‫ﻣﺟﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺳﻁﻳﻧﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻣﺟﻠﺩ ‪ ،14‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ‪) 55‬ﺻﻳﻑ ‪ ،(2003‬ﺹ ‪147‬‬ ‫‪www.palestine‐studies.

org‬‬

‫ﻛﺘﺐ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫اﻟﺒﻨﺪﻗﻴﺔ وﻏﺼﻦ اﻟﺰﻳﺘﻮن‪:‬‬
‫ﺟﺬور اﻟﻌﻨﻒ ﰲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ‬
‫داﻳﻔﻴﺪ ﻫﻴﺮﺳﺖ‬
‫ﺗﺮﺟﻤﺔ‪ :‬ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ أﻳﺎس‬
‫ﺑﻴﺮوت‪ :‬رﻳﺎض اﻟﺮﻳﺲ ﻟﻠﻜﺘﺐ واﻟﻨﺸﺮ‪ 657 .2003 ،‬ﺻﻔﺤﺔ‪.‬‬

‫ﺻﺪر ﺣﺘﻰ اﻵن ﺛﻼث ﻃﺒﻌﺎت ﺑﺎﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ اﻷوﱃ ﺳﻨﺔ ‪1977‬‬
‫ﺑﺘﺴ ـ ـ ــﻌﺔ ﻓﺼ ـ ـ ــﻮل‪ ،‬واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﺛﻨﻲ ﻋﺸ ـ ـ ــﺮ ﻓﺼ ـ ـ ـ ـﻼً‪ .‬أﻣّﺎ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻴﻦ أﻳﺪﻳﻨﺎ اﻵن‬
‫ﺗﺮﺟﻤﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺪ أﺿ ـ ـ ـ ــﺎف إﻟﻴﻬﺎ اﳌﺆﻟﻒ داﻳﻔﻴﺪ ﻫﻴﺮﺳ ـ ـ ـ ــﺖ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻣﺴ ـ ـ ـ ــﺘﻔﻴﻀ ـ ـ ـ ــﺔ ﺑﺤﺪود ‪150‬‬
‫ﺻﻔﺤﺔ‪ ،‬ﻳﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺑﺤﻖ ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻣﺘﻜﺎﻣﻼً‪.‬‬
‫ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻳﻀﻊ اﳌﺆﻟﻒ إﺻﺒﻌﻪ ﻋﻠﻰ اﳊﻘﻴﻘﺔ ﺣﻴﻦ ﻳﻘﻮل‪" :‬إن اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ]‪[....‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺬﻟﻚ ﰲ أﺳـ ـ ـ ــﺎﺳـ ـ ـ ــﻬﺎ ووﻻدﺗﻬﺎ وﻧﻤﻮﻫﺎ اﻟﻼﺣﻖ ﻣﺸـ ـ ـ ــﺮوﻋﺎً اﺳـ ـ ـ ــﺘﻌﻤﺎرﻳﺎً‪ .‬رﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﺗﺨﺘﻠﻒ ﰲ ﻧﺒﻀ ـ ــﻬﺎ اﻷول ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﻌﺮﻳﻀ ـ ــﺔ ﻣﻦ اﻻﺳ ـ ــﺘﻌﻤﺎر اﻷوروﺑﻲ ﰲ اﻟﻘﺮن‬
‫اﻟﺘﺎﺳـ ـ ــﻊ ﻋﺸـ ـ ــﺮ اﻟﺬي ﺗﻔﺮﻋﺖ ﻋﻨﻪ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻬﺎ ﰲ اﻟﻮﺳـ ـ ــﻴﻠﺔ واﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺰءاً ﻣﻨﻬﺎ ]‪ [....‬وﱂ‬
‫ﺗﻘﻞّ ﻋﻨﻬﺎ ﻇﻠﻤﺎً أو ﻗﺴﺎوة ﰲ ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ ﰲ ﺳﻜﺎن اﻷرض اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻌﻤﺮﺗﻬﺎ" )ص ‪ .(19‬ﻫﺬه‬
‫اﳊﻘﻴﻘ ــﺔ اﻟﺘ ــﺎرﻳﺨﻴ ــﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ أﻗ ــﺎم ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ ﻛﺘ ــﺎب "اﻟﺒﻨ ــﺪﻗﻴ ــﺔ وﻏﺼ ـ ـ ـ ـ ــﻦ اﻟﺰﻳﺘﻮن" ﺣﺠﺘ ــﻪ‬
‫اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ‪.‬‬
‫وﻛﺄي ﻣﺸ ـ ـ ـ ــﺮوع اﺳ ـ ـ ـ ــﺘﻌﻤﺎري‪ ،‬اﻋﺘﻤﺪت إﺳ ـ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ ﰲ وﺟﻮدﻫﺎ ﻧﻔﺴ ـ ـ ـ ــﻪ ﻋﻠﻰ دﻋﻢ راع‬
‫إﻣﺒﺮﻳــﺎﱄ‪ ،‬ﺑﺮﻳﻄــﺎﻧﻴــﺎ اﻟﻌﻈﻤﻰ أوﻻً ‪ -‬ﻛﻤــﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮوف ﺗــﺎرﻳﺨﻴ ـﺎً ‪ -‬ﺛﻢ اﻟﻮﻻﻳــﺎت اﳌﺘﺤــﺪة‬
‫اﻟﺘﻲ أﺿــﺤﺖ زﻋﻴﻤﺔ اﻟﻌﺎﱂ اﻟﺮأﺳــﻤﺎﱄ وأﻛﺒﺮ ﻗﻮة ﻏﺮﺑﻴﺔ ﺑﻌﺪ اﳊﺮب اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ .‬وﻟﻘﺪ‬
‫أﺻﺒﺤﺖ إﺳﺮاﺋﻴﻞ أﻗﻮى ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻘﺎرن ﳑﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﺎﺑﻘﺎً‪ ،‬ﻟﻜﻨﻬﺎ ﱂ ﺗﺼﺒﺢ أﻗﻞ اﻋﺘﻤﺎداً‬
‫ﻋﻠﻰ راﻋﻴﻬﺎ "اﳌﺘﺮوﺑﻮﻟﻴﺘﺎﱐ" ﻣﻦ أي وﻗﺖ ﻣﻀ ـ ـ ـ ـ ــﻰ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﻧﻔﻮذه اﻟﻬﺎﺋﻞ اﻟﺬي اﻛﺘﺴ ـ ـ ـ ـ ــﺒﺘﻪ‬
‫ﻣﺒﺎﺷﺮة أو ﺑﺎﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ أﺻﺪﻗﺎﺋﻬﺎ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة‪.‬‬
‫ﻳﺒﻴﻦ اﳌﺆﻟﻒ ﰲ ﻣﻘــﺪﻣﺘــﻪ أن ﻓﺘﺢ اﶈﻔﻮﻇــﺎت اﻹﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻠﻴــﺔ ﰲ ﺳ ـ ـ ـ ـ ـﻨــﺔ ‪ 1978‬أﺗــﺎح‬
‫ﻓﺮﺻ ـ ـ ـ ـ ـ ـﺎً ﺟــﺪﻳــﺪة ﻛــﺎﻣﻠــﺔ ﻟﻠﺒﺤــﺚ ﰲ ﻗﻴــﺎم اﻟــﺪوﻟــﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳــﺔ‪ .‬وﻗــﺪ اﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺘﻔــﺎدت ﳎﻤﻮﻋــﺔ ﻣﻦ‬
‫"اﳌﺆرﺧﻴﻦ اﳉــﺪد"‪ ،‬ﻛﻤــﺎ أﺻ ـ ـ ـ ـ ــﺒﺤﻮا ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻻﺣﻘ ـﺎً‪ ،‬ﻣﻦ ﻫــﺬه اﶈﻔﻮﻇــﺎت ﻟﻴﻨﺘﺠﻮا رواﻳــﺔ‬
‫ﻛﺎﻣﻠﺔ وﺗﻌﺪﻳﻠﻴﺔ ﻷﺣﺪاث ‪ .1948‬ﻟﻘﺪ ﺗﻘﺼّ ـ ـ ـﻮا اﻷﺻ ـ ـ ــﻮل اﻻﺳ ـ ـ ــﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ اﳌﻤﻴﺰة ﻹﺳ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ‬
‫اﻟﺘﻲ ﻛﺎن اﳌﺆرﺧﻮن اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﻮن‪ ،‬اﳌﻨﺘﻤﻮن إﱃ اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺴ ـ ـ ـ ـ ــﺎﺋﺪ‪ ،‬ﻗﺪ ﻃﻤﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻮﻫﺎ ﻣﻨﺬ زﻣﻦ‬

‫‪1‬‬
‫ﺍﻟﻣﺟﻠﺩ ‪ ،14‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ‪) 55‬ﺻﻳﻑ ‪ ،(2003‬ﺹ ‪147‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺳﻁﻳﻧﻳﺔ‬ ‫ﻗﺭﺍءﺍﺕ‬

‫ﻃﻮﻳﻞ‪ .‬وﻫﻜﺬا ﺷﻜﻠﺖ أﻋﻤﺎل ﻣﺜﻞ "وﻻدة ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻼﺟﺌﻴﻦ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ‪"1949- 1947 ،‬‬
‫ﻟﺒِﻨﻲ ﻣﻮرﻳﺲ و"ﺗـ ــﺂﻣﺮ ﻋﺒﺮ ﻧﻬﺮ اﻷردن"ﻵﻓﻴﺸ ـ ـ ـ ـ ــﻼﻳﻢ‪ ،‬و"ﺻ ـ ـ ـ ـ ـﻨـ ــﺎﻋـ ــﺔ اﻟﺼ ـ ـ ـ ـ ــﺮاع اﻟﻌﺮﺑﻲ ‪-‬‬
‫اﻹﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻠﻲ‪ "1951- 1947 ،‬ﻹﻳﻼن ﺑﺎ ﺑِﻪ ﲢﺪﻳﺎً ﻟ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ "أﻗﺪس اﳊﻘﺎﺋﻖ" اﻟﺼ ـ ـ ـ ـ ــﻬﻴﻮﻧﻴﺔ‬
‫و"اﳊﻘﺎﺋﻖ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ واﳋﺮاﻓﻴﺔ"‪ .‬وﺑﺤﺴ ـ ـ ـ ـ ــﺐ ﻣﻮرﻳﺲ أﻇﻬﺮ "اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﳉﺪﻳﺪ" أن إﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﻟﻮدة ﻣﻦ رﺣﻢ ﺧﻄﻴﺌﺔ أﺻــﻠﻴﺔ وﱂ ﺗﻜﻦ "ﻧﻘﻴﺔ وﺑﺮﻳﺌﺔ"‪ ،‬و"أن اجملﺘﻤﻊ اﻟﻴﻬﻮدي ﱂ‬
‫ﻳﺘﻌﺮض ﻗﻂ ﳋﻄﺮ اﻹﺑــﺎدة ﻋﺸ ـ ـ ـ ـ ـﻴــﺔ ﺣﺮب اﻟﻌــﺎم ‪ ،1948‬وأن اﳉﻴﻮش اﻟﻌﺮﺑﻴــﺔ‪ ،‬ﻟﻀ ـ ـ ـ ـ ــﻌﻒ‬
‫ﺗﺪرﻳﺒﻬﺎ وﺗﺴ ـ ـ ـ ــﻠﻴﺤﻬﺎ‪ ،‬وﻟﻌﺪم ﻛﻔﺎءﺗﻬﺎ اﻟﻌﻤﻼﻧﻴﺔ ]‪ [....‬ﱂ ﺗﻜﻦ ﺗﻤﻠﻚ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ أي ﻓﺮﺻ ـ ـ ـ ــﺔ‬
‫ﻟﺘﻨﺰل ﻫﺰﻳﻤﺔ ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻮﻟﻴﺪة‪ .‬وﱂ ﻳﻔﺮّ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻮن ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻦ ﻗﺎدﺗﻬﻢ‪ ،‬ﺑﻞ ﺑﺴﺒﺐ اﻹرﻫﺎب‬
‫اﳌﺘﻌﻤﺪ ﻏﺎﻟﺒﺎً‪ ،‬واﻟﻌﻨﻒ واجملﺎزر اﳌﺮﺗﻜﺒﺔ ﺑﺤﻘﻬﻤﻤﻦ ﻗﺒﻞ اﳌﻴﻠﻴﺸ ـ ـ ـ ـ ــﻴﺎت اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ‪) ".‬ص‬
‫‪(27‬‬
‫ﻟﻜﻦ إﻋﺎدة اﻟﺘﻘﻮﻳﻢ اﳉﺬرﻳﺔ ﻫﺬه ﳋﺒﺮاء اﻟﺼ ـ ـ ـ ـﺮاع ﱂ ﺗﺘﺮك اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﳌﻬﻤﺔ‬
‫واﻟﻌﻤﻠﻴﺔ‪ .‬ﻓﻬﻲ ﱂ ﺗُﻔﺾِ إﱃ أي ﺗﻐﻴﻴﺮ واﺿﺢ ﰲ ﺳﻴﺎﺳﺎت إﺳﺮاﺋﻴﻞ‪ ،‬أو إﱃ ﺗﻘﻠﻴﺺ اﻟﺪﻋﻢ‬
‫اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﺗﻨﺎﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﺮاﻋﻲ اﳌﺘﺮوﺑﻮﻟﻴﺘﺎﱐ‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮل اﳌﺆﻟﻒ إن إﺳ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ ﺗﺸ ـ ـ ــﻜﻞ ﺣﺎﻟﺔ اﺳ ـ ـ ــﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ﻓﺮﻳﺪة؛ "ﻓﻘﺪ اﻋﺘﺮف اﻟﻀ ـ ـ ــﺤﺎﻳﺎ‬
‫اﶈﻠﻴﻮن ]‪ [....‬ﺑﺈﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ ‪ -‬اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ‪ -‬وﺑﺤﻘﻬﺎ ﰲ اﻟﻮﺟﻮد اﻟﺪاﺋﻢ‪ .‬وﻗﺪ‬
‫ﺗﺨﻠﻮا ﻋﻠﻨﺎً ﻋﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﻖ ﻟﻬﻢ أن ﻳﻄﺎﻟﺒﻮا ﺑﻪ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺣﻘﺎً ﻟﻬﻢ‪ ،‬ﰲ ﺿﻮء ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ‬
‫اﻟﺪوﻟﻴﺔ واﻟﻨﻈﻢ اﳌﻜﺮﺳــﺔ اﳌﻌﺎدﻳﺔ ﻟﻼﺳــﺘﻌﻤﺎر‪ ،‬أي ﻋﻦ اﺳــﺘﻌﺎدة وﻃﻨﻬﻢ اﳌﻐﺘﺼــﺐ وﻋﻮدة‬
‫اﻟﻼﺟﺌﻴﻦ وﺗﻔﻜﻴﻚ ﺟﻬﺎز اﻟﻬﺠﺮة واﻻﺳ ـ ـ ـﺘﻴﻄﺎن" )ص ‪ ،(31‬وﱂ ﻳﻔﺪﻫﻢ ﻫﺬا ﰲ ﺷـ ـ ــﻲء‪ .‬ﻛﻤﺎ‬
‫ﱂ ﺗﻔﺪﻫﻢ "ﺛﻮرة" ﻓﻠﺴـ ـ ــﻄﻴﻨﻴﻲ اﳋﺎرج‪ ،‬ﺳـ ـ ــﻮى أﻧﻬﺎ ﻟﻔﺘﺖ أﻧﻈﺎر اﻟﻌﺎﱂ إﱃ "وﺟﻮد" اﻟﺸـ ـ ــﻌﺐ‬
‫اﻟﻔﻠﺴ ـ ــﻄﻴﻨﻲ وﻧﻀ ـ ــﺎﻟﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﻘﻮﻗﻪ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻨﻜﺴ ـ ــﺎت اﻟﺘﻲ واﺟﻬﻬﺎ ﻋﺮﻓﺎت وﺗﺸ ـ ــﺘﺖ‬
‫ﻗﻮاﺗﻪ ﱂ ﻳﺄت اﳋﻼص‪ .‬وأﺧﻴﺮاً ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷـ ــﻌﺮ ﻓﻠﺴـ ــﻄﻴﻨﻴﻮ اﻟﺪاﺧﻞ ﺑﺎﻟﻴﺄس اﻧﻔﺠﺮوا ﻣﻦ دون‬
‫ﺣﺚ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎدة ﰲ اﳌﻨﻔﻰ ﻓﻴﻤﺎ أﺻـ ــﺒﺢ ﻳُﻌﺮف "ﺑﺎﻻﻧﺘﻔﺎﺿـ ــﺔ"‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ‬
‫ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻠﺤﺔ‪ .‬وﻗﺪ أﺛﺒﺘﺖ "اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ اﳊﺠﺎرة" ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﺄﺛﻴﺮﻫﺎ ﰲ اجملﺘﻤﻌﻴﻦ‬
‫اﻹﺳ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻠﻲ واﻟﺪوﱄ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﺗﺴ ـ ـ ــﺒﺒﺖ اﻟﻮﺣﺸ ـ ـ ــﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻴﺰت رد إﺳ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ ﺑﻀ ـ ـ ــﺮر ﺑﺎﻟﻎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺻﻌﻴﺪ ﺳﻤﻌﺘﻬﺎ اﻟﺪوﻟﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺣﺎول ﻋﺮﻓﺎت أن ﻳﺴ ـ ـ ـ ـ ــﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ زﺧﻢ اﻻﻧﺘﻔﺎﺿ ـ ـ ـ ـ ــﺔ ﻟﻴﻌﺮض ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻨﺔ ‪" 1988‬ﺗﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻮﻳﺔ‬
‫ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ" ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﺣﻞ ﻋﻠﻰ أﺳـ ــﺎس دوﻟﺘﻴﻦ‪ .‬وﻛﺮس اﻟﻔﻠﺴـ ــﻄﻴﻨﻴﻮن ﻧﻀـ ــﺎﻟﻬﻢ ﻟﻠﺘﺄﺳـ ــﻴﺲ‬
‫اﻟﺴ ـ ــﻠﻤﻲ ﻟﺪوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ‪ %22‬ﻣﻦ ﻓﻠﺴ ـ ــﻄﻴﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺗﺸ ـ ــﻤﻞ اﻷراﺿ ـ ــﻲ اﶈﺘﻠﺔ‪ ،‬وﺗﺨﻠﻮا ﻋﻦ‬
‫‪ %78‬اﻟﺒﺎﻗﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﺑﺎﺗﺖ ﺗﺸﻜﻞ "إﺳﺮاﺋﻴﻞ" اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺳﻨﺔ ‪.1948‬‬
‫وﰲ ﺟﻨﻴﻒ أﻋﻠﻦ ﻋﺮﻓﺎت "ﻧﺒﺬ اﻟﻌﻨﻒ"‪ ،‬واﻋﺘﺮف ﺑﺤﻖ إﺳـ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ ﰲ اﻟﻮﺟﻮد‪ .‬وﻣﻊ ﻫﺬا‬
‫رأى اﳌﺆﻟﻒ أن اﻟﻌﺮض ﻛﺎن ﻣﻘﺎﻣﺮة ﻓﺎﺷﻠﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻀﻌﻒ اﳌﺴﺘﻤﺮ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ‬

‫‪2‬‬
‫ﺍﻟﻣﺟﻠﺩ ‪ ،14‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ‪) 55‬ﺻﻳﻑ ‪ ،(2003‬ﺹ ‪147‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺳﻁﻳﻧﻳﺔ‬ ‫ﻗﺭﺍءﺍﺕ‬

‫واﻟﻌﺮب‪ .‬وﱂ ﻳُﺘَﺢ ‪ -‬ﰲ رأﻳــﻪ ‪ -‬ﻟﻌﺮﻓــﺎت أن ﻳﺤﻈﻰ ﺑــﺎﺣﺘﺮام ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺮﺟــﻞ دوﻟــﺔ وﺻـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻧﻊ‬
‫ﺳﻼم إﻻّ ﺑﻌﺪ "اﺗﻔﺎق أوﺳﻠﻮ"‪.‬‬
‫اﻋﺘﺒﺮ اﳌﺆﻟﻒ "اﺗﻔﺎق أوﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻠﻮ" إﳒﺎزاً ﻷن ﻛﻼً ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ اﻋﺘﺮف ﻷول ﻣﺮة ﺑﻮﺟﻮد‬
‫اﻵﺧﺮ‪ ،‬وﺑﺤﻖ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ اﳌﺼ ـ ــﻴﺮ ﺑﺼ ـ ــﻔﺘﻬﻤﺎ ﺷ ـ ــﻌﺒﻴﻦ ﻋﻠﻰ أرض ﻓﻠﺴ ـ ــﻄﻴﻦ‪ .‬ﻟﻜﻦ‬
‫ﻫﺬا ﱂ ﻳﻤﻨﻌﻪ ﻣﻦ ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﻨﻘﺪ إﱃ ﺳ ـ ــﻠﺴ ـ ــﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎزﻻت ﻗﺪﻣﻬﺎ ﻋﺮﻓﺎت‪ ،‬واﻟﺘﻲ وﺻ ـ ــﻔﻬﺎ‬
‫ﺑﺄﻧﻬﺎ أﻛﺒﺮ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻘﺎس ﻣﻦ ﺗﺮاﺟﻊ اﻟﺴ ـ ـ ــﺎدات اﻟﺬي وﺻ ـ ـ ــﻔﻪ ﻋﺮﻓﺎت ﻧﻔﺴ ـ ـ ــﻪ ﻗﺒﻞ ‪ 16‬ﻋﺎﻣﺎً‬
‫ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره "ﻛﻔﺮاً"! ﻟﻘﺪ ﻗﺪم اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاﺟﻌﺎت ﻟﻘﺎء ﻻ ﺷــﻲء ‪ -‬أو ﻻ ﺷــﻲء ﻣﻀــﻤﻮن ﻋﻠﻰ‬
‫اﻷﻗﻞ! وﻳﻔﺴـ ــﺮ اﳌﺆﻟﻒ رﺿـ ــﻮخ ﻋﺮﻓﺎت ﻟﺘﻨﺎزﻻت ﻣﺘﺮاﻛﻤﺔ ﺑﺨﻀـ ــﻮﻋﻪ ﳌﻨﻄﻖ "ﺧﺬ وﻃﺎﻟﺐ"‬
‫اﻟﺬي ﻓﺮﺿ ـ ــﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺿ ـ ــﻌﻔﻪ‪ .‬وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﱂ ﻳﻨﺠﺢ إﻻّ ﰲ ﺗﻮﺳ ـ ــﻴﻊ اﻟﻔﺠﻮة ﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﻘﻘﻪ‬
‫ﻓﻌﻼً وﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺆﻛﺪ ﻟﺸﻌﺒﻪ أﻧﻪ ﺳﻴﺤﻘﻘﻪ‪ .‬واﺗﻀﺢ ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺞ أن اﻟﻬﺪف اﳌﺘﻮاﺿﻊ ﺑﺤﺪ‬
‫ذاﺗﻪ‪ ،‬اﻟﺬي ﻛﺎن وﺿ ـ ـ ـ ـ ــﻌﻪ ﻧﺼ ـ ـ ـ ـ ــﺐ ﻋﻴﻨﻴﻪ‪ ،‬أي إﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ ﰲ ﺟﺰء ﺻ ـ ـ ـ ـ ــﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﻓﻠﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻄﻴﻦ‬
‫اﻷﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺎﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻴﺔ‪ ،‬ﱂ ﻳﻜﻦ ﳑﻜﻦ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ‪ ،‬وأن إﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﻔﻌﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺘﻐﻼل‬
‫اﳌﻔﺎوﺿـ ــﺎت اﻟﻘﺎﺳـ ــﻴﺔ واﳌﻀـ ــﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻟﺘﻌﺰز ﻗﺒﻀـ ــﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ "إﺳـ ــﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻜﺒﺮى"‬
‫اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻌﺪ ﺳﻨﺔ ‪.1967‬‬
‫اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻔﻠﺴــﻄﻴﻨﻴﻮن ﻳﺸــﺎﻫﺪون "ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ" ﻣﻦ وﻃﻨﻬﻢ ﻳﻜﺎد ﻳﺘﻼﺷــﻰ ﲢﺖ وﻃﺄة‬
‫اﻻﺳ ـ ـ ــﺘﻴﻄﺎن اﻟﺸ ـ ـ ــﺮه اﻟﺬي ﱂ ﻳﺘﻮﻗﻒ‪ ،‬وﻳﺴ ـ ـ ــﺘﻤﺮون ﰲ ﲢﻤﻞ اﻹذﻻل اﻟﻨﺎﺟﻢ ﻋﻦ اﻻﺣﺘﻼل‬
‫اﻟﺬي ﱂ ﺗﺨﻒ وﻃﺄﺗﻪ‪ ،‬ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻟﻴﺄﺳﻬﻢ ﻣﻦ أن ﻳﻨﻔﺠﺮ‪ .‬وﻫﻜﺬا اﻧﺪﻟﻌﺖ اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﰲ ‪ 29‬أﻳﻠﻮل‪/‬ﺳــﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ .2000‬ورأى اﳌﺆﻟﻒ أن اﳉﺪال اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻻ ﻳﺰال ﻣﺴــﺘﻤﺮاً ﺑﺸــﺄن‬
‫اﻟﺴــﺆال ﻋﻤﺎ إذا ﻛﺎن ﺑﺮاك ﻫﻮ اﻟﺬي أﻃﻠﻖ اﻻﻧﺘﻔﺎﺿــﺔ ﺧﺪﻣﺔ ﻷﻫﺪاﻓﻪ اﳋﺎﺻــﺔ‪ ،‬ﺣﻴﻦ وﺿــﻊ‬
‫آﻻف اﳉﻨﻮد وﻣﺮوﺣﻴﺎت أﺑﺎﺗﺸﻲ ﰲ ﺗﺼﺮف ﺧﺼﻤﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﳌﺘﻄﺮف‪ ،‬ﺷﺎرون‪ ،‬ﻟﻠﻘﻴﺎم‬
‫ﺑﺰﻳﺎرﺗﻪ اﻻﺳـ ـ ــﺘﻔﺰازﻳﺔ ﻟﻠﻤﺴـ ـ ــﺠﺪ اﻷﻗﺼـ ـ ــﻰ‪ ،‬أو ﻋﻤﺎ إذا ﻛﺎن ﻋﺮﻓﺎت ﺷـ ـ ــﺠﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﻮﺳـ ـ ــﻴﻠﺔ‬
‫ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ وﺿﻌﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﳌﺘﻬﺎﻟﻚ‪ .‬ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺠﺰم أن اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﻛﺎﻧﺖ وﻻ رﻳﺐ آﺗﻴﺔ‪ .‬وﻛﺎﻧﺖ‬
‫"ﰲ ﺟﻮﻫﺮﻫـﺎ ﺛﻮرة ﺷ ـ ـ ـ ـ ــﻌﺒﻴـﺔ ﺗﻠﻘـﺎﺋﻴـﺔ ﻣﻮﺟﻬـﺔ أوﻻً إﱃ اﻻﺣﺘﻼل اﻹﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻠﻲ اﳌﺴ ـ ـ ـ ـ ــﺘﻤﺮ‪،‬‬
‫وﺗﻌﺒﻴﺮاً ﻋﻦ اﻟﻴﺄس ﻣﻦ أن ﺗﺘﻤﻜﻦ أوﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻠﻮ ﻣﻦ إﻧﻬﺎء ﻫﺬا اﻻﺣﺘﻼل ]‪ [....‬ﻛﺎﻧﺖ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ‬
‫)ﺣﺮب اﺳﺘﻘﻼل( اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ‪) ".‬ص ‪(41‬‬
‫ﺑﻴﺪ أن ﻫﺬا اﻟﺮأي اﳌﻮﺿ ـ ـ ــﻮﻋﻲ ﱂ ﻳﻤﻨﻊ اﳌﺆﻟﻒ ﻣﻦ اﻧﺘﻘﺎء اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻻﻧﺘﺤﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺻـ ـ ـ ــﺎﺣﺒﺖ اﻻﻧﺘﻔﺎﺿـ ـ ـ ــﺔ‪ .‬ﻓﻬﻲ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻌﻤﻠﻲ زﻋﺰﻋﺖ ‪ -‬ﰲ رأﻳﻪ ‪ -‬ﺷـ ـ ـ ــﺮﻋﻴﺔ اﻟﻨﻀـ ـ ـ ــﺎل‬
‫اﻟﻔﻠﺴــﻄﻴﻨﻲ ﺑﺄﺳــﺮه‪ ،‬ﺑﻮﺻــﻔﻪ ﻣﻌﺎدﻳﺎً ﻟﻼﺳــﺘﻌﻤﺎر‪ .‬إذ ﻛﻠﻤﺎ زاد اﻻﺷــﻤﺌﺰاز ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت‪ ،‬ﰲ‬
‫ﻛﻞ ﻣﻦ إﺳـ ـ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ وﺳـ ـ ـ ـ ــﺎﺋﺮ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﱂ‪ ،‬ﺑﺎت ﻣﻦ اﻷﺳـ ـ ـ ـ ــﻬﻞ ﻋﻠﻰ إﺳـ ـ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ أن ﺗﺴـ ـ ـ ـ ــﺘﺨﺪم‬
‫اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎً ﻛﺎﻣﻼً ﺗﺮﺳﺎﻧﺔ اﻟﻌﻨﻒ اﳌﺘﻔﻮﻗﺔ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻘﺎس‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﺗﻐﺬﻳﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ﺍﻟﻣﺟﻠﺩ ‪ ،14‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ‪) 55‬ﺻﻳﻑ ‪ ،(2003‬ﺹ ‪147‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺳﻁﻳﻧﻳﺔ‬ ‫ﻗﺭﺍءﺍﺕ‬

‫ورأى اﳌﺆﻟﻒ أن اﳉﻴﺶ اﻹﺳــﺮاﺋﻴﻠﻲ ﻛﺎن ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻫﺬه "اﻻﻧﺘﻔﺎﺿــﺔ" ﻣﻨﺬ أﻋﻮام‪ .‬وﺣﻴﻦ‬
‫اﻧﺪﻟﻌﺖ "أﻓﺮغ ﻛﻞ ﻛﺒﺘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﱂ ﻳﻌﺮﻓﻮا ﻣﺎ اﻟﺬي أﺻﺎﺑﻬﻢ‪) ".‬ص ‪(43‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺴﺮ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﻮن ﺟﻤﻴﻊ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻠﻌﺒﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺗﻌﺒﻴﺮه‪ .‬أﻣّﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺷﺎرون‬
‫ﻓﻘﺪ ﻣﺜّﻠﺖ اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ‪ -‬وﻣﺎ راﻓﻘﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻨﻒ ‪ -‬اﻟﻔﺮﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻨﺘﻈﺮﻫﺎ‪ .‬ﻓـ ـ ـ ـ "ﻫﻮ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺰﻋﻤﺎء اﻹﺳ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻠﻴﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎرﺿ ـ ـ ــﻮا ﻛﻞ ﺧﻄﻮة ﻣﻦ ﺧﻄﻮات ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺴ ـ ـ ــﻼم‪ ،‬ﻣﻦ ﻛﺎﻣﺐ‬
‫دﻳﻔﻴﺪ اﻷوﱃ ﰲ اﻟﻌﺎم ‪ 1978‬إﱃ أوﺳ ــﻠﻮ" )ص ‪ .(45‬وﻛﺎﻧﺖ "أوﺳ ــﻠﻮ" ﺑﺎﻟﻨﺴ ــﺒﺔ إﻟﻴﻪ‪ ،‬وإﱃ‬
‫ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﳌﺘﻄﺮﻓﻴﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﻴﻦ واﳌﺘﺪﻳﻨﻴﻦ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﻴﻦ‪" ،‬أﻋﻈﻢ ﳏﻨﺔ ﲢﻞ ﺑﺈﺳﺮاﺋﻴﻞ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق‪ ،‬وﻧﻘﻀﺎً ﻟﻠﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻬﻤﻮﻧﻬﺎ‪) ".‬ص ‪(45‬‬
‫وﻳﻠﺨﺺ اﳌﺆﻟﻒ اﳌﻮﻗﻒ اﳊﺎﱄ ﻟﺸ ـ ـ ـ ـ ــﺎرون وﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻼم ﺑﻘﻮﻟﻪ إن‬
‫"ﺧﻄﺔ اﻟﺴــﻼم اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪور ﰲ رأﺳــﻪ ]‪ ....‬ﻫﻲ[ اﻟﻨﻘﻴﺾ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻷي ﺧﻄﺔ وﻷي ﺳــﻼم‬
‫]‪ [....‬وﻓﻜﺮة ﺻ ــﻨﻊ اﻟﺴ ــﻼم ﻣﻊ اﻟﻔﻠﺴ ــﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﻓﻜﺮة ﻋﺒﺜﻴﺔ" )ص ‪ ،(47‬إذ إن اﻟﺸ ــﻲء اﻟﻮﺣﻴﺪ‬
‫اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪه ﺷﺎرون ﻫﻮ "ﺗﺪﻣﻴﺮ أوﺳﻠﻮ"!‬
‫ﻳﺨﺼ ـ ـ ـ ـ ــﺺ اﳌﺆﻟﻒ ﺟﺎﻧﺒﺎً ﻛﺒﻴﺮاً ﻣﻦ ﻣﻘﺪﻣﺘﻪ ﻟﺘﻨﺎول ﺗﻨﺎﻣﻲ اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﺼ ـ ـ ـ ـ ــﻬﻴﻮﱐ ﰲ‬
‫اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة‪ ،‬وﻳﻼﺣﻆ أن ﻫﺬا اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﺬي ﺗﻤﺎرﺳ ـ ــﻪ إﺳ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ ﻣﺒﺎﺷ ـ ــﺮة‪ ،‬أو ﺑﻮاﺳ ـ ــﻄﺔ‬
‫أﺻ ــﺪﻗﺎﺋﻬﺎ‪ ،‬ﺗﺰاﻳﺪ ﺑﺸ ــﻜﻞ ﺻ ــﺎرخ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أي وﻗﺖ ﻣﻀ ــﻰ‪ .‬وأﺻ ــﺒﺢ ﻛﻞ رﺋﻴﺲ ﺟﺪﻳﺪ أﻛﺜﺮ‬
‫ﻣﻴﻼً إﱃ إﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺮاﺋﻴــﻞ ﻣﻦ ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻠﻔــﻪ‪ ،‬ﰲ ﻋﻤﻠﻴــﺔ ﺑﻠﻐــﺖ ذروﺗﻬــﺎ ﻣﻊ ﺟﻮرج ﺑﻮش اﻻﺑﻦ‪ .‬وﻳﻔﺮد‬
‫ﺻ ــﻔﺤﺎت ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻏﻨﻴﺔ ﺑﺎﳌﻌﻠﻮﻣﺎت ﻟﻴﺘﺤﺪث ﺑﺈﺳ ــﻬﺎب وﻋﻤﻖ ﻋﻦ اﻟﺼ ــﻬﻴﻮﻧﻴﺔ اﳌﺴ ــﻴﺤﻴﺔ‪،‬‬
‫وﻋﻦ اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﺼ ـ ـ ـ ـ ــﻬﻴﻮﱐ ﰲ ﻣﻌ ــﺎﻗ ــﻞ اﻹدارة‪ ،‬واﻟﻜﻮﻧﻐﺮس‪ ،‬ووﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﺋ ــﻞ اﻹﻋﻼم‪ ،‬وﻣﺮاﻛﺰ‬
‫اﻷﺑﺤﺎث‪.‬‬
‫ﻳﻔﻨــﺪ اﳌﺆﻟﻒ ﰲ ﻣﻘــﺪﻣﺘــﻪ أﻳﻀ ـ ـ ـ ـ ـ ـﺎً‪ ،‬أو ﻟﻨﻘــﻞ ﻛﺘــﺎﺑــﻪ اﳉــﺪﻳــﺪ اﻟــﺬي أﺿ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻓــﻪ إﱃ ﻛﺘــﺎﺑــﻪ‬
‫اﻷﺻـ ـ ـ ـ ــﻠﻲ )"اﻟﺒﻨﺪﻗﻴﺔ وﻏﺼ ـ ـ ـ ــﻦ اﻟﺰﻳﺘﻮن"( ﻋﺪداً ﻣﻦ اﻷﺳ ـ ـ ـ ــﺎﻃﻴﺮ ﻋﻦ اﻻﺧﺘﻼف ﺑﻴﻦ "اﻟﻌﻤﻞ"‬
‫و"اﻟﻠﻴﻜﻮد"‪ ،‬وﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌــﺔ اﻟﻌﻼﻗــﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻠﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻄﻴﻨﻴﻴﻦ واﻹدارة اﻷﻣﻴﺮﻛﻴــﺔ‪ ،‬وﻧﻈﺮة اﻷﺧﻴﺮة‬
‫إﱃ اﻟﺴﻼم وإﺳﺮاﺋﻴﻞ وﻃﺒﻴﻌﺔ اﺣﺘﻼﻟﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮل ﰲ اﻻﺧﺘﻼف ﺑﻴﻦ اﳊﺰﺑﻴﻦ اﻟﻜﺒﻴﺮﻳﻦ وﻧﻈﺮة ﻛ ـ ــﻞ ﻣﻨﻬﻤ ـ ــﺎ اﳊﻘﻴﻘﻴ ـ ــﺔ ﲡ ـ ــﺎه‬
‫اﻟﻔﻠﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻄﻴﻨﻴﻴﻦ واﻷراﺿ ـ ـ ـ ـ ــﻲ اﶈﺘﻠﺔ‪" :‬ﻛﺎن اﻟﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻼم اﻟﺬي ﻋﻤﻞ ﻣﻦ أﺟﻠﻪ )ﻟﻴﻜﻮد( ﰲ ﻋﻬﺪ‬
‫ﺷ ــﺎرون ﻳﺴ ــﻌﻰ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺳ ــﻴﺎدة إﺳ ــﺮاﺋﻴﻞ ﻋﻠﻰ )أرض إﺳ ــﺮاﺋﻴﻞ("‪ ،‬اﶈﺪدة ﺑﻔﻠﺴ ــﻄﻴﻦ‬
‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔﻛﻠﻬﺎ" )ص ‪ .(85‬أ ﻣّﺎ ﺣﺰب اﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻜﺘﻤﺎً دوﻣﺎً‪ ،‬ﻓﻜﺎن ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻼﻣﻪ‪ ،‬ﰲ ﻇﻞ‬
‫ﻧﺸﺎﻃﻪ اﻻﺳﺘﻴﻄﺎﱐ اﻟﻮاﺳﻊ‪" ،‬ﺳﻴﺠﻌﻞ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﲢﺘﻔﻆ ﺑﺠﺰء أﺳﺎﺳﻲ ﻣﻦ )أرض إﺳﺮاﺋﻴﻞ("‪،‬‬
‫ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ"اﻟﺴﻼم"‪) .‬ص ‪(85‬‬
‫أﻣّﺎ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻋﻼﻗﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ ﺑﻘﻀ ــﻴﺔ ﻓﻠﺴ ــﻄﻴﻦ ﻓﺈن داﻳﻔﻴﺪ ﻫﻴﺮﺳ ــﺖ ﻳﺒﺪد وﻫﻤ ًﺎ‬
‫ﺳ ـ ـ ـ ــﺎد ﰲ أوﺳ ـ ـ ـ ــﺎط ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻔﻠﺴ ـ ـ ـ ــﻄﻴﻨﻴﻴﻦ إذ ﻳﻘﻮل‪" :‬ﻟﻘﺪ ﻇﻦ اﻟﻔﻠﺴ ـ ـ ـ ــﻄﻴﻨﻴﻮن أن ﻣﺎﺿ ـ ـ ـ ــﻴﻬﻢ‪،‬‬

‫‪4‬‬
‫ﺍﻟﻣﺟﻠﺩ ‪ ،14‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ‪) 55‬ﺻﻳﻑ ‪ ،(2003‬ﺹ ‪147‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺳﻁﻳﻧﻳﺔ‬ ‫ﻗﺭﺍءﺍﺕ‬

‫ﻧﻜﺒﺘﻬﻢ‪ ،‬ﻛــﺎن ﺟﻮﻫﺮ ﻗﻀ ـ ـ ـ ـ ــﻴﺘﻬﻢ‪ ،‬وأن اﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺘﻌــﺪادﻫﻢ ﻹﺧﺮاﺟــﻪ ﻣﻦ اﳊﺴ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﺑــﺎت اﳌﻌﻨﻮﻳــﺔ‬
‫واﻟﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻴﺎﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻴﺔ ﻟﻠﺘﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻮﻳﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻛﺎن ﻳﺠﺐ‪ ،‬ﺑﺮأﻳﻬﻢ‪ ،‬أن ﻳﻌﻄﻴﻬﻢ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﰲ أﻋﻴﻦ‬
‫اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ‪ .‬ﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﱂ ﻳﺤﺼ ـ ـ ــﻞ‪ .‬ﻓﻘﺪ أﺻ ـ ـ ــﺒﺤﺖ أوﺳ ـ ـ ــﻠﻮ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﳊﺴ ـ ـ ــﺎﺑﺎت ﺟﺪﻳﺪة‬
‫ﺷ ـ ـ ـ ـ ــﻜﻠﻬﺎ اﻟﺮأي اﳉﺎﻣﺪ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻧﻔﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻪ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً وﺷ ـ ـ ـ ـ ــﺎﺑﺘﻬﺎ اﻟﺘﺤﻴﺰات اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ذاﺗﻬﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً‬
‫اﳌﺆﻳﺪة ﻹﺳﺮاﺋﻴﻞ‪) ".‬ص ‪(86‬‬
‫ورأى اﳌﺆﻟﻒ أن اﳌﺒ ــﺎدئ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﻬ ــﺎ أي دور ﰲ "اﻟﺮﻋ ــﺎﻳ ــﺔ" اﻷﻣﻴﺮﻛﻴ ــﺔ ﻟﻠﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻼم‪.‬‬
‫اﳌﺴـ ـ ـ ـ ـ ــﺎوﻣــﺔ وﺣــﺪﻫــﺎ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ أدت اﻟــﺪور اﻷول‪ .‬وﱂ ﺗﻠﻖِ اﻟﻮﻻﻳــﺎت اﳌﺘﺤــﺪة ﺑﺜﻘﻠﻬــﺎ ﺧﻠﻒ‬
‫اﻟﻄﺮف اﻷﺿـﻌﻒ‪ ،‬اﻟﻄﺮف اﻟﻔﻠﺴـﻄﻴﻨﻲ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻋﻤﺪت ﲢﺖ ﺷـﻌﺎر "اﻹﻧﺼـﺎف" و"ﻋﺪم ﻓﺮض‬
‫اﳊﻠﻮل" إﱃ ﺟﻌﻞ اﻟﻄﺮف اﳌﺘﻔﻮق‪ ،‬إﺳ ــﺮاﺋﻴﻞ‪ ،‬ﻳﺴ ــﻮد‪ ،‬وﻳﺘﻤﺮد‪ .‬وﻛﺎن ﻣﻦ اﶈﺘﻢ أن ﻳﺼ ــﺒﺢ‬
‫ﺗﻨﺎزل اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﻃﺮف واﺣﺪ أﺳﺎﺳﺎً ﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎزل‪.‬‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﱂ ﺗﻌﺪ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻷراﺿ ـ ـ ـ ـ ــﻲ اﶈﺘﻠﺔ "ﳏﺘﻠﺔ"‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻫﻲ أراض‬
‫"ﻣﺘﻨﺎزع ﰲ ﺷﺄﻧﻬﺎ" ﻓﻘﻂ‪ ،‬أو ﻫﻲ اﻷراﺿﻲ "اﳌﺴﻤﺎة ﳏﺘﻠﺔ" ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺗﻌﺒﻴﺮ راﻣﺴﻔﻴﻠﺪ‪.‬‬
‫ﻳﺨﺘﺘﻢ اﳌﺆﻟﻒ ﻫﺬه اﳌﻘﺪﻣﺔ ‪ -‬اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ ﻣﻌﻤﻖ ﻳﺨﻠﺺ إﱃ أن إﺳ ــﺮاﺋﻴﻞ ﺗﺸ ــﻜﻞ‬
‫ﻋﺒﺌﺎً ﺣﻘﻴﻘﻴﺎً ﺳ ــﻴﺎﺳ ــﻴﺎً واﻗﺘﺼ ــﺎدﻳﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة‪ .‬وﻳﻘﻮل‪" :‬إن اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ ]‪ [....‬اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﺮﺗﺒﻬﺎ إﺳــﺮاﺋﻴﻞ ﺑﻮﺻــﻔﻬﺎ ﻣﺴــﺆوﻟﻴﺔ اﺳــﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻫﻲ ﺗﻜﻠﻔﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﺟﺪاً وﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺼــﺒﺢ‬
‫ﻛﺎرﺛﻴﺔ ﰲ أي وﻗﺖ ]‪ [....‬وﻣﺎ ﻣﻦ ﺷ ـ ـ ـ ـ ــﻚ‪ ،‬ﰲ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳌﺌﺘﻴﻦ واﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻦ ﻣﻠﻴﻮن ﻋﺮﺑﻲ‬
‫واﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﻴﺎر ﻣﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻠﻢ‪ ،‬أن ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺪس ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻜﺎن اﻟﻌﺎﱂ )ﻳﻜﺮﻫﻮن( ﻓﻌﻼً اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة‬
‫وإﺳـ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ"‪ ،‬وأن اﻻﻧﺤﻴﺎز اﻟﺪاﺋﻢ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻧﺤﻮ إﺳـ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ ﻫﻮ "اﻟﺴـ ـ ــﺒﺐ‬
‫اﳌﻨﻔﺮد اﻷﻫﻢ ﻟﻬﺬه اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ‪) ".‬ص ‪(136‬‬
‫وﻣﻦ اﻷﺳ ـ ـ ــﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ ﺳ ـ ـ ــﻴﺎﺳ ـ ـ ــﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﺗﺘﺼ ـ ـ ــﻒ ﺑﺎﻟﺼ ـ ـ ــﻠﻒ واﻟﺮﻳﺎء‬
‫واﳌﻌﺎﻳﻴﺮ اﳌﺰدوﺟﺔ ﺗﺒﺮز إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺳﺒﺒﺎً رﺋﻴﺴﻴﺎً‪ .‬ﻓﻤﻦ أﺟﻞ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻧُﻘﻀﺖ ﺗﻜﺮاراً ﻗﺮارات‬
‫ﺣﻈﻴــﺖ ﺑﻤﻮاﻓﻘــﺔ أﻗﺮب ﺣﻠﻔــﺎء اﻟﻮﻻﻳــﺎت اﳌﺘﺤــﺪة اﻷوروﺑﻴﻴﻦ‪ .‬وﱂ ﺗﻘﻢ اﻟﻮﻻﻳــﺎت اﳌﺘﺤــﺪة‬
‫ﺑﺄي ﻋﻤﻞ ﺟﺪي ﻟﺘﺠﺒﺮ إﺳــﺮاﺋﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻗﺮارات ﺣﻈﻴﺖ ﺑﻤﻮاﻓﻘﺘﻬﺎ ﻫﻲ‪ .‬وﺗﺒﺮز أﺳ ــﻠﺤﺔ‬
‫اﻟﺪﻣﺎر اﻟﺸﺎﻣﻞ رﻣﺰاً آﺧﺮ ﻟﻠﻤﻌﺎﻳﻴﺮ اﳌﺰدوﺟﺔ اﻟﺼﺎرﺧﺔ‪.‬‬
‫أﻣّﺎ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻓﻠﻢ ﺗﻘﺘﺼﺮ‪ ،‬ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ‪ ،‬ﻋﻠﻰ اﻣﺘﻼك اﻟﺴﻼح اﻟﻨﻮوي‪ ،‬ﺑﺘﻐﻄﻴﺔ أﻣﻴﺮﻛﻴﺔ‪،‬‬
‫ﺑﻞ ﺗﺴ ـ ــﺘﺨﺪم ﻫﺬا اﻟﺴ ـ ــﻼح أﻳﻀـ ـ ـﺎً وﺳ ـ ــﻴﻠﺔ ﻟﻼﺑﺘﺰاز ﺿ ـ ــﺪ ﺣﻠﻴﻔﺘﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ذاﺗﻬﺎ؛‬
‫ﺑﻤﻌﻨﻰ "إن ﱂ ﺗﺮﻳﺪوا أن ﺗﺴــﺎﻋﺪوﻧﺎ ﰲ ﻇﺮف ﺣﺴــﺎس ﺳــﻨﻔﺮض ﻋﻠﻴﻜﻢ أن ﺗﺴــﺎﻋﺪوﻧﺎ‪ ،‬وإﻻّ‬
‫ﻓﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻨﺴ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨﺪم ﻗﻨﺒﻠﺘﻨﺎ اﻟﻨﻮوﻳﺔ" )ص ‪ .(148‬وﻗﺪ ﲡﻠﻰ ﻫﺬا اﻻﺑﺘﺰاز اﻟﻨﻮوي ﺣﻴﻦ ﻟﻮﺣﺖ‬
‫إﺳـ ـ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ ﰲ ﺣﺮب ‪ 1973‬ﺑﺴـ ـ ـ ـ ــﻴﻔﻬﺎ اﻟﻨﻮوي‪ .‬ﱂ ﺗﻜﻦ ﺗﻘﺼـ ـ ـ ـ ــﺪ إﺧﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮب‪ ،‬وإﻧﻤﺎ إﺟﺒﺎر‬
‫اﻟﻮﻻﻳــﺎت اﳌﺘﺤــﺪة ﻋﻠﻰ اﳌﺴ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻋــﺪة اﻟﻔﻮرﻳــﺔ ﺑﺸ ـ ـ ـ ـ ــﺤﻨــﺎت ﻫــﺎﺋﻠــﺔ ﻣﻦ اﻷﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻠﺤــﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴــﺪﻳــﺔ!‬
‫وﻳﻘﺘﺒﺲ اﳌﺆﻟﻒ ﻫﻨﺎ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻮﺷ ــﻴﻪ داﻳﺎن‪" :‬ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن إﺳ ــﺮاﺋﻴﻞ ﻛﻜﻠﺐ ﻣﺴ ــﻌﻮر‪ ،‬أﺧﻄﺮ‬
‫ﻣﻦ أن ﻳﻀﺎﻳﻘﻪ أﺣﺪ‪) ".‬ص ‪(149‬‬
‫‪5‬‬
‫ﺍﻟﻣﺟﻠﺩ ‪ ،14‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ‪) 55‬ﺻﻳﻑ ‪ ،(2003‬ﺹ ‪147‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺳﻁﻳﻧﻳﺔ‬ ‫ﻗﺭﺍءﺍﺕ‬

‫وﻳﺨﻠﺺ اﳌﺆﻟﻒ إﱃ اﻟﻘﻮل‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻐﻨﻲ‪" :‬ﻣﻦ دون ﺳـ ـ ـ ــﻼم )ﻋﺎدل وﺷـ ـ ـ ــﺎﻣﻞ‬
‫وداﺋﻢ(‪ ،‬ذﻟﻚ اﻟﺴـ ـ ـ ـ ــﻼم اﳌﻄﺎرد ﻣﻦ دون ﺟﺪوى ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼ ـ ـ ـ ـ ــﻒ ﻗﺮن ﻣﻦ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻴﺔ‬
‫اﻟﺸــﺮق أوﺳــﻄﻴﺔ واﻟﺬي ﻻ ﻳﻤﻜﻦ إﻻّ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة أن ﲢﻘﻘﻪ‪ ،‬ﺳــﺘﺒﻘﻰ إﺳــﺮاﺋﻴﻞ ﻣﺮﺷــﺤﺔ‬
‫]‪ [....‬ﻟﻠﻌﺐ دور دوﻟﺔ )اﳉﻨﻮن اﻟﻨﻮوي(‪) ".‬ص ‪(148‬‬
‫إذا ﻛــﺎن ﻛﺘــﺎب داﻳﻔﻴــﺪ ﻫﻴﺮﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺖ "اﻟﺒﻨــﺪﻗﻴــﺔ وﻏﺼ ـ ـ ـ ـ ــﻦ اﻟﺰﻳﺘﻮن" ﻛﺘــﺎﺑ ـﺎً ﻗﻴﻤ ـﺎً ﺟــﺪﻳﺮاً‬
‫ﺑﺎﻟﻘﺮاءة‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﺑﻌﺪ اﻹﺿ ــﺎﻓﺔ اﻷﺧﻴﺮة ﺑﺎت ﻣﺮﺟﻌﺎً ﻣﻬﻤﺎً ﻣﻌﺎﺻ ــﺮاً ﻻ ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻪ ﻷي ﺑﺎﺣﺚ‬
‫ﺟــﺪي‪ ،‬أو ﻷي ﻗــﺎرئ ﻋﺮﺑﻲ ﻣﻬﺘﻢ‪ .‬إﻧــﻪ ﻳﻤﺜــﻞ اﻟﻨﻈﺮة اﻷوروﺑﻴــﺔ اﻷُﺧﺮى‪ ..‬اﻟﻨﻈﺮة اﳉﺮﻳﺌــﺔ‬
‫واﻷﻣﻴﻨﺔ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﰲ وﻗﺖ واﺣﺪ‪.‬‬
‫ﻫﺸﺎم اﻟﺪﺟﺎﱐ‬
‫ﻛﺎﺗﺐ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻲ‬
‫ﻣﻘﻴﻢ ﺑﺪﻣﺸﻖ‬

‫‪6‬‬
 ‫ﳎﻠﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮق اﻟﻨﺸﺮ وإﻋﺎدة اﻟﺘﻮزﻳﻊ ﳏﻔﻮﻇﺔ جملﻠﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﻳﻤﻜﻦ ﻧﺸﺮﻫﺎ أو ﺗﻮزﻳﻌﻬﺎ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺎً إﻻ ﺑﺈذن ﻣﻦ رﺋﻴﺲ ﲢﺮﻳﺮ اجملﻠﺔ وذﻟﻚ ﻋﺒﺮ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ إﱃ اﻟﻌﻨﻮان اﻟﺒـ ــﺮﻳﺪي‬
‫اﻟﺘﺎﻟـ ـ ــﻲ‪majallat@palestine‐studies.org :‬‬
‫ﻳﻤﻜﻦ ﲢﻤﻴﻞ ﻫﺬه اﳌﻘﺎﻟﺔ أو ﻃﺒﻌﻬﺎ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪام اﻟﻔﺮدي وﻋﻨﺪ اﻻﺳﺘﺨﺪام ﻳﺮﺟﻰ ذﻛﺮ اﳌﺼﺪر‪:‬‬
‫‪http://www.palestine‐studies.org/ar/mdf‬‬