Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 316

‫نحو الحضارة‬

‫الجزء األول‬
‫السالالت البشرية األولى‬
‫(‪ 7‬مليون – ‪ 5.1‬مليون سنة)‬

‫محمود العبد‬
‫اسم الكتاب ‪ :‬نحو الحضارة ج‪1‬‬
‫تأليف ‪ :‬محمود العبد‬
‫إصدار ‪2022 :‬‬
‫تصميم غالف ‪ :‬بسنت علي‬
‫التصحيح اللغوي ‪ :‬ياسر عوض‬
‫اإلخراج الفني ‪ :‬مريم محمد سيد‬
‫الترقيم الدولي (‪978-997-86278-7-9 : )ISBN‬‬
‫رقم اإليداع ‪2022/19594 :‬‬

‫جمهورية مصر‬
‫العربية‪،‬‬
‫القاهرة‬
‫مدير النشر‪ :‬د‪.‬‬
‫محمد أبو زيد‬
‫‪+201142402108‬‬
‫‪kayankpublishi‬‬
‫‪ng@gmail.com‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة للناشر ©‬
‫وأي اقتباس أو تقليد أو إعادة طبع أو نشر‬
‫يعرض صاحبه للمساءلة‬‫دون موافقة كتابية‪ُ ،‬‬
‫القانونية‪.‬‬
‫أما حقوق الملكية الفكرية واآلراء والمادة‬
‫الواردة في الكتاب فهي خاصة بالكاتب فقط ال‬
‫غير‪.‬‬
‫إهــــــــــداء‬
‫إلى‬
‫الذي يعود إليه الفضل في كتابة هذا الكتاب‪،‬‬
‫الذي لم يبخل بمساعدتي يوما ما‪،‬‬
‫الذي أمدني بالنصح وإلارشاد‪،‬‬
‫كمعلم ومرشد وأخ أكبر‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫الذي أنظر إليه دائما‬
‫إلى صديقي ألاستاذ أحمد الدبش‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫تقديم‬

‫يعد هذا العمل من باكورة الاعمال التي تتحدث عن جزء هام جدا من‬
‫تاريخ السالالت البشرية علي وجه الارض ‪.‬‬

‫وملا كانت هناك العديد من الاطروحات والنظريات والافتراضيات حول‬


‫الاماكن الاولي التي من املرجح نشأة الانسان فيها فقد اصبح هناك شبه جموع‬
‫للرأي بأن منطقة وسط افريقيا هي املهد الاول للسالالت البشرية ألاولية‬

‫وعلي الرغم من اتجاه العديد من املؤرخين الي محاولة الفصل بين نوعين‬
‫من السالالت البشرية الاوليه واعتبارهم ان كافة السالالت البشرية الغير‬
‫مصنعة لألدوات الحجرية هي سالالت شبيهه بالبشر واعتبروا ان كافة‬
‫السالالت البشرية املنتجة لألدوات الحجرية هي سالالت بشريه اكثر تطورا‬
‫وذكاء ويعد هذا العمل العلمي نتاج جهد محمود قام املؤلف فيه ببذل كل‬
‫جهد للوصول الي العديد من الاسئلة الصعبة واملحيرة التي تجول في اذهان‬
‫الكثير من املهتمين بعلوم الانثروبولوجيا والسالالت البشرية والعصور الحجرية‬
‫ونحن نثمن جهد املؤلف في جرأته املحمودة لخوض غمار املضمار الاكثر ظلمة‬

‫‪7‬‬
‫والاصعب في مشقة الحصول علي الفرضيات الاقرب الي الحقيقة في كتاب‬
‫يكاد يكون اللبنة الاولي في سلسلة من الكتب التي تتناول السالالت البشرية‬
‫الاولية حتي السالالت التي انتجت اعرق الحضارات في التاريخ مخلفة ورائها‬
‫ارثا ال يبلي‬
‫دكتور ‪ /‬خالد سعد‬
‫مدير عام الادارة العامة الثار ما قبل التاريخ وزارة السياحة والاثار‬

‫‪8‬‬
‫عندما كنت صغيرا دائما ما يراودني سؤال؛ ما هو املوطن ألاول لإلنسان؟‬

‫كان سؤالا بسيطا ولكن استغرقت أعواما كثيرة حتى ألبي رغبتي في معرفة‬
‫إجابة هذا السؤال‪ ،‬ففي أول ألامر تلقيت إجابات كثيرة‪ ،‬وهي إجابات تفتقر‬
‫إلى ألادلة العلمية وفي بعض ألاحيان العقلية أيضا‪ ،‬وعندما التحقت‬
‫بالجامعة وتخصصت في علم الجغرافيا أخبرني دكتور عبد العظيم أن هناك‬
‫إشارات جغرافية تخبرنا بذلك؛ أال وهي أن الجليد في املناطق الشمالية‬
‫والجنوبية ال يمكن أن يكون املوطن ألاول لجنسنا البشري‪ ،‬وبذلك نستبعد‬
‫كال من قارة أوروبا وألاجزاء الشمالية لقارة آسيا وأمريكا الشمالية؛ ألن تلك‬
‫املناطق كان يغطيها الجليد في العصور القديمة وبالطبع القارة القطبية‬
‫املتجمدة‪ ،‬كما أن املناطق الجبلية ال يمكن أن تكون أيضا املوطن ألاول‬
‫لإلنسان وبذلك نستبعد كال من شرق ووسط آسيا وغرب ألامريكاتين‪ ،‬كما‬
‫أن مناطق الغابات الكثيفة ال يمكن أن تكون أيضا هي املوطن ألاول وبذلك‬
‫نستبعد كال من أمريكا الالتينة والتي تمثل الغابات معظم مساحتها‪ ،‬وأيضا‬
‫منطقة حوض نهر الكنغو في قارة إفريقيا‪.‬‬
‫واملناطق املرجح أن تكون املوطن ألاصلي لإلنسان هي قارة إفريقيا ما‬
‫عدا غابات نهر الكنغو‪ ،‬واملنطقة الواقعة ما بين نهر السند ونهر النيل‪ ،‬وكان‬
‫يرجح الثانية حيث إنها أكثر مالئمة من حيث املناخ والتضاريس‪ ،‬ولكن بعد‬
‫‪9‬‬
‫ذلك ظل هناك سؤال وهو‪ :‬أين البقايا ألاثرية التي تدل على ذلك‪ ،‬وأين تلك‬
‫ألادوات الحجرية التي تعود إلى مئات آلاالف من السنين؟‬
‫وبعد فترة ليست بالطويلة ألقى علينا دكتور حسن وهو جغرافي أيضا‬
‫محاضرة تحت عنوان‪( :‬التغيرات املناخية عبر العصور)‪ ،‬وهنا بدأت تلك‬
‫ألاسئلة تنشط في ذهني مرة أخرى‪ ،‬واغتنمت الفرصة بعد املحاضرة‬
‫بعضا من تلك ألاسئلة‪ ،‬وكانت إلاجابة هي أن منطقة شرق‬ ‫ً‬ ‫وعرضت عليه‬
‫إفريقيا هي املوطن ألاول لإلنسان‪ ،‬حيث إن هناك العديد من البقايا‬
‫والحفريات التي تدل على ذلك‪ ،‬ومن هنا بدأت إلاجابات واحدة تلو ألاخرى‪،‬‬
‫وأخذ البحث في التعمق أكثر فأكثر وستكون تلك السلسلة من الكتب هي‬
‫ُ‬
‫إلاجابات التي حصلت عليها في بحثي عن هذا السؤال البسيط‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫محتويات الكتاب‬

‫إه ـ ـ ــداء ‪5...................................... ................................ ................................ ................................‬‬


‫تقديم ‪7....................................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫محتويات الكتاب ‪11 .................. ................................ ................................ ................................‬‬
‫املقدمة ‪111 ............................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫الفصل ألاول العصور الحجرية ‪11 .......................... ................................ ................................‬‬
‫الباب ألاول (السالالت البشرية ألاولى) ‪144 ......................................... ................................‬‬
‫املقدمة ‪111 .......................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫الفصل الثاني إنسان ساحل تشاد ‪144 ............................................. ................................‬‬
‫الفصل الثالث رجل توجن ألاول ‪555 ................. ................................ ................................‬‬
‫الفصل الرابع رجل ألارض ‪75 .............................. ................................ ................................‬‬
‫الفصل الخامس بشر توركانا ‪44 ......................... ................................ ................................‬‬
‫الفصل السادس بشر عفار ‪71 ............................ ................................ ................................‬‬
‫الفصل السابع بشر جنوب إفريقيا ‪140 ............................................. ................................‬‬
‫الفصل الثامن شر عفار ‪145 .............................. ................................ ................................‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل التاسع بشر بحر الغزال ‪115 ................ ................................ ................................‬‬
‫الفصل العاشر بشر كينيا ‪111 ........................... ................................ ................................‬‬
‫الفصل الحادي عشر بشر جارهي ‪15151 ......................................... ................................‬‬
‫الفصل الثاني عشر بشر سيديبا ‪11414 .......................................... ................................‬‬
‫الخاتمة ‪11414 ..................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫الباب الثاني (إنسان كسارة البندق) ‪15454 ......................................... ................................‬‬
‫املقدمة ‪15757 ..................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫الفصل الثالث عشر إنسان كسارة البندق إلاثيوبي ‪141 .............................................‬‬
‫الفصل الرابع عشر إنسان كسارة البندق بويزي ‪141 ................... ................................‬‬
‫الفصل الخامس عشر إنسان كسارة البندق القوي ‪114 ................ ................................‬‬
‫الخ ــاتمة ‪54545 .................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫الباب الثالث (السالالت إلانسانية ألاولى) ‪51414 ................................ ................................‬‬
‫املقدمة ‪51111 ..................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫الفصل السادس عشر إنسان رودلف ‪51111 .................................. ................................‬‬
‫الفصل السابع عشر إلانسان املـاهر ‪55151 .................................... ................................‬‬
‫الفصل الثامن عشر إلانسان العامل ‪51515 .................................. ................................‬‬
‫الفصل التاسع عشر إنسان جواتن ‪54545 ...................................... ................................‬‬

‫‪12‬‬
‫الخ ــاتمة ‪54747 .................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫الفصل العشرون الخاتمة ‪57171 ........................... ................................ ................................‬‬
‫مراجع أخرى ‪511 ............................................. ................................ ................................‬‬
‫املواقع الالكترونية ‪11111 ........................................ ................................ ................................‬‬

‫‪13‬‬
‫المقدمة‬
‫كان سؤالي البسيط هذا عن املوطن ألاول لإلنسان يراود البشرية من‬
‫فترات طويلة‪ ،‬وكانت إلاجابات تأتي واحدة تلو ألاخرى على فترات متباعدة‬
‫جدا‪ ،‬وفي بعض ألاحيان كانت تأتي أدلة ينتج عنها إجابات مضللة تجلعنا‬
‫نحيد عن الحقائق‪ ،‬ولكن على أي حال اتفق املؤرخون على تقسيم العصور‬
‫إلى عصور تاريخية وعصور ما قبل التاريخ‪ ،‬وموضوع رحلتنا هذه في عصور‬
‫ما قبل التاريخ‪ ،‬وسنتناول الفترة التي أطلقوا عليها العصور الحجرية‪.‬‬
‫وعندما تم تقسيم العصور الحجرية أدركنا أن حياة إلانسان على ألارض‬
‫ُ َّ‬
‫أقدم بكثير مما كنا نتوقعه‪ ،‬حيث إن بداية العصور الحجرية تصنف‬
‫بالعصر الحجري القديم ألاعلى‪ ،‬وقد بدأت تلك الفترة منذ حوالي ‪ 3.3‬مليون‬
‫سنة‪ ،‬هذا ألامر جلعنا نعيد التفكير مرة أخرى حول عمر إلانسان على‬
‫ألارض‪ ،‬حيث إن ‪ 3.3‬مليون عام هو عمر أقدم موقع لألدوات الحجرية‬
‫املكتشفة حتى آلان‪ ،‬وليس بالضرورة أن تكون تلك الفترة هي بداية وجود‬
‫إلانسان‪ ،‬وقد أكدت الحفريات البشرية القديمة على ذلك ألامر حيث إن‬
‫أقدم حفرية موجودة حتى آلان يعود عمرها إلى نحو ‪ 7‬مليون عام كحد‬
‫أقص ى‪.‬‬
‫في اعتقادي الشخص ي أن تصنيف العصور الحجرية يحمل العديد من‬
‫جوانب القصور حيث ال نجد وصفا ً‬
‫كافيا لطبيعة حياة إلانسان القديم‪،‬‬
‫بل هناك اهتمام بشكل خاص باألدوات من حيث الدقة في الصنعة أو‬
‫‪14‬‬
‫طريقة صنعها أو الحجر املصنوعة منه أو حتى طريقة الاستخدام والغاية‬
‫منه‪ ،‬بال شك إن تلك ألادوات تعكس بشكل أو بآخر بعض الجوانب الحياتية‬
‫لإلنسان القديم‪ ،‬وقد تخبرنا عن مدى مستوى املعارف البشرية في تلك‬
‫الفترات‪ ،‬ولكن هذا التصنيف يفتقر إلى الصورة الكلية لحياة إلانسان‬
‫ألاول‪ ،‬فهناك العديد من الجوانب ألاخرى والتي نأخذها بعين الاعتبار عند‬
‫تصنيف العصور التاريخية‪ ،‬سنتحدث في هذا ألامر بشكل أكثر تفصيال في‬
‫الفصل ألاول من هذا الكتاب‪ ،‬ولكن من املتفق عليه بين علماء آلاثار‬
‫واملؤرخين أن أقدم ألادوات الحجرية التي تم العثور عليها في شرق إفريقيا‪،‬‬
‫كما أن كافة أنماط الصناعات الحجرية مأخوذ من الصناعة ألاولدوانية‬
‫التي بدأت في منطقة شرق إفريقيا‪ ،‬كما أن الانتشار الواسع للمواقع‬
‫الحجرية قد يرشدنا بشكل عام إلى مناطق ُّ‬
‫ترحل إلانسان داخل تلك القارة‪.‬‬
‫نجد أن أقدم املواقع ألاثرية هو موقع لوميكوي في منطقة بحيرة توركانا‬
‫كينيا‪ ،‬والعمر التقديري للمنطقة الثالثة من املوقع تبلغ حوالي ‪ 3.3‬مليون‬
‫عام‪ ،‬ومن ثم منطقة مهد الجنس البشري وكهوف ستيركفوتين وكهوف‬
‫كرومدراي في منطقة جنوب إفريقيا يقدر العمر التقديري لها ما قبل مليوني‬
‫ونصف‪ ،‬وتليها منطقة شمال إفريقيا حيث عثر في الجزائر ومصر على أدوات‬
‫حجرية يعود عمرها التاريخي إلى حوالي ‪ 2‬مليون عام‪.‬‬
‫َ‬
‫ولكن لم ت ِس ِر ألامور بتلك البساطة في إلاجابة على سؤالنا‪ ،‬كان املتعارف‬
‫عليه حين إذن أن إلانسان قد نشأ في أوروبا أو آسيا‪ ،‬وعندما عثر العلماء‬
‫ألول مرة على بقايا حفريات بشرية في عشرينات القرن املاض ي في منطقة‬

‫‪15‬‬
‫جنوب إفريقيا أطلقوا عليها اسم ‪ Australopithecus‬وهي مشتقة من‬
‫كلمتين يونانيتين وتعني‪ :‬القرد الجنوبي‪ ،‬حيث كان هناك رفض أن تلك‬
‫القارة هي املوطن ألاول لإلنسان‪ ،‬وتم التشكيك في الحفريات املكتشفة حين‬
‫إذن ورجحوا أنها أبعد من أن تكون ضمن شجرة العائلة إلانسانية‪ ،‬وعلى‬
‫الرغم من اكتشاف العديد من الحفريات في تلك املنطقة ومناطق أخرى في‬
‫شرق إفريقا واصل بعض ألاثريين والباحثين في التشكيك في تلك الحفريات‪،‬‬
‫ّ‬
‫وواصلوا اتباع تلك التسمية في التفريق بين ألانواع املختلفة من الحفريات‬
‫وفي ألاغلب كان يسبق ‪ Australopithecus‬اسم املنطقة املكتشف فيها تلك‬
‫الحفريات‪ ،‬ولكن بعد الكم الهائل من الحفريات املكتشفة أصبح من‬
‫الواضح أن القارة إلافريقية هي املوطن ألاول لإلنسان‪ ،‬كما أن الحفريات‬
‫املكتشفة الحقا أظهرت العديد من السمات إلانسانية بشكل واضح وقاطع‬
‫وتم وضعها تحت تصنيف ‪ HOMO‬أي إلانسان‪ ،‬وتلك هي السالالت‬
‫إلانسانية ألاولى التي انحدر منها إلانسان الحديث بشكل أو بآخر‪ ،‬وسنتناول‬
‫تلك السالالت ألاولى خالل صفحات هذا الكتاب البسيط ‪.‬‬
‫ولكن قبل أن نبدأ في سرد السالالت يجب علينا أن نذكر بعض الحقائق‬
‫التي نشاهدها في يومنا هذا‪ ،‬من املتفق عليه داخل املجتمع العلمي أن‬
‫إلانسان الحديث يضم مجموعة من السالالت وهي القوقازية البيضاء‬
‫واملاغولية الصفراء والزنجية السوداء‪ ،‬وليس هذا فقط بل إن هناك‬
‫العديد من السالالت املنعزلة‪ ،‬وتختلف تلك السالالت من حيث الطول‬
‫وشكل ألانف ولون البشرة وشكل الشعر‪ ،‬وغيرها من الصفات الجسمانية‬

‫‪16‬‬
‫ُ‬
‫التي ت َرى بالعين املجردة‪ ،‬وإلاجابة على سؤال‪ :‬ما السبب وراء ذلك؟ كانت‬
‫إلاجابة‪ :‬العوامل الطبيعية هي التي جعلت على إلانسان التأقلم من أجل‬
‫البقاء وسنذكر اثنين من هذه العوامل‪.‬‬
‫‪ -1‬درجة إلاشعاع الشمس ي وفترة سطوع الشمس هي املسؤولة بشكل‬
‫مباشر عن لون البشرة‪ ،‬فسكان املناطق ذات فترات سطوع شمس ي أطول‬
‫ودرجات إشعاع شمس ي ويتبعها درجات حرارة أعلى تكون بشرتهم داكنة‬
‫بسبب زيادة إنتاج صبغيات الجلد التي تساعد في حماية الجسم‪ ،‬فنجد أنه‬
‫كلما بعدنا عن خط الاستواء انخفضت نسبة الصبغيات وبالتالي أصبح‬
‫اللون أفتح‪.‬‬
‫‪ -2‬الضغط الجوي ودرجات الحرارة‪ ،‬وفي الحقيقة هناك عالقة‬
‫قل الضغط الجوي ولهذا السبب‬ ‫عكسية بينهما؛ فكلما ارتفعت الحرارة َّ‬
‫سكان املناطق الحارة في إفريقيا على سبيل املثال نجد أن ألانف أوسع وهذا‬
‫الستنشاق أكبر قدر من ألاكسجين‪ ،‬وفي أوروبا نجد درجات الحرارة‬
‫املنخفضة وضغط الهواء ألاعلى نسبيا تسبب في كون ألانف أطول وأضيق‪،‬‬
‫فهم ليسوا بحاجة لكميات هواء كبيرة بسبب توفر ألاكسجين‪ ،‬ولكن يقوم‬
‫ألانف الطويل والضيق بتدفئة الهواء قبل دخوله للرئة‪.‬‬
‫كما أن اختالف فصائل الدم املعروفة باملجموعات ‪ ABO‬املتسبب فيها‬
‫هذا الاختالف هو طبيعة النظام الغذائي والذي بدأ منذ حوالي ‪ 12‬ألف‬
‫سنة فقط‪ ،‬تلك الاختالفات العديدة خاصة باإلنسان الحديث والذي ُيعد‬
‫آخر سالالت البشرية وأحدثها عمرا‪ ،‬فمن املؤكد أن الصفات كانت أكثر تبينا‬

‫‪17‬‬
‫مما نراه اليوم‪ ،‬خاصة أن تلك السالالت لفترات زمنية طويلة حدث خاللها‬
‫تغيرات تتناسب مع طول تلك الفترة‪ ،‬ولذلك السبب يجب أن نتعرف على‬
‫العوامل الطبيعية التي أثرت في تلك السالالت عبر تلك العصور الزمنية‬
‫الطويلة‪.‬‬
‫هناك دوما تأثير ما بين إلانسان والبيئة املحيطة به‪ ،‬وهذا ألامر ال يقتصر‬
‫فقط على إلا نسان‪ ،‬بل إن كافة الكائنات الحية تتأثر بالبيئة املحيطة هها‪،‬‬
‫ُويعد أهم العناصر البيئية املؤثرة بشكل مباشر على الكائنات الحية هو‬
‫ُّ‬
‫املناخ؛ فهو املحدد ملناطق توطن الكائنات الحية‪ ،‬وأيضا هو املسبب‬
‫للهجرات الجماعية للطيور وألاسماك والحيوانات أيضا‪ ،‬وهو املسؤول عن‬
‫الغطاء النباتي واملائي الذي يؤثر بشكل مباشر على كافة الكائنات الحية‪،‬‬
‫كما لعب دو ًرا ً‬
‫كبيرا في تاريخ البشرية من النشأة حتى وقتنا هذا‪.‬‬
‫مهما في تاريخ البشرية حيث إنه كان من املحددات‬ ‫لعب املناخ دورا ًّ‬
‫الرئيسة ألسلوب الحياة والتأقلم والانتقال والتوطن لدى السالالت‬
‫البشرية‪ ،‬وبسبب تغيرات مناخية بشكل مختفة على مدار فترات زمنية طويلة‬
‫أدت إلى اندالع العديد من السالالت املتباينة في الصفات الجسمانية‬
‫والسلوكية‪ ،‬وهي أيضا ما دعت إلانسان إلى الصناعات الحجرية لتأمين‬
‫مصادر الغذاء ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصل األول‬
‫العصور التاريخية‬

‫‪19‬‬
‫في بداية ألامر يجب أن نوضح التقسيمات الحالية لعصور ما قبل‬
‫التاريخ‪ ،‬لكي نوضح ما وجه اعتراض الكاتب عليها من جهة‪ ،‬ومن الجهة‬
‫ألاخرى نضع املعايير التي سنكتب هها عصور الحضارة البشرية‪.‬‬
‫يتم تقسيم العصور التاريخية إلى عصور؛ فالعصور الرئيسة في التاريخ‬
‫إلانساني هي‪ :‬العصر الحجري – التاريخ القديم – العصور الوسطى –‬
‫العصور الحديثة – التاريخ املعاصر‪ ،‬ويتم تقسيم تلك العصور إلى فترات‬
‫على النحو التالي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬العصر الحجري؛ وهو فترة من عصر ما قبل التاريخ والتي استعمل‬
‫فيها إلانسان عامة الحجارة لصنع ألادوات‪ ،‬وصنعت ألادوات من أنواع‬
‫عديدة من الحجارة وتستعمل كأدوات‪ ،‬وينقسم العصر الحجري إلى ثالثة‬
‫أقسام رئيسة‪:‬‬
‫‪ -‬العصر الحجري القديم‪ :‬بدأ من ‪ 3.3‬مليون عام‪ ،‬واستمر حتى العام‬
‫‪ 11111‬قبل امليالد‪ ،‬وكان إلانسان في هذا العصر يعتمد على التنقل من‬
‫مكان آلخر‪ ،‬والعيش على الصيد وصنع أدواته من الحجارة‪ ،‬وفي هذا العصر‬
‫تعلم البشر إشعال النار وينقسم إلى‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -1‬العصر الحجري القديم السفلي‪ :‬هو القسم الفرعي ألاول من تقسيم‬
‫العصر الحجري القديم‪ ،‬وقد بدأ هذا العصر منذ حوالي ‪ 3.3‬مليون عام‬
‫حتى ‪ 311‬ألف عام مضت‪ ،‬ويقسم تقسيما فرعيا آخر بمراحل مثل‪ :‬الفترة‬
‫ألاولدوانية من ‪ 1.1 – 3.3‬مليون عام‪ ،‬وتليها الفترة ألاشولينية من ‪1.1‬‬
‫مليون ق م إلى ‪ 311‬ألف ق م‪ ،‬وتليها الفترة املوستيرية والكالكتونية من‬
‫‪ 011‬ألف – ‪ 311‬ألف عام‪.‬‬
‫‪ -2‬العصر الحجري القديم ألاوسط‪ :‬هو القسم الفرعي الثاني من‬
‫تقسيم العصر الحجري القديم‪ ،‬كما هو متبع في تصنيف أوروبا وإفريقيا‬
‫وآسيا‪ ،‬وعلى حسب بعض التواريخ املستخدمة في نطاق واسع فإن عمر هذا‬
‫العصر كان ما بين ‪ 311،111‬و‪ 31،111‬عام مضت‪.‬‬
‫‪ -3‬العصر الحجري القديم ألاعلى‪ :‬هو القسم الفرعي الثالث وألاخير من‬
‫تقسيم العصر الحجري القديم‪ ،‬كما هو متبع في تصنيف أوروبا وإفريقيا‬
‫وآسيا‪ ،‬وعلى حسب بعض التواريخ املستخدمة في نطاق واسع فإن عمر هذا‬
‫العصر كان ما بين ‪ 01،111‬و‪ 11،111‬عام مضت‪.‬‬
‫‪ -‬العص ر ر ر ررر الحجري الوس ر ر ر رريط‪ :‬ويبرردأ من ‪ 22 – 211‬ألف عررام قبررل‬
‫امليالد‪ ،‬اقترح مجلس علم آثار إفريقيا برئاسر ر ر ررة العاملين ‪Van & Godwin‬‬
‫‪Rit Luffy‬عام ‪ 1121‬إطالق مصر ر ررطاح العصر ر ررر الحجري املتوسر ر ررط‪ ،‬لكن في‬
‫ً‬
‫عرام ‪1102‬م‪ ،‬لم يعرد املص ر ر ر ررطاح مس ر ر ر ررتخرد ًمرا‪ ،‬لكنره ظ ّرل متداوال في س ر ر ر ررياق‬
‫الصحراء إلافريقية الكبرى‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ -‬العصر الحجري الثاني الحديث‪ :‬ويبدأ من العام ‪ 11111‬حتى العام‬
‫دجن الحيوانات وعمل في‬ ‫‪ 0111‬قبل امليالد‪ ،‬وفيه استقر إلانسان حيث َّ‬
‫الزراعة‪ ،‬وقد استعمل إلانسان أدوات من الحجر املصقول‪ ،‬وقد ظهرت في‬
‫خالل هذه الفترة صناعات عمل الخزف والنجارة والنسيج وظهرت كذلك‬
‫الحيوانات املستأنسة‪.‬‬
‫‪ -‬عصر الحجر واملعادن‪ :‬في عام ‪ 1130‬اقتراح العالم ‪Christian‬‬
‫‪ Jürgensen Thomsen‬تقسيم للعصور ألاخيرة للعصر الحجري وهو عصر‬
‫تعرف إلانسان على‬‫املعادن والذي بدأ بعد العام ‪ 0111‬قبل امليالد‪ ،‬وفيه َّ‬
‫ُ‬
‫املعادن وطرق صهرها وينقسم إلى‪:‬‬
‫هو فترة من فترات تطور الحضارات البشرية‬ ‫‪ -5‬العصر النحاس ي‪:‬‬
‫التي بدأ معها استخدام ألادوات املعدنية إلى جانب ألادوات الحجرية‪،‬‬
‫ويتجنب علماء آلاثار ربط تسميته بالحجري‪ ،‬مع أن البعض يسميه العصر‬
‫الحجري النحاس ي؛ ألن البعض يفضلون تسميته العصر النحاس ي أو‬
‫املعدني‪ ،‬وخاصة ألاوروبيين منهم واستمرت من ‪ 7111‬ق‪.‬م – ‪ 3111‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫هي فترة تاريخية من حوالي ‪ 3311‬قبل امليالد‬ ‫‪ -2‬العصر البرونزي‪:‬‬
‫إلى ‪ 1211‬قبل امليالد‪ ،‬تميزت باستخدام البرونزو في بعض املناطق‪ ،‬وأيضا‬
‫الكتابة البدائية وغيرها من السمات املبكرة لاحضارة‪.‬‬
‫‪-‬العصر الحديدي‪ :‬هي تلك الفترة من العصور التاريخية التي برز فيها‬
‫استعمال إلانسان لاحديد في صناعة ألادوات وألاساحة‪ ،‬وهو آخر العصور‬

‫‪22‬‬
‫الرئيسة في نظام الحقب الثالث‪ ،‬وتختلف تاريخيا بداية العصر الحديدي‬
‫اعتمادا على املنطقة الجغرافية‪ ،‬ولكن عموما تعتبر بداية العصر الحديدي‬
‫في القرن الثاني عشر قبل امليالد أي بين ‪ 1211‬و‪1111‬ق‪.‬م في مناطق الشرق‬
‫ألاوسط والهند واليونان‪ ،‬وفي القرن الثامن قبل امليالد في مناطق وسط‬
‫أوروبا‪ ،‬والقرن السادس قبل‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التاريخ القديم؛ وهي الفترة التي جاءت بعد فترة ما قبل التاريخ؛ أي‬
‫ابتداء من ألالفية الرابعة قبل امليالد وحتى العصور الوسطى‪ ،‬وهي محصلة‬
‫أو مجموع أحداث سابقة بدأت منذ تسجيل التاريخ البشري إلى مرحلة‬
‫ُ‬
‫العصور الوسطى املبكرة‪ ،‬وتمتد مرحلة التسجيل البشري إلى ما يقرب من‬
‫‪ 2111‬آالف عام‪ ،‬والكتابات املسمارية السومرية التي تعتبر ألاقدم من بين‬
‫الكتابات املتماسكة في التاريخ وتعود إلى ‪ 3311‬ق‪.‬م‪ ،‬والكتابة الهيروغليفية‬
‫املصرية التي أسهب املصريون في الكتابة هها تشكل أهم مصدر ملعرفة‬
‫التاريخ القديم لإلنسانية‪ ،‬وكيف كان الناس يعيشون في حياتهم اليومية بين‬
‫‪ 3111‬قبل امليالد وحتى مولد املسيح‪ ،‬ويتم تقسيم هذا العصر إلى ثالث‬
‫فترات رئيسة وهي‪:‬‬
‫‪ -5‬فجر التاريخ‪ :‬هو مصطاح يستخدم في دراسة التاريخ وعلم آلاثار‬
‫ويشير إلى الفترة الواقعة بين التاريخ وما قبل التاريخ وتستمر مع الحضارات‬
‫ألاولى وصوال للفترة الكالسيكية‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ -2‬الفترة الكالسيكة‪ :‬يستخدم هذا املصطاح ليصف فترة من تاريخ‬
‫تمتد بين القرن الثامن قبل امليالد والقرن‬ ‫ُّ‬ ‫الثقافة أو املعرفة البشرية‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫خصوصا في منطقة حوض البحر‬ ‫الخامس أو السادس امليالدي‪ ،‬تركزت‬
‫ألابيض املتوسط‪ ،‬ازدهرت في هذه الفترة حضارات إلاغريق وروما القديمة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫وتعرف أحيانا باسم العالم اليوناني الروماني والتي قادت التطور املعرفي‬
‫كبيرا في جميع أنحاء أوروبا وشمال‬ ‫تأثيرا ً‬
‫والثقافي في تلك العصور وتركت ً‬
‫إفريقيا وغرب آسيا‪.‬‬
‫‪ -3‬ما بعد الكالسيكة‪ :‬تمتد فترة ما بعد الكالسيكية منذ عام ‪ 211‬م‬
‫تقريبا‪ ،‬لكن هناك اختالفات حول هذا التأريخ‪ ،‬اتسم‬ ‫ً‬ ‫وحتى عام ‪ 1021‬م‬
‫افيا‪ ،‬ونمو شبكات التجارة بين‬ ‫عامليا بتوسع الحضارات جغر ً‬
‫ذاك العصر ً‬
‫تلك الحضارات‪.‬‬
‫ُ‬
‫ثالثا‪ :‬العصور الوسطى؛ وهي التسمية التي تطلق على الفترة الزمنية في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التاريخ ألاوروبي التي امتدت من القرن الخامس حتى القرن الخامس عشر‬
‫ّ‬
‫واستمرت حتى‬ ‫امليالدي‪ ،‬حيث بدأت بانهيار إلامبراطورية الرومانية الغربية‬
‫عصر النهضة والكشوف الجغرافية‪ ،‬وتنقسم هي ألاخرى إلى ثالث فترات وهي‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ -5‬العصور الوسطى املبكرة‪ُ :‬ويشار إليها أحيانا باسم العصور املظلمة؛‬
‫وهي الفترة التي تلت سقوط إلامبراطورية الرومانية الغربية من عام ‪ 211‬م‬
‫حتى ‪ 1111‬م‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫ً‬
‫‪ -2‬عصور وسطى متوسطة‪ :‬و ُيشار إليها أحيانا باسم العصور الذهبية‬
‫في الشرق ألادني‪ ،‬استمرت من ‪ 1111‬م إلى ‪ 1311‬م‪ ،‬واتسمت بزيادة عدد‬
‫السكان والهجرة من الريف إلى املدن‪.‬‬
‫‪ -3‬أواخر العصور الوسطى‪ :‬فترة من التاريخ استمرت من ‪ 1221‬م إلى‬
‫‪ 1211‬م واستمرت حتى عصر النهضة‪ ،‬من حوالي عام ‪1311‬م توقفت قرون‬
‫الازدهار والنمو في أوروبا أدت إلى سلسلة من املجاعات وألاوبئة‪ ،‬منها املجاعة‬
‫الكبرى عام ‪ 1317-1312‬واملوت ألاسود‪ ،‬أدت إلى تناقص عدد السكان إلى‬
‫حوالي نصف ما كان عليه‪ ،‬تزامن ذلك مع الاضطرابات الاجتماعية والحروب‬
‫‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬العصور الحديثة؛ بدأ العصر الحديث تقريبا في القرن السادس‬
‫عشر امليالدي وحتى عام ‪ 1102‬م‪ ،‬وتلك فترة التطورات الهامة في مجاالت‬
‫وأيضا كانت عصر الاكتشاف‬‫ً‬ ‫العلم والسياسة والحرب والتكنولوجيا‪،‬‬
‫والعوملة‪ ،‬بدأت القوى ألاوروبية خالل هذا الوقت استعمار العالم عسكريا‬
‫ً‬
‫وثقافيا ويتم تقسيهما إلى مراحل عديدة وهي‪:‬‬ ‫ً‬
‫واقتصاديا‬ ‫ً‬
‫وسياسيا‬

‫‪ -1‬الكشوف الجغرافية وبدأت منذ القرن الخامس عشر ‪.‬‬


‫‪ -2‬ثورة صناعية في القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر‪.‬‬
‫‪ -3‬حقبة نابليونية (‪.)1112 – 1711‬‬
‫‪25‬‬
‫‪ -0‬حقبة فكتورية (اململكة املتحدة‪.)1111 – 1137 ،‬‬
‫‪ -2‬عصر إدواردي (اململكة املتحدة‪.)1111 – 1111 ،‬‬
‫‪ -0‬حقبة ميجي (اليابان‪.)1112 – 1101 ،‬‬
‫‪ -7‬عصر آلالة (‪.)1102 – 1111‬‬
‫‪ -1‬الحرب العاملية ألاولى (‪.)1111 – 1110‬‬
‫‪ -1‬فترة ما بين الحربين (‪.)1137 – 1111‬‬
‫‪ -11‬الحرب العاملية الثانية (‪.)1102 – 1137‬‬
‫خامسا‪ :‬التاريخ املعاصر؛ شهد العالم في النصف ألاول من القرن‬
‫العشرين سلسلة من الكوارث؛ تمثلت بالحربين العامليتين ألاولى والثانية‪،‬‬
‫ومع اقتراب نهاية الحرب العاملية ألاولى كان هناك سلسلة من الثورات‬
‫الروسية والحرب املدنية الروسية‪ ،‬وفي فترة ما بين الحربين‪ ،‬في العشرينات‬
‫ً‬
‫تكنولوجيا‪ ،‬لكن هذا‬ ‫ً‬
‫وتقدما‬ ‫من القرن العشرين شهد العالم ازدها ًرا ً‬
‫كبيرا‬
‫سريعا مع الكساد العظيم‪ ،‬في هذه الفترة تشكلت عصبة‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫اضمحل‬ ‫الازدهار‬
‫ألامم لتتعامل مع القضايا العاملية‪ ،‬لكنها فشلت في كسب الدعم الكافي من‬
‫ِقبل القوى املسيطرة في العالم‪ ،‬وتشكلت ألامم املتحدة والتي هي مستمرة‬
‫حتى آلان‪ ،‬وهناك العديد من التقسيمات لتلك الفترة ومنها‪:‬‬
‫‪ -5‬الحرب الباردة (‪.)1111 – 1102‬‬
‫‪ -2‬عصر الفضاء (بعد ‪.)1127‬‬
‫‪ - 3‬عصر املعلومات (‪ – 1171‬آلان)‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫وتتسم تلك العصور بالتداخل فيما بينها‪ ،‬ويختلف امتدادها بحسب‬
‫النطاق الجغرافي؛ فعلى سبيل املثال‪ :‬العصور الوسطى لم تمر على قارات‬
‫العالم الجديد "ألامريكاتين‪ ،‬أستراليا "‪ ،‬فليس من الضروري أن تكون الفترة‬
‫الزمنية تغطي العالم بأسره‪ ،‬وأيضا ال يوجد تزامن لها مثل العصر النحاس ي‬
‫فقد بدأ في الشرق ألادنى منذ حوالي ‪ 3111‬ق‪.‬م وفي أوروبا بدأ في عام ‪2211‬‬
‫ق‪.‬م‪.‬‬
‫ويالحظ في التقسيم السابق لعصور ما قبل التاريخ أن التقسيم قائم‬
‫ً‬
‫عصورا حجرية‬ ‫على ألادوات املستخدمة من حيث املواد الخام فنرى‬
‫وعصور املعادن‪ ،‬أو يعتمد على أشكال ألادوات وطرق تصنيعها‪ ،‬ويظهر ذلك‬
‫في الفترة ألاولدوانية وألاشولينية في تقسيم العصر الحجري القديم‪ ،‬فهذا‬
‫التصنيف ال يناسب الاكتشافات الحديثة لاحفريات واملستحدثات‬
‫البشرية‪ ،‬وال يراعي اختالف الثقافات والتغيرات التي طرأت على جنسنا‬
‫البشري في عصور ما قبل التاريخ‪ ،‬على الرغم من أن تلك املرحلة هي التي‬
‫أدت إلى ظهور الحضارة‪.‬‬
‫وأيضا تقسيم العصور التاريخية يتسم بشكل عام بوصفها لاحضارة‬
‫ألاوروبية بشكل خاص وال تراعي الاختالفات بين السمات الحضارية املختلفة‬
‫بفعل العوامل الجغرافية‪ ،‬فنجد أن تصنيف الفترة الكالسيكية هو‬
‫تصنيف يوافق الفترة الهيلينية‪ ،‬وأيضا العصور الوسطى تصف املرحلة‬

‫‪27‬‬
‫الانتقالية ما بين الفترة الكالسيكية وفترة عصر النهضة ألاوروبية‪ ،‬وال تراعي‬
‫السمات الحضارية املختلفة في تلك املراحل‪.‬‬
‫ولهذا السبب سأعرض عليكم التصنيف التالي للعصور البشرية‪.‬‬

‫العصور البشرية‬
‫تنقسم العصور البشرية إلى عصرين رئيسين‪ :‬ألاول عصر ما قبل‬
‫الحضارة‪ ،‬والثاني هو عصر الحضارة‪ ،‬وقبل أن ننطلق بتصنيف الفترات‬
‫ُ ّ‬
‫والعصور البشرية يجب أوال أن ن ِ‬
‫عرف الحضارة‪ ،‬ما هي الحضارة؟‬
‫يعرف الفيلسوف واملؤرخ الشهير ويل ديوانت الحضارة بأنها‪ :‬نظام‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫اجتماعي ُيعين إلانسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي‪ ،‬وتتألف الحضارة‬
‫من عناصر أربعة‪ :‬املوارد الاقتصادية‪ ،‬والنظم السياسية‪ ،‬والتقاليد‬
‫ُ‬
‫الخلقية‪ ،‬ومتابعة العلوم والفنون‪ .‬وهي تبدأ حيث ينتهي الاضطراب والقلق؛‬
‫ألنه إذا ما ِأم َن إلانسان من الخوف‪ ،‬تحررت في نفسه دوافع التطلع وعوامل‬
‫إلابداع وإلانشاء‪ ،‬وبعدئذ ال تنفك الحوافز الطبيعية تستنهضه للمض ي في‬
‫طريقه إلى فهم الحياة وازدهارها‪ .‬وباختصار الحضارة هي‪ :‬الرقي والازدهار في‬
‫جميع امليادين واملجاالت‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫ومن ذلك التعريف أرى أن الحضارة إلانسانية قد بدأت حين بدأ إلانسان‬
‫باالستقرار ومعرفة الزراعة‪ ،‬حيث إن الاستقرار يوفر العوامل الالزمة‬
‫لإلبداع والابتكار‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى أربع العناصر التي ذكرها ويل ديورانت‪.‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬عصور ما قبل الحضارة؛ وهي تلك الفترة ألاطول في تاريخ‬
‫البشرية حيث بدأت منذ حوالي ‪ 7‬مليون عام (وهو العمر التقديري ألاعلى‬
‫لحفرية رجل ساحل تشاد) حتى معرفة الزراعة والتي يقدر بحوالي ‪ 11‬ألف‬
‫عام ق‪.‬م‪ ،‬وفي تلك الفترة اكتسبت البشرية صفات عديدة‪ ،‬وتعلمت من‬
‫البيئات الجديدة التي انتشرت هها‪ ،‬وتعلمت صنع آلاالت ولغات التواصل‬
‫ميز الجنس البشري‪ ،‬وتنقسم عصور ما‬ ‫وغيرها الكثير من الصفات التي ُت ّ‬
‫ِ‬
‫قبل الحضارة إلى أربعة عصور رئيسة وهي‪ :‬السالالت البشرية ألاولى –‬
‫إلانسان املنتصب – السالالت إلانسانية ألاولى – إلانسان الحديث‪ .‬وتنقسم‬
‫تلك العصور إلى فترات على النحو التالي‪:‬‬

‫ا‪ -‬عصر السالالت البشرية ألاولى‪ :‬وهي فترة تمتد من ‪ 7‬مليون عام إلى‬
‫‪ 1.0‬مليون عام‪ ،‬وتتميز تلك الفترة بوجود العديد من السالالت البشرية‬
‫ألاولى‪ ،‬بعض منها انقرض أما البعض آلاخر فيعتبر الجد ألاكبر لإلنسانية‪،‬‬
‫وتنقسم تلك الفترة إلى فترات فرعية أخرى وهي‪:‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ -1‬فترة السالالت البشرية ألاولى‪ :‬وهي فترة تمتد من ‪ 7‬مليون عام إلى‬
‫‪ 1.1‬مليون عام‪ ،‬تلك الفترة ظهرت فيها السالالت البشرية ألاولى والحفريات‬
‫ألاقدم لجنسنا البشري ‪.‬‬
‫‪ -2‬فترة إنسان كسارة البندق‪ :‬وهي فترة تمتد من ‪ 2.7‬مليون عام إلى‬
‫‪ 1.2‬مليون عام‪ ،‬وفي تلك الفترة تكون ساللة جديدة من جنسنا البشري‬
‫ولكن انقرضت‪.‬‬
‫‪ -3‬فترة ما قبل إلانسان املنتصب‪ :‬وهي فترة تمتد من ‪ 2‬مليون عام إلى‬
‫‪ 1.0‬مليون عام‪ ،‬تلك الفترة هي من الفترات املهمة في تاريخ إلانسان‪ ،‬حيث‬
‫تكونت سالالت قادرة على صنع ألادوات بشكل جيد‪ ،‬وأيضا اكتشاف النار‬
‫والقدرة على السير ملسافات طويلة‪ ،‬وتكوين جماعات متوسطة العدد‪.‬‬
‫ب ‪ -‬عصر إلانسان املنتصب‪ :‬وهي فترة تمتد من ‪ 2‬مليون عام إلى ‪131‬‬
‫ألف عام‪ ،‬يتميز هذا العصر بهجرة البشر إلى أوراسيا‪ ،‬وتعلم السيطرة على‬
‫النار وطهي الطعام‪ ،‬والتنظيم القبلي‪ ،‬واشتهر ذلك العصر بوجود ساللة‬
‫بشرية واحدة أطلق عليها إلانسان املنتصب‪ ،‬ويتم تقسيم هذا العصر إلى‪:‬‬
‫‪ -1‬الفترة إلافريقية‪ :‬وهي فترة تمتد من ‪ 2‬مليون عام إلى ‪ 311‬ألف عام‪،‬‬
‫في بداية تلك الفترة طور إلانسان املنتصب ألادوات بشكل سريع‪ ،‬وتعلم‬
‫التأقلم مع البيئات املختلفة‪ ،‬ويمكننا القول‪ :‬من هنا بدأ الصراع الحقيقي‬
‫بين إلانسان والطبيعة‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ -2‬الانتشار ألاسيوي‪ :‬وهي فترة تمتد من ‪ 1.1‬مليون عام إلى ‪ 131‬ألف‬
‫عام‪ ،‬تلك الفترة شهدت هجرة كبيرة في القارة آلاسياوية‪ ،‬وكان هناك سمات‬
‫مميزة لإلنسان املنتصب في تلك الرقعة الجغرافية‪.‬‬
‫‪ -3‬الانتشار ألاوروبي‪ :‬وهي فترة تمتد من مليون عام إلى ‪ 121‬ألف عام‪،‬‬
‫تلك الفترة شهدت هجرة كبيرة في القارة آلاسياوية‪ ،‬وكان هناك سمات مميزة‬
‫لإلنسان املنتصب حيث وجد ساللة جديدة وحيدة لكن سرعان ما‬
‫انقرضت وأطلق عليها العلماء اسم إلانسان املستوطن‪.‬‬
‫جر ‪ -‬عصر السالالت إلانسانية ألاولى‪ :‬وهي فترة تمتد من ‪ 211‬ألف عام‬
‫إلى ‪ 31‬ألف عام ق‪.‬م‪ ،‬تلك الفترة شهدت وجود سالالت بشرية جديدة في‬
‫املناطق التي هاجر إليها إلانسان العاقل‪ ،‬فكل منهم تعلم كيف يتعايش مع‬
‫بيئته الجديدة‪ ،‬كما أن تلك الفترة تزامنت مع النصف ألاول لاحقبة‬
‫الجليدية قبل ألاخيرة‪ ،‬التي أدت إلى عزل تلك السالالت عن بعضها البعض‪،‬‬
‫وينقسم هذا العصر على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬فترة النياندرتال‪ :‬وهي فترة تمتد من ‪ 211‬ألف عام إلى ‪ 31‬ألف عام‬
‫ق‪.‬م‪ ،‬وهي الفترة التي عاش فيها ساللة النياندرتال في أوروبا وأجزاء من‬
‫الهالل الخصيب‪َّ ،‬‬
‫وكونت لها طابعا ثقافيا خاصا هها‪.‬‬
‫‪ -2‬فترة إلانسان العاقل‪ :‬وهي فترة تمتد من ‪ 321‬ألف عام إلى ‪ 31‬ألف‬
‫عام ق‪.‬م‪ ،‬وهي فترة عاش فيها ساللة جديدة وهي إلانسان العاقل‪ ،‬بدأت في‬

‫‪31‬‬
‫إفريقيا وانتقلت في نهاية ألامر إلى أوراسيا‪ ،‬ولكن نشير إلى تلك الفترة التي‬
‫سبقت اختالط تلك السالالت بعضها ببعض‪.‬‬
‫‪ -3‬فترة ديسوفان‪ :‬وهي فترة تمتد من ‪ 221‬ألف عام إلى ‪ 01‬ألف عام‬
‫ق‪.‬م‪ ،‬وهي الفترة التي عاشت فيها ساللة جديدة أيضا وأطلق العلماء عليها‬
‫اسم ديسوفان‪ ،‬واستوطنت في شرق وجنوب شرق آسيا‪.‬‬
‫د ‪ -‬عصر إلانسان الحديث‪ :‬وهي فترة تمتد من ‪ 11‬ألف عام ق‪.‬م إلى ‪11‬‬
‫ألف عام ق‪.‬م‪ ،‬هذا العصر يمكن أن نقسم فتراته إلى أقسام داخلية واضحة‬
‫بحيث القسم ألاول عندما بدأ إلانسان العاقل بالهجرة من إفريقيا‬
‫والتصارع على املوارد مع النياندرتال والديسوفان‪ ،‬والقسم الثاني عندما‬
‫بدأت تلك السالالت باالنصهار عن طريق التزاوج‪ ،‬ويأتي القسم الثالث وهو‬
‫وجود ساللة واحدة‪ ،‬وفي ألاخير مرحلة استيطان ألارض وهي مقسمة على‬
‫النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬إلانسان العاقل والنياندرتال‪ :‬وهي فترة تمتد من ‪ 11‬ق‪.‬م ألف عام‬
‫إلى ‪ 31‬ألف عام ق‪.‬م‪ ،‬بدأت عندما اختلطت الساللتان في بداية ألامر في‬
‫منطقة الهالل الخصيب ومن ثم انصهرت باقي أفراد النياندرتال مع إلانسان‬
‫ّ‬
‫العاقل‪ ،‬وانقرض َمن تبقى منهم‪.‬‬
‫‪ -2‬إلانسان العاقل والديسوفان‪ :‬وهي فترة تمتد من ‪ 71‬ألف عام ق‪.‬م‬
‫إلى ‪ 01‬ألف عام ق‪.‬م‪ ،‬بدأت عندما اختلطت الساللتان في بداية ألامر في‬

‫‪32‬‬
‫جنوب شرق آسيا ومن ثم انصهرت باقي أفراد الديسوفان مع إلانسان‬
‫ّ‬
‫العاقل‪ ،‬وانقرض من تبقى منهم‪.‬‬
‫‪ -3‬فترة الاستيطان ‪ :‬وهي فترة تمتد من ‪ 01‬ألف عام ق‪.‬م إلى ‪ 11‬ألف‬
‫عام ق‪.‬م‪ ،‬وهي تلك الفترة التي استطاع إلانسان الحديث أن اهاجر إلى‬
‫ألامريكتين وأستراليا‪ ،‬ويكون أول املستوطنات البشرية في قارات العالم‬
‫الجديدة‪ ،‬وأيضا استيطان الرقع الجغرافيا التي كانت تصعب على السالالت‬
‫السابقة أن تتوطن هها في أوراسيا على سبيل املثال‪ :‬الدائرة القطبية وأيضا‬
‫في القارة إلافريقية منطقة خليج غانا وحوض نهر الكونغو ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬عصور الحضارة؛ وهي فترة تمتد من ‪ 11‬ألف عام ق‪.‬م حتى آلان‪،‬‬
‫شهدت تلك الفترة التطورات الثقافية والحضارية لاجنس البشري‪ ،‬ومعرفة‬
‫التدوين وبداية العلوم الحقيقية ُّ‬
‫وتكون ألانظمة السياسية والتي أدت إلى‬
‫كافة مظاهر الحضارة التي نعيشها اليوم‪ .‬وتنقسم عصور الحضارة إلى‬
‫أربعة عصور رئيسة وهي‪ :‬فجر الحضارة‪ ،‬عصر إلامبراطوريات‪ ،‬عصر الدول‬
‫القومية‪ ،‬العصر الحديث‪ ،‬وهي مقسمة على النحو التالي‪:‬‬
‫ا ‪ -‬عصر فجر الحضارة؛ وهي فترة تمتد من ‪ 11‬ألف عام ق‪.‬م إلى عام‬
‫‪ 211‬م‪ ،‬وهي الفترة ألاطول في تاريخ عصور الحضارة‪ ،‬تتميز تلك الفترة‬
‫بتكوين املجتمعات وألانظمة إلادارية‪ ،‬والحضارات القديمة والتي تكونت‬
‫بشكل منفصل عن النطاقات الجغرافية املجاورة لها‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ -1‬مرحلة إلارهاصات الحضارية؛ وهي فترة تمتد من ‪ 11‬ألف عام ق‪.‬م‬
‫إلى ‪ 3‬ألف عام ق‪.‬م‪ ،‬وهو مصطاح يستخدم في دراسة التاريخ وعلم آلاثار‪،‬‬
‫ويشير إلى الفترة الواقعة بين فترة الاستقرار وبناء القرى ومعرفة الزراعة‬
‫ُّ‬
‫وتكون النظم إلادارية والسياسية لألقاليم وفترة الكتابة‪.‬‬
‫‪ -2‬مرحلة الحضارات ألاولى؛ وهي فترة تمتد من ‪ 3311‬عام ق‪.‬م إلى ألف‬
‫عام ق‪.‬م‪ ،‬وهي الفترة التي تلت معرفة الكتابة وتكون الدول املركزية‪.‬‬
‫‪ -3‬مرحلة انتشار الحضارات؛ وهي فترة تمتد من ‪ 2‬ألف عام ق‪.‬م إلى‬
‫‪ 211‬م‪ ،‬هي الفترة الالحقة لاحضارات ألاولى‪ ،‬حيث انتشرت ألافكار والعلوم‬
‫الحضارية ملناطق مجاورة للمناطق ألاولى لاحضارات وبدأت في تكوين‬
‫حضارات متطورة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬عصر إلامبراطوريات‪ :‬وهي فترة تمتد من عام ‪ 2311‬ق‪.‬م إلى ‪ 211‬م‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫وتعرف إلامبراطورية أنها‪ :‬دولة مؤلفة من سيادة سياسية وعسكرية على‬
‫قاعدة سكانية تختلف من حيث املنظومة الثقافية والعرقية‪ ،‬تميزت تلك‬
‫املرحلة بسيطرة حضارة على حضارات أخرى أو نطاق جغرافي واسع‪ ،‬وهي‬
‫مقسمة على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬مرحلة إلامبراطوريات ألاولى؛ وهي فترة تمتد من عام ‪ 2311‬ق‪.‬م إلى‬
‫‪ 021‬م‪ ،‬بدأت تلك املرحلة عندما أخذت حضارة السيطرة على الحضارات‬
‫املجاورة لها وبدأ هذا ألامر أول مرة في منطقة الهالل الخصيب ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ -2‬مرحلة إلامبراطوريات الدينية؛ وهي فترة تمتد من ‪ 313‬م إلى ‪1711‬‬
‫م‪ ،‬وهي تلك املرحلة التي بدأت مع مرسوم ميالن‪ ،‬حيث أخذت‬
‫إلامبراطوريات طابعا دينيا للسيطرة على الشعوب‪ ،‬وأيضا ملنح إلامبراطورية‬
‫رمزية دينية لترابط الشعوب تحت حكمها‪.‬‬
‫‪ -3‬مرحلة إلامبراطوريات الحديثة؛ وهي فترة تمتد من ‪ 1011‬م إلى ‪1120‬‬
‫م‪ ،‬حيث بدأت تلك املرحلة مع الكشوف الجغرافية‪ ،‬وتكوين إمبراطوريات‬
‫مترامية ألاطراف‪ ،‬مرورا بعصر النهضة الصناعية ألاوروبية التي مكنت لتلك‬
‫إلامبراطوريات إلاحكام على كافة بقاع العالم‪.‬‬

‫جر ‪ -‬عصر الدول القومية وهي فترة تمتد من عام ‪ 1711‬م إلى ‪ 1111‬م‪،‬‬
‫تعرف الدولة القومية أنها‪ :‬منطقة جغرافية تتميز بأنها تستمد شرعيتها‬
‫السياسية من تمثيلها أمة أو قومية مستقلة وذات سيادة‪ .‬بدأت تلك الفكرة‬
‫مع الثورة الفرنسية حيث إن الشعب الفرنس ي أصبح مصدر الشرعيات‪،‬‬
‫وأخذت الفكرة باالنتشار حتى أصبحت هي الفكرة املهيمنة على عاملنا اليوم‪،‬‬
‫ولتحقيق ذلك أخذت الشعوب في النضال من أجل الحصول على حريتها‬
‫واستقاللها السياس ي والعسكري والاقتصادي والفكري‪ ،‬وهي مقسمة على‬
‫النحو التالي‪:‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ -1‬مرحلة الاستعمار؛ وهي فترة تمتد من ‪ 1711‬م إلى ‪ 1121‬م‪ ،‬هي تلك‬
‫املرحلة املمتدة من الثورة الفرنسية وحتى مؤتمر الصاح في باريس‪ ،‬وفي تلك‬
‫املرحلة كانت تتصارع ألامم من أجل الاستقالل‪.‬‬
‫‪ -2‬مرحلة الحروب العاملية؛ وهي فترة تمتد من ‪ 1110‬م إلى ‪ 1702‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬مرحلة الاستقالل؛ وهي فترة تمتد من ‪ 1121‬م إلى ‪ 1111‬م‪ ،‬هي تلك‬
‫املرحلة املمتدة من مؤتمر الصاح في باريس حتى تفكك جمهوريات الاتحاد‬
‫السوفيتي‪ ،‬وفي تلك املرحلة بدأت الدول في الاستقالل واحدة تلو ألاخرى‪.‬‬
‫د ‪ -‬العصر الحديث؛ وهي فترة تمتد من عام ‪ 1102‬م حتى آلان‪ ،‬وهي‬
‫مقسمة على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬الحرب الباردة؛ وهي فترة تمتد من عام ‪ 1102‬حتى عام ‪،1111‬تميز‬
‫هذا العصر بتكون ألامم املتحدة‪ ،‬ووجود تحالفين عسكريين وسياسيين‬
‫وهما (حلف شمال ألاطلس ي – حلف حلف وارسو ) وأنهار ألاخير بعد تفكك‬
‫الاتحاد السوفيتي عام ‪. 1111‬‬
‫‪ -2‬الهيمنة ألامريكية؛ وهي فترة تمتد من عام ‪ 1111‬حتى آلان‪ ،‬تبدأ تلك‬
‫املرحلة بإعالن رئيس الواليات املتحدة ألامريكية عام ‪ 1111‬في ألامم املتحدة‬
‫ألاحادية القطبية في السياسة الدولية‪ ،‬وهذا ما يفرق بين املرحلة السابقة‬
‫بتلك حيث تمتعت املرحلة السابقة بثنائية القطب في السياسة الدولية‬
‫وهما‪ :‬الواليات املتحدة – الاتحاد السوفيتي‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫فترة ما قبل الحضارة (‪7‬مليون عام إلى ‪ 11‬ألف عام ق‪.‬م)‬

‫النهاية‬ ‫البداية‬ ‫الفترات‬

‫مليون عام ‪1.9‬‬ ‫مليون عام ‪7-5‬‬ ‫السالالت البشرية ألاولى‬ ‫السالالت البشرية ألاولى‬

‫مليون عام ‪1.5‬‬ ‫مليون عام‪2.7‬‬ ‫إنسان كسارة البندق‬ ‫( ‪ 1.0 -7‬مليون عام)‬

‫مليون عام‪1.4‬‬ ‫‪ 2‬مليون عام‬ ‫ما قبل إلانسان املنتصب‬

‫‪ 311‬ألف عام‬ ‫‪ 2‬مليون عام‬ ‫الفترة إلافريقية‬ ‫إلانسان املنتصب‬

‫‪ 131‬ألف عام‬ ‫مليون عام ‪1.8‬‬ ‫الانتشار آلاسيوي‬ ‫(‪ 2‬مليون عام ‪ 121 -‬ألف عام)‬

‫‪ 121‬ألف عام‬ ‫مليون عام‬ ‫الانتشار ألاوروبي‬

‫‪ 31‬ألف عام ق‪.‬م‬ ‫‪ 011‬ألف عام‬ ‫نياندرتال‬ ‫السالالت إلانسانية ألاولى‬

‫‪ 31‬ألف عام ق‪.‬م‬ ‫‪ 311‬ألف عام‬ ‫العاقل‬ ‫(‪ 31- 211‬ألف عام ق‪.‬م)‬

‫‪ 01‬ألف عام ق‪.‬م‬ ‫‪ 221‬ألف عام‬ ‫ديسوفان‬

‫‪ 31‬ألف عام ق‪.‬م‬ ‫‪ 11‬ألف عام ق‪.‬م‬ ‫إلانسان العاقل ونياندرتال‬ ‫إلانسان الحديث‬

‫‪ 01‬ألف عام ق‪.‬م‬ ‫‪ 71‬ألف عام ق‪.‬م‬ ‫إلانسان العاقل والديسوفان‬ ‫(‪ 11 – 11‬ألف عام ق‪.‬م)‬

‫‪ 11‬ألف عام ق‪.‬م‬ ‫‪ 01‬ألف عام ق‪.‬م‬ ‫استيطان كافة ألارض‬

‫‪37‬‬
‫فترة الحضارة (‪ 11‬ألف عام ق‪.‬م – حتى آلان )‬

‫النهاية‬ ‫البداية‬ ‫الفترات‬

‫‪ 3111‬عام ق‪.‬م‬ ‫‪ 12‬ألف عام ق‪.‬م‬ ‫إلارهاصات الحضارية‬ ‫فجر الحضارة‬

‫‪ 721‬ق‪.‬م‬ ‫‪ 3311‬عام ق‪.‬م‬ ‫الحضارات ألاولى‬ ‫(‪ 12‬ألف عام ق‪.‬م‪1211 -‬م )‬

‫‪ 211‬م‬ ‫‪2111‬ق‪.‬م‬ ‫الحضارات‬

‫‪021‬م‬ ‫‪ 2311‬ق‪.‬م‬ ‫إلامبراطوريات ألاولى‬ ‫إلامبراطوريات‬

‫م‪1711‬‬ ‫‪ 313‬م‬ ‫إلامبراطوريات الدينية‬ ‫(‪2311‬ق‪.‬م – ‪1120‬م)‬

‫م‪1120‬‬ ‫م‪1011‬‬ ‫إلامبراطوريات الحديثة‬

‫م‪1121‬‬ ‫م‪1711‬‬ ‫الاستعمار‬ ‫الدول القومية‬

‫م‪1102‬‬ ‫م‪1110‬‬ ‫الحروب العاملية‬ ‫(‪1711‬م ‪)1111 -‬‬

‫‪1111‬م‬ ‫م‪1121‬‬ ‫الاستقالل‬

‫‪1111‬م‬ ‫‪1102‬م‬ ‫الحرب الباردة‬ ‫العصر الحديث‬

‫حتى آلان‬ ‫‪1111‬م‬ ‫الهيمنة ألامريكية‬ ‫(‪1107‬م – حتى آلان )‬

‫‪38‬‬
‫املراجع‬

‫‪ -‬فرنسيس أور‪ ،‬حضارات العصر الحجري القديم‪ ،‬الطبعة الثانية‬


‫دمشق‪ ،‬مطبعة ألف باء – ألامير‪.1112 ،‬‬
‫‪ -‬ول وايريل ديورانت‪ ،‬موسوعة قصة الحضارة‪ ،‬املنظمة العربية‬
‫للتربية والثقافة والعلوم ‪ -‬دار الجيل للطبع والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ -‬جاد طه‪ ،‬محاضرات في تاريخ أوروبا الحديث‪ ،‬الطبعة‬
‫ألاولى‪،‬القاهرة‪ ،‬كلية آلاداب ‪ -‬جامعة عين شمس‪.1117 ،‬‬
‫‪ -‬عبد العزيز سليمان نوار‪ ،‬محمود محمد جمال الدين‪ ،‬التاريخ‬
‫ألاوروبي الحديث من عصر النهضة إلى الحرب العاملية ألاولى ‪ -‬القاهرة‪ :‬دار‬
‫الفكر العربي‪.1111 ،‬‬
‫‪ -‬عبد الفتاح حسن أبو علية‪ ،‬تاريخ أوروبا وأمريكا الحديث‪ -‬الرياض‪:‬‬
‫دار املريخ‪.1171،‬‬
‫‪ -‬أحمد موس ى يحيى الزهراني‪ ،‬تاريخ النمسا وأستراليا الحديث‪-‬‬
‫الطائف‪ :‬آل يحيى‪.30220،‬‬
‫‪ -‬شلبي‪ ،‬السيد أمين‪ ،‬من الحرب الباردة إلى البحث عن نظام دولي‬
‫جديد‪ ،‬الهيئة املصرية العامة للكتاب‪.1112 ،‬‬

‫‪39‬‬
‫الباب األول‬
‫السالالت البشرية ألاولى‬

‫‪40‬‬
‫المقدمة‬
‫نبدأ رحلتنا في الفترة املمتدة ما بين ‪ 7‬مليون سنة إلى ‪ 1.7‬مليون سنة‬
‫مضت‪ ،‬تلك الفترة التي أطلقنا عليها عصر السالالت البشرية ألاولى‪ ،‬وهي‬
‫الفترة ألاطول في تاريخ البشرية حيث امتدت تلك الفترة حوالي ‪ 2.3‬مليون‬
‫سنة‪ ،‬تقع تلك الفترة ما بين نهايات العصر امليوسيني والعصر البليوسيني‬
‫وبداية العصر البليستوسيني وهي عصور جيولوجية‪.‬‬
‫يتميز مناخ عصر امليوسيني بدرجات حرارة منخفضة‪ ،‬هذا يمكن أن‬
‫يكون فقط في بدايته كنتيجة لتوسيع تمدد الجليد في كال القطبين‪ ،‬كان‬
‫على بعض البيئات أن تكتسب بعض الظروف القاحلة؛ ألنها لم تكن قادرة‬
‫على الاحتفاظ بالرطوبة‪ ،‬هذه املرحلة مع درجات الحرارة املنخفضة لم‬
‫تستمر لفترة طويلة‪ ،‬فقط منتصف العصر امليوسيني‪ ،‬بدأت درجة الحرارة‬
‫ُ‬
‫العاملية في الارتفاع بشكل كبير‪ ،‬وتعرف زيادة درجات الحرارة تلك باسم‬
‫املناخ ألامثل للعصر امليوسيني‪ ،‬وخالل هذه الفترة الزمنية‪ ،‬ارتفعت درجات‬
‫الحرارة مع تقدم العصر امليوسيني‪ ،‬تحول الكوكب بأكمله إلى مناخ أكثر‬
‫ً‬
‫جفافا‪ ،‬لذلك تم تقليص جميع الامتدادات الحرجية‪.‬‬
‫ً‬
‫متنوعا حيث إن هناك أوقاتا زادت‬ ‫وفي العصر البليوسيني كان املناخ‬
‫فيها درجة الحرارة بشكل كبير‪ ،‬وقد تباين هذا في بعض الفترات خاصة في‬
‫نهاية العصر البليوسيني حيث انخفضت درجات الحرارة بشكل كبير‪ ،‬ومن‬

‫‪41‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫موسميا‪ ،‬واثنان منها مميزان للغاية؛‬ ‫أهم خصائص املناخ أنه كان مناخا‬
‫أحدهما هو الشتاء الذي ينتشر فيه الجليد فوق معظم الكوكب بأكمله‪،‬‬
‫والثاني الصيف الذي يذوب فيه الجليد‪ ،‬وبشكل عام يمكن القول‪ :‬إن‬
‫ً‬
‫جافا ً‬
‫جدا بسبب الزيادة في درجات‬ ‫املناخ في نهاية العصر البليوسيني كان‬
‫ً ً‬
‫الحرارة‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك اكتسب مظهرا جافا إلى حد ما وتسبب في تعديل‬
‫البيئة وتحويلها من الغابات إلى السافانا‪.‬‬
‫وهاتان الفترتان هما ألاهم تأثيرا على سالالت البشرية ألاولى‪ ،‬حيث إن‬
‫تقلص النطاق الغابي تسبب في بداية ألامر في تباعد بين ألاشجار‪ ،‬ولهذا‬
‫السبب كان من الضروري للسالالت ألاولى التنقل على ألارض ما بين ألاشجار‬
‫لاحصول على الغذاء وهذا ما جعل السير على قدمين سمة من سمات‬
‫السالالت البشرية‪ ،‬وبسبب تلك التغيرات املناخية والتي أثرت على شرق‬
‫ووسط القارة إلافريقية‪ ،‬فقد حدث تباين للبيئات الطبيعية ووجود مناطق‬
‫وأدى البحث عن املواد الغذائية لالحتكاك بتلك البيئات‬ ‫هامشية بينها‪ّ ،‬‬
‫وصاح َب ذلك طفرات عديدة جسمانية وسلوكية‪ ،‬حيث إن‬ ‫َ‬ ‫املختلفة‪،‬‬
‫الصفات الجسمانية للسالالت البشرية تدل على قدرتهم على السير بقدمين‬
‫ُ‬
‫واملش ي لفترات ليست بالطويلة وقدرتهم على الجري ضعيفة‪ ،‬وتشير أيضا‬
‫إلى قدرتهم العالية على تسلق ألاشجار‪ ،‬ونرى أنهم حاولوا عبر تلك الفترة‬
‫الحفاظ على الحياة الشجرية داخل البيئات الرطبة‪ ،‬فكانت كافة املناطق‬
‫التي عثر فيها على الحفريات أعلى من ‪ 1111‬متر فوق مستوى سطح البحر‪،‬‬
‫وذلك يدل أيضا على أنها كانت تفضل املناطق ألاقل في درجات الحرارة‬
‫‪42‬‬
‫حيث إن متوسط الحرارة في ذلك الوقت ‪ 22‬درجة مئوية‪ ،‬كما يدل أيضا‬
‫جسد كثيفا يساعدها على الحافظ على حرارة الجسم‪.‬‬
‫شعر ٍ‬‫على أنها تمتلك َ‬

‫ويتراوح طول أفراد السالالت البشرية ألاولى ما بين ‪ 112‬سم إلى ‪122‬‬
‫سم‪ ،‬ويتراوح الوزن ما بين ‪ 22‬كجم إلى ‪ 22‬كجم‪ ،‬وهذا املدى ليس فقط‬
‫ّ‬
‫سنتعرف عليها الحقا‪ ،‬بل‬ ‫بسبب الاختالفات الجسمانية بين السالالت والتي‬
‫إن هناك تباينا بين أحجام الذكور وإلاناث في بعض السالالت‪ ،‬وكلما قل‬
‫التباين بين أحجام الجنسين دل ذلك على قلة الصراع على إلاناث‪ ،‬ولكن‬
‫أغلب السالالت البشرية ألاولى تتميز بعالقات ثنائية‪ ،‬كما أن هناك أيضا‬
‫بعض الدالالت التي تشير إلى أن إلاناث هن ألاكثر انفصاال عن املجموعة‪،‬‬
‫كما أن شكل القفص الصدري كان مخروطيا وليس برميليا كما في إلانسان‬
‫املعاصر‪.‬‬
‫ويتراوح حجم املخ لتلك السالالت ما بين ‪ 221- 311‬سم‪ ،3‬وهذا باملقارنة‬
‫بحجم مخ إلانسان املعاصر والذي يبلغ حوالي ‪ 1321‬سم‪ .3‬إن حجم املخ‬
‫لدى السالالت ألاولى يمثل ما بين ‪ % 22.22‬إلى ‪ % 37.72‬من حجم مخ‬
‫إلانسان املعاصر‪ ،‬والزيادة في حجم املخ كان تصاعديا بشكل عام من ساللة‬
‫إلى أخرى‪ ،‬وهذا بسبب تطور املستوى الاجتماعي والنظام الغذائي‪ ،‬وإيجاد‬
‫طرق متعددة لاحصول على الغذاء وأيضا للدفاع عن النفس‪ ،‬ولهذا التأقلم‬
‫صاحب تغيرات على مستوى الجهاز العصبي بشكل عام‪ ،‬وأيضا الهيكل‬
‫العظمي فنرى أن السالالت البشرية ألاولى ألاحدث في الزمن كانت قادرة على‬

‫‪43‬‬
‫إمساك ألادوات بشكل جيد يماثل إلى حد كبير قدرتنا اليوم‪ ،‬كما أن قوة‬
‫املسك عند بعض السالالت كانت قوية جدا أيضا‪ ،‬وأيضا هناك تغيرات‬
‫عديدة حدثت بسبب التأقلم للسير على قدمين حيث إن عملية التوازن‬
‫تحتاج إلى قدرا ت أعلى‪ ،‬وكان شكل الوجه مسطحا إلى حد كبير ولكنه بدأ‬
‫بالبروز بالتدريج مع التقدم في الفترة الزمنية‪ ،‬وحواف الحواجب كانت ثقيلة‬
‫عن إلانسان املعاصر‪ ،‬وبسبب صغر حجم الجمجمة كانت عملية الوالدة‬
‫سلسة عن إلانسان املعاصر‪ ،‬حيث إن الوالدة كانت غير انقالبية‪ ،‬وأيضا‬
‫كانت فتحة الحوض أكبر من املوجودة لدى إلانسان املعاصر‪ ،‬وهذا بسبب‬
‫أنها كانت تحتفظ ببعض السمات الشجرية‪.‬‬
‫ولقد طورت السالالت ألاولى أنظمة اجتماعية بسيطة ههدف الحماية؛‬
‫املفترسات مثل‪ :‬ألاسود‪ ،‬الفهود‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ألنها كانت تعيش مهددة بعدد كبير من‬
‫الضباع وأنواع أخرى من املفترسات التي كانت موجودة في تلك الفترة‬
‫الزمية‪.‬‬
‫وال يمكن الجزم في مسألة صنعهم لألدوات الحجرية‪ ،‬ولكن من املؤكد‬
‫أنهم قد استغلوا ألادوات املتاحة كالعص ي وألاحجار املدببة وذات الحواف‬
‫والتي كانت موجودة بسبب العوامل الطبيعية‪ ،‬واستخدمت في الحصول‬
‫على الغذاء والذي كان نباتيا بشكل كبير‪ ،‬حيث اعتمدت السالالت البشرية‬
‫ألاولى على النباتات املختلفة للغذاء؛ كالفاكهة وألاوراق من نباتات السافانا‬
‫مثل‪ :‬ألاعشاب والبذور والجذور والدرنات‪ ،‬أو ربما الالفقاريات التي تأكل‬

‫‪44‬‬
‫العشب والحشرات‪ .‬وتميزت تلك الفترة بوجود عدد كبير من السالالت‬
‫البشرية التي تدل عليها الحفريات وتلك السالالت املكتشفة حتى آلان هي‪:‬‬
‫السالالت البشرية ألاولى‪ :‬رجل ساحل تشاد – رجل توجن – رجل‬ ‫‪-‬‬
‫ألارض‪.‬‬
‫‪ -‬سالالت البشرية‪ :‬بشر توركانا – بشر عفار – بشر جنوب إفريقيا –‬
‫بشر بحر الغزال – بشر ديرميدا – بشر كينيا – بشر جارهي – بشر سيديبا‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫رجل ساحل تشاد‬
Sahelanthropus tchadensis

46
‫منذ حوالي سبعة ماليين سنة في منطقة صحراء جوراب شمال تشاد‪،‬‬
‫كان يعيش ما نعتقد نحن آلان أنه أقدم ّ‬
‫جد للبشرية‪ ،‬حيث تم العثور على‬‫ٍ‬
‫حفرية رجل ساحل تشاد؛ وهي عبارة عن بقايا لجمجمة شبه مكتملة ولكن‬
‫مشوهة بشدة‪ ،‬ومن شكل تلك الجمجمة تظهر حواجب ذات حواف أكبر‬
‫وأثقل مما عليه إلانسان الحديث‪ ،‬كما تم العثور على جزء من خط‬
‫منتصف الفك مع تجاويف ألاسنان للقواطع وألانياب والضرس الثالث‬
‫ألايمن والقاطع ألاول ألايمن وعظم الفك ألايمن مع الضاحك ألاخير حتى‬
‫الضرس ألاخير وناب أيمن‪ ،‬وتختلف تلك البقايا عن إلانسان الحديث حيث‬
‫تظهر صفوف ألاسنان على شكل حرف ‪ U‬كما أن ألانياب صغيرة نسبيا‪،‬‬
‫وبسبب تلك التشوهات يجعل من الصعب تقدير حجم املخ بدقة ولكن‬
‫يقدر بحوال ‪ 311-321‬سم‪ ،3‬وباملقارنة بحجم مخ إلانسان الحديث يبلغ‬
‫حجم املخ حوالي ‪ 1321‬سم‪ 3‬وههذا يمثل حوالي ‪. %22‬‬
‫كلما تعمقنا في التاريخ أصبحت بعض املساحات أقل أو قد تكون نادرة‬
‫وخاصة في تلك الفترات السحقية من التاريخ‪ ،‬كما أن تلك املنطقة‬
‫الجغرافية حدث فيها تغيرات مناخية عديدة ومتطرفة أيضا‪ ،‬وتلك التغيرات‬
‫قد محت الكثير من ألادلة التي يمكن من خاللها التنبؤ بأسلوب حياة رجل‬
‫ساحل تشاد‪ ،‬فال يوجد دليل على سمات ثقافية وهذا أمر بديهي؛ ألن‬
‫الثقافة واملعرفة واملهارات إلانسانية تتنامى بالتدريج‪ ،‬ولكننا يمكن أن‬

‫‪47‬‬
‫نقول‪ :‬إنه قد استخدم أدوات بسيطة مثل تلك ألادوات التي يستخدمها‬
‫الشمبانزي الحديث‪ ،‬كاألحجار والعص ي غير املعدلة واملواد النباتية ألاخرى‬
‫والتي يمكن تشكيلها بسهولة‪ ،‬كما يعتقد أنه على ألارجح ّ‬
‫نباتي‪.‬‬
‫ولكي نرسم صورة متخيلة عن رجل ساحل تشاد يجب أن نتعرف على‬
‫البيئة التي كان يعيش فيها‪ .‬إن العصر الذي عاش فيه رجل ساحل تشاد‬
‫كان في فترة انتقالية ما بين الفترة امليوسينية والفترة البليوسينية من العصر‬
‫النيوجيني‪ ،‬فكانت صحراء جوراب عبارة عن مزيج ما بين غابات في منطقة‬
‫املنخفض ونطاق حشائش في املرتفعات املجاورة‪ ،‬وكانت تلك املنطقة وفيرة‬
‫بالبحيرات وألانهار‪ ،‬وتدعم تلك الصورة املتخيلة عن تلك الفترة آلاالف من‬
‫الحفريات التي تم العثور عليها في تلك املنطقة القاحلة اليوم‪ ،‬وهي حفريات‬
‫تعود إلى ألافيال والزرافات والظباء وفرس النهر والتماسيح والسحالي‬
‫والقرود وألاسماك والخنازير البرية‪ ،‬فهل تلك البئية هي املنزل ألاول‬
‫لإلنسان؟‬
‫تم العصور على الحفرية في عام ‪ 2111‬م من قبل فريق فرنس ي تشادي‬
‫مكون من أربعة أشخاص وهم‪ :‬التشاديان أدوم محمد وجمدومالباي‬
‫أهونتا‪ ،‬باإلضافة إلى ‪ Alain Beauvilain&Fanoné Gongdibé‬وهما عضوا‬
‫البعثة الفرنسية لدراسة أصول البشر بقيادة ألاخير‪ ،‬وأطلقوا عليها‬
‫‪ Sahelanthropus tchadensis‬يتكون اسم الساللة من كلمتين‪ Sahel ،‬هي‬
‫منطقة في إفريقيا بالقرب من جنوب الصحراء حيث تم العثور على‬

‫‪48‬‬
‫الحفريات و‪ anthropus‬مبنية على الكلمة اليونانية التي تعني إلانسان‪ ،‬كما‬
‫ً‬
‫أن اسم النوع يضم اسم دولة تشاد اعترافا بأن جميع العينات تم استردادها‬
‫من ذلك البلد مجتمعة‪ ،‬يعني الاسم‪ :‬رجل ساحل تشاد‪ ،‬ويطلق عليه باللغة‬
‫املحلية ‪ Toumaï‬وهو اسم من لغة دازا املحلية وتعني‪" :‬أمل الحياة"‪ُ ،‬يطلق‬
‫على ألاطفال الذين ُولدوا قبل موسم الجفاف مباشرة‪ ،‬ويرمز له بر " ‪TM‬‬
‫‪ ،"266-01-060-1‬والعمر التقديري لتلك الحفرية ما بين ‪ 0-7‬مليون سنة‬
‫مضت‪.‬‬
‫وفي الوصف ألاصلي في عام ‪ 2112‬قال ‪ : Brunet et al‬إنه لن يكون من‬
‫غير املعقول التكهن بأن رجل ساحل تشاد كان قاد ًرا على الحفاظ على‬
‫وضعية منتصبة أثناء املش ي على قدمين‪ً ،‬‬
‫نظرا ألنهم لم يبلغوا عن أي عظام‬
‫في ألاطراف أو أي مادة أخرى بخالف الجمجمة‪ ،‬فقد استند هذا إلى الاتجاه‬
‫ألاصلي املعاد بناؤه على الثقبة العظمى وهو أسفل الجمجمة حيث تربط‬
‫الجمجمة العمود الفقري‪ ،‬وتصنيفهم رجل ساحل تشاد إلى الجنس البشري‬
‫ً‬
‫بناء على مقارنات الوجه‪ ،‬وسرعان ما تم الجدل حول هذا ألامر؛ ألن اتجاه‬
‫ً‬
‫قاطعا ً‬ ‫ً‬
‫تماما فيما يتعلق بمسألة املوقف املعتاد‪.‬‬ ‫الثقبة العظمى ليس دليال‬
‫ولكن هناك اختالف بين املجتمع العلمي حول حفرية رجل ساحل تشاد‪،‬‬
‫حيث إن معظم البقايا الالحقة للبشر ألاوائل اكتشفت في منطقة شرق‬
‫إفريقيا‪ ،‬ولكن من وجهة نظري املتواضعة أرى أن في تلك الفترة الزمنية‬
‫كانت الغابات متصلة فيما بين شرق ووسط القارة‪ ،‬كما أن التغيرات‬

‫‪49‬‬
‫املناخية الحادثة في وسط إفريقيا مشاههة في القرن إلافريقي‪ ،‬كما أن هناك‬
‫حفريات بشرية الحقة في مناطق مجاورة لها في دولة تشاد‪ ،‬ولكن يبقى هناك‬
‫تيار من العلماء ال يعترف بأن رجل ساحل تشاد جزء من العائلة البشرية‬
‫بل إنه أسبق من أن يكون الجد ألاكبر للبشر ‪.‬‬

‫جمجمة رجل ساحل تشاد‬

‫‪50‬‬
‫المراجع‬
Brunet ،M.، Guy، F.، Pilbeam،. D.، Mackaye، H.T.، Likius، A.، Ahounta، D.،
Beauvilain، A.، Blondel، C.، Bocherens، H.، Boisserie، J.R.، De Bonis، L.، Coppens، Y.،
Dejax، J.، Denys، C.، Duringer، P.، Eisenmann، V.R.، Fanone، G.، Fronty، P.، Geraads،
D.، Lehmann، T.، Lihoreau، F.، Louchart، A.، Mahamat، A.، Merceron، G.، Mouchelin،
G.، Otero، O.، Campomanes، P.P.، De Leon، M.P.، Rage، J.C.، Sapanet، M.، Schuster،
M.، Sudre، J.، Tassy، P.، Valentin، X.، Vignaud، P.، Viriot، L.، Zazzo، A.، Zollikofer، C.،
2002. A new hominid from the Upper Miocene of Chad، central Africa. Nature
418(6894)، 145-151.
Brunet، M.، Guy، F.، Pilbeam، D.، Lieberman، D.E.، Likius، A.، Mackaye، H.T.، de
Leon، M.S.P.، Zollikofer، C.P.E.، Vignaud، P.، 2005. New material of the earliest
hominid from the Upper Miocene of Chad. Nature 434(7034)، 752-755.
- Wolpoff، M. H.; Hawks، J.; Senut، B.; et al. (2006). "An Ape or the Ape: Is the
Toumaï Cranium TM 266 a Hominid?" ، PaleoAnthropology. 2006: 36–50.
- Brunet، M.; Guy، F.; Pilbeam، D.; et al. (2005). "New material of the earliest
hominid from the Upper Miocene of Chad". Nature. 434 (7034): 752–755.

- https://humanorigins.si.edu/evidence/human-
fossils/species/sahelanthropus-tchadensis

- https://australian.museum/learn/science/human-
evolution/sahelanthropus-tchadensis/

51
‫الفصل الثالث‬
‫رجل توجن ألاول‬
‫‪Orrorin tugenensis‬‬

‫‪52‬‬
‫بعد حوالي مليون عام من رجل ساحل تشاد يظهر لنا رجل توجن ألاول‪،‬‬
‫وكان موطنه تالل توجن كينيا‪ ،‬العمر التقديري لاحفريات يعود ما بين ‪0.1‬‬
‫– ‪ 2.1‬مليون سنة‪ ،‬ومن أهم ألاشياء التي نذكرها على تلك البقايا هو أن‬
‫شكل عظام الساق تدل بشكل واضح للقدرة على املش ي بشكل منتصب‪،‬‬
‫وهذا ألامر لم يستدل عليه بشدل قاطع في حفرية رجل ساحل تشاد لعدم‬
‫توفر البقايا الخاصة بالهيكل العظمي‪ ،‬وكان لرجل توجين ألاول أسنان‬
‫صغيرة بالنسبة لحجم جسمه‪ ،‬تختلف أسنانه عن تلك املوجودة في‬
‫السالالت التالية من حيث إن أسنانه الخدية أصغر وأقل استطالة من‬
‫ً‬
‫الناحية الوسيطة‪ ،‬ومن حيث إن مادة املينا أكثر سمكا‪ ،‬وتتميز بوجود أخدود‬
‫متوسط على ألانياب العلوية‪ ،‬ألانياب صغيرة تشبه البشر املعاصرين على‬
‫عكس السالالت التالية‪ ،‬ويعتقد أن حجم املخ يتشابه مع رجل ساحل تشاد‬
‫ولكن غير مؤكد بسبب نقص حفريات الجمجمة يجعل من الصعب تحديد‬
‫ذلك‪ ،‬كما يعتقد أنه عاش حياة شجرية‪.‬‬
‫في عام ‪ 2111‬تم اكتشاف حفريات تلك الساللة بواسطة فريق مكون‬
‫كل من جامعة ‪ de France‬و متحف‬ ‫من خمسة أفراد؛ وهي بعثة مشتركة بين ّ‬
‫ٍ‬
‫التاريخ الطبيعي في باريس وكان مبعوثها ‪ Brigitte Senut‬وكانت املجموعة‬
‫بقيادة ‪ ،Martin Pickford‬وتم إلاعالن عن الاكتشاف في العام الذي تاله‪،‬‬
‫وهي عبارة عن أجزاء من الحوض والساق بجانب بعض البقايا ألاخرى‪،‬‬

‫‪53‬‬
‫وتشمل البقايا العديد من عظام ألاطراف وشظايا الفك وألاسنان املعزولة‪،‬‬
‫أما العينة ألاساسية املكتشفة عام ‪ 2111‬عبارة عن جزأين ُيرمز لهما‬
‫"‪ ،"BAR1000b’00"–"BAR1000a’00‬وتم اكتشاف ضرس سفلي معزول‬
‫"‪ "KNM LU 335‬في فترة سابقة عام ‪ 1170‬تم إرجاعة إلى تلك الساللة‪ ،‬وتم‬
‫الاحتفاظ بتلك الحفريات في متحف مجتمع قرية كيبارمان‪ ،‬ولكن تم إغالق‬
‫ً‬
‫املتحف في وقت الحق منذ ذلك الحين‪ ،‬ووفقا لقول رئيس املتاحف‬
‫املجتمعية في كينيا يوستاس كيتونجا تم تخزين الحفريات في قبو بنك سري‬
‫في نيروبي‪ ،‬أطلق العلماء على تلك الساللة اسم ‪ Orrorin tugenensis‬وهو‬
‫مشتق من كلمة ‪ Orrorin‬وتعني‪ :‬الرجل ألاول و‪ tugenensis‬مشتق من‬
‫‪ Tugen Hills‬وهي منطقة في كينيا حيث تم العثور على الحفرية ألاولى‪.‬‬
‫كانت البيئة املحلية لتالل توجن ال تختلف كثيرا عن صحراء جوراب‪،‬‬
‫ولهذا ال يوجد أي دليل على السمات الثقافية لرجل توجن ألاول‪ ،‬ولكن‬
‫تتميز املنطقة باختالفات طفيفة حيث إن نطاق الحشائش أوسع‪ ،‬ولهذا لم‬
‫تقتصر ألادوات البدائية التي تتكون من ألاحجار غير املعدلة وألاغصان على‬
‫مهام التقاط الطعام‪ ،‬ربما تم استخدام هذه في مجموعة متنوعة من املهام‬
‫البسيطة بما في ذلك الحصول على الطعام‪ ،‬بل إنها أيضا تستخدم ملعالجة‬
‫ألاطعمة الصلبة مثل املكسرات‪ ،‬وهذا ما يعطي تفسيرا لسمك مينا‬
‫إلانسان‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫عظام حفرية رجل توجن ألاول‬

‫‪55‬‬
‫المراجع‬
- Pickford، M. and Senut، B. (2001). 'Millennium ancestor'، a 6-million-year-old
bipedal hominid from Kenya. South African Journal of Science 97. 1-2: 22.
- Senut، Brigitte; Martin Pickford; Dominique Gommery; Pierre Mein; Kiptalam
Cheboi; Yves Coppens (2001). First hominid from the Miocene (Lukeino Formation،
Kenya). Comptes Rendus de l'Academie des Sciences، Series IIA - Earth and Planetary
Science 332. 2 (30 January 2001): 137-144
- Michael Balter، Scientists Spar Over Claims of Earliest Human Ancestor،
Science 291، 5508 (23 Feb 2001): 1460-1461
- Pickford، M.، Senut، B.، Gommery، D.، Triel، J.، 2002. Bipedalism in Orrorin
tugenensis revealed by its femora. Comptes Rendus Palevol 1، 191-203.
- Richmond، B.G.، Jungers، W.L.، 2008. Orrorin tugenensis femoral morphology
and the evolution of hominin bipedalism. Science 319، 1662-1665.
- Thorpe، S.K.S.، Holder، R.L.، Crompton، R.H.، 2007. Origin of human
bipedalism as an adaptation for locomotion on flexible branches. Science 316، 1328-
1331.

- https://humanorigins.si.edu/evidence/human-
fossils/species/orrorin-tugenensis

- https://australian.museum/learn/science/human-
evolution/orrorin-tugenensis/

56
‫الفصل الرابع‬
‫رجل ألارض‬
‫‪Ardipithecus‬‬

‫‪57‬‬
‫عاشت تلك الساللة في منطقة منخفض عفار إثيوبيا منذ حوالي ‪2.1‬‬
‫مليون سنة‪ ،‬أي تزامنت مع نهاية رجل توجن ألاول‪ ،‬ومن املثير أن هناك‬
‫العديد من الحفريات تم العثور عليها‪ ،‬ومن تلك البقايا يصل نسبة‬
‫املحفوظ منها حوالي ‪ ،%02‬وتنقسم تلك الساللة إلى أسرتين وهما‪ :‬رجل‬
‫ألارض كادابا ورجل ألارض راميدوس‪ ،‬والاختالفات البينية طفيفة‪.‬‬
‫كان حجم املخ يبلغ حوالي ‪ 321 – 311‬سم‪ ،3‬وهو مماثل في الحجم مع‬
‫رجل ساحل تشاد‪ ،‬وكانت الجمجمة أكثر بروزا من البشر املعاصرين‪ ،‬تقع‬
‫الجمجمة عموديا على العمود الفقرى مما يشير إلى املش ي بشكل منتصب‬
‫ولكن بطريقة مختلفة قليال عن البشر‪ ،‬وقاعدة الجمجمة قصيرة من ألامام‬
‫إلى الخلف‪ ،‬مما يشير إلى توازن الرأس في أعلى العمود الفقري‪ ،‬والوجه‬
‫قصير وفي وضع عمودي‪ ،‬وحافة تجويف العين خفيفة تقترب من السالالت‬
‫التالية‪ ،‬وهذا يشير إلى الصلة بينها وبين السالالت السابقة والتالية‪ ،‬الكثير‬
‫من ألاسنان تشبه رجل ساحل تشاد بما في ذلك ألانياب وألاضراس الكبيرة‬
‫وسمك مينا ألاسنان متوسط وألانياب أقل بروزا وصغيرة‪ ،‬وأظهر‬ ‫نسبيا‪ُ ،‬‬
‫الفك بروزا أماميا كما أن ألاضراس ألاولية تظهر ميزات أكثر تقدما في اتجاه‬
‫إلانسان املعاصر ‪.‬‬
‫في عام ‪ 2112‬قال عاملا ألانثروبولوجيا ألاستراليان ‪Gary Clark&Maciej‬‬
‫‪ :Henneberg‬إن البالغين من رجل ألارض لداهم تشريح للوجه أقل برو ًزا‬

‫‪58‬‬
‫وع َزوا ذلك إلى انخفاض النمو‬
‫حجما من السالالت السابقة‪َ ،‬‬‫وأنياب أصغر ً‬
‫الوجهي لصالح نمو الدماغ‪ .‬ال ُيرى هذا إال في إلانسان لذلك جادال بأن‬
‫ألانواع قد تظهر الاتجاه ألاول نحو علم النفس الاجتماعي ألابوة وألامومة‪،‬‬
‫وفي السابق كان ُيفترض أن أسالف البشر القدامى يتصرفون مثل‬
‫الشمبانزي إلى حد كبير‪ ،‬لكن هذا لم يعد ُيعتبر مقارنة قابلة للتطبيق‪ ،‬هذا‬
‫ً‬
‫الرأي لم يتم دعمه بعد من خالل دراسات أكثر تفصيال لنمو ساللة الرجل‬
‫دعما لنظرية ‪ Stephen Jay Gould's‬في علم‬ ‫ألا ض‪ .‬توفر الد اسة ً‬
‫أيضا ً‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫الوجود والتطور‪ ،‬والتي تقول‪ :‬إن الشكل املتماثل للتشكل القحفي الوجهي‬
‫املبكر للبشر ألاوائل ناتج عن تفكك مسارات النمو الطبيعي للرئيسات‪ ،‬قاال‬
‫أيضا بأن التغير في شكل الجمجمة الذي ربما تسبب‬‫‪ً Clark & Henneberg‬‬
‫في نزول الحنجرة مما يسمح بحركة أفضل لاحنجرة ويزيد من القدرة‬
‫الصوتية‪ ،‬ونطق بنفس مستوى رضيع إلانسان ليصبح أكثر اجتماعية كان‬
‫ً‬
‫تعقيدا‪ ،‬كما الحظوا أن‬ ‫هذا من شأنه أن يسمح ملجتمعهم أن يصبح أكثر‬
‫قاعدة الجمجمة توقفت عن النمو مع الدماغ بنهاية فترة الشباب‪ ،‬واعتبر‬
‫هذا الدليل على التحول من مسار تشريح الهيكل العظمي إلاجمالي إلى مسار‬
‫التطور العصبي‪.‬‬
‫ً‬
‫منتصبا‬ ‫كان أفراد تلك الساللة ذوي قدمين اختياريين ما بين الوقف‬
‫على ألارض أو يمكن أن يتحرك على جميع ألاطراف ألاربعة في ألاشجار‪ ،‬و أن‬
‫العينة ألاكثر اكتماال وهي أنثى يبلغ طولها حوالي ‪ 121‬سم ووزن ‪21 - 35‬‬
‫كغ ً‬
‫تقريبا كان الذكور أكبر بقليل من إلاناث‪ ،‬يشير مزيج من السمات البدائية‬
‫‪59‬‬
‫ً‬
‫منتصبا على ألارض ومع‬ ‫واملشتقة إلى أن هذا النوع كان قاد ًرا على املش ي‬
‫ذلك يتسلق ألاشجار بكفاءة‪ ،‬فاألذرع الطويلة القوية لم تستخدم في حمل‬
‫ألاثقال أو املش ي على املفاصل كما هو الحال مع الكائنات الرباعية‪ ،‬وتتميز‬
‫عظام الرسغ باملرونة‪ ،‬وكانت عظام الكف قصيرة‪.‬‬
‫تشير هذه امليزات إلى أن هذا النوع لم يكن يمش ي باملفاصل وأن راحة‬
‫اليد يمكن أن تدعم وزن الجسم عند التحرك على طول ألاغصان‪ ،‬وكانت‬
‫عظام ألاصابع طويلة ومنحنية وكال امليزتين مفيد في إمساك الفروع‪ ،‬تتميز‬
‫عظام الساقين العلوية والسفلية بسمات متوافقة مع املش ي على قدمين‪،‬‬
‫ً‬
‫نسبيا وتفتقر إلى ألاقواس مما يشير إلى أن هذه‬ ‫كانت ألاقدام مسطحة‬
‫الساللة ربما ال تستطيع املش ي أو الجري ملسافات طويلة‪ ،‬كان إههام القدم‬
‫أو إصبع قدم كبير يتكيف مع الحركة في ألاشجار‪ ،‬لم يتم تأكيد عدد‬
‫السمات ألاخرى للهيكل العظمي التي تعكس التكيف مع املش ي على قدمين‬
‫على ألارض‪.‬‬
‫كما أن الحوض يحتوي على مزيج من امليزات املفيدة لكل من التسلق‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واملش ي في وضع مستقيم ويوحي بأن ألانواع ال تزال تقض ي وقتا طويال في‬
‫ألاشجار‪ ،‬وتظهر الشفرات العلوية بشكل قصير وعريض مما يشير إلى أن‬
‫عضالت ألالوية قد تم تغيير موضعها‪ ،‬أدى ذلك إلى خفض مركز كتلة‬
‫الجسم لتحقيق التوازن على ساق واحدة عند املش ي‪ ،‬والحوض السفلي كبير‬
‫وال تتجه زاوية السطح لألعلى‪ ،‬وهذه هي السمات البدائية التي تشير إلى أن‬

‫‪60‬‬
‫تمش‬
‫هذه الساللة كان لداها عضالت ضخمة للطرف الخلفي للتسلق ولم ِ‬
‫لفترات طويلة‪ ،‬وتتشابه العقدة الوركية في الحجم والشكل مع السالالت‬
‫الالحقة‪.‬‬
‫ال يوجد دليل على أي سمات ثقافية محددة‪ ،‬لكن ربما استخدموا أدوات‬
‫بسيطة‪ ،‬وحجم ألانياب الصغير يبين أن التنافس بين الذكور كان أقل على‬
‫إلاناث‪ ،‬كما أن هناك بعض الهمهمات كلغة تواصل‪ ،‬وأيضا ظهور نظام‬
‫شبيه باألسرة بينهم‪.‬‬
‫تشير ألادلة ألاحفورية من املوقع إلى أن املنطقة كانت عبارة عن أجزاء‬
‫من الغابات وألاراض ي العشبية مع البحيرات واملستنقعات والينابيع‪ ،‬تحدى‬
‫اكتشاف أن هذا النوع يعيش في بيئة غابات مطيرة حول نوع البيئة التي‬
‫عززت تطور املش ي على قدمين‪ ،‬هل تطور املش ي على قدمين لالستفادة من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بيئات املراعي املفتوحة الجديدة كما كان يعتقد سابقا أم أنها تطورت أوال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫في بيئة ألاشجار؟ ربما قضت ألانواع بأقدامها التي تشبه القرود وقتا طويال‬
‫ً‬
‫في ألاشجار بحثا عن الطعام واملأوى‪ ،‬قد يشمل النظام الغذائي املكسرات‬
‫والفواكه وألاوراق والدرنات والحشرات والثدييات الصغيرة‪ ،‬وقد تغذت في‬
‫ألاشجار وعلى ألارض الدليل غير حاسم على ذلك‪ ،‬لكن الدراسات تشير إلى‬
‫أن ألاسنان ألامامية كانت تستخدم بانتظام ل َل ْقط َ‬
‫وس ْح ٍب‪ ،‬وربما يعكس‬ ‫ِ ٍ‬
‫النظام الغذائي الذي اشتمل على كميات كبيرة من ألاوراق‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫يشير تحليل مينا ألاسنان إلى أنهم أكلوا الفاكهة واملكسرات‬
‫ً‬
‫وألاوراق‪،‬تظهر دراسات نظائر الكربون لألسنان أنها أكلت الغابات بدال من‬
‫نباتات ألاراض ي العشبية‪.‬‬
‫أول اكتشاف أول أحافير من ساللة رجل ألارض في عام ‪ 1112‬في منطقة‬
‫عفار إثيوبيا‪ ،‬تم وصف الحفرية في البداية على أنها بشر عفار (ساللة‬
‫ً‬
‫الحقة)‪ ،‬ولكن ‪ Tim White‬وزمالؤه نشروا الحقا مالحظة في نفس املجلة التي‬
‫نشروا فيها الحفريات‪ ،‬وأعادوا تسمية الحفرية تحت ساللة جديدة‪ ،‬وتم‬
‫تسمية هذا النوع ‪ Ardipithecus‬و"‪ "Ardi‬هو اسم مشتق من لغة عفار‬
‫املحلية وتعني‪ :‬أرض‪.‬‬
‫رجل ألارض كادابا‪ :‬في عام ‪ 1117‬بمنطقة ألاواش الوسطى إثيوبيا عثر‬
‫عالم ألانثروبولوجيا القديمة يوهانس ‪ Yohannes Haile-Selassie‬وجد‬
‫قطعة من الفك السفلي ملقاة على ألارض وتبعها ‪ 11‬عينة من ‪ 2‬أفراد على‬
‫ألاقل في وقت الحق‪ ،‬وتضمنت ً‬
‫أيضا عظام اليد والقدم وعظام الذراع‬
‫الجزئية والترقوة‪ ،‬ويعود تاريخها إلى نحو ‪ 2.1-2.0‬مليون سنة‪ ،‬وفي عام‬
‫‪ 2112‬تم اكتشاف ستة أسنان في ألاواش ألاوسط في موقع اسا كوما‬
‫جيبوتي‪ ،‬أكدت أنماط تآكل ألاسنان أن الحفريات البشرية املبكرة ً‬
‫بناء على‬
‫هذه ألاسنان‪ ،‬خصص علماء ألانثروبولوجيا القديمة ‪Yohannes Haile-‬‬
‫‪ Tim White&Gen Suwa&Selassie‬الحفريات في عام ‪ 2110‬إلى نوع جديد‬

‫‪62‬‬
‫أطلقوا عليه اسم ‪ Ardipithecus kadabba‬تعني كلمة ‪ kadabba‬أقدم‬
‫سلف بلغة عفار ‪.‬‬
‫رجل ألارض داميدوس ‪ :Ardipithecus ramidus‬في ‪ 1112‬اكتشف فريق‬
‫بحثي برئاسة ‪ Tim White‬أول أحافير من نوع رجل ألارض‪ ،‬بمنطقة منخفض‬
‫عفار في وادي نهر أواش ألاوسط إثيوبيا‪ ،‬تم العثور على املزيد من البقايا في‬
‫عام ‪ ،1110‬والتي تصل إلى ‪ ٪ 02‬من إجمالي الهيكل العظمي‪ ،‬وتم تحليله‬
‫من قبل مجموعة دولية من العلماء تضمنت ‪ Owen Lovejoy‬الذي ترأس‬
‫فريق علم ألاحياء‪ ،‬تم وصف هذه الحفرية في ألاصل على أنها نوع سالالت‬
‫ً‬
‫البشر الالحقة‪ ،‬لكن ‪ Tim White‬وزمالؤه نشروا الحقا مالحظة في نفس‬
‫املجلة أعادوا تسمية الحفرية تحت ساللة جديدة‪ ،‬تعني كلمة ‪ramid‬‬
‫"الجذر" في لغة ‪ Afar‬في إثيوبيا وتشير إلى قرب هذه الساللة الجديدة من‬
‫جذور إلانسان‪ ،‬وما بين عامي ‪ 2113-1111‬اكتشف فريق متعدد‬
‫التخصصات بقيادة ‪،Sileshi Semaw‬عظام وأسنان تسعة أفراد من نوع‬
‫رجل ألارض في جوانا بمنطقة عفار بإثيوبيا‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫جمجمة من حفرية رجل ألارض راميدوس أجزاء من حفرية رجل ألارض‬
‫كادابا‬
‫‪ALA-VP-2/10‬‬ ‫‪Ara-VP-6/500‬‬

‫‪64‬‬
‫المراجع‬
- White، T.D.، Suwa، G.، Asfaw، B.، 1994. Australopithecus ramidus، a new
species of early hominid from Aramis، Ethiopia. Nature 371، 306-312.
- Gibbons، A.، 2009. A new kind of ancestor: Ardipithecus unveiled. Science
326، 36-50.
- Lovejoy، C.O.، 2009. Reexamining human origins in light of Ardipithecus
ramidus. Science 326، 74-74e8.
- Lovejoy، C.O.، Suwa، G.، Simpson، S.W.، Matternes، J.H.، White، T.D.، 2009.
The great divides: Ardipithecus ramidus reveals the postcrania of our last common
ancestors with African apes. Science 326، 100-106.
- White، T.D.، Asfaw، B.، Beyene، Y.، Hailie-Selassie، Y.، Lovejoy، C. O.، Suwa،
G.، Woldegabriel، G.، 2009. Ardipithecus ramidus and the paleobiology of early
hominids. Science، 326، 75-86.
- Science X Network: Phys.org، Medical Xpress، Tech Xplore". sciencex.com.
Retrieved 2021-12-01
- Gibbons، A. (2009). "A New Kind of Ancestor: Ardipithecus Unveiled" .Science.
326 (5949): 36–40.
- https://australian.museum/learn/science/human-
evolution/ardipithecus-ramidus/

- https://humanorigins.si.edu/evidence/human-
fossils/species/ardipithecus-ramidus

65
‫الفصل الخامس‬
‫بشر توركانا‬
Australopithecus anamensis

66
‫عاشت تلك الساللة في شرق إفريقيا املنطقة الواقعة بين إثيوبيا وكينيا‬
‫في الفترة ما بين ‪ 3.1- 0.2‬مليون سنة مضت‪ ،‬كان حجم جسم بشر توركانا‬
‫صغيرا نسبيا‪ ،‬وكان هناك فرق كبير بين أحجام الجسم للذكور وإلاناث‪،‬‬
‫وكان ترتيب الصفوف الجانبية لألسنان في خطوط متوازية‪ ،‬والفك السفلي‬
‫ً‬
‫كانت العظام املوجودة أسفل ألاسنان ألامامية تنحدر لاخلف بدال من البروز‬
‫ً‬
‫لألمام في الذقن‪ ،‬وكانت مينا ألاسنان أكثر سمكا من تلك املوجودة في‬
‫ً‬
‫نسبيا ومدببة‪.‬‬ ‫السالالت إلانسانية وألانياب كانت كبيرة‬
‫وتكشف ألادلة ألاحفورية أن لدى بشر توركانا مفصل فك عريض إلى‬
‫ً‬
‫مسطحا من ألامام إلى الخلف‪ ،‬وكان لدى بشر توركانا فك سميك‬ ‫حد ما كان‬
‫وطويل وضيق ويشير سقف الحلق وصفوف ألاسنان والخصائص ألاخرى‬
‫لألسنان‪ ،‬إلى أنها كانت آكالت أكلة الاحوم وأن وجباتها الغذائية كانت تتكون‬
‫بشكل كبير من الفاكهة‪ ،‬جاءت هذه الخصائص من رجل ألارض‪ ،‬كما تم‬
‫العثور على دليل على حدوث تحول في النظام الغذائي‪ ،‬مما يشير إلى‬
‫استهالك ألاطعمة ألاكثر صالبة‪ ،‬تمت إلاشارة إلى ذلك من خالل املينا‬
‫السميكة في ألاسنان وتاج الضرس ألاكثر كثافة‪ ،‬وقناة ألاذن لداهم كانت‬
‫ضيقة القطر ً‬
‫وبناء على الجمجمة الوحيدة املكتشفة كان لهذا النوع دماغ‬
‫يبلغ حوالي ‪ 371‬سم مكعب‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫كانت نهاية الركبة من عظمة الساق شبيهة باإلنسان الحديث حيث كانت‬
‫ألاسطح العلوية للمقبضين في الجزء العلوي من قصبة الساق متشاههة في‬
‫الحجم ولها أيضا شكل مقعر‪ ،‬تشير هذه امليزة إلى أن هذا النوع يمكنه‬
‫املش ي على قدمين‪ ،‬تشير العالمات املوجودة على عظام الرسغ إلى أن هؤالء‬
‫ألافراد لداهم أوتار يدوية قوية مفيدة لتسلق ألاشجار‪ ،‬وكان مفصل الكوع‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫أكثر ً‬
‫شبها باإلنسان في كونه مرنا‪ ،‬بدال من ألاكواع ألاكثر صالبة وقفال التي‬
‫يتعين على الكائنات الرباعية التي تدعم أجسامها أثناء تحركها‪ ،‬كانت‬
‫نسبيا وهي مفيدة أيضا للتسلق‪ ،‬باإلضافة إلى أجزاء‬ ‫ً‬ ‫سواعدها طويلة‬
‫ً‬
‫الجسم املعدلة التي تشير إلى املش ي على قدمين‪ ،‬تظهر ألاحافير دليال على‬
‫تسلق ألاشجار‪ ،‬باإلضافة إلى سمات معدلة لعظم الرسغ تشير كل من‬
‫الساعدين وعظام ألاصابع إلى إمكانية استخدام ألاطراف العلوية كدعم‬
‫عند العمل في ألاشجار أو على ألارض‪ ،‬تظهر هياكلهم العظمية أنهم ساروا‬
‫على قدمين عندما كانوا على ألارض وربما قضوا الكثير من الوقت في تسلق‬
‫ألاشجار أو ربما تسلقوا ألاشجار بحثا عن الطعام أو تجنب الحيوانات‬
‫ً‬
‫استنادا إلى ألادلة ألاحفورية‪ ،‬كما تدل ألاحافير على درجات عالية‬ ‫املفترسة‪،‬و‬
‫من ازدواج الشكل الجنس ي فيبلغ وزنهم ما بين ‪ 20-35‬كجم وكان طولهم‬
‫مابين ‪ 131 -112‬سم‪.‬‬
‫لم يتم العثور على أي دليل على ثقافة ممثلة لهم حتى آلان‪ ،‬ولكن ربما‬
‫استخدموا أدوات بسيطة مماثلة لتلك املستخدمة من قبل الشمبانزي‬
‫الحديث‪ ،‬بما في ذلك ألاغصان والعص ي واملواد النباتية ألاخرى التي يمكن‬
‫‪68‬‬
‫تشكيلها أو تعديلها بسهولة‪ ،‬ربما تم استخدام هذه في مجموعة متنوعة من‬
‫املهام البسيطة بما في ذلك الحصول على الطعام‪ ،‬وألاحجار غير املعدلة أي‬
‫الحجارة التي لم يتم تشكيلها أو تغييرها قبل استخدامها‪ ،‬وربما تم‬
‫استخدام هذه ألادوات ملعالجة ألاطعمة الصلبة مثل املكسرات‪.‬‬
‫تم اقتراح ساللة بشر توركانا ألول مرة كساللة مستقلة عام ‪ ،1112‬على‬
‫الرغم من أن أول حفرية لتلك الساللة تم اكتشافها في عام ‪ 1102‬في منطقة‬
‫ُ‬
‫كانابوي كينيا وعثر عليها فريق بحثي من جامعة هارفارد‪ ،‬نشرت الورقة‬
‫ألاولية ‪ Brian Patterson and William W. Howells‬عن العظام في مجلة‬
‫‪ Science‬في عام ‪ ،1107‬اقترح تحليلهم ألاول للعينة حيث قدر أعمارها بنحو‬
‫‪ 2.2‬مليون سنة‪ ،‬قام ‪ Brian Patterson‬وزمالؤه بعد ذلك بمراجعة‬
‫تقديرهم لعمر العينة إلى ‪ 0.2-0.1‬مليون سنة‪ ،‬وفي عام ‪ 2110‬تم إلاعالن‬
‫عن اكتشاف جديد في منطقة نهر أواش بإثيوبيا وبعدها توالت الاكتشافات‪،‬‬
‫وأطلقوا على تلك الساللة اسم ‪ ،Australopithecus anamensis‬فكلمة‬
‫‪ Australopithecus‬يونانية ألاصل تعني القرد الجنوبي؛ ألنه في البداية كان‬
‫يعتقد أن الجد ألاكبر لإلنسان جاء من أوروبا أو آسيا‪ ،‬وبدأ اكتشاف أول‬
‫الحفريات البشرية وكانت في منطقة جنوب إفريقيا‪ ،‬فأطلقوا عليها القردة‬
‫الجنوبية وهذا خطأ‪ ،‬أما عن كلمة ‪ anamensis‬فهي مستمده من لغة‬
‫توركانا املستخدمة في املنطقة التي تم فيها اكتشاف حفريات لهذا النوع‪،‬‬
‫"‪ "anamen‬تعني‪ :‬البحيرة‪ ،‬وهي إشارة إلى البيئة القديمة بجانب البحيرة‬
‫التي كانت تسكنها هذه الساللة‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫ومن املثير أيضا أن تلك الساللة هي الجد ألاكبر لكافة السالالت البشرية‬
‫التالية وهناك إجماع بين العلماء على ذلك ‪.‬‬
‫حفرية شرق توركانا ‪"KNM-EP 271" 271‬؛ وهي عبارة جزء من عظام‬
‫الذراع‪ ،‬اكتشفها ‪ ، Bryan Patterson‬في كينيا‪ ،‬في عام ‪ ،1102‬والعمر‬
‫التقديري لهذة الحفرية ‪ 0.1‬مليون سنة‪.‬‬

‫حفرية شرق توركانا ‪"KNM-KP 29283" 21213‬؛ وهي عبارة عن الفك‬


‫العلوي وأجزاء من ألاسنان‪ ،‬اكتشفها ‪ ، W. Mangao‬في كانابوي كينيا‪ ،‬في‬
‫عام ‪ ،1110‬والعمر التقديري لهذة الحفرية ‪ 0.1‬مليون سنة‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫حفرية شرق توركانا ‪"KNM-KP 29281" 21211‬؛ وهي عبارة عن الفك‬
‫السفلي وأجزاء من ألاسنان‪ ،‬اكتشفها ‪ ، Peter Nzube‬في كانابوي كينيا‪ ،‬في‬
‫عام ‪ ،1110‬والعمر التقديري لهذة الحفرية ‪ 0.1‬مليون سنة‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫حفرية شرق توركانا ‪"KNM-KP 29285" 21212‬؛ وهي عبارة عن‬
‫ألاطراف العلوية والسفلية لعظم قصبة الرجل‪ ،‬اكتشفها ‪Kamoya‬‬
‫‪ ،Kimeu‬في كانابوي كينيا‪ ،‬في عام ‪ ،1110‬والعمر التقديري لهذة الحفرية‬
‫‪ 0.1‬مليون سنة‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫المراجع‬
- Leakey، M.G.، Feibel، C.S.، McDougall، I.، Walker، A.، 1995. New four-million-year-old
hominid species from Kanapoi and Allia Bay، Kenya. Nature 376،565-571.
- Leakey، M.G.، Feibel، C.S.، McDougall، I.، Ward، C.، Walker، A.، 1998. New specimens and
confirmation of an early age for Australopithecus anamensis. Nature 393، 62-66.
- Ward، C. Leakey، M.، Walker، A.، 1999. The new hominid species Australopithecus
anamensis. Evolutionary Anthropology 7، 197-205.
- White، T.D، WoldeGabriel، G.، Asfaw، B.، Ambrose، S.، Beyene، Y.، Bernor، R.L.، Boisserie، J-
R.، Currie، B.، Gilbert، H.، Haile-Selassie، Y.، Hart، W.K.، Hlusko، L.J.، Howell، F.C.، Kono، R.T.، Lehmann،
T.، Louchart، A.، Lovejoy، C.O.، Renne، P.R.، Saegusa، H.، Vrba، E.S.، Wesselman، H.، Suwa، G.، 2006.
Asa Issie، Aramis and the origin of Australopithecus. Nature 440، 883-889.
- Haile-Selassie، Y.، Melillo، S.M.، Vazzana، A.، Banazzi، S.، Ryan، T.M. 2019. A 3.8 million-year-
old hominin cranium from Woranso-Mille، Ethiopia. Nature 573، 214-221.
- Du، Andrew; Rowan، John; Wang، Steve C.; Wood، Bernard A.; Alemseged، Zeresenay (2020-
01-01). "Statistical estimates of hominin origination and extinction dates: A case study examining the
Australopithecus anamensis–afarensis lineage". Journal of Human Evolution. 138: 102688.
- "Australopithecus anamensis". The Smithsonian Institution's Human Origins Program.
Retrieved 2022-02-11

- https://australian.museum/learn/science/human-
evolution/australopithecus-anamensis/

- https://humanorigins.si.edu/evidence/human-
fossils/species/australopithecus-anamensis

73
‫الفصل السادس‬
‫بشر عفار‬
Australopithecus afarensis

74
‫عاشت تلك الساللة منذ حوالي ‪ 2.1 - 3.1‬مليون سنة في منطقة شرق‬
‫إفريقيا‪ ،‬تنحدر ساللة بشر عفار من ساللة بشر توركانا‪ ،‬كان معدل نمو‬
‫الدماغ أقرب إلى معدل نمو إلانسان الحديث‪ ،‬وعلى الرغم من أن نمو‬
‫ً‬
‫الدماغ كان مطوال إال أن املدة كانت أقصر بكثير من إلانسان الحديث‪ ،‬قد‬
‫تكون إعادة تنظيم الدماغ قد بدأت بالتوسيع في أجزاء من القشرة‬
‫الدماغية‪ ،‬ويقدر حجم املخ بمتوسط ‪ 031‬سم‪ ،3‬وكان لداهم وجه طويل‬
‫وكانت عظام الفك قوية ً‬
‫جدا‪.‬‬
‫تمت مناقشة فرق الحجم بين الجنسين مع وجود حجج مؤيدة وحجج‬
‫ضد الاختالفات املاحوظة في الحجم بين الذكور وإلاناث‪ ،‬نمت إلاناث إلى ما‬
‫ً‬
‫يزيد قليال عن متر في الطول (‪ 111-112‬سم) وكان الذكور أكبر بكثير حوالي‬
‫‪ 121‬سم في الطول‪ ،‬وتزن إلاناث ما بين ‪ 37-22‬كجم وكان وزن الذكور حوالي‬
‫‪ 02‬كجم‪،‬كان القفص الصدري مخروطي الشكل‪ ،‬لوس ي هي واحدة من‬
‫الهياكل العظمية ألاكثر اكتماال‪ ،‬حوالي ‪ ٪01‬من الحفرية محفوظ وهي أيضا‬
‫من أشهر الحفريات على إلاطالق‪ ،‬ولكنها كانت واحدة من أصغر العينات من‬
‫نوعها‪ ،‬ومع ذلك فقد خضعت للعديد من تقديرات كتلة الجسم منذ‬
‫واسعا من التباين‪ ،‬والذي ُي َّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فسر‬ ‫اكتشافها‪ ،‬تظهر العينات على ما يبدو نطاقا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عموما على أنه ازدواج الشكل الجنس ي ماحوظا مع وجود ذكور أكبر بكثير‬
‫من إلاناث‪ ،‬وفي عام ‪ 1111‬قدر عالم ألانثروبولوجيا ألامريكي ‪Henry‬‬

‫‪75‬‬
‫‪ McHenry‬حجم الجسم عن طريق قياس أحجام مفاصل عظام الساق‬
‫قدر طول الذكور بر ‪ 121‬سم‬ ‫وتقليص حجم إلانسان ملقابلة هذا الحجم‪ّ ،‬‬
‫بينما كانت لوس ي ‪ 112‬سم‪ ،‬وفي عام ‪ 1112‬قدر أن الذكور تزن عادة حوالي‬
‫‪ 00.0‬كجم وإلاناث ‪ 21.3‬كجم بافتراض أن نسب الجسم أكثر ً‬
‫شبها‬
‫باإلنسان املعاصر‪ ،‬وهذا يعطي نسبة كتلة جسم الذكر إلى ألانثى ‪1.22‬‬
‫مقارنة بر ‪ 1.22‬في إلانسان املعاصر‪ ،‬ومع ذلك فإن رقم الوزن الذي يتم‬
‫الاستشهاد به بشكل شائع استخدم فقط ثالث عينات مفترضة من إلاناث‬
‫منها اثنتان كانتا من بين أصغر العينات املسجلة لألنواع‪ ،‬ومن املتنازع عليه‬
‫أيضا ما إذا كانت السالالت البشرية ألاولى قد أظهرت ازدواج الشكل‬ ‫ً‬
‫صحيحا سيعني أن نطاق التباين هو‬ ‫ً‬ ‫الجنس ي على إلاطالق‪ ،‬والذي إذا كان‬
‫التباين الطبيعي في حجم الجسم بين ألافراد املختلفين بغض النظر عن‬
‫الجنس‪.‬‬
‫نسبيا بين تجاويف الورك وشكل‬ ‫ً‬ ‫والحوض يحافظ على مسافة أوسع‬
‫بيضاوي أكثر من إلانسان املعاصر على الرغم من كونه أصغر بكثير‪ ،‬فإن‬
‫مدخل حوض لوس ي يبلغ عرضه ‪ 132‬مم وهو نفس عرض املرأة البشرية‬
‫الحديثة‪ ،‬ومن املحتمل أن تكون هذه تعديالت لتقليل مدى انخفاض مركز‬
‫الكتلة أثناء املش ي في وضع مستقيم من أجل التعويض عن ألارجل القصيرة‪،‬‬
‫وقد يكون تدوير الوركين أكثر أهمية بالنسبة لبشر عفار‪ ،‬وباملثل يمكن أن‬
‫يقلل إلانسان الالحق من الحجم النسبي ملدخل الحوض ربما بسبب‬
‫استطالة الساقين‪ ،‬وهناك جدل حول ما إذا كان شكل الحوض هذا يوفر‬
‫‪76‬‬
‫ً‬
‫ضغطا أقل ألوتار الركبة أم ال‪ ،‬وتشير عظام الحوض والساق بوضوح إلى‬
‫القدرة على تحمل الوزن‪ ،‬والتي تعادل املش ي املعتاد على قدمين ولكن‬
‫ألاطراف العلوية تشير إلى الحركة الشجرية نسبيا‪ ،‬ومع ذلك فإن هذا محل‬
‫جدل كبير حيث يمكن أن تكون تكيفات تسلق ألاشجار مجرد سمات‬
‫موروثة‪ ،‬ولكن في هذه املرحلة بدأ التكيف في تشريح ذراع يشبه إلانسان‬
‫املعاصر ‪.‬‬
‫تمتلك عظمة الكعب عند البالغين والبشر املعاصرين نفس التكيف مع‬
‫املش ي على قدمين‪ ،‬مما يشير إلى درجة متطورة من املش ي‪ ،‬وإن إصبع القدم‬
‫ً‬
‫الكبير ليس خشنا كما هو الحال في القردة غير البشرية‪ ،‬مما يجعل املش ي‬
‫أكثر كفاءة في استخدام الطاقة على حساب الحركة الشجرية‪ ،‬ولم يعد قاد ًرا‬
‫على إلامساك بأغصان ألاشجار بالقدم‪ ،‬ومع ذلك فإن سفح العينة‬
‫الطفولية ‪ DIK-1-1‬تشير إلى بعض الحركة في إصبع القدم الكبير‪ ،‬وإن لم‬
‫يكن بنفس الدرجة في الرئيسات غير البشرية‪ ،‬كان من شأن هذا أن يقلل‬
‫جزئيا في مرحلة الطفولة‬‫ً‬ ‫من كفاءة املش ي ولكن قد يكون القدم الخشن‬
‫مهما في أنشطة التسلق من أجل الغذاء أو السالمة‪ ،‬أو جعل من السهل‬ ‫ًّ‬
‫على الرضيع التشبث بحمل شخص بالغ‪.‬‬
‫وتشير عظام الساق باإلضافة إلى املسارات ألاحفورية لحفرية ليتولي إلى‬
‫أن تلك الساللة كانت ذات قدمين مؤهلة‪ ،‬على الرغم من أنها أقل كفاءة إلى‬
‫حد ما في املش ي من البشر‪ ،‬وتمتلك عظام الذراع والكتف بعض الجوانب‬

‫‪77‬‬
‫املتشاههة والتي تم تفسيرها بشكل مختلف كدليل على سكن جزئي‬
‫لألشجار‪ ،‬ويشير املسار ألاحفوري ليتولي الذي ينسب إلى بشر عفار إلى درجة‬
‫متطورة إلى حد ما من الحركة على قدمين‪ ،‬وهو أكثر كفاءة من املشية املثنية‬
‫التي تستخدمها القردة العليا غير البشرية‪ ،‬وهوعبارة عن مسار متحجر‬
‫محفوظ به خطى بشرية قديمة‪.‬‬
‫و يتكون املسار من مطبوعات قصيرة وعريضة تشبه تلك الخاصة بطفل‬
‫يبلغ من العمر عامين ونصف‪ ،‬يعتقد أن املسار صنع بواسطة شخصين‬
‫بالغين ويرمز له بر ‪ ،G1 –G2‬وفي عام ‪ 2110‬تم اكتشاف مسارين آخرين‬
‫بواسطة فرد واحد يرمز له بر ‪ S1‬يمتد ملسافة إجمالية تبلغ ‪ً 32‬‬
‫مترا‪ ،‬في عام‬
‫‪ 2112‬تم اكتشاف بصمة واحدة من فرد مختلف ويرمز لها بر ‪ ،S2‬تشير‬
‫ضحالة بصمات أصابع القدم إلى وضعية أكثر انثناء للطرف عندما تصطدم‬

‫ً‬
‫تقوسا‪ ،‬مما يعني أن بشر عفار كانوا أقل‬ ‫القدم باألرض وربما قدم أقل‬
‫‪78‬‬
‫كفاءة في الحركة على قدمين من البشر املعاصريين‪ ،‬وتتميز بعض املسارات‬
‫بعالمة سحب بطول ‪ 111‬مم ربما تركها الكعب‪ ،‬مما قد يشير إلى رفع القدم‬
‫بزاوية منخفضة على ألارض للدفع‪ ،‬يبدو أن الوزن قد تحول من الكعب إلى‬
‫جانب القدم ثم أصابع القدم‪ ،‬وتشير بعض آثار ألاقدام في ‪ S1‬إما إلى املش ي‬
‫ً‬
‫غير متماثل حيث يتم وضع الوزن أحيانا على الجزء ألامامي من القدم قبل‬
‫إصبع القدم‪ ،‬أو في بعض ألاحيان يتم تدوير الجزء العلوي من الجسم في‬
‫منتصف الخطوة‪ ،‬زاوية املشية تتراوح من ‪ 11-2‬درجة لكال الجانبين ألايمن‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫عموما زوايا عريضة وغير متناظرة‪ ،‬بينما تظهر الزوايا‬ ‫وألايسر‪ُ ،‬يظهر ‪G1‬‬
‫ألاخرى زوايا منخفضة‪ ،‬ويبلغ متوسط مسافة الخطوة ‪ 201‬مم‪ ،‬وتم تقدير‬
‫اعتمادا على الطريقة املستخدمة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫سرعة صانعي املسار بشكل مختلف‬
‫ً‬
‫ولكن الحد ألاقص ى هو ‪ 1.7‬و‪ 1‬م ‪ /‬ث بينما يمش ي إلانسان الحديث عادة‬
‫بسرعة ‪ 1.7–1‬م ‪ /‬ث ‪.‬‬
‫آثار قدم ليتولي‬
‫يبدو أن السالالت البشرية ألاولى بشكل عام لداها معدل إصابة مرتفع‬
‫ألمراض العمود الفقري‪ ،‬ربما ألن فقراتها كانت تتكيف بشكل أفضل لتحمل‬
‫أحمال التعليق في التسلق من ألاحمال الضاغطة أثناء املش ي في وضع‬
‫مستقيم‪ ،‬وتم تشخيص إصابتها بمرض شيرمان‪ ،‬والذي ربما يكون ً‬
‫ناتجا عن‬
‫إجهاد ظهرها‪ ،‬والذي يمكن أن يؤدي إلى وضع منحني في إلانسان الحديث‬
‫ً‬
‫ونظرا ألن حالتها تظهر بشكل‬ ‫بسبب الانحناء غير املنتظم للعمود الفقري‪،‬‬

‫‪79‬‬
‫مشابه ً‬
‫تماما لتلك التي تظهر في املرض ى البشريين املعاصرين‪ ،‬فإن هذا يشير‬
‫إلى نطاق بشري أساس ي من الوظيفة الحركية في املش ي‪ ،‬وقد يكون إلاجهاد‬
‫ألاصلي قد حدث أثناء التسلق أو التأرجح في ألاشجار ‪.‬‬
‫ً‬
‫كان ُيعتقد سابقا أن العمود الفقري للسالالت البشرية ألاولى كان أشبه‬
‫بعمود القرود غير البشرية مع فقرات رقبة ضعيفة‪ ،‬ومع ذلك فإن سمك‬
‫فقرات العنق في العينة "‪ "KSD-VP-1/1‬يشبه سمك إلانسان الحديث‪،‬‬
‫ويحتوي انتفاخ يحقق أقص ى محيط عند فقرتي ‪ ،C0 - C5‬والذي يرتبط‬
‫عند البشر بالضفيرة العضدية وهي املسؤولة عن أعصاب العضالت في‬
‫الذراعين واليدين‪ ،‬وقد يشير هذا عن الوظائف الحركية املتقدمة في اليد‬
‫وكفاءتها في أداء املهام الدقيقة‪ ،‬وأيدي بشر عفار شبيهة باإلنسان ً‬
‫تماما على‬
‫الرغم من وجود بعض جوانب الاختالف التي من شأنها أن تسمح بانثناء‬
‫أقوى لألصابع‪ ،‬وربما ال يمكنها التعامل مع ألاجسام الكروية أو ألاسطوانية‬
‫الكبيرة بكفاءة عالية‪ ،‬ومع ذلك يبدو أن اليد كانت قادرة على الحصول على‬
‫قبضة دقيقة ضرورية في استخدام ألادوات الحجرية‪ ،‬ومن غير الواضح ما‬
‫إذا كانت اليد قادرة على إنتاج ألادوات الحجرية‪ ،‬وشاركت تلك ألاعصاب في‬
‫استقرار الرأس‪ ،‬ولكن الحفريات "‪ "A.L. 333-106" "L.L. 333-101‬تفتقر‬
‫إلى أدلة على هذه امليزة‪.‬‬
‫و تشير فقرات عنق "‪ "KDS-VP-1/1‬إلى أن الرباط القفوي الذي يعمل‬
‫ً‬
‫متطورا وتشير إلى‬ ‫على تثبيت الرأس أثناء الجري ملسافة عند البشر لم يكن‬

‫‪80‬‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫أن لديه قفصا صدريا على شكل مخروطي بدال من القفص الصدري‬
‫البرميلي (شكل القفص الصدري في إلانسان الحديث)‪ ،‬وفي عام ‪2112‬‬
‫أثبت الدراسات العلمية أن السالالت البشرية ألاولى تحتوي على ‪ 12‬فقرة‬
‫ً‬
‫صدرية مثل إلانسان الحديث بدال من ‪ 13‬مثل القرود غير البشرية‪ ،‬ومن‬
‫املحتمل أن تحتوي السالالت البشرية ألاولى على ‪ 2‬فقرات قطنية‪ ،‬ومن‬
‫املحتمل أن تكون هذه السلسلة طويلة ومرنة على عكس سلسلة القردة‬
‫القطنية غير البشرية القصيرة وغير املرنة‪.‬‬
‫في عام ‪ 2111‬في منطقة ديكيكا إثيوبيا تم العثور على جزء من ضلع‬
‫ينتمي إلى حيوان ذي حوافر بحجم بقرة‪ ،‬وعظم جزئي من بقرة صغيرة بحجم‬
‫املاعز تظهر عليها عالمات قطع وألاولى بعض التكسير‪ ،‬والتي تم تفسيرها في‬
‫البداية على أنها أقدم دليل من الذبح باألدوات الحجرية‪ ،‬إذا كان هذا‬
‫صحيحا فإن هذا سيجعلها أقدم دليل على استخدام أداة حجرية حادة‬ ‫ً‬
‫الحواف يبلغ عمرها ‪ 3.0‬مليون سنة‪ ،‬كما أن تلك الفترة مقدرة ببداية‬
‫العصور الحجرية‪.‬‬
‫من املحتمل أن يكون بشر عفار من الكائنات النهمة العامة وكانوا قادرين‬
‫على استغالل مجموعة متنوعة من مصادر الغذاء املختلفة‪ ،‬ويبدو أنهم قد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واسعا بدون تفضيل حقيقي حيث كانوا يعيشون في ألاراض ي‬ ‫سكنوا نطاقا‬
‫العشبية املفتوحة وألاراض ي الشجرية والغابات الواقعة على ضفاف النهر‬
‫أو البحيرة‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫وتشير الدالئل املحتملة إلى استخدام ألادوات الحجرية داللة على أن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫الاحوم كانت ً‬
‫غذائيا‪ ،‬ومن املحتمل أن يكونوا من آكالت الاحوم‬ ‫أيضا مكونا‬
‫العامة مثل النمل ألابيض‪ ،‬يبدو أن ساللة بشر عفار كانت قادرة على‬
‫استغالل مجموعة متنوعة من املوارد الغذائية في مجموعة واسعة من‬
‫ً‬
‫مثاليا الستهالك ألاطعمة‬ ‫البيئات‪ ،‬يعتبر تشريح ألاسنان لدى بشر عفار‬
‫الصلبة والهشة‪ ،‬ولكن أنماط البقايا على ألاضراس تشير إلى أن مثل هذه‬
‫ألاطعمة لم يتم تناولها بشكل متكرر فربما كعناصر احتياطية في أوقات‬
‫الحاجة‪.‬‬
‫ال يبدو أن لدى ساللة بشر عفار بيئة مفضلة‪ ،‬وسكنت مجموعة واسعة‬
‫من البيئات مثل ألاراض ي العشبية املفتوحة وألاراض ي الشجرية وغابات‬
‫البحيرة أو ألانهار‪ ،‬وباملثل تفاوتت مجموعة الحيوانات التي تعيش معها‬
‫ً‬
‫بشكل كبير من موقع إلى آخر‪ ،‬كان العصر البليوسيني في شرق إفريقيا دافئا‬
‫طبا مقارنة بالعصر امليوسيني السابق‪ ،‬مع استمرار موسم الجفاف حوالي‬ ‫ور ً‬
‫بناء على ألادلة الزهرية والحيوانية والجيولوجية‪ ،‬كان من‬ ‫أربعة أشهر ً‬
‫املمكن أن يؤدي موسم ألامطار املمتد إلى إتاحة املزيد من ألاطعمة املرغوبة‬
‫للبشر ألاوائل ملعظم فترات العام‪.‬‬
‫تميزت إفريقيا قبل ‪ 3-0‬ماليين سنة بتنوع أكبر من الحيوانات آكلة‬
‫الاحوم مما هو عليه اليوم‪ ،‬ومن املحتمل أن السالالت البشرية وقع فريسة‬
‫لهذه الكائنات الخطرة ويكون سكن ألاشجار هو سبيل من سبل النجاة‪،‬‬

‫‪82‬‬
‫ً‬
‫ومن املحتمل أن السالالت البشرية يفضل ظروفا أكثر برودة من إلانسان‬
‫الالحق‪ ،‬حيث ال توجد مواقع للسالالت البشرية كانت أقل من ‪ 1111‬متر في‬
‫الارتفاع في وقت الترسيب‪ ،‬هذا يعني أنهم ً‬
‫غالبا ما يسكنون مناطق بمتوسط‬
‫درجة حرارة نهارية ‪ 22‬درجة مئوية‪ ،‬وتنخفض إلى ‪ 11‬أو ‪ 2‬درجات مئوية في‬
‫الليل‪ ،‬من ‪ 3.0‬إلى ‪ 2.12‬مليون سنة مضت كان متوسط درجة الحرارة‬
‫حوالي ‪ 21.2‬درجة مئوية‪.‬‬
‫من الصعب للغاية التكهن بدقة بديناميات مجموعات البشر ألاوائل‪،‬‬
‫عادة ما يتم إعادة بنائهم بمستويات عالية من ازدواج الشكل الجنس ي‪،‬‬
‫حيث يكون الذكور أكبر بكثير من إلاناث‪ ،‬باستخدام الاتجاهات العامة في‬
‫الرئيسات الحديثة فإن ازدواج الشكل الجنس ي املرتفع عادة ما يعادل‬
‫املجتمع متعدد الزوجات بسبب املنافسة الشديدة بين الذكور والذكور على‬
‫إلاناث‪ ،‬كما هو الحال في مجتمع الحريم للغوريال‪ ،‬ومع ذلك فقد قيل ً‬
‫أيضا‬
‫إن لداهم مستويات أقل بكثير من ا دواج الشكل‪ ،‬يمكن ً‬
‫أيضا تفسير ازدواج‬ ‫ز‬
‫الشكل املنخفض على أنه كان لديه مجتمع أحادي الزواج مع منافسة قوية‬
‫بين الذكور وإلاناث‪ ،‬وعلى النقيض من ذلك تكون ألانياب أصغر بكثير منها‬
‫في الرئيسات غير البشرية‪ ،‬مما يشير إلى عدوانية أقل؛ ألن حجم ألانياب‬
‫يرتبط بشكل إيجابي بالعدوانية بين الذكور وإلاناث‪ُ ،‬يعتقد أن مجموعة‬
‫ألافراد البالغ عددهم ‪ 13‬في موقع ‪ AL 333‬قد تم ترسيبهم في نفس الوقت‬
‫تقريبا مع بعضهم البعض‪ ،‬ويحملون القليل من ألادلة على نشاط آكالت‬ ‫ً‬
‫الاحوم وقد ُدفنوا على امتداد ‪ 7‬أمتار من التل‪ ،‬وفي عام ‪ 1111‬اقترح عاملا‬
‫‪83‬‬
‫ُ‬
‫ألانثروبولوجيا ‪ James Louis Aronson and Taieb‬أنهما قتال في فيضان‬
‫مفاجئ‪ ،‬اعتبر عالم آلاثار البريطاني ‪ Paul Pettitt‬أن ألاسباب الطبيعية غير‬
‫مرجحة‪ ،‬وفي عام ‪ 2113‬افترض أن هؤالء ألافراد قد تم إخفاؤهم ً‬
‫عمدا في‬
‫أعشاب طويلة من ِق َبل أفراد املجموعة بطريقة التخزين الجنائزي املؤقت‪،‬‬
‫تم توثيق هذا السلوك في الرئيسات الحديثة‪ ،‬ويمكن القيام به حتى ال‬
‫ً‬
‫يجذب املتوفون حديثا الحيوانات املفترسة إلى مناطق املعيشة‪.‬‬
‫في عام ‪ 2110‬ناقش عالم ألانثروبولوجيا القديمة ‪John Kappelman‬‬
‫بأن الكسر الذي أظهرته لوس ي ّأدى إلى وفاتها بسبب السقوط من على‬
‫شجرة‪ ،‬من املحتمل أنهم ناموا في ألاشجار أو تسلق ألاشجار ً‬
‫هربا من‬
‫الحيوانات املفترسة‪ ،‬ومع ذلك قد تكون لوس ي قد ُقتلت ً‬
‫أيضا في هجوم‬
‫حيوان أو انهيار ّ‬
‫طيني‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫تم اكتشاف الحفريات ألاولى في ثالثينات القرن املاض ي‪ ،‬ولكن‬
‫الاكتشافات ألاحفورية الرئيسة لم تتم إال في السبعينات من عام ‪ 1172‬إلى‬
‫عام ‪ ،1177‬اكتشفت البعثة الدولية ألبحاث عفار بقيادة علماء‬
‫ألانثروبولوجيا ‪Yves Coppens& Donald Johanson &Maurice Taieb‬‬
‫مئات من عينات البشر ألاوائل في إثيوبيا‪ ،‬وتعتبر أشهر حفرية في وقتنا الحالي‬
‫املعروفة باسم لوس ي ‪ ،‬قادت ‪ Mary Leakey‬رحلة استكشافية إلى ليتولي‬
‫تنزانيا واستعادت بشكل خاص مسارات الحفريات في عام ‪ 1171‬وتم وصف‬
‫الساللة ألول مرة‪ ،‬وتلك أهم الحفريات‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫ا ‪ -‬حفرية لوس ي "‪"AL 288-1‬؛ وهي عبارة عن هيكل عظمي جزئي ألنثى‪،‬‬
‫اكتشفها ‪ ، Donald Johanson‬في هادار بإثيوبيا عام ‪ ،1170‬والعمر‬
‫التقديري لهذه الحفرية ‪ 3.2‬مليون سنة‪ ،‬كانت ذات قدمين مما يعني أنها‬

‫تستطيع املش ي على قدمين لكنها على ألا جح قضت ً‬


‫أيضا الكثير من الوقت‬ ‫ر‬
‫ً‬
‫في تسلق ألاشجار بحثا عن الطعام أو املأوى‪.‬‬
‫ب ‪ -‬حفرية طفل سالم "‪"DIK-1/1‬؛ وهي عبارة عن هيكل عظمي جزئي‪،‬‬
‫اكتشفها ‪ ، are remarkable & Zeresenay Alemseged‬في ديكيكا إثيوبيا‬
‫عام ‪ ،2111‬والعمر التقديري لهذه الحفرية ‪ 3.3‬مليون سنة‪ ،‬وكان عمرها‬
‫حوالي ‪ 3‬سنوات عندما توفيت‪ ،‬وهذا هو أقدم هيكل عظمي لتلك الساللة‬
‫تم العثور عليه‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫جر ‪ -‬حفرية ركبة جوهانسون "‪" AL 129-1‬؛ وهي عبارة عن ركبة‬
‫متحجرة‪ ،‬اكتشفها‪ ، Hadar Formation‬في ديكيكا إثيوبيا عام ‪،1101‬‬
‫والعمر التقديري لهذه الحفرية ‪ 3.0‬مليون سنة‪ ،‬كانت أول أحفورة تقدم‬
‫ً‬
‫دليال على أن أسالفنا كانوا يمشون على قدمين ألكثر من ثالثة ماليين عام‪.‬‬

‫د – حفريات العائلة ألاولى "‪"AL 333‬؛ وهي عبارة عن مجموعة من‬


‫أسنان وعظام‪ ،‬اكتشفها فريق ‪ ،Donald Johanson's‬في هادار بإثيوبيا عام‬

‫‪86‬‬
‫‪ ،1172‬والعمر التقديري لهذه الحفرية ‪ 3.2‬مليون سنة‪ ،‬وتتكون من رفات‬
‫ما ال يقل عن ثالثة عشر ً‬
‫فردا من مختلف ألاعمار ‪.‬‬

‫عينة من حفريات العائلة ألاولى‬


‫هر – حفريات كادانومو"‪"KSD-VP-1/1‬؛ وهي عبارة هيكل عظمي جزئي‬
‫لذكر‪ ،‬اكتشفها فريق بقيادة ‪ ،Yohannes Haile-Selassie‬في عفار بإثيوبيا‬

‫تم العثور على عظمة الذراع ألول مرة في عام ‪ 2112‬واستمرت عملية‬
‫التنقيب أربع سنوات‪ ،‬والعمر التقديري لهذه الحفرية ‪ 3.0‬مليون سنة‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫و – حفريات ليتولي ‪" LH 4" 0‬؛ وهي عبارة عن فك متحجر‪ ،‬اكتشفها‬
‫فريق ‪ ،Mary Leakey‬في ليتولي تنزانيا عام ‪ ،1170‬والعمر التقديري لهذه‬
‫الحفرية ما بين ‪ 3.1-2.1‬مليون سنة‪ ،‬هذه الحفرية هي العينة الرسمية‬
‫املمثلة لتلك الساللة‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫المراجع‬
- Johanson، D.C.، White، T.D.، Coppens، Y. 1978. A new species of the genus
Australopithecus (Primates: Hominidae) from the Pliocene of Eastern Africa. Kirtlandia 28، 2-
14.
- Alemseged، Z.، Spoor، F.، Kimbel، W.H.، Bobe، R.، Geraads، D.، Reed، D.، Wynn، J.G.،
2006. A juvenile early hominin skeleton from Dikika، Ethiopia. Nature 443، 296-30.
- Johanson، D.C.، Edey، M.E.، 1981. Lucy: The Beginnings of Humankind. St Albans،
Granada.
- Kimbel، W.H.، Delezene، L.K.، 2009. "Lucy" redux: A review of research on
Australopithecus afarensis. Yearbook of Physical Anthropology 52، 2-48.
- Schmid، P.، 2004. Functional interpretation of the Laetoli footprints. In: Meldrum،
D.J.، Hilton، C.E. (Eds) From Biped to Strider: The Emergence of Modern Human Walking،
Running، and Resource Transport. Kluwer Academic/Plenum، New York، pp 50-52.
- Yohannes Haile-Selassie et al (2015) ‘New species from Ethiopia further expands
Middle hominin diversity’، Nature 521، 483-488
- Yohannes Haile-Selassie et al (2012) ‘A new hominin foot from Ethiopia shows
multiple Pliocene bipedal adaptations’، Nature 483، 565-569
- Spoor، Fred (2015). ‘Palaeoanthropology: The middle Pliocene gets crowded’. Nature
521، 432–433
- Pettitt، P.; Anderson، J. R. (2019). "Primate thanatology and hominoid mortuary
archeology". Primates. 61 (1): 10.

- https://australian.museum/learn/science/human-
evolution/australopithecus-afarensis/
- https://humanorigins.si.edu/evidence/human-
fossils/species/australopithecus-afarensis

89
‫الفصل السابع‬
‫بشر جنوب إفريقيا‬
Australopithecus africanus

90
‫بشر جنوب إفريقيا هي ساللة عاشت ما بين ‪ 3.07‬إلى ‪ 2‬مليون سنة في‬
‫جنوب إفريقيا‪ ،‬ويعتبر ساللة بشر عفار الجد لتلك الساللة‪ ،‬وهي من أكثر‬
‫أنواع السالالت البشرية التي تم العثور على بقاياها املحافظ عليها بشكل‬
‫عام حيث تصل بعض الحفريات إلى ‪ % 11‬من البقايا سليمة (حفرية القدم‬
‫وبناء على ‪ 0‬عينات بلغ متوسط حجم دماغ بشر جنوب إفريقيا‬ ‫الصغير)‪ً ،‬‬
‫ُ‬ ‫حوالي ‪ 211-021‬سم مكعب‪ً ،‬‬
‫وبناء على ذلك قدر حجم دماغ ألاطفال حديثي‬
‫الوالدة بما يتراوح بين ‪ 111-102.2‬سم مكعب باستخدام الاتجاهات التي‬
‫لوحظت في حجم دماغ البالغين وحديثي الوالدة في الرئيسات الحديثة‪ ،‬وإذا‬
‫صحيحا فيشير إلى أن ألاطفال ولدت بحوالي ‪ ٪31‬من إجمالي حجم‬‫ً‬ ‫كان هذا‬
‫دماغها‪ ،‬قد تكون جماجم الذكور أقوى من جماجم إلاناث‪ ،‬في مجموعة‬
‫مكونة من عشر عينات أظهرت سبع عينات من العظم السنخي الخفيف‬
‫إلى املتوسط الناتج عن أمراض اللثة (تآكل العظم الذي يدعم ألاسنان)‪،‬‬
‫تم تشخيص عينة الطفل "‪ "STS 24a‬بحالة شديدة من أمراض اللثة على‬
‫الجانب ألايمن من الفم مما تسبب في النمو املرض ي للعظام حول املوقع‬
‫املصاب‪ ،‬وحركة أول ضرسين من الجهة اليمني خالل الفترات الدورية‬
‫فضل املضغ باستخدام‬ ‫للعدوى البكتيرية والالتهاب‪ ،‬كما يبدو أن الفرد َّ‬
‫الجانب ألايسر من الفك‪ ،‬وكان من املمكن أن يؤدي مرض اللثة إلى إعاقة‬
‫عملية املضغ بشدة خاصة في العام ألاخير من العمر‪ ،‬وربما اعتمد الفرد‬
‫على أعضاء املجموعة للبقاء على قيد الحياة‪.‬‬
‫‪91‬‬
‫في عام ‪ 1112‬قدر عالم ألانثروبولوجيا ألامريكي ‪Henry McHenry‬‬
‫بناء على خمس عينات‬ ‫متوسط الوزن من ‪ 01.1‬إلى ‪ 22.1‬كجم للذكور ً‬
‫جزئية‪ ،‬و‪ 31.2‬إلى ‪ 30.1‬كجم لإلناث بناء على سبع عينات‪ ،‬في عام ‪2112‬‬
‫أبلغ عالم ألانثروبولوجيا ألامريكي‪ William L. Jungers‬بناء على سبع عينات‬
‫قدر أن الذكور في املتوسط حوالي ‪ 131‬سم‪ ،‬وطول إلاناث ‪ 122‬سم ‪ ،‬في‬
‫ناء على ‪ 20‬عينة قدر عالم ألانثروبولوجيا ‪Manuel Will‬‬ ‫عام ‪ 2117‬ب ً‬
‫وزمالؤه أن طولهم يبلغ ‪ 120.0‬سم بمدى يتراوح من ‪ 111‬إلى ‪ 102‬سم‪.‬‬
‫استنادا إلى الهيكل العظمي ‪ُ DIK-1-1‬يعتقد أن السالالت البشرية ألاولى‬
‫ً‬
‫كان لها عمود فقري شبيه باإلنسان‪ ،‬مع ‪ 7‬فقرات عنق و‪ 12‬فقرة صدرية‬
‫و‪ 2‬فقرات قطنية مرنة‪ ،‬وفي حفرية ‪ StW 573‬عظم ألاطلس املوجود في‬
‫الرقبة‪ ،‬وهو مهم للدوران وتثبيت الرأس ويشير إلى قدر أكبر من الحركة‬
‫للدوران ألعلى وألسفل مقارنة بالبشر‪ ،‬وهذه الحركة مهمة لألنواع الشجرية‬
‫لتحديد ألاسطح القابلة للتسلق والتركيز عليها‪.‬‬
‫كما تظهر عظام أطلس لاحفرية مزايا ميكانيكية مماثلة للعضالت التي‬
‫تحرك حزام الكتف‪ ،‬مما قد يشير إلى انحناء طبيعي للعمود الفقري كان‬
‫أقل من القردة غير البشرية‪ ،‬ومع ذلك فإن حفرية ‪ StW 679‬الالحقة لها‬
‫بعض أوجه التشابه مع ألاطالس البشرية‪ ،‬والتي يمكن أن تشير إلى التطور‬
‫التدريجي‪ ،‬تحتوي حفرية ‪ StW 573‬على مدخل صدري ضيق على عكس‬
‫ساللة بشر عفار والبشر املعاصرين‪ ،‬وعظمة الترقوة طويلة ً‬
‫نسبيا ولها نفس‬

‫‪92‬‬
‫الطول في إلانسان الحديث‪ ،‬تنحني فقرات العمود الفقري ‪L3 – L5‬لاخارج‬
‫في العينة "‪ " StS 14‬كما هو الحال في النساء املعاصرات‪ ،‬في حين أنها أكثر‬
‫استقامة في العينة " ‪ " StW 431‬كما هو الحال في الرجال املعاصرين‪ ،‬ربما‬
‫ً‬
‫منتصبا أثناء‬ ‫يعكس هذا تقوية العمود الفقري ألانثوي للمساعدة في املش ي‬
‫الحمل‪ ،‬ويحافظ الهيكل العظمي الجزئي "‪ "StS 14‬على حوض كامل إلى حد‬
‫ما كما هو الحال في الحوض للعينة لوس ي (ساللة بشر بحيرة توركانا) كان‬
‫العجز (عظمة كبيرة مثلثة الشكل تقع في قاعدة العمود الفقري في الجزء‬
‫ً‬
‫وموجها نحو الظهر أكثر من‬ ‫ً‬
‫نسبيا‬ ‫ً‬
‫مسطحا‬ ‫الخلفي العلوي من الحوض)‬
‫إلانسان املعاصر‪ ،‬يمكن أن يشير هذا إلى قناة والدة واسعة مقارنة بحجم‬
‫رأس حديثي الوالدة‪ ،‬وبالتالي والدة غير دورانية على الرغم من أن هذا محل‬
‫نقاش ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫تشريحا دقيقا ولكن من غير الواضح ما إذا كان هذا‬ ‫تظهر اليد والذراع‬
‫تشريحا للطرف‬‫ً‬ ‫شجريا إلى حد ما‪ ،‬ومع ذلك ُيظهر‬‫ً‬ ‫يعني أنه كان ال يزال‬
‫العلوي يشبه السالالت البشرية ألاولى بشكل أقرب من الرئيسات‪ ،‬ويتم‬
‫ً‬
‫تفسيره عادة على أنه إلى حد ما شجري‪ ،‬وكما هو الحال في الرئيسات‬
‫الشجرية تكون ألاصابع منحنية والذراعان طويلتين ً‬
‫نسبيا‪.‬‬
‫َ‬
‫والكتفان لدى ساللة بشر جنوب إفريقيا تشبه إلى حد كبير كتف ْي إنسان‬
‫تماما لاحفاظ على الثبات وتحمل الوزن أثناء رفعها‬ ‫الغاب‪ ،‬وهي مناسبة ً‬
‫ووضعها فوق الرأس‪ ،‬ومع ذلك فإن الترقوة اليمنى من العينة "‪"StW 573‬‬

‫‪93‬‬
‫لها منحنى واضح على شكل حرف ‪ S‬مثل البشر املعاصرين‪ ،‬مما يشير إلى‬
‫ذراع لحظة شبيهة باإلنسان لتثبيت حزام الكتف مقابل عظم العضد‪،‬‬
‫تتوافق عظام الذراع مع عضالت قوية مفيدة في التسلق‪ ،‬ومع ذلك فإن‬
‫مؤشر العضد نسبة الساعد هو ‪ ،10.2-12.1‬مما يشير إلى انخفاض في طول‬
‫الساعد ويشير إلاههام واملعصم إلى وظائف مشاههة لإلنسان مع قبضة‬
‫دقيقة ومقاومة قوية بين إلاههام وألاصابع‪ ،‬عادة ما يتم تبني تفسير مثل‬
‫هذه القبضة على أنها تكيف مع صناعة ألادوات على حساب التسلق الفعال‬
‫والسكن الشجري‪.‬‬
‫كانت ذراعا العينة "‪ "StW 573‬حوالي ‪ 23.0‬سم وساقاها ‪ 01.2‬سم‪،‬‬
‫الر ْجل‪ ،‬وإنها العينة ألاولى‬
‫ّ‬
‫وهذا يعني أن الذراع كانت بطول ‪ ٪10.1‬من ِ‬
‫والوحيدة املبكرة من البشر ألاوائل التي أظهرت بشكل قاطع أن جميع‬
‫ً‬
‫تقريبا بطول ألارجل‪ ،‬ومع ذلك فإن هذه النسبة تشبه‬ ‫الذراعين كانت‬
‫إلانسان املعاصر أكثر من السالالت السابقة حيث تبلغ نسبة إلانسان‬
‫‪. ٪71-00.2‬‬
‫تظهر عظام الساق بوضوح أنه قد انخرط عادة في الحركة على قدمين‪،‬‬
‫على الرغم من أن بعض جوانب عظم الظنبوب (هي العظمة الكبري في‬
‫النصف السفلي في الساق) يوجد هها اختالف مما قد يشير إلى أن عضالت‬
‫ً‬
‫الساق لم تتم إعادة تنظيمها بالكامل وفقا لاحالة البشرية الحديثة‪ ،‬وإذا‬
‫ً‬
‫صحيحا فإن آثاره الوظيفية غير واضحة‪ ،‬والعظم التربيقي في‬ ‫كان هذا‬

‫‪94‬‬
‫مفصل الورك يشبه العظم إلانساني بشكل واضح‪ ،‬والذي سيكون غير‬
‫متسق مع الدرجات الكبيرة من حمولة الورك املطلوبة للنشاط الشجري‬
‫املطول‪ ،‬كما أن الزاوية ما بين قصبة الساق والقدم مماثلة لاحالة البشرية‬
‫الحديثة‪ ،‬وهو أمر ضروري للمش ي على قدمين بشكل اعتيادي‪ ،‬وبالتالي لم‬
‫ً‬
‫يكن الكاحل مرنا في أنشطة التسلق كما هو الحال في القرود غير البشرية‪،‬‬
‫ومع ذلك يمكن للصيادين وجامعي الثمار في الكونغو الحديثة تحقيق زاوية‬
‫تشبه الشمبانزي مع الكاحل أثناء تسلق ألاشجار بسبب ألالياف الطويلة في‬
‫ً‬
‫عضلة الساق بدال من التكيفات الهيكلية املحددة‪ ،‬كانت بعض جوانب‬
‫ُ‬
‫عظم الكاحل تشبه القردة مما قد يؤثر على كفاءة املش ي‪ ،‬تعرف عناصر‬
‫القدم إلى حد كبير من بقايا العينة "ستيركفونتاين‪ "4‬تلك القدم التي تشبه‬
‫إلانسان مع تصلب في منتصف القدم وعدم وجود كسر في منتصف‪ ،‬وعلى‬
‫الرغم من أنه كان لديه إصبع كبير مقرب مثل البشر ألاحدث‪ ،‬فمن املحتمل‬
‫ً‬
‫أنه لم يدفع بإصبع القدم الكبير باستخدام جانب القدم بدال من ذلك‪.‬‬
‫"‪ "StW 573‬هي أقدم عينة من السالالت البشرية ألاولى بإصبع كبير‪،‬‬
‫العينة ‪ StW 355‬هي أكثر عظام القدم القريبة منحنية أكثر من السالالت‬
‫ً‬
‫تشاهها مع تلك املوجودة في إنسان الغاب ‪.‬‬ ‫البشرية ألاولى وهي أكثر‬
‫في عام ‪ 1112‬فسر عاملا ألانثروبولوجيا & ‪Geoffrey Raymond Fisk‬‬
‫‪ Gabriele Macho‬أن عظم الكاحل ألايسر للعينة "‪ "Stw 363‬على أنه دليل‬
‫على حدوث كسر في عظم الكعب‪ ،‬واعتقدا أنه ناتج عن سقوط من شجرة‪،‬‬

‫‪95‬‬
‫ً‬
‫صحيحا فقد تمكن الفرد من البقاء على قيد الحياة لفترة‬ ‫وإذا كان هذا‬
‫طويلة على الرغم من فقدان قدر كبير من الوظيفة في الساق اليسرى‪ ،‬ومع‬
‫مشاهها يمكن أن يكون قد حدث ً‬
‫أيضا عن‬ ‫ً‬ ‫أيضا أن ً‬
‫ضررا‬ ‫ذلك فقد الحظا ً‬
‫طريق ترسب الكالسيت والتبلور أثناء عملية التحجر ‪.‬‬
‫يصعب التنبؤ بديناميات مجموعات السالالت البشرية ألاولى بأي درجة‬
‫من الدقة‪ ،‬وجدت دراسة نظائر السترونتيوم لعام ‪ 2111‬ألسنان بشر جنوب‬
‫إفريقيا من وادي الدولوميت ستيركفونتاين أنه بافتراض أن ألاسنان‬
‫الصغيرة بشكل خاص تمثل عينات من إلاناث وكانت إلاناث أكثر عرضة لترك‬
‫مكان والدتهن‪ ،‬هذا مشابه ألنماط التشتت ألشباه البشر املعاصرين الذين‬
‫لداهم مجتمع قائم على القرابة متعدد الذكور‪ ،‬على عكس مجتمع الحريم‬
‫للغوريال والرئيسات ألاخرى‪ ،‬ومع ذلك يبدو أن ألانياب الصغيرة للذكور‬
‫ً‬
‫مقارنة باألنياب الخاصة بالرئيسات تشير إلى درجة أقل بكثير من العدوانية‬
‫جدا عن الوادي‬‫بعيدا ً‬
‫بين الذكور وإلاناث‪ ،‬ال يبدو أن الذكور قد غادروا ً‬
‫مما قد يشير إما إلى نطاقات منزلية صغيرة‪ ،‬أو أنهم يفضلون املناظر‬
‫الطبيعية والصخور الدولوميتية بسبب وفرة الكهوف أو العوامل املتعلقة‬
‫بنمو الغطاء النباتي‪.‬‬
‫في عام ‪ 1120‬اقترح ‪ Robinson‬أن تلك الساللة كانت من آكالت الاحوم‬
‫العامة‪ ،‬وفي عام ‪ 1111‬اقترح عالم ألانثروبولوجيا القديمة ألامريكي‬
‫‪ Frederick E. Grine‬أن إنسان كسارة البندق (ساللة الحقة) متخصص في‬

‫‪96‬‬
‫ألاطعمة الصلبة مثل املكسرات بينما بشر جنوب إفريقيا تخصص في‬
‫ً‬
‫استنادا إلى تحليالت نظائر الكربون‬ ‫ألاطعمة اللينة مثل الفاكهة وألاوراق‪،‬‬
‫كان لديه نظام غذائي شديد التباين يتضمن كمية ماحوظة من نباتات‬
‫السافانا مثل‪ :‬ألاعشاب والبذور والجذور والدرنات‪ ،‬أو ربما الالفقاريات التي‬
‫تأكل العشب والثدييات العاشبة أو الحشرات أو الحيوانات آكلة الاحوم‪،‬‬
‫معظم الرئيسات ال تأكل نباتات السافانا‪.‬‬
‫يبدو أن تشريح الوجه لبشر جنوب إفريقيا يقترح تكيفات إلنتاج ضغط‬
‫عال على الضواحك‪ ،‬وهو مفيد في تناول أشياء صغيرة صلبة مثل البذور‬ ‫ٍ‬
‫واملكسرات التي تحتاج إلى تكسير ألاسنان‪ ،‬أو ملعالجة كمية كبيرة من الطعام‬
‫في وقت واحد‪ ،‬ربما تطلب استخدام ألاحجار لكسر املكسرات‪ ،‬يفتقر بشكل‬
‫واضح إلى دليل على وجود تجاويف في ألاسنان‪ ،‬وقد يشير هذا إلى أنه إما لم‬
‫غالبا ألاطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر والتي تسبب‬ ‫يستهلك ً‬
‫التجاويف مثل الفاكهة والعسل وبعض املكسرات والبذور أو ألاطعمة التي‬
‫تستهلك بشكل متكرر والتي تقلل من معدل حدوث التسوس‪ ،‬ومع ذلك فإن‬
‫السن ألايمن الثاني (‪ )STW 270‬والناب ألايمن (‪ )STW 213‬من نفس الفرد‬
‫تظهر آفات متوافقة مع التآكل الحمض ي‪ ،‬مما يشير إلى أن هذا الفرد كان‬
‫يعض بانتظام في ألاطعمة الحمضية‪ ،‬ويمكن أن تسبب الدرنات نفس‬
‫الضرر إذا تم بعض املضغ بواسطة ألاسنان ألامامية‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫و يترسب الباريوم باستمرار على أسنان الرضع حتى حوالي ‪ 1-0‬أشهر من‬
‫شهرا؛ ً‬
‫نظرا ألن الباريوم تم الحصول‬ ‫الوالدة‪ ،‬ثم يتناقص حتى حوالي ‪ً 12‬‬
‫عليه على ألارجح من حليب الثدي‪ ،‬فمن املحتمل أن يعكس هذا سن‬
‫الفطام هذا مشابه لعمر الفطام البشري‪ ،‬وبعد هذه الفترة ألاولية تتوقف‬
‫رواسب الباريوم ثم تعاود العمل بشكل دوري كل عام لعدة سنوات‪ ،‬في‬
‫العينة ‪ StS 28‬حدث هذا كل ‪ 1-0‬أشهر‪ ،‬وفي عينة ألانياب السفلية ‪StS 51‬‬
‫كل ‪ 0-0‬أشهر‪ ،‬واستمر هذا ألامر حتى ‪ 2-0‬سنوات من النمو ‪.‬‬
‫يبدو أنهم عاشوا في منطقة هها مجموعة واسعة من البيئات‪ ،‬في‬
‫ستيركفونتاين الخشب ألاحفوري الذي ينتمي إلى نبات ليانا ديشابيتالوم‬
‫وهو العضو الحي الوحيد من جنس هذه الشجرة في جنوب إفريقيا هو يتنمي‬
‫إلى جفبالر سنمي والذي ينمو في غابات كثيفة ورطبة في العصر الحديث‬
‫وتنمو تلك النباتات فقط في الغابات املطيرة في الكونغو‪ ،‬لذا فإن وجودها‬
‫ً‬
‫امتدادا لهذه الغابة املطيرة‪ ،‬وتشير تجمعات‬ ‫قد يعني أن املنطقة كانت‬
‫الحياة البرية إلى مزيج من البيئات مثل السافانا الشجرية أو ألاراض ي‬
‫أيضا على شجيرة ‪Anastrabe‬‬ ‫املفتوحة أو ألا اض ي العشبية‪ ،‬تم العثور ً‬
‫ر‬
‫‪ ،Integerrima‬والتي تنمو اليوم فقط على الساحل جنوب إلافريقي ألاكثر‬
‫رطوبة‪ ،‬وقد يشير هذا إلى أن البيئة قد تلقت مز ًيدا من ألامطار في العصر‬
‫البليستوسين‪ ،‬ربما تكون البيئة قد تميزت بغابات محاطة باألراض ي‬
‫أيضا أن منطقة تونج تتميز ببيئة رطبة ومغلقة‪ ،‬ومن‬ ‫العشبية‪ ،‬ويبدو ً‬
‫ً‬
‫املحتمل أنه يفضل ظروفا أكثر برودة من إلانسان الحالي‪ ،‬حيث ال توجد‬
‫‪98‬‬
‫مواقع لسالالت البشر كانت أقل من ‪ 1111‬متر في الارتفاع في وقت الترسيب‪،‬‬
‫غالبا ما يسكنون مناطق بمتوسط درجة حرارة نهارية ‪22‬‬ ‫هذا يعني أنهم ً‬
‫درجة مئوية وتنخفض إلى ‪ 11‬أو ‪ 2‬درجات مئوية في الليل‪.‬‬
‫وفي عام ‪ 1113‬درس عالم ألاحافير جنوب إلافريقي تشارلز كيمبرلين برين‬
‫بقايا إنسان كسارة البندق‪ ،‬حيث افترض أن عظام بشر جنوب إفريقيا قد‬
‫تراكمت في الكهوف بسبب النشاط الكبير لاحيوانات آكلة الاحوم مما أدى‬
‫ً‬
‫متأكدا مما إذا كانت هذه الحيوانات املفترسة‬ ‫إلى جر الجثث‪ ،‬ولم يكن‬
‫تبحث عنهم بنشاط وأعادتهم إلى عرين الكهف لتناول الطعام‪ ،‬أو سكنوا‬
‫فترات استراحة أعمق من الكهوف ونصبوا كمي ًنا لهم عندما دخلوا‪ً ،‬‬
‫غالبا‬
‫ما يحتمي البابون في هذه املنطقة في العصر الحديث في املجاري خاصة في‬
‫ليالي الشتاء الباردة‪.‬‬
‫ً‬
‫موسميا من هايفيلد إلى‬ ‫على الرغم من أن ‪ Brain‬اقترح أنهم اهاجرون‬
‫ً‬
‫بوشفيلد ألاكثر دفئا‪ ،‬ويأخذ مالجئ الكهوف فقط في الربيع والخريف‪ ،‬من‬
‫املحتمل أن الحفريات من ستيركفونتاين ‪ 0‬قد تراكمت بواسطة القطط‬
‫الكبيرة‪ ،‬على الرغم من أن صيد الضباع وابن آوى قد يكون له دور ً‬
‫أيضا‪،‬‬
‫تشير الخدوش والحفر وعالمات الثقب على طفل تونج املشاههة لتلك التي‬
‫ُ‬
‫تسببها النسور املتوجة الحديثة إلى أن هذا الشخص قد قتل على يد طائر‬
‫جارح ‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫منذ حوالي ‪ 2.17‬مليون سنة قبل وصول إنسان كسارة البندق وإلانسان‬
‫املنتصب مباشرة انقرض بشر جنوب إفريقيا‪ ،‬من املمكن أن تكون جنوب‬
‫ً‬
‫إفريقيا مالذا لهم حتى بداية التقلبات املناخية الرئيسة‪ ،‬وربما املنافسة مع‬
‫إلانسان وإنسان كسارة البندق ‪.‬‬
‫تم اكتشاف هذا النوع ألول مرة في منطقة تونج جنوب إفريقيا وكانت‬
‫العينة ألاولى هي طفل تونغ‪ ،‬وصفها عالم التشريح ‪ Raymond Dart‬عام‬
‫‪ ،1120‬وكانت أول من اكتشف السالالت البشرية ألاولى‪ ،‬ومع ذلك معظمهم‬
‫اعتقدوا أن البشر قد تطوروا خارج إفريقيا بشكل أساس ي بسبب خدعة‬
‫الحفرية الانتقالية لرجل بلتداون من بريطانيا‪ ،‬وكان من غير الواضح كيفية‬
‫ترابط بشر جنوب إفريقيا بالسالالت البشرية ألاخرى‪ ،‬حيث يتم تصنيفها‬
‫بشكل مختلف كأسالف لإلنسان وإنسان كسارة البندق‪ ،‬أو إنسان كسارة‬
‫البندق فقط ‪.‬‬
‫في ‪ 20‬نوفمبر ‪ 1120‬تلقى ‪ Dart‬صندوقين ههما أحافير جمعها‪، D-Braun‬‬
‫الحظ وجود دماغ طبيعي ووجه لجمجمة ألاطفال لاحفرية طفل تونغ والتي‬
‫يقدر عمرها بحوالي ‪ 2.1‬مليون عام‪ ،‬والذي تعرف على الفور على أنها‬
‫أحفورة انتقالية بين القردة والبشر وعلى وجه الخصوص‪ ،‬كان حجم دماغه‬
‫ً‬
‫صغيرا ولكنه كان كما يتضح من موضع الثقبة الكبيرة أسفل الجمجمة أنه‬
‫ذو قدمين‪ ،‬بالفعل في يناير ‪ 1122‬سميت العينة كجنس ونوع جديد‬
‫‪ Australopithecus africanus‬في هذا الوقت‪ ،‬تم تصنيف القردة العليا في‬

‫‪100‬‬
‫عائلة ‪ Pongidae‬التي تضم جميع القردة ألاحفورية غير البشرية‪،‬‬
‫و ‪Hominidae‬تشمل البشر وألاسالف‪ ،‬شعر ‪ Dart‬أن طفل تونج ال يتناسب‬
‫مع أي منهما وأقام عائلة جديدة أطلق عليها‪"Homo-simiadæ" ("man-‬‬
‫)"‪ apes‬سرعان ما تم التخلي عن اسم العائلة هذا‪ ،‬واقترح ‪Dart‬‬
‫اسم "‪ "Australopithecidae‬في عام ‪ ،1121‬كلمة ‪ africanus‬هي من أصل‬
‫التيني لكلمة "إفريقيا" وتشير إلى القارة التي تم العثور فيها على هذا النوع‪.‬‬

‫ا ‪ -‬طفل تونج " ‪" Taung Child‬؛ وهي‬


‫عبارة عن جمجمة متحجرة لطفل‪،‬‬
‫اكتشفت عن طريق عمال املحاجر‬
‫املحليين‪ ،‬في كهف تونج جنوب إفريقيا‬
‫عام ‪ ،1120‬والعمر التقديري لهذه‬
‫الحفرية ‪ 2.3‬مليون سنة‪ ،‬وهي بقايا‬
‫لطفل صغير والعينة املمثلة لهذا النوع‪،‬‬
‫كانت أول أحفورة لجنس بشري قديم تم العثور عليها على إلاطالق في‬
‫أيضا أول أحفورة يتم تصنيفها لتلك الساللة‪ ،‬علمنا أنه‬ ‫إفريقيا‪ ،‬وكانت ً‬
‫طفل صغير؛ ألن ضرسه ألاول كان في طور الانبثاق من الفك‪.‬‬
‫ب – القدم الصغير " ‪" Little Foot‬؛ وهي عبارة عن هيكل عظمي وجد‬
‫في كهوف ستيركفونتاين جنوب إفريقيا‪ ،‬وتم العثور على أول عينة في عام‬

‫‪101‬‬
‫‪ 1111‬ولكن لم يتم التعرف عليها من بين العديد من عظام الثدييات‬
‫ألاخرى‪ ،‬وفي عام ‪ 1112‬قامت مبادرة بواسطة ‪Phillip Vallentine Tobias‬‬
‫حيث تم تفجير صخرة كبيرة في الكهف الذي كان يحتوي على تراكم غير‬
‫عادي من ألاحافير‪ ،‬تم أخذ الحفريات التي تم العثور عليها من الكهف وتم‬
‫فحصها بدقة من قبل عالم ألانثروبولوجيا القديمة ‪،Ronald J. Clarke‬‬
‫والعمر التقديري لهذه الحفرية ‪ 3.07‬مليون سنة‪ ،‬وهي حفرية شبه مكتملة‬
‫حيث تم العثور على حوال ‪ %11‬من الهيكل العظمي‪.‬‬
‫جر – السيدة بليز " ‪Sts‬‬
‫‪"5‬؛ وهي عبارة عن‬
‫جمجمة‪ ،‬اكتشفها ‪Robert‬‬
‫‪John &Broom‬‬
‫‪ ،Robinson‬في كهف‬
‫جنوب‬ ‫ستيركفونتين‬
‫إفريقيا عام ‪ ،1107‬والعمر‬
‫التقديري لهذه الحفرية‬
‫‪ 2.2‬مليون سنة‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫د – ستيركفونتين ‪"Sts 10" 10‬؛ وهي جزء من عظام الحوض‪،‬‬
‫اكتشفها‪ ،Robert Broom & John Robinson‬في كهف ستيركفونتين جنوب‬
‫إفريقيا عام ‪ ،1107‬والعمر التقديري لهذه الحفرية ‪ 2.2‬مليون سنة‪ ،‬تتكون‬
‫العينة من حوض وعمود فقري وجزء من الضلع وعظم الفخذ‪ .‬تشمل‬
‫الخصائص البارزة الشكل الذي يشبه إلانسان بوضوح لشفرات الحوض‪،‬‬
‫مما يشير إلى نوع من املش ي على قدمين‪ ،‬كان هذا الاكتشاف هو أول من‬
‫أظهر دون أدنى شك املش ي على قدمين قبل إلانسان‪ ،‬من الغريب أن العينة‬
‫تحتوي على ست فقرات قطنية أكثر من معظم البشر املعاصرين فلداهم‬
‫خمسة‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫المراجع‬
- Dart، R.، 1925. Australopithecus africanus. The man-ape of South Africa. Nature 115، 195-199.
- Berger، L.R.، Clarke، R.J.، 1995. Eagle involvement of the Taung child fauna. Journal of Human
Evolution 29، 275-299.
- Clarke، R.J.، Tobias، P.V.، 1995. Sterkfontein Member 2 foot bones of the oldest South African
hominid. Science 269، 521–524.
- Lacruz، R.S.، Rozzi، F.R، Bromage، T.G.، ، 2005. Dental enamel hypoplasia، age at death، and
weaning in the Taung child. South African Journal of Science 101، 567-569.
- McHenry، H.، 1998. Body proportions in Australopithecus afarensis and A. africanus and the
origin of the genus Homo. Journal of Human Evolution 35، 1-22.
- Scott، R. S.، Ungar، P.S.، Bergstrom، T.S.، Brown، C.A.، Grine، F.E، Teaford، M.F.، Walker، A.،
2005. Dental microwear texture analysis shows within-species diet variability in fossil hominins. Nature
436، 693-695.
- Herries، A. I. R.; Martin، J. M.; et al. (2020). "Contemporaneity of Australopithecus،
Paranthropus، and early Homo erectus in South Africa". Science. 368 (6486): eaaw7293
- Beaudet، A.; Clarke، R. J.; Heaton، J. L. (2020). "The atlas of StW 573 and the late emergence of
human-like head mobility and brain metabolism". Scientific Reports. 10 (4285): 4285

- https://australian.museum/learn/science/human-
evolution/australopithecus-africanus/

- https://humanorigins.si.edu/evidence/human-
fossils/species/australopithecus-africanus

104
‫الفصل الثامن‬
‫بشر ديرميدا‬
Australopithecus deyiremeda

105
‫عاشت تلك الساللة في منطقة شرق إفريقيا منطقة عفار إثيوبيا منذ‬
‫حوالي ‪ 3.2‬مليون سنة‪ ،‬تتميز تلك الساللة بعظام خده وأسنان خده‬
‫الصغيرة املواجهة لألمام‪ ،‬على الرغم من كونها من السالالت املبكرة فإن‬
‫ظهران بعض أوجه التشابه مع تلك املوجودة في‬ ‫ُ‬
‫فكي بشر ديريميدا ي ِ‬
‫ً‬
‫السالالت إلانسانية الالحقة‪ ،‬حيث كان الفك بارزا إلى حد بزاوية ‪ 31‬درجة‬
‫وعظام الوجنة أسفل منطقة العين بارزة إلى ألامام أكثر من معظم عينات‬
‫بشر عفار‪ ،‬وعلى عكس بشرعفار ولكن مثل إنسان كسارة البندق (سالالت‬
‫ً‬
‫الحقة) فإن جدران أسنان الخد مائلة بدال من الشكل مستقيم‪ ،‬ألانياب‬
‫العلوية أصغر ً‬
‫نسبيا من تلك املوجودة في سالالت البشر ألاولى ألاخرى‪ ،‬لكنها‬
‫بخالف ذلك تشبه من الناحية الشكلية تلك املوجودة في بشر توركانا‪ ،‬تكون‬
‫جدا بالنسبة للسالالت البشرية ألاولى‪ ،‬والضرس‬ ‫أسنان الخدين صغيرة ً‬
‫ألاول هو ألاصغر الذي تم إلابالغ عنه ويعود لشخص بالغ‪ ،‬ومع ذلك كانت‬
‫املينا التزال سميكة مثل باقي السالالت البشرية ألاولى‪ ،‬واملينا على الضرس‬
‫جدا وتشبه إلى حد كبير إنسان كسارة البندق‪ ،‬وعظم الفك‬ ‫الثاني مرتفعة ً‬
‫على الرغم من صغر حجمه قوي ويشبه عظم الفك إنسان كسارة البندق‪،‬‬
‫وبسبب نقص البقايا الحفرية يصعب تقدير حجم املخ‪ ،‬ولكن يعتقد أنه‬
‫مثل باقي السالالت البشرية ألاولى ما بين ‪ 221-371‬سم‪ ،3‬وأنها أيضا في مثل‬
‫حجم بشر عفار ‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫في ع ررام ‪ ،2112‬تم اكتش ر ر ر ر رراف ق رردم جزئي ررة عمره ررا ‪ 3.0‬مليون ع ررام وهي‬
‫عينة "‪ "BRT-VP-2/73‬في منطقة في ورانسررو ميل‪ ،‬يتباعد بشرردة عن البشررر‬
‫املعاص رررين بس رربب وجود إص رربع قدم كبير مثل بش ررر ادري راميدوس وبالتالي‬
‫لم يتم تخصر ر رريص ر ر رره ألي نوع‪ ،‬وعلى الرغم من اكتشر ر رراف املزيد من عناص ر ر ررر‬
‫الوجه التشررخيصررية في املنطقة منذ ذلك الحين‪ ،‬إال أنها غير مرتبطة بشرركل‬
‫واضرح بالقدم وتبقى حتى آلان موضع خالف‪ ،‬ولكن يرجح البعض أنها تعود‬
‫لس ر رراللة بش ر ررر‬
‫ديرميدا‪.‬‬
‫تتتميز تلررك‬
‫الس ر ر ر ر ر ر ر ر ررالل ر ر ر ر ررة‬
‫ب ر رع ر رظ ر ررم ف ر ررك‬
‫قر رروي وم ر ري ر رن ر ررا‬
‫سر ر ر ررميكة‪ ،‬بما‬
‫يتوافق مع نظرام غرذائي من أطعمرة الس ر ر ر ررافانا القاس ر ر ر ررية وألاطعمة املماثلة‬
‫ً‬
‫عموما أن الس ر ر ررالالت البش ر ر رررية ألاولى قد عاش ر ر ررت عليها بش ر ر رركل‬ ‫التي ُيعتقد‬
‫أساس ي‪ ،‬يظهر نقص املينا املوجود على القاطع العلوي وألانياب والضاحك‬
‫ناتجا عن فترة من س ر ر ر رروء التغذية أو املرض أثناء نمو املينا‬ ‫ألاول ربما يكون ً‬
‫في مرحلة الطفولة بينما كانت ألاس ر ر ر ررنان ال تزال تنمو‪ ،‬وكان بش ر ر ر ررر ديريميدا‬
‫على ألارجح يعتمد على أنواع متعددة من ألاطعمة‪ ،‬وقد يكونون قد أظهروا‬
‫تقسرريما جغرافيا مناس رربا؛ نظرا ألنهم يعيش ررون في نفس املنطقة التي يعيش‬
‫‪107‬‬
‫نظرا الختالف ررات ألاس ر ر ر رن رران واملض ر ر ر ررغ فق ررد يكون ل ررداهم‬ ‫فيه ررا بش ر ر ر ررر عف ررار‪ً ،‬‬
‫تفض ر ر ر رريالت مختلفررة في النظررام الغررذائي إال إذا كررانررت هررذه الاختالفررات مجرد‬
‫نتاج لالنحراف الجيني‪ ،‬وربما يكون سراللة بشرر ديريميدا وساللة بشر عفار‬
‫ق ررد ش ر ر ر ر ررارك ررا ألاطعم ررة النموذجي ررة عن رردم ررا تكون بكثرة وياج ررآن إلى أطعم ررة‬
‫احتياطية مختلفة في أوقات ندرة الغذاء ‪.‬‬
‫ً‬
‫ترتبط صر ر ررناعة ألادوات الحجرية "‪ "Lomekwi‬من شر ر ررمال كينيا ارتباطا‬
‫وثيقا بالس ررالالت البش رررية ألاولى اس ر ً‬ ‫ً‬
‫رتنادا إلى جزء الفك العلوي املخص ررص‬
‫رادا إلى عظررام الخررد ألامرراميررة‬‫لس ر ر ر رراللررة بش ر ر ر ررر كينيررا (س ر ر ر رراللررة الحقررة) اس ر ر ر ررتنر ً‬
‫ً‬
‫ونظرا ألن هذه امليزات‬ ‫والضررواحك ثالثية الجذور والضرررس ألاول الصررغير‪،‬‬
‫معروضة ً‬
‫أيضا في بشر ديريميدا‪ ،‬قد اقترح عالم ألانثروبولوجيا فريد صبور‬
‫أن بش ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررر‬
‫دي ر ر رررير ر ر رمر ر ر ري ر ر رردا‬
‫كانت موجودة‬
‫ب ر ررال ر رف ر رع ر ررل فر رري‬
‫مر ر ر ر ر ر ر ر ر ر رروقر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررع‬

‫"‪ "Lomekwian‬من حوالي ‪ 3.3‬مليون س ر ر ر رن ررة وهي أق رردم ثق رراف ررة ق ررام هؤالء‬
‫البش ر ر ررر بتقطيع قطع من نواة ألاحجار املص ر ر ررنوعة من البازلت والفونواليت‬
‫‪108‬‬
‫ً‬
‫عموديا بحجر‬ ‫وهي ص ر ر ررخور بركانية‪ ،‬وأمس ر ر رركوا القلب بيد واحدة وض ر ر ررربوه‬
‫ً‬
‫تعقيدا من س ر ر ررلوكيات ص ر ر ررنع ألادوات التي‬ ‫وهي عملية بس ر ر رريطة ولكنها أكثر‬
‫يمارسها الرئيسات غير البشرية‪.‬‬
‫عاشت ساللة بشر ديريميدا في بيئة تتميز باملراعي املفتوحة والغابات على‬
‫ضفاف البحيرة أو النهر‪ ،‬ويعتقد العلماء أن البقايا كانت مميزة بدرجة كافية‬
‫عن بشر عفار واملعروفة لضمان التمييز بين ألانواع‪ ،‬اشتق اسم‬
‫‪ deyiremeda‬من لغة عافار املحلية والتي تعني‪ :‬قريب؛ ألن املكتشفين عثروا‬
‫جدا واعتبروا ساللة بشر ديريميدا على أنها مرتبطة‬ ‫عليه في وقت مبكر ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ارتباطا وثيقا بسالالت البشر الالحقة‪ ،‬ومع ذلك على الرغم من أن‬
‫الخصائص املميزة املقترحة ذات داللة إحصائية على ما يبدو‪ ،‬وبالنظر إلى‬
‫قلة عينات بشر ديريميدا املوجودة فمن غير الواضح ما إذا كان هذا يتطلب‬
‫تمييزا للسالالت أو ما إذا كانت هذه العينات تضيف ببساطة إلى‬ ‫ً‬ ‫بالفعل‬
‫النطاق الطبيعي للتباين بين أفراد سالالت بشر عفار‪ ،‬وإذا كانت سالالت‬
‫مستقلة فقد يشير إلى أن بعض عينات بشر عفار مصنفة ً‬
‫حاليا خاطئة‪ ،‬تم‬
‫اقتراح ساللة بشر ديريميدا ألول مرة في عام ‪ 2112‬من قبل عالم‬
‫ً‬
‫استنادا إلى‬ ‫ألانثروبولوجيا إلاثيوبي ‪ Yohannes Haile-Selassie‬وزمالئه‬
‫أحافير عظم الفك من مناطق بورتيلي وويتاليتا في ورانسو ميل منطقة عفار‬
‫إثيوبيا‪ ،‬و‪ Yohannes Haile-Selassie‬وزمالئه أنه على الرغم من أنه يشترك‬
‫في العديد من أوجه التشابه مع إنسان كسارة البندق (جنس الحق)‪ ،‬إال أنه‬

‫‪109‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ربما لم يكن مرتبطا ارتباطا وثيقا؛ ألنه يفتقر إلى ألاضراس املتضخمة التي‬
‫َّ‬
‫تميز هها إنسان كسارة البدنق‪.‬‬
‫ت ر ر ررم الر ر رعر ر رث ر ررور عر ر رل ر ررى‬
‫العينر ررات ألاحفورير ررة من‬
‫سر رراللة بشر ررر ديريميدا في‬
‫منطقة دراس ر ررة مشر ر ررروع‬
‫وورانس ر ر ر ررو‪-‬مي ررل لألح ررافير‬
‫الواقعة في وسط منطقة‬
‫ع ر رراف ر ررار وعثر على الف ر ررك‬
‫العلوي والفررك الس ر ر ر ررفلي‬
‫مع ألاسررنان املكتشررفة في‬
‫مارس ‪ ،2111‬فوق سطح طيني‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫المراجع‬
- Spoor، F.; Leakey، M. G.; O'Higgins، P. (2016). "Middle Pliocene hominin diversity:
Australopithecus deyiremeda and Kenyanthropus platyops". Philosophical Transactions of the
Royal Society B. 371 (1698).
- Haile-Selassie، Y.; Gilbert، L.; Melillo، S. M.; et al. (2015). "New species from Ethiopia
further expands Middle Pliocene hominin diversity" Nature. 521 (14448): 483–488
- Sperber، G. H. (2015). "Teeth، Genes، and Genealogy" Quintessence International. 46
(9): 747–749.
- Harmand، S.; et al. (2015). "3.3-million-year-old stone tools from Lomekwi 3، West
Turkana، Kenya". Nature. 521 (7552): 310–315.
- Curran، S. C.; Haile-Selassie، Y. (2016). "Paleoecological reconstruction of hominin-
bearing middle Pliocene localities at Woranso-Mille، Ethiopia". Journal of Human Evolution. 96:
97–112.
- Haile-Selassie، Yohannes; Gibert، Luis; Melillo، Stephanie M.; Ryan، Timothy M.;
Alene، Mulugeta; Deino، Alan; Levin، Naomi E.; Scott، Gary; Saylor، Beverly Z. (2015). "New
species from Ethiopia further expands Middle Pliocene hominin diversity" Nature. 521 (7553):
483–488.
- Haile-Selassie، Y.; Melillo، S. M.; Su، D. F. (2016). "The Pliocene hominin diversity
conundrum: Do more fossils mean less clarity?". Proceedings of the National Academy of
Sciences. 113 (23): 6364–6371
- Haile-Selassie، Y. (2012). "A new hominin foot from Ethiopia shows multiple Pliocene
bipedal adaptations". Nature. 483 (7391): 565–570.
- Spoor، Fred (2015). "Palaeoanthropology: The middle Pliocene gets crowded".
Nature. 521 (7553): 432–433.
- Lombard، M.; Högberg، A.; Haidle، M. N. (2018). "Cognition: From Capuchin Rock
Pounding to Lomekwian Flake Production". Cambridge Archaeological Journal. 29 (2): 201–
231.

111
‫الفصل التاسع‬
‫بشر بحر الغزال‬
Australopithecus bahrelghazali

112
‫عاشت تلك الساللة في منطقة كورو تورو – بحر الغزال تشاد منذ حوالي‬
‫‪ 3.2‬مليون سنة‪ ،‬ال تتوافر بقايا كثيرة لتلك الساللة فتم التعرف عليها من‬
‫خالل ثالثة أجزاء من عظام الفك وضاحك معزول‪ ،‬ويعتقد أن تلك الساللة‬
‫مشتقة من بشر عفار‪ ،‬يمتلك أنياب كبيرة تشبه القواطع والحلق عرض ًيا‬
‫ضعيفا وطبقة املينا رقيقة‪ ،‬سجل ‪ Brunet‬وزمالؤه وجود ‪ 3‬جذور‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫متطورا‬
‫أسنان مميزة كخاصية مميزة‪ ،‬ولكن تم وصف الضاحك الثالث لعينة "‪LH-‬‬
‫‪ "24‬أنه من ساللة بشر عفار من إثيوبيا‪ ،‬وفي عام ‪ 2111‬على أن ساللة‬
‫ً‬ ‫بشر بحر الغزال تحتوي على نفس امليزة أيضا‪ ،‬الذقن العمودي ً‬
‫نسبيا مقارنة‬
‫بالسالالت البشرية ألاخرى (على الرغم من أنها ال تزال تنحسر)‪.‬‬
‫وبسبب نقص بقايا الجمجمة يجعل تقديرات حجم الدماغ صعبة‪ ،‬لكن‬
‫أوجه التشابه في مالمح الفك وألاسنان مع ساللة بشر عفار تشير إلى أن‬
‫الدماغ سيكون في نفس نطاق الحجم‪ 221-371 ،‬سم مكعب‪ ،‬كما أيضا‬
‫النقص في البقايا العظمية لاجسم بشكل عام ولكن يقترح أنه أيضا مشابه‬
‫أيضا إلى بشر عفار ‪.‬‬
‫ال يوجد دليل على أي سمات ثقافية محددة‪ ،‬لكنها ربما تكون قد‬
‫تصرفت بطريقة مشاههة السالالت البشرية ألاخرى التي تعيش في إفريقيا في‬
‫نفس الوقت‪ ،‬من املحتمل أنها استخدمت أدوات بسيطة تضمنت العص ي‬
‫وغيرها من املواد النباتية غير املتينة املوجودة في املناطق املحيطة مباشرة‪،‬‬

‫‪113‬‬
‫أيضا كأدوات ولكن ال يوجد دليل على أن‬ ‫وربما تم استخدام ألاحجار ً‬
‫الحجارة قد تم تشكيلها أو تعديلها بأي شكل من ألاشكال‪ ،‬ويبدو من املرجح‬
‫أنهم عاشوا في مجموعات اجتماعية صغيرة تحتوي على خليط من الذكور‬
‫وإلاناث وألاطفال والبالغين‪ ،‬عاشت العينات في بيئة عشبية على ضفاف‬
‫ً‬
‫مشاهها لدلتا أوكافانغو الحديثة‪.‬‬ ‫البحيرة مع غطاء شجري متناثر‪ ،‬ربما يكون‬
‫يشير تحليل نظائر الكربون إلى نظام غذائي يتكون في الغالب من أغذية‬
‫السافانا ألاعشاب والبردي والدرنات والجذور والفاكهة والزهور والحشرات‪،‬‬
‫ويشير هذا إلى أنهم مثل السالالت البشرية املعاصرة لها والتالية أيضا‪،‬‬
‫فكانوا قادرين على استغالل أي طعام كان ً‬
‫وفيرا في بيئته‪ ،‬ويفتقرون إلى‬
‫نظرا ألن ألاسنان ليست عريضة فال يمكن‬‫التخصصات في النظام الغذائي ً‬
‫أن تمضغ كميات كبيرة من الطعام‪ ،‬وألن املينا قيقة ً‬
‫جدا لم تكن ألاسنان‬ ‫ر‬
‫قادرة على تحمل ألاطعمة القاسية‪ ،‬ولم يتم إنجاز سوى القليل من العمل‬
‫إلعادة بناء نظامها الغذائي بالتفصيل‪ ،‬ومع ذلك فمن املحتمل أنها كانت‬
‫تأكل في الغالب النباتات وربما تكون قد استكملت بكميات صغيرة من‬
‫الاحوم‪.‬‬
‫في عام ‪ 1112‬تم اكتشاف عينتين في كورو تورو بحر الغزال تشاد من‬
‫قبل البعثة الفرنسية التشادية لألنثروبولوجيا القديمة‪ ،‬وذكرها عالم‬
‫الحفريات الفرنس ي ‪ Michel Brunet‬والجغرافي الفرنس ي ‪Alain Beauvilain‬‬
‫وعالم ألانثروبولوجيا الفرنس ي ‪ Yves Coppens‬وعالم الحفريات الفرنس ي‬

‫‪114‬‬
‫‪ Emile Heintz‬وعالم الجيوكيميائيات التشادي ‪Aladji Hamit Elimi Ali‬‬
‫‪ Moutaye‬وعالم الحفريات إلانثروبولوجيا البريطاني ‪،David Pilbeam‬‬
‫ً‬
‫تقريبا من ‪ 3.2‬إلى ‪ 3‬ماليين‬ ‫ً‬
‫وبناء على مجموعة الحياة البرية تم تأريخ البقايا‬
‫سنة‪ ،‬وقد تسبب هذا في قيام الواصفين بتعيين الحفريات بشكل مبدئي إلى‬
‫ساللة بشر عفار‪ ،‬والتي سكنت إثيوبيا خالل تلك الفترة الزمنية باستثناء‬
‫ً‬
‫املقارنات التشريحية ألاكثر تفصيال‪ ،‬وفي عام ‪ 1110‬قاموا بتخصيصه‬
‫لساللة جديدة باسم ‪ ، Australopithecus bahrelghazali‬وتم تسمية‬
‫هذه الساللة باسم املنطقة املكتشفة هها‪.‬‬
‫كانت ساللة بشر بحر الغزال هي الوحيدة التي تم تصنيفها تحت "‬
‫‪ " Australopithecus‬في منطقة وسط إفريقيا‪ ،‬فباقي السالالت املعرفة حتى‬
‫آلان تتواجد في منطقة شرق وجنوب إفريقيا‪ ،‬وههذا يكمن دحض الفكرة‬
‫السابقة القائلة بأنها كانت مقتصرة على الفرع الشرقي من صدع شرق‬
‫إفريقيا‪ ،‬يقع كورو تورو على بعد حوالي ‪ 2211‬كيلومتر من الوادي املتصدع‪،‬‬
‫وتشير البقايا إلى أن السالالت البشرية كانت موزعة على نطاق واسع في‬
‫مناطق ألاراض ي العشبية والغابات في شرق ووسط إفريقيا‪ ،‬وفي عام ‪2110‬‬
‫تم إلابالغ عن أول بقايا بشرية في الفرع الغربي من صدع شرق إفريقيا في‬
‫إيشانجو جمهورية الكونغو الديمقراطية‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫بقايا من حفرية ‪KT-12 / H1‬‬

‫بقايا من حفرية ‪KT 11‬‬


‫‪116‬‬
‫المراجع‬
- Brunet، M.; Beauvilain، A.; Coppens، Y.; Heintz، É.; Moutaye، A. H.
E; Pilbeam، D. (1995). "The first australopithecine 2،500 kilometres west of
the Rift Valley (Chad)". Nature. 378 (6554): 273–275.
- Brunel، Michel; Beauvilain، A.; Coppens، Yves; Heintz، É.;
Moutaye، A. H. E; Pilbeam، D. (1996). "Australopithecus bahrelghazali،
une nouvelle espèce d'Hominidé ancien de la région de Koro Toro (Tchad)"
[Australopithecus bahrelghazali، a new species of fossil hominid from Koro
Toro (Chad)] Comptes Rendus des Séances de l'Académie des Sciences.
322: 907–913
- Geraads، D.; Brunet، M.; Mackaye، H. T.; Vignaud، P. (2000).
"Pliocene Bovidae (Mammalia) from the Koro Toro Australopithecine
sites، Chad" Journal of Vertebrate Paleontology. 21 (2): 335–346.
- Brunet، M. (2010). "Two new Mio-Pliocene Chadian hominids
enlighten Charles Darwin's 1871 prediction". Philosophical Transactions of
the Royal Society B. 365 (1556): 3315–3321.
- Spoor، F.; Leakey، M. G.; O'Higgins، P. (2016). "Middle Pliocene
hominin diversity: Australopithecus deyiremeda and Kenyanthropus
platyops". Philosophical Transactions of the Royal Society B. 371 (1698):
20150231.

117
‫الفصل العاشر‬
‫بشر كينيا‬
Kenyanthropus platyops

118
‫عاشت تلك الساللة أيضا في لوميكوي على بحيرة توركانا كينيا منذ حولي‬
‫‪ 3.3‬مليون سنة‪ ،‬يعتقد أن تلك الساللة مشتقة من ساللة بشر عفار‪ ،‬كما‬
‫يعتقد أيضا أن ساللة إنسان رودلف (ساللة الحقة) اشتقت من ساللة‬
‫بشر كينيا ولكن لم يتم تأكيد هذا حتى آلان‪.‬‬
‫كانت العينة "‪ "KNM-WT 40000‬هي العينة التي بني عليها العلماء‬
‫الوصف والتسمية الخاصة ههذه الساللة‪ ،‬تفيد حفريات بشر كينيا بأن‬
‫البشر كانوا متنوعين تصنيفيا خالل العصور ألاولى‪ ،‬أعاد اكتشاف هذه‬
‫الحفرية تأريخ بعض الفكوك غير البارزة إلى أزمنة أقدم مما كان ُيعتقد‬
‫ً‬
‫سابقا‪ ،‬كان التركيب الوجهي لبشر كينيا وصفاته املشتقة مختلفا ً‬
‫تماما عن‬
‫ً‬
‫تقريبا‬ ‫السالالت ألاخرى‪ ،‬حيث شمل الاختالف كل السمات الجمجمية‬
‫يتشابه مع التركيب الجمجمي لبشر كينيا في بعض التشاههات مع السالالت‬
‫السابقة‪ ،‬مثل حجم الدماغ وأجزاء من املناطق ألانفية والصدغية لكن‬
‫الاختالفات تفوق التشاههات ً‬
‫كثيرا مما يدعم أنها ساللة جديدة‪ ،‬وألنها كانت‬
‫ً‬
‫ضروسا أصغر في الزمن الذي تواجدت به‪ ،‬كما تمتلك وجها مسطحا‬ ‫تمتلك‬
‫نسبيا‪ ،‬ولداها عظام الخد طويلة وشديدة الانحدار‪ ،‬وفتحت ألانف صغيرة‬
‫نسبيا وألانف أيضا طويلة نسبيا‪ ،‬وحجم الدماغ ليس من السهل حسابه‬
‫بسبب التشوه في الجمجمة‪ ،‬ولكن من املحتمل أن يكون ‪ 002‬سم مكعب ‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫إن موقع لوميكوي اكتشف به أول صناعة لألدوات الحجرية‪ ،‬التي تتميز‬
‫باإلنتاج البدائي لألدوات البسيطة‪ .‬ربما تم تصنيعها بواسطة ساللة بشر‬
‫كينيا أيضا‪ ،‬وكانوا يستخدمون الصخور البركانية التي تم جمعها‪ ،‬يبدو أن‬
‫إنسان كينيا قد عاش في بيئة على ضفاف البحيرة أو السهول الفيضية التي‬
‫تتميز بالغابات وألاراض ي العشبية‪ ،‬كما تعايش مع سالالت أخرى‪.‬‬
‫في أغسطس ‪ 1111‬اكتشف الفني امليداني ‪ Blasto Onyango‬أحد أشباه‬
‫الفك العلوي ألايسر الجزئي من الفك العلوي عينة "‪،"KNM-WT 38350‬‬
‫في موقع حفر لوميكوي على ضفاف بحيرة توركانا كينيا‪ ،‬تحت إشراف علماء‬
‫ألانثروبولوجيا القديمة ‪ ،Louise & Meave Leakey‬وفي أغسطس ‪ 1111‬في‬
‫موقع لوميكوي اكتشف مساعد البحث ‪ Justus Erus‬جمجمة ذات وجه‬
‫مسطح بشكل غير معهود وهي عينة "‪ "KNM-WT 40000‬وكشف املسح‬
‫ً‬
‫امليداني الحقا عن ‪ 30‬عينة أخرى‪ ،‬لكن فريق البحث لم يتمكن من تحديد‬
‫ما إذا كان يمكن وضعها في نفس السالالت مثل ّ‬
‫العينتين السابقتين أم أنه‬
‫كانت هناك أنواع متعددة موجودة في املوقع‪.‬‬
‫وفي عررام ‪ 2111‬قررام ‪ Meave Leakey‬وزمالؤه بتعيين بقررايررا لوميكوي إلى‬
‫ساللة جديدة‪ ،‬أطلق عليها ‪Kenyanthropus ،Kenyanthropus platyops‬‬
‫ترعرنري "رج ر ررل مرن كيني ر ررا"‪ ،‬في حين أن اس ر ر ر ررم النوع ‪ platyops‬مش ر ر ر ررتق من‬
‫الركرلرم ر ررات الريرون ر ررانري ر ررة "‪ "platus‬الرتي تعني "مس ر ر ر ررطح" و"‪ "opsis‬التي تعني‬
‫الوجه‪ .‬ومن هنا الاسم يعني‪" :‬الرجل املسطح الوجه من كينيا" ‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫أشهر الحفريات لهذه الساللة هي حفرية غرب توركانا ‪KNM-" 0111‬‬
‫‪ ،"WT 40000‬وتم العثور على الجمجمة الكاملة في قطعتين‪ ،‬مع فصل املخ‬
‫عن الوجه ‪ ،‬اكتشفها ‪ ،Justus Erus & Meave Leakey‬في منطقة لوميكوي‬
‫– غرب توركانا –‬
‫كينيا‪ ،‬في عام ‪،1111‬‬
‫والعمر التقديري لهذه‬
‫الحفرية ‪ 3.2‬مليون‬
‫سنة‪.‬‬

‫جمجمة حفرية غرب توركانا ‪0111‬‬

‫‪121‬‬
‫المراجع‬
- Leakey، M.G.، Spoor، F.، Brown، F.H.، Gathogo، P.N.، Kiarie، C.، Leakey، L.N.،
McDougall، I.، 2001. New hominin genus from eastern Africa shows diverse middle
Pliocene lineages. Nature 410، 433-440.
- Lieberman، D.E.، 2001. Another face in our family tree. Nature 410، 419-420.
- Schwartz، J.H.، White، T.D.، 2003. Another perspective on hominid diversity.
Science 301، 763-764.
- White، T.D.، 2003. Paleoanthropology: Early hominids - Diversity or
distortion? Science 299، 1994.
- Gunz، P.; Neubauer، S.; Falk، D.; et al. (2020). "Australopithecus afarensis
endocasts suggest ape-like brain organization and prolonged brain growth". Science
Advances. 6 (14): eaaz4729.
- Harmand، S.; et al. (2015). "3.3-million-year-old stone tools from Lomekwi 3،
West Turkana، Kenya". Nature. 521 (7552): 310–315.
- Tattersall، I. (2017). "Species، genera، and phylogenetic structure in the
human fossil record: a modest proposal". Evolutionary Anthropology: Issues، News،
and Reviews. 26 (3): 116–118.

- https://australian.museum/learn/science/human-
evolution/kenyanthropus-platyops/

- https://humanorigins.si.edu/evidence/human-
fossils/species/kenyanthropus-platyops

122
‫الفصل الحادي عشر‬
‫بشر جارهي‬
‫‪Australopithecus garhi‬‬

‫‪123‬‬
‫عاشت تلك الساللة في منطقة عفار بإثيوبيا منذ حوالي ‪ 2.0‬مليون سنة‪،‬‬
‫قدر حجم دماغ يبلغ ‪ 021‬سم مكعب‪ ،‬وكان لداهم قمة سهمية تعمل على‬
‫ً‬
‫طول خط الوسط لاجمجمة‪ ،‬والفك كان بارزا وألاضراس والضواحك كبيرة‬
‫ً‬
‫نسبيا‪ ،‬وقد تكيف القدم على املش ي بقدمين باإلضافة إلى إلامساك أثناء‬
‫التسلق‪ ،‬وبالرغم من عدم وضوح ما إذا كانت الذكور أكبر من إلاناث في‬
‫الحجم‪ ،‬ولكن ُيفترض أن الطول بلغ حوالي ‪ 101‬سم‪.‬‬
‫كان بشر جارهي مثل سالالت بشر عفار يمتلك نسبة عظام تشبه إلانسان‬
‫املعاصر‪ ،‬تعتبر عينة العضد "‪ "BOU-VP-35/1‬أكبر بشكل ماحوظ من‬
‫عظم العضد لعينة "‪ ،"BOU-VP-12/1‬والتي يمكن أن تشير إلى ازدواج‬
‫الشكل الجنس ي لاحجم كانت الذكور أكبر من إلاناث بدرجة مماثلة ملا هو‬
‫ً‬
‫مفترض في بشر عفار‪ ،‬لكن من غير الواضح ما إذا كان هذا ال يمثل اختالفا‬
‫ً‬
‫طبيعيا في الحجم من نفس الساللة؛ ألن هذا يعتمد على عينتين فقط‪ ،‬ومع‬
‫ذلك على أساس الحجم على التباين‪ ،‬وتعتبر العينة "‪"BOU-VP-12/130‬‬
‫ً‬
‫ذكرا والعينة "‪ "BOU-VP-17/1‬أنثى‪ ،‬يبلغ حجم السالالت البشرية املعاصرة‬
‫ً‬
‫تقريبا بنفس الحجم‪.‬‬ ‫لهم‬
‫ُيعتقد أن السالالت البشرية ألاولى كانت تتمتع بمعدالت نمو سريعة‬
‫ويفتقر إلى الطفولة املمتدة النموذجية لإلنسان الحديث‪ ،‬ومع ذلك فإن‬
‫أرجل بشر جارهي ممدودة على عكس تلك املوجودة في السالالت السابقة‪،‬‬

‫‪124‬‬
‫تنمو تلك ألاطراف املمدودة أثناء طفرة نمو املراهقين املتأخرة‪ ،‬وهذا قد‬
‫يعني أن ساللة جارهي باملقارنة مع السالالت ألاخرى كان لديه معدل نمو‬
‫إجمالي أبطأ أو معدل نمو أسرع للساق‪.‬‬
‫ُ‬
‫ف ِ ّسرت ألاسنان الكبيرة للسالالت البشرية على أنها تكيفات مع نظام‬
‫ً‬
‫غذائي من ألاطعمة الصلبة‪ ،‬ولكن ألاسنان القوية قد تؤدي بدال من ذلك‬
‫وظيفة مهمة فقط خالل ألاوقات الحرجة بالنسبة لألطعمة الاحتياطية‬
‫الصعبة‪ ،‬وهذا يعني أن تشريح ألاسنان قد ال يصور بدقة النظام الغذائي‬
‫العادي للسالالت البشرية ألاولى بل النظام الغذائي غير الطبيعي في أوقات‬
‫املجاعة‪.‬‬
‫من افترض أن البشر قد تمكنوا من امتالك أدوات واستخدموها قبل‬
‫إلانسان‪ ،‬وكانت تلك يستخدمها في الذبح ويمكن اعتباره من بين مجموعة‬
‫متزايدة من ألادلة على صناعات ألادوات الحجرية قبل إلانسان‪ ،‬وربما‬
‫ً‬
‫استطاع بشر جارهي صناعة ألادوات ألاولدوانية التي كان ُينظر إليها سابقا‬
‫على أنها قد اخترعها إلانسان العامل (جنس الحق)‪ ،‬على الرغم من أن هذا‬
‫ربما تم إنتاجه بواسطة السالالت إلانسانية‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أنه لم يتم العثور على بقايا بشر جارهي مع أي أدوات‪،‬‬
‫فإن عظام الثدييات املرتبطة ببقايا بشر جارهي تظهر عالمات القطع والقرع‬
‫املصنوعة من ألادوات الحجرية‪ ،‬فالفك السفلي ألايسر من بقرة الثيتالوات‬
‫مع ثالث عالمات قطع متتالية ُويفترض أنه تم أثناء إزالة اللسان والساق‬

‫‪125‬‬
‫هها عالمات قطع وندوب أثرية من حجر املطرقة والتي ُيحتمل أن تحدث‬
‫عند حصاد النخاع العظمي‪ ،‬وأيضا عظام حصان الهيباريون (‪)Hipparion‬‬
‫مع عالمات قطع متوافقة مع التقطيع‪ ،‬وبالنسبة لسبب عدم وجود ألادوات‬
‫الحجرية؛ ألن منطقة هاتايا كانت على ألارجح عبارة عن هامش بحيرة عشبية‬
‫بال مالمح مع وجود القليل من املواد الخام لصنع ألادوات الحجرية‪ ،‬فمن‬
‫املحتمل أن هؤالء البشر كانوا يصنعون ويحملون ألادوات ببعض الطرق‬
‫معهم إلى مواقع الذبح‪ ،‬عازمين الستخدامها عدة مرات قبل التخلص منها‪،‬‬
‫ً‬
‫وكان يعتقد سابقا أن إلانسان هو الوحيد الذي يمكنه تصنيع ألادوات ولكن‬
‫أيضا أن البشر ألاوائل لم يصنعوا أدوات واستخدموا ببساطة‬ ‫من املمكن ً‬
‫الصخور الحادة بشكل طبيعي‪ ،‬وفي موقع غونا القريب من منطقة هاتايا‬
‫حيث توجد وفرة من املواد الخام‪ ،‬تم استرداد العديد من ألادوات‬
‫ألاولدوانية ما بين عامي ‪ 1112‬إلى ‪ ،1110‬تعود ألادوات إلى حوالي ‪2.2-2.0‬‬
‫مليون سنة أقدم دليل على التصنيع في ذلك الوقت‪ ،‬وبما أن بشر جارهي‬
‫كان الساللة الوحيدة الذي تم تحديدها في املنطقة املجاورة في ذلك الوقت‬
‫فقد كانت هذه الساللة هي املرشحة‪ ،‬ومع ذلك في عام ‪ 2112‬تم اكتشاف‬
‫أقدم بقايا إلانسان العامل أو املاهر‪ ،‬ويرجع تاريخها إلى ‪ 2.72 - 2.1‬مليون‬
‫سنة‪ ،‬وتم العثور على املزيد من ألادوات الحجرية في عام ‪ 2111‬يرجع‬
‫تاريخها إلى حوالي ‪ 2.0‬مليون سنة‪.‬‬
‫يمكن أن يكون اختراع ألادوات ألاولدوانية حادة الحواف في الواقع‬
‫بسبب تكيفات معينة مميزة من إلانسان ألاول‪ ،‬ومع ذلك فقد ارتبطت‬
‫‪126‬‬
‫السالالت البشرية ألاخرى بتصنيع ألادوات الحجرية‪ ،‬مثل اكتشاف عام‬
‫‪ 2111‬لعالمات القطع التي يرجع تاريخها إلى ‪ 3.0‬مليون سنة إلى بشر كينيا‪.‬‬
‫وتم وصف البقايا ألاولى في عام ‪ً 1111‬‬
‫بناء على العديد من العناصر‬
‫الهيكلية التي تم اكتشافها‪ ،‬وتم تصنيفها من قبل علماء ألانثروبولوجيا‬
‫القديمة ‪Bruce & Owen Lovejoy & Tim D. White & Berhane Asfaw‬‬
‫ً‬
‫استنادا إلى الحفريات‬ ‫‪،Gen Suwa & Scott Simpson & Latimer‬‬
‫املكتشفة‪ .‬بشر جارهي كان ُيعتبر في‬
‫ألاصل أنه سلف مباشر لإلنسان‬
‫الحديث ولكن ُيعتقد آلان أنه كان‬
‫فرعا مثل غيره من السالالت‬ ‫ً‬
‫البشرية ألاخرى‪.‬‬
‫‪ -‬حر ر ر ر رف ر ر ر ررري ر ر ر ررة "‪BOU-VP-31‬‬
‫‪"12/1‬؛ وه ر رري عر ر رب ر ررارة ع ر ررن بر ر رق ر رراي ر ررا‬
‫جمجمرة‪ ،‬اكتش ر ر ر ررفهرا فريق بقيرادة ‪ ،Berhane Asfaw‬في منطقة بوري وادي‬
‫ألاواش الوس ر ر ر ررطى إثيوبيررا‪ ،‬في عررام ‪ ،1111‬والعمر التقررديري لهررذه الحفريررة‬
‫‪ 2.2‬مليون سنة‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫‪ -‬حفرية " ‪"BOU-VP-12/1 ،BOU-VP-11/1‬؛ وهي عبارة عن بقايا‬
‫هيكل عظمي جزئي‪ ،‬اكتشفها ‪ ،white & T. Assebework‬في ألاواش‬
‫الوسطى‬
‫إثيوبيا‪ ،‬في عام‬
‫‪ ،1110‬والعمر‬
‫التقديري لهذه‬
‫الحفرية ‪2.2‬‬
‫مليون سنة‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫المراجع‬
- Asfaw، B.، White، T.، Lovejoy، O.، Latimer، B.، Simpson، S.، Suwa،
G.، 1999. Australopithecus garhi: a new species of early hominid from
Ethiopia. Science 284، 629-635.
- De Heinzelin، J; Clark، JD; White، T; Hart، W; Renne، P;
Woldegabriel، G; Beyene، Y; Vrba، E (1999). ‘Environment and behavior of
2.5-million-year-old Bouri hominids’. Science. 284 (5414): 625–9
- Villmoare، B.; Kimbel، W. H.; Seyoum، C.; et al. (2015). "Early Homo
at 2.8 Ma from Ledi-Geraru، Afar، Ethiopia". Science. 347 (6228): 1352–
1355.
- Harmon، E. H. (2013). "Age and Sex Differences in the Locomotor
Skeleton of Australopithecus". The Paleobiology of Australopithecus.
Vertebrate Paleobiology and Paleoanthropology. Springer Science and
Business Media. pp. 263– 272.
- Braun، D. R.; Aldeias، V.; Archer، W.; et al. (2019). "Earliest known
Oldowan artifacts at >2.58 Ma from Ledi-Geraru، Ethiopia، highlight early
technological diversity". Proceedings of the National Academy of Sciences.
116 (24): 11712–11717.
- https://australian.museum/learn/science/human-
evolution/australopithecus-garhi/
- https://humanorigins.si.edu/evidence/human-
fossils/species/australopithecus-garhi

129
‫الفصل الثاني عشر‬
‫بشر سيديبا‬
‫‪Australopithecus sediba‬‬

‫‪130‬‬
‫عاشت تلك الساللة منذ حوالي ‪ 1.1‬مليون سنة في جنوب إفريقيا‪ ،‬على‬
‫الرغم من أن تلك الساللة ظهرت في وقت متأخر زمنيا‪ ،‬إال أنها تتوافق‬
‫تشريحيا مع السالالت البشرية ألاولى‪ ،‬وهذا بسبب الاستمرارية الطويلة‬
‫لبشر جنوب إفريقيا‪ ،‬فساللة بشر سيديبا تنحدر من ساللة بشر جنوب‬
‫إفريقيا‪ ،‬كان متوسط حجم دماغ حوالي ‪ 001-021‬سم مكعب‪ ،‬وباستخدام‬
‫الاتجاهات التي لوحظت في الرئيسات الحديثة بين حجم دماغ البالغين‬
‫وحديثي الوالدة‪ ،‬قد يكون حجم دماغ حديثي الوالدة ‪ 211-123‬سم مكعب‪.‬‬
‫يبدو أن تكوين الدماغ كان في الغالب شبيها بالساللة البشرية ألاولى‬
‫ولكن يبدو أن القشرة الحجاجية ألامامية كانت أكثر ً‬
‫شبها باإلنسان وأشكال‬
‫نصفي الدماغ ألايمن وألايسر غير متساوية كما هو الحال في إلانسان‪،‬‬
‫ً‬
‫تشاهها مع ساللة‬ ‫وبشكل عام فإن تشريح جمجمة بشر سيديبا هو ألاكثر‬
‫بشر جنوب إفريقيا‪ ،‬ومع ذلك تحتوي الحفرية "‪ "MH1‬على قحف أصغر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عرضيا وجدران رأسية أكثر ميال وخطوط زمنية متباعدة‬ ‫وقبو قحفي أوسع‬
‫وعلى نطاق أوسع يشبه إلى حد كبير إلانسان‪.‬‬
‫وضوحا والوجه ال يبرز ً‬
‫بعيدا وهناك ذقن‬ ‫ً‬ ‫تكون حافة الحاجب أقل‬
‫أيضا في بعض جماجم بشر‬ ‫طفيف‪ ،‬ومع ذلك توجد مثل هذه الخصائص ً‬
‫جنوب إفريقيا مثل العينة "‪ ، "Sterkfontein 4‬والتي يعتقد ‪Rak&Kimbel‬‬
‫أنها يمكن أن تشير إلى أن هذه السمات الشبيهة باإلنسان قد فقدت في‬

‫‪131‬‬
‫النضج ً‬
‫أيضا‪ ،‬إذا تم قياس ألانف باستخدام العمود الفقري ألانفي ألامامي‬
‫ً‬
‫بدال من قاعدة ألانف ذاتها‪ ،‬فإن ألانف في "‪ "MH1‬يقع في نطاق ساللة بشر‬
‫جنوب إفريقيا‪.‬‬
‫ألاسنان صغيرة ً‬
‫جدا بالنسبة للسالالت البشرية ألاولى وهي في نطاق أكبر‬
‫من تلك الخاصة باإلنسان املبكر‪ ،‬ومع ذلك على عكس إلانسان يزداد حجم‬
‫يجيا باتجاه مؤخرة الفم على عكس الضرس الثاني هو ألاكبر‬ ‫ألاضراس تدر ً‬
‫وتكون ألاسنان متقاربة مع بعضها البعض‪ ،‬شكل الشريط الذي يربط الفك‬
‫تماما بين الحفريتين الرئيستين لهذا‬ ‫ً‬ ‫السفلي بالجمجمة مختلف‬
‫النوع"‪ ،"MH2-MH1‬فإن ‪ MH1‬أطول وأعرض ويكون الحد ألامامي‬
‫ً‬
‫تقريبا‪ ،‬على عكس الحدود غير املتوازية في "‪"MH2‬‬ ‫عموديا ومتوازًيا‬
‫ً‬ ‫والخلفي‬
‫بحد أمامي مقعر‪ ،‬وباملقارنة مع ألانماط التي شوهدت في القردة العليا‬
‫الحديثة‪ ،‬فإن هذه الاختالفات املاحوظة تتجاوز ما يمكن توقعه إذا كان من‬
‫املمكن تفسيرها على أنها ثنائية الشكل الجنسية أو حالة ألاحداث في ‪MH1‬‬
‫نوعا شديد التباين بين أحجام‬ ‫من الناحية الهيكلية قد يكون بشر سيديبا ً‬
‫الجنسين‪.‬‬
‫ً‬
‫تقريبا حوالي ‪ 30-31‬كجم‪ ،‬كان‬ ‫تم تقدير ‪ MH1‬و‪ MH2‬بنفس الحجم‬
‫طول ‪ MH1‬حوالي ‪ 131‬سم وبحساب معدل النمو ربما وصل ‪ MH1‬إلى‬
‫حوالي ‪ ٪ 12‬من حجم البالغين‪ ،‬وهذا ما يعني أن يتراوح طول البالغين بين‬
‫ً‬
‫تقريبا‪ ،‬ويتشابه مع غيره من السالالت ألاولى إال أن شفرة‬ ‫‪ 120-121‬سم‬

‫‪132‬‬
‫الكتف لها حدود إبطية متطورة‪ ،‬والحديبة املخروطية (مهمة في ربط‬
‫جيدا‪ ،‬وتشير أنماط تندب‬ ‫ً‬ ‫العضالت حول مفصل الكتف) محددة‬
‫العضالت على الترقوة إلى نطاق حركة يشبه إلانسان‪ ،‬تتميز اليد ً‬
‫أيضا بإههام‬
‫نسبيا وأصابع قصيرة مثل إلانسان‪ ،‬مما قد يشير إلى قبضة دقيقة‬ ‫ً‬ ‫طويل‬
‫مهمة في إنشاء واستخدام ألادوات الحجرية املعقدة‪ ،‬وتشير مفاصل الكاحل‬
‫والركبة والورك مثلها مثل السالالت البشرية ألاخرى إلى اعتياد املش ي على‬
‫تماما تلك املوجودة في ساللة بشر عفار‪،‬‬ ‫قدمين‪ ،‬تشبه عظام الساق ً‬
‫والكاحل في الغالب يشبه إلانسان وربما يشبه وتر العرقوب البشري‪.‬‬
‫و هناك جدل حول ما إذا كان لدى سيديبا قوس قدم شبيه بالبشر‪،‬‬
‫ً‬
‫يميل عظم الكعب بزاوية ‪ 02‬درجة ويكون مائال بشكل ماحوظ من ألامام‬
‫إلى الخلف‪ ،‬تفتقر القدم إلى الحديبة ألاخمصية الجانبية (والتي تسبب قوى‬
‫التبديد عندما يضرب الكعب ألارض في مشية بشرية طبيعية) التي تظهر‬
‫عند إلانسان والبشر ألاوائل‪ ،‬أثناء املش ي قد يكون سيديبا قد أظهر فرطا‬
‫في مفصل الكاحل مما تسبب في نقل الوزن بشكل مبالغ فيه إلى الداخل‬
‫أثناء مرحلة الوقوف‪ ،‬بالنسبة لإلنسان الحديث تنقلب القدم بشدة أثناء‬
‫ً‬
‫مرحلة التأرجح‪ ،‬ويتم الاتصال باألرض أوال من خالل الحد الخارجي للقدم‬
‫عال يدور الساق بالكامل إلى الداخل‪ ،‬وباملثل‬
‫مما يتسبب في عزم دوران ٍ‬
‫فإن املرفقات الخاصة بعظم الفخذ املستقيمة والعضلة في سيديبا‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫يعتبر هذا النمط من املش ي غير مناسب لتشريح إلانسان الحديث‪ ،‬لم‬
‫يتم التعرف على املشية شديدة النبض ومجموعة التكيفات ذات الصلة في‬
‫أشباه البشر آلاخرين‪ ،‬ومن غير الواضح سبب تطوير سيديبا لذلك‪ ،‬وقد‬
‫يكون منطقة أوسط القدم متحركة ومفيدة أيضا في سلوك التسلق‬
‫املكثف‪ ،‬لذلك قد يكون فرط التأرجح بمثابة حل وسط بين اعتياد املش ي‬
‫على قدمين وألاشجار ‪.‬‬
‫وتقدم الصفيحة اليمنى للفقرة الصدرية السادسة من حفرية "‪"MH1‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حميدا‪ ،‬وكانت ال تزال‬ ‫عظميا‬ ‫ور ًما مخترقا في العظام‪ ،‬وربما يكون ور ًما‬
‫نشطة وقت الوفاة ولم تخترق القناة العصبية‪ ،‬لذا من املحتمل أنها لم‬
‫تسبب أي مضاعفات عصبية‪ ،‬وال يوجد دليل على انحناء غير طبيعي للعمود‬
‫الفقري قد يكون قد أثر على الحركة‪ "MH1" ،‬لديه أول حالة تم تشخيصها‬
‫لسرطان أشباه البشر على الرغم من أن ألاورام نادرة في سجل أحافير أشباه‬
‫البشر‪ ،‬ويرجع ذلك على ألارجح إلى انخفاض معدل إلاصابة بشكل عام لدى‬
‫الرئيسات‪ ،‬من املحتمل أن يكون ألشباه البشر ألاوائل نفس معدالت‬
‫إلاصابة مثل الرئيسات الحديثة‪ ،‬يطور ‪ MH1‬الحدث الورم العظمي بما‬
‫يتوافق مع الاتجاه العام ألورام العظام التي تحدث ً‬
‫غالبا في ألافراد ألاصغر‬
‫سنا‪.‬‬
‫ُيظهر تحليل بقايا النباتات املجهرية من أسنان العينات وتحليل نظائر‬
‫ً‬
‫تقريبا على‬ ‫غذائيا مكونا من نباتات غابات بشكل أساس ي‬‫ً‬ ‫ً‬
‫نظاما‬ ‫الكربون‬

‫‪134‬‬
‫الرغم من التوافر الواسع املفترض للنباتات بيئة السافانا‪ ،‬وتم الحصول‬
‫على نباتات نباتية أخرى من الفاكهة وألاوراق والخشب أو الاحاء‪ ،‬على‬
‫الرغم من أن القرود تأكل الاحاء بشكل شائع الحتوائه على نسبة عالية من‬
‫البروتين والسكر‪ ،‬إال أنه ال يوجد من البشر آلاخرين يستهلكون الاحاء‬
‫بانتظام‪ ،‬يشير تحليل الفحص الدقيق لألسنان باملثل إلى أن اثنين من بشر‬
‫سيديبا أكال أطعمة صلبة‪ ،‬ومع ذلك ال يبدو أن الفك قد تكيف بشكل جيد‬
‫مما قد يشير إلى أن بشر سيديبا لم يكونوا لداهم قدرات كبيرة على معالجة‬
‫ألاطعمة‪ ،‬يتوافق تفسير سيديبا على أنه عشب عام لنباتات الغابات مع‬
‫كونها شجرية ً‬
‫جزئيا على ألاقل‪.‬‬
‫قد يكون مثل هذا النظام الغذائي الواسع قد سمح لهم بأن تشغل‬
‫نطاقات منزلية أصغر‪ ،‬حيث كان سيديبا قاد ًرا على الاعتماد على الاحاء‬
‫وألاطعمة ألاخرى املقاومة للكسر ‪.‬‬
‫سميا ساللة سيديبا كساللة‬ ‫في عام ‪ ،2111‬وصف ‪ Lee‬وزمالؤه ر ً‬
‫مستقلة‪ ،‬واسم سيديبا يعني‪ :‬نافورة أو نبع في لغة السيسوتو املحلية؛ ألن‬
‫لدى سيديبا العديد من السمات املشتركة مع إلانسان العامل وإلانسان‬
‫املنتصب (جنس الحق)‪ ،‬وال سيما في الحوض والساقين‪.‬‬
‫افترض الواصفون أن سيديبا كانت أحفورة انتقالية بين السالالت‬
‫البشرية ألاولى وإلانسان‪ ،‬كما توحي سمات ألاسنان بوجود عالقة وثيقة‬
‫بينهما‪ ،‬ومع ذلك تم العثور على العينات في وحدة طبقية يرجع تاريخها إلى‬

‫‪135‬‬
‫‪ 1.71-1.12‬مليون سنة‪ ،‬في حين أن أقدم حفريات إلانسان في ذلك الوقت‬
‫يرجع تاريخها إلى ‪ 2.33‬مليون سنة‪ ،‬وأقدم عينة من إلانسان البشري هي‬
‫‪ LD 350-1‬ويرجع تاريخها إلى ‪ 2.72 - 2.1‬مليون سنة مضت في إثيوبيا‪،‬‬
‫أيضا أن سيديبا‬‫للتوفيق بين التناقض في التوا يخ افترض الواصفون ً‬
‫ر‬
‫تطورت من مجموعة من بشر جنوب إفريقيا‪ ،‬وأن إلانسان انفصل عن‬
‫سيديبا في وقت ما بعد ذلك‪ ،‬وهناك أيضا من يعتبر أن سيديبا نوعا فرعيا‬
‫من ساللة بشر جنوب إفريقيا ال عالقة له باإلنسان‪ ،‬مما يعني أن الصفات‬
‫الشبيهة باإلنسان تطورت بشكل مستقل في سيديبا‪ ،‬والسجل ألاحفوري‬
‫لإلنسان املبكر غير معروف بشكل جيد ويعتمد إلى حد كبير على بقايا مجزأة‪،‬‬
‫ً‬
‫مما يجعل املقارنات التشريحية املقنعة صعبة وأحيانا غير مجدية‪.‬‬
‫لقد تم العثور على حفريات هذه الساللة في كهف ماالبا وهذا ما يدلنا‬
‫على التنوع البيئي التي كان يعيش فيها سيديبا‪ ،‬تتكون شبكات الكهوف حول‬
‫ماالبا من فتحات كهف طويلة ومترابطة ضمن مساحة ‪ 21111‬م‪ 2‬ربما كان‬
‫موقع ماالبا قاعدة نظام كهف بعمق ‪ً 31‬‬
‫مترا على ألاكثر‪ ،‬وهذا يمكن أن‬
‫يشير إلى أن كهف ماالبا كان بمثابة مصيدة للموت‪ ،‬مع فتحات كهف غير‬
‫واضحة على السطح‪ ،‬ربما تم إغراء الحيوانات برائحة املاء املنبعث من‬
‫املنجم‪ ،‬والحيوانات آكلة الاحوم لرائحة الحيوانات امليتة‪ ،‬تم اكتشاف‬
‫مجموعة ‪ 211‬من ألاحافير غير البشرية إلى جانب البشر في عام ‪،2111‬‬
‫وألاصناف التي تم تحديدها من هذه البقايا هي القط السابر ذو ألاسنان‬
‫املفترسة والنمر والقط البري إلافريقي والقط ذو ألارجل السوداء والضبع‬
‫‪136‬‬
‫البني والثعلب والنمس وكلب بري إفريقي وحصان وخنزير ونبتة كليبس‬
‫ً‬
‫والظباء وألارنب والقط ألاسود‪ ،‬وقد يشير هذا إلى أن املنطقة تضم موطنا‬

‫ً‬
‫مغلقا باإلضافة إلى ألاراض ي العشبية‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫المراجع‬
- Berger، L.R.، de Ruiter، D.J.، Churchill، S.E.، Schmid، P.،
Carlson، K.J.، Dirks، P.H.G.M.، Kibii، J.M.، 2010. Australopithecus
sediba: A New Species of Homo-Like Australopith from South
Africa. Science 328، 195-204.
- Balter، M.، 2010. Candidate human ancestor from South
Africa sparks praise and debate. Science 328، 154-155.
- Dirks، P.G.H.M، Kibii، J.M.، Kuhn، B.F.، Steininger، C.،
Churchill، S.E.، Kramers، J.D.، Pickering، R.، Farber، D.L.،
Mériaux، A-S.، Herries، A.I.R، King، G.C.P.، Berger، L.R.، 2010.
Geological setting and age of Australopithecus sediba from
Southern Africa. Science 328، 205-208.
- Wong، K.، 2010. Spectacular South African skeletons
reveal new species from murky period of human evolution.
Scientific American 8 April 2010 (Available a
thttp://www.scientificamerican.com/article.cfm?id=south-
african-hominin-fossil، 9 April 2010).

138
- Wong، K.، 2010. Fossils of our family. Scientific American
June 2010.
- Meyer، M. R.; Williams، S. A.; Schmid، P.; Churchill، S. E.;
Berger، L. R. (2017). "The cervical spine of Australopithecus
sediba". Journal of Human Evolution. 104: 32–49
- Dávid-Barrett، T.; Dunbar، R. I. M. (2016). "Bipedality and
hair loss in human evolution revisited: The impact of altitude and
activity scheduling". Journal of Human Evolution. 94: 72–82
- Holliday، T. W.; Churchill، S. E.; et al. (2018). "Body Size
and Proportions of Australopithecus sediba" PaleoAnthropology:
406–422.

- https://humanorigins.si.edu/evidence/human-
fossils/species/australopithecus-sediba

- https://australian.museum/learn/science/human-
evolution/australopithecus-sediba/

139
‫الخاتمة‬
‫بالرغم أن تلك الفترة لم يكن البشر هم املسيطرون على زمام ألامور بل‬
‫كان الصراع ما زال قائما بينهم وبين باقي الكائنات الحية‪ ،‬فلم يكن البشر‬
‫حين إذن على قمة الهرم الغذائي وكانوا يتصارعون أيضا مع الكائنات ألاخرى‬
‫كالقردة على مناطق النفوذ وأيضا مصادر الغذاء‪ ،‬ولكن تعد تلك املرحلة‬
‫من أهم مراحل التاريخ البشري والتي ‪ -‬حتى يومنا هذا ‪ -‬نبحث لكي نعرف‬
‫املزيد واملزيد عنها‪ ،‬حيث إنها الشرارة ألاولى التي بدأ منها إلانسان التعلم‬
‫وأيضا أولى مراحل إلانتاج الصناعي‪.‬‬
‫وكان إعالن جامعة أديس أبابا في عام ‪ 2122‬مفاجئا‪ ،‬فقد تم إلاعالن‬
‫عن اكتشاف أثري ألدوات حجرية في موقع كونسو جنوب إثيوبيا‪ ،‬هذا‬
‫الاكتشاف تم بواسطة فريق بحثي من إثيوبيا واليابان‪ ،‬وأوضحت الهيئة‬
‫إلاثيوبية أن النتائج نشرت في دراسة أجرتها ألاكاديمية ألامريكية للعلوم‪،‬‬
‫وصرحت أن العمر التقديري لتلك ألادوات يعود إلى نحو ثالثة ماليين سنة‬
‫مضت‪ ،‬في تلك الفترة لم تكن هناك سوى السالالت البشرية ألاولى في‬
‫املنطقة كما سنتعرف عليه في الفصول القادمة‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫بعض أدوات موقع كونسو‬
‫هذا يجعل تلك الفترة ليست فقط فترة فهم وإدراك البشر للبيئات‬
‫املحيطة ههم بل بدايات أولى عمليات الصناعة‪ ،‬وهذا يعطي دليال آخر على‬
‫أن البشر في تلك الفترة بدأت في تغيير ألانظمة الغذائية لهم‪ ،‬ففي البداية‬
‫كان البشر يعتمدون على النباتات كمصدر أساس ي للغذاء بجانب بعض من‬
‫الكائنات الصغيرة كالنمل وغيرها من مصادر البروتين‪ ،‬وبذلك يكون ألامر‬
‫أكثر منطقية لزيادة حجم املخ لدى السالالت القادمة‪ ،‬حيث إن ألانظمة‬
‫الغذائية التي تحتوي على الاحوم توفر املزيد من الطاقة التي من شأنها‬
‫زيادة حجم الدماغ والقدرات العقلية‪ ،‬كما أن الانتشار الواسع لتلك‬

‫‪141‬‬
‫الجماعات في مناطق وسط وشرق وجنوب إفريقيا جعلها تختلط باملزيد من‬
‫البيئات مما أتاح املزيد من املوارد الغذائية‪.‬‬

‫نطاق تواجد السالالت البشرية ألاولى‬


‫على الرغم من هذا الانتشار الواسع وخاصة في نهاية هذا العصر‪ ،‬كان‬
‫ٌ‬
‫بعض من آلاراء‬ ‫عدد أفراد املجموعة الواحدة قليال نسبيا‪ ،‬ويفسر هذا‬
‫العلمية بعضها لها رواج وآلاخر تم الاعتراض عليه‪ ،‬فتلك الجماعات لم‬
‫‪142‬‬
‫تمتلك لغة تواصل متطورة بل ألامر مقتصر على بعض الهمهمات البسيطة‪،‬‬
‫مما جعل من الصعب تنظيم مجموعات كبيرة في العدد حيث إنه كلما زادت‬
‫أعداد املجموعة تطلب ذلك زيادة معرفية وسلوكية وثقافية‪ ،‬كما أن‬
‫املمارسات الجماعية بدائية وخاصة أن أساليب الحصول على الغذاء‬
‫بشكل فردي على ألاقل في بداية ألامر‪ ،‬ومن شأن هذا النمط أن يتسبب في‬
‫تحجيم عدد أفراد املجموعة‪ ،‬فعلى سبيل املثال إذا كانت هناك ساللة‬
‫تتغذى على فاكهة ما فقط‪ ،‬فإن عدد أشجار تلك الفاكهة داخل ألادغال‬
‫يكون قليال فليس كافيا ليكون مصدرا لغذاء مجموعة كبيرة من ألافراد على‬
‫عكس الحيوانات العاشبة‪.‬‬
‫ولهذ السبب نجد مجموعات متفرقة حول نطاق الفاكهة فهذا ألامر‬
‫أسهل نسبيا لاحصول على الغذاء والتقليل من الصراع بينهم على املوارد‬
‫الغذائية‪ ،‬على عكس ما سيحدث الحقا‪ ،‬ويرى البعض أن السالالت ألاولى‬
‫تظهر تباينا في أحجام الحفريات مرجعه إلى التباين الجنس ي في الحجم‪ ،‬وهذا‬
‫يدل على أن املجموعات في تركيبها تتشابه مع مجموعات حريم الغوريال ‪،‬‬
‫حيث هناك ذكر واحد في املجموعة يكون هو املسيطر واملسؤول عن حماية‬
‫املجموعة‪ ،‬كما أنه له حقوق التكاثر وحده داخل املجموعة‪ ،‬وبالتالي يكون‬
‫من الطبيعي أن أعداد املجموعة الواحدة ال ّ‬
‫يتعدى العشرات من ألافراد‪،‬‬
‫وهذا الرأي ضعيف ولم يتقبله املجتمع العلمي حتى آلان بشكل قاطع‪ ،‬أيا‬
‫كان السبب فمحصلة تجارب وخبرات وتعلم هؤالء البشر ألاوائل هي ما‬
‫جعلت السالالت التالية قادرة على بناء جماعات ذات أعداد كبيرة‪ ،‬وتكون‬
‫‪143‬‬
‫قادرة على العيش خارج نطاق الغابات التي سكنتها معظم السالالت البشرية‬
‫ألاولى‪.‬‬
‫بعد أن تعرفنا على السالالت البشرية ألاولى‪ ،‬تبين لنا صفاتها ولدينا آلان‬
‫ملحة عامة عن شكل الحياة البدائية‪ ،‬وقادرون آلان على بناء مخطط هيكلي‬
‫لسالالت البشر ألاولى فهو موزع على النحو التالي‪:‬‬

‫‪144‬‬
‫رجل ساحل تشاد‬
‫(‪ 5-7‬مليون سنة)‬

‫رجل توجن األول‬


‫(‪ 5.8-6.1‬مليون سنة)‬

‫رجل األرض‬
‫(‪ 4.4-5.8‬مليون سنة)‬

‫بشر توركانا‬
‫(‪ 3.7-4.5‬مليون سنة)‬

‫بشرعفار‬
‫(‪ 2.9-3.9‬مليون سنة)‬

‫بشر ديرميدا‬ ‫بشر جنوب افريقيا‬ ‫بشر بحر الغزال‬


‫بشر كينيا‬ ‫(‪ 3.2-3.5‬مليون سنة)‬ ‫(‪ 1.9-3.6‬مليون سنة)‬ ‫(‪ 2.9-3.5‬مليون سنة)‬
‫(‪ 3.1-3.3‬مليون‬
‫سنة)‬ ‫بشر جارهي‬
‫(‪ 2.6‬مليون سنة)‬

‫بشر سيديبا‬
‫(‪ 1.9‬مليون سنة)‬

‫‪145‬‬
‫فتلك هي السالالت التي تم سرد بعض التفاصيل عنها‪ ،‬بعض تلك‬
‫السالالت لم تعاصر ألاخرى‪ ،‬والبعض آلاخر لم يتعايش مع البعض آلاخر‬
‫رغم وجوده في نفس الفترة الزمنية ولكن في نطاق جغرافي آخر‪ ،‬فيمكننا‬
‫تقسيم هذا العصر الذي امتد حوالي ‪ 2‬مليون سنة إلى عدة فترات كالتالي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬فترة الحفريات ألاولى؛ وهي تلك الفترة املمتدة ما بين ‪ 7‬إلى ‪0.2‬‬
‫مليون سنة فاستمرت حوالي ‪ 2.2‬مليون سنة‪ ،‬وفي تلك الفترة عاشت ثالث‬
‫سالالت وهي‪ :‬رجل ساحل تشاد – رجل توجن ألاول – رجل ألارض‪ ،‬تميزت‬
‫تلك الفترة بأن تلك السالالت بعضها لم يعاصر البعض‪ ،‬والبعض آلاخر‬
‫عاصر نهاية وجود الساللة السابقة له‪ ،‬كما أنهم لم يسكنوا نفس النطاق‬
‫الجغرافي والخريطة التالية توضح نطاق تواجد تلك السالالت‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫تلك الفترة نواجه نقصا شديدا في البقايا الحفرية‪ ،‬ولهذا السبب ال‬
‫يمكننا أن نتعرف على كافة الصفات لساللة واحدة مستقلة‪ ،‬ولكن يمكننا‬
‫أن نرى السمات العامة لتلك السالالت‪ ،‬فحجم الجمجمة ما بين ‪ 311‬إلى‬
‫‪ 311‬سم‪ 3‬بمتوسط ‪ 301‬سم‪ 3‬على ألارجح‪ ،‬كما تتميز بأنياب صغيرة وتظهر‬
‫صفوف ألاسنان على شكل حرف ‪ ،U‬يتراوح طولهم ما بين ‪ 112‬إلى ‪ 122‬سم‬
‫ويترواح وزنهم ما بين ‪ 32‬إلى ‪ 21‬كجم‪.‬‬
‫لم نعثر على أدوات لتلك الفترة حتى آلان كما أننا ال نعرف السمات‬
‫الثقافية لتلك السالالت‪ ،‬ولكنها على ألارجح كانت تستخدم العص ي‬
‫والحجارة في عمليات التقاط الفاكهة‪ ،‬كما أنها بسبب البنية الجسمانية لم‬
‫تكن قادرة على املش ي لفترات طويلة‪ ،‬ولكنها متكيفة على التسلق بشكل‬

‫‪147‬‬
‫ممتاز مما جعلها تفضل البيئات الشجرية‪ ،‬فتلك البيئات تساعدها في‬
‫الحصول على إلامدادات الغذائية كما أنها تمدها بالحماية من الحيوانات‬
‫الالحمة الكبيرة في ذلك الوقت‪ ،‬كما أن البنية الدماغية لها تبين أنها ذات‬
‫قدرات تفكيرية محدودة‪.‬‬
‫ويمكننا أن نقول‪ :‬إنها لم تظهر أيا من املشاعر إلانسانية‪ ،‬كما أنها لم‬
‫تمتلك لغة تواصل إال بشكل بدائي للغاية‪ ،‬كما أن أساليب التواصل بينها‬
‫ال يمكن توقعها هل هي إشارات بصرية باليد أم همهمات وصيحات‪ ،‬ولكنها‬
‫تمتلك املشاعر ألامومية لرعاية الصغار؛ ألن صغار البشر يولدون ضعافا‬
‫ولكنهم ال يحتاجون لفترات رعاية طويلة كما الوضع في إلانسان الحديث‪،‬‬
‫فمن املمكن أن تصل مرحلة الرعاية الكلية تلك إلى أربعة أعوام‪ ،‬كما أن‬
‫متوسط أعمارهم كان قليال‪ ،‬وهذا استنتجناه من السالالت الالحقة‪ ،‬فال‬
‫ّ‬
‫يتعدى عمر الفرد منهم ثالثين عاما‪ ،‬وفي املتوسط فترة العشرينات‪ ،‬وإن دل‬
‫ذلك على ش يء فإنه معدل النمو السريع لتلك السالالت‪.‬‬
‫كما أن تلك السالالت مرتبطة بشكل عام بمصادر املياة الدائمة؛ فقد‬
‫الحظنا تواجد رجل ساحل تشاد بالقرب من البحيرات الداخلية في تشاد‬
‫كما هو الحال اليوم في بحيرة تشاد‪ ،‬كما أن نطاق رجل توجن ألاول يقع بين‬
‫البحيرات الاستوائية لنهر النيل كبحيرة فيكتوريا وبحيرة كيوجا وبحيرة‬
‫ألبرت‪ ،‬باإلضافة إلى بحيرة توركانا‪ ،‬وأيضا رجل ألارض نجده بالقرب من‬
‫البحيرات في هضبة الحبشة كما هو الحال اليوم في بحيرة تانا‪ ،‬فمناطق‬

‫‪148‬‬
‫تواجد البشر ألاوائل يحدده بشكل عام أماكن تواجد البحيرات وألاشجار‪،‬‬
‫ولهذا أعتقد أن تلك هي البيئة املفضلة لدى السالالت البشرية ألاولى‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬فترة سالالت البشر ألاولى؛ وهي تلك الفترة املمتدة ما بين ‪ 0.2‬إلى‬
‫‪ 3.0‬مليون سنة فاستمرت تلك الفترة حوالي مليون عام‪ ،‬عاشت في تلك‬
‫الفترة ساللتان متالحقتان وهما‪ :‬ساللة بشر توركانا وألاخرى بشر عفار‪.‬‬
‫لقد عاصرت هاتان الساللتان بعضهما البعض لفترة قصيرة؛ حيث‬
‫تواجدت ساللة بشر عفار منذ حوالي ‪ 3.1‬مليون سنة‪ ،‬وانقرضت ساللة‬
‫بشر توركانا منذ حوالي ‪ 3.7‬مليون سنة لتصبح تلك الفترة حوالي ‪ 211‬ألف‬
‫عام‪ ،‬كما أنهما عاشا في نفس النطاق الجغرافي كما توضحه الخريطة‬
‫التالية‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫كما هو موضح من الخريطة السابقة فساللة بشر عفار استوطنت نطاقا‬
‫جغرافيا أكبر من بشر توركانا‪ ،‬حتى آلان لم يكتشف بقايا للبشر في تلك‬
‫الحقبة خارج تلك الرقعة الجغرافية مما يشير إلى انقراض للسالالت‬
‫السابقة‪ ،‬وتبدأ من تلك املنطقة السالالت البشرية حيث إنها قادرة على‬
‫التكيف أكثر من السالالت السابقة‪.‬‬
‫تعد ساللة بشر عفار امتدادا لساللة بشر توركانا‪ ،‬والاختالفات‬
‫الجسمانية والاجتماعية هي نتيجة تقدم الوقت وأيضا الاختالفات البيئية‬
‫في تلك الفترة الطويلة‪ ،‬فيظهر هذا التباين في اختالف حجم املخ حيث إن‬

‫‪150‬‬
‫بشر توركانا بلغ متوسط حجم املخ حوالي ‪ 371‬سم ‪ ،3‬بينما وصل متوسط‬
‫حجم املخ في ساللة بشر عفار لحوالي ‪ 031‬سم ‪ ،3‬وألابعاد الجسمانية لم‬
‫تتغير كثيرا حيث يترواح أطوالهم ما بين ‪ 112‬إلى ‪ 121‬سم بموسط ‪121‬‬
‫سم ويترواح أوزانهم من ‪ 32‬إلى ‪ 21‬كجم‪.‬‬
‫كما أن كافة السالالت الالحقة الجد ألاكبر لها هي ساللة بشر عفار فتلك‬
‫الفترة التاريخية هامة جدا‪ ،‬حيث انقراض السالالت ألاخرى‪ ،‬وإن لم تكن‬
‫ً‬
‫وتأقلما مع التغيرات املناخية والبيئية ملا كان هناك‬ ‫تلك السالالت أكثر مهارة‬
‫جنس بشري على ألارض‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬فترة السالالت البشرية املتوسطة؛ وهي تلك الفترة املمتدة ما بين‬
‫‪ 3.0‬إلى ‪ 2.7‬مليون سنة فاستمرت تلك الفترة حوالي ‪ 111‬ألف عام‪ ،‬تميزت‬
‫تلك الفترة بوجود العديد من السالالت البشرية‪ ،‬فما زالت سالالت بشر‬
‫عفار مستمرة في تلك الفترة أيضا كما ظهرت سالالت جديدة مثل ساللة‬
‫بشر بحر الغزال وساللة بشر جنوب إفريقيا وساللة بشر ديرميدا وساللة‬
‫بشر كينيا‪.‬‬
‫تعايشت بعض تلك السالالت في نطاقات معزولة مثل ساللة بشر جنوب‬
‫إفريقيا ‪ ،‬ساللة بشر بحر الغزل‪ ،‬وبعضها في نطاقات متجاورة في نفس‬
‫النطاق الجغرافي والخريطة التالية توضح التوزيع الجغرافي للسالالت‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫في تلك الفترة حدث طفرة ماحوظة في حجم جمجمة تلك السالالت‬
‫فتراوح بين ‪ 221-021‬سم‪ ،3‬وباملقارنة مع الفترة السابقة فقد حدث نمو‬
‫لحجم الجمجمة بمقدار ‪ ،%37.2‬انعكس هذا النمو في القدرات الذهنية‬
‫واملعرفية ففي نهاية تلك الفترة بدأت بعض السالالت بصناعة ألادوات‬
‫الحجرية‪ ،‬كما يعتقد أن ساللة بشر ديرميدا هم َمن صنعوا أولى ألادوات‬
‫الحجرية ألاولدوانية‪ ،‬وقد يتراوح طول تلك السالالت ما بين ‪ 111‬إلى ‪121‬‬
‫سم ويتراوح وزنهم ما بين ‪ 32‬إلى ‪ 21‬كجم‪ ،‬كما هناك تغيرات في شكل‬
‫الحوض مما سمح لهم باملش ي والتنقل عبر نطاق الحشائش بشكل أفضل‪.‬‬
‫‪152‬‬
‫في تلك الفترة تم التوسع في نطاقات كبيرة فنطاق ساللة بشر عفار‬
‫وساللة بشر جنوب إفريقيا من السالالت التي استمرت لفترة زمنية طويلة‪،‬‬
‫والخريطة السابقة توضح أيضا تطورا هائال في مناطق استيطان السالالت‬
‫البشرية‪ ،‬وهي أيضا ألاكبر في النطاق الجغرافي للسالالت البشرية على‬
‫إلاطالق‪.‬‬
‫كما أن النطاقات البينية بين تلك السالالت البد أنها كانت مناطق تواجد‬
‫للسالالت البشرية‪ ،‬واعتقادي الشخص ي أنه لم يتم الكشف عن العديد‬
‫من الحفريات في مناطق عدة‪ ،‬كمنطقة جنوب ووسط السودان ووسط‬
‫تشاد وأوغندا وجنوب تنزانيا ومالوي وزامبيا‪ ،‬وأعتقد أنه في ألاعوام القادمة‬
‫سيتم الكشف عن الحفريات في تلك املناطق‪.‬‬
‫وتعد تلك الفترة هي نقلة نوعية في شجرة العائلة البشرية حيث تزامنت‬
‫تلك الفترة مع ظهور أنواع جديدة أخرى من السالالت كسالالت إنسان‬
‫َ‬
‫كسارة البندق والسالالت إلانسانية ألاولى‪ ،‬وسنتناول كل واحدة على ِحد ٍة‪،‬‬
‫ولكن من املثير أن بعض تلك السالالت تعايشت مع أنواع أخرى من‬
‫السالالت التالية مثل ساللة بشر كينيا تعايشت في مناطق مجاورة إلنسان‬
‫كسارة البندق‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬فترة السالالت البشرية الالحقة؛ وهي تلك الفترة املمتدة ما بين‬
‫‪ 2.7‬إلى ‪ 1.1‬مليون سنة فاستمرت تلك الفترة حوالي ‪ 111‬ألف عام‪ ،‬عاشت‬
‫في تلك املرحلة ثالث سالالت من السالالت البشرية بجانب العديد من‬

‫‪153‬‬
‫السالالت الالحقة‪ ،‬فظلت ساللة بشر جنوب إفريقيا مستمرة في بداية تلك‬
‫الفترة‪ ،‬وساللة بشر جارهي وعاشت تلك الساللة في منطقة شرق إفريقيا‬
‫وساللة بشر سيديبا وهي آخر السالالت البشرية كما أنها شبه لم تعاصر‬
‫السالالت البشرية ألاخرى‪ ،‬والخريطة التالية توضح مناطق توزيع السالالت‪.‬‬

‫في تلك الفترة ما زال حجم جمجمة تلك السالالت؛ فتراوح بين ‪221-021‬‬
‫سم‪ ،3‬وقد يتراوح طول تلك السالالت ما بين ‪ 111‬إلى ‪ 122‬سم ويتراوح وزنهم‬
‫ما بين ‪ 31‬إلى ‪ 21‬كجم‪ ،‬ومن الغريب أن الوزن والحجم تراجع مع ساللة‬
‫بشر سيديبا‪ ،‬ويرجع ذلك إلى أن تلك الساللة عاشت في فترة متأخرة جدا‬
‫في تلك الفترة حيث ازادت فيها فترات الجفاف‪ ،‬واعتقادي الشخص ي أن‬

‫‪154‬‬
‫ذلك هو السبب الرئيس بجانب الصراع على املواد الغذائية ذات السعرات‬
‫الحرارية العالية‪،‬؛ ألن الصراع على املوارد في آخر تلك الفترة كان شديدا‬
‫بسبب تواجد سالالت إنسانية أكثر مالئمة‪ ،‬وامتالكهم لألدوات أكثر تطورا‬
‫وهي ألادوات ألاشولينية‪ ،‬كما أن تلك السالالت صفاتهم الجسمانية أفضل‬
‫من السالالت البشرية‪ ،‬يجب أن نذكر أن تلك السالالت لم تختلط ببعضها‬
‫البعض‪.‬‬
‫فساللة بشر جارهي عاصرت ساللة جنوب إفريقيا ولكن كان هناك نطاق‬
‫جغرافي فاصل بينهما عاش فيه سالالت مختلفة كساللة إنسان كسارة‬
‫البندق التي استوطنت جنوب مناطق ساللة بشر جارهي‪ ،‬كما أن ساللة‬
‫بشر سيديبا جاءت متأخرة فتعد خليفة ساللة بشر جنوب إفريقيا‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫الباب الثاني‬
‫إنسان كسارة البندق‬

‫‪156‬‬
‫المقدمة‬
‫إنسان كسارة البندق؛ عاشت تلك الساللة في منطقة شرق وجنوب‬
‫إفريقيا في الفترة ما بين ‪ 1 – 2.7‬مليون عام‪ ،‬أطلق عليها العالم ‪Robert‬‬
‫‪ Broom‬مصطاح ‪ ،Paranthropus‬وكلمة ‪ Paranthropus‬مشتقة من‬
‫الفقرة اليونانية القديمة ‪ παρα‬بجانب أو جانبي‪ ،‬وكلمة ‪á ánthropos‬‬
‫ُ‬
‫تعني‪ :‬رجل‪ ،‬وهي تعرف أيضا باإلنسان الجانبي أو النظير؛ هذا ألن تلك‬
‫السالالت ال يتفرع منها إلانسان املعاصر بل تمثل فرعا جانبيا‪ ،‬وقد استمرت‬
‫السالالت بالتطور على طول خط تطوري مستقل غير ذي صلة بأوائل‬
‫البشر‪ ،‬حيث إن تلك الفترة ظهرت فيها السالالت إلانسانية ألاولى‪ ،‬ولكن‬
‫تلك السالالت اشتهرت إعالميا باسم إنسان كسارة البندق نظرا لحجم فكها‬
‫الضخم‪.‬‬
‫وتلك الفترة تقع في نهاية العصر النيوجيني وبداية العصر الرباعي بين‬
‫فترة البليوسيني ومنتصف فترة البليستوسيني‪ ،‬كان املناخ في بداية تلك‬
‫املرحلة ليس مستقرا حيث بدأت الصفائح الجليدية في نصف الكرة‬
‫الشمالي في النمو‪ ،‬والتي ُينظر إليها على أنها بداية العصر الجليدي الرباعي‪،‬‬
‫ُ‬
‫والعينات التي أخذت من أعماق البحار حددت ما يقارب من ‪ 01‬مرحلة‬
‫نظيرية بحرية خالل هذا العصر‪ ،‬وبالتالي ربما كانت هناك حوالي ‪ 21‬دورة‬
‫جليدية بكثافات متفاوتة خالل تلك الفترة‪ ،‬أما عن النصف الثاني في تلك‬

‫‪157‬‬
‫املرحلة يعتبر انخفاض درجات الحرارة بشكل عام والتجمد من أبرز ألاحداث‬
‫في هذه الفترة‪ ،‬فقد غطت صفيحة لورينتيد الجليدية جزءا كبيرا من أمريكا‬
‫الشمالية‪ ،‬بينما غطت الصفائح الجليدية ألاوراسية شمال أوروبا وسيبيريا‪،‬‬
‫أدى حجم الصفائح الجليدية إلى انخفاض منسوب سطح البحر وإلى وجود‬
‫مناخ جاف‪ ،‬وتميزت هذه الفترة الزمنية بانخفاض مستويات سطح البحر‬
‫وبمناخ أكثر برودة وجفافا مقارنة بما هو عليه اليوم‪ً ،‬‬
‫نظرا ألن معظم املياه‬
‫على سطح ألارض كانت جليدية‪ ،‬وكان هناك القليل من هطول ألامطار‬
‫فهطول ألامطار يقدر بحوالي نصف ما هو عليه اليوم‪ ،‬وبلغ متوسط درجات‬
‫الحرارة في العالم من ‪ 2‬إلى ‪ 11‬درجات مئوية؛ أي أقل من معايير درجة‬
‫الحرارة الحالية‪.‬‬
‫وبسبب تلك التغيرات املناخية باإلضافة إلى وجود أدوات حجرية‬
‫وسالالت بشرية متنوعة في منطقة شرق وجنوب إفريقيا‪ ،‬كان الصراع على‬
‫املوارد الغذائية سمة أساسية لتلك املرحلة‪ ،‬ومن املمكن أن يكون هناك‬
‫تطورات سلوكية حول مناطق النفوذ لكل ساللة‪َ ،‬من يدري؟‬
‫اض‬
‫اختارت السالالت إلانسانية ألاولى نطاق الحشائش حيث إنها أر ٍ‬
‫مفتوحة ومناسبة لقدراتهم على املش ي والجري‪ ،‬كما أنها موطن الحيوانات‬
‫العاشبة متوسطة الحجم التي يمكن صيدها‪ ،‬وهذا ال يعني عدم تواجدهم‬
‫في نطاق إنسان كسارة البندق‪ ،‬فإنسان كسارة البندق ما زال يفضل مناطق‬
‫الغابات املرتفعة‪ ،‬حيث إن ألاغذية النباتية متوفرة ولكنها ليست كما‬

‫‪158‬‬
‫بالفترات السابقة‪ ،‬كما أنهم ليسوا نباتيين بشكل كامل فكانت أيضا تأكل‬
‫الاحوم كلما سمحت لهم الفرص‪ ،‬كما أن تفضيلها لنطاق الغابات املرتفعة‬
‫يدل على أن أجسامها ما زالت مغطاة بشعر كثيف حيث إن متوسط درجات‬
‫الحرارة في تلك املناطق أقل‪.‬‬
‫تمتعت سالالت إنسان كسارة البندق بحجر دماغي أصغر من السالالت‬
‫إلانسانية‪ ،‬لكنه أكبر بشكل ماحوظ مما كان لدى السالالت البشرية ألاولى‬
‫حيث تصل نسبة حجم الدماغ حوالي ‪ %01‬من إلانسان املعاصر‪ ،‬تترافق‬
‫ألادوات الحجرية في كل من جنوب وشرق إفريقيا ببقايا إنسان كسارة‬
‫البندق‪ ،‬وعلى الرغم من أن هناك نقاشا واسعا عما إذا كانت تلك ألادوات‬
‫قد صنعت وتم استخدامها بيديه أم أنها تعود للسالالت إلانسانية التي‬
‫عاصرتها‪ ،‬الغالبية يرون بأن أنواع إلانسان املبكرة هي التي صنعت تلك‬
‫ألادوات‪ ،‬كما أن البعض يشير أنها صاحبت ثقافة العظام العظمية (صنع‬
‫ألادوات بواسطة بقايا عظام الحيوانات الكبيرة)‪ ،‬يبدو من شبه املؤكد أنه‬
‫لم تستأن س النار على الرغم من أنها كانت على صلة مباشرة مع النار في‬
‫موقع سوارتكرانز بجنوب إفريقيا‪.‬‬
‫وعلى الرغم من عدم صلتنا بتلك السالالت بشكل مباشر إال أنها تمثل‬
‫جزءا من هيكل السالالت البشرية الاجتماعي والثقافي فال يمكن تجاهل‬ ‫ً‬
‫ذلك‪ ،‬وكما سنرى في الكتب القادمة أن هناك الكثير من الابتكارات والفنون‬
‫والتغيرات الطارئة على الحياة الاجتماعية تعلمناها من سالالت أخرى‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫وسنتعرف سويا على سالالت إنسان كسارة البندق املعروفة حتى آلان‬
‫وهم‪:‬‬
‫‪ -2‬إنسان كسارة البندق‬ ‫‪ -1‬إنسان كسارة البندق إلاثيوبي‪.‬‬
‫البويزي‪.‬‬
‫‪ -3‬إنسان كسارة البندق القوي‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫الفصل الثالث عشر‬
‫إنسان كسارة البندق إلاثيوبي‬
‫‪Paranthropus aethiopicus‬‬

‫‪161‬‬
‫عاشت تلك الساللة في منطقة شرق إفريقيا في الفترة ما بين ‪2.3-2.7‬‬
‫مليون سنة‪ ،‬وتنحدر تلك الساللة على ألارجح من ساللة بشر عفار‪ ،‬وتعتبر‬
‫الجد ألاكبر لباقي سالالت إنسان كسارة البندق‪ ،‬تتشابه ساللة إنسان كسارة‬
‫البندق مع السالالت ألاخرى إلنسان كسارة البندق في عدة سمات‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫الوجه الطويل والفك سميك وأسنان خد متضخمة بشكل خاص‪ ،‬ومع ذلك‬
‫أيضا عن سالالت إنسان‬ ‫على ألا جح بسبب تقادمه الزمني فإنه يختلف ً‬
‫ر‬
‫كسارة البندق ألاخرى‪ ،‬ويتشارك في بعض الجوانب التي تشبه ساللة بشر‬
‫عفار ‪.‬‬
‫يقدر حجم الدماغ لاحفرية "‪ "KNM WT 17000‬بحوالي ‪ 011‬سم‬
‫مكعب‪ ،‬وهو أصغر من سالالت عائلة إنسان كسارة البندق ألاخرى‪ ،‬فتسبب‬
‫الجمع بين الوجه الطويل والحنك السميك وقحف الدماغ الصغيرة في‬
‫ظهور قمة سهمية واضحة املعالم على خط الوسط لاجمجمة‪ ،‬وعلى عكس‬
‫سالالت إنسان كسارة البندق ألاخرى لم يكن وجه "‪"KNM WT 17000‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مسطحا وكان الفك بارزا ولديه قاعدة الجمجمة ضعيفة‪ ،‬والثقب العظمي‬
‫حيث تتصل الجمجمة بالعمود الفقري تكون على شكل قلب‪ ،‬ربما لم يتم‬
‫توجيه العضلة الصدغية إلى ألامام كما كانت في إنسان كسارة البندق‬
‫بويزي‪ ،‬مما يعني أن فك إنسان كسارة البندق إلاثيوبي من املحتمل أن‬
‫يعالج الطعام باستخدام القواطع قبل استخدام الضروس‪ ،‬وتشير املسافة‬

‫‪162‬‬
‫الطويلة بين الضرس ألاول ومفصلة الفك إلى عظمة الفك طويلة بشكل‬
‫استثنائي للفك السفلي‪ ،‬باقي السمات الجسدية لساللة إنسان كسارة‬
‫البندق إلاثيوبي غير مؤكدة‪ ،‬وهذا يرجع إلى قلة الحفريات الخاصة بتلك‬
‫الساللة‪ ،‬ولكن يعتقد أنها تتشابه في العديد من السمات الجسمانية مع‬
‫ساللة بشر عفار ألاقدم‪.‬‬
‫بشكل عام ُيعتقد أن إنسان كسارة البندق كانت مغذيات عامة حيث‬
‫أصبحت الجمجمة شديدة البناء مهمة عند مضغ ألاطعمة وألاقل جودة في‬
‫أوقات املجاعة‪ ،‬على عكس إنسان كسارة البندق بويزي (ساللة الحقة)‬
‫الذي يوجد بشكل عام في سياق البيئات الرطبة املغلقة‪ ،‬يبدو أن إنسان‬
‫كسارة البندق إلاثيوبي قد سكن في ألادغال حول ألاراض ي العشبية املغمورة‬
‫باملياه في منطقة حوض أومو ‪ -‬توركانا ‪ 2.2‬مليون منذ سنوات‪ ،‬وفي تلك‬
‫الفترة ظهرت مزيج من الغابات وألاراض ي العشبية وألادغال‪ ،‬على الرغم من‬
‫أن ألاراض ي العشبية كانت تتوسع خالل العصر الجليدي املبكر‪ ،‬يبدو أن‬
‫إلانسان قد دخل املنطقة منذ ‪ 2.0 - 2.2‬مليون سنة‪.‬‬
‫في عام ‪ 1101‬وصف عالم الحفريات الفرنس ي ‪Camille Arambourg‬‬
‫ً‬
‫استنادا إلى الفك السفلي عديم‬ ‫وعالم ألانثروبولوجيا ‪Yves Coppens‬‬
‫ألاسنان من تكوين شونغورا إثيوبيا حفرية "‪ "Omo 18‬أن ذلك ساللة‬
‫جديدة وهي ‪ Paranthropus aethiopicus‬يشير الاسم ‪ aethiopicus‬إلى‬
‫إثيوبيا‪ ،‬وفي عام ‪ 1112‬تم إلابالغ عن جمجمة الحفرية "‪"KNM WT 17000‬‬

‫‪163‬‬
‫التي يعود تاريخها إلى ‪ 2.2‬مليون سنة بموقع كوبي فورا من قبل علماء‬
‫ألانثروبولوجيا ‪ ، Richard Leakey&Alan Walker‬كما تم اكتشاف عظم‬
‫فك جزئي من شخص مختلف وهي حفرية "‪ "KNM-WT 16005‬من الواضح‬
‫أنهم ينتمون إلى إنسان كسارة البندق‪ ،‬وبحلول هذا الوقت تم إلابالغ عن‬
‫إنسان كسارة البندق في جنوب إفريقيا (القوي) وشرق إفريقيا (بويزي)‪،‬‬
‫وتم تخصيصها بشكل مختلف إما سالالت بشرية قديمة أو جنس فريد من‬
‫إنسان كسارة البندق‪ ،‬قام ‪ Richard Leakey&Alan Walker‬بتعيين‬
‫الحفرية "‪ "KNM WT 17000‬إلى إنسان كسارة البندق بويزي‪.‬‬
‫لقد الحظوا العديد من الاختالفات التشريحية‪ ،‬لكنهم لم يكونوا‬
‫متأكدين مما إذا كان هذا ً‬
‫ناتجا عن تقادم العينات أو يمثل النطاق الطبيعي‬
‫للتباين للسالالت‪ ،‬إذا كان ألاول فقد أوصوا بتصنيفهم والعينات املماثلة‬
‫في ساللة مختلفة من إنسان كسارة البندق (وأوصوا بأن تكون‬
‫‪ Paraustralopithecus‬غير صالحة)‪.‬‬
‫أدى اكتشاف هذه العينات القديمة إلى قلب الافتراضات السابقة بأن‬
‫ً‬
‫سلفا لنوع إنسان كسارة البندق بويزي‬ ‫إنسان كسارة البندق القوي كان‬
‫ألاكثر قوة‪ ،‬وهي فرضية جادلها على وجه الخصوص عالم ألانثروبولوجيا‬
‫‪ Yoel Rak‬في عام ‪ 1112‬من خالل تحديد ساللة إنسان كسارة البندق‬
‫بويزي على أنها بدأت قبل فترة طويلة من ظهور إنسان كسارة البندق القوي‬
‫‪ ،‬وفي عام ‪ 1111‬أوص ى ‪ Walter Ferguson‬بتصنيف "‪"KNM WT 17000‬‬

‫‪164‬‬
‫إلى نوع مختلف؛ ألن النمط الشامل من إنسان كسارة البندق إلاثيوبي‬
‫يتألف فقط من عظم الفك والعينة "" وعناصر عظام الفك غير محفوظة‬
‫واقترح اسم لساللة أخرى وهو ‪ ،walkeri‬يتم تجاهل تصنيف ‪Walter‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ً Ferguson‬‬
‫تقريبا ويعتبر مرادفا إلنسان كسارة البندق إلاثيوبي‪ ،‬وتم‬ ‫عامليا‬
‫اكتشاف العديد من عينات الفك السفلي والعلوي في تكوين شونغورا‬
‫حوالي ‪ 113-112‬قطعة بما في ذلك عينة ألاحداث "‪ "L338y-6‬في عام‬
‫‪ ،2112‬والفك العلوي للعينة "‪ "EP 1500‬من التولي تنزانيا‪ ،‬وتم العثور ً‬
‫أيضا‬
‫على الجزء العلوي من عظمة القصبة ولكن ال يمكن أن يرتبط بشكل قاطع‬
‫بالعينة "‪ "EP 1500‬وبالتالي إلى إنسان كسارة البندق ألاثيوبي‪.‬‬
‫إنسان كسارة البندق إلاثيوبي هو أقدم عضو في عائلة إنسان كسارة‬
‫البندق مع أقدم البقايا حتى آلان وعثر عليها في تكوين أومو كيبيش إلاثيوبي‬
‫ويرجع تاريخه إلى ‪ 2.0‬مليون سنة مضت‪ ،‬من املمكن أن يكون إنسان كسارة‬
‫البندق إلاثيوبي قد تطور حتى قبل ذلك في السهول الفيضية الكينية‬
‫الشاسعة في ذلك الوقت‪ ،‬تم التعرف على إنسان كسارة البندق إلاثيوبي‬
‫بشكل مؤكد فقط من الجمجمة "‪ "KNM WT 17000‬وعدد قليل من‬
‫الفكين وألاسنان املعزولة‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫بقايا حفرية ‪KNM WT 17000‬‬

‫‪166‬‬
‫المراجع‬
- Arambourg، C.، Coppens، Y.، 1968. Sur la decouverte dans le Pleistocene
inferieur de la valle de l'Omo (Ethiopie) d'une mandibule d'Australopithecien. Comptes
Rendus des seances de l'Academie des Sciences 265، 589-590.
- Walker، A.C.، Leakey، R.E.، Harris، J.M.، Brown، F.H.، 1986. 2.5-Myr
Australopithecus boisei from west of Lake Turkana، Kenya. Nature 322، 517-522.
- Wood، B. (2011). Wiley-Blackwell Encyclopedia of Human Evolution. John
Wiley & Sons. pp. 298–299
- Joordens، J. C. A.; Feibel، C. S.; Vonhof، H. B.; Schulp، A. S.; Kroon، D. (2019).
"Relevance of the eastern African coastal forest for early hominin biogeography".
Journal of Human Evolution
- "Paranthropus". Merriam–Webster Dictionary. Retrieved 20 June 2020.
- Constantino، P. J.; Wood، B. A. (2007). "The Evolution of Zinjanthropus
boisei". Evolutionary Anthropology.
- Ferguson، W. W. (1989). "A New Species of the Genus Australopithecus
(Primates: Hominidae) from Plio/Pleistocene Deposits West of Lake Turkana in Kenya".
Primates. 30 (2): 223–232.

- https://humanorigins.si.edu/evidence/human-
fossils/species/paranthropus-aethiopicus

- https://australian.museum/learn/science/human-
evolution/paranthropus-species/

167
‫الفصل الرابع عشر‬
‫إنسان كسارة البندق بويزي‬
‫‪Paranthropus boisei‬‬

‫‪168‬‬
‫عاشت تلك الساللة في شرق إفريقيا في الفترة ما بين ‪ 1.12-2.2‬مليون‬
‫سنة‪ ،‬وبناء على عينة مكونة من ‪ 11‬عينات من إنسان كسارة البندق بويزي‬
‫تراوح حجم املخ من ‪ 202-000‬سم مكعب بمتوسط ‪ 017.2‬سم مكعب‪،‬‬
‫وفيما يتعلق بالجيوب الوريدية الجدارية (املسؤولة عن إمداد املخ بالدم)‬
‫في عام ‪ 1113‬اقترحت عاملة ألانثروبولوجيا العصبية ألامريكية ‪Dean Falk‬‬
‫وعالم ألانثروبولوجيا ‪ Glenn Conroy‬أنه على عكس ساللة بشر جنوب‬
‫إفريقيا أو إلانسان الحديث‪ ،‬فإن إنسان كسارة البندق بويزي وساللة بشر‬
‫عفار قد توسع في الجيوب القذالية والهامشية حول الثقبة الكبيرة (هي بروز‬
‫من السطح الداخلي لصدفة عظمام الجمجمة الخلفي)‪ً ،‬‬
‫تماما ليحل محل‬
‫الجيوب ألانفية املستعرضة والسينية‪ ،‬وفي عام ‪ 1113‬ذكر عالم‬
‫ألانثروبولوجيا الفرنس ي ‪ Roger Saban‬أن الفرع الجداري للشريان السحائي‬
‫ألاوسط نشأ من الفرع الخلفي في إنسان كسارة البندق بويزي وإنسان‬
‫ً‬
‫كسارة القوي (ساللة الحقة) بدال من الفرع ألامامي كما في السالالت‬
‫البشرية ألاقدم‪ ،‬واعتبر هذه خاصية جديدة بسبب زيادة القدرات الدماغية‬
‫والتي تتطلب املزيد من الغذاء وألاكسجين‪ ،‬ومنذ ذلك الحين تم إثبات أن‬
‫ً‬
‫الفرع الجداري يمكن أن ينشأ إما من الفروع ألامامية أو الخلفية‪ ،‬وأحيانا‬
‫من كليهما‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫إنسان كسارة البندق بويزي هي أقوى فرد من عائلة سالالت إنسان‬
‫كسارة البندق‪ ،‬في حين أن إنسان كسارة البندق القوي في جنوب إفريقيا‬
‫ً‬
‫نسبيا والحواف السفلية ملجاري العين‬ ‫أصغر ً‬
‫حجما مع ميزات أكثر رشاقة‬
‫مستديرة‪ ،‬عظام الخد املتضخمة واملقعرة وعظام الحنك السميك وعظام‬
‫عموما على أنه سمح إلنسان كسارة‬‫ً‬ ‫الفك قوية وعميقة‪ ،‬يتم تفسير هذا‬
‫البندق بويزي بمقاومة الضغوط العالية أثناء عملية املضغ‪ ،‬على الرغم من‬
‫أن الحنك السميك يمكن أن يكون نتيجة ثانوية إلطالة الوجه‪.‬‬
‫تتميز الجمجمة ببقع خشنة كبيرة على الخد وعظام الفك‪ ،‬ويظهر لدى‬
‫الذكور قمم سهمية على خط الوسط لاجمجمة وصدغية على الظهر مما‬
‫يشير إلى وجود عضلة ضخمة تستخدم للمضغ موضوعة بالقرب من جبهة‬
‫ً ً‬
‫الرأس‪ ،‬يعتبر هذا عادة دليال على قوة ضغط العضة العالية‪ ،‬يتم تقليل‬
‫القواطع وألانياب مما يعيق قضم قطع الطعام الكبيرة‪ ،‬وعلى النقيض من‬
‫ذلك فإن أسنان الخدين للسالالت ألاخرى إلنسان كسارة البندق‪ ،‬فكانت‬
‫ضخمة جدا فكان من املمكن أن تسمح مساحة السطح ألاكبر بمعالجة‬
‫كميات أكبر من الطعام في وقت واحد‪ ،‬املينا املوجودة على أسنان الخدين‬
‫هي من بين أكثر الطبقات سمكا من أي ساللة بشرية مما يساعد على‬
‫مقاومة الضغوط العالية أثناء املضغ‪.‬‬
‫يبدو أن النطاق الواسع لالختالف في الحجم في عينات الجمجمة يشير‬
‫إلى درجة كبيرة من ازدواج الشكل الجنس ي مع كون الذكور أكبر بشكل‬

‫‪170‬‬
‫ماحوظ من إلاناث‪ ،‬ومع ذلك من الصعب التنبؤ بدقة باألبعاد الحقيقية‬
‫للذكور وإلاناث ألاحياء بسبب عدم وجود بقايا هياكل عظمية كافية من‬
‫إنسان كسارة البندق بويزي‪ ،‬باستثناء الذكر املفترض للعينة "‪،"OH 80‬‬
‫ً‬
‫وبناء على التقدير باستخدام أبعاد شبيهة باإلنسان الحديث كان "‪"OH 80‬‬
‫يبلغ ارتفاعه حوالي ‪ 120.3‬سم وقدر ارتفاع إلاناث حوالي ‪ 120‬سم‪ ،‬وكان‬
‫يزن حوالي ‪ 21‬كجم بافتراض النسب للبشر آلان‪ ،‬و‪ 01.7‬كجم باستخدام‬
‫نسب القرد الكبيرة‪.‬‬
‫عظام الفخذ للعينة "‪ "OH 80‬يشبه إلى حد كبير السالالت إلانسانية‬
‫الالحقة‪ ،‬ومع ذلك فعلى ألارجح بعض الاختالف املاحوطة في قدرات تحمل‬
‫الساق‪ ،‬فإن عظام ذراع "‪ "OH 80‬مبنية بشكل كبير ويظهر مفصل الكوع‬
‫أوجه اختالف كبيرة بينها وبين السالالت ألاخرى‪ ،‬ويمكن أن يشير هذا إما إلى‬
‫أن إنسان كسارة البندق بويزي استخدم ً‬
‫مزيجا من املش ي ألارض ي باإلضافة‬
‫تماما ولكنه احتفظ بحالة‬‫إلى السلوك املعلق‪ ،‬أو أنه كان يسير على قدمين ً‬
‫الجزء العلوي‪ ،‬وفي املقابل فإن اليد على عكس إنسان كسارة البندق القوي‬
‫ً‬
‫يتشريحا ً‬ ‫ُ‬
‫شبيها بالسالالت البشرية ألاولى‪،‬ومع‬ ‫ال تتوافق مع التسلق وتظهر‬
‫ذلك على الرغم من أنه على عكس إنسان كسارة البندق بويزي يفتقر إلى‬
‫قبضة دقيقة قوية بشكل خاص مثل السالالت إلانسانية كانت اليد ال تزال‬
‫قوية بما يكفي للتعامل مع ألادوات البسيطة وتصنيعها‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫افترضت دراسة أجريت عام ‪ 2117‬أنه ً‬
‫نظرا ألن ذكور القردة العليا غير‬
‫البشرية لداها قمة سهمية أكبر من إلاناث‪ ،‬فقد تؤثر القمة باالنتقاء الجنس ي‬
‫باإلضافة إلى دعم عضالت املضغ عالوة على ذلك فقد ارتبط حجم القمة‬
‫السهمية في ذكور غوريال السهول الغربية بالنجاح إلانجابي‪ ،‬لقد وسعوا‬
‫تفسيرهم للقمة إلى ذكور ساللة إنسان كسارة البندق مع استخدام القمة‬
‫والرأس ألاكبر نتيجة لنوع من العرض‪ ،‬ويتناقض هذا مع الرئيسات ألاخرى‬
‫ً‬
‫التي تومض ألانياب عادة وهي املؤثرة في الانتقاء الجنس ي ولكن أنياب إنسان‬
‫أيضا أن يحتاج ذكور‬‫نسبيا‪ ،‬ومع ذلك فمن املمكن ً‬ ‫ً‬ ‫كسارة البندق صغيرة‬
‫الغوريال وإنسان الغاب إلى عضالت صدغية أكبر لتحقيق فجوة أوسع‬
‫لعرض ألانياب بشكل أفضل‪.‬‬
‫و في عام ‪ 1120‬اقترح ‪ Robinson‬أن شكل الجمجمة يدل على نظام‬
‫خصيصا ملعالجة مجموعة ضيقة من‬ ‫ً‬ ‫غذائي متخصص تم تكييفه‬
‫ألاطعمة‪ ،‬وبسبب هذا فإن النموذج السائد النقراضه‪ ،‬على النموذج السائد‬
‫في النصف ألاخير من القرن العشرين على أنه كان غير قادر على التكيف مع‬
‫املناخ املتقلب في العصر الجليدي فعلى عكس إلانسان ألاكثر قابلية‬
‫للتكيف‪ ،‬كما كان يعتقد سابقا أيضا أن إنسان كسارة البندق بويزي تكسر‬
‫املكسرات املفتوحة وألاطعمة الصلبة املماثلة بأسنانها القوية‪ ،‬ومع ذلك في‬
‫عام ‪ 1111‬وجد عالم ألانثروبولوجيا إلانجليزي ‪ Alan Walker‬أن ألانماط‬
‫الدقيقة على ألاضراس كانت غير متوافقة مع نظام غذائي غني باألطعمة‬
‫الصلبة‪ ،‬وكان ال يمكن تمييزها بشكل فعال عن النمط الذي شوهد في‬
‫‪172‬‬
‫أضراس آكلي النباتات اللينة أو الاحوم‪ ،‬ويختلف النمط الدقيق على‬
‫أضراس إنسان كسارة البندق بويزي عن تلك املوجودة على أضراس‬
‫السالالت ألاخرى‪ ،‬ويشير إلى أن إنسان كسارة البندق بويزي‪ ،‬على العكس‬
‫منها فكان ناد ًرا ما كان يأكل أطعمة صلبة‪.‬‬
‫تشير تحليالت نظائر الكربون إلى نظام غذائي يتكون في الغالب من نباتات‬
‫مثل الحشائش والرواسب الكاشطة منخفضة الجودة‪ ،‬يتماش ى املينا‬
‫السميك مع طحن ألاطعمة الكاشطة‪ ،‬تشبه هذه إلاستراتيجية تلك‬
‫املستخدمة من قبل الغوريال الحديثة والتي يمكن أن تحافظ على ألاطعمة‬
‫الاحتياطية منخفضة الجودة على مدار العام‪ ،‬وفي عام ‪ 1111‬اقترح عاملا‬
‫ألانثروبولوجيا ‪ John Kappelman&Tom Hatley‬أن البشر ألاوائل تكيفوا‬
‫مع تناول أعضاء التخزين الجوفية الكاشطة والغنية بالسعرات الحرارية‬
‫مثل الجذور والدرنات‪ ،‬وفي عام ‪ 2112‬اقترح عاملا ألانثروبولوجيا‬
‫البيولوجية ‪ Richard Wrangham&Greg Laden‬أن إنسان كسارة البندق‬
‫اعتمد على ألاطعمة الصلبة كمصدر احتياطي أو ربما مصدر غذائي ّ‬
‫أولي‪،‬‬
‫وأشارا إلى أنه قد يكون هناك ارتباط بين قلة املوارد الغذائية عالية الجودة‬
‫ووجود السالالت إلانسانية ألاولى في نفس املوقع‪ .‬قد يكون إنسان كسارة‬
‫كم َغ ّذ ّ‬
‫عام يميل‬ ‫البندق بويزي يعتمد على ألاطعمة ذات الجودة املرتفعة ُ‬
‫ٍ ٍ‬
‫إليها‪ ،‬وربما يكون قد انقرض بسبب اتجاه الجفاف والانخفاض في انتشار‬
‫تلك ألاطعمة بجانب املنافسة املتزايدة مع السالالت إلانسانية البشرية‬
‫ألاخرى‪.‬‬
‫‪173‬‬
‫في عام ‪ 1171‬الحظ عالم ألانثروبولوجيا البيولوجية ألامريكي ‪Noel T.‬‬
‫‪ Boaz‬أن النسب بين العائالت الثديية الكبيرة في تشكيل شنجورا‬
‫تماما لتلك املوجودة في العصر الحديث‬ ‫(‪ )Shungura Formation‬مشاههة ً‬
‫عبر إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى‪ ،‬ويعتقد ‪ Noel T. Boaz‬أن أشباه البشر‬
‫لداهم نفس الكثافة السكانية مثل الثدييات الكبيرة ألاخرى والتي تعادل‬
‫‪ً 1.7-1.110‬‬
‫فردا لكل كيلومتر مربع‪ ،‬واعتبر عالم ألاحياء ‪Robert A. Martin‬‬
‫أن النماذج السكانية القائمة على عدد العينات املعروفة واهية‪ ،‬وفي عام‬
‫‪ 1111‬طبق املعادالت التي صاغها عاملا البيئة ‪Fred &Alton S. Harestad‬‬
‫‪ L. Bunnel‬في عام ‪ 1171‬لتقدير النطاق املنزلي والكثافة السكانية للثدييات‬
‫بناء على الوزن والنظام الغذائي‪ ،‬وباستخدام وزن ‪ 22.0‬كجم حصل‬ ‫الكبيرة ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فدانا و‪ً 1.701‬‬
‫فردا لكل كيلومتر مربع إذا كان آكال للعشب ‪3211‬‬ ‫على ‪321‬‬
‫فدان و‪ 1.177‬فرد‪ ،‬وإذا كانت آكلة الاحوم و‪ 221-711‬فدانا و‪ 1.1110‬فرد‬
‫ً‬
‫إذا أكل الحم‪ ،‬وللمقارنة حسب ‪ 2321‬فدانا و‪ 1.110‬فرد لكل كيلومتر مربع‬
‫للشمبانزي آكلة الاحوم‪ 37.2 ،‬كجم‪.‬‬
‫بحلول الوقت الذي تم فيه اكتشاف الحفرية "‪ ،"OH 5‬قض ى ‪Louis‬‬
‫ً‬ ‫‪ً 20 Leakeys‬‬
‫عاما للتنقيب في املنطقة بحثا عن بقايا بشرية مبكرة‪ ،‬ولكنهم‬
‫ً‬
‫استعادوا بدال من ذلك بقايا حيوانات أخرى باإلضافة إلى صناعة ألادوات‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫نظرا ألن ‪ OH 5‬كان مرتبطا باألدوات وعظام‬ ‫الحجرية ألاولدوانية‪،‬‬
‫الحيوانات املعالجة‪ ،‬فقد افترضوا أنه صانع تلك ألادوات‪ ،‬تم تحويل إسناد‬
‫حجما عند وصفها في عام‬ ‫ً‬ ‫ألادوات على الفور إلى إلانسان املاهر ألاكبر‬
‫‪174‬‬
‫ً‬
‫‪ ،1100‬وفي عام ‪ 2113‬تم العثور على ‪ OH 80‬مرتبطا بكتلة من ألادوات‬
‫الحجرية القديمة وعظام الحيوانات التي تحمل أدلة على الجزارة‪ ،‬قد يشير‬
‫هذا إلى أن إنسان كسارة البندق بويزي كان يصنع هذه الصناعة ويأكل‬
‫الاحوم إلى حد ما‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك يتزامن العصر الحجري املبكر إلفريقيا‬
‫وأهم سماتة تلك ألادوات العظام البسيطة في جنوب إفريقيا والتي ُت َ‬
‫عزى إلى‬
‫حد كبير إلى إنسان كسارة البندق القوي‪ ،‬وفي شرق إفريقيا أيضا تم العثور‬
‫على عدد قليل منها وعادة ما تكون مصنوعة من عظام ألاطراف وربما‬
‫أسنان الثدييات الكبيرة على ألاخص ألافيال‪ ،‬وقد يفسر ندرة وجود مثل‬
‫هذه الحيوانات الكبيرة في هذا املوقع الندرة النسبية ألدوات العظام‪ ،‬فكان‬
‫صانعو ألادوات يعدلون العظام بنفس الطريقة التي قاموا هها باستخدام‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫الحجر‪ ،‬على الرغم من أن أدوات عظام أولدوفان تنسب عادة إلى إلانسان‬
‫العامل أو إلانسان املنتصب إال أن وجود كل من إنسان كسارة البندق بويزي‬
‫وإلانسان املاهر يشكك في ذلك‪.‬‬
‫تم العثور على بقايا إنسان كسارة البندق بويزي في الغالب في بيئات‬
‫مشجرة رطبة‪ ،‬مثل ألاراض ي الرطبة على طول البحيرات وألانهار وألاراض ي‬
‫القاحلة وألاراض ي الحرجية شبه القاحلة‪ ،‬يبدو أنه كانت هناك غابات‬
‫ً‬
‫اتساعا وهي‬ ‫ساحلية وجبلية في شرق إفريقيا‪ ،‬قد تكون وديان ألانهار ألاكثر‬
‫بمثابة مالجئ مهمة للمخلوقات التي تعيش في الغابات‪ً ،‬‬
‫نظرا لكونها معزولة‬
‫عن غابات وسط إفريقيا بواسطة ممر السافانا‪ ،‬فإن هذه الغابات في شرق‬
‫إفريقيا كانت ستعزز معدالت عالية من التوطن‪ ،‬خاصة في أوقات التقلبات‬
‫‪175‬‬
‫املناخية ومن املحتمل أن السالالت البشرية وإنسان كسارة البندق يفضالن‬
‫ً‬
‫ظروفا أكثر برودة من إلانسان الالحق‪ ،‬حيث ال توجد مواقع كان ارتفاعها‬
‫أقل من ‪ 1111‬متر في وقت الترسيب‪ ،‬هذا يعني أنهم ً‬
‫غالبا ما يفضلون مناطق‬
‫بمتوسط درجة حرارة نهارية ‪ 22‬درجة مئوية وتنخفض إلى ‪ 11‬أو ‪ 2‬درجات‬
‫مئوية في الليل‪.‬‬
‫تعايشت ساللة إنسان كسارة البندق بويزي مع إنسان رودلف وإلانسان‬
‫العامل وإلانسان املاهر وإلانسان املنتصب‪ ،‬لكن من غير الواضح كيف‬
‫تفاعلوا لشرح سبب ارتباط إنسان كسارة البندق بويزي باألدوات‬
‫ألاولدوانية على الرغم من عدم كونه صانع ألادوات‪ ،‬اقترح ‪Louis Leakey‬‬
‫ليكي وزمالؤه‪ ،‬عند وصف إلانسان املاهر في عام ‪ 1100‬أن أحد الاحتماالت‬
‫هو أن إنسان كسارة البندق بويزي قتل على يد إلانسان املاهر ربما كغذاء‬
‫وأنا ال أعتقد ذلك‪ ،‬ومع ذلك عند وصف إنسان كسارة البندق بويزي قال‬
‫‪"Louis Leakey‬ال يوجد سبب على إلاطالق في هذه الحالة لالعتقاد بأن‬
‫الجمجمة "‪ "OH 5‬تمثل ضحية وليمة من قبل نوع افتراض ي أكثر ً‬
‫تقدما من‬
‫البشر‪ ،‬يبدو أن "‪ "OH 80‬قد أكلته قطة كبيرة‪ ،‬تظهر الساق "‪ "OH 35‬والتي‬
‫ً‬
‫تنتمي إما إلى إنسان كسارة البندق بويزي أو إلانسان العامل دليال على‬
‫افتراس السنوريات" ‪.‬‬
‫إنسان كسارة البندق بويزي ‪ Paranthropus boisei‬تم تسمية تلك‬
‫ً‬
‫تكريما ‪ Charles Boise‬الذي ساعد في تمويل رحالت‬ ‫الساللة ‪boisei‬‬

‫‪176‬‬
‫اكتشاف ألاحافير التي قام هها ‪ ،Louis Leakey‬تم اكتشاف عينة النمط‬
‫الشامل ‪ OH 5‬بواسطة عاملة ألانثروبولوجيا القديمة ‪ Mary Leakey‬في‬
‫عام ‪ ،1121‬ووصفها ‪ Louis Louis Leakey‬بعد شهر تم وضعه في ألاصل في‬
‫جنسه الخاص باسم "‪ ،"Zinjanthropus boisei‬لكنه هبط آلان إلى إنسان‬
‫كسارة البندق ً‬
‫جنبا إلى جنب مع السالالت البشرية ألاولى‪.‬‬
‫أجرى عاملا ألانثروبولوجيا القديمة ‪ Louis Leakey&Mary‬حفريات في‬
‫تنزانيا منذ الثالثينات‪ ،‬على الرغم من تأجيل العمل مع بداية الحرب العاملية‬
‫الثانية‪ ،‬عادا في عام ‪ 1121‬ووجدا في الغالب ألادوات القديمة والحفريات‬
‫للثدييات املنقرضة للسنوات القليلة التالية‪ ،‬في عام ‪ 1122‬اكتشفا أحد‬
‫لرضيع من أشباه البشر وسن ضرس كبير في أولدوفان جورج تنزانيا‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ألانياب‬
‫في صباح يوم ‪ 17‬يوليو ‪ 1121‬شعر ‪ Louis Leakey‬باملرض وبقي في املعسكر‬
‫بينما خرجت ‪ Mary‬بصحبة ‪ ،Frida Leakey Gully‬الحظت ما يبدو أنه جزء‬
‫من جمجمة تبرز من ألارض وهي حفرية "‪ ،"OH 5‬أنشأ فريق الحفر كومة‬
‫من الحجارة حول الجزء املكشوف لحمايته من املزيد من العوامل الجوية‬
‫وبدأت أعمال التنقيب النشطة في اليوم التالي‪،‬و لقد اختاروا انتظار املصور‬
‫‪ Des Bartlett‬لتوثيق العملية برمتها‪.‬‬
‫تم اكتشاف الجمجمة الجزئية بالكامل في ‪ 0‬أغسطس‪ ،‬على الرغم من‬
‫أنه كان ال بد من إعادة بنائها من شظاياها التي كانت مبعثرة في الحص ى‪،‬‬
‫ً‬
‫قصيرا لالكتشاف والسياق في ألاسبوع التالي‪،‬‬ ‫ً‬
‫ماخصا‬ ‫نشر ‪Louis Leakey‬‬

‫‪177‬‬
‫بناء على تطور ألاسنان‪،‬‬‫وقرر أن يكون ‪ OH 5‬تحت البالغين أو املراهق ً‬
‫وأطلق عليه هو و‪ Mary‬لقب "الفتى العزيز" بعد أن أعادوا بناء الجمجمة‬
‫والفكين‪ ،‬بدأت الصحف في إلاشارة إليه على أنه "رجل كسارة البندق" ً‬
‫نظرا‬
‫لكبر أسنانه وفكه مما جعله يشبه كسارات البندق القديمة‪ ،‬كما تلقى عالم‬
‫ألانثروبولوجيا القديمة في جنوب إفريقيا ‪ Phillip Tobias‬زميل عائلة ‪Louis‬‬
‫ً‬ ‫‪ً Leakey‬‬
‫أيضا نسبة إلى هذا اللقب‪ ،‬تم نقل الجمجمة إلى كينيا بعد‬
‫اكتشافها وظلت هناك حتى يناير ‪ 1102‬عندما تم عرضها في قاعة باملتحف‬
‫الوطني لتنزانيا في دار السالم‪ ،‬في ذلك الوقت كانت ساللة بشر جنوب‬
‫إفريقيا هي الوحيدة املوصوفة بواسطة ‪ Raymond Dart‬وإنسان كسارة‬
‫البندق القوي املوصوف من قبل ‪ ،Robert Broom‬وكانت هناك حجج بأن‬
‫إنسان كسارة النبدق كان ً‬
‫جزءا من السالالت البشرية ألاولى‪.‬‬
‫اعتقد ‪ Louis Leakey‬أن الجمجمة هها مزيج من السمات متشاههة‪،‬‬
‫ً‬
‫وسرد بإيجاز ‪ 21‬اختالفا‪ ،‬ولذا استخدم ‪ OH 5‬كأساس لاجنس وألانواع‬
‫الجديدة "‪ ، "Zinjanthropus boisei‬وفي ‪ 12‬أغسطس ‪ 1121‬اشتق اسم‬
‫الجنس من مصطاح القرون الوسطى بالنسبة لشرق إفريقيا‪ ،"Zanj" ،‬وكان‬
‫الاسم املحدد على شرف ‪ Charles Watson Boise‬الذي تبرع لر ‪Louis‬‬
‫‪ Leakeys‬اعتبر في البداية اسم "‪ "Titanohomo mirabilis‬؛ أي رجل رائع‬
‫يشبه تيتان‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫وبعد فترة وجيزة قدم ‪ " Zinjanthropus" Louis Leakey‬إلى املؤتمر‬
‫إلافريقي الرابع حول عصور ما قبل التاريخ في ليوبولدفيل جمهورية‬
‫الكونغو الديمقراطية‪ ،‬قال ‪ Dart‬نكته شهيرة " آلان ماذا كان سيحدث لو‬
‫ُ َ‬
‫عينة بشر جنوب إفريقيا التي تدعى‪ :‬السيدة بليز قد التقت بالفتى العزيز في‬
‫إحدى الليالي املظلمة‪ ،‬كانت هناك مقاومة إلنشاء ساللة جديدة ً‬
‫تماما ً‬
‫بناء‬
‫على عينات فردية "‪ ،‬ورفض أعضاء املؤتمر إلى حد كبير تسمية‬
‫"‪ ،"Zinjanthropus‬وفي عام ‪ 1101‬أشار عالم ألانثروبولوجيا ألامريكي ‪John‬‬
‫‪ Talbot Robinson‬إلى أن الاختالفات املفترضة بين "‪"Zinjanthropus‬‬
‫ً‬
‫وإنسان كسارة البندق بويزي ترجع إلى أن ‪ OH 5‬أكبر قليال‪ ،‬ولذلك أوص ى‬
‫بإعادة تصنيف ألانواع على أنها إنسان كسارة البندق بويزي‪.‬‬
‫رفض ‪ Louis Leakey‬اقتراح ‪ . John Talbot Robinson‬بعد ذلك نوقش‬
‫ما إذا كان إنسان كسارة البندق بويزي هو ببساطة متغير شرق إفريقي من‬
‫إنسان كسارة البندق القوي‪ ،‬حتى عام ‪ 1107‬عندما قدم عالم الحفريات‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ألانثروبولوجيا من جنوب إفريقيا ‪ Phillip V. Tobias‬وصفا أكثر تفصيال‬
‫بكثير لحفرية "‪ "OH 5‬في دراسة حررها ‪ ،Louis Leakey‬ال يزال ‪Phillip V.‬‬
‫بمسمى "‪ ،"Zinjanthropus‬لكنهما‬ ‫ّ‬ ‫‪ Tobias&Louis Leakey‬يتمسكان‬
‫أوصيا بتخفيضه إلى مستوى تحت سالالت البشر ألاولى "‪"Zinjanthropus‬‬
‫‪ ،boisei‬معتبرين أن إنسان كسارة البندق مرادفا لها‪ .‬تم اقتراح مرادف‬
‫إنسان كسارة البندق ألول مرة من قبل علماء ألانثروبولوجيا ‪Sherwood‬‬
‫‪ Bruce D. Patterson&Washburn‬في عام ‪ ،1121‬ولكن آلان في املجتمع‬
‫‪179‬‬
‫العلمي يصنف تحت اسم إنسان كسارة البندق بويزي ‪Paranthropus‬‬
‫‪. boisei‬‬
‫ا‪ -‬حفرية "‪"OH 2‬؛‬
‫وهي عبارة عن جمجمة‬
‫متحجرة قد اكتشفها‬
‫‪ ،Mary Leakey‬في منطقة‬
‫أولدوفاي تنزانيا‪ ،‬في عام‬
‫‪ ، 1121‬والعمر التقديري‬
‫لاحفرية حوالي ‪ 1.1‬مليون‬
‫سنة‪ ،‬وهي عبارة عن‬
‫جمجمة شبه مكتملة‬
‫لذكر بالغ‪ ،‬وله قمة سهمية كبيرة على الجزء العلوي من الجمجمة‪ ،‬وجه‬
‫ً‬
‫بعيدا إلى ألامام‬ ‫مسطح يتكون من ألاقواس الوجنية الكبيرة املوضوعة‬
‫وأسنان الخد الضخمة‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫ب ‪ -‬حفرية " ‪KNM-ER‬‬
‫‪"406‬؛ وهي عبارة عن جمجمة‬
‫متحجرة قد اكتشفها‬
‫‪Richard Leakey and H.‬‬
‫‪ ،Mutua‬في منطقة كوبي فورا‬
‫تنزانيا في عام ‪ ، 1101‬والعمر‬
‫التقديري لاحفرية حوالي ‪1.7‬‬
‫مليون سنة‪ ،‬وقدرت سعة‬
‫الجمجمة لهذه الجمجمة بر ‪ 211‬سم مكعب ‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫جر ‪ -‬حفرية كونسو‬
‫‪KGA10-" 10-525‬‬
‫‪"525‬؛ وهي عبارة عن‬
‫جمجمة متحجرة قد‬
‫اكتشفها ‪،A. Amzaye‬‬
‫في منطقة كونسو‬
‫إثيوبيا في عام ‪، 1113‬‬
‫التقديري‬ ‫والعمر‬
‫لاحفرية حوالي ‪1.0‬‬
‫مليون سنة‪ ،‬هذه‬
‫الجمجمة هي أكبر عينة معروفة من الساللة‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫د ‪ -‬حفرية‬
‫" ‪KNM-ER 732‬‬
‫‪"A‬؛ وهي عبارة عن‬
‫أجزاء من جمجمة‬
‫قد‬ ‫متحجرة‬
‫اكتشفها ‪Richard‬‬
‫‪Leakey and H.‬‬
‫‪ ،Mutua‬في منطقة‬
‫كوبي فورا تنزانيا في‬
‫عام ‪ ،1171‬والعمر‬
‫التقديري لاحفرية حوالي ‪ 1.7‬مليون سنة‪ .‬توفر هذه الحفرية أدلة على‬
‫طبيعة ازدواج الشكل الجنس ي في هذا النوع البشري املبكر‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫المراجع‬
- Bowman-Kruhm، Mary (2005). The Leakeys: A Biography.
Greenwood Publishing Group.
- Cachel، Susan (2006). Primate and Human Evolution.
Cambridge: Cambridge University Press.
- Dunsworth، Holly (2007). Human Origins 101. Greenwood
Publishing Group
- Leakey، Richard (1983). One Life. London: Michael Joseph.
- Lewin، Roger; Robert Foley (2004). Principles of Human
Evolution (2 ed.). Wiley-Blackwell.
- Morell، Virginia (1995). Ancestral Passions: The Leakey
family and the Quest for Humankind's Beginnings. New York:
Simon & Schuster.
- Spencer، Frank (1997). History of Physical Anthropology.
Taylor & Francis.
- Staniforth، Amy (March 2009). "Returning Zinj: curating
human origins in twentieth-century Tanzania".
- Leakey، L.S.B.، 1959. A new fossil from Olduvai. Nature

184
- Constantino، P.، Wood، B.، 2007. The evolution of
Zinjanthropus boisei. Evolutionary Anthropology
- Ungar، P.S.، Grine، F.E.، Teaford، M.F.، 2008. Dental
microwear and diet of the Plio-Pleistocene hominin Paranthropus
boisei.

- https://humanorigins.si.edu/evidence/human-
fossils/species/paranthropus-boisei

- https://milnepublishing.geneseo.edu/the-history-of-our-
tribe-hominini/chapter/paranthropus-boisei/

- https://australian.museum/learn/science/human-
evolution/paranthropus-species/

185
‫الفصل الخامس عشر‬
‫إنسان كسارة البندق القوي‬
‫‪Paranthropus robustus‬‬

‫‪186‬‬
‫عاشت تلك الساللة بالفترة ما بين ‪ 1-2‬مليون سنة في جنوب إفريقيا‪،‬‬
‫تلك أحدث سالالت إنسان كسارة البندق‪ ،‬كما هو الحال في باقي سالالت‬
‫إنسان كسارة البندق فالجمجمة شديدة البناء قادرة على إنتاج ضغوط‬
‫ُ‬
‫عالية وقوى عض‪ ،‬باإلضافة إلى أسنان الخد املنتفخة كما أن الذكور لداهم‬
‫جماجم أكثر كثافة من إلاناث‪ ،‬قد يكون لدى إنسان كسارة البندق القوي‬
‫قابلية وراثية لتأليب نقص تنسج املينا على ألاسنان‪ ،‬ويبدو أنه كان لديه‬
‫معدل تجويف أسنان مشابه لإلنسان الحديث غير الزراعي‪.‬‬
‫ُيظهر إنسان كسارة البندق القوي ضخامة باألسنان التي بعد ألانياب‬
‫حيث إ ن أسنان الخد ضخمة ولكن القواطع وألانياب بحجم إلانسان‬
‫الحالي‪ ،‬الضواحك تشبه ألاضراس‪ ،‬يتساوى سمك املينا على أسنان الخد‬
‫ً‬
‫نسبيا مع سمك البشر املعاصرين‪ ،‬على الرغم من أن مينا أسنان الخد‬
‫ً‬
‫للسالالت البشرية ألاولى تزداد سمكا خاصة عند أطراف الشرفات بينما‬
‫يتكاثف عند إلانسان عند قاعدة الشرفات‪.‬‬
‫لدى إنسان كسارة البندق القوي وجه طويل مع تكهنات طفيفة بأن‬
‫الفك بارز إلى حد ما‪ ،‬وتتمتع جماجم الذكور بقمة سهمية واضحة املعالم‬
‫على خط الوسط لاجمجمة وعظام الخد املتضخمة‪ ،‬والتي من املحتمل أن‬
‫تدعم العضالت الصدغية الضخمة املهمة في املضغ‪ ،‬يبرز الخدان ً‬
‫بعيدا‬
‫عن الوجه بحيث يبدو الوجه مقعرا‪ ،‬أدى هذا إلى إزاحة تجاويف العين إلى‬

‫‪187‬‬
‫حد ما مما تسبب في ضعف حافة الحاجب وانحسار الجبهة‪.‬‬ ‫ألامام إلى ّ‬
‫ٍ‬
‫الخدود املنتفخة كانت ستدفع ً‬
‫أيضا عضلة املضغ إلى ألامام وتدفع صفوف‬
‫ألاسنان لاخلف‪ ،‬مما قد يخلق قوة عضة أعلى على الضواحك‪ .‬إن فرع‬
‫عظم الفك الذي يربط الفك السفلي بالفك العلوي طويلة مما قد يؤدي‬
‫إلى يادة قوة العض‪ ،‬القمة السهمية املحددة ً‬
‫جيدا والخدان املتضخمان‬ ‫ز‬
‫غائبان في جمجمة ألانثى املفترضة "‪ ،"DNH-7‬لذلك اقترح ‪ Keyser‬أن ذكر‬
‫إنسان كسارة البندق القوي ربما يكون أكثر قوة من إلاناث‪ ،‬والقمة‬
‫السهمية للذكر املفترض "‪ "DNH 155‬تكون في الخلف نحو مؤخرة الرأس‪.‬‬
‫عند وصف ألانواع‪ ،‬قدر بروم مجزأة املخ لر ‪ TM 1517‬بر ‪ 011‬سم مكعب‪،‬‬
‫وقام مع عالم ألانثروبولوجيا الجنوب إفريقي جيريت ويليم هندريك شيبرز‬
‫بمراجعة هذا إلى ‪ 011-272‬سم مكعب في عام ‪ .1100‬للمقارنة‪ ،‬بعد مرور‬
‫عام علق عالم الرئيسات البريطاني ويلفريد لو جروس كالرك أنه ً‬
‫نظرا ألنه‬
‫ال ُيعرف سوى جزء من العظم الصدغي على جانب واحد‪ ،‬ال يمكن قياس‬
‫حجم املخ بدقة لهذه العينة‪ ،‬في عام ‪ 2121‬تم اكتشاف الجمجمة الكاملة‬
‫تقريبا ‪ DNH 155‬وتم قياس حجم دماغها بحوالي ‪ 021‬سم مكعب ‪.‬‬‫ً‬

‫في عام ‪ 1113‬ذكر عالم ألانثروبولوجيا الفرنس ي ‪ Roger Saban‬أن الفرع‬


‫الجداري للشريان السحائي ألاوسط نشأ من الفرع الخلفي في إنسان كسارة‬
‫ً‬
‫البندق بويزي والقوي بدال من الفرع ألامامي كما في السالالت البشرية‬

‫‪188‬‬
‫ألاقدم‪ ،‬واعتبر هذه خاصية جديدة بسبب زيادة القدرات الدماغية والتي‬
‫تتطلب املزيد من الغذاء وألاكسجين‪.‬‬
‫ومنذ ذلك الحين تم إثبات أن الفرع الجداري يمكن أن ينشأ إما من‬
‫ً‬
‫الفروع ألامامية أو الخلفية‪ ،‬وأحيانا كليهما‪ ،‬وتختلف القنوات نصف‬
‫الدائرية الخلفية في ألاذن الداخلية لراحفرية "‪ "SK 47" – "SK 46‬عن تلك‬
‫املوجودة في السالالت البشرية ألاقدم أو إلانسان‪ ،‬مما يشير إلى أنماط‬
‫حركية مختلفة في حركة الرأس‪ ،‬حيث يؤثر تشريح ألاذن الداخلية على‬
‫الجهاز الدهليزي وهو املسؤول باإلحساس بالتوازن‪ُ ،‬يعتقد أن القنوات‬
‫الهاللية الخلفية لإلنسان الحديث تساعد في الاستقرار أثناء الجري‪ ،‬مما‬
‫قد يعني أن إنسان كسارة البندق القوي لم يكن لديه القدرة على الجري‬
‫بشكل سليم‪.‬‬
‫ُيعتقد أن هذا النوع قد أظهر ثنائية في الشكل الجنس ي بشكل ماحوظ‪،‬‬
‫مع الذكور أكبر بكثير وأكثر قوة من إلاناث‪ ،‬في عام ‪ 1111‬قدر عالم‬
‫ألانثروبولوجيا ألامريكي ‪ً Henry McHenry‬‬
‫أيضا الارتفاع الحي لثالث عينات‬
‫من ‪ 137‬سم إلى ‪ 111‬سم على التوالي‪ً ،‬‬
‫بناء على ثالث الحفريات أبلغ عن‬
‫متوسط ارتفاع يبلغ ‪ 132‬سم للذكور إنسان كسارة البندق القوي و‪111‬‬
‫سم لإلناث‪،‬في عام ‪ 2112‬أبلغ عالم ألانثروبولوجيا ألامريكي ‪Trenton‬‬
‫‪ Holliday‬باستخدام معادلة على ‪ 3‬عينات عن متوسط ‪ 37‬كجم بمدى‬
‫‪ 03-31‬كجم‪ ،‬وفي عام ‪ 2112‬قدر عالم ألانثروبولوجيا البيولوجية ‪Mark‬‬

‫‪189‬‬
‫‪ Grabowski‬وزمالؤه باستخدام ‪ 1‬عينات متوسط ‪ 32.3‬كجم للذكور و‪20‬‬
‫كجم لإلناث‪.‬‬
‫ً‬
‫كان ملفصل الرسغ في اليد نفس قدرات البشر املعاصرين بدال من الانثناء‬
‫ألاكبر الذي حققته السالالت السابقة‪ ،‬ولكن يبدو أن رأس نصف قطر‬
‫ً‬ ‫الكوع كان قاد ًرا ً‬
‫تماما على الحفاظ على الاستقرار عندما كان الساعد مرنا‪،‬‬
‫من املمكن أن يعكس هذا بعض النشاط الشجري كما هو مفترض‪.‬‬
‫تعرض الحفرية "‪ "SKX 3602‬عمليات إبرية شعاعية قوية بالقرب من‬
‫اليد والتي تشير إلى عضالت عضدية قوية وشبكية باسطة مثل إلانسان‪،‬‬
‫وتكون عظام ألاصابع غير منحنية ولداها ارتباط عضلي ضعيف‪ ،‬تتوافق يد‬
‫إنسان كسارة البندق القوي مع قبضة دقيقة شبيهة باإلنسان والتي من‬
‫شأنها أن تجعل من املمكن إنتاج أو استخدام ألادوات التي تتطلب وظائف‬
‫حركية أكبر من أدوات الرئيسات‪.‬‬
‫عظم الفخذ مفلطح بشكل أمامي خلفي قد يشير هذا إلى مشية تشبه‬
‫مشية البشر ألاوائل أكثر من مشية إلانسان الحديث‪ ،‬كما أن أربعة عظام‬
‫فخذية مخصصة لر إنسان كسارة البندق القوي"‪SK " - "SK 82" - "SK 19‬‬
‫ُ‬
‫‪ "SK 3121" - "97‬تظهر بنية قد تشير إلى القدرة على إنتاج ق َوى تتفق مع‬
‫املش ي على قدمين مثل إلانسان‪ ،‬يبدو أن رأس الفخذ ّ‬
‫للعينة "‪"StW 311‬‬
‫التي ينتمي إلى إنسان كسارة البندق القوي قد تم وضعه بشكل معتاد في‬
‫أوضاع شديدة الانثناء والتي تكون متسقة مع نشاط التسلق املتكرر‪ ،‬ومن‬

‫‪190‬‬
‫ً‬
‫تفسيرا‬ ‫غير الواضح ما إذا كان جلوس القرفصاء املتكرر يمكن أن يكون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫صالحا‪ ،‬والتعقيد التركيبي لعظمة رأس الركبة لاحفرية "‪"SKX 1084‬‬ ‫بديال‬
‫والذي يعكس سمك الغضروف وبالتالي استخدام مفصل الركبة واملش ي‬
‫على قدمين‪ ،‬هو في منتصف الطريق بين إلانسان الحديث والسالالت‬
‫السابقة‪ ،‬كما أن عظم إصبع القدم الكبير من إنسان كسارة البندق القوي‬
‫ً‬
‫ليس خشنا‪ ،‬مما يشير إلى وضعية القدم في نطاق الحركة الشبيه باإلنسان‪،‬‬
‫لكن مفصل الكاحل البعيد كان من شأنه أن يعيق دورة املش ي‪.‬‬
‫قد يكون إنسان كسارة البندق القوي وإلانسان املاهر (جنس الحق) قد‬
‫حققا نفس الدرجة من املش ي على قدمين‪.‬‬
‫َ‬
‫يشبه الحوض حوض ْي ساللة بشر عفار وساللة بشر جنوب إفريقيا‪ ،‬لكن‬
‫لديه عظمتا الحوض أعرض ومفصل الحوض والورك أصغر مثل إلانسان‬
‫الحديث‪ ،‬تتميز عظام الحوض في إنسان كسارة البندق القوي بتطور سطح‬
‫العمود الفقري وهو أمر مهم في تثبيت العجز‪ ،‬ويشير إلى أن انحناء الفقرات‬
‫القطنية وبالتالي لديه القدرة على املش ي على قدمين‪ ،‬على الرغم من أن‬
‫الاختالفات في تشريح الحوض الكلي قد تشير إلى أن إنسان كسارة البندق‬
‫ْ‬
‫القوي قد استخدم عضالت مختلفة لتوليد القوة وربما كان لديه ِإليه‬
‫مختلفة لتوجيه القوة نحو العمود الفقري‪ ،‬وهذا مشابه لاحالة التي‬
‫شوهدت في ساللة بشر جنوب إفريقيا‪ ،‬يمكن أن يشير هذا إلى أن ألاطراف‬
‫السفلية لداها نطاق حركة أوسع من تلك املوجودة في إلانسان الحديث‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫أثناء النمو يكون الجزء ألامامي من الفك ينمو بمعدل سريع في حين أن‬
‫ً‬
‫مشاهها إلى حد ما‬ ‫الجوانب ال تنمو بتلك السرعة‪ ،‬كان عظم الفك لداهم‬
‫لعظم الفك عند إلانسان الحديث‪ ،‬ولكن اتساع هذا النوع نما كما هو‬
‫متوقع من قوة تلك الساللة املذهلة في مرحلة البلوغ‪ ،‬وبحلول الوقت الذي‬
‫ينفجر فيه الضرس الدائم ألاول اتسع جسم الفك السفلي والفك ألامامي‬
‫ً‬
‫متباعدا عن مسار إلانسان الحديث‪.‬‬ ‫وتمدد فرع الفك السفلي‬
‫قد تكون إلاناث قد وصلت إلى مرحلة النضج الهيكلي بحلول الوقت‬
‫الذي اندلع فيه الضرس الثالث‪ ،‬ولكن يبدو أن الذكور استمروا في النمو‬
‫بعد بلوغهم مرحلة النضج السني‪ ،‬وخالل هذه الفترة أصبحوا أكثر قوة‬
‫بشكل ماحوظ من إلاناث‪ .‬تمت مناقشة ما إذا كان إنسان كسارة البندق‬
‫القوي يمتلك طفرة نمو محددة من حيث الطول إلاجمالي خالل فترة‬
‫املراهقة وهو حدث فريد للبشر‪ ،‬تم التعرف على ما يصل إلى أربعة أفراد‬
‫من إنسان كسارة البندق القوي على أنهم يعانون من تجاويف أسنان‪ ،‬مما‬
‫يشير إلى معدل مشابه لإلنسان الحديث غير الزراعي (‪ ،)٪2-1‬وهذا أمر‬
‫غذائيا ً‬
‫غنيا‬ ‫ً‬ ‫غريب حيث ُيعتقد أن لدى إنسان كسارة البندق القوي ً‬
‫نظاما‬
‫باألطعمة الخشنة‪ ،‬ويجب أن تقلل ألاطعمة الخشنة من معدل حدوث‬
‫التسوس‪ ،‬لذلك ربما استهلك إنسان كسارة البندق القوي ً‬
‫غالبا ألاطعمة‬
‫التي تحتوي على نسبة عالية من السكر املسببة للتجاويف‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫ً‬
‫أظهر ضرس من موقع شمال جوهانسبرج جنوب إفريقيا تجويفا في جذر‬
‫السن وهو أمر نادر الحدوث في أحافير البشر ألاوائل‪ ،‬من أجل أن تصل‬
‫ً‬
‫البكتيريا التي تخلق التجاويف إلى هذه املنطقة فترتبط عادة بأمراض اللثة‬
‫ً‬
‫أو الاندفاع الفائق للسن الذي يحدث عندما يصبح مهترئا ويجب أن يندلع‬
‫ً‬
‫أكثر قليال من أجل الحفاظ على عضة مناسبة‪ ،‬مما يؤدي إلى تعريض الجذر‬
‫في هذه العملية‪ ،‬وهذا ألاخير هو ألارجح فيبدو أن الجذر املكشوف قد تسبب‬
‫في حدوث فرط تسمم لتثبيت السن في مكانه‪ ،‬يبدو أن التجويف قد تعافى‬
‫ربما بسبب تغيير في النظام الغذائي أو ميكروبيوم الفم أو فقدان الضرس‬
‫املجاور‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بناء على عينة مكونة من ‪ 012‬سنا يبدو أن لداهم معدل حدوث منخفض‬
‫يبلغ حوالي ‪ ٪10-12‬لعاج ألاسنان من الدرجة الثالثة‪ ،‬والذي يتكون إلصالح‬
‫تلف ألاسنان الناجم عن التآكل املفرط أو تجاويف ألاسنان‪ ،‬ويبدو أنه لداهم‬
‫معدالت عالية بشكل ماحوظ من نقص تنسج املينا‪ ،‬حيث يكون تكوين‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫متجانسا في الغالب‪ ،‬تأثر حوالي ‪٪07‬‬ ‫متقطعا بدال من أن يكون‬ ‫مينا ألاسنان‬
‫من أسنان الطفل و‪ ٪10‬من أسنان البالغين‪ ،‬مقارنة بحوالي ‪ ٪0.7‬و‪٪0.3‬‬
‫على التوالي لألسنان املركبة للبقايا البشرية ألاخرى‪ ،‬تتوافق حالة هذه‬
‫الثقوب التي تغطي السن بالكامل مع أمراض إلانسان الحديث‪.‬‬
‫في عام ‪ 1101‬قام عالم ألانثروبولوجيا ألامريكي ‪ ،Alan Mann‬باستخدام‬
‫نضج ألاسنان بتقسيم عينات إنسان كسارة البندق القوي من سوارترانس‬

‫‪193‬‬
‫إلى أعمار مختلفة‪ ،‬ووجد متوسط ‪ 17.2‬سنة عند الوفاة وليس بالضرورة‬
‫كانت الوفاة بسبب الشيخوخة‪ ،‬وكانت العينة ألاقدم ما بين ‪ 32 -31‬عاما‪،‬‬
‫أيضا عن متوسط ‪ 22.2‬سنة بالنسبة لساللة بشر جنوب إفريقيا‬ ‫وقد أبلغ ً‬
‫باستخدام هذه الفرضية يتبين أن هؤالء البشر عاشوا طفولة طويلة ألامد‬
‫شبيهة باإلنسان‪ ،‬ور ًدا على ذلك في عام ‪ 1171‬قال عالم ألاحياء ‪Kelton‬‬
‫‪ McKinley‬إن فرضية ‪ Alan Mann‬تحتاج املزيد من العينات‪ ،‬وأفاد بما في‬
‫عاما‪ ،‬اتفق على أن إنسان‬‫ذلك إنسان كسارة البندق بويزي بمعدل ‪ً 11‬‬
‫كسا ة البندق القوي بما كان قد عاش طفولة طويلة‪ ،‬وتكهن ً‬
‫أيضا بأن‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫عاما‪ً ،‬‬
‫وبناء على ذلك خلص إلى‬ ‫النضج الجنس ي وصل إلى ما يقرب من ‪ً 11‬‬
‫أن ألاطفال يولدون على فترات من ‪ 3‬إلى ‪ 0‬سنوات باستخدام اختبار‬
‫إحصائي لتعظيم عدد ألاطفال املولودين‪.‬‬
‫في عام ‪ 1112‬توصل عاملا ألاحياء البريطانيان ‪Tim & Paul H. Harvey‬‬
‫‪ Clutton-Brock‬إلى معادالت تتعلق بحجم الجسم حديثي الوالدة لدى‬
‫الرئيسات‪ ،‬والتي طبقها ‪ McHenry‬على السالالت البشرية في عام ‪،1110‬‬
‫وبالنسبة إلنسان كسارة البندق القوي فإن حجم دماغ حديثي الوالدة يبلغ‬
‫‪ 172‬سم مكعب والوزن ‪ 1.1‬كجم ويكون الحمل ‪ 7.0‬شهر والفطام بعد‬
‫شهرا ويكون سن النضج‬ ‫‪ 31.1‬شهر من الوالدة وتكون فترة الحضانة ‪ً 02‬‬
‫‪ 1.7‬سنوات وسن التكاثر ‪ 11.0‬سنة والحد ألاقص ى للعمر ‪ 03.3‬سنة‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫غالبا ما تحتوي مواقع كهوف مهد الجنس البشري بجنوب إفريقيا على‬ ‫ً‬
‫ُ‬
‫أدوات حجرية وعظمية‪ ،‬حيث تنسب ألاولى إلى إلانسان املبكر وألاخيرة‬
‫بشكل عام إلى إنسان كسارة البندق القوي‪ ،‬حيث تكون أدوات العظام أكثر‬
‫وفرة عندما ال يزال عدد بقايا إنسان كسارة البندق القوي يفوق عدد بقايا‬
‫إلانسان‪ ،‬تم اقتراح تقنية عظام السالالت البشرية ألاولى ألول مرة من قبل‬
‫‪ Dart‬في ‪ 1121‬وأسماه "ثقافة العظام العظمية"‪ ،‬والتي نسبها إلى ساللة‬
‫بشر جنوب إفريقيا في ماكابانسجات والتي يرجع تاريخها إلى حوالي ‪2.0‬‬
‫مليون سنة مضت‪ ،‬لم تعتبر هذه العظام أدوات ووجود هذه الثقافة غير‬
‫مدعوم‪.‬‬
‫تم إلابالغ عن أول أداة عظم محتملر ررة بواس ر ر ر رطر ررة ‪ Robinson‬في عر ررام‬
‫‪ 1121‬في كهوف سررتيركفونتاين‪ ،‬وقد اسررتعادت الحفريات التي قادها عالم‬
‫ال ر رح ر رفر ررري ر ررات ال ر رج ر رنر رروب إفر ررري ر رقر رري ‪ Charles Kimberlin Brain‬فر رري ك ر رهر رروف‬
‫س ر ر ر ررتيركفونترراين في أواخر الثمررانينررات وأوائررل التس ر ر ر ررعينررات ‪ 10‬أداة عظميررة‬
‫مماثلة‪ ،‬واس ر ررتعادت عمليات التنقيب التي قادها ‪ Keyser‬في ‪ Drimolen‬تم‬
‫الرعرثررور عرلررى جرمريرع ه ر ررذه ألادوات جرنر ًب ر را إلرى جرن ر ررب مرع ألادوات الرحرجررري ر ررة‬
‫ألاشر ررولينية‪ ،‬باسر ررتثناء موقع سر رريتركفونتاين رقم ‪ 1‬التي عثر هها علي ألادوات‬
‫الحجري ررة ألاول رردواني ررة‪ ،‬وب ررالت ررالي هن رراك ‪ 111‬عين ررة من أدوات العظ ررام من‬
‫ً‬
‫املنطقر ررة إجمر رراال‪ ،‬ربمر ررا تم اس ر ر ر ررتخر رردام أدوات العظر ررام لقطع أو معر ررالجر ررة‬
‫النباتات ومعالجة الفاكهة بالتحديد فاكهة املاروال أو لحاء الشررجر املقطوع‬
‫ً‬
‫أو حفر الدرنات أو جحور النمل ألابيض‪ ،‬عادة ما يتم الحصررول على أدوات‬
‫‪195‬‬
‫العظام من جذع العظام الطويلة من الثدييات متوسطة إلى كبيرة الحجم‪،‬‬
‫ض ر را العثور على أدوات مصر رردرها الفك السر ررفلي وألاضر ررالع ونواة‬ ‫ولكن تم أي ً‬
‫القرون‪ ،‬لم يتم تص ر ر ررنيعها أو تش ر ر رركيلها بش ر ر رركل اهدف ملهمة ما‪ ،‬ولكن ً‬
‫نظرا‬
‫لعدم تعرض ررها للعوامل الجوية وهناك تفض رريل معروض الس ررتخدام عظام‬
‫مرعرين ر ررة‪ ،‬فمن املحتم ر ررل أن تكون املواد الخ ر ررام منتق ر رراة ي ر رردو ًي ر را على وج ر رره‬
‫التحديد‪ ،‬يتناقض هذا مع أدوات العظام في ش رررق إفريقيا التي يبدو أنه تم‬
‫تعديلها وتقطيعها مباشرة إلى أشكال محددة قبل استخدامها‪.‬‬
‫في عام ‪ 2117‬أشار عالم ألانثروبولوجيا ‪ Charles Lockwood‬وزمالؤه إلى‬
‫أن إنسان كسارة البندق القوي لديه ازدواج الشكل الجنس ي‪ ،‬حيث يكون‬
‫الذكور أكبر بشكل ماحوظ من إلاناث يرتبط هذا بشكل شائع بمجتمع‬
‫متعدد الزوجات الذي اهيمن عليه الذكور حيث يتمتع ذكر واحد بحقوق‬
‫تكاثر حصرية ملجموعة من إلاناث‪ً ،‬‬
‫نظرا ألن غالبية عينات إنسان كسارة‬
‫جنسيا هي ذكور‪ ،‬يبدو أن معدل الوفيات لدى‬‫ً‬ ‫البندق القوي املصنفة‬
‫الذكور أعلى من إلاناث في مجتمع الحريم‪ ،‬من املرجح أن يتم طرد الذكور‬
‫نظرا لزيادة املنافسة بين الذكورعلى إلاناث‪ ،‬وقد يكون‬‫من املجموعة ً‬
‫الذكور املنفردون أكثر عرضة لالفتراس‪ ،‬ومع ذلك في عام ‪ 2111‬درس عالم‬
‫إلانسان القديم ‪ Sandi Copeland‬وزمالؤه نسبة نظائر السترونشيوم‬
‫ألسنان حديثي الوالدة‪ ،‬و أن النتائج تشر إلى انخفاض معقولية مجتمع‬
‫الحريم‪ ،‬والذي كان من شأنه أن يؤدي إلى مجتمع محلي بسبب املنافسة‬
‫جدا عن‬‫بعيدا ً‬
‫املتزايدة بين الذكور وإلاناث‪ ،‬ال يبدو أن الذكور قد غامروا ً‬

‫‪196‬‬
‫الوادي مما قد يشير إما إلى نطاقات منزلية صغيرة‪ ،‬وباملثل في عام ‪2110‬‬
‫دحضت عاملة ألانثروبولوجيا البولندية ‪ Katarzyna Kaszycka‬أن النضج‬
‫أيضا بين الرئيسات وعلى سبيل املثال قرد الريسوس الذي‬ ‫املتأخر يظهر ً‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مجتمعا متعدد الذكور وقد ال يكون‬
‫مؤشرا دقيقا للبنية الاجتماعية‪،‬‬ ‫يضم‬
‫ً‬
‫إذا فضلت إنسان كسارة البندق القوي موطنا للسافانا‪ ،‬فإن املجتمع‬
‫متعدد الذكور سيكون أكثر مالءمة في الدفاع عن املجموعة من الحيوانات‬
‫املفترسة في البيئة ألاكثر خطورة‪ ،‬وفي عام ‪ ،2117‬افترضت عاملة‬
‫ألانثروبولوجيا ‪ Katharine Balolia‬وزمالؤها أنه ً‬
‫نظرا ألن ذكور القردة‬
‫العليا غير البشرية لداها قمة سهمية أكبر من إلاناث خاصة الغوريال وإنسان‬
‫الغاب‪ ،‬فقد تتأثر القمة باالنتقاء الجنس ي باإلضافة إلى دعم عضالت املضغ‪.‬‬
‫في عام ‪ ،2110‬استنتج عاملا ألانثروبولوجيا ‪David &Bernard Wood‬‬
‫‪ Strait‬في مراجعتهما ملؤلفات إنسان كسارة البندق الغذائية‪ ،‬أنه كان‬
‫ً‬
‫بالتأكيد من املغذيات عامة وأن إنسان كسارة البندق القوي كان آكال‬
‫لاحوم‪ ،‬ووجدا أن ألانماط تشير إلى أن الطعام القاس ي كان ناد ًرا ما يتم‬
‫استهالكه‪ ،‬وبالتالي فإن البنية الثقيلة لاجمجمة كانت ذات صلة فقط عند‬
‫تناول أطعمة احتياطية غير مرغوبة‪ ،‬اقترح تحليل نظائر الكربون لعام‬
‫‪ 2110‬أن إنسان كسارة البندق القوي تعيش في نباتات السافانا بشكل‬
‫ً‬
‫اعتمادا على املوسم ألامطار‪ ،‬مما قد يشير إما إلى‬ ‫أساس ي أو نباتات الغابات‬
‫التحوالت املوسمية في النظام الغذائي أو الهجرة املوسمية من الغابات إلى‬
‫أيضا أن تكثر إنسان كسارة البندق القوي من‬ ‫السافانا‪ ،‬من املحتمل ً‬

‫‪197‬‬
‫ألاطعمة الصلبة مثل البذور أو املكسرات حيث كان لداها معدل تقطيع‬
‫أسنان معتدل‪ ،‬مقابل القليل أو ال ش يء في إنسان كسارة الندق البويزي‪،‬‬
‫يمكن أن يشير معدل التجويف املرتفع إلى استهالك العسل‪ ،‬ربما اعتمد‬
‫املراهقون من إنسان كسارة البندق القوي على الدرنات أكثر من البالغين‪،‬‬
‫تشير مينا ألاسنان للصغار إلى أن فطرة الفصام كانت مبكرة أو اتباع نظام‬
‫ً‬
‫غذائي أكثر كشطا من البالغين الذي أزال طبقة املالط واملينا أو كليهما‪ ،‬من‬
‫أيضا أن صغار إنسان كسارة البندق كانوا أقل قدرة على إزالة‬ ‫املحتمل ً‬
‫ً‬
‫الحبيبات من ألاطعمة املحفورة بدال من البحث عن املزيد من ألاطعمة‬
‫الكاشطة‪.‬‬
‫قد تكون عظام السالالت البشرية ألاخرى قد تراكمت في الكهوف بسبب‬
‫جر الحيوانات آكلة الاحوم الكبيرة في الجثث‪ ،‬والتي تم استكشافها‬
‫بالتفصيل ألول مرة في عام ‪ 1113‬من قبل ‪ُ ،Brain‬وو ِجد لدى إنسان كسارة‬
‫البندق القوي "‪ "SK 54‬عالمتا ثقب تتفقان مع ألانياب السفلية لعينة النمر‬
‫"‪ "SK 349‬من نفس الرواسب‪ ،‬افترض ‪ Brain‬أن القطط الكبيرة وربما ً‬
‫أيضا‬
‫ّ‬
‫املتخصصة في قتل البشر ألاوائل‪ ،‬لكن تحليل نظائر الكربون يشير‬ ‫الضباع‬
‫إلى أن هذه ألانواع كانت ً‬
‫غالبا تأكل حيوانات الراعي الكبيرة‪ ،‬في حين أن‬
‫الفهد والضباع املرقطة كانت أكثر احتماال الصطياد إنسان كسارة البندق‬
‫ً‬
‫متأكدا مما إذا كانت هذه الحيوانات املفترسة تبحث‬ ‫القوي‪ ،‬ولم يكن ‪Brain‬‬
‫عنهم بنشاط وأعادتهم إلى عرين الكهف لتناول الطعام‪ ،‬أم سكنوا فترات‬
‫كمينا لهم عندما دخلوا‪ً ،‬‬
‫غالبا ما تأوي‬ ‫ً‬
‫استراحة أعمق من الكهوف ونصبوا‬
‫‪198‬‬
‫قرود البابون الحديثة في هذه املنطقة في املجاري املائية خاصة في ليالي‬
‫الشتاء الباردة‪ ،‬على الرغم من أن ‪ Brain‬اقترح أن السالالت البشرية تهاجر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫موسميا من هايفيلد إلى بوشفيلد ألاكثر دفئا‪ ،‬ويأخذ مالجئ الكهوف فقط‬
‫في الربيع والخريف‪ ،‬وكسلوك مضاد للمفترسات ً‬
‫غالبا ما يربط قردة البابون‬
‫نفسها بالحيوانات العاشبة املتوسطة والكبيرة‪ ،‬ومن املمكن أن يكون‬
‫إنسان كسارة البندق وجد وفرة من ألابقار والخيول املتوسطة إلى الكبيرة‬
‫وتعايش معهم‪.‬‬
‫على الرغم من أن إنسان كسارة البندق القوي كان ً‬
‫نوعا ً‬
‫قويا إلى حد ما‬
‫مع تحمل التقلبات البيئية‪ ،‬إال أنه يبدو أنه يفضل البيئات املشجرة وباملثل‬
‫يعود تاريخ معظم بقايا إنسان كسارة البندق القوي إلى فترة رطبة في جنوب‬
‫إفريقيا منذ ‪ 1.72 - 2‬مليون سنة مواتية ملثل هذه املناطق البيئية‪.‬‬
‫تزامن انقراض إنسان كسارة البندق القوي مع انتقال منتصف العصر‬
‫الجليدي ومضاعفة مدة الدورة الجليدية‪ ،‬أثناء ألاحداث الجليدية مع وجود‬
‫املزيد من الجليد املحبوس في القطبين يتقلص حزام املطر الاستوائي نحو‬
‫خط الاستواء‪ ،‬مما تسبب في تراجع بيئات ألاراض ي الرطبة والغابات‪ ،‬قبل‬
‫التحول من املحتمل أن تجمعات إنسان كسارة البندق القوي قد تقلصت‬
‫إلى مناطق ماجأ مشجرة معينة على مدار ‪ 21‬ألف عام لتصبح منقرضة‬
‫إقليميا في مناطق معينة حتى الدورة الرطبة حيث ستعيد إسكان تلك‬ ‫ً‬

‫‪199‬‬
‫املناطق‪ ،‬قد يكون التمديد املستمر لدورات الجفاف قد تسبب في انقراضه‬
‫مع حدوث آخر مرة في السجل ألاحفوري منذ ‪ 1‬مليون سنة‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن النطاق الجغرافي إلنسان كسارة البندق القوي في السجل‬
‫ألاحفوري هو ما يقرب من ‪ 211‬كيلومتر مربع‪ ،‬في حين أن الغوريال الشرقية‬
‫والغربية املهددتين باالنقراض تسكن ‪ ، 71111‬فمن غير املحتمل أن يمثل‬
‫توزيع ألاحافير النطاق الحقيقي‪ ،‬وبالتالي من املحتمل أن تكون إنسان‬
‫ً‬
‫مؤخرا في مكان آخر غير مهد الجنس‬ ‫كسارة البندق القوي قد انقرضت‬
‫البشري جنوب إفريقيا‪.‬‬
‫لقد تم العثور على حفريات تلك الساللة في كاال من كهوف كرومدراي ‪-‬‬
‫سوارترانس ‪ -‬ستيركفونتين ‪ -‬جوندولين ‪ -‬كوبر – ودريمولين بجنوب إفريقيا‪،‬‬
‫ولم يعثر على حفريات خارج تلك املنطاق الصغيرة‪ ،‬اكتشف في عام ‪1131‬‬
‫جزءا من سالالت‬‫وكان من بين أوائل أشباه البشر املوصوفين وأصبح ً‬
‫إنسان كسارة البندق‪ ،‬وتم اكتشاف البقايا ألاولى وهي جمجمة جزئية‬
‫تشتمل على جزء من عظم الفك "‪ "TM 1517‬في يونيو ‪ 1131‬في موقع كهف‬
‫كرومدراي جنوب إفريقيا‪ ،‬على يد تلميذ محلي ‪ ،Gert Terblanche‬وقد‬
‫أعطى الرفات إلى ‪ Charles Sydney Barlow‬ناشط الحفاظ على البيئة في‬
‫جنوب إفريقيا‪ ،‬الذي نقلها بعد ذلك إلى عالم الحفريات في جنوب إفريقيا‬
‫‪ ،Robert Broom‬ومن ثم بدأ فحص املوقع وبعد بضعة أسابيع تم اكتشاف‬
‫الجزء السفلي من عظم الذراع العلوي والجزء العلوي من عظم الذراع‬

‫‪200‬‬
‫السفلي وجميعها تعود لاحفرية "‪ ،"TM 1517‬كما الحظ أن بقايا كرومدراي‬
‫كانت قوية بشكل خاص مقارنة بالبشر ألاوائل آلاخرين ر‬
‫وفي أغسطس ‪ 1131‬صنف ‪ Robert Broom‬بقايا كرومدراي القوية إلى‬
‫جنس جديد واقترح ‪ Paranthropus robustus‬وكلمة ‪Paranthropus‬‬
‫مشتق من الفقرة اليونانية القديمة ‪ παρα‬بجانب أو جانبي وكلمة ‪á‬‬
‫‪ ánthropos‬تعني‪ :‬رجل‪ ،‬وهي تعرف أيضا باإلنسان الجانبي أو النظير‪،‬‬
‫وكلمة ‪ robustus‬تعني القوي‪.‬‬

‫‪ -‬حفرية "‪"SK 48‬؛ وهي‬


‫عبارة عن جمجمة متحجرة‪ ،‬تم‬
‫العثور عليها في سوارترانس جنوب‬
‫إفريقيا عام ‪ 1101‬من قبل عالم‬
‫الحفريات ‪ ،Robert Broom‬يقدر‬
‫عمرها بحوالي ‪ 1.1‬مليون سنة‪،‬‬
‫تتميز بمظهر قوي ووجه مسطح‬
‫وفك عريض مع ضروس كبيرة‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫‪ -‬حفرية "‪ :"SK 46‬هي‬
‫حفرية لجزء من الجمجمة‪ ،‬تم‬
‫العثور عليها في سوارترانس‬
‫جنوب إفريقيا عام ‪ 1101‬من‬
‫قبل عالم الحفريات‪ ،‬ويقدر عمر‬
‫هذه الحفرية بر ‪ 1.2‬إلى ‪ 1.1‬مليون‬
‫سنة‪ ،‬وكانت أبرز معالم هذه‬
‫ألاحفورة هي ألاسنان الوجنية‬
‫الكبيرة والعرف السهمي‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫المراجع‬
- Broom، R.، 1938. The Pleistocene anthropoid apes of South
Africa. Nature 142، 377-379.
- Scott، R.S.، Ungar، P.S.، Bergstrom، T.S.، Brown، C.A.،
Grine، F.E.، Teaford، M.F.، Walker، A.، 2005. Dental microwear
texture analysis shows within-species dietary variability in fossil
hominins. Nature 436، 693–695.
- Sponheimer، M.، Passey، B.H.، de Ruiter، D.J.، Guatelli-
Steinberg، D.، Cerling، T.E.، Lee-Thorp، J.A.، 2006. Isotopic
evidence for dietary variability in the early hominin Paranthropus
robustus. Science 314، 980-982.
- Wood، B.، Strait، D.، 2004. Patterns of resource use in early
Homo and Paranthropus. Journal of Human Evolution 46، 119–
162.
- Broom، R. (1948). "Another new type of fossil ape-man".
Nature. 162 (4132): 57.
- Washburn، S. L.; Patterson، B. (1951). "Evolutionary
Importance of the South African 'Man-apes'". Nature.

203
- Laden، G.; Wrangham، R. (2005). "The rise of the hominids
as an adaptive shift in fallback foods: Plant underground storage
organs (USOs) and australopith origins". Journal of Human
Evolution
- Balolia، K. L.; Soligo، C.; Wood، B. (2017). "Sagittal crest
formation in great apes and gibbons". Journal of Anatomy. 230
(6): 820–832.
- Dávid-Barrett، T.; Dunbar، R. I. M. (2016). "Bipedality and
hair loss in human evolution revisited: The impact of altitude and
activity scheduling". Journal of Human Evolution. 94: 72–82.
- Macho، Gabriele A. (2014). "Baboon Feeding Ecology
Informs the Dietary Niche of Paranthropus boisei". PLOS ONE. 9
(1): 84942.

- https://humanorigins.si.edu/evidence/human-
fossils/species/paranthropus-robustus

204
‫الخــــاتمة‬
‫إن تلك السالالت تمثل فرعا جانبيا موازيا للسالالت إلانسانية ألاولى‬
‫والتي ظهرت في وقت متقارب وأيضا في نفس النطاق الجغرافي‪ ،‬فالبد من أن‬
‫العوامل الطبيعية واملناخية لعبت دورا هاما في تلك املرحلة‪ ،‬وبالرغم من‬
‫أن تلك السالالت ال ننحدر منها كإنسان حديث إال أنها صاحبة ثقافة بشرية‬
‫مميزة في تلك العصور وتواجدت بمنطقة جنوب إفريقيا؛ أي ساللة إنسان‬

‫‪205‬‬
‫كسارة البندق القوي‪ ،‬وهي ثقافة العظام العظمية التي ذكرناها سابقا وهي‬
‫صناعة أو استخدام عظام الحيوانات كأدوات للصيد أو الدفاع‪.‬‬
‫تنحدر تلك السالالت من ساللة بشر عفار التي كانت تقطن نطاق شرق‬
‫إفريقيا‪ ،‬وهناك آراء أخرى حيث يرى البعض أن إنسان كسارة البندق‬
‫ً‬
‫منفردا‪ ،‬ولكن‬ ‫القوي انشق من ساللة بشر عفار مباشرة ليمثل الشق آلاخر‬
‫املرجح هو أنه انشق من ساللة إنسان كسارة البندق إلاثيوبي واملخطط‬
‫التالي يوضح ترتيب تلك السالالت‪.‬‬

‫السالالت البشرية‬
‫األخرى‬ ‫ساللة إنسان كسارة‬
‫البندق البويزي‬
‫‪ 5.51-2.1‬مليون سنة‬
‫سالالت إنسان كسارة‬
‫ساللة بشر عفار‬ ‫البندق اإلثيوبي‬
‫‪ 2.9-3.9‬مليون سنة‬
‫‪ 2.3-2.7‬مليون سنة‬
‫ساللة إنسان كسارة‬
‫السالالت اإلنسانية‬ ‫البندق القوي‬
‫األولى‬ ‫‪ 5-2‬مليون سنة‬

‫‪206‬‬
‫عاشت سالالت إنسان كسارة البندق على حدة؛ أي لم تتعايش ٌّ‬
‫أي منها‬
‫مع ألاخرى‪ ،‬فإنسان كسارة البندق القوي عاش في منطقة جنوب إفريقيا‪،‬‬
‫وساللتا إنسان كسارة البندق إلاثيوبي والبويزي عاشتا في منطقة شرق‬
‫إفريقيا‪ ،‬وهنا بينهما فترة التقاء صغيرة نسبيا‪ ،‬ولكن مواقع الحفريات ألاولى‬
‫تختلف في ا ملواقع‪ ،‬وإن دل ذلك على ش يء فيدل على أن ساللة إنسان‬
‫كسارة البندق البويزي عاشت في البداية في نطاق مجاور لإلثيوبي‪ ،‬كما أن‬
‫ً‬
‫منفردا كبير يصل‬ ‫الفارق الزمني الذي عاش فيه إنسان كسارة البندق بويزي‬
‫إلى حوالي ‪ 1.32‬مليون عام‪.‬‬
‫يشير البعض أيضا إلى أن تصنيف بويزي وإثيوبي يجب مراجعته‪ ،‬حيث‬
‫إنهم يعتقدون أنها ساللة واحدة وأن اختالف الحفريات من املمكن أن يكون‬
‫بسبب التغيرات الحادثة بين تلك الفترة الزمنية الطويلة املمتدة‪ ،‬كما أشار‬
‫البعض أن الاختالف بين حفريات تلك الساللتين يمكن أن تكون مدى‬
‫التباين الجنس ي بين الذكور وإلاناث‪ ،‬ولكن يرجح املجتمع العلمي أنهما‬
‫ساللتان‪ ،‬والخريطة التالية توضح النطاق الجغرافي لهم‪.‬‬

‫‪207‬‬
‫ومن الخريطة السابقة يتضح لنا أن هناك نطاقين متباعدين لتواجد‬
‫إنسان كسارة البندق‪ ،‬ويتبين لنا أيضا أن إنسان كسارة البندق القوي قد‬
‫ارتحل من شرق إفريقيا إلى جنوب إفريقيا‪.‬‬
‫لقد تعايشت تلك املجموعة من سالالت إنسان كسارة البندق مع‬
‫العديد من السالالت ألاخرى في خالل فترات تواجدها التي امتدت قرابة ‪1.3‬‬
‫مليون سنة‪ ،‬فقد عاصرت السالالت البشرية ألاولى من منتصف رحلتها حتى‬
‫انتهائها تماما‪ ،‬كما شهدت نشوء السالالت إلانسانية ألاولى وقد تكون‬
‫تعايشت معها وخصوصا في منطقة جنوب إفريقيا وظلت تعاصرها حتى‬
‫انقرضت‪.‬‬
‫‪208‬‬
‫عندما ننظر إلى الاختالفات البينة لسالالت إنسان كسارة البندق نرى أن‬
‫حجم املخ تراوح بين ‪ 011‬إلى ‪ 011‬سم‪ ،3‬ويكون أصغرهم هو إنسان كسارة‬
‫البندق إلاثيوبي وألاكبر هو القوي من حيث حجم املخ‪ ،‬وتتراوح أطوالهم ما‬
‫بين ‪ 111‬إلى ‪ 120‬سم كما تترواح أوزانهم ما بين ‪ 20‬إلى ‪ 21‬كجم ويعد‬
‫أكبرهم من حيث الحجم هو إنسان كسارة البندق البويزي‪ ،‬إنسان كسارة‬
‫البندق بويزي هو أقوى فرد من عائلة سالالت إنسان كسارة البندق‪ ،‬في‬
‫ً‬
‫حجما مع‬ ‫حين أن إنسان كسارة البندق القوي في جنوب إفريقيا أصغر‬
‫ً‬
‫نسبيا والحواف السفلية ملجاري العين مستديرة‪،‬‬ ‫ميزات أكثر‪ ،‬مثل‪ :‬رشاقة‬
‫كانت الفترة بين كل مولود وآلاخر من ‪ 3‬إلى ‪ 0‬سنوات‪ ،‬وتكون فترة الحضانة‬
‫شهرا ويكون سن النضج ‪ 1.7‬سنوات وسن التكاثر ‪ 11.0‬سنة وال ّ‬
‫تتعدى‬ ‫‪ً 02‬‬
‫أعمارهم منتصف ألاربعين‪.‬‬
‫كما أن تلك السالالت ما زالت تفضل بيئات الغابات بشكل عام ولهذا‬
‫يعتقد أنهم ما زالوا يمتلكون غطاء شعر لاجسم كثيفا‪ ،‬كما أن هنا ما يشبه‬
‫إلى نوع ما تنظيم ألادوار داخل الجماعة الواحدة حيث إن الحفريات‬
‫املنفردة في بعض املناطق تدل على أن الذكور قد ترحلوا إلى مناطق أبعد‬
‫بحثا عن الطعام‪ ،‬كما أنهم بشكل عام ُمغذيات نباتية ويأكلون الاحوم كلما‬
‫سمحت لهم الفرص وهذا بسبب النطاق الجغرافي املرتفع الذي تقل به‬
‫الحيونات العاشبة‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫الباب الثالث‬
‫السالالت إلانسانية ألاولى‬

‫‪210‬‬
‫المقدمة‬
‫السالالت إلانسانية ألاولى هي تلك السالالت التي عاشت في الفترة املمتدة‬
‫ما بين ‪ 1.2-2.1‬مليون سنة‪ ،‬تلك الفترة التي عانت فيها شرق القارة‬
‫إلافريقية من موجات الجفاف املتالحقة كما أوضحنا في الباب السابق‪،‬‬
‫ولكن في نهاية تلك الفترة أخذت تمتد فيها فترات الجفاف إلى مدة زمنية‬
‫أطول‪ ،‬مما ّأدى إلى زيادة مناطق الحشائش وتقلص نطاق الغابات‪ ،‬كما‬
‫سنرى أنه كلما تقدمنا في الزمن وجدنا حفريات تدل على أن بعض تلك‬
‫السالالت قد تأقلم على العيش في مناطق الحشائش‪ ،‬كما أنه بدأ يتجه نحو‬
‫املناطق السهلية املنخفضة‪ ،‬أثرت البيئات الجديدة على أنماط الحياة‬
‫لداهم وأيضا على مهاراتهم والهيكل الاجتماعي‪.‬‬
‫كان هناك خالف قائم حول أي من السالالت السابقة هي الجد ألاكبر‬
‫الذي انحدرت منه السالالت إلانسانية ألاولى‪ ،‬ظل هذا السؤال مطروحا‬
‫ولم يكن هناك دليل واضح حول إلاجابة على هذا السؤال‪ ،‬وكما تعودنا أن‬
‫تخبرنا الاكتشافات الجديدة والحفريات والبقايا عن تلك ألاسئلة الشائكة‪.‬‬
‫في عام ‪ 2113‬تم العثور على حفرية ‪ LD 350-1‬وكانت عبارة عن فك‬
‫سفلي متحجر‪ ،‬لقد أخبرتنا عن العديد من ألاشياء التي لم نكن نعلمها كما‬
‫أجابت على السؤال السابق؛ أن الجد ألاكبر للسالالت إلانسانية ألاولى هي‬
‫ساللة بشر عفار والتي تحدثنا عنها في الباب ألاول ولقد انشقت منها العديد‬

‫‪211‬‬
‫من السالالت السابقة‪ ،‬كما أن الحفرية أخبرتنا بمعلومة صادمة أال وهي أن‬
‫عمر السالالت إلانسانية أسبق مما كنا نتوقعه‪ ،‬وهذا ما دفع العلماء إلى‬
‫إعادة تنظيم شجرة العائلة إلانسانية البشرية‪.‬‬
‫السالالت إلانسانية ألاولى املكتشفة حتى آلان هي‪:‬‬
‫‪ -2‬إلانسان العامل‪.‬‬ ‫‪ -1‬إنسان رودلف‪.‬‬
‫‪ -0‬إنسان جواتن‪.‬‬ ‫‪ - 3‬إلانسان املاهر‪.‬‬
‫تلك ألاخيرة محل نقاش بين املجتمع العلمي فلم يتم الاعتراف هها على‬
‫ً‬
‫تعطنا معلومات وفيرة حتى‬
‫نحو واسع‪ ،‬وألابحاث التي تناولت الساللة لم ِ‬
‫آلان‪ ،‬ولكن سنذكر لكم نبذة عن تلك الساللة في فصل مستقل‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫الفصل السادس عشر‬
‫إنسان رودلف‬
‫‪HOMO RUDOLFENSIS‬‬

‫‪213‬‬
‫إنسان رودلف هي أقدم سالالت إلانسان القديم املعروفة حتى آلان‪،‬‬
‫عاشت في شرق إفريقيا منذ حوالي ‪ 2.0‬مليون سنة‪ ،‬بناء جمجمة الحفرية‬
‫"‪ ،"KNM-ER 1470‬متوسط حجم الدماغ حوالي ‪ 721‬سم مكعب‪ ،‬تم‬
‫نظرا لحجم الجمجمة الكبير‪،‬‬ ‫ً‬
‫عموما إلى إنسان رودلف ً‬ ‫تصنيف الحفريات‬
‫والوجه املسطح والواسع وأسنان الخدين ألاوسع وتيجان ألاسنان وجذورها‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ألاكثر تعق ً‬
‫يدا‪ ،‬واملينا ألاكثر سمكا مقارنة باإلنسان املاهر(ساللة الحقة)‬
‫يتميز بأسنان أكبر وعظام الفك من حيث الحجم تقع في الطرف السفلي‬
‫لإلنسان املبكر باستثناء الضرس الثالث الذي يقع ضمن النطاق‪ ،‬ويزداد‬
‫حجم ألاضراس باتجاه مؤخرة الفم وتكون صفوف ألاسنان في بعض‬
‫الحفريات مستطيلة‪ ،‬بينما يكون صف ألاسنان لاحفرية "‪"KNM-ER 1802‬‬
‫على شكل حرف‪ ، U‬مما قد يشير إلى أن هذين الشكلين يمثالن نوعين‬
‫مختلفين‪ ،‬أو إظهار النطاق الطبيعي للتباين لفكي إنسان رودلف "‪"UR 501‬‬
‫في مالوي وهي أقدم عينة من إنسان رودلف يرجع تاريخها إلى ‪2.3 - 2.2‬‬
‫مليون سنة‪ ،‬وسمك مينا ألاسنان هو نفسه كما هو الحال في سالالت‬
‫إلانسان املبكر ألاخرى‪ ،‬لكن املينا على ألاضراس تكاد تكون مثل سماكة‬
‫أضراس إنسان كسارة البندق‪ ،‬لم يتم عرض مثل هذا الاختالف الواسع في‬
‫سماكة املينا عبر أسنان الخد في"‪ ، "KNM-ER 1802‬مما قد يشير إلى‬
‫الاختالفات إلاقليمية بين مجموعات إنسان رودلف ‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫استنتج ‪ McHenry‬أبعاد جسم إنسان رودلف‪ً ،‬‬
‫وبناء على الحفرية "‬
‫ُ‬
‫"‪KNM-ER 1470‬قدر أن ذكر إنسان رودلف يبلغ ارتفاعه ‪ 101‬سم ووزنه‬
‫‪ 01‬كجم‪ ،‬وإلاناث ‪ 121‬سم و‪ 21‬كجم‪ ،‬نسب ألاطراف غير معروفة بسبب‬
‫نقص املواد الهيكلية‪ ،‬يفترض أنه يسير على قدمين ولكن بدون القدرة على‬
‫التحرك في حركة إنسانية كاملة‪ ،‬ويعتقد أن السالالت إلانسانية ألاولى بما‬
‫في ذلك إنسان رودلف كان لداهم تغطية كثيفة لشعر الجسم؛ ألنه يبدو‬
‫ً‬
‫أنهم سكنوا مناطق أكثر برودة ُويعتقد أن أسلوب حياتهم كان أقل نشاطا‬
‫ً‬
‫شعرا‬ ‫من ألانواع التي ُيفترض أنها خالية من الشعر‪ ،‬وربما يتطلب ذلك‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كثيفا لاجسم ليظل دافئا‪.‬‬
‫ً‬
‫أضراسا كثيفة بشكل استثنائي‬ ‫يمتلك إلانسان املبكر من إنسان رودلف‬
‫للبشر‪ ،‬ويتزامن ظهور إنسان رودلف وإنسان كسارة البندق مع موجة‬
‫الجفاف التي حدثت من حوالي ‪ 2.2‬مليون سنة في إفريقيا قد يعني هذا أنها‬
‫تطورت بسبب تغير املناخ‪ ،‬ومع ذلك في شرق إفريقيا استمرت الغابات‬
‫الاستوائية وألاراض ي الحرجية خالل فترات الجفاف‪ ،‬وتعايش إنسان رودلف‬
‫مع إلانسان املاهر وإلانسان العامل وإنسان كسارة البندق‪.‬‬
‫كانت املنطقة عبارة عن بيئة عشبية في الغالب‪ ،‬وأصبح املناخ أكثر برودة‬
‫ً‬
‫وجفافا في هذا الوقت وتم إجراء دراسات محدودة على النظام الغذائي لهذا‬
‫النوع‪ ،‬ولكن شكل ألاسنان واملقارنات مع السالالت ألاخرى يشير إلى وجود‬
‫مواد نباتية وربما الاحوم‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫حضارة على الرغم من عدم العثور على أي دليل أثري مرتبط بأي بقايا‬
‫ً‬
‫من إلانسان‪ ،‬إال أنهم كانوا يعيشون في وقت كان معروفا فيه أن السالالت‬
‫البشرية ألاخرى كانوا يصنعون ألادوات‪ ،‬تم تصنيع ألادوات الحجرية الخام‬
‫ألاولى التي تتكون من قواطع بسيطة وأدوات أساسية وكاشطات منذ ‪2.0‬‬
‫مليون سنة وتم تصنيفها على أنها الفترة ألاولدوانية‪ ،‬من غير املؤكد هوية‬
‫صانع هذه ألادوات الحجرية املبكر‪ ،‬ربما كان صانع ألادوات هو إلانسان‬
‫ص ِنعت بواسطة سالالت أخرى ‪.‬‬ ‫املاهر أو ربما ُ‬
‫ً‬
‫ُيعتقد عادة أن الوجبات الغذائية لإلنسان املبكر كانت تحتوي على نسبة‬
‫أكبر من الاحوم على عكس السالالت السابقة وهذا أدى إلى نمو الدماغ‪،‬‬
‫الفرضيات الرئيسة املتعلقة ههذا هي أن الاحوم غنية بالطاقة واملغذيات‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تطوريا على تطوير املهارات املعرفية‪ ،‬أو أن الاحوم سمحت‬ ‫وتضع ضغطا‬
‫ألمعاء السالالت البشرية ألاولى الكبيرة واملكلفة بالسعرات الحرارية‬
‫بالتناقص في الحجم مما يسمح بتلك الطاقة املراد تحويلها إلى نمو الدماغ‬
‫ً‬
‫بدال من ذلك‪ُ ،‬يقترح ً‬
‫أيضا أن إلانسان املبكر في مناخ جاف مع خيارات طعام‬
‫نادرة اعتمد بشكل أساس ي على أعضاء التخزين تحت ألارض مثل الدرنات‬
‫ومشاركة الطعام‪ ،‬مما سهل الترابط الاجتماعي بين أعضاء املجموعة من‬
‫الذكور وإلاناث‪ ،‬وكان من املحتمل أن يكون إلانسان املبكر قصير القامة‬
‫غير قادر على التحمل الجري والصيد‪ ،‬ويمكن أن يشير ساعد إلانسان املاهر‬
‫الطويل والشبيه بالسالالت البشرية إلى أن إلانسان املبكر كان ال يزال‬
‫أيضا ُيعتقد أن الصيد والتجمع املنظم قد ظهر في‬ ‫شجريا إلى حد ما‪ً ،‬‬
‫ً‬

‫‪216‬‬
‫إلانسان العامل‪ ،‬ومع ذلك فإن نماذج جمع الطعام املقترحة لشرح النمو‬
‫الكبير للدماغ تتطلب زيادة مسافة السفر اليومية‪.‬‬
‫الحجم الكبير للقواطع في إنسان رودلف وإلانسان املاهر مقارنة بأسالف‬
‫السالالت البشرية يشير إلى أن هذين النوعين يعتمدان على القواطع أكثر‪،‬‬
‫ويمكن أن تشير ألاضراس الكبيرة الشبيهة بالبشر ألاوائل إلى وجود طعام‬
‫ً‬
‫ميكانيكيا مقارنة باإلنسان الالحق‪ ،‬الفك السفلي إلنسان رودلف‬ ‫أكثر ً‬
‫تحديا‬
‫ً‬
‫وغيره من البشر البدائيين أكثر سمكا من أجسام البشر املعاصرين‪ ،‬وهو أكثر‬
‫قابلية للمقارنة مع السالالت السابقة‪ ،‬يقاوم جسم الفك السفلي الالتواء‬
‫ً‬
‫الناتج عن قوة العض أو املضغ‪ ،‬مما يعني أنه يمكن أن ينتج ضغوطا قوية‬
‫بشكل غير عادي أثناء تناول الطعام‪.‬‬
‫ال يرتبط إنسان رودلف باألدوات ومع ذلك فإن التخفيف ألاكبر من‬
‫ً‬
‫ألاضراس في إنسان رودلف مقارنة بالسالالت البشرية يشير إلى أن ألاداتين‬
‫السابقتين (ألاشولينية – ألاولدوانية) تستخدمان لكسر ألاطعمة القاسية‬
‫مثل أجزاء النبات الصلبة أو الاحوم‪ ،‬وإال فإن ألاسنان ألامامية كانت‬
‫ستتهالك أكثر‪ ،‬ومع ذلك فإن تكيفات الفك في معالجة ألاطعمة الصعبة‬
‫ً‬
‫ميكانيكيا تشير إلى أن التقدم التكنولوجي لم يؤثر بشكل كبير على نظامهم‬
‫الغذائي‪ ،‬توجد الكثير من ألادوات الحجرية في موقع كوبي فورا؛ نظ ًرا ألن‬
‫هذه التجمعات تتزامن مع ظهورإلانسان العامل فمن املحتمل أن يكون‬
‫صنعها‪ ،‬على الرغم من أنه من غير املمكن أن نعزو ألادوات بشكل قاطع إلى‬

‫‪217‬‬
‫نوع؛ ألن إنسان رودلف وإلانسان املاهر وإنسان كسارة البندق‪ ،‬معروف‬
‫من املنطقة‪.‬‬
‫أقدم عينة من إلانسان هي"‪ ، "LD 350-1‬مرتبطة بصناعة ألادوات‬
‫الحجرية ألاولدوانية‪ ،‬مما يعني أن هذا التقليد كان قيد الاستخدام من قبل‬
‫ظهور ذلك الجنس‪.‬‬
‫تم اكتشاف الحفريات ألاولى في عام ‪ 1172‬في منطقة بحيرة توركانا كينيا‪،‬‬
‫وعثر عليها عالم ألانثروبولوجيا الكيني ‪ ،Richard Leakey‬في العام التالي‬
‫كانت العينة "‪ "KNM-ER 1470‬واكتشفها ‪، a local& Bernard Ngeneo‬‬
‫ومن هنا بدأت نقاشات طويلة إذا كانت تلك الحفريات املكتشفة تمثل‬
‫ساللة جديدة من إلانسان أم أنها تقطع ضمن ساللة إلانسان املاهر نظرا‬
‫للتباين في الحجم بين الجنسين أم أنها من ألاساس سالالت بشرية‪ ،‬ففي‬
‫كل من علماء ألانثروبولوجيا ‪Vratislav &Colin Groves‬‬ ‫عام ‪ 1171‬نشر ٌّ‬
‫‪ Mazák‬في ورقة مشتركة مع ‪ Richard Leakey‬وعالم ألانثروبولوجيا‬
‫إلانجليزي ‪ ،Alan Walker‬اقترح ‪ Alan Walker‬أن البقايا تنتمي إلى‬
‫السالالت البشرية ألاولى وأن الجمجمة أعيد بناؤها بشكل غير صحيح‪،‬‬
‫لكن ‪ Richard Leakey‬ما زال يعتقد أنها تنتمي إلى إلانسان‪.‬‬
‫و في عام ‪ 1110‬تم وضع البقايا في نوع جديد ‪ rudolfensis‬بواسطة عالم‬
‫ألانثروبولوجيا الروس ي ‪ Alekseyev Valery‬لكنه استخدم جنس‬
‫‪ ،Pithecanthropus‬والذي تم تغييره بعد ثالث سنوات من قبل ‪Groves‬‬

‫‪218‬‬
‫إلى إنسان رودلف‪ ،‬في عام ‪ 1111‬ناقش ‪ Kennedy‬بأن الاسم غير صالح؛‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫نمطا ً‬ ‫ْ‬
‫مشيرا إلى أن هذا في الواقع ليس‬ ‫كليا‬ ‫ألن ‪ Alekseyev Valery‬لم يعين‬
‫اميا‪ ،‬حدد ‪ Wood‬في نفس العام أن العينة " ‪ "KNM-ER 1470‬كنموذج‬ ‫إلز ً‬
‫تعليمي‪.‬‬
‫ومع ذلك فقد تمت مناقشات حول صحة هذا النوع ً‬
‫أيضا على أسس‬
‫مادية‪ ،‬حيث ناقش البعض بأن النوع إلانسان املاهركان هناك نسبة تباين‬
‫في الشكل بين الجنسين‪ ،‬وفي عام ‪ 2112‬وصف عالم ألانثروبولوجيا القديمة‬
‫البريطاني ‪ Meave Leakey‬الوجه الجزئي للعينة "‪ "KNM-ER 62000‬الذي‬
‫تم اكتشافه في كوبي فورا كينيا شير إلى أنه يشترك في العديد من أوجه‬
‫التشابه مع العينة "‪ " KNM-ER 1470‬وقد صنفه أنه إنسان رودلف‪ ،‬وألن‬
‫عظام الذكور وإلاناث قبل البلوغ يجب أن ال يمكن تمييزها فإن الاختالفات‬
‫بين عينات إنسان رودلف ألاحداثية وعينات إلانسان املاهرالبالغة تدعم‬
‫التمييز بين السالالت‪ ،‬إنسان رودلف "‪ " Homo rudolfensis‬يأتي اسم‬
‫النوع من املوقع الذي تم العثور فيه على عينة "‪ "KNM-ER 1470‬في بحيرة‬
‫توركانا كينيا والتي كانت تعرف سابقا ببحيرة رودلف‪ ،‬وأيضا ‪ Homo‬تدل‬
‫على صلته باإلنسان الحالي‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن إنسان رودلف وإلانسان املاهر بشكل عام أعضاء‬
‫معروفون في الجنس البشري في قاعدة شجرة العائلة‪ ،‬مع وجود حجج لم‬
‫يتم تبنيها على نطاق واسع للترادف أو إلزالة إلانسان املاهر من الجنس‬

‫‪219‬‬
‫إلانساني على الرغم من أنه من املتفق عليه آلان أن إلانسان قد تطور من‬
‫السالالت البشرية ألاولى‪ ،‬إال أن توقيت هذا الانقسام وموضعه قد نوقش‬
‫ً‬
‫كثيرا حيث تم اقتراح العديد من أنواع من السالالت ألاولى كجد‪.‬‬
‫قد يشير اكتشاف ‪ LD 350-1‬أقدم عينة من إلانسان يرجع تاريخها إلى‬
‫‪ 2.1‬مليون سنة‪ ،‬في منطقة عفار في إثيوبيا إلى أن الجنس إلانساني قد تطور‬
‫ً‬
‫تقريبا‪ ،‬يمكن أن يكون النوع الذي‬ ‫من ساللة بشر عفار في هذا الوقت‬
‫ينتمي إليه "‪ "LD 350-1‬هو سلف إنسان رودلف وإلانسان املاهر‪ ،‬لكن هذا‬
‫الرأي ينقصه املزيد من ألادلة‪.‬‬
‫‪ -‬حفرية كوبي فورا ‪"KNM-ER 1802 "1112‬؛ وهي عبارة عن فك‬
‫متحجر اكتشفه ‪ ،J.M. Harris‬في منطقة توركانا ‪ -‬كينيا‪ ،‬في عام ‪،1173‬‬
‫والعمر التقديري لاحفرية حوالي ‪ 1.9‬مليون سنة‪ ،‬ويعود هذا الفك إلى‬
‫شاب‪.‬‬

‫‪220‬‬
‫‪ -‬حفرية حفرية كوبي فورا ‪"KNM-ER 62000 "02111‬؛ وهي عبارة‬
‫عن فك متحجر اكتشفه ‪ ،J.M. Harris‬في منطقة توركانا ‪ -‬كينيا‪ ،‬في عام‬
‫‪ ، 2007‬والعمر التقديري لاحفرية حوالي ‪ 1.91 -1.95‬مليون سنة‪.‬‬

‫‪ -‬حفرية كوبي فورا ‪"KNM-ER 1470 "1071‬؛ وهي عبارة عن جمجمة‬


‫اكتشفها ‪ ،Bernard Ngeneo‬في منطقة شرق توركانا ‪ -‬كينيا‪ ،‬في عام ‪1172‬‬
‫‪ ،‬والعمر التقديري لاحفرية حوالي ‪ 1.1‬مليون سنة‪.‬‬

‫‪221‬‬
222
‫المراجع‬
- Alexeev، V.P.، 1986. The Origin of the Human Race. Moscow، Progress
Publishers.
- Wood، B.، Collard، M.، 1999. The changing face of genus Homo. Evolutionary
Anthropology 8، 195-207.
- Zhu، Z.; Dennell، R.; Huang، W.; Wu، Y.; Qiu، S.; Yang، S.; Rao، Z.; Hou، Y.; Xie،
J.; Han، J.; Ouyang، T. (2018). "Hominin occupation of the Chinese Loess Plateau since
about 2.1 million years ago". Nature. 559 (7715): 608–612.
- Argue، D. (2017). "Homo rudolfensis". Encyclopedia of Evolutionary
Psychological Science. Springer International Publishing. pp. 1–4.
- Dávid-Berrett، T.; Dunbar، R. I. M. (2016). "Bipedality and hair loss in human
evolution revisited: The impact of altitude and activity scheduling". Journal of Human
Evolution. 94: 72–82
- Strait، D.; Grine، F.; Fleagle، J. G. (2015). "Analyzing Hominin Hominin
Phylogeny: Cladistic Approach" (PDF). In Henke، W.; Tattersall، I. (eds.). Handbook of
Paleoanthropology (2nd ed.). Springer. p. 2006.
- McHenry، H. M.; Coffing، K. (2000). "Australopithecus to Homo:
Transformations in Body and Mind". Annual Review of Anthropology. 29: 125–146.
- https://australian.museum/learn/science/human-
evolution/homo-rudolfensis/
- https://humanorigins.si.edu/evidence/human-
fossils/species/homo-rudolfensis

223
‫الفصل السابع عشر‬
‫إلانسان املاهر‬
‫‪HOMO HABILIS‬‬

‫‪224‬‬
‫عاشت هذه الساللة في منطقة شرق إفريقيا ما بين ‪ 1.0-2.3‬مليون سنة‪،‬‬
‫كشفت البقايا الحديثة أن تلك الساللة كانت أقرب إلى السالالت البشرية‬
‫ً‬
‫مما كان ُيعتقد سابقا‪ ،‬كان ينظر إلى هذه الساللة في البداية على أنه سلف‬
‫مباشر لإلنسان الحديث‪ ،‬لكن الاكتشافات ألاحفورية في منتصف‬
‫الثمانينات أظهرت أن إلانسان املاهر لديه أبعاد تشبه أطراف السالالت‬
‫البشرية ألاولى‪ ،‬أدى هذا الدليل إلى إعادة تقييم إلانسان املاهر وعالقته‬
‫باإلنسان الحديث‪ ،‬لم يعد العديد من العلماء يعتبرون تلك الساللة أحد‬
‫ً‬
‫أسالفنا املباشرين وبدال من ذلك قاموا بنقله إلى فرع جانبي لشجرة عائلتنا‬
‫البشرية‪.‬‬
‫ال يوجد حتى آلان إجماع واسع حول ما إذا كان إلانسان املاهر هو الجد‬
‫ألاكبر لإلنسان العامل وإلانسان املنتصب (جنس الحق) أم أنه فرع من‬
‫الساللة البشرية‪ ،‬وما إذا كانت جميع العينات املخصصة لإلنسان املاهر‬
‫مخصصة بشكل صحيح أم ال أو ألانواع عبارة عن مجموعة من أنواع‬
‫مختلفة من السالالت البشرية ألاخرى‪ ،‬ومع ذلك فإن إلانسان املاهر‬
‫وإنسان رودلف بشكل عام أعضاء معروفون في الجنس في قاعدة شجرة‬
‫العائلة البشرية‪ ،‬مع وجود حجج لم يتم تبنيها على نطاق واسع للترادف أو‬
‫ً‬
‫استنادا إلى الهياكل العظمية املكتشفة ينظر إلى تشريح‬ ‫إلازالة من الجنس‪،‬‬

‫‪225‬‬
‫ً‬
‫تشاهها حتى من تشريح السابق‬ ‫جسم إلانسان املاهر بشكل عام على أنه أكثر‬
‫ويتوافق مع السالالت البشرية ألاولى ما ال يقل عن نمط الحياة الشجرية‪.‬‬
‫ً‬
‫استنادا إلى معدالت نمو ألاسنان يفترض أن إلانسان املاهر لديه معدل‬ ‫و‬
‫نمو متسارع مقارنة باإلنسان الحديث‪ ،‬حيث تظهر جمجمة إلانسان املاهر‬
‫بحجم يتراوح بين ‪ 221‬سم‪ 3‬إلى ‪ 017‬سم‪ ،3‬يصل حجم دماغ إلانسان املاهر‬
‫إلى نحو ‪ 001‬سم‪3‬؛ أي أنها أكبر بمتوسط ‪ %21‬من السالالت البشرية ولكنها‬
‫أصغر من حجم الدماغ البشري الحديث‪ ،‬يتميز تشريح الدماغ لجميع‬
‫ً‬
‫الحفريات لإلنسان املاهر بمخ موسع مقارنة بالبشر ألاوائل‪ ،‬فعلى سبيل‬
‫املثال نمط التشققات املوجودة على أسنان حفرية ‪ OH 65‬املائلة لليمين‪،‬‬
‫والتي قد تكون مصابة بالصدفة عندما كان الفرد يسحب قطعة من الاحم‬
‫بأسنانها ويده اليسرى أثناء محاولته قطعها بأداة حجرية باستخدام اليد‬
‫ً‬
‫صحيحا فقد يشير ذلك إلى استخدام اليد اليمنى‪،‬‬ ‫اليمنى‪ ،‬وإذا كان هذا‬
‫ويرتبط استخدام اليدين بإعادة تنظيم كبيرة للدماغ وتقريب وظائف املخ‬
‫بين نصفي الكرة ألايمن وألايسر‪ ،‬تم افتراض هذه الفرضية ً‬
‫أيضا بالنسبة‬
‫لبعض عينات إلانسان البدائي‪ ،‬يمكن أن تكون قد استخدمت ألاداة كما‬
‫يستخدمها البشر املعاصرون‪ ،‬ويوضح التقسيم الجانبي للدماغ أن هذا‬
‫ً‬
‫الجنس كان ضعيفا في استخدام اللغة‪ ،‬وكانت صفوف أسنان إلانسان‬
‫ً‬
‫املاهر على شكل حرف ‪ ،V‬وكان الفم بارزا لاخارج على الرغم من أن الوجه‬
‫ً‬
‫مسطحا‪.‬‬ ‫كان‬

‫‪226‬‬
‫تم وصف إلانسان املاهر على أنه صغير الحجم مثل السالالت البشرية‬
‫ألاولى‪ ،‬حيث يقدر طول حفرية‪ OH 62‬بحوالي ‪ 121-111‬سم ووزنها بحوالي‬
‫‪ 37-21‬كجم‪ ،‬ومع ذلك يفترض أن ألارجل ألاطول شبيهة باإلنسان الحديث‪،‬‬
‫فقد كانت حفرية ‪ KNM-ER 3735‬طولها التقريبي حوالي ‪ 101‬سم ووزنها‬
‫حوالي ‪ 32‬كجم‪ .‬إن ازدواج الشكل الجنس ي ماحوظ مع الذكور أكبر بشكل‬
‫ماحوظ من إلاناث‪ ،‬ومع ذلك فإن الكتلة النسبية لجسد ألانثى غير معروفة‬
‫في هذه الساللة‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن ذراعي إلانسان املاهر طويلة نسبيا وما زالتا قادرتين‬
‫على التسلق والتأرجح‪ ،‬إال أن هناك تباينا واضحا بين خصائص عظام‬
‫القدم الخاصة باإلنسان املاهر والبشر ألاوائل‪ ،‬ففي حفرية ‪ OH-8‬القدم‬
‫أكثر مالئمة لاحركة ألارضية فقد نمت عظام أصبع القدم‪ ،‬وهيكل مفاصل‬
‫نصف القدم مضغوطة مما يقيد الدوران بين القدم والكاحل وهذا يعزز‬
‫ُ‬
‫ثبات القدم وكفاءة أعلى في نقل الق َوى بين الرجل والقدم‪ ،‬وهذا يشير إلى‬
‫أن إلانسان املاهر كان لديه القدرة على الجري بشكل ّ‬
‫أولي وملسافات قصيرة‪.‬‬
‫ويعتقد أن إلانسان املاهر كان لداهم تغطية كثيفة لشعر الجسم؛ ألنه‬
‫يبدو أنهم سكنوا مناطق أكثر برودة ُويعتقد أنهم كان لداهم نمط حياة أقل‬
‫ً‬
‫نشاطا من ألانواع التالية‪ ،‬وبالتالي من املحتمل أنهم احتاجوا إلى شعر كثيف‬
‫لاجسم ليحافظوا على حرارة الجسم ‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫عادة يعتبر إلانسان املنتصب أول إنسان عاش في مجتمع أحادي الزواج‪،‬‬
‫وكان جميع أشباه البشر السابقين متعددي الزوجات‪ ،‬ومع ذلك فمن‬
‫الصعب للغاية التكهن بالنظام الاجتماعي ملجموعات أشباه البشر ألاوائل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫غالبا ما تستخدم درجة ازدواج الشكل الجنس ي والتباين في الحجم بين‬
‫الذكور وإلاناث للربط بين تعدد الزوجات مع التباين العالي وبين الزواج‬
‫ألاحادي مع تباين منخفض ً‬
‫بناء على الاتجاهات العامة التي نراها في‬
‫الرئيسات الحديثة‪ ،‬يصعب تحديد معدالت ازدواج الشكل الجنس ي؛ ألن‬
‫جيدا‪ ،‬ويعتمد إلى حد كبير على‬‫تشريح أشباه البشر املبكر غير معروف ً‬
‫عينات قليلة‪ ،‬في بعض الحاالت يتم تحديد الجنس بشكل تعسفي ً‬
‫بناء على‬
‫الحجم املتصور واملتانة الظاهرة في غياب عناصر أكثر دقة في تحديد‬
‫الجنس‪ ،‬تعتمد أنظمة التزاوج ً‬
‫أيضا على تشريح ألاسنان‪ ،‬لكن أشباه البشر‬
‫ألاوائل يمتلكون صفات تشريحية دقيقة للصفات مختلفة ال ترى معا في‬
‫الرئيسات الحديثة‪ ،‬قد تشير أسنان الخد املتضخمة إلى ازدواج الشكل‬
‫مرتبطا بالحجم بشكل ماحوظ وبالتالي صراع حاد بين الذكور على رفقاء‬
‫ومجتمع متعدد الزوجات ولكن تشير ألانياب الصغيرة إلى عكس ذلك‪.‬‬
‫وفي عام ‪َّ 1113‬‬
‫قدرت عاملة ألانثروبولوجيا القديمة ‪Leslie C. Aiello‬‬
‫وعالم النفس التطوري البريطاني ‪ Robin Dunbar‬أن حجم مجموعة‬
‫بناء على الاتجاهات التي لوحظت‬ ‫ً‬
‫عضوا ً‬ ‫إلانسان املاهر يتراوح بين ‪12-71‬‬
‫في حجم القشرة املخية الحديثة وحجم املجموعة في الرئيسات الحديثة غير‬
‫البشرية‪ ،‬وتعايش إلانسان املاهر مع إنسان رودلف وإلانسان العامل‬
‫‪228‬‬
‫وإلانسان املنتصب وإنسان كسارة البندق‪ ،‬ومن غير الواضح كيف تفاعلت‬
‫كل هذه ألانواع لشرح سبب ارتباط إنسان كسارة البندق بأدوات ألاولدوانية‬
‫على الرغم من عدم كونه صانع ألادوات‪ ،‬اقترح ‪ Leakey‬وزمالؤه أن أحد‬
‫الاحتماالت الخاصة بانقراض إنسان كسارة البندق قد تسبب هها إلانسان‬
‫املاهر ‪.‬‬
‫يمكن أن تؤثر الضغوط الانتقائية ألاخرى بما في ذلك النظام الغذائي‬
‫بشكل كبير على تشريح ألاسنان‪ ،‬يشير التوزيع املكاني لألدوات وعظام‬
‫َ‬
‫القدامى‬ ‫الحيوانات املعالجة في موقع أوليف شمال تنزانيا إلى أن السكان‬
‫استخدموا هذه املنطقة كمنطقة مشتركة للذبح وألاكل‪ ،‬على عكس نظام‬
‫أسر الصيادين الحديثين حيث تنقسم املجموعة إلى وحدات أصغر مع‬
‫ً‬
‫أماكن الذبح وألاكل الخاصة هها‪ ،‬يتم أحيانا تصميم سلوك إلانسان املبكر‬
‫بما في ذلك إلانسان املاهر‪ ،‬على غرار سلوك الشمبانزي والبابون في‬
‫السافانا‪ ،‬تتكون هذه املجتمعات من عدة من أجل الدفاع عن املجموعة‬
‫ً‬
‫في املناطق الخطرة واملكشوفة‪ ،‬واملشاركة أحيانا في عرض جماعي لرمي‬
‫العص ي والحجارة ضد ألاعداء والحيوانات املفترسة‪.‬‬
‫يبدو أن القدم اليسرى لحفرية ‪ OH8‬قد تعرضت للعض من قبل‬
‫تمساح‪ ،‬وأيضا ساق حفرية ‪ OH 35‬والتي تنتمي إما إلى إنسان كسارة‬
‫ً‬
‫البندق أو إلانسان املاهر تظهر دليال على افتراس النمر‪ ،‬من املحتمل أن‬

‫‪229‬‬
‫يكون إلانسان املاهر والبشر املعاصرون قد تسابقوا مع الحيوانات آكلة‬
‫الاحوم الكبيرة ألاخرى في ذلك الوقت وتصارعوا على الطعام‪.‬‬
‫عاش إلانسان العاقل في بيئة عشبية يغلب عليها الطابع العشبي‪ ،‬وأصبح‬
‫املناخ أكثر برودة وجفافا وقد يكون هذا هو الدافع إلستراتيجيات التغذية‬
‫الجديدة التي تضمنت الكسح واستخدام ألادوات‪ ،‬يشير التحليل الكيميائي‬
‫إلى أن هذه الساللة كانت نباتية بشكل أساس ي ولكنه اشتمل على الاحوم‬
‫في نظامهم الغذائي‪ُ ،‬يعتقد أن إلانسان املاهر يحصل على الاحوم من النبش‬
‫ً‬
‫بدال من الصيد‪ ،‬حيث يعمل بسرقة عمليات الصيد من الحيوانات املفترسة‬
‫أيضا أن الفاكهة كانت ً‬
‫أيضا‬ ‫ألاصغر مثل ابن آوى أو الفهود‪ ،‬من املحتمل ً‬
‫ً‬
‫غذائيا ً‬ ‫ً‬
‫مهما‪.‬‬ ‫مكونا‬
‫وأشار تحليل نسيج ألاسنان املجهري أنه من املحتمل أن إلانسان املاهر‬
‫َ‬
‫مثل غيره من البشر ألاوائل لم يستهلك بانتظام ألاطعمة القاسية‪ ،‬ويعتقد‬
‫أن وجبات إلانسان املاهر كانت تحتوي على نسبة أكبر من الاحوم مقارنة‬
‫بالبشر ألاوائل‪ ،‬وهذا أدى إلى نمو الدماغ والفرضيات الرئيسة املتعلقة ههذا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تطوريا على تطوير‬ ‫هي أن الاحوم غنية بالطاقة واملغذيات وتضع ضغطا‬
‫املهارات املعرفية‪ ،‬أو أن الاحوم سمحت ألمعاء السالالت البشرية ألاولى‬
‫املكلفة للسعرات الحرارية بالتناقص في الحجم مما يسمح بذلك الطاقة‬
‫ً‬
‫لتحويلها إلى نمو الدماغ بدال من ذلك‪.‬‬

‫‪230‬‬
‫أيضا أن إلانسان املبكر في مناخ جاف مع خيارات طعام نادرة‪،‬‬ ‫و ُيقترح ً‬
‫اعتمد بشكل أساس ي على تخزين الطعام تحت ألارض ومشاركته‪ ،‬مما سهل‬
‫الترابط الاجتماعي بين أعضاء املجموعة من الذكور وإلاناث‪ .‬إن نماذج جمع‬
‫الطعام املقترحة لشرح النمو الكبير للدماغ تتطلب زيادة مسافة السفر‬
‫اليومية‪ ،‬كما أن إلانسان املاهر كان يمتلك أرجال طويلة وحديثة شبيهة‬
‫باإلنسان فكان قادرا تماما على السفر ملسافات طويلة بينما ال يزال شج ًريا‬
‫ً‬
‫جزئيا على ألاقل‪.‬‬
‫والحجم الكبير للقواطع في إلانسان املاهر مقارنة بأسالفها من البشر‬
‫ألاوائل يشير إلى أن هذه الساللة تعتمد على القواطع أكثر‪ ،‬إن هيكل الفك‬
‫ً‬
‫السفلي لإلنسان املاهر وغيره من البشر ألاوائل أكثر سمكا من أجسام البشر‬
‫املعاصرين‪ ،‬وهي أكثر قابلية للمقارنة مع السالالت البشرية ألاولى‪ ،‬أن هيكل‬
‫الفك السفلي ينتج قوة عضة في املضغ قوية‪ ،‬مما يعني أن فكيهم يمكن أن‬
‫ً‬
‫ينتجا ضغوطا قوية بشكل غير عادي أثناء تناول الطعام‪.‬‬
‫ً‬
‫يشير شكل ألاضراس في إلانسان املاهر مقارنة بالبشر ألاوائل إلى أن‬
‫ألادوات املستخدمة لكسر الطعام وجعل ألاطعمة القاسية سهلة ألاكل‪،‬‬
‫ً‬
‫ميكانيكيا تشير إلى أن التقدم‬ ‫فإن تكيفات الفك ملعالجة ألاطعمة الصعبة‬
‫التكنولوجي لم يؤثر بشكل كبير على النظام الغذائي‪.‬‬
‫يرتبط إلانسان املاهر بصناعة ألادوات الحجرية القديمة من املحتمل أن‬
‫يستخدم ألافراد هذه ألادوات في املقام ألاول في قتل وجلد الحيوانات وسحق‬

‫‪231‬‬
‫أيضا في بعض ألاحيان لنشر وكشط الخشب وقطع النباتات‬ ‫العظام‪ ،‬ولكن ً‬
‫اللينة‪ ،‬يبدو أنهم اختاروا بعناية النوى الحجرية وعرفوا أن بعض الصخور‬
‫يمكن أن تنكسر بطريقة معينة عندما تضرب بقوة كافية وفي املكان‬
‫الصحيح‪ ،‬وقد أنتجوا عدة أنواع مختلفة بما في ذلك ألاساحة متعددة‬
‫ً‬
‫السطوح ‪ .‬ومع ذلك من املحتمل أال يتم التفكير في أشكال معينة مسبقا‪.‬‬
‫يتضح الاختالف في أشكال ألادوات والافتقار إلى التوحيد القياس ي في‬
‫إنتاج مثل هذه ألادوات باإلضافة إلى أنواع املواد الخام املوجودة في املحيط‬
‫الجعرافي‪ ،‬فعلى سبيل املثال ألاحجار ِشبه الكروية الشائعة في شمال تنزانيا‬
‫والتي تتميز بوفرة من قطع الكوارتز الكبيرة والناعمة‪ ،‬بينما تفتقر منطقة‬
‫بحيرة توركانا إلى ألاجسام شبه الكروية وتوفر صخور الحمم البازلتية‬
‫الصلبة في الغالب‪ ،‬على عكس الثقافة ألاشولينية الالحقة التي اخترعها‬
‫إلانسان العامل وإلانسان املنتصب (جنس الحق)‪ ،‬وال تتطلب تقنية تصنيع‬
‫ألادوات ألاولدوانية التخطيط للتصنيع وبالتالي ال تشير إلى إلادراك العالي‬
‫لدى صناعة ألادوات ألاولدوانية‪ ،‬على الرغم من أنها تتطلب درجة من‬
‫ً‬
‫تنقيحا‬ ‫التنسيق وبعض املعرفة بامليكانيكا‪ ،‬ناد ًرا ما تظهر ألادوات ألاولدوانية‬
‫وربما تم التخلص منها فور استخدامها في معظم ألاوقات‪.‬‬

‫‪232‬‬
‫أداة من الفترة ألاولدوانية‬
‫وقد بدأ اكتشاف إلانسان املاهر في عام ‪ 1121‬عندما تم اكتشاف أسنان‬
‫في شمال تنزانيا من قبل فريق بقيادة ‪ ،Louis and Mary Leakey‬تم العثور‬
‫على أجزاء من الهيكل العظمي في املوقع ذاته في العام التالي واستمر العثور‬
‫على أحافير إضافية من أفراد آخرين‪ ،‬يشير حجم دماغهم ومالمح أيداهم‬
‫وأقدامهم‪ ،‬وألادلة على أنهم ربما استخدموا أدوات حجرية‪ ،‬إلى أنه تم‬
‫العثور على ساللة جديدة من أسالف إلانسان‪ ،‬تم إلاعالن عنها رسميا‬
‫كأنواع جديدة في عام ‪ 1100‬لكن وضعها في الجنس البشري إلانساني كان‬
‫مثيرا لاجدل‪ ،‬كشفت الحفريات إلاضافية بما في ذلك اكتشاف هيكل عظمي‬
‫جزئي في عام ‪ ،1110‬تم تسمية إلانسان املاهر وتعرف هذه الساللة أيضا‬
‫باسم "الرجل اليدوي"؛ ألنه تم العثور على أدوات حجرية بالقرب من بقايا‬
‫أحافيرها ومن املفترض أن هذه الساللة قد طورت القدرة على تعديل الحجر‬

‫‪233‬‬
‫إلى أدوات‪ ،‬إلانسان املاهر ‪ Homo Habilis‬وهذا الاسم مكون من كلمتين‬
‫‪ Homo‬وهي كلمة التينية ألاصل وتعني‪ :‬إنسان‪ Habilis ،‬وهي كلمة التينية‬
‫ألاصل وتعني‪ :‬مفيد أو ماهر ‪.‬‬
‫وتلك هي الحفريات ألاشهر للساللة‪:‬‬
‫ا ‪ -‬حفرية كوبي فورا‬
‫‪"KNM-ER 1813 " 1113‬؛‬
‫وهي عبارة عن جمجمة‬
‫اكتشفها ‪،Kamoya Kimeu‬‬
‫في منطقة شرق توركانا ‪-‬‬
‫كينيا‪ ،‬في عام ‪ ، 1173‬والعمر‬
‫التقديري لاحفرية حوالي ‪1.1‬‬
‫مليون سنة‪ ،‬يبلغ حجم دماغ‬
‫هذه الجمجمة البالغة ‪211‬‬
‫سنتيمترات مكعبة فقط‪ ،‬وهو أعلى بقليل من املتوسط لألنواع املوضوعة‬
‫في السالالت البشرية‪.‬‬

‫‪234‬‬
‫ب ‪ -‬حفرية تويجي " ‪OH‬‬
‫‪" 24‬؛ وهي عبارة عن جمجمة‬
‫اكتشفها ‪ ،Peter Nzube‬في‬
‫منطقة أولدوفاي تنزانيا‪ ،‬في‬
‫عام ‪ ، 1101‬والعمر‬
‫التقديري لاحفرية حوالي ‪1.1‬‬
‫مليون سنة‪ ،‬عندما تم‬
‫العثور عليها تم تحطيم هذه‬
‫الجمجمة بشدة وأعيد‬
‫بناؤها من مئات الشظايا‪،‬‬
‫كما تظهر بعض التشوهات‬
‫في العظام التي حدثت قبل اكتمال التحجر ‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫جر ‪ -‬حفرية سيندي " ‪" OH 13‬؛ وهي عبارة عن الفك السفلي اكتشفها‬
‫‪ ،Ndibo Mbuika and first described by L. Leakey and M. Leake‬في‬
‫منطقة‬
‫أولدوفاي‬
‫تنزانيا‪ ،‬في عام‬
‫‪ ،1103‬والعمر‬
‫التقديري‬
‫لاحفرية حوالي‬
‫‪ 1.7‬مليون‬
‫تم‬ ‫سنة‪،‬‬
‫العثور على‬
‫هذا الفك مع قطع أخرى من الجمجمة وعظم أسفل الذراع‪.‬‬

‫‪236‬‬
‫د ‪ -‬حفرية أولدوفاي ‪" 1‬‬
‫‪"OH 8‬؛ وهي عبارة عن عظام‬
‫قدم اكتشفها ‪،Louis Leakey‬‬
‫في منطقة أولدوفاي تنزانيا‪ ،‬في‬
‫عام ‪ ، 1101‬والعمر التقديري‬
‫لاحفرية حوالي ‪ 1.1‬مليون‬
‫سنة‪ ،‬تفتقر هذه القدم‬
‫اليسرى الجزئية إلى عظام‬
‫الكعب وأصابع القدم‪ ،‬لكن‬
‫قوس القدم والشكل العام‬
‫ً‬
‫لهما مماثالن لنا ويقدمان دليال‬
‫على أن مشية هذه الساللة مشية مطابقة لإلنسان الحديث‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫هر ‪ -‬حفرية طفل جوني " ‪OH‬‬
‫‪"7‬؛ وهي عبارة عن هيكل عظمي‬
‫جزئي اكتشفها ‪Jonathan‬‬
‫‪ ،Leakey‬في منطقة أولدوفاي‬
‫تنزانيا‪ ،‬في عام ‪ ، 1101‬والعمر‬
‫التقديري لاحفرية حوالي ‪1.1‬‬
‫مليون سنة‪ ،‬تم العثور على‬
‫َّ‬
‫عظمية من الفك السفلي‬ ‫قطع‬
‫ًّ‬
‫مع ثالثة عشر ِسنا بما فيها‬
‫أضراس العقل‪ ،‬واثنين من‬
‫عظام الجمجمة الجدارية‪،‬‬
‫ً‬
‫إصبعا وعظام رسغ اليد‪.‬‬ ‫وواحد وعشرين‬

‫‪238‬‬
‫و – حفرية أولدوفاي‬
‫‪"OH 62 - a " 02‬؛ وهي‬
‫عبارة عن هيكل عظمي‬
‫جزئي اكتشفه ‪Tim‬‬
‫‪ ،White‬في منطقة‬
‫أولدوفاي جورج تنزانيا‪،‬‬
‫في عام ‪ ، 1110‬والعمر‬
‫التقديري لاحفرية حوالي‬
‫‪ 1.1‬مليون سنة‪ ،‬ويعتقد‬
‫أن هذه البقايا تعود‬
‫ألنثى بسبب قصر القامة‪ .‬تم اكتشاف هذا الهيكل العظمي الجزئي على شكل‬
‫ً‬
‫اكتشافا ً‬
‫مهما؛ ألنه‬ ‫‪ 312‬قطعة من ألاسنان والعظام املتحجرة‪ ،‬لقد كان‬
‫ّ‬
‫مكن من تحديد أبعاد الذراع والساق والجسم لهذه الساللة‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫المراجع‬
- Leakey، L.S.B.، Tobias، P.V.، Napier، J.R.، 1964. A new species of the genus
Homo from Olduvai Gorge. Nature 202، 7-9.
- Bobe، R.، Behrensmeyer، A.K.، 2004. The expansion of grassland systems in
Africa in relation to mammalian evolution and the origin of the genus Homo.
Palaeogeography، Palaeoclimatology، Palaeoecology 207، 399-420.
- Domínguez-Rodrigo، M.، Pickering، T.R.، Semaw، S.، Rogers، M.J.، 2005.
Cutmarked bones from Pliocene archaeological sites at Gona، Afar، Ethiopia:
Implications for the functions of the world’s oldest stone tools. Journal of Human
Evolution 48، 109-121.
- Haeusler، M.، McHenry، H.، 2004. Body proportions of Homo habilis
reviewed. Journal of Human Evolution 46، 433-465.
- Spoor، F.، Leakey، M.G.، Gathogo، P.N.، Brown، F.H.، Antón، S.C.، McDougall،
I.، Kiarie، C. Manthi، F.K، Leakey، L.N.، 2007. Implications of new early Homo fossils
from Ileret، east of Lake Turkana، Kenya. Nature 448، 688–691.
- Ungar، P.S.، Grine، F.E.، Teaford، M.F.، El-Zaatari، S.، 2006. Dental microwear
and diets of African early Homo. Journal of Human Evoution 50، 78–95
- Ungar، P.S.، Grine، F.E.، Teaford، M.F.، 2006. Diet in early Homo: a review of
the evidence and a new model of adaptive versatility. Annual Review of Anthropology
35، 209-228.
- Roser، M.; Appel، C.; Ritchie، H. (2013). "Human Height". Our World in Data.
Retrieved 16 June 2020.

240
- Marchi، D.; Harper، C. M.; Chirchir، H.; Ruff، C. B. (2019). "Relative fibular
strength and locomotor behavior in KNM-WT 15000 and OH 35". Journal of Human
Evolution. 131: 48–60.
- Jump up to:a b Braun، D. R.; Aldeias، V.; Archer، W.; et al. (2019). "Earliest
known Oldowan artifacts at >2.58 Ma from Ledi-Geraru، Ethiopia، highlight early
technological diversity". Proceedings of the National Academy of Sciences.
- Zhu، Z.; Dennell، R.; Huang، W.; Wu، Y.; Qiu، S.; Yang، S.; Rao، Z.; Hou، Y.; Xie،
J.; Han، J.; Ouyang، T. (2018). "Hominin occupation of the Chinese Loess Plateau since
about 2.1 million years ago". Nature. 559 (7715): 608–612.
- Domínguez-Rodrigo، M.; Cobo-Sánchez، L. (2017). "A spatial analysis of stone
tools and fossil bones at FLK Zinj 22 and PTK I (Bed I، Olduvai Gorge، Tanzania) and its
bearing on the social organization of early humans". Palaeogeography،
Palaeoclimatology، Palaeoecology. 488: 28–34.

- https://australian.museum/learn/science/human-
evolution/homo-habilis/
- https://humanorigins.si.edu/evidence/human-
fossils/species/homo-habilis

241
‫الفصل الثامن عشر‬
‫إلانسان العامل‬
‫‪HOMO EGRASTER‬‬

‫‪242‬‬
‫عاشت هذه الساللة في شرق إفريقيا في الفترة ما بين ‪ 1.2-1.1‬مليون‬
‫سنة‪ ،‬كان متوسط حجم الدماغ حوالي ‪ 101‬سم مكعب ويشكل حوالي ‪1.0‬‬
‫ً‬
‫شكال أكثر ً‬ ‫‪ ٪‬من وزن الجسم‪َّ ،‬‬
‫شبها باإلنسان العاقل‪ ،‬والفك أقصر‬ ‫طور‬
‫وأكثر خفة من تلك املوجودة في السالالت السابقة‪ ،‬مما أدى إلى وجه أقصر‬
‫ً‬
‫وأكثر انبساطا مثل ألانواع السابقة‪ ،‬ينحدر الجزء ألامامي من الفك السفلي‬
‫ذقنا ً‬ ‫ً‬
‫مدببا مثل ذقن إلانسان الحديث‪ .‬كان ترتيب ألاسنان‬ ‫لاخلف وال يشكل‬
‫ً‬
‫داخل الفكين وسيطا بين تلك الخاصة بالبشر ألاوائل وإلانسان الحديث‬
‫من حيث إن الصفوف الجانبية لألسنان كانت متباعدة ً‬
‫كثيرا في الجزء‬
‫الخلفي من الفك عنها في املقدمة‪ ،‬وكانت ألاسنان ألامامية قصيرة وغير حادة‬
‫شبها‬ ‫ً‬
‫حجما وأكثر ً‬ ‫مثل أسنان إلانسان الحديث‪ ،‬وكانت الضروس أصغر‬
‫باإلنسان من تلك املوجودة في السالالت السابقة‪.‬‬
‫تظهر فقرات منطقة الرقبة في العمود الفقري أن النخاع الشوكي كان‬
‫أرق مما هو عليه في إلانسان الحديث‪ ،‬قد يشير هذا إلى أن هذه الساللة‬
‫لداها قدرات محدودة على الكالم بسبب نقص ألاعصاب الالزمة للتحكم‬
‫املعقد في التنفس أثناء التحدث ‪.‬‬
‫تتميز تلك الساللة بأنها طويلة الساقين‪ ،‬ووجه مسطح وأنف بارز ودماغ‬
‫متسع إلى حد ما‪ ،‬على طول املسار املؤدي إلى إلانسان املعاصر‪ ،‬لكنه ال‬
‫عددا من السمات الوسيطة‪ ،‬وكان ذا أرجل طويلة والتي قد‬ ‫يزال يمتلك ً‬

‫‪243‬‬
‫ً‬
‫تكون تكيفا لزيادة تبريد الجسم إلى أقص ى حد في بيئة حارة وجافة ومع‬
‫ذلك‪ ،‬فإن الحوض الذي تم العثور عليه في عام ‪ 2111‬يشير إلى أن إلاناث‬
‫كانت على ألاقل عريضة الوركين وقصيرة‪ ،‬نمت إلاناث إلى حوالي ‪ 101‬سم‬
‫في الطول بينما وصل الذكور إلى حوالي ‪ 111‬سم في الطول‪ ،‬وعلى عكس‬
‫السالالت السابقة‪ ،‬كانت ألارجل أطول بكثير من الذراعين‪ ،‬لذلك كانت‬
‫أبعاد ألاطراف مماثلة لتلك املوجودة في إلانسان الحديث‪ ،‬وفقدت‬
‫التكيفات الخاصة بتسلق ألاشجار وأفسحت املجال ملسيرة طويلة ألارجل‬
‫كانت وسيلة فعالة للتنقل وسهلت السفر ملسافات أطول‪ ،‬وسمحت له‬
‫القدرة على الجري على قدمين من خالل مجموعة متنوعة من ميزات‬
‫ألاطراف باإلضافة إلى التغييرات في الكتفين والصدر والخصر التي مكنت‬
‫الجسم من الحفاظ على توازنه أثناء الجري لفترات طويلة‪ ،‬تم تشكيل‬
‫ضيقا ً‬ ‫ً‬
‫نسبيا مقارنة بالسالالت البشرية‬ ‫الحوض مثل إلانسان الحديث وكان‬
‫السابقة‪ ،‬مما سمح بحركة أكثر كفاءة على قدمين‪ ،‬تشير عينة الحوض‬
‫ألانثوية إلى أن بعض إلاناث على ألاقل كانت لداهن أجسام عريضة الوركين‬
‫ً‬
‫بدال من الجسم الضيق الطويل الذي اقترحه الهيكل العظمي لفتى توركانا‪،‬‬
‫ً‬
‫محاذيا‬ ‫يشترك هذا الحوض في بعض امليزات مع بشر عفار‪ ،‬كان الجسم‬
‫ً‬
‫عموديا فوق الحوض‪.‬‬
‫بما كان إلانسان العامل ً‬
‫أيضا أول ألانواع البشرية التي كانت لها بشرة‬ ‫ر‬
‫خالية من الشعر ً‬
‫تقريبا‪ ،‬إذا كان لدى إلانسان العامل غطاء يشبه غطاء‬
‫شعر الجسم لإلنسان املعاصر‪ ،‬فإن التعرق لن يكون بنفس الكفاءة‪ ،‬على‬
‫‪244‬‬
‫عموما لضعف الشعر‪ ،‬إال أن‬‫ً‬ ‫الرغم من أن التعرق هو التفسير املقبول‬
‫التفسيرات ألاخرى املقترحة تشمل تقليل حمل الطفيليات والانتقاء‬
‫ً‬
‫الجنس ي‪،‬من املشكوك فيه أن يكون إلانسان ألاقدم متحركا بدرجة كافية‬
‫لجعل تساقط الشعر سمة مفيدة‪ ،‬في حين تم تكييف إلانسان العامل‬
‫بشكل واضح للسفر ملسافات طويلة واشتهر بسكنه على ارتفاعات منخفضة‬
‫من أسالفه‪ .‬يسكن ألاجناس ألاقدم عادة على ارتفاعات أكثر برودة وأعلى‬
‫من ‪ 1111‬إلى ‪ 1011‬متر‪ ،‬حيث تكون درجات الحرارة أثناء الليل قد تصبح‬
‫أكثر برودة بشكل ماحوظ وقد تكون هناك حاجة إلى عزل شعر الجسم‪ ،‬من‬
‫أيضا أن يكون تساقط شعر الجسم قد حدث في وقت الحق بشكل‬ ‫املمكن ً‬
‫ماحوظ‪ ،‬يشير التحليل الجيني إلى أن النشاط املرتفع في مستقبل‬
‫الصبغيات‪ ،‬الذي ينتج الجلد الداكن‪ ،‬يعود إلى حوالي ‪ 1.2‬مليون سنة‪،‬‬
‫هذا يمكن أن يشير إلى تطور الصلع في هذا الوقت‪ ،‬حيث إن قلة شعر‬
‫ً‬
‫معرضا لألشعة فوق البنفسجية الضارة‪.‬‬ ‫الجسم قد تترك الجلد‬
‫منذ حوالي ‪ 1.1‬مليون سنة‪ ،‬أصبح املناخ في معظم أنحاء إفريقيا أكثر‬
‫ً‬
‫جفافا وأكثر موسمية مع غابات السافانا الواسعة‪ ،‬كان إلانسان العامل‬
‫أول ساللة بشرية استفاد من هذه البيئات القاحلة واملفتوحة‪ ،‬ولزيادة‬
‫حجم الدماغ وتقلص حجم ألامعاء‪ ،‬يشير هذا إلى أنهم قد يكونون قد أدرجوا‬
‫املزيد من الاحوم في وجباتهم الغذائية في بيئة السافانا الجافة‪ ،‬من املحتمل‬
‫جزءا ً‬
‫مهما من النظام الغذائي‪ ،‬ربما تمت معالجة‬ ‫أن تكون الدرنات النباتية ً‬

‫‪245‬‬
‫ّ‬
‫املحسنة؛ ألن أسنانها املولية‬ ‫هذه الخضر القاسية باستخدام تقنيتها‬
‫ً‬
‫ألاصغر تشير إلى أنها أكلت أطعمة تتطلب مضغا أقل‪.‬‬
‫عاش إلانسان العامل في السافانا في إفريقيا‪ ،‬وهي بيئة فريدة من نوعها‬
‫مع تحديات من شأنها أن تؤدي إلى الحاجة إلى العديد من السلوكيات‬
‫الجديدة واملتميزة‪ ،‬فإن العيش في تلك البيئة املفتوحة سمحت بالتنقل‬
‫ملسافات طويلة ومن املمكن أن يكون هذا ما أدى إلى التغيرات في شكل‬
‫إلانسان العامل من حيث الطول والوزن وشكل القفص الصدري وشكل‬
‫الحوض‪.‬‬
‫كثيرا ما ُيفترض أن حجم الجسم والدماغ ألاكبر لإلنسان املاهر‪ ،‬مقارنة‬
‫ً‬
‫بأسالفها‪ ،‬كان سيؤدي إلى زيادة الاحتياجات الغذائية والطاقة‪ .‬في عام‬
‫‪ 2112‬صرح عاملا الحفريات البشرية ‪ Jonatham c.k&Leslie C.Aiello‬أن‬
‫متوسط متطلبات ألايض أثناء الراحة لإلنسان املاهر كانت أعلى بنسبة ‪٪31‬‬
‫من تلك الخاصة ببشر عفار بنسة ‪ ٪31‬أعلى لدى الذكور و‪ ٪20‬أعلى عند‬
‫إلاناث‪ ،‬ومع ذلك فإن نسب الجذع من إلانسان العامل تشير إلى أمعاء‬
‫نسبيا‪ ،‬مما يعني أن احتياجات الطاقة قد ال تكون بالضرورة أعلى‬‫ً‬ ‫صغيرة‬
‫في إلانسان العامل مما كانت عليه في السالالت البشرية ألاولى‪ ،‬هذا ألن‬
‫أمعاء السالالت البشرية ألاولى كانت كبيرة ومكلفة للطاقة؛ ألنها كانت‬
‫بحاجة إلى تخمير الدهون من خالل تخمير مادة نباتية‪ ،‬بينما من املحتمل‬
‫ً‬
‫أن يكون إلانسان العامل يأكل دهونا حيوانية أكثر بكثير من أسالفه‪ ،‬كان‬

‫‪246‬‬
‫هذا من شأنه أن يسمح بتحويل املزيد من الطاقة إلى نمو الدماغ‪ ،‬وزيادة‬
‫حجم الدماغ مع الحفاظ على متطلبات الطاقة لألنواع السابقة‪.‬‬
‫إن كانت لداهم متطلبات متزايدة من الطاقة لكان إلانسان العامل‬
‫بحاجة إلى تناول طعام أكثر بكثير من البشر ألاوائل أو كان سيحتاج إلى تناول‬
‫طعام عالي الجودة‪ ،‬إذا كانوا يأكلون نفس نوع ألاطعمة مثل أسالفهم‪،‬‬
‫فحينئذ كان البد من زيادة وقت التغذية بشكل كبير بما يتناسب مع‬ ‫ٍ‬
‫السعرات الحرارية إلاضافية املطلوبة‪ ،‬مما يقلل الوقت الذي يمكن أن‬
‫ً‬
‫يستخدمه إلانسان العامل على الرغم من أن هذا كان ممكنا‪ ،‬إال أنه يعتبر‬
‫غير مرجح خاصة وأن فكي وأسنان إلانسان العامل يتقلصان في الحجم‬
‫مقارنة بتلك املوجودة في السالالت السابقة‪ ،‬مما يشير إلى تحول في النظام‬
‫بعيدا عن ألاطعمة التي يصعب مضغها‪.‬‬‫الغذائي ً‬

‫بغض النظر عن احتياجات الطاقة‪ ،‬تقترح القناة الهضمية الصغيرة‬


‫لإلنسان املاهر ً‬
‫أيضا اتباع نظام غذائي سهل الهضم يتكون من طعام عالي‬
‫الجودة‪ ،‬ومن املحتمل أن إلانسان العامل استهلك الاحوم بنسب أعلى من‬
‫السالالت السابقة‪ ،‬ربما تم الحصول على الاحوم من خالل مزيج من‬
‫الكمائن والصيد‪ ،‬ويجب أن يكون إلانسان العامل قاد ًرا على الدفاع عن‬
‫أنفسهم وجثث فرائسهم من مجموعة متنوعة من الحيوانات املفترسة‬
‫إلافريقية املعاصرة‪ ،‬من املمكن أن ُيعزى الانخفاض في تنوع أنواع آكالت‬
‫الاحوم إلافريقية منذ حوالي ‪ 1.2‬مليون سنة إلى التنافس مع أشباه البشر‬

‫‪247‬‬
‫الانتها يين وآكلي الاحوم‪ ،‬بجانب ذلك كان عليهم ً‬
‫أيضا الاستفادة من‬ ‫ز‬
‫مجموعة متنوعة من مصادر الغذاء ألاخرى‪ ،‬مثل البذور والعسل‬
‫واملكسرات والالفقاريات الدرنات املغذية ومعرفة تخزين الطعام تحت‬
‫ألارض‪.‬‬
‫لم يتم دفن أي من الهياكل العظمية لإلنسان املاهر التي تم العثور عليها‬
‫عمدا ومع ذلك‪ ،‬هناك أدلة على أنهم اهتموا باألفراد ألاحياء من‬‫حتى آلان ً‬
‫مجموعتهم الذين كانوا مرض ى أو مصابين لكن يبدو أنهم لم اهتموا برعايتهم‬
‫بعد املوت‪ ،‬ومن املحتمل أن هؤالء الناس عاشوا في مجموعات اجتماعية‬
‫على أساس الروابط ألاسرية‪ ،‬تشير املقارنة مع مجموعات الرئيسات التي‬
‫تعيش اليوم إلى أن هؤالء البشر كانوا يبتعدون عن الهيكل الاجتماعي السائد‬
‫ً‬
‫للذكور‪ ،‬تظهر معدالت نموها أنها استغرقت وقتا أطول حتى تصل إلى البلوغ‬
‫مقارنة بالقردة الحديثة‪ ،‬ولكن ليس مثل البشر املعاصرين وتشير هذه امليزة‬
‫إلى أن إلانسان العامل كان لديه فترة طفولة ممتدة إلكمال النمو حتى‬
‫النضج‪.‬‬
‫عاش إلانسان العامل ربما كان من املمكن أن يتكيف أشباه البشر مع‬
‫الحياة في السافانا فقط إذا تطورت بالفعل السلوكيات الدفاعية الفعالة‬
‫ضد املفترس‪ ،‬من املحتمل أن يكون الدفاع ضد الحيوانات املفترسة قد‬
‫أتى من خالل التعايش في جماعات كبيرة في العدد‪ ،‬باإلضافة إلى امتالك‬
‫أدوات حجرية وخشبية وقد تم تأسيس سلوك فعال للهجوم املضاد‪ ،‬وفي‬

‫‪248‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الرئيسات الحديثة التي تقض ي وقتا طويال في السافانا مثل الشمبانزي وقردة‬
‫السافانا يشكل ألافراد مجموعات كبيرة متعددة الذكور‪ ،‬حيث يمكن أن‬
‫معا بشكل فعال لصد الحيوانات املفترسة‬ ‫يعمل العديد من الذكور ً‬
‫ً‬
‫والهجوم املضاد وأحيانا باستخدام الحجارة أو العص ي لحماية بقية أفراد‬
‫املجموعة‪ ،‬من املمكن أن يكون السلوك املماثل قد ظهر في أوائل الجنس‬
‫واستنادا إلى ألانظمة املرتبطة بالذكور في قرود البونوبو‬‫ً‬ ‫إلانساني‬
‫والشمبانزي‪ ،‬وامليل نحو الترابط الذكوري‪ ،‬وربما كانت مجموعات من‬
‫البشر ألاوائل مرتبطة بالذكور ً‬
‫أيضا‪.‬‬
‫بسبب ندرة املواد ألاحفورية‪ ،‬ال يمكن تحديد حجم املجموعة في‬
‫إلانسان البدائي بأي قدر من اليقين ولكن يرجح أنها كانت مجموعات كبيرة‬
‫من حيث العدد‪ ،‬فمن املحتمل أن املجموعات كانت أعلى من النطاق ألاعلى‬
‫ألحجام املجموعة املعروفة بين الشمبانزي والبابون حوالي ‪ 111‬فرد أو‬
‫أكثر‪ ،‬في عام ‪ 1113‬قدر عاملا ألانثروبولوجيا القديمة ‪&Leslie C.Aiello‬‬
‫بناء على حجم القشرة‬‫ً‬ ‫‪ R.I.M.Dunbar‬حجم مجموعة إلانسان العامل‬
‫املخية الحديثة (حيث توجد عالقة معروفة بين حجم القشرة املخية‬
‫الحديثة وحجم املجموعة في الرئيسات الحديثة غير البشرية)‪ ،‬كان من‬
‫املمكن أن يتراوح بين ‪ 71‬إلى ‪ً 12‬‬
‫فردا‪ ،‬باإلضافة إلى املش ي على قدمين والتي‬
‫تعتبر ميزة هي ألاخرى من شأنها أن يكون الحد ألاقص ى للمجموعة الذي‬
‫بيئيا أكبر يقدر ما بين ‪ 11‬إلى ‪ً 110‬‬
‫فردا‪.‬‬ ‫يمكن تحمله ً‬

‫‪249‬‬
‫ومن املحتمل أن السلوك الاجتماعي والهجوم املضاد لإلنسان ألاقدم قد‬
‫انتقل إلى إلانسان العامل‪ ،‬حيث من املحتمل أن يكونوا قد تطوروا أكثر‬
‫مالئمة وربما إلانسان العامل هو أول عضو ينتقل إلى مكانة آكالت الاحوم‬
‫الاجتماعية مثل الصيد والجمع‪ ،‬من املحتمل أن يكون مثل هذا السلوك‬
‫نتيجة لهجمات مضادة في سياق التنافس على الطعام املغذي مع آكالت‬
‫الاحوم ألاخرى وربما تطور من ش يء يشبه الصيد الانتهازي الذي تعرضه‬
‫الشمبانزي أحيانا‪.‬‬
‫قد يؤدي التحول إلى الافتراس في املجموعات إلى سلسلة من التغييرات‬
‫التطورية التي غيرت مسار التطور البشري‪ ،‬كانت السلوكيات التعاونية مثل‬
‫الصيد الانتهازي في مجموعات والدفاع عن املفترس والبحث عن املواجهة‬
‫حاسمة للبقاء مما يعني أن الانتقال ألاساس ي في علم النفس قد حدث‬
‫يجيا‪ ،‬مع سلوك "التعاون التنافس ي" النموذجي الذي أبدته معظم‬ ‫تدر ً‬
‫ً‬
‫الرئيسات لم يعد مفضال من خالل الانتقاء الطبيعي وامليول الاجتماعية‬
‫ً‬
‫جهودا تعاونية‬ ‫التي تحل محلها‪ ،‬فإن الصيد وألانشطة ألاخرى قد يصبح‬
‫ً‬ ‫حقيقية‪ً ،‬‬
‫نظرا ألن سلوك الهجوم املضاد يظهر عادة في ذكور الرئيسات‬
‫ً‬
‫الحديثة‪ُ ،‬يعتقد أن الصيد الاجتماعي لدى البشر القدامى كان نشاطا‬
‫ً‬
‫ذكوريا في املقام ألاول‪.‬‬
‫أنواعا أخرى من البحث عن‬‫ً‬ ‫من املحتمل أن تكون إلاناث قد أجرت‬
‫الطعام‪ ،‬وجمع الطعام الذي ال يتطلب الصيد (مثل الفواكه‪ ،‬واملكسرات‪،‬‬

‫‪250‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اجتماعيا‪ ،‬فمن املحتمل أن‬ ‫ونظرا لكون الصيد نشاطا‬ ‫والبيض‪ ...‬إلخ)‪،‬‬
‫ألافراد يتشاركون الاحوم مع بعضهم البعض‪ ،‬مما سيعزز الروابط بين كل‬
‫من الصيادين أنفسهم وبين الصيادين وبقية املجموعة‪ ،‬من املحتمل أن‬
‫تشا ك إلاناث ما ُك ّن يتغذين عليه مع بقية املجموعة ً‬
‫أيضا‪ ،‬كان من املمكن‬ ‫ر‬
‫أن يؤدي هذا التطور إلى تطوير الصداقات بين الذكور وإلاناث في روابط‬
‫زوجية انتهازية أحادية الزواج‪ً ،‬‬
‫نظرا ألن الانتقاء الجنس ي من إلاناث ربما‬
‫يفضل الذكور الذين يمكنهم الصيد‪ ،‬فإن السلوك الاجتماعي الناش ئ الناتج‬
‫عن هذه السلوكيات الجديدة كان من املمكن أن يتم نقله وتضخيمه عبر‬
‫ألاجيال‪.‬‬
‫يأتي الدليل املباشر الوحيد على تكوين مجموعة إلانسان العامل‬
‫بسلسلة من املواقع خارج إليريت في كينيا‪ ،‬حيث تم الحفاظ على ‪ 17‬بصمة‬
‫قدم منذ حوالي ‪ 1.2‬مليون سنة من قبل مجموعة مكونة من ‪ً 21‬‬
‫فردا على‬
‫ً‬
‫استنادا إلى حجم آثار ألاقدام يبدو أن أحد املسارات كان عبارة عن‬ ‫ألاقل‪،‬‬
‫مجموعة مكونة بالكامل من الذكور‪ ،‬وربما مجموعة مهام متخصصة مثل‬
‫دورية حدودية أو مجموعة صيد أو بحث عن الطعام‪.‬‬
‫ً‬
‫أيضا إلى تقسيم‬ ‫صحيحا فقد يشير هذا‬‫ً‬ ‫إذا كان هذا التقييم‬
‫املسؤوليات بين الذكور وإلاناث‪ ،‬في املجتمعات الحديثة التي تعتمد على‬
‫الصيد والجمع والتي تستهدف عناصر كبيرة من الفرائس‪ ،‬يتم إرسال‬
‫ً‬
‫الذكور إلى ألاماكن البعيدة عادة إلنزال هذه الحيوانات عالية الخطورة‪،‬‬

‫‪251‬‬
‫وبسبب معدل النجاح املنخفض تميل ألاحزاب النسائية إلى التركيز على‬
‫املزيد من ألاطعمة التي يمكن التنبؤ هها‪.‬‬

‫صورة إلحدى البصمات من إليريت في كينيا‬


‫إن قدرة املضغ الصغيرة ً‬
‫نسبيا لإلنسان املاهر مقارنة بالسالالت السابقة‬
‫ذات الفك ألاكبر‪ ،‬تعني أن الاحوم وألاغذية النباتية عالية الجودة املستهلكة‬
‫قد تتطلب على ألارجح استخدام أدوات للمعالجة قبل ألاكل‪ ،‬وقد أصبحت‬
‫تقدما مع إنتاج أنواع جديدة من ألادوات‬ ‫ً‬ ‫تقنية إلانسان العامل أكثر‬
‫الحجرية‪ ،‬أظهرت جوانب أخرى من سلوكهم ً‬
‫أيضا بعض التغييرات املهمة‬

‫‪252‬‬
‫بما في ذلك احتمال استخدام النار وزيادة مستويات النشاط البدني‪ ،‬وصنع‬
‫ألادوات الحجرية الكبيرة بما في ذلك الفؤوس اليدوية والسواطير واملعاول‪،‬‬
‫ولصنع هذه ألادوات تم إنتاج رقائق حجرية كبيرة ثم تم تشكيلها على‬
‫ّ‬
‫املحسنة أدوات أكثر متانة‬ ‫الجانبين إلنتاج حواف حادة‪ ،‬خلقت هذه التقنية‬
‫حافظت على حدتها لفترة أطول من ألانواع السابقة من ألادوات‪.‬‬
‫أظهر الفحص املجهري أن أدواتهم كانت تسر ر ررتخدم بشر ر رركل أسر ر رراس ر ر ر ي في‬
‫الاحوم والعظر ررام وجلود الحيوانر ررات والخشر ر ر ر ر ررب‪ ،‬وتلر ررك ألادوات تش ر ر ر ررتمر ررل‬
‫مش ر ر ر رراطير ذات حواف مس ر ر ر ررتقيمررة ومعرراول مرردببررة ومحرراور يرردويررة‪ ،‬غررال ًبرا مررا‬
‫تس ر ر ر ررمى هررذه ألادوات برراألدوات الحجريررة ألاش ر ر ر ررولينيرة‪ ،‬وكررانررت هررذه ألادوات‬
‫مناس ر رربة لألعمال الش ر رراقة بما في ذلك تحطيم العظام للوص ر ررل إلى النخاع‪،‬‬
‫وذبح الثدييات الكبيرة وتقطيعها‪ ،‬تم تطوير هذه التقنية الجديدة بواس ررطة‬
‫إلانس ر ر ر رران العرامرل في إفريقيرا وكرانرت بمثرابة تحس ر ر ر ررين على ش ر ر ر ررفرات ألادوات‬
‫ال ر ر ر ر رح ر ر ر ر رجر ر ر ر رررير ر ر ر ررة‬
‫البس ر ر ر رريطررة جر ًردا‬
‫ال ر ر ر ر رت ر ر ر ر رري ك ر ر ر ر رران‬
‫تس ر ر ر ر ر رت ر رخ ر رردم ر ره ر ررا‬
‫الس ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررالالت‬
‫الس ر ر ر ر ررابق ررة مث ررل‬
‫إلانس ر ر ر رران املرراهر‬
‫منذ حوالي مليوني عام‪ ،‬وفي وقت الحق واصر ررل إلانسر رران املنتصر ررب (سر رراللة‬
‫‪253‬‬
‫الحقررة) اس ر ر ر ررتخرردام هررذه التكنولوجيررا في إفريقيررا وأخررذوا هررذه التكنولوجيررا‬
‫ض را عندما انتشررروا في أوراسرريا‪ ،‬من أغنى املواقع لألدوات الحجرية‬ ‫معهم أي ً‬
‫ألاشولينية في إفريقيا هي الصدع إلافريقي في كينيا‪.‬‬

‫صورة إلحدى ألادوات ألاشولينية‬


‫ربما تم استخدام النار منذ ‪ 1.2‬مليون سنة ألغراض الطهي والتدفئة‪،‬‬
‫ً‬
‫خاضعا للسيطرة على‬ ‫ً‬
‫استخداما‬ ‫ولكن ليس من املؤكد ما إذا كان هذا‬
‫النار‪ ،‬قد يكون الفحم وألارض املحروقة والعظام املتفحمة التي تم العثور‬
‫عليها مرتبطة بحفريات إلانسان البشري ناتجة عن حرائق تحدث بشكل‬
‫ً‬
‫طبيعي بدال من الحرائق التي يتم إشعالها عن عمد والتحكم فيها‪ ،‬وتشير‬
‫التقارير ألاخيرة عن الاكتشافات في كهف وندرويرك جنوب إفريقيا‪ ،‬إلى أن‬
‫الاستخدام الخاضع للرقابة للنيران ربما كان يحدث منذ ‪ 1.7‬مليون سنة‪،‬‬
‫تحتوي الرواسب الطبقية على أحجار محترقة وعظام متفحمة وآثار رماد‬
‫تشير إلى تكرار أحداث الاحتراق‪ ،‬واستنتج املكتشفون أن صانعي النار‪ ،‬على‬
‫ألارجح من إلانسان العامل‪ ،‬يتجمعون بانتظام حول النار إلعداد وطهي‬
‫ً‬
‫وأيضا ألسباب اجتماعية‪.‬‬ ‫الطعام‬
‫تم اقتراح إلانسان العامل ألول مرة كساللة جديد في عام ‪ 1172‬بعد أن‬
‫ً‬
‫أعاد العلماء فحص فك أحفوري تم تحديده سابقا تحت إلانسان املنتصب‬
‫ولكن بعد ما قام ‪ COLIN GROVES & VRATISLAV MAZAK‬الحظا بعض‬
‫‪254‬‬
‫ً‬
‫امليزات الفريدة حول هذا الفك الذي جعله مختلفا عن أسالفنا البشريين‬
‫ً‬
‫آلاخرين‪ .‬تم التعرف على هذه امليزات نفسها الحقا في مجموعة من الحفريات‬
‫التي كان يعتقد في البداية أنها أشكال مبكرة من إلانسان املنتصب في‬
‫إفريقيا‪ ،‬تم آلان إعادة تصنيف كل هذه الحفريات على أنها إلانسان العامل‪،‬‬
‫منذ ذلك الحين تم إجراء اكتشافات أحفورية جديدة ويتم تمثيل هذه‬
‫الساللة آلان بواسطة أحافير من الذكور وإلاناث وكذلك البالغين والصغار‪،‬‬
‫وتم تسمية إلانسان العامل ههذا الاسم حيث تم العصور على أدوات حجرية‬
‫بالقرب من الحفريات‪ ،‬إلانسان العامل ‪ HOMO EGRASTER‬وهذا الاسم‬
‫مكون من كلمتين ‪ HOMO‬وهي كلمة التينية ألاصل وتعني إنسان‪،‬‬
‫‪ EGRASTER‬وهي كلمة يونانية ألاصل وتعني عمل‪.‬‬
‫ا – صبي توركانا "‪"KNM-WT15000‬؛ وهي عبارة عن هيكل عظمي‬
‫اكتشفه ‪ ،KAMOY KIMEN‬غرب توركانا – كينيا‪ ،‬والعمر التقديري‬
‫لاحفرية حوالي ‪ 1.2‬مليون سنة‪ ،‬ويقدر عمر صبي توركانا عند الوفاة ما بين‬
‫‪ 11-1‬سنة‪ ،‬ويبلغ طوله حوالي ‪ 1.2‬متر‪.‬‬

‫‪255‬‬
256
‫ب ‪ -‬حفريررة س ر ر ر رروارتكرانس ‪107‬‬
‫"‪"SK847-A‬؛ وهرري ع رب ر ررارة عررن ثررالث‬
‫قر رط ررع م ررن جر رمر رجر رم ر ررة‪ ،‬اك ررتشر ر ر ر ر رفر ره ر ررا‬
‫‪ ،RONAD CLARK‬في منطقة كهوف‬
‫سر ر ر ررتيركفونتاين – جنوب إفريقيا‪ ،‬في‬
‫ع ر ررام ‪ ،1101‬وال ر رع ر رم ر ررر ال ر رت ر رق ر رردي ر ررري‬
‫لاحفرية حوالي ‪ 1.1‬مليون سنة‪ ،‬كما‬
‫تم العصور على أدوات حجرية وعظام محترقة‪.‬‬
‫جر ر ر ر ر ر ر ر ‪ -‬حفرية ش ر ر رررق توركانا‬
‫‪"KNM-ER3733" 3733‬؛ وهر رري‬
‫عبارة عن جمجمة؛ ألنثي بالغة‪،‬‬
‫اكتش ر ر ر ررفهررا ‪RICHARD LEAKY‬‬
‫‪ ،& BRNAD NGNEO‬ف ر ر ر ر رري‬
‫منطق ر ررة كووبي فورا – ش ر ر ر رررق‬
‫توركرانا – كينيا‪ ،‬في عام ‪،1172‬‬
‫والعمر التقديري لهذه الحفرية ‪ 1.7‬مليون سنة‪.‬‬

‫‪257‬‬
‫د ‪ -‬حفرية ش ر ر رررق توركانا‬
‫‪"KNM-ER992" 112‬؛ وهي‬
‫ع ر رب ر ررارة عر ررن ف ر ررك س ر ر ر ر ر رف ر رلر رري‬
‫مر ر رتر ر رحر ر رج ر ررر‪ ،‬اكر ر رتشر ر ر ر ر ر رفر ر ره ر ررا‬
‫‪ ، RICHARD LEAKY‬فر ر ر رري‬
‫مرنرطرق ر ررة برحريرررة تررورك ر رران ر ررا –‬
‫كر ر رير ر رنر ر ري ر ررا‪ ،‬ف ر رري ع ر ررام ‪،1171‬‬
‫والر رعر رم ررر الر رتر رق ر رردي ررري لر ره ر ررذه‬
‫الحفرية ‪ 1.2‬مليون سنة‪.‬‬

‫هر ر ر ر ر ر ر ‪ -‬حفرية ش ر رررق توركانا ‪"KNM-ER02711" 02711‬؛ وهي عبارة عن‬


‫جمجمرة متحجرة‪ ،‬اكتش ر ر ر ررفهرا ‪ ، MEAVE LEAKEY‬في كينيرا‪ ،‬في عام ‪،2111‬‬
‫والعمر التقررديري لهررذه الحفريررة ‪ 1.2‬مليون س ر ر ر رنررة‪ ،‬وتعود إلى شر ر ر ر رراب بررالغ‬
‫وي ر ر ر رب ر ر ر رل ر ر ر ررغ‬
‫ح ر ر ر ر ر رجر ر ر ر ر ررم‬
‫الر ر ر رردمر ر ر رراغ‬
‫‪011‬‬
‫سم‪. 3‬‬

‫‪258‬‬
‫و – حفرية جونا ‪"P27 "BSN49/P27/01‬؛ وهي عبارة عن عظام حوض‪،‬‬
‫اكتشفت في حوض نهر جونا – عفار – إثيوبيا‪ ،‬في عام ‪ ،1111‬والعمر‬
‫التقديري لهذه الحفرية ‪ 1.1‬مليون سنة‪ ،‬وتعود إلى أنثى بالغة ويشير‬
‫الحوض إلى أنها كانت قصيرة نسبيا ألفراد نوعها فيبلغ طولها ‪ 131‬سم‪.‬‬

‫‪259‬‬
‫المراجع‬
- Dubois، E.،. 1894. Pithecanthropus erectus: eine
menschenaehnlich Uebergangsform aus Java. Batavia:
Landsdrukerei.
- Antón، S.C.، 2003. Natural history of Homo erectus.
Yearbook of Physical Anthropology 46، 126–170.
- Le Gros Clark W.E.، 1964. The fossil evidence for human
evolution، 2nd ed. Chicago: University of Chicago Press.
- Leonard، W.R.، Robertson، M.L.، 1997. Comparative
primate energetics and hominid evolution. American Journal of
Physical Anthropology 102، 265–281.
- Mayr، E.، 1950. Taxonomic categories of fossil hominids.
Cold Spring Harbor Symp Quant Biol 25، 109–118.
- Herries، Andy I. R.; et al. (2020). "Contemporaneity of
Australopithecus، Paranthropus، and early Homo erectus in
South Africa" Science.
- Zhu، Zhaoyu; Dennell، Robin; Huang، Weiwen; Wu، Yi;
Qiu، Shifan; Yang، Shixia; Rao، Zhiguo; Hou، Yamei; Xie، Jiubing;
Han، Jiangwei; Ouyang، Tingping (2018).

260
- Roberts، Alice (2018). Evolution: The Human Story
(Revised ed.). Dorling Kindersley Ltd.
- Willems، Erik P.; van Schaik، Carel P. (2017). "The social
organization of Homo ergaster: Inferences from anti-predator
responses in extant primates". Journal of Human Evolution.
- Kimbel، William H.; White، Tim D. (2017). "Variation،
Sexual Dimorphism and the Taxonomy of Australopithecus". In
Grine، Frederick E. (ed.). Evolutionary History of the Robust
Australopithecines. Routledge.
- Hatala، Kevin G.; Roach، Neil T.; Ostrofsky، Kelly R.;
Wunderlich، Roshna E.; Dingwall، Heather L.; Villmoare، Brian A.;
Green، David J.; Harris، John W. K.; Braun، David R.; Richmond،
Brian G. (2016). "Footprints reveal direct evidence of group
behavior and locomotion in Homo erectus".
- https://humanorigins.si.edu/evidence/human-
fossils/species/homo-erectus
- https://australian.museum/learn/science/human-
evolution/homo-ergaster/

261
‫الفصل التاسع عشر‬
‫إنسان جواتن‬
‫‪HOMO GAUTENSIS‬‬

‫‪262‬‬
‫إنسان جواتن هو اسم ساللة اقترحه عالم ألانثروبولوجيا ‪Darren‬‬
‫ُ‬
‫‪ Curnoe‬في عام ‪ 2111‬لحفريات البشر في جنوب إفريقيا تنسب بطريقة إلى‬
‫السالالت إلانسانية أو البشرية‪ ،‬اشتق اسم النوع ‪ gautengensis‬من‬
‫مقاطعة ‪ Gauteng‬في جنوب إفريقيا والتي عثر فيها على الحفرية "‪"STW 53‬‬
‫ُ‬
‫املمثلة لها‪ ،‬كان تصنيف معظم الحفريات املشار إليها باسم إنسان جواتن‬
‫مثيرا لاجدل قبل وصف النوع وما زال ً‬
‫مثيرا لاجدل حتى يومنا هذا‪ ،‬وحتى‬ ‫ً‬
‫تمثيل إنسان جواتن كساللة مستقلة‪.‬‬
‫تم اكتشاف "‪ "Stw 53‬في أغسطس ‪ 1170‬بالقرب من كروجرسدورب في‬
‫جنوب إفريقيا وتم وصفه في عام ‪ 1177‬من قبل علماء ألانثروبولوجيا‬
‫القديمة ‪ Philip V. Tobias & Alun R. Hughes‬على أنها جمجمة ربما من‬
‫ألانواع املبكرة من إلانسان‪ ،‬على الرغم من أن العديد من علماء‬
‫ألانثروبولوجيا القديمة قد اعترفوا بأن الحفرية تمثل ً‬
‫نوعا من إلانسان‪،‬‬
‫ً‬ ‫ومن املحتمل أن يكون إلانسان املاهر إال أن هذا لم يتم قبوله ً‬
‫عامليا‪ ،‬وبدال‬
‫من ذلك اعتبره الكثيرون على أنه عينة من بشر جنوب إفريقيا‪ ،‬وعلى الرغم‬
‫من أن تاريخ موقع الحفريات يعود في البداية إلى أكثر من مليوني عام‪ ،‬إال‬
‫أن العمل الحديث يشير إلى أن املوقع كان أصغر بكثير حيث كان عمره ‪1.71‬‬
‫‪ 1.03 -‬مليون سنة‪ ،‬وفي تلك الفترة لم يعثر على أي بقايا لبشر جنوب إفريقيا‬
‫منذ فترة تاريخية سابق لها أيضا‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫في عام ‪ 2111‬استعرض عالم ألانثروبولوجيا ‪ Darren Curnoe‬كمية‬
‫كبيرة من عينات ألاحافير البشرية من جنوب إفريقيا‪ ،‬وخلص إلى أن بعض‬
‫كاف عن السالالت ألاخرى املعترف هها مثل‬
‫الحفريات كانت مختلفة بشكل ٍ‬
‫إلانسان املاهر ‪ -‬إلانسان العامل ‪ -‬إلانسان املنتصب (سالالت الحقة)‪،‬وقام‬
‫تصنيفها كساللة جديدة‪ ،‬قبل وصف‪ ، Curnoe‬كان قد اقترح بالفعل علماء‬
‫ً‬
‫استنادا إلى عدد من السمات في‬ ‫ألانثروبولوجيا القديمة‪ ،‬مثل ‪Frederick‬‬
‫ألاسنان والجمجمة‪ ،‬خلص ‪ Curnoue‬إلى أنه يميز بين ‪ Stw 53‬و‪ SK 847‬عن‬
‫السمات الرئيسة للسالالت املعاصرة إلانسان العامل وإلانسان املاهر‪ ،‬كما‬
‫صرح ‪ Curnoe‬من الواضح آلان أن أحافير جنوب إفريقيا متمايزة للغاية‬
‫من الناحية الشكلية بحيث ال يمكن استيعاهها داخل أي من السالالتين‬
‫جديدا الستيعاههم‪ ،‬ومن أهم‬ ‫ً‬ ‫وعلى هذا النحو‪ ،‬اقترح ‪ً Curnoe‬‬
‫نوعا‬
‫الاختالفات التي لوحظت بين ‪ Stw 53‬وإلانسان املاهر هو أن بعض تيجان‬
‫ألاسنان لاحفرية كانت أكبر من تيجان ألاسنان املتوسطة ألسنان إلانسان‬
‫ً‬
‫املاهر‪ ،‬بينما كانت تيجان أسنان السالالت ألاخرى أكثر ضيقا بشكل ماحوظ‬
‫‪.‬‬
‫إن التعرف على إنسان جواتن محدود مع تصنيف ألاحافير الفردية املشار‬
‫إليها في ألانواع التي ال تزال محل نزاع بين علماء الحفريات القديمة‪ ،‬كما أن‬
‫تلك الساللة لها القليل من الاعتراف اليوم‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫بقايا جمجمة ‪Stw 53‬‬

‫‪265‬‬
‫المراجع‬
- Hughes، Alun R.; Tobias، Philip V. (1977). "A fossil skull probably of the genus
Homo from Sterkfontein، Transvaal". Nature. 265 (5592): 310–312.
- Grine، F. E.; Demes، B.; Jungers، W. L.; Cole، T. M. (1993). "Taxonomic Affinity
of the Early Homo Cranium From Swartkrans، South Africa". American Journal of
Physical Anthropology. 92 (4): 411–426.
- Grine، F. E.; Jungers، W. L.; Schultz، J. (1996). "Phenetic affinities among early
Homo crania from East and South Africa". Journal of Human Evolution. 30 (3): 189–225.
- Curnoe، Darren (2010). "A review of early Homo in southern Africa focusing
on cranial، mandibular and dental remains، with the description of a new species
(Homo gautengensis sp. Nov)". HOMO: Journal of Comparative Human Biology. 61 (3):
151–177.
- Berger، Lee R. (2012). "Australopithecus sediba and the earliest origins of the
genus Homo" (PDF). Journal of Anthropological Sciences. 90 (90): 117–131.
- Antón، Susan C. (2012). "Early Homo: Who، When، and Where". Current
Anthropology. 53: S278–S298.
- Dusseldorp، Gerrit Leendert; Lombard، Marlize; Wurz، Sarah (2013).
"Pleistocene Homo and the updated Stone Age sequence of South Africa". South African
Journal of Science. 109 (5–6): 46–52.
- Villmoare، Brian; Kimbel، William H.; Seyoum، Chalachew; Campisano،
Christopher J.; DiMaggio، Erin N.; Rowan، John; Braun، David R.; Arrowsmith، J. Ramón;
Reed، Kaye E. (2015). "Early Homo at 2.8 Ma from Ledi-Geraru، Afar، Ethiopia". Science.

266
‫الخــــاتمة‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫هذه الفترة أطلق عليها السالالت إلانسانية ألاولى‪ ،‬حيث أطلق املجتمع‬
‫العلمي على بقايا تلك السالالت اسم ‪ HOMO‬أي إلانسان‪ ،‬تلك املرحلة هي‬
‫ّ‬
‫املتسيد على هذا‬ ‫الانطالق السريع لكي يكون هذا الجنس الناش ئ هو‬
‫ِ‬
‫الكوكب‪ ،‬حيث الانطالق في استيطان بيئات جديدة ليصل بعدها بفترة‬
‫زمنية أنه الجنس الوحيد القادر على استيطان كافة بيئات هذا الكوكب‪،‬‬
‫كما أن التغيرات الجسمانية التي تعد بمثابة قفزة كبيرة نحو الصفات‬
‫الجسمانية لإلنسان الحديث‪ ،‬ومن املرجح أن تلك السالالت لم تغادر القارة‬
‫إلافريقية‪ ،‬ولكن هناك موقع مثير للشكوك وهو موقع يوامنو بمقاطعة‬
‫يونان جنوب غرب الصين‪ ،‬تم الاكتشاف في مايو عام ‪ 1102‬وأطلق على هذا‬
‫الاكتشاف رجل يوانمو ""‪ ،"Yuanmou Man‬وقد تم العثور على اثنين من‬
‫القواطع العلوية للفك‪ ،‬باإلضافة على العثور على علي أجزاء من عظام‬
‫الرجل ألنثى مفترضة‪ ،‬تم تقدير عمر تلك الحفريات على نحو ‪ 1.7‬مليون عام‬
‫آن ذاك‪ ،‬أثار ذلك ضجة كبيرة كما صاحبت تلك التقديرات العديد من‬
‫التشكيكات الخاصة بالتاريخ‪ ،‬ففي عام ‪ 2112‬تم نشر بحث في مجلة التطور‬
‫البشري تحت عنوان التواريخ القديمة املغناطيسية لبقايا أسالف إنسان‬
‫يوانمو الصين ومواقع آسياوية أخرى‪ ،‬تؤكد استنادا إلى البيانات‬
‫املغناطيسية القديمة والتي تم استخدامها للتقدير السابق أيضا إلى أن‬
‫العمر التقديري لتلك البقايا يعود إلى ‪ 711‬ألف سنة‪ ،‬تلك البقايا جدلية‬
‫‪267‬‬
‫حيث إنه لم يتم اعتماد تقنية الكربون املشع في تاريخها‪ ،‬بل بحساب‬
‫الطبقات الرسوبية والتي يعتقد أنها ذات حركة انقالبية حيث يتم نقل‬
‫الطبقات ألاقدم إلى ألاعلى والطبقات ألاقدم إلى ألاسفل‪ ،‬وهذا ألامر مألوف‬
‫عند الجيولوجيين والجغرافيين عند دراسة طبقات ألارض وتكوينها‪ ،‬كما أن‬
‫هناك ر ًأيا آخر يشير إلى أن البقايا املتوفرة في تلك الطبقة الرسوبية تنتمي‬
‫إلى الربع الثالث من العصر البليستوسيني وهي مرحلة التشيباني املمتدة ما‬
‫بين ‪ 711‬إلى ‪ 120‬مليون سنة‪ ،‬وقدر عمر تلك البقايا ما بين ‪ 731‬إلى ‪211‬‬
‫ألف عام‪ ،‬وأشار إلى ذلك عالم الجيولوجيا الصيني ‪ Lui Dongsheng‬في‬
‫دراسة عام ‪ ،1113‬وبذلك يفتقر الدليل الوحيد حتى آلان حول وجود‬
‫سالالت إنسانية أولى خارج القارة إلافريقية قبل ساللة إلانسان املنتصب‬
‫(ساللة الحقة)‪.‬‬

‫‪268‬‬
‫بدأت تلك الفترة منذ حوالي ‪ 2.1‬مليون سنة وتعد الحفرية ‪LD 350-1‬‬

‫إنسان بحيرة‬
‫رودلف‬
‫حفرية‬
‫ساللة بشر عفار‬ ‫‪LED 350-1‬‬
‫‪ 2.4‬مليون سنة‬
‫اإلنسان العامل‬
‫‪ 2.9-3.9‬مليون سنة‬
‫‪ 2.8‬مليون سنة‬ ‫‪5.9‬مليون سنة‬
‫اإلنسان الماهر‬
‫‪ 2.3‬مليون سنة‬
‫إنسان جواتن‬
‫‪ 5.7‬مليون سنة‬

‫هي بداية السالالت إلانسانية والجد ألاكبر لهم‪ ،‬انتهت تلك الفترة منذ حوالي‬
‫‪ 1.0‬مليون سنة مع نهاية ساللة إلانسان العامل واملخطط التالي يوضح‬
‫السالالت إلانسانية ألاولى‪.‬‬
‫كان ُيعتقد سابقا أن السالالت إلانسانية قد انحدرت من ساللة بشر‬
‫جنوب إفريقيا‪ ،‬ولكن بعد الاكتشافات املتتالية أصبحنا آلان نعرف أن‬
‫السالالت إلانسانية قد انحدرت منذ فترة أبعد مما كنا نعتقد‪ ،‬حيث إن‬
‫اكتشاف الحفرية ‪ LD 350-1LD 350-1‬قد جعلنا نعيد النظر من جديد‬
‫حول ترتيب شجرة العائلة البشرية‪ ،‬ومن هنا أصبحت ساللة بشر عفار هي‬
‫الساللة الرئيسة التي تشعبت منها كافة السالالت على فترات زمنية طويلة‪،‬‬
‫ولكن في تلك الفترة التي انشقت فيها السالالت إلانسانية انشقت أيضا‬
‫سالالت إنسان كسارة البندق‪ ،‬وهذا يؤكد أن العوامل الطبيعية لعبت دورا‬
‫هاما في تلك الفترة‪ ،‬وأصبح الصراع بين البشر والتغيرات البيئية واملناخية‬

‫‪269‬‬
‫َ‬
‫وأساليب حياتية‬ ‫أقوى مما سبق مما جعل تلك الجماعات تأخذ أنماطا‬
‫ّ‬
‫واتباع أنظمة غذائية مختلفة‪ ،‬ولهذا السبب بدأت السالالت تأخذ أساليب‬
‫مختلفة مما أدت إلى تغيرات وصفات جعلتهم سالالت يمكن التمييز بينهم‪.‬‬
‫تميزت السالالت إلانسانية ألاولى عن باقي السالالت بأنها كانت قادرة على‬
‫التأقلم مع البيئات العشبية أكثر من باقي السالالت البشرية‪ ،‬وأيضا ألانماط‬
‫الغذائية التي تعتمد بشكل أكبر أو شبه أساس ي على الاحوم‪ ،‬وذلك تطلب‬
‫املزيد من املهارات املتعددة من حيث أنماط القبائل أنواع ألاساحة وطريقة‬
‫صنعها‪ ،‬كما صاحب ذلك أيضا تغيرات جسمانية‪.‬‬
‫بالرغم من التغيرات الجسمانية التي جعلت من تلك السالالت هي ألاكثر‬
‫مالئمة للتغيرات البيئية وقدرتها على استيطان عدد أكبر من البيئات‬
‫املختلفة‪ ،‬إال أن هناك اختالفات بينهم واضحة في الصفات الجسمانية‪،‬‬
‫فنجد أن ساللة إنسان بحيرة رودلف والتي تعد ألاقدم في تلك السالالت‬
‫بلغ متوسط حجم الدماغ لداها حوالي ‪ 721‬سم‪ ،3‬باملقارنة مع إلانسان‬
‫املاهر بلغ متوسط حجم املخ لداهم حوالي ‪ 001‬سم‪ ،3‬ونجد إلانسان‬
‫العامل والذي انفصل عن ساللة إلانسان املاهر بلغ متوسط حجم املخ‬
‫لديه حوالي ‪ 101‬سم‪.3‬‬
‫تتعاظم تلك الاختالفات في الصفات الجسمانية ألاخرى وباألحري لدى‬
‫إلانسان املاهر‪ ،‬حيث بلغ ارتفاع إنسان رودلف ما بين ‪ 101-121‬سم وبلغ‬
‫ارتفاع إلانسان املاهر ما بين ‪ 121-111‬سم وبلغ ارتفاع إلانسان العامل ما‬

‫‪270‬‬
‫بين ‪ 111 – 101‬سم‪ ،‬كما بلغ وزن ارتفاع ساللة بحيرة رودلف ما بين ‪21‬‬
‫– ‪ 01‬كجم وبلغ وزن إلانسان املاهر ما بين ‪ 37 – 21‬كجم وبلغ إلانسان‬
‫العامل ما بين ‪ 03 – 22‬كجم‪.‬‬
‫من استعراض للصفات الجسمانية يعود بنا إلانسان املاهر إلى صفات‬
‫تشبه السالالت البشرية املتأخرة ولكن ال نندهش فقد عاصرت بعضها‬
‫البعض‪ ،‬فمن املمكن أن الاختالف ما بين ساللة إلانسان املاهر وإنسان‬
‫بحيرة رودلف بسبب ألانظمة الغذائية‪ ،‬ولكن هذا الاختالف مقبول؛ ألنهما‬
‫سالالتان انفصلتا في توقيت ليس بالبعيد وما زال هذا التوقيت قريبا من‬
‫ساللة بشر عفار‪ ،‬وهي الساللة التي تظهر هها صفات متقاربة مع إلانسان‬
‫املاهر‪ ،‬ولكن من املثير للدهشة أن ساللة إلانسان العامل قد انفصلت عن‬
‫ساللة إلانسان املاهر‪.‬‬
‫إن النطاق الجغرافي لتلك السالالت متباين أيضا بين تلك السالالت‬
‫حيث إن ساللة إنسان بحيرة رودلف ساللة محلية تقطن شرق إفريقا‪،‬‬
‫وحتى آلان يعتبر إنسان جواتن ساللة محلية في منطقة جنوب إفريقيا إال إذا‬
‫أعاد العلماء تصنيف بعض الحفريات لتلك الساللة‪ ،‬أما عن ساللتي‬
‫إلانسان العامل واملاهر فقد استوطنت تلك السالالت الشريط الشرقي‬
‫للقارة إلافريقية املمتد من منطقة شرق إفريقيا حتى جنوب القارة‪ ،‬هذا‬
‫املتعارف عليه بين املجتمع العلمي آلان ولكن هناك بعض الاكتشافات‬
‫تجعلنا نعيد النظر في نطاق استيطان إلانسان العامل‪ ،‬ففي شهر نوفمبر‬

‫‪271‬‬
‫عام ‪ 2111‬عثر على أدوات حجرية ألاولدوانية يعود عمرها التقديري ما بين‬
‫‪ 2.0 -1.1‬مليون سنة في منطقة عين بوشريط بالجزائر‪ ،‬كما أنه في عام‬
‫‪ 2122‬تم اكتشاف أدوات حجرية ألاولدوانية أيضا في جمهورية مصر العربية‬
‫يعود عمرها نحو ‪ 2‬مليون سنة‪ ،‬نشر ذلك البحث في دراسة تحت عنوان‬
‫"الصناعة ألاولدوانية فى وادى النيل بمصر"‪ ،‬وكان هذا الاكتشاف بقيادة‬
‫الدكتور أحمد سعيد والدكتور أبو الحسن البكري‪ ،‬وههذه الاكتشافات‬
‫نوسع دائرة استيطان إلانسان العامل لتشمل شمال إفريقيا كما هو موضح‬
‫بالخريطة التالية‪.‬‬

‫‪272‬‬
‫ماحوظة أنه في منطقة احتمال وجود إلانسان العامل لم يتم العثور على‬
‫أي بقايا حفرية تعود إلى إلانسان العامل في تلك النطاق‪ ،‬فكل الحفريات‬
‫املكتشفة حتى آلان في نطاق الاختالط ما بين إلانسان املاهر والعامل املوضح‬
‫بالخريطة‪.‬‬
‫ويشير هذا النطاق الجغرافي الواسع للقدرة على املش ي والجري بشكل‬
‫اعتيادي ولفترات طويلة‪ ،‬كما أن تلك السالالت تميزت بالقدرة على التعايش‬
‫في مجموعات كبيرة في العدد حيث إنه من املمكن أن يصل عدد أفراد‬
‫فردا‪ ،‬وذلك يتطلب مهارات كبيرة في السلوك‬ ‫املجموجة إلى نحو ‪ً 11‬‬
‫الاجتماعي والتنظيمي لاجماعة وأيضا القدرات اللغوية وبناء النواة ألاولى‬
‫للمشاعر والعديد من السمات التي نمتلكها نحن اليوم‪.‬‬

‫‪273‬‬
‫الفصل العشرون‬
‫الخاتمة‬

‫‪274‬‬
‫لقد تعرفنا خالل هذه الرحلة القصيرة على مجموعات السالالت‬
‫نواح عدة‪ ،‬كما‬
‫البشرية ألاولى‪ ،‬والحظنا أن هناك العديد من الاختالف في ٍ‬
‫أننا تعرفنا أيضا على البيئات الخاصة ههم والعوامل املؤثرة في حياة البشر‬
‫ألاوائل والتغيرات الطارئة على إلانسان سواء كانت جسمانية أو سلوكية‪،‬‬
‫ولكن أوال تسلط الضوء حول الفترات الزمنية التي عاشت فيها تلك‬
‫السالالت‪ ،‬والحظنا أن هناك فترة طويلة من عمر جنسنا البشري عاشت‬
‫هها سالالت منفردة في بعض الفترات الزمنية املختلفة‪.‬‬
‫فنجد أن الفترة املمتدة من حوالي ‪ 7‬إلى ‪ 0.2‬مليون سنة؛ أي حوالي ‪2.2‬‬
‫مليون سنة‪ ،‬عاشت خاللها ثالث سالالت فقط وأيضا الحفريات الدالة‬
‫عليها قليلة جدا‪ ،‬وهذا قد يسمح لنا باالعتقاد أنه قد يكون هناك سالالت‬
‫أخرى في منطقة شرق أو وسط إفريقيا؛ ألن تلك الفترات لم تحتفظ لنا‬
‫بحفريات كثيرة لنفس الساللة‪ ،‬ولكن على أي حال ال نمتلك سوى تلك‬
‫الحفريات فقط وحتى يتم اكتشاف حفريات أخرى تفتح لنا آفاقا جديدة‬
‫عن تلك الفترة‪.‬‬
‫أما عن الفترة الزمنية املمتدة من حوالي ‪ 0.2‬إلى ‪ 2.1‬مليون سنة أي‬
‫حوالي ‪ 1.7‬مليون سنة‪ ،‬عاشت في تلك الفترة السالالت البشرية بشكل‬
‫منفرد فال توجد حفريات للسالالت إلانسانية أو إنسان كسارة البندق‪ ،‬كما‬
‫أن تلك السالالت لم تتعايش في نفس النطاق الجغرافي ولكن تعايشوا في‬
‫نطاقات جغرافية متجاورة‪.‬‬

‫‪275‬‬
‫والفترة املمتدة من حوالي ‪ 2.1‬إلى ‪ 1‬مليون عام أي حوالي ‪ 1.1‬مليون عام‬
‫عاشت فيها مجموعات السالالت البشرية والسالالت إلانسانية وسالالت‬
‫إنسان كسارة البندق‪ ،‬وهذا ال يدل أنهم تعايشوا بشكل مباشر في نفس‬
‫املنطقة الجغرافية‪ .‬وفي تلك الفترة استطاعت السالالت إلانسانية بتطوير‬
‫قدراتها والانتقال نحو السيطرة على البيئة املحيطة‪ ،‬ولكن منذ حوالي ‪1.1‬‬
‫َ‬
‫مليون سنة انتهت السالالت البشرية وتلتها بعد مليون عام ساللة إنسان‬
‫كسارة البندق‪ ،‬ولم َّ‬
‫يتبق سوى السالالت إلانسانية‪ ،‬و من مليون عام انتهت‬
‫كافة السالالت إلانسانية ألاولى‪ .‬استطاعت ساللة إلانسان املنتصب (ساللة‬
‫الحقة) فقط أن تستمر وحيدة وينبثق منها سالالت متعددة مرة أخرى‬
‫وستتناول الكتب القادمة تلك السلسلة من هذه السالالت‪.‬‬
‫املخطط الزمني للسالالت ألاولى‬

‫‪276‬‬
‫وبسبب طول تلك الفترة فقد طرأت تغيرات عديدة على ألابعاد‬
‫الجسمانية لدى تلك السالالت‪ ،‬ويوضح لنا املخطط التالي التغيرات في‬
‫أطوال السالالت ألاولى‪.‬‬

‫‪200‬‬
‫‪150‬‬
‫‪100‬‬
‫‪50‬‬
‫‪0‬‬
‫رجل‬ ‫بشر‬ ‫بشر‬ ‫بشر‬ ‫بشر‬ ‫بشر‬ ‫االنسان االنسان انسان انسان انسان‬
‫توركانا االرض‬ ‫عفار‬ ‫سيديبا جارهي جنوب‬ ‫العامل الماهر رودلف كسارة كسارة‬
‫افريقا‬ ‫البدنق البندق‬
‫القوي بويزي‬

‫الحد االدني‬ ‫الحد االقصي‬

‫واملخطط التالي يوضح أوزان تلك السالالت‪.‬‬


‫‪70‬‬
‫‪60‬‬
‫‪50‬‬
‫‪40‬‬
‫‪30‬‬
‫‪20‬‬
‫‪10‬‬
‫‪0‬‬
‫رجل‬ ‫انسان بشر جنوب بشر عفار بشر‬ ‫انسان‬ ‫انسان‬ ‫االنسان‬ ‫االنسان‬
‫االرض‬ ‫توركانا‬ ‫افريقا‬ ‫كسارة‬ ‫كسارة‬ ‫رودلف‬ ‫الماهر‬ ‫العامل‬
‫البندق‬ ‫البدنق‬
‫بويزي‬ ‫القوي‬

‫الحد االدني‬ ‫الحد االقصي‬

‫‪277‬‬
‫ومن تلك الرسوم البيانية يتضح ملا مدى التباين بين تلك السالالت‬
‫فنجد أنه في السالالت ألاولى يكون متوسط ألاطوال ما بين ‪ 112‬سم إلى‬
‫‪ 131‬سم وتبلغ تلك السالالت من الوزن ما بين ‪ 22‬إلى ‪ ،21‬وباألخذ بالحد‬
‫ألاقص ى لكليهما نجد أن شكل أجسامهم ممتلئ قليال وهذا بسبب طبيعة‬
‫ألانظمة الغذائية داخل نطاق الغابات‪ ،‬حيث إن تلك السالالت أمضت‬
‫أوقاتا كبيرة باألشجار كما أنها كانت تقطن املناطق التي كانت وفيرة باملوارد‬
‫ً‬ ‫َ َ‬
‫مجهودا للدفاع عن أنفسها؛ ألن‬ ‫الغذائية‪ ،‬وأنها في تلك الفترة لم تحت ْج‬
‫الطبيعة الشجرية توفر لهم الحماية‪.‬‬
‫ومن ثم نجد أن متوسط الطول لدى السالالت يرتفع قليال‪ ،‬ولكن نرى‬
‫متوسط الوزن يبدأ بالهبوط‪ ،‬وإن دل ذلك يدل على أن تلك السالالت‬
‫أمضت أوقاتا أكبر مما سبق للبحث عن املوارد الغذائية‪ ،‬وانعكس ذلك في‬
‫أوزانهم وأيضا يدل ذلك على قلة املوراد الغذائية ذات الجودة العالية‪.‬‬

‫ومن ثم يبدأ متوسط الطول في الارتفاع بشكل ٍ‬


‫مواز ملتوسط الوزن في‬
‫سالالت إنسان كسارة البندق‪ ،‬وهذا يدل على اعتمادهم على طرق عدة‬
‫لاحصول على مصادر للغذاء كما ذكرنا مسبقا‪ ،‬كما أنها أمضت أوقاتا أطول‬
‫في املش ي مما ّأدى إلى زيادة في الطول‪.‬‬
‫وتأتي طفرة في وزن وحجم إنسان رودلف حيث إنه قد وصل إلى حوالي‬
‫‪ 101‬سم ووصل وزنه حوالي ‪ 01‬كجم‪ ،‬تلك الساللة ساللة مميزة ولكن ليس‬
‫من املعلوم ما هو السبب الرئيس في انقراضها‪ ،‬ولكنها كانت تعتمد على‬

‫‪278‬‬
‫مصادر متنوعة من الغذاء كما أنها كانت قادرة على املش ي بشكل مستقيم‬
‫ولكن لفترات ليست بالطويلة‪.‬‬
‫ولكن في الوقت الذي ظهرت فيه ساللة إنسان رودلف ظهرت لنا ساللة‬
‫إلانسان املاهر والتي أقل بكثير من السالت التي عاصرتها‪ ،‬بل إنها أرجعت‬
‫مرة أخرى إلى أذهاننا تلك الصفات املميزة للسالالت البشرية ألاولى‪ ،‬من‬
‫حيث قصر القامة وقلة الوزن وهذا بسبب أن تلك الساللة قد اتخذت من‬
‫بيئة الحشائش موطنا لها‪ ،‬وهذا ما جعلها في صراع مع القطط الكبيرة على‬
‫مصادر الاحوم التي كانت تعد من أهم مصادر الغذاء لتلك الساللة‪.‬‬
‫وفي نهاية رحلتنا نصل إلى إلانسان العامل الذي َّ‬
‫تفوق على كافة السالالت‬
‫من حيث الطول والوزن حيث بلغ طوله حوالي ‪ 111‬سم ووزنا قد يصل إلى‬
‫‪ 02‬كجم‪ ،‬وهذا يفسر لنا كيف استطاعت تلك الساللة التوطن في مساحة‬
‫شاسعة من ألاراض ي‪ ،‬حيث إن زيادة الطول تؤكد لنا قدرتها على السفر‬
‫ملسافات طويلة‪ ،‬كما يدل وزنها على أنها كانت لداها القدرة لاحصول على‬
‫الطعام بشكل أفضل من ساللة إلانسان املاهر‪ ،‬ويدل هذا أيضا على قدرتها‬
‫على الصيد بشكل جيد‪.‬‬
‫املخطط التالي يوضح أحجام الدماغ لتلك السالالت‬

‫‪279‬‬
‫‪1000‬‬
‫‪800‬‬
‫‪600‬‬
‫‪400‬‬
‫‪200‬‬
‫‪0‬‬

‫‪Series 1‬‬

‫من املخطط السابق نرى بوضوح اتساع حجم الدماغ بشكل عام حيث‬
‫بدأنا رحلتنا مع رجل ساحل تشاد والذي بلغ متوسط حجم الدماغ لديه‬
‫حوالي ‪ 321‬سم‪ ،3‬وننتهي عند ساللة إلانسان العامل الذي بلغ متوسط‬
‫حجم الدماغ لديه ‪ 101‬سم‪ ، 3‬أي أن هناك زيادة بمقدار ‪ % 121‬وهذا‬
‫عال‪ ،‬باملقارنة بالزيادة ما بين إلانسان الحديث وإلانسان العامل‬
‫معدل ٍ‬
‫نجد أن نسبتها حوالي ‪ ،%21‬ولكن تلك الزيادة ما بين رجل تشاد وإلانسان‬
‫العامل قد استغرقت حوالي ‪ 2‬مليون سنة‪ ،‬وبذلك تكون الزيادة منطقية‪،‬‬
‫كما أنها كانت تصاعدية بين مجموعات السالالت‪.‬‬
‫ففي البداية نجد أن في مجموعة سالالت البشر ترواح حجم الدماغ ما‬
‫بين ‪ 321‬إلى ‪ 211‬سم‪ 3‬مكعب وأيضا كانت الزيادة تصاعدية إلى حد ما‪،‬‬
‫وكانت أقل السالالت من حيث حجم الدماغ هي ساللة رجل ألارض‪ ،‬وكما‬
‫أن ساللة بشر جنوب إفريقيا كانت أكبرهم من حيث حجم الدماغ‪ ،‬ولكن‬

‫‪280‬‬
‫تلك الزيادة الطفيفة كانت من شأنها زيادة القدرات العقلية لدى تلك‬
‫السالالت مما جعلها تتأقلم بشكل أفضل مع البيئات املختلفة رغم كونها‬
‫تعيش داخل ألادغال‪.‬‬
‫ومن ثم نجد أن مجموعة سالالت إنسان كسارة البندق كانت تتراوح‬
‫أحجام أدمغتها ما بين ‪ 011‬إلى ‪ 202‬سم‪ ،3‬تلك الزيادة في حجم الدماغ كان‬
‫السبب الرئيس لها هو أن الاحوم كانت حاضرة على النظام الغذائي إلنسان‬
‫كسارة البندق ولكن ليس بشكل مستمر بل كلما أمكنهم ذلك‪ ،‬وكانت ساللة‬
‫إنسان كسارة البندق في ألاعلى في الحجم وكانت ألاقل هي ساللة إنسان‬
‫كسارة البندق بويزي‪ ،‬تلك الزيادة التي لم تكن بالكبيرة كان لها مردود‬
‫اجتماعي وثقافي كما سنراه في الفقرات القادمة‪ ،‬ولكن يمكن أن نذكر أنها‬
‫ُ َ‬
‫صاحبة ثقافة صناعية تدعى ثقافة العظام العظمية‪.‬‬
‫وفي النهاية تأتي السالالت البشرية ألاولى التي تمتلك أدمغة أكبر من‬
‫السالالت السابقة فتراوحت أحجامها ما بين ‪ 221‬إلى ‪ 101‬سم‪ ،3‬كانت‬
‫ساللة إلانسان املاهر في أقلهم في حجم الدماغ وهذا بالتبعية لحجم‬
‫الجسم‪ ،‬وأيضا إن ساللة املاهر تفرعت من سالالت بشر عفار وليست من‬
‫ساللة إنسان رودلف والتي اشتقت هي ألاخرى من ساللة بشر عفار‪ ،‬ويبلغ‬
‫متوسط حجم دماغ إنسان ردولف ‪ 721‬سم‪ ،3‬تلك الزيادة كانت من شأنها‬
‫أن تجعل تلك السالالت هي املهيمنة على نطاق شرق إفريقيا‪ ،‬كما أن النظام‬
‫الغذائي الغني بالاحوم هو ما تسبب في تلك الزيادة في أحجام أدمغتهم‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫كيف حدثت تلك التغيرات الجذرية في الطبيعة البشرية؟‬
‫كل تلك التغيرات الجسدية مترابطة مع بعضها البعض بشكل أو بآخر‬
‫وهذا انعكاس للظروف التي مرت هها رحلتنا البشرية عبر العصور‪ ،‬كما أن‬
‫تلك الظروف هي من صنعت أساليب حياة إلانسان والتي أدت إلى نمو‬
‫نواح متعددة‪ ،‬وهي من جعلت حياتنا على ما تبدو عليه اليوم‬‫مهاراته في ٍ‬
‫فأنظمة الغذاء والصناعات وألانماط الاجتماعية والروابط الاجتماعية‬
‫أيضا‪ ،‬كل تلك املظاهر إلانسانية وليدة لتك الظروف‪.‬‬
‫دعونا نحلل تلك الظروف‪.‬‬
‫إن هناك عالقة بين الزيادة في الطول والوزن والحياة الشجرية‪ ،‬البشر‬
‫هؤالء املخلوقات الضعيفة ال تمتلك آليات دفاعية أو هجومية‪ ،‬فإنها ال‬
‫تمتلك املخالب الحادة وال تمتلك العضالت الكبيرة التي تسمح لها بالجري‬
‫ملسافات طويلة وسرعة عالية كي تهرب من املفترسات‪ ،‬وال تمتلك الحجم‬
‫الضخم الذي يجعل من الصعب على املفترسات صيدها‪ ،‬وال تمتلك أيضا‬
‫نطاقا جغرافيا معزوال يحميها من الكائنات ألاخرى‪.‬‬
‫وكانت مجموعات جنسنا البشري في أول ألامر تتكون من أعداد أفراد‬
‫قليلة‪ ،‬وهذا من شأنه أن يجعل عملية الحماية ألفراد املجموعة أصعب‪،‬‬
‫ذلك دفع السالالت ألاولى أن تتخذ من مناطق ألادغال سكنا لها‪ ،‬ولبيئة‬
‫فضل كبير على البشرية حيث وفرت أشجارها الحماية للسالالت‬‫ٌ‬ ‫ألادغال‬
‫ألاولى‪ ،‬كما وفرت أيضا مصادر الغذاء حيث إنها كانت حاضنة مميزة لنا في‬
‫‪282‬‬
‫تلك الفترة‪ ،‬ولكن هناك سؤال ينبع من تلك الجمل البسيطة؛ ما الذي دفع‬
‫تلك السالالت ألاولى لاخروج من بيئة ألادغال إلى البيئات العشبية املفتوحة‬
‫والخطرة أيضا؟‬
‫ليست العوامل الطبيعية فقط هي الدافع الوحيد لذلك‪ ،‬كما أن العديد‬
‫منا يعلم أن بجوار املوطن ألاول لإلنسان نطاق غابات ما زال قائما حتى‬
‫آلان‪ ،‬ملاذا لم يتجه البشر نحو غرب القارة الذي يمتلك تلك البيئات الغابية‪،‬‬
‫دعونا نوضح لكم الصراع القائم في تلك البيئة؛ غابات نهر الكونغو الغنية‬
‫والوفيرة بثرواتها الط بيعية‪ ،‬وهي أيضا املنطقة ألاكبر تنوعا بيولوجيا في‬
‫القارة إلافريقية‪ ،‬فنجد أن مجموعات الغوريالت سكنت أطراف الغابة؛‬
‫فغوريال الجبل والغوريال الشرقية سكنت نطاق شرق الكونغو‪ ،‬ونطاق‬
‫الغرب سكنته الغوريال الغربية وغوريال ألانهر‪ ،‬والشمبانزي سكنت وسط‬
‫الغابة كما أن البونبو في منطقة وسط وجنوب الغابة املنتشر في دولة‬
‫أنجوال‪ ،‬وهذا يجعل التنافس على موارد الطعام صعبا وخاصة مع الجنس‬
‫البشري الناش ئ‪ ،‬وهناك أيضا مشاهدة غريبة؛ أن السالالت البشرية لم‬
‫ش في نطاقات مختلطة‪ ،‬وهذا يعكس أنها كائنات ال تفضل املنافسة على‬ ‫َت ِع ْ‬
‫املصادر الغذاء‪ ،‬وهذا يجعل مناطق غرب إفريقيا غير مالئمة للسالالت‬
‫البشرية ألاولى‪.‬‬

‫‪283‬‬
‫أدت قدرة البشر على املش ي على القدمين إلى أن تكون البيئات املفتوحة‬
‫أكثر مالئمة‪ ،‬ولكن يبقى أهم العوامل التي تؤدي إلى استمرار النوع وهو‬
‫توجب على السالالت‬‫الغذاء والحماية من الافتراس‪ ،‬وللتغلب على ذلك ّ‬
‫البشرية زيادة أفراد مجموعاتهم‪ ،‬ملاذا زيادة أفراد املجموعة؟‬
‫زيادة أفراد املجموعة يوفر الحماية للعديد من الكائنات الحية في بيئة‬
‫السافانا وخاصة الحيوانات العاشبة‪ ،‬مثل قطعان الغزال وقطعان‬
‫الجاموس يمثل القطيع ألامان لدى أفراده‪ ،‬ولكن تلك الحيوانات عاشبة‬
‫كما ذكرنا والبشر كائن غير عاشب‪ ،‬في تلك الفترات تزامن فيها التغيرات‬
‫املناخية وأيضا فترات الزيادة في حجم الدماغ‪ ،‬كما أن القردة تستخدم‬
‫عص ي الشجر وألاحجار إلبعاد املفترسات‪ ،‬ومن املرجح أن السالالت البشرية‬
‫ألاولى التي سبقت الصناعات الحجرية كانت تستخدم مثل تلك العص ي‬

‫‪284‬‬
‫وألاحجار‪ ،‬ولكن بعض السالالت الالحقة لبشر عفار قد استطاعوا تطوير‬
‫كل هذا ساعد‬‫أدوات حجرية أو حتى استخدام الصخور املدببة والحادة‪ُّ ،‬‬
‫إلانسان في التغلب على مصاعب الحماية والحصول على الطعام‪ ،‬وتعلم‬
‫الصيد أصبح يؤمن الغذاء لهم بشكل أفضل‪.‬‬
‫وأيضا هناك منطقية بين أعداد تلك الجماعات والوعي الخاص ههم؛ ألن‬
‫تنظيم الجماعات الكبيرة يحتاج إلى وعي اجتماعي وتنظيم كبير‪ ،‬وتنظيم تلك‬
‫الجماعات الغرض منه توزيع ألادوار بين أفراد املجموعة‪ ،‬وهذا يتطلب أيضا‬
‫لغة للتواصل بين أفراد تلك الجماعات‪ ،‬وهذا ما سمح به موضع الحنجرة‬
‫ونزولها إلى ألاسفل وجعل ذلك إمكانية إصدار نغمات صوتية أكثر بكثير مما‬
‫سبق‪ ،‬ويظهر هذا بشكل واضح في السالالت إلانسانية ألاولى وسالالت إنسان‬
‫كسارة البندق كما أشارت عظام الحيوانات التي تم اصطيادها ومنها‬
‫حيوانات عاشبة كبيرة‪ ،‬واصطياد تلك الحيوانات يتطلب عمال جماعيا‬
‫متناغما ج دا‪ ،‬فقطيع ألاسود يحتاج إلى تنظيم عالي الدقة حتى تتم عملية‬
‫صيد ناجحة‪ ،‬ونسبة حدوث عملية صيد ناجحة لألسود ليست بالنسبة‬
‫العالية‪ ،‬على الرغم من سرعتها وقوتها باملقارنة بالبشر ‪.‬‬
‫ال يمكن بشكل أو بآخر حتى آلان أن نجزم بمدى قوة لغة التواصل لدى‬
‫السالالت ألاولى‪ ،‬ولكن الشواهد املطروحة تدل على وجود لغة تواصل بين‬
‫أفراد السالالت ألاولى وخاصة السالالت إلانسانية ألاولى وسالالت إنسان‬
‫كسارة البندق‪ ،‬كما أن البقايا التي تعود للذكور البعيدة عن نطاق سكن‬

‫‪285‬‬
‫الجماعات لساللة إنسان كسارة البندق القوي‪ ،‬تدل بشكل واضح إلى‬
‫ذهاب ألافراد الذكور لجمع الطعام‪ ،‬ويبقى السؤال؛ ما مدى تطور النظام‬
‫اللغوي لدى تلك الجماعات؟‬
‫إذا أخذنا بالتعريف اللغوي الاصطالحي للغة نجد أن اللغة هي عبارة‬
‫عن‪ :‬نغمات تصدرها أفراد املجموعة للتواصل‪ ،‬وإن انطلقنا من هذا‬
‫التعريف البسيط نجد أن لغة التواصل ليست مقتصرة على جنسنا‬
‫البشري بل هي سمة لعديد من الكائنات الحية‪ ،‬ولكن الحديث عن لغة‬
‫التواصل عند إلانسان نذهب مباشرة بتفكيرنا إلى التعقيد اللغوي ومدى‬
‫تعقيد أفكارهم‪ ،‬وهذا ألامر يتطلب زيادة كبيرة من القدرات العقلية وهي‬
‫بحد ذاتها تحتاج إلى احتكاك مع بيئات مختلفة‪.‬‬
‫وبالنظر إلى حجم السالالت إلانسانية ألاولى كإنسان رودلف وإلانسان‬
‫العامل نجد أن حجم الدماغ يقارب حجم دماغ طفل في الرابعة من العمر‬
‫لإلنسان الحديث‪ ،‬ولكن هذا يعتبر طفرة في تلك الفترات‪ ،‬ولكن هذا الحجم‬
‫للدماغ بوصالت عصبية منظمة بشكل أفضل يجعل ألامر مختلفا كثيرا عما‬
‫نراه‪ ،‬فبالنظر إلى إلانسان الحديث حيث إن نسبة اكتمال نمو الدماغ في‬
‫مرحلة املراهقة تصل إلى ‪ % 12‬ولكن القدرات العقلية تصل ما بين ‪– 71‬‬
‫‪ % 11‬لإلنسان الراشد‪ ،‬واختالف تلك النسب يرجع إلى املساحات الصغيرة‬
‫ُ َ‬
‫بين نهايات الخاليا العصبية والتي تدعى باسم (املشابك العصبية) تكون غير‬
‫مكتملة حتى سن العشرين‪.‬‬

‫‪286‬‬
‫واذا أخذنا باالعتبار نمو املشابك العصبية التي تحتاج إلى فترات زمنية‬
‫طويلة حتى يتم اكتمال نموها‪ ،‬وبالنظر إلى سرعة النمو لدى السالالت ألاولى‬
‫نجد أن النهايات العصبية قد تنمو في فترات زمنية أسبق من سن العشرين‪،‬‬
‫وبحجم الدماغ الذي يتراوح ما بين نصف إلى ثلثي حجم الدماغ لإلنسان‬
‫الحديث‪ ،‬يكون متاحا لداهم استعمال لغة تواصل بدائية لدى تلك‬
‫السالالت ألاولى‪.‬‬
‫كما أن القدرات الذهنية لدى تلك السالالت بشكل عام غير مفهومة‬
‫لدينا آلان‪ ،‬ولكني أعتقد أنهم يمتلكون أكثر مما نعتقد نحن آلان‪ ،‬حيث‬
‫يعتقد أن املشاعر إلانسانية تجاه أفراد املجموعة بدأت مع ساللة إلانسان‬
‫املنتصب (ساللة الحقة) والتي عاصرت السالالت إلانسانية ألاولى‪ ،‬ولكني‬
‫أرى أن تلك املشاعر وجدت قبل ذلك الوقت‪ ،‬وهذه املشاعر نتاج لالنتقال‬
‫إلى البيئات املفتوحة‪ ،‬حيث أصبح الخوف والقلق والحفاظ على الجماعة‬
‫ً‬
‫أمرا في غاية ألاهمية‪ ،‬كما أنه من املرجح أن مشاعر ألامومة وألابوة بدأت‬
‫في أولى مراحل وجود إلانسان‪ ،‬وهذا ما يجعل فقدان أحدهم ً‬
‫أمرا في غاية‬
‫القسوة على تلك الكائنات الضعيفة‪.‬‬
‫بدأت تلك املشاعر في النضوج حيث القلق من الفقدان ليس فقط على‬
‫ألاطفال بل على أفراد الجماعة‪ ،‬ويظهر ذلك في تقسيم املوارد الغذائية‬
‫ومشاركتها وأمر الحماية يقع على عاتق رجال املجموعة‪ ،‬كل تلك العوامل‬
‫التي أدت إلى ظهور املشاعر كان منبعها الخوف‪.‬‬

‫‪287‬‬
‫أدى هذا الخوف إلى الابتكار أيضا حيث تطورت الصناعات بأشكال‬
‫مختلفة‪ ،‬صناعات ألاولدوانية وصناعات عظمية وصناعات أشولينية‬
‫وأ يضا استخدام ألاحجار املصقولة طبيعيا‪ ،‬كل تلك ألادوات كانت تحتاج‬
‫إلى تعلم العديد والعديد من املهارات‪ ،‬حيث إن صناعة تلك ألادوات يحتاج‬
‫إلى مهارات عدة وتوريث تلك الصناعات إلى ألاجيال الجديدة هي بداية فكرة‬
‫التعليم‪ ،‬كما أن استخدام تلك ألادوات يحتاج إلى تدريب وإتقان مهارات‬
‫الصيد أو استخدامها للدفاع من املفترسات‪.‬‬
‫بالرغم من وجود أدلة على وجود النار في أماكن تلك السالالت ألاولى إال‬
‫أنه حتى آلان ال يوجد دليل على أن تلك السالالت لم تعرف كيفية اشتعال‬
‫النار‪ ،‬وأرى أن في تلك الفترة قد استفادت تلك السالالت من النار أو حتى‬
‫أنها قادرة على السيطرة عليها على نطاق ضيق ولكنها غير قادرة على‬
‫إشعالها‪ ،‬على أي حال تبقى الاكتشافات الالحقة هي مفتاح إلاجابة على هذا‬
‫السؤال‪.‬‬

‫‪288‬‬
‫في نهاية رحلتنا القصيرة تلك قد تعرفنا على قدر كاف من السالالت‬
‫البشرية ألاولى‪ ،‬واملخطط التالي رجل ساحل تشاد يوضح لكم شجرة‬ ‫(‪ 6.2- 7‬مليون‬
‫سنة)‬

‫رجل توجن األول‬ ‫العائلة البشرية‪.‬‬ ‫(‪1.8- 6.5‬‬


‫مليون سنة)‬

‫مليون األرض‬
‫(‪4.4-1.8‬رجل‬
‫سنة)‬

‫بشر توركانا‬
‫(‪3.7- 4.1‬‬
‫مليون سنة)‬

‫بشرعفار‬
‫(‪ 2.9- 3.9‬مليون‬
‫سنة)‬

‫سالالت إنسان كسارة‬ ‫السالالت اإلنسانية‬ ‫السالالت البشرية‬


‫‪5-2.7‬سنةمليون البندق‬ ‫‪ 2.8‬مليون سنة ‪-‬‬
‫(‪ 5.9- 3.6‬مليون‬
‫سنة)‬
‫حتي االن‬

‫حفرية‬ ‫بشر كينيا‬ ‫بشر ديرميدا‬ ‫بشر جنوب‬ ‫بشر بحر‬


‫إنسان كسارة‬
‫إفريقيا‬ ‫الغزال‬
‫اإلثيوبي‬ ‫‪ 2.3- 2.7‬مليون‬ ‫‪ 2.8‬مليون‬
‫سنة‬
‫‪LED 350-1‬‬ ‫(‪ 3.5- 3.3‬مليون‬
‫سنة)‬ ‫(‪3.2- 3.1‬‬
‫(‪5.9- 3.6‬‬
‫مليون سنة)‬
‫سنة‬
‫مليون سنة)‬ ‫(‪ 2.9- 3.1‬مليون‬

‫ساللة إنسان كسارة‬ ‫ساللة إنسان كسارة‬ ‫اإلنسان‬ ‫إنسان بحيرة‬ ‫بشر‬ ‫بشر‬ ‫سنة)‬

‫البندق القوي‬ ‫البندق البويزي‬ ‫رودلف ‪2.3‬سنةمليونالماهر‬ ‫‪ 2.4‬مليون‬ ‫سيديبا‬ ‫جارهي‬


‫سنة‬
‫‪ 5- 2‬مليون‬ ‫‪5.51- 2.1‬‬ ‫(‪ 5.9‬مليون‬ ‫(‪ 2.6‬مليون‬
‫سنة‬ ‫مليون سنة‬ ‫سنة)‬ ‫سنة)‬

‫إنسان جواتن‬ ‫اإلنسان‬


‫العامل‬ ‫‪ 5.9‬مليون‬
‫سنة‬
‫‪ 5.7‬مليون‬
‫سنة‬

‫اإلنسان‬
‫المنتصب‬ ‫‪ 5.8‬مليون‬
‫سنة‬

‫إنسان نياليدي‬
‫‪236- 316‬‬
‫الف سنة‬

‫إنسان هايدلبرج‬ ‫‪200- 700‬‬


‫الف سنة‬

‫إنسان‬ ‫اإلنسان‬ ‫إنسان‬


‫ديسوفان‬ ‫العاقل‬ ‫نياندرتال‬
‫‪40- 210‬‬ ‫‪30- 300‬‬ ‫‪30- 400‬‬
‫الف سنة‬ ‫الف سنة‬ ‫الف سنة‬

‫اإلنسان‬
‫الحديث‬
‫‪ 90‬الف سنة‬
‫حتي االن‬

‫‪289‬‬
‫وكما رأينا في املخطط السابق أن هناك العديد من السالالت التي لم‬
‫نذكرها وستكون عناوين الكتب القادمة لتلك السلسلة لكي نكمل سويا‬
‫رحلة البشرية نحو الحضارة‪.‬‬

‫‪290‬‬
‫مراجع أخرى‬
- Aiello، L. C. and Wheeler، P. (1995). The expensive tissue
hypothesis: The brain and digestive system in human and primate
evolution. Current Anthropology .
- Ambrose، S. H. (1998). Late Pleistocene human population
bottlenecks، volcanic winter، and differentiation of modern humans.
Journal of Human Evolution .
- Antón، S. C.، Leonard، W. R. and Robertson، M. L. (2002). An
ecomorphological model of
- the initial hominid dispersal from Africa. Journal of Human
Evolution .
- Antón، S. C.، Potts، R. and Aiello، L. C. (2014). Evolution of early
Homo: An integrated biological perspective. Science .
- Asfaw، B.، White، T.، Lovejoy، O.، Latimer، B.، Simpson، S. and
Suwa، G. (1999).
- Australopithecus garhi: A new species of early hominid from
Ethiopia. Science.
- Atkinson، Q. D.، Gray، R. D. and Drummond، A. J. (2008). mtDNA
variation predicts population size in humans and reveals a major southern
Asian chapter in human prehistory. Molecular Biology and Evolution .

291
- Backwell، L. R. and d’Errico، F. (2003). Additional evidence on the
early hominid bone tools from Swartkrans with reference to spatial
distribution of lithic and organicartefacts. South African Journal of Science
.
- Backwell، L. R. and d’Errico، F. (2008). Early hominid bone tools
from Drimolen، South Africa. Journal of Archaeological Science .
- Behrensmeyer، A. K. (2006). Climate change and human evolution.
Science .
- Berger، L. R.، de Ruiter D. J.، Churchill، S. E.، Schmid، P.، Carlson،
K. J.، Dirks، P. H. G. M. and Kibii، J. M. (2010). Australopithecus sediba: A
new species of Homo-like australopithecine from South Africa. Science .
- Berna، F.، Goldberg، P.، Horwitz، L. K.، Brink، J.، Holt، S.، Bamford،
M. and Chazan، M.Microstratigraphic evidence of in situ fire in the
Acheulean strata of Wonderwerk Cave، Northern Cape province، South
Africa. Proceedings of the National(2012).
- Bird، M. I.، Fifield، L. K.، Santos، G. M.، Beaumont، P. B.، Zhou، Y.،
Di Tada، M. I.،Hausladen، P. A. (2003). Radiocarbon dating from 40–60 ka
BP at Border Cave، South Africa. Quaternary Science Reviews .
- Blumenschine، R. J.، Peters، C. R.، Masao، F. T.، Clarke، R. J.، Deino،
A. L.، Hay، R. L.،Swisher، C. C.، Stanistreet، I. G.، Ashley، G. M.، McHenry،
L. J.، Sikes، N. E.، van der Merwe، N. J.، Tactikos، J. C.، Cushing، A. E.،

292
Deocampo، D. M.، Njau، J. K. and Ebert، J. I. (2003). Late Pliocene Homo
and hominid land use from western Olduvai Gorge، Tanzania. Science .
- Brain، C. K. and Sillen، A. (1988). Evidence from the Swartkrans
Cave for the earliest use of fire. Nature .
- Bramble، D. M. and Lieberman، D. E. (2004). Endurance running
and the evolution of Homo. Nature .
- Bräuer، G. (2008). The origin of modern anatomy: By speciation or
intraspecific evolution ، Evolutionary Anthropology.
- Bromage، T. G.، Schrenk، F. and Zonneveld، F. W. (1995).
Paleoanthropology of the Malawi Rift: An early hominid mandible from the
Chiwondo Beds، northern Malawi. Journal of Human Evolution .
- Broom، R. (1938). The Pleistocene anthropoid apes of South Africa.
Nature .
- Broom، R. and Robinson، J. T. (1949). A new type of fossil man.
Nature، Kristian J. Carlson and Sarah Edlund
- Brown، P.، Sutikna، T.، Morwood، M. J.، Socjono، R. P.، Jatmiko،
Wayhu Saptomo، E. and Awe Due، R. (2004). A new small-bodied hominin
from the late Pleistocene of Flores، Indonesia. Nature .
- Campbell، M. C. and Tishkoff، S. A. (2009). African genetic
diversity: Implications for human demographic history، modern human
origins، and complex disease mapping.
- Annual Review of Genomics and Human Genetics، 9، 403–433.

293
- Carlson، K. J.، Stout، D.، Jashashvili، T.، de Ruiter، D. J.، Tafforeau،
P.، Carlson، K. and Berger، L. R. (2011). The Endocast of MH1،
Australopithecus sediba. Science .
- Cerling، T. E.، Manthi، F. K.، Mbua، E. N.، Leakey، L. N.، Leakey، M.
G.، Leakey، R. E.،Brown، F. H.، Grine، F. E.، Hart، J. A.، Kaleme، P.، Roche،
H.، Uno، K. T. and Wood،B. A. (2013). Stable isotope-based diet
reconstructions of Turkana Basin hominins.Proceedings of the National
Academy of Sciences .
- Cerling، T. E.، Mbua، E.، Kirera، F. M.، Manthi، F. K.، Grine، F. E.،
Leakey، M. G.،Sponheimer، M. and Uno، K. T. (2011b). Diet of
Paranthropus boisei in the early Pleistocene of East Africa. Proceedings of
the National Academy of Sciences .
- Cerling، T. E.، Wynn، J. G.، Andanje، S. A.، Bird، M. I.، Korir، D. K.،
Levin، N. E.، Mace، W.، Macharia، A. N.، Quade، J. and Remien، C. H.
(2011a). Woody cover and hominin environments in the past 6 million
years. Nature .
- Churchill، S. E.، Holliday، T. W.، Carlson، K. J.، Jashashvili، T.،
Macias، M. E.، Mathews،S.، Sparling، T. L.، Schmid، P.، de Ruiter، D. J. and
Berger، L. R. (2013). The upper limb of Australopithecus sediba. Science .
- Churchill، S. E.، Pearson، O. M.، Grine، F. E.، Trinkaus، E. and
Holliday، T. W. (1996). Morphological affinities of the proximal ulna from

294
Klasies River Mouth Main Site:Archaic or modern? Journal of Human
Evolution، 31، 213–237.
- Clarke، R. J. (1985). Australopithecus and early Homo in southern
Africa. In Ancestors:The Hard Evidence، ed. E. Delson. New York: Alan R.
Liss .
- Clarke، R. J. (2012). A Homo habilis maxilla and other newly-
discovered hominid fossils from Olduvai Gorge، Tanzania. Journal of
Human Evolution .
- Clarke، R. J. (2013). Australopithecus from Sterkfontein Caves،
South Africa. In The Palaeobiology of Australopithecus، ed. K. E. Reed، J. G.
Fleagle and R. E. Leakey. Amsterdam .
- Collard، M. and Wood، B. A. (2007). Defining the genus Homo. In
Handbook of Paleoanthropology، Vol. 3 of Phylogeny of hominids، ed. W.
Henke and I. Tattersall. Berlin .
- Conrad، D. F.، Jakobsson، M.، Coop، G.، Wen، X.، Wall، J. D.،
Rosenberg، N. A. and Pritchard، J. K. (2006). A worldwide survey of
haplotype variation and linkage disequilibrium in the human genome.
Nature Genetics .
- Constantino، P. and Wood، B. (2007). The evolution of
Zinjanthropus boisei. EvolutionaryAnthropology .
- Curnoe، D. (2010). A review of early Homo in southern Africa
focusing on cranial،mandibular and dental remains، with the description

295
of a new species (Homo gautengensis sp. nov.). HOMO – Journal of
Comparative Human Biology.
- Curnoe، D. and Tobias، P. V. (2006). Description، new
reconstruction، comparative anatomy، and classification of the
Sterkfontein Stw 53 cranium، with discussions about the taxonomy of
other southern African early Homo remains. Journal of Human Evolution .
- Hominin evolution during the Quaternary 81 de Heinzelin، J.،
Clark، J. D.، White، T. W.، Hart، W.، Renne، P.، WoldeGabriel، G.، Beyene،
Y. and Vrba، E. (1999). Environment and behavior of 2.5-million-year-old
Bouri hominids. Science .
- de Ruiter، D. J.، Pickering، R.، Steininger، C. M.، Kramers، J. D.،
Hancox، P. J.،Churchill، S. E.، Berger، L. R. and Backwell، L. (2009). New
Australopithecus robustus fossils and associated U-Pb dates from Cooper’s
Cave (Gauteng، South Africa). Journal of Human Evolution .
- d’Errico، F. and Backwell، L. R. (2009). Assessing the function of
early hominin bone tools. Journal of Archaeological Science .
- DeSilva، J. M.، Holt، K. G.، Churchill، S. E.، Carlson، K. J.، Walker،
C. S.، Zipfel، B. and Berger، L. R. (2013). The lower limb and mechanics of
walking in Australopithecus sediba. Science .
- de Villiers، H. (1973). Human skeletal remains from Border Cave،
Ingwavumu District، KwaZulu، South Africa. Annals of the Transvaal
Museum .

296
- Domínguez-Rodrigo، M.، Pickering، T. R.، Baquedano، E.،
Mabulla، A.، Mark، D. F.، Musiba، C.، Bunn، H. T.، Uribelarrea، D.، Smith،
V.، Diez-Martin، F.، Pérez-González، A.، Sánchez، P.، Santonja، M.،
Barboni، D.، Gidna، A.، Ashley، G.، Yravedra، J.، Heaton، J. L. and Arriaza،
M. C. (2013). First partial skeleton of a 1.34-million-yearold Paranthropus
boisei from Bed II، Olduvai Gorge، Tanzania.
- Domínguez-Rodrigo، M.، Pickering، T. R. and Bunn، H. T. (2011).
Reply to McPherron et al.: Doubting Dikika is about data، not paradigms.
Proceedings of the National Academy of Sciences.
- Drennen، M. R. D. (1953). A preliminary note on the Saldanha
skull. South African Journal of Science .
- Dusseldorp، G.، Lombard، M. and Wurz، S. (2013). Pleistocene
Homo and the updated Stone Age sequence of South Africa. South African
Journal of Science.
- Falk، D.، Hildebolt، C.، Smith، K.، Morwood، M. J.، Sutikna، T.،
Jatmiko، Saptomo، E. W. and Prior، F. (2009). LB1’s virtual endocast،
microcephaly، and hominin brain evolution. Journal of Human Evolution .
- Fleagle، J. G. and Grine، F. E. (2014). The genus Homo in Africa. In
The Cambridge World Prehistory – Africa، South and Southeast Asia، and
the Pacific، Vol. 1، ed. C. Renfrew and P. Bahn. Cambridge: Cambridge
University .

297
- Gibbard، P. and Cohen، K. M. (2008). Global chronostratigraphical
correlation table for the last 2.7 million years .
- Grine، F. E. (1986). Dental evidence for dietary differences in
Australopithecus and Paranthropus: A quantitative analysis of permanent
molar microwear. Journal of Human Evolution .
- Grine، F. E. (Ed.) (1988). Evolutionary History of the ‘robust’
Australopithecines. New York: Aldine de Gruyter .
- Grine، F. E. (2000). Middle Stone Age human fossils from Die
Kelders Cave 1، Western Cape Province، South Africa. Journal of Human
Evolution .
- Grine، F. E. (2005). Early Homo at Swartkrans، South Africa: A
review of the evidence and an evaluation of recently proposed morphs.
South African Journal of Science .
- Grine، F. E.، Bailey، R. M.، Harvati، K.، Nathan، R. P.، Morris، A. G.،
Henderson، G. M.،Ribot، I. and Pike، A. W. G. (2007). Late Pleistocene
human skull from Hofmeyr،South Africa، and modern human origins.
Science، Kristian J. Carlson and Sarah Edlund Grine، F. E.، Henshilwood، C.
S. and Sealy، J. C. (2000). Human remains from Blombos
- Cave، South Africa: (1997–1998 excavations). Journal of Human
Evolution .

298
- Grine، F. E.، Jungers، W. L. and Schultz، J. (1996). Phenetic affinities
among early Homo crania from East and South Africa. Journal of Human
Evolution .
- Grine، F. E.، Jungers، W. L.، Tobias، P. V. and Pearson، O. M. (1995).
Fossil Homo femur from Berg Aukas، Northern Namibia. American Journal
of Physical Anthropology .
- Grine، F. E. and Klein، R. G. (1985). Pleistocene and Holocene
human remains from Equus cave، South Africa. Anthropology .
- Grine، F. E. and Klein، R. G. (1993). Late Pleistocene human
remains from the Sea Harvest site، Saldanha Bay، South Africa. South
African Journal of Science.
- Grine، F. E.، Smith، H. F.، Heesy، C. P. and Smith، E. J. (2009).
Phenetic affinities of PlioPleistocene Homo fossils from South Africa:
Molar cusp proportions. In The First Humans: Origins and Early Evolution
of the Genus Homo، ed. F. E. Grine، J. G. Fleagle and R. E. Leakey. Berlin:
Springer .
- Grün، R.، Beaumont، P.، Tobias، P. V. and Eggins، S. (2003). On the
age of Border Cave 5 human mandible. Journal of Human Evolution .
- Grün، R.، Brink، J. S.، Spooner، N. A.، Taylor، L.، Stringer، C. B.،
Franciscus، R. G. and Murray، A. S. (1996). Direct dating of Florisbad
hominid. Nature .

299
- Haeusler، M. and McHenry، H. M. (2004). Body proportions of
Homo habilis reviewed Journal of Human Evolution .
- Hartwig-Scherer، S. and Martin، R. D. (1991). Was “Lucy” more
human than her “child”? Observations on early hominid postcranial
skeletons. Journal of Human Evolution .
- Henn، B. M.، Gignoux، C. R.، Jobin، M.، Granka، J. M.،
Macpherson، J. M.، Kidd، J. M.، Rodríguez-Botigué، L.، Ramachandran، S.،
Hon، L.، Brisbin، A.، Lin، A. A.، Underhill، P. A.، Comas، D.، Kidd، K. K.،
Norman، P. J.، Parham، P.، Bustamante، C. D.،Mountain، J. L. and Feldman،
M. W. (2011). Hunter-gatherer genomic diversity suggests a southern
African origin for modern humans. Proceedings of the National Academy
of Sciences .
- Hill، A.، Ward، S.، Deino، A.، Curtis، G. and Drake، R. (1992).
Earliest Homo. Nature .
- Holliday، T. W. (2012). Body size، body shape، and the
circumscription of the Genus Homo. Current Anthropology .
- Holloway، R. L.، Broadfield، D. C. and Yuan، M. S. (2004). The
Human Fossil Record،Vol. 3: Brain Endocasts – the Paleoneurological
Evidence. Hoboken NJ، Wiley-Liss .
- Hughes، A. R. and Tobias، P. V. (1977). A fossil skull probably of the
genus Homo from Sterkfontein، Transvaal. Nature .

300
- Johanson، D.، Masao، F.، Eck، G.، White، T.، Walter، R.، Kimbel،
W.، Asfaw، B.، Manega، P.،Ndessokia، P. and Suwa، G. (1987). New partial
skeleton of Homo habilis from Olduvai Gorge، Tanzania. Nature .
- Jungers، W. L.، Larson، S. G.، Harcourt-Smith، W.، Morwood، M. J.،
Sutikna، T.، Awe Due،R. and Djubiantono، T. (2009). Descriptions of the
lower limb skeleton of Homo floresiensis. Journal of Human Evolution .
- Keyser، A. W.، Menter، C. G.، Moggi-Cecchi، J.، Pickering، T. R. and
Berger، L. R. (2000).
Drimolen: A new hominid-bearing site in Gauteng، South Africa. South
African Journal of Science .
- Hominin evolution during the Quaternary 83 Kibii، J. M.،
Churchill، S. E.، Schmid، P.، Carlson، K. J.، Reed، N. D.، de Ruiter، D. J. and
Berger، L. R. (2011). A partial pelvis of Australopithecus sediba. Science .
- Kimbel، W. H.، Johanson، D. C. and Rak، Y. (1997). Systematic
assessment of a maxilla of Homo from Hadar، Ethiopia. American Journal
of Physical Anthropology .
- Klein، R. G. (2009). The Human Career – Human Biological and
Cultural Origins. Chicago، IL: University of Chicago .
- Klein، R. G.، Avery، G.، Cruz-Uribe، K. and Steele، T. E. (2006). The
mammalian fauna associated with an archaic hominin skullcap and later
Acheulean artifacts from Elandsfontein، Western Cape Province، South
Africa. Journal of Human Evolution .

301
- Klein، R. G. and Cruz-Uribe، K. (1991). The bovids from
Elandsfontein، South Africa، and their implications of the age،
palaeoenvironment and origins of the site. African Archaeological .
- Kramer، A.، Donnelly، S. M.، Kidder، S. D.، Ousley، S. D. and Olah،
S. M. (1995). Craniometric variation in large-bodied hominoids: Testing
the single-species hypothesis for Homo habilis. Journal of Human
Evolution .
- Kuman، K. and Clarke، R. J. (2000). Stratigraphy، artefact
industries and hominid associations for Sterkfontein، Member 5. Journal
of Human Evolution .
- Lambert، C. A. and Tishkoff، S. A. (2009). Genetic structure in
African populations: Implications for human demographic history. Cold
Spring Harbor Symposium on Quantitative Biology .
- Leakey، L. S. B. (1959). A new fossil skull from Olduvai. Nature .
- Leakey، L. S. B.، Tobias، P. V. and Napier، J. R. (1964). A new species
of genus Homo from Olduvai Gorge. Nature .
- Leakey، M. D.، Clarke، R. J. and Leakey، L. S. B. (1971). New
hominid skull from Bed I، Olduvai Gorge، Tanzania. Nature .
- Leakey، M. G.، Spoor، F.، Brown، F. H.، Gathogo، P. N.، Kiarie، C.،
Leakey، L. N. and McDougall، I. (2001). New hominin genus from eastern
Africa shows diverse middle Pliocene lineages. Nature .

302
- Leakey، R. E. F. (1973). Evidence of an advanced Plio-Pleistocene
hominid from East Rudolf، Kenya. Nature .
- Leakey، R. E. F. (1974). Further evidence of Lower Pleistocene
hominids from East Rudolf، North Kenya، 1973. Nature .
- Leakey، R. E. F. and Walker، A. C. (1985). Further hominids from the
Plio-Pleistocene of Koobi Fora، Kenya. American Journal of Physical
Anthropology.
- Leakey، R. E.، Walker، A.، Ward، C. V. and Grausz، H. M. (1989). A
partial skeleton of a gracile hominid from the Upper Burgi Member of the
Koobi Fora formation، East Lake Turkana، Kenya. In Hominidae:
Proceedings of the 2nd International Congress of Human Paleontology، ed.
G. Giacobini. Milan: Editoriale Jaca Book.
- Lordkipanidze، D.، Jashashvili، T.، Vekua، A.، Ponce de León، M. S.،
Zollikofer، C. P. E.، Rightmire، G. P.، Pontzer، H.، Ferring، R.، Oms، O.،
Tappen، M.، Bukhsianidze، M.، Agusti، J.، Kahlke، R.، Kiladze، G.،
Martinez-Navarro، B.، Mouskhelishvili، A.، Nioradze، M. and Rook، L.
(2007). Postcranial evidence from early Homo from Dmanisi، Georgia.
Nature .

- Lordkipanidze، D.، Ponce de León، M. S.، Margvelashvili، A.، Rak،


Y.، Rightmire، G. P.،Vekua، A. and Zollikofer، C. P. E. (2013). A complete

303
skull from Dmanisi، Georgia،and the evolutionary biology of early Homo.
Science ، Kristian J. Carlson and Sarah Edlund .
- Marean، C. W.، Nilssen، P. J.، Brown، K.، Jerardino، A. and Stynder،
D. (2004). Paleoanthropological investigations of Middle Stone Age sites
at Pinnacle Point، Mossel Bay
- (South Africa): Archaeology and hominid remains from the 2000
field season ، Paleoanthropology .
- McBrearty، S. and Brooks، A. S. (2000). The revolution that wasn’t:
a new interpretation of the origin of modern human behavior. Journal of
Human Evolution .
- McCrossin، M. L. (1992). Human molars from Later Pleistocene
deposits of Witkrans Cave، Gaap Escarpment، Kalahari margin. Human
Evolution .
- McDougall، I.، Brown، F. H. and Fleagle، J. G. (2005). Stratigraphic
placement and age of modern humans from Kibish، Ethiopia. Nature .
- McPherron، S. P.، Alemseged، Z.، Marean، C. W.، Wynn، J. G.،
Reed، D.، Geraads، D.، Bobe، R. and Béarat، H. A. (2010). Evidence for
stone-tool-assisted consumption of animal tissues before 3.39 million
years ago at Dikika، Ethiopia. Nature .
- Moggi-Cecchi، J.، Menter، C.، Boccone، S. and Keyser، A. (2010).
Early hominin dental remains from the Plio-Pleistocene of Drimolen، South
Africa. Journal of Human Evolution .

304
- O’Reilly، J. X.، Jbabdi، S.، Rushworth، M. F. S. and Behrens، T. E. J.
(2013). Brain systems for probabilistic and dynamic prediction:
Computational specificity and integration ، PLoS Biology .
- Pearson، O. M. (2008). Statistical and biological definition of
“anatomically modern” humans: Suggestions for a unified approach to
modern morphology. EvolutionaryAnthropology .
- Pearson، O. M. and Grine، F. E. (1996). Morphology of the Border
Cave hominid ulna and humerus. South African Journal of Science .
- Pontzer، H. (2012). Ecological energetics in early Homo. Current
Anthropology.
- Potts، R. (1998). Environmental hypotheses of hominin evolution.
Yearbook of Physical Anthropology .
- Prat، S.، Brugal، J-P.، Tiercelin، J-J.، Barrat، J-A.، Bohn، M.،
Delagnes، A.، Harmand، S.، Kimeu، K.، Kibunjia، M.، Texier، P-J. and
Roche، H. (2005). First occurrence of early Homo in the Nachukui
Formation (West Turkana، Kenya) at 2.3–2.4 Myr. Journal of Human
Evolution .
- Rak، Y. (1983). The Australopithecine Face. New York: Academic .
- Reed، K. E. (1997). Early hominid evolution and ecological change
through the African Plio-Pleistocene. Journal of Human Evolution .
- Richmond، B. G.، Aiello، L. C. and Wood، B. A. (2002). Early hominin
limb proportions. Journal of Human Evolution .

305
- Rightmire، G. P. (1993). Variation among early Homo crania from
Olduvai Gorge and the Koobi Fora region. American Journal of Physical
Anthropology .
- Rightmire، G. P. (2009). Middle and later Pleistocene hominins in
Africa and Southwest Asia. Proceedings of the National Academy of
Sciences .
- Rightmire، G. P. and Deacon، H. J. (1991). Comparative studies of
Late Pleistocene human remains from Klasies River Mouth، South Africa.
Journal of Human Evolution .
- Robinson، J. T. (1953). Telanthropus and its phylogenetic
significance. American Journal of Physical Anthropology .
- Robinson، J. T. (1961). The australopithecines and their bearing on
the origin of man and of stone tool-making. South African Journal of
Science .
- Hominin evolution during the Quaternary 85 Ruff، C. B. (2009).
Relative limb strength and locomotion in Homo habilis. American Journal
of Physical Anthropology .
- Ruff، C. B.، McHenry، H. M. and Thackeray، J. F. (1999). Cross-
sectional morphology of the SK 82 and 97 proximal femora. American
Journal of Physical Anthropology .
- Semaw، S. (2000). The world’s oldest stone artefacts from Gona،
Ethiopia: Their implications for understanding stone technology and

306
patterns of human evolution between 2.6–1.5 million years ago. Journal of
Archaeological Science.
- Semaw، S.، Renne، P.، Harris، J. W. K.، Feibel، C. S.، Bernor، R. L.،
Fesseha، N. and Mowbray، K. (1997). 2.5-million-year-old stone tools from
Gona، Ethiopia. Nature .
- Singer، R. (1954). The Saldanha skull from Hopefield، South Africa.
American Journal of Physical Anthropology .
- Singer، R. and Wymar، J. (1982). The Middle Stone Age at Klasies
River Mouth in South Africa. Chicago IL: University of Chicago.
- Smith، F. H.، Falsetti، A. B. and Donnelly، S. M. (1989). Modern
human origins. Yearbook of Physical Anthropology .
- Spoor، F.، Leakey، M. G.، Gathogo، P. N.، Brown، F. H.، Anton، S.
C.، McDougall، I.، Kiarie، C.، Manthi، F. K. and Leakey، L. N. (2007).
Implications of new early Homo fossils from Ileret، east of Lake Turkana،
Kenya. Nature .
- Spoor، F.، Leakey، M. G. and Leakey، L. N. (2010). Hominin
diversity in the Middle
- Pleistocene of eastern Africa: The maxilla of KNM-WT 40000.
Philosophical Transactions of the Royal Society of London، Series B .
- Stanley، S. M. (1992). An ecological theory for the origin of Homo.
Paleobiology.

307
- Stringer، C. (2002). Modern human origins: Progress and
prospects. Philosophical Transactions of the Royal Society of London،
Series B .
- Susman، R. L. (1988). Hand of Paranthropus robustus from
Member 1. Swartkrans: fossil evidence for tool behaviour. Science.
- Susman، R. L.، de Ruiter، D. and Brain، C. K. (2001). Recently
identified postcranial remains of Paranthropus and early Homo from
Swartkrans Cave، South Africa. Journal of Human Evolution .
- Susman، R. L. and Stern، J. T. Jr. (1982). Understanding stone
technology and patterns of human evolution between 2.6 – 1.5 million
years ago. Functional morphology of Homo habilis. Science .
- Sutton، M. B.، Pickering، T. R.، Pickering، R.، Brain، C. K.، Clarke،
R. J.، Heaton، J. L. and Kuman، K. (2009). Newly discovered fossil- and
artifact-bearing deposits، uraniumseries ages، and Plio-Pleistocene
hominids at Swartkrans Cave، South Africa. Journal of Human Evolution .
- Suwa، G.، White، T. D. and Howell، F. C. (1996). Mandibular
postcanine dentition from the Shungura formation، Ethiopia: Crown
morphology، taxonomic allocations، and Plio-Pleistocene hominid
evolution. American Journal of Physical Anthropology .
- Thackeray، J. F.، de Ruiter، D. J.، Berger، L. and van der Merwe، N.
(2001). Hominid fossils from Kromdraai: A revised list of specimens
discovered since 1938. Annals of the Transvaal Museum .

308
- Tobias، P. V. (1971). Human skeletal remains from the Cave of
Hearths، Makapansgat ،Northern Transvaal. American Journal of Physical
Anthropology.
- Tobias، P. V. (1991a). The species Homo habilis: Example of a
premature discovery.
- Annales Zoologici Fennici، 28، 371–380.86 Kristian J. Carlson and
Sarah Edlund Tobias، P. V. (1991b). The Skulls and Endocasts of Homo
habilis. Olduvai Gorge، Vol. 4. Cambridge: Cambridge University .
- Ungar، P. S.، Grine، F. E. and Teaford، M. F. (2008). Dental
microwear and diet of the PlioPleistocene hominin Paranthropus boisei.
- Verna، C.، Texier، P-J.، Rigaud، J-P.، Poggenpoel، C. and
Parkington، J. (2013). The Middle Stone Age human remains from
Diepkloof Rock Shelter (Western Cape، South Africa). Journal of
Archaeological Science .
- Villa، P.، Soriano، S.، Tsanova، T.، Degano، I.، Higham، T. F. G.،
d’Errico، F.، Backwell، L.، Lucejko، J. J.، Colombini، M. P. and Beaumont، P.
B. (2012). Border Cave and the beginning of the Later Stone Age in South
Africa. Proceedings of the National Academy of Science .
- Villmoare، B.، Kimbel، W. H.، Seyoum، C.، Campisano، C. J.،
DiMaggio، E.، Rowan، J.، Braun، D. R.، Arrowsmith، J. R. and Reed، K. E.
(2015). Early Homo at 2.8 Ma from Ledi-Geraru، Afar، Ethiopia. Science .

309
- Vrba، E. S. (1988). Late Pliocene climatic events and hominid
evolution. In Evolutionary History of the ‘robust’ Australopithecines، ed. F.
E. Grine. New York: Aldine de Gruyter .
- Walker، A.، Leakey، R. E.، Harris، J. M. and Brown، F. H. (1986). 2.5-
Myr Australopithecus boisei from west of Lake Turkana، Kenya. Nature .
- White، T. D.، Asfaw، B.، DeGusta، D.، Gilbert، H.، Richards، G. D.،
Suwa، G. and Howell، F. C. (2003). Pleistocene Homo sapiens from Middle
Awash، Ethiopia. Nature .
- Wood، B. A. (1991). Hominid Cranial Remains، Koobi Fora
Research Project. Vol. 4. Oxford: Clarendon .
- Wood، B. A. (1992). Origin and evolution of the genus Homo.
Nature .
- Wood، B. A. (2010). Reconstructing human evolution:
Achievements، challenges، and opportunities. Proceedings of the National
Academy of Sciences .
- Wood، B. A. (2014). Fifty years after Homo habilis. Nature.
- Wood، B. A. and Strait، D. (2003). Patterns of resource use in early
Homo and Paranthropus. Journal of Human Evolution .

310
‫المواقع االلكترونية‬

- https://humanorigins.si.edu/
- https://www.britannica.com/
- https://australian.museum/
- https://www.nhm.ac.uk/
- https://www.livescience.com/
- http://atlasofhumanevolution.com/DefaultEn.asp
- https://evolutionnews.org/
- https://humanjourney.us/
- https://clearthinking.org/

311
‫شكر وتقدير‬
‫وانة ال يسعني في نهاية هذا الكتاب الا ان اتقدم بخالص الشكر والي الاساتذة‬
‫الاجالء والزمالء الافاضل الذين ساعدوني في تذليل العديد من العقبات ‪،‬‬
‫واخص بالشكر استاذي العزيز الذي يتسم بالدسامة في الخلق والعزارة في‬
‫العلم والصبر والتوجية فهو صاحب الفضل الاكبر في ان اسلك هذا الدرب‬
‫ودعمه الدائم وتشجيعي علي البحث وتقديم يد العون لي الا وهو استاذي‬
‫الفاضل د‪ .‬محمد التداوي ‪.‬‬

‫كما يسعدني تقديم خالص الشكر والتقدير الي استاذي الفاضل ا‪.‬د‪.‬‬
‫خالد سعد مصطفي درويش مدير عام الادارة العامة الثار ما قبل التاريخ‬
‫وزارة السياحة والاثار علي التوجية والنصح والارشاد خالل مراحل الاعداد‬
‫والتمهيد والتدوين في كتابة هذا العمل البسيط الذي يعد نقطة في بحر‬
‫علمة الوافر ‪.‬‬
‫كما يسعدني تقديم خالص الشكر والتقدير الي الاستاذة الفاضلة لينة‬
‫عبدالقادر صديقتي العزيزة واختي الغالية الذي امدت يد العون لي‬
‫والتوجية خالل فترة اعدادة هذا الكتاب ‪.‬‬
‫كما يسعدني تقديم خالص الشكر والتقدير الي الاستاذ الفاضل عبدهللا‬
‫سمره صديقي العزيز واخي الاكبر ‪.‬‬

‫‪312‬‬
‫كما يسعدني تقديم خالص الشكر والتقدير الي الاستاذ الفاضل محمد‬
‫ابراهيم محمد املغربي صديقي العزيز واخي الاكبر ‪.‬‬
‫كما اتقدم بخالص الشكر والتقدير الي اعضاء صالون حمادة الثقافي‬
‫الذي هم مصدر الهام عظيم ‪ ...‬فلهم مني كل التقدير واملحبة ‪.‬‬
‫واخيرا خالص تقديري الي اسرتي الكريمة ملساندتها لي الغير محدود وتحملهم‬
‫الكثير من العناء ‪ ...‬فلهم مني كل التقدير واملحبة ‪.‬‬

‫محمود العبد‬

‫‪313‬‬
‫(لو بتكتب كويس‪ ،‬لو تعرف كاتب‪،‬‬
‫شاعر‪ ،‬الخ‪)...‬‬

‫اتواصل معانا‬
‫كيانك بيتك في أي وقت‬

‫‪314‬‬
‫اترك لي انطباعك‪ .‬وما هو رأيك؟‬
‫____________________________________________________________________‬
‫____________________________________________________________________‬
‫____________________________________________________________________‬
‫____________________________________________________________________‬
‫____________________________________________________________________‬
‫____________________________________________________________________‬
‫____________________________________________________________________‬
‫____________________________________________________________________‬
‫____________________________________________________________________‬
‫____________________________________________________________________‬
‫____________________________________________________________________‬
‫____________________________________________________________________‬
‫____________________________________________________________________‬
‫____________________________________________________________________‬
‫____________________________________________________________________‬
‫____________________________________________________________________‬
‫____________________________________________________________________‬

‫التوقيع‪______________ /‬‬

‫‪315‬‬
316

You might also like