Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 4

‫المبحث الرابع‬

‫المناظــــرة‬
‫تعريف المناظرة‪:‬‬
‫الند أو المكافئ أو المخالف"‪ ،‬أو من النظر بمعنى اإلبصار‪ ،‬أو‬
‫في اللغة‪ :‬مأخوذة من النظير " ّ‬
‫ِ‬
‫المتناظرين ينتظر حديث اآلخر"‬ ‫من االنتظار " ألن كل واحد من‬
‫في االصطالح‪ :‬عبارة عن محاورة ومجادلة بين طرفين من أجل الوصول إلى الحق وبيانه‪ ،‬أو‬
‫دحض الباطل وإزهاقه‬
‫إظهارا للصواب‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقيل هي‪ :‬النظر بالبصيرة من الجانبين في النسبة بين الشيئين‬
‫أنواع المناظرة ‪:‬‬
‫ودية‪ :‬تكون بين شخصين على مستوى جلسة عادية؛ ليس فيها حكم وال مرجح‪،‬‬ ‫( ‪ ) 1‬مناظرة ِّ‬
‫وإنما كل واحد يلقي بحجته وينتصر الطرف األقوى‪ ،‬ومثال هذا النوع من المناظرات مناظرة النبي‬
‫‪ ‬عتبة بن ربيعة الذي جاء يجادله في شأن الرسالة‪(.‬تراجع في كتب السيرة)‬
‫( ‪ ) 2‬مناظرة رسمية‪ :‬وتكون بين شخصين على مستوى رسمي يشهده الناس أو ينقل عبر‬
‫وسائل اإلعالم‪ ،‬وسنذكر لذلك عددا من النماذج الحقا – إن شاء للا‪.-‬‬
‫آداب المناظرة ‪:‬‬
‫( ‪ ) 1‬النية الصادقة في نصرة الحق دون ما سواه‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬تقديم النقل ونصوصه على العقل وظنونه‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬التحلي باألخالق اإلسالمية العالية أثناء المناظرة‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫• ترك التعميم‪.‬‬
‫• ترك الشخصنة‪.‬‬
‫• ترك الطعن في اآلخرين‪.‬‬
‫• ترك التسفيه من رأي الطرف اآلخر‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬ترتيب األفكار والتركيز على نقاط معينة‪ ،‬وتقديم األهم على المهم‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬إعالن التسليم بالقضايا المتفق عليها وقبول النتائج‪.‬‬
‫( ‪ ) 6‬إنهاء المناظرة إن كانت ستؤدي إلى فتنة‪ ،‬أو عندما يصر الطرف اآلخر على رأيه وال‬
‫يقبل سواه‪.‬‬
‫( ‪ ) 7‬اإلحاطة بموضوع المناظرة إحاطة كاملة‪.‬‬
‫نصائح للداعية ال ُمنَاظِ ر ‪:‬‬
‫مقصده الوصول إلى الحق‪ ،‬والدعوة إليه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫األولى‪ :‬إخالص النية هلل‪ ،‬وأن يكون‬
‫وددت أن يظهر للا الحق على يديه ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وقد ورد عن اإلمام الشافعي قوله‪ :‬ما ناظرت أحداً إال‬
‫قال البيهقي‪ :‬وحكمته‪ :‬أن ال يستنكف عن األخذ به بخالف خصمه ‪...‬‬
‫(‪)1‬‬

‫الثانية‪َّ :‬‬
‫أال يحمله الموقف على رد الحق‪ ،‬أو عدم التراجع عن الخطأ‪ ،‬أو الكذب‪ ،‬فإن التراجع‬
‫عن الخطأ‪ ،‬وقول الحق‪ ،‬خير عند للا وعند الناس من التمادي في الباطل‪.‬‬
‫مجرد االنتصار على شخصية الخصم‪ ،‬بل يكون همه السعي نحو‬ ‫َ‬ ‫الثالثة ‪َّ :‬أال يكون ُّ‬
‫همه‬
‫هدايته‪ ،‬فإن لم يكن إال كسره من أجل بيان باطله حتى ال يغتر به‪ ،‬فال بأس ‪ -‬وقتئذ ‪ -‬بذلك‪.‬‬
‫الرابعة ‪ :‬الرفق والتلطف في األسلوب‪ ،‬ولو كان في المناظرة‪ ،‬ولو كان مع أعدى األعداء‪.‬‬
‫الخامسة ‪ :‬أن يكون المناظر عالماً بعامة‪ ،‬وبموضوع المناظرة بخاصة‪.‬‬
‫السادسة ‪ :‬أن تتوفر فيه موهبة المناظرة‪ ،‬وإدراك نفسية المناظر والمستمعين‪.‬‬
‫السابعة ‪َّ :‬أال يغيب ذهنه عن المستمعين‪ ،‬فهم المقصود‪ ..‬وليعلم أن كل كلمة‪ ،‬أو إشارة‪ ،‬أو‬
‫حركة‪ ،‬محسوبة عليه‪.‬‬
‫الثامنة ‪َّ :‬أال يخرج عن نقطة البحث‪ ،‬وال عن المرجعية‪ ،‬مهما حاول الخصم إخراجه أو‬
‫استدراجه‪.‬‬
‫التاسعة ‪ :‬كسب القلوب‪ ،‬مقدم على كسب المواقف‪ ،‬إال أن يكون موقف حق‪ ،‬ودونه الباطل‪.‬‬
‫العاشرة ‪ :‬إذا عجز عن إقناعه بدليل‪ ،‬أو راوغ فيه المخالف‪ ،‬فلينتقل إلى دليل آخر‪ ،‬كما فعل‬
‫إبراهيم عليه الصالة والسالم لما قال للذي حاجه ‪ :‬إن للا يحي ويميت‪ ،‬قال الخصم‪ :‬أنا أحي‬
‫وأميت‪ ..‬فلم يناقشه إبراهيم عليه الصالة والسالم في هذه‪ ..‬ألن الوقت أثمن‪ ..‬فأتاه بقارعة‬
‫أسقطته وأسقطت ادعاءه باإلحياء واإلماتة‪.‬‬
‫الحادية عشرة‪َّ :‬أال يغضب‪ ،‬وأن ال ينتقم لنفسه‪ ،‬فمن يعلم أن من طبعه الغضب‪ ،‬فال يدخل‬
‫المناظرة‪ ،‬فإن الغضب في المناظرة له آثار سيئة ولو كان هلل‪.‬‬
‫ِِ ِ ِ‬ ‫الثانية عشرة ‪ :‬االنسحاب عند تبين ِمراء الخصم‪ ،‬لقوله تعالى‪َ ﴿ :‬فالَ‬
‫تُ َم ِار فيه ْم إالّ م َر ً‬
‫آء‬
‫ترك المراء وإن كان‬ ‫اه ارً﴾ولقوله صلى للا عليه وسلم ‪ ":‬وأنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن‬ ‫ظ ِ‬
‫َ‬
‫محقاً"‬
‫خصائص المناظرة ‪:‬‬
‫( ‪ ) 1‬المكاشفة‪ :‬بمعنى ظهور كال المتناظرين على حقيقتيهما أمام المأل‪ ،‬فإن أصاب احدهما‬
‫ظهر صوابه‪ ،‬وإن ضل بان ضالله‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬استخدام الحوار الهادف البناء الذي يلتزم فيه الطرفان بالرقي العلمي واألخالقي‪،‬‬
‫واألسلوبي‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬الدقة المتناهية في عرض األمور‪ ،‬بال استطراد وال فوضى‪.‬‬
‫مآال‪.‬‬
‫حاال ال ً‬
‫( ‪ ) 4‬ظهور نتيجة المناظرة ً‬
‫الحاجة إلى المناظرة في تبليغ الدعوة ‪:‬‬
‫( ‪ ) 1‬تسهم المناظرة في كشف الحقائق على المأل‪ ،‬وتعرية الباطل‪ ،‬ونصر الحق بالحجة‬
‫والبرهان‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬كما أنها تضع خصوم الدعوة اإلسالمية في مأزق حيث ال يمكنهم نصر باطلهم‪ ،‬أو‬
‫التحايل إلثباته‪.‬‬
‫كما يضاف إلى ما سبق من فوائد‪:‬‬
‫▪ القيام باألمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذي يعظم ويقل بحسب موضوع المناظرة وآثارها‬
‫ونتائجها ‪.‬‬
‫▪ تحصيل ملكة الجدل والمناظرة والبحث واالستنباط والفهم والتعليل وتقوية الذهن وفتح نوافذ‬
‫العقل في فهم المسائل ‪.‬‬
‫▪ الوصول إلى الحق في المسائل العلمية والعملية ‪.‬‬
‫▪ إبطال الباطل وبيان الخطأ من األقوال والمرجوح منها‪.‬‬
‫يستدل‬ ‫▪ ‪ -‬رفع اإلشكال واللبس واالشتباه الواقع في األدلة عند المناظر أو الشبه التي‬
‫بها المخالف ‪.‬‬
‫▪ تبادل الفوائد ودقائق المسائل بين المتناظرين ‪.‬‬
‫▪ تقليل الخالفات بين المسلمين في المسائل العلمية والعملية ‪.‬‬
‫▪ مذاكرة المسائل العلمية وتثبيتها وتثبيت اإليمان بها واعتقادها ‪.‬‬
‫متى تمنع المناظرة ‪:‬‬
‫✓ تمنع المناظرة في األحوال اآلتية‪:‬‬
‫✓ عندما تنقلب إلى مراء‪.‬‬
‫✓ عنما ال ُيلتزم بشروطها‪.‬‬
‫بها لدى العامة‪.‬‬
‫✓ عندما تثير ُش ً‬
‫علما أو فناً بها‪.‬‬
‫✓ عند ضعف المناظر ً‬
‫✓ أن يغلب على الظن أن مفسدتها أكبر من مصلحتها(‪.)2‬‬
‫الموازنة (أبرز الفوارق) بين المناظرة والخطبة ‪:‬‬
‫✓ المناظرة عمل فردين فأكثر‪ ،‬أما الخطبة فعمل فرد‪.‬‬
‫✓ جمهور المناظرة أخص من جمهور الخطبة‪.‬‬
‫✓ المناظرة ال تنتهي بانتهاء المتحدث ألن كال المتناظرين يسمع لآلخر وينتظر دوره في الرد‬
‫والبيان‪ ،‬أما الخطبة فتنتهي بانتهاء الخطيب‪.‬‬
‫✓ المناظرة ترتكز على العقل إذ تهدف إلى العلم والتعليم والبيان‪ ،‬أما الخطبة فترتكز على‬
‫المشاعر ألنها تخاطب العاطفة وتهدف إلى التأثير عليها‪.‬‬
‫✓ المناظرة ُيتَ َح َّكم في وقتها بخالف الخطبة‪.‬‬
‫نماذج من المناظرة ‪:‬‬
‫( ‪ ) 1‬مناظرة سيدنا نوح مع قومه‪.‬‬
‫( ‪ )2‬مناظرة سيدنا إبراهيم مع النمروذ‪:‬‬
‫( ‪ ) 3‬مناظرة سيدنا إبراهيم مع قومه‪.‬‬

You might also like