Professional Documents
Culture Documents
العدالة_الاجتماعية_إشكاليات_المفهوم_والسياسات
العدالة_الاجتماعية_إشكاليات_المفهوم_والسياسات
يونسي روزة
-جامعة الجزائر .2
مقدمة
يعترب مفهوـ العدالة من ادلفاىيم اليت شاع تداوذلا يف الفلسفات األخالقية والسياسية
والقانونية واالجتماعية ،عرب صَتورة الفكر الفلسفي منذ العهود الشرقية إذل غاية
الفلسفات التطبيقية ادلعاصرة ،اليت أثارت مسألة العدؿ واإلنصاؼ وأخالؽ العمل
كقضايا للنقاش التطبيقي الراىن ،فكانت العدالة أىم إشكالية فلسفية ومطلب تسعى
إليو الشعوب قاطبة ،ويعترب البحث فيها قدًن قدـ احلضارة االنسانية ،فهي فضيلة أخالقية
تتحدد قيمتها يف تطبيقاهتا العملية ،ويف ذبسيدىا على أرض الواقع ،وال يكاد ادلرء
يستطيع التفكَت يف مبدأ يضاىي العدالة يف أعليتو لصالح الفرد ومن مث صالح اجملتمع،
فإذا اختلت موازينها اشتكى الناس من الظلم ونشبت الصراعات ،وذلذا قامت ثورات
عدة تسعى إذل تطبيق العدالة االجتماعية لتحقيق النموذج األمسى لإلنصاؼ والعدؿ.
يف ىذا اإلطار نطرح اإلشكالية التالية :ما العدالة؟ وما االشكاليات اليت تعًتي
ادلفهوـ عرب مساره التارؼلي؟ وىل ؽلكن ربقيق مبدأ العدالة يف ظل تصادـ ادلنافع وادلصاحل
ادلتضاربة؟ وبصيغة أخرى :إذل أي مدى ؽلكن لنا بناء نظرية للعدؿ يف ظل االشكاليات
ادلطروح مفهوما وسياسة ،نظريا وتطبيقيا؟
ولتحليل اإلشكالية ،اعتمدت على منهجين أساسيُت علا :ادلنهج التارؼلي ادلقارف
قصد تتبع الصَتورة التارؼلية دلفهوـ العدؿ عرب مراحلو ،ولتوضيح تاريخ تطور العدالة منذ
الفلسفة االغريقية مرورا بالفلسفة الوسيطة ،واحلديثة ،وصوال إذل الفلسفة ادلعاصرة ،وذلك
من خالؿ التتبع الكرونولوجي للمفهوـ ،وكذا عرض لبعض سياسات العدالة يف بعض
الدوؿ ،كما أف معاجلة االشكالية تطلب مٍت االعتماد على ادلنهج التحليلي النقدي،
وذلك لتحليل سلتلف األفكار وادلفاىيم والسياسات فيما ؼلص اشكاليات العدالة
االجتماعية.
35
ISSN-1112-2722 مجلة المربي33 -53 :)2102( ،22 ، -يونسي روزة
.Iإشكاليات المفهوم
لوضع العدالة االجتماعية يف قالبها التعريفي ،وعرض االشكاالت ادلرتبطة بادلفهوـ،
مر تاريخ مفهوـ العدالة بكثَت من ادلراحل البد من عرض ادلقاربة التارؼلية ذلا ،حيث ّ
التارؼلية ،ويف كل فًتة زمنية تصاغ رلموعة من ادلفاىيم انطالقا من الواقع ادلعاش ،فتباينت
نظرة الفالسفة إذل مفهوـ العدالة ،وقد عرب عنها بالشكل التارل:
1عثماف ،أضبد" :الشعر اإلغريقي ترااا إنسانيا وعالميا" ،دار ادلعارؼ ،القاىرة ،مصر ،ط ،3.صص .82-81
2وايف ،علي عبد الواحد" :األدب اليوناني القديم" ،دار ادلعارؼ ،القاىرة ،مصر ،ط ،1.ص .92
36
ISSN-1112-2722 مجلة المربي33 -53 :)2102( ،22 ، -يونسي روزة
واإلسالمي
ّ المسيحي
ّ -2اشكالية مفهوم العدالة في الفكر الوسيط /
ال ؽلكن فهم بناءات العدالة وسياقاهتا يف الفكر الوسي ،إذا ذباوزنا أطرىا الدينية
والفكرية معا ،فهي ترتب بالعقل والشريعة ،بالفرد واجملتمع ،فالعدالة يف المسيحية تنطلق
من مبادئ إؽلانية ،يظهر فيها اهلل ،من خالؿ تعاليم ادلسيح فاضال نزيها عادال ،ػلاسب
اإلنساف على أفعالو ثوابا أو عقابا ،شلا يفسر حرية الفرد ومن مثّ ربملو مسؤولية أفعالو،
فالفكر ادلسيحي مشاركة بُت القانوف األزرل وفرائضو ،والقانوف الزمٍت وتشريعاتو ،إنو
التفاعل بُت قوانُت الكنسية وتلك الوضعية ،ولعل مواقف كل من أغسطينوس واألكويني
من تعكس ضرورة التقريب والتشارؾ بُت القانوف اإلذلي ،واحلق الطبيعي اليت تُبلوره
كرسوف ،اندريو" :المشكلة األخالقية والفالسفة" ،ترمج ة عبد احلليم زلمود وأبو بكر ذكر ،مطابع الشعب ،القاىرة، 3
ص.46
4أفالطوف" :كتاب القوانين" ،تر :تيلور ،تعريب زلمد حسن ظاظا ،مطابع اذليئة ادلصرية العامة للكتاب ،مصر ،ط ،1.ص
ص .61-59
5العوجى ،مصطفى" :األمن االجتماعي تقنياتو ارتباطو بالتربية المدنية" ،مؤسسة نوفل ،بَتوت ،ط ،1.ص .29
6بدوي ،عبد الرضبن" :أرسطو" ،مكتبة النهضة ادلصرية ،القاىرة ،ط ،1944 ،2.ص .262أنظر أيضا "كتابو األخالق
النظرية" ،وكالة ادلطبوعات ،الكويت ،ط ،1976 ،2.ص ص .167-165وأنظر حوؿ ذلك أيضا :وىبة ،مراد:
"المعجم الفلسفي" ،اذليئة ادلصرية العامة للكتاب ،القاىرة ،ط ،2016 ،6.ص.265
37
ISSN-1112-2722 مجلة المربي33 -53 :)2102( ،22 ، -يونسي روزة
القوانُت الوضعية.
أما العدالة يف اإلسالم فهي صفة إذليّة ،إذ اندرج العدؿ بُت أمساء اهلل احلُسٌت ،وىو دين
يدعو بإحلاح إذل االبتعاد عن احملظورات واجتناب الكبائر ،وبالنسبة للمفكرين ادلسلمُت
فقد أتيح ذلم اإلطالع على األفكار الفلسفية اليونانية من كتب الفلسفة ،لذلك كانوا
ميالُت لفلسفتهم «فالفارايب مثال كاف أكثر ميال لفلسفة أرسطو ،وماؿ ابن سينا
لألفالطونية احلديثة»( ،)7و كاف جل ما عٌت بو متفلسفة ادلسلمُت ىو التوفيق بُت التفكَت
اإلسالمي وبُت الفلسفة اليونانية ،معتمدين على مصدرين علا العقل والوحي ،وسوؼ
نتعرض آلراء بعض الفالسفة ادلسلمُت حوؿ العدالة.
م) :يقوؿ يف كتابو ادلدينة الفاضلة« :العدؿ إعطاء كل واحد (950-874 -الفارابي
قسطو ...مث يف حفظ ما قسم عليهم ...فكل واحد من أىل ادلدينة لو قس من ىذه
()8
اخلَتات مساوياً ...والعدؿ عنده كذلك استعماؿ أفعاؿ الفضيلة فيما بينو وبُت غَته»
ويضيف «فما يف الطبع ىو العدؿ ،فالعدؿ إذف التغالب ،فاستعباد القاىر للمقهور ىو
أيضا من العدؿ وأف يفعل ادلقهور ما ىو األنفع للقاىر ىو أيضا عدؿ ،فهذه كلها من
العدؿ الطبيعي ،وىي الفضيلة ...وأحيانا يتقارب األفراد وتتقارب اجلماعات يف القوة،
عندئذ يصطلح األفراد واجلماعات على شرائ يتعاملوف هبا ...فالوفاء دبا اصطلح عليو
كل فريق ىو العدؿ الوضعي»(.)9
-ابن مسكويو (1030-972م) :تناوؿ ابن مسكويو يف كتابو "هتذيب األخالؽ" ،مفهوـ
العدالة من خالؿ حديثو عن أسس الًتبية األخالقية انطالقا من معرفتو التامة للنفس
البشرية ومقوماهتا وقواىا «فإنسانية اإلنساف تتم بتوافر إرادتو واذباىها ضلو اخلَت وابتعادىا
عن الشر ،وقوى النفس الثالث ىي قوة التفكَت وقوة الغضب وقوة الشهوة ،مىت اعتدلت
لدى اإلنساف ولدت لديو فضيلة العدالة والعفة واحلكمة ،والشجاعة تلك اليت لإلنساف
7شليب ،أضبد " :الفكر اإلسالمي منابعو وآااره" ،مكتبة النهضة ادلصرية ،القاىرة ،1986 ،ص .137
8نادر ،ألبَت نصري" :أبو نصر الفارابي آراء أىل المدينة الفاضلة" ،دار ادلشرؽ ،بَتوت ،1986 ،ص ص .160 -157
9فروخ ،عمر ":تاريخ الفكر العربي إلى أيام ابن خلدون" ،دار العلم للماليُت ،بَتوت ،1983 ،ص ص .365-364
38
ISSN-1112-2722 مجلة المربي33 -53 :)2102( ،22 ، -يونسي روزة
أف يتباىى ويفتخر هبا»( ،)10فالعدالة« :فضيلة للنفس ربدث ذلا اجتماع الفضائل الثالث
احلكمة والعفة والشجاعة ،وذلك عند مسادلة ىذه القوى بعضها لبعض»(.)11
ويرى ابن مسكويو أف العدالة تنقسم إذل ثالثة أقساـ :عدالة دينية وىي فيما بُت اإلنساف
وخالقو ،و عدالة مدنية وىي فيما يؤديو الناس بعضهم لبعض ،و العدالة الكربى :وىي ما
غلب أف يكوف بُت الناس من حقوؽ ذباه أسالفهم مثل أداء الديوف وإنفاذ وصاياىم(.)12
ويقوؿ ابن مسكويو أف «العادؿ من شأنو أف يساوي بُت األشياء غَت ادلتساوية...ويف
ىذه احلاؿ ال بد من العلم بطبيعة الوس حىت يرد الطرفُت إليو ،والشريعة ىي اليت ترسم
يف كل واحد من ىذه األشياء التوس واالعتداؿ» (.)13
-ابن سينا (1036-980ـ) :العدالة عنده «فضيلة من الفضائل األربعة :العفة والشجاعة
واحلكمة والعدالة ،وىذه األخَتة أصل ترجع إليها رلموعة من الفضائل تتفرع عنها وىي:
السخاء ،القناعة ،الصرب ،الكرـ ،العفة ،الصفح ،كتماف السر واحلكمة وغَتىا »( ،)14وىنا
يف ىذا ادلفهوـ صلد ابن سينا دل يتجاوز األفالطونية احملدثة.
إف ادلتتبع دلا ذكره متفلسفة ادلسلمُت عن العدالة ،يالحظ التأثر البالغ بالفلسفة
اليونانية ،إما بطريق التبٍت ذلا أو النقل والشرح آلراء منها دوف تبٍت ذلا ،وإما بطريق التوفيق
بُت آراء متفرقة وأفكار متعددة.
10ابن مسكويو ،أضبد بن زلمد بن يعقوب" :تهذيب األخالق في التربية" ،مطبعة الًتقي ،القاىرة،1899 ،
ص ص.15-13
11نفس ادلرجع ،ص .14
12نادر ،ألبَت نصري :مرجع سبق ذكره ،ص ص .129-128
13فخري ،ماجد" :الفكر األخالقي العربي" ،األىلية للنشر ،بَتوت.)139/2( ،1978 ،
14نفس ادلرجع.)148/2( ،
39
ISSN-1112-2722 مجلة المربي33 -53 :)2102( ،22 ، -يونسي روزة
النظرة ،فإف الفرد ىو زلور القانوف وغايتو ،و من واجب القانوف والدولة سبكُت الفرد
وتقويتو وصيانة حريتو اليت يريدىا ،ذلذا دأب دعاة احلرية ادلطلقة يف إبراز دور احلرية يف
إغلاد التوازف االجتماعي ومن مث ربقيق العدالة ،و يقوؿ سبنسر ...« :فأما ادللكية
اخلاصة فإهنا تستمد أصوذلا من قانوف العدالة بأف يتساوى الناس يف االحتفاظ بثمرة
اقتصادىم وتوفَتىم»( ،)15أما آدم سميث فيقوؿ «إف العدالة ربكم بقانوف ادلنفعة ،منفعة
ادلنتج ومنفعة ادلستهلك تتطابقاف إذا امتنعت احلكومة عن التدخل ،وأفسحت اجملاؿ ُحرا
طبيعيا ،)16( »..و العكس من ذلك ،فدعاة التدخل والتوجيو االقتصادي يروف أف العدالة
تتحقق من جراء تدخل الدولة ،للحد من احلرية االقتصادية اليت تعتمد على القانوف
الطبيعي ،وذلك بتوزيع الثروة يف اجملتمع وتقسيمها تقسيما عادال ػلقق الرفاىية جلميع
الناس« :وأصبحت الدولة تتدخل يف توجيو االقتصاد احلر توجيها اجتماعيا نتج عند
ِ
االجتماعية»(.)17 تعديل بُت العماؿ وأرباب العمل ...ومن ىنا كاف ظهور العدالة
ِ
االجتماعية يف الفكر الرأمسارل احلديث ،ال تدؿ على من ىذا كلو يتبُت لنا أف العدالة
نظاـ اقتصادي كاالشًتاكية أو فكر فلسفي خاص ،وإظلا ىي كلمة اصطالحية وضعت
من قبل فالسفة الفكر الرأمسارل للداللة على تدخل الدولة عن طريق التشريعات والنظم،
لتخفيف ادلفاسد وادلظادل اليت نتجت عن احلرية الفردية ادلطلقة الذي أوجدتو الرأمسالية يف
اجملتمع ،ويف ىذا الصدد يقوؿ الدكتور جعفر عبد السالم« :جاء ادلفكروف الرأمساليوف
بفكرة العدالة االجتماعية اليت عنوا هبا إعطاء ادلزيد من احلقوؽ للعماؿ ،وزيادة االىتماـ
هبم لصرفهم عن األفكار االشًتاكِية زلافظة على النظاـ الرأمسارل احلر»(.)18
يقوؿ الدكتور صليبا« :العدالة االجتماعية ىي احًتاـ حقوؽ اجملتمع ،كتنظيم العمل
ومنح العماؿ أجورا متناسبة ،مع كفالتهم وتوفَت اخلدمات والتأمينات االجتِماعية»(.)19
ديورانت ،وؿ" :قصة الحضارة (الفلسفة)" ،ترصبة فتح اهلل ادلشعع ،ادلنظمة العربية للًتبية والثقافة والعلوـ ،دار اجليل 15
ولقد ورد يف ادلوسوعة السوفياتية أف «العدالة والظلم يتغَتاف من عهد آلخر تبعا للتغَتات
اليت تطرأ على العالقات االجتماعِية ،وقد أوضحت ادلاركسية مفهوـ العدؿ وقاستو يف
عالقتو باحلاجات احليوية للتطور االجتماعي الطبيعي ،وترب األخالؽ ادلاركسية بُت
مفهوـ العدؿ وفكرة ربرير اجملتمع من االستغالؿ ،واالشًتاكية وحدىا ىي اليت زبلق
عالقات عادلة أصيلة من ادلساواة ،ويبلغ العدؿ ذروتو يف اجملتمع الشيوعي الذي زبتفي
سويزي ،بوؿ" :االشتراكِية" ،ترصبة عمر مكاوي ،ادلؤسسة ادلصرية العامة للتأليف والًتصبة والنشر ،مصر،1964 ، 20
ص.16
21نفس ادلرجع و الصفحة.
22النبػهاين ،تقي الدين" :النظام االقتصادي في اإلسالم" ،دار األمة للطباعة والنشر والتوزيع ،بَتوت ،ط،2004 ،6.
ص .45
41
ISSN-1112-2722 مجلة المربي33 -53 :)2102( ،22 ، -يونسي روزة
ِ
االجتماعية و االقتصادية »(.)23 فيو كل آثار الفروؽ
ويقوؿ الدكتور عبد المنعم النمر« :ادلاركسية تصورت أف العدالة االجتماعية ،ال تتحقق
إال يف اجملتمع االشًتاكي ،وذلك بإلغاء ادللكية الفردية وتطبيق نظاـ األجور ،وإلغاء
الطبقية وادلناداة بادلساواة»( ،)24وقريب من ىذا ،ما ذكره الدكتور عبد الرحمن يسري
«أما ادلاركسية أو العدالة االجتماعية الشيوعية يف االشًتاكية ،فتتلخص يف العمل على
ربقيق ادلساواة التامة بُت العاملُت يف الدولة ،فهم يف رلموعهم ؽلتلكوف وسائل اإلنتاج
ويستحقوف الدخل الذي يتحقق من وراء النشاط اإلنتاجي بال تفرقة ،ىذه ىي العدالة
ادلثلى "العدالة االجتماعية يف رأي االشًتاكية ادلاركسية"»( ،)25إذف «ربت تأثَت الفكر
االشًتاكي ومذاىب التدخل ،أخضعت الدولة ادلعاصرة احلريات االقتصادية لتنظيم دقيق
ِ
االجتماعية»(.)26 وقيود عديدة ،ربقيقا دلبادئ العدالة
إف التغيَتات االجتماعية والسياسية اليت ظهرت يف منتصف القرف التاسع عشر ،أدت
إذل ظهور ما عرؼ بالعدالة االجتماعية ،واليت أصبحت كلمة من ادلفاىيم وادلصطلحات
الرأمسالية احلديثة ،اليت دخلت إذل احلقل ادلعجمي عند بعض ادلفكرين ادلعاصرين ،وعلى
رأسهم جون رولز ،وىو ما سنتعرض إليو يف عنصر مفهوـ العدالة يف الفكر ادلعاصر.
23ـ .روزنتاؿ ،ب .يودين" :الموسوعة الفلسفية" ،تر :مسَت كرـ ،دار الطليعة للطباعة والنشر ،بَتوت ،1987 ،ص.293
24النمر ،عبد ادلنعم" :إسالم ال شيوعية" ،دار غريب للطباعة ،القاىرة ،1976 ،ص .78
25أضبد ،عبد الرضبن يسري :التنمية االقتصادية يف اإلسالـ ،ص .49
ياسية" ،دار النهضة العربية ،القاىرة.)378/1( ،1989 ، الس ِ
26بدوي ،ثروت" :النظم ِ
27
David Miller, Principles of social justice, Cambridge, Massachusetts, 4, London,
Harvard University Press, 1999.
28أمارتيا صن" :فكرة العدالة" ،تر :مازف جندرل ،الدار العربية للعلوـ ناشروف ،بَتوت.2010 ،
42
ISSN-1112-2722 مجلة المربي33 -53 :)2102( ،22 ، -يونسي روزة
غلعل إمكانية قياـ أسباب ومسارات متعددة ذلا ،كل ىذا تدعي احلياد ومع ذلك زبتلف
أو تتنافس مع بعضها ،وما يزيد األمر صعوبة إذا افًتضنا الوضعية اليت يواجو فيها األفراد
اجملتمع ويقيموف توجهاهتا ،من منطلقات موقعهم فيها وعالقتهم باجملموعات األخرى ،أي
من منطلق مصاحلهم االجتماعية والطبقية ادلتناقضة ،ىذه احلقيقة ذبعل من ربديد
وتعريف العدالة االجتماعية كمفهوـ مستقر أمرا معقدا ،لكن كثَتا من الباحثُت
وادلفكرين ال يروهنا مستحيال بالرغم من ذلك.
يف كتاب "أسس العدالة االجتماعية" لػديفيد ميللر يرب ميللر بُت نظرية وتعريف
مستقرين للعدالة االجتماعية ،وبُت القناعات الشعبية الواسعة خبصوصها ،ويقيم نظريتو
ألسس العدالة االجتماعية على حبث إمربيقي يف معناه بالنسبة حلركة الناس ويف اجلدؿ
السياسي القائم ،معًتفا بأف ىذا لو عيوبو اليت قد تظهر يف تناقضات ومشاكل يف
ادلعلومات ...اخل ،ىذا ويقيم ميللر تعريفو للعدالة االجتماعية على مبادئ العدالة اليت
يعتنقها الناس بالفعل ،وبالتارل فمكونات التعريف التعددية بالضرورة تتغَت وتصبح مهمة
بقدر ما ذلا صلة بسياقها يف الواقع ،يف ىذا اإلطار يبٍت تعريف العدالة االجتماعية على
الطريقة اليت تنظر إليو اجملموعات االجتماعية اليت تناضل من أجلو ،وتصبح زلدداتو مثال،
وىي قابلة للتغَت مع الوقت والسياؽ ،ومع احلد األدىن واألقصى لألجر ،واستعادة
الشركات احلكومية ادلباعة بالفساد ،واحلق يف اإلدارة الذاتية لوسائل اإلنتاج ،وتوفَت
اخلدمات الصحية الكفؤة والرخيصة للكل وغَتىا ،ويعترب ميللر أف العدالة تتعلق بالتوزيع
اجليد داخل اجملتمع ،والطريقة اليت زبصص هبا ادلوارد للناس عرب مؤسسات اجملتمع.
ويف مقابل ىذه النظرة التعددية يرى الليرباليوف ادلساواتيوف ،وعلى رأسهم جون رولز
أنو ؽلكن الوصوؿ لنظرية شاملة موحدة فيما ؼلص العدالة االجتماعية ،وباألساس قضية
العدالة التوزيعية ،دبعٌت كيف ؽلكن توزيع مزايا وأعباء التعاوف االجتماعي ،ويضع رولز
الثقل يف ىذا على تطويره لنظرية العقد االجتماعي« :كيف توزع ادلؤسسات االجتماعية
الرئيسية احلقوؽ والواجبات األساسية وربدد توزيع مزايا التعاوف االجتماعي»( ،)29ويضع
رولز نظريتو اليت يسميها العدالة كإنصاؼ ،من أجل تطبيق ما يسميها البنية الرئيسية أو
ادلؤسسات السياسية واالقتصادية واالجتماعية يف اجملتمع ،يتوفر النظرية مثاال معياريا
29جوف رولز" :العدالة كإنصاف" ،تر :حيدر حاج امساعيل ،مركز دراسات الوحدة العربية ،بَتوت ،ط.2009 ،1.
43
ISSN-1112-2722 مجلة المربي33 -53 :)2102( ،22 ، -يونسي روزة
.IIإشكاليات السياسات
يوحد وغلّمع بُت البشر أكثر من العدؿ ،فالعدالة سبثل القاعدةال يوجد شيء ّ
األساسية لكل رلتمع منظّم عقالنيا يهدؼ إذل النفع العاـ ،فالعدالة فضيلة أخالقية،
تتحدد قيمتها يف تطبيقاهتا العملية ،لذلك ال بد من مطابقة ما ىو نظري دبا ىو تطبيقي،
والعكس صحيح.
30
Colin Farrelly, Contemporary political theory a reader, London, Sage
publications, 2004.
31برجسوف ،ىنري" :منبع األخالق والدين" ،تر :سامي الدوريب و عبد اهلل عبد الدائم ،اذليئة ادلصرية العامة للتأليف
والنشر ،القاىرة ،1971 ،ص ص.72 -71
44
ISSN-1112-2722 مجلة المربي33 -53 :)2102( ،22 ، -يونسي روزة
32
The cost of inequality: How wealth and income extremes hurt us all,
Oxfam, 18 January 2013.
33
David Harvey, A brief history of neoliberalism, London, Oxford University
Press, 2007 .http://www.almasryalyoum.com/editor/details/677.
45
ISSN-1112-2722 مجلة المربي33 -53 :)2102( ،22 ، -يونسي روزة
الفكر بل يعتربىا بديهية ،ويرى أف القراء سيتقبلوهنا كنقطة انطالؽ معقولة ( ،)34ويتطلب
مبدأ العدالة عنده توفَت حريات مهمة و معينة بالتساوي للجميع ،وتتمتع ىذه احلريات
األساسية باألولوية على صبيع قيم الرفاىية االجتماعية ،وتوفَت فرص عادلة بالتساوي
جلميع ادلواطنُت ،وىيكلة الفروؽ يف الدخل والثروة ويف ادلراتب االجتماعية ،دبا يفضي إذل
ضماف احلد األقصى من الفائدة لألعضاء األسوأ حاال يف اجملتمع ( ،)35إذا للعدالة
كإنصاؼ ،يكوف ادلعٌت العاـ ألولوية احلق ىو وجوب أف تدخل أفكار اخلَت ادلسموح هبا
يف إطاره كمفهوـ سياسي (.)36
األوؿ،
لكن الفلسفة السياسية الرولزية ،من بعد أف وضعت ادلساواة التوزيعية يف ادلقاـ ّ
عادت لتتعارض ومرتكزات احلرية اإلنسانية (اليت وضعها رولز يف الصدارة) ،كامتالؾ
اإلنساف لذاتو وخلَتاتو على اإلطالؽ ،كما أف النقد اجلماعايت ،وخصوصا الساندرل (نسبة
ساندؿ) ،سيتحرى عن أخطار الليبَتالية ،يف شقيها ادلعتدؿ وادلتطرؼ ،يف إذل مايكل ِ
إضعاؼ وحدة اجلماعة التارؼلية وسباسكها السياسي ،من جراء تنامي الفردانية اليت عززهتا
حرية السوؽ ،ودلا كاف السوؽ ال يقوـ التفضيالت والتذوقات الفردية ،كانت كلها
متساوية ،النبيلة منها والرديئة ،بوصفها قيما أخالقية تعًتيها النسبية ،وىو ما يفسر إفساد
السوؽ دلختلف العالقات االجتماعية وإرجاعها كلها إذل ادلاديات.
-عدم المساواة ورفع الظلم :يظهر يف تعامل أمارتيا صن مع االنتقادات اليت وجهت
لرولز ،من حيث أنو يقدـ ظلوذج ادلؤسسات ادلثاؿ يف مقابل الواقع وسلوؾ األفراد اللذين
غلب أف يتغَتا يف اذباىو ،ويؤكد أف نقطة البدء يف العدالة االجتماعية ىي تشخيص
الظلم وربليلو سبهيدا لرفعو ،ويرى يف كتابو "فكرة العدالة" "أف إدراؾ ادلظادل اليت ؽلكن
لب نظرية العدالة أيضا"،
رفعها ال يدفعنا إذل التفكَت يف العدؿ والظلم فحسب ،بل ىو ّ
ويضيف صن أنو "كي تصلح نظرية ما يف العدالة كأساس للتفكَت العملي ،ال بد ذلا من
أف تتضمن طرقا لتقدير كيف ؽلكن إنزاؿ الظلم وإعالء العدؿ ،بدؿ التوجو فق لوصف
34دايفيد جونستوف ":مختصر تاريخ العدالة" تر :مصطفى ناصر،عادل ادلعرفة ،الكويت ،2012 ،ص.247
35صموئيل فرؽلاف " :اتجاىات معاصرة في فلسفة العدالة جون راولز نموذجا" ،ترصبة فاضل جتكر ،ادلركز العريب ألحباث
ودراسة السياسات ،بَتوت ،ط ،2015 ،1 .ص .14
36جوف رولز ،مصدر سبق ذكره ،ص .302
46
ISSN-1112-2722 مجلة المربي33 -53 :)2102( ،22 ، -يونسي روزة
37
?Matthew Robinson, What is social justice
http://gjs.appstate.edu/social-justice-and-human-rights/what-social-justice.
47
ISSN-1112-2722 مجلة المربي33 -53 :)2102( ،22 ، -يونسي روزة
النظري ألفكارىم ىو احلرية الفردية بادلعٌت الليربارل اقتصاديا ،وبالتارل فإف ىذا ؼللق
تناقضا مستمرا بُت صعوبة اإلصالح يف ظل االستمرار يف ظل الرأمسالية دبيكانيزماهتا
وآلياهتا ،بينما النظرية معياريا ضد الرأمسالية كنظاـ ( ،)38ويعًتؼ برايهاوس ورايت وعلا
من مؤيدي الليربالية ادلساواتية ،بأف النظرية ضد الرأمسالية من الناحية القيمية ادلعيارية،
لكنهما ال يرياف يف ذلك تناقضا من قبوذلا عمليا باإلصالح يف ظل الرأمسالية " :البعض
قد يعتقد أف التحقيق الكامل للمبادئ ادلساواتية غَت متوافق مع الرأمسالية ،وهبذا فإهنا ضد
رأمسالية من الناحية القيمية ،ويف الوقت نفسو يعتقد أف الرأمسالية ىي الًتتيب األخالقي
األكثر قابلية للتطبيق"(.)39
يف ادلقابل يرى أليكس كالينيكوس ،الذي يعترب أف العدالة االجتماعية لن تتحقق إال
بثورة جذرية على جوىر النظاـ الرأمسارل نفسو ،والذي أدى يف تطوره للوضع احلارل ،أنو
ال يوجد ما ؽلنع من ربقيق االتساؽ بُت ما ىو معياري وقياسي وقيمي وبُت ما ىو
عملي ،ويقوؿ كالينيكوس" :ال أرى دلاذا ال ؽلكننا أف ضلصل على االثنُت ،أعتقد أف ادلرء
ؽلكنو احلصوؿ على الكعكة وأكلها يف ىذه القضية على األقل"( ،)40ويف مواجهة مطالب
العدالة االجتماعية تطرح فكرة ضعف الثروة وضعف اإلنتاج كواحدة من مربرات استمرار
الوضع الراىن ،فضعف اإلنتاج ومشاكلو وتراجع النمو االقتصادي ،تقف كعوائق أماـ
العدالة االجتماعية ،اليت وفقا ذلذا ادلنظور ستعٍت تعميق ادلشكلة بتوزيع الفقر وأنو ينبغي
السعي لتوسيع الكعكة أوال قبل عدالة توزيعها ،غَت أف ىذه الفكرة صارت زلل شك بعد
أف وجهت األزمة العادلية ضربة مباشرة ذلا على مستويُت :األوؿ أف زيادة حجم الكعكة
دل يؤد لتقليص عدـ ادلساواة ،بل أثبت الباحثاف ريتشارد ويلكنسون وكيت بيكيت يف
كتاهبم "توازف الروح" ،دلاذا ادلساواة أفضل للجميع ،فكلما ازدادت عدـ ادلساواة يف
اجملتمع ،مهما كاف غنيا ،زادت ظواىر ومشاكل ادلرض العقلي ووفيات األطفاؿ ،وتراجع
معدؿ العمر ادلتوقع ،والبدانة وتدىور أداء األطفاؿ التعليمي ومعدالت االنتحار ،وعدد
38
Alex Callinicos, Equality themes for the 21st century series, London, Polity,
2001.
39
Brighouse, Harry, and Erik Olin Wright, “Review of equality by alex
Callinicos”, Historical Materialism, 2002.
40
Alex Callinicos, Having Our Cake and Eating It, Historical materialism,
Volume 9, 2001.
48
ISSN-1112-2722 مجلة المربي33 -53 :)2102( ،22 ، -يونسي روزة
ادلسجونُت ومعدذلم بالنسبة للسكاف وتراجع احلراؾ االجتماعي ،بل وقدرة الناس على
الثقة يف بعضهم البعض ،ويدعم الكاتباف ىذه الصورة بكم ىائل من اإلحصائيات اليت
تعود دلصادر على رأسها األمم ادلتحدة ،بل صارت منظمات كربنامج األمم ادلتحدة
للتجارة والتنمية تذىب حلد العكس ،أف زيادة احلد األدىن لألجور ،وىو إجراء ػلسب
على العدالة االجتماعية ،قد يكوف ىو احلل الكفء الوحيد لرفع كفاءة اإلنتاج ودؽلومتو
وعدالتو أيضا.
ويف العادل العريب ،كانت ادلراجعات األكادؽلية ،أو على مستوى السياسات احلكومية،
ألسباب الظلم االجتماعي وعدـ ادلساواة ىي األضعف ،حيث ظهر تيار ضعيف
الصوت وال ػلوز األغلبية يبٍت تصوراتو على ضرورة تقدًن مراجعات على مستوى
السياسات من أجل استيعاب درس ثورات العرب وضماف االستقرار السياسي للحكم يف
ادلستقبل ،ويقوـ ىذا التيار على إدراؾ حقائق التفاوت اذلائل حلساب قلة من رجاؿ
األعماؿ ،وزلاولة عالج ىذا عن طريق بعض اإلصالحات اليت تتعلق بالنظاـ الضرييب
وبرفع األجور ودرجة من إعادة توزيع الثروة ،ولوحظ وجود ىذا التيار ،الذي بزغ أحيانا
من قلب رلتمع األعماؿ كما يف احلالة ادلصرية ( ،)41وأحيانا أخرى من مثقفُت عضويُت
مرتبطُت بالنظاـ احلاكم كما يف حالة السعودية (.)42
-التجارب األوروبية :تعترب مظاىر العدالة االجتماعية يف الدولة األوروبية واضحة بشكل
كبَت ،فنجد دولة مثل السويد والداظلرؾ ،فنلندا ،ىولندا ،النمسا وأدلانيا يف مقدمة الدوؿ
األوروبية من حيث اطلفاض معدالت الفقر والبطالة ،وتراجع سياسات اإلقصاء
والتهميش ،وادلساواة التعليمية والصحية ،طبقا دلا جاء يف التقرير السنوي للعدالة
االجتماعية يف أوروبا .)43(Social justice in the EU-Index report 2015
وعلى سبيل ادلثاؿ ،استطاعت أدلانيا أف تعيد بناء نفسها ،بعد احلرب العادلية الثانية،
وتقدًن خط اصالحية واسعة من شأهنا تعايف االقتصاد ،كما بلغت مستويات ادلساواة
يف احلقوؽ واحلريات ومنها التعليم والصحة نسبة مرتفعة للغاية ،جعلت من أدلانيا ربتل
ادلرتبة السابعة أوروبيا من حيث الدوؿ األكثر تطبيقا دلبادئ وسياسات العدالة
االجتماعية.
-التجارب غير األوروبية :يسعى قادة بعض الدوؿ غَت األوروبية سواء من آسيا أو
أمريكا الالتينية ،إذل االرتقاء بدوذلم إذل مصاؼ الدوؿ ادلتقدمة ،من خالؿ القضاء على
ادلشكالت الداخلية والعمل على ادارهتا بشكل يضمن التكامل ال االنفصاؿ ،وىو أحد
أسس ومكونات العدالة االجتماعية.
ومن أبرز النماذج ادلعروفة عادليا ،ماليزيا ،حيث دل تتحقق النهضة االقتصادية ودل
تتحوؿ البالد ضلو الصناعة والتكنولوجيا ادلتقدمة فيها (بعدما كانت الدولة ادلاليزية ضلو
أربعة عقود رلتمعا زراعيا) إال يف ظل وضع اجتماعي وثقايف متماسك ،برغم اختالؼ
العرقيات ،حيث استطاعت ماليزيا ذبنب الصراعات بُت اجملمعات العرقية الثالثة ادلكونة
للسكاف ،حيث عمل النظاـ احلاكم على تعزيز الوحدة بُت فئات الشعب على اختالؼ
ديانتهم ،حيث توجد الديانة األساسية وىي االسالـ باإلضافة اذل الديانات األخرى
كالبوذية واذلندوسية ،كما ينص عليو الدستور ادلاليزي ،وما يلفت يف ذبربة ماليزيا
االقتصادية تعزيز عناصر العدالة االجتماعية ،بتجهيز ادلواطن ادلاليزي جبميع الوسائل
العلمية والتكنولوجية لينفتح ويتواصل مع العادل اخلارجي ويتعرؼ على سلتلف الثقافات،
ومن مث دفعو اذل سوؽ العمل من أجل زيادة االنتاج خلفض مستوى البطالة ،كما مت
43دلزيد من التفاصيل حوؿ ترتيب الدوؿ األوروبية حسب مؤشر العدالة االجتماعية لعاـ ،2015ؽلكن اإلطالع على التقرير
الكامل من خالؿ الراب التارلhttps: // goo.gl/6o9obC :
50
ISSN-1112-2722 مجلة المربي33 -53 :)2102( ،22 ، -يونسي روزة
االىتماـ بالتعليم منذ مرحلة ما قبل ادلدرسة االبتدائية...إخل ،ما جعل ماليزي تتحوؿ إذل
ظلوذج اقتصادي وسياسي ػلتذى بو بُت بقية دوؿ العادل (.)44
إف زلاولة استطالع وفهم ادلعضالت اليت ترتب بتعريف العدالة االجتماعية ،سبثل
مقدمة الزمة الستهداؼ تأطَته ،كما يعترب الفهم احلقيقي ذلا (للعدالة االجتماعية) ،من
يساىم يف تضييق الفجوة بُت نظرية العدالة االجتماعية ،وبُت واقع تطبيقها على
ادلواطنُت.
-خاتمة
كل األدياف وادلفكرين البارزين اىتموا دبفهوـ العدالة ،وحاولوا تعريفها ،وتطبيقها
على أرض الواقع ،لكن مع ذلك تبقى امكانية تطبيق العدالة االجتماعية يثَت عدد
من االشكاليات سواء من حيث ادلفهوـ أو السياسات ،إف التمييز بُت ادلوطنُت ،وما
ينتج عنو من هتميش وإقصاء وحرماف عن بعض احلقوؽ ،وعدـ توفَت فرص متساوية،
وقتل روح ادلنافسة والكفاءات ،واستفحاؿ البطالة ،ومن مث انعداـ العدالة ،ىو ما
يلزـ الدولة على وضع السياسات وازباذ اإلجراءات الكفيلة بتوفَت فرص العمل،
وإتاحة التعليم وإعادة التدريب والرعاية الصحية وغَتىا من عوامل بناء القدرات
وتنميتها ،وضرورة تدخل الدولة بسياسات إعادة التوزيع لتقريب الفروؽ ىف الدخل
والثروة بُت الطبقات ،حىت ال تؤدى ىذه الفروؽ لإلطاحة دببدأ تكافؤ الفرص ،وال بد
للسلطة أف تكوف مشروعة حبيث تستجيب حلاجات يشعر هبا اجملتمع ويكوف
ادلسؤولوف موضع ثقة ،وأف يتم اللجوء إذل احلد األدىن من القيود ووسائل اإلكراه،
واألىم من كل ىذا أف تكوف عادلة غَت ظادلة ،خاصة يف األنظمة العربية ،اليت تعاين
من وجود اغًتاب ثقايف ،سياسي وحقوقي ...فاجملتمعات العربية ربتاج إذل تطوير
مداركها لقضايا العدالة يف بناء االجتماع اإلنساين ادلعاصر ،فاإلنساف العريب ادلعاصر
يدرؾ بالفطرة أنو مظلوـ وزلروـ من أبس حقوقو ،لكنو ال يقوى يف أغلب األحياف
على تشخيص أسباب الظلم واحلرماف ،على الرغم من ذلك فالثورات العربية قد
أعادت مفهوـ العدالة االجتماعية لعادل السياسة يف العادل العريب ،كما أهنا مدت إذل
44ياسر نابت" :ماليزيا وسنغافوره والبرازيل ...االث تجارب ناجحة لتحول الدول من التخلف إلى التقدم" ،جريدة
الصباح 11 ،أكتوبر .2014
51
ISSN-1112-2722 مجلة المربي33 -53 :)2102( ،22 ، -يونسي روزة
ادلنطقة العربية توجها وجدال عادليا على أرضية الضعف الفكري والسياسي دلشروع
الليربالية اجلديدة (.)45
45وائل صباؿ" :الربيع العربي ومفاىيم التنمية والحقوق االقتصادية واالجتماعية" ،منشور يف كتاب الكرامة العربية )رؤى
دلا بعد الليربالية( ،منتدى البدائل العريب ،القاىرة.2013 ،
52
ISSN-1112-2722 مجلة المربي33 -53 :)2102( ،22 ، -يونسي روزة
.11بدوي ،عبد الرضبن" :كتابو األخالق النظرية" ،وكالة ادلطبوعات ،الكويت ،الطبعة
الثانية.1976 ،
.12برجسوف ،ىنري" :منبع األخالق والدين" ،ترصبة سامي الدوريب ،وعبد اهلل عبد
الدائم ،اذليئة ادلصرية العامة للتأليف والنشر ،القاىرة.1971 ،
.13جوف ،رولز" :العدالة كإنصاف" ،ترصبة حيدر حاج امساعيل ،مركز دراسات
الوحدة العربية ،بَتوت ،الطبعة األوذل.2009 ،
.14دايفيد ،جونستوف" :مختصر تاريخ العدالة" ،ترصبة مصطفى ناصر ،عادل ادلعرفة،
الكويت.2012 ،
.15ـ .روزنتاؿ ،ب .يودين" :الموسوعة الفلسفية" ،ترصبة مسَت كرـ ،دار الطليعة
للطباعة والنشر ،بَتوت.1987 ،
.16ديورانت ،وؿ " :قصة الحضارة (الفلسفة)" ،ترصبة فتح اهلل ادلشعع ،ادلنظمة العربية
للًتبية والثقافة والعلوـ ،دار اجليل للطبع والنشر والتوزيع ،بَتوت.1988 ،
.17سويزي ،بوؿ" :االشتراكِية" ،ترصبة عمر مكاوي ،ادلؤسسة ادلصرية العامة للتأليف
والًتصبة والنشر ،مصر.1964 ،
.18شليب ،أضبد" :الفكر اإلسالمي منابعو وآااره" ،مكتبة النهضة ادلصرية ،القاىرة،
.1986
.19صليبا ،صبيل" :المعجم الفلسفي" ،اجلزء الثاين ،دار الكتاب اللبنانية ،بَتوت،
.1982
.21صموئيل فرؽلاف" :اتجاىات معاصرة في فلسفة العدالة جون راولز نموذجا"،
ترصبة فاضل جتكر ،ادلركز العريب ألحباث ودراسة السياسات ،بَتوت ،الطبعة األوذل،
.2015
.21عبد السالـ ،جعفر" :المنظمات الدولية" ،دار النهضة العربية ،القاىرة ،الطبعة
السادسة.1990 ،
.22عثماف ،أضبد" :الشعر اإلغريقي تراااً إنسانياً وعالميا" ،دار ادلعارؼ ،القاىرة،
الطبعة الثالثة.2001 ،
53
ISSN-1112-2722 مجلة المربي33 -53 :)2102( ،22 ، -يونسي روزة
.23فروخ ،عمر" :تاريخ الفكر العربي إلى أيام ابن خلدون" ،دار العلم للماليُت،
بَتوت.1983 ،
.24نادر ،ألبَت نصري" :أبو نصر الفارابي آراء أىل المدينة الفاضلة" ،دار ادلشرؽ،
بَتوت.1986 ،
.25فخري ،ماجد" :الفكر األخالقي العربي" ،األىلية للنشر ،بَتوت.1978 ،
.26كرسوف ،اندريو" :المشكلة األخالقية والفالسفة" ،ترصبة عبد احلليم زلمود وأبو
بكر ذكر ،مطابع الشعب ،القاىرة.1979 ،
.27وائل صباؿ" :الربيع العربي ومفاىيم التنمية والحقوق االقتصادية واالجتماعية"،
منشور يف كتاب الكرامة العربية )رؤى دلا بعد الليربالية( منتدى البدائل العريب،
القاىرة.2013 ،
.28وايف ،علي عبد الواحد" :األدب اليوناني القديم" ،دار ادلعارؼ ،القاىرة ،الطبعة
األوذل.1960 ،
.29وىبة ،مراد" :المعجم الفلسفي" اذليئة ادلصرية العامة للكتاب ،القاىرة ،الطبعة
السادسة.2016 ،
.31مقاالت حسن ىيكل يف جريدة ادلصري اليوـ:
http://www.almasryalyoum.com/editor/details/677
.31صباؿ ،خاشقجي" :بعض من اشتراكية أبي ذر يا سمو األمير" ،جريدة احلياة،
12أفريل .2014
.32ياسر ،نابت" :ماليزيا وسنغافوره والبرازيل...االث تجارب ناجحة لتحول
الدول من التخلف إلى التقدم" ،جريدة الصباح 11 ،أكتوبر .2014
1. Alex Callinicos, Equality themes for the 21st century series,
London, Polity, 2001.
2. Alex Callinicos, Having our cake and eating it, Historical
materialism, Volume 9, 2001.
54
ISSN-1112-2722 33 -53 :)2102( ،22 ،مجلة المربي يونسي روزة-
3. Brighouse, Harry, and Erik Olin Wright, “Review of Equality
by Alex Callinicos”, Historical materialism 2002.
4. Colin Farrelly, Contemporary political theory a reader,
London, Sage publications, 2004 .
5. David Harvey, A brief history of neoliberalism, London,
Oxford University Press, 2007,
http://www.almasryalyoum.com/editor/details/677.
6. David Miller, Principles of Social Justice, Cambridge,
Massachusetts- 4 London, Harvard University Press, 1999.
7. Matthew Robinson, What is Social Justice?
http://gjs.appstate.edu/social-justice-and-human-rights/what-
social-justice.
8. Richard G. Wilkinson and Kate Pickett, The spirit level: Why
more equal societies almost always do better, London,
Penguin Books, 2010.
9. The cost of inequality: How wealth and income extremes hurt
us all, Oxfam, 18 January 2013.
55