Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 12

‫‪ 1‬من ‪12‬‬

‫حفظ اجلميل خلق نبيل‬ ‫عنوان اخلطبة‬


‫‪/1‬حاجة اإلنسان لالختالط بأخيه اإلنسان ‪/2‬من‬ ‫عناصر اخلطبة‬
‫أفضل األخالق خلق حفظ املعروف ورد اجلميل‬
‫‪/3‬مناذج من سرية رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يف‬
‫حفظ اجلميل ‪/4‬حفظ املعروف للوالدين وبني الزوجني‬
‫وللمعلمني‬
‫د‪ .‬صاحل بن عبد اهلل بن محيد‬ ‫الشيخ‬
‫‪12‬‬ ‫عدد الصفحات‬
‫الخطبة األولى‪:‬‬

‫وجميب َم ْن َدعاهُ‪ ،‬أمحده ‪-‬سبحانه‪ -‬وأشكره‬‫احلمد هلل هادي َم ِن استهداهُ‪ِ ،‬‬


‫يك له‪َّ ،‬ل معبود‬ ‫أشهد اأَّل إلهَ اإَّل اهللُ َ‬
‫وحده َّل شر َ‬ ‫على جزيل عطاياه‪ ،‬و ُ‬
‫عبد اهللِ ورسولُه‪ ،‬ومصطفاه‬‫حممدا ُ‬‫سيدنا ونبيانا ً‬ ‫حبق سواه‪ ،‬وأشهد أ ان َ‬
‫وبارك عليه‪ ،‬وعلى آله وأصحابه وأتباعه‪ ،‬ومن‬ ‫وجمتباه‪ ،‬صلاى اهللُ وسلام َ‬
‫يدا‪َّ ،‬ل حد ملنتهاه‪.‬‬
‫كثريا مز ً‬ ‫سار على هنجه‪ ،‬واتبع هداه‪ ،‬وسلام ً‬
‫تسليما ً‬
‫‪ 2‬من ‪12‬‬

‫الناس‪ -‬ونفسي بتقوى اهلل؛ فاتقوا اهلل ‪-‬رمحكم‬ ‫أما بعد‪ :‬فأوصيكم ‪-‬أيها ُ‬
‫ِ‬
‫قبل أن ترتكه‪ ،‬واستع اد للقاء‬ ‫أعقل الناس َم ْن َترك الدنيا َ‬ ‫اهلل‪ ،-‬واعلموا أ ان َ‬
‫ِ‬
‫وم ْن َترك ما َّل يعنيه‪ ،‬فتَح‬ ‫قبل أَ ْن يَس ُكنَه‪َ ،‬‬
‫قربه َ‬ ‫قبل أَ ْن يُقابلَه‪ ،‬وأصلَح َ‬ ‫ربِّه َ‬
‫ثاره‪ ،‬واحلياة َّل تستقيم‬ ‫اهلل قلبه‪ ،‬وشرح له صدره‪ ،‬ومن َكثُر اعتباره ا ِ‬
‫قل ع ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫اللئام؛‬
‫اخلصام جتارأ عليه ُ‬ ‫َ‬ ‫وم ْن أكثَر‬
‫اخذات‪َ ،‬‬ ‫بكثرة اللوم‪ ،‬وَّل هتنأ بكثرة املؤ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َح َس ُن فَِإذَا الاذي بَْي نَ َ‬
‫ك‬ ‫احلَ َسنَةُ َوََّل ال اسيِّئَةُ ْادفَ ْع بِالاِِت ه َي أ ْ‬
‫(وََّل تَ ْستَ ِوي ْ‬
‫َ‬
‫ااها إِاَّل ذُو‬ ‫محيم * وما ي لَق ِ ا ِ‬ ‫ِ‬
‫صبَ ُروا َوَما يُلَق َ‬
‫ين َ‬ ‫ااها إاَّل الذ َ‬
‫َوبَْي نَهُ َع َد َاوةٌ َكأَناهُ َوِِلٌّ َ ٌ َ َ ُ َ‬
‫ت‪.]35-34 :‬‬ ‫صلَ ْ‬ ‫ظ َع ِظي ٍم)[فُ ِّ‬
‫َح ٍّ‬

‫المسلمين‪ :‬اإلنسا ُن مدينٌّ بطبعه‪َّ ،‬ل يعيش منعزًَّل‪ ،‬بل يعيش‬


‫َ‬ ‫معاشر‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ويصاحب هذا‪ ،‬ويقضي حاجةَ هذا‪ ،‬ويصنع‬ ‫صادق هذا‪،‬‬‫متفاعال إجيابيًّا‪ ،‬ي ِ‬
‫ً‬
‫ُ‬
‫الشكر هلذا‪.‬‬ ‫معروفًا هلذا‪ ،‬ويسدي نُصحا هلذا‪ ،‬ويفعل ما ِ‬
‫يستوجب‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬

‫أسلوب‬
‫أخالقي‪ ،‬و ٌ‬
‫ٌّ‬ ‫سلوك‬
‫فهناك ٌ‬ ‫وإذا كان ذلك كذلك ‪-‬أيها اإلخوةُ‪َ -‬‬
‫اجتماعي‪ ،‬خلُق جليل‪ ،‬فيه صالح اجملتمع‪ ،‬وتقويةُ روابطه‪ ،‬ونشر األ ِ‬
‫ُلفة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌّ ُ‬
‫‪ 3‬من ‪12‬‬

‫ِ‬
‫سالمة‬ ‫و ِ‬
‫احملبة يف أوساطه‪ ،‬سجيةٌ من سجايا الكرام‪ُ ،‬خلُ ٌق يدل على‬
‫القلب‪ ،‬وطهارةِ النفس‪ِ ،‬‬
‫ونقاء السريرة‪.‬‬

‫هذا اخلُلُق الكرمي يتحلاى به أناس كرام‪ ،‬اصطفاهم املوىل ‪-‬عز وجل‪-‬‬
‫شكورا‪،‬‬
‫ً‬ ‫املساعدةُ‪َّ ،‬ل يريدون جزاءً وَّل‬
‫َ‬ ‫اإلسعاد و‬
‫ُ‬ ‫للجميل وللمعروف‪ ،‬مهُّهم‬
‫اجلميل‪ ،‬ومقابَ ِلة اإلحسان باإلحسان؛‬
‫ِ‬ ‫ورد‬
‫املعروف‪ِّ ،‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حفظ‬ ‫إنه ُخلُق‬
‫ص‪.]77 :‬‬ ‫ص ِ‬ ‫َح َس َن اللاهُ إِلَْي َ‬ ‫(وأ ِ‬
‫ك)[الْ َق َ‬ ‫َحس ْن َك َما أ ْ‬
‫َ ْ‬

‫أيها المسلمون‪ :‬والقدوة األُوىل‪ ،‬واألُسوة العظمى يف ذلك نبيُّنا حمم ٌد ‪-‬‬
‫ظ للجميل‪ ،‬مع‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،-‬فسريتُه كلُّها َجال‪ ،‬وكلُّها حف ٌ‬
‫س من هذه السرية النبوياة‬
‫القريب ومع البعيد‪ ،‬ومع املسلم والكافر‪ ،‬وهذا قَبَ ٌ‬
‫املباركة‪:‬‬
‫الشريفة َ‬

‫تقول عائشة ‪-‬رضي اهلل عنها‪" :-‬كان رسول اهلل ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪-‬‬
‫حسن‬ ‫َّل يكاد خيرج من البيت حىت يذ ُكر خدجيةَ ‪-‬رضي اهلل عنها‪ ،-‬في ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فقلت‪ :‬هل كانت إَّل‬
‫يوما من األيام‪ ،‬فأدرَكْتين الغريةُ‪ُ ،‬‬
‫الثناءَ عليها‪ ،‬فذ َكَرها ً‬
‫‪ 4‬من ‪12‬‬

‫ام َشع ِره من‬ ‫ِ‬


‫ب حىت اهتاز ُمقد ُ‬ ‫خريا منها‪ ،‬فغَض َ‬
‫أبدلَك اهللُ ً‬‫عجوزا‪ ،‬فقد َ‬
‫ً‬
‫ت يب وك َفَرِين‬ ‫ِ‬
‫خريا منها‪ :‬وقد آمنَ ْ‬
‫الغضب‪ ،‬مث قال‪َّ :‬ل واهلل ما أخلَف اهللُ ً‬
‫ِ‬ ‫ا‬
‫الناس‪ ،‬وصداقَ ْتين وكذبَِين الناس‪ ،‬وواستين م ْن ماهلا إذ حرمين ُ‬
‫الناس‪ ،‬ورزقين‬ ‫ُ‬
‫َّلد النساء‪ ،‬قالت عائشة ‪-‬رضي اهلل عنها‪:-‬‬ ‫َّلد إذ حرمين أو َ‬
‫اهللُ منها األو َ‬
‫أبدا"(رواه أمحد يف مسنده‪،‬‬
‫فقلت بيين وبني نفسي‪َّ :‬ل أذكرها بسوء ً‬
‫والطرباين يف الكبري‪ ،‬وحسن اهليثمي إسناده يف اجملمع)‪ ،‬وكان رسول اهلل ‪-‬‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬إذا ذبح شاةً يقول‪ِ :‬‬
‫"أرسلُوا إىل أصدقاء خدجية"‪.‬‬ ‫َ‬

‫وجاءت عجوز إىل النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ ،-‬وهو عند عائشة ‪-‬رضي‬
‫اهلل عنها‪ -‬فقال هلا رسول اهلل ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪" :-‬من ِ‬
‫أنت؟‬ ‫َْ‬
‫فقالت‪ :‬أنا جثاامةُ املَزنِياةُ‪ ،‬فقال‪ :‬بل أنت ح اسانة املزنية‪ ،‬كيف أنتُم؟ كيف‬
‫ُ‬
‫أنت وأ ُِّمي يا رسول اهلل‪،‬‬
‫َ‬ ‫بأيب‬ ‫خبري‬ ‫فقالت‪:‬‬ ‫ها؟‬‫بعد‬
‫حالُكم؟ كيف أنتُم َ‬
‫اإلقبال‪،‬‬
‫َ‬ ‫قلت‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬تُقبِل على هذه العجوِز هذا‬ ‫ت ُ‬ ‫خرج ْ‬
‫فلما َ‬
‫ِ‬
‫اإلميان"(أخرجه‬ ‫قال‪ :‬إهنا كانت تَأتِينا زمن خدجيةَ‪ ،‬وإ ان حسن ِ‬
‫العهد ِم َن‬ ‫َُْ‬ ‫َ‬
‫احلاكم‪ ،‬وقال‪ :‬صحيح اإلسناد على شرط الشيخني)‪.‬‬
‫‪ 5‬من ‪12‬‬

‫ومن ُح ْسن سريته ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ ،-‬وحفظه للجميل ما ذَ َكر من‬
‫فضل أيب بكر ‪-‬رضي اهلل عنه‪-‬؛ إذ يقول ‪-‬عليه الصالة والسالم‪" :-‬ما‬
‫عندنا ي ٌد اإَّل وقد كافيناه‪ ،‬ما َ‬ ‫ٍ‬
‫خال أبا بكر؛ فإ ان له عندنا ً‬
‫يدا يكافئه‬ ‫ألحد َ‬
‫مال أيب بكر‪ ،‬ولو‬
‫قط ما نفعين ُ‬ ‫مال ٍ‬
‫أحد ُّ‬ ‫يوم القيامة‪ ،‬وما نفعين ُ‬ ‫اهللُ هبا َ‬
‫خليال‪َ ،‬أَّل أن صاحبكم خليل‬ ‫َّلختذت أبَا بك ٍر ً‬ ‫خليال‬
‫متخ ًذا ً‬ ‫كنت ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اهلل"(أخرجه الرتمذي من حديث أيب هريرة ‪-‬رضي اهلل عنه‪.)-‬‬

‫النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬لألنصار ‪-‬رضوان اهلل عليهم‪-‬‬ ‫ظ ُّ‬ ‫كما َح ِف َ‬
‫النفيس يف سبيل دعوته ونصره‪،‬‬ ‫الغاِل و َ‬
‫وآوْوهُ‪ ،‬وبذلوا َ‬
‫جيلَهم حني نصروه َ‬
‫اس ْوُهم بأمواهلم‪ ،‬وآثَ ُروهم على أنفسهم‪ ،‬فقال‬ ‫ين‪ ،‬وو َ‬
‫وآخ ْوا إخو َاهنم املهاجر َ‬
‫َ‬
‫لكنت امرأً من األنصار‪ ،‬ولو سلَك‬ ‫‪-‬عليه الصالة والسالم‪" :-‬لوَّل اهلجرةُ ُ‬
‫شعار‬ ‫الناس واديا أو ِشعبا لسلكت وادي األنصار ِ‬
‫األنصار ٌ‬
‫ُ‬ ‫وش ْعبَها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ًْ‬ ‫ُ ً‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫وعْييب ‪-‬أي موضع‬ ‫دثار"‪ ،‬وقال‪" :‬أُوصيكم باألنصا ِر؛ فإهنم ك ْرشي َ‬‫الناس ٌ‬ ‫و ُ‬
‫ض ُوا الذي عليهم‪ ،‬وبقي الذي هلم‪ ،‬فاقْ بَ لُوا حمسنهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أمانِت‪ ،-‬قد قَ َ‬
‫سِّري و َ‬
‫وجتاوزا عن مسيئهم"‪.‬‬
‫‪ 6‬من ‪12‬‬

‫جيل الصحابة كلِّهم ‪-‬رضوان اهلل‬


‫كما حفظ ‪-‬عليه الصالة والسالم‪َ -‬‬
‫ُحد ذهبًا‪،‬‬ ‫عليهم‪ -‬فقال‪َّ" :‬ل تَ ُسبُّوا أصحايب‪ ،‬فلو أ ان أح َدكم أن َفق َ‬
‫مثل أ ُ‬
‫أحدهم وَّل نصي َفه"‪.‬‬‫ما بلَغ م اد ِ‬
‫ُ‬

‫كني‪ ،‬فهذا املطعِم بن‬ ‫جيل املشر َ‬


‫ظ ‪-‬عليه الصالة والسالم‪َ -‬‬ ‫بل لقد َح ِف َ‬
‫يش يف الكعبة ملقاطَعة بين‬ ‫ِ‬
‫سعى يف نقض الصحيفة الِت عل َقْتها قر ٌ‬ ‫ي‪َ ،‬‬ ‫َعد ّ‬
‫النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ ،-‬كما أناه‬ ‫نص ُروا ا‬
‫هاشم‪ ،‬وبين املطلب؛ ألهنم َ‬
‫ِ‬
‫النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬حني منصرفه‬ ‫‪-‬أي املطعم بن عدي‪ -‬أجار ِ ا‬
‫املسجد‪ ،‬مث‬
‫َ‬ ‫من الطائف‪ ،‬فتسلاح املطعِ ُم هو وأهلُه وبنوه‪ ،‬وخرجوا حىت أتوا‬
‫َبعث إىل رسول اهلل ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬أن ادخل‪ ،‬فدخل رسول اهلل‬
‫انصرف إىل منزله‪ِ ،‬م ْن‬
‫صلى‪ ،‬مث َ‬
‫‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ ،-‬وطاف بالبيت َو َ ا‬
‫أجل هذا كلِّه قال النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬يف أُسارى بد ٍر‪" :‬لو كان‬ ‫ِ‬
‫عدي حيًّا‪ ،‬مث كلا َمين يف هؤَّلء النتىن لرتكتُهم له"‪ ،‬ويف رواية‪" :‬لو‬
‫بن ٍّ‬ ‫ِ‬
‫املطع ُم ُ‬
‫كان املطعِ ُم حيًّا فكلامين يف هؤَّلء النتىن ألطلقتُهم له"؛ أي‪ :‬أُسارى بدر‪،‬‬
‫(أخرجه أمحد والبخاري)‪.‬‬
‫‪ 7‬من ‪12‬‬

‫لكل ِ‬
‫الناس‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫المسلمين‪ :‬حف ُ‬ ‫معاشر‬
‫اف باجلميل يكون ِّ‬
‫املعروف واَّلعرت ُ‬ ‫ظ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أجعني‪.‬‬
‫َ‬ ‫للمعلمني‪ ،‬وللناس‬
‫َ‬ ‫يكون للوالدي ِن‪ ،‬وللزوج ِ‬
‫ني‪ ،‬و‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َّلدمها‪،‬‬
‫ليشبع أو ُ‬ ‫َ‬ ‫وجيوعان‬ ‫َّلدمها‪،‬‬ ‫أ اما الوالدان فَ ُه َما اللاذان يسهران َ‬
‫لينام أو ُ‬
‫مغتبطان مسرور ِان‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َّلدمها‪ ،‬ومها يف كل ذلك‬ ‫ليطعم أو ُ‬
‫َ‬ ‫ميتنعان عن األكل‬ ‫و ِ‬
‫واَّلعرتاف جبميلهما يكون بربمها‪ ،‬واإلحسان إليهما‪ ،‬وتوقريمها‪ ،‬و ِ‬
‫األدب‬
‫معهما‪ ،‬والبُ ْع ِد عن كل ما يكدرمها؛ (فَ َال تَ ُق ْل َهلَُما أ ٍّ‬
‫ُف َوََّل تَْن َه ْرُمهَا َوقُ ْل‬
‫الذ ِّل ِم َن الار ْمحَِة َوقُ ْل َرِّيب ْارمحَْ ُه َما َك َما‬
‫اح ُّ‬ ‫َهلما قَوًَّل َك ِرميا * و ِ‬
‫ض َهلَُما َجنَ َ‬‫اخف ْ‬
‫َُ ْ ً َ ْ‬
‫ا)[اإل ْسَر ِاء‪.]24-23 :‬‬
‫صغِ ًري ِْ‬ ‫َربايَ ِاين َ‬

‫وعيش ٍ‬
‫كرمي‪ ،‬وقد‬ ‫ٍ‬ ‫َّأما الحياة بين الزوجين‪ :‬فهي حياةُ سك ٍن وطمأن ٍ‬
‫ينة‪،‬‬
‫العيش‪ ،‬ويُكدِّر املعيشةَ‪ ،‬ويَُز ْع ِزعُ اَّلستقر َار‪ ،‬وحينئذ يأيت‬
‫َ‬ ‫يقع ما يُنغِّص‬
‫وينشر‬
‫َ‬ ‫اف باجلميل‪ ،‬وحفظ الفضل واملعروف ليُعِ َ‬
‫يد السكينةَ‪،‬‬ ‫اَّلعرت ُ‬
‫العيش‬
‫َ‬ ‫ويكدح؛ ليوفر‬
‫ُ‬ ‫ظ السعاد َة؛ فالزوج هو الذي يَ ِك ُّد‬ ‫الطمأنينةَ‪ ،‬وحيف َ‬
‫الزوج يف غيبته‪ ،‬وتريب األوَّلد‪ ،‬وحتفظ املال‪،‬‬ ‫الكرميَ‪ ،‬والزوجةُ هي الِت حتفظ َ‬
‫الزوجان جيل كل و ٍ‬
‫احد‪،‬‬ ‫ِ َ ِّ‬ ‫أدرك‬
‫وتوفر اهلدوء واَّلستقرار يف البيت‪ ،‬فإذا ما َ‬
‫‪ 8‬من ‪12‬‬

‫ِ‬
‫ض َل‬ ‫ومقام صاحبه ظلالَْتهما السعادةُ‪ ،‬وغشيتهما السكينةُ؛ َ‬
‫(وََّل تَ ْن َس ُوا الْ َف ْ‬ ‫َ‬
‫بَْي نَ ُك ْم)[الْبَ َقَرةِ‪.]237 :‬‬

‫حني‬
‫وسروره َ‬
‫ُ‬ ‫علم فهو الذي يَب ُذ ُل اجلُ ْه َد يف التعليم‪ ،‬واملتابَعة‪ ،‬والرتبية‪،‬‬
‫أ اما امل ُ‬
‫ظ جيلِه باَّلعرتاف‬ ‫التفوق يف طالبه‪ ،‬والنجابةَ يف تالميذه‪ِ ،‬‬
‫وح ْف ُ‬ ‫َ‬ ‫يرى‬
‫بفضله‪ ،‬واحرتامه‪ ،‬وتوقريه‪ ،‬والدعاء له‪ ،‬واحلذر من إيذائه‪ ،‬واإلساءة إليه‪.‬‬

‫اد إَّل‬
‫مات شيخي محا ٌ‬ ‫صليت من ُذ َ‬
‫ُ‬ ‫يقول أبو حنيفة ‪-‬رمحه اهلل‪" :-‬ما‬
‫تعلمت منه ِع ْل ًما أو علمتُه‬
‫ُ‬ ‫ستغف ُر لِ َم ْن‬
‫استغفرت له مع والدي‪ ،‬وإين َأل ِ‬
‫ُ‬
‫ي"‪ ،‬ويقول‬ ‫علما"‪ ،‬ويقول أبو يوسف‪" :‬إين ألدعو أليب حنيفة قبل أبو ا‬ ‫ً‬
‫ت منذ ثالثني سنةً اإَّل وأنَا أدعو للشافعي و ِ‬
‫أستغفر له"‪.‬‬ ‫اإلمام أمحد‪" :‬ما بِ ُّ‬
‫َ‬

‫امة‪ِ ،‬م ْن غ ِري‬


‫بأدب وكر ٍ‬
‫فرد اجلميل ينبغي أن يكون ٍ‬ ‫وبعد ‪-‬حفظكم اهلل‪ُّ :-‬‬ ‫ُ‬
‫جيال فاستُ ْرهُ‪،‬‬
‫صنعت ً‬ ‫ِ‬
‫اجلميل‪ ،‬وإذا‬ ‫ِ‬
‫صاحب‬ ‫ٍ‬ ‫ٍِ‬
‫َ‬ ‫مناة وَّل إهانة‪ ،‬والكرميُ أسريُ‬
‫جيل فانشره‪ ،‬ومن احلكم‪" :‬احنتوا املعروف على الصخر‪،‬‬ ‫لك ٌ‬ ‫صنِ َع َ‬
‫وإن ُ‬
‫واكتبوا اآلَّلم على الرمل؛ فإن رياح املعروف تذهبها"‪.‬‬
‫‪ 9‬من ‪12‬‬

‫اإل ْح َسا ُن)[الار ْمحَ ِن‪:‬‬ ‫اإلحس ِ‬


‫ان إِاَّل ِْ‬ ‫ِ‬
‫(ه ْل َجَزاءُ ْ ْ َ‬
‫أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم‪َ :‬‬
‫‪.]60‬‬

‫نفعين اهلل وإيااكم هبدي كتابه‪ ،‬وبسنة نبيه حممد ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪،-‬‬
‫وأقول قوِل هذا وأستغفر اهلل ِل ولكم ولسائر املسلمني من كل ذنب‬
‫ِ‬
‫فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬ ‫وخطيئة‪،‬‬

‫الخطبة الثانية‪:‬‬

‫وبني هلا طُُرق ُر ْش ِدها‬


‫احلمد هلل‪ ،‬احلمد هلل تكفال بأرزاق اخلالئق وك َفاها‪ ،‬ا‬
‫وه َد َاها‪ ،‬وأمحده ‪-‬سبحانه‪ -‬وأشكره‪ ،‬شكر من قام حبق نعمه ورعاها‪،‬‬ ‫َ‬
‫يك له‪ ،‬شهادة من عرف معناها‪،‬‬ ‫أشهد اأَّل إلهَ اإَّل اهللُ‪َ ،‬‬
‫وحده َّل شر َ‬ ‫و ُ‬
‫عبد اهللِ ورسولُه‪ ،‬بعثه‬‫حممدا ُ‬
‫سيدنا ونبيانا ً‬ ‫وعمل مبقتضاها‪ ،‬وأشهد أ ان َ‬
‫‪ 10‬من ‪12‬‬

‫وبارك عليه‪،‬‬ ‫للناس كافاة‪ ،‬فأقام امللة‪ ،‬وأشاد بنياهنا وأعالها‪ ،‬صلاى اهللُ وسلام َ‬
‫وم ْن تَبِ َعهم‬
‫وعلى آله وأصحابه خري األمة وأزكاها‪ ،‬وأبرها وأتقاها‪ ،‬والتابعني َ‬
‫ٍ‬
‫دائما َّل يتناهى‪.‬‬
‫يدا ً‬ ‫كثريا مز ً‬ ‫بإحسان‪ ،‬وسلام ً‬
‫تسليما ً‬

‫المسلمين‪ :‬اصنعوا املعروف ألهله ولغري أهله؛ فإن كان‬ ‫َ‬ ‫معاشر‬
‫َ‬ ‫أما بعد‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‪ ،‬وإن مل يكن من أهله فأنتُم أهلُه‪ ،‬وإذا صنعتُم‬ ‫من أ َْهله فَبِها َون ْع َم ْ‬
‫النبيل‬
‫املعروف؛ ألناه ُخلُق لكم‪ ،‬و ُ‬
‫َ‬ ‫اجلميل‪ ،‬بل اصنعوا‬ ‫َ‬ ‫املعروف فال تنتظروا‬
‫َ‬
‫بإحسان مثلِه‪ ،‬وَّل يريد‬
‫ِ‬ ‫اف باجلميل‪ ،‬وَّل أَ ْن يُ َقابَ َل إحسانُه‬ ‫َّل ينتظر اَّلعرت َ‬
‫شكورا‪ ،‬والرتبية على الفضائل حتمي ‪-‬بإذن اهلل‪ -‬من‬ ‫ً‬ ‫مبعروفه جزاءً وَّل‬
‫الرذائل‪.‬‬

‫َأَّل فاتقوا اهللَ ‪-‬رمحكم اهلل‪ ،-‬واعلموا أن مماا يَ ُش ُّق على النفوس أن يُقابَل‬
‫يدل على لؤم‬ ‫ُّ‬
‫التنكر للمعروف ُّ‬
‫املعروف باألذى‪ ،‬و ُ‬ ‫ُ‬ ‫ويقابل‬
‫َ‬ ‫اجلميل بالنكران‪،‬‬
‫ُ‬
‫الطبع‪ ،‬عافانا اهلل وإيااكم من كل ُخلُق ذميم‪.‬‬
‫‪ 11‬من ‪12‬‬

‫هذا وصلُّوا وسلِّموا على الرمحة املهداة‪ ،‬والنعمة املسداة‪ ،‬نبيكم حممد رسول‬
‫ِ‬ ‫اهلل‪ ،‬فقد أمركم بذلك ربُّكم فقال عاز ِم ْن ٍ‬
‫قائل‪( :‬إِ ان اللاهَ َوَم َالئ َكتَهُ يُ َ‬
‫صلُّو َن‬
‫َحز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اِ‬
‫اب‪،]56 :‬‬ ‫ا)[األ ْ َ‬
‫يم ْ‬ ‫صلُّوا َعلَْيه َو َسلِّ ُموا تَ ْسل ً‬
‫ين َآمنُوا َ‬ ‫َعلَى النِ ِّ‬
‫ايب يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫حممد‪ ،‬وعلى آله‬ ‫عبد َك ورسولِك‪ ،‬نبيِّنا ٍ‬ ‫الله ام صل وسلِّم وبا ِرْك على ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ارض الله ام عن اخللفاء األربعة الراشدين؛ أيب بكر وعمر‬
‫وأزواجه وذريته‪ ،‬و َ‬
‫ٍ‬
‫بإحسان‬ ‫وم ْن تَبِ َعهم‬
‫وعثمان وعلي‪ ،‬وعن سائر الصحابة أجعني‪ ،‬والتابعني َ‬
‫إىل يوم الدين‪ ،‬وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك‪ ،‬يا أكرم األكرمني‪.‬‬

‫الله ام ِآمناا يف أوطاننا‪ ،‬وأصلِ ْح أئمتَنا ووَّل َة أ ُُموِرنا‪ ،‬الله ام أيد باحلق والتوفيق‬
‫ووِل أمرنا خادم احلرمني الشريفني‪ ،‬ووفقه ملا حتب وترضى‪،‬‬ ‫إمامنا ا‬
‫والتسديد َ‬
‫ك‪ ،‬واجعله نصرة‬ ‫وارزقه البطانة الصاحلة‪ ،‬وأعز به دينك‪ ،‬وأ َْع ِل به كلمتَ َ‬
‫لإلسالم واملسلمني‪ ،‬واجع به كلمة املسلمني‪ ،‬على احلق واهلدى‪ ،‬ووفقه‬
‫ووِل عهده‪ ،‬وإخوانه وأعوانه ملا حتب وترضى‪ ،‬وخذ بنواصيهم للرب والتقوى‪،‬‬
‫وأعنهم على ما فيه صالح العباد والبالد‪ ،‬الله ام وفق وَّلة أمور املسلمني‬
‫للعمل بكتابك وبسنة نبيك حممد ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬واجعلهم رمحة‬
‫العاملني‪.‬‬
‫َ‬ ‫رب‬
‫لعبادك املؤمنني‪ ،‬واجع كلمتهم على احلق واهلدى يا ا‬
‫‪ 12‬من ‪12‬‬

‫الله ام احفظ إخواننا يف فلسطني‪ ،‬الله ام احفظهم حبفظك‪ ،‬واكألهم‬


‫ُ‬
‫بعنايتك‪ ،‬وأحطهم برعايتك‪ ،‬الله ام اجرب كسرهم‪ ،‬وفك أسرهم‪ ،‬وأقل‬
‫الله ام اشف مرضاهم‪ ،‬وارحم موتاهم‪ ،‬واقبلهم شهداء عندك‪،‬‬
‫عثرهتم‪ُ ،‬‬
‫الله ام أعل شأنه‪ ،‬وارفع‬
‫الله ام حرر املسجد األقصى من احملتلني الغاصبني‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬
‫مكانه‪ ،‬ورسخ بنيانه‪ ،‬وثبت أركانه يا مسيع الدعاء‪.‬‬

‫الله ام سدد رأيهم‪ ،‬وصوب‬


‫الله ام انصر جنودنا املرابطني على حدودنا‪ُ ،‬‬
‫رميهم‪ ،‬وقو عزائمهم‪ ،‬وثبت أقدامهم واربط على قلوهبم‪ ،‬وانصرهم على‬
‫من بغى عليهم‪ ،‬الله ام ارمحهم شهداءهم‪ ،‬واشف جرحاهم‪ ،‬واحفظهم يف‬
‫أهلهم وذرياهتم إنك مسيع الدعاء‪ ،‬الله ام احفظنا من شر األشرار وكيد‬
‫الفجار‪ ،‬ومن شر طوارق الليل والنهار‪.‬‬

‫اب الناا ِر)[الْبَ َقَرةِ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫(ربانَا آتنَا يف الدُّنْيَا َح َسنَةً َوِيف ْاآلخَرةِ َح َسنَةً َوقنَا َع َذ َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك ر ِّ ِ‬
‫ني *‬ ‫ب الْعازةِ َع اما يَص ُفو َن * َو َس َال ٌم َعلَى الْ ُم ْر َسل َ‬ ‫(سْب َحا َن َربِّ َ َ‬
‫‪ُ ،]201‬‬
‫ات‪.]182-180 :‬‬ ‫صافا ِ‬ ‫ني)[ال ا‬ ‫احلم ُد لِلا ِه ر ِّ ِ‬
‫ب الْ َعالَم َ‬ ‫َ‬ ‫َو َْ ْ‬

You might also like