Professional Documents
Culture Documents
2_5442616522092580756_220627_234210
2_5442616522092580756_220627_234210
2_5442616522092580756_220627_234210
موقع عمم الدعوة الى اهلل واالعالم الديني من العموم االسالمية االخرى
الحمد هلل رب العالميف والصالة والسالـ عمى سيدنا محمد وعمى آلو وصحبو
اجمعيف...
اف الناظر في طبيعة ونشأة العموـ اإلسالمية المتعددة يجدىا ترجع إلى أحد أمور
ثالثة جاء بيا ىذا اإلسالـ ،وىي :
ِٔ .
الممّة
ٕ .والشريعة
ٖ .والمنيج
التي يجمعيا اصطالح (ديف) أو (إسالـ).
وبَّيف أف الممة واحدة ،والشرائع عباده بيذه األمور جميعاًَ ، َ تعبد اهلل عز وجؿ وقد ِّ
صر ٍ ِ ِ ِ ِِ
اط وحدة الممةُ ):ق ْؿ إَّنني َى َداني َربِّي إلَى َ والمناىج متعددة ،فقاؿ سبحانو مبيناً َ
صالَتِي يف (ُ )161ق ْؿ إِ َّف َ
ِ اىيـ حنِيفًا وما َك ِ
اف م َف ا ْل ُم ْش ِرك َ
ََ َ
ِ َّ ِ ِ ِ
ُّم ْستَق ٍيـ د ًينا قَي ًما ِّممةَ إِ ْب َر َ َ
ت َوأََن ْا أ ََّو ُؿ ؾ أِ
ُم ْر ُ يؾ لَوُ َوبِ َذلِ َ
ل َش ِر َيف (َ )162 ِ اي َو َم َماتِي لِمّ ِو َر ِّ ِ
ب ا ْل َعالَم َ َوُن ُسكي َو َم ْحَي َ
يف( ِِ
ا ْل ُم ْسمم َ
وقاؿ أيضاً:
()1
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
إف ىذه الدراسات جميعيا تمثؿ دراسة الديف الواحد الذي يشمؿ كالً مف الممة
والشريعة والمنيج.
ص ٍؿ كامؿ بيف ىذه الدراسات ،أو العناية بواحدة منيا عمى حساب ليذا ،كاف أي فَ ْ
كمؿ ول َي ْسمَ ُـ إل بيا
عد فصالً بيف أجزاء مترابطة ،ل يصح الديف ول َي ُاألخرىُ ،ي َّ
جميعاً.
فإف مثؿ الممة والشريعة والمنيج ،مث ُؿ الماء الصافي الذي ينبع مف مكاف معيف ،ثـ
يمشي في جداوؿ وسواقي يروي األرض ،وينبت الزرع ،ويستقي منو الناس.
()2
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
االتصال :ىو محور الخبرة اإلنسانية ،فيو تختفي المسافات الطويمة التي
تفصؿ الشعوب ،ففيو يقدر اإلنساف عف التعبير عف نفسو وعف أفكاره وقد ظيرت
ىذه القدرة منذ العصور األولى في تاريخ البشرية حينما ابتكر اإلنساف بتعميـ اهلل لو
لمرموز الصوتية التي يتصؿ بواسطتيا باآلخريف.
يطمؽ عمى عممية مشاركة األفكار واآلراء والخبرات والقيـ وسائر المعمومات
األخرى بيف الناس عبر أسموب وسموؾ إنساني أو كوني ،ىو :التصاؿ
) (communicationوىو لإلنساف بصورة خاصة نشاط أساسي ،وىو يترجـ عمى
ما نقوـ بو يوميا في حياتنا مف مظاىر مختمفة.
وىذه العممية قد مارسيا اإلنساف منذ بدء الخميقة ،واستعاف عمى استعماليا في البدء
بأصوات واشا ارت وحركات وعالمات لمتعبير عف نفسو والتصاؿ باألخر ،كما
تنسحب ىذه العممية عمى الحيوانات التي تقوـ بعممية التواصؿ عبر سموؾ نشاىده
مف الممموس العادي ،في حيف ىناؾ اتصاؿ غيبي كاتصاؿ المالئكة في ما بينيـ مع
ربيـ واتصالنا نحف البشر مع الخالؽ فمف جيتو إرساؿ القرآف الكريـ ،ومف جيتنا
الدعاء ،وىو عممية تواصمية ،ولكف بأطر ومقاييس مختمفة ل تسري عمى ما يجري
بيف البشر ،فيذه العممية ل يمكف الستغناء عنيا ول حياة بدونيا ،فالتصاؿ يوصؼ
فعاؿ ويسري ىذا السـ عميو حينما يكوف المعنى الذي يقصده المرسؿ ىو الذي
بأنو ّ
يصؿ بالفع ؿ إلى المستقبؿ ،فيو أساس كؿ تفاعؿ إنساني روحي وما ينطوي تحتيما
مف مفاىيـ .
يعرؼ التصاؿ ،بأنو :عممية ربط مقصودةومف جانب العممية اإلنسانيةّ ،
بيف طرفيف مرسؿ ومستقبؿ لتأدية وظيفة محددة في إطار النشاط اإلنساني ،وىو
عممية اجتماعية إنمائية وغايتيا ىي حصوؿ الفرد والجماعة عمى المعمومات
والمعارؼ ،وعمى ىذا يكوف التصاؿ :تشارؾ بيف جيتيف بيدؼ محدد عبر وسيمة
محددة وأسموب مفيوـ عند المرسؿ والمستقبؿ .
()3
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
ويعرؼ اإلعالـ بصورة عامة كما وجد في كتب المغة عمى انو مصدر
لمفعؿ (أعمـ) ،وىو رباعي مأخوذ مف العمـ الذي ىو إدراؾ الشيء عمى حقيقتو،
أعممتوٌ وعمّمتو ،في األصؿ واحد إل إف اإلعالـ اختص بما كاف باإلخبار السريع،
وَ
اثر في نفس
والتعميـ :ىو ما اختص بما كاف تك ار اًر وتكثي اًر ،حتى يحصؿ منو ٌ
المتكمـ .
في حيف أف اغمب المؤلفيف فيو لـ يتفقوا عمى تعريؼ يعطي مفيوماً يحسف
السكوت عنده وكما ىو معموـ أف تعريفات العموـ ل تستقر ول تتبمور إل بعد
استيعاب أغمب جوانبيا المختمفة واستكماؿ التفاؽ عمى أسسيا ومبادئيا
لذلؾ يصعب تحديد تعريؼ لفظة اإلعالـ تحديداً أكاديمياً جامعاً لختالؼ مياديف
تداولتو التقنية والثقافية والعممية والشعبية دوف التوصؿ إلى تحديد تعريؼ دقيؽ ليا
وقد عرفو إبراىيـ إماـ بأنو (:نشر األخبار والمعمومات واآلراء عمى الجماىير)،
وقاؿ أيضاً( :بأنو بث رسائؿ واقعية أو خيالية موحدة عمى أعداد كبيرة مف الناس
يختمفوف فيما بينيـ مف النواحي القتصادية والثقافية والسياسية ).
()4
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
وىو :ميمة لإلنساف يقوـ بيا لخدمة اإلنساف واإلنسانية ،ويقوـ بجمع
ومعالجة وتخزيف ونشر األنباء والبيانات والصور والحقائؽ والرسائؿ واآلراء
والتعميقات المطموبة مف أجؿ فيـ الظروؼ الشخصية والجتماعية.
الدعوة
الدعوة لغة :مصدر لمفعؿ الثالثي دعا ،تقوؿ :دعا يدعو دعوة ودعاية ،
وىي مأخوذة مف الدعاء وىو النداء لجمع الناس عمى أمر ما وحثيـ عمى العمؿ بو
باطالً ،فجاء كما ىي الدعوة الى قضية يراد اثباتيا او الدفاع عنيا حقا كانت اـ
ِم ْف ُدونِ ِو ل وف
يف َي ْد ُع َ
استعمالو بالحؽ كما في قولو تعالى{لَو َد ْعوةُ ا ْلح ِّ َِّ
ؽ َوالذ َ ُ َ َ
ُم ْستَِق ٍيـ}وقوؿ دى
ؾ َل َعمَى ُى ً وف لَيُ ْـ بِ َش ْي ٍء } ،وقولو تعالى { َو ْادعُ إِلَى َرب َ
ِّؾ إَِّن َ َي ْستَ ِج ُيب َ
الرسوؿ في كتابو ليرقؿ(( ادعوؾ بدعاية السالـ))
ب إِلَ َّي ِم َّما َح ُّ أَ
ِّج ُف
ب الس ْ اؿ َر ِّ اما مجيء الدعوة في الباطؿ قولو تعالى { قَ َ
ا ْل َجَّن ِة َوا ْل َم ْغ ِف َرِة
الن ِار َوالمَّوُ َي ْد ُعو إِلَى وف إِلَى َّ وننِي إِلَ ْي ِو}وقولو تعالى{ أُولَئِ َ
ؾ َي ْد ُع َ َي ْد ُع َ
اىمَِّي ِة)).َى ِؿ ا ْلج ِ
َ ((ما َبا ُؿ َد ْع َوى أ ْ
بإ ْذنو } ،وقوؿ النبي َ
ِِ ِ ِ
كما جمع الستعماليف في قولو تعالى{ َوَيا قَ ْوِـ َما لِي أ َْد ُعو ُك ْـ إِلَى النَّ َج ِاة
وى ْـ إِلَى ِ ِ وننِي إِلَى َّ
الن ِار} وقوؿ الرسوؿ َ (( وْي َح َع َّم ٍار تَ ْقتُمُوُ ا ْلفَئةُ ا ْلَباغَيةُ َي ْد ُع ُ َوتَ ْد ُع َ
ا ْل َجَّن ِة َوَي ْد ُع َ
ونوُ إِلَى َّ
الن ِار)).
الدعوة اصطالحاً:
ُيعرؼ الدعوة محمد سعيد رمضاف البوطي فيقوؿ:إف الدعوة ىي دعوة األنبياء
والرسؿ الذيف بعثيـ اهلل تعالى إلى البشر والتي تقوـ بحسب وصفو عمى أساسيف
العقيدة والتشريع ،وىذا ىو تعريؼ الدعوة مف منظور إسالمي بحت متجاوز دور
اإلعالـ في الدعوة وغايات الدعوة األخرى بعد اإليماف باهلل وتصحيح العقيدة ،فال
نستطيع الحكـ عمى المجتمع اإلسالمي البحت دوف محاولة التعمؽ أكثر وجعؿ
الدعوة تؤدي دور اتصالي بيف الشعوب اإلسالمية تنشر ثقافات البمداف في ما بينيا .
()5
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
ويظير مما تقدـ أف الدعوة في المغة تأتي ويراد بيا معاف عدة منيا.
ٔ .النػػداء :وىػػي النػػداء لممشػػاركة فػػي شػػيء ،أو ىػػي تجمػػع عمػػى شػػيء ،يقػػاؿ دعػػا
فالف فالناً إذا نػاداه ومنػو الػدعوة لمصػالة أي الػدعوة إلييػا ،وقػد ذكػر اهلل تعػالى
ض بِ ػأ َْم ِرِه ثُػ َّػـ إِ َذا َد َعػػا ُك ْـ َد ْعػ َػوةً ِِ
اء َو ْاأل َْر ُ
السػ َػم ُ
ػوـ َّ المعنػػى بقولػػو َ و ِمػ ْػف َآياتػػو أ ْ
َف تَقُػ َ
ػوف ، ومنػو مػا جػاء فػي الحػديث ((مػف قػاؿ حػيف ِم َػف ْاأل َْر ِ
ض إِ َذا أ َْنػتُ ْـ تَ ْخ ُر ُج َ
يسمع النداء ،الميـ رب ىذه الدعوة التامة والصالة القائمة)).
ُمػ ٍػة جع ْمَنػػا م ْنسػػكاً ىػػـ َن ِ
اسػ ُكوهُ فَػػال ِ ِّ
ٕ .البيػػاف والتبميػ :جػػاء فػػي القػرآف الكػريـ ل ُكػػؿ أ َّ َ َ َ َ ُ ْ
دى ُم ْستَِق ٍيـ ، ومنو قولػو تعػالى ؾ لَ َعمَى ُى ً ؾ ِفي ْاأل َْم ِر َو ْادعُ إلى َرِّب َ
ؾ إَِّن َ ُيَن ِازُعَّن َ
ػط َكفَّْي ِػو
اس ِ
ؽ والَِّذيف ي ْدعوف ِمف ُدونِ ِو ل يسػتَ ِجيبوف لَيػـ بِ َشػي ٍء إِ َّل َكب ِ
َ ْ َ ْ ُ َ ُْ لَوُ َد ْع َوةُ ا ْل َح ِّ َ َ َ ُ َ ْ
ِ ِ ِِ ِ ِ ِ
ػالؿ ، ومػػف ضػ ٍ يف إِ َّل فػػي َ إلػػى ا ْل َمػػاء لَيْبمُػ َ فَػػاهُ َو َمػػا ُىػ َػو بَِبالغػػو َو َمػػا ُد َعػ ُ
ػاء ا ْل َكػػاف ِر َ
خػػالؿ ىػػذيف اآليتػػيف يظيػػر لنػػا أف الػػدعوة ىػػي مجمػػوع عناصػػر متعػػددة بعضػػيا
عم ػػى بع ػػض لتعط ػػي ن ػػو اًر لمض ػػاؿ والح ػػائر ،وال ػػدواء الش ػػافي لص ػػاحب الم ػػرض
العقمي والروحي القمبي ،وقائدىا ىو الرسوؿ .
ٖ .الس ػؤاؿ والترجػػي :يقػػاؿ الػػدعوة ،أي :ابتيػػاؿ إلػػى اهلل بالس ػؤاؿ والرغبػػة فيمػػا عنػػده
ؾ ِعبػ ِ
ػب أُ ِجيػ ُ
ػب َد ْعػ َػوةَ الػ َّػد ِ
اع ػادي َعِّنػػي فَػِإِّني قَ ِريػ ٌ مػػف الخيػػر ،قػػاؿ تعػػالى َ وِا َذا َسػأَلَ َ َ
ػوء ، السػ َ
ػؼ ُّ ط َّر إِ َذا َد َعػػاهُ َوَي ْك ِشػ ُ
ضػ َ َمػ ْػف ُي ِجيػ ُ
ػب ا ْل ُم ْ إِ َذا َد َعػ ِ
ػاف ،وقولػػو تعػػالى أ َّ
وىػو سػؤاؿ اهلل عػز وجػؿ ،ومنػو مػا جػاء فػي الحػديث حينمػا سػئؿ النبػي عػف
أوؿ بدء أمره فقاؿ((:دعوة أبي إبراىيـ وبشرى عيسػى ورأت أمػي أنػو يخػرج منيػا
نور أضاءت منػو قصػور الشػاـ )) ،والمقصػود بػدعوة إبػراىيـ مػا جػاء عمػى
ػث ِفػي ِي ْـ َر ُسػولً ِم ْػنيُ ْـ َي ْتمُػو َعمَ ْػي ِي ْـ َآياتِػ َ
ؾ َوُي َعمِّ ُميُ ُػـ لسػانو فػي قولػو تعػالى َ رَّبَنػا َو ْاب َع ْ
ِ اب َوا ْل ِح ْك َمةَ َوُي َزِّكي ِي ْـ إَِّن َ ِ
يـ. ت ا ْل َع ِز ُيز ا ْل َحك ُؾ أ َْن َ ا ْلكتَ َ
َّ
اء ٗ .التسمية :قاؿ تعالى ُ ق ِػؿ ْاد ُعػوا المػوَ أو ْاد ُعػوا ال َّػر ْح َم َف أَّيػاً َمػا تَ ْػد ُعوا َفمَػوُ ْاأل ْ
َس َػم ُ
ا ْل ُح ْسَنى،يقاؿ دعاه زيداً وبز ٍيد ،أي سماه بيذا السـ .
()6
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
ومدعاة فالف.ِ ٘ .الدعوة إلى الطعاـ ،يقاؿ كنا في دعوة فالف،
ػورٍة ِّم ْػف ِ ِ ٍ ِ ِ
.ٙالستعانة :قاؿ تعالى َ وِا ْف ُك ْنتُ ْـ في َرْيػب م َّمػا َن َّزْلَنػا َعمَػى َع ْبػدَنا فَػأْتُوا ب ُس َ
ِِ ِم ْثمِػ ِػو و ْادعػوا ُشػػي َداء ُكـ ِمػػف ُد ِ َّ ِ
يف ،أي اسػػتعينوا واسػػتغيثوا صػػادق َوف المػػو إِ ْف ُك ْنػػتُ ْـ َ َ َ ْ ْ َ ُ
بو .
وف المَّػ ِػو َوأ َْد ُعػػو َرِّبػػي َع َسػػى أ ََّلوف ِمػ ْػف ُد َِعتَػ ِػزلُ ُك ْـ َو َمػػا تَػ ْػد ُع َ
.ٚالعبػػادة قػػاؿ تعػػالى َ وأ ْ
اء َربِّي َش ِقّياً ،أي اعبده . أَ ُكوف بِ ُدع ِ
َ َ
أف اإلعالـ اإلسالمي بصفة عامة تزويد الجماىير بحقائؽ الديف اإلسالمي
المستمدة مف كتاب اهلل وسنة رسولو بصفة مباشرة أو غير مباشرة مف خالؿ وسيمة
إعالمية دينية متخصصة ،أو عامة بواسطة قائـ بالتصاؿ لديو خمفية واسعة
ومتعمقة في موضوع الرسالة التي يتناوليا وذلؾ بغية تكويف رأي صائب يعي
الحقائؽ الدينية ،ويدركيا ،ويتأثر بيا في معتقداتو ،وعبادتو ومعامالتو ،أي كؿ ما
أف يدخؿ في معتقد المتمقي لإلعالـ اإلسالمي وتزويده بو ،وىذا التعريؼ
مف شأنو ْ
عميو مآخذ ،فمف ناحية أنو يوكؿ أمر التزود إلى رسالة واحدة ،وىي العقيدة وما
يتعمؽ بيا مف اإلعالـ باإلسالـ إل أنو ل تعد رسالتو الوحيدة؛ لذلؾ إذا أردنا ليذا
التعريؼ الكماؿ ،فيجب أف يشمؿ األنشطة اإلعالمية كافة في المجتمع اإلسالمي
والدولي .
وقاؿ آخر :إف العالـ الدعوي ىو :بياف الحؽ وتزيينو لمناس بكؿ الطرؽ
واألساليب والوسائؿ العممية المشروعة مع كشؼ وجوه الباطؿ وتقبيحو بالطرؽ
المشروعة ،وذلؾ بقصد جمب العقوؿ إلى الحؽ واشراؾ الناس في نواؿ خير
اإلسالـ وىديو ،وابعادىـ عف الباطؿ ،واقامة الحجة عمييـ ،وىذا ما تعنيو اآلية
()7
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
ؽ بِا ْلب ِ
اط ِؿ وتَ ْكتُ ُموا ا ْل َح َّ
ؽ َوأ َْنتُ ْـ تَ ْعمَ ُموف ،وقولو تعالىَ :ول َ القرآنيةَ :ول تَْمبِ ُسوا ا ْل َح َّ َ
ِ َّ ِ تَ ْكتُموا َّ
يـ ، وىذا التعريؼ ادةَ َو َم ْف َي ْكتُ ْميَا فَِإَّنوُ آث ٌـ َق ْم ُبوُ َوالموُ بِ َما تَ ْع َممُ َ
وف َعم ٌ الشيَ َ ُ
شامؿ؛ لتوسعو واستيعابو ألغمب مفاىيـ اإلعالـ؛ وألنو دقيؽ في التصور لماىية
العالـ الدعوي كما أنو ل يقتصر عمى المسمميف فقط بؿ يدخؿ في مسمى الناس،
وىذا يعد أفضمية لإلعالـ اإلسالمي عمى غيره .
بمػػا أف ىػػذه األمػػة التػػي حباىػػا اهلل بخاتمػػة رسػػالت السػػماء ،قػػد حممػػت ىػػذه
الرسالة منذ بعثة خاتـ األنبياء (صمى اهلل عمػييـ أجمعػيف) قبػؿ أربعػة عشػر قرنػا ،إل
أنيا بػدأت تضػعؼ وتتيػاوى أمػاـ ىيمنػة اإلعػالـ الغربػي المػنظـ لمحػو فكرىا،وبعػد أف
تقاعس المسمموف عف أداء دورىـ تجاه ىذا الديف.
أف اهلل مػػا اختػػار بػػاريس أو الفاتيكػػاف لعيسػػى ،ومػػا اختػػار مػػع العمػػـ ّ
ػث
َعمَ ُػـ َح ْي ُ نيويورؾ لموسى ،ول اختػار ايطاليػا لمحمػد ،بػؿ قػاؿ تعػالى المَّػوُ أ ْ
ػاس تَ ػأْمروف بِػػا ْلمعر ِ ُخ ِرجػ ْ ِ ي ْجع ػ ُؿ ِرسػػالَتَو ، وقػػاؿ تعػػالى ُ ك ْنػػتُـ َخ ْيػػر أ َّ ٍ
وؼ ػت ل َّمنػ ِ ُ ُ َ َ ْ ُ ُمػػة أ ْ َ ْ َ َ ُ َ َ
ػاف َخ ْيػ ػ اًر لَيُػ ػ ْػـ ِمػ ػ ْػنيُ ُـ َى ػ ػ ُؿ ا ْل ِكتَ ػ ِ
ػاب لَ َكػ ػ َ آم ػ َػف أ ْ وتَْني ػػوف عػ ػ ِػف ا ْلم ْن َك ػ ِػر وتُؤ ِم ُنػ ػ ِ َّ ِ
ػوف بالم ػػو َولَػ ػ ْػو َ
َ َ ْ ُ َ ََْ َ
ِ
وف ، إذاً لماذا اختػار ىػذه المنطقػة لتكػوف منيػا كػؿ رسػالت وف َوأَ ْكثَُرُى ُـ ا ْلفَاسقُ َ ا ْل ُم ْؤ ِم ُن َ
السماء؟.
ألف أبناءىا يستطيعوف حمؿ ىذه الرسالت لمعػالـ لقد اختارىا وىو أعمـ بذلؾ؛ َّ
َح ػ ٍػد ِم ػ ْػف ُر ُس ػػمِ ِو َوقَ ػػالُوا َس ػ ِػم ْعَنا َوأَ َ
ط ْعَن ػػا ؽ َب ػ ْػي َف أ َ
أجم ػػع ،والقػ ػرآف الكػ ػريـ يق ػػوؿ :ل ُنفَ ػ ِّػر ُ
ػير فمػػف بالدنػػا انطمقػػت المسػػيحية إلػػى الغػػرب لتنتشػػمو مػػف ِ ؾ َرَّبَنػػا َوِالَ ْيػ َ
ؾ ا ْل َمصػ ُ ُغ ْف َرَانػ َ
()8
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
شرؾ الوثنيػة ،إلػى مبػدأ التوحيػد ،ومػف بالدنػا أشػرؽ اإلسػالـ عمػى العػالـ ،لييػزـ ظػالـ
الجيؿ ،والشرؾ ويجعؿ اإلنساف ح اًر دوف عبودية إل هلل .
وتأسيساً عمى ما سبؽ يجب انطالؽ الرسالت اإلعالميػة الدعويػة التػي يجػب
أف تق ػػوـ بي ػػا المنظم ػػات والمؤسس ػػات الديني ػػة الموح ػػدة عم ػػى نش ػػر ال ػػديف اإلس ػػالمي،
وتثقيؼ الناس بمزايا اإلسػالـ ومبادئػو الراقيػة ،وىػذا ىػو ىػدؼ كػؿ إعالمػي ،أو داعيػة
يطمب إرضاء اهلل بنشر دينو ،وايصاؿ عقيدة التوحيد إلى مف يجيميا .
ول بػػد أف نسػػعى لوضػػع أىػػداؼ تكػػوف غايػػة العمػػؿ اإلسػػالمي والػػدعوي ،وىػػو
ح ػػؽ مش ػػروع لن ػػا المس ػػمموف أف نض ػػطمع بي ػػذه الميم ػػة لم ػػا يوج ػػد ف ػػي إمكانياتن ػػا م ػػف
مخػػزوف عممػػي منطقػػي يسػػتطيع تحقيػػؽ أىػػداؼ اإلعػػالـ والػػدعوة عمػػى المػػدى البعيػػد ،
فعاؿ ل يخفى عمى أصحاب الثقافة والمعرفة ،انػو ل وبالنظر إلى اإلعالـ بأنو سالح ّ
يحده مكاف ول ينجو منو أحد ول يغالبػو أحػد إل وغمبػو ،عبػر أسػاليبو الفنيػة ،ول سػيما
إذا كانت المؤسسات القائمة عميو لدييا عممية قوية في مجاؿ اإلعالـ ،وطػرؽ التػأثير
ف ػي عق ػػوؿ الجم ػػاىير وكس ػػب آرائي ػػـ ،فيبكػػونيـ ت ػػارة ويض ػػحكونيـ أخ ػػرى ،وبي ػػذا يع ػػد
اإلعالـ ىو :السالح الصارـ الذي إذا وظفو غير أىمو لمصالحيـ فيو فيروس خطير
ييدد الشعوب المتحضرة .
لذلؾ تكوف ىذه األىداؼ غير مستحيمة التحقيػؽ عنػد المسػمميف الػذيف يوظفػوه
توظيفاً دعوياً وأبرز ىذه األىداؼ ،ىي:
ٔ .تجدي ػػد ال ػػدعوة إل ػػى التوحي ػػد وتحري ػػر العقي ػػدة م ػػف مفتري ػػات أع ػػداء اإلس ػػالـ
وفضح العقائد الزائفة والتأكيد عمى إنسانية الفرد وما تسػتحقو ىػذه اإلنسػانية،
وتنقيػػة المجتمػػع والىتمػػاـ بالمغػػة العربيػػة ،وذلػػؾ عػػف طريػػؽ تبصػػير النػػاس
بالصػ ػراط المس ػػتقيـ بم ػػا يتفيم ػػوه ف ػػي جمي ػػع البم ػػداف وع ػػدـ التناس ػػي؛ولمواكبة
التطػػور الحضػػاري والتكنولػػوجي ومحاولػػة البتعػػاد عػػف التخنػػدؽ الطػػائفي أو
المػػذىبي أو الحزبػػي لموصػػوؿ بعػػد ذلػػؾ إلػػى تحقيػػؽ الحاكميػػة هلل تعػػالى عمػػى
ؾ ل يؤ ِم ُنػػوف حتَّػػى يح ِّكمػػو َ ِ
يمػػا َشػ َػج َر
ؾفَ المخموقػػات؛ قػػاؿ تعػػالى فَػػال َوَرِّب ػ َ ُ ْ َ َ ُ َ ُ
()9
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
()11
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
الذي كنا نتمناه لكنو يعد تحركا ل بأس بو عمى الصعيد العػالمي ،وذلػؾ مػف
خالؿ الحمالت التي قامت بالتعريؼ بمكانة الرسوؿ والتفاؼ النػاس عمػى
حبػػو والػػدفاع عنػػو بكػػؿ مػػا يممكػػوف ،وك ػ ٌؿ يعبػػر عمػػا ي ػراه مناسػػباً ،ونػػرى أف
اإلعػالـ اإلسػالمي ييػدؼ مػف خػالؿ ىػذا الفعػؿ إلػى تحريػؾ مشػاعر الحيطػة
والحػذر لكػػؿ مػا يمػػس القػيـ اإلسػػالمية والرمػوز الدينيػػة وىػذا يػػؤدي إلػى زيػػادة
تمسكو بيذه القيـ اإلسالمية والرموز وىو في الوقت نفسو تمسؾ باإلسالـ .
٘ .الحفاظ عمى مسايرة الػدعوة والعمػؿ معيػا عمػى ترسػيخيا فػي نفػوس الػداخميف
ف ػػي اإلس ػػالـ وتثبي ػػت اإليم ػػاف ف ػػي قم ػػوبيـ ،والعم ػػؿ عم ػػى اس ػػتم ارريتيا ،وف ػػتح
المج ػػاؿ أمامي ػػا لتق ػػوـ بم ػػا يج ػػب م ػػف جم ػػب العق ػػوؿ والقم ػػوب إل ػػى اإلس ػػالـ
وتوعيتيـ بأمور دينيـ .
.ٙالتأكيد عمى موقع العالـ اإلسالمي ومكانتو في إدارة دفػة العػالـ ونجاحػو بػأف
يكػػوف الػػديف الوحيػػد النػػاجح الػػذي يسػػتطيع إعطػػاء حمػػوؿ ومعالجػػات ناجحػػة
لكػػؿ مػػا يسػػتجد مػػف أحػػداث ومشػػاكؿ وحػػروب بػػيف الػػدوؿ عػػف طريػػؽ التػوازف
الػ ػػذي ىػ ػػو مػ ػػف سػ ػػماتو ،وبػ ػػيف انػ ػػو متجػ ػػدد ويسػ ػػاير متطمبػ ػػات العصػ ػػور ،
فػػاإلعالـ اإلسػػالمي بػػذلؾ ( يبحػػث عػػف كػػؿ مػػا فيػػو رخػػاء ونفػػع األمػػة لينػػاؿ
َح ٍػد ِع ْن َػدهُ ِم ْػف نِ ْع َم ٍػة تُ ْج َػزى
رضػي خالقػة ومثوبػة مػف عنػده ) قػاؿَ و َمػا ِأل َ
،ولػ ػػيس غايػ ػػة اإلعػ ػػالـ اإلسػ ػػالمي غسػ ػػؿ عقػ ػػوؿ العبػ ػػاد بأكاذيػ ػػب خرافيػ ػػة
وأسػ ػػاطير مػ ػػا انػ ػػزؿ اهلل بيػ ػػا مػ ػػف سػ ػػمطاف،كما ىػ ػػو فػ ػػي كثيػ ػػر مػ ػػف األنظمػ ػػة
اإلعالمية الحديثة؛ َّ
ألف اإلعالـ اإلسالمي إعالـ منضػبط يعمػؿ بػالحؽ وىػو
حجتػػو يسػػتند عمييػػا واإلعػػالـ ىػػو القػػوة القػػاىرة لمباطػػؿ القامعػػة ألىمػػو ،وىػػو
كؿ ما يؤدي إلى الخيػر العػاـ لإلنسػانية مػف تػدعيـ إسػالمي وتعمػيـ إسػالمي
.
.ٚإسػػعاد المجتمػػع باإلسػػالـ وتعاليمػػو السػػمحة المرنػػة التػػي مػػا جػػاءت إل ليفػػوز
الن ػػاس برض ػػا اهلل ف ػػي ال ػػدنيا قب ػػؿ اآلخػ ػرة ،ويحظ ػػى الف ػػرد ب ػػاحتراـ المجتم ػػع
إلسػػالمو ومبادئػػو السػػامية التػػي يحمميػػا ،عػػف طريػػؽ تحسػػيف سػػموؾ النفػػوس
بمػػداواتيا ومعالجتيػػا مػػف أم ارضػػيا النفسػػية التػػي شػػوىت فكػػر المسػػمـ ،والتػػي
()11
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
جعمتػػو يشػػكؾ حتػػى فػػي انتمائػػو الػػديني لكث ػرة مػػا يتعػػرض لػػو مػػف انتكاسػػات
ي ارىػػا فػػي عالمػػو اإلسػػالمي اليػػومي ،وض ػربات متالحقػػة ،فيجػػد فػػي اإلعػػالـ
اإلسالمي اليادؼ الناقؿ لو مف موقؼ الدفاع الضعيؼ المغموب والذي يريػد
أصػػحابو أف يقض ػوا حيػػاتيـ بسػػالـ حتػػى ولػػو عمػػى إذلليػػـ إلػػى موقػػؼ العػػز
والحجػػة والبرىػاف باإلسػػالـ ،لقػػوؿ عمػػرو بػػف العػػاص ( إننػػا قػػوـ قػػد أعزنػػا
اهلل باإليماف ونصرنا باإلسالـ فما لنا أف ننزؿ ألىؿ الشرؾ والطغياف).
.ٛكمػػا ييػػدؼ اإلعػػالـ اإلسػػالمي إلػػى الترفيػػو عػػف الجمػػاىير وتخفيػػؼ األعبػػاء
عػػنيـ ويقػػوـ بتعمػػيـ ميػػارات جديػػدة مػػف خػػالؿ التواصػػؿ مػػع الع ػوالـ األخػػرى
والت ػي تحمػػؿ ثقافػػات أخػػرى ولغػػات عديػػدة وفيػػـ مػػا يحػػيط بنػػا مػػف الظ ػواىر
واألحداث التي لبد مف معرفتيا وتحميميا وابداء رأينا بيا .
كػػؿ ىػػذا يػػؤدي إلػػى إعطػػاء كيػػاف مسػػتقؿ لإلنسػػاف ،لػػو اسػػتقاللية فػػي أفكػػاره غيػػر
سير وراء ما يأتي بو اإلعالـ الغربي مف غسؿ األدمغة واألفكار .
ُم ّ
تُع ػ ّػرؼ الخصيص ػػة بأني ػػا :النفػ ػراد ،ويق ػػاؿ :خص ػػو بالش ػػيء ،يخص ػػو خصػ ػاً
خصيصػػي ،ويقػػاؿ:اختص فػػالف بػػاألمر،إذا تخصػػص بػػو وانفػػرد عػػف غي ػره ،وخػػص
الشػػيء خصوصا،ضػػد عػػـ ،أي النفػراد والحصػػر تقػػوؿ :خصػػنا المػػدير فػػي المكافػػأة
إذا حصػػر المكافػػأة عمينػػا ،ويقػػاؿ :تخصػػص انفػػرد و صػػار خاصػػا ،يقػػاؿ :خصصػػو
فتخصص بو ،و لو انفرد بو ولػو ،و يقػاؿ :تخصػص فػي عمػـ كػذا قصػر عميػو بحثػو
و جيده.
والخصــائص ىػػي الخصػػاؿ التػػي تميػػز اإلعػػالـ اإلسػػالمي عمػػا س ػواه مػػف اإلعػػالـ،
وينفػػرد بػػو عػػف غيػره وىػػذا مػػا يطػػابؽ المعنػػى المغػػوي لمكممػػة ،واذا أردنػػا اسػػتخالص
()12
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
خصػػائص اإلعػػالـ اإلسػػالمي ،فإننػػا مضػػطروف إلػػى أف نصػػؿ ليػػذا اإلعػػالـ ،وعمػػى
مػػاذا يبنػػى ،لػػذلؾ يجػػب الرجػوع إلػػى كتػػاب اهلل تعػػالى؛ ألنػػو حػػؽ وييػػدي إلػػى الحػػؽ،
وبمػػا أننػػا واثقػػوف مػػف أف إعالمنػػا اإلسػػالمي حػػؽ؛ ألنػػو يعػػيف النػػاس عمػػى اسػػتبانة
المػػنيج الصػػحيح ويرشػػد لكتشػػاؼ المػػنيج الخػػاط ،لػػذلؾ فإنػػو ينفػػرد عػػف غيػره مػػف
بقية نماذج اإلعالـ المطبقة اليوـ ،لػذلؾ نريػد أف يكػوف إعالمنػا النػاطؽ بػالحؽ ،وا ْف
لػػـ يكػػف كػػذلؾ نسػػاعد فػػي ذلػػؾ عػػف طريػػؽ تقريػػب منيجيتػػو ،لتكػػوف مطابقػػة لمشػريعة
اإلسػػالمية الناطقػػة بػػالحؽ لػػذلؾ نػػرى انعكػػاس ذلػػؾ عمػػى بعػػض إعالمنػػا اإلسػػالمي
النقػػي الصػػادؽ اليػػادؼ ،ومػػف منطمػػؽ التأسػػي بسػػيرة الرسػػوؿ الػػذي أُرسػػؿ مبشػ اًر،
ونذي اًر ،وأسس إلعالـ دعوي يقؼ عند أسواره جيابػذة المصػمحيف والمنظػريف حػائريف
م ػػف الدىش ػػة وال ػػذىوؿ ،وانعكاس ػػا لي ػػذا ال ػػدور ال ػػدعوي اإلعالم ػػي ال ػػذي س ػػار عمي ػػو
الرسوؿ ،وسار عمى نيجو الدعاة اليوـ واإلعالميوف ،والػذي يحضػرني ىنػا قػوؿ
الشاعر حيف يشبو انتقاؿ الوراثة في الدعوة إلى مف بعده ليقوؿ:
ٔ .إعــالم عقائـــدي :إف مػػف أىػػـ الخصػػائص التػػي تميػػز بيػػا اإلعػػالـ اإلسػػالمي كونػػو
عقائديا إليياً ،أي :ييدي إلى تجاوز الدنيا إلى اآلخرة عبػر مػا يػدعو إليػو مػف تعػاليـ
وتكػػاليؼ إسػػالمية شػػرعية فيػػو يتبنػػى العقيػػدة اإلسػػالمية ىػػدفا لػػو ،وىػػذا مػػا ينفػػرد بػػو
عف غيره مف أنواع اإلعالـ ،فكممة الحؽ التي يصدح بيا اإلعػالـ ىػي كممػة لةخػرة
وتػػدعو إلػػى وضػػع النػػاس فػػي مسػػتوى اإلحسػػاف والػػذي ىػػو مراقبػػة اهلل لمعبػػد فػػي كػػؿ
ح ػػاؿ ،وى ػػذه ى ػػي حقيق ػػة إعالمن ػػا اإلس ػػالمي في ػػو ل يرس ػػؿ العم ػػوـ والمع ػػارؼ ألج ػػؿ
مكسػػب دنيػػوي بػػؿ ألجػػؿ غايػػات سػػامية أخرويػػة ،فمػػا كانػػت مطالبػػو دنيػػة بػػؿ غاياتػػو
وأىداف ػػو م ػػف ضػ ػػمف تحص ػػيؿ العم ػػوـ المدنيػ ػػة ( وى ػػذا م ػػا يميػ ػػز إعالمن ػػا اإلسػ ػػالمي
وارتباطو التاـ عقيدةً وشريعةً ).
()13
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
فيو (يستمد خطوطو العامة ومنطمقاتو ومصادره مف القرآف الكريـ والسنة النبويػة
المطيػ ػرة ويس ػػير عم ػػى ى ػػدييما ف ػػي معالج ػػة ك ػػؿ األم ػػور اإلعالمي ػػة ،ونب ػػذ ك ػػؿ م ػػا
يتعارض معيما) .
ٕ .إعــــالم مســــتقل :في ػػو ل يقم ػػد تقمي ػػداً أعم ػػى م ػػا يػ ػراه فيعج ػػب ب ػػو دوف الرج ػػوع إل ػػى
ؾضػوابطو الشػػرعية وتحكػػيـ الشػػرع ،أو الحكمػػة فػػي نقمػػو لمخبػػر ،قػػاؿ تعػػالى َ و ِج ْئتُػ َ
يف فال يبنى فكره وثقافتو عمى الظػف قػاؿ تعػالى َ و َمػا َيتَّبِػعُ أَ ْكثَ ُػرُى ْـ ِم ْف َسَبٍأ بَِنَبٍأ َي ِق ٍ
وف. يـ بِ َما َي ْف َعمُ َ
َّ ِ إِل ظَّناً إِ َّف الظَّ َّف ل ُي ْغنِي ِم َف ا ْل َح ِّ
ؽ َش ْيئاً إِ َّف الموَ َعم ٌ
كمػػا انػػو لػػيس ذا كيػػاف متقمػػب ويػػداىف عمػػى حسػػاب الحػػؽ والصػػدؽ ،ول يقػػوـ عمػػى
اع ـ َة لَ َم ُخمقــوق مجاممػػة السػػمطاف واف كػػاف عمػػى خػػوؼ وذلػػؾ عمػالً بالحػػديث ((الَ طَ َ
صـ َـي َة المـ َـو ،))وقولػػو((:قــل الحــق ولــو كــان مـراي وال تخــف فــي اهلل لومــة فــي مع َ
َُ
الئم)) .
ٖ .إعــالم مــرن وممتــزم بــاألخالق :فػػاإلعالـ اإلسػػالمي صػػاحب صػػفة تغمػػب بيػػا عمػػى
غيػره مػػف أنػواع اإلعػػالـ أل وىػػي المرونػػة التػػي مػػا برحػػت تزيػػد مػػف تقبػػؿ النػػاس لػػو،
ومسايرتو لكؿ زماف ومكاف ،ويعطي البمسـ الشافي لكؿ ما يطػ أر عمػى مسػيرة الػدعوة
اإلسالمية وعمى مستجدات الوضع ،فيػو مػرف مػف حيػث األمػور المباحػة والمسػتحبة
والراجعػػة لختالفػػات العممػػاء ول سػػيما فػػي المسػػائؿ الفقييػػة ،وىػػو شػػديد مػػع كػػؿ مػػا
ؾ بِا ْل ِح ْك َم ِػة يتعارض مع حدود اهلل وشرعو ،لذلؾ يقوؿ اهلل تعالى ْ ادعُ إلى سبِ ِ
يؿ َرِّب َ َ
ض َّػؿ َع ْػف َسػبِيمِ ِو َعمَ ُػـ بِ َم ْػف َ َوا ْل َم ْو ِعظَ ِة ا ْل َح َسَن ِة َو َج ِاد ْليُ ْـ بِالَّتِي ِى َي أ ْ
َح َس ُف إِ َّف َرَّب َ
ؾ ُى َػو أ ْ
ِ
يف . َعمَ ُـ بِا ْل ُم ْيتَد َ
َو ُى َو أ ْ
ٗ .إعالم إنساني :واإلنسانية كممة شاممة لجميع ما يقاؿ لو اإلنساف ،بغض النظر عػف
جنسػػو أو لونػػو أو قوميتػػو أو طائفتػػو؛ ألنػػو إعػػالـ دعػػوة لجميػػع اإلنسػػانية دوف تفريػػؽ
بينيا ،وأصولو واضحة ،وتكاليفو معروفة وغايتو يتفؽ عمييا الجميع
ضػػيُ ْـ أ َْولَِيػ ُ
ػاء ػوف َوا ْل ُم ْؤ ِمَنػ ُ
ػات َب ْع ُ ٘ .حــق لكــل مســمم ومســممة ،إذ يقػػوؿ تعػػالى َ وا ْل ُم ْؤ ِم ُنػ َ
ِ ِ ػض َيػ ػأْمر َ ِ
ػوف َّ
الزَك ػػاةَ الص ػػالةَ َوُي ْؤتُ ػ َ
ػوف َّ وف ب ػػا ْل َم ْع ُروؼ َوَي ْنيَ ػ ْػو َف َع ػ ِػف ا ْل ُم ْن َك ػ ِػر َوُيق ُ
يم ػ َ َب ْع ػ ٍ ُ ُ
ِ َّ َّ ػوف المَّػػوَ َوَر ُسػػولَوُ أُولَئِػ َ ِ
ػيـ ،وىػػذا الحػػؽ ىػػو ؾ َسػ َػي ْر َح ُميُ ُـ المػػوُ إِ َّف المػػوَ َع ِزيػٌػز َحكػ ٌ يع ََوُيط ُ
()14
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
ايجػػابي أي :لػػيس تكميفػاً شػػاقاً متمػػثال فػػي أف يقػػوـ المجتمػػع بػػإعالـ الفػػرد تمامػػا كمػػا
يوفر لو األمف والطعاـ والدواء ،فميمة اإلعالـ ليسػت حكػ اًر عمػى إحػد دوف آخػر بػؿ
يسػػتطيع كػػؿ مػػف يجػػد فػػي نفسػػو ىػػذه الرغبػػة أف يكػػوف إعالمي ػاً فض ػالً عػػف لتمتعػػو
بصفات ومقومات تؤىمو ليذه الميمة.
.ٙإعالم جذاب :مف غير المبػال فيػو يعػد اإلعػالـ اإلسػالمي إعػالـ جػذاب؛ ألنػو ينػزؿ
إلػػى الميػػداف كالمصػػارع الػػذي يػػدافع عػػف ىػػذا الػػديف ويكػػافح ويقػػارع الحجػػة بالحجػػة
ويػدحض الباطػػؿ بػػالحؽ ،وينيػػؿ مػػف فكػر مشػػرؽ مستبشػػر غيػػر متطػػرؼ ول ظالمػػي
يرسػػخ الثوابػػت ويصػػحح المفػػاىيـ ويثػػري
ول متقوقػػع ومنػػزوي جامػػد ،بػػؿ ىػػو إعػػالـ ّ
المعرفػػة ويػػدعو لمعمػػـ والػػتعمـ ،ويك ػره الجيػػؿ والجيػػالء ،ويػػوفر المتعػػة المباحػػة كمػػا
يشكؿ وعياً سميماً شامالً ألغمب مف يتابعو ويدقؽ فيو ،خالفا لما نشػاىده مػف إعػالـ
يتبن ػػى الت ػػرويج ل كاذي ػػب الفاض ػػحة ،وتمفي ػػؽ ال ػػتيـ ،ويفس ػػد األخ ػػالؽ وي ػػدمر ال ػػوعي
الػػديني ويسػػير بالمتػػابع إلػػى سػػبؿ الرذيمػػة والنغمػػاس فػػي الشػػيوات والغ ارئػػز الجنسػػية
الم َس ػ ػمّ َمات واذا أراد
الحيوانيػ ػػة ،فض ػ ػالً عػ ػػف الطعػ ػػف فػ ػػي القػ ػػيـ والعػ ػػادات والثوابػ ػػت و َ
التحػػدث عػػف حاجػػات المجتمػػع فإنػػو يػػوقظ الفػػتف ويحطػػـ أواصػػر الصػػمة بػػيف األسػػر
بحج ػػة الحري ػػة الفردي ػػة ،والتمت ػػع ب ػػالحقوؽ ،ث ػػـ إذا توج ػػو إل ػػى ال ػػديف اإلس ػػالمي فإن ػػو
ُ
يظيػػر اإلسػػالـ بصػػورة يسػػتعدي األعػػداء عميػػو حيػػث إنػػو يمفػػت انتبػػاه الحاقػػديف إليػػو،
ويخجؿ مف أنو تابع لبمد عربي واسالمي ويحاوؿ الفرار مف ىذه التيمة بمػا يػراه بػو،
فيسػػخر مػػف شػػعائر اإلسػػالـ كالمبػػاس الشػػرعي لمرجػػؿ أو الم ػرأة والسػػتيزاء بػػو ،ثػػـ
بواجبات اإلسالـ ،كالصػوـ والصػالة والحػج وغيرىػا والتػي يحػاوؿ أف يوجييػا توجييػاً
ل يرغػػب فيػػو النػػاس ،ممػػا يػػؤدي إلػػى إع ػراض النػػاس عنػػو ومحاولػػة التعػػويض عنػػو
باإلعالـ الساخر .
.ٚإعالم واقعي:فيو بعيد عػف الخضػوع لممثاليػات الخياليػة واألىػواء المنحرفػة والتيػارات
اليدامة ،بؿ ىو جاذب لمعقوؿ إلى الواقعية بكؿ جوانبيا التي تختمؼ باختالؼ مػدى
جدية الشخص في مجاراتيا لذلؾ يركز عمى تقبؿ الواقػع بمػا فيػو ويبتعػد عػف كػؿ مػا
ويسوؼ النيوض بالرؤية الواقعية لإلعالـ ،بكػؿ مسػاوئيا
ّ يخدر العقوؿ ،ويفتّر اليمـ
فيو يعد أفضؿ الكؿ؛ ألنو يعمؿ عمى تفسػير ىػذه الجوانػب ل تركيػا وتػراكـ ىموميػا
()15
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
ف ػػاإلعالـ اإلس ػػالمي يح ػػث عم ػػى المواج ػػو لك ػػؿ م ػػا يعت ػػرض طري ػػؽ التق ػػدـ ،وي ػػرفض
التخػػاذؿ والت ارجػػع ،وىػػذا مػػا نالحظػػو فػػي بعػػض إعالمنػػا اليػػوـ الػػذي ينقػػؿ الواقػػع مػػف
غير ما ىو عمى األرض ،حيث يزيؼ الواقع المأساوي .
.ٛإعالم ال ييادن وال يداىن وال ينافق :فيو دائما يضع النقاط عمى الحػروؼ ،ويضػع
األمػػور فػػي مواضػػعيا ول يخشػػى فػػي إحقػػاؽ الحػػؽ لومػػة لئػػـ ،فيػػو اإلعػػالـ الفاصػػؿ
مػػا بػػيف الحػػؽ والباطػػؿ فػػال ينطمػػي عميػػو رقيػػؽ الكػػالـ ول تمػػوف الكػػذب وغشػػو وتزيينػػو
فيو إعالـ واضح كوضوح اإلسالـ وشريعتو الغراء .
.ٜالصدق:يعد الصدؽ السمة التػي يمػر اإلعػالـ بيػا إلػى قمػوب الجميػور ،وىػو الوعػاء
الػػذي يقػػدـ بػػو فكممػػا كػػاف الطعػػاـ يوضػػع فػػي وعػػاء جيػػد نقػػي ،كػػاف متقػػبال أكثػػر مػػف
غيره ،والصدؽ ىو صػفة نبينػا الحػريص عمػى الػدعوة اإلسػالمية ،ويػذكر اإلعػالـ
رده عمػػى أكاذيػػب المنػػافقيف وكشػػؼ الحػػؽ وقطػػع السػػنة الشػػائعات ويػػذكر اهلل تعػػالى
ػيبوا قَ ْومػاً بِ َجيَالَ ٍػة ِ اس ٌ ٍ ذلؾ بقولو يا أَُّييا الَِّذيف آم ُنوا إِف جاء ُكـ فَ ِ
َف تُص ُؽ بَِنَبأ فَتََبَّي ُنوا أ ْ ْ َ َ ْ َ َ َ َ
اصػ ٍػـ ،قػػاؿ :قػػاؿ ػص بػػف ع ِ ِِ
َ يف ، وحػػديث عػػف َح ْفػ ِ ص ػبِ ُحوا َعمَ ػى َمػػا فَ َع ْمػػتُ ْـ َنػػادم َ
فَتُ ْ
ِّث َب قك ِّل ما سمع)). رسوؿ المَّ ِو َ (( كفَى َبا ُل َم ُرَء َك َذ ًبا أ ُ
َن قي َحد َ
ٓٔ .األمانـــة :وى ػػي :م ػػا يق ػػوـ اإلع ػػالـ اإلس ػػالمي بحمم ػػو م ػػف حق ػػائؽ دينن ػػا الحني ػػؼ
وعقائػده الصػحيحة ونقميػا بصػػورة أمينػة إلػى مسػػتحقييا ،وعػدـ اإلضػافة أو القتطػػاع
مف مضامينيا .
.11إعالم متزن :يعتمد اإلعػالـ اإلسػالمي فػي مخاطبتػو لمنػاس عمػى وسػيمة اإلقنػاع
َح َس ُػف إِ َّف
ػي أ ْ ِ ِ َّ ِ ِ
الموضوعية والحوار اليادؼ الموضوعي ،قاؿ تعالى َ و َجاد ْليُ ْـ بالتي ى َ
ِ ض َّؿ َع ْف َسبِيمِ ِو َو ُى َو أ ْ
يف، َعمَ ُـ بِا ْل ُم ْيتَد َ َعمَ ُـ بِ َم ْف َ َرَّب َ
ؾ ُى َو أ ْ
أما الحكـ الشرعي الخاص بالعمؿ في مجػاؿ اإلعػالـ اإلسػالمي ،فيتجػو إلػى
اتج ػػاىيف :اح ػػدىما :يق ػػوؿ ان ػػو فـــري عـــين عم ػػى ك ػػؿ مس ػػمـ ومس ػػممة بق ػػدر الطاق ػػة
البش ػرية ،إذ الػػدعوة فريضػػة شػػرعية وضػػرورة حتميػػة عمػػى كػػؿ مػػف انتسػػب إلػػى امػػة
()16
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
اإلسػػالـ شػػيباً وشػػباباً رجػػال ونسػػاء حكامػاً ومحكػػوميف خاصػػة وعامػػة كػػؿ يقػػوـ بيػػذه
الميمػػة عمػػى حسػػب حالػػو ،وحسػػب طاقتػػو ،وحسػػب إيمانػػو ،وبحسػػب تحسسػػو بواقػػع
اصػ ْػوا اصػ ْػوا بِػػا ْل َح ِّ
ؽ َوتََو َ المسػػمميف وأح ػواؿ المجتمعػػات البش ػرية ،وقولػػو تعػػالى َ وتََو َ
((بمِّ قغـوا
َّب ِر ،أي :بعضػيـ بعضػا بػالحؽ والصػالح ،كمػا يػدؿ الحػديث الشػريؼ َ بِالص ْ
آي ًة)) ،وىذا وغيره مف األحاديث التي تدؿ عمى أنػو فػرض عػيف عمػى َم ْػف َع ِّني َولَ ُو َ
يممػػؾ معمومػػة عػػف اإلسػػالـ ول يوجػػد غيػره مػػف يسػػتطيع أف يوصػػميا إلػػى الغيػػر فينػػا
يصػػبح فػػرض عػػيف عميػػو وعمػػى مػػف يتصػػدر منصػػباً إعالميػاً ،وىػػذا يسػػري عمػػى مػػف
يػػرى منكػػر فيجػػب إعػػالـ غي ػره بػػأف ىػػذا منكػػر ويجػػب تػػرؾ المنكػػر لقػػوؿ النبػػي
سـتَ َط ُع فَ َب َق ُم َب َـو ((من أرَى َم ُن قكم م ُن َك ار َف ُمي َغ ِّيره بيده فََإ ُن لم يسـتَ َطع فَ َبمَ َ َ
سـانو فَـَإ ُن لـم َي ُ
َ َُ ُ ُ ق ً ق ُق َ
ف ُاإليمان)) ،أي :فميمة اإلعالـ اإلسػالمي تكػوف فػرض عػيف عمػى كػؿ َوَذلَ َك أ ُ
َض َع ق
مسمـ ليبم بيا غيره وممف يحتاج ليا ويؤثـ تاركيا؛ ألنػو مػف بػاب كػتـ العمػـ المنيػي
عنو شرعاً وأدباً.
في حػيف قػاؿ غيػرىـ :أف اإلعػالـ اإلسػالمي وميمػة العمػؿ بػو فـري كفايـة
يف َولِ ُي ْن ِػذ ُروا قَ ْػو َميُ ْـ
لقولو تعالى َ فمَ ْول َنفَ َر ِم ْػف ُك ِّػؿ ِف ْرقَ ٍػة ِم ْػنيُ ْـ طَائِفَػةٌ لَِيتَفَقَّيُػوا ِفػي ال ِّػد ِ
َّ
وف،أي :يجػػب تصػػدر فرقػػة لإلنػػذار والتبميػ واإلعػػالـ، إِ َذا َر َج ُعػوا إِلَػ ْػي ِي ْـ لَ َعميُػ ْػـ َي ْحػ َذ ُر َ
وؼ َوَي ْنيَ ْػو َف َع ِػف ُمةٌ ي ْدعوف إلى ا ْل َخ ْي ِر ويأْمروف بِا ْلمعر ِ ِ
َ َ ُُ َ َ ُْ ثـ يقوؿ تعالى َ وْلتَ ُك ْف م ْن ُك ْـ أ َّ َ ُ َ
ػوف،أي :جماعػػة مػػف عامػػة المسػػمميف تػػدعو إلػػى الخيػػر ِ ا ْل ُم ْن َكػ ِػر َوأُولَئِ ػ َ
ؾ ُىػ ُػـ ا ْل ُم ْفم ُحػ َ
وتػػأمر بػػالمعروؼ وتنيػػى عػػف المنكػػر ،ول بػػد مػػف سػػمطة تقػػوـ بيػػذا الواجػػب فمػػدلوؿ
الػػنص القرآنػػي يقػػرر ذلػػؾ فينػػاؾ دعػػوة إلػػى الخيػػر وىنػػاؾ أمػػر بػػالمعرؼ ونيػػى عػػف
المنكر ل يقوـ بيمػا إل سػمطاف ،كمػا يقػوؿ تعػالى إِ َّف المَّػوَ ل ُي َغِّي ُػر َمػا بِقَ ْػوٍـ َحتَّػى
اؿ، ُي َغيِّروا ما بِأ َْنفُ ِس ِيـ وِا َذا أَر َاد المَّوُ بِقَػوٍـ سػوءاً فَػال مػرَّد لَػوُ ومػا لَيػـ ِم ْػف ُدونِ ِػو ِم ْػف و ٍ
َ َ َ ُْ ََ ْ ُ ْ َ َ ُ َ
أي :إف التغيير يحتاج إلػى مغيػريف وىػـ الػدعاة اإلعالميػيف اإلسػالمييف لقولػو تعػالى
ض إِ َّل َقمِػيالً
ػاد ِفػي ْاأل َْر ِ
وف ِمػف قَ ْػبمِ ُكـ أُولُػو ب ِقَّي ٍػة ي ْنيػوف ع ِػف ا ْلفَس ِ
َ َ َ َْ َ َ ْ اف م َف ا ْلقُُر ِ ْ
َ فمَول َك ِ
َ ْ
ِِ َِّ ِ ِ
يف ،فيػذه اآليػات ومػا ظمَ ُموا َما أُتْ ِرفُوا فيو َو َك ُانوا ُم ْج ِرِم َ
يف َ م َّم ْف أ َْن َج ْيَنا م ْنيُ ْـ َواتََّب َع الذ َ
شاكميا تػدؿ عمػى وجػوب قيػاـ بعػض النػاس بواجػب اإلعػالـ اإلسػالمي ،ونشػر ثقافػة
()17
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
اإلسػػالـ؛ ألف نشػػر الػػديف ضػػرورة ممحػػة ل ينكرىػػا إل مػػف رضػػي أف يخػػيـ الجيػػؿ
عمػػى األمػػة اإلسػػالمية ول يحػػرؾ سػػاكناً بينمػػا ال ػرأي الػػذي اميػػؿ إليػػو ىػػو مػػا اتخػػذه
إب ػراىيـ إمػػاـ الػػذي رأى :أف اإلعػػالـ اإلسػػالمي ىػػو فــري عــين وفــري كفايــة ،إذ
يجب عمى كؿ مسمـ ومسممة اإلعالـ باإلسالـ ،كػ ٌؿ بحسػب طاقتػو ،كمػا يجػب عمػى
أبناء األمة أف تتخصص طائفة منيـ في مجاؿ اإلعالـ باإلسالـ ،تكوف أقػدر بيانػاً،
وأعمػػـ باألحكػػاـ الشػػرعية ،وأقػػوى عمػػى الصػػمود ،فػػي مجػػاؿ الحػػؽ والػػدعوة إلػػى اهلل،
وبيذا يكوف كؿ إنساف مسمـ مكمفاً بأف يفّ ُعؿ نفسو ،ويجدد ىمتو ،بػأف يكػوف إعالميػاً
ويػػذكر غي ػره مػػف المػػؤمنيف باإلسػػالـ ،ومػػا يجػػب أف ُيبم ػ ُ إسػػالمياً بقػػدر السػػتطاعة،و ْ
ِّ ِ ِّ
عمي ػػو وم ػػا يح ػػرـ عم ػػى المتب ػػع لي ػػذا ال ػػديف ،ق ػػاؿ تع ػػالى َ وَذك ػ ْػر فَػ ػإ َّف ال ػػذ ْك َرى تَْنفَ ػػعُ
ِ
يف ،وىػػذه الػػذكرى ىػػي إعػػالـ إسػػالمي واضػػح بدللػػة يفيميػػا العقػػؿ ،إذ لػػو ا ْل ُمػ ْػؤ ِمن َ
كػػاف مفيػػوـ الػػدعوة وحػػده الػػذي يقػػوـ بواجػػب الػػدعوة إلػػى اإلسػػالـ ونشػػر ثقافتػػو لغيػػر
المسمميف ،لكاف ما يدعو إلى تثبيت ىذه الدعوة وىذا اإليماف في القػوؿ ىػو اإلعػالـ
اإلسالمي ،فيو بحؽ صماـ األماف لمشريعة اإلسالمية وىػو بحػؽ الوكػاء الػذي يػربط
بػػو الفكػػر اإلسػػالمي أف ينحػػؿ ويتبعثػػر باتجاىػػات وم ازلػػؽ ل تحمػػد عقباىػػا ،كمػػا أف
الذكرى المػذكورة فػي اآليػة ىػي إعػالـ إسػالمي موجػو لممسػمميف ،وال لمػا قػاؿ تعػالى
ِ
أف ال ػػدعوة ى ػػي دع ػػوة لغي ػػر المس ػػمميف واإلع ػػالـ تَْنفَ ػػعُ ا ْل ُم ػ ْػؤ ِمن َ
يف ،و نح ػػف نعم ػػـ ّ
اإلسالمي ىػو لممسػمميف الػذيف ثبػت اإلسػالـ فػي قمػوبيـ ،والػى غيػر المسػمميف الػذيف
تجري عمػييـ أنمػاط التصػاؿ لسػتدعاء عقػوليـ وقمػوبيـ إلتبػاع اإلسػالـ ،إذف الػرأى
القائؿ أف اإلعالـ اإلسالمي فرض عيف يقدر بقدر الستطاعة ،وفرض عمػى بعػض
المسػػمميف كفايػػة بػػأف يتخصصػوا بد ارسػػتو وتدريبػػو ل جيػػاؿ الالحقػػة وىػػذا لػػيس بكثيػػر
عم ػػى قيم ػػة ى ػػذا العم ػػـ ال ػػذي اس ػػتخدمو القاص ػػي وال ػػداني عم ػػى اإلس ػػالـ ويري ػػد ب ػػذلؾ
إضػػعافو ونخػػر صػػخرتو مػػف الػػداخؿ ونقػػوؿ :ويقػػع عمػػى المسػػمميف واجػػب أف يبين ػوا
عظمػػة ىػػذا الػػديف ويكشػػفوا مخػػازي أعدائػػو بوسػػائؿ عمميػػة عص ػرية تجػػاري وتتفػػوؽ
عمى غيرىا وعدـ اللتفات إلػى تكمػيـ األفػواه واغػالؽ العيػوف الػذي يسػتخدموه ضػدنا
أو الذي يستخدمو بعضنا عمى بعض.
()18
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
وسائل الدعوة
مػػف البػػدييي أف مػػف يممػػؾ وسػػائؿ اإلعػػالـ فػػي ىػػذا الػػزمف يممػػؾ زمػػاـ تفكيػػر
الشػػعوب ،وتػػوجيييـ ؛لف القػػوة ىػػي مػػف تممػػؾ زمػػاـ الشػػعوب اآلف ،فبعػػد أف تحػػوؿ
العالـ إلى قرية صغيرة بفضؿ تطور وسائؿ اإلعالـ والتصاؿ ،وبعد أف غػزت عالمنػا
اإلسالمي عبر ىذه الوسائؿ أفكار وقيـ مختمفة مف كػؿ أرجػاء العػالـ ،وصػار ىػـ ىػذه
الوسائؿ :ىػو حسػـ المواقػؼ والصػراعات كػ ٌؿ بحسػب توجيػو ،ففػي ىػذه الحالػة وغيرىػا
تب ػ ػػيف خط ػ ػػر ى ػ ػػذه الوس ػ ػػائؿ إذا احتكرى ػ ػػا الغ ػ ػػرب المع ػ ػػادي لإلس ػ ػػالـ ولمق ػ ػػيـ والتقالي ػ ػػد
اإلسػػالمية ،ومػػف ىػػذا المنطمػػؽ ظيػػرت أىميػػة وسػػائؿ اإلعػػالـ التػػي ضػػاعفت إيصػػاؿ
المعمومػػات إلػى الشػػعوب بصػػورة مكثفػػة ،كمػػا ضػػاعفت آلت الثػػورة الصػػناعية اإلنتػػاج
فػػي األصػػعدة كافػػة ،فكػػاف نصػػيب العػػالـ العربػػي واإلسػػالمي أقػػؿ مػػا يمكػػف أف يعتمػػد
عميو الدعاة واإلعالميوف لنشر ثقافة اإلسالـ بيف أتباعو أو بيف العالـ الخارجي.
فك ػػاف دور ال ػػدعاة ىت ػػؾ أس ػػتار الجي ػػؿ والتخم ػػؼ والتعصػ ػب الت ػػي تح ػػوؿ ب ػػيف
النػػاس ،وبػػيف ديػػنيـ ،كمػػا يجاىػػدوف عمػػى تفكيػػؾ تمػػؾ األقفػػاؿ الشػػيطانية التػػي أوصػػدىا
دعاة اإلباحية عمى دعاة اإلنسانية ،التي تعمؿ بدورىا عمى دفع المسمميف نحو العجػز
القتصادي ،والكسػؿ الفكػري والتقميػد الجتمػاعي ،وتضػع قائمػة مػف األوىػاـ التػي تعمػـ
النػ ػػاس كيػ ػػؼ يقعػ ػػدوف ريثمػ ػػا يت ػ ػوارث العػ ػػالـ الغربػ ػػي أسػ ػػالب األمػ ػػـ ،ويتقاسػ ػػـ ثػ ػػروات
الشعوب.
ل ػػذلؾ أح ػػس الع ػػالـ العرب ػػي واإلس ػػالمي بأىمي ػػة الس ػػتحواذ عم ػػى اكب ػػر نوعي ػػة
وأعمى جودة مف وسائؿ اإلعالـ ،فوصؿ العرب والمسمموف إلى الشعور بدور وفاعميػة
ىذه الوسائؿ في تحديد مواطف القوة في الشعوب.
()19
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
وىػػذا جػػدوؿ يوضػػح م ارحػػؿ اسػػتخداـ وسػػائؿ اإلعػػالـ فػػي تػػاريخ اإلنسػػانية،وىو
عمى وفؽ ما يراه (ماكموىاف)عمى أربع مراحؿ:
مف سنة ٜٓٓٔـ تقريبا إلى الوقت الحاضر عصر وسائؿ اإلعالـ
الجماىيرية
لػػذلؾ بػػدا العػػالـ العربػػي باإلحسػػاس بأىميػػة اإلعػػالـ مػػف خػػالؿ مػػا نمحظ،مػػف
كث ػرة القن ػوات الفضػػائية اإلسػػالمية ،وتعػػددىا ،وتنػػوع اتجاىاتيػػا ،وكث ػرة الصػػحؼ ذات
الطابع اإلسالمي كثرة متواضعة ،واستخداـ المواقع والمنتديات اإلسالمية عمػى الشػبكة
العنكبوتيػػة ،فكػػؿ ىػػذا يػػدؿ عمػػى إحسػػاس دعػػاة اليػػوـ بػػأف وسػػائؿ اإلعػػالـ ىػػي :لسػػاف
الميػ ػزاف الت ػػي تق ػػرر م ػػف بي ػػده س ػػمطة المعرف ػػة وس ػػمطة نش ػػر ثقافت ػػو عم ػػى غيػ ػره ،إذا ل
يتصػػور عنػػد العقػػالء الوصػػوؿ إلػػى ىػػدؼ دوف اسػػتخداـ الوسػػائؿ أو الوسػػيمة الموصػػمة
إليو.
الوسيمة
والوسيمة :مصدر مػف الفعػؿ الثالثػي وسػ َؿ ،ومػف معانييػا الرغبػة والطمػب ،يقػاؿ وسػ َؿ
إذا رغب ،والواسؿ( الراغب إلى اهلل . )
()21
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
والوسيمة :ىي الوسيمة ،والواسػمة :المنزلػة عنػد الممػؾ ،والدرجػة ،والقربػةَ ،وَو ِسػؿ
إلػى اهلل تعػالى توسػيالً ،عمػؿ عمػال تقػرب بػو إليػو ،كتوسػؿ ،وىػي :مػا يتقػرب بػو إلػى
الوسي ُؿ والوسػائِ ُؿ ،وىػي أيضػاً:القُربة ،ومػف ذلػؾ قولػو تعػالى َ يػا أَُّييَػا الغير ،والجمع ِ
ِ ِ ِ َّ ِ ِ ِ َّ َِّ
ػوف ،قػاؿ ابػف آم ُنوا اتَّقُوا الموَ َو ْابتَ ُغوا إليو ا ْل َوسيمَةَ َو َجاى ُدوا في َسبِيمو لَ َعم ُك ْـ تُْفم ُح َ
يف َ
الذ َ
جريػر (رحمػو اهلل) فػي تفسػير قولػو تعػالىَ و ْابتَ ُغػوا إليػو ا ْل َو ِسػيمَة ،أي :اطمبػوا القربػة
إليو بالعمؿ بما يرضيو،
وقػاؿ ابػف كثيػر (رحمػو اهلل) فػي تفسػير اآليػة ،والوسػيمة :ىػي التػي يتوصػؿ بيػا
إلػى تحصػيؿ المقصػود ،ومػف معػاني الوسػيمة أيضػاً :المنزلػة عنػد الممػؾ ،والدرجػة ،
ومف ذلؾ تسمية أعمى منزلة فػي الجنػة بالوسػيمة ،كمػا جػاء فػي الحػديث ((إذا سػمعتـ
ػي صػالة صػمى اهلل َّ
ػي ،فػإف مػف صػمى عم ّ المػؤذف فقولػوا مثػؿ مػا يقػوؿ ،ثػـ صػموا عم ّ
عمييػا عشػ اًر ،ثػـ سػموا اهلل لػي الوسػيمة ،فإنيػا منزلػة فػي الجنػة ل تنبغػي إل لعبػد مػف
عباد اهلل ،وأرجو أف أكوف أنا ىو ،فمف سأؿ اهلل لي الوسيمة حمّت لو الشفاعة)).
قاؿ الجوىري (ما يتقرب بو إلى الغير ،والجمع الوسػؿ والوسػائؿ) ،إذ ل يتصػور
البتة الدعوة إلى شيء بدوف وسيمة ،قاؿ ابف تيميػةَّ :
(إف الػداعي الػذي يػدعو إلػى أمػر
ل بد فيما يدعو إليو مف أمريف:
ٔ .أف يت ػػوفر فيي ػػا عنص ػػر اإلتاح ػػة ،بحي ػػث تك ػػوف متاح ػػة لمجمي ػػع ،ويمك ػػف
الحصوؿ عمييا دوف عناء.
()21
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
ٕ .أو تكػ ػػوف تكاليفيػ ػػا قميمػ ػػة بحيػ ػػث تكػ ػػوف ميس ػ ػورة بصػ ػػورة عامػ ػػة ألغمػ ػػب
الجماىير مف الناحية المادية.
ٖ .أف تتعػػدى بمضػػمونيا اىتمامػػات مصػػالح جماعػػة خاصػػة مػػا دامػػت فػػي
أساسيا تتوجو إلى الجميور الواسع المتنوع.
فالوسػ ػػيمة الدعويػ ػػة اإلسػ ػػالمية تيػ ػػدؼ (إلػ ػػى تزويػ ػػد النػ ػػاس باألخبػ ػػار الصػ ػػحيحة
والمعمومػػات السػػميمة والحقػػائؽ الثابتػػة ،التػػي تسػػاعدىـ عمػػى تكػػويف رأي صػػائب ،فػػي
واقعػػة مػػف الوقػػائع أو مشػػكمة مػػف المشػػاكؿ ،بحيػػث يعبػػر ىػػذا ال ػرأي تعبي ػ اًر موضػػوعياً
عػف عقميػػة الجمػػاىير ،وميػػوليـ واتجاىػػاتيـ ،وىػػذا يعنػػي أف غايػػة وسػػيمة اإلعػػالـ ىػػي:
توسػػيع مػػدارؾ الجمػػاىير عػػف طريػػؽ تزويػػدىـ بالمعػػارؼ واقنػػاعيـ بػػأف يسػػمكوا مسػػمكاً
معيناً ) .
وقػػاؿ باحػػث آخػػر ( والوسػػيمة :ىػػي وسػػيط يتػػيح لمجميػػور أف يػػرى ويسػػمع ،أو
يػػرى ويسػػمع فػػي آف واحػػد رمػػوز الرسػػالة التصػػالية ،أي :إنيػػا الوسػػيط الناقػػؿ لمرسػػالة
وىي في الوقت نفسو تحت تحكـ المستقبؿ إلى حد ما ) .
عمػػى الداعيػػة إلػػى اهلل تعػػالى أف يختػػار الخمػػؽ المناسػػب لمموقػػؼ المناسػػب،
وذلػػؾ بحسػػب األح ػواؿ والمواقػػؼ ،فمػػف رفػػؽ ولػػيف إلػػى شػػدة وعنػػؼ ،ومػػف
ع ْفػػو وصػػفح إلػػى قػػوة وبطػػش ،فقػػد وصػػؼ اهلل عػػز وجػػؿ عبػػاده المػػؤمنيف
ِ ِ َّ ٍ اء َعمَػػى ا ْل ُكفَّػ ِ ِ
ػاء َب ْيػ َػنيُ ْـ ).....وقولػػو (أَذلػػة َعمَػػى ا ْل ُمػ ْػؤ ِمن َ
يف ػار ُر َح َمػ ُ بقولػػو (أَشػ َّػد ُ
ِ ِ
يف )...فمػػيس مػػف الحكمػػة فػػي شػػيء وضػػع الشػػدة موضػػع أَعػ َّػزٍة َعمَػػى ا ْل َكػػاف ِر َ
الميف أو العكس .
ٕ – في الوسائؿ المادية:
()22
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
* اسػػتعماؿ الداعيػػة كػػؿ وسػػيمة مباحػػة متيس ػرة متػػوفرة فػػي عص ػره أي ػاً ك ػاف مصػػدرىا
وصانعيا ،وذلؾ شك اًر هلل عمى توفيرىا لو ،ومبالغة في القياـ بدعوتو ووظيفتو.
* اجتنػػاب ك ػػؿ وس ػػيمة محرمػػة أو مكروى ػػة :ألف لموس ػػائؿ حكػػـ الغاي ػػات ،والوس ػػيمة ل
تبرر الغاية في الدعوة اإلسالمية.
* تجري ػػد الوس ػػيمة المش ػػوبة وى ػػي )الت ػػي اخ ػػتمط فيي ػػا الح ػػالؿ ب ػػالحراـ ) عم ػػا شػ ػابيا،
واسػ ػػتعماليا بعػ ػػد تجريػ ػػدىا كما فعػ ػػؿ -صػ ػػمى اهلل عميػ ػػو وسػ ػػمـ -فػ ػػي وسػ ػػيمة (النػ ػػذير
العرياف).
* التوسع والترخص باستعماؿ الوسيمة (المختمؼ في حكميػا ) فػي حالػة الضػرورة أو
الحاجة الممحة ،والمصمحة العامة ،والتورع عف استخداميا في غير ذلؾ مف أحواؿ.
* الترقػػي بالوسػػيمة الدعوي ػة لتكػػوف مكافئػػة لمػػدعوة ،ومتفوقػػة عمػػى وسػػائؿ العػػدو ،قػػاؿ
ػوف بِػ ِػو َعػ ُػد َّو المَّػ ِػو ِ ِ
اسػػتَطَ ْعتُ ْـ م ػ ْػف قُػ َّػوٍة َو ِم ػ ْػف ِرَبػػاط ا ْل َخْي ػ ِػؿ تُْرِى ُبػ َ
تعػػالىِ :
(وأَع ػ ُّػدوا لَيُػ ْػـ َم ػػا ْ
َ
َو َعػ ُػد َّو ُك ْـ ) ...وارىػػاب العػػدو يكػػوف بوسػػيمة مكافئػػة لمميمػػة ،ومتفوقػػة عمػػى مػػا عنػػد
العدو.
أوال:المرسل (الداعية )
ىو الشخص الذي يقوـ بإعالـ الرأي العاـ بما يعممو ويجيد معرفتو مف
المعارؼ ػ الدينية إف كاف داعية إسالمي ػ
ثانياً:الرسالة
الرسالة التي تنتقؿ عبر عممية التصاؿ تتنوع بتنوع الوظيفة ،فمنيا الرسائؿ
اإلسالمية الوطنية أو القتصادية أو السياسية أو الترفييية ،وما ييمنا ىنا ىي
()23
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
الرسالة اإلعالمية اإلسالمية التي مف خالليا يقوـ المرسؿ بنقؿ معمومات أو أفكار
وآراء توظؼ وظيفة إسالمية ويراد بذلؾ إيصاليا إلى المستقبؿ
ثالثاً:الوسيمة اإلعالمية
تعد الوسيمة اإلعالمية الوعاء الذي تنقؿ بواسطتو الرسالة اإلعالمية إلى
المتمقيف وتعرؼ بأنيا ما يستعممو الداعية واإلعالمي مف إمكانيات وفنوف ينقؿ
ويوصؿ بيا ما يريد تبميغو إلى المدعويف أو الجميور ،وتتنوع ىذه الوسائؿ بتنوع
الزماف والمكاف ،وسنأتي عمى ذكر كمييما في الفصوؿ الالحقة إف شاء اهلل.
رابعاً:المستقبل
وىذا العنصر ىو الذي يحدد مدى نجاح العممية التصالية ،ومدى تقبؿ
إف كانت العممية التصالية أتت أكميا أو لـ تأت ( وتعد الناس ليا فيما يعرؼ ْ
عممية رجع الصدى أو التغذية المرتدة كما يراىا المؤلؼ ىادي نعماف الييتي :ىي
عممية مف عمميات التصاؿ تتضمف رسالة رمزية إلى المرسؿ مف المستقبؿ تعبي ار
عف الستجابة لمرسالة األصمية ) ،ومف األمثمة اإلسالمية التي تشرح موضوع
التغذية المرتدة ،أو رجع الصدى ىو ما ذكر في قولو تعالى َ وِاِّني ُكمَّ َما َد َع ْوتُيُ ْـ
استِ ْكَبا اًر
استَ ْكَب ُروا ْ َص ُّروا َو ْ
ِ ِ ِ
َصابِ َعيُ ْـ في آ َذان ِي ْـ َو ْ
استَ ْغ َش ْوا ثَي َابيُ ْـ َوأ َ
ِ ِ
لتَ ْغف َر لَيُ ْـ َج َعمُوا أ َ
انماط العممية االتصالية
ؼؼلمماالتصالمتؾعاًمظؾفدفماظعاممعنماظعؿؾقةماالتصاظقةمسؾىممخلةمأضلاممػي :م
()24
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
.4اإلعمن:مػوممنطماتصاظيمؼللؿفدفمتؽلوؼنماغطؾاسلامتمحللـةمسلنمدلؾعةمأومخدعلةمأومةاوظلةم
إلحداثمتأثهميفماظلؾوكماالدؿفالطيمبؼصدماظرتوؼج،موؼؼومماإلسالنمسؾىمذلراءمحقلزمدلواءمطلانم
()25
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
ذظكمعلاحةميفمصققػةمأومصرتةم ذاسقلةممأومتؾػزؼوغقلةم،موؼلؤديموزلائفمسلدةمعـفلامتللوؼؼقةمأوم
اضؿصللادؼةمتعؾقؿقلةمأوماجؿؿاسقللةمأومترصقفقللةم،موؼؼللوممبواجللبماظؿعرؼللفمباٌـؿفللات مالدللؿـارةم
رشؾاتماٌشرتي،موػومأدؾوبم سالعيمغليب مألغهمؼ زمعزاؼاماٌـؿفلات،مموػلومأدلؾوبممظإل لاءمم
اظذاتي،موؼؼوممسؾىمعؽؿشػاتمسؾمماظـػس،موػومسـدغاماٌلؾؿونمؼلؿكدممإلسطاءماغطؾاساتمحللـةم
سؾىمعػاػقمم دالعقةمأومضـواتمصضائقةمأومبراعجمأومعواضعماظؽرتوغقلةمأومدورؼلاتم دلالعقة،ممصفلوم
ؼؼوممبدورماحملػزمألغظارماظـاسمظؾؿوجهم مػذهماجملاالتماإلسالعقةماإلدالعقةم.
.5احلرب النفسالةة:موػيم حلدىممأمنلاطمماالتصلالمتشلقعميفمأوضلاتمماظؿـلاصسممواظصلراعموتللؿفدمفميفم
اظغاظبم ذعارماظطرفماألخرمباظضعفمأوماًوفمسنمررؼ م ثارةمسواع مغػلقةموصؽرؼةمتؤؼدمصؽلرةم
اظضعفمواًوفم،موػذاماظـؿطماالتصاظيمؼلؿفدفمصػوفماحملاربنيمأومصػوفم حدىماىفلاتم
اٌؿـازسةمحؿىمو نْمطاغتمتـازساتمدقادقةمأوماضؿصلادؼةمأومدؼـقلةمأومصؾللػقةم،مطؿلامطلامنمؼػعل م
دؼراطمبأسدائهمبأدؾوبماظؿوظقدمواظؿفؽم،موؼؼوممػلذاماظلـؿطمبلزرعمايزميلةمأوماإلذلعارمممبؼلدعاتم
ايزميةميفمصػوفماظعدوم،موادؿكداممػذهماظعؿؾقةمظقسممبؿـوع،مب مػومأعرمرؾقعليموػلومأحلدىمم
ودائ ماٌعرطةموػذاماظـؿطمضدمبرعمصقهمحب ماظقفودمواظـصارىمضدماإلدالممخاللمععارطفمماألخهةم
ضدماإلدالممعنمخاللمعامغشاػدهمعنماظصورماظتمتعرضمسل مودلائ ماالتصلالماظغربقلةم،مبل م نْم
بعضمودائ ماإلسالمماظعربقةمواإلدالعقةمعشارطةميفمػذهمايربماظـػلقةمضدماٌلؾؿني،موضدمنحم
اإلسالمماظغربيميفمأنْمجع ماإلسالمماظعربيمواإلدالعيمتائفاًمالمؼعرفمعامؼؼلول،ممبللؾبمامظللمقطرةم
اٌطؾؼةمسؾقهموػذامظقسمعؾاظغةمصقهمأومتفوؼ ماألعورمب مػومواضعمحال،موتلؿقةماألذقاءممبلؿقاتفام
ودظقؾهمحربـاماألخهةمععماالحؿاللماألعرؼؽيموعامبـؿلمهماظػضلائقاتماظعربقلةماًاصلةمعلنم زفلارمم
ضدراتماظعدوموترداغؿهماظعلؽرؼةموضوتهماظتمالمتؼفرموغلواموتـادوامأنميفماإلدالمموجفاًمآخرمعلنم
اظؼوةمتضاػيمضوةماظعدوموػيمضوةماإلميانمواظقؼني،موالمغرؼلدمأنمخنلوضميفمذظلك،ممظؽلنمغرؼلدمأنم
غؤطدم)مأنّمايربماظـػلقةمذؽ معنم ذؽالماظؿأثهمؼرعيمبهماظعدومظؾؽفمسنماٌؼاوعلةمأوماظلؿػؽهم
يفماٌؼاوعةمسنمررؼ ماألضلوالممواألصعلال)،موماظلتمؼللؿكدعفاماظعلدوماظغلازيمأوماظػؽلمرماٌعلاديمأوم
اظعؼقدةماظدؼـقةماظـاذطة،مصؿـهمعامؼوص موؼـفحمبلؾبمضؾةمخ ةماظعدومأوماٌرادمهطلقممعؼاوعؿله،مم
وعـهمالمؼـفحم ذامتوصرتمسـدماٌرادم ضلعاصهممخؾػقلةم سالعقلةموادلعةميفمأذلؽالممايلروبم،موضلدم
ادؿكدعفاماٌلؾؿونميفمشزوةماًـدق،مأومطؿشقةماحدماٌلؾؿنيمعؿؾكرتامأعامماألسداءمضؾ ماٌعرطةمم
()26
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
يراد باألساليب الصيغة التي يعبر بيا ،أو الحمية المفظية ،والشكؿ الجمالي
قدـ بو المعنى ،أو ما يقوـ مقامو ،وىو بذلؾ :كؿ ما يتَوصؿ
واإلطار الفني الذي ُي َ
بو إلى القُبوؿ واإلقناع ،وقيؿ :ىو الفف ،فأساليب الدعوة :ىي فنوف الدعوة ،وىي
الشكؿ الذي يتـ بو األداء مثؿ الحكمة ،والموعظة ،والقدوة الحسنة ،والجدؿ إلى
أخرىا .
بينا
اضحا ً
نيجا و ً
لغة:قاؿ ابف منظور(( :نيج ...وأنيج :وضح واستباف وصار ً
)) .
()27
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
ب-إف منيج الدعوة رباني كمو مف عند اهلل .ل مجاؿ فيو لالجتياد.
األساليب:
ب-جاء نتيجة قواعد كمية واسس عامة لكي يتخذ المسمميف ما يتالءـ مع
ظروؼ الزماف والمكاف.
ٕ -مف حيث موضوعيا :تتنوع المناىج الدعوية مف حيث موضوعيا إلى أنواع
عديدية ،منيا :
()28
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
المنيج العاطفي
وىو النظاـ الدعوي الذي يرتكز عمى القمب ،ويحرؾ الشعور والوجداف .
الخطابة
وقد نص القرآف عمى ىذا األسموب صريحا في قولو تعالى {:ادع إلى سبيؿ ربؾ
بالحكمة والموعظة الحسنة }
ب .إظيار الرأفة والرحمة بالمدعوييف ،ويكوف بكممة طيبة مؤثرة ،مثؿ المناداة
بكممة :يا أبت ،يا بني ..
()29
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
لطؼ أسموبو
المنيج العقمي
وىو النظاـ الدعوي الذي يرتكز عمى العقؿ ،ويدعو إلى التدبروالتفكر والعتبار.
أساليبو :
ٔ -المحاكمات العقمية ،واألقيسة بجميع أشكاليا ،مثؿ قولو لمشاب الذي استأذف
بالزنا ” :أتحبو ألمؾ ؟ قاؿ :ل ،واهلل ،جعمني اهلل فداؾ ،قاؿ :ول الناس يحبونو
ألمياتيـ “.. .
ٖ -ضرب األمثاؿ بأنواعيا { .وتمؾ األمثاؿ نضربيا لمناس لعميـ يتفكروف }
ٗ -القصص التي يغمب عمييا الجانب العقمي { ،لقد كاف في قصصيـ عبرة ألولي
األلباب }
()31
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
المنيج الحسي
ىو النظاـ الدعوي الذي يرتكز عمى الحواس ،ويعتمد عمى المشاىدات والتجارب .
ٔ -لفت الحس إلى التعرؼ عمى المحسوسات ،لموصوؿ عف طريقيا إلى القناعات
،كما في قولو تعالى { :وفي األرض آيات لمموقنيف ،وفي أنفسكـ أفال تبصروف ،
وفي السماء رزقكـ وما توعدوف }
وقولو {:سنرييـ آياتنا في اآلفاؽ وفي أنفسيـ حتى يتبيف ليـ أنو الحؽ}
ٕ -أسموب التعميـ التطبيقي ،جاء في الحديث قوؿ الرسوؿ صمى اهلل
ٖ -القدوة العممية في تعميـ األخالؽ والسموؾ ،قاؿ تعالى {:لقد كاف
لكـ في رسوؿ اهلل أسوة حسنة لمف كاف يرجو اهلل واليوـ اآلخر
()31
أ.د.رعد محيد توفيق البياتي االعالم الديين ومناهج الدعاة
()32