Professional Documents
Culture Documents
2024
2024
net/publication/381430412
CITATIONS READS
0 1,754
2 authors, including:
Delliou Foudil
University of Constantine 3
114 PUBLICATIONS 1 CITATION
SEE PROFILE
All content following this page was uploaded by Delliou Foudil on 14 June 2024.
ومنهم أساتذتي:
فالمناهج في البحث العلمي هي أساس أي معرفة علمية طبيعية أو إنسانية على حد
سواء .وهي مرادفة للقدرات العقلية التي فضل الله بها اإلنسان عن الحيوان ،والتي أهله بها
لالستكشاف والوصف والتفسير والمقارنة والتجريب والتقدير والتأويل واالستشراف...
ولالستفادة وأخذ العبر من ماضيه وحاضره.
ويعتبر هذا الجهد المتواضع استجابة بيداغوجية لتغطية احتياجات الطلبة في
التعليم الجامعي بعمل يتضمن عرضا موجزا حول المنهجية في البحوث العلمية بتعبيراتها
الكمية .وقد تم األخذ بعين االعتبار في هيكلته الرباعية (منهجية البحث العلمي عموما ،وماذا
نبحث ،وكيف نبحث ،والتقرير النهائي) ما ورد في عمل سابق ( )2112تم تنظيمه تبعا ألهم
محاور المقرر الرسمي املجاز من طرف اللجنة البيداغوجية الوطنية ،مع االعتماد في توثيق
محتوياته تبعا لنظام الـ " "APAمع بعض التصرف ألسباب ثقافية وعملية خاصة .كما تم
االستفادة في إثراء محتوياته من التفاعل المستمر مع الطلبة واألساتذة في العديد من
الجامعات لعدة سنوات ،ومن تشجيع القائمين على مخبر "استخدامات وتلقي المنتجات
اإلعالمية والثقافية في الجزائر /جامعة الجزائر( "3أ.د .فتحية معتوق وأ.د .فطومة بن مكي ود.
فاتح مختاري) ،الذين تبنوا مؤخرا إصدار نسخة ورقية وأخرى إلكترونية مجانية منه ،تماشيا
مع ما أصبح من هواجس ي الملحة منذ بضع سنين ،جزى الله الجميع خيرا.
وتجدر اإلشارة في األخير إلى أمور ثالثة :أولها ،أن بنية هذا العمل ومحتوياته تم
االعتماد فيهما أساسا على التوجه المنهجي الكمي ألن مقابله الكيفي تمت تغطيته في عملين
سابقين (.)2123 ،2122
وثانيهما ،أننا حاولنا في تحرير محتوياته أال نكون حديين أو ُمشاحين في االستخدام
التعددي لبعض المصطلحات الشائعة في األدبيات المنهجية المتخصصة ،والتي قد يكون
وثالثها ،أن محتوى هذا العمل رغم ما رامه من وصفات منهجية أحسبها مفيدة فهي
ليست كاملة ،بل نسبية وقابلة للتداول النقدي؛ وهو المعنى المعبر عنه عادة بالقول الشهير
للقاض ي عبد الرحيم البيساني في رسالته البليغة إلى العماد األصفهاني ،والذي أتذكره عند
ً
مراجعة أي عمل :إني رأيت أنه ما كتب إنسان كتابا في يومه إال قال في غده ،لو غيرت هذا
لكان أحسن ،ولو زيد كذا لكان يستحسن ،ولو قدم هذا لكان أفضل ،ولو تركت هذا لكان
أجمل ،وهذا من أعظم العبر وهو دليل على استيالء النقص على جملة البشر".
للتفاعل العلمي الهادف حول محتويات هذا العمل أو حول محتويات غيره من المنشورات:
البريد اإللكتروني الشخص يfdeliou@yahoo.fr :
رابط موقع التواصل األكاديميwww.researchgate.net/profile/Delliou-Foudil/research :
.4.4المنهجية
.2.4البحث العلمي
.7.4تطورمراحل البحث العلمي
.1.4خصائص البحث العلمي
.4.4مشكالت البحث العلمي في العلوم اإلنسانية
.9.4أنواع البحوث العلمية في العلوم اإلنسانية
.7.4خطوات البحث العلمي في العلوم اإلنسانية
-الحضارة اإلغريقية
بخالف معظم الحضـ ـ ـ ــارات السـ ـ ـ ــابقــة ،كــانــت معرفــة اإلغريق (اليونــانيين) ذات
توجــه نظري أكنر منــه عملي وتميــل إلى البحــث والتــأمــل الفلسـ ـ ـ ــفي وقض ـ ـ ـ ــايــا المنطق
والحكمة والبالغة ...معتبرة هذه العمليات الفكرية من اختصاص الحكماء والفالسفة
دون العبيـد والص ـ ـ ـ ـنـاع .فكـانـت إس ـ ـ ـ ـهاماتهم تتميز بالطابع النظري الفلسـ ـ ـ ــفي التأملي
البعيد عن النزعة العملية ،لكنها أثرت الفكر البشــري بمحاولتها تفســير الطبيعة وفهم
اإلنس ــان ومختلف أنش ــطته الطبيعية والس ــياس ــية واالقتصـ ـادية واالجتماعية ،حيث
حاول روادها تنظيم وس ــيلتهم في المعرفة فوضــعوا أس ــس المنطق والقياس ،وص ــاغوا
منهجي ــة التفكير وتوجي ــه العملي ــات الفكري ــة بحي ــث تربط المق ــدم ــات ب ــالنت ــائ .كم ــا
تـطــور الـفـكـر الـعـلـمـي عـن ـ ــدهـم بـتـطــور الـري ـ ــاض ـ ـ ـ ـي ـ ــات عـلــى أي ـ ــدي أمـث ـ ــال "ط ـ ــالـيــس"
و"بيتاغوراس" ،كما س ـ ــاهم "هيبوقراط" في تطوير الطب بابتعاده عن الس ـ ــحر متجها
-الحضارة الرومانية
يمكن القول عمومــا إن الجهود العلميــة عنــد الرومــان تميزت بردة فعــل عمليــة
اتجـاه اإلغراق النظري اليونـاني ،وذلـك بـاتجـاه النزعـة العمليـة التي ردت للعمل اليدوي
اعتبــاره ،حيــث اتجــه المثقفون الرومــان نحو العلوم التطبيقيــة وتجــاهلوا الفلس ـ ـ ـ ـفــة
اإلغريقية وأولوا أهمية كبرى لما تقتضيه ثقافة اإلمبراطورية العسكرية وأيديولوجيتها
التوس ـ ــعية .فكان النش ـ ــاط العلمي عندهم متركزا أس ـ ــاس ـ ــا على ما يخدم هذه الثقافة
الحربية من قالع وحصـون وأدوات حربية ...مكنتهم من السيطرة على شعوب وثقافات
عديدة في ش ـ ــمال إفريقيا ،الش ـ ــرق األوس ـ ــط ،وس ـ ــط أوروبا وش ـ ــمالها ...والتأثر أيض ـ ــا
بطبائعها وعاداتها ومنتجاتها الفكرية وخاصة في املجال التشريعي.
-الحضارة اإلسالمية
لعبت الحض ـ ــارة اإلس ـ ــالمية دورا بارزا في تأس ـ ــيس وتطوير المنهج العلمي ،وذلك
بــالرغم من تجــاهــل بعض الكتــابــات الغربيــة لــه ،أو محــاولــة صـ ـ ـ ــبغــه بــالنزعــة الظالميــة
للقرون الوسـ ـ ـ ــط التي تميزت بهــا أوروبيــا وبطــابع الجمود والتخلف والجهــل ومحــاربــة
العلم والعلماء الذي ارتبط بتصرفات رجال الكنيسة الكاثوليكية حينها.
وبـالرجوع إلى محـددات ميالدها وانتشـ ـ ـ ــارها كحضـ ـ ـ ــارة عالمية ،نجد أنها ترتبط
أسـ ــاسـ ــا بالدين اإلسـ ــالمي .وهو يدور في هذا املجال عموما حول "الدعوة إلى القراءة":
"اقرأ بــاسـ ـ ـ ــم ربــك الــذي خلق" ( ،)1/31وإلى بيــان فض ـ ـ ـ ــل "العلم والعلمــاء"" :قــل هــل
يس ـ ــتوي الذين يعلمون والذين ال يعلمون إنما يتذكر أولو األلباب" ( ،)3/33والدعوة
ُ
إلى "اسـ ــتخدام العقل والملكات اإلنسـ ــانية"" :وال تقف ما ليس لك به علم إن السـ ــمع
والبصر والفؤاد كل أول ك كان عنه مسؤوال" (.)13/15
وقــد أثمرت هــذه التوجيهــات علومـا نقليــة وعقليــة قــائمــة على البرهنــة وش ـ ـ ـ ــامل ـة
لع ــالمي "الغي ــب" (الغيبي ــات) و"الش ـ ـ ـ ـه ــادة" (املحسـ ـ ـ ــوس ـ ـ ـ ـ ــات) وفي مختلف الحقول
المعرفية .كما نت عن ذلك تطوير منهجية بحث قوامها قاعدة ذهبية" :إن كنت ناقال
-الحضارة األوروبية
ونقصد هنا الحديث عن تطور منهج البحث العلمي في مرحلة ما بعد الحضارة
اليونانية الوثنية والتي أصبحت فيها المسيحية الدين الرسمي ل مبراطورية الرومانية
في عهد قسطنطين ،وهي تشمل مرحلتي العصور الوسط ( )1811-811وعصر النهضة
والتنوير بعد االحتكاك واالستفادة من الحضارة اإلسالمية.
فالشائع عن العصور الوسط في أوروبا انها كادت تخلوا من كل تفكير وإبداع
علميين ،إلى درجة تسميتها بقرون العتمة أو عصور االنحطاط والظالم .وقد تالزم ذلك
مع سيطرة النسق الكنس ي الكاثوليكي على الحياة األوربية في أبعادها الروحية والفكرية
والسياسية ،حيث "بقيت معظم العلوم في حالة جمود وكأنها موضوعة في ثالجة
التاريخ ،دون أن تغتني بتجارب أو اكتشافات جديدة ومجددة لمضامينها" (معتوق،
،1358ص.)28 .
وبعد صراع ضار مع رجال الكنيسة واستفادة العلماء والفالسفة من احتكاكهم
بالحضارة اإلسالمية (عنفا :حروبا ،وسلما :بعثات وترجمات) ومنتجاتها النظرية
والتطبيقية األصيلة والمنقولة عن حضارات أخرى ،تحررت أوروبا تدريجيا من
شرنقتها وكسرت جمودها الذي عانت منه قرونا طويلة وأعلنت تمردها على حكم
الكنيسة ،لتعبر إلى مرحلة جديدة من تاريخها أصبحت تعرف مع مطلع القرن السابع
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
36
عشر بعصر النهضة والتنوير الذي أعلن فيه التمرد على الكنيسة خصوصا والدين
عموما ،وتأليه العلم وتقديس المنهج التجريبي.
-مشكلة "العلمية"
إنه لمن المهم واألساس ي قبل القيام بأي نوع من المقارنة بين العلوم الطبيعية
والعلوم اإلنسانية أن نعرض مفهوم العلمية ،باعتباره بؤرة الجدل الدائر بين
المتخصصين حول مدى علمية العلوم اإلنسانية.
فكما هو معروف في تاريخ العلم الحديث أن المواضيع اإلنسانية كانت آخر
املجاالت التي خضعت للبحوث العلمية ،بعدما كانت مجاال للبحث الميتافيزيقي .وقد
تأسست دعاوى العلمية لدى اإلنسانيين ،نتيجة تأثرهم بما حصل في مجال العلوم
الطبيعية من تقدم مغر .وقد ترسخ في أذهان كثير منهم كنتيجة لذلك أن علمية أي
حقل معرفي ناش ئ مرهونة أساسا باستخدامه للمناهج المستخدمة في العلوم
الطبيعية ،فما دام المنهج العلمي القائم على التجريب قد حقق لهذه األخيرة تقدما
واضحا ،فإنه يمكن من خالل المنهج نفسه أن يتحقق تقدم اإلنسانيات .فأصبح
المنهج التجريبي والنموذج الطبيعي للعلم ،إطارا مرجعيا ينبتي أن تعتمده العلوم
اإلنسانية إذا أرادت أن تتحقق لها صفة العلمية.
فـ"كانت النظرة التي وجهت مفهوم العلمية تكمن في التخلص من كل تفكير
باعتباره الهوتيا أو أسطوريا مناقضا للنظام العلمي ،وبذلك وضعت العلوم اإلنسانية
أمام الخيار الصعب بحيث فرض عليها النموذج الطبيعي كطريق وحيد لتحقيق
علميتها ،وكل خروج على هذا الطريق يفقدها مصداقيتها العلمية ،وبذلك تحولت
النزعة العلمية من أسلوب في البحث عن الحقائق إلى اعتقاد في العلم التجريبي كطريق
وحيد للمعرفة" (أمزيان ،1331 ،ص.)223 .
-التصورالذي يؤكد علمية العلوم اإلنسانية ويطبق عليها مناهج العلوم الطبيعية
ً
أثمر هذا التصور "العلموي" أزمة في حقل العلوم اإلنسانية وعلم االجتماع على
الخصوص ،فبعد أن كنا نتحدث عن أزمة املجتمع أصبحنا نتحدث عن أزمة العلوم
اإلنسانية.
إن هذا المسـ ـ ـ ــلك قد حصـ ـ ـ ــر بحث الظاهرة اإلنسـ ـ ـ ــانية في جوانبها الملموسـ ـ ـ ــة
(السـ ــلوك الواقعي) وأهمل أخص خصـ ــائص هذه الظواهر وهي الوعي واالختيار...ففي
حقل علم االجتماع مثال ،يؤكد "جورج لندبرغ" ( )George A. Lundbergعلى ض ـ ــرورة
أن تحـذو منـاهج علم االجتماع حذو مناهج علم الطبيعة (الفيزياء)من حيث اهتمامها
ب ــالتجري ــب والقي ــاس ال ــدقيق ،وك ــان يقول بع ــدم وجود فوارق جوهري ــة بين الظواهر
الطبيعية والسلوك االجتماعي وأن كليهما يمكن بحثه بالدرجة نفسها من الموضوعية
التي يدرس بها اآلخر (كابلو ،1333 ،ص.)15 .
وقد تجلى تأثر أنصـ ــار هذا المسـ ــلك بهذا التصـ ــور في جهودهم البحثية الكثيرة،
تلــك التي تمحورت حول الولع بعقــد المقــارنــات والممــاثالت العضـ ـ ـ ــويــة بين الطبيعــة
واملـجـتـمـع ،أو بـيـن الـك ـ ــائـن اإلنسـ ـ ـ ـ ـ ــانـي والـك ـ ــائن البيولوجي ...واسـ ـ ـ ــتع ـ ــارة المف ـ ــاهيم
والمصـ ـ ـ ــطلحات الحيوية والفيزيائية واسـ ـ ـ ــتخدامها في بحث وتفسـ ـ ـ ــير ظواهر املجتمع
اإلنسـ ـ ـ ــاني ،فليس غريبـا عنـا أن نسـ ـ ـ ــمع مصـ ـ ـ ــطلحـات وتسـ ـ ـ ــميـات من قبيل الفيزيقا،
والفيسـ ـ ـ ــيولوجيـا ،والمورفولوجيـا ،واالس ـ ـ ـ ـتـاتيكـا والـدينـاميكـا ،ثم تضـ ـ ـ ــاف لهـا الالزمة
المعروفة وهي كلمة اجتماعي ( :)Socialالفيزيقا االجتماعية والفيزيولوجيا االجتماعية
والمورفولوجيـ ــا االجتمـ ــاعيـ ــة ...ليعرف المهتم (القـ ــارئ مثال) بـ ــأن الحـ ــديـ ــث متعلق
ُ
بــاملجتمع وقض ـ ـ ـ ــايــاه ومشـ ـ ـ ــكالتــه ،هــذه األخيرة التي تعرض لــه بلغــة العلوم الطبيعيــة
باعتبارها األنموذج املحتذى.
.2.4.9.4البحوث الوصفية :هي التي تهتم ببحث الوقائع الحالية وتشخيصها (لذلك
تدعى أيضا "التشخيصية") ،ومنها :االستقصائية (المسح االجتماعي) والتطورية
واالرتباطية وتحليل املحتوى ...عند من ال يفرق بينها وبين الوصفية بمعناها الضيق،
ألن الوصف مستعمل في معظم أنواع البحوث.
مع اإلشـ ـ ـ ــارة إلى أن الكثير ممــا يكتــب أو يــدرس في املجــال االجتمــاعي ال يــذهــب أبعــد بكثير
من هذا المس ـ ــتوى الوص ـ ــفي أو التش ـ ــخيص ـ ـ ي .وتكمن البحوث الوص ـ ــفية ،أس ـ ــاس ـ ــا ،في وص ـ ــف
) (1قد تجد من يقصد بهذا المؤشر المستوى الجامعي ،فيصنف البحوث إلى :بحوث المرحلة األولى
(الليسانس) ،وبحوث المرحلة الثانية (درجتي الماجستير/الماستر والدكتوراه) ،أو إلى أطوار ثالثة:
ليسانس وماستر ودكتوراه.
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
56
تفسيرية ...)...فهي تتسم بكونها أكنر مرونة في نهجها مقارنة مع البحوث الوصفية أو
التفسيرية ،باإلضافة إلى كونها أيضا أوسع نطاقا وأكنر تشتتا منهما.
وقد يكون هذا النوع من البحوث وفقا لـ "سلريز" (:)Sellriz, 1980
-موجها لخدمة صياغة أكنر دقة لمشكلة البحث ،ألنه يفتقر إلى ما يكفي من
المعلومات وإلى معرفة مسبقة بالموضوع ،وألنه كذلك من المنطقي أن تكون الصيغة
األولية للمشكلة غير واضحة /دقيقة .في هذه الحالة يسمح االستكشاف بالحصول
على بيانات وعناصر جديدة يمكن أن تؤدي إلى صياغة أدق ألس لة البحث.
-مؤديا إلى وضع فرضية :عندما نجهل موضوع البحث سيكون من الصعب
وضع فرضيات حوله .فدور البحوث االستكشافية يكمن في اكتشاف األسس وجمع
المعلومات التي تسمح -كنتائ بحثية استكشافية -بصياغة فرضيات وصفية،
تفسيرية...
أي أن البحوث االستكشافية مفيدة ألنها :أ) تساعد على تعريف الباحث
بموضوع يجهله تماما أو على زيادة ألفته به ،ب) تفيد كأساس إلنجاز بحث وصفي أو
تفسيري الحق ،ج) تثير اهتمام باحثين آخرين ببحث موضوعات أو مشكالت جديدة.
لكن ذلــك ال يعني أن خطوة االسـ ـ ـ ــتطالع تفتقــد إلى معــالم منهجيــة لالنطالق،
ألنه غالبا ما يتسـ ــلح الباحث االجتماعي فيها بمجموعة من التسـ ــاتالت ،وكذا بضـ ــرورة
االسـ ـ ـ ــتعــداد والــدقــة في المالحظــة وفي تــدوين البيــانــات وتجميعهــا (دليو ،1335 ،ص.
.)21وكمثـال عن هـذا النوع من البحوث :مـا الـذي يحـدث في املجتمعـات العربية اآلن؟
أو ما مسـ ـ ــتقبل النظام السـ ـ ــياس ـ ـ ـ ي فيها؟ عند من يعتبر بحوث االسـ ـ ـتش ـ ـ ـراف والتوقع
(اسـ ــتكشـ ــاف المسـ ــتقبل املحتمل) بحوثا اسـ ــتطالعية (.)Laramée & Vallée, 2005
كما أن كون البحث االسـتكشـافي يؤدي إلى صياغة أكنر دقة لمشكلة البحث وإلى وضع
فرضـيات بحوث وصـفية وتفسـيرية ال يعني بالضـرورة استهالل كل هذه البحوث ببحث
اســتكشــافي كخطوة إلزامية أولى ،ألن مشــكالت بعض هذه البحوث تمت معالجتها من
قبل وهي ليس ــت بكرا ،وبالتالي يمكن اختبار فرض ــيات إطارها النظري ونتائ دراس ــاتها
السـ ـ ـ ــابقــة مبــاشـ ـ ـ ــرة .كمــا يمكن بــالطبع القيــام ببحــث اسـ ـ ـ ــتطالعي كيفي قــائم بــذاتــه،
باستخدام املجموعة البؤرية مثال.
تهتم البحوث االستشر افية أو بحوث االتجاه ()De Tendance -fr-/ Trend
عموما باستقراء المستقبل واستشراف آفاقه بالحصول على بيانات في املجاالت
االجتماعية واالقتصادية والسياسية والثقافية وتحليلها من أجل تحديد االتجاهات
المستقبلية الرئيسة للظاهرة وتوقع األحداث التي قد تحدث في المستقبل .وفيها قد نجمع أحيانا
بين تقنيات تاريخية ووثائقية وتلك المستخدمة في البحوث المسحية أو االستقصائية الواقعية
(االستبيان ،المالحظة ،المقابلة).
-خالصة
يمكن إيجاز التص ـ ــنيفات س ـ ــابقة الذكر في ثالثة ،وذلك تبعا لثالثة مؤشـ ـ ـرات
مهمة :العمق المعرفي والبعد الكرونولوجي وطبيعة البيانات ،وهي على التوالي:
°اســتكشــافية ،ووصــفية ،وارتباطية ،وتفســيرية ،أو :اســتكشــافية ،ووصــفية،
وتجريبية.
°تاريخية (الماض ي) ،ووصفية (الحاضر) ،وتجريبية (المستقبل).
°كمية ،وكيفية ،ومختلطة.
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
63
.7.1خطوات البحث العلمي في العلوم الإنسانية
تخضـ ـ ـ ــع عمليــة البحــث في العلوم اإلنس ـ ـ ـ ــاني ــة لبعض قواع ــد الموضـ ـ ـ ــوعي ــة
والمنهجية ،والتي هي أص ـ ــال محدداتها العلمية .إنها تس ـ ــتلزم وجود نوع من االنس ـ ــجام
والترابط لضمان علمية العمل ومنهجيته في معالجة الواقع.
وم ــا يالح في ه ــذا املج ــال ،أن تطبيق ــات المنهجي ــة في العلوم اإلنسـ ـ ـ ـ ــاني ــة،
وخاصة بعد الستينيات من القرن الماض ي أصبحت متعددة ومتنوعة بشكل ال يمكن
حصـره كما ونوعا .ولكنها مع ذلك بقيت تخضـع لهيمنة شبه كلية لالتجاه "االفتراض ي-
االستنباطي" حتى نهاية القرن الماض ي).(2
وسـ ـ ـ ــنحــاول فيمــا يلي تقــديم عرض موجز لنمــاذج تطبيقيــة تقليــديــة لعمليــة
البحث االجتماعي في خطوطها العريض ــة المهيمنة وعند عينة من املختص ــين ،مطعمة
بقراءة نقدية لها واستنتاجات في شكل خاتمة.
بــدايــة ،يمكن القول إن جــل الــذين كتبوا في هــذا الموضـ ـ ـ ــوع حتى نهــايــة القرن
المـاض ـ ـ ـ ـ ي يتفقون في التصـ ـ ـ ــور االسـ ـ ـ ــتنبـاطي العام لعملية البحث االجتماعي ،ولكنهم
يختلفون في نمط تنظيم مراحله وخطوات إنجازه وتنفيذه.
إن مراحـل البحـث التقليدية المعروفة هي على التوالي :المالحظة ،التسـ ـ ـ ــاتل/
االفتراض والتجري ــب .وهي مراح ــل تقلي ــدي ــة ،روتيني ــة الزم ــة ألي بح ــث اجتم ــاعي -كمي
اسـ ـ ـ ــتنبـاطي خـاصـ ـ ـ ــة ،-إال أنـه قـد يالح عليهـا نوع من القطيعـة إذا عولجـت كمراحل
منهجية مس ـ ـ ــتقلة قائمة بذاتها .كما أنها قد تطتى على عناص ـ ـ ــر أخرى من البحث أقل
تشــخيصــا في أدبيات العلوم اإلنســانية المتخص ـصــة ،ولكنها قد تكون لها نفس أهمية
وفعالية العناصر الثالثة التقليدية (.)Grawitz, 1976, p. 365
والختالف الباحثين في ترتيب وضـ ـ ــبط العناصـ ـ ــر التفص ـ ـ ــيلية لعملية البحث،
ارت ـ أينــا تقــديم المعطيــات التطبيقيــة لنمــاذج منهــا منتقــاة من بلــدان مختلفــة (عربيــة،
) (2يتهم البعض هذا االتجاه االستنباطي بأنه يعمل على تحويل ممارسة العلم إلى أعراس أو جنائز
للنظريات :نفي ،إثبات /نفي ،إثبات ...وهو في نظرهم ليس نموذجا مثاليا يجب على أي بحث اجتماعي أن
يقترب منه ،وذلك لعدة أسباب ،منها :ضعف التنظير ،خصوصية المنطلقات النظرية وتحيزها ،أهمية
االستقراء ،...بل األصل أن طبيعة الموضوع وأهدافه هي التي يجب أن تتحكم في المسار المنهجي الذي قد
يكون استنباطيا أو استقرائيا أو تكامليا (لمزيد من التفصيل ،انظر :دليو.)2112 ،
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
64
التينية ،أنجلوسـكسونية) ،بغية اإلثراء المعرفي واالستفادة العملية ،وتأكيدا منا على
االنتش ـ ـ ـ ــار الواسـ ـ ـ ــع -غير المبرر كليــا -حتى حين لهــذا التقليــد االسـ ـ ـ ــتنبــاطي وهيمنتــه
الشـ ـ ـ ــاملـة ،وذلـك بغض النظر عن اختالف أو تناقض مرجعيات معظم هذه النماذج
َ
ومؤلفيهــا وتفــاوت جــديتهــا العلميــة وقيمتهــا العمليــة ،ألن بؤرة اهتمــامنــا هنــا ليس تقــابــل
المنطلقات والمرجعيات وال المسـ ـ ــارين المنهجيين :االسـ ـ ــتنباطي الكمي واالسـ ـ ــتقرائي
الكيفي ،فقد تم تخص ـ ـ ــيص مبحث في عمل س ـ ـ ــابق (دليو )2112 ،لتص ـ ـ ــميم البحوث
الكيفية.
.1يرى بعض الباحثين ومنهم "قبارى محمد إس ـ ـ ــماعيل" ( ،1351ص )33 .أن
عملية البحث في ميدان علم االجتماع مثال ،تمر بمرحلتين رئيس ــتين تدور من خاللهما
عجلة البحث العلمي:
بناء علىتتمثـل األولى في المرحلـة "اإلمبريقية" التي تنظم خاللها عملية البحث ً
فروض نظرية أو نظريات موجهة ،وذلك بغية بحث الظواهر االجتماعية.
أما المرحلة الثانية ،فتدعى بالمرحلة "التفسـ ــيرية" ،حيث يحاول فيها الباحث
المقــارنــة بين الظواهر والوقــائع االجتمــاعيــة التي جمعهــا في ضـ ـ ـ ــوء فروض بحثــه بغيــة
تفسـ ـ ـ ــير مغزى هـ ــذه الظواهر .وتقـ ــابـ ــل هـ ــذه المرحلـ ــة مرحلـ ــة التجريـ ــب في العلوم
الـطـبـيـعـي ـ ــة ،وهي تعتبر املح ـ ــك الكلي ل ط ـ ــار النظري (مجموع الفروض والنظري ـ ــات
والقوانين العلميــة) ،ولــذلــك نجــد أن "منــاهج التفسـ ـ ـ ــير" في هــذه المرحلــة تتــأرجح بين
نتائ ومكتش ـ ــفات /مخرجات البحث من جهة ،وبين معطيات اإلطار النظري من جهة
أخرى ،حيـث إهـدف كـل بحـث علمي في هـذه المرحلـة إلى اكتشـ ـ ـ ــاف الجـديـد أو تعديل،
رفض أو تأكيد بعض القضايا العلمية الخاصة باإلطار النظري.
وتوض ـ ـ ــيحا لما س ـ ـ ــبق نقدم فيما يلي (الش ـ ـ ــكل رقم )1املخطط العام لعملية
البحث االجتماعي في مرحلتيها اإلمبريقية والتفسيرية كما يراها "قباري" (:)1331
.2أمــا "عبــد البــاسـ ـ ـ ــط محمــد حسـ ـ ـ ــن" ( ،1351ص ص ،)22-31 .فــالقراءة
المتــأنيــة لعرض ـ ـ ـ ــه الخــاص بخطوات المنهج العلمي في البحوث اإلنس ـ ـ ـ ــانيــة تبرز ثالث
خطوات من هجيــة أس ـ ـ ـ ــاس ـ ـ ـ ـيــة :المالحظــة والفروض والتعميمــات العلميــة–تم اعتبــار
مرحلـ ــة "التجريـ ــب أو االختبـ ــار" مرحلـ ــة ثـ ــانوي ـ ـة تربط بين الفروض والتعميمـ ــات،-
اعتمــدهــا كقــاعــدة لص ـ ـ ـ ـيــاغــة وتحــديــد أربع مراحــل عمليــة متتــاليــة افترض تتويجهــا
بمرحلة إضافية خامسة خاصة بوضع النظريات:
.1المالحظة والتجربة
.2وضع الفروض العلمية
.3اختبار الفروض
.2الوصول إلى تعميمات علمية
.8وضع النظريات
وتبعا لذلك يرى الكاتب بأن االس ـ ــتقراء العلمي بص ـ ــفته منهجا مالزما للبحوث
اإلنسانية ،يمر بأربع مراحل أساسية:
.3أما "لؤي محمد صــافي" فقد قدم محاولة متميزة ( ،1338ص ص )82-81 .في
إطار التأصيل المعرفي للعلوم اإلنسانية ،حاول فيها صياغة العلوم اإلنسانية صياغة
إسـ ـ ـ ــالميـة من حيـث المنهج ليتجـاوز بهـا المنهجيـة المتولـدة في اإلطـار المعرفي الغربي.
ولكنه ،من حيث قواعد مسار منهجيته وتسلسلها ،لم يخرج عن الهيمنة االستنباطية
السائدة.
وفيما يلي عرض موجز ألهم قواعدها:
يرى "ص ـ ـ ــافي" -على غرار معظم المهتمين بالتأص ـ ـ ــيل اإلس ـ ـ ــالمي للمعرفة -بأن
للمنهجيــة في األدبيــات المعرفي ـة الغربي ـة مقــدمــات أيــديولوجيــة ال تتفق مع التصـ ـ ـ ــور
اإلسـ ـ ـ ــالمي واسـ ـ ـ ــتقراءات واقعيــة وتــاريخيــة غير ص ـ ـ ـ ــالحــة للتعميم على الفض ـ ـ ـ ــاءات
الحضـ ـ ـ ــاريـة األخرى .لـذا وجـب تطوير منهجيـة منـاس ـ ـ ـ ـبـة لمعتقـداتنـا وتـاريخنـا وواقعنا
الحــالي .ومن ثم قــدم لنــا "قواعــد االس ـ ـ ـ ـتــدالل الفعلي" التي تمكننــا من تحليــل األفعــال
االجتماعية مشخصة في الخطوات األربع الموالية:
-التحلي ــل ،للكشـ ـ ـ ــف عن املح ــددات الثالث ــة ل فع ــال :المقصـ ـ ـ ـ ــد والب ــاع ــث
والقاعدة.
-التصـ ـ ـ ــنيف ،على أس ـ ـ ـ ـاس االتف ــاق واالختالف في األنم ــاط .وق ــد ت ــأتي ه ــذه
الخطوة في البداية.
-التحديد الخاص بالقوانين التي تحكم العالقة بين مختلف األصناف.
إذا ك ــان للمن ــاهج دور المراق ــب الرئيس ،ف ــإن النظري ــات هي أقوى المنتج ــات
المعرفيـة المرجوة .وهـذا يعني أن المالحظــات الفرديــة يمكن أن تحتوي على مجموعــة
معلومات محدودة حول الظاهرة المراد بحثها ،أما التعميمات اإلمبريقية والفرض ـ ــيات
فهي تقتصر على تعديل مجموع المعلومات.
إن هذه العناصــر الخمســة عبارة عن محطات ديناميكية تتواصــل فيما بينها،
كما هو موضح في الشكل (رقم )8عن طريق المناهج وأدواتها:
-فالمالحظات تتحول إلى تعميمات إمبريقية عن طريق التبويب والقياس.
-والتعميم ــات اإلمبريقيـ ـة تتحول إلى نظري ــات عن طريق التعميم (اسـ ـ ـ ــتقراء
منطقي).
-والنظريات تتحول إلى فرضيات عن طريق االستدالل المنطقي.
-أمـا الفرض ـ ـ ـ ـيـات فيتم تجريبهـا عن طريق المالحظـات والتعميمات بواسـ ـ ـ ــطة
مناهج وأدوات تختلف باختالف طبيعة الموضوع.
وأخيرا ،تجــدر اإلش ـ ـ ـ ــارة إلى أنــه ال يمكن اقتراح الفرض ـ ـ ـ ـيــات والنظريــات قبــل
تحديد المناهج والمالحظات والتعميمات.
المرحلة الرابعة:
المرحلة الثالثة:
.11إذا عقدنا مقارنة بسـ ـ ــيطة بين العروض التطبيقية السـ ـ ــابقة ،فإنه يمكن
استنتاج:
أوال ،أن عمليــة البحــث في العلوم اإلنس ـ ـ ـ ــانيــة عمليــة دائريــة تحـاول الربط بين
النظرية التي تنطلق منها والمعلومات المس ــتقاة من الواقع إلثبات أو نفي االفتراض ــات
النظري ــة األولي ــة .ه ــذا طبع ــا إذا اسـ ـ ـ ــتثنين ــا الكثير من "الكيفيين" ال ــذين يرون ب ــأن
االنطالق من النظرية مكبل أو معيق لحرية الباحث البراغماتي.
ثــانيــا ،أنــه ،بــالرغم من ضـ ـ ـ ــرورة التزامهــا ببعض القواعــد المنهجيــة املحــددة،
فإنها ،وفي الوقت نفســه ،يجب أن تشــجع على اســتعمال البدإهة والخيال ،فأي عملية
بحـث تحتـاج عـادة إلى قـدر معين من الحـدس واإلبـداع ،كمـا يشـ ـ ـ ــير إلى ذلـك "فـايربند"
) (P. K. Feyerabend, 1974في كتابه "ضد المنهج" (.)Sierra Bravo, 1979, p. 22
ثالثا ،يمكن التمييز بين نوعين من التصنيفات:
أ) "التصـ ـ ـ ــنيفات الكلية" :تمثلها العروض التطبيقية الثالثة األولى والتي تفرق
أصـ ــال بين مرحلتين رئيسـ ــتين أو ثالثة على األكنر مع تخصـ ــيصـ ــها بتسـ ــميات مختلفة،
مراحل البحث
4 2 1
أصحابها
المرحلة
المرحلة اإلمبريقية
"التفسيرية" قباري محمد
// (فروض ظواهر
(مشروع تصوري- إسماعيل
مشخصة)
النتائ )
مرحلة "التنظير":
مرحلة "االختبار":
من الواقع إلى
من النظرية إلى ر .سييرا بر افو
// النظرية عبر
الواقع عبر النموذج
البيانات
والفرضيات
والمقدمات
تحضير النتائ اإلطار "النظري" اإلطار "التطبيقي"
(تحليل ،تفسير ثم (متغيرات، (فكرة ،مفهوم، بريونقو ،مركدي،
هرناندير
التقرير النهائي) أبعاد ،فرضيات) مؤشرات ،بيانات)
في الختام تجدر اإلشارة أوال ،إلى أن هذه األمثلة التصميمية هي في األصل
خاصة بالبحوث الكمية ،ولكن نظيرتها الكيفية ال تخرج عادة عن إطار هذا المقاربة
التقليدية المتمثلة في :عرض مشكلة بحث ،طرح تساتل (تحديد هدف) ،جمع بيانات،
تحليلها ،اإلجابة على التساتل ،رغم كون البحوث الكيفية تتميز عادة باالنطالق من
الخاص إلى العام (استقرائية) وبالمرونة والقابلية للتكييف المرحلي وقد تكون
مفتوحة اآلخر (انظر الشكل رقم .)5وثانيا ،يجب تفعيل االستفادة من مثل هذه
الشكل رقم :7يوضح االتجاه االستقرائي للبحوث الكيفية (من األسفل إلى األعلى باتجاه
السهم)
بقي في األخير لفت االنتباه إلى أنه عند استخدام بحوث مختلطة ( )Mixedأو
متعددة أو متكاملة أو مدمجة أو هجينة ...فإن هذا الجمع /الخلط يتطلب بالضرورة
تصميمات مختلطة أيضا .وسيتم االكتفاء هنا بعرض نموذج واحد منها ( Creswell,
:)2012, p. 55
-مقدمة :الهدف والتساتالت الكمية والكيفية مع ذكر كيفية الجمع بينهما.
-أدبيات البحث الخاصة بمناهج البحوث املختلطة.
-المناهج :التعريف والتصميم والتحديات وإجراءات جمع وتحليل البيانات
الكمية والكيفية أو العكس ،المقارنة أو الجمع والتأويل وإجراءات الصدق والثبات
الكمية والكيفية وكتابة التقرير.
ويمكن بسط هذه المراحل الثالث في سبع مراحل يعكسها الشكل (رقم )5
الموالي:
تمهيد
.4.2موضوع البحث
.2.2عنوان البحث
.7.2مشكلة البحث
.1.2منظورالبحث
.4.2البحوث السابقة
.9.2الفرضيات والمتغيرات والمؤشرات ومقابالتها الكيفية
.7.2المفاهيم
تمهيد
مر معنا في المبحث السابق أن الباحثين اختلفوا في تحديد خطوات البحوث
اإلنسانية باختالف طبيعتها االستكشافية أو التاريخية أو الوصفية أو التفسيرية ...أو
الكمية أو الكيفية أو املختلطة ،فشخصوا ذلك في تصنيفات عامة وأخرى تفصيلية.
وفي حالة اعتمادنا إحدى التصنيفات الكلية ،فسيتم تصدير ما يلي من خطوات هذا
العمل المنهجي بما تم تسميته بـ "خطوات البناء التصوري للبحث" ،أو بما يسميه
البعض "خطوات البناء النظري للبحث" أو "اإلطار التصوري /النظري للبحث" أو
"أسسه" أو تحديد "ماذا نبحث" ،كمقدمة لعنصر" :كيف نبحث" (اإلجراءات
المنهجية) .ولقد تم حصر خطوات البناء التصوري في هذا العمل في العناصر اآلتية:
موضوع البحث ،وعنوان البحث ،ومشكلة البحث ،ومنظور البحث ،والبحوث/
الدراسات السابقة ،والفرضيات والمتغيرات والمؤشرات ومقابالتها الكيفية،
والمفاهيم.
ُ
وعلى سبيل المثال ،إذا أردف العنوان الرئيس" :البحوث الكيفية" بعنوان
فرعي" :إجراءاتها التطبيقية" ،فهذا يعني أننا بصدد عمل ال يعالج المشكالت النظرية
لمثل هذه األبحاث ،ولكننا بصدد بحث إهدف إلى إعطاء معلومات ملموسة حول
كيفية تنفيذ (تطبيق) هذا الموضوع.
وبالطبع ،يمكننا صياغة عنوان أطول" :المعاينة وأدوات جمع البيانات
ومعالجتها وتدقيقها في البحوث الكيفية" ،ولكن هذا النوع من التفصيل والصياغة
األقل مرونة وأناقة قد يزعجان القارئ نفسيا ويعيقان نسبيا إدراكه لبؤرة الموضوع.
ومع ذلك ال ينبتي أن تكون أناقة وجمال العنوان على حساب مدلوله.
كما يفترض في عنوان البحث استجابته لنوع الجمهور الموجه إليه مبدئيا.
فعنونة مقال لصحيفة يومية تختلف طبعا عن عنونة مقال ملجلة علمية ،ألن الحالة
األولى تستدعي بعض التقنيات الضرورية لشد االنتباه الفوري لقراء مستعجلين وذوي
رغبات إعالمية مختلفة .بينما نستهدف في الحالة الثانية جمهورا خاصا ومتخصص،
ويعتبر العنوان دليل موضوع جيد وليس حافزا مؤقتا .ويمكن تقديم نفس االعتبارات
إذا قارنا كتابا يراد له النجاح -يفضل تقديمه بعنوان وتصميم خارجي جذاب ليأسر
االنتباه ،-بعنوان أطروحة دكتوراه -يراعي فيه أكنر بكثير دقة العنوان من تأثيره
األولي أو أناقته.
وخالصة القول إن العنوان في البحوث العلمية يجب أن يكون دقيقا وواضحا
وموجزا ومستجيبا لنوع الجمهور الموجه إليه.
المالحظات االعتبارات
إن عنوان مثل" :دراسة الهجرة الجنوبية" يختلف تـجـن ـ ــب الص ـ ـ ـ ـيـ الـبـالغـي ـ ــة الـمغيرة
معناه عن معنى عنوان" :دراسة الهجرة على الحدود ل ـل ـ ـدالل ـ ــة ال ـط ـب ـي ـع ـي ـ ــة ل ـل ـع ـن ــوان؛
الجنوبية" .وكذا معنى" :معالجة الصحافة ل حداث فـالبسـ ـ ـ ــاطـة والترتيـب الص ـ ـ ـ ــحيحان
العربية" عن معنى "معالجة الصحافة ألحداث العالم لـلـكـلـمـ ــات حـيـويـ ــان لـلحيلول ـ ــة دون
العربي". الوقوع في االلتباس.
أخيرا ،يمكن القول إن عنوان العمل يخضع لمعايير عامة وأخرى عملية:
لغوية ،فنية ،منهجية ...وأن مهمة وضع عنوان البحث ليست مهمة سهلة ،ولجعلها
أكنر فعالية ،يمكن للباحث أن يأخذ في االعتبار المعايير المذكورة هنا والتي اعتمدنا
فيها أساسا على بعض التوصيات المقدمة من طرف "خمينز" ( )Jiménez, 2006وعلى
بعض معطيات التجربة الشخصية.
.3.2مشكلة البحث
قبل البدء في البحث يتعين علينا اختيار "المشكلة" المراد بحثها أو
"الموضوع" المراد بحثه .مع اإلشارة هنا إلى أن هناك من يفرق بين مشكلة البحث
وموضوعه ،حيث يرى أن ما يدرس هي المشكلة التي يمكن أن تكون ضمن الموضوع
وليس الموضوع نفسه ،أي أن الموضوع هو املجال املحيط بالمشكلة (سياقها) والذي
يساعدنا على جمع المعلومات لتحديدها .فمثال قد تكون لدينا مشكلة تراجع
المشاركة السياسية للمواطنين ضمن موضوع الفساد السياس ي .أما من يعتبر ذلك
"موضوع بحث" ،فاألوسع منه (سياقه) "املجال العام للبحث"ُ ،ويعتبر حينها موضوع
البحث "املجال الخاص للبحث".
ومن جهة أخرى ،هناك من يرى بأن البحث العلمي يجب أن يقتصر على
المشكالت دون المواضيع لسبب مغاير يكمن في كوننا ندرس الظواهر الم َرضية
(المشكالت) دون الصحية للبحث عن حلول لها ،وذلك بخالف من يرى بأن الظواهر
الصحية أو اإليجابية جديرة بالبحث أيضا ألخذ العبرة من عوامل نجاحها ،فالعبرة
المرض ي والص ي ،وحينها يمكن أيضا تسمية الحالتين بالمشكلة تؤخذ من النوعين َ
البحثية .كما أن استهداف المعرفة "النظرية" -حسب "صابينو" ( Sabino, 1995, pp.
-)1-2يمكن اتخاذها كمشكلة ،في حالة افتقادنا لمعطيات معينة حول بعض فروعها،
ولذلك فالجهود البحثية المبذولة بغية تشخيص واختيار وتنظيم معطيات مفيدة
حول أي فرع من فروع المعرفة قد تكون بنفس قيمة الجهود المبذولة لحل مشكلة
عملية (انظر الحقا أنواع المشكالت).
أما من يفرق بين المشكلة واإلشكالية (عادة في األدبيات الالتينية بخالف
األنجلوسكسونية) ،فالشائع عنده أن اإلشكالية هي التحديد العلمي للمشكلة ،بينما
يرى البعض ( ،)Torrico, 1997, p. 88أن المشكلة هي السؤال املحفز للبحث
واإلشكالية هي السياق المكون من مجموعة من المشاكل والذي تستخرج منه
المشكلة الخاصة بالبحث...أي أن إشكالية البحث هي موضوعه والمشكلة جزء منه.
ومن جهة أخرى ،هناك من يستعمل مصطل ي المسألة والمسألية (في المغرب مثال)
بدال من المشكلة واإلشكالية كترجمة من الفرنسية لـ(.)Problème, Problématique
وفي األخير ،نختم القسمين بعد توط ة تحريرية (من قبيل :بعد التعرض...
نخلص إلى )...بتساتل رئيس عام يعكس عنوان البحث ويحدد وجهة البحث من خالل
الحديث عن أبعاد الموضوع أو عن ماهية العالقة بين متغيرات المشكلة (يكتب بخط
مائل أو مميز) .وقد يصاغ هذا التساتل بالطبع في شكل جملة تقريرية .فمثال قد
نتساءل :ما هي أسباب تراجع التعرض لوسائل اإلعالم الوطنية في الجزائر في مطلع
القرن الحالي؟ أو نقرر البحث عن (نريد معرفة أو الكشف عن )...ماهية أسباب تراجع
التعرض لوسائل اإلعالم الوطنية في الجزائر في مطلع القرن الحالي (ويكمن الفرق في
حذف أداة االستفهام وعالمته فقط).
وتجدر اإلشارة هنا إلى أن هناك من ُي ِتبع هذا التساتل الرئيس (أو الجملة
التقريرية أو الهدف العام) بتساتالت (أو أهداف أو أبعاد /مؤشرات) فرعية مفككة
له ،وهناك من يترك هذا اإلجراء التفكيكي لعنصر الفرضيات -عند من يعمل بها -حتى
يتجنب -في نظره -تكرار صياغة تساتالت فرعية تجيب عليها وفرضيات فرعية
(تقريرية) يتم اختبارها ،مع اإلقرار طبعا بإمكانية الجمع بين التساتالت والفرضيات -
ذات املحتوى الموحد أو املختلف -في حالة البحوث النظرية-العملية التي مرت معنا.
وبالعودة إلى الكالم عن التساتل الرئيس -أو ما يعادله من جملة توجيهية -أو
الهدف الرئيس ،نقول بأنه عادة ما يكون عاما ويستدعي التفكيك إلى تساتالت فرعية
بمتغيراتها والتي قد تفكك إلى أبعاد ،فمؤشرات ،فأس لة استبيانية ...في حالة اعتماد
االستبيان كأداة لجمع البيانات طبعا .ولكن هذه المكونات والمراحل ليست كلها
إلزامية ،فاألمر منوط بطبيعة الموضوع وأهدافه ،ولكنها تساعد كليا أو جزئيا على
جعل الموضوع قابال للتنفيذ.
وقد يكون من المفيد أيضا وضع مخطط بياني أو هيكل تنظيمي يوجه الباحث
في كتابة إشكاليته والتي من المفترض أن تتضمن على األقل أربع فقرات أو صفحتين.
وهو يبدأ من العنوان وينتهي عند التساتل الرئيس ،ومثاله يشخصه الشكل (رقم )0
الموالي:
العنوان في شكل تساؤل :ما هي استراتيجيات تدريس مادة التربية البيئية لتالميذ المدرسة...
أو في شكل جملة تقريرية :إهدف البحث إلى معرفة استراتيجيات تدريس مادة التربية البيئية
لـتالميذ المدرسة...
المرجع :إعداد شخص ي
وكما يتضح من الشكل (رقم ،)3فقد تم استخدام عنوان البحث للمساعدة في
تحديد المشكلة مع تضمين املخطط كل الكلمات الرئيسة في العنوان ...ويمكن أيضا أن
ينظر إلى املخطط على أنه هيكل يذهب من العام إلى الخاص.
وبهذا الصدد ،تجدر اإلشارة إلى أن هناك من يشخص هذا املخطط في شكل هرم
عادي (كما هو مبين أعاله) أو مقلوب ً
(بدءا بالتساتل الرئيس) أو معتدل (ذكر أهمية كل
المتغيرات دفعة واحدة) ،...بل إن هناك من يفرق بين اإلشكالية االستنباطية واإلشكالية
االستقرائية (ال تنطلق من خلفية نظرية وصياغتها تكون أكنر عمومية في تحديد معالم
البحث).
كما أن هناك من يلخص اإلشكالية في التساتل الرئيس الذي يعتبر بالطبع تتويجا
لها وليس معادال لها؛ أي أن اإلشكالية تساعد كما مر معنا على إبراز أهمية البحث وأساسه
المنطقي ومتغيراته (أبعاده) وموقعه من األدبيات المتخصصة لتتوج بتساتل رئيس يترجم
المشكلة املحددة إلى مسار بح ي مستهدف ذي معالم إجرائية واضحة.
ومن جهة أخرى ،فإن هذا التساتل الرئيس ال يصاغ دائما باعتماد العنوان في
شكل استفهامي ،كما ورد في الشكل أعاله (رقم ،)3ألن العنوان قد يقدم نظرة عامة موجزة
دائما صياغة السؤال الرئيس للبحث بشكل مباشر؛ إذ ً
غالبا ما يكون عن البحث وال يتيح ً
ً ً
وتركيزا من العنوان محددا مجال البحث ومتغيراته في حالة عدم هذا األخير أكنر تفصيال
توافر هذه العناصر في العنوان.
-فوائد منظورالبحث
يمكن حصرها فيما يأتي:
-يساعد على تحديد املجال النظري للبحث ،بذكر موقع موضوع البحث من
مجموع المعارف النظرية المتخصصة.
-يساعد على تجنب االنحرافات (المفهومية ،النظرية )...التي قد تطرأ على
الطرح األصلي للمشكلة.
-يوفر للموضوع مجموعة منسجمة من المفاهيم واالقتراحات التي تساعد على
مقاربة الموضوع وتوجيه البحث (في كيفية إنجازه).
-يساعد على وضع الفرضيات وصياغتها وعلى تفسير النتائ بالرجوع إليه.
-يوحي بمسارات ومجاالت بحثية جديدة.
-يساعد على توقع أخطاء ارتكبت في بحوث أخرى.
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
99
°مالحظة معرفية :هناك من "البراغماتيين" و"الكيفيين" من يدعو إلى إمكانية
عدم االلتزام الحرفي بأي منظور ،أو ال يعترف بفائدة الرجوع إليه أصال ألن ذلك
يستدعي التقيد بمستلزمات االعتماد عليه ،لكونهم يعتبرون ذلك معيقا معرفيا
لتفعيل مسارات البحث إمبريقيا ،فينصحون باالكتفاء بما ينضح به الواقع وتفاعالته
من بيانات وتصورات ...ولقد تمت مناقشة هذا األمر في عمل مستقل حول استخدام
البـاراديغمات في البحوث الجامعية (دليو2123 ،ب).
واإليجاز مع املحافظة على محتوى معرفي معتبر ،صياغة مخططات وملخصات بيانية
للمفاهيم األساسية ،تساهم في تشكيل نظرة عامة متكاملة لما توافر من أدبيات
نظرية متخصصة.
وبالطبع ،عادة ما يقتض ي هذا اإليجاز في العرض عدم إفراد منظور البحث
(تخصيصه) بفصل كامل وال حتى بمبحث منفرد ،بل ُيفضل االكتفاء بتضمينه في
مبحث اإلشكالية ،وخاصة إذا كانت النظريات معروفة وكثيرة التداول ولم تكن طبعا
من متغيرات العنوان الرئيس لموضوعنا (فمثال في موضوع :بناء األخبار /ترتيب
األولويات /في فضائية عربية ما ...تفصل نظرية ترتيب األولويات) .لكن البعض يرى
خالف ذلك ،فيثقل كاهل البحث كميا دون جدوى وظيفية ،ألن اإلشارة أو اإلحالة
تكفي في األعمال األكاديمية المركزة.
وعلى كل ،فإن صياغة منظور البحث تتم انطالقا من جسم نظري أوسع ،أو
مباشرة من نظرية معينة .كما قد يكون هذا المنظور عبارة عن مزي انتقائي من
منظورات نظرية مختلفة .ويجب األخذ بعين االعتبار أنه إذا كان اختياره عملية مسبقة
للبحث فإنها ليست عملية غير مؤثرة :ألنه إذا كان غير مناسب أو غير كاف فإن اإلجابة
على المشكلة –حتى في حالة حسن عرضها -ستكون غير مناسبة أو غير كافية أو
خاط ة .ومع ذلك ال يمكن المبالغة في تطبيقه على موضوع البحث ،ألن طبيعة العلوم
اإلنسانية تقتض ي تجنب تطبيق ف ات التحليل خارج املجتمعات التي أنتجت بداخلها
والتي تحكمها ظروف زمنية ومكانية خاصة .فمن الناحية العلمية ال يمكن منح
الصدقية لف ات تحليلية اجتماعية خارج الحدود التي صيغت من أجلها ( Ander-egg,
.)1995, pp. 154-155
وفي األخير ،تجدر اإلشارة إلى أن هناك من يفضل عدم ذكره أصال ،معتبرا أن
طبيعة المفاهيم والمناهج واألدوات المستخدمة في البحث تكفي للداللة عليه
(تلميحا وليس تصريحا)؛ فمثال ،قد يدل االستخدام المتجانس لبعض المفاهيم في
البحث على اإلطار النظري /األيديولوجي الموجه له :النظام ،الوظيفة ،المكانة...
(الوظيفية /الرأسمالية) ،الخالفة ،األمة ،التدافع( ...اإلطار اإلسالمي المعياري)،
حينها ،يجب أن يكون الباحث مبدعا ليتمكن من إيجاد مجاالت بحثية ومفاهيم
نظرية ،رغم عدم تعلقها مباشرة بموضوعه ،لكنها قد تكون لها أبعاد تسمح بتوجيه
البحث.
فمثال ،ال يمكن الجمع بين اإلطارين النظري وال َمفهومي ،وفي حالة الجمع يشترط
إخضاع الثاني ل ول وليس األول للثاني .ألن اإلطار المفهومي /التصوري عبارة عن
مجرد قائمة مفاهيم أساسية –مجمعة من األدبيات المتخصصة -تضفي على البحث
تصورا خاصا يحرره الباحث باالعتماد على "فكرة أو مجموعة أفكار حول العناصر
التي تعتبر ذات صلة بالموضوع ،وتساعد في هيكلة األساس النظري للبحث" ( García
)Ortiz, 2013, p.211وفي تكوين نظرة متكاملة لموضوع البحث ( Liehr & Smith,
.)1999
بينما يعتبر اإلطار النظري نظاما متكامال من المفاهيم المتبناة من طرف
رجع إليهم ،سواء أكان الباحث متفق أم غير متفق معهم .وبالطبع هناك من مؤلفين ُي َ
يرى أن هذين اإلطارين مترادفان دالليا .وعلى كل ،يجب األخذ بعين االعتبار أن عملية
تصميم إطار نظري ال تعني بناء نظرية ما ،فهي عبارة عن مجموعة مقترحات متعلقة
بمجال معين (مجتمع بشري ،مثال) يتضمن بعض المفاهيم (الخالفة ،األمة،
التدافع ...أو الطبقات االجتماعية ،الصراع ...أو النظام ،الوظيفة ،المكانة )...التي
تشكل مجموعة متجانسة من حيث انتماتها إلى املجال األيديولوجي نفسه :إسالمي،
ماركس ي ،ليبرالي ...على التوالي .وبحكم هذه المرجعية المشتركة في سياق واحد ،وحتى
في حالة عدم كونها نظرية بأتم معنى الكلمة ،فاإلطار النظري –والمفهومي أيضا-
يتجاوز مجرد التجميع العشوائي ملجموعة من المقترحات والمفاهيم إلى تكوين بناء
متكامل.
أما اإلطار التاريخي فيسمح بوضع مشكلة البحث أو موضوع البحث في سياقه
التاريخي المباشر ،بغية تيسير فهمه وإمكانية الحصول على بعض األجوبة على
تساتالت البحث .وهو يتضمن عرض مجموع العوامل (الداخلية والخارجية) المرتبطة
بمنشأ ومسار موضوع البحث ،ولكن ليس فقط في شكل كرونولوجي (تسلسل تاريخي
حدثي) مرتبط بوجود الظاهرة قيد البحث ،بل بواسطة عملية إعادة تشكيل بنيوية
وتفسيرية لمرحلة أو فترة أو ظرف ما.
وأما اإلطار المرجعي ( )Referential frameworkفهو عبارة عن مجموعة من
الخصائص الموضوعية التي تميز موضوع البحث بأوصاف وببليوغرافية معينة،
.5.2البحوث السابقة
تمهيد
إن البحوث أو الدراسات السابقة هي التي أجريت حول نفس موضوع بحثنا
سواء كان ذلك في سياقات مماثلة أو مغايرة ،وسواء كان مصدرها كتابا أو مجلة أو
موقعا إلكترونيا أو رسالة /مذكرة جامعية ...وبأي لغة كانت .ويعبر عنها البعض
باللغات األجنبية بـ "السوابق /البحوث السابقة" ( )Antecedentsوالبعض اآلخر
بالوضعية المعرفية الحالية للموضوع /حدوده المعرفية /مبل المعارف حول
الموضوع ( ،)State of art/ Statut ou État de la question -fr-أو بمراجعة أدبياته
( ،)Literature reviewوحينها تكون داللتها أوسع.
مع اإلشارة إلى أن هناك من الجامعيين من يرفض الرجوع إلى بحوث سابقة
أجريت للحصول على درجة علمية أقل من البحوث المعنية ،مقابل من ال يعتمد في
ذلك إال على القيمة العلمية للبحوث السابقة مهما كان الهدف األكاديمي منها أو نوعها:
مقال ،كتاب ،أطروحة ،مذكرة...
--االختيار :بعد جمع البحوث السابقة ،يتم تصنيفها واختيار عدد منها باالعتماد على
مؤشرات أو معايير أكاديمية إدماجية وإقصائية ،مثل:
* توافرها على األهداف واإلجراءات المنهجية المستخدمة والنتائ املحصلة
ومستلزمات توثيقها.
* تكون األولوية للتي لها عالقة مباشرة بموضوعنا والمشابهة أكنر له) ،(3وكذا
ل كاديمية منها والقيمة أكنر علميا ،وبالطبع ل قرب زمنيا (أي األحدث تاريخا) وثقافيا
واجتماعيا ،...ألن السياقات السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية
والحضارية تعتبر من محددات إجراءات البحث ونتائجها .وبالتالي فإن تقاربها يكون
مفيدا أكنر لبحثنا .كما تؤخذ بعين االعتبار أولوية مصادرها (مجاالتها الجغرافية)
التدرجية :املحلية ،الجهوية ،الوطنية ،اإلقليمية ثم الدولية (مثال :قسنطينة ،الشرق
الجزائري ،الجزائر ،العالم العربي ...ولنفس أسباب قرب الحيز الحضاري.
وتذكر بعض المراجع ( )Adams-Goertel, 2023, p. 74أن اختيار البحوث
السابقة قد ال يتطلب من الباحث قراءتها كاملة ،بل يكفي إجراء مراجعة سريعة لكل
منها للتأكد من مدى أهميتها ومصداقيتها ،وذلك من خالل طرح هذه األس لة :أين تم
نشر البحث؟ هل تمت مراجعته من قبل النظراء (تحكيمه)؟ ما تساتله (هدفه)
الرئيس؟ ما خلفيته النظرية؟ ما اإلجراءات المنهجية المعتمدة؟ ما نتائجه البحثية؟
كيف يدعم البحث المعرفة السائدة أو يضيف إليها أو ينتقدها؟ ما نقاط القوة
والضعف في البحث؟
* أما العدد املختار من البحوث السابقة للعرض ،فيخضع للتقدير الشخص ي
للباحث ،ولكن عادة ما يعتبر "التشبع المعلوماتي" أهم مؤشر لتحديد عددها
وللتوقف عن البحث عن المزيد منها .وذلك بعد القراءة المتأنية والمتفحصة حول
الموضوع لمدة تطول أو تقصر ...حسب طبيعة الموضوع والمستوى العلمي والدرجة
األكاديمية وقدرة الطالب على االستيعاب وما يقرره المشرف من خالل متابعة تقارير
) (3المقصود هنا بـ "المشابهة أكنر" أو "ذات صلة أوثق" من حيث "مجاالت" البحث و /أو بعض
"خصائص" متغير(ات) البحث .والبحوث المشابهة هنا ال يقصد بمشابهتها مثال ،توافر أحد متغيري البحث
فقط أو المتغير المستقل دون التابع مثال ...فالتساتل الرئيس أو الهدف العام للبحوث هو معيار صفة
السبق أو التشابه.
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
109
الطالب عن قراءاته .مع األخذ بعين االعتبار ضرورة التركيز أوال على ما يجب "إبعاده"
منها قبل الفصل فيما يجب "إدماجه" فيها.
.4.9.2الفرضيات
سيتم الحديث في مبحث الفرضيات عن عدة عناصر :أهميتها ،تعريفها،
وظائفها ،شروط وضعها ،أنواعها ،طرق صياغتها ،الخ .ولكن قبل ذلك تجدر اإلشارة
إلى أن اعتمادها في البحوث اإلنسانية ليس ضروريا ،وذلك بالرغم من كونها محورية في
البحوث اإلمبريقية التي تفكك فيها الفرضيات إلى متغيرات -وأبعاد -ومؤشرات بغية
اختبارها في مجال بح ي شامل أو بالعينة ،ولذلك فال ضير في اعتماد التساتل الرئيس
والتساتالت الفرعية في غيرها من أنواع البحوث .وسيتم تذييل هذا المبحث بعرض
موجز حول التساتالت واألهداف في البحوث الكمية والكيفية وحول إمكانية استعمال
الفرضيات في البحوث الكيفية.
.4.4.9.2أهمية الفرضيات
تقوم الفرضية بدور المرشد والموجه للبحث ،نظرا ألنها تشير إلى ما نحن بصدد
البحث عنه أو محاولة اختباره .وهي تعرف عادة بأنها محاوالت تفسيرية أو تفسيرات
مؤقتة للظاهرة قيد البحث ،والتي تصاغ في شكل مقترحات ( Hernández, Fernández
)y Baptista, 2014أو إجابات أولية.
ويتمثل دورها في تحديد المشكلة المراد بحثها –في مطلع البحث -وفقا لبعض
العناصر مثل ،هدف البحث ،مكانه وزمانه ،خصائص المبحوثين ...وبالتالي ،فإن
الهدف من البحث هو التحقق من صحة أو خطأ الفرضية التي وضعت سابقا ،أي
مواجهة النظرية مع الواقع.
ولكن ،ومن أجل فهم أفضل لدور الفرضيات في العمل العلمي ،تجدر اإلشارة
النتقص من إلى أن الفرضية ليست كلها ظن أو افتراض مجرد ،ألنها لو كانت كذلك ُ
قوتها بوصفها أداة أساسية في عملية البحث وفي تطوير النظريات .وبهذا الصدد ،يشير
"كوبنين" ( )Kopnin, 2012إلى أن "االفتراض ،في حد ذاته -منفردا ،-ال يطور المعرفة
حول موضوع البحث .فهو ال يؤدي وظيفته إال إذا ارتبط بالمعرفة السابقة ...فالقيمة
الحدسية للفرضية تكمن أساسا في كونها تجمع بين المعارف السابقة والجديدة ،أو
ما نسعى إليه".
وهي من األهمية بما كان بالنسبة للبحث العلمي ،ألنها تساعد على اقتراح الحلول
الممكنة لمشكلة معينة .ولقد أرجع "كرلينغر و لي" ( )Kerlinger & Lee, 2002أهميتها
إلى أسباب ثالثة:
-هي أدوات عمل النظريات.
-من الممكن اختبار الفرضيات والبرهنة على احتمال كونها صحيحة أو خاط ة.
-هي أدوات قوية لتطوير المعرفة ألنها تسمح للعلماء والباحثين بتجاوز
أنفسهم.
وعلى الرغم من أهمية الفرضيات ،فعادة ما يقتصر استخدامها على البحوث
الكمية من النوع االرتباطي (العالئقي) أو التفسيري .ففي البحوث الكيفية مثال ،ال يتم
ً
استخدامها عادة ألنها تعتبر نتاجا للبحث وليست مدخال له ،ولكن هناك من يؤيد
استعمالها -كيفيا -كما سنرى الحقا.
.2.4.9.2تعريف الفرضيات
هناك العديد من التعريفات اللغوية واالصطالحية للفرضيات ،نذكر بعضها
تبعا لموقع ( )Rincón del vago, 1998فيما يلي:
-يشير األصل اليوناني لمصطلح الفرضية ( )Hypothesisإلى أنها كلمة تتكون من
مقطعين ،)Hypo( :وتعني :تحت ،منخفض أو أدن ،و( :)Thesisوتعني موقف أو حالة.
أي أنها "أساس ال يء أو دعامته" .وقد ترادفها كلمتي "مسلمة" أو "أطروحة" ،الفتراض
وجود ش يء للحصول على نتيجة أو الستكشاف بيانات غامضة ،غير كافية وغير قابلة
وتحليل ما يطرحه الباحث فيها .إنها دليل الباحث الذي يوجهه إلى ما يجب القيام به
(.)Castillo Bautista, 2009
لهذه التعريفات العديد من األشياء المشتركة .بداية ،تتفق كلها على أن
الفرضيات اقتراح ،يتضمن مفاهيم وأحكاما منطقية مأخوذة من النظرية والواقع،
فهي تفسير أولي ،يساعد على تنظيم وهيكلة المعرفة السابقة لكي نتمكن من معرفة
ما نبحث عنه أو نحاول إثباته ،ولكنها قد تكون صحيحة أو خاط ة ،ولذلك نقوم
باختبارها.
.7.4.9.2وظائف الفرضية
-ربط المعرفة العلمية القائمة بالمشكالت الجديدة التي تظهر في الواقع.
-تأكيد أو تعديل أو إلغاء األنظمة النظرية القائمة.
-تقديم تفسير أولي :قد تبدو عناصر المشكلة غامضة أو غير مترابطة .ومن
خالل صياغة الفرضية قد تكتمل البيانات عن طريق الكشف عن المعاني الممكنة
والعالقات بينها.
-التحفيز على البحث :تحدد وتلخص المشاكل المطروحة ،فتكون بمثابة قوة
دافعة لتحقيق العملية البحثية.
-مصدر منهجي :بصياغتها في شكل جمل شرطية (في حالة الفرضيات السببية)
تؤدي إلى القيام بتحليل للمتغيرات المعنية ،وبالتالي النظر في اإلجراءات المنهجية
الالزمة الختبارها وقياسها (تكميمها).
-من المعايير التقييمية :تساعد في تقييم تقنيات البحث ضمن المبادئ
التنظيمية من خالل استخدامها في اختبارها ميدانيا.
الناحية العلمية .ألنه يجب أن تكون نتاجا للمالحظة الموضوعية واختبارها متاحا
للباحث ،وبالتالي قابلة لالختبار للتأكد من صالحيتها.
-يجب أن تستهدف "الممكن" أو "غلبة الظن" (أي أفضل إجابة ممكنة ،لوجود
درجة عالية من احتمال وقوعها) وليس "المستحيل" وال "المؤكد /البديهي" ،بحيث
تحاف على التناسق بينها وبين المعطيات العلمية والوقائع ،حيث إنها ترتكز ،على
األقل في جزء منها على وقائع معروفة .ولذلك ،ينبتي أال تتضمن الفرضيات أحكاما
متناقضة أو غير متسقة مع ما تم التحقق منه موضوعيا من ظواهر معروفة وأال
تتعارض مع القوانين والمعطيات العلمية المؤكدة أو المبادئ الثابتة ،وإال فإننا سوف
نكون بصدد تخيالت في مجال غير واقعي وال عقالني .وفي هذا إشارة إلى مبدأ االقتصاد
في العلوم والتراكم المعرفي لتجنب االضطرار للبدء من الصفر ،وبالتالي المساهمة في
إثراء المعرفة .ولكن في مقابل ذلك ،ال يجب أن تكون بدإهية ال تقبل الشك مطلقا،
حتى ال نهدر الوقت في تأكيد المؤكد.
ُ
-يجب أن تحدد متغيرات البحث ،أي تعين حدود البحث (النظرية والبشرية
والزمنية والمكانية) تبعا للمشكلة (موضوع البحث) وتساتلها الرئيس ،باستخدام
خاصة المؤشرات التي ستقاس بواسطتها في حالة كونها تخص بحث كمي.
-في حالة اعتمادها على عدة متغيرات كمية ،يجب افتراض عالقات ارتباطية
تفسيرية كمية بينها ،أي يجب أن يتم تحديد فرضية تكون بمثابة أساس لالستنتاجات
للمساعدة في تحديد ما إذا كانت تفسر أو ال تفسر الظواهر المدروسة.
-يجب أن تكون الفرضية ذات عالقة مباشرة باإلطار النظري للبحث ومستمدة
منه ...فال تفترض مثال ،إجابة أولية تعكس "الصراع" –الشائع كمفهوم ماركس ي-
وإطارها النظري وظيفي (االستخدامات واإلشباعات .)...لذلك وجب قبل كل ش يء،
مراجعة جميع األدبيات ذات الصلة بموضوعنا .وثانيا ،محاولة استخراج منها
مجموعة من المقترحات التي ترتبط مع بعضها بعضا .المهم هو أنهمهما اختلف
مصدر هذه الفرضية يجب أن تكون مستخرجة منطقيا من مجموعة من المقترحات
النظرية المترابطة ويجب أن تعتمد عليها .ويمكن تأكيد ذلك من خالل البحث عن
المقاالت والبحوث العلمية التي تتناول مواضيع مشابهة لموضوعنا ،مع األخذ بعين
السياسية إلى :نظرتهم السلبية للسياسيين وللنظام السياس ي ،لقلة الفرص الممنوحة
لهم ولعدم رغبتهم في تحمل المسؤوليات االجتماعية.
.7.4.9.2مصادرصياغة الفرضيات
°من تخمين أو افتراض مرتبط باشتباه /شك أو توقع غامض لعالقة بين
متغيرات.
°من نتائ بحوث أخرى.
°من فرضيات أو أسس نظرية مؤطرة للبحث (.)Monje-Álvarez, 2011, p. 83
°من االستدالل االستقرائي القائم على مالحظات الباحث ( & Barroga
.)Matanguihan, 2022
.9.4.9.2عناصرالفرضية
إن صياغة الفرضيات يجب أن تتضمن عددا من العناصر الهيكلية التي تساعد
الباحث على تحديد تعريفها بشكل واضح ومختصر .وهذه العناصر حصرها الثالثي
( )Eisman, Colás & Hernández,1998فيما يلي:
.40.4.9.2أنواع الفرضيات
يختلف تصنيف الفرضيات باختالف المؤشرات التصنيفية المعتمدة
(طبيعتها ومصدرها ،نوع البحوث ،نوع العالقات بين متغيراتها .)...وفيما يأتي تفصيل
ذلك.
ويمكن للفرضية البديلة أن تأخذ شكلين :ذا اتجاه محدد (يعبر عن اتجاه
الفروق املحتملة أو العالقات فيما يخص القيم التي تحددها الفرضية الصفرية) ،أو
غير محدد (ال يشير إلى اتجاه الفروق املحتملة أو العالقات المتعلقة باحترام القيم
املحددة من طرف الفرضية البديلة).
* مالحظة :إن عملية االختيار بين الفرضيتين اإلحصائيتين H0و H1تعرف باسم
اختبار الفرضيات ،من خالل إجراءات إحصائية (معامالت االرتباط .)...ألننا في نهاية
االختبار سنصرح بقبول إحداهما وبرفض األخرى .وأما اختبار الفرضيات البحثية
فيتم من خالل ما تجمعه أدوات البحث (المالحظة ،االستبيان )...من مجتمعها /عينتها
دون بحث الداللة اإلحصائية للعالقات.
.0في البحوث الوصفية :تعتبر فرضياتها أكنر دقة ،وهي عبارات تقريرية عامة،
قد تنطوي على متغير واحد ،متغيرين اثنين أو على عدد أكبر من المتغيرات ،حيث
يمكن صياغتها بالتعبير عادة عن عدة أنواع من العالقات .وفيما يلي تفصيل ذلك.
-فرضيات وصفية ذات متغيرواحد
تتميز الفرضيات الوصفية التي تنطوي على متغير واحد بإشارتها إلى "وجود"
بعض األحداث أو الظواهر في مجتمع البحث .ومثالها :إن طلبة العلوم الطبيعية ال
إهتمون عادة بالسياسة .فمتغير هذه الفرضية هو :مستوى االهتمام السياس ي .أو
تعاني الجماعة "س" من مشاكل اجتماعية ،أو المدن "ع" من تف ي املخدرات أو تتميز
بكونها محافظة "دينيا"...
تعتبر هذه الفرضيات تأكيدات أولية بسيطة تخضع الختبار تجميع البيانات وال
تسمح بشرح األحداث أو الظواهر المعنية .فالقيمة الوحيدة لهذه الفرضيات هي
التأكد من وجود صفة أو خاصية في ف ة اجتماعية معينة ،وفتح الطريق القتراح
فرضيات تفسر وجود الظواهر .إن كيفية اختبار هذا النوع من الفرضيات هو في غاية
البساطة ،حيث يكفي أن نعرف إذا كان المتغير -من خالل بحث مؤشراته -يوجد
بشكل ملحود في مجتمع البحث ،باستخدام ،على سبيل المثال ،النسب الم وية
والمعدالت أو عن طريق المالحظة المباشرة لهذه الظاهرة.
فهذا النوع من الفرضيات يعكس عالقة قائمة على خصائص معينة لموضوع
ُ
البحث (ذات متغير واحد تستهدف خصائصه) .ويمكن التعبير عن ذلك بمعادلة :لـ
"س" قدر معين من خصائص "ص") .على سبيل المثال :تعاني الدول األفريقية (س)
من انتشار مرتفع لنسبة األمية اإللكترونية (ص) ...أو تعاني هذه الدول من انخفاض
حاد في العالقات التجارية البينية...
قد تنطوي عليها ،ومدى تأثيرها على الظاهرة قيد البحث ،وذلك بخالف الفرضيات
التفسيرية التي تشترط تقدم المتغيرات المستقلة.
ولذلك هناك طبعا من يفرق بين البحوث االرتباطية والبحوث التفسيرية،
جزءا من البحوث ويضيف نوع "فرضيات الفروق بين املجموعات" ليجعلها ً
االرتباطية ،إذا اقتصرت على افتراض وجود فروق بين املجموعات (الشبيهة
بالفرضيات التجميعية والتالزمية) ،ولكنها إذا تضمنت باإلضافة إلى ذلك تفسير سبب
هذه الفروق ،تكون حينها عبارة عن فرضيات خاصة بالبحوث التفسيرية.
كما أن هناك من يضيف إلى ذلك نوع "الفرضيات السب ية /التفسيرية"
(العتماده البحوث السببية كـ "نوع مستقل" ال ينتمي إلى الفرضيات الوصفية سابقة
الذكر ،رغم تطابق مضمونها) .وهي في نظره ال تؤكد فقط على وجود العالقات بين
متغيرين أو أكنر ،وعلى طبيعة هذه العالقات ،ولكنها أيضا توفر شعورا بفهم هذه
العالقات .وكلها تشير إلى وجود عالقات سببية (سبب-نتيجة) .وتصنف هذه
الفرضيات بدورها إلى -0 :سببية ثنائية المتغير :قوامها عالقة بين متغير مستقل
ومتغير تابع -0 ،سببية متعددة المتغيرات :تتضمن وجود عالقة بين عدة متغيرات
مستقلة ومتغير تابع واحد ،أو بين متغير مستقل واحد وعدة متغيرات تابعة ،أو بين
عدة متغيرات مستقلة وتابعة .ومثالها :أدت حالة البطالة ،وتقليص فرص الهجرة،
وتحسين ظروف العمل في قوات األمن والجيش إلى ارتفاع عدد الراغبين في االنضمام
إليهما كمجندين محترفين في السنوات األخيرة.
ويمكن صياغتها بشكل منطقي باستخدام الصيغة الشرطية التي يجب أن تنص
على أنه :إذا حدث "س" ،يحدث أيضا "ص" ،وبالتالي ،نحاول توقع "ص" اعتمادا على
"س" ...وإذا حدث "ص" مع ظهور "س" ،تتأكد الفرضية .هذه العالقة السببية تؤدي
إلى البحث إلى أبعد من مجرد المشاركة في التغير ،والتي رغم أهميتها تعتبر غير كافية.
يجب أن يكون االعتماد على العالقة السببية بين "س" و "ص" أكبر من الظهور
المتزامن لكل من المتغيرين.
ثالثا) أنواع الفرضيات تبعا لعدد المتغيرات والعالقات واألوصاف المنعوتة بها
يستند هذا التصنيف على تجميع ما أورده كل من "سوريانو ،سبرينتال ،شموت،
ومؤك ٌد ٌ
سيروا" ( ،)Rojas Soriano, Sprinthall, Schmutte & Sirois, 2012وهو شبيه ِ
في مطلعه لما ورد في تصنيف الفرضيات الوصفية:
-فرضيات وصفية ذات متغير واحد :تصف وجود أو غياب بعض الحقائق أو
الظواهر في مجتمع البحث .وهي تأكيدات يجب أن يتم التحقق منها ،ولكنها ال تفسر
الحقائق أو الظواهر قيد البحث .وتعمل على إثبات وجود أو غياب خاصية أو ميزة
مجتمعية واكتشاف فرضيات جديدة لتفسير وجود أو عدم وجود الظواهر.
-فرضيات وصفية تربط متغيرين أوأك رفي شكل تغيرمشترك أومتباين :يرافق
التغيير في المتغير المستقل تغيير مكافئ في المتغير التابع .ويطرح في شكل :إن زيادة أو
نقصان "س" تقابلها زيادة أو نقصان "ص" .إن هذه العالقة ال تفيد السببية ،ولكنها
تعتبر الخطوة األولى في تأسيس الفرضيات السببية.
-فرضيات وصفية تجمع بين متغيرين أو أك رفي شكل عالقة تبعية :إنها تسمح
بشرح وتوقع العمليات االجتماعية .ويشترط في العالقات السببية:
-وجود تغير مشترك -أو متباين في االتجاه -بين المتغيرات.
-أال يكون التغير المشترك ناتجا عن عوامل أو متغيرات أخرى.
-أن َيحدث المتغير المستقل قبل التابع.
-فرضيات الفروق أو التدخل :تحاول تحديد اآلثار المترتبة على أي تدخل في
"املجموعة التجريبية" مقارنة مع عدم التدخل في "املجموعة الضابطة".
-فرضيات الفروق في البحث البعدي :يحاول الباحث أن يرى الفرق بين
املجموعات على أساس المتغير أو المتغيرات المتوافرة أصال في المبحوث.
-فرضيات بواسطة المساواة :تنص على أنه عندما يكون مفهوم "س" ُمساو
لمفهوم آخر "ص" ،وفي الوقت نفسه يكون هذا األخير مساو لمفهوم ثالث "ع" ،يكون
إذن المفهوم األول "س" مساو للمفهوم الثالث "ع" .فهي تحاول إثبات هوية ما.
-فرضيات بواسطة التناظر :تنطلق من مقدمات هي عبارة عن أحكام عالمية
محددة ،والتي تكون متماثلة ألنها تقيم االعتماد المتبادل بين مصطلحاتها ،والذي
يكون متساو في كال االتجاهين .إذا كان "س" إذن يكون "ص" ،والعكس بالعكس ،وإذا
لم يكن "س" لن يكون "ص" والعكس بالعكس.
-فرضيات بالتماثل :هي تلك الفرضيات التي تحول فيها إلى الخاتمة بعض
العالقات القائمة في المقدمات ،وتكون مماثلة للمساواة .فهي تحاول إثبات عملية
التماثل أو التوازي ،ولكن ليس التطابق.
-فرضيات بالمرجعية :هي تلك التي يتم فيها نقل عالقة موجودة في المقدمات
إلى النتائ ،وتكون مشابهة لعدم المساواة .ويكمن دورها في تقديم أحد الحدثين
المتضادين لسرد الثاني.
-فرضية بواسطة تعداد إسقاطي خطي :ويتم فيها اعتماد عالقة عامة،
تتضمن تحديدا خاصا بكل عنصر من عناصر ف ة معينة .ومن خالل تعدادها
للخصائص الثابتة ،تقوم الفرضية بتحديد الوجهة التي من شأن العملية أن تتبعها.
-فرضية بواسطة "إعادة بنام" إضافية :تعتمد على قائمة من األحداث
االجتماعية المفقودة ،ولكنها مسجلة في وثائق وشهادات وأرقام .وهي تفترض كيفية
إعادة بناء الماض ي من خالل عدة عناصر.
-فرضية بالتقابل /بالتضاد :تنطلق من المبدأ العام للبناء باعتباره عنصرا
أساسيا من العمليات االجتماعية للتعبير عن عالقة عكسية بين متغيرين.
-فرضية كسلسلة دورية :تعرض العملية االجتماعية باعتبارها مسارا دوريا:
يولد ،يتطور ،يصل الذروة ،ثم يتدهور ويموت .وفيها يتحول "أ" إلى "ب" و "ب" إلى "ج"
و "ج" إلى "د"...
بعض البحوث الكمية غير اإلمبريقية مثل البحوث االستطالعية وبعض البحوث
الوصفية والتي تتطلب فقط صياغة أس لة بحثية.
ولكن قبل الحديث عن األس لة /التساتالت البحثية ،نبرر الحديث عنها في هذا
المبحث الخاص بالفرضيات بذكر حجج معظم من يعارض استخدام هذه األخيرة في
البحوث الكيفية ويطالب بتعويضها باألس لة ( ;Ulichnmy, 1991; Malterud, 2001
.)Bluhm & al., 2011; Maudsley, 2011فهم يعتبرون أن استخدام الفرضيات ال
ينطبق على البحوث الكيفية ألن هذه األخيرة ذات طابع استقرائي مطلق ،وتهدف فقط
إلى فهم المعاني والتفاعل مع تصورات وتمثالت "المشاركين في البحث" (المبحوثين)،
مؤكدين بأن نتائ البحوث الكيفية مرتبطة بحاالت أو سياقات معينة ،وهي ليست
قابلة للتعميم على مجتمع بح ي معين ،وبالتالي فهي ليست بحاجة إلى اختبار
الفرضيات .كما افترضوا أن اختبار الفرضيات يعتمد بشكل أساس على الباراديغم
الوضعي ،وبما أن البحوث الكيفية تعتمد في الغالب على الباراديغم التأويلي أو
البنائية ،فإنها ليست بحاجة إلى الفرضيات (.)Chigbu, 2019, p. 7
ومن جهته يرفض "مالترود" ( )Malterud, 2001استعمال الفرضيات في البحوث
الكيفية لسبب إجرائي فقط .فهو يقر بإمكانية استخدامها ،ولكنه يبرر عدم تطبيق
ذلك لكون الفرضيات في البحوث الكيفية غير قابلة لالختبار الذي يعتبر عملية
إحصائية تتعارض مع منطلقات وإجراءات البحوث الكيفية.
ولذلك فهو ومن سبق ذكرهم يقترحون –كما مر معنا -استعمال األس لة
(الرئيسة والفرعية) في البحوث الكيفية -بدال من الفرضيات -كدليل للبحث ،حيث
يتم طرحها في البداية ل جابة عليها باستعمال اإلجراءات المنهجية المناسبة ،ثم يتم
رصد اإلجابات عليها الواحدة تلو األخرى في عنصر النتائ .
وفي هذه الحالة ،يجب أن تكون األس لة متعلقة طبعا بأهداف البحث ،ألن هذه
األخيرة تتمثل أصال في اإلجابة على التساتالت و /أو في اختبار الفرضيات -في حالة
اعتمادها.-
كما أن بعض الباحثين ( )Andrade, 2003يطلقون على التساتالت اسم
فرضيات العمل ،ويدعي آخرون إمكانية إعادة صياغة الفرضيات كأس لة بحثية
تتمثل أصال في اإلجابة على التساتالت و/أو في اختبار الفرضيات ،أو على األقل -كما
يفعل البعض اآلخر في بعض البحوث -في ذكر ما يتبعهما أو يستلزمانه من مهام بحثية
إجرائية تفصيلية .وهو أمر في حقيقته من صالحية التساتالت الفرعية والمتغيرات
والمؤشرات ...نعم ،هي طريقة تجعل الطالب يتجنب التكرار الحرفي لمضموني
التساتل و/أو الفرضية وكذا الخروج عن إطارهما العام بعدم إضافة أهداف أخرى
تقع خارج صالحية البحث ،ولكنها تبق غير وظيفية أيضا.
إن األهداف العامة والفرعية في البحوث الكيفية ،من حيث المبدأ ،يجب أن
تعبر بوضوح ودقة عما يجب تحقيقه من خالل البحث .ولذلك يجب أن تكون هذه
األهداف مرتبطة بتصميم البحث الكيفي المعني وبنوعيته (استكشافي ،وصفي،
تحليلي ،مقارن .)...وقديما (قبل منتصف القرن الماض ي تقريبا) لم تكن تستعمل
مصطلحات مثل اإلشكالية –بل "تحديد موضوع البحث" -والتساتل الرئيس أو سؤال
االنطالقة ...وكانت البحوث تنجز بنجاح –وال زالت -باستخدام أهداف البحث
كموجهات تقريرية وباإلجراءات التطبيقية التي تستلزمها .وهذا ال يحول طبعا دون
استخدام سؤال البحث و/أو فرضيته ،كدعم يقدم إرشادات منهجية ،في الخطوات
واإلجراءات التي يجب إتباعها.
أما فيما يخص كيفية صياغة األهداف في البحوث الكيفية فعادة ما تكون
أفعال المصدر (األفعال في صيغة المصدر )Infinitive verbs :المستعملة في صياغتها
متماشية مع طبيعة البحوث الكيفية وأهدافها النوعية وغير المطلقة ،بحيث يفضل
تجنب األفعال التي تشير إلى "إجراءات نهائية" :القول مثال بأن الهدف من البحث هو:
تغيير ،تحسين ،تعليم ،تمكين ،...أو "إجراءات تفسيرية" :البرهنة على ،تأكيد ،إثبات،
تفسير ،تحديد ،)Giesecke, 2020, p. 412( ...حيث ال يمكن الجزم وال التعميم في
البحوث الكيفية بخالف البحوث الكمية .لذلك ،عادة ما تستعمل أفعال "نسبية"
الداللة من طينة" :تتمثل األهداف في محاولة معرفة ،"...أو "فهم ،"...أو
"استكشاف ،"...أو "تحليل."...
البحث وتتفاعل مع البيانات الميدانية أثناء جمعها ومعالجتها .وقد تفض ي في حاالت
معينة إلى أدلة جديدة يمكن تعميمها (.)Giesecke, 2020, p. 412
ولذلك ،وحتى في حالة اعتبار الفرضيات غير ضرورية في البحوث الكيفية ،فإنه
يمكن استعمالها كموجهات عامة لتأكيد توجهات البحوث الكيفية ،مع استعمال
"الف ات" الواصفة للقيم والعادات والمعايير واالتجاهات والسلوكيات واألنظمة
الرمزية )Monje-Álvarez, 2011, p. 91( ...لمفردات مجتمع البحث ،بدال من
"المتغيرات" المكونة للفرضيات "الكمية".
-إن الخطأ األساس في حجج الذين شككوا في استخدام الفرضيات في البحوث
الكيفية يتمثل في فكرة أن البحوث الكيفية هي مجرد بحوث استقرائية .فهناك من
الباحثين من استخدم الفرضيات الكيفية في مرحلة ما في أعماله العلمية ووجد أنها
عملية (في اإلجابة على أس لة بحثه وتحقيق أهدافه) وال ينبتي تثبيطه عن القيام بما
نجح معه .ثم إنه من غير المنطقي توقع التزام الباحثين الكيفيين بقواعد أساليب
البحث الكمي بصرامة .فالبحوث الكيفية نوع بح ي مرن إلى حد َيمكنه من أن يكون
ائيا أو استنباطيا حسب بعض الباحثين ( ;Malterud, 2001; Flyvbjerg, 2006 استقر ً
.)Maudsley, 2011وفي االتجاه التنظيري المقابل ،فإن "ما بعد الوضعية" (Post-
– )positivismكاتجاه كمي يتميز عن "الوضعية" ببعديه التكاملي ()Integrated
والسيا ي المعارض ألحادية التفسير والمبالغة في استعمال التكميم -يستسي
االستعمال "الكيفي" للفرضيات لكونه يعتبر "أن المناهج الكمية والنماذج الرياضية
ً
وضروريا إلنتاج أدلة فيا ً
أساسا كا ً الواصفة للمنظور الوضعي ال يمكن اعتبارها
تجريبية صحيحة وتأويل نظري مهم مناسب لها" ( .)Adam, 2014, p. 6وبالتالي فهو ال
يعارض من حيث المبدأ استخدام األشكال التخطيطية (التمثيالت البيانية الكيفية)
الختبار الفرضيات في البحوث الكيفية من خالل مجموعة من التواصالت النصية
والمرئية الحاملة لقيم كيفية.
-إن مسألة رفض االستعمال بسبب استحالة االختبار –كما أشار إلى ذلك
"مالترود" ( -)Malterud, 2001مبنية على افتراض أن "االختبار" في البحوث الكيفية
يجب إجراته بنفس الطريقة المطبقة في البحوث الكمية .ولكننا في الواقع لسنا
أنها ببساطة عبارة عن افتراض غير ُمثبت ،أي إجابة أولية /مؤقتة تستدعي اإلثبات أو
النفي .وهذا ال يعني بالضرورة أن عملية اإلثبات ال يمكن أن تتم دون حساب عددي
أو تقدير كمي رياض ي ،كما جرت عليه العادة في العلوم الطبيعية "الصلبة" .بل حتى
األصل اليوناني لمعنى مصطلح الفرضية (" )Hypothesisأساس ال يء أو دعامته" –
كما مر معنا -ال يحول دون استعمالها واختبارها كيفيا في العلوم اإلنسانية "الناعمة".
كما أن "اختبار" الفرضيات قد يعني في البحوث الكيفية أشياء مختلفة
ً
متعلقا بالكميات أو للباحثين في البحوث الكمية .إن مصطلح "االختبار" لم يكن ً
أبدا
الحسابات العددية في العلوم ،بل كان يتعلق بـ "الفحص" (Steger, ( )Examination
كميا أو كيفيا ،أو ً
مزيجا من ،)2015; Garland & al., 2017والذي يمكن أن يكون ً
االثنين .وذلك بخالف المعنى التقليدي الشائع لالختبار والذي يربطه بمختبر في قاعة،
وهو يختلف عن مختبر الباحث االجتماعي (املجتمع) الذي ال يمكن السيطرة عليه
بإحكام والذي يعيش فيه الناس ،لكونه بشريا/إنسانيا ،أي نسبيا.
–من األدبيات -عالقة "س ب-نتيجة" لدعم االقتراح األول الشكل رقم :10يث
.4.2.9.2المتغيرات
-تعريف المتغير
لتوضيح ما هو المتغير ،نستعرض فيما يلي بعض التعريفات المتخصصة:
إن المتغير هو خاصية يمكن أن تختلف من وحدة تحليلية دراسية ألخرى ،ومن
المرجح أن يكون اختالفها قابال للقياس أو المالحظة ( Hernández, Fernández y
.)Baptista, 2014أي أن المتغير خاصية قابلة للتغير (باكتسابه قيم مختلفة) ،ويكون
تغيره قابال للقياس ،ويتم تطبيقه على مجموعة من الناس أو األشياء أو األحداث،
والتي يمكن أن تأخذ قيما مختلفة في عالقتها بالمتغير.
كما يمكن أن يطلق اسمه على جوانب أو أبعاد الظاهرة التي تتميز بالقدرة على
اتخاذ قيم مختلفة ،سواء أكانت كيفية أم كمية.
وهناك من يختزل تعريف المتغير في "الخصائص الكيفية والكمية لوحدات
التحليل" أو في كونه "التعريف اإلجرائي للمفهوم" ( .)Archive-Host, 2001ويكون ذلك
بتحديد أبعاده المهمة .فعندما نجد مفهوما إهمنا ،يجب علينا تحديد جميع األبعاد
ذات الصلة التي تشكل هذا المفهوم .وهذه األبعاد هي التي قد تسمى عند البعض
متغيرات ،وعند البعض اآلخر أجزاء منها (مؤشرات) كما سنرى الحقا.
مما سبق ،يمكن أن نستنت أن المتغيرات عبارة عن خصائص أو صفات أو
سمات أو ميزات تتوافر لدى األفراد والجماعات واألشياء .وهي قابلة للمالحظة
والقياس الكميين عموما.
ولذلك ،فهي تعتبر عادة القاعدة أو المادة الخام للبحث الكمي .فاألشكال
املختلفة لتحليل البيانات املجمعة أو المتاحة لبحث من هذا النوع تتعلق بالمتغيرات.
ويعبر عن كل من مشكلة البحث واألهداف المرجوة باستخدام متغير أو أكنر
(.)Briones, 2003
-صالحية المتغير :إن صالحية المتغير تعتمد دائما على اإلطار النظري المؤسس
لمشكلة أو موضوع البحث ،وعلى عالقته المباشرة مع الفرضيات التي تدعمه.
-إعداد المتغير :نقوم أوال بتحديد المتغيرات الواردة في الفرضية تحديدا نظريا ثم
إجرائيا ،للحصول على "مؤشرات" كل واحد منها.
-متغير مستقل :يسبق المتغير التابعُ ،ويعتبر سببا في حدوثه ،فيتحكم الباحث
في شروطه إلنتاج بعض اآلثارُ .ويرمز له عادة باسم "س" ( .)xإنه المتغير الذي يقيسه
الباحث أو يتحكم فيه أو يختاره لتحديد عالقته بالظاهرة أو بالظواهر المالحظة .وهو
يتطابق مع المتغير املحفز .فقد يكون مصدره في المبحوث أو في محيطه .إنه المتغير
الذي يعالجه الباحث لمعرفة اآلثار التي ُيحدثها في متغير آخر.
-متغير تابع :يحدث كنتيجة لمتغير سابق .إنه التأثير النات عن المتغير
المستقل .وهو عادة ما يكون موضوع البحث أي المتغير المراد شرحه.ويرمز له عادة
بـ "ص" ( .)yإنه العامل الذي يالحظه الباحث أو يقيسه لتحديد تأثير المتغير المستقل
أو المتغير السبب .إنه المتغير-االستجابة .وفي اللغة االقتصادية ،يعتبر هذا المتغير
من املخرجات وفي العلوم السلوكية يعتبر سلوكا ناتجا عن كائن حي تم تحفيزه .إنه
العامل الذي يظهر ،يختفي ،يختلف ...نتيجة طبيعة التحكم في المتغير المستقل من
قبل الباحث.
مع مالحظة أن المتغير الواحد قد يكون مستقال أو تابعا وأن إشكالية موضوع
البحث هي التي تحدد طبيعته .فمثال ،هل متغير "مشاركة األحزاب" –المستقل -هو
الذي أدى إلى متغير "شفافية االنتخابات" -التابع-؟ أم أن شفافية العملية االنتخابية
هي التي أدت إلى مشاركة األحزاب فيها؟ كما أن متغيرا مستقال في موضوع ما قد يكون
تابعا في موضوع آخر ،ومثاله متغير "مقروئية الصحف" في الموضوعين اآلتيين
كمستقل وكتابع على التوالي .0 :أثر مقروئية الصحف على الوعي السياس ي في بلد ما
و .0أثر نسبة األمية على مقروئية الصحف في بلد ما.
معدل أو بديل ( :)Moderator variableيرمز له عادة بـ "س -متغير وسيط أو ِ
و" ( ،)Xmوهو يتموقع بين المتغير المستقل والمتغير التابع ،فيتدخل بطريقة
واضحة عند قيامنا بالربط بينهما .ويجب التأكد من أن ظهوره يكون بعد المتغير
المستقل وقبل المتغير التابع ،وبطريقة قد تجعله يحل نسبيا أو كليا محل المتغير
المستقل ،أو يكون بمثابة عامل معني جزئيا أو كليا بالعالقة بين المتغيرين .فهو يتكون
من عوامل تشارك في التأثير في المتغير التابع ،ولذلك يفضل التحكم فيه زيادة في
تحديد العالقة بين المتغيرين المستقل والتابع ومعرفة تأثيره في هذا األخير ،أي ما إذا
وب ــالطبع هن ــاك من يؤي ــد إمك ــاني ــة تق ــدير اتج ــاه المتغيرات الكيفي ــة وعالقته ــا البيني ــة
كيفيا ،كما مر معنا في عنص ـ ــر الفرضـ ـ ــيات الكيفية ،أو ينصـ ـ ــح باسـ ـ ــتبدالها بعنصـ ـ ــر
"ف ات التحليل" كما سيتم توضيحه فيما يلي.
.2.2.9.2فئات التحليل
يـعـتـبـر بـعـض الكت ـ ــاب ( )Rivas-Tovar, 2015; Monje-Álvarez, 2011ف ـ ــات
التحليــل المقــابــل الفئوي للمتغيرات في البحوث الكميــة أو بــديلهــا أحيــانــا .إنهــا عبــارة
عن اسـ ـ ــتراتيجية منهجية لبحث موضـ ـ ــوع معين ،وعلى غرار ف ة "المتغيرات" الكمية،
فهي عادة ما تتض ـ ـ ــمن ف ات فرعية أو مؤشـ ـ ـ ـرات أو تعريفات إجرائية موجهة للبحث.
ولــذلــك نجــد في بحوث تحليــل املحتوى من يرفق ف ــات التحليــل بتعريفــاتهــا اإلجرائيــة.
لكن تجدر اإلش ــارة هنا إلى أن هناك من يؤيد اس ــتعمال عنص ــر المتغيرات في البحوث
الكيفية وال يس ـ ــتبدله بعنص ـ ــر وحدات التحليل ( .)Chigbu, 2019وهو ما تم الحديث
عنه سابقا في عنصر الفرضيات في البحوث الكيفية.
ومهمــا يكن األمر ،وحس ـ ـ ـ ــب الثالثي (،)Llanos, Lambarry & Trujillo, 2014
فإن فئات التحليل تتميزبالخصائص اآلتية:
ُ
-تســتق ف ات التحليل من مراجعة األدبيات المتخصـصــة والبحوث الســابقة،
حيث يتم تحديد ماهية المفاهيم التي ســيتم اســتخدامها لشــرح موضــوع البحث ،كما
تستعمل الف ات في توضيح حدود البحث أو نطاقه.
ُ -ينصـ ـ ـ ــح بعــد م المبــالغــة في عــدد الف ــات الرئيس ـ ـ ـ ــة والفرعيــة ،لتجنــب تعقيــد
عملية فهم البحث ،على أن تس ــتهدف عملية تقس ــيم ف ات التحليل الرئيس ــة إلى ف ات
فرعية توضيح المفاهيم التي يتم بحثها بالعدد المناسب منها.
-األخ ــذ بعين االعتب ــار أن فكرة تح ــدي ــد ف ــات التحلي ــل هي اختزال الواقع إلى
مفاهيم واضحة وسهلة الفهم.
جدا مالحظة أن هذه الف ات يجب أن تتمتع بالصـ ــدق النظري .أي، -من المهم ً
يجب دعمها بعمل الباحثين الس ــابقين الذين عالجوا المش ــكلة (الموض ــوع) نفس ــها أو
شبيهاتها.
الجدول رقم :9يوضح عملية تحديد وتفكيك فئات التحليل في بحث وصفي
.3.6.2المؤشرات
-تعريف المؤشرات
لصياغة التساتالت و /أو الفرضيات من الضروري أن تكون لدينا متغيرات
بمؤشراتها ( ،)Indicators/ Indicesوالتي قد تكون عامة وفي شكل مركب (شاملة لعدة
مؤشرات أو لمتغير معقد أو لبعد) أو بسيطة (عادية /غير مركبة) ،كما سيتم توضيح
ذلك الحقا .مع اإلشارة إلى أنه يمكن االستغناء عن "المؤشرات" أصال في حالة كون
"المتغيرات" قابلة للقياس المباشر (غير قابلة للتجزئة إلى مؤشرات) ،ويمكن ربطها
حينها بأس لة أداة جمع البيانات مباشرة ،كما سنرى الحقا.
ومهما يكن األمر ،فالمؤشر يعتبر عادة مظهرا من مظاهر المتغيرات القابلة
للمالحظة والقياس في البحوث الكمية ،وقد يكون عبارة عن أي ش يء يدل على وجود
المتغير قيد البحث ،إذ بواسطته نقيم أثر التعريف اإلجرائي ونقيس المتغيرات كميا.
وفيما يلي مثال عن مؤشرات متغير "الديمقراطية السياسية" كنموذج :التعددية
الحزبية ،التعددية اإلعالمية ،حرية االنتخابات ،الفصل بين السلطات الثالث،
التداول على السلطة...
وتهدف المؤشرات –في البحوث الكمية -إلى تفكيك المتغيرات التي تم عزلها إلى
وحدات صغيرة قابلة للمالحظة والقياس .وكلما كانت المؤشرات أكنر دقة كلما كان
قياس المتغير أفضل .وبالطبع قد يكون للمتغير مؤشر واحد (بسيط) كما قد يحتاج
قياسه لعدة مؤشرات (مركبة).
-أنواع المؤشرات
بداية ،تجدر اإلشارة إلى أنها تستعمل خاصة في البحوث الكمية ،وأن مقابلها
الطبيعي املحتمل في البحوث الكيفية هي "ف ات التحليل الفرعية" .وبالطبع هناك عدة
تصنيفات للمؤشرات ،ولكننا سنكتفي هنا بعرض ثالثة تصنيفات فقط:
* يحددها التصنيف األول في ثالثة أنواع من المؤشرات :واقعية ورسمية وذاتية.
إن المؤشرات الواقعية والرسمية ال تستدعي التقييم الذاتي للمبحوث ،وهي عادة ما
يمكن مالحظتها بسهولة لكونها محددة ،وذلك بخالف المؤشرات الذاتية.
--المؤشرات المركبة (العامة) :لقد سبق وأن ذكرنا أن المؤشر العام عبارة عن
مزي من عدة مؤشرات .وللحصول على صورة أكنر اكتماال للواقع ،يمكننا تجميع
مؤشرات متعددة إلنشاء صورة واحدة جديدة :هي المؤشر العام أو المركب .وعلى
سبيل المثال :مؤشر كتلة جسم اإلنسان :ال يكون للوزن معنى إال في عالقته بالطول.
فالعالقة بين مؤشري الوزن والطول هي التي تعطي قيمة للمؤشر العام :كتلة جسم
اإلنسان .واألمر نفسه يمكن قوله مثال حول مقروئية الصحف التي تساوي السحب
أو التوزيع ناقص المرتجعات ،الخ.
--المؤشرات البسيطة أو العادية :هي التي تكفي بمفردها لتفسير المتغير ،أي
أن للمظهر الواحد كمؤشر دور رئيس يعبر عن وجود اتجاه محدد يكفي لتفسير
المتغير دون االستعانة بمؤشرات إضافية .في المثال السابق ،يكون المؤشر البسيط
هو الوزن أو الطول.
وتجدر اإلشارة هنا إلى أن المؤشر العام يقابله عند البعض مصطلح "البعد"
( ،)Dimensionألن هذا األخير قد يتوسط أيضا العالقة بين المتغير -أو المفهوم عند
البعض ،كما سنرى الحقا -والمؤشر البسيط.
كما أنه من الممكن أن نمر مباشرة من المتغيرات إلى المؤشرات ،بل من
الفرضيات إلى المؤشرات ،وهذا يخضع بالطبع لطبيعة اإلشكالية وأهداف موضوع
البحث وفرضياته التي قد تكون قابلة لتفكيك تدرجي متعدد أم ال ،أي أن كل ما هو
غير قابل للمالحظة والقياس المباشرين أو التكميم -في البحوث الكمية -فهو ليس
بمؤشر "بسيط".
السؤال 1
السؤال 0 المؤشر1
(التعددية)
السؤال 0
المتغير2
المؤشر2 الديمقراطية
أسئلة .......
(الحرية) السياسية
وكمـا يمكن وصـ ـ ـ ــف الظواهر المتعـددة من خالل مفاهيم موحدة ،مثل مفهوم
"التـذكر" الــذي يسـ ـ ـ ــتخــدم في ظواهر معرفيـة مختلفـة (علوم إعالم ،علم نفس ،علوم
سـ ــياسـ ــية ،)...فإنه يمكن أيضـ ــا وصـ ــف ظاهرة واحدة من خالل مفاهيم متعددة مثل
مفهوم التعرض ومس ـ ــتوياته ،ومفاهيم القراءة واالس ـ ــتماع والمش ـ ــاهدة بمس ـ ــتوياتها،
وهي تشـير إلى اسـتخدام وسـائل اإلعالم واالتصـال بمسـتويات متعددة أيضا (صحافة،
راديو ،تلفزيون ،مثال).
وللمفهوم عالقة وثيقة بالمصــطلح ( )Termلكنه يختلف عنه ،فالمصــطلح هو
في الغالب عبارة عن كلمة واحدة -أو "عبارة" أحيانا -متفق حول داللتها لفظيا (المعنى
االصطالحي في تخصص معين ،مثال) ،بينما ال يرتبط المفهوم بكلمة أو كلمات محددة
ال ــدالل ــة -لفظي ــا ، -إذ أن المفهوم الواح ــد ق ــد يعبر عن ــه بكلم ــات مختلف ــة وب ــدالالت
مختلفــة تشـ ـ ـ ــير إلى بنــاءات فكريــة وصـ ـ ـ ــور ذهنيــة مختلفــة .ولــذلــك ،يمكن اعتبــار أن
المصـ ـ ـ ــطلح "كمي" التوجه والمفهوم "كيفي" التوجه .وهناك طبعا في مسـ ـ ـ ــتويات أعم
من ال يفرق بين المفهوم والمصـ ـ ـ ــطلح ،معتبرا أن المفهوم في بيئت ــه الثق ــافي ــة يعتبر
مصـ ـ ـ ــطلح ــا وأن اله ــدف العلمي من التعريف اإلجرائي لكليهم ــا هو تحقيق االتف ــاق في
الداللة في البحث قيد اإلجراء ،فيس ـ ــتعملهما بش ـ ــكل متعاوض لكونهما قابلين للتبديل
(مترادفين).
وفي األخير ،تجدر اإلشارة إلى بعض األمور العملية التي تثار عند الحديث عن
المفاهيم في البحوث الجامعية:
-أولها يخص ضرورة الكالم أحيانا عن المفاهيم المشابهة لتمييزها عن بعض
مفاهيم البحث ،ولكن دون تفصيل الكالم عنها وال تخصيصها هي األخرى بمفهوم
إجرائي ألنها ليست محل البحث ،بل يمكن ذكرها في المرحلة األولى أو الثانية من
إجراءات عملية التحديد -سابقة الذكر -بغرض زيادة توضيح املجال الداللي للمفهوم
المعني بالتحديد.
-وثانيها حول مدى جدوى التعريف اإلجرائي للمفاهيم بدإهية الداللة (مثل
األ خاص والمؤسسات)...؛ فاألصل االقتصار على عرض التعريف اإلجرائي للمفاهيم
املختلف حول داللتها ،ولكن يمكن أحيانا تخصيص المفاهيم بدإهية المعنى أيضا
بغية التذكير بأبعادها التطبيقية المساعدة في القياس والتجريب وليس بغرض
تمييزها عن غيرها .وفي هذه الحالة يمكن التساتل أصال عن جدوى تخصيص عنصر
مستقل لتحديد المفاهيم –مهما كان نوعها -في البحوث التطبيقية بمعية عنصر
َ
المتغيرات -وعنصر األبعاد أحيانا -المفككة إلى مؤشرات ...لكونهما يؤديان الوظيفة
نفسها المتعلقة بالمساعدة في القياس والتجريب ،والتحف نفسه تقريبا نجده عند
من يعتبر أن المتغير هو "التعريف اإلجرائي للمفهوم" كما تم ذكره سابقا (ص،)113 .
أي أن "المتغير" جزء من المفهوم وهو قابل للقياس أيضا.
كما أن الكثير من األدبيات األنجلوسكسونية المتخصصة ( Creswell, 2012,
…( )Maxwell, 2009, Marshall & Rossman, 2006, Yin, 2003دليو )2122 ،بما
وتجدر اإلشارة هنا إلى أنه يمكن اعتماد المفهوم بدال من المتغير (اعتبار
"عملية تعليم-تعلم" مفهوما) ،أو إضافة المفهوم كعنصر يأتي قبل المتغير ،ويمكن
تشخيصه في المثال التربوي اآلتي :المفهوم هو "التحصيل الدراس ي" ويكون من
متغيراته "األداء في المدرسة" ومن أبعاده "المداومة ،إجراء االختبارات "...ومن
مؤشراته "كشف النقاط ،المكافآت."...
وفي األخير ،نشير إلى أن البعض (أنجرس ،2112 ،ص ص )185-185 .يفكك
الفرضيات إلى مفاهيم -وليس إلى متغيرات -والمفاهيم إلى أبعاد واألبعاد إلى مؤشرات
والتي يمكن بدورها أن تجمع في شكل دليل أو متغيرات ،وبما أن الفرضية تتضمن عادة
عالقة بين مفهومين فإن ترجمتها الميدانية تؤدي إلى تخصيص نوعين من المتغيرات -
مستقل وتابع -كمكونين للفرضية (أنجرس ،2112 ،ص)151 .؛ فـ"أنجرس" يذكر أن
المتغير مرتبط بالمفاهيم لكن طبيعة هذه االرتباط التفكيكي -التركيبي (الخاص
باألبعاد والمتغيرات على التوالي) في عالقتهما بالفرضية يبق غامضا (الشكالن
المشخصان للعملية -ص -113 .تضمنا المفهوم دون المتغير) وغير منطقي في حالة
المتغير ألن "الترجمة الميدانية" -حسب تعبيره -هي كذلك عملية تفكيكية إلى
متغيرات ،وبالتالي هل الفرضية تفكك إلى مفاهيم أم إلى متغيرات؟ باإلضافة إلى كون
"التركيب" يكون بعديا (بعد تحليل النتائ ) وفي سياق كيفي "بنيوي /مفهومي" وليس
اعتبار أن مجتمع البحث ال يسمى كذلك إال بعد تصفيته من التكرارات ،وبالتالي يكون
مجتمع البحث هو نفسه إطار العينة في جميع الحاالت ويكون مرصدا في قائمة اسمية.
وهناك احتمال آخر في االتجاه المعاكس ،حيث يمكن أن يمتد إطار العينة
(القائمة الرسمية ملجتمع البحث "غير املحينة") إلى ما وراء حدود املجتمع المستهدف،
وذلك في حالة تضمين -عن طريق الخطأ -وحدات مجتمعية من املحتمل أال تستوفي
معايير اإلدراج /االستبعاد المعتمدة في تحديد حدود املجتمع (انظر الحقا كيفية
ُ
تحديد مجتمع البحث) .على سبيل المثال ،إذا أرسل استبيان عبر البريد اإللكتروني إلى
جميع موظفي مؤسسة معينة ،فمن الممكن إدراج موظفين غير معنيين بالبحث في
القائمة (مثل ،الموظفين الذين تمت ترقيتهم مؤخرا أو الموجودين في إجازة )...ويكون
حينها عدد مفردات إطار العينة أكبر من عدد مفردات مجتمع البحث المستهدف.
وفيما يلي إحاطة معرفية عامة بمفهوم "مجتمع البحث".
إلى جميع األفراد الذين يستوفون المعايير املحددة للمشاركة في بحث معين ،أي هو
جزء من "املجتمع العام" .وفي هذه الحالة يكون "املجتمع المستهدف" مرادفا لـ"مجتمع
البحث" أو "مجتمع الدراسة" ( )Study populationأو "املجتمع الخاص" ( Specific
Willie, 2022, pp. 521-522; Asiamah & Oteng-Abayie, 2017, p. ( )population
)1619ولكون وحداته في متناول الباحث فهو مرادف أيضا لما يسميه البعض "املجتمع
المتاح" (.)Casteel & Bridier, 2021, pp. 344( )Accessible population
أي أصبح لدينا ثالثة أنواع من املجتمعات مختلف حول طبيعتها ولها تسميات
مزدوجة :املجتمع العام أو محل االهتمام ،واملجتمع المستهدف أو مجتمع الدراسة/
البحث ،واملجتمع المتاح أو الخاص! وتقديري أن ما يحتاج معرفته الطلبة إلنجاز
بحوثهم هو معرفة املجتمع الذي يستخرجون منه عينة بحثهم -في حالة عدم القيام
بالمسح الشامل طبعا -مهما كانت تسميته ،مما يتطلب حسن تحديد هذا املجتمع
لتجنب الوقوع في أخطاء التحيز عند اختيار العينة.
حيث يمكن اعتبار أن مجتمع الدراسة (البحث) هو املجتمع المستهدف أصال
والذي يكون بالضرورة متاحا وإال لما تم استهدافه ،أو تم استهدافه بداية ثم تحول
االستهداف إلى املجتمع المتاح بعد استبعاد الوحدات التي استحال أو صعب الوصول
إليها أو لم ترغب في المشاركة .وأما إذا كان املجتمع المستهدف متاحا فيزيقيا لكن
تحول دون تفاعلهم مع الباحث بعض خصائص وحداته (مرض ى ،أطفال قصرُ )...
فيستعاض عنهم (المرض ى ،األطفال) بالوحدات المصرحة (األولياء أو المربيات)...
والتي تبق (الوحدات) مرتبطة وظيفيا بمجتمع البحث األصلي المستهدف .وهذا
موضوع آخر يعرض في المبحث الموالي.
أما املجتمع العام فال تستخرج منه العينة مباشرة إال إذا كان مساويا للمجتمع
المتاح أيضا ،أي "إذا وفقط إذا كان جميع عناصره مؤهلين للمشاركة في البحث في
ضوء أهداف البحث ،وعلى استعداد للمشاركة ،وال يمنعهم أي شرط من المشاركة"
( ،)Asiamah, Nestor & Oteng-Abayie, E., 2017, p. 1619وهو أمر نادر جدا.
وأما فيما يخص تحديد "مجتمع البحث" الذي تستخرج منه العينة -مهما كانت
تسميته -فيمكن القول بأن تحديده األول واألهم يعتمد عادة على نوعية الحاالت أو
جدا (عامة) ،يصعب تعدادها األشياء .وقد يؤدي هذا التحديد إلى مجتمعات كبيرة ً
والتحكم فيها في البحث؛ فـ "الصحف" كمجتمع بح ي ،على سبيل المثال ،ومن دون
تحديد إضافي ،تستهدف جميع الصحف في العالم ،ولجعل هذا املجتمع أيسر للبحث
افيا (في الجزائر) و /أو ً
زمنيا (سنة يمكن تطبيق حد أو حدين إضافيين ،ربما جغر ً
.)0000مع اإلشارة إلى أنه قد يعبر عن هذين الحدين بسيا ي البحث أو مجاليه المكاني
(الفضائي /الجغرافي) والزماني ( Spatial/ Geographic and Temporal Contexts/
،)Areaأي "أين" ( )Whereو"متى" ( )Whenيتم إجراء البحث .ولتوضيح األمر أكنر
يمكن إعطاء مثال آخر مع ربطه باملجتمعات الثالثة سابقة الذكر والتي نتدرج في
تحديدها من العام إلى الخاص باستخدام معايير إضافية متوالية :إذا كان املجتمع
العام عبارة عن أساتذة جامعيين ،فإن املجتمع المستهدف قد يمثله األساتذة
الجامعيون ذوو الرتب العليا من الذين تقلدوا منصبا إداريا على األقل (شرطان
بحثيان) ،وأما املجتمع المتاح فيقتصر على الراغبين منهم في المشاركة وال يحول دون
مشاركتهم الفعلية أي سبب (شرطان موضوعيان) .مع اإلشارة إلى أن هذا املجتمع
المتاح بحاجة أيضا إلى تحديد املجالين المكاني والزمني سابقي الذكر.
المهم ،فإن ما ُينصح به عند تحديد مجتمع البحث -مهما كانت تسميته ،مرة
أخرى -هو استخدام التعريفات والتصنيفات الشائعة والمعتمدة في البحوث السابقة
لتحديده ،أو على األقل تحديد مكوناته بطريقة موضوعية ومن دون تدخل ذاتية
الباحث بغية تجنب تحيزاته املحتملة التي قد تؤثر على نتائ البحث بشكل كبير .حيث
يمكن للباحث ،دون أن يالح ذلك ،أن يختار بشكل خاص الحاالت التي تدعم
تصوراته المسبقة أو فرضياته.
ولذلك ،يجب االعتماد في تحديد مجتمع البحث الذي سيتم أخذ مفردات
العينة منه ،على معايير واضحة ومحددة مسبقا ،يصفها "روبنسون" ( Robinson,
)Luciani, 2019, p. 157( )2014بالتضمينية و /أو االستبعادية (اإلقصائية)
( :)Inclusion and/or exclusion criteriaويقصد بمعايير التضمين الخصائص التي
يجب على مفردات العينة أن تتميز بها لتكون مؤهلة للمشاركة في البحث ،بينما تحدد
معايير االستبعاد الخصائص التي تجعلها غير مؤهلة للمشاركة في البحث ،وذلك من
خالل تحديد الخصائص المطلوب توافرها في مفردات العينة ،والتي قد تشمل تحديد
سمات ديموغرافية معينة (مثل العمر والجنس) ،أو سمات اجتماعية-ثقافية (مثل
العرق والدخل والمستوى التعليمي) ...وهي نفس المعايير تقريبا التي تستعمل في
اختيار بعض أنواع العينات القصدية .بل إن هناك من يجعل هذه الخصائص هي
عالمة تعريف "مجتمع البحث" أصال ،حيث يرى "لبكوفسكي" ()Lepkowski, 2008
( )Hernández, Fernández & Baptista, 2014, p. 174بأن مجتمع البحث هو "جميع
الحاالت التي تتوافر فيها مجموعة من الخصائص".
بعد تحديد مجتمع البحث المستهدف ،تبق اإلجابة على سؤال آخر :هل يجب
دراسة املجتمع المستهدف بالكامل أو اختيار جزء منه فقط؟ :فالدراسة الكلية أو
المسح الشامل ( )Total studyهي الدراسة التي يالح فيها الباحث ً
فعليا أو يقيس
خصائص جميع مفردات املجتمع المتاحة ،وأما دراسة العينات فتركز على جزء
أساس من املجتمع والذي يتم اختياره بطريقة منهجية .ولكن ،قبل الحديث عن
"المعاينة" (اختيار العينة) :مفهومها وأنواعها وحجمها ،تجدر اإلشارة بإيجاز إلى أنواع
وحدات البحث.
.2.4.7وحدات البحث
هناك ثالثة أنواع من وحدات البحث ( )Units researchأو مفرداته أو عناصره
ُ
-غير القابلة للتجزئة -التي تجمع منها المعلومات (دليو ،0000 ،ص:)00 .
--وحدة "المعاينة" /اختيار العينة ( Sampling unit/ Unité
:)d’échantillonnage -fr-هي التي تتشكل من كل "مكون" من مكونات إطار العينة .إنها
تشير إلى المستوى الذي يتم فيه اختيار العينة ،وقد تكون وحدة "المعاينة" عبارة عن
خص ،عائلة (شقة أو رقم هاتف) ،مدرسة ،حي ،جزيرة ...وهي تختلف عن:
--وحدة التحليل ( )Unit of analysis/ Unité d’analyse -fr-أو المستوى الذي
يخصه التحليل :في الدراسات الميدانية (دراسات الجمهور) ،نختار أسرا مثال ،ولكن
التحليل يركز على أفراد منها .ويمكن التعبير عنها بـ "الوحدة المرجعية" :وهي التي
نطلب معلومات عنها ،على سبيل المثال ،األطفال الذين قدمت أمهاتهم معلومات
عنهم .وفي بحوث تحليل املحتوى ،هي وحدة املحتوى المعبرة عن بعد داللي للنص والتي
يمكن إخضاعها عادة للعد والقياس (كلمة ،جملة ،فكرة.)...
ِّ
المصرحة ( )Declarative unit/ Unité déclarative -fr-أو وحدة --الوحدة
المالحظة ( :)Unit of observationهي مصدر البيانات حول وحدة التحليل :على
ُ
سبيل المثال ،األم التي تسأل عن أوالدها ،أو األستاذ عن طالبه أو المربية عن أطفال
الروضة أو األولياء عن مرضاهم ...وبالطبع ،قد تكون في الحاالت العادية -في دراسات
الجمهور -الوحدة المصرحة هي نفسها وحدة التحليل ،أي المبحوث هو الذي يتفاعل
بنفسه مع الباحث أو مع أداة جمع البيانات.
وفيما يلي مثال يشمل الوحدات الثالث :في دراسة حول المواليد الجدد ،تكون
"وحدة المعاينة" عبارة عن عائلة ،و"الوحدة المصرحة" هي أحد الوالدين أو الولي،
و"وحدة التحليل" أو "الوحدة المرجعية" هي المولود الجديد.
.7.4.7اختيارالعينة
إن األسس التي قامت عليها نظرية "المعاينة" (اختيار العينة) المعاصرة يمكن
أن نجد لها بعض األثر في نهاية القرن السابع عشر ومطلع الثامن عشر ،إال أن تطورها
الكامل ،مع تحليل التوزيع الطبيعي وعالقته بـ "أخطاء المعاينة" ،حدث مطلع القرن
التاسع عشر .ولكن ذلك لم يستخدم كأساس لنظرية المسوح بالعينة إال بعد مرور
حوالي قرن من الزمن.
أما فيما يخص كلمة "المعاينة" –شائعة االستخدام -أو "االعتيان" –األصح-
كأحد المشتقات اللغوية للعينة ،-فهي تختلف عن لف العينة من حيث الطبيعة،
فالمعاينة ( )Sampling/ échantillonnage -fr-عملية والعينة ( )Sampleنتيجتها.
ولذلك يشير لف "المعاينة" في اإلحصاء إلى "تقنية اختيار العينة" من مجتمع البحث
وليس إلى كمية الوحدات املختارة (العينة).
وأما كلمة "عينة" تحديدا فقد يكون لها معنى مزدوج ،بحيث يختلف باختالف
طبيعة البيانات المراد تجميعها بواسطتها .إن "المعنى الضيق" أو الشائع في البحوث
الكمية يشير حصرا إلى نتيجة محاولة جمع جزء ممثل لكل محدد تحديدا جيدا ،أو
اختيار عدد قليل من الوحدات التمثيلية من املجتمع .أما "المعنى الواسع" والشامل
لعينات البحوث الكمية والكيفية معا ،فإنه يشير إلى نتيجة أي عملية تستهدف تشكيل
عينة إمبريقية للبحث أو على حد تعبير "روز" (" :)Rose, 1982, p. 49اختيار وحدات
دراسية" ( )The selection of units for studyبغض النظر عن مدى تمثيليتها للمجتمع
الكلي .ولتجنب المعنى "الضيق" للعينة الذي يستدعي "التمثيل" و"التعميم" ،يفضل
بعض الكيفيين ،الذين يستهدفون "غنى" المعلومات "وتحويلها" ،استخدام مفاهيم:
"المشاركين"" ،مفردات أو وحدات البحث /الدراسة" ،مادة التحليل" ،المدونة"...
بدال من "العينة"" ،مفردات أو وحدات العينة...
-أنواع المعاينة
يعتبر تحديد أنواع المعاينة أهم عملية متعلقة بتصميم العينة ،باإلضافة إلى
تحديد حجمها وأهم متغيراتها .وفي هذا املجال ،عادة ما يشير التراث المنهجي إلى نوعين
من العينات :العشوائية ( )Random/ Aléatoire-fr-أو االحتمالية ،وغير العشوائية
أو غير االحتمالية (.)Nonrandom/ Nonprobability
وتعتمد المعاينة غير االحتمالية أو غير العشوائية على خبرة الباحث بمجتمع
البحث .ويتم استخدامها أحيانا كدليل أو محاولة أولية لتقرير كيفية اختيار عينة
عشوائية في وقت الحق ،أو لدراسة املجموعات المستخفية أو الحاالت الخاصة ألن
اختيارها عرض ي أو قصدي وليس احتمالي .أما العينات االحتمالية فتمتاز بكون كل
مفردة من مفرداتها لها احتمال معروف وغير منعدم للظهور في العينة ( Kish, 1972,
.)p. 41
وتعكس هذه الثنائية أك ر التصنيفات ذيوعا في التراث المتخصص ،ولذلك
سنباشر تعداد مختلف تقنيات المعاينة من خالله (انظر الجدول رقم )11قبل
التعرض لتصنيفات أخرى:
( )4لقد تم اعتماد في هذا التصنيف الرأي القائل بوجود ثالث تقنيات أساسية للمعاينة العشوائية ،لكننا
قد نعتبر أن هناك تقنيتين أساسيتين فقط (البسيطة والمنتظمة) على اعتبار أن المعاينة الطبقية هي من
فصيل العينات العشوائية األخرى :العينة العنقودية ،المساحية ،متعددة المراحل...
( )5منها :تصنيفها تبعا لمؤشر طبيعة مصادر البيانات المستهدفة في البحوث اإلعالمية إلى عينات البحوث
الميدانية (الجمهور) وعينات البحوث التحليلية (وسائل اإلعالم) ،أو تصنيفها تبعا لطبيعة وسط اختيارها
الطبيعي أو اإللكتروني :العينات عبر اإلنترنت وخارجها...
( )6تسمى المدونات "المؤسسة" في بعض األدبيات ،Corpus-based research :أو بالمدونة "المعطاة"
( ،)Givenأما المدونة التي يمكن أن تنشأ من النص (المدونة المنشأة) فتسمى بـ"المبنية" أو "الموجهة من
البيانات" (.)Bolívar, 2016( )Constructed/ Corpus-driven
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
185
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
-حجم العينة
إذا ك ــان الغرض الرئيس من المع ــاين ــة هو توفير الجه ــد والتكلف ــة ،فم ــا م ــا هو
أص ـ ــغر حجم ممكن يس ـ ــتجيب لذلك وتكون بياناته حول املجتمع الكلي موثوقا بها إلى
حـ ــد مـ ــا؟ إن الجوا ب يختلف بـ ــالطبع بـ ــاختالف طبيعـ ــة البحوث (كميـ ــة أم كيفيـ ــة)
وخاصة طبيعة العينة (عشوائية أم غير عشوائية):
--في العينات العشوائية
إن البيــانــات التي نحص ـ ـ ـ ــل عليهــا من العينــة عــادة مــا تكون مختلفــة قليال عن
بيانات مجتمع البحث .والس ـ ـ ــبب هو أن االختيار العش ـ ـ ــوائي ال يجلب فقط إلى العينة
المفردات المتوس ـ ـ ـ ـط ــة من املجتمع ،ولكن أيضـ ـ ـ ـ ــا بعض المفردات غير الع ــادي ــة أو
االســتثنائية .والخطر يتناســب تقريبا مع درجة تباين المتغيرات وفي العالقة العكســية
مع حجم العينة.
وإذا اسـ ـ ـ ــتخــدمنــا الصـ ـ ـ ــيغــة أو المعــادلــة بطريقــة عكس ـ ـ ـ ـي ــة ،في ح ــالــة علمن ــا
بالمس ــتوى المطلوب للداللة اإلحص ــائية للبيانات التي س ــنس ــجلها من العينة ،يمكننا
حســاب حجم العينة المطلوب على أســاس عدد المتغيرات ودرجة تبايناتها .فهي غالبا
مــا تكون غير معروفــة مسـ ـ ـ ــبقــا ،ولكن يمكن اعتمــاد بعض التقــديرات التقريبيــة بــدال
منها.
ومن دون اســتخدام اإلجراءات اإلحصــائية ،تعتبر عادة العينة صــغيرة إذا كانت
أقــل من 31مفردة .وإذا كــانــت البحوث تخص مجتمعــا كبيرا بمــا يكفي إلى حــد اعتبــاره
ال متنــاه من النــاحيــة اإلحص ـ ـ ـ ــائيــة ،فمن المسـ ـ ـ ــتحسـ ـ ـ ــن أال تقــل العينــة عن ٪11من
مجموع الس ـ ـ ـ ـكـان .ففي مجتمع متكون من 1111ـ ـ ـ ــخص ،يمكن اعتبار 111مفردة
عينــة ك ــافيــة ،إذا ك ــان ب ــالطبع نوع البحــث ال يتطلــب غير ذل ــك .كم ــا يلج ــأ البعض إلى
اسـ ـ ـ ــتعمــال أكبر حجم عيني يمكن أن تتحملــه اإلمكــانــات المــاديــة والزمنيــة ،أو اتبــاع
توصـيات بعض المراجع المتخصـصـة التي تقترح نســب مائوية تتراوح ما بين 8و،%21
تبعا لنوع البحث (وصــفي ،ارتباطي ،تفســيري/تجريبي) وحجم مجتمعه .مع اإلشــارة إلى
أن هنــاك إجراءات إحص ـ ـ ـ ــائيــة لتحــديــد حجم العينــة ،مع افتراض خطــأ صـ ـ ـ ــغير تبعــا
لمستوى الثقة التقديري (.)Arnau, 1980, p. 216
إن اإلجراءات اإلحصائية تعتمد على معادالت حسابية مفيدة لكن استخدامها
مرهق بعض ال ـ ـ ـ ـ يء بس ـ ـ ـ ـبــب العــدد الكبير من الخيــارات المتعلقــة بمسـ ـ ـ ــتوى الثقــة
ومعـامــل االرتبـاط بين متغيرات مجتمع البحــث( ...دليو ،2118 ،ص ،)151 .مع تحف
البعض على اعتمادها على تقديرات رقمية تقريبية ذاتية بدال من ذلك .ففي المشاريع
الكبرى ذات الموارد الوافرة ،يفض ـ ـ ـ ــل عــادة مراجعــة خبير إحص ـ ـ ـ ــائي لحس ـ ـ ـ ــاب حجم
العينة وخاصة إذا كان حجم املجتمع ضخما ،أما في مشروع بح ي ذي موارد محدودة،
فيمكن حسـابها عبر اإلنترنت باملجان ( )free onlineباستعمال خدمات بعض المواقع
والبرام اإلحص ــائية المتخصـ ـص ــة ( ،)Sample size calculatorأو الرجوع إلى الجدول
اإلحص ـ ـ ـ ــائي أدنــاه ( )11املحــدد لحجم العينــة إذا كــان حجم املجتمع يتراوح مــا بين 11
مبحوثين ومليون مبحوث ف ــأكنر ،أو تطبيق بعض المع ــادالت الري ــاض ـ ـ ـ ـي ــة بص ـ ـ ـ ـف ــة
خصية.
وفي حالة الرغبة في تحديد حجم العينة إحصـ ـ ــائيا وبصـ ـ ــفة ـ ـ ــخصـ ـ ــية ،يجب
معرفــة أو تحــديــد بعض القيم الثــابتــة إلدخــالهــا في إحــدى المعــادالت المنــاس ـ ـ ـ ـبــة)1 :
مـعـرف ـ ـة "حجم املجتمع" ( ،)Population sizeأي الع ـ ـدد اإلجم ـ ــالي لمفردات مجتمع
البح ــث -كمتغير وحي ــد معط مسـ ـ ـ ــبق ــا -أو قيم ــة تقريبي ــة ل ــه في ح ــاالت املجتمع ــات
)2تحديد قيمة "هامش الخطأ" ( )Margin of errorأو مجال الثقة الضـ ـ ـ ــخمة.
( ،) Confidence intervalأي حجم الخطــأ الــذي يسـ ـ ـ ــتعــد البــاحــث لقبولــه في نتــائجــه
(عـادة %0 -/+ :من مجموع المبحوثين يتفقون مع نتـائ العينـة) ،وبـالطبع ،فـإنه كلما
زادت نس ـ ـ ـ ـبــة الخطــأ المقبول قلــت دقــة النتــائ )3 .اختيــار قيمــة "مسـ ـ ـ ــتوى الثق ــة"
( )Confidence levelالمرتبط ارتبـاطـا وثيقـا بمجـال الثقة (هامش الخطأ) وهو يقيس
درجــة اليقين من حيــث مــدى تمثيــل العينــة للمجتمع المسـ ـ ـ ــتهـدف ،مع احترام هــامش
الخطـأ املحـدد؛ أي أن اختيـار مسـ ـ ـ ــتوى ثقة %00مثال -المسـ ـ ـ ــتخدمة عادة في العلوم
اإلنسـ ـ ـ ــانية -أو 00أو ،%00يتيح لك القول بأنك متأكد بنسـ ـ ـ ــبة %00من أن النتائ
ً
التي حص ـ ـ ـ ـل ــت عليه ــا تحترم ه ــامش الخط ــأ ال ــذي اخترت ــه سـ ـ ـ ـ ــابق ــا )0 .تح ــدي ــد قيم ــة
"االنحراف المعياري" (- )Standard of deviationأو القيمة المعيارية "ب" ( ،-)Pوهو
يشـ ـ ـ ــير إلى مقـدار التبـاين المتوقع بين إجـابـات المبحوثين ،والـذي يحدد قيمته معظم
الباحثين ب ـ ـ ـ ـ ـ - )٪00( 0.0كأســوأ ســيناريو -لوصــف قيمة تضــمن أن العينة املحس ــوبة
س ـ ـ ــتكون كبيرة بما يكفي لتمثيل عموم املجتمع بدقة ما دامت القيم "ض ـ ـ ــمن" هامش
الثقة ومس ــتواها املختارين في نفس الوقت )0 .تحديد القيمة "ز" ( )Z-scoreأو القيمة
ً
تلقائيا عند اختيار مسـ ـ ـ ــتوى الثقة؛ فمثال، المعيـاريـة ،وهي قيمـة ثـابتـة يتم تحـديـدهـا
تقابل مس ــتوى الثقة ٪00القيمة "ز" 0.000 :والمسـ ــتوى " ٪00ز" 0.00 :والمسـ ــتوى
" ٪00ز"( ... 0.00 :انظر الجداول اإلحصائية الخاصة بذلك).
ومن المعادالت المستخدمة لحساب حجم العينة:
أوال) المعادالت التي تفترض أن حجم املجتمع معروف.
-المعادلة القياسية (:)WikiHow, July 2023( )Standard
] .n = [z2 * p(1-p)] / e2 / 1 + [z2 * p(1-p)] / e2 * Nبحيث:
ن صغيرة ( = )nحجم العينة ،ن كبيرة ( = )Nحجم املجتمع،
ب ( = )Pاالحتمال/االنحراف المعياري ،خ ( )eأو ( = )dهامش الخطأ.
-أو المعادالت المش ـ ــابهة لها لكل من" :أركن"" ،طومس ـ ــون"" ،غيغر"( ...رقاني:
.)2122
ً
كبيرا ج ـ ــدا أو مجهوال ،فيمكن ث ـ ــانـي ـ ــا) في ح ـ ــال ـ ــة كون حجم مجتمع البح ـ ــث ً
اســتخدام صــيغة ثانوية (مشــهورة باســم معادلة "فيشــر") ،باســتخدام قيم المتغيرات
المتبقية ،حيث يكون حجم العينة يســاوي= .[z2 * p(1-p)] / e2أي( :ز) × 0االنحراف
المعياري × ( - 0االنحراف المعياري)( /هامش الخطأ).0
ثالثا) في حالة تعذر حسـ ـ ــاب االنحراف المعياري و /أو مسـ ـ ــتوى الثقة ،فيمكن
استخدام المعادلة العامة -واألقل دقة -ل ـ "سلوفين" (،n = N / (1 + N*e2) :)Slovin
أو لـ ـ ـ ـ "تارو أو يارو يامان" (- ، n= N/ (1+N (e) 2) :)Yamaneالمتطابقتين -مع اإلشارة
إلى أن األسبقية يبدو أنها كانت ل ـ ـ ـ ـ "سلوفين" ،1311 :والذيوع ل ـ ـ ـ ـ "يامان" ،1315 :تبعا
لتاريخ منشورإهما).
رابعا) معادلة "كراي ـ ـ ي ومورغن" ( )krejcie & morganصـ ــاحبي الجدول (رقم
)11المشهور:
بحيــث X2 :ترمز إلى مربع كـ ـاي عنــد درجــة الحريــة 0ومسـ ـ ـ ــتوى الــداللــة )٪38( 1.8
(بقية الرموز سبق ذكرها).
وتجدر اإلشـ ــارة هنا إلى أن كل المعادالت اإلحصـ ــائية -سـ ــابقة الذكر -الخاصـ ــة
بتحديد حجم العينة العش ـ ــوائية تفض ـ ـ ي إلى نفس األحجام العينتية تقريبا الواردة في
الجدول (رقم ،)12مما قد يكون مدعاة إلى االكتفاء باالس ـ ــتعمال المباش ـ ــر ملحتويات
الجــدول –في حــالــة اعتمــاد مسـ ـ ـ ــتوى الثقــة ٪38طبعــا ،-مع تقريــب األحجــام في حــالــة
كون األحجام املجتمعية بينية بين حدين واردين في الجدول.
الجدول رقم :42حجم عينة املجتمعات التي يتراوح حجمها ما بين عشرمفردات ومليون
مفردة تبعا لكل من "كرايش ي ومورغن" ()krejcie and morgan
مالحظة :إن "ن" كبيرة (=)Nحجم املجتمع ،و"ن" ص ـ ـ ــغيرة (=)nحجم العينة ،وإن
أحجام العينة تتطابق مع تلك الناتجة عن اسـ ـ ـ ــتخدام معظم المعادالت اإلحصـ ـ ـ ــائية
الخاص ـ ــة بحس ـ ــاب حجم العينة عند مس ـ ــتوى الثقة .٪38مع اإلش ـ ــارة إلى أنه إذا كان
حجم املجتمع أقل من 11فيستعمل المسح الشامل (العينة = املجتمع) ،وأما إذا كان
يفوق المليون فحجم العينة يبق ثابتا عند العدد .352
وفي سـ ـ ـ ــياق هذه المالحظة ،نشـ ـ ـ ــير إلى بعض التحفظات حول حسـ ـ ـ ــاب حجم
العينة إحصائيا:
-اعتمـاد كـل المعـادالت على تقــديرات تقريبيـة ـ ـ ـ ــخص ـ ـ ـ ـيـة ،بـاسـ ـ ـ ــتثنـاء حجم
املجتمع غير التقديري في حالة كونه معروفا.
-وجود حد أقص ـ ـ ـ ى -تس ـ ـ ــقيف عددي -لعملية التحجيم العيني مهما زاد حجم
مجتمع البحث.
ُ
-قــد توصـ ـ ـ ــلنــا هــذه المعــادالت إلى عــدد عيني كبير غير منطقي في حــالــة تطبيق
المعادلة الخاصــة بمجتمع صــغير أو متوس ــط الحجم لكنه مجهول الحدود (قد يكون
حجم العينة أكبر من حجم املجتمع أصـ ـ ــال ،لكون المعادلة في هذه الحالة تقدم الحد
األقص ى املحتمل لحجم العينة).
-كمــا قــد توصـ ـ ـ ــلنــا هــذه المعــادالت إلى عــدد عيني صـ ـ ـ ــغير غير منطقي في حــالــة
اس ـ ـ ــتخدامها في حس ـ ـ ــاب العينة العنقودية ،ومثال ذلك مجتمع متكون من 21ثانوية
و 15111تلميــذ تم تقسـ ـ ـ ــيمــه إلى عنــاقيــد ("أنواع من الثــانويــات") وأردنــا معرفــة عــدد
العناقيد (الثانويات) املختارة بقسـ ـ ــمة العينة –املحس ـ ـ ــوبة إحص ـ ـ ــائيا -على متوس ـ ـ ـط
العنقود (متوسـ ـ ـ ــط عــدد التالميــذ في كــل ثــانويــة ،)281 :س ـ ـ ـ ـيكون حجم العينــة355 :
تلميذا ،وللحصـ ـ ــول على عدد العناقيد (الثانويات) نقسـ ـ ـم العينة على متوسـ ـ ــط عدد
التالميذ في كل ثانوية الذي متوســطه في مثالنا 281فنحصــل على ثانوية واحدة (كانت
النتيجة ،)1.5فهل من المنطقي اختيار ثانوية واحدة لتمثل أربعين ثانوية؟
-قد تكون العملية اإلحص ـ ــائية غير ض ـ ــرورية ومض ـ ــيعة للوقت ،في حالة وجود
بحوث سـ ـ ـ ــابقة تكررت نتائجها رغم رفع عدد مفردات عينتها ،وهو ما تم إثباته مثال في
تحليـل محتوى الصـ ـ ـ ــحف الــذي ال يتطلـب أكنر من عينـة 12عـددا (جريـدة يوميـة) في
السـنة -بدال من حوالي 151عددا ،تبعا للمعادالت الرياضية ،من أصل ،-318وهو ما
يزيـد من أهميـة قيمــة النسـ ـ ـ ــب التقريبيـة -مــا بين 8و ٪21المشـ ـ ـ ــار إليهــا سـ ـ ـ ــابقـا -التي
توصـ ي بها بعض المراجع باالعتماد على البحوث السـابقة في مجال العلوم اإلنسانية-.
وأخيرا ،نؤكــد مــا قلنــاه في مطلع هــذا المبحــث حول كون التحــديــد اإلحص ـ ـ ـ ــائي لحجم
العينة العش ــوائية ال يجلب فقط إلى العينة المفردات المتوس ــطة من املجتمع ،ولكن
أيض ـ ــا بعض المفردات غير العادية أو االس ـ ــتثنائية غير الممثلة ،نتيجة عدم معرفتنا
القبلية بدرجة تباين المتغيرات ووزن كل منها داخل مجتمع البحث ولمدى انس ـ ـ ــجامه
من حيـث خصـ ـ ـ ــائص مفرداتـه ،وهو معيـار مهم في تحـديـد حجم العينـة ،ألنـه كلما زاد
انس ـ ـ ـ ـجـام مفردات املجتمع -قـل تبـاين متغيراتهـا -قـل حجم العينـة والعكس بالعكس،
والمعادالت اإلحصائية ال تراعي ذلك.
الكيفية وكبيرة الحجم بالبحوث الكمية .فهو تمثيل مبس ـ ـ ــط ومض ـ ـ ــلل .ألن في الواقع،
قــد تكون الظروف مالئمــة السـ ـ ـ ــتخــدام عينــات صـ ـ ـ ــغيرة في البحــث الكمي ،في حين أن
هناك مناس ـ ــبات يبرر فيها اس ـ ــتخدام عينات كبيرة في البحث الكيفي ( Onwuegbuzie
.)& Collins, 2007, p. 282
وفي األخير ،نق ـ ــدم م ـ ــا عرضـ ـ ـ ـ ـ ــه "أونيوغبوزي وكولينس" ( & Onwuegbuzie
) Collins, 2007, pp. 288-289في مقـ ــالهمـ ــا من مقترحـ ــات لتحـ ــديـ ــد أحجـ ــام عينيـ ـة
ملختلف التصـ ـ ـ ــميمــات البحثيــة ،معتمــدين في ذلــك على مــا ذكره "س ـ ـ ـ ــانــدلوفسـ ـ ـ ــكي"
( ،)Sandelowski, 1995حول إمكـ ــانيـ ــة تحـ ــديـ ــد أحجـ ــام العينـ ــات كميـ ــا في البحوث
الكيفيــة أيض ـ ـ ـ ــا .فهو يعتبر أن من المفــاهيم الخــاط ــة الش ـ ـ ـ ـائعــة حول المعــاينــات في
البحث الكيفي هي أن األرقام غير مهمة في ضـ ـ ـ ــمان كفاية اسـ ـ ـ ــتراتيجية المعاينة (ص.
.)153ول ـ ذل ــك ،فق ــد ق ــدم بعض أخصـ ـ ـ ـ ــائيي المنهجي ــة المب ــادئ التوجيهي ــة الختي ــار
العينــات في البحوث الكيفيــة على أس ـ ـ ـ ــاس :تصـ ـ ـ ــميم البحــث (مثــل :دراس ـ ـ ـ ــة الحــالــة
واالثنوغرافيا والظاهراتية والنظرية المتجذرة) ،تصــميم المعاينة (أي تصــميم معاينة
مجموعة فرعية ،تصـ ـ ــميم معاينة متداخلة) ،أو أدوات جمع البيانات (أي المقابلة أو
مجموعة التركيز/النقاش .)-Focus group-وقد وردت هذه المبادئ التوجيهية ملخصة
في الجدول (رقم )13الموالي.
الجدول رقم : 47مقترحات للحجم العيني األدنى ألك رتصميمات البحوث الكمية والكيفية ذيوعا
) (7بالنسبة للتصاميم العالئقية ،السببية-المقارنة والتجريبية ،تمثل أحجام العينة المقترحة تلك
الضرورية للحصول على متوسط (باستخدام معيار )Cohen, 1988 :عالقة ذات داللة إحصائية وحيدة
الطرف أو تباين بقوة 1.51عند مستوى الداللة .٪8
محتوى صحيفة مثل "نيويورك تايمز أون الين" التي تم تحليل محتوى موقعها بكفاءة
من خالل هذا العدد العينتي.
ومن جهة أخرى ،وفي حالة تحليل محتوى الصحافة اإللكترونية "السائل" وذي
املحتوى سريع التغير ،وأردنا معرفة طبيعة التغير المرتبط بـ "آنية وتحديث محتوى"،
فإنه يمكن االكتفاء بتحليل األشكال املختلفة للمحتوى في الجزء العلوي من عنوان
الصفحة الرئيسة -وليس لكل املحتويات -ألن هذا الجزء يدل على عملية اتخاذ القرار
ونظرا ألنه يتم تحديث املحتوى بشكل مستمر ً التحريري للصحف عبر اإلنترنت.
وفوري وبالتالي بشكل غير منتظم ،يمكن مثال أخذ لقطة واحدة ( Screenshot/
)Capture d’écran-fr-من الصفحة األولى كل ساعة -لتمثيل املحتوى اإللكتروني في
دورة مدتها 00ساعة أو فترة عمل القائم باالتصال يوميا -طيلة ستة أيام متتالية أو
أكنر (عينة األيام المتتالية) أو أسبوع واحد يتم اختياره عشوائيا أو قصديا (ممثال
لسنة طبعا) ،على افتراض أن لقطة واحدة كل ساعة ستكون شاملة وكافية الكتشاف
وتيرة تغير املحتوى اإللكتروني .ومن المؤدين لصالحية مثل هذه المدد القصيرة الثنائي
( ،)Xiaopeng & Riffe, 2010مدعمين موقفهما بعدة بحوث تحليلية لمواقع صحافية
عملت بما يشبه ذلك.
) (8من هذه المستويات أو التصنيفات الكلية ما أورده "طوريكو" (:)Torrico, 1997, pp. 62-63
-المناهج النظرية :هي التي تعتمد على العمل المنطقي و/أو التصوري ،مثل التجريد واالستنباط
واالستقراء والمقارنة والتحليل .وهي عبارة عن عمليات فكرية تسمح بتنظيم إجراءات البحث وكذا بتنسيق
المعلومات املجمعة وتعميم النتائ (صياغتها في شكل مفاهيم عامة).
-المناهج اإلمبريقية :هي التي تعتمد على التماس أو على معالجة أشياء ملموسة ،مثل المناهج التي
تقوم على المالحظة والتجريب والقياس .وهي تعتمد على إجراءات تطبيقية مفيدة في جمع البيانات.
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
197
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
… ،)Bhattacherjee, 2012, p. 73( )research methodوهو مــا ق ــد يالح في بعض
محطــات التغطيــة المعرفيــة للمنــاهج الواردة في هــذا المبحــث ،وخــاص ـ ـ ـ ــة منهــا المنهج
التجريبي .إن هذا التبادل في التس ــمية (أنواع البحوث /أنواع المناهج) قد يرجع إلى أن
العديد من محتويات مبحث المناهج تتقاطع مع محتويات عنصر سابق خاص بأنواع
البحوث والتي تم وسـمها بالبحوث :الوصفية ،التاريخية ،التجريبية ...على غرار معظم
أنواع المنــاهج .ولهــذا يفض ـ ـ ـ ــل البعض في تحرير األعمــال األكــاديميــة االكتفــاء بــذكر
أح ــدهم ــا :نوع البح ــث أو نوع المنهج المعتم ــد أو دمجهم ــا في عب ــارة واح ــدة (من ــاهج
البح ــث ،)...مع اإلش ـ ـ ـ ـ ــارة إلى أن البعض اآلخر يسـ ـ ـ ــتغني عن كليهم ــا ب ــذكر أداة جمع
البيـانـات (االسـ ـ ـ ــتبيـان ،المالحظـة )...مسـ ـ ـ ــميا إياها "منهجا" ( ،)Methodوتكون حينها
التفرقــة بينهمــا بــالمض ـ ـ ـ ــاف إليهمــا :منهج "بحــث" (المسـ ـ ـ ــح )...ومنهج "جمع البيــانــات"
(المالحظـة .)...كمــا قــد يفضـ ـ ـ ــل البعض الثــالــث الجمع بينهمـا في صـ ـ ـ ــيغــة متتــاليــة (نوع
البحث ثم نوع المنهج) ،على اعتبار أن بعض أنواع البحوث أوســع من أنواع المناهج،
فمثال قـد نجـد من يجعـل للبحوث الوصـ ـ ـ ــفيـة عدة أنواع من المناهج (منهج المسـ ـ ـ ــح
االجتمـاعي ،المنهج االرتبـاطي /العالئقي ،منهج دراسـ ـ ـ ــة الحـالـة "الكيفي" ،)...وللبحوث
التجريبيــة عــدة أنواع من المنــاهج (منــاهج األحكــام ،منــاهج زمن الرجع ،منهج االنتبــاه
البصري -في اللسانيات النفسية ،-المنهج التجريبي والمنهج شبه التجريبي.)...
ـدءا ب ــأكنره ــا تمثيال للبع ــد المنهجي وفيم ــا يلي عرض بعض المن ــاهج الكمي ــة ب ـ ً
الكمي.
.2.4.2.7أمثلة تطبيقية
°من أمثلة هذه البحوث التجريبية في أحد فروع العلوم االجتماعية (علم
االجتماع التربوي) ،ما يأتي :يريد فريق مركز بحث وطني اختبار فعالية برنام عمل
إهدف إلى الحد من التغيب عن المدرسة في األسر التي لدإها أطفال يتغيبون كثيرا.
ولتنفيذ البحث ،تقرر العمل مع عدد كبير من العائالت مع األخذ بعين االعتبار
شرطين :يتم تنفيذ البرنام الجديد على املجموعة التجريبية ،في حين يتم تطبيق
البرنام الذي كان قيد االستخدام في السنوات السابقة على املجموعة الضابطة.
ولضمان الصدق الداخلي ،يفترض أن كال املجموعتين متكاف تان .ولضمان هذا
التكافؤ يتم فرض رقابة صارمة على املجموعتين ،بحيث يتم تشكيلهما مع األخذ بعين
االعتبار الضوابط اآلتية :أن ال تكون أي أسرة قد مورس عليها أي تدخل ضد التغيب
عن المدرسة ،وأن تكون املجموعتان متطابقتين وفقا لخاصية "الغياب" ،والتي
ستتخذ من أجلها إجراءات االختبار القبلي (متوسط الغيابات في أول ثالثي من السنة
الدراسية) ،كما سيتم مطابقة العائالت في كال املجموعتين وفقا للمتغيرات اآلتية :عدد
األطفال والجنس والمستوى التعليمي (مستويا رياض األطفال واالبتدائي) ومستوى
الدخل العائلي ومستوى تعليم اآلباء واألمهات والمنطقة الجغرافية على المستوى
الوطني وطبيعة ملكية المدرسة (عمومية /خاصة).
بعد اختيار مجموع األسر ،يتم اختيار من بينها 111أسرة بشكل عشوائي لتوزع
بشكل عشوائي أيضا 81أسرة على كل مجموعة من املجموعتين .ثم يتم تنفيذ
البرنامجين طيلة الثالثي الثاني من السنة الدراسية على املجموعتين من قبل مهنيين
مدربين في كل منهما ،والذين يتم اختيارهم وتوزيعهم عليهما عشوائيا أيضا.
وفي نهاية الثالثي الثاني من العام الدراس ي ،يتم مرة أخرى حساب متوسط
الغيابات لكل أسرة ،بحيث نحصل على المعدل العام لكال املجموعتين .وإذا كان عدد
غيابات املجموعة التجريبية أقل بكثير (فرق دال إحصائيا) ،يمكن أن نستنت أن
برنام املجموعة التجريبية هو أكنر فعالية ،وبالتالي هو سبب انخفاض التغيب عن
المدرسة.
°وفي املجال التربوي االستراتيجي دائما ،يمكن استخدام المنهج التجريبي للتأكد
من تأثير طريقتين لتدريس مادة التاريخ ملجموعتين من أطفال الصف السادس مثال،
والتحكم في حجم الفصل ومستوى ذكاء األطفال ،وتعيين المعلمين والطلبة بشكل
عشوائي ملجموعتين :الضابطة والتجريبية.)Monje-Álvarez, 2011, p. 105( ...
°في مجال االتصال ،هناك تجربة قام بها الثالثي ( Bryant, Carveth et Brown,
( )1981انظر ،)Laramée & Vallée, 2005, pp. 282-290:فقارنوا فيها بين تأثير
المشاهدة القوية والمشاهدة الضعيفة على القلق ،حيث تم تعريض مجموعتين من
طلبة االتصال تتميزان بفارق كبير في مستوى القلق ،لمشاهدة التلفزيون ،إحداهما
لفترات قصيرة (مشاهدة ضعيفة) والثانية لفترات طويلة (مشاهدة قوية) خالل ستة
أسابيع .ثم تم تقسيم هذه املجموعة األخيرة إلى مجموعتين فرعيتين :مجموعة تشاهد
بانتظام عدد كبير من حصص المغامرات ذات النهاية السعيدة التي ينتصر فيها الخير
والعدالة ،ومجموعة ثانية تتعرض لحجم المشاهدة نفسه من حصص المغامرات
لكن هذه األخيرة تكون محرضة على الظلم (عدم معاقبة الجرائم وانتصار األشرار على
الخيريين).
وللتحقق من هذه الفرضية توقع الباحثون أنه من بين املجموعات الثالث
المعرضة لمشاهدة التلفزيون (فوج ضعيف المشاهدة التلفزيونية ،وفوج قوي
المشاهدة أين ينتصر العدل وفوج قوي المشاهدة أين ينتصر الظلم) ،فإن هذه
املجموعة األخيرة التي ينتصر فيها الظلم هي التي ينبتي أن تثير ،بعد التعرض ،أعلى
معدل من القلق .نشير إلى أنه تم تقسيم كل واحدة من املجموعات الثالث السابقة إلى
مجموعتين فرعيتين (قلق ضعيف وقلق قوي قبل المشاهدة) ليصبح لدينا ست
مجموعات.
يشتمل هذه التصميم التجريبي على ثالثة متغيرات مستقلة :مستوى القلق
القبلي (ضعيف ،قوي) ،وكمية التعرض للمشاهدة (ضعيفة ،قوية) ،ونوع املحتوى
(العدالة تنتصر ،الظلم ينتصر).
افترض الباحثون أن التعرض القوي للتلفزيون يسبب قلقا أقوى من التعرض
الضعيف .وأن وصف محتوى ينتصر فيه الظلم يقدم عالما قلقا أكنر من وصف
محتوى تنتصر فيه العدالة .وهو ما يبرر افتراض "أن األفراد الذين يتعرضون كثيرا
ملحتوى ينتصر فيه الظلم سيصبحون أكنر قلقا".
أما بالنسبة لمسألة تجنيد المبحوثين ،فقد تم اختيار تسعين طالبا ،تم توزيعهم
عشوائيا على املجموعات التجريبية املختلفة مع احترام نسبة اإلناث إلى الذكور،
واشتراط تعرض أفراد املجموعات ذات المشاهدة القوية لمشاهدة ثالثين ساعة
تلفزيونية.
وأما بالنسبة لكيفية اختيار البرام فقد تم توظيف ثالثين طالبا للقيام
باختيارها من بين المواد التلفزيونية التي ُعرضت في الشبكة الشتوية لقناة تلفزيونية
وطنية .وطلب منهم مراعاة المعايير اآلتية :فيما يخص املجموعة التي تنتصر فيها
العدالة ،تشمل البرام التي ال يظل فيها أبدا أكنر من خرق واحد للقانون دون عقاب.
بالنسبة للمجموعة التي ينتصر فيها الظلم كان يجب اختيار البرام التي تحتوي على
غالبية من الجرائم املختلفة التي لم ُيعاقب عليها أبدا .تم توزيع هؤالء الطلبة إلى فرق
مكونة من ثالثة طلبة على أن يتفق كل فريق ،باإلجماع وباقتراع سري ،على أن املحتوى
يلبي المعايير المطلوبة ،وإذا حدث ذلك يتم اعتماد البرنام للتجربة ،وإال فال.
وأما بالنسبة لالستبيان ،فقد تم اختيار المبحوثين التسعين من الطلبة ليوزع
عليهم استبيان يتضمن الصفات واالهتمامات الشخصية .كما تم إعالمهم بأن
اإلجابات على بعض األس لة سيوظفها األستاذ في ضبط طريقته البيداغوجية وأن
محاور أخرى من االستبيان ستوظف في مشاريع أبحاث أخرى للقسم .أدرج الباحثون
عناصر مقياس القلق داخل هذا االستبيان ،لتستخدم في االحتفاد بالطلبة الذين
تحصلوا على درجة قلق ضعيف وكذا الذين تحصلوا على درجة قلق قوي ،للمشاركة
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
205
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
في التجربة التي برمجت لالنطالق الحقا في ظرف ثالثة أسابيع .لم يتم إطالع الطلبة على
الهدف من التجربة وال على أنه تم تقييمهم على سلم مقياس القلق.
تم إعالم املختارين للتجربة بأنهم سيشاركون في مشروع بحث إهدف إلى قياس
عالقة تغير القيم الجمالية بمدى التعرض لمضامين تلفزيونية .كما أخبر بعضهم بأنه
لن يتعرض لمشاهدة التلفزيون أكنر من ساعتين يوميا والبعض اآلخر بأنه سيتعرض
ألربع ساعات يوميا .كما طلب من المبحوثين تقييم كل البرام من خالل سلم يتكون
من خمس نقاط تبعا لمعايير مثل :االهتمام والطابع المثير للمحتوى والطابع الجمالي
للبرنام وكذا طابعه التثقيفي التعليمي .وفي النهاية وقع المبحوثون ،على وثيقة
االتفاق ،كما عين لهم مكان وموعد مشاهدة البرام .أما مدة التجربة فحددت بستة
أسابيع.
وفي نهاية فترة المشاهدة التلفزيونية ،عرض على الطلبة ملء استبيان تكميلي
أكنر تفصيال ويحتوي على عناصر خاصة بسلم قياس القلق ،وهي العناصر نفسها التي
قدمت لهم منذ تسعة أسابيع خلت ،أي ثالثة أسابيع قبل انطالق التجربة.
إن المتغير التابع ،أي ما يقاس خالل التجربة ،هو الفرق بين مستوى القلق قبل
مشاهدة البرام التلفزيونية وبعدها .كما تمت إضافة ثالثة متغيرات تابعة قدمت في
شكل ثالث أس لة دست في االستبيان .وفيما يلي األس لة الثالثة:
.0إلى أي مدى تعتقدون أنكم ستكونون في يوم ما ضحية عمل عنيف؟
.0هل تتخوفون من التعرض يوما ما ألضرار بسبب القيام بعمل عنيف؟
.0لو كنتم ضحية عمل عنيف في يوم ما ،فهل تتصورون بأنه سيتم معاقبة
الجاني؟
وبعد تفري البيانات وتحديد مجموعة القيم الكمية (كارتفاع مستوى القلق بعد
حصة المشاهدة ،ومعدالت إجابات كل فريق على األس لة على سلم ذي 00نقاط)،
وجد الباحثون أن الفرضية تم تأكيدها ،وهذا يعني أن المشاهدة الكثيفة للبرام التي
ينتصر فيها الظلم ترفع من مستوى القلق عند الذين كان لدإهم مستوى القلق ضعيفا
قبل التجربة ،مع ارتفاع أكنر في مستوى القلق لدى الف ة التي كانت تعاني من قبل من
نسبة مرتفعة من القلق .كما تم إثبات أن المشاهدة القوية للبرام التي ينتصر فيها
ً
الظلم يزيد من مستوى القلق ،واإليمان بإمكانية الوقوع ضحية للعنف ،والخوف من
األذى ،واحتمال عدم تقديم المعتدي إلى العدالة.
وفيما يخص التحكم التجريبي المتعلق بالمبحوثين فلم يتم التصريح لهم
باألهداف الحقيقية للبحث ،بغية تجنب ظهور عوامل طفيلية من شأنها اإلخالل
بالنتائ الموضوعية للتجربة ،ولكن هذا التضليل يتعارض مع أخالقيات البحث
العلمي .وينت عن ذلك معضلة يكمن حلها في المفاضلة المستنيرة (باستشارة هي ات
علمية) بين واجب تطوير المعرفة (الفوائد) وواجب احترام حقوق المبحوثين
(التكاليف) .وفي حالة عدم التوافق أو كون الوضع غير واضح ،يجب إعطاء األولوية
لحقوق المبحوثين.
°مثال آخر تقليدي حول أثر وسائل االتصال في السلوكيات العنيفة :على سبيل
المثال ،ممارسة بعض األطفال "لعبة فيديو عنيفة" أو "لعبة فيديو غير عنيفة" لمدة
21دقيقة كمتغير مستقل ،ويكون المتغير التابع هو التفكير العدواني أو كمية
"الكورتيزول" اللعابي… بعد انتهاء فترة اللعب التي يكون فيها اختيار المشاركين لنوع
اللعبة عشوائيا .وفي حالة استهداف التفكير العدواني ،يقترح عليهم ملء الحروف
المفقودة ألجزاء عديدة من الكلمات ،والتي يمكن إكمال بعضها لتكوين كلمة مرتبطة
بالعدوانية أو كلمة غير مرتبطة بالعدوانية .على سبيل المثال ،يمكن أن تكون الكلمة
الثالثية "_ _ف" إما "عطف" أو "عنف" ،والكلمة الثالثية "قـ_ل" إما "قبل" أو َ
"قتل"…
(باإلنجليزية )“ki_ _” can become either “kiss” or “kill” :وتكون نسبة جميع
الكلمات المكتملة التي تستخدم الخيار العدواني هي مقياس لمدى تفكير المشاركين
ً
مؤخرا في أفكار عدوانية (.)Denson & Anderson, 2023, p. 334
°ويمكن إضافة أمثلة أخرى ،ومنها ،المثال الذي سبق ذكره في مقدمة هذا
المبحث حول أثر وتيرة مقاطعة املحادثات على نوعية استجابات المعنيين بها .أو حول
مقارنة نتائ التعلم لنوعين مختلفين من طرق التعليم (حضوريا في الفصل وعبر
اإلنترنت) مع الرغبة في معرفة ما إذا كانت تأثيراتهما تختلف باختالف مدة التدريس
( 1.8أو 3ساعات لكل أسبوع) ،وفي هذه الحالة ،يكون لدينا متغيران مستقالن :نوع
التدريس ومدته (.)Bhattacherjee, 2012, p. 87
حول تجارب سابقة هو مطالبة المشاركين بالتوقيع على بيان يتعهدون فيه بالحفاد
على سرية تجربتهم السابقة .الحالة الثانية هي "خصائص الطلب" أو مجموع اإلشارات
التي تنقل إلى المشاركين من طرف الباحث والتي يمكن أن توجه المشاركين إلى
التصرف بطريقة متسقة أو غير متسقة مع فرضيات البحث ،وهناك أمثلة واقعية
ً
عمدا في بحوث ألعاب الفيديو (انظر مثال على كيفية قيام المشاركين بتشويه النتائ
بحث ،)Bender et al., 2013 :مما يؤثر على نوعية الصدق الداخلي ،بحيث ال يمكن
تأكيد إرجاع سلوكيات المشاركين إلى المتغير المستقل المستعمل في التجربة .كما
أيضا الصدق الداخلي ،ويحدث ذلك عندما يكافئ يمكن أن تهدد تأثيرات التوقع ً
لفظيا أو غير ً
لفظيا بطريقة تتفق مع النتائ المرجوة ،بينما األصل الباحث المشاركين ً
أن تكون المكافأة بمنأى عن الفرضية التجريبية ولو أدى ذلك أحيانا إلى عدم إعالم
المشاركين باألهداف الحقيقية للبحث ،وفي حالة وجود مشاركين مدركين ل هداف
الحقيقية للبحث (على سبيل المثال ،من خالل الحديث المتبادل) أو الذين أصبحوا
على علم بها أثناء التجربة ،يقدم البعض ( )Nichols & Edlund, 2015اقتراحات
لمواجهة ذلك بتحديد المشاركين المشبوهين ،وعدم معاقبتهم ،بل محاولة تحسين
العالقة معهم ودعم إحساسهم بانتمااهم للتجربة وتسليط الضوء على أهمية البحث
للمجتمع .فمثل هذه اإلجراءات تعزز بشكل كبير الصدق الداخلي للبحوث التجريبية.
ُ
"شبه التجريبية" تستخدم عموما عندما ال يمكن القيام بالتعيين العشوائي لمفردات
مجموعات البحث التي ستخضع للتجربة (انعدام الصدق الداخلي) .وهي تجمع حسب
البعض بين خصائص "ما قبل التجريبي" ،ومنها" :تصميم المقارنة للمجموعة الثابتة"
(استخدام مجموعتين تتعرضان الختبار بعدي وفي الوقت نفسه دون أن يكون هناك
اختبار قبلي مع عدم توزيع أفراد العينة بشكل عشوائي) ،و"تصميم املجموعة
الضابطة غير المتكاف ة" (يتضمن اختبار قبلي لكلتا املجموعتين بغية الكشف عن
ُ
تأثير متغيرين أو أكنر من المتغيرات المستقلة -كال على حدة -والتفاعل بينها على
المتغير التابع).
وفي سياق تميز المنهج التجريبي في كيفية اختيار املجموعتين التجريبية
والضابطة ،تجدر اإلشارة هنا إلى أن البعض يفضل تسمية املجموعة الضابطة
(- )Control groupاملختارة بطريقة غير عشوائية -المستعملة في البحوث شبه
التجريبية باملجموعة المقارنة ( )Comparison groupأو الطبيعية -غير المدربة -نظرا
لكونها مجموعة جاهزة (تم تشكيلها مسبقا من طرف الغير) ( Rogers & Revesz, 2019,
.)pp. 141
فمن أهم صفات البحث شبه التجريبي أنه يكون مناسبا في المواقف الطبيعية
التي ال يمكن التحكم في جميع متغيراتها المهمة ألسباب تقنية أو أخالقية ،الخ .ولذلك،
فهو يختلف عن البحث التجريبي من حيث درجة أو شدة التجريب فقط ،ألنه ال يتم
تلبية جميع مطالب البحوث التجريبية ،وخاصة فيما يتعلق بالتحكم في المتغيرات
(ضعف الصدق الداخلي) .ومع ذلك ،ال ينبتي إغفال البحوث شبه التجريبية ذات
الصدق الداخلي الناقص ألنها قد تكون مفيدة في بعض األحيان في ظل ظروف معينة
وحاالت تجريبية طارئة ( .)Bhattacherjee, 2012, p. 92وبالنسبة ل سباب األخالقية،
فباإلضافة إلى بعض الحاالت التي تم ذكرها سابقا عند الحديث عن مشكالت
وتحديات المنهج التجريبي :اختبار مدى تأثير تعرض األطفال لممارسات عنصرية
سلبية بشكل يومي على تعاطيهم للمخدرات عندما يكونوا بالغين ،أو اختبار الضرر
الذي قد يلحق ببعض األطفال بعد جعلهم يكبروا في ظروف تزيد من تعرضهم لوسائل
الترفيه العنيفة… فقد يكون أحيانا من غير األخال ي التعامل مع بعض المتغيرات
األخرى؛ على سبيل المثال ،ال يمكن للبحوث التي تختبر واقعيا تأثير متغير حمل
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
211
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
السالح في المدارس من عدمه ،من خالل تعيين المشاركين بشكل عشوائي ،أو اختبار
تأثير تلقيح "كورونا" على عينة عشوائية أو اختبار أثر الطالق على األطفال (تطليق
األزواج لمدة معتبرة؟) ...لذلك قد يفضل الباحثون استخدام المنهج شبه التجريبي
الختبار فرضياتهم ( ،)Denson & Anderson, 2023, pp. 345, 351أو االكتفاء ببحوث
طولية شاملة باستخدام المنهج التجميعي مثال.
مقارنة النتائ
المرجع :إعداد شخص ي مبني على معلومات نظرية
المشاركين ،غياب بعض المشاركين بين الفترتين .)...ومع ذلك فإن استخدام هذا
التصميم عدة اختبارات قبلية وبعدية له دور فعال في زيادة الصدق الداخلي للنتائ ،
لكن هذه التعددية والغنى المعلوماتي قد يكونان على حساب الصدق الخارجي
(التعميم).
وتجدر اإلشارة في األخير إلى وجود تصميمات شبه تجريبية أخرى أقل ذيوعا،
ومنها مثال" :التصميم البعدي فقط مع مجموعتين غير متكاف تين" ( Posttest only
،)design with non-equivalent groupsو"تصميم السالسل الزمنية المتقطعة مع
مجموعتين غير متكاف تين" ( Interrupted time-series design with non-equivalent
،)groupsو"تصميم االختبار القبلي واالختبار البعدي مع تكرار تبديلي بين مجموعتين"
( ،)Pretest–posttest design with switching replicationو"تصميم التكرار التبديلي
مع إزالة العالج" (Denny, ( )Switching replication with treatment removal design
…)Denieffe & O’Sullivan, 2023, p. 316ومعظمها يتفرع عن التصميمات األربعة
سابقة الذكر بإضافة مقارنات أخرى تساعد في تحسين بعض شروط الصدق
الداخلي ،وذلك بتنويع المشاركين أو أوقات تعرضهم للمتغير المستقل (العالج) أو
طرق قياس النتائ … مما قد يسمح للباحثين بجعل التصميم يتكيف مع ظروف بحثهم
الخاصة (.)Reichardt, 2019, p. 8
-بحث تأثير برنام معين على قيادة السيارات بشكل صحيح ،مع كون اختيار
األفراد في املجموعتين التجريبية والضابطة ال يتم بشكل عشوائي ،بحيث تحتوي
املجموعة التجريبية على عدد مبال فيه من األ خاص الذين لدإهم دافع قوي لتعلم
القيادة بشكل صحيح ،مما يؤثر على صدقية النتائ .
-تقييم آثار برنام لمنع السلوك المنحرف لدى الشباب الذين تركوا منازلهم،
مع كون املجموعة التجريبية مكونة من شباب متطوعين لمتابعة البرنام ،حيث
سيكون من املحتمل ً
جدا أن تكون النتائ اإليجابية التي يمكن مالحظتها ناتجة عن
"عدم ميلهم" لالنحراف ،وليس بسبب البرنام نفسه ( Monje-Álvarez, 2011, pp.
.)105-107
خاتمة
بــالرغم من جــدوى اسـ ـ ـ ــتخــدام المنهج التجريبي في العلوم اإلنس ـ ـ ـ ــانيــة عموم ــا
والعلوم التربوية والنفسـ ــية خصـ ــوصـ ــا ،تجدر اإلشـ ــارة إلى أن هناك من ال يؤمن أصـ ــال
بإمكانية اس ـ ـ ــتخدامه في العلوم اإلنس ـ ـ ــانية ،ألنه –كما مر معنا في مبحث "مش ـ ـ ــكالت
البحث العلمي في العلوم اإلنسـ ــانية"– مجرد تقليد غير مجد للعلوم الطبيعية بسـ ــبب
طبيعة الظاهرة اإلنسـ ــانية وخص ـ ــوصـ ــيتها المعقدة والنس ـ ــبية والمرنة التي تميزها عن
الظــاهرة الطبيعيــة ...فهي تتــأثر بمتغيرات يص ـ ـ ـ ـعــب التحكم فيهــا أو تحييــدهــا ،كمــا أن
محـاوالت عزل الظـاهرة عن س ـ ـ ـ ـيـاقهـا الطبيعي يؤثر في أوضـ ـ ـ ــاعها وأحوالها ،وقد يكون
فعلهــا غير أخال ي -كمــا مر معنــا ، -بــاإلض ـ ـ ـ ــافــة إلى صـ ـ ـ ــعوبــة تكرار التجربــة ،ألن تكرار
التجرب ــة االجتم ــاعي ــة ،تكرار متنوع ب ــالضـ ـ ـ ــرورة لكون الحي ــاة االجتم ــاعي ــة متنوع ــة
باألساس.
وهو ما اضطر علماء المنهجية بالدعوة إلى االكتفاء بمحاولة تطبيق قدر
المستطاع الصرامة والدقة المميزتين للمنهج التجريبي في التعامل مع الظواهر
االجتماعية ،والبحث عن أساليب بديلة تكون أكنر تواتما مع الظاهرة اإلنسانية
فتوصلوا إلى ما أسموه المنهج "شبه التجريبي" (العساف ،1338 ،ص )312 .بأنواعه
املختلفة سابقة الذكر ،أو إلى إتباع مناهج أخرى تم تطبيقها في العلوم اإلنسانية
حسب طبيعة الموضوع المدروس ،ومنها :المنهج التاريخي ،منهج المسح االجتماعي،
المنهج المقارن...
.2.2.7المنهج المقارن
مقدمة
بــالرغم من أن البعض يرجع االفتراض ـ ـ ـ ــات المعرفيــة األولى الكــامنــة وراء المنهج
المقارن إلى قوانين المنطق االستقرائي ل ـ "جون ستيوارت ميل" التي صاغها في أواسط
القرن التاس ـ ــع عش ـ ــر ( Mill, J. St. (1978). A System of Logic, (8t ed.), 1t. ed.
(9))1843وإلى ما استلهمته من المناهج التجريبية التقليدية (فيما يتعلق بالمقارنة بين
المتغيرات) ،فإن المقارنة لم تصـ ـ ـ ــبح راسـ ـ ـ ــخة كإجراء تحليلي مركزي في مجال العلوم
اإلنس ــانية إال منذ أوائل الس ــبعينيات من القرن العش ــرين .وذلك باالعتماد على بعض
آراء "دوركايم" –الذي اعتبر المقارنة تجريبا غير مباشـ ـ ــر لبحث االرتباطات السـ ـ ــببية،
و"فيبر" ونموذج ــه المث ــالي كمرجع للمق ــارن ــة ،و"كون ــت" و"سـ ـ ـ ــبنسـ ـ ـ ــر" وغيرهم ــا ممن
اهتموا ببحــث عوامــل تطور املجتمعــات فجمعوا –على غرار ابن خلــدون -بين المنهج
التاريخي والمنهج المقارن (لموالدي ،2115 ،ص.)351 .
تعتبر المقارنة تقليديا في األدبيات الفكرية المتخصصة األداة المناسبة عندما
ال يمكن اختبار موضوع التحليل تجريبيا أو في الظروف التي يكون فيها عدد الحاالت
قيد البحث صغيرا جدا بحيث ال يسمح باستخدام التحليل اإلحصائي واالرتباطات
النسبية ،حيث يتم االكتفاء باكتشاف العالقات بين المتغيرات وليس بقياسها.
وبالتالي ،تعتبر المقارنة مقاربة منهجية أو استراتيجية تحليلية ذات أغراض ليست
فقط وصفية ،بل عالئقية أيضا وكبديل عن التجربة في مجال العلوم اإلنسانية
( .)Lijphart, 1971, pp. 683- 684لذلك يصفها البعض بمنهجية "شبه تجريبية"
تختلف من جهة ،عن المنهج التجريبي الفيزيولوجي ،ومن جهة ثانية عن المنهج
التجريبي في العلوم اإلنسانية (علم النفس التجريبي أساسا) ( Curchod, 2003, p.
.)161
) (9يمكن إرجاع أصولها في أدبياتنا اإلسالمية إلى ما يسمى بالفقه المقارن ،والذي يراد به عموما :جمع اآلراء
الفقهية املختلفة على صعيد واحد وتقييمها والموازنة بينها بالتماس أدلتها وترجيح بعضها على بعض .وهو
بهذا المعنى أقرب إلى ما كان يسميه الباحثون من القدام بعلم الخالف أو علم الخالفيات وأصبح يسمى
حاليا باستراتيجيتي التشابه واالختالف في المنهج المقارن .كما تذكر األدبيات المتخصصة استخدامه من
طرف الفيلسوف الفارابي وخاصة العالمة ابن خلدون ،الذي طبقه للكشف عن أوجه التشابه واالختالف
بين الجماعات االجتماعية مثل البدو والحضر (لموالدي ،2115 ،ص.)352 .
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
219
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
علمي ،وهي ال تتطلب بالضرورة استخدام منهج مقارن واضح وملموس الخطوات .بل
إن فكرة "منهج مقارن مستقل" لبحث الظواهر السياسية تبدو عند البعض زائدة عن
الحاجة (Donatella della Porta, ( )Lasswell, 1968, p. 3; Almond, 1970, p. 254
.)2002 ; Lijphart: 1971, p. 682كما يؤخذ على هذا التعميم "التمييعي" عدم
محافظته على استقاللية مختلف المناهج في مجال العلوم اإلنسانية .فإذا كان من
المؤكد في تطبيق العديد من المناهج استعمال المقارنة في مرحلة ما من عملية
التحليل ،فإن األمر يتعلق في هذه الحالة بتشابه إجرائي مبال في أهميته على حساب
أهمية الخصوصيات البحثية ملختلف المناهج .لذلك كثيرا ما ينتقد بعض الخبراء
األعمال األكاديمية (مذكرات ورسائل) التي تدعي استعمال هذا المنهج.
مما يؤدي بنا إلى الحديث عن المقارنة بمعناها المنهجي الصريح ،والتي تسمى
أيضا التحليل المقارن ،فهي تتطلب استخدام منهج أو مناهج خاصةُ ،يلجأ إليها عادة
في العلوم اإلنسانية المقارنة ،والتي تختلف بذلك عن العلوم اإلنسانية غير المقارنة
في توجهاتها وإجراءاتها .ويمكن القول ،بصفة عامة ،أن هذا النوع من التحليل يتمثل
في االستخدام الممنهج للمالحظات المستخرجة من اثنين أو أكنر من الوحدات الكلية
(البلدان واملجتمعات واألنظمة السياسية والمنظمات والثقافات )...أو من مقطعين أو
أكنر من تاريخ مجتمع معين لبحث أوجه التشابه واالختالف ومعرفة أسبابهما
(… .)Smelser, 2003, p. 645; Ariza & Gandini, 2012, p. 500; Colino, 2009وقد
استخدم هذا النوع من التحليل في العلوم اإلنسانية وبنسبة كبيرة جدا في العلوم ُ
السياسية ،وخاصة في إحدى أكبر تخصصاتها الفرعية "السياسة المقارنة"
( (10))Comparative politicsالتي ضمت إلى اسمها اسم المنهج نفسه (.)Colino, 2009
) (10الشائع أن تخصص "السياسة المقارنة" يعتبر أحد أهم املجاالت البحثية في العلوم السياسية إلى
جانب "النظرية السياسية واإلدارة العامة والعالقات الدولية" .وهو إهتم أساسا بالبحوث المقارنة بين
النظم السياسية املختلفة .وتجدر اإلشارة هنا إلى أن هناك فرقا بين الكلمتين اإلنجليزيتين ( Policy,
:)Politicsفكلمة ( )Policyتعني تنظيم الوسائل التي تسمح بتحقيق أهداف خاصة في مجال معين (قد تترجم
في العربية والفرنسية إلى "السياسات "Les Politiques/بالجمع) .أما كلمة "السياسة" ( La Politique -fr-/
)Politicsفتعني نشاط (لعبة) الفاعلين االجتماعيين بغية الوصول إلى السلطة وممارستها .بينما تشير كلمة
( )Le politiqueإلى مجال عالقات السلطة أو الحوكمة (.)Tremblay, 2004, pp. 4-5
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
221
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
يستخدم المنهج المقارن عادة مفاهيم مقارنة "قادرة على السفر" –على حد
التعبير الشهير لـ"سارتوري" ،)Sartori, 1970( -أي أنها تنطبق على أكنر من بلد واحد
أو ثقافة واحدة أو زمن واحد .ومع ذلك ،ال ينبتي اعتبار كل بحث يستخدم بيانات عن
أكنر من بلد تحليال مقارنا .ففي كثير من األحيان تصادفنا مقارنات خاط ة ،تعتبر أن
أي بحث حول بلد أجنبي أو أي عرض متواز ووصفي لبيانات عن عدة بلدان ،تحليال
مقارنا .لذلك ،ينبتي تحديد مجال التحليل المقارن بجرعة كافية من الدقة والتفصيل
ووفقا الستراتيجياته البحثية واألهداف المنوطة به .وهو ما سنعرضه ب يء من
التفصيل الحقا.
ويمكن القول باختصار ،تبعا لـ "كولينو" ( ،)Colino, 2009أن أهداف التحليل
المقارن ،على غرار المنهج العلمي بشكل عام ،هي على التوالي -0 :بحث أوجه التشابه
واالختالف (التباين بين الحاالت) ،األمر الذي يؤدي إلى -0مالحظة انتظامات ،يجب أن
تفسر من خالل -0اكتشاف التباين المشترك أو تفسير التنوع ،الذي يتم عادة من
خالل -0اختبار الفرضيات التفسيرية ،مما يؤدي إلى -0شرح تعقيد العالقات السببية
ووضع تعميمات أو مبادئ توجيهية محددة ،والتي تسمح في النهاية -0بإثبات نظريات
أو نفيها أو تطوير نظريات جديدة.
إن المنهج المقارن أو التحليل المقارن لديه إذن ،باإلضافة إلى الوظيفة
االكتشافية المنتجة للنظريات والفرضيات ،وظيفة إثبات أو نفي النظريات أو
الفرضيات القائمة.
ومن جهته ،حدد "غروسر" أغراض المنهج المقارن في ثالثة :أ) جعل األمور
املجهولة مفهومة انطالقا من أشياء معروفة بواسطة التشبيه والقياس أو التقابل -
بالنقيض( -وتسمى المقارنة التربوية) ،وب) تسليط الضوء على اكتشافات جديدة أو
إبراز أشياء غريبة (وتسمى المقارنة االكتشافية) ،وج) تنسيق ممنهج ،بالتركيز تحديدا
على الفرق (وتسمى المقارنة الممنهجة) ،مع اعتبار خصوصية الموضوع املحلل ليس
ك يء فريد من نوعه ،ولكن ك يء خاص (.)Grosser, 1973, pp. 19-21
انطالقا مما سبق ذكره ،يمكن اعتبار أن المنهج المقارن هو إجراء علمي-
منطقي يستهدف التحليل المقارن للواقع االجتماعي بالتركيز على وحدتين أو أكنر من
الوحدات االجتماعية الكلية أو الفرعية ،والتي يجب أن تكون مختارة بشكل ممنهج،
وباعتبارها سياقا تحليليا للتشابه أو االختالف بين المتغيرات أو العالقات .كما يمكن
مالحظة هذه الوحدات على مستويات تحليلية عدة للوصول إلى اختبار فرضيات
ومقترحات سببية تفسيرية ذات صدقية عامة ،أو إلى تأويل مختلف القواعد السببية
الخاصة بكل حالة.
إن هذا التعريف يجعل المنهج المقارن مساو أساسا للتسميات املختلفة التي
أطلقها بعض المؤلفين :استراتيجية الحاالت القابلة للمقارنة (،)Lijphart, 1975
التشخيص المقارن الممنهج ()Illustration comparative sistématique-fr-
( ،)Smelser, 1976منهج المقارنة المتحكم فيها والمهيكلة والمركزة (،)George, 1979
البرهنة الموازية على النظريات لـ " ،)Colino, 2009( "Skocpol, 1979المنهج المنطقي
( )Bruschi, 1990أو ببساطة المنهج المقارن (Colino, ( )Ragin, 1987; Sartori, 1994
)2009أو التحليل المقارن كما مر معنا.
بعد ذلك ،تأتي مسألة تعريف مجتمع البحث وعينته كمجال الختبار
الفرضيات .وأسهل طريقة طبعا لتحديد مجتمع البحث هو التساتل على أي من
وحدات الواقع تنطبق فرضياتنا .وإذا لم يكن ممكنا مالحظة مجتمع بأكمله ،نقوم
باختيار عينة .وفي البحوث المقارنة ،والتي يكون فيها عدد الحاالت املحللة أصغر بكثير
من البحوث اإلحصائية (عادة وحسب معظم البحوث السابقة ما بين حالتين وعشرين
وحدة تحليلية) ( ،)Pérez-Liñán, 2008فقد اختلفت استراتيجيات اختيار الحاالت
ذات الصلة مع مرور الوقت ،كما أثارت جدال كبيرا ،ال يتسع املجال لعرضه هنا.
وأخيرا ،تأتي مرحلة جمع المعلومات وتحليلها ،باستخدام أدوات متنوعة مثل:
المراجع والوثائق واالستبيانات والمقابالت والمالحظة بالمشاركة ...واإلجراءات
اإلحصائية التحليلية.
بخصوصيات حالة واحدة ومقارنتها مع البقية .أما النوع الثاني فقد قسمه إلى نوعين:
التعميم والتباين ( )Universalizing & Variation-findingتبعا للتوجه نحو إما،
إيجاد قواعد عامة من خالل بحث كل حاالت الظاهرة ،أو الرغبة في إيجاد قواعد
وظروف التباين بين مختلف الحاالت.
ج) مؤشر قابلية مقارنة الحاالت وخصوصية حاالت مقابل حاالت أخرى :وفي
هذا الصدد ميز "ألدر" ( )Elder, 1976, pp. 215 & ssبين البحوث التي تركز على-1 :
خصوصية بلد معين وتبايناته مع غيره من البلدان -2 ،مجموعات فرعية من الدول
ومحدودية قابلية مقارنتها ،مما شكل أساس ما يسمى بالبحوث اإلقليمية ( Area
-3 ،)studiesالتشابه بين الدول والقابلية المطلقة للمقارنة بينها ،وتحاول هذه
البحوث الوصول إلى اكتشاف قوانين عالمية سوسيولوجية بغض النظر عن
اعتبارات المكان والزمان (.)Reyes, 2019
د) مؤشر تفسير أوجه التشابه أو االختالف في سياقات منسجمة أو غير
منسجمة :بناء على هذا المؤشر ،فإن أكنر األنواع شيوعا على حد تعبير "برزفورسكي
وتون" ( )Przeworski & Teune, 1970هما :تصميم األنظمة األكنر تشابها ،وتصميم
ُ
األنظمة األكنر اختالفا .وتستهدف في األول االختالفات بين الحاالت في سياقات
منسجمة وفي الثاني االختالفات في سياقات غير منسجمة ،كما يمكن بحث أوجه
التشابه بين أنظمة متشابهة أو مختلفة ()Dogan & Pélassy, 1990; Murray, 1994
(.)Colino, 2009
هـ) مؤشر مستويات التحليل واالستدالل ودرجة تجمع البيانات أو المتغيرات
المالحظة :يتم التميز هنا بين البحوث -1 :على المستوى الفردي ،أي مالحظة العالقات
داخل النظام ( ،)Within-systemمع كون البيانات متفرقة جدا ،ولذلك يستعمل
األفراد وخصائصهم كوحدات للمالحظة والتحليل -2 .على المستوى النسقي (مستوى
النظام) األكنر تجمعا ،حيث تستعمل خصائص األنظمة كوحدات للمالحظة
اإلمبريقية والتعميم -3 .على عدة مستويات تحليلية ،وهو النوع الذي يجب –حسب
"برزفورسكي وتون" ( -)1351أن يميز البحث المقارن(.)Colino, 2009
و) مؤشر املجال المكاني :يمكن التمييز بهذا المؤشر بين أربعة مجاالت مكانية
للمقارنة ( -1 :)Nohlen, 2005, p. 3الوطني ،وتكون الوحدة الدراسية املختارة في معظم
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
225
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
َ
ورثناهما عن "ميل" ( ،)J. S. Millتم تطعيمهما الحقا باستراتيجيات أخرى ،وفيما يلي
تفصيل ذلك:
Smelser, ال تشير إلى المتغيرات املحللة ولكن إلى الظروف السياقية (انظر مثال:
.)1976فـ"ميل" أكد على أن الحاالت املختارة يجب أن تتطابق نتائجها ،في حين أن
"برزفورسكي وتون" سلطا الضوء على ضرورة تحديد الحاالت التي تكون مختلفة جدا
فيما يتعلق بالمتغيرات الضابطة –بغض النظر عن مدى تطابق نتائجها .(11)-ولذلك،
يعتبر منهج التشابه هو أكنر فعالية عندما تكون الحاالت املختارة على العموم مختلفة
جدا ،مما يسمح بسهولة إزالة التفسيرات البديلة بعد تحديد التشابهات الرئيسة.
وعلى سبيل المثال ،يمكن لسمة مشتركة بين الواليات المتحدة واليابان أن تقدم
تفسيرا أكنر صدقية لظاهرة مشتركة من سمة مشتركة بين الواليات المتحدة وكندا،
نظرا ألوجه التشابه بين هاتين الحالتين األخيرتين فيما يتعلق بتفسيرات كثيرة أخرى
محتملة (.)Peters, 1998
فالتصميم األكنر اختالفا يقابله منهج التوافق ،واألكنر تشابها يقابله منهج
االختالف .ولكن هذا التقابل ال يعني اعتبار االستراتيجيتين البحثيتين متطابقتين في
إجراءاتهما وأهدافهما لتلك المعتمدة في استراتيجيتي التشابه واالختالف.
إذن ،يمكن القول إن هناك استراتيجية كالسيكية لتحديد العينة في البحوث
المقارنة تتمثل في اختيار حاالت نموذجية من الظاهرة المراد تفسيرها .ولقد ُسميت
هذه االستراتيجية بمنهج التشابه من قبل "ميل" .وهي تنص كما سبق ذكره على أنه،
إذا توافقت حالتان أو أكنر من حاالت ظاهرة معينة في شرط واحد فقط ،يجب أن
يعتبر هذا الشرط التوافقي هو السبب أو أثر الظاهرة المعنية ،كما سمي الحقا بحجة
التطابق ( )Concordanceالمباشرة التي تبحث عن الشروط الضرورية لآلثار ،وهو أقل
المناهج "الميلية" قوة.
مع اإلشارة إلى أن هذه االستراتيجية التحليلية المقارنة استخدمت في البحوث
الكالسيكية خاصة حول مواضيع سياسية تتعلق بأنظمة الحكم الديمقراطية،
التسلطية واالنتقالية .ولقد القت هذه المقاربة انتقادات على نطاق واسع منذ مطلع
) (11أما "بروت ي" ) )Bruschi, 1991فيميز في سياق تصنيفه للمناهج المبنية على األسباب بين حجة
السبب أو الشرط الكافي الذي يرتبط وجوده دائما بوجود الظاهرة الناتجة ويعتبره الحجة األساسية في
ً
مصحوبا بغياب نموذج التصميم األكنر ً
تشابها ،وبين حجة السبب أو الشرط الضروري ،والذي يكون غيابه
هذه الظاهرة ،ويعتبره الحجة األساسية في نموذج التصميم األكنر اختالفا (.)Colino, 2009
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
229
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
التسعينيات .تمثل بعضها في كون "التصاميم من دون التباين" في المتغير التابع تمنع
من إجراء استدالالت سببية أكيدة ،وفي إمكانية وجود تحيز في اختيار الحاالت .ولفهم
مشكلة التحيز في االختيار يرى "بيرز-لينيان" ( )Pérez-Liñán, 2008, p. 9أنه من المهم
األخذ بعين االعتبار ما يمنعنا منهج التشابه من مالحظته.
ولتوضيح ذلك قدم المثال املجدول اآلتي والذي تعودت األدبيات المتخصصة
على عرض نماذج شبيهة به:
على سبيل المثال ،إذا كانت الظاهرة محل البحوث المقارنة تخص اختيار
حاالت نموذجية (استراتيجية التشابه) تتمثل في بعض الحكام املحليين (أ ،ب ،ج ،د)
يشتهرون بقدرتهم على البقاء في السلطة ،فمن المعقول أن يبدأ البحث بتحليل تجربة
كل حالة من الحاالت األربع (مساره السياس ي ،نجاحه االنتخابي ،والسياق المؤسس ي
لمنطقة حكمه ،وخصائص إدارته .وحينها من المفروض أن يتناول التحليل المقارن
ً
سؤاال ً
مهما هو :هل هناك أي خصائص مشتركة بين الحكام املحليين األربعة التي
يمكنها تفسير نجاحهم؟
يوضح الجدول (رقم )12منطق هذا اإلجراء من خالل مجموعة من البيانات
(يتم تقديم الحاالت كصفوف والمتغيرات كأعمدة) .لقد نجح الحكام األربعة في
جميعا بإدارة جيدة (س .)2ومع ذلك، ً االحتفاد بمناصبهم (ع) ،لكنهم لم يقوموا
جميعهم يعمل في بي ة مؤسسية تسمح بإعادة االنتخاب (س ،)1مما يشير إلى أن اإلطار
الدستوري هو جزء من التفسير (وجودة اإلدارة ليست كذلك).
لتوضيح مشكلة التحيز يأتي الجدول (رقم )11متضمنا حالة سلبية (الحاكم
"ه" ،الذي فشل في إعادة انتخابه) .وبحكم التعريف المبدئي ،فإن الحالة "ه"
ستستبعد في أي تصميم يقوم على أساس التشابه ،وبالتالي ال يمكن مالحظتها من قبل
الباحث .ومع ذلك ،فإن الحالة السببية الممثلة من قبل المتغير س 1موجودة أيضا
في هذه الحالة .وهذا يشير إلى أن س 1ال يمكن أن يكون تفسيرا كافيا للظاهرة المعنية،
ولكن الجدول (رقم )11ال يسمح لنا بالكشف عن هذا االستنتاج:
الجدول رقم :49مثال عن التحيزفي االختيار
لتجاوز هذه المشكلة اقترح "ميل" استعمال منهج االختالف (أو الحاالت األكنر
تشابها حسب تعبير "برزفورسكي وتون") ،حيث يتم اختيار الحاالت اإليجابية والسلبية
(بما فيها الحالة "هـ"" ،و" ...مثال) ،مما يسمح بمالحظة التباين في المتغير التابع.
والجدول (رقم )15يبين ذلك:
في إطار هذه االستراتيجية ،يذكر "بيرز-لينيان" ()Pérez-Liñán, 2008, pp. 9-10
أن منطق االستدالل في هذا اإلجراء يعتبر امتدادا للمعيار المستخدم من قبل
استراتيجية التشابه :حيث يجب على جميع الحاالت التي لها نتائ مهمة أن تكون لها
أيضا سمة تفسيرية مشتركة (هي عادة ما تكون السمة المتوقعة في فرضية البحث)،
في حين يجب أن تفتقر الحاالت السلبية لهذه السمة).(12
وفي مقابل ذلك ،أصر بعض أخصائي "المنهجية المقارنة" استخدام منهج
التشابه ،مع إظهار حدوده الذاتية .فنظرة جديدة في الجدول ()00تسمح لنا
باستكشاف هذه المسألة وفهم بعض معانيها :يبين هذا الجدول أن اإلمكانية القانونية
إلعادة انتخاب "س "0كانت عامال حاضرا في جميع حاالت إعادة االنتخاب الناجحة
) (12المالح أن عرض هذا المبدأ ينطوي على منطق حتمي :جميع الحاالت اإليجابية يجب أن تتضمن
السبب ،وجميع الحاالت السلبية يجب أن تكون خالية منه .إن تحليل عدد صغير من الحاالت يفرض هذا
التقييد (فحالة منحرفة واحدة من بين ثالث أو أربع حاالت تكفي للتشكيك في صحة الفرضية) .وعند العمل
مع عدد كبير من الحاالت ،يسمح التحليل اإلحصائي ،بخالف ذلك ،بإدراج االنحرافات كجزء من المقاربة
االحتمالية (ال يء المهم هو أن جميع الحاالت اإليجابية تقريبا تتضمن سببا وجميع الحاالت السلبية تقريبا
تفتقر إليه) (.)Pérez-Liñán, 2008, p. 11
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
233
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
والفاشلة على الرغم من عدم معرفة الباحث بذلك .وهذا يشير إلى أن القاعدة
الدستورية المواتية ضرورية للسعي إلعادة االنتخاب ،ولكنها بالتأكيد غير كافية
لتحقيق ذلك .فعند مقارنة الحاالت اإليجابية فقط ،يسمح لنا منهج التشابه بتحديد
الشروط الضرورية لظاهرة معينة ،ولكنه ال يسمح لنا بمعرفة الشروط الكافية
لحدوث الظاهرة نفسها.
يضيف هذا االكتشاف بعض التعقيد في تفسير المقارنات القائمة على أساس
االختالف .وبعودتنا إلى الجدول (رقم )00نجد :أن التفسير األولي يشير إلى أن س 3هو
السبب األساس للفوز في االنتخابات ،على اعتبار أن المتغيرين س 1وس 2ال يشتركان
في التغير مع "ع" .فمنهج االختالف يفترض أن العوامل التي تتصرف على نحو مماثل في
جميع الحاالت (مثل س )1يمكن التخلص منها بسهولة ،العتبارها أسبابا واضحة/
بدإهية ،وألن تصرفها غير متناسق مع نمط المتغير التابع (ولذلك ،فقط ،جاءت
توصية "برزفورسكي وتون" باختيار "الحاالت األكنر تشابها" لهذه العملية).
ومع ذلك ،فإن التمييز المفهومي بين األسباب الضرورية واألسباب الكافية
يجبرنا على إعادة النظر في هذا االفتراض .ففي الجدول (رقم ،)00تشترك جميع حاالت
إعادة االنتخاب الناجحة في ميزتين اثنتين :الرخصة الدستورية إلعادة االنتخاب وعدم
وجود معارضة قوية .وهذا يشير إلى أن الشرطين قد يكونان ضروريين لتأمين إعادة
االنتخاب .وعالوة على ذلك ،فمن الواضح أن س 0ليست شرطا كافيا إلعادة االنتخاب،
ولكن س 3قد تكون كذلك (ألنه ال يوجد حاكم واحد واجه معارضة قوية وخرج
سالما).
يسمح الجدول إذن باستنتاج نتيجتين مختلفتين :أ) يعتبر س 1وس 2سببين
ضروريين بشكل فردي وسببين كافيين معا بالنسبة للنتائ المعنية ،أو (ب) يعتبر س3
شرطا ضروريا وكافيا بشكل فردي إلعادة االنتخاب ،في حين أن س 1هو ببساطة غير
مهم (على النحو الذي يقترحه منهج االختالف)).(13
( )13نقل "بيرز-لينيان" –المعتمد عليه في هذا العرض الجدولي النموذجي -على لسان "غيدز وسيرايت"
( )Geddes, 2003 & Seawright, 2004أنه من الممكن في بعض األحيان كشف شروط تكون ضروريتها
خفيفة -هي موجودة في جميع الحاالت ،اإليجابية والسلبية ،وبالتالي تكون إضافتها قليلة للتفسير .-تمثل
إن البيانات الواردة في الجدول (رقم )00ال تسمح باستبعاد االستنتاج األول ،إال
إذا كنا على استعداد لتبني االفتراض المبسط الضمني في منهج االختالف .الذي يتبنى
النتيجة الثانية فقط.
لتعزيز استراتيجيتي التشابه واالختالف تم تصور آليات سببية تنطوي على
متغيرات مستقلة متعددة (يسميها البعض بـ "استراتيجية السب ية المتعددة
والظرفية") ،تبل مداها النموذجي في مثالنا السابق بصياغة فرضية تعدد سببي
وظرفي تركيبي مفادها :يبق الحكام في السلطة عندما تكون اإلعادة مسموحا بها قانونا
وتكون إدارتهم جيدة وال يواجهون معارضة قوية .وهي حالة نموذجية تقابلها افتراضات
نسبية قد نرغب في معرفة أي منها تقدم أفضل تفسير لظاهرة إعادة االنتخاب ،ومنها:
فرضية الجمع بين عاملين (س 1وس :2اإلمكانية القانونية واإلدارة الجيدة) لجعل
عملية إعادة االنتخاب ممكنة ،يسمي "ميل" هذا النوع من اآللية باسم "اآلثار
المركبة" ،وأطلق عليه "راغن" ( )Ragin, 1987مصطلح "السببية الظرفية" ،ألن
مفصلة عوامل متعددة في ظرف محدد هي وحدها الكفيلة بضمان النتيجة .أما
الفرضية الثالثة فتقترح طريقتين بديلتين للبقاء في السلطة :اإلدارة الجيدة (س)1 =2
أو المعارضة الضعيفة (س .)1 =3ويتوافق هذه الوضع مع ما سماه "جورج وبينيت"
(" )George & Bennett, 2005التكافؤ /النتيجة المشتركة" (( )Equifinalityاإلنتاج
التاريخي لنفس النتيجة بطرق متعددة) وسماه "راجن" (" )Ragin, 1987السببية
المتعددة" (.)Pérez-Liñán, 2008, p. 13
يعبر هذا التمثيل المنهجي عن توسيع قدرتنا النظرية على التفكير في آليات
سببية أكنر تعقيدا ،ومن ثم في نظريات تفسيرية أكنر ثر ًاء .ويمكن تشخيص ذلك من
خالل مثالنا السابق ،حيث قد يتوافق النموذج األول مع الحالة االفتراضية التي ُيسمح
فيها بإعادة االنتخاب ،مع أداء حكومي جيد ،ووجود مر ح معارض قوي .ويحدد
النموذج السببي الثاني سياقا تكون فيه عملية إعادة االنتخاب قانونية ،واألداء جيدا،
ولكن المعارضة ليست قوية .والنوع الثالث يفترض األداء السيئ فقط ...وهكذا،
هذه النقطة انتقادا جديدا الستخدام منهج التشابه ،ألنه من دون إدراج الحاالت السلبية ،يكون من
المستحيل الكشف عما إذا كانت الشروط الضرورية تافهة أم ال .يمكن اعتبار المتغير س 1في الجدول 3
مثاال لهذه المشكلة.
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
235
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
تتطور محددات االستراتيجية في عدة أنواع مع التغير التدريجي لكل الشروط ،حتى
استنفاد كافة النماذج الممكنة ،وهي كثيرة.
قوية) ضروري لكنه بالتأكيد غير كاف ،ألن الشروط اإليجابية –في مثالنا دائما -تسمح
بـ "إعادة االنتخاب" لكنها ال تضمن "البقاء في السلطة" مع وجود شروط سلبية مثل
"معارضة قوية" ،أي أنها غير كافية .لكن الشروط الضرورية تبق مهمة طبعا حتى في
حالة الشروط السلبية ألن "اإلمكانية القانونية" كشرط إيجابي ضرورية للشروط
السلبية مثل "المعارضة القوية" ...وهو ما يمكن معالجته من خالل تحليل الشروط
السببية الكافية الشبيهة بمنهج االختالف وبإمكانية الجمع بين التحليلين الضروري
والكافي.
الجدول رقم :49تطبيق المنهج الكيفي-الكمي المقارن على المبادئ الثالثة الزدواجية "أوكي"
يؤكد "كوقوط" أن المبادئ الثالثة الزدواجية "أوكي" تستلزم 5تشكيالت (:)5 =32
{ .}1 1 1 { }1 1 1{ }1 1 1{ }1 1 1{ }1 1 1{ }1 1 1{ }1 1 1{ }1 1 1ولكن الجدول
أظهر التشكيالت الثالثة األولى فقط .وعالوة على ذلك ،فإن تشابه الحالتين األخيرتين،
فرنسا والواليات المتحدة ،يثير تساتالت حول وجود متغير خفي:
إما أن تكون الحالتان متشابهتين فعليا بالنسبة للظاهرة قيد البحث ،وهو أمر
مشكوك فيه ،وإما أن يكون هناك عامل مميز مهم غاب عن الباحث ،الذي يجب أن
يتم توضيحه ،وتحويله إلى متغير تشمله التجربة .إذا تم العثور على هذا المتغير يصار
إلى مضاعفة العدد اإلجمالي من المتغيرات ومن التشكيالت .وهذه الزيادة المستهدفة
لتجاوز محدودية التنوع تجبر الباحث على اقتراح فرضيات يبررها ويشرحها بأسس
نظرية أو بمعرفته التجريبية لهذه الظاهرة ،وفقا لخطوتين رئيستين ،يمكن تلخيصهما
تبعا لـ "كورشود" ( )Curchod, 2003, p. 169فيما يلي:
تتمثل الخطوة األولى في إعطاء تفسير للمجموعات المفقودة بالعودة إلى
األدبيات المتخصصة ،أي المزيد من الحوار بين الوقائع واألفكار .تتمثل الخطوة
الثانية في الموازنة بين احترام التعقيد واالهتمام بالدقة .أي بين التمسك بالتشكيالت
المتاحة /الظاهرة والسعي إلى وضع افتراضات حول مجموعات غير ملحوظة .وهكذا،
ففي المثال السابق ،قد نميل إلى القول بأن المتغير "ب" غير مهم في شرح الظاهرة
قيد البحث ،ألنه ال يظهر إال في واحدة من اثنين من املجموعات /التشكيالت .ويمكن
إذن استنتاج بأنه مقابل النموذج الياباني للنظام المصرفي المتكامل وذي التنسيق
األفقي ( )1 1 1يوجد نموذج آخر فعال أيضا من خالل السيطرة عن طريق السوق
بطريقة المركزية للغاية وذات تنسيق هرمي ( .)1 1 1إن هذا اإلجراء يجعلنا ندرك بأن
المقارنات غير مكتملة بالضرورة .وقد تؤدي بعض تشكيالتها من المتغيرات إلى نتائ
متضاربة إذا لم يتم التعرف على المتغيرات الخفية واستعمالها بغية التوصل إلى حل
أكنر دقة.
خاتمة
بعــد عرض اسـ ـ ـ ــتراتيجيتي "التشـ ـ ـ ــكيالت السـ ـ ـ ــببيــة" و"التنوع املحــدود" ،نكون
بالفعل على أعتاب المنهج المقارن الكيفي ،بل مع إرهاص ــاته األولى ،وهو ما يؤكد بأن
المنهج المقارن شــهد في الســنوات األخيرة ،تطورات هامة وس ـعت بشــكل كبير مجاالت
تطبيقــه وقــدرتنــا التحليليــة في إطــار تقــاليــد البحوث الكيفيــة .وخــاص ـ ـ ـ ــة فيمــا يتعلق
بـالتحليـل متعـدد المتغيرات والـذي قـد يتطلـب جهـدا كبيرا ،ألن عـدد األنواع السـ ـ ـ ــببية
ينمو بشــكل مضــاعف مع عدد المتغيرات والف ات المعنية .ولمعالجة هذه المشــكلة،
بـدأ بعض المقـارنين بتطوير برمجيـات معلومـاتية متخص ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ــة ( ;Cronqvist, 2006
،)Pérez-Liñán, 2008, p. 26( )Huber & Gürtler, 2004; Ragin &Helen, 2002
ولكن هذه الجهود ال تزال في مرحلة مبكرة ،تتجاذبها التحفظات المتبادلة بين أنص ـ ــار
التصورين الكمي والكيفي.
.7.2.7المنهج التاريخي
بداية ،تجدر اإلشارة إلى أن هناك من يقترح أربع مقاربات بحثية تاريخية كيفية
وكمية :كيفية (التاريخ عن طريق االقتباسات /االستشهادات) ،كمية (التاريخ بواسطة
أدلة قابلة للقياس الكمي) ،كيفية-كمية (تحليل محتوى كيفي-كمي للوثائق) ،كيفية
(التاريخ الشفوي) .مع اإلشارة إلى أن األنواع األربعة تستعمل المصادر األولية كقاعدة
بيانات رئيسة لها (.)Monaghan & Hartman, 2000, pp. 114-115
وسيتم فيما يلي االكتفاء بعرض بعض محددات النوع الكمي من المنهج
التاريخي ،ألن تغطية أبعاده الكيفية تمت في عمل سابق (.)2122
-نقد المصادر
يرى "قارغان" ( )Garraghann, 1946, p. 168أن نقد المصادر يقتض ي اإلجابة
على ستة أس لة ،أو اعتماد ست طرق رئيسة لتقييم المصادر الوثائقية والحكم عليها،
أو نقدها:
تعرف الطرق األربع األولى بالنقد األعلى والخامسة بالنقد األسفل أو األدن ،كما
يسمى كال من النقدين األعلى واألدن (األس لة الخمس األولى) نقدا خارجيا ،وهو عمل
يقارن -كما مر معنا -بعمل املحقق البوليس ي ،مقابل النقد الداخلي الذي يختص به
السؤال السادس ( ،)Garraghan, 1946, p. 168والذي قد يقارن بعمل "قاض ي
التحقيق"(.)Investigation Judge/Juge d’instruction -fr-
-النقد الخارجي :ويتضمن النقدين األعلى واألدن :
--النقد األعلى (باإلنجليزية :)Higher criticism :ويسمى أيضا في لغات أخرى:
النقد األكبر (اإلسبانية) أو الراديكالي (الفرنسية) أو النقد التاريخي أو المنهج التاريخي
النقدي (األلمانية) ...وهو يخص أساسا مرجعية المواد المدروسة ،ويقابله
األدن /األسفل أو األصغر أو النص ي ...وهو يخص أساسا أصالة المواد المدروسة.
إن تحديد هوية صاحب المصدر وتاريخه (السؤاالن 1و 3من النقد األعلى)
ينطوي عادة على واحدة أو أكنر من العمليات اآلتية:
.تحليل محتوى المصدر الوثائقي.
.مقارنته مع محتوى مصادر أخرى.
.تحليل الخصائص الفيزيائية للمصدر الوثائقي (.)Shafer, 1974, p. 120
-تكون المصادر األولية أكنر موثوقية من المصادر الثانوية وهذه األخيرة أكنر
موثوقية من المصادر من الدرجة الثالثة ،وهلم جرا.
-إذا كان عدد من المصادر المستقلة يحتوي على نفس الرسالة ،فإن مصداقية
الرسالة تزيد بشدة (.)Thurén, 1997
-إن المصدر المعد من طرف شهود عيان أو من طرف خبراء أكنر مصداقية
من غيره (.)Howell & Prevenier, 2001
ولكن شهادة شهود عيان ،مثل المؤلف نفسه للمصدر المعني بالبحث ،ينبتي
تقييمها ونقدها أيضا ...فما بالك بالمصادر الثانوية.
وفي األخير ،تجــدر اإلشـ ـ ـ ــارة إلى أنــه ال ينبتي اعتبـار كـل بحـث يسـ ـ ـ ــتخــدم بيــانـات
تــاريخيــة في موضـ ـ ـ ــوع وصـ ـ ـ ــفي ،تجريبي ...بحــث تــاريخي .ففي بعض األحيــان تص ـ ـ ـ ــادفنــا
توصـ ـ ـ ــيفــات خــاط ــة بــاإلعالن عن اسـ ـ ـ ــتعمــال المنهج التــاريخي ،حيــث تعتبر أن عرض
الخلفية التاريخية في الجانب النظري للموضوع يعني استعمال المنهج التاريخي ،بينما
مسـتلزمات استعمال هذا المنهج تقتض ي أساسا أن تخص بؤرة الموضوع (تساتالته/
فرضـ ــياته) بحث تطور الظاهرة ونقد مصـ ــادرها كما ذكرنا أعاله .فمثال ال يعتبر عرض
موجز تاريخ الصـ ــحافة الجزائرية و/أو النظام السـ ــياس ـ ـ ي الجزائري في القسـ ــم النظري ِ
من بح ــث وصـ ـ ـ ــفي تحليلي لموضـ ـ ـ ــوع "مع ــالج ــة الص ـ ـ ـ ـح ــاف ــة الجزائري ــة لالنتخ ــاب ــات
السياسية" استعماال للمنهج التاريخي.
°°ق ــد يؤدي اسـ ـ ـ ــتخ ــدام كلم ــات غير من ــاس ـ ـ ـ ـب ــة في االسـ ـ ـ ــتبي ــان أو الترتي ــب غير
المناسـ ــب ل س ـ ـ لة إلى الوصـ ــول إلى نتائ متحيزة .وهو عيب –وما يليه من عيوب -قد
يشترك فيه هذا المنهج مع غيره من المناهج.
°°قــد يش ـ ـ ـ ـمــل المسـ ـ ـ ــح مبحوثين ال تنطبق عليهم خص ـ ـ ـ ــائص العينــة ،فمثال في
المقابالت الهاتفية قد ال يص ــدق بعض ــهم في إعطاء بيانات الس ــن أو األجر ...أو يجيب
عن غيره...
°°قد يواجه بعض الص ــعوبات األخرى في تطبيقه في حالة اس ــتعمال االس ــتبيان
الهاتفي أو البريدي ،مثل نقص الردود.
إن معظم ما سـ ــبق ذكره يعرضـ ــه البعض ( )Bhattacherjee, 2012, p. 73تحت
مس ـ ــمى التحيزات ( ،)Biasesمثل التحيز في عدم االس ـ ــتجابة (الرد) ،والتحيز في اختيار
العينات ،والتحيز في الرغبة االجتماعية (تص ــوير المبحوثين أنفس ــهم بطريقة مرغوبة
ً
اجتماعيا) ،والتحيز في التذكر (أحداث ماضية)...
-اعتبارات تاريخية
يسـ ـ ـ ــتخـ ــدم تحليـ ــل املحتوى /المضـ ـ ـ ــمون ( Content Analysis/ Analyse de
)contenu -fr-عـادة في بحـث مضـ ـ ـ ــامين مواد االتصـ ـ ـ ــال مكتوبـة كانت أم سـ ـ ـ ــمعية أم
س ـ ــمعية بص ـ ــرية ...كمواد الص ـ ــحف واملجالت والخطب واألش ـ ــعار والنش ـ ـرات واألفالم
والمواقع ...وهو يعتمد أسـ ـ ــاسـ ـ ــا على تحليل ف ات الشـ ـ ــكل (كيف قيل؟) والمضـ ـ ــمون
(ماذا قيل؟) والرص ــد التكراري لوحدات تحليلية يختارها الباحث :كلمة ،فقرة ،فكرة،
موضوع ،خصية...
ومن الناحية التاريخية ،دعت الحاجة إلى اسـ ــتخدامه أثناء الحمالت اإلعالمية
التي رافقـت الحربين العــالميتين وكـذا الحمالت اإلعالميــة الس ـ ـ ـ ـيـاس ـ ـ ـ ـيــة في االنتخـابــات
األمريكية منذ ...1321وإذا كان اسـ ــتخدامه يقتصـ ــر بداية على األسـ ــلوب الكمي ،فقد
تطور الحقا (بعد الحرب العالمية الثانية) ليشـ ـ ـ ــمل أيضـ ـ ـ ــا األسـ ـ ـ ــلوب الكيفي (على يد
"برلس ــون" ثم "الس ــويل") ،ثم توس ــع اس ــتعماله في النص ــف الثاني من القرن العش ــرين
ليش ــمل مختلف أش ــكال الخطاب اإلعالمي واألدبي والنفسـ ـ ي واالجتماعي ...المض ــمون
منه والمتضمن ،ومستعينا أحيانا ببرام تحليلية معلوماتية.
وهو يش ـ ـ ـ ـمـ ــل عـ ــدة أنواع" :تحليـ ــل الخطـ ــاب ( ،)Discourseتحليـ ــل الحـ ــديـ ــث
( ،)Conversationالـتـحـلـي ـ ــل البن ـ ــائي االجتم ـ ــاعي ( ،)Social constructivistالتحلي ـ ــل
البالغي ( ،)Rhetoricalالتحليل اإلثنوغرافي ...وهي مقاربات واسـ ــتعماالت بحثية ادعت
لنفس ـ ـ ـ ـهـا "الكيفيـة" مقـابـل "كميـة" ما سـ ـ ـ ــبقها .ولكن هناك من يشـ ـ ـ ــكك في صـ ـ ـ ــدقية
وج ــدوى التفرق ــة بين التحليلين الكمي والكيفي ،ألن في نه ــاي ــة المط ــاف ك ــل القراءات
النص ـ ـ ـ ـي ــة تعتبر "كيفي ــة" حتى لو حول ــت الحق ــا بعض خص ـ ـ ـ ـ ــائص النص إلى أرق ــام
(.)Krippendorff, 2004, pp. 16-17
بع ــد ذل ــك ،يمكن القول إن فترة 1351-1311تميزت ب ــاالسـ ـ ـ ــتعم ــال المتزاي ــد
ل عالم اآللي في تحلي ــل املحتوى ومع ــالج ــة البي ــان ــات الهج ــائي ــة /الحرفي ــة –مقـ ـاب ــل
الرقمية ،-بحسـ ـ ــاب الكلمات آليا واعتماد ذلك في التحليلين الوصـ ـ ــفي واالس ـ ـ ــتنباطي،
تاله استخراج الف ات العامة والفرعية وتصنيفها معلوماتيا في البحوث الكمية.
في عشـ ـ ــرية الثمانينيات ،بدأت تظهر أولى برام التحليل الكيفي التي تس ـ ـ ــتهدف
اســتخراج المعاني العميقة والثانوية وربطها بالســياق وبرأي المرســل ...مما أتاح الحقا
–من ــذ نه ــاي ــة القرن الم ــاض ـ ـ ـ ـ ي -االسـ ـ ـ ــتعم ــال المزدوج للتحليلين المعلوم ــاتيين الكمي
والكيفي في معالجة المادة التحليلية الواحدة (.)Abela, 2001, pp. 7-9
لقـد أصـ ـ ـ ــبح تحليـل املحتوى ،في الواقع ،منـذ أواخر القرن العشـ ـ ـ ــرين أحـد أكنر
التقنيات اس ــتخداما في العلوم اإلنس ــانية ،حيث اكتس ــب أهمية متزايدة وخاص ــة بعد
ُ
إدخــال اإلجراءات امل َحوس ـ ـ ـ ـبــة في معــالجــة البيــانــات .وممــا يؤكــد ذلــك كنرة اسـ ـ ـ ــتعمــال
عب ــارتي "تحلي ــل املحتوى" و"تحلي ــل المضـ ـ ـ ــمون" ب ــالعربي ــة عبر غوغ ــل (52 200 000
و 2 260 000نتيجــة على التوالي) وخــاصـ ـ ـ ــة مقــابلتهمــا بــاإلنجليزيــة ()Content analysis
التي ق ــارب ع ــدده ــا خمس ملي ــارات وح ــدة (( )4 670 000 000جوان ،)2123مم ــا ق ــد
يجعل الباحث يحصـر بحثه في ملفات "بي دي أف" فقط أو غوغل سكولر" مثال ،حتى
ال يتيه وتطول مراجعته ل دبيات المعنية.
-اعتبارات مفهومية :تعريف تحليل املحتوى
نظرا ألهميــة كلمــة "التحليــل" ( )Analysisفي مفهوم "تحليــل املحتوى" -المترجم
من اإلنجليزيـ ــة ( ، -)Content analysisيجـ ــدر بنـ ــا البـ ــدء بتعريفهـ ــا ،وذلـ ــك من خالل
مالحظ ــة أصـ ـ ـ ــله ــا اللغوي ،ال ــذي يعود إلى الكلم ــة اليون ــاني ــة (،)Análysi/ ανάλυση
المكونــة من ""( "Anáفوق" أو "تمــا ًم ـا") ومن ""( "lysiالتحلــل"" ،التمزق") :فــالتحليــل
تماما أو يتفكك إلى أص ـ ـ ــغر مكوناته .لكن هذا التحلل يعني إذن مالحظة شـ ـ ـ ـ يء يتحلل ً
ليس بــالمعني الحرفي وبش ـ ـ ـ ـكــل واضـ ـ ـ ــح ،ولكنــه يسـ ـ ـ ــتهــدف فكرة المراجعــة الش ـ ـ ـ ــاملــة
والدقيقة ،سـواء ل ـ يء أو مادة أو موضـوع ،مع األخذ في االعتبار حتى أصغر تفاصيلها
( .)Equipo editorial Etecé, 2021وفي لس ـ ـ ـ ـان العرب (جـ ــدر "حلـ ــل") (ابن منظور،
) 1335يــأتي التحليــل بعــدة معــاني ومنهــا "التقليــل" و"فتح ونقض العقــد" .وهي معــاني
شبيهة بالمعنيين االصطالحيين :التفكيك أو الدراسة (دليو ،2122 ،ص ص.)53-55 .
ومنه ،فإنه يمكن تعريف مفهوم "تحليل املحتوى" على أنه الدراس ـ ــة التفكيكية
لمواد اتص ـ ـ ـ ــاليــة (رس ـ ـ ـ ــائــل أو نصـ ـ ـ ــوص أو خطــابــات) بــاتبــاع مجموعــة من اإلجراءات
التفس ـ ــيرية /التأويلية ،وباالس ـ ــتناد إلى تقنيات قياس أحيانا كمية (إحص ـ ــاءات :تعتمد
على عــد وحــدات كميــة) ،وأحيــانــا أخرى كيفيــة (تعتمــد على تصـ ـ ـ ــنيف وتحليــل ف ــات
كيفية) ،وهي تهدف إلعداد ومعالجة البيانات ذات الصلة في الظروف ذاتها التي وقعت
فيها تلك المواد االتصالية ،أو الظروف التي قد تحدث الستخدامها الحقا.
إنه تعريف يلخص العديد من التعريفات السابقة لمتخصصين مثل "برلسون،
والسـ ـ ـ ــويــل وكيرلنغر وبــاردن وكريبنــدورف ،"...نخص بــالــذكر منهــا أقــدمهــا ،حينمــا كـ ـان
يقتصـ ـ ـ ــر تحليــل املحتوى على البعــد الكمي ،أال وهو تعريف "برلسـ ـ ـ ــون" ( Berelson,
:) 1952, p. 18هو "تقنيــة بحــث تسـ ـ ـ ــتهــدف الوصـ ـ ـ ــف الموضـ ـ ـ ــوعي والمنتظم والكمي
للمحتوى الظاهر لالتصال".
ومن جهـة أخرى ،تجدر اإلشـ ـ ـ ــارة إلى أن اسـ ـ ـ ــمه بالذات :تحليل "املحتوى" يدفع
لالفتراض بأنه "محتوى" مغلق ،أو مخفي داخل "حاو" أو "متضمن" أو "قالب" (وثيقة
مادية ،نص مس ــجل ،الخ ،).ومن خالل التحليل "الداخلي" لهذا "الحاوي" ،فإنه يمكن
أن يكشف عن مضمونه (معناه أو داللته) ،بحيث قد يسمح التحليل الجديد لبياناته
بتش ــخيص فكري جديد ،أي معرفة جديدة .لكن هذا االفتراض ،يختلف عن التحليل
الكيميــا ئي المعتــاد (للمكونــات الــداخليــة) وقــد يفض ـ ـ ـ ـ ي إلى وجهــة نظر خــاط ــة ،ألنــه
يـبـح ـ ــث خ ـ ــارج "الـح ـ ــاوي ـ ــات" ولـيـس فـي داخـلـه ـ ــا ،أي فـي ذهـن الـمـبـحـوثين المنتجين -
للمحتويات -أو المس ـ ــتخدمين للرس ـ ــائل والنص ـ ــوص والخطابات والوثائق التي تحلل،
أي في أذهــان المش ـ ـ ـ ــاركين في العمليــات الخــاص ـ ـ ـ ــة بــاالتص ـ ـ ـ ــال التي تنتمي إليهــا الوثــائق
موضوع التحليل.
إذ ينبتي على تحليـل املحتوى اسـ ـ ـ ــتهـداف اسـ ـ ـ ــتخراج المعـاني الكامنة المتعلقة
بـالممـارسـ ـ ـ ــات االجتماعية والمعرفية التي تعتمد على االتصـ ـ ـ ــاالت لتسـ ـ ـ ــهيل التفاعل
الكــامن وراء األفعــال التواصـ ـ ـ ــلي ــة الحقيقيــة ووراء السـ ـ ـ ــطح المــادي للنص .فتحلي ــل
املحتوى تحول إلى عملية كشـ ــف المسـ ــتور (املخفي) ،حيث ما إهم في المقام األول هو
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
253
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
دراسـ ـ ـ ــة املخفي ،الكــامن ،غير الواضـ ـ ـ ــح ،مــا لم يعلن ...في أي رسـ ـ ـ ــالــة .لكن هـذا النهج
الجــديــد الــذي وسـ ـ ـ ــع مجــال البحــث نحو البعــد غير الظــاهر للنص يبــدو معقــدا ،ألنــه
يتطلـب إدخـال متغيرات جـديدة في التحليل لكي يكتسـ ـ ـ ــب النص المعنى المطلوب من
طرف املحلل.
ولن يكون ذلــك ممكنـا إال إذا كـان مثــل هــذا النص ينفتح -من النــاحيــة النظريــة-
للمنت االتص ــالي ،على العملية التواص ــلية التي يندرج ض ــمنها، على الظروف الس ــياقية َ
وبــالتــالي على الظروف النفس ـ ـ ـ ـيــة واالجتمــاعيــة والثقــافيــة والتــاريخيــة واالسـ ـ ـ ــتقب ـاليــة
للتعبيرات التواصلية المرافقة له.
-اعتبارات منهجية
لـلـقـي ـ ــام بـتـحـلـي ـ ــل املحتوى ،ال ب ـ ــد من األخ ـ ــذ بعين االعتب ـ ــار بعض اإلجراءات
ُ
المنهجية المتعلقة بالتعامل مع مادة التحليل .وهي عادة ما تعتمد في شـ ـ ـ ــكل خطوات
بحثية أس ـ ــاس ـ ــية :ص ـ ــياغة س ـ ــؤال /فرض ـ ــية البحث ،وتحديد مادة التحليل ،واختيار
ف ات ووحدات التحليل ،وجمع البيانات وتفسـيرها /تأويلها .ونظرا لكون عملية اختيار
ف ات ووحدات التحليل من مميزات منهج تحليل املحتوى فســيتم عرضــها بإيجاز فيما
يلي.
°فئات التحليل ووحداته
تسـتعمل في تحليل املحتوى شـبكة وصفية تحليلية تتكون من معايير ومؤشرات
تس ـ ــمى "ف ات تحليل ش ـ ــكل ومحتوى ما قيل" ،والتي يتم تحديدها س ـ ــلفا اس ـ ــتنادا إلى
أهداف البحث وتسـ ـ ــاتالته بعد مراجعة ما اسـ ـ ــتعمل في البحوث /البحوث السـ ـ ــابقة،
كمـا يمكن تــأسـ ـ ـ ــيس اختيـارهــا تـدريجيــا بن ًـاء على المعلومـات التي يتم جمعهـا آنيــا أثنــاء
التحلي ــل وانطالق ــا من م ــادة التحلي ــل .وهي في حقيقته ــا تق ــاب ــل وح ــدات أو مفردات
"المعاينة" في البحوث الميدانية.
في الحالة الثانية ،يتعلق األمر بمقاربة منفتحة واستقرائية تعميمية للبيانات،
وفي الحالة األولى يتعلق األمر بإجراء تقييم مغلق وبترجمة استنباطية لمؤشرات
البحث .وفي الحالتين يجب أن يتوافق تصنيف الف ات "الخاص بكل بحث" مع ضوابط
منهجية جامعة مانعة أسسها "برلسون" ( :)Berelson, 1952التجانس
.)& Bracken, 2004, p. 3لمزيد من التفصيل ،انظر–في هذا العمل -مبحث معايير
الصدق والثبات.
وتجدر اإلشارة في األخير إلى الجدل الدائر حول كنه تحليل املحتوى :هل هو
منهج (طريق متبع في البحث) أم أداة /تقنية لجمع البيانات (على غرار المالحظة
والمقابلة)؟
إن استعراض تعاريف المتخصصين تدل على أن هناك من يعتبره منهجا وهناك
من يعتبره أسلوبا ،وهناك من يعتبره أداة أو تقنية ،بل إن هناك من يجمع بين تسميتين
أو أكنر في مؤلف واحد ،ألن العبرة عند البعض بالمضمون وليس بالمتضمن .ومما زاد
الطينة بلة عندنا اختالف الترجمات لكلمات (… ،)Method, Technicوالحدة في
النقاش حول التسمية والتصنيف مقابل مرونة "المناهجة" األنجلوسكسونيين
وتركيزهم على المضمون أكنر من الشكل (المتضمن).
-الفرق بين تحليل املحتوى والتحاليل األخرى
المراجع ل دبيات المتخصصة قد يجد فيها ذكر عدة مناهج مشابهة لتحليل إن ُ
املحتوى ،نكتفي بسرد أكنرها ذيوعا :التحليالت الموضوعاتية ()Thematic
والتجميعية ( )Meta-analysisواللغوية والنصية والوثائقية والخطابية
والسيميولوجية والبالغية ( )Rhetoricalواالثنوغرافية /السردية والبنائية-
االجتماعية ( )Social-constructivistواملحادثية ( )Conversationalوالتفاعلية.
ومن المعروف أن تحليل املحتوى يشترك في حدوده مع المناهج سابقة الذكر.
وبغية مقارنته مع بعضها ،سيتم تحديد بؤرة تركيز عمل كل واحد منها.
ولكن قبل ذلك ،تجدر اإلشارة إلى أن هناك من يعتبر منهج تحليل املحتوى كميا
في األصل وأن صيغته الكيفية –على حد تعبير "كريبندورف" ( Krippendorff, 2004,
-)p. 16تعتبر تشخيصا لبعض المقاربات التحليلية الكيفية ذات األصول األدبية
واالجتماعية –غير اإلعالمية -سابقة الذكر ،أي أن تحليل املحتوى الكيفي مساو لها
(يعادلها) ،كما يمكن تشخيص أهم فرق بين تحليل املحتوى الكمي والكيفي في أن األول
إهتم بشكل أساس ي بعد الكلمات أو الف ات ،وأن الثاني إهتم بتحديد الف ات ذات
المعاني المتشابهة ،لتوليد فهم أعمق لما يتم وصفه ( ،)Hayes, 2023, p. 610فاألول
وصفي-ظاهري وذي ف ات محددة مسبقا والثاني تأويلي -موضوعاتي وذي ف ات ناش ة.
وأما بالنسبة للفرق بين تحليل املحتوى والتحليالت المشابهة له ،فيمكن
تلخيصها فيما يلي:
-نشير في البداية إلى عالقة التحليل الموضوعاتي بتحليل املحتوى؛ حيث يعتبر
التحليل الموضوعاتي من أكنر أنواع التحليالت الواردة في األدبيات المتخصصة ،وهو
يعتبر عادة تحليال كيفيا ومن أهمها ،بل قد يعتبر مرادفا لتحليل املحتوى الكيفي –
خاصة عند األوروبيين حسب "كوكارتز" ،)Kuckartz, 2019( -بينما يمكن اعتبار أن
تحليل املحتوى منهج تحليل كمي و/أو كيفي .لذلك ،فهما يشتركان في بعض أبعاد
عملية التحليل الكيفي للبيانات ،مع تميز تحليل املحتوى بكونه منهجا وليس مجرد نوع
تحليلي ،حيث قد يجمع بين كمية التحليل وكيفيته في إجراءاته التطبيقية .وتنسحب
أبعاد هذه المقارنة مع التحليل الموضوعاتي على طبيعة عالقة هذا األخير بكل مناهج
التحليل ذات األبعاد الكيفية.
المراجع ل دبيات المتخصصة -عالقة التحليل التجميعي بتحليل املحتوى :إن ُ
يجد عدة تعاريف للتحليل التجميعي (التلوي ،البعدي ،الشمولي ،ميتا تحليل ،تحليل
المستوى الثاني )...يتصدرها عادة التعريف الشهير ألول من استعمل هذه التسمية -
"غالس" ( ،-)Glass, 1976, p. 3ومفاده أن التحليل التجميعي هو" :التحليل اإلحصائي
ملجموعة واسعة من نتائ تحليل بحوث فردية بغرض إدماج نتائجها" .مع وسمه في
الصفحة نفسها باسم "تحليل التحليالت" ( .)Analysis of analysesوانطالقا من هذا
الوسم األخير (تحليل التحليالت) ،يمكن القول إن تحليل املحتوى والتحليل التجميعي
ليسا من نفس الطبيعة من حيث المستوى التحليلي "الكلي والجزئي" ،فالتحليل
التجميعي من النوع الكلي بحيث يمكن أن يشمل تحليله عدة بحوث استعملت منهج
تحليل املحتوى أو غيره من مناهج التحليل العلمي .وفي مقابل ذلك ،يمكن القول إنهما
يشتركان في كون بدايات كل منهما كانت كمية قبل أن تتوسع -في فترات مختلفة -لتشمل
الممارسات الكيفية (انظر الحقا مبحث التحليل التجميعي).
-بالنسبة للتحليل الوثائقي ،يمكن تعريفه على أنه عبارة عن عمليات تستهدف
تمثيل محتوى الوثائق في شكل مختلف عن شكلها األصلي من أجل تسهيل االطالع عليها
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
257
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
أو تحديد موقعها في بحث الحق .وهو يختلف بشكل رئيس عن تحليل املحتوى في كون
الموثق يعمل بشكل أساس -وليس دائما ،ألن البعض يعتبر أن كلمة "نص /وثيقة" قد
تدل على مستند أو اتصال شفهي أو صورة أو مقطع فيديو) -على الوثائق والمستندات
بينما يعمل محلل املحتوى على كل أنواع الرسائل التواصلية .يتم إجراء التحليل
الوثائقي بشكل أساس عن طريق التصنيف والفهرسة الموضوعاتية ،بينما يعد
التحليل الف وي الموضوعاتي أحد أساليب تحليل املحتوى فقط .كما أن الهدف من
التحليل الوثائقي هو التمثيل المكثف للمعلومات لتخزينها واالطالع عليها ،بينما يحاول
تحليل املحتوى الوصول إلى استنتاجات أو تفسيرات في واقع معين من خالل الرسائل
التواصلية (دليو .)2122 ،وفي المقابل ،هناك من يرى بأن التحليل الوثائقي بمعناه
أيضا تحليل بنية النص أو الواسع ال يتضمن تحليل املحتوى فحسب ،بل يشمل ً
جزءا من سياق أكبر (تاريخي ً
وغالبا ما يكون ذلك ً تصميمه وكيفية عمل العناصر،
وثقافي).
-إن التحليل اللغوي (اللساني)- ،حسب "دي سوسور" و"باردن" ( de Saussure,
-)Abela, 2001, p. 9( )1980; Bardin, 1996يحاول وصف قواعد عمل اللغة ،بينما
إهتم تحليل املحتوى بالممارسات اللغوية وغير اللغوية وبمعانيها الظاهرة والكامنة.
وهو في صيغته الكيفية يشترك مع التحليل اللغوي الكيفي أصال بحكم منطلقاته
التأويلية .مع اإلشارة إلى أن التحليل اللغوي يسمى أحيانا التحليل اللغوي للنصوص،
ويذكر ضمن ما يسميه البعض منهج المقاربات اللسانية التقاربية ( Method of
)convergent linguistic approachesالتي توسم بقلة صرامتها المنهجية ( Marchese,
،)2020وهي تشمل ما يسمى بالتحليل النص ي وتحليل الخطاب اللذين سيتم عرض
مقارنتهما تباعا مع تحليل املحتوى في العنصرين المواليين.
-أما االختالف الرئيس بين تحليل املحتوى والتحليل النص ي فيكمن في أن تحليل
أيضا على المواد غير النصية .باإلضافة إلى ذلك ،فإن تحليلهاملحتوى يمكن إجراته ً
ُ
قد يتجاوز محتوى النص نفسه إلى أشياء تقع خارجه وتنري معناه .ولكن تجدر اإلشارة
هنا إلى أن البعض يستخدم أحيانا مفهوم التحليل النص ي ل شارة إلى أنواع النصوص
غير المكتوبة ( ،)Dearing, 2023; McKee, 2001فيلتقي بذلك مع تحليل املحتوى.
-وأما تحليل الخطاب فيشير بشكل أساس إلى فعل املحادثة وإلى العمليات
البنيوية للتفاعالت التي تحدث فيه .فهو يشترك مع تحليل املحتوى في البحث النهائي
عن معنى النص ،ولكنه يختلف عنه في كونه يميل إلى االعتماد على مقاربات نظرية
تأويلية مرنة مقارنة بتحليل املحتوى –الكمي طبعا -ذي المنهجية الصارمة التي تميزه.
ولذلك ،فإن إطار التحليل التأويلي للخطاب يميل إلى أن يكون غير طيع لمعظم تقنيات
تحليل املحتوى الكمية المتاحة.
"مانقنو" تحليل الخطاب منهجا قريبا من -أو متداخال مع-ُ ومن جهته يعتبر
تحليل املحتوى مع تميزه عنه بتحليل البنى اللغوية وإعطاء األولوية لتحديد المؤشرات
الدالة على التمثالت أو على الظروف االجتماعية والتاريخية ( Maingueneau, 2012,
.)pp. 6-7مع اإلشارة هنا إلى وجود من يعتبر تحليل الخطاب شامال لتحليل املحتوى
ولـتحليل املحادثة ولـتحليل الخطاب النقدي ولـلتحليل التفاعلي وللتحليل
السيميولوجي ،باعتبارها كلها من فروع تحليل الخطاب والذي بإمكانه بحث بيانات كل
مدونات هذه المناهج :الخطب الرسمية والمقابالت والرسائل والتقارير اإلعالمية
والصور واإلعالنات .)Hayes, 2023, p. 616( ...وهذا مقابل من يرى تبعا للمعنى الواسع
المعط -أعاله -لتحليل املحتوى من طرف "كريبندورف" ( Krippendorff, 2004, p.
)16أن هذا األخير يشمل تحليل الخطاب وغيره من التحليالت.
كما يمكن القول إن أهم الفروق بين تحليل املحتوى وتحليل الخطاب تتمثل في
كون األول يتعامل تقليديا مع النصوص اإلعالمية المكتوبة بمقاربة كمية ،قبل أن
يشمل مجال استعماله با ي أنواع النصوص وبالمقاربتين الكمية والكيفية ،أما تحليل
الخطاب فمقاربته تشمل أصال مختلف أنواع النصوص وبمقاربة كيفية فقط وذات
خلفية نظرية سيميائية .كما يختلف التحليالن من حيث أدوات جمع البيانات (ف ات
الشكل والمضمون مقابل استراتيجيات وأطر ...التحليل) .ويبرز البعض فرقا آخر
مفاده أن تحليل الخطاب يتعامل أساسا مع معاني الخطاب بينما يركز تحليل املحتوى
على محتوى النص ( ،)Caregnato & Mutti, 2006, p. 684وأن األول يستهدف معرفيا
بناء الواقع بينما يستهدف الثاني إيجاد طريقة "جيدة" أو "مناسبة" لبحث الواقع
ً
بالتركيز على معرفة األفكار المنتشرة في النصوص بدال من تركيزه على بناء الواقع من
مكونات نصية وغير نصية (.)Gheyle & Jacobs, 2017
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
259
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
ومن جهة أخرى ،يرى البعض ( )Laramée & Vallée, 2005, p. 265أن تحليل
الخطاب -بخالف تحليل املحتوى -يبدو فعاال في حالة أنواع الخطاب المرتبة ترتيبا
جيدا ،حيث يكون إطار اإلنتاج واضحا كما في الخطاب السياس ي والخطاب الديني...
ولكن عندما نخرج عن أنماط الخطاب الواضحة يصبح المنهج فاقدا للصرامة ويجب
عليه االقتباس من منظورات أخرى.
-وبالطبع ،ال يمكن الحديث عن تحليل الخطاب دون التعري على ما يسمى
بتحليل املحادثة ،والذي إهتم أساسا بأهم قواعد إدارة الحوار بما في ذلك الجوانب
اللفظية وشبه اللغوي ة (اإليماءات ،الصمت )...وعالقتها بالبنى االجتماعية ( Castillo,
.)2021ولذلك ،يتم الخلط أحيانا بينه وبين تحليل الخطاب ،لكن البعض يرى أن
لدإهما مقاربتين مختلفتين؛ فبينما يستكشف تحليل الخطاب المعاني االجتماعية
الشاملة للخطاب ،فإن تحليل املحادثة يعمل على المستوى السلوكي وإهتم بكيفية
ً
إدارة التبادل الحواري وبكيفية تنظيم تفاعالته بدال من البحث عن آثار اجتماعية
أوسع (.)Hayes, 2023, p. 619
-وأخيرا ،فإن التحليل السيميولوجي إهتم بمعاني النصوص بنفس الطريقة التي
يتعامل بها تحليل املحتوى ،ولكنه يختلف عنه في أن وحدة التحليل النهائية هي
ً
العالمة ،والتي إهدف من خاللها بشكل أساس ي إلى بناء النص بدال من تحليله مع
ً وصفيا ًً ً
تأويليا كامال ألفعال األ خاص (دليو.)2122 ، اعتماده جهازا
وبالطبع ،يوجد في األدبيات المتخصصة أنواع أخرى من التحليالت الكيفية ال
يتسع املجال لذكرها ومقارنتها بتحليل املحتوى ،مثل" :تحليل اإلطار" Framework -
" ،-analysisتحليل المقاالت الصغيرة" -Vignette analysis-في مجال التمريض خاصة
– ( ،)Hayes, 2023, pp. 620-623وتحليل المعلومات ( :)Information analysisتحويل
المعلومات املجمعة واملحللة إلى معرفة بغية اتخاذ قرارات استراتيجية...
الخالصة
من الواضح أن كل هذه المناهج /التقنيات التحليلية يمكن دمجها وبالتالي قد
يكون لدينا ،على سبيل المثال ،تحليل محتوى الخطاب ،عندما يتم اعتماد األطر
النظرية التأويلية بشكل مشترك مع منهجية تحليل املحتوى أو التحليل السيميولوجي
للخطابات ،وخاصة عندما يقرر املحلل الجمع بين اإلطار السيميولوجي البنيوي
والتأويالت البنيوية البينية للخطاب.
أي ،أنه يمكن الجمع بين كل هذه التقنيات ودمجها ،عندما يكون النموذج
التخصص ي أو النظري ً
واحدا .وهكذا ،عندما يكون علم االجتماع هو الذي يتعامل مع
التحليل اللغوي ،يمكن استعمال تقنية تحليل جديدة تسمى علم اللغة االجتماعي
(اللسانيات أو االجتماعيات اللغوية) ،وتهتم ببحث العالقات بين البنيات اللغوية
واالجتماعية ،بنفس طريقة تحليل املحتوى السوسيولوجي الذي يؤكد على العالقة بين
السياقات االجتماعية ومعنى النص ،أو تحليل الخطاب السوسيولوجي في التفاعل
االجتماعي الذي يحدث في "فعل املحادثة" (Abela, 2000, p. ( )Conversational Act
.)10
كما أن التقارب المعرفي والتحاقل بين تخصصات مختلفة ،وتوسيع معاني
المفاهيم المفتاحية لبعض المناهج التحليلية ،مثل "النص" و"الوثيقة" و"الحديث"
و"الخطاب" ...لتصبح تشمل كل أنواع مواد التحليل (النصوص والصور والمقاطع
السمعية والسمعية البصرية) عمق هذا التوجه اإلندماجي ووسعه .وهي من األمور التي
جعلتني أميل أكنر فأكنر نحو اعتبار مفهوم تحليل املحتوى -الذي أصبح كميا وكيفيا
بالضرورة -شامال لجميع أنواع المناهج التحليلية الكمية والكيفية واملختلطة ،مع ترك
خصوصيات التحليل التطبيقية لطبيعة أهداف البحث بخلفيته النظرية وخصائص
مادته البحثية التحليلية.
التحليل التجميعي) وباسم "تصميم" (تصميم التحليل التجميعي) ومن دون أي زيادة
(التحليل التجميعي) .وقد تم اعتباره هنا منهجا -مقابل كلمة "-"Methodعلى غرار
سوابقه في هذا العمل ،ولمن يريد عدم تضييع وقته بالدخول في الجدل العقيم حول
الفرق بين التقنية والمنهج وترجمتهما فليستعمل ِ
مقابله باإلنجليزية ( Meta-method
)analysisتبعا لـ "روسلي ووكشتلر" ( )Rousselet & Wechtler, 2012في حالة اعتباره
إياه منهجا.
ونظرا ألهمية هذا اإلجراء المنهجي ،فقد تم استعماله منذ قرون خلت ،حيث
يرى البعض أن أول استعمال له -بتسمية مختلفة -كان في بحوث علم الفلك في القرن
السابع عشر ،ثم في املجال الطبي في مطلع القرن العشرين (موقع :هارفارد بزنس ريفيو:
،)https://hbrarabic.com, 02/4/2023وذلك بالقيام ببحث (عام )1312استهدفت
تجاوز سلبيات العينات الصغيرة المستعملة في عدة بحوث ( Chamberlain, 2007, p.
.)229
بينما يعتبر البعض اآلخر أن التحليل التجميعي منهج بح ي جديد ً
نسبيا تم
تطبيقه في مجاالت متنوعة مثل الفيزياء وعلم النفس والعلوم التربوية والطب الحيوي
وعلم األوب ة والبي ة والعدالة الجنائية .وكان أول من أطلق عليه هذا االسم (Meta-
)analysisهو "غالس" ( )Glass, 1976في سبعينيات القرن الماض ي ،وذلك لوسم
مقارنة نتائ عدة بحوث استعملت نفس مقياس حجم التأثير :مستوى الثقة والداللة
مقابله الخاص بالبحوث
اإلحصائية ( .)Chamberlain, 2007, p. 229ثم تم استحداث ِ
الكيفية باسم التحليل التجميعي الكيفي /التحليل التجميعي للبحوث الكيفية ( Stern
،)Barbara, Thorne, Canam & Jillings, 2001( )& Harris, 1985وبمسميات أخرى
سيتم عرضها في المبحث الموالي .ولقد أصبح التحليل التجميعي ً
شائعا مع تزايد عدد
البحوث ذات البروتوكوالت /اإلجراءات المنهجية المماثلة والتي تعتبر من أهم شروط
تنفيذه ،ولذلك قد نجده منتشرا أكنر في مجاالت بحثية –صحية خاصة -دون أخرى
تبعا لذلك .وبعد ذيوع استخدام اإلنترنت ،اقترح البعض اسم "التحليل التجميعي عبر
الشبكة" ( )Network meta-analysisفي عام 2112كإجراء إحصائي ذي قدرة عالية
على تجميع األدلة املختلطة (الناش ة عن األدلة المباشرة وغير المباشرة) ( Lumley,
،)2002والقيام بعدد ضخم من المقارنات في الوقت نفسه وبسرعة وكفاءة .كما تم
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
263
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
الجمع التدريجي والتقييم الممنهج لنتائ البحوث السابقة الفردية ،ويمكن اعتباره
كخالصة كمية لهذه البحوث" (.)Valcárcel, 1995
-كما يرى الكوريان "أهن وكان " ( )Ahn & Kang, 2018, p. 103أن "التحليل
التجميعي ُيعد منهجا صحيحا وموضوعيا وعلميا يستهدف تحليل نتائ مختلفة
والجمع بينها".
-ومن جهتهما يعتبره "شلبي وفاسكو"(" )Shelby& Vaske, 2008تقنية كمية
تستخدم مقاييس إحصائية محددة ل شارة إلى قوة العالقات المتغيرة للبحوث
ً
المدرجة في التحليل .وذلك بغية التأكيد على أهمية النتائ عبر بحوث متعددة بدال
من نتائ بحث واحد".
-وفي السياق نفسه ،يمكن القول ب يء من التفصيل أن التحليل التجميعي
كميا وحجم التأثير) ،(14ل شارة ً
مقياسا ً عبارة عن خالصة ( )Synthesisبحثية تستخدم
إلى قوة العالقة بين المعالجات والقياسات المعتمدة للبحوث التي تشكل هذه
الخالصة .مع مالحظة أن خالصات البحث ليست كلها عبارة عن تحليالت تجميعية.
غالبا ما يكون الغرض من خالصة البحث هو تقديم وصف ملجال بح ي معين، حيث ً
مع توضيح البحوث التي تم إجراتها .وفي حاالت أخرى ،تكون البحوث متنوعة ً
جدا في
طبيعتها بحيث ال توفر مؤشر حجم تأثير ذي داللة إحصائية ( & Gliner, Morgan
.)Harmon, 2003
-ونختم العرض التعريفي بتوصيف يتضمن مثاال في مجال االتصال :عند
استعمال التحليل التجميعي ،يأخذ الباحث مجموعة من البحوث الكمية ويحلل
البيانات ككل متكامل لتحقيق فهم أفضل لظاهرة االتصال .على سبيل المثال ،قد
يرغب الباحث معرفة كيفية تأثير ألعاب الفيديو على عدوانية مستخدميها .فيجد أنه
تم إجراء العديد من البحوث حول هذا الموضوع ،مع نتائ متضاربة في بعض األحيان.
) (14تستخدم "أحجام التأثير" ( )Effect Sizesلتلخيص ونمذجة نتائ البحوث التي تتناول سؤال بحث
مشابه باستخدام مقاييس مختلفة .ويجب اختيار أحدها بشكل صحيح .مع اإلشارة إلى أن أحد مقاييس
أحجام التأثير شائعة االستخدام هو المتوسط المعياري .وهناك أحجام تأثير شائعة أخرى مثل التي
تستعمل في علم البي ة وبعض التخصصات األخرى (نسبة االستجابة اللوغاريتمية) ،ومعامالت االرتباط -
لتقييم االرتباط بين مقياسين مستمرين (مثل :ساعات تعرض المراهقين لبرام سمعية بصرية في اليوم
وساعات نومهم كل ليلة) ،ومقياس "الخطر النسبي"… (.)Jadotte, Moyer & Gurevitch, 2023, p. 585
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
265
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
فيقرر القيام بتحليل مجمل اإلحصاءات الموجودة حول الموضوع لتحقيق فهم
أفضل للعالقة بين المتغيرين :ألعاب الفيديو والعدوانية (.)Malik, 2017
خالصة القول ،إن التحليل التجميعي هو عبارة عن عملية الجمع والتحليل
الممنهج لنتائ البحوث السابقة الفردية حول موضوع معين ،وتقديم خالصة كمية
لها؛ أي أن التحليل التجميعي هو في جوهره عبارة عن مراجعة ببليوغرافية (مراجعة
األدبيات المتعلقة بموضوع معين) ،ولكن على عكس الطريقة التقليدية التي
تستخدمها هذه األخيرة ،والمتمثلة في التعليق والتحليل والمقارنة الوصفية للبحوث
الفردية ،يربط التحليل التجميعي بطريقة ممنهجة بين مجموعة واسعة من النتائ
ويقدم استنتاجات كمية حول مجال البحث.
وتجدر اإلشــارة هنا إلى أربع مالحظات ،تش ــير أولها إلى أن بعده الكمي ال يعني أنه
مجرد أداة إحص ـ ــائية ،بل يمكن اعتباره كبحث رص ـ ــد وتجميع وتحليل فعلية ،وبالتالي
يجب التعامل معه بإتباع تقنيات البحث المعترف بها منهجيا والتي تتضـ ـ ـ ــمن ضـ ـ ـ ــبطا
جيــدا لمسـ ـ ـ ــتلزمــاتهــا .ومفــاد المالحظــة الثــانيــة أن ص ـ ـ ـ ـفــة ممنهج /منظم أو ش ـ ـ ـ ــامــل
(– )Systematicتبعا للثنائي ( -)Impellizzeri & Bizzini, 2012, p. 495تعني المقاربة
الص ـ ــارمة (اس ـ ــتعمال مجموعة واض ـ ــحة من القواعد) المس ـ ــتخدمة لتحديد البحوث
ذات الص ـ ـ ــلة وتحليلها .أما المالحظة الثالثة فتش ـ ـ ــير إلى أن هذا االنتظام أو الشـ ـ ـ ـمول
وذل ــك التكميم ال يتع ــارضـ ـ ـ ـ ــان مع وجود تحلي ــل تجميعي كيفي (Qualitative Meta-
)analysisظهر الحقـا بهـذا االسـ ـ ـ ــم أو بـأس ـ ـ ـ ـمـاء مغـايرة أهمها" :الدراسـ ـ ـ ــة التجميعية"
( )Meta-studyأو الخالصـة التجميعية ( .)Meta-synthesisوأما المالحظة الرابعة فهي
حول ع ــدد البحوث الواج ــب توافره ــا للقي ــام بتحلي ــل تجميعي مقبول علمي ــا .تشـ ـ ـ ــير
بعض األدبيــات إلى عــدم اشـ ـ ـ ــتراط وجود عــدد معين (حــدين أدن وأعلى) من البحوث
لـتض ـ ـ ـ ـمـيـنـه ـ ــا فـي الـتـحـلـي ـ ــل الـتـجـمـيعي ،لكن عملي ـ ــا الح "فيناليسـ ـ ـ ــن وديكسـ ـ ـ ــون"
( )Finlayson & Dixonأن التحليالت التي تم إجراتها حتى عام 2115تضــمنت ما بين
أربعة بحوث وما يصــل إلى 232بحثا تحليليا تجميعيا ()Noah, 2017, p. 198؛ فيمكن
جدا وواس ــعة النطاق وعامة ،وذلك أن تكون التحليالت ص ــغيرة ومركزة بدقة أو كبيرة ً
تبعا لعدد البحوث المعنية المتوافرة ولطبيعة األس ـ ـ ـ لة المطروحة فيها وللتخصـ ـ ــص
العلمي المعني ول مك ــان ــات الم ــادي ــة والبشـ ـ ـ ــري ــة والزمني ــة المت ــاح ــة للقي ــام ب ــالتحلي ــل
التجميعي .وب ــالطبع ،ف ــإذا نت عن البح ــث األولي وجود ع ــدد قلي ــل من البحوث حول
الموضــوع المعني ،فالمطلوب توســيع نطاق البحث ،وأما إذا كشــف البحث األولي عن
م ــات اآلالف من البحوث ،فيجــب ص ـ ـ ـ ـقــل أو تضـ ـ ـ ــييق النطــاق ( & Jadotte, Moyer
)Gurevitch, 2023, pp. 583-584باختيار عينة منها مثال.
الموضوع (المرض في املجال الص ي) ،والمراجعة الشاملة في البحوث التي تكون حول
مواضيع /أمراض متشابهة ،أو التي يمكن أن تكون ناتجة عن أثر العوامل نفسها وعن
تطور موازي للمشكلة /للمرض.
-وفي هذا اإلطار ،تجدر اإلشارة إلى أن هناك من يفرق بين المراجعة الشاملة/
الممنهجة ( )Systematicل دبيات والمراجعة السردية ( )Narrativeلها ،معتبرا أن
المراجعات السردية هي الشكل األول للمراجعة العامة ل دبيات ( )Overviewوالتي
تتيح للباحثين الحصول على ملخص سريع حول الوضع الحالي للمعرفة في موضوع
معين .وعندما ُيدعى الخبراء لكتابتها تسمى المراجعات السردية "مراجعات الخبرام"
( .)Expert reviewsمع اإلشارة إلى أن كال من المراجعات السردية ومراجعات الخبراء
يستند إلى اختيار ذاتي للمنشورات التي من خاللها يقوم المراجع بمعالجة كيفية
لسؤال معين ،ملخصا نتائ البحوث السابقة بغية الوصول إلى استنتاج عام .عالوة
على ذلك ،فإن عدم وجود استراتيجية بحث محددة يزيد من احتمال الفشل في تحديد
البحوث ذات الصلة أو الرئيسة حول موضوع معين ،مما يسمح بالتحف حول
موثوقية معلوماتها واستنتاجاتها ،ولذلك يمكن اعتبار المراجعات السردية بمثابة
مقاالت رأي .ويمكن تجاوز عيوبها من خالل إجراء "مراجعة شاملة /ممنهجة" ،تتميز
–كما مر معنا -بمقاربة صارمة تعتمد على مجموعة واضحة من القواعد واستخدام
استراتيجية بحث دقيقة وتحليل منهجي واضح المعالم للبحوث املختارة ( Impellizzeri
.)& Bizzini, 2012, pp. 494-495
وتجدر المالحظة هنا إلى ورود مصطلحات أخرى في بعض األدبيات الصحية
مشابهة للمراجعة الشاملة ل دبيات ارتبطت بالتحليل التجميعي الكيفي ،مثل:
"الخالصة التجميعية" ( )Woodend, 2007أو "الدراسة التجميعية" -األكنر شيوعا،-
وهي موضوع العرض المقارن في الفقرة الموالية.
-بين التحليل التجميعي والدراسة التجميعية :يرى "زهاو" ( Zhao, 1991, p.
)377بأن الدراسة التجميعية أوسع ألنها تشمل التحليل التجميعي (تحليل البيانات
التجميعية) وفرعين آخرين :المنهج التجميعي والنظرية التجميعية ( Metatheory,
.)Metamethod and Meta–data-analysisأما "شامبرالين" ( Chamberlain, 2007, p.
)229فيرى أن الدراسة التجميعية مرتبطة بالبحوث الكيفية وهي نوعان :نوع تتم فيه
دراسة وتحليل نفس الظاهرة (الموضوع) ونوع آخر يقوم فيها الباحث بتلخيص نتائ
وإجراءات بحوث سابقة (متشابهة) ،وميزة هذه األخيرة أنها تتيح له فرصة التفكير في
الخطوات البحثية المتخذة في الدراسات األولى لتحديد أين تم الوصول في هذه
الدراسات وما هي وجهتها المستقبلية .أما التحليل التجميعي فهو يخص تجميع
ومراجعة نتائ عدة بحوث كمية حول موضوع واحد .ويؤيده في ذلك "باترسن وثورن
وكانام وجيلين " ( )Barbara, Thorne, Canam & Jillings, 2001, p. 2الذين ينقلون
عن "سترن وهاريس" ( )Stern and Harris, 1985قولهما إن "الدراسة التجميعية" هي
نفسها "التحليل التجميعي الكيفي" وأنها تتطلب وقتا طويال وقاعدة بيانات بحثية
واسعة بما فيه الكفاية.
والجدول (رقم )13الموالي يوضح الفرق بين المراجعات السردية والشاملة
ل دبيات والتحليل التجميعي والدراسة التجميعية.
الجدول رقم :48يوضح خصائص المراجعات السردية والشاملة لألدبيات والتحليل
التجميعي والدراسة التجميعية
التحليل المراجعات المراجعات
الدراسة التجميعية
التجميعي الشاملة السردية
صياغة عامة صياغة دقيقة صياغة دقيقة سؤال البحث صياغة فضفاضة
وصف ناقص أو
وصف عام محددة بوضوح محددة بوضوح المنهجية
منعدم
اختيار
تحديد أولي محدد بوضوح محدد بوضوح غير موصوف
البحوث
حسب مستوى حسب مستوى ترتيب
تصنيف أولي غير منجز
األدلة األدلة البحوث
وصف وتطوير موصوف موصوف تحليل
غير موصوف
مواضيع بوضوح بوضوح البحوث
كتابة تقرير
كيفية كمية كيفية كيفية
النتائج
المرجع :إعداد شخص ي باالعتماد على معلومات نظرية
الجدول رقم 21الموالي) ،وهناك قوالب بروتكوالت تحليلية أخرى تم نشرها في مواقع
بعض الجامعات (… ،)PROSPEROوهي بمثابة دليل يتضمن قائمة إجراءات
للمراجعة ( )Checklistتشمل جميع المعلومات ذات الصلة التي يجب تناولها في
البروتوكول ،ومعظمها متضمن في الخطوات التي نحن بصدد عرضها .وبالطبع ،يمكن
إعداد بروتوكوالت مكيفة تبعا لتخصصات أخرى غير العلوم الطبية تتضمن أهم
اإلجراءات التنفيذية المناسبة للتخصص المعني.
.3تحديد مصادر مواد ببليوغرافية مختلفة بغية مراجعتها ،مثل :قواعد
البيانات اإللكترونية (…)Scopus, Web of Science, EBSCO, e-marefa, LILACS
والفهارس والرسائل والمذكرات الجامعية وتقارير التدريبات الميدانية واملجالت
والمؤتمرات ،...فضال عن تحديد الباحثين الذين سيتم االتصال بهم للحصول على
معلومات حول بحوث غير منشورة ،كما يمكن البحث عن بعض األدبيات "الرمادية"
في مواقع متخصصة (مثال )ProQuest and Opengrey :أو منشورة في مجالت أو وسائل
أخرى ال تظهر في مصادر المعلومات المعتمدة .ويمكن االستعانة في ذلك بتقنية "كرة
الثلج" .يجب أن تغطي المراجعة الببليوغرافية –ومن دون حاجز لغوي -جميع
المعلومات المتاحة في جميع أنحاء العالم حول هذا الموضوع مع لفت انتباه الباحثين
للتفكير في تأثير هذه القرارات الخاصة بدم أو إقصاء بحوث غير منشورة وبلغات
نشر غير مشهورة على النتائ ومعالجة تأثيراتها املحتملة من خالل إجراءات إحصائية
(مثل :تحليل الحساسية) .وينصح في عملية البحث الببليوغرافي هذه تنفيذها –
بكلمات مفتاحية مناسبة -من قبل باحثين اثنين على األقل والمقارنة بين نتيجة بحثهما
الببليوغرافيين بغية توحيد النتيجة.
.2استبعاد البحوث التي تكرر نشرها ،بطريقة يدوية أو من خالل تحميل كل
األعمال في برنام معلوماتي (… )Mendeley, EndNote, Zoteroوالضغط على زر
(مكرر.)Duplicates /
.8تحديد معايير اختيار البحوث التي ينبتي إدراجها في التحليل التجميعي
(معايير التضمين واالستبعاد) .وبشكل عام ،يتم إعداد دليل يسمح بتقييم جودة
البحوث من خالل مقياس تنقيط (خصائص البحوث ،نوعيتها المنهجية ،نتائجها).
تحيين (تحديث) المراجعة الشاملة /التحليل التجميعي كل سنتين ،بينما يرى آخرون
أن متطلبات تحديث التحليل تعتمد على كمية المواد العلمية المنشورة ً
سنويا ،وعلى
طبيعة الموضوعات واملخرجات العلمية في كل تخصص (.)Ortiz & al., 2022, p. 55
وفيما يلي (الجدول رقم )21ملخص سداس ي لهذه الخطوات التطبيقية ،متبوعا
بالجدول ( )21الخاص بعرض قائمة اإلجراءات النموذجية للقيام بمراجعة شاملة أو
بتحليل تجميعي:
الجدول رقم 20ملخص خطوات تطبيق المراجعة الشاملة /التحليل التجميعي
الخطوة1
تحديد سؤال البحث ومعايير االختيار
الخطوة2
البحث عن البحوث
الخطوة3
اختيار البحوث
الخطوة2
استخراج البيانات
الخطوة8
عرض وتحليل البيانات
الخطوة1
تفسير النتائ
الجدول رقم :24قائمة اإلجرامات النموذجية للقيام بمراجعة شاملة أو تحليل تجميعي تبعا
لبروتوكول " "Prismaنسخة 2020
مكان رقم القسم
عناصر/بنود قائمة المراجعة
تحريرها البند والموضوع
العنوان
تشخيص العمل كمراجعة شاملة /كتحليل تجميعي. 4 العنوان
الملخص
أنظر "بريسما" 2121لالطالع على قائمة مراجعة الملخصات. 2 الملخص
مقدمة
وصف المبررات المنطقية للمراجعة في سياق المعرفة الراهنة. أسباب
7
منطقية
تقديم بيان صريح حول الهدف (األهداف) أو السؤال (األس لة) الذي
تعالجه المراجعة. 1 األهداف
مناهج
تحديد معايير التضمين واالستبعاد المعتمدة في المراجعة وكيف تم تجميع معايير
البحوث من أجل التحليل. 4
االختيار
تحديد كل قواعد البيانات ،الفهارس ،المواقع اإللكترونية ،قوائم المراجع
ومصادر أخرى تم البحث عنها أو االطالع عليها لتشخيص البحوث .تحديد مصادر
9
تاريخ البحث عن كل مرجع أو االطالع عليه. المعلومات
تقديم كل استراتيجيات البحث الخاصة بجميع قواعد البيانات والمراجع استراتيجية
والمواقع اإللكترونية ،بما في ذلك كل عوامل الغربلة والحدود المستخدمة. 7
البحث
تحديد الطرق المستعملة لتحديد متى تتوافر في بحث معين شروط اختيارها،
بما في ذلك عدد المراجعين الذين فحصوا كل البحوث ،وهل عملهم كان إجراءات
9
فرديا ،وتحديد أدوات األتمتة في حالة استعمالها في العملية. االختيار
تحديد الطرق المستخدمة في جمع البيانات من البحوث ،بما في ذلك عدد
المراجعين الذين جمعوا البيانات بغض النظر عن كون عملهم فرديا أو إجراءات
جماعيا ،وفي أي من العمليات تم استخدامها للحصول على البيانات أو 8 جمع
تأكيدها من أصحاب البحوث ،وذكر تفاصيل أدوات األتمتة في حالة البيانات
استخدامها في العملية.
-وضع قائمة تتضمن جميع النتائ التي تم البحث عن البيانات الخاصة بها. 40أ
تحديد ما إذا كانت جميع النتائ متوافقة مع مجال كل منها في كل بحث (مثال،
جميع المقاييس والنقاط الزمنية والتحليالت) ،وإذا لم يكن األمر كذلك، عناصر/
تحديد الطرق المستخدمة لتحديد النتائ التي يجب جمعها. بنود
-وضع قائمة تتضمن جميع المتغيرات األخرى التي تم البحث عن البيانات 40ب البيانات
الخاصة بها (مثل ،المشاركين وخصائص التدخل ،ومصادر التمويل) .وصف
االفتراضات التي تم تبنيها حول المعلومات المفقودة أو غير الواضحة.
تحديد الطرق المستعملة في تقييم مخاطر التحيز في البحوث املختارة ،بما في دراسة
ذلك التفاصيل الخاصة باألداة (األدوات) المستخدمة وعدد المراجعين مخاطر
الذين قيموا كل بحث ،وهل عملهم كان منفردا ،وتحديد أدوات األتمتة في 44
تقييم
حالة استعمالها في العملية. التحيز
تحديد أثر المقياس (المقاييس) الخاص بكل نتيجة (مثل ،نسبة الخطر مقاييس
وداللة االختالف) المستخدم في عملية التجميع أو في عرض النتائ . 42 األثر
-وصف العمليات المستخدمة لتحديد البحوث التي كانت مؤهلة لكل تجميع 47أ مناهج/
(مثل جدولة خصائص تنفيذ البحث ومقارنتها باملجموعة املخططة لكل طرق
تجميع :البند .)8
التجميع
-وصف الطرق المطلوبة إلعداد البيانات للعرض والتحليل ،مثل معالجة 47ب
خالصة اإلحصاءات المفقودة أو تحويالت البيانات.
-وصف الطرق المستخدمة للجدولة أو للعرض البصري لنتائ البحوث 47ج
الفردية والتجميعات.
-وصف الطرق المستخدمة لعرض وتحليل النتائ وتقديم مبرر منطقي 47د
لالختيار(ات) .إذا تم القيام بالتحليل التجميعي ،يجب وصف النمـ(ا/و)ذج
والمنـ(ا)هج المستخدمة للتعرف على وجود عدم التجانس اإلحصائي وعلى
مداه وعلى البرنام المعلوماتي المستخدم.
-وصف الطرق المستخدمة الستكشاف األسباب املحتملة لعدم تجانس 47ه
نتائ البحوث (مثل ،تحليل املجموعات الفرعية واالنحدار التجميعي).
-وصف تحليل الحساسية المستخدم لتقييم قوة النتائ املجمعة. 47و
وصف الطرق المستخدمة لتقييم خطر التحيز بسبب فقدان النتائ في وصف
41 تقييم
عملية التجميع (الناش ة عن اإلبالغ عن التحيزات).
التحيز
وصف الطرق المستخدمة لتقييم الموثوقية (أو الثقة) في متن حجج كل تقييم
44
نتيجة. الموثوقية
المرجعCovidence, 2023 :
مالحظـة :يمكن ترجمــة كلمـة ( )Synthesisبـالتجميع أو بــالعرض والتحليــل أو بـالخالص ـ ـ ـ ــة ،وكلمــة
( )Methodsبالمناهج أو بالطرق ،وصـ ـ ـ ــفة ( )Systematicبالشـ ـ ـ ــامل أو بالممنهج ،وذلك حسـ ـ ـ ــب
سياق الجمل ومع األخذ بعين االعتبار عنوان هذا المبحث :منهج التحليل التجميعي.
تلك التي تم نشرها .بينما ال يتم نشر العديد من البحوث الميدانية (في املجال الطبي
خاصة) ألسباب مختلفة ،وال سيما تلك التي ال تسجل االختالفات بين مجموعات
البحث املختلفة .وهكذا ،فإن التحليالت التجميعية التي تشمل فقط نتائ البحوث
الميدانية المنشورة قد تميل إلى المبالغة في تقدير تأثير النتائ .
وهناك احتمال آخر للتحيز يتمثل في تكرار استخراج البيانات من قبل
الباحث الذي سيقوم بالتحليل التجميعي .يحدث هذا في كثير من األحيان مع البحوث
الميدانية المنجزة من طرف عدة مراكز ،والتي -باإلضافة إلى نتائجها العامة -يمكن
لكل مركز مشارك نشر نتائجه بشكل مستقل.
لذلك ،فالمطلوب تحري الدقة في البيانات املجمعة والتأكد من أنها غير متحيزة
وصحيحة بنسبة عالية جدا.
-يمكن أن تؤدي االنتهاكات الص ــغيرة في تحديد المعايير المس ــتخدمة في اختيار
البحوث وفي تحليل املحتوى إلى صعوبة في التفسير أو إلى الوصول إلى نتائ غير مهمة.
-ال يقــدم التحليــل التجميعي نتــائ فعــالــة في حــال كــانــت المعلومــات والبيــانــات
املجمع ــة غير كـ ــافي ــة للبح ــث ،إذ يمكن لنقص المعلوم ــات أن يح ــد بشـ ـ ـ ـ ــدة من نوع
التحليالت واالسـ ـ ـ ــتنتـاجـات التي يمك ن التوصـ ـ ـ ــل إليهـا .وبـاإلضـ ـ ـ ــافـة إلى ذلك ،كلما كان
االختالف أكنر في النتائ بين البحوث الفردية ،كلما كان من الصــعب تبرير التفسـيرات
التي يبنى عليها ملخص سليم للنتائ .
ُ
-عادة ما يسـتغرق التحليل التجميعي وقتا طويال جدا للوصول إلى نتائ مفيدة
وسـ ـ ـ ــليمــة للبحــث .فوفقــا لعــدد البحوث (حجم عينتهــا) ،يمكن أن تكون عمليــة جمع
ً
ومراجعة ودم بحوث متعددة مستهلكة لوقت طويل.
-عــادة مــا يتطلــب التحليــل التجميعي توافر حــد أدن من التقنيــات والمهــارات
اإلحصائية في تلخيص النتائ ،وهو أمر ليس في متناول الجميع.
ولتجنب مثل هذه المش ـ ـ ــكالت والنقائص س ـ ـ ــابقة الذكر ،يجب أن يس ـ ـ ــتوفي
التحليــل التجميعي المتطلبــات اآلتيــة لض ـ ـ ـ ـمــان جودة اإلجراءات المطبقــة وصـ ـ ـ ــدقيــة
النتائ التي يتم التوصل إليها (صوان2115 ،؛ Jadotte, Moyer & Gurevitch, 2023,
:)pp. 600-603
-وصـ ـ ـ ــف واضـ ـ ـ ــح ل ه ــداف ،بم ــا في ذل ــك تعريف ــات دقيق ــة للمتغيرات ونت ــائ
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
279
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
( PRISMA, الـبـحـوث الـتـي يـجـري تـقـيـيـمـه ـ ــا ،مـع إتـب ـ ــاع بـروتـوكـول تـحـليلي ش ـ ـ ـ ـف ـ ــاف
…( )PROSPEROانظر الخطوة 0في عنصـ ـ ـ ــر "كيفيــة القيــام بــالتحليــل التجميعي")
يسمح بتكرار البحث لضمان صدقية النتائ .
-تبرير منطقي جيد وموثق لتبرير كيفية اختيار البحوث.
-التقييم واإلقرار الصـ ـ ـ ــريح ب ــأي تحيز ألي ب ــاح ــث عن ــد تح ــدي ــد واختي ــار تل ــك
البحوث.
-وصف وتقييم درجة عدم التجانس بين حجم عينة البحوث التي تمت مراجعتها.
إن المقصود ب ـ "التحليل التجميعي الكيفي" محاولة القيام بتحليل ثانوي كيفي
ص ـ ـ ـ ــارم للنتــائ الكيفيــة األوليــة .فــالتحليــل التجميعي "الكيفي" –على غرار التحليــل
التجميعي "الكمي" -يعمــل على تجميع النتــائ وتحــديــد األنمــاط عبر البحوث األوليــة،
ولكن قد تختلف أهداف إجراءاته واعتباراته المنهجية .فهو يس ــتهدف أس ــاس ــا إعداد
مراجعــات أدبيــة ش ـ ـ ـ ــاملــة وتطوير نمــاذج نظريــة ( Timulak, 2007 ; 2008 ; Levitt,
.)2018
ويرى "دري وآخرون" ( )Drew et al, 2019أن الــدراس ـ ـ ـ ــة التجميعيــة (التحليــل
التجميعي الكيفي) تسمح بالتحليل الممنهج ملجموعة مهمة من األعمال الكيفية ،مما
يس ـ ـ ــمح للقائم بها بإنش ـ ـ ــاء أو توس ـ ـ ــيع األطر النظرية بغية تعزيز المعارف .إنها تنطوي
على مقاربة ممنهجة لتجميع البحوث وتقييمها .وهي تتكون من عدد من الخطوات:
-البحث الممنهج في األدبيات.
-استخراج البيانات.
-التقييم التجميعي للقرارات النظرية والمنهجية.
-تحليل النتائ .
-القيــام بــالخالص ـ ـ ـ ــة التجميعيــة المــذيلــة بــآثــار العمليــة املحتملــة وبــاتجــاهــات
البحث المستقبلية.
إنه ــا خطوات تطبيقي ــة مشـ ـ ـ ـ ــابه ــة لخطوات تطبيق التحلي ــل التجميعي الكمي،
ويمكن التعبير عنها بمص ـ ــطلحات قريبة من المس ـ ــتخدمة في هذا األخير وتلخيص ـ ــها في
الخطوات الست اآلتية:
-تحديد سؤال البحث ومعايير التضمين.
-اختيار البحوث المعنية بالتحليل.
-تقييم جودتها.
-استخراج وعرض البيانات.
-تحليل البيانات.
-التعبير عن التجميع.
والمقصـ ـ ـ ــود بــالخطوة األخيرة –الخطوات األخرى تم عرض ـ ـ ـ ـهــا س ـ ـ ـ ــابق ـا -كتــابــة
التقرير النهائي مع ذكر تفاصــيل ســردية ذاتية عن كل مرحلة وتقييم جودتها من طرف
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
281
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
مراجعين ومتخصـ ـ ـ ـص ـ ـ ــين .مع اإلش ـ ـ ــارة إلى أن ذلك ال يحول دون اسـ ـ ـ ــتخدام التحليل
التجميعي الكيفي ل دوات المسـ ـ ـ ــتم ـ ــدة من المراجع ـ ــات الكميـ ــة أو تقييم جودته ـ ــا
(برنام ،)CASP :مثل البحث الممنهج في األدبيات المتخصصة ،رغم تميزه العام عن
التحليل التجميعي الكمي بالمســاهمة الضــرورية لذاتية الباحث في إعداد وبناء العمل
النهائي ( ،)Lachal, Revah-Levy, Orri & Mor, 2017وفي اسـ ــتخدام أدوات كيفية ال
تس ـ ـ ــتهدف تقييم متوس ـ ـ ــط أحجام التأثير إحص ـ ـ ــائيا عبر جميع البحوث المتاحة ،بل
الحص ــول على وص ــف مفص ــل للظاهرة المدروس ــة وتحديد س ــماتها المركزية أو ف اتها
األسـ ـ ـ ــاسـ ـ ـ ــية وشـ ـ ـ ــبكة عالقاتها .كما يمكن اسـ ـ ـ ــتخدامه لتحديد النتائ المتناقضـ ـ ـ ــة
والفجوات المعرفيـة في بحوث كيفية أولية مختلفة عبر تصـ ـ ـ ــنيفات ف وية وأوصـ ـ ـ ــاف
مجردة ،وأمثلة نموذجية س ــردية حية كبيانات تجميعية يمكن اس ــتغاللها في تحليالت
تجميعية كيفية مستقبلية ( )Timulak, 2007, pp. 310-311أو في بناء سياسات عامة
واتخ ــاذ قرارات عمومي ــة ( .)Noah, 2017, p. 198وللمسـ ـ ـ ـ ــاع ــدة في تحقيق ذل ــك ،تم
إصـ ـ ـ ــدار بعض األدلـة االسـ ـ ـ ــترشـ ـ ـ ــاديـة والبروتوكالت الكيفية (ENTREQ, GRADE-
….)Cerqual protocol
لمزيد من التفصـ ـ ـ ــيل انظر ( &Timulak, 2007; Lachal, Revah-Levy, Orri
،)Mor, 2017; Levitt, 2018أو أي مرجع يقارن بين مناهج البحوث الكمية والكيفية
-فخص ـ ـ ــائص التحليلين التجميعيين تعكس ـ ـ ــان ذلك ،-أو المراجع الخاص ـ ـ ــة بالتحليل
الكيفي للمحتويات بغية االسترشاد بخطواتها التطبيقية.
أمــا فيمــا يخص عــدد البحوث الواجــب توافرهــا للقيــام بتحليــل تجميعي كيفي،
فقـد تمـت اإلشـ ـ ـ ــارة من قبـل تبعا لبعض األدبيات إلى عدم اشـ ـ ـ ــتراط وجود عدد معين
(حدين أدن وأعلى) من البحوث لتض ـ ـ ــمينها في التحليل التجميعي عموما ،وأن العديد
من البحوث التحليلية السـ ـ ــابقة تضـ ـ ــمنت ما بين أربع بحوث وما يصـ ـ ــل إلى 000بحثا
تحليليا تجميعيا كميا ( .)Noah, 2017, p. 198ويمكن اعتبار أن هذا الهامش العددي
دال حتى في البحوث الكيفية.
وتجدر اإلش ـ ــارة في األخير إلى من يعترض على اس ـ ــتخدام التحليل التجميعي في
البحوث الكيفي ــة بحج ــة أن ــه ُيحيـ ـد "س ـ ـ ـ ـي ــاق" المف ــاهيم (الف ــات المكون ــة ملحتوى
البحوث الكيفي ــة) ال ــذي يعتبر مهم ــا ج ــدا في البحوث الكيفي ــة .صـ ـ ـ ــحيح أن التحلي ــل
التجميعي يجرد ،بطريقــة مــا ،المفــاهيم من س ـ ـ ـ ـيــاقهــا لتحقيق قــدر أكبر من التعميم،
لكن يمكن تخفيف أثر ذلــك بنوعيــة مواقف مؤلفي التحليــل التجميعي الكيفي الــذين
عـادة مـا يقترحون تأويلهم الخاص للمفهوم وقابليته للتعميم واألمر نفسـ ـ ـ ــه بالنسـ ـ ـ ــبة
لقرااهم .فــالقيمــة العلميــة لهــذا النوع من التحليــل تكمن في دوره كملخص للعــديــد من
البحوث وكتـأويـل لس ـ ـ ـ ـيـاق متغير ،وكذلك في قدرته على ترجيح كل نتيجة واقتراح قدر
أكبر من التعميم (.)Lachal, Revah-Levy, Orri & Mor, 2017
وفي هذا السياق يقترح آخرون ( )Noah, 2017, pp. 196-197استخدام التحليل
الـتـجـمـيـعـي املـخـتـلـط مـن خـالل تـطـويـر مـق ـ ــارب ـ ــة مـمـنـهـج ـ ــة ( )Systematicلـلـتحلي ـ ــل
التجميعي الكيفي تس ـ ـ ــمح بالوص ـ ـ ــول إلى نتائ قابلة للتكرار وتيسـ ـ ـ ـر تراكمية النتائ .
فاســتخدام التحليل اإلحصــائي الســتكش ـاف المفاهيم األســاســية للمجال قيد البحث
يعطي للتحليــل التجميعي الكيفي بعــدا مختلطــا ويحس ـ ـ ـ ـن فهمنــا للظــاهرة مع الحفــاد
على األبعــاد اإلنس ـ ـ ـ ــانيــة والــذاتيــة ل عمــال األصـ ـ ـ ــليــة .كمــا أن هنــاك من جمع في بحثـه
الـتـحـلـيـلـي الـث ـ ــانـوي بـيـن الـبـحـوث الـكـمـي ـ ــة والـكـيـفـي ـ ــة ومـنـهـم مثال ،الثالثي ( Carver,
Lee, Tamminen, Clark, Slater, Spence, & Holt, ( )Timperio & Crawford, 2008
،)2015, p. 2الـذي قـام بمراجعة سـ ـ ـ ــردية لبحوث كمية وكيفية حول االرتباطات بين
سالمة الجيران والنشاط البدني بين الشباب في األحياء السكنية.
وبــالطبع ،قــد يكون من المفيــد االسـ ـ ـ ــتعــانــة بــالبرمجيــات المعلومــاتيــة والــذكـ ـاء
االصـطناعي لتيسـير وتسريع تنفيذ التحليل التجميعي مهما كان نوعه كميا أو كيفيا أو
مختلطا.
هذا ما تيس ــر من مخرجات مراجعة معرفية س ــردية من األدبيات المتخص ـص ــة
حول التحليــل التجميعي ،وعلى القــارئ المهتم بتطبيق أي من أنواعــه أن يسـ ـ ـ ــتخــدم
ذلك كنقطة انطالق فقط للولوج إلى عالم سـ ـ ــريع التطور وبحاجة إلى ممارسـ ـ ــة فعلية
متأنية من خالل بحوث تحليلية خصية.
بدءا بالوثائق ،-التي هي بحاجة إلى وسـنحاول فيما يلي اسـتعرض هذه األدوات – ً
ضـ ـ ـ ــبط علمي يضـ ـ ـ ــمن جودة البيــانــات املجمعــة (ص ـ ـ ـ ــدقهــا وثبــاتهــا عمومــا في البحوث
الكمية) .ولكن قبل ذلك ،تجدر اإلشارة إلى ماهية البيانات المستهدفة بالجمع.
.4.7.7ماهية البيانات
تسمى "البيانات" ( ،Dataومفردها :بيان )Datum/في بعض األدبيات العربية
"معطيات" ،وهي تعتبر في صيغتها الخام قاعدة هرم المعرفة ( Wisdom or DIKW
)pyramid/ hierarchyالشهير منذ ثمانينيات القرن الماض ي -1 :البيانات /المعطيات،
-2المعلومات -3 ،المعرفة /العلم -2 ،الحكمة .ولقد مر معنا في مطلع هذا العمل -
ص -11 .القول بأن المعلومات تتولد عن البيانات والمعارف عن المعلومات
والحكمة عن المعارف (األوسع من العلم واألقل دقة منه) .وقد تجد في األدبيات
البحثية األنجلوسكسونية من يسميها :معلومات ( )Informationsأو أجزاء من
المعلومات ،قياسات ( ،)Measurementsأدلة ( ،)Evidencesحقائق (،)Facts
مخرجات ( …)Ouputsوكلها تشير إلى بعض صفاتها.
ً
ويمكن تعريف البيـانــات -في العلوم اإلنسـ ـ ـ ــانيــة خــاصـ ـ ـ ــة -بــأنهـا عبــارة عـادة عن
مجموع ــة من المالحظ ــات ( )Observationsالتي يتم إجراته ــا على عين ــة م ــأخوذة من
مجتمع ما ،ويتم تنظيمها في متغيرات مهمة ( ،)Watt & Collins, 2023. p. 125أي أنها
-في سـ ــياق هذا العمل -عبارة عن بيانات بحثية يتم جمعها بطريقة علمية ل جابة على
تساتالت البحث و /أو اختبار فرضياته.
ولذلك ،فالبيانات في حالتها الخام تعتبر ال قيمة نوعية لها ،ألنها تكتسب هذه
األخيرة من تنظيمها وتحليلها وتدقيقها.
وأما بالنسبة ألنواعها ،فهي إما تكون كمية (عادة "رقمية") ،أو كيفية (عادة
"نصية أو سمعية أو سمعية بصرية أو سلوكية") ،وفي الحالتين يكون مصدرها وحدات
التحليل (دليو2123 ،أ ،ص .)53 .كما يمكن أن تكون أولية (قام بجمعها الباحث) أو
ثانوية (قام بجمعها غيره) تم استعمالها في تحقيق أهداف البحث ،أو "تقليدية" أو
رقمية "ضخمة" ( .)Big dataوفي مجال اإلعالم اآللي ،يمكن تصنيفها طبعا إلى بيانات
سلبية (بيانات خام) أو بيانات نشطة (برام ) .وفي املجال االقتصادي خاصة ،يمكن
تصنيفها إلى بيانات "تقليدية" وبيانات "بديلة" ،والتي ال يتم الحصول عليها عادة
بواسطة مصادر البيانات التقليدية أو المنظمة ،مثل التقارير المالية أو المؤشرات
االقتصادية ،بل بواسطة وسائل التواصل االجتماعي وصور األقمار الصناعية وجرد
الويب والتكنولوجيا املحمولة ...وهي غالبا ما تكون متقلبة وسريعة التغير.
.2.7.7الوثائق
إن اسـ ـ ـ ــتخـدام الوثائق ( )Documentationكتقنية بحثية أمر مهم جدا في جمع
مختلف أنواع البيانات :النظرية ،التاريخية ،القانونية ،المؤسستية...
-أنواع الوثائق
يمكن تصنيفها –تبعا لـ "صابينو" ( -)Omonte Rivero, 2012, pp. 44-47إلى:
وثائق ببليوغر افية (كتب ،قواميس ،موسوعات ،)...دورية (صحف ،مجالت)،
أكاديمية (برام دراسية ،مطبوعات ،مذكرات ،رسائل) ،مؤسستية (تقارير ،مذكرات
مصلحية ،بيانات إحصائية ،مراسالت ،)...قانونية (عمومية وخاصة :دساتير ،قوانين،
مراسيم ،أمريات ،)...إلكترونية (قواعد بيانات ،موسوعات إلكترونية ،مواقع،)...
شخصية (مكتبات ،مفكرات ،رسائل ،صور ،)...مصورة وسمعية بصرية (صور،
رسوم ،تسجيالت صوتية أو فيديوية ،منحوتات )...وخرائطية.
كما يمكن تصنيفها –تبعا لـ "أندر-أغ" ( )Ander-Egg, 1995, 211-219إلى وثائق
مكتوبة (كتب ،مجالت ،صـحف ،رسـائل ،مفكرات ،)...أو رقمية /إحصـائية (تتضمن
بيــانــات رقميــة يمكن جــدولتهــا) ،أو خرائطيــة (خرائط ومخططــات توفر بيــانــات تقنيــة
حول تقسـ ـ ــيمات سـ ـ ــياسـ ـ ــية ،عرقية ،لغوية ،ديموغرافية أو حول شـ ـ ــبكات اتصـ ـ ــال،
مزروعات ،)...أو مصورة وصوتية (صور ،تسجيالت صوتية ،أفالم.)...
ومهما اختلف مكان تصـنيفها ،فيما سـبق ،فإن عالقتها بطبيعة موضوع البحث
وأهدافه تحدد أهميتها أو مكانتها المصدرية بالنسبة للبحث ،فتكون أولية أو ثانوية:
-المصادراألولية والثانوية
-المصـ ــادر األولية :هي وثائق تسـ ــتخدم في البحث في شـ ــكلها األصـ ــلي ،وقد تكون
موضـ ــوع البحث نفسـ ــه :أرشـ ــيف تص ـ ــويري ،وثائق قانونية ،نسـ ــخ صـ ــحافية ،رس ـ ــائل
ــخص ــية ،مذكرات ،س ــجالت مؤس ـس ــتية ،كش ــوف عالمات ،تماثيل ...كتب ومقاالت
ُ
المعني بــالبحــث :في بحــث حول فكر مــالــك بن نبي ،مثال .بينمــا يكون مــا كتــب حول بن
نبي وثائق ثانوية.
-المص ـ ـ ــادر الثانوية أو غير المباش ـ ـ ــرة :هي وثائق معالجة انطالقا من مصـ ـ ـ ــادر
أولية ،ومنها :كل اإلحاالت الببليوغرافية ،الملخصـ ـ ـ ــات ،التقارير البحثية المنشـ ـ ـ ــورة،
المذكرات والرسائل الجامعية...
وهناك من يض ـ ـ ــيف ما يس ـ ـ ــمى ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ "وثائق الدعم" (الثالثية) من كتب ومجالت
وقواميس تس ـ ـ ـ ــاعــد معرفيــا في إثراء البحــث .وبــالطبع يمكن اعتبــارهــا مص ـ ـ ـ ــادر ثــانويــة
(ضمن نوع "اإلحاالت الببليوغرافية").
.7.7.7المالحظة
تعتبر المالحظة ( )Observationمن أقدم أدوات جمع البيانات ،وتتمثل أساسا
في استخدام حواس الباحث ومهاراته لرصد (مشاهدة /مراقبة) األشياء والوقائع
واأل خاص .ويمكن القيام بها بشكل مفصل من خالل تفكيك سلوك "المبحوثين" إلى
أفعال بسيطة وأحداث وأنشطة مترابطة ()Bonilla & Rodríguez, 2005, p. 230
وأحيانا من دون الحاجة إلى وساطة لغوية .لكنها لكي تكون صالحة علميا يجب أن تكون
قصدية (ليست عابرة أو ناتجة عن الصدفة) ومسجلة وموجهة معرفيا –تبعا ألهداف
البحث -وقابلة للتكرار .مع اإلشارة إلى أن المالحظة البسيطة –كما سنرى الحقا -قد
ال تتوافر فيها كل هذه الخصائص ،وأن مسألة التكرار مرتبطة بالطبيعة الكمية
للبحث .أما مالحظة المبحوثين عند ملء االستبيان والتعليق على بعض ظروف مل ه،
أو عند إجراء المقابلة المقننة ،فقد يستفاد منها أحيانا في تحليل البيانات أو في تكرار
أو توضيح بعض األس لة ،ولكنها ال تعتبر مالحظة كأداة لجمع البيانات بـ "دليلها"
(دفترها /شبكتها) ال ُمعد مسبقا وبمراحل تطبيقها.
والمالحظة عدة أنواع ولها وسائلها ومزاياها وعيوبها .وهي تستعمل في البحوث
الكيفية والكمية على حد سواء ،مع تخصيص هذه األخيرة بالنوع المقنن /المنظم منها.
-أنواع المالحظة
يمكن تصنيف المالحظة وفقا لعدة مؤشرات:
* وفقا لمدى تنظيمها أو درجة ضبطها :غير منظمة (بسيطة) ومنظمة .فاألولى
ال تحظ بقبول عال نظرا لغلبة اعتمادها على مشاهد حية غير متكررة ،لكنها تفيد في
البحوث االستطالعية والكيفية .أما الثانية ،فانتظامها يعني القياس بصورة منتظمة
تبعا ألماكن المالحظة املختارة وللزمن الذي يقسم إلى فترات منتظمة تتم فيها
المالحظة .مع اإلشارة إلى أن عملية االنتظام أو الضبط ليست بالضرورة مطلقة أو
منعدمة ،بل قد تكون ذات درجات متفاوتة.
المالحظين :فردية (مالح واحد) وجماعية (أكنر من مالح ).ِ * وفقا لعدد
* تبعا للمكان الذي تتم فيه المالحظة :ميدانية (في الحياة الواقعية /الطبيعية
ومن دون تدخل الباحث في تحديد بعض متغيرات الظاهرة) ومختبرية (مصطنعة في
مختبر بنقل عينة إليه أو في الحياة الواقعية مع التحكم في متغيرات "جزء من الظاهرة"
باعتباره تمثيليا).
* تبعا لمستويات المالحظة :من المالحظة الوصفية (األوسع) إلى المركزة
(وسط) إلى االنتقائية (األضيق).
المالح (الباحث) :المالحظة بالمشاركة (بمعايشة مفردات ِ * وفقا لدور
َ
المالح .لكن مجتمع البحث) والمالحظة من دون المشاركة (بالمراقبة) في الموضوع
المشاركة أو عدم المشاركة–على غرار مدى االنتظام سابق الذكر -هما نهايتان
لسلسلة متصلة ،ولذلك فصل البعض دور المالح إلى خمسة أنواع متدرجة :عدم
المشاركة (مشاهدة تسجيالت) ،مشاركة سلبية (مجرد حضور فيزيقي) ،مشاركة
معتدلة ،مشاركة نشطة ،مشاركة كاملة ( Hernández, Fernández & Baptista,
.)2014, p. 403كما صنف البعض اآلخر دور المالح (الباحث) بالمعلن وبغير
المعلن ،ولكل منهما إيجابياته وسلبياته البحثية واألخالقية ( Gauthier, 2009, pp.
.)320-321
وبالطبع ،يمكن الجمع في بحث واحد بين استخدام أكنر من نوع من أنواع
المالحظة المذكورة سابقا ،وهذا يعني أنه مثال ،يمكن إجراء مالحظة منظمة
بالمشاركة أو من دونها ،في الميدان أو املختبر وبشكل جماعي أو فردي وبطريقة معلنة
أو سرية ...وذلك تبعا لما تقتضيه أهداف البحث.
إمكانية دم مرحلتي الجمع والتحليل وخاصة في البحوث الكيفية التي قد يبدأ فيها
التحليل أثناء مرحلة الجمع (دليو2123 ،أ ،ص.)53 .
-أخالقيات المالحظة
تتمثل أهم أخالقيات المالحظة فيما يأتي:
َ
المالحظين بكونهم موضوع المالحظة. * علم
* موافقتهم على ذلك.
* عدم إلحاق أي ضرر نفس ي بهم.
* في حالة المالحظة من دون علمهم ،يجب الحصول على موافقة جهة مختصة
تقدر تغليب الفائدة المرجوة من ذلك على الضرر املحتمل.
.1.7.7المقابلة
تتمثل المقابلة ( )Interview & Entrevue/Entretien -fr-في محادثة بين طرفين
( خصين أو أكنر) حول موضوع معين وفقا ألنماط ومعايير محددة .وتعرفها "قرافيتز"
ُ
( )Grawitz, 1996, p. 586بأنها :طريقة بحث علمية تستخدم فيها عملية اتصالية
شفوية لجمع معلومات تخدم هدفا محددا" .وهي تكون في البحوث العلمية ما بين
الباحث و المبحوث" أو "المشارك في البحث".
يشيع استخدام المقابلة عموما في البحوث الكيفية بسبب فعاليتها في جمع
المعلومات التفصيلية خاصة ،وألنها-حسب "أنادون" (" :-)Anadón, 1991, p. 16توفر
فرصة استكشاف موضوع معين بدال من تقييد الردود ،كما هو الحال في االستبيان
المغلق" .ولكن ذلك ال يحول دون استعمالها في صيغتها المنظمة /المقننة وذات
األس لة المباشرة في البحوث الكمية ،وهو النوع الذي يسميه "غاسكيل" ( Gaskell,
)2000, p. 38المقابلة المسحية (.)Survey interview
أي أن للمقابلة عدة أنواع يتم تصميمها تبعا لنوعية أس لتها التي قد يشجع
بعضها على الردود المطولة والمفصلة في حين قد يستهدف بعضها اآلخر ردودا قصيرة
ومحددة .وفيما يلي عرض موجز ألهم تصنيفاتها التي عادة ما تتمحور حول درجة أو
مدى تنظيمها أو تقنينها :منظمة وشبه منظمة وغير منظمة.
-أنواع المقابلة
إن مراجعة بعض األدبيات المتخص ـ ـصـ ــة ،تشـ ــير إلى إمكانية تصـ ــنيفها إلى عدة
أنواع:
--تص ـ ـ ــنفها الفرنس ـ ـ ــية "قرافيتز" ( )Grawitz, 1996, pp. 588 -590إلى األنواع
اآلتية :المقابلة اإلكلينيكية /السريرية أو النفسية -العالجية ( Psychanalytique, De
،)psychothérapieوالـمـق ـ ــابـل ـ ــة فــي الـعـمـق/الـمـعـمـق ـ ــة (،)Entretien en profondeur
المركزة ( L’Entretienوالمقابلة ذات اإلجابات الحرة ( ،)Á réponses libresوالمقابلة ُ
،)centréوالمقابلة ذات األس لة المفتوحة ،والمقابلة ذات األس لة المغلقة.
--أما "بوتان" ( ،)Boutin, 1997, pp. 23-24فيصنفها تبعا للمؤشرات المعتمدة
في تصميم كيفية إجرااها إلى األنواع اآلتية -1 :من حيث المعلومات المطلوبة (ذات
أس لة مفتوحة أو مغلقة) -2 ،من حيث درجة الهامش الممنوح للمخاطب (مقابلة
موجهة /منظمة أو توجيهية /تنظيمية ،شبه منظمة أو شبه موجهة ،غير توجيهية وغير
موجهة أو حرة) -3 ،من حيث مستوى التخطيط أو النمذجة (ذات إجابات حرة أو
موجهة) -2 ،من حيث مستوى العمق المراد (مقابلة معمقة/حرة ،مركزة ،من النوع
اإلكلينيكي /السريري أو اإلثنوغرافي) -8 ،من حيث الغرض المراد (مقابلة مباشرة
عندما ال تعني األس لة شي ا آخر غير ما يبدو أنها تطلبه أو غير مباشرة عندما تسمح
األس لة للباحث بجمع المعلومات دون علم المبحوث).
--يمكن تصنيف المقابلة تبعا للهامش الممنوح للمخاطب -على غرار
التصنيف الثاني لـ"بوتان" سابق الذكر -إلى ثالثة أنواع أيضا :منمطة (منظمة جدا)،
منظمة (مقننة أو مغلقة) ،وغير منظمة (غير مقننة).
تعتبر المقابلة "المنمطة" أو "المقابلة المنظمة جدا" أو "المنظمة المبرمجة"
–حسب تعبير "دنزين وغوردن" (Schettini & ( )Denzin, 1989; Gorden, 1987
-)Cortazzo, 2016, p. 20الحد األقص ى للنوع المنظم/المقنن في االلتزام بالرسميات
بما في ذلك شكل األس لة وترتيبها وخاصة إذا كان جمع البيانات يتم من طرف أكنر من
باحث (للحد من التباين املحتمل).
تعتبر المقابلة المنظمة أو المقننة أقل صرامة من سابقتها وهي تحتوي على
نفس األبعاد التي تم تحديدها في إشكالية البحث ،مع ترك الحرية للباحث في كيفية
طرح األس لة وفي ترتيبها ،لكن عليه االلتزام بنفس المواضيع مع كل "المبحوثين"
بغرض جمع نفس المعلومات وهي تتميز بكنرة األس لة المغلقة وقلة األس لة مفتوحة
اآلخر (أهمها :أخرى اذكرها) .وكال النوعين يستخدم في البحوث الكمية لتميزه بقلة
التعمق وباالنضباط وبإمكانية التعميم العلمي باالعتماد على تجميع بيانات "تمثيلية".
مع مالحظة أن هذا النوع من المقابلة يسمى عادة -وهو المعتمد هنا -بالمقابلة "شبه
المنظمة" (شبه المقننة) ،لكونها شبيهة بالمقننة (جدا) من حيث اإلعداد المسبق
ل س لة لكنها تعتمد أساسا على األس لة مفتوحة اآلخر بدال من األس لة المغلقة.
وتكون هذه األس لة (مفتوحة اآلخر) أكنر تنوعا من تلك المستعملة في المقابالت
المقننة ،أي ال تقتصر على األس لة النهائية "الجامعة" من قبيل "أخرى اذكرها" ،بل
تعطي فرصة أيضا لطرفي المقابلة لمناقشة بعض الموضوعات بمزيد من التفصيل.
فمثال" ،إذا كان الشخص الذي تتم مقابلته يجد صعوبة في اإلجابة على سؤال أو يقدم
إجابة مختصرة جدا عليه ،فيمكن للباحث استخدام إشارات أو كلمات لتشجيعه على
النظر في السؤال بتمعن أكبر أو مطالبته بتوضيح إجابته األولى.)Fox, 2009, p. 6( "...
وأما المقابلة غير المقننة أو غير المعدة مسبقا (والتي تشمل أيضا المالحظات
الخاصة بالتمهيد للمقابلة أو باختتامها) ،فمساراتها يحددها الموضوع وما قد يستنت
من أفكار خالل المقابلة ،وهي تستعمل في البحوث الكيفية.
--ويمكن تصنيف المقابلة تبعا للمؤشر الوسيلي إلى مقابالت مباشرة (وجها
لوجه /فيزيقية) ،ومقابالت غير مباشرة /افتراضية باستخدام أجهزة تقنية عبر فضاء
اإلنترنت (مؤتمرات الفيديو والهواتف املحمولة بنظامي ،)4/5Gومقابالت مختلطة
(عبر الخط وخارجه .)Online-offline/
--كما يمكن تصنيف المقابلة تبعا للمؤشر الكمي /العددي إلى مقابالت فردية
ومقابالت جماعية (خاصة عندما تكون الف ة المستهدفة كبيرة) واللتين يعبر عنهما
"غاسكيل" ( )Gaskell, 2000, p. 38بالمقابالت المعمقة (الفردية) والمقابالت البؤرية
(الجماعية) ويعتبرهما من النوع الكيفي ،مع تمييزهما من جهة ،عن المقابالت
المسحية ( )Survey interviewالمنظمة جدا (استمارات ذات أس لة محددة مسبقا)،
تنظيما للمالحظة بالمشاركة أو ً ومن جهة أخرى ،عن املحادثة المستمرة األقل
االثنوغرافيا.
أثناء جمع البيانات ،تكيفا مع إمكانية ظهور -خالل البحث -تفاصيل توجيهية نحو
أ خاص يجب مقابلتهم دون آخرين.
ولذلك ،يمكن القول إن هناك عدة طرق للتعامل مع مسألة عدد األ خاص
الذين ستتم مقابلتهم وكيفية تنفيذ ذلك .نعم ،قد توجد رغبة "كمية" لمقابلة أكبر
عدد ممكن من مفردات البحث ،مقابل رغبة "كيفية" لمقابلة عدد محدود من أغنى
المفردات معلوماتيا ،لكن يجب أن يكون ذلك محدودا بالتمثيل أو بالتشبع
المعلوماتي أي بحد الحصول على الصورة الكاملة حول موضوع البحث من دون تكرار
للبيانات وإضاعة للوقت.
عبارتي "استمارة" أو "دليل" المقابلة استعماال تبادليا من دون أدن حرج ألن الذي
إهمهم أكنر هو مضمونها والهدف منها ،ولذلك قد يقولون "االستمارة /االستبيان أو
المقابلة المقننة" .مع اإلشارة إلى أنه ،باإلضافة إلى إمكانية استخدام االستبيانات أثناء
ً
المقابلة وجها لوجه لتوجيه املحادثة ،يمكن إطالق تسمية "استبيان المقابلة"
( )Interview Questionnaireعلى أوراق مقابالت تحتوي على قائمة من األس لة المعدة
مسبقا للمر حين للوظائف لملئها قبل المقابلة لتقديم تفاصيل إضافية حول ً
مؤهالتهم واهتمامهم بالوظيفة ،مما يجعل أرباب العمل يستخدمون هذه االستبيانات
أثناء فحص المر حين لتحديد ما إذا كان ينبتي عليهم دعوتهم إلجراء المقابلة أم ال.
* طرح األس لة كما تم تحريرها وبالترتيب نفسه .مع احترام التعليمات التصفوية
–إن وجدت -لالنتقال بين األس لة في حاالت اإلجابة بنعم وال .ومثال ذلك :في حالة
اإلجابة بنعم على س 0.االنتقال إلى س ...0.وذلك بخالف المقابلة غير المقننة التي ال
تستوجب االحترام الصارم ألس لتها –كما ونوعا -بقدر ما تتطلب األخذ بعين االعتبار
ماهية التساتل الرئيس للبحث (هدفه العام) عند طرحها.
* االمتناع عن إبداء اآلراء الشخصية.
* عدم األخذ بعين االعتبار أجوبة أس لة سابقة تضمنت إجابات على أس لة
الحقة .أي عدم االستغناء عن طرح أي سؤال وردت اإلجابة عليه في استطراد جوابي
على سؤال آخر ،ألن مضمونهما قد يختلف باختالف السياق.
* استخدام عبارات انتقالية والقيام بتعليقات "حيادية" للمحافظة على
استمرارية الحوار وقلة التأثير في اتجاهه.
* تسجيل المعلومات بكلمات المبحوث نفسها ،حفاظا على الموضوعية.
-دورالباحث في المقابلة
باإلضافة إلى المبادئ التوجيهية العامة السابقة ،هناك طرق متعددة لتصور
دور الباحث الذي يختلف باختالف درجة توجيه الحوار المتوقعة في المقابالت
الفردية والجماعية على حد سواء:
-تتطلب المقابلة من منشطها أن يكون محاورا جيدا ،وقادرا على تهي ة مناخ من
الثقة مناسب للتفاعل التلقائي .ألن المقابلة تحاول الحفاد على التعبير عن
َ َ
المطبات ،القطيعة واالستدارات التي هي جزء من التناقضات ،التوترات ،الصراعات،
التجربة اإلنسانية .وهذا يتطلب من الباحث تحليه بموقف استماعي أكنر من تحليه
بإتقان تقني ،وبإظهار استعداده لالستماع لتعزيز المشاركة والتعبير ( Van der
.)Maren, 1996, p. 312
ً
عموما أنه كلما كان على الباحث تدوين/ * خطأ في التسجيل .من المسلم به
كتابة بيانات المقابلة ،زاد احتمال ارتكابه خطأ في تسجيل تلك البيانات ،وخاصة مع
وجود ميل الختصار اإلجابات ،وهو أمر قد ال يتم بشكل صحيح.
.4.7.7االست يان
يعتمد الباحث في العلوم اإلنس ــانية في مرحلة جمع البيانات من المبحوثين على
عدة أدوات .ويعتبر االسـتبيان /االسـتبانة /االســتمارة /اسـتمارة االسـتبيان /االســتبار...
( (15))Questionnaireاألداة األكنر اسـ ـ ـ ــتخـ ــدامـ ــا في البحوث الكميـ ــة لجمع البيـ ــانـ ــات
بطريقة واضـحة ودقيقة من المبحوثين (األفراد) .وهي عبارة عن مجموعة من األسـ لة
و/أو العبـ ــارات المكتوبـ ــة والمزودة بخيـ ــاراتهـ ــا الجوابيـ ــة املحتملـ ــة والمعـ ــدة بطريقـ ــة
منهجي ــة ،يطل ــب فيه ــا من المبحوثين اإلشـ ـ ـ ـ ــارة إلى م ــا يعتق ــدون أن ـه يمث ــل رأإهم حول
السؤال المطروح أو العبارة المقترحة (في حالة مقاييس االتجاه مثال).
ويمكن أن يقدم االسـ ـ ـ ــتبيان بطرق عدة ،إما عن طريق البريد أو اليد أو الهاتف
( )Grawitz Madeleine, 1996, 611-632أو الفاكس أو اإلنترنت.
وب ــاإلضـ ـ ـ ـ ــاف ــة إلى كنرة الترجم ــات العربي ــة لكلم ــة ( ،)Questionnaireهن ــاك من
يعرض مسـ ــألة الفرق بين االسـ ــتبيان /االسـ ــتمارة وبين سـ ــبر اآلراء ()Polls/ Sondages
واالسـ ـ ـ ــتفتــاء ( ...)Referendum/ Référendumكــأدوات قيــاس كميــة لجمع البيــانــات.
وكلها تسـ ــتعمل اسـ ــتمارة أس ـ ـ لة ،مع اختالف الهدف من اسـ ــتعمالها وطبيعة أس ـ ـ لتها
وحجمها :من س ـ ـ ــؤال واحد مغلق– أحيانا :في س ـ ـ ــبر اآلراء أو االس ـ ـ ــتفتاء -إلى عشـ ـ ـ ـرات
األس لة في االستبيان.
وسيتم هنا استعمال مصطلح االستبيان -أحيانا بمعية االستمارة ودون البقية-
بنفس المعنى الذي ُيســتعمل فيه مصــطلح االســتمارة في أعمال أخرى ،على اعتبار أن
هــذا األخير ليس مجرد ورقــة أس ـ ـ ـ ـ لــة تتطلــب اإلجــابــة فقط ،بــل هو أداة بحثيــة لجمع
بيانات بغية تحليلها ،على غرار مصطلح االستبيان.
-حجم االست يان :عدد أسئلته
ال توجــد قــاعــدة عــامــة لتحــديــد حجم االسـ ـ ـ ــتبيــان ،فهو يخضـ ـ ـ ــع لعــدد متغيرات
البحث ومؤشراتها المعدة للقياس ولطريقة مل ه (حضوريا أو عن بعد) ولمدى اهتمام
المبحوثين بموض ـ ـ ــوعه ،لكن يفض ـ ـ ــل على العموم أال يكون حجم االس ـ ـ ــتبيان قص ـ ـ ـيرا
مخال ُ(مفقــدا للمعلومــات) وال طويال ممال ،فيتس ـ ـ ـ ـبــب في رفض اإلجــابــة أو نقص ـ ـ ـ ــانهــا.
لذلك وجب تجنب األس ـ لة غير الضــرورية وغير المبررة .وفي هذا الصــدد يمكن اقتراح
م ــدة زمني ــة (خمس دق ــائق) تقريبي ــة لمل ــه وح ــدين رقميين تقريبيين (م ــا بين 00و00
سـ ـ ـ ــؤاال) لتوجيــه وطمــأنــة المبتــدئين ،لكن األص ـ ـ ـ ــل يبق أن الحجم تحــدده الحيثيــات
السابق ذكرها في مطلع الفقرة.
وفي حالة االضــطرار إلى اســتعمال اســتبيان طويل جدا ،يمكن التفكير في إرفاقه
بحوافز مناسبة.
* ترتيب األسـ ـ ـ ـ لة ترتيبا نفسـ ـ ـ ــيا ومنطقيا مناسـ ـ ـ ــبا :من العام إلى الخاص ،ومن
البسيط إلى المعقد ،وتأخير أس لة البيانات الشخصية إلى األخير.
* تو ي أن تكون بيـانـاته املجمعة سـ ـ ـ ــهلة الجدولة؛ فاألس ـ ـ ـ ـ لة المفتوحة ،مثال،
صعبة الجدولة.
* أن يكون حجم األس ـ ـ لة قصـ ــيرا قدر اإلمكان ،ولكن من دون تفريط في تغطية
محاورها.
* أن يتم اختباره قبل توزيعه ،وذلك من خالل عرضه على الزمالء و /أو اختباره
على عينة صــغيرة من العينة المســتهدفة في البحث ،وهو ما ســيتم التأكيد عليه الحقا
في مبحث صدق االستبيان وثباته.
°أس ـ لة نص ــف مغلقة /مفتوحة اآلخر (تختم ب ـ ـ ـ ـ ـ "أخرى تذكر" ،)...:ومثالها :ما
اللغات التي تبحث بها عبر اإلنترنت؟:
أخرى تذكر...: األلمانية اإلنجليزية اإلسبانية العربية
°أس ـ ـ ـ ـ لــة مفتوحــة :عــادة مــا ال تطرح في البحوث الكميــة أو تكون في نهــايــة كــل
محور من محاور االسـ ــتبيان "الكمي" أو في األخير فقط ،حيث يقوم المبحوث بتقديم
جواب بعبارات خصية حول قيمة أو صفة أو رأي ،...ومثالها:
ما رأيك في برمجة تعليم عدة لغات في المرحلة االبتدائية؟............................. :
كما قد تسـ ــمى أسـ ـ لة البيانات الشـ ــخصـ ــية /العامة باألسـ ـ لة المفتوحة ،والتي
تترك فراغات تم بمعلومات حول السن والمستوى التعليمي والخبرة المهنية...
-كما يمكن تص ـ ــنيف أس ـ ـ لة االس ـ ــتبيان إلى تس ـ ــعة أنواع :أس ـ ـ لة وقائع (حول:
الســن ،النوع ،المهنة ،)...وأسـ لة أفعال (حول نشــاط المبحوث ،اتجاهاته ،قراراته:...
الحض ـ ــور ،القراءة ،التص ـ ــويت ،)...وأسـ ـ ـ لة نوايا (افتراض ـ ــية :في حالة كذا /..أو إذا)...
وتكون إجابتها تقريبية ،وأس ـ لة رأي (طلب الرأي حول موضــوع معين ،وهي أصــعب من
أس ـ ـ ـ ـ لـة الوقائع واألفعال) ،وأس ـ ـ ـ ـ لة تقديرية غير مباشـ ـ ـ ــرة لتجنب اإلحراج (بدال من
السـ ــؤال عن كمية الدخل الشـ ــهري يسـ ــأل عن الممتلكات الشـ ــخصـ ــية :دار ،س ـ ــيارة،
خــدم ...لتفــادي اإلحراج) ،مع اإلش ـ ـ ـ ــارة إلى أنهــا تتطلــب االحتراز عنــد تــأويــل اإلجــابــات
ً
والقيمـة الداللية لمؤش ـ ـ ـ ـراتها ،وأس ـ ـ ـ ـ لة تصـ ـ ـ ــفية /غربلة (خدمة ألس ـ ـ ـ ـ لة أخرى أكنر
أهمية) ،وهي عادة ما يقدم لها بعبارة :في حالة اإلجابة بنعم/ال /يس ــأل كذا ،...وأس ـ لة
مراقبة (أسـ لة بصـي مختلفة الختبار صــدق اإلجابة) ،وأسـ لة تمهيدية لكســر الجليد
(وهي غير مهمــة وتسـ ـ ـ ــتعمــل في مطلع االسـ ـ ـ ــتبيــان لكس ـ ـ ـ ــب ثقــة المبحوث) ،وأس ـ ـ ـ ـ لــة
تخفيفية (تسبق األس لة الصعبة أو املحرجة).
* تضـ ـ ــمين بعض األسـ ـ ـ لة الخيار الجوابي" :أخرى تذكر" ،تحسـ ـ ــبا لوجود خيار
جوابي نــادر أو خيــار مهم تم نس ـ ـ ـ ـيــانــه ،وتحس ـ ـ ـ ـبــا المتعــاض المبحوث من عــدم وجود
خيار جوابي يفضله). (16
* األخذ بعين االعتبار هيكلة أس لة االستبيان تبعا لطبيعتها:
من المعروف أن هيكلة أس ـ ـ لة االس ـ ــتبيان (ص ـ ــياغة مكوناته وترتيبها) تؤثر على
نوع اإلجابات ،فمثال إن مدى ص ـ ــحة اإلجابة على األس ـ ـ لة ذات التوجه الذاتي تختلف
عن ذات التوجه الموض ـ ـ ــوعي .وهو ما أكده اختبار عالم النفس "موش ـ ـ ــيو" ()Muscio
( )Ander-Egg, 1995, pp. 283-284الذي أوضـح بأن نسبة صحة اإلجابة على األس لة
ذاتيــة التوجــه تزداد ثم تنخفض تــدريجيــا تبعــا للتــدرج الموضـ ـ ـ ــوعي التص ـ ـ ـ ــاعــدي في
األس ـ ـ لة .ومن األمثلة المش ـ ــخص ـ ــة لهذا التدرج الذاتي الموض ـ ــوعي :هل رأيت در ًاجا في
الفيلم؟ (صيغة النكرة) ،هل رأيت الدراج في الفيلم؟ ألم ترى دراجا في الفيلم؟ (صيغة
النفي والنكرة) ألم ترى ال ــدراج في الفيلم؟ (كـ ــأس ـ ـ ـ ـ ل ــة ت ــدرجي ــة ذاتي ــة التوج ــه) تليه ــا
ص ـ ـ ـ ـيــاغــات أكنر موضـ ـ ـ ــوعيــة :هــل كـ ـان هنــاك دراج في الفيلم؟ ألم يكن هنــاك دراج في
الفيلم؟ ه ــل ك ــان دراج ــا أم دراج ــة؟ ه ــل فالن ك ــان دراج ــا في الفيلم؟ واألمر نفسـ ـ ـ ـ ــه
بالنسـ ـ ـ ــبة ل س ـ ـ ـ ـ لة الموالية ذات التدرج الموضـ ـ ـ ــوعي التنازلي ،حيث يعتبر سـ ـ ـ ــؤاالها
األخيران أكنر إيحــاء بــاإلجــابــة :هــل توافق على ضـ ـ ـ ــرب األطفــال في المــدارس؟ هــل أنــت
موافق على ض ـ ـ ــرب األطفال في المدارس ،أليس كذلك؟ أال تعارض ض ـ ـ ــرب األطفال في
المدارس؟ هل أنت معارض لضرب األطفال في المدارس ،أليس كذلك؟
* تجنب ما يأتي عند صياغة األس لة:
-األس ـ ـ ـ ـ لة التي توحي باإلجابة مسـ ـ ـ ــبقا .مثاالن :أال تعتقد بأنه يجب تغيير طرق
التـدريس؟ /أغلبيـة الطلبـة يثقون في كفـاءة النظـام التربوي ،فهل تشـ ـ ـ ــاطرهم الرأي؟:
يوحيان بالرد باإليجاب .األفضل :هل تعتقد بأنه يجب تغيير طرق التدريس؟ /هل تثق
في كفاءة النظام التربوي؟
-النفي المزدوج (هل ال يجب أال يكون كذا...؟) لتشويشه على فهم المبحوث.
) (16لقد حدث معي خصيا ،حيث اضطررت إلى التراجع آليا عن استكمال ملء بعض االستمارات
اإللكترونية نتيجة غياب الخيارات الثالثة السابقة أو أحدها في األس لة اإلجبارية .ولكن هذا ال يعني المبالغة
في استعمالها ،ألن هناك أس لة ال تحتمل وجود خيارات جوابية إضافية محتملة.
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
305
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
-ســؤاالن أو أكنر في واحد (ســؤال بمتغيرين أو بفكرتين أو أكنر)" :هل أنت مالك
أم مسـ ــتأجر للمنزل؟" (نعم/ال)" ،هل توافق على طرق التدريس والتص ـ ــحيح واإلجازة"
(نعم/ال) ...لغموض اإلجابة ،بل صـ ــعوبتها ...فاإلجابة بنعم مثال على السـ ــؤال األول قد
تفيد الملكية كما قد تفيد اإليجار .كما أن اإلجابة على السـ ــؤال الثاني بـ ـ ـ ـ ـ ـ "ال" مثال ال
تعني بالضـ ـ ــرورة عدم الموافقة على الطرق الثالثة ،كما تسـ ـ ــتحيل اإلجابة بنعم أو بال
على المبحوث الذي يوافق مثال على طريقة التدريس وال يوافق على طريقتي التصحيح
واإلجابة .واألصل وضعها في أس لة مختلفة.
ُ
-األس ـ ـ ـ ـ لــة املجهــدة لــذاكرة المبحوث :تواريخ ،أحــداث قــديمــة و/أو متعــددة،...
والحس ـ ـ ــاس ـ ـ ــة أو املحرجة له :أجرة الولي ،بعض الممارس ـ ـ ــات الدينية ،...إال لض ـ ـ ــرورة
بحثية.
-األس ـ ـ ـ ـ لـة االفتراض ـ ـ ـ ـيــة :في حــالــة كــذا –توافر الوسـ ـ ـ ــائــل ...-هــل يحــدث كــذا –
النجاح...-؟ إال للضرورة لكون إجاباتها ستكون تقريبية.
-األسـ ـ لة المتض ــمنة لكلمات غامض ــة ،مثل "كثيرا"" ،قليال" ...لتض ــمنها دالالت
وأبعاد مختلفة باختالف تقديرات املجيبين...
-كنرة األسـ ـ لة المفتوحة -تمت اإلش ــارة إلى ذلك بإيجاز في ش ــروط االس ــتبيان،-
فاالسـتبيان في األسـاس أداة كمية تتطلب إجابات دقيقة وال تتطلب إجابات ـخصــية
قــد تكون طويلــة وش ـ ـ ـ ــديــدة االختالف ،ولــذلــك قــد تكون معــالجتهــا إحص ـ ـ ـ ــائيــا طويلــة
وصـ ــعبة؛ فهي تتطلب تكميما (ترميز وتفي ة) بعديا مع مخاطر التحيز المرتبطة به .ثم
إن كنرة األس ـ ـ ـ ـ لــة المفتوحــة قــد تجعــل المبحوثين ينفرون منهــا أو ال يتعــاملون معهــا
بجدية ،فال يجيبون عليها أو تكون إجاباتهم قص ــيرة وغير دقيقة .وهذا ال ينفي إمكانية
اسـتعمال بعضـها لكونها ضـرورية ومفيدة بغنااها المعلوماتي ،أو تخصيص استعمالها
في أداة مناسبة مثل المقابلة تدعيما ألداة االستبيان.
-قائمة طويلة جدا من الخيارات الجوابية على سـ ــؤال واحد ،ألن ذلك قد يكون
على حس ـ ـ ـ ــاب نوعيــة اإلجــابـ ة بس ـ ـ ـ ـبــب الموقف السـ ـ ـ ــلبي املحتمــل من المبحوث الــذي
يس ـ ـ ــتص ـ ـ ــعب االختيار بين قائمة طويلة من الخيارات قريبة المعاني فيتردد كثيرا ثم ال
يجيب أو يفضـ ــل الخيار الجوابي األول دائما .لذلك ،قد يكون من األفضـ ــل االقتصـ ــار
على ذكر أهم الخيــارات الجوابيــة مرفقــة بخيــار :أخرى تــذكر .مع اإلش ـ ـ ـ ــارة إلى أن هــذا
االحتياط يفيد أيضــا في تجنب احتمال أن يجد المبحوث نفســه غير قادر على اإلجابة
بسبب عدم وجود الخيار الجوابي المناسب له ولرأيه.
-ت ــداخ ــل ح ــدود أو مع ــاني بعض الخي ــارات الجوابي ــة ،بحي ــث يج ــد المبحوث
نفسه حائرا ما بين خيارين (ف تين) جوابيين مختلفين ،بسبب إمكانية انتمااها لكليهما.
وهي حــالــة عــادة مــا تحــدث في أس ـ ـ ـ ـ لــة املجــاالت وتكون حــدودهـا متــداخلــة :ف ــة عمريــة
تنتهي بحــد 31س ـ ـ ـ ـنــة مثال وتبــدأ الف ــة المواليــة بــالحــد نفس ـ ـ ـ ــه ،والمبحوث عمره 31
سنة!).
وينـدرج ضـ ـ ـ ــمن حالة التداخل كذلك اسـ ـ ـ ــتخدام خيارات :نعم /ال /أحيانا؛ إلن
ه ــذا الخي ــار األخير متضـ ـ ـ ــمن في "نعم" ،ومعروف أن خي ــاري "نعم" و"ال" يعبران عن
حـدين مطلقين شـ ـ ـ ــاملين ال ثـالـث لهمـا إال في حـالـة عدم اإلجابة بالقول" :ال أعلم"" /ال
أجيــب" -كمــا مر معنــا ،-ولمن يريــد التــدرج في شـ ـ ـ ــدة اإلجــابــة أن يقترح خيــارات ثالثيــة،
خ ـ ـم ـ ــاسـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ــة ...ب ـ ــدي ـ ـل ـ ــة ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ "ن ـ ـعـ ــم" و"ال" ،مـ ــن ق ـ ـب ـ ـي ـ ــل :دائ ـ ـم ـ ــا/أح ـ ـي ـ ــان ـ ــا/أب ـ ــدا أو
دائمــا/غــالبــا/أحيــانــا/نــادرا/أبــدا ...وقريــب من هــذا الخطــأ ال ش ـ ـ ـ ــائع نجــد وضـ ـ ـ ــع الخيــار
الجوابي" :دراسات عليا" إلى جانب خيار "جامعي"؟ ،الخ.
* يفض ـ ــل وض ـ ــع األسـ ـ ـ لة املحرجة –في حالة وجودها -في األخير ،ومنها األسـ ـ ـ لة
الس ــوس ــيو -ديموغرافية (أس ـ لة البيانات الش ــخص ــية))- (17كما قلنا من قبل ،-يليها في
الختام الشكر.
* كمــا قــد يرفق االسـ ـ ـ ــتبيــان في األخير بكتــابــة تعليقــات المبحوثين في حـالــة مل ــه
بحضور الباحث وبتعليقات هذا األخير حول بعض ظروف مل ه.
أما ترتيب األس ـ لة ككل فمهم ،حيث يجب أن يكون ترتيبها نفســيا ومنطقيا (من
العام إلى الخاص ومن البسـيط إلى المعقد) ،مع محاولة تجنب ما يسـمى ب ـ ـ ـ ـ "العدوى"
أو "التواص ــل" بين األسـ ـ لة ( ،)Ander-Egg, 1995, p. 285كأن ُيس ــأل مثال ،بداية عن
مدى قبول التدخل العربي في شـ ـ ـ ــأن إقليمي ثم عن التدخل الغربي في ذات الشـ ـ ـ ــأن أو
العكس .فقد تختلف نســبة طبيعة اإلجابة على التســاتلين تبعا لورود كل منهما أوال أو
ثانيا.
) (17هناك خالف حول جدوى وضع أس لة البيانات الشخصية؟ -1 :االكتفاء باألس لة التي تستعمل في
اإلجابة على التساتالت و/أو في اختبار الفرضيات ،أو -2تبريرها بفائدة استعمالها في وصف خصائص
العينة.
عــدم قــدرتــه على الرجوع إلى المبحوث -أن ُإهمــل اإلجــابــة على ذلــك السـ ـ ـ ــؤال وبــالتــالي
استبعاده من التحليل.
.2م ــلء االسـ ـ ـ ــتبي ــان من جه ــة أو ـ ـ ـ ــخص خالف ــا للمطلوب :ق ــد يتم في بعض
الحاالت إرسال االستبيان إلى جهة أو خص معين إال أن اإلجابة تتم من قبل خص
آخر .مثال ذلك إرس ــال االس ــتبيان ل جابة عليه من قبل رئيس تحرير املجلة ،ثم يتبين
عنـد اسـ ـ ـ ــتالمـه أنـه تم تعبئتـه من طرف كـاتبـة رئيس التحرير .في مثل هذه الحالة يترك
للباحث حرية التقدير فيما إذا كان الشــخص الذي قام بتعب ة االســتبيان قادرا ولديه
المعلومـات المطلوبــة أم ال؟ ،ولكن هنـاك من يفضـ ـ ـ ــل في مثــل هــذه الحـالــة اسـ ـ ـ ــتبعــاد
االس ـ ـ ــتبيان من التحليل الذي س ـ ـ ــيتم ألن تأثيرها قد يكون س ـ ـ ــلبيا على النتائ النهائية
للبحث.
.8عدم جدية المبحوث في اإلجابة على أس ـ ـ لة االسـ ــتبيان :يمكن مالحظة ذلك
من خالل إجابات المبحوث املختص ـ ـ ــرة جدا في حالة األس ـ ـ ـ لة المفتوحة أو من خالل
إعطاء المبحوث الخيار نفس ـ ـ ــه في اإلجابة على جميع األسـ ـ ـ ـ لة المغلقة .وفي مثل هذه
الحاالت يترك للباحث عملية تقدير استبعاد االستبيان من البحث أم ال.
.1ترك بعض األس لة من دون إجابة ،وقد يعود ذلك ألسباب عدة ،منها:
-السهو من قبل المبحوث في اإلجابة على بعض األس لة.
-عدم فهم المبحوث المقصود من بعض األس لة.
-ترك اإلجابة على بعض األس لة بشكل مقصود إما لسرية المعلومات أو لكون
األس لة خصية ومحرجة فال يحبذ "المبحوث" اإلجابة عليها ،أو لحاجة األس لة إلى
جهد وتفكير كبيرين ل جابة عليها أو لكون الخيارات الجوابية المقترحة غير شاملة
(يفضل المبحوث خيارا إضافيا).
وعرض على 81فردا ،وبعد إذا كـانـت لـدينـا اسـ ـ ـ ــتبيـان متكون من 111سـ ـ ـ ــؤال ُ
جمع االسـتبيانات وجدنا عشـرين سؤاال (من األس لة غير المهمة جدا) في كل استبيان
لم تتم اإلجابة عليها من طرف عشرة أفراد ،تعالج األس لة الفارغة بطريقتين:
األولى :يتم حس ـ ــاب متوس ـ ــط إجابات 21فردا ( )11-81الباقين ووض ـ ــعه مكان
اإلجابات غير املجاب عليها.
الثانية :يتم حس ــاب متوس ــط إجابات عش ــرة أفراد على األس ـ لة األخرى املجاب
عليها ووضعه مكان إجابات األس لة غير املجاب عليها.
-اختيــار إحــدى اإلجــابــات املحتملــة للسـ ـ ـ ــؤال وبش ـ ـ ـ ـكــل عشـ ـ ـ ــوائي وإعطــاء تلــك
اإلجابة ل س لة التي لم تتم اإلجابة عليها.
-إذا كـانـت األس ـ ـ ـ ـ لـة غير املجـاب عليهـا تتضـ ـ ـ ــمن خيـارات وسـ ـ ـ ــطية تعتمد هذه
األخيرة كإجابات.
-عـدم إعطاء أية قيمة ل س ـ ـ ـ ـ لة التي لم تتم اإلجابة عليها ،واالعتماد في عملية
التحليل على إجابات األ ــخاص الذين أجابوا فقط .وهذا اإلجراء من ش ــأنه تخفيض
عــدد األفراد املجيبين على بعض األس ـ ـ ـ ـ لــة .ومع ذلــك تعتبر هــذه الطريقــة من أفض ـ ـ ـ ــل
الطرق لمعالجة األس لة الفارغة لصدقيتها العالية.
وفي ه ــذه الح ــال ــة األخيرة ،التي ينخفض فيه ــا ع ــدد املجيبين على ك ــل األس ـ ـ ـ ـ ل ــة
وتتـأثر فيهـا نس ـ ـ ـ ـبـة العينـة بـالنقصـ ـ ـ ــان ،عـادة ما يسـ ـ ـ ــتبق هذا االحتمال بإعداد قائمة
إضافية من مفردات العينة لتوزع االستبيانات عليهم عند الحاجة.
وإذا كنا نريد أن تكون لدينا عينة نظرية حجمها " 352مبحوثا" (هامش الخطأ
فيها ٪0عن نسبة 1.8 - proportion -مع مستوى ثقة ،)٪38
سوف نقوم بالحساب التالي:
ن االنطالقة= 522 = 1.51/1 * 1.38/1 * 1.1/1 × 352أو
ndépart = 384 * 1/0.6 * 1/0.95 * 1/0.80 = 842
يمكننا إذن تقدير أنه يجب سحب 522وحدة من إطار العينة للحصول على
عينة نظرية من 352مشاركا بالشروط المذكورة أعاله.
إن مجموع العوامل المذكورة أعاله (الصدق ،-Validité-واألهلية /األثر-
-éligibilité/ incidenceومعدل االستجابة) تؤدي بنا إلى الكالم عن مردودية الخطة
العينتية ،أي النسبة المتوقعة من االستبيانات الكاملة بالنظر إلى عينة االنطالقة.
ويمكن الحصول على هذا العدد أو النسبة من خالل تقسيم العينة النظرية (التي
نرغب في الحصول عليها) على عينة االنطالقة (األولية).
وسنقول بأن العائد أو المردود المتوقع في الخطة العينتية هو،522/352 :
أي.٪28.1 :
وسنحصل على نفس العدد عن طريق ضرب معدل االستجابة في معدل
الصدق (الصالحية) في معدل األهلية (.)1.281 = 1.5 * 1.38 * 1.1
تجــدر اإلش ـ ـ ـ ــارة هنــا إلى أن هــذه التقــديرات اإلحص ـ ـ ـ ــائيــة عــادة مــا يعمــل بهــا في
العينات االحتمالية فقط والتي عادة ما يشيع استعمالها في البحوث الكمية.
هناك من يفرق بين االستبيان عبر اإلنترنت واالستبيان اإللكتروني بنوعيه (كما ذكرنا
سابقا).
المتراكمة وعند معاودة االتصال أو الوصول إلى االستبيان نحتاج إلى تشغيله من
البداية.
وتجدر اإلشارة في األخير إلى أن هذه الصعوبات تحولت ،مع تطور املجتمعات
ورقمنتها وانتشار اإلنترنت وانخفاض سعرها وتبسيط استخدامها ،إلى إيجابيات .حيث
تذكر بعض المراجع الحديثة ( )Arroyo Menéndez & Finkel, 2019, pp. 42-43أن
من ميزاتها السعر المنخفض مقارنة باالستبيانات الشخصية وحتى الهاتفية ،ألنه لم
يعد من الضروري إجراء مقابالت خصية لملئها .يضاف إلى ذلك الوفورات
االقتصادية الناتجة عن االستغناء عن مهمة تسجيل البيانات -في حالة االستبيانات
الهاتفية -وتصحيحها للكشف عن األخطاء التي قد تنطوي عليها ،وكذا إمكانية توفير
عموما أصبحت تتطلب أوقات جمع بيانات أقصر الوقت ،ألن االسبيانات عبر اإلنترنت ً
من االستطالعات الشخصية (الحضورية) والهاتفية .باإلضافة إلى تميزها بسهولة
االستخدام مع البساطة اللوجستية التي توفرها الرقمنة ،حيث لم يعد من الضروري
االستعانة بخبراء لتنفيذ استبيان فعال وجذاب جدا .ففي الوقت الحاضر ،هناك عدد
معتبر من التطبيقات البسيطة التي تسمح للطلبة والباحثين بتصميم استبيانات
بحثية عبر اإلنترنت وذلك من خالل برمجيات مجانية تفي بالغرض .أما في حالة الرغبة
في استخدام ميزات إضافية ،فيمكن شراء تراخيص سنوية بأسعار معقولة ً
جدا.
ومن بين التطبيقات األكنر شهرة ،تجدر اإلشارة إلى صيغة "– "GoogleForms
األكنر استخداما في وسطنا الجامعي -أو " "SurveyMonkeyأو " "SoGoSurveyأو
" ..."Encuestafácilأما برنام " ،"Limesurveyالقائم على البرام املجانية أيضا،
فيوفر إمكانيات تخصيصية أكبر من التطبيقات المذكورة سابقا ،ألنه باإلضافة إلى
السماح للمستخدمين ببرمجة ميزات جديدة ،فإنه يحتوي على مجموعة مطورين
برمجيين في الخدمة في جميع أنحاء العالم.
وكلها عوامل قد تفسر ،بصرف النظر عن التكلفة ،النجاح المتزايد الستعمال
االستبيانات عبر اإلنترنت .مع اإلشارة إلى استمرارية وجود بعض األدبيات المتخصصة
التي تسلط الضوء على العوائق والتحديات الرئيسة التي يمكن أن تظهر في البحث عبر
اإلنترنت ،بعضها تم ذكره سابقا مثل مسألة قلة االستجابة الناتجة عن عدة عوامل
ومدى تمثيلية العينة...
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
321
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
كما تشير أدبيات أخرى إلى االتجاه المتزايد نحو استخدام عدة أنواع من
االستبيانات (االستبيانات املختلطة) لضمان معدل استجابة أعلى وخفض
التكاليف ،...ولكن من المالئم ضمان أن يكون هذا الجمع توافقي.
-استخدام تصميم يتضمن شريط التمرير الجانبي تبعا لنوع البحث ،إال إذا
كان من الضروري تغيير الشاشة ألغراض تصفوية (للغربلة) أو الستكمال اإلجابة على
أس لة مشابهة.
-التأكد من إمكانية رتية كل األجوبة على شاشة واحدة 111 ×511بكسال
( ،)pxمع استخدام أعمدة مزدوجة عند الضرورة وأدوات إبحار مساعدة ،لتكوين
نظرة شاملة/عامة حولها.
-استخدام صور أو توجيهات تعطي للمبحوث فكرة عن مدى تقدمه في
االستبيان وكم تبق له الستكماله.
-تجنب االختالفات في المظهر المرئي ل س لة والتي تنشأ من اإلعدادات
املختلفة للشاشة وألنظمة التشغيل وللمتصفحات وللشاشات الجزئية ،الخ.
-تقليص استخدام األلوان من أجل الحفاد على االتساق بين األس لة وخلفية
الشاشة ،وعلى مقروئية النص ،وعدم إعاقة التحرك عبر الشاشة واملحافظة على
خصائص كل األس لة.
-عدم استخدام القوائم المنسدلة (التفصيلية) بكنرة ،واألخذ في االعتبار
تداعيات ذلك (االنزعاج ،االجهاد ،)...مع تحديد أو تشخيص كل منها بتعليمة "انقر
هنا" (.)Click here
-توفير المعلومات الالزمة للمبحوث حول سياسة خصوصية االستبيان،
وسرية ردوده (مع عدم استخدام الكعكات -Cookies-التجسسية)-(18إال للضرورة
وبمعرفة المبحوث -والتأكد من تخزين البيانات بشكل آمن على "الخادم" حتى لو أدى
ذلك إلى استخدام برمجيات التشفير).
-تجنب إعداد االستبيان في أي برنام يتطلب تركيب (إضافة) أي برنام أو
عنصر معلوماتي إضافي لملء االستبيان ،مما قد يجهد المبحوث.
) (18إنها عبارة عن قطعة (برنام ) معلوماتية تخزن في القرص الصلب لحاسوب الزائر لصفحة ويب بفعل
من صاحب الصفحة .ويمكن استرجاع هذه المعلومة في الزيارات الموالية معبأة بالمعلومات املجمعة،
وتدعى أحيانا بملفات تعريف االرتباط.
-توفير حوافز مادية "محايدة" تشجع فقط جمهور معين للمشاركة في
ُ
االستبيان وال يجب أن تكون هي السبب الرئيس للمشاركة ،بل تدفع أساسا مقابل
الوقت والجهد المبذولين في اإلجابات .وتكون قيمتها في حدودها الدنيا املحفزة على
المشاركة وليست مغرية جدا لتجنب المشاركة المتكررة لصيادي الحوافز المشوهة
للعينة (ولذلك ُسميت باملحايدة)).(19
-بخالف االستبيانات المكتوبة (الورقية) ،يفضل وضع مربعات أو خانات
اإلجابة على يمين ف ات االستجابة (األس لة أو العبارات) ،مما ييسر على المبحوث
استخدام الفأرة.
-إتاحة للمبحوث إمكانية التوقف (تقنيا) عن ملء االستبيان في أي وقت
واستئنافه مرة أخرى في وقت الحق من النقطة التي توقف عندها ،أي المواصلة وليس
البدء من جديد.
-تقديم معلومات للمبحوث عن متوسط الوقت الذي قد ُيستغرق في ملء
االستبيان .مع محاولة تبسيط االستبيان حتى ال يستغرق ملؤه مدة يفوق متوسطها
21دقيقة (األفضل ما بين 11و 21دقيقة كما سنرى الحقا).
-تقديم المعلومات المنبهة ل خطاء املحتملة عند الملء في شكل غير مخوف
وال منفر ،بل في شكل مؤدب ،مع تو ي أن يكون تصحيحها أو حلها غير معقد.
-وأخيرا ،مخاطبة المبحوثين كأ خاص وليس كمستخدمين ل نترنت أو كأرقام.
ألننا نتعامل مع األ خاص الذين قد يعانون من مشاكل مع شاشة الحاسوب ،وألن
بعضهم ليس لديه نفس المعارف التكنولوجية التي لدى الباحث .فإذا تاهوا أو أصابهم
اإلحباط أو الملل ،أو لم ُيعاملوا باالحترام الذي يستحقونه ،فإنهم قد ال يتوقفون
) (19من االستراتيجيات التقليدية المستخدمة في البحوث االستقصائية لزيادة التعاون استخدام الحوافز
( ،)Dillman et al., 2009ولكن هذه الحوافز تحقق كفاءة أقل في االستقصاءات عبر االنترنت ( Fricker et
.)al., 2005; Lamas, 2007; Manfreda y Vehovar, 2008وقد أبرزت العديد من األبحاث (;Göritz, 2006
& Van den Brakel et al., 2006; Bonke y Fallesen, 2010; Preece et al., 2010; Rao, Kaminska
)McCcutcheon, 2010أن استخدام الحوافز المادية (الهدايا )...يزيد من معدل االستجابة ،مع مالحظة
أن معظم األبحاث حول الموضوع تشير إلى التأثير األكبر للمكافآت النقدية مقابل الهدايا ،وكذلك الحوافز
قبل الرد على االستبيان مقابل "الوعد" بالحوافز بعد الرد عليه ( Birnholtz et al., 2004; Dillman et al.,
.)Vidal Díaz de Rada, 2012( )2009
فقط عن ملء االستبيان اإلنترنتي ولكنهم قد ال يجيبوا مرة أخرى على أي استبيان
إلكتروني في المستقبل.
ونختم هذا المبحث بذكر نتائ اعع البحوث المفيدة في مجال تطبيق
االست يانات عبر اإلنترنت (:)Arroyo Menéndez & Finkel, 2019, pp. 44-46
أظهرت عدة بحوث أن الطريقة التي يتم بها تقديم األس لة تؤثر على جودة
اإلجابات:
ً
-إن إتاحة مساحة أكبر في األس لة المفتوحة تؤدي إلى إجابات أكنر شموال ،كما
يتم الحصول على معدالت استجابة أعلى على األس لة التي تتطلب وضع عالمة في خانة
(ات) االختيار بدال من تحديد خيار(ات) في قائمة منسدلة.
-من الجوانب الرئيسة المؤثرة في جدوى االستبيان عبر اإلنترنت مدة االستبيان
والعوامل األخرى التي تؤثر على وقت مل ه مثل درجة إلمام المبحوثين باإلنترنت وسرعة
القراءة على الشاشات ،وكذلك نوع الجهاز الذي يتم من خالله ملء االستبيان (على
وقتا أطول بنسبة سبيل المثال ،يعتقد أن ملء االستبيان من هاتف ذكي تستغرق ً
تتراوح بين 21و 31بالمائة من الوقت الذي تستغرقه من جهاز حاسوب).
مع اإلشارة إلى أن أحد البحوث المثيرة لالهتمام ()Revilla & Ochoa, 2017
استهدفت محترفين تعودوا على اإلجابة على االستطالعات عبر اإلنترنت ،توصلت إلى أن
متوسط المدة القصوى المقدرة لملء االستبيان هو 21دقيقة ،أما المدة المثالية
فينبتي أن تكون في المتوسط 11دقائق .في كلتا الحالتين ،حدد "تحليل االنحدار
المتعدد" (اإلحصائي) أن المتغيرات المهمة التي تؤثر على التباين في مدة الملء تتعلق
بمدى االرتياح لالستبيان ،والثقة في عدم الكشف عن هوية الردود ،وصغر السن.
وفي حالة االستطالعات المنجزة عبر الهواتف املحمولة ،يوص ى بأن ال تستمر
أكنر من 18دقيقة ،وأال تحتوي على أكنر من سؤالين مفتوحين ،وأال تحتوي األس لة
على أكنر من 18سمة ،وال تتضمن مقاييس تتجاوز خمس درجات (مثالها مقياس
ليكرت الخماس ي) ،وال تتطلب التمرير ( )Scrollingاألفقي /الجانبي ،وال تستخدم
تطبيق ( )Adobe Flash Playerالذي عادة ما ال تتحمله أجهزة "األيفون" ( Kantar
.)Media, 2017
-كما ال ينبتي أن ننس ى أن االستبيانات التي يتم إجراتها عبر اإلنترنت تسمح
بالتجميع التلقائي للبيانات الوصفية أو المعلومات الجوهرية حول عملية ملء
االستبيان نفسه :التاريخ ووقت البدء واالنتهاء (وبالتالي الوقت المستغرق) ،عدد
الشاشات التي ظهرت عند حدوث التخلي عن استكمال الملء ،الخ .كما أن تقنيات
ً
"التسويق العصبي" الحديثة التي تجمع البيانات السيكومترية ،مسجلة حركات
الشبكية (تتبع العين) ،واإليقاعات املختلفة عند الكتابة أو الحركات التي تتم
باستخدام "الماوس" ،ستسمح بال شك في المستقبل غير البعيد بتحسين التحليالت
المنهجية لتحسين تطبيق االستبيانات عبر اإلنترنت .وفي هذا السياق ،يوص ى بشدة
بإتباع توصيات دليل ( )ESOMARللبحث عبر اإلنترنت ،والذي يتضمن القضايا
األخالقية –خصوصيات المبحوثين خاصة -والتنظيمية والتكنولوجية والمنهجية.
-يتأثر جدوى استخدام االستبيانات عبر اإلنترنت بنوع المعاينة المطبقة فيها.
فبشكل عام ،يكون التحكم في العينة في االستطالعات االستبيانية عبر اإلنترنت أكنر
صعوبة منه في االستطالعات الهاتفية أو الشخصية ( Sánchez-Carrión & Segovia,
.)2008خلص بحث مثير لالهتمام قارنت بين نوعين من االستطالعات عبر اإلنترنت (مع
عينة حصصية وعينة كرة الثلج) ومع مقابلة خصية وأخرى عبر الهاتف ،باستخدام
نفس االستبيان في كل منها ،إلى أن أعلى جودة للعينات كانت التي تمت بالمقابلة
الشخصية ،تلتها التي تمت عبر الهاتف ،وذلك بفارق كبير ،عن الطريقتين عبر اإلنترنت
(وكانت المتعلقة بعينة كرة الثلج هي األقل جودة) (.)Szolnokin & Hoffmann, 2013
وفي هذا السياق ،قد يفضل العمل باالستبيانات عبر اإلنترنت مع العينات غير
االحتمالية أكنر من العينات االحتمالية ،ألنه يصعب التحكم في حدود مجتمع البحث
وال يمكن االستدالل على وجود خاصية معينة للعينة .ومع ذلك ،يتم تطبيق هذه
ً
االستبيانات عادة في أبحاث السوق عندما يتعلق األمر ببساطة بجمع آراء أو تقييمات
المستهلكين العاديين لمنت معين ،والتي تكون نقاط القوة والضعف فيها هي المرغوبة
فقط ،دون محاولة استنتاج مدى وجود خصائص بعينها في مجتمع البحث.
-استغالل البيانات
إن استغالل أو استخراج بيانات المبحوث دون علمه وقراءة معلوماته وإرسال
"الكعكات" ال يكون مقبوال إال إذا كان ضروريا ألهداف البحث .فال بد أن يكون
المبحوث على علم كاف بإمكانية استغالل بياناته وإرسال الكعكات وبا ي البيانات
(بداية تطبيق االستبيان ،مدة توافره )...قبل بداية تطبيق االستبيان ويتوفر على
إمكانية عدم القبول (الرفض).
من الضروري أيضا أن تكون المشاركة في البحوث االستقصائية على اإلنترنت
طوعية تماما .ويشمل هذا حق المبحوث في إنهاء المشاركة في أي وقت أو نقطة من
االستبيان ،وبالتالي توفره على إمكانية إغالق الصفحة التي يزورها ِب ُحرية ،أي عدم
استعمال التقنيات المانعة لغلق النوافذ ...ومع ذلك ،قد يكون من المرغوب فيه
معرفة الباحث سبب إلغاء االستبيان بالسؤال عنه.
-التحكيم الميداني
إن مميزات االسـ ـ ـ ــتبيـ ــان عبر اإلنترنـ ــت لن تكون ذات فـ ــائـ ــدة كبيرة إذا لم يتم
التحقق من صدقها وثباتها.
فعلى غرار االس ـ ــتبيان العادي ،يجب اختبار ثباته وص ـ ــدقه (عادة بعرض ـ ــه على
محكمين) .وهناك من المتخصـ ـ ـص ـ ــين من يركز في هذا املجال على الص ـ ــدق الظاهري
الـذي يتعلق بـإمكـانيـة تعميم النتـائ وخـاصـ ـ ـ ــة في البحوث الوصـ ـ ـ ــفية .وبالطبع يرتبط
التعميم بمعرفـة المشـ ـ ـ ــاركين في االسـ ـ ـ ــتبيـان وبمـدى تمثيليتهم كعينــة ملجتمع البحــث.
ومعروف أن اإلنترنــت تسـ ـ ـ ــمح بــالتعــامــل مع عينــة كبيرة العــدد ولكن ذلــك ال يعني أنهــا
ممثلــة ،فليس كــل النــاس تتفــاعــل مع اإلنترنــت ومن يتفــاعــل منهم فليس بنفس الوتيرة
(من حيث الكم والكيف) ،فهناك فروق كبيرة بين س ـ ــكان المدن وسـ ـ ــكان الريف وبين
المتعلمين وغير المتعلمين ،وبين ميسـ ـ ــوري الحال وبين غيرهم ...وخاص ـ ـ ــة بين الذكور
من الشباب المتعلم وميسور الحال وبين غيرهم (.)De Marchis, 2012, p. 265
كما أن هناك من يقترح لضمان تمثيلية العينة ما يسمى بـ "التحكيم الميداني":
في أي نوع من البحوث االستقصائية عبر اإلنترنت ،نحتاج إلى التأكد -إذا كان
ذلك ممكنا من الناحية التقنية -من أن المبحوث الواحد ال يمكنه الوصول عدة مرات
إلى نفس االستبيان .لكن على الباحث توثيق (اإلعالن عن) اإلجراءات المتخذة لتجنب
ذلك .ويمكن التحكم في الردود المزدوجة التي قد تصاحبها من خالل "كعكات أو ملفات
تعريف االرتباط" أو أي تقنية أخرى.
وهناك مشكلة أخرى شائعة في البحوث االستقصائية عبر اإلنترنت هي "نوعية"
االستجابة قياسا على "مدة" االستجابة .فأحيانا يم المشارك االستبيان في وقت أقل
بكثير من المتوسط المالح وبالتالي تعتبر "نوعية" االستجابة منخفضة ،فيستنت
من ذلك عدم أخذ األس لة بجدية وأن اإلجابة عليها قد تمت بشكل عشوائي ،وبالتالي
يتم التحف عليها أو إلغاتها.
تجميع وتصنيف البيانات ممكنا إال من خالل رمز تعريفي مشترك للنوعين من البيانات
وخاص بكل مشارك.
خاتمة
لقد أدت التطورات التكنولوجية إلى استعمال أدوات متجددة لجمع البيانات
عن طريق االستبيان :االستبيان الذي يم حضوريا أو عن بعد (عن طريق الهاتف أو
الفاكس أو اإلنترنت) ،بما في ذلك المسمى االستبيان اإللكتروني "المعبأ ذاتيا" و"عن
طريق البريد اإللكتروني".
إن مراجعة األدبيات المتخصصة ( Fricke, 2005; Manfreda, 2008; Dillman,
)2009; Vidal, 2012تشير عادة إلى اختالف نتائ تطبيق االستبيان باختالف أنواعه
(حضوريا ،عن طريق الهاتف ،الفاكس ،اإلنترنت ،)...وإلى جدوى استعمال االستبيان
عبر اإلنترنت كوسيلة مكملة لالستعماالت النوعية األخرى.
وتجدر اإلشارة في األخير إلى أن الطبيعة الحديثة والمتجددة وسريعة التطور
لهذا النوع من االستبيانات اإلنترنتية ،تتطلب مزيدا من البحوث المتخصصة
والتتابعية.
وفيما يلي تعريف أداة جمع بيانات التتبع الرقمي المستخدمة في االستجابة
لمثل هكذا رغبات ،مع اإلشارة إلى أنه تم في مباحث سابقة عرض بعض أدوات جمع
البيانات في البحوث المسحية (االستبيان.)...
الحمالت السياسية وتدرس اتجاهات الرأي العام على شبكات التواصل االجتماعي
وتعقب األخبار المزيفة وتحليل البيانات الضخمة لسلوكيات متصف ي مواقع
التواصل االجتماعي .وهو ما يجعل هذه األداة مناسبة في اختبار فروض نظريات
التأثير :دوامة الصمت وإدراك العداء لوسائل اإلعالم وترتيب األولويات( ...عمرو محمد
محمود عبد الحميد ،2122 ،ص.)506 .
وفيما يلي أهم الطرق التي تستعملها هذه األداة في جمع بيانات التتبع الرقمي
وتحليلها.
إنشاء التغريدة ،اسم التطبيق الذي تم استخدامه لنشرها ،ما إذا كان املحتوى عبارة
عن إعادة تغريد ،اسم شاشة من ئ املحتوى ،وما إذا تم التحقق من هذا المستخدم.
يمكن الحصول على كل هذه البيانات بكفاءة بكميات كبيرة باستخدام واجهات الـ
" "APIمفتوحة المصدر (املجانية) والمكتوبة بلغات البرمجة المعلوماتية .تقدم
ً
استخداما بيانات عامة متاحة للجمهور (مثال ،من واجهات برمجة التطبيقات األكنر
خالل واجهات الويب) ،ولكن بعضها يقدم بيانات خاصة إذا وافق على ذلك
المستخدم النهائي ( & Ohme, Araujo, Boeschoten, Freelon, Ram, Reeves
.)Robinson, 2023, p. 4ومن أمثلة هذه التطبيقات"Twitter Academic API" :
(بالنسبة لتويتر) ،و"( "Crowdtangleبالنسبة للفيسبوك وإنستغرام)...
وفيما يلي أهم مزايا هذه الواجهات وأهم التحديات التي تواجهها تبعا لبعض
األدبيات المتخصصة ( Otto, Loecherbach & Vliegenthart, 2023, p. 6; Ohme,
Araujo, Boeschoten, Freelon, Ram, Reeves & Robinson, 2023, p. 4; Freelon,
.)2018
دون غرض بح ي واضح ويجعل عملية الربط بين بيانات التتبع الرقمي وبيانات المسح،
مثال ،أسهل.
رابعا ،إن تتبع آثار المستخدمين وتوفير نصها رقميا يسهل عملية تحليل
محتواها آليا ،مما يجعل من الممكن توسيع نطاق مثل هذه التحليالت ليشمل
محتويات عدد أكبر من وسائل اإلعالم وعدم االقتصار على عينة منها فقط.
خامسا ،يمكن أن يؤدي التتبع المعلن إلى مشكالت تتعلق بالرغبة االجتماعية
والوعي بالخصوصية لدى المشاركين (المبحوثين) ،مما يؤثر على سلوكهم العادي
وبالتالي يشوه صحة نتائ البحث ،وذلك على غرار ما يحدث مثال في حالة البحوث
التقليدية (خارج الخط) عند جمع البيانات باستخدام المالحظة بالمشاركة والتي يؤثر
فيها حضور الباحث على سلوك المبحوثين.
سادسا ،قد تكون أساليب التتبع عرضة ل خطاء بسبب تغير اإلعدادات الفنية
في الواجهة الخلفية للمحتوى اإللكتروني (لوسائل التواصل االجتماعي ،مثال) والتي،
إذا لم يتم اكتشافها ً
مبكرا ،يمكن أن تؤدي إلى عدم جمع كل البيانات أو أجزاء فقط
من البيانات .فتحديثات المنصات وأنظمة التشغيل والتطبيقات والمتصفحات يمكن
أن تؤثر على حسن تأدية وظائف أداة جمع البيانات الرقمية .وهو تحد يؤثر على جميع
تصميمات البحوث التي تستخدم اآلثار الرقمية ،لكنها تؤثر بشكل خاص على تلك التي
تتعلق باتجاهات طويلة المدى ،ألنه إذا تغير توافر مصادر البيانات وشكلها بشكل
متكرر مع مرور الوقت ،تصبح التحليالت صعبة.
سابعا ،إن التتبع المتحرك للتطبيقات عبر النت ً ا ما يكون ً
ممكنا حتى اآلن، نادر
أيضا في الغالب على تتبع المتصفح نفسه ،وبالتالي يفتقد أجزاء كبيرة من ويعتمد ً
االتصال المتحرك عبر النت .إن فرص استمرار عمل ملحق المتصفح أو تطبيق تتبع
البيانات المتحركة بعد بضع سنوات ضئيلة للغاية ،مما يعني أن كل مشروع يقوم
بتطوير أداة تتبع رقمية يجب أن يأخذ في االعتبار أن هناك حاجة إلى موارد إضافية
ً
مستداما .كما أن ضخامة البيانات المتاحة للصيانة والتكيف لجعل استثمار التكلفة
للتتبع التلقائي قد ال تكون كلها مهمة ،مما قد يستدعي معالجة تصفوية مسبقة
للبيانات ،وهذه المعالجة تتطلب توحيد وتنسيق خطواتها بشفافية وهو أمر صعب
وال يزال في بداياته.
ً
عادة ما يلتزم مراقبو البيانات ،عبر مثل هذه المنصات اإللكترونية ،بهذه
الخدمات من خالل تزويد مستخدميهم بملف مضغوط ،يشار إليه ً
غالبا باسم "حزمة
تنزيل البيانات" سابقة الذكر .كما تساعد بعض المؤسسات البحثية المشاركين في
البحث باقتراح مرافقة ذوي المعرفة الرقمية المنخفضة منهم ،وبتشغيل برنام نص ي
إللغاء هوية المشاركين حضوريا وتحت إشرافهم ،وبإفهامهم بأن لهم حرية اتخاذ
القرار بشأن مشاركة أو عدم مشاركة كل نقطة بيانات من بياناتهم الرقمية على
محليا على جهاز المشارك من خالل ً انفراد ،أو من خالل حصر تجميع البيانات
متصفح الويب الخاص به ،ومشاركة هذه البيانات املجمعة مع الباحثين فقط ،بعد
موافقة المشارك في البحث.
وبالطبع ،يمكن استخدام هذه اآلثار الرقمية في بحوث منفردة أو دمجها في
دراسات مسحية /استقصائية عبر اإلنترنت ،حيث يتم تعيين المشاركين عبر اإلنترنت،
وملء االستبيان ،ثم ُيطلب منهم التبرع بآثارهم الرقمية .كما يطلب من المشاركين في
بعض التصميمات األخرى إضافة تعليقات توضيحية على بياناتهم الرقمية الخاصة
(مثل ،ما إذا كانت البيانات تتطابق مع أنماط االستخدام المعتادة لدإهم).
ويتمثل االختالف الرئيس مقارنة بطريقة التتبع سابقة الذكر (واجهات برمجة
التطبيقات) في أن البيانات المتبرع بها يتم جمعها بشكل الحق (باستخدام البيانات
التي تم تتبعها بالفعل) بينما يحدث التتبع المبرم عادة بشكل مسبق (على سبيل
المثال ،عن طريق تثبيت أداة تتتبع استخدام منصة شبكات التواصل االجتماعي)
(.)Otto, Loecherbach & Vliegenthart, 2023, p. 7
وفيما يلي أهم مزايا وتحديات استخدام أداة التبرع بالبيانات تبعا لبعض
األدبيات المتخصصة ( Otto, Loecherbach & Vliegenthart, 2023, p. 6; Ohme,
Araujo, Boeschoten, Freelon, Ram, Reeves & Robinson, 2023, p. 4; Araujo et
;.)al., 2022 Breuer et al., 2022
وتجدر اإلشارة في األخير إلى أنه يمكن الجمع بين واجهة برمجة التطبيقات
ومنطق التبرع بالبيانات ،باستخدام بعض البرام المعلوماتية عبر بعض مواقع
التواصل االجتماعي ( & Ohme, Araujo, Boeschoten, Freelon, Ram, Reeves
.)Robinson, 2023, p. 5
-التتبع عبرالشاشة
يعتبر التتبع عبر الشاشة ( )Screen Trackingأو لقطات الشاشة
( – )Screenshotsلحظة ثابتة -أو تسجيالتها (- )Screen recordingsلقطة فيديوية-
( )Otto, Loecherbach & Vliegenthart, 2023, p. 8طريقة تركز على المستخدم،
ً
تلقائيا ،في أغلب األحيان من األفراد وبتسلسل حيث يتم التقاط المعلومات السلوكية
زمني قريب من السلوك الفعلي ،وذلك بمساعدة برنام التتبع .كما هو الحال مع التبرع
بالبيانات ،تسمح البيانات التي يتم جمعها عبر التتبع "الشاشوي" بجمع البيانات
الخاصة ،ومع ذلك فإن مدتها الزمنية استكشافية ،أي تتتبع البيانات الرقمية عند
إنتاجها .لكن ما دامت معظم التواصالت الرقمية عبر تطبيقات مواقع التواصل
االجتماعي يتم عبر األجهزة املحمولة وليس عبر أجهزة الكمبيوتر المكتبية
والمتصفحات ،فإنه يصعب التقاط البيانات بطريقة التتبع عبر الشاشة التي تتم في
الغالب على األجهزة املحمولة ،لذلك تعتبر طريقة التبرع بالبيانات أنسب لعملية
التقاط اآلثار الرقمية المتنقلة وخاصة في حالة التعامل مع عدد قليل من المنصات
والتطبيقات والخدمات التي يقوم المستخدم بتسجيل الدخول إليها ويمكنه بدوره
تنزيل بياناته منها ،ألن مستخدم التبرع بالبيانات يجد صعوبة هو أيضا في حالة تعامله
مع كمية كبيرة من األنشطة على األجهزة املحمولة.
ويمكن تتبع عدة أنواع من البيانات عبر الوسائط الرقمية :سجالت "عنوان
موقع الويب" ( )URLالخاصة بتصفح الويب ،البيانات املجمعة من المنتجات
التجارية (مثل منشورات تويتر أو فيسبوك ،)...سجالت التطبيقات المستخدمة على
األجهزة ...تشترك جميع مصادر البيانات هذه في اإلفادة في اكتشاف كيفية التعرض
لوسائل اإلعالم وماهية تأثيرات هذه األخيرة .وعلى سبيل المثال ،يمكن استخدام
المكونات اإلضافية ( )Pluginsللمتصفح لتتبع املحتوى املحدد الذي يتفاعل معه
مستخدمو الوسائط وتوقيت وتسلسل تلك التفاعالت .تتمثل الميزة الرئيسة لهذه
البيانات في إمكانية اكتشاف التفاصيل التي لم تكن متوافرة في المقاييس التتبعية
ً
أسبوعيا). العامة (مثل ،ساعات استخدام وسائل التواصل االجتماعي ً
يوميا أو
ً
إن تتبع محتوى الشبكات االجتماعية يمكن أن يكون فعاال بشكل خاص من
خالل استخدام بيانات الشاشة ،مما يقدم أحد أحدث التطورات في أبحاث التتبع،
ومن بينها البرنام المعلوماتي " "Screenomics-Appالذي يلتقط لقطات الشاشة
باإلضافة إلى البيانات الوصفية /التوصيفية ( .)Metadataويركز هذا التطبيق حاليا
على شاشات التتبع ،حيث يتم في كل خمس ثوان تنشيط األجهزة الرقمية ،ويقوم
التطبيق البرمجي الموجود على الجهاز بتسجيل وتشفير وضغط وإرسال لقطة شاشة
( )Screenshotلكل ما ظهر على الشاشة في تلك اللحظة إلى خادم بيانات البحث .بعد
ذلك ،يميز اختبار تحليل تطبيق " "Screenomicsبين المقدمة والخلفية املحيطة
والقطاعات ونص الشاشة وكتل الصور ،ويستخدم محركات التعرف على النص
والوجه والشعار والكائن لجمع المستندات النصية ومعرفات الصور (على سبيل
المثال ،عدد الوجوه في لقطة الشاشة) .يمكن دم هذه الميزات مع البيانات الوصفية
لتسهيل تخزين واسترجاع وتصور الشاشات الفردية .كما يمكن فهرستها والبحث فيها
فيما يتعلق بميزات زمنية ونصية ورسومية وموضوعاتية محددة ( Ohme, Araujo,
.)Boeschoten, Freelon, Ram, Reeves & Robinson, 2023, p. 6
وسيتم فيما يلي توضيح مزايا وتحديات طريقة التتبع عبر الشاشة عموما ومن
خالل البرنام المعلوماتي ( )Screenomicsخصوصا ( Ohme, Araujo, Boeschoten,
& Freelon, Ram, Reeves & Robinson, 2023, pp. 6-7; Otto, Loecherbach
:)Vliegenthart, 2023, p. 9
تعد بيانات تتبع السالسل الزمنية مفيدة بشكل خاص ألنها تسهل فحص
ً
التغييرات والتأثيرات داخل األفراد بدال من االختالفات بين األفراد واملجموعات ،مثل،
التغير في الحالة المزاجية لدى خص ما مع مرور الوقت كرد فعل ملحتوى إعالمي
محدد واجهه هذا الشخص .ومن البرمجيات المستخدمة لتنفيذ ذلك تطبيق
" "Screenomicsالذي يقوم بتجميع بيانات الشاشات بشكل شامل وباستخدام طريقة
بحثية خاصة بكل خص ،وهو ما يتطابق بشكل مباشر مع االفتراضات النظرية
والفرضيات حول كيفية عمل تأثيرات وسائل التواصل االجتماعي -على المستوى
الفردي وبقدر كبير من الخصوصية ،-وبالتالي فهو يسمح باستنتاج أفضل حول تلك
التأثيرات ،والتنبؤ بتكرار االستخدامات وتوقيتها بين مقاطع املحتويات على مدى فترات
زمنية قصيرة.
باإلضافة إلى تطبيق " ،"Screenomics-Appيمكن استخدام تطبيقات أخرى
مثل..."Comscore" ،"Netquest" ،"ScreenLife-App" ،
ً
ثالثا ،لطرق التتبع املختلفة قيود تتعلق بخاصية شموليتها مثل ،عدم وجود
قياس للصوت أو تكرار المعاينة -لحد اآلن...-
رابعا ،بخالف الطبيعة الواقعية لجمع البيانات في البحوث الميدانية والتي
توفر الصدق البيئي /الواقعي للبيانات وإمكانية وصف تعرض األفراد لوسائل اإلعالم
ومشاركتهم في الحياة الواقعية ،فإن الطبيعة االستكشافية اللتقاط البيانات عبر
الشاشة تحد من إمكانية االستنتاجات السببية .بينما ،قد تكون بيانات التتبع مفيدة
بشكل خاص في التجارب شبه التجريبية والتجريبية لتحديد المشاركين المطلوبين،
تحديد مدة التجارب ،التحكم في كيفية المشاركة (توقيتها وحجمها)...
خامسا ،يأتي املحتوى الذي يتم الحصول عليه من خالل هذه التقنية في شكل
تنسيق غير منظم لكونه عبارة عن معلومات مرئية .كما أن تخزينه يتطلب سعة أكبر
من املحتوى النص ي ،ويتطلب تحليله إعدادات تنظيمية مسبقة ،أي اتخاذ بعض
خطوات المعالجة المسبقة قبل أن يتمكن المرء من إجراء أي تحليل .ومع ذلك،
تعتمد هذه الخطوات على التصميم الدقيق .بالنسبة لطريقة لقطات الشاشة
قريبا أي معالجة مسبقة ضرورية بالمقارنة مع التحليل اليدوي للمحتوى ،ال توجد ت ً
حيث يمكن للمبرمجين استخدام لقطات الشاشة (القابلة للقراءة) مباشرة لترميز
المتغيرات محل االهتمام .أما إذا كان الهدف هو تحليل لقطات الشاشة (النص منها)
ً ً ً
مسبقا .عادة ما يعمل برنام التعرف على النص (التعرف تلقائيا ،فيجب معالجتها
البصري على األحرف) بشكل جيد للغاية مع لقطات الشاشة من األجهزة املحمولة
نظرا ألن لقطات الشاشة وبرامبحيث يمكن معالجة النص وتحليله بشكل أكبر .و ً
التعرف الضوئي على الحروف ( )OCRال تلتقط عادة املحتوى المرئي ،ولكن فقط
النص ذي الصلة ،فإن العمليات المماثلة مثل تتبع البيانات ليست ضرورية في الغالب.
سادسا ،ال يزال استخراج خصائص املحتوى بشكل موثوق من المادة المرئية
تحديا مهما ،خاصة إذا كان الباحث يرغب في إجراء تحليل تلقائي ملحتوى المادة. يمثل ً
كما أن عملية جمع البيانات بطريقة آلية ستشمل بيانات خاصة للغاية (مراسلة
خاصة ،تطبيق مصرفي ،)...مما يشكل تحديا هاما للراغبين في اتخاذ تدابير
الخصوصية المالئمة وتخزين بياناتها.
سابعا ،يعتمد التتبع عبر الشاشة –على غرار كل التصميمات البحثية الطولية
والمكثفة -على المشاركة المستمرة للمستجيب (المبحوث) ،وهو يتطلب من
الباحثين اتباع التعليمات عن كثب ويحتاجون إلى التأكد من أن أجهزتهم املحمولة
مرتبطة وتعمل بشكل صحيح .كما يتطلب ذلك جهدا خاصا من طرف المشارك :يجب
عليه أن يتذكر ويكتشف المواقف ذات الصلة ألخذ لقطة شاشة .لذلك ،يعتبر
ً
ضروريا. االلتزام العالي والتحفيز المناسب لدى المشاركين ً
أمرا
ثامناً ،
نادرا ما يسمح في الدراسات المعتمدة على هذه التقنية في معالجة أحجام
عينات كبيرة -بخالف تلك المعتمدة على تقنيات األخرىً -
نظرا ألنها تكون مكلفة للغاية
وخاصة إذا أخذنا بعين االعتبار الحوافز -المدفوعة للمشاركين -التي عادة ما تكون
مرتفعة ً
جدا.
كبيرا من املحتوى غير المهم بالنسبةقدرا ً
تاسعا ،تلتقط تسجيالت الشاشة ً
نظرا ألن الباحثين إهتمون في الغالب بمحتوى محدد فقط ،مثل، ألهداف البحث ً
معلومات الوسائط االجتماعية أو التفاعالت االجتماعية .ولذلك ،يجب البحث في
مجموعة التسجيالت (البيانات األولية) عن الكلمات واملحتوى المهمين .ويمكن القيام
بذلك بعد إرسال التسجيالت إلى الباحث من خالل البحث في مجموعة النص عن
الكلمات المفتاحية ً
بناء على القواميس .الطريقة الثانية لتحديد وتصفية املحتوى ذي
الصلة هي ما يسمى بنهج "تسجيل المفاتيح" .هنا ،يتم تحديد املحتوى المهم قبل جمع
البيانات ،ويتم تقديم التسجيالت ذات الكلمات المعنية (المفتاحية) فقط إلى
الباحث من الهاتف .وتتم معالجة التسجيالت على الجهاز املحمول نفسه.
-وفي األخير ،تجدر اإلشارة إلى أنه يمكن الجمع بين تقنيتي لقطات الشاشة
والتبرع بالبيانات ،بأخذ عينات تجريبية من اآلثار المتبعة عبر الهاتف املحمول والتبرع
بها بعد إثرااها باألحاسيس واألحكام الشخصية .وهو ما يشار إليه ً
أحيانا باسم تحليل
االرتباط الطولي المكثف للهاتف املحمول ( Mobile Intensive Longitudinal
مناسبا بشكل خاص اللتقاط ردود الفعل الفورية على ً ،)Linkage Analysisويكون
محتوى الوسائط االجتماعية مثل المشاعر أو أحكام المصداقية لعناصر معينة من
وسائل التواصل االجتماعي.
خاتمة
لقد تم فيما سبق تقديم نظرة عامة حول أهم الطرق المستخدمة في تتبع اآلثار
الرقمية لغرض الدراسات األكاديمية ،ونؤكد هنا على أهمية دراستها في عصر تتميز
َ
مجتمعاته بـ "بين َنة" -من البيانات -ورقمنة متزايدتين .ومع ذلك ،يمكن القول إن كل
طرق أداة تتبع اآلثار الرقمية تستعمل بيانات -يتم تحميلها باسم القانون أو من خالل
تبرعات أصحابها أو عبر مفاوضات تجارية -ال يمكن التحقق بشكل مستقل من كونها
ُ
شاملة أو التحقق إحصائيا من أخطاء القياس التي قد تشوبها.
كما يبدو أنه تم ،في اآلونة األخيرة ،التضييق على الباحثين الراغبين في استغالل
بيانات العلوم االجتماعية باستخدام طرق أداة التتبع الرقمي (واجهات برمجة
التطبيقات ،تكشيط الويب )...من قبل شركات التكنولوجيا المعنية بها ،والتي
أصبحت تفضل التعامل مع المؤسسات األكاديمية ،مقترحة نماذج شراكة مفيدة
للطرفين.
وتجدر اإلشارة في األخير ،بمناسبة الحديث عن هذه الشراكة المؤسستية ،إلى
فوائد الجمع العملي بين أدوات التتبع الرقمي املختلفة وبينها وبين أدوات جمع البيانات
التقليدية (االستبيان ،المقابلة ،)...أو بينها وبين نظريات االتصال التقليدية (تدفق
المعلومات على مرحلتين ،التأطير )...وعلم النفس اللغوي ،وذلك باستخدامها في زيادة
صالحية اختبار فرضياتهما (لمزيد من التفصيل ،انظر.)Choi, 2018 :
التعرض أو زمن حــدوث التعرض) .ولــذلــك فــإنــه عــادة مــا يش ـ ـ ـ ـمــل القيــاس في البحوث
التطبيقية المتغيرات اآلتية:
-قياس خصائص أو سمات األفراد أو األشياء.
-قياس الوقائع واألحداث أو العمليات.
-قيــاس النتــائ من الوقــائع واألحــداث ،أو تفــاعــل الخص ـ ـ ـ ــائص والس ـ ـ ـ ـمــات مع
بعضها ،أو تفاعل الخصائص أو السمات مع الوقائع واألحداث.
--خصـ ـ ـ ــائص القيـاس :من خالل التقــديم السـ ـ ـ ــابق لمفهوم القيـاس يمكن أن
نحدد خصائصه كمفهوم وعملية في اآلتي:
.1يقع القيـاس في اإلجراءات المنهجيـة على مقـدار أو درجـات وجود الصـ ـ ـ ــفة أو
الخاصـية أو السـمة التي تصف األشياء واأل خاص واألحداث ،وال يقع على األشياء أو
األ ـ ــخاص أو األحداث ذاتها ،ذلك أن الوص ـ ــف يبدأ بوجود الموص ـ ــوف أوال ،ثم تبدأ
بعــد ذلــك عمليــة الوصـ ـ ـ ــف التي من بينهــا قيــاس درجــة الص ـ ـ ـ ـفــة .ولــذلــك فــإن الفروق
الناتجة هي فروق بين درجات الصـفات أو الخصـائص وليسـت بين هذه الخصائص أو
الصـفات .ألن الفروق بين الصفات أو الخصائص هي فروق كيفية ال تخضع للقياس،
ولكن يتم تمييزها عادة بأضدادها (الطول :طويل /قصير ،الجودة :ممتاز /ضعيف،)...
أما القياس فيتم في المدى الذي يقع بين طرفي الصفة ذاتها ويقيس مداها.
.2وما دام القياس يقع على درجة وجود الصـ ـ ــفة أو الخاصـ ـ ــية فإنه يتم التعبير
عن هذه الدرجة في شكل كمي (رقمي أو لفظي) يتم تمييزه في إطار الصفة أو الخاصية.
.3إن القياس هو عملية إجرائية يجب أن تتسم بالدقة والموضوعية -بما يوفر
صدق القياس وثباته -حتى يمكن الثقة في نتائجه واالعتماد عليه في تحديد الخصائص
والصفات وإصدار األحكام الصحيحة.
--مس ــتويات القياس :رأينا فيما س ــبق أن القياس يعبر عن الوص ــف من خالل
لغ ــة األرق ــام التي تعكس تكرار الح ــدوث أو شـ ـ ـ ـ ــدت ــه أو نسـ ـ ـ ــبت ــه .وتب ــدأ ه ــذه العملي ــة
بالتعريف الدقيق للخصـائص والسمات التي تصف األشياء واألفراد والوقائع بصفات
عدة.
فمثال يمكن وص ــف الرأي العام من خالل التأييد والمعارض ــة فقط ،كما يمكن
وص ـ ــفه من خالل درجة التأييد ودرجة المعارض ـ ــة ،ووص ـ ــفه أيض ـ ــا من خالل عدد من
المظـاهر السـ ـ ـ ــلوكيـة مثـل اإلقبال على المشـ ـ ـ ــاركة ،أو االسـ ـ ـ ــتجابة ،أو العزوف عنها،
باإلض ـ ـ ــافة إلى ش ـ ـ ــدة اإلقبال وش ـ ـ ــدة العزوف .ولكل من هذه الص ـ ـ ــفات طرق للقياس
وأدوات خاصة بها.
كما يمكن وصــف عملية التعرض إلى وســائل اإلعالم ومحتواها من خالل الزمن
الذي يقضـ ــيه الجمهور أمامها فقط ،أو يضـ ــاف إليه وقت التعرض يوميا ،أو يمتد إلى
معرفــة طقوس التعرض اليومي ...وغيرهــا من خص ـ ـ ـ ــائص عمليــة التعرض ،حتى يمكن
تحديد الدالئل التي تشــير إلى الصــفة موضــوع القياس ،وتســاعد على اختيار المقياس
الذي يتفق مع كل خاصية أو سمة والتي تختلف عن األخرى في الوصف النهائي لها.
ويتدخل في تحديد الصـفات المراد قياسها ومحدداتها الهدف من القياس الذي
يتفق بداية مع أهداف البحث .باإلضـ ـ ـ ــافة إلى أن قياس صـ ـ ـ ــفة واحدة قد يختلف من
كونها وص ـ ــفا لعملية عنه في وص ـ ــفها كنتيجة .مثل الفرق في وص ـ ــف محتوى اإلعالم في
إطار عملية النش ـ ـ ــر واإلذاعة ،عن وص ـ ـ ــف هذا املحتوى كنتيجة كلية لعملية النش ـ ـ ــر
واإلذاع ــة وهو وص ـ ـ ـ ـف ــه منشـ ـ ـ ــورا أو م ــذاع ــا .ف ــاألول ق ــد يوصـ ـ ـ ــف من تكرار الكلم ــات
والعبارات فقط بينما يوصـف األخير من خالل عناصـر أخرى مضـافة للنشــر واإلذاعة
مثل العناوين والمقدمات ومساحات النشر وزمن اإلذاعة...
وذلك ألن التحديد الدقيق لخص ـ ـ ــائص أو س ـ ـ ــمات ما هو مطلوب وص ـ ـ ــفه كميا
يؤثر في اختيــار مسـ ـ ـ ــتوى القيــاس من جــانــب واختيــار المقيــاس بنـ ًـاء على ذلــك ،والــذي
يتطلــب تقنيــات معينــة من تقنيــات تحليــل البيــانــات التي تتفق مع الهــدف من القيــاس
الكمي ،وتختلف باختالف مستوى القياس المعمول به.
ويقسم الخبراء المقاييس إلى أربعة مستويات متدرجة من األدن إلى األعلى،
بحيث يشمل المقياس األعلى ما قبله من المستويات األخرى ،وهي كاآلتي:
هذا القياس في اإلطار الكمي ،ألن التص ـ ـ ــنيف االسـ ـ ـ ــمي حتى مع اسـ ـ ـ ــتخدام األعداد في
التمييز ال يعتبر قياسا كميا.
والقياس االســمي في أبســط صــوره عبارة عن عزل خصــائص األشــياء عن بعضــها
بعضـا ورصــد تكراراتها التي تعكس االختيار بين بديلين أو أكنر ،مثل تصــنيف اآلراء بين
موافق وغير موافق ،أو المبحوثين إلى ذكور وإنــاث ...ومــا يتم قيــاسـ ـ ـ ــه هنــا هو االنتمــاء
إلى هذه البدائل أو الف ات ،التي قد يرمز لها بأرقام ( ،)...0 ،0وليس الف ات أو األرقام
ُ
ذاتهــا .وإذا رمزت بــاألرقــام فهــذه األخيرة تعــا َمـل معــاملــة العنــاوين أو األس ـ ـ ـ ـمــاء التي تــدل
على الف ة .فتقسـيم األفراد إلى ذكور وإناث ،هي نفسها إعطاء رقم 0للف ة األولى ورقم
0للف ــة الث ــاني ــة .وه ــذا الترقيم الترميزي يختلف ب ــالطبع عن األعـ ــداد التي ترص ـ ـ ـ ـ ــد
كتكرارات ضمن الف تين بعد تفري البيانات.
أمــا العمليــات اإلحص ـ ـ ـ ــائيــة التي يمكن تطبيقهــا على هــذا القيــاس االسـ ـ ـ ــمي فهي
العمليات المرتبطة بوصف نات حساب التكرارات في قيم كمية يتم التعامل معها من
خالل طرق تحليل البيانات االسمية مثل :تقدير النسبة والمتوسط والمنوال والمدى
واالرتبـاط الثنـائي والربـاعي ومعـامـل االقتران .ويعتبر اختبـار كـا 0ومعـامـل ارتبـاط "فاي"
من أنسـ ـ ـ ــب المعامالت الخا صـ ـ ـ ــة باإلحصـ ـ ـ ــاء االسـ ـ ـ ــتداللي للمقاييس االسـ ـ ـ ــمية ونات
استخدامها.
-القيــاس الترتيبي ( : )Ordinalيضـ ـ ـ ــيف هــذا القيــاس إلى س ـ ـ ـ ــابقــه وضـ ـ ـ ــع نــات
القيــاس في رتــب ،أو الرص ـ ـ ـ ــد بــدايــة من خالل الترتيــب .وذلــك بغيــة عكس العالقــة بين
الف ات وبعضـ ــها من خالل مقارنة القيم الخاصـ ــة بها على السـ ــلم الترتيبي أو المقياس
الترتيبي تنــازليــا أو تص ـ ـ ـ ــاعــديــا .ولكنهــا ال تعكس بحــال من األحوال انتظــام الفروق بين
ف ـات الترتيـب :فالباحث قد يرتب الوحدات على أسـ ـ ـ ــاس السـ ـ ـ ــن إلى كبير جدا /كبير/
متوسـ ــط /صـ ــغير /صـ ــغير جدا ،أو البرام حسـ ــب عدد المشـ ــاهدين إلى األول والثاني
والثالث ...ولكنه ال يقدم لنا الفروق ومدى انتظامها ،أو المسافات بين كل ف ة وأخرى
وكل ترتيب وآخر.
وعلى سبيل المثال ،سؤال المبحوث عن تفضيله لبرنام معين من البرام
بناء على نتائ ً المذاعة هو اختيار من بين البدائل االسمية .أما ترتيب هذه البرام
رصد تكرار التفضيل فهو قياس ترتيبي ،وهو يتفق مع مطالبة المبحوث أن يرتب بداية
َ
البرام التي يشاهدها طبقا لدرجة تفضيله لها ليتم رصد تكرار كل ُرت ِبه للبرام .ولكن
كل رتبة ال تعكس قدرا متساويا من القيمة مع الرتبة التي تسبقها أو تليها ،وهو ما
تختص به مقاييس المسافات المتساوية.
أما العمليات اإلحصـ ـ ـ ــائية التي يمكن تطبيقها على هذا القياس الترتيبي فتتمثل
في العرض اإلحص ـ ــائي للنتائ عن طريق التوزيع التكراري والتمثيل البياني ،باإلض ـ ــافة
إلى تقــدير قيمــة الوسـ ـ ـ ــيط ومقــاييس النزعــة المركزيــة األخرى أو التش ـ ـ ـ ـتــت الخــاص ـ ـ ـ ــة
ببيانات الوسـ ــيط والوصـ ــف اإلحصـ ــائي للعالقات االرتباطية من خالل "سـ ــبيرمان" أو
"كندال" ،وكذلك داللة معامل الرتب ل ـ ـ ـ ـ ـ "كندال" وداللة الفروق بين بيانات الرتبة في
اإلحص ـ ــاء االس ـ ــتداللي للكش ـ ــف عن العالقات أو الفروق في تفس ـ ــير بيانات الرتب بين
الف ات املختلفة.
أما االس ــتخدام األمثل لمقياس المس ــافة أو املجاالت الفاص ــلة فهو تحديد ُبعد
كل س ـ ــمة عن نقطة متوس ـ ــطة (المتوس ـ ــط) ألن ذلك يمكن معه حس ـ ــاب انحراف كل
سـ ـ ـ ــمة من السـ ـ ـ ــمات عن هذه النقطة وإجراء العمليات اإلحصـ ـ ـ ــائية بعد ذلك ،حيث
تغيــب عمليــات القس ـ ـ ـ ـمــة في هــذه الحــاالت ألن الفرد المؤيــد جــدا ال يعني أنــه ضـ ـ ـ ــعف
الفرد املحـايـد ،ولكنـه يبعـد عنـه أو ينتشـ ـ ـ ــر بعيـدا عنـه بمقـدار مسـ ـ ـ ــافتين .فـإذا كـانت
قيمة المتوس ــط 00والمسـ ــافة الفاصـ ــلة تسـ ــاوي 00فالمؤيد تكون قيمته 00ومؤيد
جدا 00والمعارض 00والمعارض جدا ...00
وعلى هذا فإن قياس المسافات أو املجاالت المتساوية يتم من خالل التصنيف
النوعي في القيـ ــاس االسـ ـ ـ ــمي ،وكـ ــذلـ ــك يقوم على الترتيـ ــب المنطقي كم ــا في القيـ ــاس
الترتيبي ،ويضــيف إلى ذلك توحيد المســافات الفاصــلة التي تشــير إلى قدر اإلضــافة بين
كل رتبة والرتب التي تليها من خالل معرفة قدر هذه المسـ ـ ــافات ،مما يتيح اسـ ـ ــتخدام
كافة طرق اإلحصـ ــاء الوصـ ــفي واالسـ ــتداللي للوصـ ــف وتمثيل العالقات بين المتغيرات
ذات الخصـائص المتعددة وبعضـها .ولكنه ال يستخدم النسب بين المتغيرات كعملية
حسابية.
-القياس النس ــبي :يتميز عن المس ــتويات الس ــابقة بأنه أقواها حيث يقيس كل
عمليات سـابقيه ،من تصـنيف وترتيب وتنظيم وتحديد أبعاد ،ويضيف إلى خصائصها
تسـ ــاوي النسـ ــب بين األبعاد املحددة بتحديده لنقطة األص ـ ـل المطلقة بالصـ ــفر ،التي
تتيح إجراء المقـارنـات بن ًـاء على وحـدات معيـارية ثابتة توجد في الصـ ـ ـ ــفة محل القياس
ما دامت أكنر من الصـفر المطلق الذي يعبر عن غياب كامل للصـفة التي يتم قياسـها.
ولذلك فإن نسـ ـ ـ ــبة 51بالمائة تعتبر ضـ ـ ـ ــعف نسـ ـ ـ ــبة 21بالمائة وأربعة أضـ ـ ـ ــعاف 21
بالمائة ...ألن الكل يتم قياســه في إطار وحدة ثابتة بينها مســافات متســاوية تتجاوز كلها
حالة العدم أو الغياب الكامل لخصائص ما هو مطلوب قياسه .ومن أمثلة ذلك :قامة
األفراد أو أعمارهم أو أوزانهم.
وما دام هذا القياس يعتبر تجميعا لكل خص ــائص س ــابقيه مض ــيفا عليها أهمية
وجود الص ــفر المطلق فإن اس ــتخدام جميع العمليات الحس ــابية والطرق اإلحص ــائية
الوصفة واالستداللية تصلح معه.
وه ــذا يعني أن ــه يترت ــب على ت ــدرج ه ــذه المسـ ـ ـ ــتوي ــات في القي ــاس -والمق ــاييس
الخاص ـ ــة بها -أنها تراكمية ،بمعنى أن الطرق اإلحص ـ ــائية التي تس ـ ــتخدم مع المس ـ ــتوى
األدن يمكن أن تستخدم مع المستوى األعلى ،وليس العكس.
خالص ــة القول إن هناك أربعة مس ــتويات ،يتمثل أبس ــطها وأدناها في التص ــنيف
االس ـ ــمي الذي ال يدل على كم ويفترض فقط التمييز بين قيم مختلفة ويص ـ ــنفها .بينما
تتوافر في أعالها (مسـ ــتوى النسـ ــبة) كل خصـ ــائص األرقام الطبيعية :التمييز والترتيب
والمس ــافات المتس ــاوية واألص ــل الص ــفري الطبيعي .كما أن تص ــنيفي القياس االس ــمي
والترتيبي هما مس ـ ـ ــتويان كيفيان ،بينما يعتبر كل من التص ـ ـ ــنيفين األخيرين مس ـ ـ ــتويين
كميين ألنهمـا يكممــان الفروق بين القيم .وهنــاك من يغفــل الصـ ـ ـ ــفر االعتبـاري لنـدرتــه
وتبعا له مقياس المسـ ــافات المتس ـ ــاوية فيصـ ــبح لدينا ثالثة قياس ـ ــات فقط :االس ـ ـمي
(كيفي) والترتيبي والنسبي (كميان).
-أنواع المقاييس
بمـا أن البيـانـات المتعلقة بالسـ ـ ـ ــمات والخصـ ـ ـ ــائص تعتبر قاعدة معرفية لعقد
المقارنات وإص ـ ـ ــدار األحكام ،فإن المقاييس تعتبر أدوات مس ـ ـ ــاعدة لجمع بياناتها في
إطار كمي أو لفظي يعبر عن الكم.
ويعتمـد بنـاء ا لمقيـاس بص ـ ـ ـ ـفـة عـامة على مجموعة من األس ـ ـ ـ ـ لة المتنوعة التي
تسـتهدف التصنيف من خالل مجمل اإلجابات المتباينة .كما قد يعتمد على مجموعة
من العبارات التقريرية التي يستجيب إليها الفرد بدرجة ما تعبر عن تقديره لخصائصه
وخص ـ ـ ـ ــائص اآلخرين أو األش ـ ـ ـ ـيــاء والوقــائع .ويضـ ـ ـ ــم المقيــاس وحــدة أو أكنر للقيــاس
يستدل الباحث من نتائ قياسها على الخصائص أو السمات أو األبعاد املختلفة التي
يستهدفها في بحثه.
وأما فيما يخص أنواع المقاييس فالخبراء يميلون إلى تصنيفها إلى أنواع متعددة
ترتبط بــالش ـ ـ ـ ـكــل أو البنــاء الخــاص بـالمقيــاس ومحتواه ،مثــل التصـ ـ ـ ــنيف إلى مقــاييس
لفظيـة (شـ ـ ـ ــفوية ومكتوبة) تعتمد على األلفاد في بناء الوحدات (اسـ ـ ـ ــتبيان ،مقابلة،
تحليـل محتوى )...ومقــاييس غير لفظيــة تعتمـد على األش ـ ـ ـ ـكــال والرسـ ـ ـ ــوم في ص ـ ـ ـ ـيــاغــة
الوحدات ،مثل المصـفوفات واألشـكال المصـورة ...باإلضافة إلى المقاييس الرقمية أو
العددية التي تعتمد على األرقام في وص ـ ـ ــف ف ات التص ـ ـ ــنيف .وهناك مقاييس الترتيب
التي تعتم ــد على بنــاء درج ــات أو رتــب يتم التصـ ـ ـ ــنيف في إطــاره ــا .وك ــذلــك المق ــاييس
المبــاشـ ـ ـ ــرة التي توجــه األس ـ ـ ـ ـ لــة أو العبــارات التقريريــة مبــاشـ ـ ـ ــرة إلى المبحوث ،وغير
المباش ــرة التي تص ــنف الخص ــائص والس ــمات واآلراء من خالل األدوات غير المباش ــرة
(مثل مقاييس االتجاه) (.)Tecfa, 1998
وتختلف شـ ـ ـ ــكلي ــا تصـ ـ ـ ــنيف ــات المق ــاييس ب ــاختالف رتى الخبراء ،ولكنه ــا مهمـ ـا
تعددت فإنها تنقسم حسب الهدف من بنااها إلى األنواع اآلتية:
أوال) مقــاييس تصـ ـ ـ ــنيف الــذات :وتعني قيــام الفرد بتصـ ـ ـ ــنيف ذاتــه من خالل
خصـ ـ ــائصـ ـ ــه وسـ ـ ــماته وأنماطه السـ ـ ــلوكية في ف ة من ف ات التصـ ـ ــنيف التي تشـ ـ ــملها
وحدات المقياس (أس ـ ـ ـ لة أو عبارات) .مثل ف ات النوع والمس ـ ـ ــتوى التعليمي والحالة
االقتص ـ ـ ـ ــاديــة أو ف ــات االهتمــام بوس ـ ـ ـ ــائــل اإلعالم ومحتواهــا ...وتسـ ـ ـ ــتعمــل مع هــذه
المقاييس وحدات القياس الشـ ــائعة التي تسـ ــتعمل األنواع املختلفة من األس ـ ـ لة .مثل
أس ـ ـ لة التص ـ ــنيف (ذكر /أن ى) وأس ـ ـ لة الترتيب (ترتيب ـ ــخص ـ ـ ي تفض ـ ــيلي للقنوات
المشاهدة مثال).
تجدر اإلشارة أوال ،إلى أن النسخة األصلية للمقياس كانت سباعية املجاالت
(تتضمن قائمة من ست نقاط بين صفتين قطبيتين متناقضتين ونقطة صفر محايدة
(عادل : 3- :2- :1- :1 :1+ :2+ : 3+ :غير عادل) ،مع افتراض مجاالت قياسية متساوية
المسافة .وثانيا ،إلى أن مثل هذا المقياس التفاضلي /التبايني الداللي ( Semantic
)differential scaleال يعمل بشكل جيد إال عندما تكون المفاهيم في أي من طرفي
المقياس متنافية وذات معان دقيقة –كما سبق ذكره .-فإذا شعر المبحوث أنه
بإمكانه اختيار طرفي المقياس معا ،فمن المستحيل تطبيق المقياس .لذلك من المهم
للغاية بناء السلم بعناية ( Mathers, Fox & Hunn, 2007, p. 29; Ploder & Eder,
.)2015
ثالثا) مقاييس االتجاهات :تهدف هذه المقاييس إلى تقدير رأي الفرد أو
استعداده النفس ي (اتجاهه) نحو األشياء أو الموضوعات أو اآلخرين بما يؤدي إلى
تصنيف أو تقدير موضوع االتجاهات من خالل نتائ استعمال هذه المقاييس .ولذلك
يطلق عليها البعض مقاييس تصنيف أو تقدير اآلخرين.
وتصـ ـ ـ ــلح مثــل هــذه المقــاييس لالسـ ـ ـ ــتعمــال في قيــاس الرأي العــام واالتجــاهــات
الكامنة ل فراد نحو الموضــوعات واألفكار واأل ــخاص في وقت إجراء القياس .وتعتبر
البــدائــل األكنر ص ـ ـ ـ ــدقــا لتصـ ـ ـ ــنيف آراء األفراد واتجــاهــاتهم ،حيــث ال يكفي في معظم
بناء على درجة الموافقة أو األحوال تص ـ ـ ــنيف األفراد آلخرين أو تص ـ ـ ــنيفهم ألنفس ـ ـ ــهم ً
المعــارض ـ ـ ـ ــة فقط ،ولكن يتطلــب األمر قيــاس درجــات الش ـ ـ ـ ــدة أو الكثــافــة في درجــات
التأييد أو المعارض ــة ،باإلض ــافة إلى أن درجات الش ــدة أو الكثافة تتميز بمرونة تحديد
الرأي أو االتج ــاه حي ــث ال يتم التصـ ـ ـ ــنيف في إط ــار ب ــديلين فقط (درج ــة الموافق ــة أو
المعارضـ ــة) ،ولكن تترك مسـ ــاحة بين تحديد التأييد والمعارضـ ــة على هذه المقاييس.
ويمكن بـالتـالي تحـديـد مسـ ـ ـ ــتويات التأييد أو االتفاق بدقة في مسـ ـ ـ ــتويات متعددة بناء
على درجات الشدة أو الكثافة ،وكذا مستويات المعارضة.
كما تسـتعمل هذه المقاييس بشـكل منفصـل وبناء مستقل لقياس االتجاه نحو
موضـ ـ ـ ــوع أو فكرة أو ـ ـ ـ ــخص من خالل ف ـات متعـددة تصـ ـ ـ ــفهـا ،وقيـاس االتجـاهـات
نحوهـا ،فـإنه يمكن االسـ ـ ـ ــتفادة منها في بناء وحدات فرعية داخل اسـ ـ ـ ــتبيان أو مقابلة
مقاييس تصــنيف الذات لوضــع تقديرات للخصــائص أو الســمات باســتعمال أســاليب
بناء هذه المقاييس.
وهنــاك العــديــد من المقــاييس االتجــاهيــة التي تسـ ـ ـ ــتعمــل في املجــاالت املختلفــة
للعلوم اإلنسانية ومن أكنرها استخداما ما يأتي :مقاييس غوتمان وثرستون وليكرت.
-مقياس غوتمان
يتضـ ـ ـ ــح من مراجع ــة بعض األدبي ــات المتخص ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ــة (Bhat, 2023; Monje-
)Álvarez, 2011, pp. 147-148; Sierra Bravo, 1979, p. 324 & König,1973, p. 404
أن مقياس "غوتمان" ( )Guttman Scaleطوره ص ـ ــاحبه (لويس غوتمان) في منتص ـ ــف
القرن العشـرين كطريقة للتنبؤ بأسـ لة االختبار التي أجاب عليها طلبته بشكل صحيح
باالطالع فقط على نقاطهم النهائية ،مع اإلشارة إلى أنه كان يضع أس لة االختبار مرتبة
ً
تعقيدا .فعلى سـ ـ ــبيل المثال ،إذا كان االختبار متكونا من عشـ ـ ــرة من األقل إلى األكنر
أسـ ـ لة متدرجة الص ــعوبة وحص ــل الممتحن على عالمة 8من ،11فيمكن االس ــتنتاج
أن إجاباته كانت صــحيحة على األس ـ لة الخمســة األولى .وأما إذا حص ــل الممتحن على
عالمة ،5فهذا يعني أنه أحسن اإلجابة على األس لة الثمانية األولى وأخطأ في السؤالين
األخيرين ،وهكذا.
ثم تم تطبيقــه لمعرفــة آراء المبحوثين من مس ـ ـ ـ ــألــة معينــة من خالل تقــديرهم
لعبارات متدرجة القيمة أو االتجاه ،فمثال ،إن الذي يوافق على مص ــاهرة المهاجرين،
يوافق بالض ــرورة على مجاورتهم في نفس ال ي أو البلدة أو على تواجدهم في بالده أو في
بلدان أخرى.
ولذلك ،يوسم هذا المقياس بـ ـ "التراكمي" ( )Cumulative scalingأو بـ ـ "البياني"
التحليلي ( ،)Scalogram analysisفهو يسـ ـ ـ ــتعمــل عنــاصـ ـ ـ ــر أو عبــارات يمكن ترتيبه ــا
بطريقـة هرميـة وحسـ ـ ـ ــب درجـة مقبوليتهـا لـدى المبحوثين ،بحيـث يتضـ ـ ـ ــمن في إحــدى
نهايتيها العبارة التي يس ــهل على غالبية األفراد قبولها ،وفي النهاية األخرى العبارة التي ال
ً
يقبلها إال عدد محدود جدا من األفراد .وعلى المبحوثين اإلجابة بـ ـ ـ ـ ـ ـ "نعم" أو "ال" على
ً األسـ ـ لة ثنائية التفرع التي تمثل ً
موقفا متطرفا بش ــكل متزايد بش ــأن قضـ ـية ما .وكلما
زادت إجابات المبحوث بـ "نعم" ،زاد دعمه لرأي معين.
وقد يوس ـ ـ ــم أيض ـ ـ ــا بمقياس "أحادي البعد" ( ،)Unidimensionalألن المبحوث
يختار في التعبير عن اتجاهه َمعلما قياسـيا واحدا فقط ما بين طرفي سلسلة العبارات
(إيجابي جدا أو ســلبي جدا) حول الموضــوع قيد البحث .وفي حالة اختياره نهاية طرف
السلسلة ،يكون قد وافق على جميع األبعاد األخرى السابقة لها.
وهو ما يمكن التعبير عنه بالقول إن صـ ـ ـ ــفتي المقياس (تراكمي وأحادي البعد)
تش ـ ـ ــيران إلى أنه يتميز بتقديم النتائ بترتيب هرميً ،
مكونا س ـ ـ ــلس ـ ـ ــلة العناص ـ ـ ــر على
مقياس أحادي البعد ،بحيث يتم ترتيب مقترحات المقياس بش ـ ـ ــكل ص ـ ـ ــارم بطريقة
تجعل قبول خيار معين يعني في الواقع قبول الخيارات ذات المسـ ـ ـ ــتوى األدن .على
سـ ـ ـ ــبيـل المثـال ،من يقبـل أو يجيـب بـاإليجــاب على أنـه قـد أكمـل تعليمـه الجــامعي،
يفترض في الواقع أنه أكمل تعليمه االبتدائي والثانوي.
ـغيرا (أربعة أومع اإلشـ ـ ـ ــارة إلى أنه عادة ما يكون عدد العبارات /الخيارات صـ ـ ـ ـ ً
خمسة) .وفيما يلي ثالثة أمثلة على مقياس "غوتمان":
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
359
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
°مثــال 1حول تقرير مــادة دراس ـ ـ ـ ـيــة على طلبــة الجــامعــة :يمكن أن يكون ترتيــب
العبارات كما يلي:
.1من المالئم وجود مقرر لمادة "ملتق التدريب على البحث" لطلبة الجامعة.
.2من المرجح أن يس ـ ــتفيد الطلبة من دورة تكوينية على البحث الميداني قبل
التخرج.
ً
.3تعتبر دورة التكوين البح ي مناسبة جدا للطلبة الجامعيين.
.2يعتبر مقرر ملتق التدريب على البحث إلزاميا ًًلجميع الطلبة الجامعيين.
°مثال 2حول القوانين المناهضة إلطالق النار في المدارس األمريكية :يمكن أن
يكون ترتيب العبارات كما يلي:
تشير االستجابة اإليجابية من قبل مبحوث معين على أي سؤال في هذه القائمة
إلى ردود إيجابية من قبل ذلك المبحوث لجميع األس لة السابقة في هذه القائمة.
الجدول رقم : 22يعكس اإلجابات المفترضة لمتغيرات المسافة االجتماعية الخمسة المكونة
لمقياس غوتمان التراكمي
نتيجـ ــة محتمل ـ ــة .8قبول م. .1قبول مهــاجرين .2قبول م .في .3قـبــول م .2 .قبول م.
للمقياس كأنساب كجيران في ال ي المدينة في البلد
1 1 1 1 1 1
1 1 1 1 1 1
2 1 1 1 1 1
3 1 1 1 1 1
2 1 1 1 1 1
8 1 1 1 1 1
يشير كل صف من أعمدة الجدول أعاله (من 1إلى )8إلى تمثيل نوعية ردود
المبحوثين بالعددين ( 1أو .)1يشير كل خيار في هذا الجدول إلى قبول المهاجرين من
جميع النواحي المشار إليها في الخيارات السابقة ،باإلضافة إلى المعنى المقبول املختار.
إذا تم تسجيل الخيارات الشخصية المدرجة في الجدول تكون قيم المقياس (العمود
األخير من الجدول) تشير إلى الخصائص اآلتية:
-تأكيد قوة صفة "قبول التواصل االجتماعي مع المهاجرين".
-تأكيد إعادة إنتاج الخيارات الســابقة .على ســبيل المثال ،تشــير درجة مقياس
ـمنيا إلى أنه رد بشــكل إيجابي على الســؤالين 1و 2وسـ ًـلبا على األسـ لة 3
المبحوث 2ضـ ً
و 2و.8
بحمل األسـ ـ ــلحة في المدرسـ ـ ــة؟ هناك خمس خطوات رئيس ـ ـ ـة في عملية بناء مقياس
غوتمان (.)Bhat, 2023
في الص ـ ـ ــف األول من المص ـ ـ ــفوفة المذكورة أعاله ،إذا وافق ـ ـ ــخص ما على
العبارة ،8فهذا يش ــير إلى أنه يجب أن يكون قد وافق على العبارات الس ــابقة ،أي من
العبارة 1إلى العبارة .2
ولكن ،يمكن أن تكون هناك اســتثناءات في إجابات المبحوثين (انظر الص ـف 2
في المصــفوفة) ،ولكن بشــكل عام ،إن المبحوثين الذين يوافقون على العبار ة 2كانوا
سيوافقون على العبارات من 1إلى .3
يعرف هــذا المقيــاس بــاسـ ـ ـ ــم مقيــاس "ثرسـ ـ ـ ــتون" الــذي طبقــه مع "تش ـ ـ ـ ــايف"
( .)Thurstone & Chave, 1929وهو يعتمـ ــد على التـ ــدري الف وي أو المسـ ـ ـ ـ ـ ــافـ ــات
َ
المتس ـ ـ ـ ــاويــة تقريبــا للتمييز بين العبــارات الــدالــة على التــأييــد أو المعــارض ـ ـ ـ ــة ،وتمث ـل
مستويات التأييد أو المعارضة بمجاالت متساوية بين األطراف المتشددة.
-توزع هذه العبارات بعد تقسيمها إلى عشر مجموعات على عدد كبير جدا من
املحكمين (غالبا من 81إلى ،)181يطلب منهم تصنيفها في إحدى عشرة ف ة أو
مجموعة تمثل درجات التطرف في التأييد والمعارضة (مؤيد جدا ...ومعارض جدا)،
تمثل الف ة السادسة درجة الحياد بين شدة التأييد والمعارضة .ويتم ذلك من خالل
إعطاء درجة أو وزن من 1إلى 11تعبر عن هذا التدرج في الف ات (من 1إلى أقل من ،1
ومن 1إلى أقل من .)...2
-تعط أوزان للعبارات التي اتفق املحكمون على درجات لها ،أو تحسب قيمة
الوسيط لكل عبارة اختلف حول تقديرها ،ويتم تصنيفها في الدرجة المناسبة
وتستبعد العبارات التي تتميز بالتشتت عن القيمة الوسيطية.
-يتم ترتيب العبارات وتوزيعها على المقياس ً
بناء على هذه األوزان ( )11-1وقد
تصل هذه العبارات إلى عشرين أو ثالثين وحدة تعبيرية.
-يعرض هذا المقياس (وعباراته غير مرتبة وال موزونة) على المبحوثين لتحديد
استجاباتهم نحو هذه العبارات بالموافقة أو عدم الموافقة (وضع إشارة على العبارة
الموافق عليها).
-يتم تقدير اتجاه المبحوث الواحد بتقدير متوسط مجموع أوزان العبارات التي
اختارها كاآلتي:
-يتم تقدير االتجاه العام لكل عبارة بترجيح وزن العبارة بعدد المبحوثين الذين
يتفقون عليها.
العبارة رقم ( = )1وزنها (مثال) 111 × 1.2مبحوث (مثال) = 21
العبارة رقم ( = )2وزنها (مثال) 181 × 2.8مبحوثا (مثال) = 358
العبارة رقم (111 = 51 × 5.8 ....... = )3
...
العبارة رقم (21 = 1 × 3.8 ....... = )31
وهكذا بالنسبة لغيرها من العبارات.
-ويتم تقدير االتجاه العام نحو الموضوع بتقدير متوسط تقديرات مجموع
المبحوثين ،ويمكن االستدالل على نتائ أخرى بوصف االتجاه نحو كل سمة أو
خاصية منفردة ،وكذلك وصف مستويات شدة االتجاه نحو موضوع االتجاه في إطار
تقدير االتجاه الكلي للمبحوثين وتقديراتهم الفرعية مثل تقديرات االتفاق حول كل
وزن من األوزان بما يعكس الدرجة أو الشدة في االتجاه في عالقته بأوزان العبارات
األخرى ،وتقديرات االرتباط بين كل عبارة والتقدير العام ،وكذلك بين كل مبحوث
ومجموع المبحوثين.
رغم تميز هذا المقياس بقدر كبير من الثبات إال أنه قليل االستعمال لحاجته
إلى جهد ووقت كبيرين في إعداده (عدد كبير من العبارات واملحكمين واإلجراءات
اإلحصائية) ،ولتأثير األوزان التي يضعها املحكمون على تقديرات المبحوثين
لموضوعات االتجاه.
وفيما يلي نموذج عملي لمقياس "ثرستون" في مرحلته النهائية يبين العبارات
مرتبة وفق أوزانها اإلحدى عشر لقياس اتجاه المبحوثين نحو الحرب (ملحم،2111 ،
ص ص:)312-313 .
الجدول رقم :23مثال توضيحي لمقياس ثرستون
العبارة الوزن
ليس هناك أي مبرر معقول للحرب 1.2
الحرب صراع مرير عديم النفع ينت عنه تحطيم النفس 1.2
الحرب إفناء ال داعي له للنفوس البشرية 2.2
إن مكاسب الحرب ال تساوي بؤسها ومآسيها 3.2
نحن ال نريد حروبا أخرى إذا أمكن تفادإها دون فقدان لكرامتنا 2.8
من الصعب أن نقرر ما إذا كانت الحروب ضارة أم نافعة 8.8
هناك بعض اآلراء تؤيد الحرب 1.1
في ظروف معينة تكون الحرب ضرورية لتحقيق العدل 5.8
... ...5
الحرب تثير همم وجهود الرجال 3.5
أسمى واجبات الرجل أن يحارب لتحقيق قوة ومجد وطنه 11.5
المرجع :ملحم ،2000 ،ص797 .
يالح من الجدول (رقم )23أن أدن األوزان هي المضادة للحرب وأعالها هي
المؤيدة لها (العبارة الثامنة ووزنها لم ُيذكرا في المرجع) وأن أوسطها "حيادي".
وبالطبع تقدم مثل هذه الجداول للمبحوثين غير مرتبة وخالية من األوزان الواردة في
العمود األيمن ،ليتم االكتفاء بالطلب منهم وضع عالمة (×) إلى جانب العبارة أو
العبارات التي يؤيدونها .ويكون في هذه الحالة متوسط أداء كل مبحوث على المقياس
هو متوسط أوزان العبارات التي وضع العالمات مقابلها.
وبعد اختبار ص ـ ــدق وثبات هذا الس ـ ــلم المقياس ـ ـ ي بالتكرار أو بالطرق اإلحص ـ ــائية
األخرى المعروف ــة ،يمكن اعتم ــاده كلي ــا أو تكييف ــه جزئي ــا لقي ــاس االتج ــاه نفسـ ـ ـ ـ ــه في
بحوث الحقة تجري في وسط اجتماعي وثقافي مماثل.
وهناك ل س ـ ــف من يس ـ ــتغني عن كل هذه الخطوات ،مفض ـ ــال تحكيم العبارات
من طرف األساتذة ،كما هو شائع في أقسامنا الجامعية.
أما استخراج درجات االتجاه فتستوجب عادة إتباع الخطوات اآلتية:
أوال) تحديد اإلجابة على كل فقرة/اقتراح/عبارة في المقياس بخمسة مستويات
ودرجات تكون في غالب األحيان :من ( 8موافق بشدة )Strongly agree /إلى ( 1غير
موافق بشدة Strongly disagree/أو معارض بشدة) ،ويعكس توزيع درجات هذا
السلم في حالة العبارات السلبية ،التي يجب أن تدرج في المقياس زيادة في الموضوعية:
من ( 1موافق بشدة) إلى ( 8غير موافق بشدة) .ومثال ذلك ،العبارتان اآلتيتان:
وقـد ُيكتف في المقياس بثالثة مسـ ـ ـ ــتويات أو درجات فقط (موافق،Agree /
محــايــد ،Neutral /غير موافق )Disagree /عنــد تــدني المسـ ـ ـ ــتوى الثقــافي للمبحوثين
(صـ ـ ـ ــعوبـة تمييز الفروق بين التقـديرات الخمسـ ـ ـ ــة) أو لضـ ـ ـ ــرورة أخرى ،وحينهــا تعــدل
تقديرات مقياس ليكرت لتكون درجات المستويات الثالثة كما يلي:
وتج ــدر اإلش ـ ـ ـ ـ ــارة هن ــا إلى أن إيج ــابي ــة العب ــارات أو سـ ـ ـ ــلبيته ــا تعود إلى خلفي ــة
المبحوثين وطبيع ــة وسـ ـ ـ ــطهم الثق ــافي وعلى الب ــاح ــث مراع ــاة ذل ــك .فمثال ،ق ــد يعتبر
البعض عبـارة" :ينبتي على المرأة أن تعود إلى مهمتهـا الطبيعيـة لالعتناء بالزوج واألوالد
ُ
في المنزل" عبارة س ــلبية ويعتبرها البعض اآلخر إيجابية ،كما قد تعتبر عبارة" :التوحد
مع قيم الغير" إيجـابيـة أو سـ ـ ـ ــلبيـة ...ولـذلـك عـادة ما يوص ـ ـ َـ ـ ى منهجيا ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ "توطين" أو
"تأصيل" المقاييس األجنبية.
كم ــا أدخل ــت على مقي ــاس "ليكرت" تع ــديالت أخرى ،منه ــا .1 :ح ــذف مسـ ـ ـ ــتوى
"محــايــد" لتقــدير البعض بــأنــه يشـ ـ ـ ــجع المبحوث على الهروب من رأي معين ،بــدال من
االختيار بين الموافقة والمعارضة -وذلك بخالف طبعا من يرى بأن الحياد رأي محترم-
،و -2إضـافة مسـتويي "الموافقة المتوسـطة" و"المعارضة المتوسطة" .وحينها تصبح
لدينا ســتة مســتويات /درجات :موافقة شــديدة ،موافقة متوســطة ،موافقة ضــعيفة،
معارضة ضعيفة ،معارضة متوسطة ،معارضة شديدة.
أما االتجاه العام لكل العبارات فيحس ــب بقس ــمة مجموع متوس ــطات ش ــدة كل
العبارات على عدد العبارات.
كما يمكن اقتراح تقديرات تفصيلية أكنر دقة لحساب درجات االتجاه السلمية
في شكل ف ات متتالية على النحو اآلتي:
[ --[1.8 - 1اتجاه سلبي قوي جدا (أي من 1إلى أقل من )1.8
[ --[2.8 - 1.8اتجاه سلبي قوي
[ --[ 3 - 2.8اتجاه سلبي ضعيف أو محايد يميل نحو السلبية /سلبي يميل نحو الحياد
------------ 3اتجاه محايد
] --] 3.8 - 3اتجاه إيجابي ضعيف أو محايد يميل نحو اإليجاب /إيجابي يميل نحو الحياد
] --]2.8 - 3.8اتجاه إيجابي قوي
] --] 8 – 2.8اتجاه إيجابي قوي جدا
(كما يمكن اعتبار املجال [ 2.8إلى ]3.8بف اته الثالث اتجاها "مترددا").
أمــا إذا اقتصـ ـ ـ ــرنــا على ثالثــة مسـ ـ ـ ــتويــات ،فيمكن اقتراح التقــديرات التفصـ ـ ـ ــيليــة
التالية:
من 1إلى أقل من -- 1.33اتجاه سلبي قوي جدا
من 1.33إلى أقل من -- 1.11اتجاه سلبي قوي
--اتجاه محايد يميل نحو السلبية من 1.11إلى أقل من 2
-- ----------------------------- 2اتجاه محايد
من أكنر من 2إلى أقل من -- 2.33اتجاه محايد يميل نحو اإليجابية
من 2.33إلى أقل من -- 2.11اتجاه إيجابي قوي
--اتجاه إيجابي قوي جدا من 2.11إلى 3
(كما يمكن اعتبار املجال [ 1.11إلى [2.33بف اته الثالث اتجاها "مترددا")
حالة حص ـ ــول مجموع عبارات المقياس على العالمة العليا( 8 :في المثال الس ـ ــابق21 :
× 111 = 8درجة) ،لنحدد بعد ذلك عالمة االتجاه املحايد (.)11 = 3 × 21
ثم يحــدد اتجــاه كــل فرد من األفراد المبحوثين بــاإليجــاب أو الس ـ ـ ـ ـلــب بمقــارن ـة
عالمــة كــل مبحوث بعالمــة االتجــاه املحــايــد (والتي تبل في المثــال الس ـ ـ ـ ــابق .)11 :فــإذا
زادت عالمــة المبحوث على عالمــة االتجــاه املحــايــد ،كـ ـان اتجــاهــه مرتفعــا أي إيجــابيــا.
وأما إذا كانت تس ـ ــاوإها أو دونها ،فإن ذلك يدل على تدني اتجاهه أو س ـ ــلبيته .ثم يحدد
االتجــاه العــام للمبحوثين بقس ـ ـ ـ ـمــة مجموع االتجــاهــات على عــدد المبحوثين ليقــارن
بعدها بعالمة االتجاه املحايد ( 11في المثال السابق).
-طريقة حس ــاب االتجاه بالنس ــب الم وية :قد نجد من يحس ــب درجات االتجاه
بالنسب الم وية والمتوسطات الحسابية ،وذلك على النحو اآلتي:
أ -حســاب النســب الم وية ل جابات على كل عبارة أو اقتراح في المقياس (بثالثة
أو خمسة مستويات).
ب -حسـ ـ ـ ـ ــاب النسـ ـ ـ ـ ــب الم وي ــة ل ج ــاب ــات على ك ــل محور أو فقرة من فقرات
المقياس (يضم كل محور مجموعة من العبارات).
ج -تحديد االتجاه بحسـ ـ ـ ــاب مجموع إجابات "موافق بشـ ـ ـ ــدة" و "موافق" فقط
لكــل عبــارة أو محور ثم لكــل املحــاور فــإذا زاد مجموعهــا على 81ب ـالمــائــة كـ ـان االتجــاه
إيجابيا والعكس بالعكس .مع مالحظة أنه في حالة العبارات السـ ــلبية تحسـ ــب إجابات
"معارض" و"معارض بشدة" فقط ،وفي الحالتين ال ُيعتد باإلجابات "املحايدة".
ثالثا) تسـ ــتخرج العالمة الكلية الممثلة لدرجة اتجاه العينة ككل ثم للعينة تبعا
لمتغيرات البحث (الســن ،الجنس ،مكان اإلقامة ،المســتوى ،التعليمي )...أو ملحاور أو
مجاالت المقياس أو االس ــتبيان ،وذلك بحس ــاب متوس ــطاتها (يقس ــم مجموع الش ــدة -
التكرارات المصـ ـ ـ ــححــة -على مجموع التكرارات) ،كمــا تسـ ـ ـ ــتخرج الــدرجــات الحيــاديــة
الكلية والجزئية ليتم في األخير مقارنة مختلف المتوسطات والدرجات.
رااعا) حساب معدل االرتباط المتعدد (لقياس االرتباط بين اإلجابة على فقرة
محـددة واإلجـابـة الكليـة على املحور أو مجـال المقيـاس الـذي تنتمي إليـه هـذه الفقرة)،
ومعـامـل "بيرسـ ـ ـ ــون" لالرتبـاط (لقيـاس االرتباط بين اإلجابة على كل فقرة في املحور أو
املجــال وإجمــالي اإلجــابــات ككــل) ،وذلــك لمعرفــة العوامــل األس ـ ـ ـ ــاس ـ ـ ـ ـيــة من العوامــل
الهــامش ـ ـ ـ ـيــة في تحــديــد االتجــاه (لكــل محور ثم ملجموع املحــاور) (مجلــة مؤتــة للبحوث
والدراسات ،1353 ،ص ص.)53-55 .
-وفي األخير ،تجدر اإلشـ ــارة إلى أن مقاييس االتجاهات تعتمد على بناء املجاالت
الفاصـلة بصــفة عامة ،ولذا قد يتعامل معها بجميع طرق اإلحصــام ،ومنها االنحراف
المعياري إذا كان المراد معرفة درجة تشــتت البيانات ومدى اختالفها عن المتوســط.
أمــا إذا تم عرض نتــائجهــا في إطــار ترتيبي بمــا يتفق وأهــداف البحــث ،في هــذه الحــالــة
َ
ُيكتف بـالتعـامـل معهـا بـالطرق اإلحصـ ـ ـ ــائيـة الخاصـ ـ ـ ــة بالبيانات الرتبية المشـ ـ ـ ــار إليها
سابقا.
ونظرا لس ـ ــهولة مقياس "ليكرت" كنر اس ـ ــتخدام أس ـ ــلوبه في العلوم اإلنس ـ ــانية،
مثل بحوث الرضـ ـ ـ ــا واإلشـ ـ ـ ــباع وتقدير أوزان حاجات األفراد من التعرض إلى وسـ ـ ـ ــائل
اإلعالم...
فمثال لقيــاس تقــدير الجمهور لــدوافع اسـ ـ ـ ــتخــدام وس ـ ـ ـ ــائــل اإلعالم ،قــد ُيقترح
السلم الخماس ي اآلتي الموضح في الجدول (رقم :)22
الجدول رقم :21مثال توضيحي لمقياس ليكرت بتكرارات افتراضية
الدرجات
معارض اشدة معارض محايد مو افق مو افق اشدة
دو افع االستخدام
- - - 1 2 +مصدر للمعلومات
- 2 2 2 2 +اكتساب النصح واإلرشاد
2 2 2 2 2 +دعم القيم الشخصية
- 2 1 8 2 -التوحد مع قيم الغير
- - - 2 1 +الترفيه
- - 2 2 2 -إضاعة الوقت
المرجع :إعداد شخص ي
مع اإلشارة إلى أن العالمتين ( )- +ترمزان إلى إيجابية أو سلبية العبارات الخاصة هنا بالدوافع.
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
373
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
االتجاهات مجموع
االتجاه العام =
العبارات عدد
= 3.25
19.7
= = 1.8 4.6 2.3 3 3.6 4.4
6 6
، 3 < 3.25ومنه فإن االتجاه إيجابي.
معارض اشدة معارض محايد مو افق مو افق اشدة الدرجات
كم ك كم ك كم ك كم ك كم ك دو افع االستخدام
- - - - - - 21 1 20 2 +مصدر للمعلومات
- - 1 2 9 2 49 2 40 2 +اكتساب النصح واإلرشاد
2 2 1 2 9 2 9 2 40 2 +دعم القيم الشخصية
- - 9 2 7 1 40 8 2 2 -التوحد مع قيم الغير
- - - - - - 49 2 70 1 +الترفيه
- - - - 9 2 9 2 1 2 -إضاعة الوقت
المرجع :إعداد شخص ي
مع اإلشارة إلى أن الشدة التعديلية للعبارات السلبية عكسية (من 1إلى .)8
.0تحديد اتجاه كل فرد من أفراد العينة بحس ـ ـ ــاب مجموع ش ـ ـ ــدة كل عبارة من
العب ــارات القي ــاس ـ ـ ـ ـي ــة املج ــدول ــة ثم نق ــارن النتيج ــة الع ــام ــة لك ــل المبحوثين بقيم ــة
المتوســط (عدد العبارات × قيمة المســتوى الحيادي .)3 :فإذا كان االتجاه العام أكبر
من المتوسط فهو إيجابي والعكس بالعكس.
.1.2حســاب عالمة االتجاه املحايد أو قيمة المتوســط ،أي في حالة حصــول كل
عبارات المقياس على العالمة الوسط ( )3من طرف كل مفردات المبحوثين .وحسب
بيانات الجدول أعاله نجد أن:
القيمـة الحيـاديــة لمتوسـ ـ ـ ــط اتجـاه مفردات المبحوثين تسـ ـ ـ ــاوي عـدد العبــارات
( × )11قيمة المستوى الحيادي ( )3أي 15. = 3×1
.2.2حساب شدة (التكرارات المعدلة لـ) كل مبحوث:
(أ) المبحوث األول = 22 = 3 + 2 + 2 + 2 + 2 + 8
(ب) المبحوث الثاني = 21 = 2 + 2 + 2 + 3 + 2 + 2
معارض الدرجات
معارض محايد مو افق مو افق اشدة
اشدة دو افع االستخدام
- - - ب ه زح ط ي أجدو +مصدر للمعلومات
- حي جط أ ب وز ده +اكتساب النصح واإلرشاد
جح ده بو أط زي +دعم القيم الشخصية
- أب ج د و زح ط هي -التوحد مع قيم الغير
- - - أبحد ج ه وزط ي +الترفيه
- - أد ب وح ط ج ه زي -إضاعة الوق
المرجع :إعداد شخص ي
مع اإلش ـ ـ ـ ـ ــارة إلى أن الحروف (أ ب ج د هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ و ز )...ترمز إلى المبحوثين وع ــدده ــا إلى ع ــدد
المبحوثين
.3نحسـ ـ ـ ــب مجموع النسـ ـ ـ ــب الم وية لدرجتي" :موافق بشـ ـ ـ ــدة " و"موافق" لكل
عب ــارة من عب ــارات المقي ــاس ب ــالنس ـ ـ ـ ـب ــة للعب ــارات اإليج ــابي ــة ،ول ــدرجتي" :مع ــارض"
و"معارض بش ـ ـ ــدة" بالنس ـ ـ ــبة للعبارات الس ـ ـ ــلبية .مع األخذ بعين االعتبار أن النس ـ ـ ــبة
تحسـ ــب من مجموع تكرارات الدرجات األربع (اإليجابية والسـ ــلبية) دون املحايدة ،ألنه
في حالة حس ـ ــاب نس ـ ــب كل الدرجات فس ـ ــيكون املجموع دائما ،%111كما أن نس ـ ــبة
درجة الحياد ال تنتمي طبعا إلى نسـ ـ ــب العبارات اإليجابية والسـ ـ ــلبية فال تحتسـ ـ ــب ألن
المعني بالحساب هو كون االتجاه إيجابيا أو سلبيا.
وتبعا لبيانات الجدول الموالي نجد:
العبارة %400 =88.8+28.8 = 1
()%111 =%88.8+%28.8 =22÷111× 22+22÷111×21
العبارة %97= 83.3+33.3 = 2
([ )%55 = %83.3 + %33.3 = 31÷111×11+31÷111×11كانت القســمة هنا على 31
(موافق بشـ ـ ــدة ،11 :موافق ،11:معارض )2 :وليس على 31ألن تكرارات محايد ( )1ال
يعتد بها وكذلك األمر بالنسبة للعبارات الموالية .]1 ،2 ،3
مع اإلشارة إلى أن عالمة ( )+تسبق العبارات اإليجابية وعالمة (–) تسبق العبارات السلبية ،وأن
حساب النسب المائوية يأخذ بعين االعتبار درجتي موافق وموافق بشدة فقط في حالة العبارات
اإليجابية ودرجتي معارض ومعارض بشدة فقط بالنسبة للعبارات السلبية.
وفي األخير نقدم مثاال عن جدول ثالثي الدرجات (رقم )25خاصة بعبارة في املجال
التعليمي حول عالقة تجديد الهيكلة بحسن اختيار التخصص:
الجدول رقم :29يوضح اتجاه التالميذ نحو عبارة "تساعد الهيكلة الجديدة للتعليم على حسن
اختيارالتخصص"
-عرض البيانات الكمية ضمن سير الكتابة للموضوع (في متن النص) :تعتبر
هذه الطريقة معقولة فيما لو كانت البيانات تتألف من عدد محدود من األرقام ،إال
أن اإلحصاءات في أغلب األحيان تتألف من أعداد كثيرة يصعب ذكرها كاملة في
مضمون الكتابة.
المعرفية لهذه الخصائص وتفسير العالقة بينها ،وهي العملية التي عادة ما تسمى
بالتفسير أو التأويل (في البحوث الكيفية).
وكما هو مالح تبق متغيرات البحث هي العناصر المركزية لهذه المرحلة
األخيرة من مراحل البحث ،كما يبق التحليل فيها يرتكز مباشرة على الجداول بأرقامها
وإحصاءاتها الرقمية المطلقة والنسبية (في حالة البيانات الكمية طبعا).
إن نتائ هذا التحليل المعرفي يمكن التعبير عنها تبعا لـ "ديفيس" ()J. A. Davis
باملخرجات /النتائ أو المكتشفات ( )Findingsوالتي هي –في تقديره -عبارة عن تقارير
حول الخصائص اإلحصائية للبيانات املحصل عليها عبر مختلف عمليات البحث .ومن
أمثلة ذلك" :إن األفراد الذين يحصلون على نقاط عالية في اختبارات الذكاء غالبا ما
يحصلون على نقاط عالية في مقاييس تجنب األحكام المسبقة".
أما التفسير وخاصة التأويل ،فإنه يتميز بخالف ذلك بطابع كيفي أكنر حدة .فهو
ينطلق من "المكتشفات" ليقدم نتائ مرتبطة بمتغيرات البحث .وفي المثال السابق
يمكن استنتاج ما يلي" :يؤدي ضعف الذكاء إلى معاداة الغرباء" ( Sierra Bravo, 1979,
.)p. 421
وفي األخير يمكن القول إن التحليل والتفسير هما مرحلتان أساسيتان في عملية
التنظير التي قد تتوج عملية البحث .فـ"التحليل" يحول البيانات الرقمية للجداول إلى
تقريرات ذات طابع إحصائي يعتمدها "التفسير" في عمليته التنظيرية .وتتخلل هذه
المهمة ثالث عمليات:
°تتمثل العملية األولى في تحويل البيانات اإلحصائية الخاصة بكل متغير إلى
تقريرات أو مفاهيم نظرية.
°وتعمل العملية الثانية على تحويل البيانات اإلحصائية الخاصة بالعالقات بين
المتغيرات إلى اقتراحات أو تقريرات نظرية متعلقة بهذه العالقات لتقارن بالفرضيات
المطروحة.
°أما العملية الثالثة فتتمثل في إدراج هذه االقتراحات في إطار نظرية علمية
تكون في الغالب قائمة.
-أنواع التحليل
إن التحليل االجتماعي بمعناه الواسع ذو أبعاد ومستويات مختلفة ،فهو يتراوح
بين أبسط مستوى (قراءة الجداول التصنيفية) وأعقده كميا (تطبيق المعادالت
الرياضية المعقدة).
ومن أهم أنواع التحليل ما يأتي:
.1التحليل اإلحصائي.
.2التحليل الزمني (الديناميكي).
.3التحليل المركب (متعدد المتغيرات).
.2التحليل الدائري.
.8التحليل السوسيومتري.
تعتبر األنواع الثالثة األولى استنتاجية أو سببية ،وهي تستلزم توفر الشروط
اآلتية:
°أن تكون المتغيرات متالزمة في تغيرها ،وهو ما يمكن معرفته بواسطة التحليل
اإلحصائي.
°أن يكون أحد المتغيرين أسبق من الناحية الزمنية من اآلخر ،ويقوم بتحديد
ذلك التحليل الزمني.
°عدم وجود متغيرات مستقلة أخرى (وسيطة ،دخيلة )...تتحكم في المتغير
التابع ،وهي من مهام التحليل المركب.
°أما النوع الرابع (التحليل الدائري) ،فهو ُيستعمل عندما تطبق استمارتان على
املجموعة نفسها في فترتين زمنيتين مختلفتين ،وذلك لمتابعة التغيرات التي قد تطرأ
على املجموعة بين الفترتين والختبار "ثبات" البيانات.
°وأخيرا ،فإن التحليل السوسيومتري مفيد جدا لبحث البنية االجتماعية
ونظام االتصال داخل الجماعات الصغيرة.
-التفسيرالسببي و أنواعه
من المعروف في العلوم اإلنسانية أن التحليل أكنر شيوعا من التفسير ،ولكنهما
عادة ما يكونان متالزمين.
إن التفسير في هذا اإلطار يعني تحديد سبب أو لماذا حدث ش يء ما ،ولكن
تحديد سبب ظاهرة ما يعني تحديد القاعدة العامة التي تتحكم في وجودها ووجود
أمثالها .وبهذا المعنى ،فالتفسير عملية منطقية توصلنا إلى نتائ محددة بواسطة
مقدمات محددة.
والتفسير عدة أنواع ،أهمها على التوالي ثالثة :االستنتاجي واالحتمالي والوظيفي:
-االستنتاجي :اإلنسان حر (متغيران :س-ع) /المتغير "س" إنسان " س"
حر.
-االحتمالي :حوالي 95 %من العرب مسلمون " /س" عربي " س" غالبا ما يكون
مسلما ولكنه قد يكون غير ذلك.
-الوظيفي :يفسر حدوث الظاهرة باألفعال أو األنشطة المنجزة بغية تحقيق
أهدافها ،ويمكن تشخيصه كما يأتي :أن الوظيفة "و" في نظام أو نسق "ن" بتنظيم "ت"
ُ
تيسر القيام بالنشاط "ش" في الظروف "د".
وبالطبع ترتبط معايير الصدق والثبات ارتباطا وثيقا (نظريا وإجرائيا) بالبحوث
الكمية نتيجة حاجتها الماسة لها ،لذلك فهي مالزمة لها دائما وتستجيب عادة لمبادئ
المدرسة الوضعية ( )Positivismفي العلوم اإلنسانية ،ومنها :القابلية للتحكم،
التكرار ،التنبؤ ،المالحظة ،التجزئة ،العزل عن السياق وعن الذات الباحثة...
ويمكن تشخيص الفكرة األساسية لهذه المدرسة كاآلتي :إذا قمنا باختبار
فرضية من خالل بيانات ميدانية تمت بلورتها بفضل عمليات حسابية وتحاليل
إحصائية (مثل التحليل العاملي ومعامالت االرتباط ،)...وإذا كانت النتائ "الرقمية"
لهذه العمليات تؤكد أو تنفي الفرضية األصلية ،حينها يحق لنا أن نقول إننا قمنا بعمل
علمي (صادق وثابت) .وذلك بخالف ما يجري عادة في بحوث التخرج بجامعاتنا ،حيث
ال تطبق عادة ال معايير الصدق وال معايير الثبات ،سواء تعلق األمر بصدق تمثيل
العينة أو صدق وثبات أدوات جمع البيانات ونتائجها ،مع اإلشارة إلى أن أغلبية هذه
البحوث ذات طابع كمي انطالقا ،وال تراعي في أحسن حاالتها سوى االنسجام بين
األهداف البحثية ومنطلقاتها النظرية.
ومن أهم معايير الصدق والثبات الكمية وأكنرها استعماال ما يلي:
-بالنسبة للصدق ،تذكر األدبيات المتخصصة العديد من أنواعه في مستوى
معايرة إجابات المبحوثين :الصدق الداخلي والصدق الخارجي وصدق بنية املحتوى أو
المفاهيم األساسية (:)Bachelet, 2012, p. 8
فالصدق الداخلي يشير إلى درجة صحة جمع البيانات من المبحوثين ،أي أنه
يقتض ي ضمان استقاللية اإلجابات عن الظروف الخارجية (العرضية كما سبق
وصفها) بتجنب مثال ،كون فترة البحث غير مناسبة ،حدوث تغير في سلوك المبحوثين
في فترة البحث أو خطأ في اختيارهم ،صياغة األس لة غير مناسبة ...مع االقتصار في
إثبات ذلك على البيانات فقط وبالعد والقياس .ويمكن عكس االحتمال األخير الخاص
بأداة جمع البيانات بالمثال اآلتي :إذا أردنا قياس طول العبي كرة السلة باستخدام
شريط ذي وحدات قياسية سنتمترية خاط ة فإن بيانات طولهم ستكون خاط ة وكذا
متوسط طولهم.
وأما الصدق الخارجي فيشير أساسا إلى درجة تعميم النتائ في ظروف "زمكانية"
مختلفة .ولذلك فهو يتطلب استخدام مجاالت بحثية وتقنيات ومناهج ومواقف أكنر
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
387
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
تنوعا وانفتاحا ،مقابل التركيز في الصدق الداخلي على حسن التحكم في وضعيات
محددة وفي بيانات بعينها .مما قد يشير إلى أن مستلزمات الصدق الداخلي تتعارض مع
مستلزمات الصدق الخارجي :فالتعدد واالختالف يجعل التحكم في الوضعيات البحثية
صعبا .ومن ثم وجب إيجاد حل وسط بينهما في حالة عدم اقتضاء أهداف البحث غير
ذلك (بالتركيز على أحدهما) .ويمكن تشخيص خطأ التعميم (الصدق الخارجي)
باالعتماد على المثال السابق معدال :إذا تحصلنا على متوسط طول العبي كرة السلة
باستخدام شريط ذي وحدات قياسية سنتمترية صحيحة فإنه ال يمكن تعميم هذا
المتوسط على كل الرياضيين ،ألنه غير نموذجي.
ولذلك يمكن القول إن الصدق الداخلي يخص عينة البحث فقط والصدق
الخارجي يتعداها إلى مجتمع البحث أو مجتمعات أخرى.
وأما صدق املحتوى أو المفاهيم ،فيقصد به أساسا "إجرائيتها" المؤدية إلى
حسن قياسها أو قياس مؤشراتها الواقعية .أي أن أداة جمع البيانات تغطي كل
املجاالت المستهدف تغطيتها .ومن طرق تقييمها :صدق المالحظات ،التمايز -
( -Discriminationتأكيد وجود اختالف بين خاصتين أو أكنر في الظاهرة موضوع
البحث باستعمال أداوت قياس مختلفة) ،التال ي ( -Convergence-تأكيد وجود
خاصية ما باستعمال أداتين مختلفتين) ،التعسف (الهادف) ...والصدق النسقي
(.)Bachelet, 2012, p. 17
وتجدر اإلشارة في األخير إلى أنه عادة ما كان يلجأ –وال يزال أحيانا -إلى اختبار
صدق أدوات جمع البيانات عموما باالستعانة بداية وقبل كل ش يء ،وكـ "أضعف
اإليمان" بـ:
°البحوث االستطالعية ،كتحكيم ميداني ألدوات جمع البيانات.
°اعتماد تحكيم الخبراء ألداة جمع البيانات (صدق بنية االستبيان ومحتواه)،
مع حساب التناسق بين آرااهم في مكوناتها ،أو على األقل االكتفاء بتقدير ذاتي لمدى
حصافة مالحظاتهم باالعتماد على المنطق الشخص ي للباحث والمشرف على البحث.
-بالنسبة للثبات :تذكر األدبيات المتخصصة عدة أنواع لقياس ثبات أدوات
جمع البيانات خاصة :الثبات الكلي (إعادة االختبار) ،االتساق الداخلي (لمفردات
املحكمين (تقاطع مالحظاتهم) ،الخطأ المعياري (كمؤشر نسبي :فكلما األدوات) ،ثبات ِ
انخفضت درجته كان الثبات أعلى)...
وسيتم فيما يأتي عرض المعامالت والمعادالت اإلحصائية للنوعين األولين:
* االختبار-إعادة االختبار ( :)Test-retestيستعمل أساسا لقياس الثبات الكلي،
ويتمثل في تكرار االختبار (تطبيق أداة جمع البيانات) في فترتين زمنيتين مختلفتين
وتحت الظروف نفسها قدر اإلمكان .وتكون الفترة المقترحة بين التطبيقين من
أسبوعين ألربعة أسابيع في الغالب ،وبالطبع ،كلما زادت الفترة الزمنية بين االختبار
وإعادة االختبار (بفرض تساوي العوامل األخرى) كلما انخفض معدل الثبات .ويتحقق
الثبات إذا ارتفع معامل االرتباط (لـ "بيرسون" مثال) بين قيمتي االختبارين ،والذي تعبر
عنه المعادلتان اآلتيتان:
-قيمة االختبار على قيمة إعادة االختبار تساوي واحد.
-قيمة االختبار ناقص قيمة إعادة االختبار تساوي صفر.
ونظرا لكون االختالف الزمني حساس وترتبط به عدة مشاكلُ ،يقترح لتجاوزها
االستخدام المتوازي ألداتي قياس متشابهتين في املحتوى ،مع تغيير ترتيب األس لة
وتغيير صياغة بعض كلماتها في االستبيان مثال.
وهذا األمر قد يساعد أيضا في تجاوز المشكلة التي طرحها "جوب" ( Joppe,
)2000, p. 2والمتمثلة في إمكانية أن يتحسس المبحوث من موضوع البحث المعاد
طرحه ،مما قد يؤثر على استجاباته .فال يمكننا أن نكون على يقين من أنه ال يوجد أي
تغيير في التأثيرات الخارجية مثل التغيير في بعض المواقف ،مما قد يؤدي إلى االختالف
في الردود المقدمة مرتين.
* قياس الثبات أو التناسق الداخلي (:)20()Internal Reliability/ Consistency
وتستخدم لقياسه عدة اختبارات ،أشهرها معامل "كرونباخ" ( )Cronbachاالختبار
قياس التناسق بين إجابات المبحوث ،و"كرونباخ ألفا" (قيمته بين صفر وواحد
ومتوسطه ...)0.0ومعامل االرتباط بين نصفي المقياس (األس لة الفردية والزوجية
( )20إال أن هناك من يرى أن االتساق الداخلي لمفردات أداة جمع البيانات يعتبر معيارا من معايير
الصدق ،ألنه يساهم في تحقيق صدقية النتائ .
نسخة إلكترونية مجانية Open Access
389
مدخل إلى منهجية البحث العلمي أ.د فضيل دليو
مثال) (التجزئة النصفية )Split-Half reliability /الذي َيستعمل عادة معامل ارتباط
"سبيرمان" أو معادلتي "رولن" و "غوتمان" ،أو بين إجابات عينتين جزئيتين ،تحليل
االرتباط (الختبار الصالحيات المتزامنة ،التنبؤية ،التمييزية )...والتحليل العاملي
(متعدد المتغيرات) ومصفوفة االرتباط متعدد الخصائص ومتعدد الطرق...
أما في بحوث تحليل املحتوى ،فمن معامالت الثبات المستعلمة بكنرة ،معادلة
"هولستي" ( )Holstiلالتفاق بين محللين (عدد الف ات التي اتفق عليها املحلالن على
مجموع الف ات التي توصال إليها) ليكون الحكم على ارتفاع ثبات تحليل املحتوى إذا
كان المعامل مساويا أو يفوق .1.58وبالطبع هناك تصنيفات أخرى لثبات التحليل
(بما في ذلك تطويرات حديثة لمعادلة "هولستي") ال مجال لذكرها هنا ( ;Holsti, 1969
.)Krippendorff , 2004بل هناك من يجعل المعامل يتراوح ما بين 1.58و.1.31
ويمكن تفصيل الكالم بعض ال يء عن اختبار الثبات فيما يلي:
لقياس الثبات طرق مختلفة من أكنرها شيوعا الطرق الثالث اآلتية :طريقة
إعادة االختبار ،طريقة الصور المتكاف ة وطريقة التقسيم النصفي.
ً
أما بالنسبة إلعادة االختبار ،وهي من أكنر الطرق مناسبة لتقدير الثبات في بحوث
ى َُ
فتق َّدم على أساس إجراء التحليل مرتين على مادة االتصال نفسها. تحليل املحتو ،
ُ
وتحديد العالقة بينهما في شكل درجة معينة تعتبر مؤشرا لمعامل الثبات .إذ تكشف
عن مدى االتفاق بين التحليلين وكلما كانت هذه الدرجة مرتفعة كان معامل الثبات
عاليا .وتأخذ إعادة التحليل أحد شكلين (طعيمة ،1355 ،ص ص:)155-155 .
.1أن يقوم بتحليل المادة نفسها باحثان ،وفي مثل هذه الحالة يلتقي الباحثان
في بداية التحليل لالتفاق على أسسه وإجراءاته .ثم ينفرد كل منهما للقيام بتحليل
المادة موضوع البحث ،ثم يلتقيان في نهاية التحليل لبيان العالقة بين النتائ التي
توصل كل منهما إليها.
.2أن يقوم الباحث بتحليل المادة نفسها مرتين ،وعلى فترتين متباعدتين .وفي مثل
هذه الحالة يستخدم عنصر الزمن في قياس ثبات التحليل وذلك بأن يقوم الباحث
بنفسه بتحليل عينة صغيرة من المادة موضوع البحث مستخدما أداة التحليل التي
أعدها ،وبعد فترة من الزمن يعيد بنفسه تحليل نفس العينة مستخدما نفس األداة
دون الرجوع بأي صورة من الصور للتحليل السابق الذي أجراه .وبعد االنتهاء من
تحليله الثاني يجري بعض العمليات اإلحصائية التي يستخرج من خاللها معامل
َ
بمحللين اثنين -أو ما ُيطلق عليهما باملحك ِمين أو
ِ الثبات ،حيث استعانت الباحثة
المرمزين -لتحليل عينة من مواضيع المدونات التي شملها البحث ،والتي قد َمت لهما
ً
ف ات التحليل التي سيتم تطبيقها مرفقة بدليل التعريفات اإلجرائية الخاصة بها
ليكون العمل أكنر وضوحا ودقة.
وكمحلل (محكم) ثالث يقوم الباحث أيضا بتحليل تلك المواضيع لمقارنة
النتائ الحقا عبر تطبيق معادلة "هولستي" لحساب معامل الثبات كما يلي:
ِّ
معامل الثبات = عدد املحكمين xمتوسط االتفاق بين املحكمين
( +0عدد املحكمين( x )0-متوسط االتفاق بين املحكمين)
مثاله في حالة وجود ثالثة محكمين:
وألن نطاق الثبات كما حدده "كوبر" يتراوح ما بين ( ،)1.33 - 1.55فإن مستوى الثبات
قد تحقق بما أن معامل االتفاق يساوي 0.9أي ما يعادل .%90
وألن "بيرلسون" وصف معامل الثبات الذي تتراوح قيمته ما بين 0.78و 0.99بأنه عال،
فإن معدل الثبات قد تحقق على اعتبار أن معامل االتفاق جاء ضمن المدى المقبول
(.)1.5
ً
على الرغم من أن البحوث تكتفي عادة بتطبيق طريقة واحدة في حساب معامل
الثبات عندما يتعلق األمر بإعادة التحليل لقياس ثبات أداة تحليل املحتوى ،إال أنه
يمكن تطبيق الطريقتين.
وجدير بالذكر في األخير إلى العالقة بين الصدق والثبات في البحوث الكمية،
وذلك باإلشارة إلى أن توافر الصدق قد يكون كافيا لتوافر الثبات لكنه بالطبع ليس
ضروريا له ،أما الثبات فهو شرط مسبق ضروري ولكنه غير كاف لصدق أدوات البحث
( .)Cohen & Morrisson, 2007, p. 133فمثال ،يعتبر ثبات استمارة تحليل املحتوى
(باتفاق املحللين على ف اتها) شرطا ضروريا لصدق هذه االستمارة لكنه يعتبر غير كاف
ألنه قد ال يضمن مثال كون الف ات المتفق عليها تغطي كل املجاالت المستهدف تغطيتها
في البحث ...وفي هذا السياق هناك ما يسمى بـ"الصدق الذاتي" لقياس العالقة بين
الصدق والثبات من خالل حساب "الجذر التربيعي لمعامل الثبات" سواء تعلق األمر
بـ :إعادة تطبيق االختبار (معامل ارتباط بيرسون مثال) ،التجزئة النصفية (معامل
سبيرمان مثال) أو التباين (معادلة ألفا كرونباخ مثال) ،أي أنه يساوي الجذر التربيعي
إلحدى هذه المعامالت (معامل الثبات)½ .وبالطبع كلما انخفضت قيمة معامل الثبات
انخفضت قيمة الصدق الذاتي لكونها نتاج جذره التربيعي.
( )21من المعروف أن بعض الباحثين الجامعيين يستعينون بمتخصص في اإلحصاء (أو بمركز حسابات)
ُ
ليقوم بالعمليات اإلحصائية المرتبطة بعمله ،مع اإلشارة إلى أن بعض برام المعلوماتية (مثل )SPSSتيسر
ذلك أيضا .وهو أمر محبذ على غرار االستعانة مثال بمدقق لغوي أو بمترجم ،الخ...
.6.3نتائج البحث
يمكن اعتبار نتائ البحث جوهر األعمال العلمية ألنها تبرر المنطلقات
واالفتراضات وجدوى اإلجراءات المنهجية المعتمدة في أي عمل بح ي ،سواء أكان
مقالة أم رسالة جامعية .وألن الطلبة يجدون بعض الصعوبات في كيفية تقديم النتائ
النهائية لبحوثهم ،وجب تقديم بعض التوجيهات العامة في هذا املجال ،مذيلة ببعض
األخطاء الشائعة التي يجب تجنبها.
لكن رغم هذا ،هناك هامش معين من الحرية في االستنتاجات يستفيد منه
معظم الباحثين في نهاية أعمالهم .فقد يستخدمونه في إدراج تقييمات وتقديرات
خصية عامة ،وفي التعبير عن بعض حدود عملهم مع اقتراح -كما يحدث في كثير من
األحيان -أبعاد أو مشكالت جديدة قد تنجم عما تم بحثه (انظر المبحث الموالي
الخاص بحدود البحث وآفاقه).
-يمكن تدعيم عرض النتائ بعناصر مرئية (وسائل إيضاح) ،مثل األشكال
البيانية والخرائط والصور والجداول ،...التي تلخص وتوضح االستنتاجات.
-من الناحية العملية ،من المستحسن بدء عرض النتائ ،بفقرة تمهيدية -كما
سبق ذكره ،-كآلية ميسرة للعرض ،وعلى سبيل المثال يمكن أن تكون الفقرة كما يلي:
"بعد جمع البيانات ومعالجتها ،توصل الطالب /الباحث إلى مجموعة من النتائ
يتم تقديمها فيما يلي ،"... :ثم يباشر عرض النتائ تبعا ل هداف أو التساتالت/
الفرضيات .وعلى سبيل المثال ،لنفترض أن واحدا من األهداف املحددة هو" :التعرف
على أسباب التغيب عن العمل في شركة ما" ،وأن نتائ القياسات التي أجريت لهذا
الغرض كانت:
إجازة غير مدفوعة األجر ،٪11 :مرض أو راحة ،٪18 :عطل ،٪11 :حوادث،٪8 :
طوارئ ،٪3 :من دون مبرر.٪11 :
يمكن أن تصاغ النتيجة المتعلقة بهذا الهدف على النحو التالي:
"فيما يتعلق بتحديد أسباب الغياب عن العمل الذي يحدث في الشركة "س"،
ً ً
موضوع هذا البحث ،تمكن الطالب من تشخيص األسباب مصنفة تصاعديا من أقل
إلى أكبر نسبة من التأثير ،وفقا للنتائ التي تم الحصول عليها :حاالت الطوارئ
والحوادث ،واإلجازات مدفوعة األجر ،والعطل ،والمرض أو الراحة واألسباب غير
المبررة .ولهذه األخيرة أكبر قيمة لحصولها على نسبة ،٪11وهي أعلى أربع مرات من
سبب الغياب األقرب منها :األمراض أو الراحة (.)٪18
إن النتائ املحصل عليها ألسباب التغيب عن العمل تسمح لنا أن نستنت بأن
عملية إدارة الموارد البشرية التي تتم في الشركة ،تتميز ببعض الضعف ،ألن في نظرية
التغيب غير المبرر -التي مرت معنا في اإلطار النظري مثال -عادة ما يرتبط التغيب
بانعدام الحوافز لدى العامل ،بالمناخ التنظيمي غير المناسب وبتوافق العوامل
األخرى التي تؤثر على كل من المنظمة والموظف ،مما قد يدفعه إلى الغياب عن
العمل" (دليو.)2112 ،
المالح أن هذا االستنتاج يحدد بوضوح الهدف الذي يقترن به ويعطي
النتائ العامة التي أسفرت عنها القياسات المرتبطة به ،مبينا تعليق الطالب المعتمد
في هذه المسألة ،على نظرية إدارة الموارد البشرية التي وردت ضمن اإلطار النظري
لعمله.
-عادة ما يتم تجنب ذكر أي اقتباس في متن مبحث النتائ ألن موقع ذلك فيما
سبق من مباحث ،أي ال يمكن للباحث دعم ما يقول في مبحث النتائ العامة بأي
ً
استثناء على مؤلف لم يتم ذكره سابقا ،فعليه توثيق ذلك ،وفي اقتباس ،إال إذا أحال
المقابل يمكنه اإلشارة إلى المقطع من المبحث السابق المعني بالفكرة أو المؤلف
الذي يدعم استنتاجاته.
-يجب أن تكون أهداف البحث والنتائ التفصيلية المرفقة بتعليقات الباحث
في متن المباحث السابقة في متناول يده ،ألن هذا هو المكان الذي يستفاد فيه من
األهداف املحددة (التي غالبا ما تعكسها التساتالت أو الفرضيات حرفيا) ،فتعرض
النتائ على أساسها (أو على أساس التساتالت /الفرضيات) ،أي يجب أن يكون عدد
النتائ مطابقا لعدد األهداف أو التساتالت /الفرضيات املحددة مسبقا في مدخالت
المقال أو الرسالة ،كما يجب أن تكون واضحة جدا من حيث ارتباط كل واحدة منها
بهدف معين أو فرضية بعينها ...ثم يعقد استنتاج عام يتناسب والهدف العام للبحث.
وبالتالي ،يكون لكل هدف أو تساتل و/أو فرضية نتائ معينة (مؤكدة أو نافية
أو معدلة) ،تر َاعى عند كتابة مبحث النتائ ،باإلضافة إلى ما تقوله المباحث األخرى
المؤسسة للبحث (الخلفية النظرية والدراسات السابقة ،)...وخاصة فيما يتعلق
بالمتغير أو المتغيرات المعنية بتلك النتيجة .أي أن هناك عالقة مباشرة بين كل من:
األهداف املحددة (التساتالت /الفرضيات) واألسس النظرية والنتائ ،والباحث
مطالب باستخدام نتيجة هذه العالقة لختم بحثه.
-يبق في األخيرة اإلشارة إلى أنه يفضل الطلب من القرناء مراجعة نتائ البحث،
ثم محاولة تقييم ما فهموه أو لم يفهموه .وإذا لزم األمر ،يمكن طلب مساعدة إضافية
من خبير متخصص.
منهجية دون أخرى (مثال ،إجراءات كمية دون الكيفية أو العكس) ،واستخدام أداة
جمع بيانات واحدة أو أكنر...
وهذا بالطبع ،ال يشمل بعض الصعوبات المالزمة لتنفيذ اإلجراءات المنهجية
التي قد يكون عدم تجاوزها ناتجا أحيانا عن قلة معرفة أو خبرة أو عن تسرع الباحث...
وفي المقابل ،فهو يشمل حسب البعض السلبيات المالزمة عادة لبعض أدوات جمع
البيانات (انظر السلبيات في المبحث السابق الخاص بأدوات جمع البيانات) أو للطابع
الكمي أو الكيفي للبحوث العلمية عموما.
بالنسبة لكيفية عرض حدود البحث ،فيمكن أن تكون بصفة عامة (مجملة)
أو ثالثية البنية :ذكر طبيعتها ومصدرها وتداعياتها .ومثال ذلك :الذاتية (االنحياز)
ومصدرها نوع اختيار العينة ،مما يستلزم عدم تعميم النتائ .
.2.7.7توصيات البحث
تعتبر توصيات ( )Recommendationsالبحث ذات طبيعة مختلفة تماما عن
النتائ ،ألنها تفترض إمكانية رسم خطوط مسلكية عملية لمن إهمه األمر (مؤسسات
وأفراد وجماعات) على أساس العرض التحليلي الذي قام به الباحث سابقا .ومن أجل
إعدادها ،من الضروري أن يتم فحص المعارف المكتسبة من البحث في ضوء بعض
أهداف أو قيم الباحث ،والتي هي بالضرورة ذاتية .ولذلك فهي دائما مرتبطة بوجهة
النظر المعتمدة واألهداف المنشودة فيما يتعلق بمشكلة البحث.
مما تقدم يبدو أن التوصيات تعتبر مهمة جدا وخاصة في حالة البحوث
التطبيقية ،وذلك ألن المعارف المكتسبة منها تهدف إلى حل المشكالت العملية التي
يعالجها الباحث .ولذلك ،فإن عدم إدراج أي نوع من التوصيات نهاية البحث يجعل
من هذا األخير عمال غير مكتمل إلى حد ما ،ألنه لن يكون قادرا على تلبية الهواجس
األولية التطبيقية الباعثة له.
وعلى كل حال ،يجب األخذ بعين االعتبار بأن التوصيات لن تكون مجردة تماما ،فإذا
فهمنا بأن التوصيات تنطوي على عمل أو مسار عملي فمن المنطقي أن توضع مع مراعاة
توجه لهم ،وهم األ خاص أو الجماعات أو المؤسسات التي قد تكون مهتمة بمعرفتها من َ
وإمكانية تنفيذها ؛ أي يمكن أن تتخذ التوصيات شكلين ،وهما :توصيات لمزيد من البحث
-تتداخل مع آفاق البحث -وتوصيات للتغيير /اإلصالح المؤسستي أو املجتمعي .لذلك،
وحتى ال تفقد جدواها ،يجب أن تأخذ كتابتها ووجهتها ودرجة دقتها بعين االعتبار كل ذلك.
ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد ،أن هناك من ينتقد إدراج التوصيات في نهاية
البحث بقوله ،على سبيل المثال ،أن على الباحث أن يكتفي بتحليل األحداث دون استنباط
الحلول الممكنة؛ وبشكل عام ،ليس على الباحث تغيير العالم ،أو حتى تحسينه ،وبأن مهمة
عرض حلول عملية للمشاكل الحقيقية تقع خارج الحدود الخاصة بالبحث العلمي ،والذي
إهدف -في نظر غير المعياريين من أنصار العلم من أجل العلم والفن من أجل الفن والبحث
من أجل البحث -!...إلى حل المشاكل المعرفية ال العملية ،على الرغم من أنه يمكن
االستخالص منطقيا من األولى نتائ مهمة تساعد في حل هذه األخيرة.
تمهيد
.1.3كيفية إعداد مشروع البحث
.2.3كيفية تحريرالتقريرالنهائي لمشروع البحث
وإلى جانب ذلك ،يجب بالطبع التأكد من تجنب السرقة العلمية عبر فحص
النسخة النهائية في برنام معلوماتي كاشف لذلك ،-وكذا تجنب كنرة االقتباس الحرفي:
اقترح البعض عدم تجاوزه حوالي 11بالمائة من العمل (،)Lester, 1976, pp. 46-47
لكيال يكون ذلك على حساب إبراز خصية الباحث أو ينقص من قيمة العمل حسب
البعض .وبالطبع ،فإن كنرة االقتباس أفضل من السرقة العلمية بسبب الرغبة في
تجنب هذه الكنرة ،كما أن السرقة العلمية تشمل املخرجات النصية للذكاء
االصطناعي التي يجب أن توثق هي أيضا كبقية النصوص المقتبسة -عند من يجيز
استخدامها -تبعا للنظام التوثيقي المعتمد في بقية العمل (….)Apa, MLA
ولمساعدة من يريد إعادة صياغة النصوص األصلية بتحويل االقتباس الحرفي
إلى اقتباس المعنى ( )Paraphrase/ Reformulateيمكن القيام بما يلي :قراءة النص -
المستهدف اقتباسه -عدة مرات بغية فهمه ثم محاولة إعادة كتابة معناه عن ظهر
قلب -باستخدام الذاكرة -مع تضمينه كل األفكار (أو الفكرة) الرئيسة بكلمات مغايرة
(مرادفة أو مشابهة للمعنى األصلي) .مع األخذ بعين االعتبار محاولة تغيير كلمات بداية
النص ،وتغيير ترتيب العبارات /الجمل ،وتطويلها أو تقصيرها ...دون تصنع مفرط -
يمكن تنفيذ ذلك باستعمال الذكاء االصطناعي قبل مراجعة النتيجة ،ثم مقارنة ما تم
تحريره خصيا مع النص األصلي للتأكد من فعلية تجنب االقتباس الحرفي .وبالطبع،
فإن هذا الجهد الشخص ي ال يعفينا من ذكر المرجع في نهاية االقتباس غير الحرفي،
والفرق بينه وبين االقتباس الحرفي هو وضع هذا األخير بين عالمتي تنصيص
(مزدوجتين .)"..." :مع اإلشارة أوال ،إلى أن الحكم بكنرة المقتبسات الحرفية مسألة
تقديرية يخضع لطبيعة الموضوع ولنوعية المقتبسات (تتعلق بتعاريف محددة،
بحجج ،بأفكار عامة )...ولموقعها ولطولها ،...وكذا مسألة حجم التحوير الذي ال
يقتض ي بالضرورة أن يشمل كل العمليات المذكورة أعاله :تغيير الكلمات االفتتاحية
واستعمال المرادفات وتغيير ترتيب العبارات ...وثانيا ،وإلى أنه من األفضل أن تتم
عملية إعادة صياغة النص األصلي -المراد اقتباسه -بطريقة طبيعية (من دون تصنع)
وذلك بإدماجه في أسلوب التحرير الشخص ي وسياق العمل قيد اإلنجاز.
.2خطة البحث و /أو الفهرس العام :إن خطة البحث عبارة عن ملخص
للفهرس العام (عناوين عناصره الرئيسة فقط ومن دون ذكر أرقام صفحاتها) .وهي
بالطبع خطوة اختيارية وال تغني عن تكملتها بوضع الفهرس في نهاية العمل .ومن ال
يدرجها يكتفي بوضع الفهرس بدال منها في مطلع العمل وهو األفضل.
.11نتائج البحثُ :يلتزم فيها حرفيا بالرد على تساتالت البحث أو معرفة مدى
تحقق أهدافه أو اختبار فرضياته .وقد تعرض /تناقش كذلك في ضوء البحوث
السابقة أو تربط باإلطار النظري -يمكن فعل ذلك في الخاتمة .-ولمزيد من التفصيل،
يرجع للمبحث السابق الخاص بكيفية عرض النتائ والتوصيات.
جزءا أصيال من البحث وليست ملحقة التصنيف -وتقديمها على المالحق ألنها تعتبر ً
به ،مع اعتماد تطبيق معلوماتي خاص بنظام توثيقي (الـ apaمثال) لرصدها في متن
العمل وفي قائمة عامة.
بحث مؤسسات عمومية أو خاصة .مما جعل بعض المؤسسات التعليمية تخصص
شهادة علمية للتكوين في مادة المنهجية ،فيحصل المتخرج منها على شهادة ليسانس
أو ماستر في تخصص المنهجية ،كما جعل بعض األكاديميين األوروبيين يؤسسون
"الجمعية األوروبية للمنهجية" ( )EAMعام .2112
-ثانيا ،أن المنهجية ليست عبارة عن قوالب جاهزة مقدسة ،بل ميزتها الرئيسة
هي المرونة –خارج بعض الموجهات العامة المشتركة ،-والتي تمكن صاحبها من
التكيف مع طبيعة موضوع البحث قيد اإلنجاز .وهذا األمر يتطلب المراجعة الشاملة
ل دبيات المتخصصة التي ال تحول دون االجتهاد الموضعي المستلهم منها ومن
خصوصيات الظاهرة المدروسة.