Professional Documents
Culture Documents
9_2022_01_15!11_10_52_AM
9_2022_01_15!11_10_52_AM
ج اء في لس ان الع رب" :يق ال للس طر من النخي ل أس لوب ،وك ل طري ق ممت د فه و أس لوب.
واألسلوب :الطريق ،والوجه ،والمذهب ،يقال :انتم في أسلوب سوء ،ويجمع على أساليب،
واألس لوب الطري ق تأخ ذ في ه ،واألس لوب الفن .يق ال :اخ ذ فالن في أس اليب من الق ول ،أي
أفانين منه.
ه ذه المع اني ال تي نقلناه ا من ابن منظ ور قس مان :قس م حس ي يمث ل الوض ع األس بق لف ظ،
كس طر النخي ل والطري ق الممت د أو المس لوك ،واألس لوب علي ه خط ة يس لكها الس ائر .وقس م
معنوي هو الخطوة الثانية في الوضع اللغوي حيث تنقل الكلمة من معانيها الحسية إلى هذه
المعاني األدبية أو النفسية ،وذلك هو الفن من القول أو الوجه والمذهب في بعض األحيان.
على ان ه ذه المع اني كله ا تنتهي بن ا عن د فك رة إذا أردن ا اس تعمالها في باب ا األدب ك انت
مالئم ة ،فاألس لوب ه و ( فن من الكالم يك ون قصص ا أو ح وارا ،أو تش بيها ،أو مج ازا ،أو
كناي ة ،أو تقري را ،أو حكم ا أمث اال ،ف إذا ص ح ه ذا االس تنباط ك ان لألس لوب مع نى أوس ع إذ
يتجاوز هذا العنصر اللفظي فيشمل الفن األدبي الذي يتخذه األديب وسيلة لإلقناع أو التأثير.
والذي يعنينا هنا أن األسلوب منذ القدم كان يلحظ في معناه الناحية الشكلية بوجه خاص فهو
قد يعني:
( -طرائق التعبير التي يسلكها المتكلم أو األديب لتصوير ما في نفسه بواسطة اللغة).
( -طريقة في األداء والتوصيل للتجارب التي تعتمل في نفس المبدع).
( -طريق ة الكتاب ة أو طريق ة اإلنش اء أو طريق ة اختي ار األلف اظ وتأليفه ا للتعب ير به ا عن
المعاني بقصد اإليضاح والكشف والتأثير والبوح).
( -طرائق التعبير الخاصة بكل مبدع).
أنواع األسلوب
ثمة نوعان من األسلوب وهما:
.1األسلوب العلمي :وهو األسلوب الذي يتكون من عنصرين هما(األفكار والعبارات) مع
إيثار الكلمات الواضحة والدقيقة ألنها تعرض لحقيقة علمية بصورة موضوعية مبتعدة عن
الخيال والعواطف.
.2األسلوب األدبي :هو األسلوب الذي يتكون من (األفكار والصور والعبارات) مع وجود
الخي ال والعواط ف وإ قص اء دائ رة تقص ي الحق ائق وتض ييق دائ رة الفك ر من النص األدبي.
فنج د األس لوب األدبي مش حونا ب العواطف والخي ال إذ غايت ه الت أثير في النفس من خالل
تصوير الموضوع تصويرا أدبيا جميال.
وتصوراته ترجع – في أغلبها – إلى األسلوب ،كما قدم النقد العربي القديم تفكيرَا أسلوبيَا ناضجَا
لم تغب عنه أبرز القضايا التي يثيرها البحث األسلوبي.
وفي الص فحات التالي ة يمكنن ا أن نستش ف تل ك العالق ة العميق ة بين األس لوبية والبالغ ة العربي ة
القديمة ،من خالل توضيح عناصر االلتقاء واالختالف بينهما.
أوًال :البالغة
البالغة عند الغرب :
سادت البالغة في الغرب من القرن الخامس قبل الميالد حتى القرن التاسع عشر ،مارة من أثينا
إلى روما وباريس،وألنها – كما يقول روالن بارت – كالم عن كالم ،أي حديث اللغة عن نفسها،
فقد أشارت إلى عدة معان متوالية أو متعاصرة طبقًا لكل فترة.
فقد كانت البالغة تكنيكًا ،أي فنًا بالمعنى الكالسيكي للكلمة ،وتحددت حينئ ٍذ بأنها فن اإلقناع الذي
يتك ون من مجموع ة من القواع د والمواص فات ،يض من تطبيقه ا إقن اع الس امع أو إقن اع الق ارئ
ب النص األدبي .وك انت تعليم ًا :إذ ينتق ل الفن البالغي بطريق ة شخص ية من المعلم البلي غ إلى
تالميذه ،ثم لم يلبث أن دخل المدارس والمعاهد وأصبح مادة للتعليم واالمتحان.
ثم أصبحت علمًا ومجاًال للمالحظات المستقلة تتمثل في التأثيرات اللغوية وتصنيفها في مجموعة
من القواعد والقوانين.
وهي ك ذلك (خل ق) على اعتب ار أنه ا جمل ة من القواع د ،ومجموع ة من المب ادئ األخالقي ة ال تي
تضبط انحرافات اللغة الفنية.
وهي (ممارس ة اجتماعي ة) فالبالغ ة (تكني ك) متم يز متكل ف ،يس مح للطبق ات الس ائدة والمثقف ة أن
تمتلك ناصية الكلمة.
وق د هيمنت البالغ ة على التفك ير الش عري والمنطقي ع بر العص ور من ذ أرس طو والنظري ات
الش عرية الجدي دة في الق رون الوس طى ،وص وًال إلى النظري ات الكالس يكية في بداي ة الق رن الث امن
عشر .
وقسم أرسطو كتابه (فن الخطابة) إلى ثالثة أقسام :هي اإليجاد ،والترتيب ،والتعبير .حيث فصل
المس ائل النفس ية والمنطقي ة والفني ة المتعلق ة بالت أليف الخط ابي وبالغت ه .أي الحجج واألدل ة ،ثم
تنس يق أج زاء الخط اب وع رض معلومات ه ،ثم الجم ل والمف ردات ،العب ارة واألس لوب ،واإلقن اع
وتحقيق الخطيب له.
وقد حافظ الغربيون على هذا التمثيل األرسططاليسي ،وتقسيم البحث إلى إيجاد وترتيب وتعبير،
واعتبروه نموذجًا لدراسة البالغة ،يستعينون عليه بدراسة أرسطو للشعر وأنواعه ،وهم ال يزالون
يحافظون عليه إلى اآلن.
وكم ا يق ول د.ص الح فض ل :فق د ك ان في انتص ار البالغ ة وس يطرتها م ا ي ؤذن باحتض ارها ،إذ
أخذت تقتصر تدريجيًا على ميادين محدودة ،وتقع في لون من فقدان األهمية واالعتبار الفكريين.
وفي المرحل ة المت أخرة من العص ور الوس طى أخ ذت تتالش ى البالغ ة التعليمي ة ،إال أنه ا احتفظت
بمواقعها في بعض المعاهد والمدارس في إنجلترا وفرنسا وإ سبانيا.
إن البالغة الغربية منذ نشأتها عند اليونان حتى اليوم ،ال تفصل بين بحث (األسلوب) عن بحث
(األنواع األدبية) ،كما أنها ال تفصله عن بحث (صور البالغة) ،والتي هي -في نظرهم -أقرب
الط رق إلى التعري ف باألس لوب .إن لك ل ن وع أدبي – في نظ رهم -طريق ة في التعب ير تالئم ه
بحيث يكون اختيار األلفاظ والمالءمة بين الجمل واألفكار شيئًا من متطلبات العمل األدبي نفسه،
سواء في تحضير المعاني أو صياغة العبارات.
ثانيًا :األسلوبية
مفهومها :
األسلوبية مجال من مجاالت المعرفة يعرض بالدرس للنصوص األدبية ،محاوًال االلتزام بمنهج
موضوعي يحلل على أساسه األساليب ليكشف عن القيم الجمالية لهذه األعمال منطلق ًا من تحليل
الظواهر اللغوية والبالغية للنص.
وفي مطلع القرن العشرين ولد تحت كلمة (األسلوبية) مفهومان مختلفان هما:
.1دراسة الصلة بين الشكل والفكرة ،وخاصة في ميدان الخطابة عند القدماء.
.2الطريق ة الفردي ة في األس لوب أو دراس ة النق د األس لوبي ،وهي تتمث ل في بحث الص الت ال تي
تربط بين التعبيرات الفردية أو الجماعية .
وق د ع رف ب الي – مؤس س علم األسلوب -ه ذا العلم بكون ه علم ًا يع نى بدراس ة وق ائع التعب ير في
اللغة المشحونة بالعاطفة ،المعبرة عن الحساسية الشعورية ،فنجده قد حصر البحث األسلوبي في
الجانب الوجداني للغة وبالتالي في تعبيريتها.
ونجدها عند ريفاتير بأنها (علم يعنى بدراسة اآلثار األدبية دراسة موضوعية ،وهي لذلك تعنى
بالبحث عن األسس القارة في إرساء علم األسلوب خاصًا ).
وأوض ح ريف اتير في كتاب ه (في األس لوبية البنوي ة) ال ذي ص در ع ام ،1971أن األس لوب ه و
العالمة المميزة للقول ،داخل حدود الخطاب ،وأن البنية النوعية للنص هي نفسها أسلوبه ،فاللغة
تعبر ،ولكن األسلوب يبرز ،ولذلك يدرس األسلوب من حيث أثره في المتلقي ( الس امع أو الق ارئ
).
ويالح ظ ك ثرة تعريف ات األس لوبية في الكتب المختص ة به ذا المج ال ،وهي متباين ة من حيث
صياغتها ومنطلقاتها ،ومن تلك التعريفات ما يركز على كون األسلوبية منهج ًا علمي ًا في دراسة
أسلوب النصوص ،مما يشير إلى األصل الذي انبثقت عنه األسلوبية وهي األلسنية .
كما عرفت أيضًا بأنها (دراسة األسلوب أو طريقة التعبير عن الفكر من خالل اللغة).
وع رفت ك ذلك بأنه ا (إدراك الخص ائص اللغوي ة والعالق ات الداخلي ة للنص وص ال تي يخ رج به ا
األسلوب من وظيفته اإلخبارية إلى غايات ووظائف تأثيرية وجمالية ).
ويمكن تلخيص تلك التعريفات لألسلوبية بصياغة شاملة وهي :
( األس لوبية علم لغ وي مهمت ه الكش ف عن خص ائص األس لوب وظ واهره اللغوي ة ووظائفه ا الفني ة
التي تعكس ذات المبدع وتؤثر في المتلقي) .
نشأتها:
في ع ام 1875أطل ق ف ون درج ابلنتس مص طلح (األس لوبية) على دراس ة األس لوب ،ع بر
االنزياح ات اللغوي ة و البالغي ة في الكتاب ة األدبي ة ،وال تي اعتبره ا (تفض يالت) خاص ة ،يؤثره ا
الك اتب على ح د قول ه ،إذ إن الك اتب في إنش ائه يخت ار ع ددًا من الكلم ات ،والص يغ دون غيره ا
يؤثرها ،ويجدها تعبر عن نفسه .
ولم تكن (األسلوبية) وقتها قد اتضحت معالمها ،لذلك فقد ارتبطت نشأة األسلوبية في بداية القرن
العش رين ب التطور ال ذي لح ق الدراس ات اللس انية على ي د ع الم اللغ ة السويس ري فردينان د دي
سوسيير – أستاذ علم اللغة العام – بجامعة جنيف الذي أسس ألصول األلسنية الحديثة .
فقد كانت جهوده اللغوية متاحة أمام أحد طالبه وهو شارل بالي ( )1947 – 1865الذي جزم
ع ام 1902ب أن علم األس لوب ق د تأسس ت قواع ده النهائي ة ،وذل ك بع د أن أص در كتابي ه (في
األس لوبية الفرنس ية) ،و(المجم ل في األس لوب )1905الل ذين يعت بران اللبن ة األولى في ص رح
األسلوبية العلمية.
فاألس لوبية إذًا -كم ا يتض ح من نش أتها -فنن من أفن ان ش جرة األلس نية ،وهي جس ر األلس نية إلى
تاريخ األدب ،فاأللسنية إذا كرست نفسها في خدمة األدب استحالت أسلوبية ،ول ذلك فإن األسلوبية
تعد حلقة الوصل بين علم اللغة والدراسة األدبية للنصوص .
ظهرت كلمة (األسلوبية) خالل القرن التاسع عشر عند الغربيين ،ولكن معناها المحدد لم يظهر
إال في أوائ ل الق رن العش رين ،وق د أعلن األلم اني س تيفن أولم ان س نة 1969اس تقرار األس لوبية
علم ًا ألس نيًا نق ديًا تحيط ه المنهجي ة والموض وعية ،وب ذلك اعت بر ه ذا المنهج من أح دث م ا أنتجت ه
علوم اللغة في العصر الحديث .
اتجاهاتها:
لألسلوبية اتجاهات متعددة ،منها على سبيل المثال:
-1األسلوبية التعبيرية:
ويع د ش ارل ب الي رائ دًا له ذا التوج ه ،وتع ني عن ده :طاق ة الكالم ال ذي يحم ل عواط ف المتكلم
وأحاسيسه .فهي تدرس العالقة بين الصيغ والفكر وال تخرج عن نطاق اللغة ،وال تتعدى وقائعها
.ويعتد فيها باألبنية اللغوية ووظائفها داخل اللغة .فهي وصفية بحتة .
ل ذلك نج د أن ب الي ق د اهتم في دراس اته ب البحث عن عالق ة التفك ير ب التعبير ،وإ ب راز الجه د ال ذي
يبذله المتكلم ليوفق بين رغبته في القول ،وما يستطيع قوله ،فالمنشئ سواء أكان متكلم ًا عادي ًا أم
أديب ًا ،فهو يجتهد في اختيار طريقة إيصال أفكاره إلى المتلقي ،وفي أحيان كثيرة يضمن خطابه
شحنات عاطفية بغرض التأثير في متلقيه ،وقد صبت األسلوبية التعبيرية جل اهتمامها على تلك
الشحنات العاطفية في الخطاب .وبغض النظر عن كونه عادي ًا أم أدبي ًا .وبذلك ظلت أسلوبية بالي
هي أسلوبية اللغة وليست أسلوبية األدب.
-2األسلوبية اإلحصائية:
تعتمد األسلوبية اإلحصائية على اإلحصاء الرياضي في محاولة الكشف عن خصائص األسلوب
األدبي في عم ل معين ،وي رى أص حابها أن اعتم اد اإلحص اء وس يلة علمي ة موض وعية تجنب
الباحث مغبة الوقوع في الذاتية.
ومن ال ذين اق ترحوا نم اذج لإلحص اء األس لوبي (زمب) ال ذي ج اء بمص طلح (القي اس األس لوبي)
ويقوم على إحصاء كلمات النص وتصنيفها حسب نوع الكلمة ،ووضع متوسط تلك الكلمات شكل
نجمة ،وهكذا تنتج أشكال ونماذج متنوعة يمكن مقارنة بعضها ببعض .
ولهذا يحفل هذا االتجاه بقيم األعداد ويبعد عن الحدس .ومما أخذ عليه عدم قدرته على وصف
تف ّر د العمل األدبي وطابعه الخاص ،إال أن هذا االتجاه المعتمد على اإلحصاء يمكن له أن يكمل
مناهج أسلوبية أخرى .
-3األسلوبية الفردية (أسلوبية الكاتب):
وتسمى كذلك باألسلوبية النفسية ،وتتمثل في دراسة عالقة التعبير بالفرد أو الجماعة التي تبدعه.
وتدرس التعبير في عالقته باألشخاص المتحدثين به .وتحدد بواعث اللغة وأسبابها ،فهي توليدية
ترتب ط بالنق د األدبي .ومن أش هر ممثليه ا :لي و س بيتزر ال ذي اهتم بالمب دع وتف رده في طريق ة
الكتابة ،فيكون النص كاشفَا عن شخصية صاحبه من خالل تحليل سماته األسلوبية .
-4األسلوبية البنيوية:
تع د األس لوبية البنيوي ة م دًا مباش رًا من اللس انيات البنيوي ة ال تي تعتم د أساس ًا على دراس ات دي
سوسيير ،فهي والبنيوية تنطلق دراساتها من النص بوصفه بنية مغلقة ،وتركز األسلوبية البنيوية
على تناس ق أج زاء النص اللغوي ة ،وهي تهتم في تحلي ل النص األدبي بعالق ات التكام ل بين
العناصر اللغوية في النص وبالدالالت واإليحاءات التي تحققها تلك الوحدات اللغوية .
-5أسلوبية االنزياح ( االنحراف ):
تق وم على المب دأ األس لوبي ال ذي يفهم الخ واص األس لوبية على أنه ا انزي اح عن اللغ ة االعتيادي ة.
ويع ّر ف األس لوب هن ا على أن ه انزي اح أو انح راف عن المعي ار المتع ارف علي ه (القواع د اللغوي ة
المقررة) .وبذلك يعرف البحث األسلوبي بأنه (علم االنحرافات) .ويؤخذ على االتجاه عدم تحديد
معيار االنزياح تحديدًا دقيقًا ،وكذلك إغفاله مقولتي المتلقي والمبدع .
-6األسلوبية األدبية:
وتعني دراسة األس لوب األدبي ،وتهتم بالنصوص األدبية بالذات ،وينصب اهتمامه ا على تأويلها
عن طري ق دراس ة منظوم ة اللغ ة ،وانتق اء الس مات األس لوبية المهم ة عن طري ق الح دس لبي ان
وظائفها ،ويسعى أصحاب هذا االتجاه إلى اكتشاف الوظيفة الفنية للغة النص األدبي ،وذلك عن
طريق التكامل بين الجانب األدبي والجمالي الذي يهتم به الناقد ،والجانب اللغوي اللساني.
-7األسلوبية التأثيرية:
ينص ب اهتمامه ا على ت أثيرات النص على الق ارئ من خالل اس تجابته وردود أفعال ه وتناميه ا م ع
قراءة النص .ويرى أصحاب هذا االتجاه أن القارئ مؤلف جديد للنص ،له الحق في توسيع داللته
من خالل تجربت ه ه و .وق د انتق دت األس لوبية التأثيري ة بأن ه ليس هن اك مع ايير تض بط اس تجابة
القارئ للنص ،وليس هناك تعليل لردود أفعال القارئ .
-8األسلوبية الصوتية:
يقابله ا في العربي ة (علم الجم ال اللغ وي) ،فموض وعها دراس ة الوح دات الص وتية ،و الس ياق
الصوتي في النص األدبي ،وتفسير العالمات التي أدت معاني وإ يحاءات ،وصورًا ساعدت على
نق ل الفك رة ،وتعتم د على مفه وم المتغ يرات الص وتية األس لوبية ،وبمق دار م ا يك ون للغ ة حري ة
التصرف ببعض العناصر الصوتية للسلسلة الكالمية ،بمقدار ما تستطيع أن تستخدم تلك العناصر
لغايات أسلوبية .
المشترك بين البالغة و األسلوبية :
تع د البالغ ة في ال درس اللغ وي الح ديث ج زءًا ال يتج زأ من ال درس األس لوبي ،فاألس لوبية امت داد
للبالغ ة ،تش كلت ع بر ت اريخ ال درس اللغ وي ،والبالغ ة بعلومه ا :البي ان والمع اني والب ديع تك ون
مظهرًا من المظاهر األسلوبية ،إن لم يكن أهمها ،مقارنة بالمستوى اإليقاعي والمستوى النحوي
مثًال.
وق د تج ددت البالغ ة من ذ بداي ة الق رن التاس ع عش ر فك انت ع امَال في وج ود األس لوبية ،وهي علم
للتعبير وعلم لألدب في آن واحد ،وهناك من عّد األسلوبية بالغة حديثة ،إذ البالغة في خطوطها
العريض ة تك ون فن ًا للكتاب ة ،وفن ًا للت أليف (فن لغ وي وفن أدبي) ،وهم ا س متان قائمت ان في
األسلوبية ،ومن هنا كانت المقولة المعروفة (البالغة هي أسلوبية القدماء).
ونستطيع أن نجمل العالقة بين األسلوبية والبالغة كاآلتي:
أوًال :أوجه التشابه:
.1إن مح ور البحث في كليهم ا ه و األدب (النص األدبي) ،أي أن موض وع البالغ ة يتف ق م ع
موضوع األسلوبية فهما يبحثان الجوانب التعبيرية والفنية المختلفة في الخطاب األدبي ،فن الكتابة
وفن التعبير ،فن الكالم وفن األدب ،وكذلك ال يغفالن الجوانب النفسية.
.2كًال من البالغة واألسلوبية نشأ من علم اللغة (اللسانيات) وارتبط به.
.3بعض المف اهيم البالغي ة تس تخدم في التحلي ل األس لوبي ،ويمكن لبح وث بعض البالغ يين –كعب د
الق اهر الجرج اني مثًال -أن تلتقي م ع بعض التوجه ات األس لوبية من حيث الترك يز في التحلي ل
على العالقات السياقية واإليحائية واالستبدالية في النصوص.
.4إن علم األسلوب يستثمر منطقة كبيرة من البالغة ،هي المتصلة ببحوث بنية التراكيب (في علم
المع اني) ،وتحليالت المج از (في علم البي ان) ،وبح وث الص ياغة (في الب ديع) ،وك ذلك م ا يتص ل
بالموازنات بين الشعراء والمالحظات على أساليبهم الفردية ومدى نجاحهم أو إخفاقهم في التعبير.
وليس يخفى أن االستعارة والتشبيه ،من أهم وأبرز المظاهر األسلوبية التي تميز أديب ًا من أديب،
أو عمًال من عمل ،ولهذا دأب دارسو اللغة والنقاد واألسلوبيون على دراسة وتحليل تلك المباني
اللغوية التي يرتكز عليها كل مبدع في عملية إبداعه ،فالصور الناتجة عن تلك العلوم تحقق ذاتية
المرسل الذي يرى فيها حقيقة نفسه ومشاعره وأحاسيسه.
.5تش ترك البالغ ة العربي ة م ع األس لوبية في ع دد من النق اط ،مم ا ح دا ببعض الدارس ين إلى
التأص يل لألسلوبية في تراثنا اللغوي عموم ًا ،والبالغي خصوص ًا ،ولقد كانت جهود عبد القاهر
الجرج اني في نظري ة النظم تفص يًال واس عًا ح ول األس لوب ،فه و ق د اق ترب من مفه وم األس لوبية
وهو يتناول خصائص األسلوب وبالغته ،وبرزت مناطق التقاء بينه وبين بعض األسلوبيين.
.6كًال من البالغة واألسلوبية يفترضان حضور المتلقي في العملية اإلبالغية.
ثانيًا :أوجه االختالف:
.1إن النظرة لألدب تختلف في المنظور األسلوبي عنها في المنظور البالغي .فاألسلوبية تتعامل
م ع النص بع د أن يول د ،فوجوده ا ت اٍل لوج ود األث ر األدبي ،وهي ال تنطل ق في بحثه ا من ق وانين
مس بقة أو افتراض ات ج اهزة .أم ا البالغ ة فهي موج ودة قب ل وج ود العم ل األدبي في ص ورة
مس ّلمات واش تراطات وق وانين (معياري ة) ،ه دفها تق ويم الش كل األدبي ح تى يص ل إلى غايت ه
المرجّو ة.
.2األسلوبية ليس من شأنها الحكم على قيمة العمل األدبي المنقود بالجودة أو ال ّر داءة ،أما البالغة
فعملها تقييم العمل األدبي لتحكم بمدى مطابقته لما قّعدته وقّننته ،وإ لى أي مدى حد راعى صاحبه
القواعد البالغية وقوانينها.
.3إن المتلقي في البالغ ة ال يش ّك ل إّال جانب ًا من الج وانب المتع ددة لمفه وم (مقتض ى الح ال) ،أم ا
المتلقي في األسلوبية فهو شرط ضروري الكتمال عملية اإلنشاء ،فالمتلقي هو الذي يبعث الحياة
في النص األدبي بتلّقيه وتذّو قه.
.4تقوم البالغة على ثنائية األثر األدبي ،بمعنى فصل الشكل عن المضمون ،أما األسلوبية فتنظر
إلى النص على أنه كيان لغوي واحد بدواّله ومدلوالته و ال مجال للفصل بينهما.
.5البالغة ُتتناول مسائلها منفصلة عن الزمان والبيئة ،وعلم األسلوب (المقارن) يدرس المسائل
التي يعرض لها بطريقتين:
.6طريقة أفقية :أي عالقة الظواهر ببعضها في زمن واحد.
.7طريقة رأسية :أي تطور الظاهرة الواحدة على مّر العصور .
كم ا يمكن لألس لوبية أن ت درس مدرس ة أدبي ة معين ة للكش ف عن الس مات المش تركة ألدبائه ا،
ولتعكس المالمح الفكرية والنفسية لهم.
. 1إن البالغة وقفت عند حدود الجملة ،وهي انفصالية في البحث وذات نظرة جزئية ،حيث ترتكز
على الش واهد المتفرق ة واألمثل ة المج تزأة –باس تثناء مبحث الفص ل والوص ل حيث يتص ل بالرب ط
وعدم ه بين جمل تين.أم ا األس لوبية فتنظ ر إلى ه ذه الوح دات الجزئي ة مرتبط ة ب النص وج زءًا من
بنيته الكلية.
.2ارتبطت علوم البالغة من حيث تصنيفها وأقسامها وأنواعها بالمنطق (علم الحد واالستدالل)،
بينما تشكلت األسلوبية وارتبطت باللسانيات.
. 3تنظر البالغة العربية إلى اللغة على أنها وسيلة وغاية ،أما األسلوبية فتنظر إلى اللغة على أنه ا
غاية في حد ذاتها.
.4وحدة التحليل في البالغة هي الفن البالغي ،أما في األسلوبية فإنها الخاصية األسلوبية .ووجه
الف رق بين الخاص ية األس لوبية والفن البالغي ،أن األولى ليس له ا وج ود مطل ق خ ارج النص
األدبي ،أي أنها ال تعد خاصية أسلوبية إّال إذا كانت داخل النص ،كما ترتبط الخاصية األسلوبية
بالشيوع والندرة النسبية ،ولهذا يدخل اإلحصاء تحديدها على مستوى النص ،أم ا الفن البالغي فال
يتصل به شيء مما سبق.
وختامًا ،يمكننا القول بأنه قد تعددت تعريفات األسلوبية وتشعبت باختالف المنطلقات التي انطلق
منه ا ك ل ب احث في دراس ته ،وذل ك أدى إلى ظه ور أس لوبيات متع ددة .وم ع ه ذا التع ّد د إّال أنه ا
اتفقت جميعًا بأن موضوعها هو النص األدبي .
كذلك الحال بالنسبة إلى البالغة التي تعتبر األدب هو محورها األساسي في البحث ،وألن هناك
من حكم ب أن األس لوبية هي ال وريث الش رعي للبالغ ة العج وز ،وأنه ا هي الش كل الجدي د للبالغ ة
القديمة ،كانت هذه الدراسة إليجاد العالقة بين العلمين ،وإ ظهار المشترك والمختلف فيما بينهما .
المصادر والمراجع:
.1اتجاهات البحث األسلوبي ،شكري عّياد ،دار العلوم للطباعة والنشر ،الرياض ،ط.1985 ،1
. 2االتجاه األسلوبي البنيوي في نقد الشعر العربي ،عدنان حسين قاسم ،مؤسسة علوم القرآن،
عجمان ،ط. 1992 ، 1
.3األسلوبية ،جورج مولينيه ،ترجمة :بّس ام بركة ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ،بيروت،
ط. 1999 ،1
. 4األسلوبية في النقد العربي الحديث ،فرحان الحربي ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر،
بيروت ،ط. 2003 ، 1
.5األسلوبية مدخل نظري ودراسة تطبيقية ،فتح اهلل سليمان ،دار اآلفاق العربية ،القاهرة ،ط، 1
. 2008
.6األسلوبية مفاهيمها وتجّلياتها ،موسى ربابعة ،دار الكندي ،األردن. 2002 ،
.7األسلوبية منهجًا نقديًا ،محمد عّز ام ،منشورات وزارة الثقافة ،دمشق ،ط. 1989، 1
.8األسلوبية واألسلوب ،عبد السالم المسدي ،دار الكتاب الجديد المتحدة ،بيروت ،ط. 2006 ، 5
.9األسلوبية والتداوية مداخل لتحليل الخطاب ،صابر الحباشة ،عالم الكتب الح ديث ،األردن ،ط،1
. 2011