Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 74

0000000

0000000
0000000
0000000
0000000
0000000
0000000
0000000
0000000
‫‪  ‬‬

‫‪‬‬
‫‪1 .......................................................................................................................‬‬

‫الفصل ا أ‬
‫لول‪ِ :‬ف هدف ُ‬
‫َ‬
‫المسلمني وراء غزو مِرص‪4 ..............................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ِ :‬ف مسرية ُ‬


‫المسلمني ل ِمرص‪6 ...........................................................................‬‬

‫الروم ‪9 ..........................‬‬ ‫الفصل الثالث‪ِ :‬ف نيف حصة استنجاد األقباط ُ‬


‫ابلمسلمني ِِم ظلم ُّ‬ ‫َ‬

‫الفصل الرابع‪ِ :‬ف وحشية المسلمني وعدوانم عند غزومِرص‪12 ......................................‬‬


‫ُ‬

‫ُ‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫ق ا مراجع ا مصورة‪ :‬للفصول‪ :‬األول والثاين والثالث والرابع ‪ .....................‬آخر الكتاب‬
‫أ‬ ‫ح‬‫ل‬‫م‬
‫و‬

‫حقوق الطبع حمفوظة ©‪2022‬م ال يُسمح بإاعدة نرش هذا الكتاب أو أي ُجزء‬
‫منه بأي شلك من األشاكل أو حفظه ونسخه يف أي نظام مياكنييك أو الكرتوين‬
‫ِّ‬
‫يُمكن من اسرتجاع الكتاب أو أي ُجزء منه‪ .‬وال يُسمح باقتباس أي ُجزء من‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الكتاب أو تـرمجته إىل أي لغة دون احلصول ىلع إذن خطي مسبق من انلاشـر‪.‬‬
‫ِ‬
‫َهل فتح المسلمون ِمصر ً‬
‫سلما؟‬

‫َأكاديمية َق وِم الُّزط‬


‫‪‬‬

‫الحمد‬
‫لله الذي أضاء بنور معرفته عقل بني الإنسان وأقام الأدلة‬
‫الناطقة على وجوده في كل زمان ومكان وأنزل كتابه‬
‫الأقدس‪ ،‬على فم أنبيائه ال كرام ورسله الأعلام‪ ،‬لبث‬
‫نعماء الإنجيل ونث رحماء الإله الجليل‪ ،‬أما بعد‪ :‬فنحن و بحول الله سنقدم في‬
‫هذا الكتاب الأدلة الخفية وراء الأحداث الزمنية التي دفنت مع مرور الزمان‪،‬‬
‫فانتشلناها بالتنقيب والتنقير واستقراءناها بالتأمل والتفكير‪ ،‬ل كيما يزداد‬
‫البحث بها بهاء ً ومتانة ً ومضاءً‪ ،‬فاعمل أيها المطلع نظرك وأنعم فكرك في هذه‬
‫الحقائ ق التار يخية بإنصاف وانبذ عنك التعصب والاعتساف‪ ،‬فطالما كان‬
‫رسول الإسلام كاره ًا لليهود والمسيحيين مبغضًا إياهم‪ ،‬ومن عظيم بغضه‬
‫تجاههم نهيه عن القاء السلام عليهم وهذا ما رواه مسلم عن أبي هريرة بإسناده‪:‬‬
‫َ‬
‫او ْر ِد َّي — ع ْن ُس َهيْل‪،‬‬ ‫العزيز‪َ — ،‬ي ْعِن َّ‬
‫ادل َر َ‬ ‫َح َّد َثنَا ُقتَيْبَ ُة ُ‬
‫بن َسعيد‪َ :‬ح َّد َثنَا َعبْ ُد َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫ََْ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َ ُ َ ْ َ َ َ َّ َ ُ َ‬ ‫َ ْ‬
‫هلل ﷺ قال‪« :‬ال تبدؤوا ايلهود وال انلصارى‬ ‫أبي ِه‪ ،‬عن أ يِب هريرة أن رسول ا ِ‬ ‫عن ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ ُ َ َ ْ‬ ‫َّ َ ي َ َ َ ُ ْ َ َ َ ُ ْ َ‬
‫ه»‪] .‬مسلم‪ ،2167 :‬وأبو داود‪،5205 :‬‬ ‫يق فاضطروه إ يل أضي يق ي‬ ‫ب يالسلم‪ ،‬فإ يذا ل يقيتم أحدهم يف ط ير ٍ‬
‫والترمذي‪ 1602 :‬و‪ ،2700‬وأحمد‪ 7567 :‬و‪ 7617‬و‪ 8561‬و‪ 9726‬و‪ 9919‬و‪ ،10797‬وعبد الرزاق في «المصنف»‪،9837 :‬‬

‫ل‬
‫والبخاري في «األدب المفرد»‪ ،1103 :‬والطحاوي في «شرح معاني اآلثار»‪ ،341/4 :‬والبيهقي‪ ،[341/4 :‬فكيف لرسو ٍ‬
‫يدعو للتسامح والمحبة أن ينهى عن أبسط الأمور ألا وهي السلام على اللذين هم‬

‫‪1‬‬
‫ولعل قائل ًا يقول‪" :‬إ َّن مفاد النهي في الحديث السابق‬
‫َّ‬ ‫من غير دينك أو َّ‬
‫ملتك؟‬
‫إنما ي ُّخص الكافر المحارب‪ ،‬بيد أ َّن السلام على الكافر المسالم جائز"‪ ،‬رد ًا عليه‬
‫احلديث‬
‫ِ‬ ‫قلنا جاء في شرح موقِع الدرر السنية لهذا الحديث ما مفاده‪" :‬ويف هذا‬
‫ا‬ ‫بالسالمِ ولو اكنوا ذ ِّميِّ َ‬ ‫صارى َّ‬ ‫يب ﷺ عن بَ ْد ِء ايلهو ِد َّ‬
‫وانل َ‬ ‫يَنىه َّ‬
‫انل ُّ‬
‫ي‪ ،‬فضال عن‬ ‫ِ‬
‫للم َسلَّـم عليه‪ ،‬وال ََي ُ‬
‫وز‬ ‫ٌ‬
‫وإكرام ُ‬ ‫ٌ‬
‫إعزاز‬ ‫َ‬
‫االبتداء به‬
‫َّ‬
‫ار؛ ألن‬
‫ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫غريهم ِمن الك ِ‬
‫ف‬ ‫ِ‬
‫اإلعراض عنهم وتَ ُ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رك‬ ‫إعزازهم وال إكرامهم؛ فليسوا ِمن أه ِله؛ فاَّلي يُ ِ‬
‫ناسبُهم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫صغريا هلم‪ ،‬وَتقريا لِشأنِهم حَّت كأنهم غري موجودين‪ ،‬وكذا ال‬ ‫االتلفاف إيلهم ت‬
‫ِ‬
‫حب ُ‬
‫ب إيلهم…"․ [الدرر السنية‪ :‬شرح رقم ‪ ،]39310‬إذ ًا حتى وإن كان هذا‬ ‫ادتُهم َّ‬
‫واتل ُّ‬ ‫ُ ُ َ َّ‬
‫َيوز مو‬
‫الكافر في أرض المسلمين ذميًا عندهم يحرم على المسلم إلقاء َّ‬
‫السلام عليه‪ ،‬ففي‬
‫هذا الباب لا يسعني َّإلا أن أقول ما جاء في الأنعام في قوله‪ :‬ﱩ ﭷ ﭸ ﭹ‬

‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﱨ [األنعام‪ ،]148 :‬وأزيد‬


‫عليكم أ َّن نبيهم لم يكتف بهذا الفعل الفاحش والقول العائب‪ ،‬بل َّ‬
‫صرح بنواياه‬
‫الخبيثة ألا وهي إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب لما رواه مسلم عن‬
‫ُ ُ ََْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫وحدثَِن ُز َه ْ ُ‬
‫َّ‬
‫بن َمل‪َ ،‬ع ِن‬ ‫حرب‪ :‬حدثنَا الضحاك‬ ‫بن ْ‬ ‫ري ُ‬
‫ِ‬ ‫عمر بن الخطاب بإسناده‪:‬‬
‫اق‪:‬‬ ‫حد َثنَا َعبْ ُد َّ‬
‫الر َّ‬
‫ز‬
‫َّ‬
‫‪:‬‬‫—‬ ‫بن َرافع — َواللَّ ْف ُظ َ ُ‬
‫َل‬ ‫وحدثَِن ُُم َّم ُد ُ‬ ‫َّ‬
‫ح)․‬ ‫ابن ُج َريْج․ (ح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َبِن ُع َمرُ‬ ‫خََ‬ ‫َ‬
‫َُ ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ْ َ َ ُ ُّ َ ْ َّ ُ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َََْ‬
‫َ‬
‫هلل يقول‪ :‬أ ِ‬ ‫ري أنه س ِمع جابِر بن عب ِد ا ِ‬ ‫أخَبنا ابن جريج‪ :‬أخَب ِِن أبو الزب ِ‬
‫ارى م ْين َجزيرة يَ‬ ‫ود َوانلَّ َص َ‬‫َ ُ ُ َ ُ ْ َ َّ َ ُ َ‬ ‫َ َّ ُ َ َ َ ُ َ‬ ‫ُ َ َّ‬
‫ي‬ ‫ه‬ ‫ايل‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫خ‬ ‫ل‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬‫ول‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫ﷺ‬ ‫هلل‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ول‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ع‬‫م‬‫ِ‬ ‫س‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫‪،‬‬‫اب‬
‫بن اخل ي‬
‫ط‬
‫َّ َ َ َ َ َّ ُ ْ ً‬ ‫ََ‬
‫ب‪ ،‬حَّت ال أدع إيال مسليما»‪] .‬مسلم‪ ،1767 :‬وأحمد‪ 201 :‬و‪ 215‬و‪ ،219‬وعبد الرزاق في «المصنف»‪:‬‬ ‫العر ي‬
‫‪ 9985‬و‪ ،19365‬وأبو داود‪ 3030 :‬و‪ ،3031‬والترمذي‪ 1606 :‬و‪ ،1607‬والبغوي‪ ،2756 :‬والطحاوي في «شرح معاني اآلثار»‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ 2/4‬و‪ ،12‬والبزار‪ 229 :‬و‪ 230‬و‪ ،234‬وجابر بن عبد هللا في «المسند»‪ ،345/3 :‬والحاكم‪ ،274/4 :‬والنسائي في «الكبرى»‪:‬‬
‫‪ ،8686‬والطحاوي في «مشكل اآلثار»‪ ،12/4 :‬وابن حبان‪ ،3753 :‬والبيهقي‪․ [208–207/9 :‬‬

‫إذ ًا فرسولهم يصرح بأ َّنه إن عاش سيخرج اليهود والنصارى من جزيرة‬


‫العرب حتى وإن كانوا مسالمين‪ ،‬فهل هذا يدرج تحت م َّ‬
‫سمى السلام والصفح‬
‫أم تحت شعار العنصر ية والإرهاب؟ فهب معي عزيزي القارئ أ َّنه خرج من‬
‫الناس لدينه زاعمًا أ َّنه رسول الله ونشر دينه بالقتل والعنصر ية‬
‫الهند رجل يدعو َّ‬
‫ومع َّ‬
‫الزمان غزا السعودية وتوعد أن لئن عاش سيخرج المسلمين من مكة‬
‫والمدينة‪ ،‬حتى لا يدع فيها إ َّلا هندوسيًا‪ ،‬فهل ستسول لك نفسك هذا؟ وأن‬
‫النخيل فيها كما ق َّطع نبيهم أشجار يهود بني النضير؟ فما ل كم كيف‬
‫يقط ع أشجار َّ‬
‫تحكمون أم على الله تفترون! وتلك التعاليم الإرهابية َّالتي نادى بها نبيهم قد‬
‫تعملها صحبه وأجرموا في حق اليهود والمسيحيين‪ ،‬وهذا ما سنراه في لاحق هذا‬
‫الكتاب من غزوهم لمصر الذي َّ‬
‫تم في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب‬
‫بقيادة الصحابي عمرو بن العاص‪ ،‬فهل كان هذا الغزو سلميًا أم جائر ًا؟ هل‬
‫فيه ما تزعمه ُّ‬
‫السوقة من الرق َّ‬
‫والرحمة والعدل أم هو على غرار تلك الأقاو يل؟‬

‫‪3‬‬
‫فصل‬
‫َ‬ ‫ِف هدف ُ‬
‫المسلمني وراء غزو ِمرص‬

‫لا شك ولا ريب في أ َّن مسألة غزو مصر لم تكن لنية طيبة ولا ل ٍ‬
‫هدف‬
‫حسن‪ ،‬فقد استأذن الصحابي عمرو بن العاص عمر بن الخطاب أن يغزو مصر‬
‫— وهو كان الخليفة آنذاك — لما فيها من الخيرات والموارد ولضعف أهلها‬
‫وعجزهم الدفاع عن أنفسهم فتخوف عمر من ذلك إلى أن أقنعه عمرو بذلك․‬

‫فروى ابن عبد الحكم ونقل المقريزي في المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار‪:‬‬

‫قال ابن عبد الحكم‪ :‬لما قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه‪ ،‬الجابية قام‬ ‫"‬
‫إليه عمرو بن العاص فخلا‪ ،‬به فقال يا أمير المؤمنين ائذن لي أن أسير إلى مصر‪،‬‬
‫وحرضه عليها‪ ،‬وقال‪ :‬إنك إن فتحتها كانت قوة للمسلمين‪ ،‬وعونا ً لهم‪ ،‬وهي أكثر‬
‫الأرض أموالاً‪ ،‬وأعجز عن القتال والحرب․‬

‫فتخوف عمر بن الخطاب‪ ،‬وكره ذلك‪ ،‬فلم يزل عمرو يعظم أمرها عند عمر‬
‫بن الخطاب‪ ،‬و يخبر بحالها‪ ،‬ويهون عليه فتحها حتى ركن ذلك‪ ،‬فعقد له على‬
‫أربعة آلاف رجل‪ُّ ،‬‬
‫كلهم من عك‪ ،‬و يقال‪ :‬بل ثلاثة آلاف وخمسمائة‪ ،‬وقال‬

‫‪4‬‬
‫له عمر‪ :‬سرْ وأنا مستخير الله في مسيرك‪ ،‬وسيأتيك كتاب ي سر يعا ً إن شاء الله‬
‫تعالى‪ ،‬فإن أدركك كتاب ي آمرك فيه بالانصراف عن مصر قبل أن تدخلها‪،‬‬
‫أو شيئا ً من أرضها‪ ،‬فانصرف‪ ،‬وإن أنت دخلتها قبل أن يأتيك كتاب ي فامض‬
‫لوجهك‪ ،‬واستعن بالله واستنصره․‬

‫فسار عمرو بن العاص من جوف الليل‪ ،‬ولم يشعر به أحد من الناس‪،‬‬


‫واستخار عمر الله‪ ،‬فكأنه تخوف على المسلمين في وجههم ذلك‪ ،‬فكتب إلى‬
‫عمرو بن العاص أن يتصرف بمن معه من المسلمين‪ ،‬فأدرك عمرا ً الكتاب إذ‬
‫هو برفح فتخوف عمرو بن العاص إن هو أخذ الكتاب‪ ،‬وفتحه أن يجد فيه‬
‫الانصراف كما عهد إليه عمر‪ ،‬فلم يأخذ الكتاب من الرسول‪ ،‬ودافعه وسار كما‬
‫هو‪ ،‬حتى نزل قر ية فيما بين رفح والعريش‪ ،‬فسأل عنها فقيل‪ :‬إنها من مصر‪،‬‬
‫فدعا بالكتاب فقرأه على المسلمين‪ ،‬فقال عمرو لمن معه‪ :‬ألستم تعلمون أن هذه‬
‫القر ية من مصر؟ قالوا‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فإن أمير المؤمنين عهد إل ي‪ ،‬وأمرني إن لحقني‬
‫كتابه‪ ،‬ولم أدخل أرض مصر أن أرجع‪ ،‬ولم يلحقني كتابه حتى دخلنا أرض‬

‫[المواعظ واالعتبار بذكر الخطط واآلثار للمقريزي (ط․ دار الكتب‬ ‫مصر‪ ،‬فسيروا‪ ،‬وامضوا على بركة الله․"․‬
‫العلمية) ج ‪ 2‬ص ‪ ،72–71‬وحسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة للسيوطي (ط․ دار احياء الكتب العربية) ج ‪ 1‬ص ‪․ [107–106‬‬

‫َّ‬
‫والتوسع‬ ‫فغزو مصر ما كان َّإلا تحايل ًا من الصحابي عمرو على عمر‪ ،‬ابتغاء المال‬
‫ولضعف أهلها وعج زهم الدفاع عن أرضهم‪ ،‬وهذا هو ع ين َّ‬
‫النهب والإرهاب․‬

‫‪5‬‬
‫فصل‬
‫ِف مسرية ُ‬
‫المسلمني ل ِمرص‬

‫بعد غزو عمر بن الخطاب بيت المقدس َّ‬


‫هم عمرو يحرضه على مصر و يغر يه‬
‫َّ‬
‫فتخوف عمر بن الخطاب‪ ،‬ليس‬ ‫بما فيها من الخيرات والقوة وشدة الضعف‬
‫ص منه على أمان أهلها وعدم ترو يعهم‪ ،‬إنما ت َّخوف لأجل أن غزوه‬
‫لأجل حر ٍ‬
‫بيت المقدس كاد ينتهي‪ ،‬وفي هذه المرحلة كان المسلمون يل ْتئمون من خسائر‬
‫غزو بيت المقدس‪ ،‬فهو لم ير في غزو مصر شيئًا خاطئًا إنما ما بدى له أن وقت‬
‫هذا الغزو كان مناسبًا فلو كان بيده لاحتل الأرض بما فيها ومن عليها‪ ،‬ففي‬
‫بادئ الأمر رضي عمر بغزو مصر وبعث بكتاب لعمرو بغزوها وعليه سار عمرو‬
‫بجيشه إلى الجنوب ليلًا سير ًا هنيًا حتى صار عند حدود ما بين فلسطين ومصر‬
‫وسار بعد ذلك حتى وصل عند رفح وإذ برسل من عمر على المطايا يحملون‬
‫رسالة من الخليفة فظن عمرو أ َّن عمر عاد إلى شكه فلم يأخذ من الرسل الكتاب‬
‫حتى عبر مهبط السيل وهو الحد بين أرض مصر وفلسطين وبلغ بسيره الوادي‬
‫الصغير الذي عند العريش‪ ،‬فهناك أمر بالكتاب فقرأه فوجد فيه أن إذا كان‬
‫لازال بفلسطين يرجع أدراجه وإن دخل مصر ًا فليمض في سيره يغزوها‪،‬‬
‫وهكذا تحايل عمرو على عمر واستكبر عن رسالته ليفعل ما ه َّم به من غزو‬
‫مصر لجشعه هو وأصحابه واستضعافهم أهل مصر الع َّزل ابتغاء المال والسلطان․‬

‫‪6‬‬
‫فقد جاء ف ي كتاب غ زو العرب لمصر للدكتور الفرد چ․ بتلر الفصل ‪14‬ما يلي‪:‬‬

‫الظاهر أنه بعد أن سلم البطر يق (صفرونيوس) الشيخ مدينة بيت المقدس‬ ‫"‬
‫سار عمر بن الخطاب الخليفة وعمرو بن العاص القائد وذهبا كلاهما نحو‬
‫الشمال․ وقد أرسل عمرو مددا ً للعرب المحاضرين لقيصر ية‪ ،‬وأما عمر فقد أقام‬
‫َّ‬
‫ولعل عمرا ً قد أفضى إليه برأيه في فتح مصر منذ كانا في بيت‬ ‫في دمشق․‬
‫المقدس‪ ،‬ول كن الخليفة رأى أن وقت ذلك الفتح لم يحن بعد․ فلما ظهر العرب‬
‫وانتهت الحرب أو كادت عاد عمرو إلى عرض رأيه‪ ،‬وجعل يبين للخليفة ما‬
‫كانت عليه مصر من الغنى وما كان عليه فتحها من السهولة‪ ،‬وقال له إنه ليس‬
‫في البلاد ما هو أقل منها قوة ولا أعظم منها غنى وثروة‪ ،‬ثم قال إن (أر يطون)‬
‫حاك م ال روم ع لى ب يت المق دس — وكان ق د ه رب م ن المدينة ق بل‬
‫ت سليمها إليهم — قد لاذ بمصر‪ ،‬وإنه كان يجمع فيها جنود الدولة‪ ،‬وإن على‬
‫العرب ألا يضيعوا الوقت‪ ،‬بل أن يوقعوا به قبل أن يستفحل أمره‪ ،‬وإن مصر‬
‫بعد ذلك تكون قوة للمسلمين إذا هم مل كوها․ وكان اجتماع القائد بالخليفة في‬
‫(الجابية) بقرب دمشق وذلك بخر يف سنة ‪ 630‬للميلاد؛ وكان العرب لا‬
‫يزالون على حصار مدينة قيصر ية․‬

‫وقد رأى عمر أن فتح مصر فيه خير للمسلمين‪ ،‬ول كنه ظن أن عمرا ً يقلل‬
‫من شأن ما يلقاه من الصعوبة في فتحها‪ ،‬وكان في ذلك الوقت لا يستطيع أن‬

‫‪7‬‬
‫يضعف جند الشام بأن يبعث منهم جيشا ً كافيا ً لفتح مصر․ فلما طلب منه‬
‫عمرو أن يسير إلى مصر بجيش من ‪ 3500‬أو ‪ 4000‬رجل وعده أمير المؤمنين‬
‫أن يفكر في الأمر‪ ،‬فإنهكان لم يستقر على رأي في ذلك․ ثم عاد عمرو بن العاص‬
‫إلى قيصر ية وكان قسطنطين بن هرقل قائد الجند بها․ فبعث الخليفة وراءه‬
‫بكتاب (شر يك بن عبده) يقول له فيه إنه قد رضي بغزو مصر‪ ،‬وتقدم إليه أن‬
‫يجعل الأمر سرا ً وأن يسير بجنده إلى الجنوب سيرا ً هنيا ً․ فسار عمرو بن العاص‬
‫في الليل في جيش صغير من الخيل ولم يحدث له حدث حتى صار عند الحدود‬
‫بين مصر وفلسطين‪ ،‬وار بعد ذلك حتى صار عند رفح وهي على مرحلة واحدة‬
‫من العريش بأرض مصر فأتت عند ذلك رسل تحت المطي تحمل رسالة من‬
‫الخليفة․‬

‫ففطن عمرو إلى ما فيها وظن أن الخليفة لا بد قد عاد إلى شكه في الأمر‬
‫خاشيا ًمن الإقدام والمضي فيما عزم عليه‪ ،‬وقد كان الخليفةكلم عثمان وأفضى‬
‫إليه بما يرى من المخاطرة في تلك الغزاة‪ ،‬فأجابه عثمان قائل ًا إن تلك الغزاة‬
‫كانت عظيمة الخطر‪ ،‬وزاد على ذلك أن قال إن عمرو بن العاص فيه جرأة‬
‫وتهور‪ ،‬وإنه لا بد يقتحم بالناس المخاطرة ويرمي بهم إلى الهل كة․ فخشي عمر بن‬
‫الخطاب خشية عظيمة وعزم على أن يأمر ابن العاص بالرجوع إذا كان ذلك‬
‫ممكنا․ ول كنه أحسن أن جيش العرب إذا دخل مصر كانت عودته عنها خذلانا ً‬
‫وسبة للمسلمين إذ يكون ذلك بمثابة الفرار من العدو‪ ،‬وعلى ذلك أرسل كتابه‬

‫‪8‬‬
‫وتقدم فيه إلى عمرو بن العاص أن يعود إذا كان بعد في فلسطين‪ ،‬فإذا كان‬
‫قد دخل أرض مصر فليسر على بركة الله‪ ،‬ووعده أن يدعو الله له بالنصر وأن‬
‫يرسل الأمداد․ أما عمرو فقد كان بدأ أمره ولم يكن بالرجل الذي ينقض ما‬
‫بدأ فيه‪ ،‬وعرف أن ذلك الكتاب الذي لحق به لم يأته بالرضا عما هو فيه‪ ،‬ولهذا‬
‫لم يأخذه من الرسول حتى عبر مهبط السيل الذي ربما كان عند الحد بين‬
‫أرض مصر وفلسطين‪ ،‬وبلغ بسيره الوادي الصغير الذي عند العريش․ وهناك‬
‫أتى له بالكتاب فقرأه‪ ،‬ثم سأل من حوله‪« :‬أنحن في مصر أم في الشام؟» فقيل‬
‫له‪« :‬نحن في مصر» فقرأ على الناس كتاب الخليفة ثم قال‪« :‬إذن نسير في سبيلنا‬
‫[كتاب غزو العرب لمصر للدكتور الفريد چ․ بتلر (ط․ مكتبة مدبولي) ص ‪․ [229–226‬‬ ‫كما يأمرنا أمير المؤمنين»․"․‬

‫فصل‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِف نيف حصة استنجاد األقباط ابلمسلمني ِِم ظلم الروم‬

‫جاء في كتاب‪" :‬تاريخ مصر من خلال مخطوطات تاريخ البطاركة لساويرس‬


‫بن المقفع"‪ ،‬في جزئه الأول (ط․ مكتبة مدبولي) ص ‪ ،573‬ما مفاده من‬
‫المبالغة في الدعوى الباطلة بظلم الروم وهرقل للأقباط حتى بلغ الأمر َّ‬
‫بالراوي‬
‫الذي روى الكلام لأبينا ساويرس بالزعم أ َّن هرقل أغرق من قال أن مجمع‬
‫خلقدونية ضلال وكذب وخلَّى من قال َّأنه ٌّ‬
‫حق‪ ،‬وهذا بلا ريب باطل محض‬

‫‪9‬‬
‫وافتراء صريح‪ ،‬ومع ذلك فنحن لا ننكر أن حكم البيزنطيين لمصر كان جائر ًا‬
‫ظالمًا َّإلا أ َّنه ومع ثبوت ذلك فلا صحة لما يدعو إليه ال كثير من المعاصرين من‬
‫أنواع الظلم وأشكال التعذيب‪ ،‬كما أن استنجاد الأقباط بالمسلمين لغزو مصر لا‬
‫أن غزو مصر ما كان َّإلا ُّ‬
‫تهور ًا من عمرو وطمع ًا‬ ‫أصل له كذلك‪ ،‬فكما َّبي َّنا آنف ًا َّ‬
‫منه في خيراتها واستضعافًا منه لأهلها وليس كما جاء على الألسنة أن سبب‬
‫غزوه مصر كان لتخليص أهلها ورفع عنهم العذاب‪ ،‬ل َّ‬
‫كن هذا ليس هو الحق‪،‬‬
‫فالمصر يين رحبوا بالمسلمين وظنوا بهم خير ًا جاهلين نواياهم الخبيثة الم َّ‬
‫بطنة خفية ً․‬

‫غير أن دعوى الظلم لا أصل لها ولا سند‪ ،‬فجاء في كتاب أعلام العرب لعبد‬
‫العزيز بن مروان‪ ،‬رقم ‪ 70‬ص ‪ ،132‬ما مفاده من نفي صح ة ه ذا الادعاء‪:‬‬

‫لهذا لا نعجب اذ رحب المصر يون بالعرب واعتبروهم منق ذين لهم من‬ ‫"‬
‫حكم البيزنطيين الجائر․ على أننا لا نجد في المراجع القديمة ما يشير اليه بعض‬
‫المحدثين من أن الأقباط استنجدوا بعمر بن الخطاب لينقذهم من ظلم الروم‪،‬‬
‫أما فيما يختص بترحيب المصر يين بالعرب ففي المصادر القديمة اشارات كثيرة‬
‫تفيد هذا المعنى․ بل ان حناـ النقيوسي كتب أن المصر يين الذين تركوا الدين‬
‫[أعالم العرب رقم ‪ 70‬لعبد العزيز‬ ‫المسيحي وأس لموا صحبوا جيوش العرب في أثناء الفتح․"․‬
‫بن مروان (ط․ دار الكتاب العربي للطباعة والنشر) ص ‪․ [132‬‬

‫‪10‬‬
‫َّ‬
‫ولعل من أنواع المبالغة المفرطة ما ذكره المقريزي في خططه ج ‪ 1‬ص‬
‫‪( 186‬ط․ مكتبة بولاق) أ َّن أديرة وادي النطرون خرج منها عند قدوم عمرو‬
‫بن العاص رهبان عددهم سبعين ألف ًا طالبين منه الأمان على أنفسهم وأديرتهم․‬

‫فقد جاء في كتاب وادي النطرون ورهبانه وأديرته ومختصر تاريخ البطارك ة‬
‫(ط․ مكتبة مدبولي) ص ‪ 40‬ما نصه من مبالغة المقريزي ذكره عدد ُّ‬
‫الرهبان‪:‬‬

‫وعدد السبعين ألف راهب الذي ذكره المقريزي في عبارته الآنفة لاريب‬ ‫"‬
‫في أن فيه مبالغة كبيرة․ فقد روى المعاصرون كما سبق ذكر ذلك أنه لم يكن‬
‫يوجد في هذه المنطقة أكثر من ‪ 3500‬راهب في أواسط القرن السادس‬
‫الميلادي․ وأنه لما كان دميانوس بطريرك ًا أغار البربر على وادي النطرون ففر‬
‫منه رهبانه․ وأنه لما زاره بعد ذلك البطريرك بنيامين حوالي سنة ‪630‬م‪ ،‬أي‬
‫قبل الفتح العربي بعشرة أعوام‪ ،‬وجد به عددا ً قليلا من الرهبان بسبب العوائق‬
‫التي كانوا يلاقونها من البربر في سبيل تجمعهم من جديد․ بل يؤخذ من هذه‬
‫الرواية أن عدد الثلاثة آلاف والخمسمائة راهب الذين وجدوا في أواسط القرن‬
‫السادس الميلادي كان قد نقص كثيرا ً قبيل الفتح العربي․‬

‫وجاء في كتاب (تاريخ البطاركة ص ‪ )326‬أنه بعد الفتح العربي بقليل‬


‫أعيد بناء أديرة وادي النطرون بوساطة البطريرك بنيامين․ وكان ذلك في أواخر‬

‫‪11‬‬
‫ولاية عمرو بن العاص على مصر وقبل أن يخلفه عليها عبد الله بن سعد بن أبي‬
‫السرح سنة ‪26‬ه (‪647‬م) وقد زار البطريرك بنيامين وادي النطرون لتدشين‬
‫ال كنيسة الجديدة التي كان قد تم بناؤها على الجبل المقدس وهو مقر مقار‬
‫ال كبير في سفح الصخور التي بين قلالي الرهبان․ وكان قبل أن يذهب الى دير‬
‫[وادي النطرون ورهبانه‬ ‫أبي مقار للقيام بالمهمة التي أتى من أجلها زار دير البراموس․"․‬
‫وأديرته ومختصر تاريخ البطاركة (ط․ مكتبة مدبولي) ص ‪․ [40‬‬

‫فصل‬
‫دوانم عند غزو ِمرص‬
‫وع ِ‬‫ف وحشية المسلمني ُ‬
‫ِ‬

‫مما لا شك فيه هو أن غزو المسلمين لمصر لم يك قط متوشحًا رداء السلام والمحبة‬


‫إنما الوحشية وسفك الدماء كما في الروايات التار يخية فجاء في كتاب تاريخ العالم‬
‫القديم ليوحنا النقيوسي في الفصل ‪ 118‬ص ‪ 217‬و‪ 218‬ما نصه الجور في‬
‫الح رب والل دد في الخ صام وتذبيح المسلمين النساء والأطفال بلا عي ن رحم ة‪:‬‬

‫وأستولى المسلمون أيضا ً على نيقيوس‪ ،‬ولما دخلوها لم يجدوا بها ولا جنديا ً‬ ‫"‬
‫واحدا ً لمقاومتهم․‬

‫‪12‬‬
‫وكانوا يذبحون كل من قابلهم في الشوارع أو في الكنائس‪ ،‬رجالا ً ونساء ً‬
‫وأطفال ًا بدون رحمة․ ثم ذهبوا إلى أماكن أخرى حولها وخربوها‪ ،‬وقتلوا من‬
‫كان بها․‬

‫وقابلوا اسكواتاؤس ورجاله‪ ،‬في مدينة صا الذين كانوا من عائلته ثيؤدور‬


‫القائد الذين كانوا مختبئين في مزرعة كروم فذبحوهم․‬

‫والأفضل ا نصمت الآن‪ ،‬لأنه من المستحيل أن نقص هول ما حدث‬


‫من الجرائم التي ارتكبها المسلمون عندما احتلوا جزيرة نيقيوس يوم الأحد‪ ،‬في‬
‫اليوم الثامن عشر من شهر جويمبوت ‪ guembot‬في العام الخامس عشر من‬
‫الحول․‬

‫هذا بخلاف المشاهد التي حدثت في قيصر ية فلسطين (وهذا ما يقابله‬


‫‪ 25‬مايو عام ‪642‬م) (يظهر من النص أن الاستيلاء على قيصر ية فلسطين‬
‫حدث بعد احتلال قلعة بابليون أي بين شهري مايو وأغسطس سنة ‪614‬م‬
‫بعد حصار دام سبع سنوات وقتل فيها نحو سبع مائة روماني) وكان ثيؤدور‬
‫حاكم مدينة كيلواناس قد غادر هذه المدينة‪ ،‬وترك فيها حامية تحت قيادة إتين‬
‫لحراستها ولصد المسلمين ومضى هو إلى مصر․‬

‫وكان هناك أحد اليهود‪ ،‬الذي رافق المسلمين لمصر․ وبعدما أسقط المسلمون‬
‫أسوار مدينة قيصر ية فلسطين بعد جهد كبير‪ ،‬وإستولوا عليها ثم قتلوا آلافًا من‬
‫السكان والجنود‪ ،‬وحصلوا على غنيمة كبيرة‪ ،‬وأسروا نساء ً وأطفال ًا‪ ،‬وكان‬

‫‪13‬‬
‫يتقاسمونهم․ ثم تركوا المدينة خالية تماما ً وبعد ذلك مضوا إلى قبرص‪ ،‬حيث‬
‫[تاريخ العالم القديم ليوحنا النقيوسي (ت․ القمص بيشوي عبد المسيح) ف ‪ 118‬ص ‪․ [218–217‬‬ ‫قتلوا إتين ورجاله․"․‬

‫وقد جاء أيضًا في نفس الكتاب في الفصل ‪ 115‬ص ‪ 212–211‬ما مفاده‪:‬‬

‫ظل عمرو قائد المسلمين يناضل إثني عشر عاما ً ضد المسيحيين في شمال‬ ‫"‬
‫مصر‪ ،‬دون أن ينجح في فتح أقاليمهم․ وفي العام الخامس عشر (نحو سنة‬
‫‪642‬م) أثناء فترة الصيف تقدم نحو سخا ‪ ،Taukha‬میت دمسیس‬
‫‪ ،Damsus‬وكان قلقا ً آلا يسحق المصر يين قبل فيضان النيل․‬

‫ل كن كان من المستحيل أن يقبل على عمل مثل هذا ضدهم‪ ،‬وكان قد‬
‫صد في دمياط من قبل بعدما أراد أن يحرق ثمار الحقول بها․‬

‫لذلك مضى ليلحق بقواته الموجودة في قلعة بابليون مصر‪ ،‬وسلمهم كل‬
‫الغنائم التي حصل عليها بالاسكندر ية․‬

‫(وحقيقة ذلك أن المسلمين قاموا بسلب ونهب وتخريب منازل سكان‬


‫الاسكندر ية الذين كانوا قد هربوا․ فأخذوا ما تخلف من الخشب والحديد)‬
‫وأمر عمروا ببناء مم ٍر يربط قلعة بابليون بمدينة النهرين التي أمر بحرقها․ وعندما‬

‫‪14‬‬
‫أبلغ السكان بالخطر‪ ،‬حملوا ممتلكاتهم وهربوا‪ ،‬وتركوا المدينة حيث اشعل‬
‫المسلمون النار فيها․ ول كن عاد السكان وأطفأوها ليلا․ً‬

‫فاستدار المسلمون بعد ذلك إلى المدن الأخرى‪ ،‬فجردوا المصر يين من‬
‫[تاريخ العالم القديم ليوحنا النقيوسي (ت․ القمص بيشوي‬ ‫أملاكهم‪ ،‬ومارسوا ضدهم أعمال العنف․"․‬
‫عبد المسيح) ف ‪ 115‬ص ‪․ [211‬‬

‫وجاء أيضًا في كتاب غزو العرب لمصر للدكتور الفرد چ․ بتلر ص ‪ 264‬التالي‪:‬‬

‫عندما علم بذلك من المدينة في الليل وسار إلى (أبو يط)‪ ،‬ثم نزل في النهر‬ ‫"‬
‫بجنوده وجد هاربا ً إلى (نقيوس)‪ ،‬ولم يخبر أهل (أبو يط) بما كان منه من‬
‫ترك الفيوم لأعدائه لا دافع عنها أحد․ ولما بلغ نبأ (دومنتيانوس) وهر به إلى‬
‫عمرو بن العاص بعث كتيبة من جنده عبروا النهر‪ ،‬وفتحوا مدينتي (الفيوم)‬
‫و(أبو يط)‪ ،‬وأحدثوا في أهلها مقتلة عظيمة وأصبح ذلك الإقليم تحت الحكم‬
‫[كتاب غزو العرب لمصر للدكتور الفريد چ․ بتلر (ط․ مكتبة مدبولي) ص ‪․ [264‬‬ ‫الإسلامي منذ ذلك الحين․"․‬

‫ومن نهب المسلمين لمصر وسرقتهم خيراتهم عنوة ً ما رواه المقريزي في كتاب‬
‫المواعظ والاعتبار في الجزء الأول في ص ‪ 144‬ما نصه من سلب الخ يرات‪:‬‬

‫‪15‬‬
‫وعن هشام بن أبي رقية اللخمي‪ :‬أن عمرو بن العاص لما فتح مصر قال‬ ‫"‬
‫لقبط مصر‪ :‬إن من كتمني كنزا عنده فقدرت عليه قتلته‪ ،‬وإن قبطيا من‬
‫أرض الصعيد يقال له‪ :‬بطرس‪ ،‬ذكر لعمرو‪ :‬إن عنده كنزا فأرسل إليه فسأله‪،‬‬
‫فأنكر‪ ،‬وجحد فحبسه في السجن‪ ،‬وعمرو يسأل عنه‪ :‬هل تسمعونه يسأل عن‬
‫أحد؟ فقالوا‪ :‬لا‪ ،‬إنما سمعناه يسأل عن راهب في الطور‪ ،‬فأرسل عمرو إلى‬
‫بطرس‪ ،‬فنزع خاتمه‪ ،‬ثم كتب إلى ذلك الراهب‪ :‬أن ابعث إلي بما عندك‪،‬‬
‫وختمه بخاتمه‪ ،‬فجاء الرسول بقلة شامية مختومة بالرصاص‪ ،‬ففتحها عمرو‪ ،‬فوجد‬
‫فيها صحيفة مكتوب فيها‪( :‬ما ل كم تحت الفسقية «‪ »٤‬ال كبيرة) فأرسل عمرو‬
‫إلى الفسقية‪ ،‬فحبس عنها الماء‪ ،‬ثم قلع البلاط الذي تحتها‪ ،‬فوجد فيها اثنين‬
‫وخمسين أردبا ذهبا مصر يا مضروبة‪ ،‬فضرب عمرو رأسه عند باب المسجد‪،‬‬
‫فأخرج القبط كنوزهم شفقا أن يبغي على أحد منهم‪ ،‬فيقتل كما قتل بطرس․"․‬
‫[المواعظ واالعتبار بذكر الخطط واآلثار للمقريزي (ط․ دار الكتب العلمية) ج ‪ 1‬ص ‪․ [144‬‬

‫إن المسلمين في غزوهم مصر لم يفرقوا بين قبطي ورومي َّ‬


‫وذبحوا الكل سواء ً‬
‫فقد جاء في كتاب تاريخ مصر من بدايات القرن الأول ميلادي حتى نهاية‬
‫القرن العشرين من خلال مخطوطات تاريخ البطاركة في الجزء الأول ص ‪617‬‬
‫ما مفاده من الإجرام والتقتيل في حق الأبر ياء أذكياء الدماء من الروم القبط‪:‬‬

‫‪16‬‬
‫وقد كانت نيقوس معقلا من معاقل الدين القبطي‪ ،‬ولا شك أن الناس‬ ‫"‬
‫كانوا مع ما نزل بهم من الاضطهاد لا يزالون على عقيدتهم يضمرونها في‬
‫قلوبهم‪ ،‬ولو أظهروا الخروج منها تقية لما نالهم من عسف قيرس․ وكان العرب‬
‫في وقعتهم لم يفرقوا بين قبطي ورومي‪ ،‬وليس فيما وصلنا من أخبار ذلك لفظ‬
‫[تاريخ مصر من‬ ‫واحد يدل على أن القبط كان لهم شأن آخر في معاملة العرب․"․‬
‫بدايات القرن األول ميالدي حتى نهاية القرن العشرين من خالل مخطوطات تاريخ البطاركة (ط․ مكتبة مدبولي) ج ‪ 1‬ص ‪․ [617‬‬

‫َّ‬
‫ولعل من المدن ال كثيرة التي غزاها المسلمون عنوة ً مدينة البهنسا‪ ،‬فقد جاء في‬
‫كتاب فتح العرب لمصر للدكتور الفرد چ․ بتلر ص ‪ 254‬من الغزو عنوة ً التالي‪:‬‬

‫ثم أرسلت سر ية من الفرسان والرماة إلى العرب لتحول بينهم وبين السير‪،‬‬ ‫"‬
‫و يلوح لنا أن جنود العرب لم يقووا على أن يخلصوا ممن لاقاهم من الروم‪،‬‬
‫فعدلوا إلى جانب الصحراء وجعلوا يستاقون ما لاقوا من النعم‪ ،‬فأخذوا منها‬
‫عددا ً عظيما ً‪ ،‬وما زالوا كذلك حتى بلغوا مدينة اسمها البهنسا ففتحوها عنوة‬
‫[فتح العرب لمصر للدكتور الفرد چ․ بتلر (ط․‬ ‫وقتلوا من وجدوا بها من رجال ونسوة وأطفال․"․‬
‫مكتبة مدبولي) ص ‪․ [254‬‬

‫‪17‬‬
‫وليس هذا فقط‪ ،‬فالمسلمون لم يغزوا مصر بالاحتيال عنوة ً وعنف ًا فحسب‬
‫إنما لم يكن عندهم آداب الحصار فعند مجيئهم للحصار إما يضطرون للمهاجمة‬
‫وفتح الأبواب أو أن يضطروا أهلها جوعًا حتى ينزلوا إليهم مستسلمين بلا رأفة․‬

‫فقد جاء في كتاب فتح العرب لمصر للدكتور الفرد چ․ بتلر ص ‪ 243‬ما مفاده‪:‬‬

‫ولم يكن عند العرب الذين جاءوا مع عمرو شيء من عدة الحصار‪ ،‬ولم‬ ‫"‬
‫يكن لهم علم بطرقه‪ ،‬وما كانوا ليستولوا على المدينة إلا بالمهاجمة وفتح الأبواب‪،‬‬
‫[فتح العرب لمصر للدكتور الفرد‬ ‫أو بالصبر عليها إلى أن يضطر الجوع أهلها أن ينزلوا إليهم․"․‬
‫چ․ بتلر (ط․ مكتبة مدبولي) ص ‪․ [243‬‬

‫ففتح المسلمين مصر عزيزي القارء ما كان تحايل ًا من عمرو بن العاص‬


‫على عمر بن الخطاب فحسب‪ ،‬بل طمع ًا منهما كلاهما في خيراتها واستضعافًا‬
‫لأهلها وعليه فغزوهم ما كان متوشحًا رداء الرحمة والعدل إنما الطمع والجشع‬
‫فتقتيلهم الأبر ياء وغزوهم البلاد عنوة ً ما كان َّإلا تطبيق ًا لما جاء في شر يعة‬
‫دينهم الجائرة وسنة نبيهم الظالمة حقوق الناس وهم إنما َّيتبعونه ظلال ًا وباطل ًا․‬

‫تتمَّة كِـتابِ الـتحبري وَاحلَمدُ هلل العلِيِّ الكَـبريِ‬

‫‪18‬‬
‫ُ‬
‫ص‬ ‫ة‬ ‫ص‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬
‫ق ا مرا ع ا ور ف ل‪:‬‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ح‬‫ل‬‫م‬

‫أ‬
‫الول‬
‫ُ‬
‫ص‬ ‫ة‬ ‫ص‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬
‫ق ا مرا ع ا ور ف ل‪:‬‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ح‬‫ل‬‫م‬

‫الثاين‬
‫ُ‬
‫ص‬ ‫ة‬ ‫ص‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬
‫ق ا مرا ع ا ور ف ل‪:‬‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ح‬‫ل‬‫م‬

‫الثالث‬
‫ُ‬
‫ص‬ ‫ة‬ ‫ص‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ل‬
‫ق ا مرا ع ا ور ف ل‪:‬‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ح‬‫ل‬‫م‬

‫الرابع‬
0000000
0000000
0000000
0000000
0000000
0000000
0000000
0000000
0000000

You might also like