مركز للبحث العلمي .وتجدر
اإلشارة هنا إلى أن إنفاق الواليات المتحدة في ميدان البحث العلمي واالبتكارات يزيد على إنفاق الدول
األخرى مجتمع مما يسهم في جعل االقتصاد األمريكي األكثر تطو ار وديناميكي في العالم .بلغ إنفاق
الدول الغربي في هذا المجال ٠٦٣مليار دوالر عام ،٠٣٣٣وكانت حص الواليات المتحدة منها ٠٨٣
مليار.
ثاني ا :وارتباطا بما سبق ،العمل على خلق رأس المال البشري وتطويره بنوعي عالي ،وعلى الدول خلق
المناخ المناسب للمعرف التي أصبحت عنص ار من عناصر اإلنتاج ،وليست ترفا فكريا.
أدرك المستثمرون والشركات أهمي اقتصاد المعرف ،والمالحظ أن الشركات العالمي الكبرى (العابرة
ثالثا :ا
للقوميات خاص ) تساهم في تمويل جزء من تعليم العاملين لديها ورفع مستوى تدريبهم وكفاءتهم،
وتخصص جزءا مهما من استثماراتها للبحث العلمي واالبتكار الخ.
يقوم اقتصاد المعرف على حوامل أساسي يمكن إيجازها كما يلي:
وهذه تشمل حوامل ثانوي هي :األبحاث والتطوير ،وبراءات االختراع ،والمنشورات العلمي ،وميزان
المدفوعات التكنولوجي.
oالبحث العلمي والتطوير :وينظر إلى دوره من خالل اإلنفاق المخصص له ،وخاص اإلنفاق
المقدم من الدول والشركات والمنظمات ،والسيما المخصص منه للتعليم العالي والجامعات .ومن
المؤكد أن هذه اإلنفاقات عالي في الدول المتقدم ،وتصل حتى ٪ ٥من الناتج المحلي ،بينما
تنخفض في الدول العربي إلى أدنى من ،٪ ٠وغالبا أجزاء من الواحد بالمائ .
165
oبراءات االختراع :تعكس براءات االختراع االكتشافات العلمي التي يمكن تحويلها إلى
مشاريع صناعي والى تكنولوجيا بما يسهم مساهم فعال في اقتصاد المعرف .ومن
المعروف أن الدول المتقدم تحتل المواقع المتقدم من حيث عدد براءات اختراعاتها،
oفي حين تحتل البلدان العربي المواقع المتأخرة .
oالمنشورات العلمية :وهي مؤشر على األبحاث المنجزة ،وتقاس قيم هذه األبحاث بمدى
تكرارها في المراجع العلمي ،ونشرها في مجالت علمي محكم عالي المستوى ،والسيما
مجلتي الطبيع والعلوم األمريكي .
oميزان المدفوعات التكنولوجي :ويعكس حقوق الملكي الفردي والخدمات اإلداري المقدم
واالمتيازات.
ويقاس هذا المؤشر من خالل معامالت عدة تتمثل في التعليم والتدريب ،ومخزون رأس المال البشري،
واالستثمار في رأس المال البشري المرتبط بدوره باإلجراءات والوقت ،وتعكس هذه المؤشرات جميعها توفر
نسب عالي تساير حركي التعلم والتطوير من خالل التعلم والتدريب المستمر واتباع الدورات الترميمي .
وهذه تقدم ميزات نوعي تكمن في در أرباح كبيرة ،وازدهار صناعات جديدة ،وخلق وظائف جديدة ،وهي
بذلك تحتل مكان جوهري في اقتصاد المعرف ،إذ تقوم على االبتكار المكثف وابتكار خدمات في
مجمل االقتصاد ،وهي داعم لترميز المعارف.
166
العولمة ومضامينها األساسية
العولمة:
بما تمثله من حرك رؤوس األموال وانتقالها عن طريق عمليات التعامل في األسواق المالي ،وعمليات
اإلقراض واالقتراض ،وحري حرك السلع والخدمات عن طريق تحرير التجارة وتحويل النشاط االقتصادي
من القطاع العام إلى القطاع الخاص وتحديد تدخل الدول.
تتضمن العولم في ظل اقتصاد المعرف استخدام العديد من األدوات والوسائل والصيغ التي تستخدم في
فرض التوجه نحو العولم ،والتي يتمثل أهمها في الجانب االقتصادي موضوع البحث ،ما يلي:
167
حري حرك السلع والخدمات وانتقالها عن طريق:
oتحرير التجارة بشقيها تجارة التصدير وتجارة االستيراد المنظورة وغير المنظورة.
oوباستخدام الوسائل التقني المتقدم التي يتيحها اقتصاد المعرف ،وبالشكل الذي يجعل
السوق عالميا بدال من السوق اإلقليمي أو القومي أو الوطني ،وبالذات من خالل التجارة
اإللكتروني .
تحويل النشاط االقتصادي من القطاع العام إلى الخاص من خالل عمليات الخصخص التي يتم
األخذ بها في معظم دول العالم ،تماشيا مع اتجاهات العولم في ظل اقتصاد المعرف الذي يتم
في إطار رأسمالي يعتمد أساسا في عمله على آلي السوق القائم على الملكي الخاص
للنشاطات االقتصادي
وهو األمر الذي يحرم الدول النامي واألقل تطو ار من خالل اإلمكانات التي يمكن أن يوفرها
القطاع العام لتطويرها من ناحي ،ولتحقيق ومراعاة الجوانب االجتماعي فيها من ناحي أخرى،
مقارن بالقطاع الخاص الذي قد ال يستطيع تحقيق ذلك بحكم إمكاناته المحدودة من ناحي ،
وبحكم ارتباطه بالقطاع الرأسمالي في اقتصاديات الدول المتقدم ،وألنه يستهدف أساسا تحقيق
أقصى ربح ممكن ،بدون مراعاة كافي للجوانب االجتماعي ولعملي تطوير االقتصاد المحلي من
ناحي أخرى.
تحديد درج تدخ ل الدول بأدنى وأضيق نطاق ممكن خالل العمل على توفير حري أكبر للقيام
بالنشاطات االقتصادي وممارستها عن طريق إتاح العمل للقطاع الخاص للقيام بها دون إعاق
وتدخل من الدول ،وهو األمر الذي يحرم الدول النامي من اإلمكاني التي يوفرها عمل الدول في
تالفي األضرار والمساوئ التي يمكن أن تحصل نتيج عمل القطاع الخاص عند قيامه
بالنشاطات االقتصادي .
168
المتغيرات المستخدمة في حساب دليل المعرفة واقتصادها:
الركن األول منظوم االقتصاد الوطني :والذي يتضمن الناتج المحلي اإلجمالي ،حص الفرد من الناتج
اإلجمالي المحلي ،دليل الفقر البشري (نسب مئوي ) عدد السكان ،نسب التوظيف في الصناع ،نسب
التوظيف في الخدمات فضال عن متغيرات أخرى.
الركن الثاني البني التحتي للمعلومات واالتصاالت :فيتضمن عدد الهواتف التقليدي لكل 0111مواطن،
وعدد الهواتف المحمول لكل 0111مواطن ،وعدد الحواسيب لكل 0111مواطن ،وعدد مضيفات
اإلنترنت لكل 0111مواطن ،توفر الحكوم اإللكتروني ،اإلنفاق على أدوات المعلومات واالتصاالت
كنسب من الناتج اإلجمالي المحلي ،عدد مستخدمي اإلنترنت ،كلف اإلنترنت ،استخدام اإلنترنت في
التجارة واألعمال ،الدخول إلى اإلنترنت في المدارس ،وغيرها من المتغيرات التي تختص بالبني التحتي
للمعلومات واالتصاالت.
الركن الثالث منظوم التعليم :ويتضمن دليل التعليم ،معرف القراءة والكتاب لدى الكبار ،حجم االلتحاق
بالمدارس المتوسط ،اإلنفاق على التعليم (نسب من الناتج اإلجمالي المحلي) ومتغيرات أخرى.
ويتضمن الركن الرابع االبتكار والقدرة التنافسية :دليل التنمي البشري ،العاملون في البحث والتطوير لكل
مليون نسم ،مستوى تدريب الكوادر ،التعاون البحثي بين الجامعات والشركات ،توافق التعليم الجامعي مع
متطلبات االقتصاد ،هجرة العقول العلمي ،دليل اإلنجاز التقني ،حجم اإلنفاق الخاص على البحث
والتطوير ،حجم تصدير التقنيات المتقدم من صادرات اإلنتاج فضال عن متغيرات أخرى.
تتسم اإلدارة الرشيدة في اقتصاد المعرف بالقدرة على تركيز الجهود إليجاد األدوات واآلليات الالزم
إلحداث تغيرات في التكلف ورفع الكفاءة واإلنتاجي ،وفي الوقت ذاته تفجير طاقات اإلبداع واالبتكار
والحماس لدى األشخاص الذين تعتمد عليهم المؤسس .
وتمثل هذه القدرة جوهر تطوير رأس المال الفكري وادارته ،وتنطوي أيضا على المعايير التي يمكن
باستخدامها قياس رأس المال البشري وادارته .وثم اهتمام متزايد بضرورة قياس وادارة رأس األصول غير
169
الملموس بما فيها األصول الفكري والمعارفي مصحوبا بانتقاد متنام لألساليب المحاسبي الشائع اآلن،
والتي تفترض أن األصول الملموس فقط هي التي تولد الثروة ،في الوقت الذي تعزى فيه الفروقات بين
القيم السوقي والقيم المحاسبي إلى رأس المال الفكري ،وهو يمثل األصول غير الملموس التي تدعم
القيم وامكانيات النمو .وتشمل رأس األصول غير الملموس معرف الثقافات والتاريخ والسياسات والتقنيات
واألسواق والزبائن واحتياجاتهم والقوانين واألنظم واالقتصاديات واللغات واألفكار والمقترحات وعادات
الشعوب المختلف وثقافاتها.
إن معايير القياس المستقاة من الممارسات المحاسبي الموروث من العصر السابق لم تعد كافي لتوفير
مؤشرات تؤدي إلى خلق قيم على النحو األمثل ،فالقياس هو ضرورة ال يمكن االستغناء عنها إلدارة
الموارد بطريق فعال .والوقت اآلن مناسب لتطوير مقاييس مالئم تدفع باألداء إلى األمام وتتمخض عن
الوصول إلى تقديرات يعتمد عليها للقيم االقتصادي التي يتوقع أن تضيفها توصيات تحسين األداء
ورفعه.
وتتألف إدارة المعرف من العمليات التي تهدف من كسب المعرف أو استخدامها تحقيق مردود اقتصادي
ملموس ،وعليه يتألف نظام إدارة المعلومات من العمليات والتقنيات التي يتم توظيفها في ضوء رؤيا
إستراتيجي للمؤسس ،بحيث توفر المعرف العلمي والتطبيقي الالزم لحل المشكالت التي تعترض
العاملين في دائرتها.
ويقيم هذا النظام عالقات جدلي مع الثقاف واإلست ارتيجي السائدة في البيئ التي يقيم فيها وسالسل القيم
السائدة في البني االقتصادي فيستمد منها موارده ،ويحدد معالم آليات التعامل مع تفاصيلها الدقيق مما
يثمر عنه االرتقاء بالرأسمال البشري ،وتعميق المعرف بموارد المعلومات المتاح لضمان القدرة على
التنافس واالستمرار في الوقوف بمكان الصدارة.
170
دور إدارة المعرفة في اقتصاد المعرفة:
التكنولوجيا والتطور العلمي ،وبذلك يستفيد منها ماديا ومعرفيا ،حيث أنه عندما يبيع أي منتج معلومات
أي شكل من أشكال مصادر المعلومات باستخدام التكنولوجيا الحديث من بريد إلكتروني وانترنت وغيرها
يستفيد منها ماديا ،وكذلك يفيد المستهلك فكريا ومعرفيا ،وبذلك نستطيع القول إن إدارة هذه المعارف أدت
إلى اقتصادها.
171
إشكاليات اقتصاد المعرفة وتحدياته:
تتعدد إشكاليات اقتصاد المعرف وتحدياته ،فمنها ما تعد إشكاليات وتحديات مباشرة ،ومنها ما تعد غير
مباشرة ،أو يمكن تصنيفها على أنها إشكاليات وتحديات على المستوى الجزئي أو على المستوى الكلي،
وبكل األحوال سنحاول مناقش بعض تلك اإلشكاليات والتحديات التي نجدها أكثر أهمي مثل:
-إفالس الشركات.
-إشكاليات القياس.
-الكساد المعلوماتي.
172
تكريس البطالة وهجرة األدمغة:
يؤدي التوجه نحو العقول المبدع في اقتصاد المعرف إلى االستغناء عن العمال غير المبدع ،وبالتالي
تكريس جيش من العاطلين عن العمل .فمن الناحي العلمي المباشرة تحل اآلالت والتجهيزات محل القوة
البدني كجزء من منظوم اقتصاد المعرف ،ومن ناحي أخرى يشكل الموهوبون والحاصلون على تأهيل
علمي رفيع القسم اآلخر الذي يخطط ويصمم ويبتكر ،بينما يخرج العاملون الذين لم يحصلوا على التأهيل
المناسب من سوق العمل ،وبالتالي يكرسون أنواعا أخرى من المشكالت االقتصادي واالجتماعي وحتى
الفكري .ومما يثير االهتمام في ضوء ما ذكرناه ،أن العديد من الوظائف -من وجه نظر أخرى – ال
تجد من يملؤها (على األقل في الواليات المتحدة) ،ولعل قطاع تقنيات المعلومات هو القطاع األكبر الذي
يصارع إليجاد المواهب والطاقات ،وبالنظر إلى الطاقات التي يخرجها نظام التعليم في مجاالت تقني
المعلومات ي عتقد أن قطاع العمال سيعاني ليجد المجموع الصحيح من المهارات ،لذلك إذا نقصت
المهارات في بلد ما فيمكن إيجاد الطاقات المناسب في أي مكان في العالم واالستفادة منها ،وذلك من
والتعاون اإللكتروني الشبكات خالل
االفتراضي مما يقود إلى إشكالي جديدة
تكمن في استنزاف الطاقات البشري من
البلدان النامي أو التي ال يمكنها توفير
لمبدعيها إلى البلدان الشروط المناسب
المتقدم ،األمر الذي يزيد من حدة الفجوة
ما بين دول العالم.
173
تكريس ثقافة االستهالك:
إن من أهم سمات اقتصاد المعرف هو التكيف الموسع لموافق رغبات الزبائن .فقد سادت في العصر
الصناعي عقلي اإلنتاج الجماهيري ،حيث يتم اإلنتاج بكميات كبيرة ومواصفات موحدة ،في حين نجد أن
الميزة التنافسي في اقتصاد المعرف لم تعد تقوم على اإلنتاج المكثف والتسويق المكثف والتوزيع المكثف
كل مستهلك ،وهذا ما يسمى saa والسياسات الموحدة ،بل يكمن في تحديد خصوصي
noatu smstsuCالذي يبحث عن إنتاج أشياء جديدة وخدمات مصمم خصيصا الحتياجات ورغبات
خاص لدى المستهلكين األمر الذي يشكل أحد دعامات تكريس االستهالك بالرغم من إيجابياتها
االقتصادي ،إذ أن اقتصاد المعرف يجاري رغب المستهلكين الفطري الدائم لالستهالك ،ويحاول قياس
تلك الرغبات واإلنتاج تبعا لها ،األمر الذي يشكل قدرة جديدة على قيادة المجتمعات وتوجيهها بطرق
جديدة يجدها الكثير من الباحثين طرقا غير إيجابي .
إفالس الشركات:
إن دخول الشركات صغيرة ومتوسط الحجم في منافس حادة مع الشركات العمالق ،باإلضاف إلى
انخفاض التكلف الحدي لإلنتاج إلى حدود بعيدة تؤدي إلى خفض األسعار ،وبالتالي انخفاض األرباح إلى
حدود يجعل من الشركات التي ال تم لك الرأسمال الفكري والمادي الكافي الذي يجعلها تتغير بسرع
تتناسب وواقع بيئ اقتصاد المعرف عرض لإلفالس كما حدث مع شركات التقان التي أوحت للكثير من
االقتصاديين بتسمي اقتصاد المعرف باقتصاد الفقاع .وطالما أن عائدات اقتصاد المعرف رهن بالحال
اإلبداعي واالبتكاري فإن هذا يعطي الشركات حق االحتكار والتحكم ،ويزيد من العائدات بشكل أساسي،
إال أنه من جه أخرى يهدد تلك الشركات باالندثار مع أول حال إخفاق إبداعي أو ابتكاري .
174
عدم القدرة على ضبط المنتجات:
إن طبيع ا لمنتجات المعرفي وخاص المنتجات المعرفي المحض التي يسهل تناقلها ونسخها بسهول
عبر شبك اإلنترنت كالبرمجيات وملفات الفيديو ،وكذلك إمكانيات الشبك الواسع باإلضاف إلى اتساع
رقع السوق وما تخلقه من تحديات كحماي الملكي الفكري والضرائب والرسوم الجمركي ،كلها تجعل من
الصعب التحكم بتلك المنتجات وضبطها ،األمر الذي يمكن أن يؤدي إلى خسائر جم بالنسب إلى
الشركات واألشخاص المبدعين .ف من الصعب الوثوق بإمكاني ضبط أحد تلك المنتجات بمجرد إتاحته
على الشبك ،ومن ناحي أخرى فإن قانون تزايد العوائد جراء انخفاض التكلف الحدي التي تقرب من
الصفر أدى إلى دفع شركات المعرف الرقمي إلى االتجاه نحو تبني النسخ المجاني كسياس تسويقي
جديدة األمر الذي يعني القفز على حقوق الملكي الفكري .
إشكاليات القياس:
رغم أن الكثير من االقتصاديين يعمدون إلى استخدام بعض المؤشرات المعروف لقياس اقتصاد المعرف
التي أتينا على ذكر بعضها إال أن معايير القياس الحقيقي التي تخص بيئ اقتصاد المعرف مازالت غير
متوفرة أو لنقل غير ناضج بما فيه الكفاي ،وربما يعود ذلك إلى جوهر المعرف الذي يصعب التعامل مع
المؤشرات الكمي المباشرة ،وال يستدل عليها غالبا إال عن طريق آثارها وما يمكن أن تفعله .ولعل معظم
في االقتصاد المعايير والمؤشرات المستخدم
التقليدي لم تستطع اإلحاط بأعمال بيئ اقتصاد
المعرف ،فال األنظم وال القواعد المحاسبي وال
الدول المالي استطاعت أن تقدم قياسات حقيقي
ألعمال اقتصاد المعرف .
175
سيخلق مشكالت تتعلق بإهمال الشركات الكبيرة للكثير من االستثمارات في القطاعات األخرى ،وهذا
يخلق مشكالت على مستوى االقتصاد الكلي ،وبالتالي يظهر الخلل في التوازن مابين القطاعات.
الكساد المعلوماتي:
ذلك الطوفان المعلوماتي ،وخاص على المستوى االستهالكي المباشر ،يضع المتصفح في مأزق حقيقي
تفرضه الخيارات غير المنتهي التي توازي بإشكاليتها ندرة البدائل ،األمر الذي دعا بعض المفكرين إلى
تسمي اقتصاد المعرف باقتصاد الفقاع – كما ذكرنا آنفا -ونتيج لذلك تتشكل ردود الفعل العكسي التي
يمكن أن تقود إلى ما نسميه (الكساد المعلوماتي) ،وكأن األزمات االقتصادي تعود لتظهر بمظاهر جديدة
حسب طبيع المجتمعات ودرج تطورها.
الفجوة الرقمية:
م صطلح الفجوة الرقمي هو استكمال لمصطلح الفجوة التقني مع التركيز على آخر مستجدات العلوم،
وخاص ما يتعلق منها بالمنتجات
كالبرمجيات المحض المعرفي
وغيرها بالتوازي مع حاملها األساس
شبك اإلنترنت ،وهو يشير إلى الهوة
والبلدان ما بين البلدان النامي
المتقدم في قدرتها على النفاذ إلى
مصادر المعرف والمعلومات مترادفا
مع القدرة على استغاللها وتوظيفها.
لكن هذا التطور السريع للتكنولوجيا
المعلومات تكنولوجيا خاص
واالتصاالت سيؤدي إلى توسيع
بين الذين يملكون الفجوة الرقمي
التكنولوجيا والذين ال يملكونها ،رغم
13
176
أنه يمثل ثورة متصاعدة ألن الفوارق في هذه التكنولوجيا واستعماالتها بدأت تتجلى من خالل العديد من
المؤشرات التكنولوجي الحديث .وان خطورة الفجوة الرقمي ال تتعلق بانعكاساتها التلقائي المباشرة على
الدخل بقدر ما تتعلق باالنعكاسات على النفوذ ،والتي تعود بسلسل من االنعكاسات السلبي المتصاعدة
على األمن والصح والتعليم والعالقات اإلنساني والدخول وعدال الطموحات ،وكذلك على الحق اإلنساني
في اإلبداع وفي االستفادة من المعلومات.
أوالا -ارتفاع كلفة توطين تكنولوجيا المعلومات :رغم اال نخفاض الكبير في أسعار ت .م .ص (تكنولوجيا
المعلومات واالتصاالت) الخاص بالمستخدم النهائي ،فإن كلف توطينها محليا في ارتفاع مستمر نظ ار
لألسباب التالي :
ارتفاع كلف إنشاء البنى التحتي ال خاص في إقام شبكات اتصاالت النطاق العريض Broad
bandذات السع العالي لتبادل البيانات باستخدام األلياف الضوئي وما يكافئها.
ارتفاع كلف تطوير محتوى عالي الجودة خاص فيما يتعلق بالمحتوى اإلعالمي ومحتوى تطبيقات
الوسائط المتعددة.
على الرغم من انخفاض سعر الكمبيوتر الشخصي والمعدات الشخصي األخرى لتكنولوجيا المعلومات
كالهواتف وأجهزة الفاكس وآالت نسخ الصور وما شابه ،إال أن سرع اإلهالك غير الفني تقلل كثي ار من
هذه الميزة االقتصادي .
زيادة ميزاني التعليم نتيج التوسع في إدخال ت .م .ص في مستويات التعليم المختلف .
ثانيا -تكتل الكبار والضغط على الصغار :تشهد حاليا صناع المعلومات حرك نشط للتكتل من قبل
الكبار ،مما يضيق الخناق على الصغار في الكثير من المجاالت إلى حد االستبعاد الكامل من حلب
المنافس ،ومن أبرز مالمح هذا التكتل:
تكتل اقتصادي على مستوى المؤسسات من خالل التكامل األفقي والرأسي ،وتكثيف رأس المال.
177
تواصل اقتصادي كبير بين الدول المتقدم عن طريق التجارة اإللكتروني والمؤسسات ونشاط األعمال بها
من خالل طور التعامل الذي يرمز إليه بـ (B2b) Business- to- Business( :وهو التواصل الذي
ينمو بمعدالت متزايدة ،مما يضعف وبشدة الموقف التنافسي لمؤسسات الدول النامي ،وذلك بالطبع عالوة
على التكتالت االقتصادي ما بين الدول المتقدم ،التي تؤدي بصورة مباشرة وغير مباشرة إلى تفتيت
الدول النامي إلى كيانات صغيرة تدور في فلك هذه التكتالت العمالق .
ثالثا -التهام األسواق المتعددة الجنسيات لألسواق المحلية :تقوم إستراتيجي التسويق للشركات المتعددة
الجنسي العامل في مجال ت .م .ص عام ،وشركات تطوير البرمجيات بصف خاص ،على توزيع
منتجاتها ،وخدماتها خارج الحدود شامل السوق العالمي على اتساعها ،وذلك من خالل ما يعرف بأسلوب
التطويع لمطالب األسواق المحلي localizationتارك الفتات لشركات التطوير المحلي لتضمر تدريجيا
في تآكل أسواقها.
رابعا -كلفة الملكية الفكرية :ستضيف الملكي الفكري أعباء ثقيل على فاتورة التنمي المعلوماتي ،خاص
في ظل االتفاقيات ،والتشريعات الملزم لمنظم التجارة العالمي (الغات سابقا) ،التي يسعى من لهم
السلط عليها إلى توسيع نطاق حماي الملكي الفكري ليشمل االكتشافات العلمي أيضا (اكتشاف الجينات
المسبب لألمراض الوراثي على سبيل المثال) ،وهو ما تكافحه منظمات المجتمع المدني بكل ما في
وسعها من جهد لكي تظل المعرف متاح للجميع ،فقد أسهمت أجيال البشر جميعا في صنعها.
خامسا -انحياز تكنولوجيا المعلومات اقتصاديا لمصلحة القوي على حساب الضعيف :تحابي
التكنولوجيا ،عادة ،األكثر تقدما واألكثر استخداما لها على حساب األقل تقدما واألقل استخداما ،ومن
أمثل ذلك:
تتناسب كلف االتصال عكسيا مع مستوى الدخل ،فكلفتها في بنغالديش على سبيل المثال
أضعاف كلفتها في الواليات المتحدة األميركي .
تصمم منتجات ت .م .ص وخدماتها تلبي لمطالب مستخدمي الدول المتقدم ،وغالبا ما تأتي
كثير من مواصفات هذه المنتجات وام كاناتها غير ذات أهمي بالنسب إلى مستخدميها في الدول
النامي ،ومعظم حزم البرامج الجاهزة ال توفر الوسائل التي تمكن المستخدم من أن ينتقي منها ما
يلبي حاجته فقط ،وعليه أن يتحمل مهام إضافي ال تعنيه من قريب أو بعيد ،وليس في ني
178
الشركات العالمي المنتج لهذه الحزم إنتاج نسخ منها على مقاس الفئات المتعددة من مستخدمي
الدول النامي .
عادة ما ي حرم مستخدمو ت .م .ص في الدول النامي من شراء معدات مستخدم بأسعار زهيدة
إذا ما قورنت بالجديدة ،كما يحدث كثي ار في الدول المتقدم ،وذلك لعدم توفر وسائل الصيان
الالزم ،وتعذر الحصول على قطع الغيار.
179
الخالصة:
القتصاد المعرف مستلزمات أساسي مثل العمل على خلق رأس المال البشري وتطويره بنوعي عالي ،وله
حوامل أساسي يمكن التعبير عنها بمؤشرات مثل مؤشرات العلم والتكنولوجيا ،الموارد البشري ،نشر
تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت والعولم .
يجب أن تتسم إدارة اقتصاد المعرف بالقدرة على تركيز الجهود إليجاد األدوات واآلليات الالزم إلحداث
تغيرات في التكلف ورفع الكفاءة واإلنتاجي ،وفي الوقت ذاته تفجير طاقات اإلبداع واالبتكار لدى
األشخاص الذين تعتمد عليهم المؤسس ،وأيضا القدرة على تطوير رأس المال الفكري وادارته .أما
المضامين األساسي للعولم في اقتصاد المعرف فتتمثل في حري حرك رؤوس األموال ،وخاص مع توفر
االتصال اإللكتروني ،حري حرك وانتقال السلع والخدمات ،خصخص النشاط االقتصادي ،تحديد درج
تدخل الدول بأدنى وأضيق نطاق ممكن.
وعن إشكاليات اقتصاد المعرف وتحدياته فهي عديدة مثل تكريس البطال وهجرة األدمغ ،تكريس ثقاف
االستهالك ،إفالس الشركات ،عدم القدرة على ضبط المنتجات ،الكساد المعلوماتي والفجوة الرقمي ،
وبالتالي الفجوة المعرفي ،ولهذا أسباب اقتصادي عديدة منها :ارتفاع كلف توطين تكنولوجيا المعلومات،
التهام األسواق المتعددة الجنسيات لألسواق المحلي ،كلف الملكي الفكري وانحياز تكنولوجيا المعلومات
الضعيف. حساب على القوي لمصلح اقتصاديا
180
التمارين
– Aإعادة هيكل اإلنفاق العام ومضاعفته واجراء تخفيض حاسم في اإلنفاق المخصص
لتعزيز المعرف .
- Bالعمل على خلق رأس المال المادي وتطويره وبنوعي عالي .
181
المراجع
-عبد المجيد شكري ،تكنولوجيا االتصال الجديد في إنتاج البرامج في الراديو والتلفزيون ،دار الفكر
العربي ،مدينة نصر.3996 ،
-أحمد إسماعيل حجي ،اقتصاديات التربية والتخطيط ،القاهرة ،دار الفكر العربي..11. ،
-زيد بن محمد الرماني ،اقتصاد اإلعالم ،أسرار وأخبار ،ط ،3الرياض ،مكتبة الرشد ناشرون ..111
-عاشور فني ،اقتصاديات وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة ،اتحاد إذاعات الدول العربية تونس
..13.
-محمد سيد محمد ،اقتصاديات اإلعالم ،مكتبة كمال الدين ،القاهرة.3979 ،
-محمد خليل الرفاعي وبطرس حالق ،إدارة الصحف واقتصادياتها ،منشورات جامعة دمشق ،مركز
التعليم المفتوح.8110 ،
-حسن توفيق حسن ،اقتصاديات صناعة الصحافة ،كتاب األهرام االقتصادي ،القاهرة.0771 ،
-حسنين عبد القادر ،إدارة الصحف ،دار النهضة العربية ،القاهرة.0708 ،
-بيير ألبير ،الصحافة ،ت ،فاطمة عبد اهلل محمود ،الهيئة المصرية للكتاب ،القاهرة.0749 ،
-محمد سيد محمد ،اقتصاديات اإلعالم ،المؤسسة الصحفية ،مكتبة كمال الدين ،القاهرة.0797 ،
-طه محمود طه ،وسائل التصال الحديثة وأبعاد جديدة للقرن العشرين ،مجلة عالم الفكر ،مجلد ،00
العدد الثاني ،الكويت.0741 ،
http://www.albayan.ae/paths/books/
182
-سيادة النموذج السينمائي األمريكي ،انظر موقع:
-عبد الباسط محمد عبد الوهاب ،استخدامات تكنولوجيا االتصال في اإلنتاج اإلذاعي
والتلفزيوني ،دراسة تطبيقية وميدانية ،المكتب الجامعي الحديث ،القاهرة.2885 ،
-نبيل الجردي ،دراسات إعالمية ،الكويت ،منشورات ذات السالسل.1995 ،
-عاشور فني ،اقتصاديات وسائل اإلعالم المرئية المسموعة ،تونس ،سلسلة بحوث
ودراسات إذاعية.2812 ،
-سامي الشريف ،ومحمد مهني ،اإلخراج اإلذاعي والتلفزيوني ،مركز جامعة القاهرة
للتعليم المفتوح.2881 ،
السودان25 ، قدم إلى مركز الخبراء للتدريب،
-مجذوب بخيت محمد توم ،اقتصاديات اإلعالم،
أغسطس.2813 ،
-خالد زعموم والسعيد أبو معيزة ،التفاعلية في اإلذاعة ،أشكالها ووسائلها ،منشورات
اتحاد إذاعات جامعة الدول العربية ،تونس2882. ،
-الصادق الحمامي ،اإلذاعة في عصر الشبكات ،نماذج جديدة ،نسخة ويب غير
مؤرخة.
-رضا النجار ،شبكة االنترنت وتوظيفها لدى الهيئات اإلذاعية والتلفزيونية العربية،
اتحاد إذاعات الدول العربية.2882 ،
-محمد سالمة ،راديو االنترنت ،مجلة الفن اإلذاعي ،العدد ،2883 ،172عن موقع:
.www.egyptradio.tv
183
-شاشة فارس ،اقتصاديات وسائل اإلعالم اإللكترونية ،المؤتمر العلمي األول (وسائل
اإلعالم والمجتمع) ،بالتعاون مع مخبر التغيير االجتماعي والعالقات العامة في الجزائر،
و ازرة التعليم العالي والبحث العلمي ،جامعة محمد خيضر بسكرة.2111 ،
-الصحافة اإل لكترونية ،ورقة بحثية مقدمة في المؤتمر الرابع للصحفيين في مصر23 ،
أيلول .2115
-زيد منير سليمان ،الصحافة اإللكترونية ،عمان ،األردن ،دار أسامة.2112 ،
-عبد األمير الفيصل ،الصحافة اإللكترونية في الوطن العربي ,دار الشروق ،رام اهلل,
.2116
-يورك برس ،تصميم موقعك وبناؤه على الويب ,مكتبة لبنان ,بيروت( ,د ت).
-سعود صالح كاتب ,اإلعالم الجديد واإلعالم القديم ,جدة ,شركة المدينة المنورة للطباعة
والنشر ،جدة السعودية.2117 ،
-سميرة شيخاني ,اإلعالم الجديد في عصر المعلومات ,مجلة جامعة دمشق المجلد ،26
العدد األول والثاني.2111 ,
-حسين عبد الجبار ,اتجاهات اإلعالم الحديث والمعاصر ,دار أسامة للنشر والتوزيع,
عمان ،األردن.2112 ,
-إبراهيم األخرس ,اآلثار االقتصادية واالجتماعية لثورة االتصاالت وتكنولوجيا
المعلومات ،اإلنترنت والمحمول نموذجاً ,دار الكتاب العربي ,مصر ،القاهرة إيتراك,
.2112
-سعد الطائي ،اقتصاديات اإلعالم في مجتمعات ما بعد الصناعة ،من االحتكارات اإلعالمية إلى
اإلمبراطوريات االقتصادية.0288 ،
-محمد خليل الرفاعي ،تقنيات اإلعالم ،منشورات جامعة دمشق ،0229 ،ص . 011
-محمد خليل الرفاعي ،دور اإلعالم في العصر الرقمي في تشكيل قيم األسرة العربية ،مجلة جامعة
دمشق ،المجلد ،09العدد األول والثاني .0288،
-د .ا .م ،اإلعالنات الفورية عبر اإلنترنت قد تترك انعكاسات سلبية على الصحافة المكتوبة ،مجلة
الكمبيوتر واالتصاالت واإللكترونات ،العدد ،1مج ،86حزيران ،دار الصياد ،بيروت ،لبنان.8888 ،
184
-نبيل عبده ،نحو تفوق إعالنات اإلنترنت على إعالنات الصحافة المطبوعة في الغرب ،مجلة
الكمبيوتر واالتصاالت واإللكترونات ،العدد ،8مج ،01تشرين الثاني ،دار الصياد ،بيروت ،لبنان،
.0229
-ناريمان دبوس ،ألعاب الكمبيوتر تدخل ميدان التنافس اإلعالني عبر اإلنترنت ،مجلة الكمبيوتر
واالتصاالت واإللكترونات ،العدد ،1مج ،01تشرين األول ،دار الصياد ،بيروت ،لبنان.0229 ،
-عبد األمير الفيصل ،الصحافة اإللكترونية في الوطن العربي ،دار الشروق ،رام اهلل.0226 ،
-طارق الخير وعلي الخضر وآخرون ،مبادئ التسويق ،مطبعة الروضة ،ط ،1دمشق.0221 ،
-محمد جبار طاهر الشمري ،دور اقتصاد المعرفة في تحقيق النمو االقتصادي ،رسالة ماجستير ،جامعة
الكوفة.3000 ،
-أروى أبو بكر مبارك بكران ،اقتصاد المعرفة وتأثيره في تغيير البنية االقتصادية في الجمهورية اليمنية،
رسالة ماجستير ،عدن.3002 ،
-عيسى خليفي وكمال منصوري ،البنية التحتية القتصاد المعارف في الوطن العربي الواقع واآلفاق،
كلية العلوم الملتقى الدولي حول المعرفة الركيزة الجديدة والتحدي التنافسي للمؤسسات االقتصادية،
االقتصادية والتسيير ،جامعة بسكرة ،الجزائر 02-03 ،نوفمبر .3002
185
عمان،
- -عبد الرحمان الهاشمي وفائزة عزاوي ،المنهج واقتصاد المعرفة ،دار المسيرة للنشر والتوزيعّ ،
األردن ،الطبعة األولى.3002 ،
-عبد الخالق فاروق ،اقتصاد المعرفة في العالم العربي ،مشكالته وأفق تطوره ،ط 0إصدار مكتب نائب
رئيس مجلس الوزراء لشؤون اإلعالم ،شركة أبو ظبي للطباعة والنشر ،أبو ظبي ،اإلمارات العربية
المتحدة.3002 ،
-عماد عبد الوهاب صباغ ،علم المعلومات ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن .0111
-نبيل علي ونادية حجازي ،الفجوة الرقمية ،رؤية عربية لمجتمع المعرفة ،سلسلة عالم المعرفة ،العدد
،201الكويت.3002 ،
-آر .أيه .بوكانان ،ترجمة شوقي جالل ،اآللة قوة وسلطة ،التكنولوجيا واإلنسان منذ القرن 11حتى
الوقت الحاضر ،عالم المعرفة ،العدد ،321المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب ،الكويت.3000 ،
-سلمان رشيد سلمان ،البعد االستراتيجي للمعرفة ،مركز الخليج لألبحاث ،دبي ،اإلمارات العربية المتحدة،
.3002
-المصدر :نبيل علي ونادية حجازي ،الفجوة الرقمية ،رؤية عربية لمجتمع المعرفة سلسلة عالم المعرفة،
العدد ،201الكويت .3002
-ربحي مصطفى عليان ،إدارة المعرفة ،الطبعة األولى ،دار الصفاء للنشر والتوزيع عمان،
األردن.2002 ،
-محسن أحمد الخضيري ،اقتصاد المعرفة ،مجموعة النيل العربية ،القاهرة.2009 ،
-علي بن حسن يعن اهلل القرني ،متطلبات التحول التربوي في مدارس المستقبل الثانوية بالمملكة
العربية السعودية في ضوء تحديات اقتصاد المعرفة ،رسالة دكتوراه في اإلدارة التربوية
والتخطيط ،قسم اإلدارة والتخطيط ،كلية التربية ،جامعة أم القرى المملكة العربية السعودية،
.2001
-مرال توتليان ،مؤشرات اقتصاد المعرفة وموقع المرأة من تطورها ،منشورات المعهد العربي
للتدريب والبحوث اإلحصائية ،لبنان.2002 ،
-ربحي مصطفى عليان ،اقصاد المعلومات ،دار الصفاء للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن .2001
186
-نبيل علي ونادية حجازي ،الفجوة الرقمية ،رؤية عربية لمجتمع المعرفة ،عالم المعرفة العدد
،392الكويت.2009 ،
-العشعاشي عبد الحق ،وحوحو مصطفى ،دور اقتصاد المعرفة في الحد من البطالة ،قدم إلى
المؤتمر العالمي التاسع لالقتصاد والتمويل اإلسالمي ،اسطنبول ،تركيا90-1 ،سيبتمبر .2093
-محمد جبار طاهر الشمري ،دور اقتصاد المعرفة في تحقيق النمو االقتصادي ،رسالة ماجستير،
جامعة الكوفة.2110،
-هديل عزيز دراز ،المعلومات والمعرفة ودورها في التنمية االقتصادية( ،د ن)( ،د م ن)( ،د
ت).
عمان األردن2115،
-ربحي مصطفى عليان ،اقتصاد المعلومات ،دار الصفاء للنشر والتوزيعّ ،
.2101
-سلوى بدري البخيتان ،اقتصاديات المعرفة كمفهوم جديد في ظل تكنولوجيا المعلومات منشورات
جامعة دمشق.2002 ،
عمان ،األردن .2111
-فليح حسن خلف ،اقتصاد المعرفة ،الطبعة األولى ،جدار للكتاب العلميّ ،
-أحمد عبد الو نيس ،مدحت أيوب ،اقتصاد المعرفة ،مركز دراسات وبحوث الدول النامية القاهرة،
.2116
187
-يوسف أحمد إبراهيم ،التعليم وتنمية الموارد البشرية في ظل االقتصاد المبني على المعرفة
مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االسترتيجية.2114 ،
-عماد عبد الوهاب صباغ ،علم المعلومات ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن .1221
-عماد عبد الوهاب صباغ ،علم المعلومات ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن .0550
ص .41
-عماد عبد الوهاب صباغ ،علم المعلومات ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن.0550 ،
ص .41
Extrait de ph, Aghion et E,Cohen, Education et croissance, Rapport de -
CAE, la documentation françiase, pp. 19,20
-جمال داوود سلمان ،اقتصاد المعرفة ،دار اليازوري ،عمان ،األردن.0110 ،
-هاشم الشمري ،االقتصاد المعرفي ،دار الصفاء للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن.0112 ،
-سليمان غزال مصطفى ،اقتصاد المعرفة ودوره في عملية التنمية( ،د ن).0110 ،
-طالل محرز إسماعيل ،مجتمع المعرفة ،مركز الدراسات اإلستراتيجي ،دمشق ،سوري .0101 ،
-هديل عزيز دراز ،المعلومات والمعرفة ودورها في التنمية االقتصادية( ،د ن)( ،د م ن)( ،د ت).
-أحمد بالل ،مالمح اقتصاد المعرفة العربي أفق المستقبل ،دار طالس ،دمشق ،سوري .0100 ،
-هدى زوير الدعمي ،االقتصادي المعرفي وانعكاساته على التنمية البشرية ،دار جرير ،عمان،
األردن ،الرياض ،السعودي .0101 ،
-حسناء سليمان ،دور إدارة المعرف في اقتصاد المعرف ( ،د ن).0112 ،
-باسم غدير غدير ،اقتصاد المعرفة ،شعاع للنشر والعلوم ،حلب ،سوري .0101 ،
-بيتر دراكر ،مجتمع ما بعد الرأسمالية ،ترجم صالح بن معاذ المعيوف ،مركز البحوث في معهد
اإلدارة العام في المملك العربي السعودي ،الرياض.0110 ،
-تقرير التنمي اإلنساني العربي للعام ،0112نحو إقامة مجتمع المعرفة ،برنامج األمم المتحدة
اإلنمائي ،الصندوق العربي لإلنماء االقتصادي واالجتماعي ،عمان.0112 ،
-نبيل علي ونادي حجازي ،الفجوة الرقمية ،رؤية عربية لمجتمع المعرفة ،عالم المعرف ،العدد ،202
الكويت .0112
-نجم عبود نجم ،إدارة المعرفة ،المفاهيم واإلستراتيجيات والعمليات ،مؤسس الوراق للنشر والتوزيع،
عمان.0112 ،
188