Professional Documents
Culture Documents
المصرفية الإسلاميةفي فكر المؤسسين الرواد. الحوراني_قام بالتحرير(2)
المصرفية الإسلاميةفي فكر المؤسسين الرواد. الحوراني_قام بالتحرير(2)
المصرفية الإسلاميةفي فكر المؤسسين الرواد. الحوراني_قام بالتحرير(2)
إعداد
أ.د .ياسرعبد الكريم الحوراني
جامع ـ ـ ـة العلوم اإلسالمي ـة العامليـة اململك ـ ــة األردنيـ ـ ـ ـ ــة الهاشمي ـ ـ ــة
yasirhorani@yahoo.com
املل ـخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص
الحمد هلل رب العاملين ،والصالة والسالم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،وبعد:
فقد شهدت انطالقة املصرفية اإلسالمية منعطفات حادة طيلة مسيرتها التي وصلت إلى نحو نصف
ً
قرن ،خصوصا في مجال الفكر واملمارسة ،ودخلت فيها بعض املؤسسات املالية ٍ
اإلسالمية للعمل في إطار
ً
صيغ تمويلية مغطاة بفتاوى متساهلة ،ومدعومة ضمنيا ،في بعض األحيان ،من تيار فكري يميل للدفاع
عن الحجج التبريرية لنظريات الفائدة.
يركز هذا البحث على التجربة املصرفية اإلسالمية في إطار محاولة تستجمع معالم بدايات التكوين،
والتي يمكن وصفها بمدرسة الرواد األوائل ،إلى جانب محاولة إبراز الخصائص والسمات العامة لهذه
املدرسة ،ومعرفة أهم مفكريها ،والبيئة الفكرية الحاضنة لها ،واإلسهامات املنجزة فيها.
وتأتي أهمية هذا البحث من خالل التنقيب في األصول التي تشكل مرجعية شرعية واجتماعية
لألنشطة املصرفية اإلسالمية الالحقة ،حيث تمهد لإلفادة منها كأدوات قياس يحكم بها على كل القضايا أو
التجارب املستحدثة.
ويفترض البحث وجود عملية تشكيل جديد للخصائص الفطرية التي تميز بها طور الوالدة ،أخذت
باالتساع عبر طور النشأة ،وامتدت في تطور متسارع ،أدى بعد فترة وجيزة لالنتقال من القطاع الثالث ،إلى
القطاع الخاص ،والعمل في منظومة مؤسسات تمويلية تسعى لتعظيم األرباح مع وجود فاقد في الفرص
االجتماعية واإلنسانية.
وربما تتمثل أهم اإلشكاالت التي تصاحب البحث في كيفية الوصول للتجربة التاريخية ،باعتبار أن ما
يمكن الوقوف عليه ال يعكس سمات الوالدة ،وال يكفي للحكم على خصائص النشأة ،إذ أن كل تجربة
ً ً
تاريخية تتضمن مكنوزا ثمينا ال يسبر غوره ،على نحو أدق ،إال بالشواهد الحاضرة ،وكثرة األخبار
املتواترة.
ومع وجود دراسات سابقة مكثفة في صناعة التمويل اإلسالمي ،لكن هناك إخفاق في تحري األفكار
والتيارات التي أدت ،وأودت ،بالتكوين الحقيقي ملدرسة الرواد ،والتأثير في سالمة الوالدة وقوة النشأة لهذه
املدرسة ،التي لم تمكث في العمل واملساندة االجتماعية في القطاع الخيري الثالث إال برهة يسيرة ما لبثت
أن انطفأت جذوتها.
املصرفية اإلسالمية في فكراملؤسسين الرواد
ينقسم البحث إلى ثالثة محاور تغطي مراحل بروز العمل املصرفي اإلسالمي ،ومنعطفاته في التحول
من القطاع الثالث إلى القطاع الخاص ،مع اإلشارة إلى أهم االستنتاجات التي تولدت بفعل التحوالت
الجذرية في الخصائص واألهداف.
16
لت لم سس لم
ميةـنيبـفكـرـا ؤ ينـوواقـعـا طبيق
صارفـاالسال ـ
ـ املؤمتر األول لألكادميية األوربية للتمويل واالقتصاد االسالمي ......ا
احملور األول:
مقدمة يف تاريخ العمل املصريف وعالقته بالتجارة يف اإلسالم
ً
غالبا ما تشير الكتابات التاريخية ،في حقل التمويل عامة ،إلى أن بداية العمليات املصرفية تنسب إلى
الجهود التي بذلت في التواصل التجاري بين البلدان ،ومع صحة هذا االفتراض يميل نفر من الباحثين إلى
االعتقاد بأن العمل املصرفي أخذ يتشكل في طور البداية والتكوين في إيطاليا ،1ألنها تشكل منطقة
التواصل بين التجار في مدن إيطالية عريقة؛ مثل البندقية وفلورنسا وجانوا ،وتعود إليها في اشتقاق
املصطلح ،وهو ) ،(Bancoوالذي يدل في اإليطالية على معنى املصرف .كما أن هناك اتجاهات أخرى تشير
إلى دور اليونان ،وأهمية املعابد فيها كبيوت مصرفية يأنس إليها الناس في معامالتهم املالية ،ملا تتمتع به من
القداسة واألمانة ورد الحقوق ألصحابها.
ولكن يشكك آخرون بهذه املزاعم جميعها ،ألن تحديد بداية العمل املصرفي يرتبط بتاريخ الحضارات،
وهذا التاريخ هو الفضاء الوحيد في حياة البشرية الذي ال يبدأ من نقطة البداية ،مما يعني صعوبة تحديد
الفترة التي شهدت والدة العمل املصرفي بشكل دقيق ،وحتى لو أشارت بعض الوثائق والحفريات التاريخية
إلى ذلك .2ومن جانب آخر يزعم بعضهم أن النشاط املصرفي ربما بدأ بشكل أولي في فترة ما قبل التاريخ،
باستخدام أسلوب املداينة في نظام اقتصادي قائم على املقايضة.3
ولكن رغم هذا االختالف في تحديد اإلطار التاريخي الذي شهد صناعة الصيرفة ،بات من املؤكد أن
ً
حاجة اإلنسان إلى التعامل املصرفي تزامنت مع ظهور النقود في املبادالت ،وتحديدا مع نمو األنشطة
املعاشية التي يمارسها اإلنسان في مجاالت الزراعة والتجارة والحرف وغيرها.
ً ً
ومع ظهور اإلسالم في القرن السابع امليالدي ،شهد النشاط املصرفي ،منعطفا جديدا في صقل
العالقات اإلنسانية على أسس إيمانية لم تعرف من قبل ،وأصبح دور التجار في هذا النشاط أكثر أهمية،
وهو ما يؤكده ليبر بأنه "من القرن السابع امليالدي وما بعده ،استطاع املسلمون تطوير التجارة ذات
املسافات الطويلة والدولية ،إلى حد فاق كل ما عرف من قبل ،ربما ألن اإلسالم هو أحد األديان العظيمة
التي تمنح التاجر مكانة مرموقة في املجتمع".4
ولعل دور التجار املسلمين يكتسب أهميته في صناعة الصيرفة بسبب األحكام التشريعية الجديدة،
والتي بثها الرسول في تعزيز عالقتهم باملجتمع ،وتأدية الحقوق ،وقد روي أن الرسول خاطب التجار
.1شاش ي ،عبد القادر حسين ،أصل وتطور العمليات املصرفية التجارية واإلسالمية ،مجلة جامعة امللك عبد العزيز :االقتصاد اإلسالمي ،جدة،
السعودية ،مج ،21ع ،2ص.3
2
.Orsingher, R. (1967) Banks of the World, Macmillan, London, P1
3
. Homer, S. (1963) A History of Interest Rates, Reutgers University Press New Brunswick, NewJersey, P17.
4
Lieber, A.E. (1968) “Eastern Business Practices and Medieval European Commerce”, Economic History Review, 21, P 230.
17
لت ..................أ.د ياسر لم سس املصرفية االسالمية يف فكر املؤسسني لم
ميةـنيبـفكـرـا ؤ ينـوواقـعـا طبيق
صارفـاالسال ـ
احلوراني ـ
الرواد
املؤمتر األول لألكادميية األوربية للتمويل واالقتصاد االسالمي ......ا
َ َ َّ
وصلى َّ َّ ُ َّ َّ َ ُ
وأدى األمانة" ،1وقد زكى هذه الحرفة بقوله القيامة ف َّجا ًرا إال من صدق
ِ
باعثكم َ
يوم بقوله "إن اَّلل
َ ُ
"عليك ْم بالتجارةَّ ،
الرزق" .2وال شك أن هنالك ضوابط تشريعية للعمل بالتجارةِ أعشار
ِ فإن فيها تسعة ِ
تقوم على معرفة األساسيات الفقهية في هذا الجانب ،قال عمر بن الخطاب" :ال يبع في سوقنا إال من تفقه
في الدين" ،3وروي عن علي رض ي هللا عنه قوله "الفقه قبل التجارة ،إنه من اتجر قبل أن يتفقه ارتطم في
الربا ثم ارتطم" ،4وهناك فضائل كثيرة في التجارة حتى عدها بعض الفقهاء أنها أفضل املهن.
وقد ساعد موقع مكة املكرمة على تنشيط العمل بالتجارة ،وورد أن العمليات املصرفية في مكة
املكرمة بدأت تتشكل على وجه التحديد مع ازدياد عمليات التبادل ،وتطورها عبر التجار املحليين ،عن
طريق اإلقراض واالقتراض ،والكفالة ،وحفظ األمانات ،وغيرها من املعامالت التي تجسد الصورة األولية
ً
لصناعة الصيرفة .واتسع نطاق دور التجار املسلمين في حركة التعامل التجاري الدولي ،خصوصا مع توافد
الحجاج واملعتمرين للبيت الحرام ،وهم يجلبون إليها ما يمكن إنفاقه من السلع مقابل ما يحملون من
هدايا ومنتوجات أخرى إلى بالدهم.
ويتضح أثناء هذه الفترة ،أنه من املمكن وجود صرافين من غير وجود مصارف ،ويطلق على هؤالء
الصرافين أو الصيارفة أيضا وصف الجهابذة ،وهم يقومون باألعمال الحقيقية ألعمال الصيرفة ،ولكن
دون وجود مؤسسات مستقلة تراعي هذه األعمال.
ومع انتشار الدولة اإلسالمية وتوسعها ،أخذ دور التجار يزداد في تطبيق أعمال الصيرفة اإلسالمية،
ً
خصوصا أن الدولة اإلسالمية تحتضن مسلمين من أصول جديدة ،إضافة إلى األصول العربية ،مما أدى
إلى اكتساب خبرات ومهارات جديدة في فن الصيرفة ،وال يخفى هنا أيضا دور الطبقات أو الشرائح
االجتماعية األخرى التي تعيش في الدولة اإلسالمية؛ مثل الفرس والبربر واليهود والنصارى واألرمن.5
ومن الشواهد في ذلك ما يرويه الجاحظ" :ما عظم النصارى في قلوب العوام أن منهم كتاب
السالطين ،وأطباء األشراف ،والصيارفة" ،6وقال املقدس ي وهو يتناول إقليم الشام" :وأكثر الجهابذة
والصباغين والصيارفة بهذا اإلقليم يهود".7
.1السيوطي ،عبد الرحمن ،الآللئ املصنوعة ،دار املعرفة1975 ،م ،١٤١/٢ ،حديث صحيح.
.2السبكي ،عبد الوهاب بن علي ،طبقات الشافعية الكبرى.٣١١/٦ ،
.3الترمذي ،محمد بن عيس ى ،سنن الترمذي ،بيروت ،دار الغرب اإلسالمي1998 ،م .٤٨٧ ،وقال :حسن غريب.
.4ابن رجب ،عبد الرحمن بن أحمد ،ورثة األنبياء :شرح حديث أبي الدرداء ،القاهرة ،دار الفاروق1423 ،هـ ،٢٣/١.وإسناده ضعيف.
.5شاش ي ،عبد القادر حسين ،أصل وتطور العمليات املصرفية التجارية واإلسالمية ،مرجع سابق ،ص.18
.6الدوري ،عبد العزيز الدوري ،تاريخ العراق االقتصادي ،بغداد ،1948 ،ص.137
.7املقدس ي ،محمد ،أحسن التقاسيم في معرفة األقاليم ،بيروت1909 ،م ،ص.183
18
لت لم سس لم
ميةـنيبـفكـرـا ؤ ينـوواقـعـا طبيق
صارفـاالسال ـ
ـ املؤمتر األول لألكادميية األوربية للتمويل واالقتصاد االسالمي ......ا
وانتشرت املصارف في شتى أطراف الدولة اإلسالمية حتى أصبح في كل مدينة مصرف ،وقامت أسواق
مختصة للصيارفة ،وازداد أعداد الصرافين في هذه األسواق ،ويروي ناصر خسرو فيما شاهد من ذلك أنه
ً
كان بسوق الصرافين بمدينة أصفهان مائتا صراف ،وكانوا جميعا يجلسون في سوق واحدة تسمى سوق
الصرافي .1وربما ساعد على قوة هذا االنتشار انتقال األموال وتدفق العمالت من الخارج ،والتي ترسل من
األقاليم إلى مركز الدولة اإلسالمية ،إضافة إلى ما يحمله التجار من عمالت غير متداولة إلى األسواق
املحلية.2
ومن املعروف أن الصيارفة في تلك الفترة كانوا يقومون بأنشطة مصرفية عديدة؛ مثل املراطلة؛ وتعني
ً
بيع الذهب بالذهب ،والفضة بالفضة بمثله وزنا ،وكذلك يقومون ببيع الصرف مثل بيع الذهب بالفضة
ً
متفاضال ،ولكن بضوابط فقهية تقوم على التقابض في مجلس العقد ،وشاع استخدام السفتجة في
الدولة اإلسالمية وهي من أدوات التحوط واألمان ،كما أن املصارف في هذه الفترة كانت تزاول أعمال قبول
الودائع ،وائتمان األموال ،وتسديد السلف .وال شك أن توسع هذه األعمال كان يرتبط بشكل كبير باتساع
رقعة األنشطة التجارية والزراعية.
ومن جانب آخر ،كان الصيارفة يحتلون مكانة عظيمة في املجتمع ،ويقترض منهم وجهاء الدولة،
وأصحاب الرأي فيها؛ كالوالة ،والقضاة ،والشرطة ،واملحتسبون ،وغيرهم ،وبخاصة عندما يضيق بيت
املال عن الوفاء باحتياجات الناس بسبب زيادة النفقات عن اإليرادات .3وال شك أن العجز في بيت املال
ً
كان ينتج في بعض األقاليم بسبب ظروف خاصة بها ،ولعل ذلك كان متزامنا مع تراجع في األوضاع
السياسية واالقتصادية.
وقد برز دور الجهابذة بشكل أكبر في الخالفة العباسية ،عن طريق استخدام أدوات مالية مهمة ،مثل
صكوك السفتجة (الكمبيالة) ،إضافة إلى مكانتهم االجتماعية بالعمل في ديوان الجهابذة ،ودورهم من
خالله في منح الخلفاء والوزراء تسهيالت ائتمانية من غير فوائد ،4وهذا يعني إمكانية وجود صيغ تشاركية
مبنية على املضاربة واملزارعة ،وأية صيغة أخرى تتجاوز التعامل بالربا .وهذا يشير في الوقت نفسه إلى قدرة
املجتمع اإلسالمي على تكوين نظام مالي قادر على تجاوز التعامل املصرفي الربوي .وقد ساعد ذلك على
تمدد التجارة اإلسالمية العابرة حتى وصلت إلى الصين والهند وماليزيا.
.1متز ،آدم ،الحضارة اإلسالمية في القرن الرابع الهجري ،ترجمة محمد عبد الهادي ،بيروت.1967 ،
.2السعدي ،أمل ،الصيرفة والجهبذة في العراق ،أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية اآلداب ،جامعة بغداد1985 ،م ،ص.115
.3الجهشياري ،محمد بن عبدوس ،الوزراء والكتاب ،القاهرة ،مطبع البابي الحلبي1988 ،م ،ص.25-23
.4متولي ،أبو بكر الصديق عمر ،وشحاتة ،شوقي إسماعيل ،اقتصاديات النقود في إطار الفكر اإلسالمي ،دار التوفيق النموذجية ،القاهرة1983 ،م.
19
لت كـرـالمؤسسي املصرفية االسالمية يف فكر املؤسسني لم
احلورانينـوواقـعـا طبيق ياسر ميةـ
أ.دنيبـف صارفـاال
..................سال ـ
الرواد ـ
املؤمتر األول لألكادميية األوربية للتمويل واالقتصاد االسالمي ......ا
احملور الثاني:
نشأة الصريفة اإلسالمية وبدايات التكوين
فقد شهد املجتمع اإلسالمي تحوالت جذرية عصفت به عبر عشرة قرون ،كان من أهمها انقسام
الخالفة اإلسالمية إلى دويالت صغيرة متصارعة ،وتغلغل األعداء من مغول وتتار وصليبيين في املجتمع،
ودورهم في تقسيمه إلى طبقات إقطاعية وعسكرية ،وتراجع دور بيت املال في التنمية ،وتوظيفه لخدمة
ً
الوالة والوزراء والقادة العسكريين ومحصلي الضرائب ،بدال من االهتمام بالفقراء وتعزيز طاقات اإلنتاج
في املجتمع1؛ وتدهور األداء االجتماعي في جميع مفاصل الحياة ،وشيوع الظلم والفقر والجهل وما يتعلق
بالحياة اإلنسانية الكريمة ،وسيطرة االحتالل األجنبي الذي تزامن معه ظهور البنوك الربوية ،والذي أسهم
في تعميق التناقض في املجتمع ،وهدم املبادئ التي اعتاد عليها املسلمون.
كما نتج عن كل ذلك انتقال التجارة وصناعة الصيرفة إلى األوروبيين ،إضافة إلى تدني كفاءة القطاع
ً
الزراعي الذي لم يشهد تطورا إزاء املنتج األوروبي ،الذي أفرزته الثورة الصناعية ،مما دفع باتجاه تبني
محاوالت جديدة إلعادة تنظيم املجتمع ،بكل قطاعاته ومكوناته وأطيافه ،ومنها تحديث النظام املالي
وعالقته باملجتمع.
وفي بدايات القرن العشرين ،بالتزامن مع اقتراب أفول الهيمنة االستعمارية ،برزت بداية املحاوالت
اإلصالحية على صعيد املصرفية اإلسالمية ،وكان رائدها الشيخ إبراهيم أبو اليقظان بمقالة متخصصة
بعنوان "حاجة الجزائر إلى مصرف أهلي" ،2نشرها عام 1928م .ويشير بلعباس في معرض إيراده لهذه
الورقة التي انفرد بالوقوف عليها ،أن هذا ينفي بوضوح أن بدايات االهتمام باملصرفية اإلسالمية تعود إلى
ً ً
األربعينيات استنادا إلى كتابات املودودي ،أو الخمسينيات استنادا إلى كتابات تيمور كوران كما يزعمه أو
يتوهمه البعض.3
وتتضمن ورقة أبو اليقظان دعوة إلنشاء مصرف يقوم على مبادئ التمويل اإلسالمي ،وقد لقيت هذه
الدعوة استجابة قوية لدى رجال األعمال في الجزائر ،وتم وضع قانون أساس ي للبنك ،وتوفير رأس املال
الالزم لذلك.
ولكن في الوقت نفسه الذي انطلقت فيه هذه الدعوة ،بدأت سلطات االحتالل الفرنس ي بفرض
ً
محاوالت إللغاء املشروع ،وقد تحقق ذلك فعليا بإيقاف املشروع ،ووأد الفكرة التي قام عليها منذ بدايتها.
ً
ومن نافلة القول توضيح هذا املوقف بأن االحتالل االستعماري الفرنس ي قام بهذه الخطوة دفاعا عن
.1شاش ي ،عبد القادر حسين ،أصل وتطور العمليات املصرفية التجارية واإلسالمية ،مرجع سابق ،ص.24
.2وتم نشر هذه املقالة في صحيفة "وادي ميزاب" بتاريخ 29يونيو 1928م.
.3بلعباس ،عبد الرزاق سعيد ،صفحات من تاريخ املصرفية اإلسالمية :مبادرة مبكرة إلنشاء مصرف إسالمي في الجزائر في أواخر عشرينات القرن املاض ي،
دراسات اقتصادية إسالمية ،مج ،19ع2013 ،2م ،ص.6
20
لت لم سس لم
ميةـنيبـفكـرـا ؤ ينـوواقـعـا طبيق
صارفـاالسال ـ
ـ املؤمتر األول لألكادميية األوربية للتمويل واالقتصاد االسالمي ......ا
ً
وجوده االقتصادي ،وخصوصا النظام الربوي الذي يستند إليه ،إضافة إلى الخوف من تهديد مصالحه
ً
العامة ،وخصوصا أنه ورد عن أبي اليقظان في مقالته ما يعزز مثل هذا املوقف.
وأبرز ما ورد في مقالة أبي اليقظان حول هذا املعنى قوله "فإنه يجب على قادة األمة ،ومفكريها،
وعلمائها ،أن يتبادلوا الرأي في وجه الحل لهذا املشكل .وال يسوغ الجرم والسكوت عنه ،واألمة كما نراها
مرتطمة في حريق الربا ،مرتمية في أحضان املصارف األجنبية .وال يقتصر الضرر على بعض منها دون
ّ
بعض ،وإنما يصيب الكل ،وينال الجميع؛ الجاني والبريء ،مباشرة أو بواسطة .وأن أدلي برأي هنا ،عله
يكون فاتحة البحث ،ونواة التفكير ،أمام الباحثين واملفكرين".
وتبرز أهم السمات للمشروع املصرفي اإلسالمي في طرح أبي اليقظان أن هذا املصرف يأخذ صفة
البنك الذي تعم منافعه جميع الشرائح ،على نطاق شعبي ،يحقق املردود االجتماعي قبل تعظيم األرباح
ً
املادية ،مع أن رجال األعمال اقترحوا بدال من ذلك "البنك اإلسالمي الجزائري" .ومن جانب آخر يركز أبو
اليقظان على تمويل املشروعات اإلنتاجية التي ينخرط فيها الضعفاء ،ألن الهدف األساس ي هو تحسين
الواقع املعيش ي في املجتمع الجزائري.
وبعد خطوة أبي اليقظان في طرح مبادرة مبكرة إزاء املصرف األهلي اإلسالمي ،برزت اهتمامات بعض
العلماء في مناقشة املصرفية اإلسالمية من خالل كتابات محددة ،تبحث في املؤسسة املصرفية اإلسالمية
من جوانب متعددة ،ومن ذلك الورقة التي كتبها محمد حميد هللا عام 1944م ،واملوسومة "مؤسسات
القرض الخالية من الفوائد" ،1وكتاب أنور إقبال قريش ي عام 1946م حول "اإلسالم ونظرية الفائدة"،2
وورقة نعيم صديقي عام 1948م بعنوان "املصرفية بناء على املبادئ اإلسالمية".3
وفي هذا السياق ال بد من اإلشارة إلى أهمية كتابات املودودي ( )1979 -1903التي بدأت في منتصف
القرن العشرين ،في ظل املد الرأسمالي وتراكم رأس املال ،والذي أعقبه فيما بعد بروز الفكر االشتراكي،
على أساس إلغاء التملك الفردي ،وتقييد الحرية الشخصية ،وإعادة توزيع الثروات.
وقد تبنى املودودي في كتاباته توجيه هدف النظام االقتصادي اإلسالمي على أساس تحقيق العدالة،
ً
وعدم تركز الثروة ،وتحديدا يؤكد في كتابه "الربا" ،وكتابه "اإلسالم والنظم االقتصادية املعاصرة" ،على
أهمية وجود النظام االقتصادي واملصرفي اإلسالمي الذي يمنع أي زيادة على رأس املال في مجال االقتراض.
وهنا تبدو طروحات املودودي على درجة كبيرة من األهمية ،في تجديد العمل املصرفي على أسس تكافلية
ً
بين األفراد ،وقد أشار إلى أن الزيادة الربوية تمهد لفرض ضرائب مستقبال ،من أجل الوفاء بالتزامات
القرض ،أي أن القرض ما هو إال ضريبة مؤجلة .باإلضافة إلى أن الربا يؤدي إلى تعميق الفجوة االجتماعية
1
. Hamidullah, Muhammad (1944). Anjumanha-e qarda-e be-sud (Interest free loan societies), in Urdu, Ma'arif , 53(3), March, pp. 211-
216.
2
. Qureshi, Anwar Iqbal (1946), Islam and the theory of interest, Lahore: Shaikh M. Ashraf.
3
& . Siddiqi, Naeim (1948), Islami usual par banking (Banking according to Islamic principles), in Urdu, Chiragh-e-Rah, 1 (11&12), Nov.
Dec., 24-8 and 60-64.
21
لت أ.د فك لم سس املصرفية االسالمية يف فكر املؤسسني لم
احلورانيـوواقـعـا طبيق ميةـنيبـ ـ
ياسررـا ؤ ين صارفـاالسال
..................ـ الرواد ـ
املؤمتر األول لألكادميية األوربية للتمويل واالقتصاد االسالمي ......ا
بين ال فقراء واألغنياء ،ألن الزيادة الربوية هي استقطاع من طرف ملصلحة طرف آخر ،وبالتالي ال يستحق
رأس املال املودع أية زيادة نقدية ،بل يجب فيه الزكاة.
ً ً
من هنا ظهر البديل اإلسالمي في صناعة املصرفية اإلسالمي ،بوصفه نمطا جديدا في ظل السيادة
الوطنية ،بعد وأد الفكرة املصرفية األولى التي نادى بها أبو اليقظان ،في ظل النفوذ االستعماري ،وقد دفع
بهذا البديل الظروف االجتماعية واالقتصادية والسياسية التي يعيشها املجتمع في ظل املخطط
ً
االستعماري ،1كما أن اليقظة أو الصحوة اإلسالمية لعبت دورا في تحديد معالم هذا النمط ،والبحث في
أساليبه وطرقه وأدواته ،كبديل استراتيجي يؤثر في جميع مفاصل ومناشط الحياة االجتماعية.
كما أن عهد االستقالل في الدول اإلسالمية ،في ظل التحرر من الوجود األجنبي وتحقيق السيادة
ا لوطنية ،ساعد في تأميم البنوك األجنبية ،وإنشاء بنوك وطنية محلية ،وساعد في تقلص النفوذ املصرفي
األجنبي ،ولكن دون إحداث تغيير في بنية النظام النقدي القائم ،والذي تم استعارته من النموذج الغربي
املبني على استحالل الفوائد الربوية.
وفي هذه اآلونة ،وبعد التحرر من سلطة املحتل ،بدأ مفهوم االقتصاد اإلسالمي يأخذ مكانه في الواقع
االجتماعي ،ومن خالله بزغ مفهوم املؤسسة املصرفية اإلسالمية أو البنك اإلسالمي ،وهو يعني باختصار
قيام مؤسسة مصرفية على أسس مستمدة من الفقه اإلسالمي ،سواء في أهدافها أو البنى الداخلية ،وفي
عالقاتها مع غيرها من املؤسسات واألفراد .2ومع أن هذا املفهوم ال يعنى بجانب تعظيم الربحية ،لكنه يركز
بشكل كبير على أهمية العائد االجتماعي.
وربما كانت التجربة الباكستانية هي أولى التجارب التي خاضها املشروع املصرفي اإلسالمي ،في
خمسينيات هذا القرن ،بالتطبيق على الوحدات الزراعية للفئات الفقيرة ،أو التي ال تملك الرصيد الكافي
إلحياء األرض الزراعية .3وواضح أن هذا املشروع ينطوي على وجود مخاطر مرتفعة جراء توظيف الودائع
في القطاع الزراعي ،وبسبب ذلك تراجع املشروع في ظل سياسات تمويل غير مستوعبة ألثر هذه املخاطر،
ً
وربما ساعد على توقف املشروع كليا عدم وجود عوائد تعود على املودعين ،ألن الفالحين ال يدفعون
مقابل رأس املال إال تكلفة خدمات االقتراض ،أو ما يسمى عائد الخدمات املصرفية ،أي أنه مع كون
ً
أنشطة املشروع خالية تماما من الربا ،لكن ال يوجد طرح فكرة العمل من خالل مفهوم املؤسسة
املصرفية اإلسالمية الكلية ،التي تجسد معنى التعاون التكافلي ،أو العمل وفق صيغ تشاركية.
.1القري ،محمد علي القري ،البنك اإلسالمي بين فكر املؤسسين والواقع املعاصر ،بحث مقدم إلى مجمع الفقه اإلسالمي ،في منظمة املؤتمر اإلسالمي،
جدة ،ربيع األول1426 ،ه 2005م .ص 7وما بعدها.
.2قحف ،محمد منذر ،االقتصاد اإلسالمي ،دار القلم ،الكويت1979 ،م.
3
. Wilson, R. (1983) Banking and Finance in the Arab Middle East, Macmillan, Surrey, P75.
22
لت لم سس لم
ميةـنيبـفكـرـا ؤ ينـوواقـعـا طبيق
صارفـاالسال ـ
ـ املؤمتر األول لألكادميية األوربية للتمويل واالقتصاد االسالمي ......ا
ثم بدأت فكرة بنوك االدخار املحلية في بداية الستينيات ،والتي تعد من أقوى التجارب التطبيقية في
هذا املجال .وهذه الفكرة التي تحولت إلى واقع تطبيقي تشيع فيه عالقات التعاون بين أفراد املجتمع،
ً ً
قادها أحمد النجار ،على غرار بنوك االدخار األملانية ،وقد وجدت قبوال عاما لدى الريف املصري ألسباب
عديدة ،أهمها تكيف الناس مع فلسفة البنك في عمليات االدخار ،والتي تتمثل في األهداف املخططة
للبنك كما وضحها النجار ،وهي تحديد دور البنك كوسيط بين عرض املال وطلبه ،ودوره في إرساء دعائم
التربية االقتصادية للمجتمع الريفي ،ودوره في الحيلولة دون تراكم رأس املال ،أو تعبئة املوارد املالية
لالكتناز ،وإيجاد الحلول ألية صعوبات محتملة تعترض طريق تكوين رأس املال.1
باإلضافة إلى السياق االجتماعي العام في نبذ الطرق الرأسمالية في إدارة رأس املال ،وتوظيفه ملصلحة
الطبقة البرجوازية املالكة ،ولهذا السبب ظهر في هذه الفترة العديد من املصادر العلمية التي نادى
أصحابها باملفاهيم االشتراكية بتأويل إسالمي مستحدث ،وتكييف هذه املفاهيم على أسس إنسانية نبيلة
كالتعاون واملشاركة وااللتزامات االجتماعية بين أفراد املجتمع .2ومثلما هو معروف ،أن الناس في الريف
لديهم اعتقادات إيمانية تدعم موقفهم في االبتعاد عن الفائدة ،التي كان يأخذها املقرضون بنسب
فاحشة.
ومع نجاح هذه التجربة ،وامتداد رقعتها إلى قرى كثيرة تابعة ملنطقة ميت غمر ،تصل إلى نحو ()53
قرية ،ودورها في الحد من البطالة ،وتوفير فرص العمل ،وتطوير الصناعات الصغيرة ،إال أن هذه التجربة
املصرية ،كالتجربة الباكستانية من قبل ،لم يقدر لها االستمرار إال لفترة محدودة تصل إلى قرابة ثالث
سنوات ونيف.
وكما يشير النجار إلى أن القرارات املحلية رصدت عمق التجربة ،وتأثيرها ،ومنافستها للمؤسسات
الحكومية القائمة ،والحماس الشعبي في اإلقبال عليها ،لكن تم توجيه القرارات باتجاه توقيفها ومنعها،
وربما دفع بهذا االتجاه وجود بعض املؤسسات املنافسة التي تقوم بأدوار مماثلة؛ مثل السلطات
االجتماعية ،والبنوك التجارية ،وبعض املنظمات الصناعية والتجارية املركزية ،3باإلضافة إلى األسباب
السياسية املحتملة.
وهناك محاوالت أخرى ناجحة تم تصديرها عبر منظومة توزيع العائد االجتماعي على أسس تعاونية،
ولعل بدايتها كانت عن طريق الدكتور أنغكو عزيز ،والذي يعتبر رائدا في مقترحاته التي قدمها في ورقة
بعنوان "خطة لتحسين اقتصاد الحجاج الجدد" ،والتي تم تطبيقها عام 1963م ،بإنشاء صندوق الحج في
ماليزيا ،واملعروف باسم تبونك حجي ) ،(Tabung Hajiوواضح أن هذه التجربة كانت متزامنة مع تجربة
. 1النجار ،أحمد ،املدخل إلى النظرية االقتصادية في املنهج اإلسالمي ،دار الفكر ،القاهرة1974 ،م ،ص.247-246
.2وقد ثبت فشل هذا املصطلح بتوجيه عالقات املجتمع ،وكان أول من تبنى هذا املفهوم رجال العسكر ،اللذين أرغموا املجتمعات على العمل به ،ومنهم من
صرح بأن اإلسالم دين اشتراكي ليحملوا الناس عليه وهم له كارهون ،فانتهت مجتمعاتهم إلى قاع الهاوية في التخلف والجهل والفوض ى.
.3النجار ،أحمد ،املدخل إلى النظرية االقتصادية في املنهج اإلسالمي ،مرجع سابق ،ص.232-230
23
لت كـرـالمؤسسي املصرفية االسالمية يف فكر املؤسسني لم
احلورانينـوواقـعـا طبيق ميةـأ.دنيبـف
ياسر صارفـاالس
..................الـ
الرواد ـ
املؤمتر األول لألكادميية األوربية للتمويل واالقتصاد االسالمي ......ا
بنوك االدخار املحلية التي أطلقها الدكتور النجار .وكان يهدف صندوق الحج املاليزي لتمكين األفراد من
القيام بفريضة الحج ،مع مساندة كافية لهم للحفاظ على مصالحهم في اإلفادة من التسهيالت املمنوحة،
وتعتمد مصادره املالية على االدخار التدريجي ،وتوظيف هذه املصادر في استثمارات اجتماعية واقتصادية
نافعة.
من الواضح أن مبادرة النجار من خالل تجربة بنوك االدخار املحلية تركز على أهمية جودة املنهج،
ً
ودوره في معالجة املشكالت القائمة ،موضحا أن سالمة املنهج الذي يستحوذ على قبول أكثر ،هو ذلك
املنهج الذي ينبع من ثقافة األمة ،وتاريخها ،وثوابتها؛ فالطيبات واملحرمات في اإلسالم هي ثوابت تقوم
ً
قناعات الناس على التعامل بها ،وفق القبول أو الرفض ،استنادا إلى املحركات اإليمانية التي تولد هذه
القناعات .وال شك أن فكرة املصارف اإلسالمية ال يمكن النظر إليها خارج السياق الحضاري والثقافي لألمة
اإلسالمية ،وال يجوز أن تغلف بغطاء النموذج الغربي ،الذي يخلط بين الطيبات واملحرمات ،بل يتجاوز
أدنى الشروط املطلوبة فيها.
ومن أهم املبادئ التي تقوم عليها تصورات النجار ،هي مراعاة األسس النفسية في تشكيل تفضيالت
األفراد؛ فاالدخار عند النجار يرتبط بجانب سيكولوجي يقوم على الرغبة في تحريك السلوك لفعل ش يء
ما ،وفي العادة يعكس االدخار ،من املنظور النفس ي ،تصور الفرد في البحث عن األمان ،ومواجهة
احتياجا ت املستقبل ،وبالتالي يتفاعل سلوك االدخار مع أنشطة االستثمار ،كجزء من التربية االقتصادية
التي تحدد الوجهة ،وترسم االتجاه على نحو دقيق.
ومن هنا يشير النجار إلى أهم الواجبات األساسية التي تمكن البنك اإلسالمي من تحقيق أهدافه في
خدمة املجتمع ،ومنها:1
االلتزام بعملية النهوض بعبء التربية االدخارية ،والتي تكون في العادة موجهة لألفراد نحو طرق
تحقيق النفع لجميع األطراف ذات العالقة؛ وهي املجتمع والبنك واألفراد.
مراعاة املناخ االجتماعي والنفس ي للتكيف مع متطلبات التنمية ،وإتاحة األدوات لألفراد لتحقيق
.1النجار ،أحمد ،إطار عام لعمل البنوك اإلسالمية ،مجلة البنوك اإلسالمية ،العدد ،20ص.8
.2النجار ،أحمد ،البنك اإلسالمي نظريته وخصائصه ،مجلة البنوك اإلسالمية ،مرجع سابق ،ص.3
24
لت لم سس لم
ميةـنيبـفكـرـا ؤ ينـوواقـعـا طبيق
صارفـاالسال ـ
ـ املؤمتر األول لألكادميية األوربية للتمويل واالقتصاد االسالمي ......ا
االجتماعي ،ويرى أن هذا العائد ال يتحقق إال في تمويالت املشاركة ،ألن هذه التمويالت ينتج عنها مزايا
إيجابية ومصالح تعود على املجتمع والفرد ،ومن أهم املصالح التي يحققها نظام املشاركة:1
توظيف البنك لخبرته الفنية في مجاالت استثمارية قائمة على دراسات الجدوى ،مما يحقق توجيهات
يسهم تمويل املشاركة في إحياء الطاقات البشرية التي تمتلك الخبرة دون القدرة على حيازة رأس املال.
عائد املشاركة أفضل من سعر الفائدة الثابت بالنسبة للمودع ،وهذا يشجع على جذب االستثمارات،
وكلما ازداد هذا العائد فإنه يؤدي إلى محاربة االكتناز ،كما أنه يلبي حاجة البنك في زيادة الوعاء
االدخاري واالستثماري ،مثلما يدفع سلوك الفرد باتجاه االدخار.
ربط التنمية االجتماعية بالتنمية االقتصادية ،مثل تحقيق تنمية املجتمع التي تحقق فرص العمالة،
وتحسين مستويات الرفاه ،وهذه تعكس خاصية البنك اإلسالمي الذي يعتبر التنمية االجتماعية
أساسا تقوم عليه التنمية االقتصادية.
إن متطلبات وجود البنك اإلسالمي ال تنحصر في رسم األهداف ،وتحديد مصالح املجتمع ،دون النظر
إلى سياسة البنك التي تلبي اهتمامات األفراد .وقد أشار النجار في مواضع عديدة من إسهاماته وبحوثه إلى
توجيه سياسة البنك للعمل ضمن متطلبات تسهم في تعزيز فرص االنتشار ،والقبول لدى الناس ،وزيادة
كفاءة الطلب ،ومن أهم هذه املتطلبات؛ عدم التناقض مع معتقدات األفراد ،وتحقيق العدالة قدر
اإلمكان في أساليب التمويل واالستثمار ،وتفاعل البنك مع املحيط االقتصادي واالجتماعي ،وتوفير
التمويل لكل من تحقق فيه شروط الخبرة والتأهيل والجهد ،وإقامة املشروعات التي تحقق شروط
التنمية وفرص العمل .كما أبرز أهمية املسؤولية االجتماعية للبنك ،ودوره في إيجاد حلول ملشكالت
ً
املجتمع ،خصوصا دور البنك اإلسالمي في جانب التبرعات ،ومنها الزكاة وإتاحة القروض الحسنة دون
فوائد ،ويوضح أن البنك يقوم بجمع حصيلة الزكاة ،2وتوجيهها في املشروعات التي يتملكها الفقراء.3
.1النجار ،أحمد ،البنك اإلسالمي نظريته وخصائصه ،مجلة البنوك اإلسالمية ،العدد ( ،)16ص.3
.2إن دور املصرف اإلسالمي كمؤسسة تقوم بمهام الزكاة ال يعني أنها تتعارض مع كونها تسعى لتحقيق الربحية ،بل تتوافق مع كونها مؤسسة تشاركية،
ً
وهذا خالف القول بأنه ال يتناسب مع حقيقة أن املصرف اإلسالمي هو شركة مساهمة تتكون من مجموعة من املساهمين ،أو أن فيه تجاهال للمؤسسات
املختصة في حقل الزكاة ،بل يتكامل معها .انظر :الخلف ،محمد عمر ،الفكر املصرفي اإلسالمي ،مرجع سابق ،ص.91
.3النجار ،أحمد ،إطار عام لعمل البنوك اإلسالمية ،مجلة البنوك اإلسالمية ،العدد ،20ص .10النجار ،أحمد ،الخصائص األساسية للبنك اإلسالمي،
مجلة البنوك اإلسالمية ،العدد ( ،)53ص.10-9
25
لت كـرـالمؤسسي املصرفية االسالمية يف فكر املؤسسني لم
احلورانينـوواقـعـا طبيق ياسر ميةـ
أ.دنيبـف صارفـاالس
..................ال ـ
الرواد ـ
املؤمتر األول لألكادميية األوربية للتمويل واالقتصاد االسالمي ......ا
فالتنمية تقوم على شرطين؛ تحريك ثروة املجتمع ،والبحث عن الطاقة اإلنتاجية املتاحة .وكل ذلك ال
يعني أن البنك اإلسالمي يمكنه القيام بمهامه دون محفزات تسويقية؛ مثل نشر مفاهيم الوعي االدخاري
ً ً
واالستثماري بين الناس ،وإعداد الناس سيكولوجيا واجتماعيا لتقبل التغييرات ،في البيئة املحلية ،والعمل
على تذليل عقبات النشاط االستثماري .1
احملور الثالث:
البنوك اإلسالمية والتحوالت اجلديدة
ً
فقد تمت اإلشارة سابقا ،إلى ما يمكن استنتاجه أن نشوء الدولة في حقبة ما بعد االستعمار،
ً
وخصوصا في املنطقة العربية شهد تحوالت كبيرة ،وأهمها إعادة تشكيل املجتمع وفق خيارات نابعة من
الرؤية الرأسمالية أو االشتراكية.
وفي تلك الفترة الزمنية التي تغطي منتصف القرن العشرين وحتى نهاية الستينيات ،وهي نفس الفترة
التي ظهرت فيها تجربة أحمد النجار ،كانت بعض الدول العربية تدين باملذهب االشتراكي ،وفيها برزت
بعض املقوالت ،التي تتبنى فكرة اإلسالم من منظور اشتراكي ،وأن اإلسالم دين يدعو لالنصراف لآلخرة
وترك مباهج الدنيا ،وبالتالي يصعب وجود نظام اقتصادي إسالمي يحكم حياة األفراد ويوظف مدخراتهم
وينمي ثرواتهم ،ألنه باإلضافة لدعوته للتقلل من الثروات وعدم اإلكثار منها ،يقطع عالقة اإلنسان
بالثروة.2
وبرز االتجاه املقابل لدى بعض الباحثين أنه يؤخذ على التصور اإلسالمي ،عدم اعترافه بفائدة رأس
املال كنتيجة للحد من تعظيم الثروة ،وبالتالي ال يتصور وجود اقتصاد بال ثروات يتم تكثيرها على نحو
مستمر .وفي إطار هذه املواقف املتقابلة يمكن القول أنه برزت احتجاجات فكرية بين ثالثة فرق:
أحدهما ينادي بأن اإلسالم دين االشتراكية ،ألنه يعترف بامللكية الجماعية.
والثاني ينادي بأن اإلسالم دين الرأسمالية ألنه يقر حق الفقراء في أموال األغنياء ،بمعنى أن اإلسالم
ً
يقر وجود األغنياء أصال ،كما أن الزمن تتغير معطياته بحسب الوقائع املستجدة ،وقد أشار عبد الحميد
الغزالي إلى أنه ال جدال في أن النظام املصرفي اإلسالمي املعاصر يختلف عن ماضيه ،وال شك كذلك أن
ً
السياق االجتماعي للتطور في حياة األفراد قد اختلف تماما ،ولكن هذا ال يعني أن املجتمع اإلسالمي ليس
له ثوابت أو أصول.
.1النجار ،أحمد ،إمكانية تنمية املدخرات في البنوك اإلسالمية ،مجلة البنوك اإلسالمية ،العدد ( ،)58ص.4
.2امليالد ،زكي ،املصارف اإلسالمية :دراسة في تطور األفكار االقتصادية ،مجلة االجتهاد ،مج ،9ع.37
26
لت لم سس لم
ميةـنيبـفكـرـا ؤ ينـوواقـعـا طبيق
صارفـاالسال ـ
ـ املؤمتر األول لألكادميية األوربية للتمويل واالقتصاد االسالمي ......ا
وأما الثالث فيرد على الفريقين بأن اإلسالم دين رباني ،وأبرز دعاته املفكر اإلسالمي سيد قطب ،الذي
تبنى موقفه في كتابات عديدة ،أهمها كتاب "معركة اإلسالم والرأسمالية" ،وكتاب "العدالة االجتماعية في
اإلسالم" ،باإلضافة إلى كتابه املعروف "في ظالل القرآن".
ولعل أول من تصدى ملعالجة قضايا االقتصاد اإلسالمي بشكل علمي موضوعي هو محمد باقر
الصدر في كتابه "اقتصادنا" ثم كتابه "البنك الالربوي في اإلسالم" ،وتبعه محمد املبارك في كتابه نظام
اإلسالم :االقتصاد ،والذي أشاد بعمل الصدر ،ووصف كتابه "اقتصادنا" بأنه "أول محاولة علمية فريدة
من نوعها الستخراج نظرية اإلسالم االقتصادية من أحكام الشريعة اإلسالمية بطريقة جمع فيها األصالة
الفقهية ومفاهيم علم االقتصاد ومصطلحاته".1
ً
إال أن الصدر يقترح في كتابه "اقتصادنا" صيغة شرعية أكثر قبوال للبنك الالربوي ،وتقوم على ثالثة
عناصر:
ً
أن ال يكون البنك املقترح مخالفا ألحكام الشريعة اإلسالمية.
ً
أن يكون البنك قادرا على التحرك والنجاح في الجو الفاسد للواقع املعاش ،أي أن ال تخلق صيغته
ً ً ً
املتضمنة فيه تعقيدا وتناقضا شديدا ،مع واقع املؤسسات الربوية الرأسمالية ،وجوها االجتماعي
العام بالدرجة التي تشله عن الحركة والحياة.
ً
أن تمكنه صيغته اإلسالمية من النجاح بوصفه بنكا ،ومن ممارسة الدور الذي تطلبه الحياة
االقتصادية والصناعية والتجارية من البنوك ،وما تتطلبه ظروف االقتصاد النامي والصناعة
الناشئة من ضرورة التدعيم والتطوير.2
ً ً
وال شك أن التجارب املصرفية الناجحة لعبت دورا مهما في تحريك املجتمع للسعي نحو تحقيق
األهداف التعاونية ،وعلى إثرها بدأ العمل باملصارف اإلسالمية لتحقيق أهداف النهج االجتماعي في العمل
التنموي ،وفي بداية السبعينيات أخذت تظهر بنوك إسالمية تقترب في أهدافها وخصائصها من النموذج
الذي وضعه املؤسسون األوائل ،ومن ذلك تأسيس بنك ناصر االجتماعي عام 1971م في مصر ،وكان يرعى
أصحاب الدخول املتدنية عن طريق تمويالت ال يترتب عليها زيادة ربوية ،ثم عقبه إنشاء البنك اإلسالمي
للتنمية ،وهو من البنوك العابرة التي تهدف إلى توثيق أواصر التعاون بين الدول اإلسالمية .وواضح أن مثل
هذه التجارب ساعدت بوجه ما في مساندة البرامج املحلية في التنمية االقتصادية واالجتماعية.
.1املبارك ،محمد ،نظام اإلسالم :االقتصاد ،بيروت ،دار الفكر ،1980 ،ص.17
.2الصدر ،محمد باقر ،البنك الالربوي في اإلسالم ،بيروت ،دار التعارف1978 ،م ،ص.10-8
27
لت كـرـالمؤسسي لم
احلورانينـوواقـعـا طبيق ياسر ميةـ
أ.دنيبـف صارفـاال
..................سال ـ
الرواد ـ
املؤسسني ......ا يف فكر
واالقتصاد االسالمي االسالمية
للتمويل املصرفيةاألوربية
املؤمتر األول لألكادميية
كما هو معروف ،تقوم املصارف اإلسالمية املعاصرة على نظام الشركة املساهمة ،التي يجتمع فيها
رهط كبير من املؤسسين ،ويتم االتفاق بينهم على إنشاء هذه الشركة ،وفق القوانين املحلية املعمول بها،
وفي هذا الصدد يشير عقد التأسيس والنظام األساس ي لهذه البنوك على أنها شركة مساهمة.
وقد بدأ هذا االتجاه مع قيام أول بنك إسالمي في دبي عام 1975م ،وهو بنك دبي اإلسالمي ،وحذا
حذوه جميع البنوك اإلسالمية التي بدأت باالنتشار مثل بيت التمويل الكويتي الذي أسس عام 1977م،
ً
وكال من بنك فيصل اإلسالمي السوداني ،وبنك فيصل اإلسالمي املصري ،اللذان تم تأسيسهما في نفس
العام ،1وكل البنوك التي أسست عقب ذلك .وقاد هذا املسلك إلى تحوالت جذرية في طبيعة العمل املصرفي
اإلسالمي ،وخصائصه ،وأهدافه.
وفي سبيل تكييف الواقع املصرفي املعاصر مع الحالة املتوقعة لنموذج البنك اإلسالمي املعاصر،
أوردت املوسوعة العلمية والعملية للبنوك اإلسالمية جملة من الشروط التي تقوم عليها عناصر السالمة
الشرعية ،أي التي تعكس الصورة املثلى في هذا املجال ،وتتركز هذه الشروط في أربعة بنود؛ األول :أن تكون
ً ً
كيفية املعاملة املالية حالال ،والثاني :أن يكون املنتج حالال ،سواء كان سلعة أو خدمة ،أو فكرة ،والثالث:
االلتزام باألولويات ،وهي الضروريات ،ثم الحاجيات ،ثم التحسينيات ،بحسب الترتيب األصولي لها،
واألخير :االلتزام بالسلوك اإلسالمي األخالقي .2ومع أن هذه الشروط تحدد الوجهة الشرعية ملصداقية
التبادل املالي ،لكن في الحقيقة ال تعد كافية من وجهة النظر املقاصدية التي قامت عليها فلسفة التمويل
ً
اإلسالمي ،وخصوصا تلك الفلسفة التي تجسدت في فكر الرواد األوائل.
إن انحراف أهداف التمويل اإلسالمي عن مسار النشاط االقتصادي الحقيقي ،الذي يغذي الدورة
االقتصادية بفرص العمل ،وزيادة اإلنتاج ،واإلفادة من الطاقات البشرية املعطلة ،عبر مشاريع تعاونية
تستوعب جميع الطاقات عبر آليات املشاركة ،أدى في نهاية املطاف إلى تحولها ملؤسسات مساهمة تسعى
إلى تحقيق الربح املادي وليس العائد االجتماعي ،وهذا بحد ذاته خلق انتقادات واسعة ،وربما أدى إلى
تغيير نمط التفكير في حقيقة التمويل اإلسالمي.
ومن الباحثين من يقول" :لقد رسمت كتابات الرواد األوائل للمصرفية اإلسالمية في أذهان الناس
صورة مثالية ملا ينبغي أن تكون عليه املصارف اإلسالمية ...وحقيقة األمر أن املصارف اإلسالمية القائمة
اآلن هي في التوصيف الفقهي والقانوني شركات أموال مساهمة ،تهدف إلى تحقيق ما يطلبه املساهمون منها
وهو الربح ،عبر تلقي األموال من الجمهور ،وتنمية هذه األموال مضمومة إلى أموالها الخاصة ،وكل ذلك
.1االتحاد الدولي للبنوك اإلسالمية ،املوسوعة العلمية والعملية ،القاهرة ،الجزء األول ،صفحة 190وما بعدها.
.2االتحاد الدولي للبنوك اإلسالمية ،املوسوعة العلمية والعملية ،مرجع سابق ،ج ،6ص .293-292
28
لت لم سس لم
ميةـنيبـفكـرـا ؤ ينـوواقـعـا طبيق
صارفـاالسال ـ
ـ املؤمتر األول لألكادميية األوربية للتمويل واالقتصاد االسالمي ......ا
مشروط بموافقة أنشطتها لألحكام الشرعية كما تتصورها هي ولجان الفتوى والرقابة الشرعية املعتمدة
لديها" ،1وفي موضع آخر" :بغض النظر عن أي أهداف أخرى تذكر للمصرف اإلسالمي ،فإنه شركة
مساهمة هادفة إلى الربح ،لها شخصية معنوية مستقلة ،تؤسس بموافقة السلطات العامة" ،2ويلحق بهذا
ما يقال من توصيف ملؤسسة التمويل اإلسالمي بأنها "عبارة عن شركة مساهمة ،تتكون من مجموعة من
املساهمين ،وهي هادفة إلى الربح".3
إال أنه من الواضح أن كل هذه املناقشات تقع خارج سياق الرؤية الشمولية لفلسفة التمويل
اإلسالمي ،والذي تأسس بناء على وجود طلب فعال يستمد قوته من قواعد شعبية عريضة ،ويتجاوز
حدود األهداف الفردية إلى تحقيق املقاصد الشرعية ،والتكيف مع األولويات اإلسالمية .ومن وجه آخر،
ومع التسليم بأن تحقيق الربح جزء ال يتجزأ من جدوى املشروع االقتصادي ،لكن نشأة مؤسسة التمويل
اإلسالمي تبرهن على أهمية تحقيق العائد االجتماعي بوجه عام.
وهذا ال يعني أن الصورة العامة التي صاغها الرواد األوائل ملبادئ مؤسسة التمويل اإلسالمي وأهدافها
ً
وخصائصها االجتماعية ،يلزم أن تكون مؤسسة تمويل عامة ،تملكها الدولة ،وتديرها الحكومة ،خصوصا
أن طروحات املؤسسين تركزت على العمل األهلي ،الذي ينتمي إلى القطاع الثالث ،وهو ما يمكن استنتاجه
بسهولة من ورقة أبو اليقظان بعنوان "حاجة الجزائر إلى مصرف أهلي" ،والتي طالب أرباب املال وأصحاب
األعمال لتعديلها إلى "املصرف اإلسالمي الجزائري".
ويمكن رصد أهم النتائج التي استتبعت تحول البنوك اإلسالمية باتجاه تعظيم األرباح ،وهي:
ً
أوال -إن االنتقال من التركيز على العائد االجتماعي إلى التركيز على العائد املادي ،وتعظيم األرباح ،ينتج
عنه بطبيعة الحال الدخول في مشروعات أكثر ربحية ،وأقل مخاطرة ،وبالتالي دفع عمل البنوك اإلسالمية
باتجاه االستثمار في املشروعات قصيرة األجل قدر اإلمكان ،واألهم في هذا اإلطار هو االبتعاد عن
املشروعات طويلة األجل ،والتي تكون في الغالب مشروعات حيوية ،تلبي مصالح املجموع العام لألفراد.
ً
ثانيا -إن انحسار عمل مؤسسات التمويل اإلسالمية في آجال قصيرة ،واالبتعاد عن الصيغ التشاركية
ذات اآلجال الطويلة ،ومن ثم الدخول في مشروعات صغيرة الحجم ،يقود إلى مشكلة فائض السيولة
لديها ،4وهو ما دفع مؤسسات التمويل اإلسالمية إلى ترحيل سيولتها الفائضة إلى األسواق العاملية ،عالوة
على قصور األسواق املحلية عن استيعاب هذه السيولة ،بسبب "عدم اكتمال األدوات املصرفية
واالستثمارية واملالية داخل البالد اإلسالمية بما يستوعب هذه األموال ،وعدم وجود القنوات واألجهزة
.1السبهاني ،عبد الجبار حمد عبيد ،الوجيز في املصارف اإلسالمية ،مطبعة حالوة ،إربد ،األردن ،الطبعة األولى2014 ،م .ص .69-68
. 2السبهاني ،عبد الجبار حمد عبيد ،مالحظات في فقه الصيرفة اإلسالمية ،مجلة االقتصاد اإلسالمي ،جامعة امللك عبد العزيز ،جدة ،اململكة العربية
السعودية ،املجلد ،16العدد .2003 ،1ص .8
: .3الخلف ،محمد عمر ،الفكر املصرفي اإلسالمي :دراسة تقويمية ،أطروحة دكتوراه ،جامعة اليرموك ،إربد ،األردن2015 ،م ،ص.94
.4الخاقاني ،نوري عبد الرسول ،املصرفية اإلسالمية األسس النظرية وإشكاليات التطبيق ،دار اليازوري ،عمان ،األردن ،الطبعة العربية ،عام 2011م،
ص.282
29
لت ياسر لم سس املصرفية االسالمية يف فكر املؤسسني لم
احلورانيـوواقـعـا طبيق
كـرـا ؤ ين نيبـف مي
ةـأ.د صارفـاالسال
..................ـ
الرواد ـ
املؤمتر األول لألكادميية األوربية للتمويل واالقتصاد االسالمي ......ا
االستثمارية واملالية داخل البالد اإلسالمية بما يستوعب هذه األموال ،وعدم مرونة األنظمة املالية في
البالد اإلسالمية بما يشجع االستثمار املحلي".1
ً
ثالثا -من الواضح أن البنوك التي تقوم على مبدأ تعظيم األرباح تكون أقرب إلى نموذج البنوك
ً
التجارية ،وهذا هو حال البنوك اإلسالمية القائمة ،خالفا للحالة املرجعية التي تصورها الرواد األوائل،
ألن تلك التصورات كانت قائمة على التنويع في قطاعات تنموية متعددة ،فهناك مؤسسات تمويل إسالمية
مختلفة؛ إسكانية ،وزراعية ،وصناعية ،ومؤسسات ادخار وتسليف حقيقي ،وكل هذه املؤسسات أو
معظمها تعمل وفق صيغ تعاونية ،تستقطب طاقات العمل املعطلة في مشروعات تنموية ،تعود بالنفع على
املجتمع بوجه عام.
ً ً
رابعا -ووفقا ألهداف البنوك اإلسالمية املعاصرة التي تعظم األرباح ،مع الدخول في صيغ تمويلية شبه
ً
خالية من املخاطر ،والتي تمثل غالبا صيغة املرابحة ،ورغم أن هذه الصيغة موجودة منذ وقت مبكر،
لكن لم تحتل أي أهمية في فكر الرواد ،وعلى هذا تتسع الفجوة بين التطبيقات الحقيقية التي طرحها
الرواد املؤسسين ،وبين صور التمويل الشكلية التي يتم العمل بها ،ألن عقود املشاركات كاملضاربة
ً
واملشاركة تحتمل مخاطر حقيقية ،تتوزع بين طرفي العقد ،وتبعا لذلك يتحقق الربح أو تحصل الخسارة،
واملهم أن التطبيقات الحقيقية تدخل في حسابات الدخل القومي ،ألنها تعكس وجود إنتاج حقيقي متدفق
عبر الدورة االقتصادية ،التي يستحق فيها كل عنصر من عناصر اإلنتاج املكافأة املناسبة.
ً
خامسا -ال شك أن أهداف تعظيم األرباح يقود إلى اختالل العالقة بين مؤسسات التمويل اإلسالمي
وبين املجتمع ،ألن األغنياء يستحوذون على التمويل أكثر من الفقراء ،بمعنى أن الفقراء يفتقدون الفرص
املناسبة للعمل في مشروعات إنتاجية حقيقية ،وفيها يتم استبعاد أصحاب الكفاءات واملهارات الحرفية،
ً
عالوة على أنهم ال يملكون الضمانات املطلوبة للتمويل في صور شكلية ،وبالتالي يزداد الفقراء فقرا ،ويزداد
ً
األغنياء غنى ،2مما يعارض فلسفة التمويل اإلسالمي ،واهتمامه بالشرائح االجتماعية األكثر فقرا ،وال شك
أن هذه السياسات تخدم أهداف النظام الرأسمالي ،وليس النظام االقتصادي اإلسالمي ،ألن الرأسمالية
تدعم تراكم رأس املال ،وتركيزه في الطبقة املالكة للثروات.
ً
هناك تجارب مصرفية إسالمية تستحق اإلشادة ،بسبب تكاملها مع املجتمع ،وفقا لطروحات الرواد،
ومنها تجربة بنك األسرة في السودان ،الذي تأسس عام 2007م ،وهذا البنك يعنى بتقديم التمويل الصغير
للشرائح الصغيرة ،على أساس صيغ التمويل اإلسالمي ،وتقديم الخدمات املصرفية لهذ الشرائح.3
ولعل أهم ما ورد في قانون تأسيس البنك هو التركيز على تمويل الشرائح الفقيرة في مشروعات
منتجة ،ومن ذلك:1
ً
تقديم الخدمات املالية للفقراء النشطين اقتصاديا ،والخريجين ،وصغار املنتجين من الزراع،
املساهمة في انسياب املوارد املتكاملة من القطاع غير الرسمي والقطاع الرسمي ملصلحة الفئات
املستهدفة.
إعداد العنصر البشري بما يتالءم مع متطلبات عمل البنك وتدريبهم على مفاهيم وآليات
ممارسة التمويل األصغر .إضافة رفع الوعي املصرفي واالدخاري وسط الشرائح املستهدفة.
استقطاب املوارد املحلية والخارجية ،إلعادة توظيفها لصالح الفئات املستهدفة.
تحويل القطاعات غير املنظمة إلى قطاعات منظمة تساهم في التنمية االقتصادية.
ً
وأهم ما يميز تجربة هذا البنك هو استهداف الفئات األقل حظا ،ومساعدة الفقراء في إيجاد فرص
اإلنتاج املناسبة ملؤهالتهم وخبراتهم ،ومساعدتهم في الدخول بمشروعات صغيرة الحجم ،تمكنهم من
التملك الكلي ،أو حصص تملك في مشروعات أكبر.2
وفي العصر الحديث تم ترجمة فكر الرواد في بعض العمليات املصرفية اإلسالمية العابرة ،مع اإلشارة
إلى أهمية الدور الذي يقوم به املصرف اإلسالمي للتنمية في العصر الحاضر ،في تعزيز سبل التعاون
االقتصادي بين الدول األعضاء ،وإحداث تنمية حقيقية على مستوى املجتمعات املحلية.3
ً
وهنا ينبغي اإلشارة أيضا إلى أهمية الدور الذي تقوم به مؤسسات البنية التحتية في مساندة البنوك
اإلسالمية بحيث تكمل دور البنوك ،مثل شركات االستثمار اإلسالمية ،ومؤسسات الزكاة ،وصناديق
االستثمار على اختالف أنواعها ،ومؤسسات األوقاف ،باإلضافة إلى دور البنوك املركزية ،وغيرها من
املؤسسات الداعمة واملساندة للعمل املصرفي اإلسالمي.
.1الليثي ،عصام محمد علي" ،إنجاح الصيغ اإلسالمية في التمويل األصغر :مع اإلشارة إلى تجربة بنك األسرة في السودان" ،ورقة مقدمة للمؤتمر العالمي
الثاني بعنوان :نحو تطوير نظام مالي إسالمي شامل :تعزيز الخدمات املالية اإلسالمية للمؤسسات متناهية الصغر ،أكاديمية السودان للعلوم املصرفية
واملالية واملعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب -بنك التنمية اإلسالمي ،جدة ،الخرطوم ،33 -2 :أكتوبر2011 ،م ،ص.301 -300
.2ومن األمثلة على هذه املشروعات؛ إنتاج دواجن الحم ،وتسمين األبقار ،وتصنيع األلبان و منتجات األلبان ،إنتاج أشتال الزينة ،وتصنيع الطوب
األسمنتي واملكعبات االسمنتية.
.3االتحاد الدولي للبنوك اإلسالمية ،املوسوعة العلمية والعملية للبنوك اإلسالمية ،القاهرة ،مصر1982 ،م.158-157 /6 ،
31
لت كـرـالمؤسسي لم
احلورانينـوواقـعـا طبيق ياسر ميةـ
أ.دنيبـف صارفـاال
..................سال ـ
الرواد ـ
املؤسسني ......ا يف فكر
واالقتصاد االسالمي االسالمية
للتمويل املصرفيةاألوربية
املؤمتر األول لألكادميية
النت ـ ـ ـ ـ ـ ـائج
يمكن استنتاج مالحظات أساسية يقوم عليها فكر الرواد األوائل في املصرفية اإلسالمية ،اللذين
قدموا إسهامات هامة ،بحيث تصاغ كمنظومة متكاملة في توجيه العمل املصرفي اإلسالمي ،ومن أهمها:
ا
أول -يمثل التمويل اإلسالمي خطوة أساسية للعمل بمقتض ى أحكام الشريعة ،في سياق حركة إصالح
شاملة ،يتعاظم دورها في إحياء الثقافة اإلسالمية ،وإعادة تنظيم الحياة االجتماعية بعد أن أجهز عليها
املستعمر األجنبي ،وهدم أهم أركانها من خالل إحالل ثقافة جديدة ،تم فيها ترسيخ القيم الغربية في
ً
الحياة االجتماعية واالقتصادية ،خصوصا إنشاء مؤسسات تمويل ربوية تزيد من فجوة الفقر في املجتمع.
ا
ثانيا -تتكامل سياسات التمويل اإلسالمي مع األدوات التمويلية األخرى ،والتي يمكن تصنيفها في
أعمال التبرعات ،وأهمها أداة الزكاة ،حيث توكل مهام جديدة للمؤسسة املصرفية اإلسالمية للقيام بهذا
الدور ،من خالل وحدات إدارية خاصة ،تهتم بجمع مستحقات الزكاة وإنفاقها ،ويمكن أن تتشكل هذه
الوحدات من صناديق األمان واملعونة االجتماعية .وال يخفى أهمية هذا الدور ألن مؤسسات التمويل
اإلسالمية لديها إمكانات وخبرات متاحة ،تسمح بتوجيه حصيلة الزكاة إلى املستحقين ،وبخاصة تطوير
وتنمية مناطق الريف ،وهي من األهداف التي تجسدت في فكر الرواد املؤسسين.
ا
ثالثا -يهدف عمل املصارف اإلسالمية إلى إحداث تنمية اجتماعية ،يسهم فيها املجتمع عبر طاقاته
ً ً
املعطلة ،وخصوصا الشرائح الفقيرة ،والقوى العاملة التي تمتلك الخبرة واملهارات ،وال تجد فرصا كافية في
سوق العمل.
ا
رابعا -توجه مشروعات التنمية في اتجاه العمل التعاوني املشترك ضمن نطاق مصغر ،أو نطاق
صغير ،أو أكبر من ذلك ،بحسب طبيعة املشروعات ،وخصائص قوة العمل املطلوبة .ويمكن إطالق
مشروعات فردية يتملكها العاملون بعد فترة زمنية محددة ،عن طريق إطفاء الحصص التمويلية
للمشروع.
ا
خامسا -ورغم أن هذه املشروعات تسهم في إحداث التنمية للفئات املستهدفة ،لكن من وجه آخر
يمكن توجيهها لالنسجام مع خطط التنمية الوطنية ،وتتكامل مع جهود املجتمع املمثلة في القطاع الثالث
واملؤسسات االجتماعية الرسمية والشعبية .وهذا يحقق ميزة إيجابية كلية على مستوى الدولة اإلسالمية،
ألن التمويل اإلسالمي في هذه الحالة يتسم بالقدرة على التكيف والتالؤم مع التغييرات الهيكلية لالقتصاد
القومي.
32
لت لم سس لم
ميةـنيبـفكـرـا ؤ ينـوواقـعـا طبيق
صارفـاالسال ـ
ـ املؤمتر األول لألكادميية األوربية للتمويل واالقتصاد االسالمي ......ا
ا
سادسا -تعتمد صيغ التمويل في املشروعات التنموية على عقود شرعية؛ تتمثل في عقد املضاربة،
ً
وعقد املشاركة ،واملزارعة ،وجميع العقود الحيوية التي تستوعب العمل وفقا لقاعدة "الغنم بالغرم" ،أو
"الخراج بالضمان" ،وبالتالي تحتمل الربح والخسارة.
ا
سابعا -ومع أن املصرفية اإلسالمية تقوم على األنشطة التشاركية التي تحتمل الخسارة ،فإنه ينبغي
صياغة املشروعات على أساس االستثمار الكفء واألمثل ،من خالل دراسات جدوى تمويلية تأخذ جميع
أنواع املخاطر بعين االعتبار ،ألن الهدف هو مكافحة الفقر في املجتمع ،وإعانة الفقراء ،وتفعيل طاقات
العمل املعطلة للنهوض باملجتمع ،وتحقيق مستويات معيشية أفضل.
ً ً ا
ثامنا -وانطالقا من أهمية دراسة الجدوى خصوصا للمشروعات املشتركة الكبيرة ،فإن فكر
املؤسسين األوائل يضع سياسات تمويل للمصرف اإلسالمي تستبعد الضمانات أو الرهون من عمليات
التمويل؛ وذلك ألسباب عديدة ،أهمها؛ أن الفقراء في العادة ليس بوسعهم عمل ذلك لشدة حاجتهم،
ً
خالفا للقدرة التي يتمتع بها األغنياء ،كما أن املشروعات املبنية على دراسات جدوى التمويل تخفف من
احتماالت التعثر في السداد أو إطفاء حصص التمويل ،إضافة إلى أن العمل التشاركي يختلف عن أنشطة
املداينات.
ا
تاسعا -يهدف املصرف اإلسالمي إلى إشاعة العدل بين أفراد املجتمع ،على نحو يسمح بإعادة توزيع
الدخل على أساس توازني نسبي ،مما يمنع تراكم رأس املال لدى طبقة دون أخرى ،ويحقق مقصد الشريعة
في إعمار األرض ،وحفظ املال ،واستثماره وتحريكه في عمليات التبادل االجتماعي ،مما ينتج عن ذلك
ً
ضمنيا تحرير األنفس من حب الحيازة الفردية للثروات ،وتحرير هذه الثروات من اكتنازها أو حبسها عن
االنتفاع.
ا
عاشرا -تبنى الرواد األوائل في املصرفية اإلسالمية سياسات تمويل قائمة على املشاركة وليس
املداينة ،ألن الديون في العادة يدفع ثمنها الفقراء ،وتؤدي إلى تراكم رأس املال ،وتدفع باتجاه خلق أزمات
مالية ،داخلية وخارجية.
الحادي عشر -تؤدي أهداف التمويل اإلسالمي إلى تحقيق نوع من التربية االدخارية بسبب عائد
املشاركة ،وهذا يختلف بطبيعة الحال عن املصارف التقليدية التي تقوم بهذا الدور عبر الفائدة ،وهي من
ً
األدوات التي ال تتفق مع املزاج العام لسلوك االدخار لدى املسلم ،بسبب حرمتها الشرعية ،خالفا لعائد
ً
املشاركة الذي يعد أكثر تجذرا في القاعدة الشعبية املسلمة.
33
لت ..................أ.د ياسر لم سس املصرفية االسالمية يف فكر املؤسسني لم
ميةـنيبـفكـرـا ؤ ينـوواقـعـا طبيق
صارفـاالسال ـ
احلوراني
ـ
الرواد
املؤمتر األول لألكادميية األوربية للتمويل واالقتصاد االسالمي ......ا
ال ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراجع
ا
أول -املراجع العربية:
)1االتحاد الدولي للبنوك اإلسالمية ،املوسوعة العلمية والعملية للبنوك اإلسالمية ،القاهرة ،مصر،
1982م.
)2بلعباس ،عبد الرزاق سعيد .صفحات من تاريخ املصرفية اإلسالمية :مبادرة مبكرة إلنشاء مصرف
إسالمي في الجزائر في أواخر عشرينات القرن املاض ي .دراسات اقتصادية إسالمية ،مج ،19ع،2
2013م.
)3بنك األسرة .تقرير مجلس اإلدارة والقوائم املالية وتقرير املراجع العام وهيئة الرقابة الشرعية.
2011م.
)4الترمذي ،محمد بن عيس ى .سنن الترمذي .بيروت ،دار الغرب اإلسالمي1998 ،م.
)5الجهشياري ،محمد بن عبدوس .الوزراء والكتاب .القاهرة ،مطبع البابي الحلبي1988 ،م.
)6الخاقاني ،نوري عبد الرسول .املصرفية اإلسالمية األسس النظرية وإشكاليات التطبيق .عمان ،دار
اليازوري ،الطبعة العربية ،عام 2011م.
)7الخلف ،محمد عمر .الفكر املصرفي اإلسالمي :دراسة تقويمية .أطروحة دكتوراه ،جامعة اليرموك،
إربد ،األردن2015 ،م.
)8الدوري ،عبد العزيز .تاريخ العراق االقتصادي .بغداد1948 ،م.
)9ابن رجب ،عبد الرحمن بن أحمد .ورثة األنبياء :شرح حديث أبي الدرداء .القاهرة ،دار الفاروق،
1423هـ.
)11أبو زيد ،محمد عبد املنعم ،النشاط االستثماري ومعوقاته ،رسالة ماجستير ،كلية التجارة ،جامعة
اإلسكندرية ،مصر ،عام 1991م.
)11السبكي ،عبد الوهاب بن علي .طبقات الشافعية الكبرى.
)12السبهاني ،عبد الجبار حمد عبيد .الوجيز في املصارف اإلسالمية .مطبعة حالوة ،إربد ،األردن ،الطبعة
األولى2014 ،م.
)13السبهاني ،عبد الجبار حمد عبيد .مالحظات في فقه الصيرفة اإلسالمية .مجلة االقتصاد اإلسالمي،
جامعة امللك عبد العزيز ،جدة ،اململكة العربية السعودية.
)14السعدي ،أمل .الصيرفة والجهبذة في العراق .أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية اآلداب ،جامعة
بغداد1985 ،م.
)15السيوطي ،عبد الرحمن .الآللئ املصنوعة .دار املعرفة1975 ،م.
)16شاش ي ،عبد القادر حسين شاش ي .أصل وتطور العمليات املصرفية التجارية واإلسالمية .مجلة
جامعة امللك عبد العزيز :االقتصاد اإلسالمي ،جدة ،السعودية.
)17الصدر ،محمد باقر .البنك الالربوي في اإلسالم .بيروت ،دار التعارف1978 ،م.
34
لت لم سس لم
املؤمتر األول لألكادميية األوربية للتمويل واالقتصاد االسالمي ......ا صـارفـاالسالميـةـنيبـفكـرـا ؤ ينـوواقـعـا طبيق
)18القري ،محمد علي .البنك اإلسالمي بين فكر املؤسسين والواقع املعاصر .بحث مقدم إلى مجمع الفقه
اإلسالمي ،في منظمة املؤتمر اإلسالمي ،جدة ،ربيع األول2005 ،م.
)19قحف ،محمد منذر .االقتصاد اإلسالمي .دار القلم ،الكويت1979 ،م.
)21الليثي ،عصام محمد علي" .إنجاح الصيغ اإلسالمية في التمويل األصغر :مع اإلشارة إلى تجربة بنك
األسرة في السودان" ،ورقة مقدمة للمؤتمر العالمي الثاني بعنوان :نحو تطوير نظام مالي إسالمي
شامل :تعزيز الخدمات املالية اإلسالمية للمؤسسات متناهية الصغر ،أكاديمية السودان للعلوم
املصرفية واملالية واملعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب -بنك التنمية اإلسالمي ،جدة ،الخرطوم-2 :
،33أكتوبر2011 ،م.
)21املبارك ،محمد .نظام اإلسالم :االقتصاد .بيروت ،دار الفكر1980 ،م.
)22متز ،آدم .الحضارة اإلسالمية في القرن الرابع الهجري .ترجمة :محمد عبد الهادي ،بيروت.1967 ،
)23متولي ،أبو بكر الصديق عمر ،وشحاتة ،شوقي إسماعيل .اقتصاديات النقود في إطار الفكر
اإلسالمي .القاهرة ،دار التوفيق النموذجية1983 ،م.
)24املقدس ي ،محمد .أحسن التقاسيم في معرفة األقاليم .بيروت1909 ،م.
)25امليالد ،زكي .املصارف اإلسالمية :دراسة في تطور األفكار االقتصادية .مجلة االجتهاد.
)26النجار ،أحمد .املدخل إلى النظرية االقتصادية في املنهج اإلسالمي .دار الفكر ،القاهرة1974 ،م.
)27النجار ،أحمد .إطار عام لعمل البنوك اإلسالمية .مجلة البنوك اإلسالمية.
)28النجار ،أحمد .البنك اإلسالمي :نظريته وخصائصه .مجلة البنوك اإلسالمية.
)29النجار ،أحمد .الخصائص األساسية للبنك اإلسالمي .مجلة البنوك اإلسالمية.
)31النجار ،أحمد .إمكانية تنمية املدخرات في البنوك اإلسالمية .مجلة البنوك اإلسالمية.
اثنيا -املراجع األجنبية:
31) Hamidullah, Muhammad (1944). Anjumanha-e qarda-e be-sud (Interest free loan societies), in Urdu,
Ma'arif .
32) Homer, S. (1963) A History of Interest Rates, Reutgers University Press New Brunswick, New Jersey.
33) Lieber, A.E. (1968) “Eastern Business Practices and Medieval European Commerce”, Economic History
Review.
34) Orsingher, R. (1967) Banks of the World, Macmillan, London.
35) Qureshi, Anwar Iqbal (1946), Islam and the theory of interest, Lahore: Shaikh M. Ashraf.
36) Siddiqi, Naeim (1948), Islami usual par banking (Banking according to Islamic principles), in Urdu,
Chiragh-e-Rah.
37) Wilson, R. (1983) Banking and Finance in the Arab Middle East, Macmillan, Surrey.
35