Professional Documents
Culture Documents
0400-000-035-012
0400-000-035-012
I will also review the concept of a public policy approach. Thus, my aim in
this work is to dismantle the following problematics:
What are the areas of intervention of fact-finding committees and all its
?other bodiesas well © 2023ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ .ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ.
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ،ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ .ﻳﻤﻜﻨﻚ
ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ
ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ.
196
مجلة املناة للدراسات القانونية واإلدارية /العدد االخامس والثالثين يونيو-شتنبر2021
دورالبرملان املغربي في تقييم السياسات العمومية:
The Role of the Moroccan Parliament in Evaluating the Public
Policies
محمد مهداوي
دكتور في القانون العام والعلوم السياسية
ملخصﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ
ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ
ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ:
للبرلمان دور هام داخل األنظمة السياسية لالختصاصات التي يقوم بها من تصويت على القوانين
عمل الحكومة ،ويعتبر آلية تشريعية بامتياز ،وقد أضاف له دستور 2011وظيفة جديدة تتعلق ومراقبةAPA
ﺇﺳﻠﻮﺏ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕبين ﺗﻘﻴﻴﻢ
البرلمان المغربي ﻓﻲدور ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ
استجالء ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ البحثية
ﺩﻭﺭ هذه الورقة
).(2021خالل ﺻﺎﻟﺢ.
وسنحاول من السياساتﻣﺤﻤﺪ
العمومية، ﻣﻬﺪﺍﻭﻯ،بمسألة تقييم
ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ .206 - 196 ، ﻉ35 ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ، ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺭﺓ ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ.
التشريع والمراقبة وإمكانية تقييم السياسات العمومية ،ودور اللجان البرلمانية ،ولجن تقصي الحقائق في تتبع
1216850/Record/com.mandumah.search//:httpكما سنستعرض مفهوم
ﻣﻦمع التطرق الى البعد الدستوري لمناقشة وتقييم السياسات العمومية،السياسات،
مقتربMLA
السياسات العمومية.وبالتالي سنعمل على تفكيك اإلشكالية التالية:أي دور للبرلمان في تقييم السياسات ﺇﺳﻠﻮﺏ
ﻣﻬﺪﺍﻭﻯ ،ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺎﻟﺢ" .ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺗﻘﻴﻴﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ
العمومية ؟ وما هي مجاالت تدخل لجانه ولجن تقصي الحقائق؟ وما هي األبعاد الدستورية لتقييم هذه
ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ".ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﺭﺓ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔﻉ.206 - 196 :(2021) 35
السياسات؟
ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ 1216850/Record/com.mandumah.search//:http
Abstract
As a matter of fact, I will try, through this research paper, to clarify the role
of the Moroccan parliament between legislation, controlling the government and the
possibility of evaluating public policies as well as the role of parliamentary committees
and fact-finding committees in tracking policies while tackling the constitutional
dimension to discuss and evaluate public policies.
I will also review the concept of a public policy approach. Thus, my aim in
this work is to dismantle the following problematics:
What are the areas of intervention of fact-finding committees and all its
?other bodiesas well © 2023ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ .ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ.
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ،ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ .ﻳﻤﻜﻨﻚ
ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ
ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ.
196
2021شتنبر- العدد االخامس والثالثين يونيو/ مجلة املناة للدراسات القانونية واإلدارية
:دورالبرملان املغربي في تقييم السياسات العمومية
The Role of the Moroccan Parliament in Evaluating the Public
Policies
محمد مهداوي
دكتور في القانون العام والعلوم السياسية
ملخص
للبرلمان دور هام داخل األنظمة السياسية لالختصاصات التي يقوم بها من تصويت على القوانين
وظيفة جديدة تتعلق2011 وقد أضاف له دستور،ويعتبر آلية تشريعية بامتياز، ومراقبة عمل الحكومة
وسنحاول من خالل هذه الورقة البحثية استجالء دور البرلمان المغربي بين،بمسألة تقييم السياسات العمومية
ولجن تقصي الحقائق في تتبع، ودور اللجان البرلمانية، التشريع والمراقبة وإمكانية تقييم السياسات العمومية
كما سنستعرض مفهوم، مع التطرق الى البعد الدستوري لمناقشة وتقييم السياسات العمومية،السياسات
أي دور للبرلمان في تقييم السياسات:وبالتالي سنعمل على تفكيك اإلشكالية التالية.مقترب السياسات العمومية
العمومية ؟ وما هي مجاالت تدخل لجانه ولجن تقصي الحقائق؟ وما هي األبعاد الدستورية لتقييم هذه
السياسات؟
Abstract
As a matter of fact, I will try, through this research paper, to clarify the role
of the Moroccan parliament between legislation, controlling the government and the
possibility of evaluating public policies as well as the role of parliamentary committees
and fact-finding committees in tracking policies while tackling the constitutional
dimension to discuss and evaluate public policies.
I will also review the concept of a public policy approach. Thus, my aim in
this work is to dismantle the following problematics:
What are the areas of intervention of fact-finding committees and all its
other bodiesas well?
196
مجلة املناة للدراسات القانونية واإلدارية /العدد االخامس والثالثين يونيو-شتنبر2021
مقدمة
تكتس ي البرملانات عبر العالم أهمية بالغة ،باعتبارها القلب النابض للديمقراطية التمثيلية ،فضال عن باقي
االختصاصات االخرى التي تقوم بها ،كالتصويت على القوانين و مراقبة عمل الحكومة ،فرغم االختالف من حيث
قواعدها و قوانينها ،اال انها تجتمع في مسألة أساسية ،تتمثل فاالستجابة لحاجيات و متطلبات املواطنين و
املواطنات ،و تمكينهم من املشاركة في صنع السياسات العمومية و التأثير فيها عبر ممثليهم.494
و اضافة اال االختصاصات املخولة للبرملان السالفة الذكر ،نجد أن الوثيقة الدستورية ل 29يوليوز 2011عززت
دور البرملان املغربي اذ أناطت به اختصاصا جديدا تمثل في تقييم السياسات العمومية ،و قد أشار لذلك الدستور
املغربي من خالل الفصل 70الذي ينص على أن " :البرملان يصوت على القوانين و يراقب الحكومة و يقيم
السياسات العمومية ،"495كما نص الفصل 137على ما يلي " :تساهم الجهات و الجماعات الترابية في تفعيل
السياسة العامة للدولة و في اعداد السياسات الترابية من خالل ممثليها في مجلس املستشارين.496من خالل هذه
التوطأة البسيطة نقر بما ال يدع مجاال للشك أن الدستور املغربي أضاف مهمة جديدة للبرملان تتعلق بمسألة
تقييم السياسات العمومية.
ان الحديث عن ثقافة التقييم أصبحت ضرورة ديمقراطية ملحة ،و وسيلة رقابية غير قابلة للتعويض ،في عقلنة
التدبير العمومي ،و تفعيل الحكامة املالية .اذ يعتبر براديغم تقييم السياسات العمومية أحد املرتكزات األساسية
ضمن نظم الرقابة.497
و من خالل هذه الورقة البحثية سنحاول الوقوف عند مدلول مقترب تقييم السياسات العمومية.
انه كلما انبرى باحث في مجال القانون و العلوم السياسية الى تحديد مفهوم مقترب تقييم السياسات العمومية اال
و وجد صعوبة بالغة و تعقيدا كبيرا و ذلك بسبب عدم تبني مفهوم جامع موحد للمصطلح.
-494غريغباور و ريبيكا اشتون"،طبيعة التمثيل البرملاني املتغيرة" ،التقرير البرملاني العاملي ،االتحاد البرملاني الدولي ،برنامج األمم املتحدة االنمائي ،ابريل
،2012ص.6.
-495الفصل 70من دستور ،2011الصادر في تنفيذه ظهير شريف رقم 1.11.19الصادر في 27شعبان 1432املوافق ل 29يوليوز .2011
-496الفصل 137من دستور اللملكة املغربية .2011
-497تجدر االشارة الى انه من الصعب ادراج براديغم تقييم السياسات العمومية كنظام رقابي باملفهوم الضيق للرقابة ،حيث أن مدلوله و ان كان يدرج
ضمن املمارسة الرقابية لألجهزة العليا للرقابة املالية اال انه حسب بعض الدراسات ،يدل على عملية سياسية و ادارية ،و على هذا األساس يمكن القول
بأن له طبيعة أوسع من الرقابة بمفهومها الكالسيكي.
197
مجلة املناة للدراسات القانونية واإلدارية /العدد االخامس والثالثين يونيو-شتنبر2021
و تعني كلمة التقييم من الناحية اللغوية ،وزن أو تقدير قيمة ش يء معين باملقارنة مع ش يء اخر ،فتقييم
السياسات و البرامج العامة هو مقارنة النتائج املحققة فعال ،مع األهداف املرسومة.498
أما من حيث االصطالح فهناك مفاهيم متعددة ،فقد عرفه " فانسولوميو" على انه " :تلك العملية التي تنصب حول
القيم و تحوالتها في سبيل اعادة تحديد السياسات العامة و توجيهها ،و هذه الطريقة ترتبط بعدة مستويات لقياس
برنامج ما ،سواء تعلق االمر باملجهود في سبيل سياسة ما أو النتائج املحصل عليها أو حول كيفة استعمال مسلسل
ما".499
كما عرف كل من» « poinserو » « noicheتقييم السياسات العمومية كالتالي" :تقييم سياسة ما هو اال السعي
من أجل تقدير سليم آلثارها الحقيقية ،فالسياسة العمومية هي وصلة من االنشطة تتضمن انتاجا إلجابة أقل أو
أكتر بطريقة مؤسساتية ،على وضعية اعتبرت مريبة ،إذ أن آثار هذه السياسة يمكن وسمها على مختلف املستويات
و الوسائل التي تم اعمالها ،املنجزات املحصل عليها ،اآلثار املتوقعة ،التي أحدثت لدى الجمهور .500و هذا التعريف
يعكس أن التقييم يهدف الى تحليل "اآلثار" الحقيقية للسياسات العمومية.
كما يعتبر التقييم الخاص للسياسات العمومية حسب الرئيس السابق للمجلس العلمي للتقييم بفرنسا « Jean
» " :Lecaنشاط تجميع و تحليل و تأويل املعلومات بتنفيذ البرامج العمومية ،واثر االجراءات التي تهدف الى التصرف
في حالة اجتماعية ،و اعداد اجراءات جديدة أيضا.501
و يعرف أيضا حسب جمعية التقييم الكندية ،أو بما يسمى بمكتب التدقيق العام الكندي و هو أعلى جهاز للرقابة
املالية بكندا" ،كونه التقدير املنهجي لوضع أو تنفيذ نتائج ساسية عمومية أو برنامج أو خطة عمل أو اتخاذ
قرار"،502بينما اتجه كل من » « Steve Jacobو » ،« FredericVaroneالى تعريف التقييم باعتباره ":قياس
التأثيرات الخاصة بالسياسات العمومية ،موضوع التقييم ،و اعطاء حكم قيمة ،بناء على معايير معينة حول هذه
التأثيرات سواء كانت منتظرة أو غير منتظرة ،مباشرة أو غير مباشرة سببتها السياسة العمومية موضوع التقييم
-498عباس حسين جواد" ،تقييم البرامج و املشارع العامة" ،مجلة أهل البيت ،تصدرها جامعة أهل البيت ،كربالء ،العراق ،العدد ،2005 ،4ص.143.
-499فانسونلوميو ،دراسة السياسات العامة":الفاعلون و سلطتهم" ،ترجمة عبد امللك أحزرير ،منشورات كلية الحقوق ،جامعة القاض ي عياض،
مراكش ،سلسلة الكتب ،العدد ،2004 ،36ص.168.
500-HARAKAT Mohammed, « le droit de contrôle supérieur des finances publiques au MAROC, essai sur les techniques d’audit
direction) l’analyse du politique publique, les presses de l’université de Montéreal, 2010, pp 284.285.
502- Katia HORBER- PAZAIAN, « L’évaluation, un outil indispensable pour renforcer le rôle du parlement », Guide de l’évaluation
و اجماال ،يهدف مقترب تقييم السياسات العمومية الى قياس و إبراز مختلف التأثيرات الذاتية للسياسات
العمومية املختارة ،و يهتم برصد و قياس ،تم تقدير فعاليتها و آثارها .فهو عبارة عن تقدير ممنهج و موضوعي،
لنشاطات الجهاز املعني بتنفيذ السياسات ،قصد تحديد مالئمة االهداف و مدى تحقيقها ،اذ يقدم معلومة
تقييمية عن عملية صنع القرار العمومي ،و يحمل نظرة أكتر دقة عن نتائج و انعكاسات الفعل العمومي كما يسعى
الى تقديم خالصات ذات مصداقية قابلة لالستغالل.504
ووعيا منا بأهمية السياسات العمومية و تأثيرها املباشر على التنمية في شموليتها ،و على النتائج و الحلول التي
تقدمها من أجل الرقي بمستوى العيش لدى املواطنين ،كان من الضروري على املشرع الغربي وضع آلية رقابية
لتقييم هذه السياسات ،من خالل تخويل البرملان املغربي وظيفة جديدة تمت دسترتها في دستور ،2011انها وظيفة
البرملان في تقييم السياسات العمومية و من خالل هذا املوضوع سنحاول تسليط الضوء على دور البرملان و لجانه و
لجن تقص ي الحقائق في تقييم السياسات العمومية ،مع تناول البعد الدستوري ملناقشة و تقييم هذه السياسات.
أصبح من الضروري األخذ بالتقنيات الرقابية الحديثة التي أثبتت فعاليتها ونجاعتهاالكبيرة ،إن املظهر املتطور
للرقابة التقييمية خاصة التي تعرف بتقييم السياسات العمومية ،الذي نجد أسسه في األنظمة الرقابية
األنجلوساكسونية ،خاصة في كندا والواليات املتحدة األمريكية .505وعلى الرغم من تعدد التعاريف التي أعطيت
لهذا املفهوم ،فإنه يهدف في األصل إلى قياس وإبراز مختلف التأثيرات الذاتية للسياسات العمومية املختارة.506
فإذا كانت مقاربة تقييم السياسات العمومية ،قد عرفت تطورات هامة في الدول األنجلوساكسونية ،فإنه على
العكس من ذلك واجهت عدة صعوبات في األنظمة الرقابية الالتينية ،من أجل تبنيها وتفعيلها ،خاصة في فرنسا،
وذلك لجملة اعتبارات سياسية وإدارية ،وتزداد الصعوبات املرتبطة بتبني هذا التوجه الرقابي أكثر بالنسبة للدول
النامية التي تفتقد في الغالب الشروط املادية والبشرية األولية إلقرار هذا النوع من املراقبة.
« 503-Frederic VARONE et Steve JACOB, Institutionnalisation de l’évaluation et nouvelle gestion publique : un état de lieux
comparatif », In : Revue internationale de politique comparée 2004.P.272.
-504محمد الخمليش ي "،أدواراملجلس األعلى للحسابات في تقييم السياسات العمومية – مشروعية االختصاص و سياق املمارسة"– منشورات املجلة
املغربية لألنظمة القانونية و السياسية ،العدد الخاص رقم ،23مطبعة األمنية ،الرباط ،الطبعة االأولى ،2020 ،ص.14.
-505نجيب جيري '' :تحديث الفعل الرقابي رهان السياسات العمومية باملغرب :نحو تقوية رقابة الحكامة'' ،مجلة العلوم القانونية ،سلسلة الدراسات
الدستورية والسياسية ،العدد األول ،ماي ،2013ص.52:
506 - HARAKAT MOHAMED : « le droit du contrôle supérieur des finances publiques au Maroc » Edition Babel , Rabat, 1992,
P :109.
199
مجلة املناة للدراسات القانونية واإلدارية /العدد االخامس والثالثين يونيو-شتنبر2021
ومع ذلك تعتبر هذه املقاربة أهم مراحل النظرية الحديثة للرقابة ،ألنها تعمل على تقييم
ولو بأثر رجعي التأثير الواقعي للسياسات العمومية من خالل اإلنجازات املحققة ،وهي مقاربة تعرف انتشارا واسعا
بفعل الجوانب الديمقراطية التي تحتوي عليها.507
وبالرغم من أن تطبيق هذا التوجه الرقابي على تقييم السياسات العمومية باملغرب يبقى عملية صعبة بسبب عدم
توافر كل املعطيات الضرورية حول تأثيرات كل سياسة محتملة ،إال أن أهمية األخذ بآليات وتقنيات مقترب
السياسات العمومية تبدو ضرورية في ظل اإلصالحات املباشرة لتأهيل التدبير اإلداري واملوازني.508
إن الحديث اليوم عن اختصاص البرملان املغربي في تقييم السياسات العمومية ،هو من باب تحصيل حاصل
(كمبدأ) .ما دامت هاته املمارسة حاضرة في التجارب البرملانية السابقة ،عبر إعمال آليات املراقبة الكالسيكية،
والتي اعترتها النسبية وكثير من الحدود املعيارية ،لقلة اإلمكانات املتاحة لهاته املؤسسة ،الش يء الذي حدا باملشرع
الدستوري ليبوأ هذا االختصاص مكانة دستورية ،كعنوان ثالث الختصاص السلطة التشريعية .لكن لألسف
تجاهل النظام الداخلي ملجلس النواب هذا االختصاص ،ولم يمنحه اعتبارا مقدرا ،وكرس العوائق البنيوية لخيار
العقلنة البرملانية ،وكذا االختالالت الوظيفية ألعضاء البرملان ،في القوة االقتراحية لتعديل النظام الداخلي.509
فإذا كانت الحكومات هي التي لها القدرة على التخطيط وعلى صياغة السياسات العمومية وتحديد أهدافها
ومؤشرات إنجازاتها ،فإن الحاجة كانت تبدو ملحة إليجاد مؤسسات أو هيئات مستقلة عنها تمتلك الصالحية
واالختصاص والقدرة العملية على تتبع هذه السياسات وتقييم آثارها االقتصادي ،واالجتماعي ،وعلى تحليل لكلفتها
املالية.510
ويعتبر البرملان مؤهال ملمارسة وظيفة التقييم بصفته ممارسا للسلطة التشريعية ،خاصة وأنه منح الثقة للحكومة
عبر التصويت على البرنامج الحكومي ،وبالتالي يمتلك نظريا وعمليا سلطة تقييم مدى قدرة الحكومة على تنفيذ
هذه التوجهات ونسبة تحقيقها لألهداف الكبرى املسطرة لذلك،
وإذا كان البرملان يختص دستوريا بمنح الثقة للحكومة عبر املصادقة على البرنامج الحكومي ،فإن الحكومة تقوم
بتنزيل املحاور الكبرى لهذا البرنامج ،إضافة إلى املبادرة التشريعية ،عبر السياسات العمومية ،وعلى هذا األساس
507 -HARAKAT (M) : « Finance publique et droit budgétaire au Maroc », op, cit, p :150-152
508-HINTI (S) : « Pour une évaluation des politiques publiques, cas des interventions économiques locales », R.M.A.D, N° double
نظرا ألن البرملان يمارس جزءا مهما من دوره في السياسات العمومية عبر التشريع واملراقبة ،512وهذا ما سنحاول
تأطيره من خالل النظام الداخلي ملجلس النواب ،513ومجلس املستشارين 514للتعرف على اإلمكانيات و اآلليات
وكذلك الحدود املعيارية لدور البرملان في صنع ،وتتبع وتقييم السياسات العمومية من منظور ينطلق من افتراض
تفاوت قدرات الفاعلين ،(asymétrie des capacités des acteurs)515وهنا فإن تعريف ،pierre Bourdieuالشهير
للحقل السياس ي )، (le champ politiqueيكتس ي أهمية بالغة لقراءة الحدود املعيارية على ضوء اإلمكانيات املتاحة
أمام البرملان في مجال إعداد ،ومراقبة وتقييم السياسات العمومية ،516إن إجراء تطبيق بسيط لتعريف الحقل
faure, Gilles pollet et philippewarin : « la contruction du sens dans les politiques publiques : de bats autour de la notion de
référentiel » ;PP103-125) (p :112).
-516ندير املومني '' :دورالبرملان في إعداد مر اقبة وتقييم السياسات العمومية ،حالة املغرب (مسودة) ،مشروع '' تعزيز حكم القانون والنزاهة في الدولة
العربية ،املركز العربي لتطوير حكم القانون والنزاهة ،ص.5:
201
مجلة املناة للدراسات القانونية واإلدارية /العدد االخامس والثالثين يونيو-شتنبر2021
السياس ي على موضوع دور البرملان ولجانه في تقييم السياسات العمومية ،وفي حالة املغرب تحديدا قد تمكننا من
إدراك هذه األهمية.517
يشير الدستور إلى وجود لجان دائمة ،518ويحدد النظام الداخلي ملجلس النواب وملجلس املستشارين ،عدد اللجان،
اختصاصاتها ،تأليفها والقواعد املتعلقة بسير أشغالها.
من الناحية املبدئية ،يعتبر عمل اللجان حرا مع إمكانية إحداث لجان فرعية ،519بهدف تعميق دراسة النصوص
القانونية املحالة عليها حسب القطاعات الخاضعة الختصاصها والتعديالت املقدمة بخصوص النصوص
املعروضة عليها .كما أن الفقرة 5من املادة ،52032من النظام الداخلي للبرملان تتيح تنسيق عمل البرملانيين في مجال
السياسات العمومية ،خاصة في القضايا التي لها امتداد على أكثر من قطاع ويتم إعمال هذه اإلمكانية املتمثلة في
اجتماع لجنتين أو أكثر بإذن من رئيس املجلس.521
تمارس اللجان دورا استطالعيا ،522ويالحظ أن املطالبة بهذا الدور االستطالعي أصبحت تطال مجاالت كانت تعتبر
في السابق خارج النقاش فيما يتعلق بميزانيتها كالدفاع الوطني مثال،
وفي إطار إعمال دورها االستطالعي قدمت اللجنة مقترحا بتنظيم زيارات ميدانية للنواب ،وتم تقديم تساؤالت من
طرف النواب أعضاء اللجنة حول صندوق دعم الدرك امللكي بمناسبة التصويت على ميزانية الصندوق ،وبالرغم
517 -Le champ politique est le lieu où s’engendrent, dans la concurrence entre les agents qui s’y trouvent engagés, des produits
politiques, problèmes, programme, analyse, commentaires, concepts, événements entre lesquels les citoyens ordinaires, réduits de
consommateurs, doivent choisir, avec des chances de malentendu d’autant plus grandes qu’ils sont plus éloignés du lieu de production
(...) » actes de recherche en science sociales ; N°36-37, 1981 (PP :3-4).
-518الفقرة األولى من الفصل 42دستور .2011
-519تنص املادة 33على أن مكتب اللجنة الدائمة يتمتع '' بكامل الصالحية برمجة أعمالها وأعمال اللجان املتفرعة منها ،وتيسير مناقشتها وتحديد مواعيد
ومدد اجتماعها ،واإلشراف على وضع التقارير املقدمة إلى الجلسة العمومية باسم اللجنة'' ،وتقابلها املادة 525من النظام الداخلي ملجلس املستشارين،
كما يمكن حسب املادة 34من النظام الداخلي ملجلس النواب للجان الدائمة '' :أن تستحدث لجانا فرعية بهدف تعميق دراسة النصوص القانونية
املحالة عليها حسب القطاعات الخاضعة الختصاصها والتعديالت املقدمة بخصوص النصوص املعروضة عليها'' ،ورد نفس اإلمكانية في املادة 51من
النظام الداخلي ملجلس املستشارين.
-520تنص الفقرة 5من املادة :32لكل نائب غير عضو باللجنة الحق في الحضور واملشاركة في أعمالها دون أن يشارك في التصويت ،وتقابلها املادة 51من
النظام الداخلي ملجلس املستشارين.
-521حسب املادة 38من النظام الداخلي ملجلس النواب.
-522حسب املادة 35من يجوز للجان الدائمة أن تكلف بعض أعضائها بمهمة استطالعية مؤقتة ،حول شروط وظروف تطبيق نص تشريعي معين ،أو
موضوع يهم املجتمع ،أو يتعلق بنشاط من أنشطة الحكومة باتفاق مع مكتب مجلس النواب كما '' يعد النواب مكلفون بمهمة االستطالع تقريرا من أجل
عرضه على اللجنة قصد مناقشته وإحالته على مكتب املجلس'' .وتقابلها املادة 67من النظام الداخلي ملجلس املستشارين.
202
مجلة املناة للدراسات القانونية واإلدارية /العدد االخامس والثالثين يونيو-شتنبر2021
من أن تجاوب إدارة الدفاع الوطني يبقى محدودا بطبيعة املجال الدفاعي كمجال محفوظ من قبل املؤسسة
امللكية ،بوصف امللك قائد أعلى للقوات املسلحة امللكية.523
بالنظر إلى الطابع اإلستراتيجي لقانون املالية ،والذي يمكن اعتباره بمثابة وثيقة تمويل السياسات العمومية
للدولة ،إال أنه يوضع بمكتب مجلس النواب في اآلجال املحددة معززا بتقرير حول الخطوط العريضة للتوازن
االقتصادي واملالي والنتائج املحصل عليها وكذا التوجيهات املستقبلية ،524وبوثائق يتعلق بنفقات مرافق الدولة
املسيرة بصفة مستقلة واملؤسسات العمومية .كما يمكن للجنة املالية كباقي اللجان الدائمة أن تمارسا دورا رقابيا
عبر تكليف بعض أعضائها باستطالعات حول شروط ظروف تطبيق قانون املالية ولها الصالحية في التوصل
باملعلومات واملعطيات الضرورية ،كما يمكنها أن تطلب من وزير املالية والحكومة تقديم إيضاحات خالل مراحل
تنفيذ قانون املالية ،وتضع تقريرا يعرض على اللجنة للمناقشة.
يمكن القول إن التكريس الدستوري للجان التقص ي ،525جاء نتيجة رغبة معلنة من طرف املؤسسة التشريعية
واستجابة متأخرة نسبيا للمشرع الدستوري وبتعبير آخر ،فإن هذا التكريس هو نتيجة ممارسة 526سابقة
اتسمت بالتسوية واملقاومة ،حيث لم يتم التكريس الدستوري للجان تقص ي الحقائق إال في دستور 1992وباملقابل
فإن مجلس النواب عبر عن الرغبة في ممارسة دور الرقابة عبر لجان التقص ي منذ 1977عندما قام بإدراجها في
نظامه الداخلي ،إال أن الغرفة الدستورية أكدت في قرارها بتاريخ 1978-4-22عدم دستورية هذا املسعى،527
انطالقا من أن دستور 1972ال ينص عليها ضمن وسائل مراقبة العمل الحكومي ،528وهنا يتعلق األمر بحالة تبرز
-523ندير املومني '' ورقة خلفية حول دورالبرملان في إعداد ،مر اقبة وتقييم السياسات العمومية'' ،مرجع سابق ،ص.6:
-524تنص املادة 124من النظام الداخلي ملجلس النواب على أنه '' :يودع مشروع قانون املالية للسنة وامليزانيات الفرعية املتعلقة به بمكتب مجلس
النواب في اآلجال املحددة ،ويشفع بتقرير تعرض فيه الخطوات العريضة للتوازن االقتصادي واملالي والنتائج املحصل عليها واآلفاق املستقبلية والتغييرات
التي أدخلت على املداخيل والنفقات.
وتلحق بالتقرير املذكور وثائق تتعلق بنفقات امليزانية العامة وبعمليات الحسابات الخصوصية للخزينة ومرافق الدولة املسيرة بصورة مستقلة
وباملؤسسات العمومية ،طبقا ملقتضيات القانون التنظيمي للمالية.
-525تنص الفقرة 2من الفصل 42من دستور 1996على ما يلي '' :عالوة على اللجان الدائمة املشار إليها في الفقرة السابقة يجوز أن تشكل بمبادرة من
امللك أو بطلب من أغلبية أعضاء أي من املجلسين لجان نيابية لتقص ي الحقائق يناط بها جمع املعلومات املتعلقة بوقائع معينة وإطالع املجلس الذي
شكلها على النتائج التي تنتهي إليه أعمالها ،وال يجوز تكوين لجان لتقص ي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية ،ما دامت هذه املتابعات
جارية ،وتنتهي مهمة كل لجنة لتقص ي الحقائق سبق تكوينها فور تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها .لجان تقص ي الحقائق مؤقتة بطبيعتها
وتنتهي مهمتها بإيداع تقاريرها ،يحدد قانون تنظيمي طريقة تسيير لجان تقص ي الحقائق''.
-526وجدت لجان التقص ي في النظام الداخلي ألول مرة في برملان ،1963كما أن قرار الغرفة الدستورية القاض ي بعدم دستورية إدراج هذه اللجان في
النظام الداخلي لم يمنع من تجربة التقص ي فعليا في حاليتين :لجنة التقص ي حول تسرب امتحانات البكالوريا في 11يونيو 1979ولجنة تقص ي أخرى حول
أحداث فاس وطنجة 14دجنبر 1990وقدمت تقريرها في 12أبريل 1992ملجلس النواب.
-527قرار الغرفة الدستورية رقم ،4املنشور بالجريدة الرسمية رقم 3441بتاريخ 22أبريل .1978
-528وقد تم تأكيد هذه الحجية في عدد من قرارات الغرفة الدستورية كالقرار رقم 17بتاريخ 24يوليوز ،.1979والقرار رقم 182بتاريخ 22غشت .1985
203
مجلة املناة للدراسات القانونية واإلدارية /العدد االخامس والثالثين يونيو-شتنبر2021
أن التفاوض حول التكريس الدستوري إلحدى الطرق األكثر كالسيكية ملراقبة تنفيذ السياسات العمومية من
طرف البرملان قد يستغرق زمنا طويال .
أصبح البرملان املغربي ،وفق أحكام دستور ،2011يمتلك سلطة تقييم السياسات العمومية (الفصل 70من
الدستور 529بما يفيد باألساس دراسة أثرها االقتصادي واالجتماعي والثقافي والبيئي ،كما أصبح مختصا بتحليل
التكلفة املالية لهذه السياسات وتقييم مدى تحقيقها ألهدافها) ،وهو ما يستفاد من منطوق الفصل 148من
الدستور .530لكن باإلضافة إلى ذلك ،وبموجب أحكام الفصل ،531101من الدستور ،يمتلك البرملان املغربي أيضا
اختصاص مناقشة السياسات العمومية.
وإذا كانت وظيفة التقييم واضحة على مستوى النص الدستوري وعلى مستوى املمارسات البرملانية في التجارب
املقارنة ،فإن مصطلح '' املناقشة'' الذي ورد في الوثيقة الدستورية يوسع نسبيا من آليات ووظائف البرملان على هذا
املستوى.
فاملناقشة تختلف عن التقييم ،على الرغم من ارتباطها موضوعيا على هذا املستوى ،فاملشرع الدستوري املغربي؛
حرص على استعمال عبارة '' مناقشة السياسات العمومية وتقييمها'' في الفصل ،101وعلى الرغم من استعماله
فقط مصطلح التقييم في الفصل 70الذي يحدد القواعد العامة ملمارسة السلطة التشريعية ،إال أنه لم يكتفي
بهذه الوظيفة األساسية املتعلقةبالتقييم،وأورد مفهوم
'' املناقشة'' ضمن باب العالقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بما يجعلها أقرب للرقابة على العمل الحكومي
منها إلى منهجية التحليل والتقييم ،وهو ما يحتاج منا لضبط األسس املفاهيمية للمصطلحات الواردة في األحكام
الدستورية.
وعادة ما تكون عبارة '' املناقشة'' أكثر عمومية من التقييم الذي يعتبر سيرورة سياسية وتقنية تخضع ملعايير
ومواصفات تتعلق بممارستها كوظيفة برملانية .فاملناقشة مفهوم غير محدد بشكل دقيق ،بما يسمح بتوسيع
موضوعي ملهام واختصاصات البرملان على هذا املستوى ،وقد تتعدى املناقشة مجال التقييم في شكله الضيق
لتتقاطع مع الوظائف الرئيسية األخرى للبرملان املغربي ،سواء على مستوى التشريع أو مراقبة العمل الحكومي ،كما
فإذا كانت صياغة السياسات العمومية تعتبر حكرا على السلطة التنفيذية (الحكومة واإلدارات العمومية التابعة
لها ،واملنشآت واملؤسسات العمومية الواقعة تحت وصايتها والتي تنفذ السياسات الحكومية) ،سواء من حيث
التدابير املعتمدة إلعدادها أو من حيث اإلجراءات املتخذة لتنفيذها ،فإنه ال يمكن إغفال دور البرملان املغربي على
مستوى التتبع املواكب لصياغة هذه السياسات العمومية أو لتنزيلها على املستوى اإلجرائي ،وال يتعلق األمر هنا
بوظيفة التقييم في حد ذاتها ،وإنما يرتبط بوظيفة '' املنافسة'' الواردة صراحة في الفصل 101من الدستور.
وفي هذا الصدد يمكن استحضار عدد من االختصاصات التشريعية والرقابية املرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر
بإعداد السياسات العمومية ،أو بمواكبة وتتبع تنفيذها ،والتي تمكن البرملان املغربي من مناقشة هذه السياسات
العمومية ،والبرامج الحكومية املرتبطة بها بمناسبة ممارسة هياكله وأجهزته ملهامها واختصاصاتها الدستورية،
وبشكل خاص على مستوى الوظائف التالية:532
-مناقشة قوانين اإلطار : Lois Cadresينص الفصل 71من الدستور املغربي على اختصاص البرملان بالتصويت
على القوانين التي '' تضع إطارا عاما لألهداف األساسية لنشاط الدولة في امليادين االقتصادية واالجتماعية
والثقافية والبيئية ،533وإذا كانت هذه القوانين تعبر عن مجال من مجاالت السياسة العامة Politique Générale
التي يتم التداول بشأنها في املجلس الحكومي قبل عرضها على املجلس الوزاري والتي تلتزم الحكومة بتنزيلها عبر
سياسات عمومية وسياسات قطاعية ،فإنها تعتبر بالتالي أساسا قانونيا لصياغة السياسات العمومية.
وعادة ما تكون املناقشة البرملانية ملشاريع قوانين اإلطار مناسبة سانحة للسلطة التشريعية ملناقشة عمق
السياسات العمومية املرتبطة بها ،بما يمنح البرملان نوعا من االختصاص املتعلق باملناقشة القبلية غير املباشرة
للسياسات العمومية رغم أنه يختص بالتقييم البعدي لهذه السياسات.534
-البرامج واملخططات متعددة السنوات:ينص الفصل 75من الدستور على مسطرة خاصة بالتصويت بالبرملان
على نفقات التجهيز واالستثمار التي يتطلبها إنجاز املخططات التنموية اإلستراتيجية ،والبرامج متعددة السنوات
التي يفصلها القانون التنظيمي للمالية ،والتي تعدها الحكومة ويطلع عليها البرملان ،وترتبط هذه املخططات ''
بالتوجهات اإلستراتيجية لسياسة الدولة ''535ويتم تنزيلها على مستوى ميزانية الدولة عبر البرامج املالية متعددة
-قوانين املالية السنوية :يعتبر القانون املالي السنوي مناسبة ملناقشة السياسات العمومية من قبل القطاعات
الحكومية ،خاصة على مستوى اللجان الدائمة للبرملان التي توسع مجال مناقشتها للميزانيات القطاعية املعروضة
عليها لتمتد ملناقشة السياسات واملقاوالت العمومية.
-قانون التصفية :يلزم الدستور في فصله 76الحكومة على تقديم الحساب الختامي لتنفيذ امليزانية السنوية
(قانون التصفية) للبرملان قبل نهاية السنة الثانية املوالية للسنة املالية املعنية.
ويتعين أن يتضمن قانون التصفية حصيلة ميزانيات التجهيز التي تم تنفيذها بشكل كامل خالل
السنة املالية املعنية،ن وهي تكاليف ترتبط بتنفيذ املخططات متعددة السنوات ،والتي يتم من خاللها التنزيل املالي
وامليزانياتي للسياسات العمومية في مختلف القطاعات التنموية.
عود على بدأ ،يبدو أن وظيفة البرملان في مجال تقييم السياسات العمومية ،تعتبر وظيفة جديدة و جنينية ،فرغم
مرور تسع سنوات على دسترة هذه اآللية الرقابية و التقييمية للبرملان من خالل الوثيقة الدستورية ،2011نجد أن
املؤسسة التشريعية ال زالت في طور تحديث اآلليات الضرورية ،و تطوير الهياكل االدارية ،و األطر التقنية املختصة
في تقييم السياسات العمومية ،للرفع من وثيرة التفعيل الجيد للوظيفة التقييمية للبرملان.
206