Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 14

‫األسلوب‬

‫ج اء في لس ان الع رب‪" :‬يق ال للس طر من النخي ل أس لوب‪ ،‬وك ل طري ق ممت د فه و أس لوب‪.‬‬
‫واألسلوب‪ :‬الطريق‪ ،‬والوجه‪ ،‬والمذهب‪ ،‬يقال‪ :‬انتم في أسلوب سوء‪ ،‬ويجمع على أساليب‪،‬‬
‫واألس لوب الطري ق تأخ ذ في ه‪ ،‬واألس لوب الفن‪ .‬يق ال‪ :‬اخ ذ فالن في أس اليب من الق ول‪ ،‬أي‬
‫أفانين منه‪.‬‬
‫ه ذه المع اني ال تي نقلناه ا من ابن منظ ور قس مان‪ :‬قس م حس ي يمث ل الوض ع األس بق لف ظ‪،‬‬
‫كس طر النخي ل والطري ق الممت د أو المس لوك‪ ،‬واألس لوب علي ه خط ة يس لكها الس ائر‪ .‬وقس م‬
‫معنوي هو الخطوة الثانية في الوضع اللغوي حيث تنقل الكلمة من معانيها الحسية إلى هذه‬
‫المعاني األدبية أو النفسية‪ ،‬وذلك هو الفن من القول أو الوجه والمذهب في بعض األحيان‪.‬‬
‫على ان ه ذه المع اني كله ا تنتهي بن ا عن د فك رة إذا أردن ا اس تعمالها في باب ا األدب ك انت‬
‫مالئم ة‪ ،‬فاألس لوب ه و ( فن من الكالم يك ون قصص ا أو ح وارا‪ ،‬أو تش بيها‪ ،‬أو مج ازا‪ ،‬أو‬
‫كناي ة ‪ ،‬أو تقري را‪ ،‬أو حكم ا أمث اال‪ ،‬ف إذا ص ح ه ذا االس تنباط ك ان لألس لوب مع نى أوس ع إذ‬
‫يتجاوز هذا العنصر اللفظي فيشمل الفن األدبي الذي يتخذه األديب وسيلة لإلقناع أو التأثير‪.‬‬
‫والذي يعنينا هنا أن األسلوب منذ القدم كان يلحظ في معناه الناحية الشكلية بوجه خاص فهو‬
‫قد يعني‪:‬‬
‫‪( -‬طرائق التعبير التي يسلكها المتكلم أو األديب لتصوير ما في نفسه بواسطة اللغة)‪.‬‬
‫‪( -‬طريقة في األداء والتوصيل للتجارب التي تعتمل في نفس المبدع)‪.‬‬
‫‪( -‬طريق ة الكتاب ة أو طريق ة اإلنش اء أو طريق ة اختي ار األلف اظ وتأليفه ا للتعب ير به ا عن‬
‫المعاني بقصد اإليضاح والكشف والتأثير والبوح)‪.‬‬
‫‪( -‬طرائق التعبير الخاصة بكل مبدع)‪.‬‬

‫أنواع األسلوب‬
‫ثمة نوعان من األسلوب وهما‪:‬‬
‫‪ .1‬األسلوب العلمي‪ :‬وهو األسلوب الذي يتكون من عنصرين هما(األفكار والعبارات) مع‬
‫إيثار الكلمات الواضحة والدقيقة ألنها تعرض لحقيقة علمية بصورة موضوعية مبتعدة عن‬
‫الخيال والعواطف‪.‬‬
‫‪ .2‬األسلوب األدبي‪ :‬هو األسلوب الذي يتكون من (األفكار والصور والعبارات) مع وجود‬
‫الخي ال والعواط ف وإ قص اء دائ رة تقص ي الحق ائق وتض ييق دائ رة الفك ر من النص األدبي‪.‬‬
‫فنج د األس لوب األدبي مش حونا ب العواطف والخي ال إذ غايت ه الت أثير في النفس من خالل‬
‫تصوير الموضوع تصويرا أدبيا جميال‪.‬‬

‫بين البالغة واألسلوبية‬


‫لقد بدأ مع مطلع القرن العشرين اهتمام كبير بعلم اللغة واللسانيات‪ ،‬حيث انتقلت الدراسات اللغوية‬
‫نقلة نوعية على هذا الصعيد‪ ،‬ثم سرعان ما امتد هذا االهتمام ليشمل حقل األدب واإلب داع األدبي‪،‬‬
‫بوصفه نصوصَا ذات بنية لغوية في األصل‪.‬‬
‫وق د ك ان من نت ائج ه ذا االهتم ام نش وء علم جدي د يبحث في لغ ة النص وص األدبي ة ع رف‬
‫بـ"األسلوبية"‪ ،‬فأصبح منهجَا ومدخَال للنصوص األدبية‪ ،‬لتحديد خصائصها وسماتها الجمالية‪.‬‬
‫فتعد األسلوبية من المناهج الحديثة للنقد األدبي في العصر الحديث‪ ،‬وتمتاز بأنها تقوم على أمور‬
‫ثابتة مستقاة من علوم البالغة‪ ،‬والنحو‪ ،‬والصرف‪.‬‬
‫إال أن ه ذا العلم الح ديث ل ه ج ذور في تراثن ا النق دي والبالغي ‪ ،‬فق د ك انت معظم قض اياه‬

‫وتصوراته ترجع – في أغلبها – إلى األسلوب‪ ،‬كما قدم النقد العربي القديم تفكيرَا أسلوبيَا ناضجَا‬
‫لم تغب عنه أبرز القضايا التي يثيرها البحث األسلوبي‪.‬‬
‫وفي الص فحات التالي ة يمكنن ا أن نستش ف تل ك العالق ة العميق ة بين األس لوبية والبالغ ة العربي ة‬
‫القديمة‪ ،‬من خالل توضيح عناصر االلتقاء واالختالف بينهما‪.‬‬
‫أوًال‪ :‬البالغة‬
‫البالغة عند الغرب ‪:‬‬
‫سادت البالغة في الغرب من القرن الخامس قبل الميالد حتى القرن التاسع عشر‪ ،‬مارة من أثينا‬
‫إلى روما وباريس‪،‬وألنها – كما يقول روالن بارت – كالم عن كالم‪ ،‬أي حديث اللغة عن نفسها‪،‬‬
‫فقد أشارت إلى عدة معان متوالية أو متعاصرة طبقًا لكل فترة‪.‬‬
‫فقد كانت البالغة تكنيكًا‪ ،‬أي فنًا بالمعنى الكالسيكي للكلمة‪ ،‬وتحددت حينئ ٍذ بأنها فن اإلقناع الذي‬
‫يتك ون من مجموع ة من القواع د والمواص فات‪ ،‬يض من تطبيقه ا إقن اع الس امع أو إقن اع الق ارئ‬
‫ب النص األدبي‪ .‬وك انت تعليم ًا‪ :‬إذ ينتق ل الفن البالغي بطريق ة شخص ية من المعلم البلي غ إلى‬
‫تالميذه‪ ،‬ثم لم يلبث أن دخل المدارس والمعاهد وأصبح مادة للتعليم واالمتحان‪.‬‬
‫ثم أصبحت علمًا ومجاًال للمالحظات المستقلة تتمثل في التأثيرات اللغوية وتصنيفها في مجموعة‬
‫من القواعد والقوانين‪.‬‬
‫وهي ك ذلك (خل ق) على اعتب ار أنه ا جمل ة من القواع د‪ ،‬ومجموع ة من المب ادئ األخالقي ة ال تي‬
‫تضبط انحرافات اللغة الفنية‪.‬‬
‫وهي (ممارس ة اجتماعي ة) فالبالغ ة (تكني ك) متم يز متكل ف‪ ،‬يس مح للطبق ات الس ائدة والمثقف ة أن‬
‫تمتلك ناصية الكلمة‪.‬‬
‫وق د هيمنت البالغ ة على التفك ير الش عري والمنطقي ع بر العص ور من ذ أرس طو والنظري ات‬
‫الش عرية الجدي دة في الق رون الوس طى‪ ،‬وص وًال إلى النظري ات الكالس يكية في بداي ة الق رن الث امن‬
‫عشر ‪.‬‬
‫وقسم أرسطو كتابه (فن الخطابة) إلى ثالثة أقسام‪ :‬هي اإليجاد‪ ،‬والترتيب‪ ،‬والتعبير‪ .‬حيث فصل‬
‫المس ائل النفس ية والمنطقي ة والفني ة المتعلق ة بالت أليف الخط ابي وبالغت ه‪ .‬أي الحجج واألدل ة‪ ،‬ثم‬
‫تنس يق أج زاء الخط اب وع رض معلومات ه‪ ،‬ثم الجم ل والمف ردات‪ ،‬العب ارة واألس لوب‪ ،‬واإلقن اع‬
‫وتحقيق الخطيب له‪.‬‬
‫وقد حافظ الغربيون على هذا التمثيل األرسططاليسي‪ ،‬وتقسيم البحث إلى إيجاد وترتيب وتعبير‪،‬‬
‫واعتبروه نموذجًا لدراسة البالغة‪ ،‬يستعينون عليه بدراسة أرسطو للشعر وأنواعه‪ ،‬وهم ال يزالون‬
‫يحافظون عليه إلى اآلن‪.‬‬
‫وكم ا يق ول د‪.‬ص الح فض ل‪ :‬فق د ك ان في انتص ار البالغ ة وس يطرتها م ا ي ؤذن باحتض ارها‪ ،‬إذ‬
‫أخذت تقتصر تدريجيًا على ميادين محدودة‪ ،‬وتقع في لون من فقدان األهمية واالعتبار الفكريين‪.‬‬
‫وفي المرحل ة المت أخرة من العص ور الوس طى أخ ذت تتالش ى البالغ ة التعليمي ة‪ ،‬إال أنه ا احتفظت‬
‫بمواقعها في بعض المعاهد والمدارس في إنجلترا وفرنسا وإ سبانيا‪.‬‬
‫إن البالغة الغربية منذ نشأتها عند اليونان حتى اليوم‪ ،‬ال تفصل بين بحث (األسلوب) عن بحث‬
‫(األنواع األدبية)‪ ،‬كما أنها ال تفصله عن بحث (صور البالغة)‪ ،‬والتي هي‪ -‬في نظرهم‪ -‬أقرب‬
‫الط رق إلى التعري ف باألس لوب ‪ .‬إن لك ل ن وع أدبي – في نظ رهم‪ -‬طريق ة في التعب ير تالئم ه‬
‫بحيث يكون اختيار األلفاظ والمالءمة بين الجمل واألفكار شيئًا من متطلبات العمل األدبي نفسه‪،‬‬
‫سواء في تحضير المعاني أو صياغة العبارات‪.‬‬

‫البالغة عند العرب ‪:‬‬


‫لقد عرف العرب كتابي أرسطو (فن الخطابة) و(فن الشعر) إال أنهم لم يتفاعلوا مع تعاليمهما‪ ،‬إذ‬
‫إن كتاب ه (فن الخطاب ة) فن لإلقن اع ويتح دث عن الت أليف الخط ابي‪ ،‬كم ا أن كت اب (فن الش عر)‬
‫يتحدث عن أنواع شعرية مركبة وصعبة يجهلها العرب‪ ،‬مثل‪ :‬المأساة والملهاة والملحمة‪ ،‬ولذلك‬
‫أهملوا تقسيمات الكتابين وتحليالتهما‪.‬‬
‫إن ظروف المجتمع العربي قديمًا لم تسمح لهم بتجاوز تجارب أدبهم شعره ونثره‪ ،‬وإ ذا تجاوزوها‬
‫فمن أجل دراسة اإلعجاز القرآني‪ ،‬الشغل الشاغل لهم لغويًا وبالغيًا وكالميًا‪.‬‬
‫فقد كان من أهم ما قدم في دراسة البالغة هو ما قدمه النقاد الذين بحثوا اإلعجاز القرآني‪ ،‬فهم‬
‫اتجهوا إلى البالغة باحثين في فنونها‪ ،‬موضحين أقسامها لتكون لهم عون ًا على فهم القرآن‪ ،‬ولكي‬
‫يبرهنوا على إعجازه وليستنبطوا أحكامه‪.‬‬
‫لقد كان البالغيون العرب أكثر اهتمام َا بمصطلح البالغة‪ ،‬فوضع له كثير من التحديدات‪ ،‬أشار‬
‫بعض ها إلى أن المقص ود ب ه "اإليص ال واإلبالغ"‪ ،‬فهي "إبالغ المتكلم حاجت ه بحسن إفه ام الس امع‪،‬‬
‫ول ذلك س ميت بالغ ة"‪ ،‬وإ لى مث ل ه ذا ي ذهب أب و هالل العس كري في كتاب ه "الص ناعتين"‪ ،‬إذ‬
‫يقول ‪":‬فنقول ‪ :‬البالغة كل ما تبّل غ به المعنى قلب السامع فتمكنه في نفسه كتمكنه في نفسك مع‬
‫صورة مقبولة ومعرض حسن"‪.‬‬
‫وقد سئل العتابي –وهو من شعراء العباسيين‪: -‬ما البالغة؟ ‪،‬فقال‪ :‬كل من أفهمك حاجته من غ ير‬
‫إعادة وال حبسة وال استعانة فهو بليغ‪.‬‬
‫وق ال الجاح ظ عن البالغ ة ‪ :‬ال يك ون الكالم بمس تحق اس م البالغ ة ح تى يس ابق معن اه لفظ ه‪ ،‬فال‬
‫يكون لفظه إلى سمعك أسبق من معناه إلى قلبك ‪.‬‬
‫وق د أهم البالغ يين الع رب موض وعان كب يران‪ ،‬هم ا‪ :‬ت ركيب الجمل ة العربي ة بالغي َا‪ ،‬ثم أس رار‬
‫الحس ن في ه‪ ،‬ففي الجمل ة درس وا بناءه ا‪ ،‬وأش كال تراكيبه ا ومعانيه ا‪ ،‬وأب رز نظري اتهم فيه ا أث ر‬
‫(النظم) في بالغة القول‪ ،‬وتعود للجرجاني‪ ،‬إذ ربطوا (النظم) بمعاني النحو‪ ،‬وهي المعاني التي‬
‫ابتنى السكاكي (علم المعاني)‪ ،‬وتدور حول بالغة اإلسناد‪.‬‬
‫وق د رس خ الس كاكي مب احث علم البالغ ة وجعله ا علوم ًا تش مل علمي (المع اني والبي ان) وح دد‬
‫مباحثهم ا (فعلم البيان يدرس تأدية المعنى الواحد بطرق مختلفة‪ ،‬أما علم المعاني يدرس أحوال‬
‫اللف ظ الع ربي في ال تراكيب اللغوي ة) ‪ ،‬ثم أض يف إليهم ا‪ -‬من بع ده – علم ث الث ه و (علم الب ديع)‬
‫الذي يدرس المحسنات اللفظية والمعنوية ‪ ،‬فأصبحت البالغة لديه علم ًا لدراسة األساليب وكشف‬
‫خصائص ها‪ ،‬وق د عرفه ا بقول ه‪( :‬البالغ ة هي بل وغ المتكلم في تأدي ة المع نى ح دًا ل ه اختص اص‬
‫بتوفي ة خ واص ال تراكيب حقه ا وإ ي راد أن واع التش بيه والمج از والكناي ة على وجهه ا)‪ .‬فتح ددت‬
‫البالغة بخواص يشتمل عليها الحدث الكالمي‪ ،‬هي خواص تراكيب الكالم ‪.‬‬
‫إن مفهوم النقاد العرب القدماء للبالغة قد ارتبط باألسلوب ارتباطًا وثيقًا‪ ،‬خاصة في المرحلة ال تي‬
‫ب دأ ينظ ر فيه ا إلى البالغ ة كوص ف للكالم إذا امت از بخص ائص وس مات معين ة‪ ،‬أص بحت ه ذه‬
‫الخصائص فيما بعد أبواب علوم البالغة التي قامت بمحاولة لحصر كافة أساليب الكالم وضمها‬
‫تحت كليات عامة ‪.‬‬
‫أما في العصر الحالي فقد بدأ االهتمام باألسلوب من منطلق جديد‪ ،‬فنشأت األسلوبية والتي يرى‬
‫بعض الباحثين أنها الوريث الشرعي الوحيد للبالغة القديمة‪.‬‬
‫في حين ي رى آخ رون أن ه من الممكن العث ور على ص يغة مالئم ة لل ون من التع ايش بين البالغ ة‬
‫واألسلوبية بحيث ال تصبح العالقة حينئ ٍذ مبنية على التوارث بل على بعث بالغة جديدة مواكبة‬
‫لألسلوب تكون معه ضلعي مثلث يكتمل بالنحو‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬األسلوبية‬
‫مفهومها ‪:‬‬
‫األسلوبية مجال من مجاالت المعرفة يعرض بالدرس للنصوص األدبية‪ ،‬محاوًال االلتزام بمنهج‬
‫موضوعي يحلل على أساسه األساليب ليكشف عن القيم الجمالية لهذه األعمال منطلق ًا من تحليل‬
‫الظواهر اللغوية والبالغية للنص‪.‬‬
‫وفي مطلع القرن العشرين ولد تحت كلمة (األسلوبية) مفهومان مختلفان هما‪:‬‬
‫‪.1‬دراسة الصلة بين الشكل والفكرة‪ ،‬وخاصة في ميدان الخطابة عند القدماء‪.‬‬
‫‪.2‬الطريق ة الفردي ة في األس لوب أو دراس ة النق د األس لوبي‪ ،‬وهي تتمث ل في بحث الص الت ال تي‬
‫تربط بين التعبيرات الفردية أو الجماعية ‪.‬‬
‫وق د ع رف ب الي – مؤس س علم األسلوب ‪-‬ه ذا العلم بكون ه علم ًا يع نى بدراس ة وق ائع التعب ير في‬
‫اللغة المشحونة بالعاطفة‪ ،‬المعبرة عن الحساسية الشعورية‪ ،‬فنجده قد حصر البحث األسلوبي في‬
‫الجانب الوجداني للغة وبالتالي في تعبيريتها‪.‬‬
‫ونجدها عند ريفاتير بأنها (علم يعنى بدراسة اآلثار األدبية دراسة موضوعية‪ ،‬وهي لذلك تعنى‬
‫بالبحث عن األسس القارة في إرساء علم األسلوب خاصًا ‪).‬‬
‫وأوض ح ريف اتير في كتاب ه (في األس لوبية البنوي ة) ال ذي ص در ع ام ‪ ،1971‬أن األس لوب ه و‬
‫العالمة المميزة للقول‪ ،‬داخل حدود الخطاب‪ ،‬وأن البنية النوعية للنص هي نفسها أسلوبه‪ ،‬فاللغة‬
‫تعبر‪ ،‬ولكن األسلوب يبرز‪ ،‬ولذلك يدرس األسلوب من حيث أثره في المتلقي ( الس امع أو الق ارئ‬
‫)‪.‬‬
‫ويالح ظ ك ثرة تعريف ات األس لوبية في الكتب المختص ة به ذا المج ال‪ ،‬وهي متباين ة من حيث‬
‫صياغتها ومنطلقاتها‪ ،‬ومن تلك التعريفات ما يركز على كون األسلوبية منهج ًا علمي ًا في دراسة‬
‫أسلوب النصوص‪ ،‬مما يشير إلى األصل الذي انبثقت عنه األسلوبية وهي األلسنية ‪.‬‬
‫كما عرفت أيضًا بأنها (دراسة األسلوب أو طريقة التعبير عن الفكر من خالل اللغة)‪.‬‬
‫وع رفت ك ذلك بأنه ا (إدراك الخص ائص اللغوي ة والعالق ات الداخلي ة للنص وص ال تي يخ رج به ا‬
‫األسلوب من وظيفته اإلخبارية إلى غايات ووظائف تأثيرية وجمالية )‪.‬‬
‫ويمكن تلخيص تلك التعريفات لألسلوبية بصياغة شاملة وهي ‪:‬‬
‫( األس لوبية علم لغ وي مهمت ه الكش ف عن خص ائص األس لوب وظ واهره اللغوي ة ووظائفه ا الفني ة‬
‫التي تعكس ذات المبدع وتؤثر في المتلقي) ‪.‬‬
‫نشأتها‪:‬‬
‫في ع ام ‪ 1875‬أطل ق ف ون درج ابلنتس مص طلح (األس لوبية) على دراس ة األس لوب‪ ،‬ع بر‬
‫االنزياح ات اللغوي ة و البالغي ة في الكتاب ة األدبي ة‪ ،‬وال تي اعتبره ا (تفض يالت) خاص ة‪ ،‬يؤثره ا‬
‫الك اتب على ح د قول ه‪ ،‬إذ إن الك اتب في إنش ائه يخت ار ع ددًا من الكلم ات‪ ،‬والص يغ دون غيره ا‬
‫يؤثرها ‪ ،‬ويجدها تعبر عن نفسه ‪.‬‬
‫ولم تكن (األسلوبية) وقتها قد اتضحت معالمها‪ ،‬لذلك فقد ارتبطت نشأة األسلوبية في بداية القرن‬
‫العش رين ب التطور ال ذي لح ق الدراس ات اللس انية على ي د ع الم اللغ ة السويس ري فردينان د دي‬
‫سوسيير – أستاذ علم اللغة العام – بجامعة جنيف الذي أسس ألصول األلسنية الحديثة ‪.‬‬
‫فقد كانت جهوده اللغوية متاحة أمام أحد طالبه وهو شارل بالي (‪ )1947 – 1865‬الذي جزم‬
‫ع ام ‪ 1902‬ب أن علم األس لوب ق د تأسس ت قواع ده النهائي ة‪ ،‬وذل ك بع د أن أص در كتابي ه (في‬
‫األس لوبية الفرنس ية)‪ ،‬و(المجم ل في األس لوب‪ )1905‬الل ذين يعت بران اللبن ة األولى في ص رح‬
‫األسلوبية العلمية‪.‬‬
‫فاألس لوبية إذًا‪ -‬كم ا يتض ح من نش أتها‪ -‬فنن من أفن ان ش جرة األلس نية‪ ،‬وهي جس ر األلس نية إلى‬
‫تاريخ األدب‪ ،‬فاأللسنية إذا كرست نفسها في خدمة األدب استحالت أسلوبية‪ ،‬ول ذلك فإن األسلوبية‬
‫تعد حلقة الوصل بين علم اللغة والدراسة األدبية للنصوص ‪.‬‬
‫ظهرت كلمة (األسلوبية) خالل القرن التاسع عشر عند الغربيين‪ ،‬ولكن معناها المحدد لم يظهر‬
‫إال في أوائ ل الق رن العش رين‪ ،‬وق د أعلن األلم اني س تيفن أولم ان س نة ‪ 1969‬اس تقرار األس لوبية‬
‫علم ًا ألس نيًا نق ديًا تحيط ه المنهجي ة والموض وعية‪ ،‬وب ذلك اعت بر ه ذا المنهج من أح دث م ا أنتجت ه‬
‫علوم اللغة في العصر الحديث ‪.‬‬
‫اتجاهاتها‪:‬‬
‫لألسلوبية اتجاهات متعددة‪ ،‬منها على سبيل المثال‪:‬‬
‫‪ -1‬األسلوبية التعبيرية‪:‬‬
‫ويع د ش ارل ب الي رائ دًا له ذا التوج ه‪ ،‬وتع ني عن ده ‪ :‬طاق ة الكالم ال ذي يحم ل عواط ف المتكلم‬
‫وأحاسيسه‪ .‬فهي تدرس العالقة بين الصيغ والفكر وال تخرج عن نطاق اللغة‪ ،‬وال تتعدى وقائعها‬
‫‪ .‬ويعتد فيها باألبنية اللغوية ووظائفها داخل اللغة ‪ .‬فهي وصفية بحتة ‪.‬‬
‫ل ذلك نج د أن ب الي ق د اهتم في دراس اته ب البحث عن عالق ة التفك ير ب التعبير‪ ،‬وإ ب راز الجه د ال ذي‬
‫يبذله المتكلم ليوفق بين رغبته في القول‪ ،‬وما يستطيع قوله‪ ،‬فالمنشئ سواء أكان متكلم ًا عادي ًا أم‬
‫أديب ًا‪ ،‬فهو يجتهد في اختيار طريقة إيصال أفكاره إلى المتلقي‪ ،‬وفي أحيان كثيرة يضمن خطابه‬
‫شحنات عاطفية بغرض التأثير في متلقيه‪ ،‬وقد صبت األسلوبية التعبيرية جل اهتمامها على تلك‬
‫الشحنات العاطفية في الخطاب‪ .‬وبغض النظر عن كونه عادي ًا أم أدبي ًا‪ .‬وبذلك ظلت أسلوبية بالي‬
‫هي أسلوبية اللغة وليست أسلوبية األدب‪.‬‬
‫‪ -2‬األسلوبية اإلحصائية‪:‬‬
‫تعتمد األسلوبية اإلحصائية على اإلحصاء الرياضي في محاولة الكشف عن خصائص األسلوب‬
‫األدبي في عم ل معين‪ ،‬وي رى أص حابها أن اعتم اد اإلحص اء وس يلة علمي ة موض وعية تجنب‬
‫الباحث مغبة الوقوع في الذاتية‪.‬‬
‫ومن ال ذين اق ترحوا نم اذج لإلحص اء األس لوبي (زمب) ال ذي ج اء بمص طلح (القي اس األس لوبي)‬
‫ويقوم على إحصاء كلمات النص وتصنيفها حسب نوع الكلمة‪ ،‬ووضع متوسط تلك الكلمات شكل‬
‫نجمة‪ ،‬وهكذا تنتج أشكال ونماذج متنوعة يمكن مقارنة بعضها ببعض ‪.‬‬
‫ولهذا يحفل هذا االتجاه بقيم األعداد ويبعد عن الحدس‪ .‬ومما أخذ عليه عدم قدرته على وصف‬
‫تف ّر د العمل األدبي وطابعه الخاص‪ ،‬إال أن هذا االتجاه المعتمد على اإلحصاء يمكن له أن يكمل‬
‫مناهج أسلوبية أخرى ‪.‬‬
‫‪ -3‬األسلوبية الفردية (أسلوبية الكاتب)‪:‬‬
‫وتسمى كذلك باألسلوبية النفسية‪ ،‬وتتمثل في دراسة عالقة التعبير بالفرد أو الجماعة التي تبدعه‪.‬‬
‫وتدرس التعبير في عالقته باألشخاص المتحدثين به‪ .‬وتحدد بواعث اللغة وأسبابها‪ ،‬فهي توليدية‬
‫ترتب ط بالنق د األدبي‪ .‬ومن أش هر ممثليه ا ‪ :‬لي و س بيتزر ال ذي اهتم بالمب دع وتف رده في طريق ة‬
‫الكتابة‪ ،‬فيكون النص كاشفَا عن شخصية صاحبه من خالل تحليل سماته األسلوبية ‪.‬‬
‫‪ -4‬األسلوبية البنيوية‪:‬‬
‫تع د األس لوبية البنيوي ة م دًا مباش رًا من اللس انيات البنيوي ة ال تي تعتم د أساس ًا على دراس ات دي‬
‫سوسيير‪ ،‬فهي والبنيوية تنطلق دراساتها من النص بوصفه بنية مغلقة‪ ،‬وتركز األسلوبية البنيوية‬
‫على تناس ق أج زاء النص اللغوي ة‪ ،‬وهي تهتم في تحلي ل النص األدبي بعالق ات التكام ل بين‬
‫العناصر اللغوية في النص وبالدالالت واإليحاءات التي تحققها تلك الوحدات اللغوية ‪.‬‬
‫‪ -5‬أسلوبية االنزياح ( االنحراف )‪:‬‬
‫تق وم على المب دأ األس لوبي ال ذي يفهم الخ واص األس لوبية على أنه ا انزي اح عن اللغ ة االعتيادي ة‪.‬‬
‫ويع ّر ف األس لوب هن ا على أن ه انزي اح أو انح راف عن المعي ار المتع ارف علي ه (القواع د اللغوي ة‬
‫المقررة)‪ .‬وبذلك يعرف البحث األسلوبي بأنه (علم االنحرافات)‪ .‬ويؤخذ على االتجاه عدم تحديد‬
‫معيار االنزياح تحديدًا دقيقًا‪ ،‬وكذلك إغفاله مقولتي المتلقي والمبدع ‪.‬‬
‫‪ -6‬األسلوبية األدبية‪:‬‬
‫وتعني دراسة األس لوب األدبي‪ ،‬وتهتم بالنصوص األدبية بالذات‪ ،‬وينصب اهتمامه ا على تأويلها‬
‫عن طري ق دراس ة منظوم ة اللغ ة‪ ،‬وانتق اء الس مات األس لوبية المهم ة عن طري ق الح دس لبي ان‬
‫وظائفها‪ ،‬ويسعى أصحاب هذا االتجاه إلى اكتشاف الوظيفة الفنية للغة النص األدبي ‪ ،‬وذلك عن‬
‫طريق التكامل بين الجانب األدبي والجمالي الذي يهتم به الناقد‪ ،‬والجانب اللغوي اللساني‪.‬‬

‫‪ -7‬األسلوبية التأثيرية‪:‬‬
‫ينص ب اهتمامه ا على ت أثيرات النص على الق ارئ من خالل اس تجابته وردود أفعال ه وتناميه ا م ع‬
‫قراءة النص‪ .‬ويرى أصحاب هذا االتجاه أن القارئ مؤلف جديد للنص‪ ،‬له الحق في توسيع داللته‬
‫من خالل تجربت ه ه و‪ .‬وق د انتق دت األس لوبية التأثيري ة بأن ه ليس هن اك مع ايير تض بط اس تجابة‬
‫القارئ للنص‪ ،‬وليس هناك تعليل لردود أفعال القارئ ‪.‬‬
‫‪ -8‬األسلوبية الصوتية‪:‬‬
‫يقابله ا في العربي ة (علم الجم ال اللغ وي)‪ ،‬فموض وعها دراس ة الوح دات الص وتية‪ ،‬و الس ياق‬
‫الصوتي في النص األدبي‪ ،‬وتفسير العالمات التي أدت معاني وإ يحاءات‪ ،‬وصورًا ساعدت على‬
‫نق ل الفك رة‪ ،‬وتعتم د على مفه وم المتغ يرات الص وتية األس لوبية‪ ،‬وبمق دار م ا يك ون للغ ة حري ة‬
‫التصرف ببعض العناصر الصوتية للسلسلة الكالمية‪ ،‬بمقدار ما تستطيع أن تستخدم تلك العناصر‬
‫لغايات أسلوبية ‪.‬‬
‫المشترك بين البالغة و األسلوبية ‪:‬‬
‫تع د البالغ ة في ال درس اللغ وي الح ديث ج زءًا ال يتج زأ من ال درس األس لوبي‪ ،‬فاألس لوبية امت داد‬
‫للبالغ ة‪ ،‬تش كلت ع بر ت اريخ ال درس اللغ وي‪ ،‬والبالغ ة بعلومه ا‪ :‬البي ان والمع اني والب ديع تك ون‬
‫مظهرًا من المظاهر األسلوبية‪ ،‬إن لم يكن أهمها‪ ،‬مقارنة بالمستوى اإليقاعي والمستوى النحوي‬
‫مثًال‪.‬‬
‫وق د تج ددت البالغ ة من ذ بداي ة الق رن التاس ع عش ر فك انت ع امَال في وج ود األس لوبية‪ ،‬وهي علم‬
‫للتعبير وعلم لألدب في آن واحد‪ ،‬وهناك من عّد األسلوبية بالغة حديثة‪ ،‬إذ البالغة في خطوطها‬
‫العريض ة تك ون فن ًا للكتاب ة‪ ،‬وفن ًا للت أليف (فن لغ وي وفن أدبي)‪ ،‬وهم ا س متان قائمت ان في‬
‫األسلوبية‪ ،‬ومن هنا كانت المقولة المعروفة (البالغة هي أسلوبية القدماء)‪.‬‬
‫ونستطيع أن نجمل العالقة بين األسلوبية والبالغة كاآلتي‪:‬‬
‫أوًال ‪ :‬أوجه التشابه‪:‬‬
‫‪.1‬إن مح ور البحث في كليهم ا ه و األدب (النص األدبي)‪ ،‬أي أن موض وع البالغ ة يتف ق م ع‬
‫موضوع األسلوبية فهما يبحثان الجوانب التعبيرية والفنية المختلفة في الخطاب األدبي‪ ،‬فن الكتابة‬
‫وفن التعبير‪ ،‬فن الكالم وفن األدب‪ ،‬وكذلك ال يغفالن الجوانب النفسية‪.‬‬
‫‪.2‬كًال من البالغة واألسلوبية نشأ من علم اللغة (اللسانيات) وارتبط به‪.‬‬
‫‪.3‬بعض المف اهيم البالغي ة تس تخدم في التحلي ل األس لوبي‪ ،‬ويمكن لبح وث بعض البالغ يين –كعب د‬
‫الق اهر الجرج اني مثًال‪ -‬أن تلتقي م ع بعض التوجه ات األس لوبية من حيث الترك يز في التحلي ل‬
‫على العالقات السياقية واإليحائية واالستبدالية في النصوص‪.‬‬
‫‪.4‬إن علم األسلوب يستثمر منطقة كبيرة من البالغة‪ ،‬هي المتصلة ببحوث بنية التراكيب (في علم‬
‫المع اني)‪ ،‬وتحليالت المج از (في علم البي ان)‪ ،‬وبح وث الص ياغة (في الب ديع)‪ ،‬وك ذلك م ا يتص ل‬
‫بالموازنات بين الشعراء والمالحظات على أساليبهم الفردية ومدى نجاحهم أو إخفاقهم في التعبير‪.‬‬
‫وليس يخفى أن االستعارة والتشبيه‪ ،‬من أهم وأبرز المظاهر األسلوبية التي تميز أديب ًا من أديب‪،‬‬
‫أو عمًال من عمل‪ ،‬ولهذا دأب دارسو اللغة والنقاد واألسلوبيون على دراسة وتحليل تلك المباني‬
‫اللغوية التي يرتكز عليها كل مبدع في عملية إبداعه‪ ،‬فالصور الناتجة عن تلك العلوم تحقق ذاتية‬
‫المرسل الذي يرى فيها حقيقة نفسه ومشاعره وأحاسيسه‪.‬‬
‫‪.5‬تش ترك البالغ ة العربي ة م ع األس لوبية في ع دد من النق اط‪ ،‬مم ا ح دا ببعض الدارس ين إلى‬
‫التأص يل لألسلوبية في تراثنا اللغوي عموم ًا‪ ،‬والبالغي خصوص ًا‪ ،‬ولقد كانت جهود عبد القاهر‬
‫الجرج اني في نظري ة النظم تفص يًال واس عًا ح ول األس لوب‪ ،‬فه و ق د اق ترب من مفه وم األس لوبية‬
‫وهو يتناول خصائص األسلوب وبالغته‪ ،‬وبرزت مناطق التقاء بينه وبين بعض األسلوبيين‪.‬‬
‫‪.6‬كًال من البالغة واألسلوبية يفترضان حضور المتلقي في العملية اإلبالغية‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أوجه االختالف‪:‬‬
‫‪.1‬إن النظرة لألدب تختلف في المنظور األسلوبي عنها في المنظور البالغي‪ .‬فاألسلوبية تتعامل‬
‫م ع النص بع د أن يول د‪ ،‬فوجوده ا ت اٍل لوج ود األث ر األدبي‪ ،‬وهي ال تنطل ق في بحثه ا من ق وانين‬
‫مس بقة أو افتراض ات ج اهزة‪ .‬أم ا البالغ ة فهي موج ودة قب ل وج ود العم ل األدبي في ص ورة‬
‫مس ّلمات واش تراطات وق وانين (معياري ة)‪ ،‬ه دفها تق ويم الش كل األدبي ح تى يص ل إلى غايت ه‬
‫المرجّو ة‪.‬‬
‫‪.2‬األسلوبية ليس من شأنها الحكم على قيمة العمل األدبي المنقود بالجودة أو ال ّر داءة‪ ،‬أما البالغة‬
‫فعملها تقييم العمل األدبي لتحكم بمدى مطابقته لما قّعدته وقّننته‪ ،‬وإ لى أي مدى حد راعى صاحبه‬
‫القواعد البالغية وقوانينها‪.‬‬
‫‪.3‬إن المتلقي في البالغ ة ال يش ّك ل إّال جانب ًا من الج وانب المتع ددة لمفه وم (مقتض ى الح ال)‪ ،‬أم ا‬
‫المتلقي في األسلوبية فهو شرط ضروري الكتمال عملية اإلنشاء‪ ،‬فالمتلقي هو الذي يبعث الحياة‬
‫في النص األدبي بتلّقيه وتذّو قه‪.‬‬
‫‪.4‬تقوم البالغة على ثنائية األثر األدبي‪ ،‬بمعنى فصل الشكل عن المضمون‪ ،‬أما األسلوبية فتنظر‬
‫إلى النص على أنه كيان لغوي واحد بدواّله ومدلوالته و ال مجال للفصل بينهما‪.‬‬
‫‪.5‬البالغة ُتتناول مسائلها منفصلة عن الزمان والبيئة‪ ،‬وعلم األسلوب (المقارن) يدرس المسائل‬
‫التي يعرض لها بطريقتين‪:‬‬
‫‪.6‬طريقة أفقية‪ :‬أي عالقة الظواهر ببعضها في زمن واحد‪.‬‬
‫‪.7‬طريقة رأسية‪ :‬أي تطور الظاهرة الواحدة على مّر العصور ‪.‬‬
‫كم ا يمكن لألس لوبية أن ت درس مدرس ة أدبي ة معين ة للكش ف عن الس مات المش تركة ألدبائه ا‪،‬‬
‫ولتعكس المالمح الفكرية والنفسية لهم‪.‬‬
‫‪. 1‬إن البالغة وقفت عند حدود الجملة‪ ،‬وهي انفصالية في البحث وذات نظرة جزئية‪ ،‬حيث ترتكز‬
‫على الش واهد المتفرق ة واألمثل ة المج تزأة –باس تثناء مبحث الفص ل والوص ل حيث يتص ل بالرب ط‬
‫وعدم ه بين جمل تين‪.‬أم ا األس لوبية فتنظ ر إلى ه ذه الوح دات الجزئي ة مرتبط ة ب النص وج زءًا من‬
‫بنيته الكلية‪.‬‬
‫‪.2‬ارتبطت علوم البالغة من حيث تصنيفها وأقسامها وأنواعها بالمنطق (علم الحد واالستدالل)‪،‬‬
‫بينما تشكلت األسلوبية وارتبطت باللسانيات‪.‬‬
‫‪. 3‬تنظر البالغة العربية إلى اللغة على أنها وسيلة وغاية‪ ،‬أما األسلوبية فتنظر إلى اللغة على أنه ا‬
‫غاية في حد ذاتها‪.‬‬
‫‪.4‬وحدة التحليل في البالغة هي الفن البالغي‪ ،‬أما في األسلوبية فإنها الخاصية األسلوبية‪ .‬ووجه‬
‫الف رق بين الخاص ية األس لوبية والفن البالغي‪ ،‬أن األولى ليس له ا وج ود مطل ق خ ارج النص‬
‫األدبي‪ ،‬أي أنها ال تعد خاصية أسلوبية إّال إذا كانت داخل النص‪ ،‬كما ترتبط الخاصية األسلوبية‬
‫بالشيوع والندرة النسبية‪ ،‬ولهذا يدخل اإلحصاء تحديدها على مستوى النص‪ ،‬أم ا الفن البالغي فال‬
‫يتصل به شيء مما سبق‪.‬‬
‫وختامًا‪ ،‬يمكننا القول بأنه قد تعددت تعريفات األسلوبية وتشعبت باختالف المنطلقات التي انطلق‬
‫منه ا ك ل ب احث في دراس ته‪ ،‬وذل ك أدى إلى ظه ور أس لوبيات متع ددة‪ .‬وم ع ه ذا التع ّد د إّال أنه ا‬
‫اتفقت جميعًا بأن موضوعها هو النص األدبي ‪.‬‬
‫كذلك الحال بالنسبة إلى البالغة التي تعتبر األدب هو محورها األساسي في البحث‪ ،‬وألن هناك‬
‫من حكم ب أن األس لوبية هي ال وريث الش رعي للبالغ ة العج وز‪ ،‬وأنه ا هي الش كل الجدي د للبالغ ة‬
‫القديمة‪ ،‬كانت هذه الدراسة إليجاد العالقة بين العلمين‪ ،‬وإ ظهار المشترك والمختلف فيما بينهما ‪.‬‬

‫المصادر والمراجع‪:‬‬
‫‪.1‬اتجاهات البحث األسلوبي‪ ،‬شكري عّياد‪ ،‬دار العلوم للطباعة والنشر‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪.1985 ،1‬‬
‫‪. 2‬االتجاه األسلوبي البنيوي في نقد الشعر العربي‪ ،‬عدنان حسين قاسم‪ ،‬مؤسسة علوم القرآن‪،‬‬
‫عجمان‪ ،‬ط‪. 1992 ، 1‬‬
‫‪.3‬األسلوبية‪ ،‬جورج مولينيه‪ ،‬ترجمة‪ :‬بّس ام بركة‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ط‪. 1999 ،1‬‬
‫‪. 4‬األسلوبية في النقد العربي الحديث‪ ،‬فرحان الحربي‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪. 2003 ، 1‬‬
‫‪.5‬األسلوبية مدخل نظري ودراسة تطبيقية‪ ،‬فتح اهلل سليمان‪ ،‬دار اآلفاق العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪، 1‬‬
‫‪. 2008‬‬
‫‪.6‬األسلوبية مفاهيمها وتجّلياتها‪ ،‬موسى ربابعة‪ ،‬دار الكندي‪ ،‬األردن‪. 2002 ،‬‬
‫‪.7‬األسلوبية منهجًا نقديًا‪ ،‬محمد عّز ام‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪. 1989، 1‬‬
‫‪.8‬األسلوبية واألسلوب‪ ،‬عبد السالم المسدي‪ ،‬دار الكتاب الجديد المتحدة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪. 2006 ، 5‬‬
‫‪.9‬األسلوبية والتداوية مداخل لتحليل الخطاب‪ ،‬صابر الحباشة‪ ،‬عالم الكتب الح ديث‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪. 2011‬‬

You might also like