Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 21

‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬

‫العدالة االجتماعية‪...‬إشكاليات المفهوم والسياسات‬

‫يونسي روزة‬
‫‪ -‬جامعة الجزائر ‪.2‬‬

‫مقدمة‬
‫يعترب مفهوـ العدالة من ادلفاىيم اليت شاع تداوذلا يف الفلسفات األخالقية والسياسية‬
‫والقانونية واالجتماعية‪ ،‬عرب صَتورة الفكر الفلسفي منذ العهود الشرقية إذل غاية‬
‫الفلسفات التطبيقية ادلعاصرة‪ ،‬اليت أثارت مسألة العدؿ واإلنصاؼ وأخالؽ العمل‬
‫كقضايا للنقاش التطبيقي الراىن‪ ،‬فكانت العدالة أىم إشكالية فلسفية ومطلب تسعى‬
‫إليو الشعوب قاطبة‪ ،‬ويعترب البحث فيها قدًن قدـ احلضارة االنسانية‪ ،‬فهي فضيلة أخالقية‬
‫تتحدد قيمتها يف تطبيقاهتا العملية‪ ،‬ويف ذبسيدىا على أرض الواقع‪ ،‬وال يكاد ادلرء‬
‫يستطيع التفكَت يف مبدأ يضاىي العدالة يف أعليتو لصالح الفرد ومن مث صالح اجملتمع‪،‬‬
‫فإذا اختلت موازينها اشتكى الناس من الظلم ونشبت الصراعات‪ ،‬وذلذا قامت ثورات‬
‫عدة تسعى إذل تطبيق العدالة االجتماعية لتحقيق النموذج األمسى لإلنصاؼ والعدؿ‪.‬‬
‫يف ىذا اإلطار نطرح اإلشكالية التالية‪ :‬ما العدالة؟ وما االشكاليات اليت تعًتي‬
‫ادلفهوـ عرب مساره التارؼلي؟ وىل ؽلكن ربقيق مبدأ العدالة يف ظل تصادـ ادلنافع وادلصاحل‬
‫ادلتضاربة؟ وبصيغة أخرى‪ :‬إذل أي مدى ؽلكن لنا بناء نظرية للعدؿ يف ظل االشكاليات‬
‫ادلطروح مفهوما وسياسة‪ ،‬نظريا وتطبيقيا؟‬
‫ولتحليل اإلشكالية‪ ،‬اعتمدت على منهجين أساسيُت علا‪ :‬ادلنهج التارؼلي ادلقارف‬
‫قصد تتبع الصَتورة التارؼلية دلفهوـ العدؿ عرب مراحلو‪ ،‬ولتوضيح تاريخ تطور العدالة منذ‬
‫الفلسفة االغريقية مرورا بالفلسفة الوسيطة‪ ،‬واحلديثة‪ ،‬وصوال إذل الفلسفة ادلعاصرة‪ ،‬وذلك‬
‫من خالؿ التتبع الكرونولوجي للمفهوـ‪ ،‬وكذا عرض لبعض سياسات العدالة يف بعض‬
‫الدوؿ‪ ،‬كما أف معاجلة االشكالية تطلب مٍت االعتماد على ادلنهج التحليلي النقدي‪،‬‬
‫وذلك لتحليل سلتلف األفكار وادلفاىيم والسياسات فيما ؼلص اشكاليات العدالة‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬

‫‪ .I‬إشكاليات المفهوم‬
‫لوضع العدالة االجتماعية يف قالبها التعريفي‪ ،‬وعرض االشكاالت ادلرتبطة بادلفهوـ‪،‬‬
‫مر تاريخ مفهوـ العدالة بكثَت من ادلراحل‬ ‫البد من عرض ادلقاربة التارؼلية ذلا‪ ،‬حيث ّ‬
‫التارؼلية‪ ،‬ويف كل فًتة زمنية تصاغ رلموعة من ادلفاىيم انطالقا من الواقع ادلعاش‪ ،‬فتباينت‬
‫نظرة الفالسفة إذل مفهوـ العدالة‪ ،‬وقد عرب عنها بالشكل التارل‪:‬‬

‫‪ -1‬إشكالية مفهوم العدالة في الفكر اليوناني‬


‫يعترب ىيسود من األوائل الذين عاجلوا مفهوـ العدالة يف الفكر اليوناين‪ ،‬ويرى «أف‬
‫الكوف ؼلضع لقدر زلتوـ أملتو إرادة اآلذلة وبالتارل فإف العدالة ىبة يهبها زيوس رب‬
‫العدالة لبٍت البشر» (‪ ،)1‬أما عن أصحاب بروتاغوراس (‪ 411-485‬ق‪.‬م) فقد رأوا « أف‬
‫القصاص ىو عدؿ‪ ،‬وأف ػلتمل ادلرء ما قد فعل ذلك ىو العدؿ احلق »(‪.)2‬‬
‫لكن معادل العدالة ظهرت بشكل أوضح عند الفالسفة اليوناف الكبار‪ :‬سقراط‪ ،‬أفالطوف‬
‫وأرسطو‪ ،‬ونعرض بعض أفكارىم على النحو اآليت‪:‬‬
‫‪ -‬سقراط (‪ 399-469‬ق‪.‬م)‪ :‬قارف بُت القوانُت ادلدنية وبُت القوانُت غَت ادلدونة‪ ،‬واليت‬
‫وضعتها اآلذلة للجماعات اإلنسانية كلها‪ ،‬لذا أشاد سقراط بالقانوف ودعا إذل احًتاـ‬
‫القوانُت ألنو كاف يرى أف من ػلًتـ القوانُت العادلة إظلا ػلًتـ العقل والنظاـ اإلذلي‪ ،‬وىذا‬
‫االحًتاـ ال يقتصر على القوانُت ادلكتوبة بل غلب أيضاً احًتاـ القوانُت غَت ادلكتوبة‪ ،‬اليت‬
‫فرضتها اآلذلة على اإلنساف يف كل مكاف‪.‬‬
‫‪ -‬أفالطون (‪ 347-428‬ق‪.‬م)‪ :‬اتسمت نظرتو إذل العدالة بنوع من الدقة والعمق‪ ،‬فقد‬
‫وازف بُت العدؿ ادلطلق وبُت التقاليد والقوانُت يف سلتلف البالد‪ ،‬فذىب إذل القوؿ بأف‬
‫العدال ة تنشأ من الًتتيب الذي وضعتو الطبيعة بُت قوى النفس واالنسجاـ بينها‪ ،‬دبعٌت أف‬
‫كل قوة من قوى النفس تقابلها طبقة اجتماعية سباثلها‪ ،‬فالعقل يقابلو الطبقة الذىبية وىم‬
‫الفالسفة‪ ،‬والقوى الغضبية يقابلها الطبقة الفضية وىم احملاربوف واحلراس وىم ادلسؤولوف‬
‫عن ضباية ادلدينة وشبههم بالعُت‪ ،‬والقوى الشهوانية يقابلها الطبقة النحاسية وىم العماؿ‬

‫‪ 1‬عثماف‪ ،‬أضبد‪" :‬الشعر اإلغريقي ترااا إنسانيا وعالميا"‪ ،‬دار ادلعارؼ‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،3.‬صص ‪.82-81‬‬
‫‪ 2‬وايف‪ ،‬علي عبد الواحد‪" :‬األدب اليوناني القديم"‪ ،‬دار ادلعارؼ‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،1.‬ص ‪.92‬‬
‫‪36‬‬
‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬

‫والصناع وادلزارعُت‪ ،‬وىم ادلسؤولوف عن اإلنتاج‪ ،‬وشبههم بالبطن والشهوة‪ ،‬ولتحقيق‬


‫العدالة يف اجملتمع عنده‪ ،‬ال بد من خضوع الطبقة الفضية والنحاسية للطبقة الذىبية‬
‫خضوعا تاما (‪ ،)3‬فأفالطوف يف كتاب "اجلمهورية" يرى أف « احلاكم الفيلسوؼ واحلكيم‬
‫ىو القانوف احلي وحكمو ىو احلكم العادؿ»(‪ ،)4‬ويف كتاب "القوانُت" يرى « أف اهلل ال‬
‫ػلكمنا مباشرة بل بواسطة العقل الذي وىبنا إياه‪ ،‬فالقوانُت اليت يقررىا العقل رباكي‬
‫قوانُت العناية اإلذلية وتدعوا إذل اخلَت العاـ‪ ،‬لذا فاخلضوع ذلا واجب» (‪.)5‬‬
‫‪ -‬أرسطو (‪ 381-445‬ق‪.‬م)‪ :‬ربدث أرسطو عن العدالة باعتبارىا زبص اجملتمع ادلدين‪،‬‬
‫فذىب إذل تصنيفها إذل عدالة تعويضية‪ :‬تتعلق باحلقوؽ والواجبات وتتحقق من خالؿ‬
‫إعطاء كل ذي حق حقو‪ ،‬وعدالة توزيعية‪ :‬تتعلق بتوزيع اخلَتات العامة على كل فرد من‬
‫أفراد اجملتمع‪ ،‬ويف كال احلالتُت ال بد أف يناؿ صبيع ادلواطنُت حظهم على طوؿ ادلدى حىت‬
‫تتحقق العدالة»(‪.)6‬‬

‫واإلسالمي‬
‫ّ‬ ‫المسيحي‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬اشكالية مفهوم العدالة في الفكر الوسيط ‪/‬‬
‫ال ؽلكن فهم بناءات العدالة وسياقاهتا يف الفكر الوسي ‪ ،‬إذا ذباوزنا أطرىا الدينية‬
‫والفكرية معا‪ ،‬فهي ترتب بالعقل والشريعة‪ ،‬بالفرد واجملتمع‪ ،‬فالعدالة يف المسيحية تنطلق‬
‫من مبادئ إؽلانية‪ ،‬يظهر فيها اهلل‪ ،‬من خالؿ تعاليم ادلسيح فاضال نزيها عادال‪ ،‬ػلاسب‬
‫اإلنساف على أفعالو ثوابا أو عقابا‪ ،‬شلا يفسر حرية الفرد ومن مثّ ربملو مسؤولية أفعالو‪،‬‬
‫فالفكر ادلسيحي مشاركة بُت القانوف األزرل وفرائضو‪ ،‬والقانوف الزمٍت وتشريعاتو‪ ،‬إنو‬
‫التفاعل بُت قوانُت الكنسية وتلك الوضعية‪ ،‬ولعل مواقف كل من أغسطينوس واألكويني‬
‫من تعكس ضرورة التقريب والتشارؾ بُت القانوف اإلذلي‪ ،‬واحلق الطبيعي اليت تُبلوره‬

‫كرسوف‪ ،‬اندريو‪" :‬المشكلة األخالقية والفالسفة"‪ ،‬ترمج ة عبد احلليم زلمود وأبو بكر ذكر‪ ،‬مطابع الشعب‪ ،‬القاىرة‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ص‪.46‬‬
‫‪ 4‬أفالطوف‪" :‬كتاب القوانين"‪ ،‬تر‪ :‬تيلور‪ ،‬تعريب زلمد حسن ظاظا‪ ،‬مطابع اذليئة ادلصرية العامة للكتاب‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،1.‬ص‬
‫ص ‪.61-59‬‬
‫‪ 5‬العوجى‪ ،‬مصطفى‪" :‬األمن االجتماعي تقنياتو ارتباطو بالتربية المدنية"‪ ،‬مؤسسة نوفل‪ ،‬بَتوت‪ ،‬ط‪ ،1.‬ص ‪.29‬‬
‫‪ 6‬بدوي‪ ،‬عبد الرضبن‪" :‬أرسطو"‪ ،‬مكتبة النهضة ادلصرية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪ ،1944 ،2.‬ص ‪ .262‬أنظر أيضا "كتابو األخالق‬
‫النظرية"‪ ،‬وكالة ادلطبوعات‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪ ،1976 ،2.‬ص ص ‪ .167-165‬وأنظر حوؿ ذلك أيضا‪ :‬وىبة‪ ،‬مراد‪:‬‬
‫"المعجم الفلسفي"‪ ،‬اذليئة ادلصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪ ،2016 ،6.‬ص‪.265‬‬
‫‪37‬‬
‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬

‫القوانُت الوضعية‪.‬‬
‫أما العدالة يف اإلسالم فهي صفة إذليّة‪ ،‬إذ اندرج العدؿ بُت أمساء اهلل احلُسٌت‪ ،‬وىو دين‬
‫يدعو بإحلاح إذل االبتعاد عن احملظورات واجتناب الكبائر‪ ،‬وبالنسبة للمفكرين ادلسلمُت‬
‫فقد أتيح ذلم اإلطالع على األفكار الفلسفية اليونانية من كتب الفلسفة‪ ،‬لذلك كانوا‬
‫ميالُت لفلسفتهم «فالفارايب مثال كاف أكثر ميال لفلسفة أرسطو‪ ،‬وماؿ ابن سينا‬
‫لألفالطونية احلديثة»(‪ ،)7‬و كاف جل ما عٌت بو متفلسفة ادلسلمُت ىو التوفيق بُت التفكَت‬
‫اإلسالمي وبُت الفلسفة اليونانية‪ ،‬معتمدين على مصدرين علا العقل والوحي‪ ،‬وسوؼ‬
‫نتعرض آلراء بعض الفالسفة ادلسلمُت حوؿ العدالة‪.‬‬
‫م)‪ :‬يقوؿ يف كتابو ادلدينة الفاضلة‪« :‬العدؿ إعطاء كل واحد‬ ‫(‪950-874‬‬ ‫‪ -‬الفارابي‬
‫قسطو‪ ...‬مث يف حفظ ما قسم عليهم‪ ...‬فكل واحد من أىل ادلدينة لو قس من ىذه‬
‫(‪)8‬‬
‫اخلَتات مساوياً‪ ...‬والعدؿ عنده كذلك استعماؿ أفعاؿ الفضيلة فيما بينو وبُت غَته»‬
‫ويضيف «فما يف الطبع ىو العدؿ‪ ،‬فالعدؿ إذف التغالب‪ ،‬فاستعباد القاىر للمقهور ىو‬
‫أيضا من العدؿ وأف يفعل ادلقهور ما ىو األنفع للقاىر ىو أيضا عدؿ‪ ،‬فهذه كلها من‬
‫العدؿ الطبيعي‪ ،‬وىي الفضيلة‪ ...‬وأحيانا يتقارب األفراد وتتقارب اجلماعات يف القوة‪،‬‬
‫عندئذ يصطلح األفراد واجلماعات على شرائ يتعاملوف هبا‪ ...‬فالوفاء دبا اصطلح عليو‬
‫كل فريق ىو العدؿ الوضعي»(‪.)9‬‬

‫‪ -‬ابن مسكويو (‪1030-972‬م)‪ :‬تناوؿ ابن مسكويو يف كتابو "هتذيب األخالؽ"‪ ،‬مفهوـ‬
‫العدالة من خالؿ حديثو عن أسس الًتبية األخالقية انطالقا من معرفتو التامة للنفس‬
‫البشرية ومقوماهتا وقواىا «فإنسانية اإلنساف تتم بتوافر إرادتو واذباىها ضلو اخلَت وابتعادىا‬
‫عن الشر‪ ،‬وقوى النفس الثالث ىي قوة التفكَت وقوة الغضب وقوة الشهوة‪ ،‬مىت اعتدلت‬
‫لدى اإلنساف ولدت لديو فضيلة العدالة والعفة واحلكمة‪ ،‬والشجاعة تلك اليت لإلنساف‬

‫‪ 7‬شليب‪ ،‬أضبد ‪" :‬الفكر اإلسالمي منابعو وآااره"‪ ،‬مكتبة النهضة ادلصرية‪ ،‬القاىرة‪ ،1986 ،‬ص ‪.137‬‬
‫‪ 8‬نادر‪ ،‬ألبَت نصري‪" :‬أبو نصر الفارابي آراء أىل المدينة الفاضلة"‪ ،‬دار ادلشرؽ‪ ،‬بَتوت‪ ،1986 ،‬ص ص ‪.160 -157‬‬
‫‪ 9‬فروخ‪ ،‬عمر‪ ":‬تاريخ الفكر العربي إلى أيام ابن خلدون"‪ ،‬دار العلم للماليُت‪ ،‬بَتوت‪ ،1983 ،‬ص ص ‪.365-364‬‬
‫‪38‬‬
‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬

‫أف يتباىى ويفتخر هبا»(‪ ،)10‬فالعدالة‪« :‬فضيلة للنفس ربدث ذلا اجتماع الفضائل الثالث‬
‫احلكمة والعفة والشجاعة‪ ،‬وذلك عند مسادلة ىذه القوى بعضها لبعض»(‪.)11‬‬
‫ويرى ابن مسكويو أف العدالة تنقسم إذل ثالثة أقساـ‪ :‬عدالة دينية وىي فيما بُت اإلنساف‬
‫وخالقو‪ ،‬و عدالة مدنية وىي فيما يؤديو الناس بعضهم لبعض‪ ،‬و العدالة الكربى‪ :‬وىي ما‬
‫غلب أف يكوف بُت الناس من حقوؽ ذباه أسالفهم مثل أداء الديوف وإنفاذ وصاياىم(‪.)12‬‬
‫ويقوؿ ابن مسكويو أف «العادؿ من شأنو أف يساوي بُت األشياء غَت ادلتساوية‪...‬ويف‬
‫ىذه احلاؿ ال بد من العلم بطبيعة الوس حىت يرد الطرفُت إليو‪ ،‬والشريعة ىي اليت ترسم‬
‫يف كل واحد من ىذه األشياء التوس واالعتداؿ» (‪.)13‬‬

‫‪ -‬ابن سينا (‪1036-980‬ـ)‪ :‬العدالة عنده «فضيلة من الفضائل األربعة‪ :‬العفة والشجاعة‬
‫واحلكمة والعدالة‪ ،‬وىذه األخَتة أصل ترجع إليها رلموعة من الفضائل تتفرع عنها وىي‪:‬‬
‫السخاء‪ ،‬القناعة‪ ،‬الصرب‪ ،‬الكرـ‪ ،‬العفة‪ ،‬الصفح‪ ،‬كتماف السر واحلكمة وغَتىا »(‪ ،)14‬وىنا‬
‫يف ىذا ادلفهوـ صلد ابن سينا دل يتجاوز األفالطونية احملدثة‪.‬‬
‫إف ادلتتبع دلا ذكره متفلسفة ادلسلمُت عن العدالة‪ ،‬يالحظ التأثر البالغ بالفلسفة‬
‫اليونانية‪ ،‬إما بطريق التبٍت ذلا أو النقل والشرح آلراء منها دوف تبٍت ذلا‪ ،‬وإما بطريق التوفيق‬
‫بُت آراء متفرقة وأفكار متعددة‪.‬‬

‫الفكر الرأسمالي الحر‬‫‪ -3‬اشكالية مفهوم العدالة في ِ‬


‫يرى دعاة احلرية الفردية ادلطلقة أف العدالة تتمثل يف استيالء األفراد على شبار جهدىم‬
‫دوف تدخل من أحد‪ ،‬مهما ترتب على ذلك من تفاوت وسبايز يف ادللك‪ ،‬وذلك تبعا‬
‫للتمايز الطبيعي يف القدرات والطاقات الفردية‪ ،‬تاركُت الروح التنافسية لتسَت احلياة‬
‫االقتصادية‪ ،‬وىذا ليصل اجملتمع إذل التوازف العاـ بُت أفراده وطبقاتو‪ ،‬وعلى أساس ىذه‬

‫‪ 10‬ابن مسكويو‪ ،‬أضبد بن زلمد بن يعقوب‪" :‬تهذيب األخالق في التربية"‪ ،‬مطبعة الًتقي‪ ،‬القاىرة‪،1899 ،‬‬
‫ص ص‪.15-13‬‬
‫‪ 11‬نفس ادلرجع‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ 12‬نادر‪ ،‬ألبَت نصري‪ :‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.129-128‬‬
‫‪ 13‬فخري‪ ،‬ماجد‪" :‬الفكر األخالقي العربي"‪ ،‬األىلية للنشر‪ ،‬بَتوت‪.)139/2( ،1978 ،‬‬
‫‪ 14‬نفس ادلرجع‪.)148/2( ،‬‬
‫‪39‬‬
‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬

‫النظرة‪ ،‬فإف الفرد ىو زلور القانوف وغايتو‪ ،‬و من واجب القانوف والدولة سبكُت الفرد‬
‫وتقويتو وصيانة حريتو اليت يريدىا‪ ،‬ذلذا دأب دعاة احلرية ادلطلقة يف إبراز دور احلرية يف‬
‫إغلاد التوازف االجتماعي ومن مث ربقيق العدالة‪ ،‬و يقوؿ سبنسر‪ ...« :‬فأما ادللكية‬
‫اخلاصة فإهنا تستمد أصوذلا من قانوف العدالة بأف يتساوى الناس يف االحتفاظ بثمرة‬
‫اقتصادىم وتوفَتىم»(‪ ،)15‬أما آدم سميث فيقوؿ «إف العدالة ربكم بقانوف ادلنفعة‪ ،‬منفعة‬
‫ادلنتج ومنفعة ادلستهلك تتطابقاف إذا امتنعت احلكومة عن التدخل‪ ،‬وأفسحت اجملاؿ ُحرا‬
‫طبيعيا ‪ ،)16( »..‬و العكس من ذلك‪ ،‬فدعاة التدخل والتوجيو االقتصادي يروف أف العدالة‬
‫تتحقق من جراء تدخل الدولة‪ ،‬للحد من احلرية االقتصادية اليت تعتمد على القانوف‬
‫الطبيعي‪ ،‬وذلك بتوزيع الثروة يف اجملتمع وتقسيمها تقسيما عادال ػلقق الرفاىية جلميع‬
‫الناس‪« :‬وأصبحت الدولة تتدخل يف توجيو االقتصاد احلر توجيها اجتماعيا نتج عند‬
‫ِ‬
‫االجتماعية»(‪.)17‬‬ ‫تعديل بُت العماؿ وأرباب العمل‪ ...‬ومن ىنا كاف ظهور العدالة‬
‫ِ‬
‫االجتماعية يف الفكر الرأمسارل احلديث‪ ،‬ال تدؿ على‬ ‫من ىذا كلو يتبُت لنا أف العدالة‬
‫نظاـ اقتصادي كاالشًتاكية أو فكر فلسفي خاص‪ ،‬وإظلا ىي كلمة اصطالحية وضعت‬
‫من قبل فالسفة الفكر الرأمسارل للداللة على تدخل الدولة عن طريق التشريعات والنظم‪،‬‬
‫لتخفيف ادلفاسد وادلظادل اليت نتجت عن احلرية الفردية ادلطلقة الذي أوجدتو الرأمسالية يف‬
‫اجملتمع‪ ،‬ويف ىذا الصدد يقوؿ الدكتور جعفر عبد السالم‪« :‬جاء ادلفكروف الرأمساليوف‬
‫بفكرة العدالة االجتماعية اليت عنوا هبا إعطاء ادلزيد من احلقوؽ للعماؿ‪ ،‬وزيادة االىتماـ‬
‫هبم لصرفهم عن األفكار االشًتاكِية زلافظة على النظاـ الرأمسارل احلر»(‪.)18‬‬
‫يقوؿ الدكتور صليبا‪« :‬العدالة االجتماعية ىي احًتاـ حقوؽ اجملتمع‪ ،‬كتنظيم العمل‬
‫ومنح العماؿ أجورا متناسبة‪ ،‬مع كفالتهم وتوفَت اخلدمات والتأمينات االجتِماعية»(‪.)19‬‬

‫ديورانت‪ ،‬وؿ‪" :‬قصة الحضارة (الفلسفة)"‪ ،‬ترصبة فتح اهلل ادلشعع‪ ،‬ادلنظمة العربية للًتبية والثقافة والعلوـ‪ ،‬دار اجليل‬ ‫‪15‬‬

‫للطبع والنشر والتوزيع‪ ،‬بَتوت‪.)492-491/2( ،1988 ،‬‬


‫‪ 16‬العوا‪ ،‬عادؿ‪" :‬المذاىب األخالقية‪ :‬عرض ونقد"‪ ،‬مطبعة جامعة دمشق‪.)496/2( ،1971 ،‬‬
‫‪ 17‬عبد السالـ‪ ،‬جعفر‪" :‬المنظمات الدولية"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪ ،6.‬ص ‪.259‬‬
‫‪ 18‬نفس ادلرجع والصفحة‪.‬‬
‫‪ 19‬صليبا‪ ،‬صبيل‪" :‬المعجم الفلسفي"‪ ،‬دار الكتاب اللبنانية‪ ،‬بَتوت‪.)60-58/2( ،1982 ،‬‬
‫‪40‬‬
‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬

‫‪ -4‬اشكالية مفهوم العدالة في الفكر االشتراكي‪ /‬الماركسي‬


‫ظهرت فلسفات سياسية متفقة يف نظرهتا للحرية االقتصادية ومتباينة يف نظرهتا إذل‬
‫طريقة إدارة احلياة االقتصادية‪ ،‬سواء من جهة ملكية وسائل اإلنتاج أو من جهة توزيع‬
‫الثروة‪ ،‬وقد أطلقت على ىذه األفكار اسم االشًتاكية‪ ،‬وسبثل الفكر االشًتاكي يف ظلطُت‪:‬‬
‫ظل يتصل بالفكر الرأمسارل عرب عنو وليم جراىام سافر بقولو‪« :‬االشًتاكِية ىي أية خطة‬
‫أو مذىب يستهدؼ إنقاذ الفرد من أية مصاعب أو متاعب يلقاىا يف نضالو من أجل‬
‫البقاء‪ ،‬ويف تنافسو يف معًتؾ احلياة‪ ،‬وذلك عن طريق تدخل الدولة»(‪ ،)20‬كما قاؿ عنها‬
‫جيمس بونار‪« :‬االشًتاكية ىي النظرية اليت تستهدؼ ربقيق توزيع أفضل للثروة‪ ،‬ويؤدي‬
‫ذلك بالضرورة إذل إنتاج أفضل‪ ،‬وذلك عن طريق تدخل السلطة الدؽلقراطية ادلركزية»(‪،)21‬‬
‫والنم الثاين يناقض الفكر الرأمسارل ويدعو للثورة عليو‪ ،‬وىو الفكر ادلاركسي أو‬
‫االشًتاكية العلمية‪ ،‬وعلى رأسو كارل ماركس (‪1883-1818‬ـ) ورفيقو إنجلز اللذين‬
‫طرحا يف مؤلفاهتما وخباصة ادلنشور الشيوعي األوؿ وكتاب "رأس ادلاؿ"‪ ،‬التصميم النهائي‬
‫ِ‬
‫االجتماعية‪ ،‬فكارؿ ماركس‪ ،‬بٌت مذىبو على أساس مبدأ فلسفي يعرؼ بادلادية‬ ‫للمسألة‬
‫التارؼلية‪ ،‬ورأى أف قياـ النظاـ اجلديد يف اجملتمع سيتم دبجرد عمل القوانُت االقتصادية‪،‬‬
‫ودبقتضى قانوف التطور يف اجملتمع من غَت تدخل إدارة متشرع أو مصلح»(‪.)22‬‬

‫ولقد ورد يف ادلوسوعة السوفياتية أف «العدالة والظلم يتغَتاف من عهد آلخر تبعا للتغَتات‬
‫اليت تطرأ على العالقات االجتماعِية‪ ،‬وقد أوضحت ادلاركسية مفهوـ العدؿ وقاستو يف‬
‫عالقتو باحلاجات احليوية للتطور االجتماعي الطبيعي‪ ،‬وترب األخالؽ ادلاركسية بُت‬
‫مفهوـ العدؿ وفكرة ربرير اجملتمع من االستغالؿ‪ ،‬واالشًتاكية وحدىا ىي اليت زبلق‬
‫عالقات عادلة أصيلة من ادلساواة‪ ،‬ويبلغ العدؿ ذروتو يف اجملتمع الشيوعي الذي زبتفي‬

‫سويزي‪ ،‬بوؿ‪" :‬االشتراكِية"‪ ،‬ترصبة عمر مكاوي‪ ،‬ادلؤسسة ادلصرية العامة للتأليف والًتصبة والنشر‪ ،‬مصر‪،1964 ،‬‬ ‫‪20‬‬

‫ص‪.16‬‬
‫‪ 21‬نفس ادلرجع و الصفحة‪.‬‬
‫‪ 22‬النبػهاين‪ ،‬تقي الدين‪" :‬النظام االقتصادي في اإلسالم"‪ ،‬دار األمة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بَتوت‪ ،‬ط‪،2004 ،6.‬‬
‫ص ‪.45‬‬
‫‪41‬‬
‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬
‫ِ‬
‫االجتماعية و االقتصادية »(‪.)23‬‬ ‫فيو كل آثار الفروؽ‬
‫ويقوؿ الدكتور عبد المنعم النمر‪« :‬ادلاركسية تصورت أف العدالة االجتماعية‪ ،‬ال تتحقق‬
‫إال يف اجملتمع االشًتاكي‪ ،‬وذلك بإلغاء ادللكية الفردية وتطبيق نظاـ األجور‪ ،‬وإلغاء‬
‫الطبقية وادلناداة بادلساواة»(‪ ،)24‬وقريب من ىذا‪ ،‬ما ذكره الدكتور عبد الرحمن يسري‬
‫«أما ادلاركسية أو العدالة االجتماعية الشيوعية يف االشًتاكية‪ ،‬فتتلخص يف العمل على‬
‫ربقيق ادلساواة التامة بُت العاملُت يف الدولة‪ ،‬فهم يف رلموعهم ؽلتلكوف وسائل اإلنتاج‬
‫ويستحقوف الدخل الذي يتحقق من وراء النشاط اإلنتاجي بال تفرقة‪ ،‬ىذه ىي العدالة‬
‫ادلثلى "العدالة االجتماعية يف رأي االشًتاكية ادلاركسية"»(‪ ،)25‬إذف «ربت تأثَت الفكر‬
‫االشًتاكي ومذاىب التدخل‪ ،‬أخضعت الدولة ادلعاصرة احلريات االقتصادية لتنظيم دقيق‬
‫ِ‬
‫االجتماعية»(‪.)26‬‬ ‫وقيود عديدة‪ ،‬ربقيقا دلبادئ العدالة‬
‫إف التغيَتات االجتماعية والسياسية اليت ظهرت يف منتصف القرف التاسع عشر‪ ،‬أدت‬
‫إذل ظهور ما عرؼ بالعدالة االجتماعية‪ ،‬واليت أصبحت كلمة من ادلفاىيم وادلصطلحات‬
‫الرأمسالية احلديثة‪ ،‬اليت دخلت إذل احلقل ادلعجمي عند بعض ادلفكرين ادلعاصرين‪ ،‬وعلى‬
‫رأسهم جون رولز‪ ،‬وىو ما سنتعرض إليو يف عنصر مفهوـ العدالة يف الفكر ادلعاصر‪.‬‬

‫‪ -5‬اشكالية مفهوم العدالة في الفكر المعاصر‬


‫إف تعريف العدالة االجتماعية‪ ،‬يكتنها ما يكتنف القضية ذاهتا من عدـ اتفاؽ بالغ‪،‬‬
‫بل ويعتقد البعض أف «السعي للعدالة االجتماعية فخ ووىم‪ ،‬وأنو غلب أف تقودنا ُمثل‬
‫أخرى كاحلرية الفردية» (‪.)27‬‬
‫يذكر ادلفكر اذلندي أمارتيا صن‪ ،‬والذي ينتمي دلدرسة الليرباليُت ادلساواتيُت‪ ،‬يف كتابو‬
‫"فكرة العدالة"(‪ )28‬مثل الثالثة أطفاؿ والفلوت‪ ،‬لكي يذكر أف للعدالة أكثر من منطق‪ ،‬ما‬

‫‪ 23‬ـ‪ .‬روزنتاؿ‪ ،‬ب‪ .‬يودين‪" :‬الموسوعة الفلسفية"‪ ،‬تر‪ :‬مسَت كرـ‪ ،‬دار الطليعة للطباعة والنشر‪ ،‬بَتوت‪ ،1987 ،‬ص‪.293‬‬
‫‪ 24‬النمر‪ ،‬عبد ادلنعم‪" :‬إسالم ال شيوعية"‪ ،‬دار غريب للطباعة‪ ،‬القاىرة‪ ،1976 ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪ 25‬أضبد‪ ،‬عبد الرضبن يسري‪ :‬التنمية االقتصادية يف اإلسالـ‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫ياسية"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.)378/1( ،1989 ،‬‬ ‫الس ِ‬
‫‪ 26‬بدوي‪ ،‬ثروت‪" :‬النظم ِ‬
‫‪27‬‬
‫‪David Miller, Principles of social justice, Cambridge, Massachusetts, 4, London,‬‬
‫‪Harvard University Press, 1999.‬‬
‫‪ 28‬أمارتيا صن‪" :‬فكرة العدالة"‪ ،‬تر‪ :‬مازف جندرل‪ ،‬الدار العربية للعلوـ ناشروف‪ ،‬بَتوت‪.2010 ،‬‬
‫‪42‬‬
‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬

‫غلعل إمكانية قياـ أسباب ومسارات متعددة ذلا‪ ،‬كل ىذا تدعي احلياد ومع ذلك زبتلف‬
‫أو تتنافس مع بعضها‪ ،‬وما يزيد األمر صعوبة إذا افًتضنا الوضعية اليت يواجو فيها األفراد‬
‫اجملتمع ويقيموف توجهاهتا‪ ،‬من منطلقات موقعهم فيها وعالقتهم باجملموعات األخرى‪ ،‬أي‬
‫من منطلق مصاحلهم االجتماعية والطبقية ادلتناقضة‪ ،‬ىذه احلقيقة ذبعل من ربديد‬
‫وتعريف العدالة االجتماعية كمفهوـ مستقر أمرا معقدا‪ ،‬لكن كثَتا من الباحثُت‬
‫وادلفكرين ال يروهنا مستحيال بالرغم من ذلك‪.‬‬
‫يف كتاب "أسس العدالة االجتماعية" لػديفيد ميللر يرب ميللر بُت نظرية وتعريف‬
‫مستقرين للعدالة االجتماعية‪ ،‬وبُت القناعات الشعبية الواسعة خبصوصها‪ ،‬ويقيم نظريتو‬
‫ألسس العدالة االجتماعية على حبث إمربيقي يف معناه بالنسبة حلركة الناس ويف اجلدؿ‬
‫السياسي القائم‪ ،‬معًتفا بأف ىذا لو عيوبو اليت قد تظهر يف تناقضات ومشاكل يف‬
‫ادلعلومات‪ ...‬اخل‪ ،‬ىذا ويقيم ميللر تعريفو للعدالة االجتماعية على مبادئ العدالة اليت‬
‫يعتنقها الناس بالفعل‪ ،‬وبالتارل فمكونات التعريف التعددية بالضرورة تتغَت وتصبح مهمة‬
‫بقدر ما ذلا صلة بسياقها يف الواقع‪ ،‬يف ىذا اإلطار يبٍت تعريف العدالة االجتماعية على‬
‫الطريقة اليت تنظر إليو اجملموعات االجتماعية اليت تناضل من أجلو‪ ،‬وتصبح زلدداتو مثال‪،‬‬
‫وىي قابلة للتغَت مع الوقت والسياؽ‪ ،‬ومع احلد األدىن واألقصى لألجر‪ ،‬واستعادة‬
‫الشركات احلكومية ادلباعة بالفساد‪ ،‬واحلق يف اإلدارة الذاتية لوسائل اإلنتاج‪ ،‬وتوفَت‬
‫اخلدمات الصحية الكفؤة والرخيصة للكل وغَتىا‪ ،‬ويعترب ميللر أف العدالة تتعلق بالتوزيع‬
‫اجليد داخل اجملتمع‪ ،‬والطريقة اليت زبصص هبا ادلوارد للناس عرب مؤسسات اجملتمع‪.‬‬
‫ويف مقابل ىذه النظرة التعددية يرى الليرباليوف ادلساواتيوف‪ ،‬وعلى رأسهم جون رولز‬
‫أنو ؽلكن الوصوؿ لنظرية شاملة موحدة فيما ؼلص العدالة االجتماعية‪ ،‬وباألساس قضية‬
‫العدالة التوزيعية‪ ،‬دبعٌت كيف ؽلكن توزيع مزايا وأعباء التعاوف االجتماعي‪ ،‬ويضع رولز‬
‫الثقل يف ىذا على تطويره لنظرية العقد االجتماعي‪« :‬كيف توزع ادلؤسسات االجتماعية‬
‫الرئيسية احلقوؽ والواجبات األساسية وربدد توزيع مزايا التعاوف االجتماعي»(‪ ،)29‬ويضع‬
‫رولز نظريتو اليت يسميها العدالة كإنصاؼ‪ ،‬من أجل تطبيق ما يسميها البنية الرئيسية أو‬
‫ادلؤسسات السياسية واالقتصادية واالجتماعية يف اجملتمع‪ ،‬يتوفر النظرية مثاال معياريا‬

‫‪29‬جوف رولز‪" :‬العدالة كإنصاف"‪ ،‬تر‪ :‬حيدر حاج امساعيل‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬ط‪.2009 ،1.‬‬
‫‪43‬‬
‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬

‫لتقييم األساس السياسي الدستوري للمجتمع‪ ،‬والًتتيبات االقتصادية االجتماعية‬


‫األساسية(‪.)30‬‬
‫ويقيم رولز العدالة االجتماعية على مبدأين رئيسيُت‪ :‬األوؿ ىو أف لكل فرد احلق يف‬
‫ادلطالبة باحلريات األساسية ادلتساوية‪ ،‬ودبنظومة اجتماعية تقوـ على ىذا‪ ،‬والثاين وجود‬
‫شرطُت لعدـ ادلساواة االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬أوذلما أهنا ترتب بإعطاء الكل ادلساواة يف‬
‫الفرص‪ ،‬وثانيها أف تكوف عدـ ادلساواة للفائدة العظمى لألعضاء األقل حظوة يف اجملتمع‪،‬‬
‫وىو ما يسميو مبدأ االختالؼ‪.‬‬
‫وينقل أمارتيا صن‪ ،‬وىو أحد تالمذة رولز‪ ،‬التعريف من منطقة ادلثاؿ فيما غلب أف تكوف‬
‫عليو ادلؤسسات وكيف يكيف الناس سلوكهم للتوافق معو (وىو انتقاد رئيسي مت توجهو‬
‫لنظرية رولز)‪ ،‬إذل واقع وحياة الناس‪ ،‬من ىنا يرى صن أف نظرية العدالة غلب أف تنطلق ال‬
‫من الًتكيز على اجملتمع العادؿ‪ ،‬وصورة ادلؤسسات ادلطلوبة فحسب‪ ،‬بل باألساس على‬
‫ادلقارنات القائمة على الواقع لرصد تقهقر وتقدـ العدالة‪ ،‬وعلى رأس ىذه ادلؤشرات صور‬
‫عدـ ادلساواة غَت ادلنصفة‪.‬‬
‫ومن كل ما سبق‪ ،‬نالحظ أف اشكالية مفهوـ "العدالة" موطن حبث عند ادلفكرين عرب‬
‫سلتلف األزمنة واحلضارات‪ ،‬وعلى حد قوؿ ىنري برجسون «العدالة يف كل األزمنة تثَت‬
‫يف الذىن أفكار ادلساواة والنسبة والتعويض»(‪ ،)31‬ودل زبرج عن ىذه الدالالت مع‬
‫اختالؼ نسيب‪.‬‬

‫‪ .II‬إشكاليات السياسات‬
‫يوحد وغلّمع بُت البشر أكثر من العدؿ‪ ،‬فالعدالة سبثل القاعدة‬‫ال يوجد شيء ّ‬
‫األساسية لكل رلتمع منظّم عقالنيا يهدؼ إذل النفع العاـ‪ ،‬فالعدالة فضيلة أخالقية‪،‬‬
‫تتحدد قيمتها يف تطبيقاهتا العملية‪ ،‬لذلك ال بد من مطابقة ما ىو نظري دبا ىو تطبيقي‪،‬‬
‫والعكس صحيح‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪Colin Farrelly, Contemporary political theory a reader, London, Sage‬‬
‫‪publications, 2004.‬‬
‫‪ 31‬برجسوف‪ ،‬ىنري‪" :‬منبع األخالق والدين"‪ ،‬تر‪ :‬سامي الدوريب و عبد اهلل عبد الدائم‪ ،‬اذليئة ادلصرية العامة للتأليف‬
‫والنشر‪ ،‬القاىرة‪ ،1971 ،‬ص ص‪.72 -71‬‬
‫‪44‬‬
‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬

‫‪ -1‬العدالة االجتماعية بين النظري التطبيقي‬


‫تنص ادلادة األوذل من اإلعالف العادلي حلقوؽ اإلنساف على أنو‪« :‬يولد صبيع الناس‬
‫أحرارا متساوين يف الكرامة واحلقوؽ‪ ،‬وقد وىبوا عقال وضمَتا وعليهم أف يعامل بعضهم‬
‫بعضا بروح اإلخاء»‪.‬‬
‫ويرصد تقرير دلنظمة أوكسفاـ الصادر يف يناير ‪ 2013‬بعنواف تكلفة عدـ ادلساواة‪ ،‬كيف‬
‫يضر التفاوت يف الدخل ويف فرص األفراد على كوكب األرض وحظوظهم فيما يتعلق‬
‫بالدخل والثروة‪ ،‬يقرر التقرير احلقيقة القاسية للتصاعد اذلائل يف التفاوت‪ ،‬مطالبا قادة‬
‫العادل بالتعامل مع األزمة‪ ،‬هبدؼ إيصاؿ عدـ ادلساواة دلستوياتو عاـ ‪ 1990‬أغٌت واحد‬
‫بادلائة من السكاف زادوا من دخلهم بنسبة ‪ ٪20‬يف العشرين عاما ادلاضية‪ ،‬وقد تسببت‬
‫األزمة ادلالية العادلية يف تعميق وتسريع ىذه الوضعية (‪.)32‬‬
‫ويعترب ادلفكر واالقتصادي واجلغرايف الربيطاين ديفيد ىارفي ادلشروع الليربارل اجلديد ىو يف‬
‫األصل مشروع سياسي‪ ،‬دبعٌت أف سياسات ربرير األسواؽ واخلصخصة‪ ،‬وانسحاب الدولة‬
‫من النشاط االقتصادي‪ ،‬وأولوية االستثمار اخلاص األجنيب واحمللي‪ ،‬ىي عملية سياسية‬
‫من شأهنا إعادة ترتيب السلطة والقوة يف اجملتمع‪ ،‬ويضع ىذا ضمن أىداؼ ادلشروع يف‬
‫األساس‪ ،‬وليس رلرد عرض للسياسات االقتصادية بادلعٌت التقٍت (‪.)33‬‬
‫‪-‬العدالة كإنصاف عند رولز‪ :‬تتص ّدر النظرية الليربالية الرولزية (نسبة إذل جوف رولز‪،‬‬
‫‪ )2002-1921 -Rawls‬باقي نظريات العدالة االجتماعية والسياسية ادلعاصرة‪ ،‬باعتبارىا‬
‫احلدث الفكري األبرز الذي أسس للفلسفة السياسية ادلعاصرة‪ ،‬وترسم نظرية رولز معادل‬
‫الفصل بُت نظريات السياسية التعاقدية احلديثة اليت ىيمنت قرابة عقدين من الزمن‪،‬‬
‫ومسعاىا كإعادة صياغة للتقليد السياسي احلديث‪ ،‬وكإعراض صريح عن النفعية‪ ،‬يف‬
‫مؤلفو الشهَت (نظرية العدالة‪ ،(Theory of Justice ،‬ومن بُت األفكار األساسية اليت‬
‫تضمنتها نظرية رولز يف العدالة‪ ،‬أف اجملتمع عبارة عن منظومة لإلنصاؼ يف التعاوف‬
‫االجتماعي بُت أشخاص يصبحوف أحرار ومتساوين دبرور الزمن‪ ،‬وىو ال يناقش ىذه‬

‫‪32‬‬
‫‪The cost of inequality: How wealth and income extremes hurt us all,‬‬
‫‪Oxfam, 18 January 2013.‬‬
‫‪33‬‬
‫‪David Harvey, A brief history of neoliberalism, London, Oxford University‬‬
‫‪Press, 2007 .http://www.almasryalyoum.com/editor/details/677.‬‬
‫‪45‬‬
‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬

‫الفكر بل يعتربىا بديهية‪ ،‬ويرى أف القراء سيتقبلوهنا كنقطة انطالؽ معقولة (‪ ،)34‬ويتطلب‬
‫مبدأ العدالة عنده توفَت حريات مهمة و معينة بالتساوي للجميع‪ ،‬وتتمتع ىذه احلريات‬
‫األساسية باألولوية على صبيع قيم الرفاىية االجتماعية‪ ،‬وتوفَت فرص عادلة بالتساوي‬
‫جلميع ادلواطنُت‪ ،‬وىيكلة الفروؽ يف الدخل والثروة ويف ادلراتب االجتماعية‪ ،‬دبا يفضي إذل‬
‫ضماف احلد األقصى من الفائدة لألعضاء األسوأ حاال يف اجملتمع (‪ ،)35‬إذا للعدالة‬
‫كإنصاؼ‪ ،‬يكوف ادلعٌت العاـ ألولوية احلق ىو وجوب أف تدخل أفكار اخلَت ادلسموح هبا‬
‫يف إطاره كمفهوـ سياسي (‪.)36‬‬
‫األوؿ‪،‬‬
‫لكن الفلسفة السياسية الرولزية‪ ،‬من بعد أف وضعت ادلساواة التوزيعية يف ادلقاـ ّ‬
‫عادت لتتعارض ومرتكزات احلرية اإلنسانية (اليت وضعها رولز يف الصدارة)‪ ،‬كامتالؾ‬
‫اإلنساف لذاتو وخلَتاتو على اإلطالؽ‪ ،‬كما أف النقد اجلماعايت‪ ،‬وخصوصا الساندرل (نسبة‬
‫ساندؿ)‪ ،‬سيتحرى عن أخطار الليبَتالية‪ ،‬يف شقيها ادلعتدؿ وادلتطرؼ‪ ،‬يف‬ ‫إذل مايكل ِ‬
‫إضعاؼ وحدة اجلماعة التارؼلية وسباسكها السياسي‪ ،‬من جراء تنامي الفردانية اليت عززهتا‬
‫حرية السوؽ ‪ ،‬ودلا كاف السوؽ ال يقوـ التفضيالت والتذوقات الفردية‪ ،‬كانت كلها‬
‫متساوية‪ ،‬النبيلة منها والرديئة‪ ،‬بوصفها قيما أخالقية تعًتيها النسبية‪ ،‬وىو ما يفسر إفساد‬
‫السوؽ دلختلف العالقات االجتماعية وإرجاعها كلها إذل ادلاديات‪.‬‬
‫‪ -‬عدم المساواة ورفع الظلم‪ :‬يظهر يف تعامل أمارتيا صن مع االنتقادات اليت وجهت‬
‫لرولز‪ ،‬من حيث أنو يقدـ ظلوذج ادلؤسسات ادلثاؿ يف مقابل الواقع وسلوؾ األفراد اللذين‬
‫غلب أف يتغَتا يف اذباىو‪ ،‬ويؤكد أف نقطة البدء يف العدالة االجتماعية ىي تشخيص‬
‫الظلم وربليلو سبهيدا لرفعو‪ ،‬ويرى يف كتابو "فكرة العدالة" "أف إدراؾ ادلظادل اليت ؽلكن‬
‫لب نظرية العدالة أيضا"‪،‬‬
‫رفعها ال يدفعنا إذل التفكَت يف العدؿ والظلم فحسب‪ ،‬بل ىو ّ‬
‫ويضيف صن أنو "كي تصلح نظرية ما يف العدالة كأساس للتفكَت العملي‪ ،‬ال بد ذلا من‬
‫أف تتضمن طرقا لتقدير كيف ؽلكن إنزاؿ الظلم وإعالء العدؿ‪ ،‬بدؿ التوجو فق لوصف‬

‫‪ 34‬دايفيد جونستوف‪ ":‬مختصر تاريخ العدالة" تر‪ :‬مصطفى ناصر‪،‬عادل ادلعرفة‪ ،‬الكويت‪ ،2012 ،‬ص‪.247‬‬
‫‪ 35‬صموئيل فرؽلاف‪ " :‬اتجاىات معاصرة في فلسفة العدالة جون راولز نموذجا"‪ ،‬ترصبة فاضل جتكر‪ ،‬ادلركز العريب ألحباث‬
‫ودراسة السياسات‪ ،‬بَتوت‪ ،‬ط‪ ،2015 ،1 .‬ص ‪.14‬‬
‫‪ 36‬جوف رولز‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.302‬‬
‫‪46‬‬
‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬

‫اجملتمعات اليت تتسم بعدالة كاملة"‪.‬‬


‫رغم أف السعي لتقليص التفاوت ومواجهة عدـ ادلساواة علا مكوناف أصيلُت يف أي‬
‫مسار للعدالة االجتماعية‪ ،‬غَت أف ادلساواة ليست كل شيء كما رأينا يف نظرية رولز‪،‬‬
‫اليت ذبد يف بعض أشكاؿ عدـ ادلساواة اليت ربايب الضعفاء والفقراء‪ ،‬اإلنصاؼ والعدالة‪،‬‬
‫بل أف "تعبَتات كالفرص ادلتساوية وادلسؤولية الشخصية‪ ،‬استخدمت أحيانا لتقليص‬
‫فرص ربقيق العدالة االجتماعية‪ ،‬بتربير عدـ ادلساواة اذلائل يف اجملتمع ادلعاصر"(‪ ،)37‬العدالة‬
‫االجتماعية تتعلق إذف دبا ھو أكثر من ھذا‪.‬‬
‫يف ىذا اإلطار تأيت قضية التداخل بُت ما ىو سياسي وما ىو اقتصادي يف قضية العدالة‬
‫االجتماعية‪ ،‬فالرب بُت الطبيعة السياسية واالقتصادية للعدالة االجتماعية‪ ،‬ال يقتصر فق‬
‫على راديكاليُت يف نظرهتم للرأمسالية كديفيد ىاريف‪ ،‬وإظلا ؽلتد لليرباليُت ادلساواتيُت‬
‫كأمارتيا صن‪ ،‬الذي يعنوف أحد كتبو باسم "التنمية حرية"‪ ،‬بل إف العديد من‬
‫اإلصالحيُت األمريكيُت أبدوا قلقا من أثر تراجع العدالة على استمرارية النظاـ الدؽلقراطي‪،‬‬
‫الذي صار يسمى لدى بعضهم بدؽلقراطية الواحد يف ادلائة‪ ،‬وتبدو قضية اإلصالح‬
‫الدؽلقراطي يف العادل العريب عصية‪ ،‬فال تبدو القوى االجتماعية ادلتنفذة سياسيا مستعدة‬
‫لتقدًن تنازالت فيما يتعلق بالعدالة االجتماعية دوف ضغ يهز سيطرهتا السياسية‪.‬‬

‫المعياري القياسي والعملي التنفيذي للعدالة‬ ‫‪-2‬‬


‫إذل أي حد ؽلكن ربقيق العدالة االجتماعية؟ ىل يقتضي إصالحا أو ثورة جذرية مع‬
‫النظاـ ادلسيطر؟ ىناؾ دائما قضية التناقض ادلعياري والعملي فيما يتعلق بالعدالة‬
‫االجتماعية‪ ،‬ولقد قدـ الليرباليوف ادلساواتيوف مساعلة ملموسة يف تقدًن نظرية للعدالة‬
‫االجتماعية‪ ،‬رباوؿ التعامل مع ىذه ادلعضلة‪ ،‬من خالؿ مفاىيم كادلساواة يف احلصوؿ‬
‫على الفرص أو ادلساواة يف القدرات‪ ،‬وعالقة ادلؤسسات يف صورهتا ادلثالية بتطور الواقع‬
‫وزلاصرة الظلم والالعدؿ‪ ،‬شلا ساىم بشدة فلسفيا ونظريا يف مواجهة األفكار اليت تقوؿ‬ ‫ّ‬
‫بأف عدـ ادلساواة نتاج مسئولية األفراد عن مآذلم‪ ،‬وبالتارل تربر األبنية والسياسات اجملحفة‬
‫اجتماعيا‪ ،‬غَت أف انتقادات جوىرية توجو لليرباليُت ادلساواتيُت من حيث أف األساس‬

‫‪37‬‬
‫?‪Matthew Robinson, What is social justice‬‬
‫‪http://gjs.appstate.edu/social-justice-and-human-rights/what-social-justice.‬‬
‫‪47‬‬
‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬

‫النظري ألفكارىم ىو احلرية الفردية بادلعٌت الليربارل اقتصاديا‪ ،‬وبالتارل فإف ىذا ؼللق‬
‫تناقضا مستمرا بُت صعوبة اإلصالح يف ظل االستمرار يف ظل الرأمسالية دبيكانيزماهتا‬
‫وآلياهتا‪ ،‬بينما النظرية معياريا ضد الرأمسالية كنظاـ (‪ ،)38‬ويعًتؼ برايهاوس ورايت وعلا‬
‫من مؤيدي الليربالية ادلساواتية‪ ،‬بأف النظرية ضد الرأمسالية من الناحية القيمية ادلعيارية‪،‬‬
‫لكنهما ال يرياف يف ذلك تناقضا من قبوذلا عمليا باإلصالح يف ظل الرأمسالية‪ " :‬البعض‬
‫قد يعتقد أف التحقيق الكامل للمبادئ ادلساواتية غَت متوافق مع الرأمسالية‪ ،‬وهبذا فإهنا ضد‬
‫رأمسالية من الناحية القيمية‪ ،‬ويف الوقت نفسو يعتقد أف الرأمسالية ىي الًتتيب األخالقي‬
‫األكثر قابلية للتطبيق"(‪.)39‬‬
‫يف ادلقابل يرى أليكس كالينيكوس‪ ،‬الذي يعترب أف العدالة االجتماعية لن تتحقق إال‬
‫بثورة جذرية على جوىر النظاـ الرأمسارل نفسو‪ ،‬والذي أدى يف تطوره للوضع احلارل‪ ،‬أنو‬
‫ال يوجد ما ؽلنع من ربقيق االتساؽ بُت ما ىو معياري وقياسي وقيمي وبُت ما ىو‬
‫عملي‪ ،‬ويقوؿ كالينيكوس‪" :‬ال أرى دلاذا ال ؽلكننا أف ضلصل على االثنُت‪ ،‬أعتقد أف ادلرء‬
‫ؽلكنو احلصوؿ على الكعكة وأكلها يف ىذه القضية على األقل"(‪ ،)40‬ويف مواجهة مطالب‬
‫العدالة االجتماعية تطرح فكرة ضعف الثروة وضعف اإلنتاج كواحدة من مربرات استمرار‬
‫الوضع الراىن‪ ،‬فضعف اإلنتاج ومشاكلو وتراجع النمو االقتصادي‪ ،‬تقف كعوائق أماـ‬
‫العدالة االجتماعية‪ ،‬اليت وفقا ذلذا ادلنظور ستعٍت تعميق ادلشكلة بتوزيع الفقر وأنو ينبغي‬
‫السعي لتوسيع الكعكة أوال قبل عدالة توزيعها‪ ،‬غَت أف ىذه الفكرة صارت زلل شك بعد‬
‫أف وجهت األزمة العادلية ضربة مباشرة ذلا على مستويُت‪ :‬األوؿ أف زيادة حجم الكعكة‬
‫دل يؤد لتقليص عدـ ادلساواة‪ ،‬بل أثبت الباحثاف ريتشارد ويلكنسون وكيت بيكيت يف‬
‫كتاهبم "توازف الروح"‪ ،‬دلاذا ادلساواة أفضل للجميع‪ ،‬فكلما ازدادت عدـ ادلساواة يف‬
‫اجملتمع‪ ،‬مهما كاف غنيا‪ ،‬زادت ظواىر ومشاكل ادلرض العقلي ووفيات األطفاؿ‪ ،‬وتراجع‬
‫معدؿ العمر ادلتوقع‪ ،‬والبدانة وتدىور أداء األطفاؿ التعليمي ومعدالت االنتحار‪ ،‬وعدد‬

‫‪38‬‬
‫‪Alex Callinicos, Equality themes for the 21st century series, London, Polity,‬‬
‫‪2001.‬‬
‫‪39‬‬
‫‪Brighouse, Harry, and Erik Olin Wright, “Review of equality by alex‬‬
‫‪Callinicos”, Historical Materialism, 2002.‬‬
‫‪40‬‬
‫‪Alex Callinicos, Having Our Cake and Eating It, Historical materialism,‬‬
‫‪Volume 9, 2001.‬‬
‫‪48‬‬
‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬

‫ادلسجونُت ومعدذلم بالنسبة للسكاف وتراجع احلراؾ االجتماعي‪ ،‬بل وقدرة الناس على‬
‫الثقة يف بعضهم البعض‪ ،‬ويدعم الكاتباف ىذه الصورة بكم ىائل من اإلحصائيات اليت‬
‫تعود دلصادر على رأسها األمم ادلتحدة‪ ،‬بل صارت منظمات كربنامج األمم ادلتحدة‬
‫للتجارة والتنمية تذىب حلد العكس‪ ،‬أف زيادة احلد األدىن لألجور‪ ،‬وىو إجراء ػلسب‬
‫على العدالة االجتماعية‪ ،‬قد يكوف ىو احلل الكفء الوحيد لرفع كفاءة اإلنتاج ودؽلومتو‬
‫وعدالتو أيضا‪.‬‬
‫ويف العادل العريب‪ ،‬كانت ادلراجعات األكادؽلية‪ ،‬أو على مستوى السياسات احلكومية‪،‬‬
‫ألسباب الظلم االجتماعي وعدـ ادلساواة ىي األضعف‪ ،‬حيث ظهر تيار ضعيف‬
‫الصوت وال ػلوز األغلبية يبٍت تصوراتو على ضرورة تقدًن مراجعات على مستوى‬
‫السياسات من أجل استيعاب درس ثورات العرب وضماف االستقرار السياسي للحكم يف‬
‫ادلستقبل‪ ،‬ويقوـ ىذا التيار على إدراؾ حقائق التفاوت اذلائل حلساب قلة من رجاؿ‬
‫األعماؿ‪ ،‬وزلاولة عالج ىذا عن طريق بعض اإلصالحات اليت تتعلق بالنظاـ الضرييب‬
‫وبرفع األجور ودرجة من إعادة توزيع الثروة‪ ،‬ولوحظ وجود ىذا التيار‪ ،‬الذي بزغ أحيانا‬
‫من قلب رلتمع األعماؿ كما يف احلالة ادلصرية (‪ ،)41‬وأحيانا أخرى من مثقفُت عضويُت‬
‫مرتبطُت بالنظاـ احلاكم كما يف حالة السعودية (‪.)42‬‬

‫بعض النماذج التنموية في تطبيق العدالة االجتماعية‬ ‫‪-3‬‬


‫تعترب العدالة االجتماعية أحد الدوافع احملركة للثورات على مستوى العادل‪ ،‬وغالبا ما‬
‫يتوافق مع سياسات ما بعد الثورات قدر من العدالة االجتماعية بُت ادلواطنُت‪ ،‬والقضاء‬
‫على الفقر أو تقليل الفوارؽ بُت الطبقات أو القضاء على التهميش واإلقصاء وغَتىا من‬
‫سياسات الظلم‪ ،‬وسنعرض فيما يلي بعض التجارب األوروبية وغَت األوروبية فيما ؼلص‬
‫موضوع العدالة‪.‬‬

‫‪ 41‬انظر مقاالت حسن ىيكل يف جريدة ادلصري اليوـ‪:‬‬


‫‪http://www.almasryalyoum.com/editor/details/677.‬‬
‫‪ 42‬صباؿ خاشقجي‪" :‬بعض من اشتراكية أبي ذر يا سمو األمير"‪ ،‬جريدة احلياة‪ 12 ،‬أفريل ‪،2014‬‬
‫‪Richard G. Wilkinson and Kate Pickett،The spirit level: Why more equal‬‬
‫‪societies almost always do better, London, Penguin Books, 2010.‬‬
‫‪49‬‬
‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬

‫‪-‬التجارب األوروبية‪ :‬تعترب مظاىر العدالة االجتماعية يف الدولة األوروبية واضحة بشكل‬
‫كبَت‪ ،‬فنجد دولة مثل السويد والداظلرؾ‪ ،‬فنلندا‪ ،‬ىولندا‪ ،‬النمسا وأدلانيا يف مقدمة الدوؿ‬
‫األوروبية من حيث اطلفاض معدالت الفقر والبطالة‪ ،‬وتراجع سياسات اإلقصاء‬
‫والتهميش‪ ،‬وادلساواة التعليمية والصحية‪ ،‬طبقا دلا جاء يف التقرير السنوي للعدالة‬
‫االجتماعية يف أوروبا ‪.)43(Social justice in the EU-Index report 2015‬‬
‫وعلى سبيل ادلثاؿ‪ ،‬استطاعت أدلانيا أف تعيد بناء نفسها‪ ،‬بعد احلرب العادلية الثانية‪،‬‬
‫وتقدًن خط اصالحية واسعة من شأهنا تعايف االقتصاد‪ ،‬كما بلغت مستويات ادلساواة‬
‫يف احلقوؽ واحلريات ومنها التعليم والصحة نسبة مرتفعة للغاية‪ ،‬جعلت من أدلانيا ربتل‬
‫ادلرتبة السابعة أوروبيا من حيث الدوؿ األكثر تطبيقا دلبادئ وسياسات العدالة‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫‪-‬التجارب غير األوروبية‪ :‬يسعى قادة بعض الدوؿ غَت األوروبية سواء من آسيا أو‬
‫أمريكا الالتينية‪ ،‬إذل االرتقاء بدوذلم إذل مصاؼ الدوؿ ادلتقدمة‪ ،‬من خالؿ القضاء على‬
‫ادلشكالت الداخلية والعمل على ادارهتا بشكل يضمن التكامل ال االنفصاؿ‪ ،‬وىو أحد‬
‫أسس ومكونات العدالة االجتماعية‪.‬‬
‫ومن أبرز النماذج ادلعروفة عادليا‪ ،‬ماليزيا‪ ،‬حيث دل تتحقق النهضة االقتصادية ودل‬
‫تتحوؿ البالد ضلو الصناعة والتكنولوجيا ادلتقدمة فيها (بعدما كانت الدولة ادلاليزية ضلو‬
‫أربعة عقود رلتمعا زراعيا) إال يف ظل وضع اجتماعي وثقايف متماسك‪ ،‬برغم اختالؼ‬
‫العرقيات‪ ،‬حيث استطاعت ماليزيا ذبنب الصراعات بُت اجملمعات العرقية الثالثة ادلكونة‬
‫للسكاف‪ ،‬حيث عمل النظاـ احلاكم على تعزيز الوحدة بُت فئات الشعب على اختالؼ‬
‫ديانتهم‪ ،‬حيث توجد الديانة األساسية وىي االسالـ باإلضافة اذل الديانات األخرى‬
‫كالبوذية واذلندوسية‪ ،‬كما ينص عليو الدستور ادلاليزي‪ ،‬وما يلفت يف ذبربة ماليزيا‬
‫االقتصادية تعزيز عناصر العدالة االجتماعية‪ ،‬بتجهيز ادلواطن ادلاليزي جبميع الوسائل‬
‫العلمية والتكنولوجية لينفتح ويتواصل مع العادل اخلارجي ويتعرؼ على سلتلف الثقافات‪،‬‬
‫ومن مث دفعو اذل سوؽ العمل من أجل زيادة االنتاج خلفض مستوى البطالة‪ ،‬كما مت‬

‫‪ 43‬دلزيد من التفاصيل حوؿ ترتيب الدوؿ األوروبية حسب مؤشر العدالة االجتماعية لعاـ ‪ ،2015‬ؽلكن اإلطالع على التقرير‬
‫الكامل من خالؿ الراب التارل‪https: // goo.gl/6o9obC :‬‬
‫‪50‬‬
‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬

‫االىتماـ بالتعليم منذ مرحلة ما قبل ادلدرسة االبتدائية‪...‬إخل‪ ،‬ما جعل ماليزي تتحوؿ إذل‬
‫ظلوذج اقتصادي وسياسي ػلتذى بو بُت بقية دوؿ العادل (‪.)44‬‬
‫إف زلاولة استطالع وفهم ادلعضالت اليت ترتب بتعريف العدالة االجتماعية‪ ،‬سبثل‬
‫مقدمة الزمة الستهداؼ تأطَته‪ ،‬كما يعترب الفهم احلقيقي ذلا (للعدالة االجتماعية)‪ ،‬من‬
‫يساىم يف تضييق الفجوة بُت نظرية العدالة االجتماعية‪ ،‬وبُت واقع تطبيقها على‬
‫ادلواطنُت‪.‬‬

‫‪ -‬خاتمة‬
‫كل األدياف وادلفكرين البارزين اىتموا دبفهوـ العدالة‪ ،‬وحاولوا تعريفها‪ ،‬وتطبيقها‬
‫على أرض الواقع‪ ،‬لكن مع ذلك تبقى امكانية تطبيق العدالة االجتماعية يثَت عدد‬
‫من االشكاليات سواء من حيث ادلفهوـ أو السياسات‪ ،‬إف التمييز بُت ادلوطنُت‪ ،‬وما‬
‫ينتج عنو من هتميش وإقصاء وحرماف عن بعض احلقوؽ‪ ،‬وعدـ توفَت فرص متساوية‪،‬‬
‫وقتل روح ادلنافسة والكفاءات‪ ،‬واستفحاؿ البطالة‪ ،‬ومن مث انعداـ العدالة‪ ،‬ىو ما‬
‫يلزـ الدولة على وضع السياسات وازباذ اإلجراءات الكفيلة بتوفَت فرص العمل‪،‬‬
‫وإتاحة التعليم وإعادة التدريب والرعاية الصحية وغَتىا من عوامل بناء القدرات‬
‫وتنميتها‪ ،‬وضرورة تدخل الدولة بسياسات إعادة التوزيع لتقريب الفروؽ ىف الدخل‬
‫والثروة بُت الطبقات‪ ،‬حىت ال تؤدى ىذه الفروؽ لإلطاحة دببدأ تكافؤ الفرص‪ ،‬وال بد‬
‫للسلطة أف تكوف مشروعة حبيث تستجيب حلاجات يشعر هبا اجملتمع ويكوف‬
‫ادلسؤولوف موضع ثقة‪ ،‬وأف يتم اللجوء إذل احلد األدىن من القيود ووسائل اإلكراه‪،‬‬
‫واألىم من كل ىذا أف تكوف عادلة غَت ظادلة‪ ،‬خاصة يف األنظمة العربية‪ ،‬اليت تعاين‬
‫من وجود اغًتاب ثقايف‪ ،‬سياسي وحقوقي‪ ...‬فاجملتمعات العربية ربتاج إذل تطوير‬
‫مداركها لقضايا العدالة يف بناء االجتماع اإلنساين ادلعاصر‪ ،‬فاإلنساف العريب ادلعاصر‬
‫يدرؾ بالفطرة أنو مظلوـ وزلروـ من أبس حقوقو‪ ،‬لكنو ال يقوى يف أغلب األحياف‬
‫على تشخيص أسباب الظلم واحلرماف‪ ،‬على الرغم من ذلك فالثورات العربية قد‬
‫أعادت مفهوـ العدالة االجتماعية لعادل السياسة يف العادل العريب‪ ،‬كما أهنا مدت إذل‬

‫‪ 44‬ياسر نابت‪" :‬ماليزيا وسنغافوره والبرازيل‪ ...‬االث تجارب ناجحة لتحول الدول من التخلف إلى التقدم"‪ ،‬جريدة‬
‫الصباح‪ 11 ،‬أكتوبر ‪.2014‬‬
‫‪51‬‬
‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬

‫ادلنطقة العربية توجها وجدال عادليا على أرضية الضعف الفكري والسياسي دلشروع‬
‫الليربالية اجلديدة (‪.)45‬‬

‫‪ -‬قائمة المراجع باللغة العربية‬


‫‪.1‬أضبد عبد الرضبن يسري‪" :‬التنمية االقتصادية واالجتماعية في اإلسالم"‪ ،‬مؤسسة‬
‫شباب اجلامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪.2‬أفالطوف‪" :‬كتاب القوانين"‪ ،‬ترصبة تيلور‪ ،‬تعريب زلمد حسن ظاظا‪ ،‬مطابع اذليئة‬
‫ادلصرية العامة للكتاب‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة األوذل‪.1986 ،‬‬
‫‪.3‬أمارتيا صن‪" :‬فكرة العدالة"‪ ،‬ترصبة مازف جندرل‪ ،‬الدار العربية للعلوـ‪ ،‬بَتوت‪،‬‬
‫‪.2010‬‬
‫‪.4‬ابن مسكويو‪ ،‬أضبد بن زلمد بن يعقوب‪" :‬تهذيب األخالق في التربية"‪ ،‬مطبعة‬
‫الًتقي‪ ،‬القاىرة‪.1899 ،‬‬
‫‪.5‬النبػه ِاين‪ ،‬تقي الدين‪" :‬النظام االقتصادي في اإلسالم"‪ ،‬دار األمة للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬بَتوت‪ ،‬الطبعة السادسة‪.2004 ،‬‬
‫‪.1971‬‬ ‫‪.6‬العوا‪ ،‬عادؿ‪":‬المذاىب األخالقية‪ :‬عرض ونقد"‪ ،‬مطبعة جامعة دمشق‪،‬‬
‫‪.7‬العوجى‪ ،‬مصطفى‪" :‬األمن االجتماعي تقنياتو ارتباطو بالتربية المدنية"‪ ،‬مؤسسة‬
‫نوفل‪ ،‬بَتوت‪ ،‬الطبعة األوذل‪.1983 ،‬‬
‫‪.8‬النمر‪ ،‬عبد ادلنعم‪" :‬إسالم ال شيوعية"‪ ،‬دار غريب للطباعة‪ ،‬القاىرة‪.1976 ،‬‬
‫الس ِ‬
‫ياسية"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.1989 ،‬‬ ‫‪.9‬بدوي‪ ،‬ثروت‪" :‬النظم ِ‬
‫‪.11‬بدوي‪ ،‬عبد الرضبن‪" :‬أرسطو"‪ ،‬مكتبة النهضة ادلصرية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪.1944‬‬

‫‪ 45‬وائل صباؿ‪" :‬الربيع العربي ومفاىيم التنمية والحقوق االقتصادية واالجتماعية"‪ ،‬منشور يف كتاب الكرامة العربية )رؤى‬
‫دلا بعد الليربالية(‪ ،‬منتدى البدائل العريب‪ ،‬القاىرة‪.2013 ،‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬

‫‪.11‬بدوي‪ ،‬عبد الرضبن‪" :‬كتابو األخالق النظرية"‪ ،‬وكالة ادلطبوعات‪ ،‬الكويت‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪.1976 ،‬‬
‫‪.12‬برجسوف‪ ،‬ىنري‪" :‬منبع األخالق والدين"‪ ،‬ترصبة سامي الدوريب‪ ،‬وعبد اهلل عبد‬
‫الدائم‪ ،‬اذليئة ادلصرية العامة للتأليف والنشر‪ ،‬القاىرة‪.1971 ،‬‬
‫‪.13‬جوف‪ ،‬رولز‪" :‬العدالة كإنصاف"‪ ،‬ترصبة حيدر حاج امساعيل‪ ،‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬الطبعة األوذل‪.2009 ،‬‬
‫‪.14‬دايفيد‪ ،‬جونستوف‪" :‬مختصر تاريخ العدالة"‪ ،‬ترصبة مصطفى ناصر‪ ،‬عادل ادلعرفة‪،‬‬
‫الكويت‪.2012 ،‬‬
‫‪.15‬ـ‪ .‬روزنتاؿ‪ ،‬ب‪ .‬يودين‪" :‬الموسوعة الفلسفية"‪ ،‬ترصبة مسَت كرـ‪ ،‬دار الطليعة‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬بَتوت‪.1987 ،‬‬
‫‪.16‬ديورانت‪ ،‬وؿ ‪" :‬قصة الحضارة (الفلسفة)"‪ ،‬ترصبة فتح اهلل ادلشعع‪ ،‬ادلنظمة العربية‬
‫للًتبية والثقافة والعلوـ‪ ،‬دار اجليل للطبع والنشر والتوزيع‪ ،‬بَتوت‪.1988 ،‬‬
‫‪.17‬سويزي‪ ،‬بوؿ‪" :‬االشتراكِية"‪ ،‬ترصبة عمر مكاوي‪ ،‬ادلؤسسة ادلصرية العامة للتأليف‬
‫والًتصبة والنشر‪ ،‬مصر‪.1964 ،‬‬
‫‪.18‬شليب‪ ،‬أضبد‪" :‬الفكر اإلسالمي منابعو وآااره"‪ ،‬مكتبة النهضة ادلصرية‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪.1986‬‬
‫‪.19‬صليبا‪ ،‬صبيل‪" :‬المعجم الفلسفي"‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬دار الكتاب اللبنانية‪ ،‬بَتوت‪،‬‬
‫‪.1982‬‬
‫‪.21‬صموئيل فرؽلاف‪" :‬اتجاىات معاصرة في فلسفة العدالة جون راولز نموذجا"‪،‬‬
‫ترصبة فاضل جتكر‪ ،‬ادلركز العريب ألحباث ودراسة السياسات‪ ،‬بَتوت‪ ،‬الطبعة األوذل‪،‬‬
‫‪.2015‬‬
‫‪.21‬عبد السالـ‪ ،‬جعفر‪" :‬المنظمات الدولية"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬الطبعة‬
‫السادسة‪.1990 ،‬‬
‫‪.22‬عثماف‪ ،‬أضبد‪" :‬الشعر اإلغريقي تراااً إنسانياً وعالميا"‪ ،‬دار ادلعارؼ‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة‪.2001 ،‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ISSN-1112-2722‬‬ ‫مجلة المربي‪33 -53 :)2102( ،22 ،‬‬ ‫‪ -‬يونسي روزة‬

‫‪.23‬فروخ‪ ،‬عمر‪" :‬تاريخ الفكر العربي إلى أيام ابن خلدون"‪ ،‬دار العلم للماليُت‪،‬‬
‫بَتوت‪.1983 ،‬‬
‫‪.24‬نادر‪ ،‬ألبَت نصري‪" :‬أبو نصر الفارابي آراء أىل المدينة الفاضلة"‪ ،‬دار ادلشرؽ‪،‬‬
‫بَتوت‪.1986 ،‬‬
‫‪.25‬فخري‪ ،‬ماجد‪" :‬الفكر األخالقي العربي"‪ ،‬األىلية للنشر‪ ،‬بَتوت‪.1978 ،‬‬
‫‪.26‬كرسوف‪ ،‬اندريو‪" :‬المشكلة األخالقية والفالسفة"‪ ،‬ترصبة عبد احلليم زلمود وأبو‬
‫بكر ذكر‪ ،‬مطابع الشعب‪ ،‬القاىرة‪.1979 ،‬‬
‫‪.27‬وائل صباؿ‪" :‬الربيع العربي ومفاىيم التنمية والحقوق االقتصادية واالجتماعية"‪،‬‬
‫منشور يف كتاب الكرامة العربية )رؤى دلا بعد الليربالية( منتدى البدائل العريب‪،‬‬
‫القاىرة‪.2013 ،‬‬
‫‪.28‬وايف‪ ،‬علي عبد الواحد‪" :‬األدب اليوناني القديم"‪ ،‬دار ادلعارؼ‪ ،‬القاىرة‪ ،‬الطبعة‬
‫األوذل‪.1960 ،‬‬
‫‪.29‬وىبة‪ ،‬مراد‪" :‬المعجم الفلسفي" اذليئة ادلصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاىرة‪ ،‬الطبعة‬
‫السادسة‪.2016 ،‬‬
‫‪.31‬مقاالت حسن ىيكل يف جريدة ادلصري اليوـ‪:‬‬
‫‪http://www.almasryalyoum.com/editor/details/677‬‬
‫‪.31‬صباؿ‪ ،‬خاشقجي‪" :‬بعض من اشتراكية أبي ذر يا سمو األمير"‪ ،‬جريدة احلياة‪،‬‬
‫‪ 12‬أفريل ‪.2014‬‬
‫‪.32‬ياسر‪ ،‬نابت‪" :‬ماليزيا وسنغافوره والبرازيل‪...‬االث تجارب ناجحة لتحول‬
‫الدول من التخلف إلى التقدم"‪ ،‬جريدة الصباح‪ 11 ،‬أكتوبر ‪.2014‬‬

‫‪ -‬قائمة المراجع باللغة األجنبية‬

‫‪1. Alex Callinicos, Equality themes for the 21st century series,‬‬
‫‪London, Polity, 2001.‬‬
‫‪2. Alex Callinicos, Having our cake and eating it, Historical‬‬
‫‪materialism, Volume 9, 2001.‬‬

‫‪54‬‬
ISSN-1112-2722 33 -53 :)2102( ،22 ،‫مجلة المربي‬ ‫ يونسي روزة‬-
3. Brighouse, Harry, and Erik Olin Wright, “Review of Equality
by Alex Callinicos”, Historical materialism 2002.
4. Colin Farrelly, Contemporary political theory a reader,
London, Sage publications, 2004 .
5. David Harvey, A brief history of neoliberalism, London,
Oxford University Press, 2007,
http://www.almasryalyoum.com/editor/details/677.
6. David Miller, Principles of Social Justice, Cambridge,
Massachusetts- 4 London, Harvard University Press, 1999.
7. Matthew Robinson, What is Social Justice?
http://gjs.appstate.edu/social-justice-and-human-rights/what-
social-justice.
8. Richard G. Wilkinson and Kate Pickett, The spirit level: Why
more equal societies almost always do better, London,
Penguin Books, 2010.
9. The cost of inequality: How wealth and income extremes hurt
us all, Oxfam, 18 January 2013.

55

You might also like