Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 214

‫‪‬‬

‫ويف بمىازش كانت لها أيام‪...‬‬

‫الشيخ‬

‫أبو قتادة الفمسطيين‬


‫عىس بو حمىود أبو عىس‬

‫الهاشعات‬
‫ذو احلجة ‪4445‬يـ‬
‫‪‬‬
‫سبهيد‪ْ ..........................................................................‬‬
‫كيف بلمارش كانت لنا أايـ‪ٕ .......................................................‬‬
‫ملحق (ُ)‪ :‬تدكينات متفرقة عن السجن يف قناة «تلغراـ» ‪َُٓ .......................‬‬
‫تعاطف طبقي‪ُُٓ ...............................................................‬‬
‫قصص مع غَت مسلمُت يف السجن الربيطاين (ُ) ‪ُِٓ ..............................‬‬
‫قصص مع غَت مسلمُت يف السجن الربيطاين (ِ) ‪ُٕٓ ..............................‬‬
‫قصص مع غَت اؼبسلمُت يف السجن الربيطاين (ّ)‪ُُٔ ..............................‬‬
‫قصص مع غَت اؼبسلمُت يف السجن الربيطاين (ْ)‪ُٔٔ ..............................‬‬
‫قصص مع غَت اؼبسلمُت يف السجن الربيطاين (ٓ)‪َُٕ ..............................‬‬
‫قصص مع غَت اؼبسلمُت يف السجن الربيطاين (ٔ)‪ُْٕ ..............................‬‬
‫اػبياؿ كاؼبدارؾ العقلية‪ُٕٖ ........................................................‬‬
‫حفل يف الفاتيكاف لتنصيب ماكركف كاىننا كاثوليكيا ‪َُٖ ............................‬‬
‫من اتريخ بيتنا اإليباين‪ُّٖ ........................................................‬‬
‫البالء ال يستأنس‪ُٖٔ ............................................................‬‬
‫جلباب‪ُٖٕ ........................................................‬‬
‫الشيطاف يلبس ن‬
‫ذبربة فيها العظات‪َُٗ ...........................................................‬‬
‫أبناء اؼبسلمُت يف الغرب‪ُٗٓ ......................................................‬‬
‫ملحق (ِ)‪ :‬رسالتاف‪ُٖٗ .........................................................‬‬
‫رسالة من رشيد رمدة ‪ُٗٗ ........................................................‬‬
‫بذكب ‪َِٓ ...........................................................‬‬
‫رسالة من ذى ي‬
‫ملحق (ّ)‪ :‬صور من األصل اػبطي ‪َُِ ..........................................‬‬
‫‪‬‬
‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ‬

‫كتابة اليوميات كاؼبذكرات من جنس الكتابة اؼبىهجورة بُت طبقة العلماء‬


‫ببدع من الفعل و‬
‫دخيل علينا‪ ،‬فقد حقق جورج‬ ‫كطلبة العلم‪ ،‬مع أهنا ليست و‬
‫أقد ىـ «يوميات» كصلت إلينا ىي «يوميات ابن البناء اغبنبلي»‬
‫مقدسي أف ى‬
‫‪-‬كىي مطبوعة‪ -‬على خالؼ ما كاف ييظن من أنو فن أكركيب اؼبنشأ(ُ)‪،‬‬
‫كتتابع ىذا النوع من الكتابت كفيقد معظمو‪ ،‬كفبا كصلنا كطيبع «التعليق‪:‬‬
‫يوميات شهاب الدين أضبد بن طوؽ الشافعي» كىي يوميات نفيسة يف‬
‫بهبا‪ ،‬حرص صاحبها على التدكين مياكمةن‪ .‬أما اؼبذكرات فمن أقدمها‬
‫«االعتبار» البن منقذ‪.‬‬
‫زىد‬ ‫سابق مط و‬
‫ركؽ يف تراثنا ى‬ ‫كعلى ىذا‪ ،‬قد جاءت الورقات على و‬
‫قانوف و‬
‫كعرب ك ًعظات‪،‬‬
‫فيو بعضهم يف أايمنا‪ ،‬مع أنو ال ىبلو من فوائد كنيكت‪ً ،‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪George Makdisi, “The Diary in Islamic Historiography: Some Notes”,‬‬
‫‪History and Theory, Vol. 25, No. 2, May 1986. p.173-185.‬‬
‫أغبقت بلنشرة العربية من يوميات ابن البناء‪.‬‬
‫كقد طيبعت مًتصبةن ك ى‬
‫فضال عن أنبيتو التارىبية‪ ،‬إذ قد تيسجل فيو شهادات على أحداث خفية‬
‫ن‬
‫ًتجم لرجاؿ يغفل عنها كعنهم اؼبؤرخوف‪.‬‬
‫كيي ى‬

‫اؽ كتبها الشيخ أبو قىتادة يف سجن «بلمارش» يف لندف‪،‬‬


‫فهذه أكر ه‬
‫يسجل فيها بعض يومياتو يف السجن‪ ،‬كما سبق االعتقاؿ من أحداث‪ ،‬كما‬
‫ً‬
‫كىشاشة‬ ‫انكشف ؽبم من حقيقة «بالد القانوف»‬ ‫عاينوهي من ظلم‪ ،‬كما‬
‫ى‬
‫قشرهتم‪.‬‬
‫*****‬
‫ً‬
‫عملنا يف مؤسسة «النازعات» على تفريغ الكراسات األصلية اليت‬
‫كصلتنا من أحد األفالل‪ ،‬مث حرران نصها كراجعناىا هتيئةن للنشر‪ ،‬من ذلك‬
‫أان أثبتنا بعض الكلمات ‪-‬فبا سها عنو القلم‪ -‬ؼبناسبة السياؽ كليكتمل‬
‫اؼبعٌت‪ ،‬كألفنا أصل اؼبفردات األعجمية‪ ،‬كأظباء بعض السجوف كبعض‬
‫األلفاظ الدارجة يف السجن‪ ،‬كجعلنا ذلك كلو بُت معكوفُت [ ]‪.‬‬
‫كألفنا إذل «اليوميات» ن‬
‫ملحقا صبعنا فيو ما دكنو الشيخ يف قناتو يف‬
‫«تلغراـ» ‪-‬يف و‬
‫أشهر مضت‪ -‬فبا يتعلق بلباب‪ ،‬حىت تكتمل صورة ؿبنة‬
‫السجن من جوانبها‪ ،‬فنرجو أف نكوف يكفًٌقنا لذلك‪ .‬كقد مت منها ما ؾبموعو‬
‫أربعة عشر تدكينة ـبتلفة اؼبواليع كإف تشابوى بعضها مع ما ذكر من‬
‫يوميات ىنا‪.‬‬
‫كأغبقنا هبا كذلك رسالتُت أرسلهما أسَتاف إذل الشيخ فيهما دعاء‬
‫كتثبيت كذكر و‬
‫لشيء يسَت من أحواؽبما‪.‬‬
‫حقا لصور من كراسة الشيخ اليت خط فيها يومياتو مع‬ ‫ً‬
‫كزدان إذل ذلك مل ن‬
‫إخوانو‪.‬‬

‫كتثقيال ؼبوازينهم‪ ،‬كبقية أسرل‬


‫ن‬ ‫جعل هللا تلك ًاؼبحنة ز ن‬
‫ايدة يف حسناهتم‬
‫صبيعا‪.‬‬
‫اؼبسلمُت‪ ،‬أحسن هللا خالصهم ن‬

‫الهاشعات‬
‫ويف بمىازش كانت لها أيام‪...‬‬
‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ‬
‫كبو نستعُت‬

‫اغبمد هلل رب العالىمُت كالصالة كالسالـ على النيب األمُت كعلى آلو‬
‫كصحبو أصبعُت‪.‬‬
‫أتقن الغرب الكافر فبارستو منذ‬
‫بعد سنُت من الكذب ىاؼبستور الذم ى‬
‫اغبرب العالىمية الثانية‪ ،‬قرركا بعد أحداث «نيويورؾ ككاشنطن» أف يوقفوا‬
‫كثَتا من صور التزكير كاػبداع كأف يتعاملوا بولوح يتالءـ مع حقيقتهم؛‬
‫ن‬
‫فاهنارت أكثر من طبسُت سنة من دعول الديبقراطية كاؼبساكاة كحقوؽ‬‫ى‬
‫اإلنساف‪.‬‬
‫كانت ىذه السنوات ىي اليت تلت اغبرب األكركبية الكربل الثانية كاليت‬
‫تسمى بلكونية أك العالىمية‪ ،‬كىي عالىمية من جهة اتًٌساع أرلها‪ ،‬لكن دل‬
‫يكن اؼبتحاربوف سول األكربيُت فقط‪.‬‬
‫اهنارت سنوات اػبداع‪ ،‬كظهر الكفر يف الغرب كالشرؽ على حقيقتو‪،‬‬
‫رقيق‪ ،‬فكاف أف يس ًج ىن الشباب اؼبسلم‬
‫كرؽ و‬ ‫و‬
‫كبيوت من و‬ ‫كتالشت أكاذيبهم‬
‫‪6‬‬
‫كمنًعوا من أبسط‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫و‬
‫أقفاص حديدية من غَت ؿباكمة يف «غوانتنامو»‪ ،‬ي‬ ‫يف‬
‫اغبقوؽ اليت يتشدؽ هبا الكافركف‪ ،‬كدل ييعد ما ييسمى بتجمع «األمم‬
‫اؼبتحدة» إال أكذكبةن ن‬
‫حقَتة ظهر زيفها‪.‬‬

‫معا ًٌ‬
‫التغٍت دبآثرىا اإلنسانية من‬ ‫يف بريطانيا كاليت وبلو للسذج كاػببثاء ن‬
‫إنساف كاف سقوط القناع كذلك حيث صدرت قوانُت‬ ‫و‬ ‫ديبقر و‬
‫اطية كحقوؽ‬
‫سريعةه من برؼباهنم (اإلنساين كالديبقراطي!!) زبجل من إعالهنا كفضحها‬
‫صدر قانوف ما ييسمى‬ ‫طغياان كظلما؛ ففي مدةو قصَتةو‬
‫ن‬ ‫أشد الدكؿ‬
‫ى‬ ‫ن‬
‫بػ«اإلرىاب»‪ ،‬كىو ه‬
‫قانوف ييعطي السلطات األمنية يف البالد حق احتجاز‬
‫كقذارة‪ ،‬من غَت‬
‫ن‬ ‫سوة‬
‫أشد السجوف قى ن‬‫مدة غَت ؿبدكدةو يف ًٌ‬
‫«األجانب!» ن‬
‫ؿبكمة كال قرار قيضاةو‪.‬‬
‫و‬
‫كيوقن دبا حكاهي القرآف عن أعداء هللا من‬
‫ي‬ ‫يعلم‬
‫مسلما ي‬
‫ال أتصور أف ن‬
‫ص ًد ىـ هبذه القوانُت‪ ،‬كلكن ىمن كاف ن‬
‫جاىال‬ ‫و‬ ‫و و‬ ‫و‬
‫نفسية حاقدة كاذبة مراكغة قد ي‬
‫هبذا ىو اؼبىصدكـ‪ ،‬كحصلت لو اؼبفاجأة‪ .‬كأما اؼبىفتونوف بلغرب ديننا كشريعةن‬
‫نفذا يف نفوسهم لتربير ىذه القوانُت ىاؼبفضوحة‪.‬‬
‫عد ىـ الشيطاف ىم ن‬
‫فلن يى ى‬

‫‪7‬‬
‫كنت معنيا هبذا القانوف بعتبار أنو موجوه رل كألمثارل‪ ،‬بل دل يزب ً‬
‫ف كزارة‬ ‫ي ى‬
‫الداخلية يف حديثها مع الصحفيُت يف إنكلًتا أف اؼبقصود هبذا القانوف قلةه‬
‫رجال كأان معهم‪ ،‬بل اغبمد هلل أكيؽبم‪.‬‬
‫ال تزيد عن العشرين ن‬
‫لو على ؾبلس‬ ‫و‬ ‫و‬
‫القانوف بسرعة عجيبة مث ىعىر ى‬
‫ى‬ ‫عندما أقىػر الربؼباف الربيطاين‬
‫اللوردات فاستنكره اجمللس كرده‪ ،‬فهدد رئيس الوزراء أف القانوف سيأخذ‬
‫طر ىيقو للتنفيذ من غَت إقرار ؾبلس اللوردات كوف ىذا اجمللس غَت ديبقراطي!‬
‫كغَت يمنتى ىخب‪ ،‬كرئيس الوزراء ىو من حزب العماؿ كمن برامج ىذا اغبزب‬
‫أف يوب ًٌوؿ طريقة اختيار ؾبلس اللوردات عن طريق االنتخاب كليس بتعيُت‬
‫كه‬
‫القانوف إذل ؾبلس اللوردات أقىػر ي‬
‫ى‬ ‫أعاد ؾبلس العموـ (الربؼباف)‬
‫اؼبلكة‪ ،‬فلما ى‬
‫صورم إبلافة ؿبكمة اؼبتػهم بسري وة كمن غَت يؿب واـ لتربير س ً‬
‫جنو‪.‬‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫وٌ‬ ‫مع و‬
‫تعديل‬
‫غالب اإلخواف‬ ‫ً‬
‫أيقر القانوف يف آخر أسبوع من رمضاف ُُِْق‪ ،‬كتوقع ي‬
‫يوـ األحد‪ ،‬فكاف‬
‫أف ييطبق عقب عيد الفطر مباشرةن‪ ،‬إذ جاء العيد حينها ى‬
‫كقع‪ ،‬إال أف إصرار اإلخوة على‬
‫يػيتىػ ىوقع أف يبدأ تطبيقو يوـ الثالاثء‪ ،‬كىذا ما ى‬
‫اختفائي ىعقب صالة العيد كعدـ ظهورم يف البيت أىج ىل اعتقاؿ اإلخوة‬
‫إذل يوـ األربعاء‪ ،‬كالعجيب أف كسائل اإلعالـ ربدثت يوـ الثالاثء عن‬

‫‪8‬‬
‫و‬
‫اعتقاالت يف صفوؼ الشباب اؼبسلم يف بريطانيا‪ ،‬كاغبقيقة ليست‬ ‫موجة‬
‫يوما بعد االختفاء‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬كىذا يدؿ على أف القرار أتج ىل ن‬
‫مستأجرةو‪ ،‬كخطبت كأان يف اإلخواف‪ ،‬كفوجئت‬ ‫العيد يف و‬
‫قاعة‬ ‫يت ى‬
‫ى‬ ‫صل ي‬
‫عتقل هبذا القانوف‬
‫ببعض اإلخوة يتقدـ إرل كيطلب مٍت االختفاء حىت ال أي ى‬
‫الديبقراطي!‬
‫آخر‪ ،‬كلكن تعطل ىذا اؼبراد‪ ،‬كرأيتو‬
‫دل يكن ىذا ترتييب‪ ،‬بل كاف رل يمر هاد ى‬
‫تسمح رل بغبديث عن ىذا‬
‫يتالشى من أمامي‪ ،‬كلعل ظركفنا أخرل ى‬
‫الًتتيب‪.‬‬
‫بيوت عدةو‪ ،‬كال يسمح‬ ‫أشهر ًٌ‬
‫متنق نال يف و‬ ‫بلفعل‪ ،‬قمت بالختفاء عشرة و‬
‫أقوؿ التارل‪:‬‬ ‫ً‬
‫أكلاعو‪ ،‬إال أف ى‬
‫الظرؼ اآلف بغبديث عن االختفاء ك‬
‫ظبعت الكثَت من التعليقات اؼبيحزنة‪ ،‬ككانت ىي األشد على نفسي‪،‬‬
‫ي‬
‫كلألسف كانت من مسلمُت كعاملُت لدين هللا تعاذل‪ ،‬كبعضها كاف من‬
‫بوف يف و‬
‫مؤمن إال كال ذمةن‪ ،‬كسأذكر أنبها‪:‬‬ ‫األغيار فبن ال يىرقي ى‬
‫مت نفسي‪،‬‬
‫قاؿ بعض اإلخواف‪ :‬إف اختفائي غلط‪ ،‬بل األفضل لو سل ي‬
‫السجن للمسلم خَته لو إف كاف بسبب العمل‬
‫ى‬ ‫دليال على ىذا أف‬
‫كجعلوا ن‬
‫لدين هللا تعاذل‪.‬‬

‫‪01‬‬
‫بت ؽبذه الطريقة من‬ ‫ً‬
‫كقائل ىذا القوؿ فيما أعلم قلةه‪ ،‬كلكٍت ىعج ي‬
‫ي‬
‫التفكَت‪ ،‬فالسجن يف ذات هللا تعاذل‪ ،‬كال شك نعمةه‪ ،‬كىو كذلك ابتالءه‪،‬‬

‫مالزما لطريق ًٌ‬


‫اغبق؟‬ ‫أمرا قى ىدراي ن‬
‫فهل ىبتار اؼبسلم االبتالءى بنفسو أىـ يق يع عليو ن‬
‫ىذا ما ال يستوعبو بعض اؼببتدئُت‪.‬‬
‫اؽبركب ليس أبقل ؿبنةن من السجن‪ ،‬كما جربت‬ ‫مث إف االختفاء ك ى‬
‫االثنُت؛ فإف االختفاء كالفرار من عُت الكافرين لو لريبةه شديدةه‪ ،‬كفيو ًؿبى هن‬
‫انب‬
‫القيد‪ ،‬كإف كاف السجن أشد يف جو ى‬ ‫أشد يف جوانبها من السجن ك ى‬
‫كل لو لريبةه كمشقةه‪ ،‬كلكن فيما أعلم من قائل ىذا‬
‫فالقصد‪ :‬ه‬‫أخرل‪ ،‬ى‬
‫القوؿ كرغبتو بتحقيق بعض اؼبصاحل ىو الذم يدفعو ؽبذا القوؿ‪ ،‬كىو طلب‬
‫السجن على االختفاء‪ .‬كهللا أعلم بؼبقاصد كالنيات‪.‬‬
‫صادرا على جهة التخطئة رل‬
‫قليال حُت يكوف ن‬
‫كلكن ىذا القوؿ يؤذيٍت ن‬
‫كليس من بب الفالل كاؼبىفضوؿ‪.‬‬
‫اعتقد أف ىركيب ىو برلا جهات األمن‬‫ى‬ ‫ىناؾ من اؼبسلمُت ىمن‬
‫التصرؼ ؽبم‪ ،‬كلكن ىم ال يريدكنٍت‪.‬‬
‫ي‬ ‫كشوؼ اؼبكاف ك‬
‫ي‬ ‫الربيطاين‪ ،‬كأين ىم‬
‫نعم‪ ،‬ىم لدينهم ككرعهم ال يتهمونٍت بلتواطؤ‪ ،‬كلكن ىكذا ي ً‬
‫فسركف‬
‫ي ٌ‬
‫اغباؿ‪.‬‬

‫‪00‬‬
‫كاغبق أف بعض قائلي ىذا القوؿ ىو فبن كاف يقوـ خبدميت كالعناية يب‬
‫و‬
‫نفسية أك‬ ‫أحدث آاثرا سيئةن يف سواء من و‬
‫جهة‬ ‫خَتا‪ ،‬كىذا القوؿ‬
‫ن‬ ‫ى ن‬ ‫جزاىم هللا ن‬
‫و‬
‫عملية‪.‬‬
‫شعورؾ أنك صغَته لدرجة أف‬‫ى‬ ‫و‬
‫جهات منها‪:‬‬ ‫أما آاثره النفسية‪ ،‬فمن‬
‫هدا أك مشقةن‪،‬‬‫ب يج ن‬‫عمال يتطل ي‬
‫ب بك الكفار‪ ،‬كذلك حُت يسبارس ن‬ ‫يػىتىػلىع ى‬
‫أقصد االختفاء‪ ،‬كىو مع ذلك يمراد أعدائك منك‪ ،‬كىذا ما كاف هبعلٍت يف‬
‫أظهر حىت لو كاف فيو ىسجٍت ألزبلص‬ ‫و و‬
‫مرات كثَتة أقًتب من االقتناع أف ى‬
‫اعوف ىذه‬
‫من ىذا الشعور اؼبيتعب كالقاسي‪ ،‬كلألسف دل يكن اإلخواف يير ى‬
‫انب النفسيةى علي‪ ،‬بل بعض األحبة كاف يتكلم عن إخفائي أمامي‬
‫اعبو ى‬
‫أصال ال‬
‫خَتا رل ألف الكفار ن‬
‫كأنو مهزلةه ال قيمةى ؽبا‪ ،‬لو ظهرت لكاف ن‬
‫يريدكف ىسجٍت‪.‬‬
‫أدافع عن رأيي‬ ‫أف‬ ‫نفسي‬ ‫على‬ ‫ل‬‫ق‬
‫ي‬ ‫أل‬
‫ى‬ ‫كاغبق أف أشق و‬
‫شيء على النفس أك ً‬
‫ى‬
‫اؼبيضاد ؽبذا القوؿ ألف بعض ما سأتكلم بو سيحملو بعضهم على أين‬
‫الس ًٌم ي‬
‫أىوف منو!‬ ‫شرب ي‬
‫أيعطي لنفسي قيمةن كأنبيةن‪ ،‬كمثل ىذا ي‬

‫‪01‬‬
‫كلذلك كنت أظبع ىذا الكالـ‪ ،‬كأبتسم كأسكت‪ ،‬كيف القلب ىغصةه ال‬
‫كيشه يد هللا أف آاثرىا ما زالت عالقةن يف نفسي‬
‫يعلم مداىا إال هللا تعاذل‪ ،‬ى‬
‫ي‬
‫إذل اليوـ‪.‬‬
‫كمن آاثرىا العملية أهنا خففت درجة اغبًيطة كاغبذر عندم كعند‬
‫اإلخواف القائمُت على اختفائي‪ ،‬كأقوؿ عندم أان مع عدـ اقتناعي بو‪،‬‬
‫عارلا كما‬
‫كلكن اإلنساف ىو الكلمة كالظرؼ‪ ،‬كمهما كاف اإلنساف يم ن‬
‫يقاؿ‪ ،‬فإنو سيتأثػر منو و‬
‫بوجو من الوجوه‪ ،‬فإذا كاف عندم كذلك كأان‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫اآلخرين؟ كلألسف ىذا التخفف ىو‬
‫سيكوف عند ى‬
‫ي‬ ‫صاحب الشأف‪ ،‬فكيف‬
‫األمن الربيطاين إذل مكاين كـببئي‪ ،‬كليس ألهنم‬
‫أكصل ى‬‫ى‬ ‫الذم (يف ًٌ‬
‫ظٍت)‬
‫عباقرةه كال ىىب ىفى عليهم خافيةه كما يظن بعض اعبهلة‪.‬‬
‫صمنا منا‪ ،‬كليس بذكائو‪ ،‬فهو أصربي منا يف‬
‫فإنو أبخطائنا يتمك ين ىخ ي‬
‫جبانب فيو إاثرةه لقضااي و‬
‫مهمة عندان‬ ‫الوصوؿ إذل أىدافو حُت يتعلق األمر و‬

‫كليس كذلك عنده‪ ،‬فلألسف قضيةي شعوران أبنبية ما نعمل قليلةه كخاصةن‬
‫أعُت األعداء‪ ،‬إذ دل ييعد ييرلينا‬‫بوجود اؼبستهزئُت هبا‪ ،‬مع أهنا عظيمةه يف ي‬
‫كيعيش بيننا‪ ،‬كإف ربدث اؼبرء هبا اهتً ىم‬
‫ي‬ ‫شيءه كليس يف عيوننا شيءه لو قيمةه‬
‫دكما إذل ما شاء هللا تعاذل‪ ،‬بل‬‫بلغركر كتىعظيم النفس‪ ،‬كىي حالةه ستتكرر ن‬

‫‪02‬‬
‫أجزـ أهنا ستتكرر معي أان‪ ،‬كقد صلًيت بنارىا حُت يكوف رأيي يف و‬
‫قضية‬ ‫ي ي‬
‫أبمر ىبصٍت كيوجد ىمن سيت ًه يمٍت أف سبب ىذا الرأم ىو غركرم‬
‫تتعلق و‬
‫كتىعظيمي لنفسي‪.‬‬
‫كلعل حادثة «الفنية العسكرية» كما جرل قبلىها بُت كارـ األانلورل‬
‫رض العملية على‬‫ارنما ىع ى‬ ‫كصاحل سرية ‪ ،‬تكشف ذلك؛ كذلك أف ىك ً‬
‫كاروـ إال ًٌاهت ىاـ األمَت بعبينب‬
‫األمَت صاحل سرية فرفضها‪ ،‬فما كاف من ً‬
‫كاػبوؼ على الزكجة كاألكالد‪ ،‬كعدـ ؿببة الشهادة كاؼبوت يف سبيل هللا‬
‫تعاذل‪ ،‬فما كاف من األمَت إال أف قىبًلىها كىو يردد أهنا لن تنجح و‬
‫مئة بؼبئة‪،‬‬
‫أبسط القواعد العسكرية‪.‬‬ ‫و‬
‫ألهنا غَت عملية‪ ،‬كال تتالءـ (أم العمليةي) مع ى‬
‫األلعف يف العمل اإلسالمي لألسف‪ ،‬كىو ًٌ‬
‫االهت ياـ‬ ‫ي‬ ‫بب ىو‬
‫كلكن ىذا ه‬
‫نعجيز عن اغبديث عن الصواب كاػبطأ‪.‬‬
‫بلنيات حُت ى‬
‫اؼبهم أف بعض اإلخواف كأان لألسف صران نتعامل مع اختفائي كأنو غَت‬
‫و‬
‫موجود‪ ،‬فتحللنا من و‬
‫كثَت من القواعد األمنية إذل درجة نسياهنا‪ ،‬كيف النهاية‬

‫كقع أف قيبًض علي‪ ،‬كاغبمد هلل ًٌ‬


‫رب العالىمُت‪.‬‬ ‫ى‬
‫العلمانية بل األجنبية كذلك‪ ،‬ىمن‬
‫ىناؾ من اػبصوـ‪ ،‬كخاصةن الصحافة ى‬
‫أصدرت ؾبلة‬ ‫و‬
‫جعلت اختفائي ؾبرد صفقة بيٍت كبُت األمن االنكليزم‪ ،‬ك ى‬

‫‪03‬‬
‫«التايبز» األمريكية ن‬
‫كالما لبعض اػبرباء (!!) األمنيُت يف أمريكا كفرنسا أف‬
‫موجود يف و‬
‫بيت يف مشاؿ‬ ‫ه‬ ‫االختفاء ىو صفقةه‪ ،‬بل أف أب قىتادة ىو اآلف‬
‫بريطانيا كربت اغبماية األمنية مقابل أف أتوقف عن دعم العمل اعبهادم‬
‫كالتحديث بو‪ ،‬بل سبادل بعضهم أف جعلٍت ربت ضبايتًهم من تنظيم‬
‫«القاعدة»‪.‬‬
‫الصحف العربية دل تفعل شيئنا سول الًتصبة العجيبة لً ىما تكتبو الصحف‬
‫فمثال قالت صحيفة «األيبزيرفىر ‪ »]The Observer[ -‬الربيطانية‬
‫الغربية‪ ،‬ن‬
‫شوىدت فيها كاف يوـ اعبمعة يف بصي‪ ،‬فقاـ اؼبًتجم‬ ‫آخر و‬
‫مرة‬ ‫أف ً‬
‫ي‬
‫«األمُت!» يف صحيفة «القدس العريب» أف جعل الكالـ على النحو التارل‪:‬‬
‫«كأف جَتاف أيب قىتادة صرحوا أف آخر مرةو ً‬
‫شوى ىد فيها [يوـ] أف جاءىت‬
‫حافلةه كضبلتو مع عائلتو»‪ .‬كالكالـ يف إطار الصفقة مع األمن الربيطاين‪.‬‬
‫العجيب أف ىذه الصحف كاف بستطاعتها لو سألت أم قر و‬
‫يب مٍت‬ ‫كى‬
‫عيشوف‬
‫اتصاؿ هبم) لعلموا أف أىلي (زكجيت كأكالدم) يى ى‬
‫ه‬ ‫عرفوهنم كؽبم‬
‫(كىم يى ى‬
‫بُت الناس كأف أكثىر أكالدم دل يتوقفوا عن الذىاب إذل اؼبدرسة‪ ،‬كىي‬
‫مشهورةه كمعركفة‪ ،‬كلكن سوء النيات حُت يكوف اغبديث عن و‬
‫مسلم ىو‬
‫العلمانيُت‪.‬‬
‫اغباكم كالقائد لتصرفات ىؤالء ى‬
‫ي‬
‫‪04‬‬
‫بياان كذبت بو تقرير «التايبز»‬
‫كيف السياؽ أصدرت الداخلية الربيطانية ن‬
‫الكذكب كيف القضااي األىمنية أيمنيةه بعيدة ىاؼبناؿ‪.‬‬
‫كلكن تصديق ى‬
‫مٍت عقد و‬
‫لقاء مع صحيفة‬ ‫أخ كطلب ًٌ ى‬ ‫قبل اعتقارل أبسبوعُت زارين ه‬
‫«الشرؽ األكسط»‪ ،‬كقد أطلىعتيوي على قصيدة « ًسيني وة» كتبتها يف مدح رجاؿ‬
‫اعبهاد‪ ،‬فرغب يف نشرىا يف الصحف‪ ،‬كبلفعل‪ ،‬عقدت اللقاء مع صحيفة‬
‫«الشرؽ األكسط»‪ ،‬كنشرت القصيدة يف صحيفة «القدس العريب» يف لندف‪،‬‬
‫و‬
‫ساذجة لو قيلىت لى ىدلت‬ ‫ككاف إرساؿ اللقاء إذل «الشرؽ األكسط» بطر و‬
‫يقة‬
‫و‬
‫احتياط أمٍت‪.‬‬ ‫كصلت إليو من ترؾ أم‬ ‫بكل ما فيها على ما‬
‫ي‬
‫كيف نفس الوقت رغب بعض الشباب يف إصدار شر و‬
‫يط دبناسبة و‬
‫عاـ على‬
‫أحداث «ُُ سبتمرب» يف نيويورؾ ككاشنطن‪ ،‬كنشره يف االنًتنت‪ ،‬كقد‬
‫فعلت‪ ،‬كطريقة نشرىا تدؿ عليو طريقة إيصاؿ اللقاء «للشرؽ األكسط»‪.‬‬
‫قلت بسبب زايرة‬
‫كلألسف‪ ،‬ىناؾ ىمن نشر ‪-‬كيف الصحف‪ -‬أين اعتي ي‬
‫مفتوحا فبا سه ىل على األمن معرفة‬
‫ن‬ ‫أبقت اؽباتف النقاؿ‬
‫زكجيت رل‪ ،‬حيث ى‬
‫أبدا‪.‬‬
‫صحيح ن‬
‫و‬ ‫مكاف كجودم‪ ،‬كىذا غَت‬

‫‪05‬‬
‫قلت كاف األىل (الزكجة كاألكالد) عندم‪ ،‬كلكن دل يكن‬‫نعم‪ ،‬لىما اعتي ي‬
‫ىاتف نق واؿ(ُ)‪.‬‬
‫مع أحدىم أم و‬
‫ئلت‪« :‬إذف كيف يعرؼ مكانك؟»‪.‬‬
‫لو يس ي‬
‫سهل‪ :‬أين يف األايـ األخَتة‪ ،‬كلكثرة الكالـ عما تقدـ من أين‬‫فاعبواب ه‬
‫و‬
‫بسهولة‬ ‫نسيت نفسي فوصلوا إرل‬ ‫معركؼ اؼبكاف كلكن ال يريدكنٍت‪،‬‬‫ي‬
‫ي‬
‫كيسر‪ ،‬كليس بعبقريتً ًهم‪ ،‬كال ألهنم ال ىزب ىفى عليهم خافيةه يف لندف‪ ،‬كما‬
‫و‬
‫و‬ ‫و‬
‫كتب أحدىم يف صحيفة غَت ؿبًتمة‪ ،‬كلكن اغبمد هلل ًٌ‬
‫رب العالىمُت على‬
‫كاؿ حاؿ‪.‬‬
‫حيث صليت‬
‫ي‬ ‫يف ِّ‪ ،ََِِ/َُ/‬كيف الساعة السابعة كالنصف‬
‫سورة «الكهف»‪،‬‬ ‫اؼبغرب مع األىل كاألكالد بعد أف ظب ىع ثالثةه منهم رل ى‬
‫فطلبت من الولد (قىتادة)‬
‫ي‬ ‫طارؽ على الباب‪،‬‬
‫قليال‪ ،‬كإذ ه‬
‫جلسنا للحديث ن‬
‫األمر كاف غريبنا مع تواصل الطرؽ‬
‫أف يسأؿ ىمن الطارؽ‪ ،‬كلكن دل ييقم ألف ى‬
‫ً‬
‫أخ ليس هبذه‬ ‫يب؛ ألف طريقة قدكـ ًٌ‬
‫أم و‬ ‫كشدتو‪ ،‬كالطرؽ يف ىح ٌد نفسو غر ه‬
‫الطريقة من الطرؽ مباشرةن على الباب‪.‬‬

‫كلعت أان خطتها‪ ،‬كلكن مت‬ ‫و‬


‫كحبيطة‬ ‫يقة و‬
‫جيدة يف بداية األمر‬ ‫(ُ) كانت زايرة األىل تتم بطر و‬
‫ي‬
‫أشرت إليو‪.‬‬ ‫ً‬
‫كثَتا من ىذه اغبيطة بسبب التكرار كالشعور السيء الذم ي‬
‫التخفف ن‬
‫‪06‬‬
‫كدخل رجاؿ‬ ‫‪،‬‬ ‫الباب‬ ‫ر‬ ‫س‬ ‫و‬
‫مفهوـ يك ً‬ ‫غبظةه قصَتةه مع الطرؽ ك و‬
‫كالـ غَت‬
‫ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬
‫فسارعت الزكجة مع البىنُت إذل اؼبىطبخ طلبنا‬‫ى‬ ‫األمن االنكليزم إذل البيت‪،‬‬
‫ً‬
‫للس ًًت كاغبمد هلل(ُ)‪.‬‬
‫ٌ‬
‫كقت اختفائي‪ ،‬ككاف‬ ‫ً‬
‫يدا‪ ،‬كالذم يكل ىد بفضل هللا ى‬ ‫كضبلىت الزكجة ابننا ز ن‬
‫أبرجل أيًٌمها‪،‬‬
‫كقامت عائشةي الصغَتة باللتصاؽ ً‬ ‫عمره يومها شبانية و‬
‫أشهر‪ ،‬ى‬

‫السن من أكالدم بعد‬ ‫(ُ) أعلى ىمتٍت الزكجة حفظها هللا تعاذل أف ابنتنا يرىمٍيثة كىي الثانية يف ًٌ‬
‫شعرت‬ ‫ً‬ ‫أحد اؼبيقتحمُت بغبذاء‪ ،‬كذلك أهنا ذىبت ً ً‬
‫لسًت نفسها بلباسها‪ ،‬فلما ى‬ ‫ى‬ ‫لىربىت ى‬‫سراء‪ ،‬ى‬
‫غضبها‪ ،‬فحملىت اغبذاء كقذفتو عليو بشد وة‪ ،‬كاغبمد هلل‬ ‫ارىا اشتد ى‬ ‫بيث رآىا من غَت ًطب ً‬
‫أف اػبى ى‬
‫ًٌ‬
‫رب العالىمُت‪.‬‬
‫ائر!‬ ‫يلدف إال حر ى‬ ‫ائر ال ى‬ ‫اغبر ي‬
‫همل‪،‬‬
‫هل كال يي ي‬ ‫معتصم ؽبا! كلكن عزاءان أف هللا ييب ي‬ ‫ى‬ ‫حسبينا هللا كنًعم الوكيل‪ ،‬كم من يرىميثىةى كال‬
‫أطفاال‪ ،‬كىذا امتداده‬ ‫كشيوخا ك ن‬ ‫ن‬ ‫رجاال كنساءن‬ ‫كإف مضت يسنػتيوي يف االبتالء على طائفة اؼبؤمنُت ن‬
‫اغبق مع اعباىلية النتًنة‪ ،‬كقديبنا قاؿ الشاعر‪:‬‬ ‫اترىبي يف صراع ًٌ‬
‫َع ة ة ة ة ة ة ة ة ة َم َ ْ ةُ ة ة ة ة ة ة ة ة ِن َة ْ ً ة ة ة ة ة ة ة ة ة أَ َْو تَِيَة ة ة ة ة ة ة ة ة‬ ‫ِ‬
‫ُُسَيَّة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ُ تُةبَة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ِ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َ تَة ْ َ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ْ‬
‫فَ َك نَة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ْ ِع ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َ ِد َ ِة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ِ‬ ‫َو ََتْ ََْب أ ْن تُة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َ ِّد َد َ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة أَ ََر ُدو‬
‫كإهنا لى ىشهامةه على جبُت اغبرائر من أمثاؿ رميثاء‪ ،‬فىػلى ً‬
‫جج‬

‫ك هللا اي أىىمةى هللا‪ ..‬كلو كانت دموعي‬ ‫يى ٍ‬ ‫ىى‬


‫كمن تتنقل يف‬ ‫ت رؤيةى ىش ً‬ ‫ً‬
‫عرىا ى‬ ‫أخط بو تلك الكلمات‪ ،‬كىيهات بُت ىمن أبى ٍ‬ ‫دادا ي‬ ‫تيرل عبعلتها م ن‬
‫جسدىا!‬ ‫ًعرض ً‬
‫كل يرىمٍيثةى!‬ ‫فاهللى هللاى يف يرىميٍثةى ك ًٌ‬
‫‪07‬‬
‫يت على كجهي ابتسامةن حقيقيةن كأان أيردد‪:‬‬ ‫ً‬
‫ألق ي‬ ‫تادة‪ ،‬ك ى‬‫يت أان مع قى ى‬ ‫كبق ي‬
‫ك ِ ْن ُش ُوِرِه ْم»‪.‬‬
‫ك ِ ُُنُ ِرِه ْم َوأَ ُع ذُ بِ َ‬‫« ُه َّم إِِِّن أَ ْج َع ُ َ‬
‫كطلبت منهم أف ايحضر الثياب‬
‫ي‬ ‫دخل إذل البيت حوارل عشرة اعبنود‪،‬‬
‫ى‬
‫ثخُت الشاربىُت‬
‫احد منهم ي‬
‫لزكجيت كأكالدم‪ ،‬فسمحوا بذلك‪ ،‬كتقد ىـ إرل ك ه‬
‫عتقل بلقانوف الرائع‪ ،‬كأين غَت‬
‫منتفخ البىطن‪ ،‬يىبربين عن طريق اؼبًتجم أين يم ه‬
‫ى‬
‫عتقل من غَت يهتمة‪ ،‬كعلى قاعدة «شاىد دل ىير شيئنا»‪.‬‬‫م‬ ‫أم‬ ‫‪،‬‬ ‫متػه وم و‬
‫بشيء‬
‫ي ه‬ ‫يى‬
‫الكربل‬
‫أيت ابنىيت ي‬ ‫و‬
‫نظرت إذل األىل كسكٍنػتيها ببتسامة مٍت‪ ،‬كلكٍت ر ي‬
‫ي‬
‫أمر عادم‪ ،‬كىو شيءه توقعتوي يف كل‬
‫ضنتيها كسكٍنػتيها أف ىذا ه‬
‫تىبكي‪ ،‬فى ىح ى‬
‫الصرب‪.‬‬ ‫منها‬ ‫كطلبت‬ ‫‪،‬‬ ‫و‬
‫غبظة‬
‫ى‬ ‫ي‬
‫ط يدم لولع القيد‬ ‫بس ى‬ ‫طلب رجاؿ األمن ‪-‬ككلهم و‬
‫بلباس مدين‪ -‬أف أى ي‬
‫فيهما‪ ،‬فطلبتٍت الزكجة للمصافحة األخَتة‪ ،‬فاستأذنتيهم لذلك فأى ًذنوا‪،‬‬
‫األكالد‪ ،‬كيف القلب ‪ -‬ىش ًه ىد هللا‪ -‬حالةه من اؽبدكء‬
‫ى‬ ‫كحضنت‬
‫ي‬ ‫مت عليها‪،‬‬‫فسل ي‬
‫أردت انتزاعها أف‬ ‫كاالطمئناف ال يعلمها إال هللا تعاذل‪ ،‬مع ب و‬
‫أتَب لو ي‬ ‫سمة ى‬ ‫ى ى‬
‫تزكؿ‪.‬‬
‫ى‬
‫و‬
‫بشيء‪ ،‬كلكنهم طلبوا‬ ‫طلبت منهم أتمُت األىل إذل بيتهم‪ ،‬فلىم يهبيبوين‬
‫ي‬
‫أف أصطحب معي بعض اؼبالبس فلىم أجد إال ألبسةن داخليةن رل‪ ،‬مع كرقة‬

‫‪08‬‬
‫ككلعت الساعةى يف‬ ‫التوقيت للصلوات مع سجادةو للصالة و‬
‫غالية علي‪،‬‬
‫ي‬
‫جديدة فيها اػبَتي العظيم رضبةن من هللا‬
‫ن‬ ‫كلع القيد كبدأت رحلةن‬
‫يدم مث ى‬
‫كفضلو‪.‬‬
‫ىذا اؼبشهد قاربت مدتو الساعة كالنصف مع الطريق حىت كصلنا إذل‬
‫مركز الشرطة يف كسط لندف كاؼبسمى‪ :‬مركز شرطة بدنغتوف‪ ،‬كعندما كنت‬
‫أايما يف يدم‪،‬‬ ‫و‬
‫يف السيارة كقد يشد القيد يف يدم بطريقة مؤؼبة بقيىت آاثره ن‬
‫مفرطة يف يدم كجسمي دل يكن بوسعي كلع يدم يف القيد إال‬ ‫و‬ ‫كلًس و‬
‫منة‬ ‫ي‬
‫مع مستول صدرم‪ ،‬كىذا هبعل اؼبارة يشاىدكف ىذا اؼبنظر‪ ،‬ككذلك طلب‬
‫مٍت الشرطي اؼبرافق إنزاؿ يدم كأان جالس يف اؼبقعد اػبلفي‪ ،‬ففعلت‪،‬‬
‫ايدة وىأدل على يدم ألف اؼبقعد قريب من اؼبقعد األمامي‪ ،‬كال ؾباؿ‬
‫ككانت ز ى‬
‫لبىسط يدم مع طوؽبا‪.‬‬
‫كطبيب‪ ،‬كقد رأل الطبيب‬
‫ه‬ ‫مًتجم‬
‫ه‬ ‫كصلنا إذل مركز «بدنغتوف»‪ ،‬كأيحضر‬
‫مت‬
‫آاثر القيد يف يدم فرغبىٍت بعد تسجيل اغبالة أف أشتكي عليهم‪ ،‬فىػتىػبىس ي‬
‫ابتسم اؼبًتجم‪ ،‬كمضت كلمتو كأهنا نيكتةه عابرةه‪.‬‬
‫ك ى‬

‫‪11‬‬
‫رجل من مصر‪ ،‬دل يعرفٍت حىت انداين الضابط اؼبناكب بظبي‬
‫اؼبًتجم ه‬
‫ي‬
‫قليال كقاؿ‪« :‬أنت أبو قىتادة؟» ي‬
‫قلت‪:‬‬ ‫اجع ن‬‫أمامو‪ ،‬فًت ى‬
‫كيكنيىيت على الورؽ ى‬
‫األدل‪.‬‬
‫مارات االحًتاـ ك ى‬ ‫«نعم»‪ ،‬فاىتز كىز ر ي‬
‫أسو كبدا على كجهو أى ى‬
‫لعت يف الزنزانة‪،‬‬
‫كخالؿ نصف ساعة مع الطبيب كتسجيل القيد‪ ،‬يك ي‬
‫صادقتيو كعرفتيو ؼبدة أربعة و‬
‫أايـ بلياليها قبل سنتُت‬ ‫سبق رل أف ى‬
‫مكاف ى‬
‫كىو ه‬
‫قلت يومها‪ ،‬كحقق معي أربعة و‬
‫أايـ متواصلة مث‬ ‫حيث اعتي ي‬
‫من ىذا التاريخ‪ ،‬ي‬
‫ي‬
‫أيطلً ىق سراحي‪.‬‬
‫كلذلك كاف بيٍت كبُت اؼبكاف بعض أي و‬
‫لفة‪ ،‬كالعجيب أين كجدت يف بداية‬
‫شعورا بلتحدم بيٍت كبُت نفسي على قدريت على‬ ‫السجن األكؿ كالثاين ن‬
‫النوـ‪ ،‬إذ كنت أعتقد أف قدريت على النوـ تعٍت أين ال أشعر بلطر و‬
‫اب‪،‬‬
‫تشعر بًثً ىق ًلو‪ ،‬كىذا‬
‫كيف النوـ كذلك ربقيق مركر الوقت الذم ال تريد أف ى‬
‫عليك‪،‬‬
‫كطأة اؼبكاف ىزبيف ى‬ ‫يزكؿ بعد األايـ األكذل من السجن ألف ى‬ ‫األمر ي‬
‫بسرعة كما ىو حارل معو‬ ‫و‬ ‫منك‬ ‫ً‬
‫ت ى‬ ‫كردبا يصبح الوقت غالينا ال تريده أف ييفل ى‬
‫ىذه األايـ‪.‬‬
‫كصليت ما قدر هللا مث‬
‫ي‬ ‫مت‬
‫فق ي‬
‫قارب الفجر‪ ،‬ي‬
‫مبت حىت ى‬
‫صليت العشاء مث ي‬
‫ي‬
‫تح الباب‬ ‫ف‬ ‫الفجر‬ ‫عد‬ ‫ب‬ ‫و‬
‫غبظات‬ ‫الفجر كالوقت يبضي بسرعة‪ ،‬كيف‬ ‫يت‬
‫ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫صل ي‬

‫‪10‬‬
‫رجلىُت أمامي؛‬
‫كىناؾ كجدت ي‬
‫الثقيل جدا كطلبوا مٍت التقد ىـ إذل االستقباؿ‪ ،‬ى‬
‫آخير‪.‬‬
‫جديد ى‬
‫احد ه‬ ‫أحدىم كاف البارحة مع اؼبيقتىحمُت علي كك ه‬
‫سيع وة من‬ ‫و‬
‫قلت إذل سيارةو يمصفحة ىك ى‬
‫يدام كني ي‬
‫ى‬ ‫دت‬ ‫اءات و‬
‫معينة قيػيًٌ‬ ‫كبعد إجر و‬
‫دخلت فيها‬ ‫و‬
‫جالس‪ ،‬فأي ي‬ ‫تتسع إال و‬
‫لرجل‬ ‫الداخل‪ ،‬كلكن فيها غرفةه صغَتةه ال ي‬
‫سجن «بلمارش ‪ ،»]Belmarsh[ -‬كالذم‬
‫القيد يف يدم ككانت الوجهةي ى‬
‫ك ي‬
‫ييصر أحد الصحفيُت أف ييضيف كراءه كلمة «شديد اغبراسة» كلما ى‬
‫ذكره‪.‬‬
‫كغلىظ ًمعصمي‬ ‫أخذت اؼبسافة ساعةن‪ ،‬كالقيد يؤؼبٍت كالبارحة ً‬
‫لضيقو ً‬

‫لسمنىيت اليت كانت تصل إذل ُِٕ كلغم‪ ،‬حىت كصلنا بلمارش «شديد‬
‫ي‬
‫أايم‪.‬‬ ‫اغبراسة»‪ ..‬و ب م رش ك ن‬
‫و‬
‫شهور‬ ‫كاف قد سبقٍت إذل بلمارش‪ ،‬ربت القانوف الديبقراطي‪ ،‬بعشرة‬
‫احد‬
‫طبسةي إخوة استقركا ىنا‪ ،‬كمعهم اثناف قررا الذىاب إذل بلديهما؛ ك ه‬
‫كآخر لفرنسا‪ ،‬كاػبمسةي استقركا ىنا‪.‬‬
‫للمغرب ى‬
‫طويل يف االستقباؿ استمر إذل كقت‬
‫كقت ه‬‫عند الوصوؿ لبلمارش كاف ه‬
‫صباحا إذل الثالثة كالنصف يومها)‪،‬‬
‫ن‬ ‫صالة العصر (أم من الساعة التاسعة‬
‫ائدا‬
‫لباسا ز ن‬
‫عطيت ن‬
‫رقما‪ ،‬كىو (‪ ،)HP 5918‬كأي ي‬
‫عطيت ن‬
‫قيػيدت أغرالي‪ ،‬كأي ي‬

‫‪11‬‬
‫الوقت برد كأان ال يوجد معي ما‬
‫ى‬ ‫الزـ رل ألف‬
‫قرر مسؤكؿ االستقباؿ أنو ه‬
‫يدفعو‪.‬‬
‫غرفة صغَتةو جدا ليس فيها‬
‫يف االستقباؿ كاف أكؿ األمر أف ك ًلعت يف و‬
‫ي ي‬
‫مقعد‪ ،‬كىي غرفةه قذرةه فبتلئةه بلبيصاؽ كآاثر البىوؿ‪ ،‬كاعبدار يشكو كثرةى‬
‫إال ه‬
‫الباصقُت عليو‪ ،‬كرائحة التدخُت فيها شديدةه‪.‬‬
‫قفص حديدم يف كسط مركز االستقباؿ‪ ،‬كىو‬ ‫ذت إذل و‬ ‫و ً‬
‫كبعد ساعة أيخ ي‬
‫قفص كبَته يتسع للعشرات‪ ،‬كفيو كاف االنتظار‪.‬‬
‫ه‬
‫يف الساعة الثالثة كالنصف‪ ،‬طيلب مٍت ضبل أغرالي كالتوجو إذل سيارةو‬
‫ى‬
‫كاليت نقلىتٍت من مركز الشرطة للسجن لنقلي إذل مكاف إقاميت اعبديد‪.‬‬
‫مت من قًبل الشرطي اؼبيرافق‬ ‫ً‬
‫عند الوصوؿ إذل مكاف اإلقامة يسلٌ ي‬
‫خلع كل مالبسي مع إعطاء قطعة‬ ‫ً‬
‫ب مٍت ى‬ ‫للمسؤكلُت على اؼبكاف كطيل ى‬
‫ككلعت كافة أغرالي يف و‬
‫جهاز‬ ‫لسًت العورة‪،‬‬
‫ي‬ ‫قماش كانت صغَتة‪ ،‬فقط ى‬
‫ذت إذل داخل اؼبىبٌت‪ ،‬كلىما فيتً ىح علي إذ‬ ‫ً‬
‫أمٍت للتفتيش‪ ،‬كبعد االنتهاء أيخ ي‬
‫ساحةه تصل إذل ثالثُت مًتنا فيها أبواب على اعبانبُت‪ ،‬يف كل جانب‬
‫ىي ى‬
‫يب السقف‪ ،‬تستطيع‬ ‫كج و و‬
‫حر صغَت كىو بلفعل قر ي‬ ‫ستة أبواب‪ ،‬كبدا اؼبكاف ي‬
‫كصلت كانت كل األبواب مغلقة‬
‫ي‬ ‫بوثبة يسَتةو أف ىسبىسوي‪ ،‬كيف الوقت الذم‬
‫و‬

‫‪12‬‬
‫ً‬
‫الفاصلة بُت اعبانبُت كىي ال تعدك أربعةى أمتار‪ ،‬كال‬ ‫أحد يف الساحة‬
‫كال ى‬
‫مفتوحا‪ ،‬فأي ي‬
‫دخلت‬ ‫ن‬ ‫أجد يف الساحة أم أحد‪ ،‬ككاف بب غرفيت (زنزانيت)‬
‫غلق علي الباب اغبديدم الصلب‪.‬‬‫فيها كأي ى‬
‫و‬
‫كىدكء يػى يعم كل جواكبي‪،‬‬ ‫يف ىذه اللحظات كنت أشعر بسك و‬
‫ينة عجيبة‪،‬‬ ‫ى‬
‫سيحدث لزكجيت كأكالدم كاف يهبابىو‬
‫ي‬ ‫حىت يف ؿباكليت كقتها لتذكرم ما‬
‫بشعور الرلا كاالطمئناف‪.‬‬
‫سجن فيها‪ ،‬لكن اؼبرة األكذل كانت‬
‫كانت ىذه ىي اؼبرة الثانية اليت أي ى‬
‫للتحقيق كال تدرم أين سيكوف مصَتي ىؾ كتكوف طواؿ النهار يف التحقيق‬
‫سجن حقيقي‪.‬‬
‫كاغبديث مع اؼبيحامي‪ ،‬لكن ىذه اؼبرة ىي ه‬
‫الزنزانة صغَتة اغبجم‪ ،‬فيها سرير مع غطاء كطاكلة أمامك‪ ،‬كفبر بُت‬
‫السرير كالطاكلة يتسع لك فقط‪ ،‬كمن جهة الباب يوجد مكاف قضاء‬
‫اغباجة مع مكاف الغسل كالتنظيف‪.‬‬
‫كطوؿ «الغرفة» يتسع للسرير فقط‪ ،‬كمكاف قضاء اغباجة اإلنسانية كلع‬
‫مالبسك‪ ،‬كدل يكن لدم من اؼبالبس‬
‫ى‬ ‫يف الغرفة‪ ،‬كأعلى السرير ىخزانةه لولع‬
‫الكثَت‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫حولك‪،‬‬
‫ى‬ ‫الصوت الوحيد‬
‫ي‬ ‫لصمت ىو‬
‫ي‬ ‫يب‪ ،‬كا‬
‫اليوـ األربعاء‪ ،‬كاؼبغرب قر ه‬
‫غبالة ىي األكذل لك‪ ،‬كلكن كمنذ مدةو و‬
‫طويلة‬ ‫داخلك و‬ ‫ٌو‬
‫كربد جديد ينشأ يف‬
‫ى‬
‫ظركؼ و‬
‫معينة‪ ،‬فإف كجدت ما‬ ‫و‬ ‫استكشاؼ نفسي عند كقوع‬
‫ى‬ ‫كأان أحاكؿ‬
‫كضبىدت هللا تعاذل‪ ،‬كإف كجدت ما أكره فيها‬
‫شعرت بلرلا ى‬
‫ي‬ ‫أجد يف نفسي‬
‫ي‬
‫استغفرت ريب‪.‬‬
‫ي‬ ‫أنػٍبػتيها ككعظتيها ك‬
‫كيف تلك اللحظة كانت فرحة رائعة رل الستكشاؼ نفسي مع ىذا‬
‫كجدت من مشاعر يف ىذه اللحظة اليت سػأتكلم‬
‫ي‬ ‫الولع اعبديد‪ .‬فماذا‬
‫أكتب لعل‬ ‫فإين‬ ‫‪،‬‬ ‫دح أك و‬
‫ذـ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫من‬ ‫فيها‬ ‫كاف‬ ‫ما‬ ‫ٍت‬ ‫يهم‬ ‫كال‬ ‫‪،‬‬ ‫عنها بصر و‬
‫احة‬
‫ي‬ ‫ى‬
‫غَتم يقرؤىا كيتعظ هبا‪:‬‬
‫كقع يف قليب حبمد هللا تعاذل‪ :‬الرلا كاؽبدكء‪ ،‬كضبد هللا تعاذل‬
‫إف أكؿ ما ى‬
‫كنت‬
‫كثَتا ما ي‬
‫شهد هللا تعاذل أين ن‬
‫على أف أصابٍت البالء يف سبيلو‪ ،‬كإين أي ي‬
‫يقع على إخواين؟‬
‫يقع علي البالء كما ي‬
‫أتساءؿ بيٍت كبُت نفسي‪ :‬ؼباذا ال ي‬
‫أتنيب نفسي كأنو ردبا أف ىذا العبد ال يستحق‬
‫ى‬ ‫ككاف يمراد السؤاؿ ىو‬
‫ضبدت‬
‫ي‬ ‫اللحوؽ دبا كصل إليو األحبة من األجر كاؼبيقاـ‪ ،‬فلما كقع ما كقع‬
‫ى‬
‫هللا تعاذل‪ ،‬كىذا أكؿ ما كتبتو لزكجيت أف قلت ؽبا‪ :‬لو دل يقع علي ىذا‬
‫ً‬
‫لىبىقيىت يف نفسي ىغصةن إذل اؼبمات‪ ،‬كاغبمد هلل ًٌ‬
‫رب العالىمُت‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ككاف فبا بدأت السؤاؿ حولىو‪ ،‬ىو مولوع الدعاء‪ ،‬إذ كاف أغلب دعائي‬
‫يف «االختفاء» أف ييعافيٍت هللا من ى‬
‫القيد كاألىسر‪ ،‬كقلما كانت رل صالةه إال‬
‫الحا صروبنا منذ اللحظة األكذل‪ :‬ؼباذا‬
‫كدعوت هبذا الدعاء‪ ،‬فكاف السؤ ياؿ ك ن‬
‫ي‬
‫دل ً‬
‫يستجب رل؟‬
‫فاسد‪،‬‬
‫ستجاب الدعاء‪ ،‬أك ألين ه‬
‫ي‬ ‫أقوؿ لنفسي ألين غَت يم‬‫كسهل علي أف ى‬
‫ي‬
‫نفسي‪ ،‬كقد‬ ‫لعالج‬ ‫و‬
‫عملية كليست‬ ‫و‬
‫مسألة‬ ‫يب عن‬
‫ٌو‬ ‫و‬ ‫كلكن كانت النفس يذب ي‬
‫يت للجواب‪ ،‬كقد سجلتيوي حبمد هللا تعاذل يف «شذرات من اغبياة»(ُ)‪.‬‬ ‫ً‬
‫يىد ي‬
‫اآلخركف يف‬
‫كثَتا من نفسي كإخفاقها يف ربقيق ما أقبىىزه ى‬
‫ككنت أخاؼ ن‬
‫السجن‪ ،‬من الكتابة كاغبفظ كالدراسة كاالجتهاد يف الدعاء‪.‬‬
‫طويل‪ :‬ىل سأقبح يف استغالؿ ىذه الفرصة‬ ‫لوقت و‬ ‫كنت أتساءؿ و‬
‫دكما منذ أكؿ‬
‫كىبطر على برل ن‬
‫ي‬ ‫احيت‬
‫الغالية؟ ككاف سؤ ناال يىبيفٍت كييقلق ر ى‬
‫غبظة‪.‬‬
‫يوما يف بلمارش‬
‫كأان اآلف أكتب ىذه الورقة بعد ستة شهور كعشرين ن‬
‫حققت بعض ما أريد كليس كلو؛ أم‬
‫ي‬ ‫(أم يف ُّ‪ ،)ََِّ/ٓ/‬كأظن أين‬
‫أين أشعر ببعض الرلا عن نفسي ىنا كليس كل الرلا‪.‬‬

‫(ُ) نشرتو مؤسسة «النازعات»‪[ .‬النازعات]‪.‬‬


‫‪15‬‬
‫طوؿ حيايت كأان أعيش بُت الناس‪ ،‬كدل أنفرد بلعيش كحدم قط؛ من‬
‫أسريت مع أمي كأيب كإخواين إذل أسريت مع زكجيت‪ ،‬فتساءلت نفسي عن‬
‫ظبعت أمي تقوؿ بعد‬
‫ي‬ ‫الوحدة التامة‪ ،‬كماذا سيكوف أثرىا يف نفسي‪ ،‬كقد‬
‫شهور‪ « :‬يع ىمر ال يوبب الوحدة»‪ ،‬كذلك يف يحزهنا علي أف السجن ه‬
‫شديد‬ ‫و‬
‫علي‪ ،‬كشهد هللا أين يف مر و‬
‫ات كثَتة كيف أكؿ سجٍت إذل اليوـ ال أيحب أف‬
‫ييفتى ىح علي ألف فتح الباب سيشغىليٍت عن بعض أعمارل اػباصة‪.‬‬
‫فحمدت هللا أف الوحدة كانت سهلةن علي‪ ،‬مع التذكر أهنا كحدةه ىبق و‬
‫يد‬ ‫ى‬
‫اختيارا كحبرية‪.‬‬
‫ن‬ ‫كليست‬
‫ساعة من فتح الباب‪ ،‬خرجت من الغرفة على استحياء إذ ظبعت‬‫بعد و‬
‫أحدا منهم‪ ،‬إذ تطلعت‬
‫أصو ناات يف الساحة كانت عبَتاين الذين ال أعرؼ ن‬
‫احدا من إخواين فلم أجد‪.‬‬
‫ألرل ك ن‬
‫أبيض البشرة لييسلًٌم علي‪ ،‬كىو‬ ‫تقدـ رجل كبَت ًٌ‬
‫السن صغَت اغبجم ي‬
‫جارم اؼبيالصق‪ ،‬كعرؼ نفسو أف اظبو‪ :‬جوين‪ ،‬كاكتشفت بعد غبظات أف‬

‫‪16‬‬
‫لغيت اإلنكليزية لعيفةه كعاجزةه عن مالحقتو‪ ،‬كلكنو قدـ نفسو أنو يعرؼ‬
‫بعض العرب ىنا‪ ،‬كأنبهم اغببيب رشيد رمدة(ُ)‪.‬‬
‫بعد قليل تقدـ شاب ال يزيد عمره عن العشرين بل أقل‪ ،‬كسل ىم كأعطاين‬
‫بعض الشام كاغبليب‪ ،‬كعرفت أنو أيرلندم مسجوف مع ؾبموعة من‬
‫مقر الػ‪ ،BBC‬إذ أهنم يىنتىموف إذل ما انشق عن‬
‫الشباب بتهمة تفجَت ٌ‬
‫«اعبيش األيرلندم» اؼبيطالًب بستقالؿ أيرلندا‪ ،‬كبعد االتفاؽ بُت « ً‬
‫الشُت‬
‫فُت‪( »]Sinn Féin[/‬كىو اعبناح السياسي للجيش األيرلندم) كاغبكومة‬
‫أنفسهم‪« :‬اعبيش األيرلندم اغبقيقي»‪،‬‬‫الربيطانية‪ ،‬انشق صباعةه كظبوا ى‬
‫كبقيت على صراعها مع الربيطانيُت ألنو دل يعجبهم االتفاؽ كرأكه ي ً‬
‫عطٌل‬‫ي‬ ‫ى‬
‫استقالؿ أيرلندا الشمالية كال يوبقق االتفاؽ ذلك‪.‬‬
‫مت‬
‫رجل قصَته‪ ،‬لو غبيةه كثةه يف أسفل ذقنو‪ ،‬تقدـ كسل ي‬
‫جارم األيسر ه‬
‫أعلمٍت أنو تركي مسلم‪ ،‬كىو دمث األخالؽ‪.‬‬
‫ك ى‬

‫(ُ)‬
‫عرفت بعد ذلك أنو ليس كذلك‪ ،‬كلكن قصة‬ ‫ارربت لو‪ ،‬ككاف فبا قالىو إنو يهودم‪ ،‬مث ي‬
‫ي‬
‫صديقا للواعظ الكاثوليكي الذم يزكر السجن‪ ،‬ككاف‬
‫الدين لديو ليست شيئنا اثبتنا‪ ،‬إذ كجدتو ن‬
‫لباسا أفغانيا أخربين أنو ىدية لو من رشيد‬ ‫وبضر معنا صالة اعبمعة ً‬
‫كوبرص عليها كيلبىس ن‬ ‫ي‬
‫رمدة‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫كىكذا اكتشفت بعض ىمن حورل من األشخاص العشرة‪ ،‬كلكن البقية‬
‫احد رأيتو‬
‫كآخر يوانين‪ ،‬كك ه‬
‫آخر‪ ،‬ى‬ ‫اكتفوا بلبسمة من بيعد‪ ،‬كفيهم رجل تركي ى‬
‫علمت بعد ذلك أنو‬ ‫ضها‪ ،‬كال ىبرج من الغرفة إال للطعاـ‪،‬‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫كث اللحية أبيى ى‬
‫و‬
‫نفسية‪ ،‬ككثَتي التدخُت إبفراط‪ ،‬كيشعر أف الكل‬ ‫كردم‪ ،‬كييعاين من أمر و‬
‫اض‬
‫رجل ثرم‪ ،‬وبرص على رؤية‬
‫ات عليو كيستهدفونىو‪ .‬كاف يف القسم ه‬
‫ـبابر ه‬
‫علمت بعد ذلك أنو ذلك الشخص‬
‫ي‬ ‫حركة األسهم من خالؿ التلفزيوف‪،‬‬
‫هم بلتحريض على‬
‫الذم بٌت بيتو أكثر فخامةن من قصر اؼبلكة‪ ،‬كىو يمت ه‬
‫القتل لد أحد خصومو‪ ،‬ككاف قليل االختالط بلناس‪ ،‬كلكن يتصرؼ‬
‫يقة و‬
‫عادية‪ ،‬ككجدت أف السجانُت وبرصوف على اغبديث معو‪.‬‬ ‫بطر و‬
‫أحدا من اإلخواف ىنا‪،‬‬ ‫خالؿ و‬
‫ساعة يف الساحة اكتشفت اؼبكاف‪ ،‬كدل ىأر ن‬
‫أشارت الورقة اؼبيعلقة على بب زنزانيت إذل درجيت‬
‫كعلمت أين كحدم‪ ،‬ك ى‬
‫(ُ)‬
‫األمنية يف ىذه «الوحدة» اؼبنفصلة اؼبغلقة ‪ ،‬كىي درجةه أمنيةه عاليةه ي‬
‫تنزؿ‬

‫(ُ) «الوحدة» ىنا ترصبةه لكلمة ‪ ،Unit‬من دخيل الًتصبة‪ ،‬كيستخدمها اإلنكليز يريدكف هبا‬
‫اسم مشًتؾ‪ ،‬ىو‬‫ترجع إذل و‬ ‫و‬
‫القطعة من اعبيش كالكتيبة ككبوىا‪ ،‬كىنا ييراد هبا قطعةه من مباف ي‬
‫ىنا جناح يف سجن «بلمارش»‪ ،‬كيكثير استعماؽبا يف السجوف‪ ،‬فكل ن‬
‫مبٌت منو‪ ،Unit :‬كيراد‬
‫صل لو خصيصة سبيًٌيزه عن غَته‪ ،‬كاؼببٌت الذم كاف فيو الشيخ يبيزه أنو يمشدد‬
‫مبٌت منف ه‬
‫بو ىنا ن‬
‫أمنيا‪ .‬كقد تيسمى الوحدة يف سجوف العرب بػ«القسم» أك «العنرب» أك «اعبناح»‪[ .‬النازعات]‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫احدة عن أعلى و‬
‫درجة يف السجوف الربيطانية‪ ،‬كلكن دل تكن تعٍت رل‬ ‫درجةن ك ن‬
‫ىذه كقتها أم و‬
‫شيء‪.‬‬
‫بعد و‬
‫ساعة مع أخذ الطعاـ‪ ،‬أيغلقت علي الغرفة‪ ،‬كبدأت أظبع حديث‬
‫آخىر‬ ‫اؼبتكلًٌمُت من خالؿ النوافذ بُت السجناء‪ ،‬كعلمت أف ىناؾ ن‬
‫طابقا ى‬
‫فوقىنا‪.‬‬
‫ظبعت حديثا بُت جوين (جارم األيبن) كك و‬
‫احد من فوؽ‪ ،‬كيف كالمو‬ ‫ن‬
‫بت‬ ‫ظبعت ىمن يينادم‪« :‬السالـ عليكم»‪ ،‬ى‬
‫فأج ي‬ ‫ي‬ ‫لىكنىةه عربية‪ ،‬كبعد غبظات‬
‫الصوت أنو صوت عمار ىـبلويف‪ ،‬كالذم لو سنة مسجوف ىنا‪.‬‬
‫ى‬ ‫كعرفت‬
‫ي‬
‫« ىمن أنت؟» ىكذا سأؿ عمار‪.‬‬
‫«أبو قىتادة»‪ .‬أى ىجبتو‪.‬‬
‫فرحب كبدأ اغبديث بيننا‪ ،‬كانتهى أبف اللقاء سيكوف اعبمعة‪ ،‬كىناؾ‬
‫يبكن اغبديث‪ ،‬كأخربين أف ىناؾ رفيقُت معو من اإلخواف‪ ،‬نبا‪ :‬صالح‬
‫بدال عنو ألف‬
‫كمصطفى‪ ،‬ككاف عمار قد طلب مٍت أف أخطب اعبمعة ن‬
‫وبضر للجمعة بسبب انشغالو هبا يف التجمع الرئيس للسجن‪،‬‬
‫اإلماـ ال ي‬
‫افقت يف النهاية‪.‬‬
‫قليال‪ ،‬كلكن ك ي‬
‫كىذه كحدةه منفصلةه‪ ،‬فًتددت ن‬

‫‪21‬‬
‫يوـ اعبمعة كاف اللقاء بثالثة إخوةو أعرفهم‪ ،‬ىم‪ :‬عمار كصالح‬
‫احدا‪،‬‬ ‫كمصطفى‪ ،‬كبعض األتراؾ‪ ،‬أغلب قضاايىم تتعلق بؼبي ًٌ‬
‫خدرات إال ك ن‬ ‫ي‬
‫كآخركف‬
‫كبعض األكراد قضاايىم تتعلق بدعم حزب العماؿ الكردستاين‪ ،‬ى‬
‫و‬
‫كشاب إسباين‪ ،‬سأربدث عنو بعد القليل‪ ،‬كجوين‬ ‫قلةه دل يكونوا يمسلمُت‪،‬‬
‫«اليهودم»‪.‬‬
‫ﱩﭑ ﭒ ﭓ‬ ‫تفسَتا لقولو تعاذل‪:‬‬
‫ن‬ ‫طبت اعبمعة‪ ،‬ككانت‬
‫ىخ ي‬
‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬

‫[البقرة‪:‬‬ ‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮﱨ‬

‫ِٓ](ُ)‪ ،‬لكن كانت ىذه اػبطبة األخَتة ألف إماـ السجن كقتها‪ ،‬الشيخ‬
‫خربين أف إدارة السجن طلبت منو إخبارم أال‬
‫يونيس‪ ،‬جاءين بعد يومُت ليي ى‬
‫أخطب مرةن أيخرل‪ ،‬كأىسر رل أهنم ًٌ‬
‫يفكركف إبلغاء اعبمعة لو تكررت خطبيت‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫مرة اثنيةن‪.‬‬
‫ن‬

‫(ُ)‬
‫أعلمٍت اإلخواف بعد‬
‫أيت ذبم نعا على بب الغرفة (القاعة) اليت نصلي فيها‪ ،‬ى‬
‫كيف اػبطبة ر ي‬
‫حضر على الباب‪ ،‬كىو مسؤكؿ «الوحدة»‪ ،‬كحاكم السجن ىذا‬ ‫حاكم السجن قد ى‬ ‫الصالة أف ى‬
‫هبزـ اإلخواف خبيبثو كإف كاف إذل اآلف دل ىوبدث أف صار سباس بيٍت كبينو يف مولوع معُت‪.‬‬
‫ي‬
‫‪20‬‬
‫اغبياة داخل ىذه «الوحدة» الصغَتة اؼبغلقة الضيقة دل تكن تعٍت رل شيئنا‬
‫سول االكتشاؼ؛ اكتشاؼ نفسي أماـ ما فيها من جديد‪ ،‬فلم أكن أيعٌت‬
‫أبم حاجة رل انقصة أك مفقودة‪ ،‬بل دل أي ًرد أف أعرؼ ماذا يبكن رل أف‬
‫أعرؼ نفسي كأستغل‬‫حص ىل من مطالب كما دل يبكن رل‪ ،‬فاؼبهم لدم أف ى‬ ‫ً‬
‫أي ٌ‬
‫كقيت‪.‬‬
‫اليوـ كلو إال ساعتُت‪ ،‬ساعةن زبر يج‬ ‫و‬ ‫و‬
‫سبكث يوميا يف زنزانة انفرادية ى‬
‫فأنت ي‬
‫خارجية تتمشى فيها‪ ،‬كالساحة مغلقة من كل اعبهات‪،‬‬ ‫و‬ ‫و‬
‫لساحة‬ ‫فيها‬
‫جوانبها حديدية اتمة‪ ،‬كالسقف مرتفع مع غطاء شبكي ييعمو كلو‪،‬‬

‫كالساعة الثانية تكوف يف داخل «الوحدة» كأماـ زنزانتك تى ى‬


‫فرغي فيها لتنظيف‬
‫غرفتك كالغىسل كؿبادثة جَتانك إف أردت مع كجود تلفزيوف كاف بعضهم‬
‫كثت طيلةى الشهر كالنصف ال‬
‫هبلس عليو للحظات يسَتة‪ ،‬ككجود ىاتف م ي‬
‫إذف أمٍت‪[ ،‬ك]كاف كقت‬‫يسمح رل بالتصاؿ ألف اتصاؿ أمثارل وبتاج إذل و‬
‫ي‬
‫كنصفا)‪ ،‬كأما زايرة األىل رل فقد‬
‫شهرا ن‬‫اإلذف يستغرؽ ىذه اؼبدة (أقصد ن‬
‫نقص فيها بيوـ كاحد‪ ،‬كتلك ىي‬ ‫و‬ ‫ً‬
‫أيذف ؽبم بذلك بعد أربعة شهور اتمة ال ى‬
‫حقوؽ أمثارل يف بالد الديبقراطية العتيدة‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫أما بلنسبة طع م‪ ،‬فأنت أتخذه مرتُت يف اليوـ‪ :‬اؼبرة األكذل الساعة‬
‫طعاـ‬
‫اغبادية عشرة‪ ،‬كاؼبرة الثانية [يف] الساعة اػبامسة أك قبلها بقليل‪ ،‬كىو ه‬
‫طعم لو كال رائحة‪ ،‬ؾبرد شيء أتكلو ككفى‪.‬‬ ‫ال ى‬
‫مشهور بسوء أطعمتو كقلة غنائها‪ ،‬كاغبمد هلل ًٌ‬
‫رب‬ ‫ه‬ ‫كسجن بلمارش‬
‫كثَتا‪.‬‬
‫ظبعت ىذا ن‬
‫العالىمُت‪ .‬كقد ي‬
‫حل س من الشرطة يف بلمارش صبلةن ؾبرد عاىات ىمىرلية‪ ،‬كخاصة ىمن‬
‫كاف إنكليزم األصل‪ ،‬كىم من حثالة البشر ثقافةن كأخالقنا‪ ،‬أما ىمن كاف‬
‫غَت إنكليزم األصل فهو ىباؼ إظهار و‬
‫طيبة‪ ،‬ككاف يحسن اػبيليق هتمة يف‬ ‫ى‬
‫ىذه البيئات‪.‬‬
‫مسجوف قبلي‪ ،‬من اػبمسة الذين‬
‫ه‬ ‫فقد حدثٍت بن مؤيدم كىو أخ‬
‫يضا‬
‫سبقوين إذل بلمارش‪ ،‬أف أحد اإلخوة كىو [ؿبمود] أبو ريدة‪ ،‬ككاف مر ن‬
‫متهما إايه أنو‬
‫احدا ن‬ ‫سب على الشرطة يف غبظة غضب‪ ،‬كاستثٌت منهم ك ن‬
‫طيب‪ ،‬فما كاف من ىذا الشرطي إال أف عاد ؽبم يف اليوـ التارل لينبههم إذل‬
‫خطأ أبو ريدة عندما اهتمو أماـ اؼبسؤكؿ أنو جيد كطيب‪ ،‬كقاؿ‪« :‬قولكم‬
‫مقدار قذارة ىؤالء القوـ‪ ،‬كإصباع‬
‫نبيك ى‬‫ىذا يؤذيٍت كال ينفعٍت»‪ ..‬عجيبةه تي ى‬
‫خصاؿ هبب اعتمادىا كعدـ نسياهنا‬
‫ه‬ ‫كل اإلخواف أف الرجل اإلنكليزم فيو‬

‫‪22‬‬
‫عند التعامل معو‪ ،‬كىذه اػبصاؿ زبتلف‪ ،‬كقد عرفت ىذه بلتجربة الطويلة‬
‫كاؼبعاانة‪:‬‬
‫قائم على النفاؽ‬
‫رجال منهم ال يكذب‪ ،‬بل اجملتمع اإلنكليزم ه‬
‫ال أعرؼ ن‬
‫كالكذب‪ ،‬ككهللا العظيم أف بعضهم دل أقبض عليو متلبًسا بكلمة و‬
‫صدؽ‬ ‫ي ٌن‬
‫كاحدةو‪ ،‬كىذا يف السجن شيء مط ًرد ال ىبطئ ن‬
‫أبدا‪ ،‬كإمبا يتخفوف أماـ‬
‫التربير ىاؼببٍت على الكذب كذلك‪ ،‬كىم على اعبملة ىذا فنهم الذم ال‬
‫ىبطئو أحد‪ ،‬كىو عدـ الشعور بػبزم أماـ أم هتمة ير ىاؾ اكتشفتها فيو‪،‬‬
‫كيلك لو‬ ‫فاغبياء ال كجود لو ألبتة‪ً ،‬‬
‫كيلك مث ى‬
‫مفقود‪ ،‬كلكن ى‬ ‫ه‬ ‫كعرؽ اغبياء‬
‫و‬
‫سجن لو‬ ‫سجن داخل‬ ‫و‬ ‫اكم كتيسجن يف‬‫اهتمتو هبذا‪ ،‬ففي السجن يرب ى‬
‫كذاب‬ ‫و‬ ‫خرجت ىذه الكلمة من فمك‪ .‬نعم‪ ،‬لك أف تي ًٌ‬
‫عرفو بطريقة ما أنو ه‬
‫كسافل‪ ،‬كلكن ال تقل لو ىذه الكلمات مباشرة‪ ،‬كىذه طبيعة‬ ‫ه‬ ‫كحقَته‬
‫اإلنكليزم‪.‬‬
‫ظبعت بعض اؼبتخصصُت منهم ييسموف ىذه اللغة‪ ،‬أم اللغة‬ ‫ي‬ ‫كقد‬
‫االجتماعية يف الوسط اإلنكليزم بػ«اللغة العاىرة»‪ ،‬فإايؾ كالصراحة‪ ،‬كإايؾ‬
‫كاللفظة الوالحة البيًٌنة‪ ،‬إذ عليك أف تتعلم كيف تقوؿ لو كل ما تريد دكف‬
‫و‬
‫صروبة‪ ،‬كىذا يف السياسة كاالجتماع كحىت يف تعبَتات الوجو‪،‬‬ ‫أم و‬
‫لفظة‬

‫‪23‬‬
‫قادر على أال ييظهر ما يف نفسو على تعبَتات كجهو‪،‬‬ ‫إنساف ه‬
‫ه‬ ‫فاإلنكليزم‬
‫بدا عما يف داخلو‪.‬‬ ‫ككل ما يظهر على كجهو ال يي ًٌ‬
‫عرب أ ن‬
‫قلت فيها‪ :‬لعل ما يقاؿ عندان من‬
‫كتبت خاطرةن يف السجن ي‬
‫كقد ي‬
‫«البسمة الصفراء» ىي مأخوذةه من نسبتها لبٍت األصفر‪ ،‬فهي لحكةه‬
‫بىتةه كاذبةه خادعةه‪ ،‬كىي منهم حبق كذلك‪.‬‬
‫تزكير اغبقائق بلنماذج الظاىرة دكف‬ ‫إتقاهنم‬
‫بلكذب ي‬‫ً‬ ‫كمن فنوهنم‬
‫ى‬
‫ىذه اػبىصلة ىي قصة سجننا‪ ،‬كإليك‬ ‫اغبقائق‪ ،‬كلعل أكلح و‬
‫قضية تي ًٌبُت‬
‫ىذه الغريبةى العجيبةى‪:‬‬
‫كبن (أان كاإلخوة يف بلمارش)‪ ،‬ييصر اؼبسؤكلوف من كزير الداخلية إذل‬
‫السجاف العادم على نفي صفة «السجُت» عنا‪ ،‬فهم يقولوف‪« :‬ىؤالء‬
‫ليسوا سجناء»‪ ،‬فنحن لسنا سجناء‪ ،‬كمع ذلك‪:‬‬
‫و‬
‫سجن ال يف بريطانيا فقط‪ ،‬بل يف أكركب‪ ،‬كبريطانيا تدفع‬ ‫كبن يف أقذر‬
‫سنواي غرامةن للمفولية األكركبية غبقوؽ اإلنساف ؼبخالفتها قوانُت السجوف‬
‫يف بلمارش!‬

‫‪24‬‬
‫كبن يف أعلى الدرجات األمنية يف السجوف الربيطانية‪ ،‬كىذا يقاؿ لو‬
‫حولك‬
‫ى‬ ‫عندىم‪ ،)ُ(»CAT A« :‬كىذا يعٍت أشياء كثَتة يف السجن؛ فاؼبراقبة‬
‫شديدة‪ ،‬كال تستطيع أف تتصل و‬
‫أبحد إال بعد إذف األمن‪ ،‬كال يستطيع أحد‬
‫كهبرم‬
‫أيذف إال بعد أف ييقابل الزائر ي‬
‫أيذف األمن‪ ،‬كال ي‬
‫يزكرىؾ إال بعد أف ى‬
‫أف ى‬
‫دقيقا دكف بقية السجناء‪ ،‬كتلبىس يف‬
‫تفتيشا ن‬
‫ش ن‬ ‫معو لقاءن ما‪ ،‬كيف الزايرة تيفت ي‬
‫لباسا فبينزا عنهم‪.‬‬
‫الزايرة ن‬
‫كيسمونك‪ :‬لست سجيننا!‬
‫ى‬ ‫كل ىذا‬

‫ال ظ ‪ :‬لن تفهم ىذا حىت تعرؼ ىمن ىو اإلنكليزم بكل كذبو ي‬
‫كخبثو‬
‫كنفاقو كبركده كصفاقتو ككقاحتو كعدـ شعوره بغبياء أماـ اكتشافك لو أنو‬
‫يتلعب كيكذب‪.‬‬

‫عرفها «خدمة استشارات السجناء» ‪-‬اػبَتية اؼبستقلة‬ ‫(ُ) الفئة «أ» (‪ ،)Category A‬تي ًٌ‬
‫اؼبتخصصة يف تقدـ النصح كالتوجيو كالدعم اجملاين للسجناء‪ -‬يف نشرهتا القانونية أهنا «فئةه‬
‫خطَتا على العامة أك الشرطة أك األمن القومي‪ ،‬كييراد‬
‫ن‬ ‫ـبصصةه للسجناء الذين ييعد ىركهبم‬
‫هبذا التصنيف كما يًتتب عليو من إجراءات [مشددة] استحالة ىركب ىؤالء السجناء‪.‬‬
‫كف يف سجوف ـبصصة غبراسة‬
‫كوبتى ىج يز ى‬
‫فتيفرض أشد اإلجراءات األمنية على ىؤالء السجناء ي‬
‫مشددة» [النازعات]‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫إايؾ أف تط ًرد معاملىتي ى‬
‫ك مع إنكليزم‪ ،‬فليس ىناؾ إنكليزم طيب‪ ،‬كما‬
‫يبكن لك ؿبادثتو أبروبية كلكن إايؾ أف تنسى نفسك كىو يبتسم معك‬
‫ماء‪ ،‬فحينها ستنهار عندما يرفض ذلك و‬
‫بلؤـ‬ ‫كيضحك‪ ،‬فتطلب منو كأس و‬
‫ي‬ ‫ى‬
‫مثاال‪:‬‬ ‫غر و‬
‫يب‪ ،‬كىذا كاف ييتعب اإلخواف يف السجن‪ٍ ،‬كألىلرب على ذلك ن‬
‫سجُت مثلك)‪،‬‬
‫ه‬ ‫يوما ألخذ الطعاـ‪ ،‬فيبتسم لك ًٌ‬
‫اؼبوزع (كىو‬ ‫أتيت ن‬
‫عوؾ ألخذ اؼبزيد‪ ،‬كيعرض عليك ما ليس لك أخذه‪ ،‬فحينها تظن طيبةى‬
‫كيد ى‬
‫مرة أخرل فتعاملو على‬
‫قهرا حُت أتيت ن‬ ‫ً‬
‫ىذا اؼبرء كأنو ىظبح‪ ،‬كلكن ستنهار ن‬
‫ستكتشف أنك أماـ أشرس اػبلق كأقذرىم كأخبلهم؛‬
‫ي‬ ‫ىذا األساس‪ ،‬إذ‬
‫فاإل نكليزم ال كجهة لو كال شيء اثبت عنده‪ ،‬كىذا خبالؼ غَته فبن‬
‫كتعامل اإلخواف معهم‪ ،‬كخاصةن يف السجن‪.‬‬
‫ى‬ ‫تعاملت معهم‬
‫ي‬
‫اف إيطارل‪ ،‬كىو منافق حبق‪ ،‬يبتسم لك كيؤذيك يف‬
‫فمثال كاف ىناؾ سج ه‬
‫ن‬
‫اػبلف‪ ،‬كىذه حالةه مط ًردةه فيو‪ ،‬فهمها اإلخوة منو فاراتحوا‪.‬‬
‫سجُت إيراين من أحقر خلق هللا‪ ،‬فهمها‬
‫ه‬ ‫ع للطعاـ‬ ‫ككاف ىناؾ ًٌ‬
‫موز ه‬
‫اإلخوة منو فاراتحوا‪.‬‬
‫أما اإلنكليزم فال‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫كالغريب أف غَت اإلنكليزم من األيرلندم كاالسكتلندم كالويلزم‪ ،‬بل‬
‫ىمن كاف من ييوركشاير ييفهمك أكؿ ما تعرفو أنو ليس إنكليزاي ككأنو يريد أف‬
‫قذرا‪.‬‬
‫لست ن‬
‫يقوؿ لك‪ :‬ي‬
‫يوما يف كزارة الدفاع الربيطانية كاظبو‬
‫كقد سألٍت أحد اؼبيحققُت ن‬
‫ماكدغوؿ(ُ) عن رأيي يف اإلنكليز‪ ،‬فقلت لو قريبنا من ىذا‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬
‫قوـ قذركف»‪.‬‬
‫«صدقت‪ ،‬اإلنكليز ه‬
‫قلت لو بظبنا‪« :‬احذر‪ ،‬فهذا مسج هل عليك‪ ،‬مث كيف تقوؿ ىذا كأنت‬
‫إنكليزم؟»‪.‬‬
‫فرد علي‪« :‬أان اسكتلندم‪ ،‬كلست إنكليزاي»‪.‬‬
‫جائعا ؽبا‬ ‫بكلمة ك و‬‫و‬
‫طمعت ستبقى ن‬
‫ى‬ ‫الحة‪ ،‬فلو‬ ‫ال تطمع من اإلنكليزم‬
‫طواؿ عمرؾ‪ ،‬فاإلنكليزم يتعلم فن التورية كالعبارات الشكاكة حىت عندما‬
‫كثَتا ‪،)ِ(»]Not too bad[ -‬‬
‫ك‪« :‬ليست سيئةن ن‬ ‫تسألو عن أحوالو فييجيبي ى‬
‫يوقفك على‬
‫ى‬ ‫دائما‬
‫كىذا يكوف من أقرب الناس لك كاؼبيحامي كأمثالو‪ ،‬فهو ن‬

‫يومها من أجل قضية اغببيب رشيد رمدة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫(ُ)‬


‫بت ى‬‫كىذا قبل السجن بست سنُت‪ ،‬كقد طيل ي‬
‫كمولوع تسليمو لفرنسا‪.‬‬
‫(ِ) كىي عبارةه تيعادؿ عندان التعبَت عن حسن اغباؿ كلمة «اغبمد هلل»‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫عبارةو ؿبتى ىملى وة‪ ،‬كلقد قلت ىذا الكالـ للمحامية عن قضيتنا‪ ،‬كم أسبٌت أف‬
‫أظبع منها كلمةن كالحةن قاطعةن‪.‬‬‫ى‬
‫اإلنكليزم طويل النػ ىفس كغَت انفعارل‪ ،‬فكل عبارات الثناء ال تي ًٌ‬
‫غَت شيئنا‪،‬‬
‫ك منو! كىو‬
‫قدر عليك فىػ ىويٍػلى ى‬ ‫كما كل عبارات ًٌ‬
‫السب ال تيغضبو‪ ،‬كلكن إف ى‬
‫كتذىب عنك اغبالة اليت أنت‬ ‫و‬
‫للحظة بل يًتكك حىت تنسى‬ ‫ال يتصرؼ‬
‫ى‬
‫ليفاجئك أهنا موجودة كحالرة عنده‪.‬‬
‫ى‬ ‫سباما‬
‫فيها ن‬
‫سباما‪ ،‬كلكن احذر أف‬
‫كطوؿ النػ ىفس تتالءـ مع ىخصلة غَت االنفعاؿ ن‬
‫آاثرىا‬ ‫ً‬
‫فإف دل أيت كقتها فلن ترل ى‬
‫ذىبت من نفسو‪ٍ ،‬‬
‫ى‬ ‫سيك أك‬
‫تظن أنو نى ى‬
‫ً‬
‫ردىا فحينها‬ ‫ً‬
‫كقت يقد ير على ٌ‬
‫أبدا‪ ،‬حىت إذا جاء ه‬
‫أبدا‪ ،‬كلن يذكرىا لك ن‬‫ن‬
‫قدر على‬‫ب كيف ى‬‫ستعج ي‬
‫ى‬ ‫ستعلم كم ىي كبَتةه يف نفسو‪ ،‬كأنت بعدىا‬
‫ىسًتىا كل ىذه اؼبدة!‬

‫تعجب كأنت يف الطريق كتشاىد امر نأة إنكليزيةن تصفع كبقوة كجوى‬
‫برد كالثلج!‬ ‫و‬
‫زكجها‪ ،‬كمرات متعددة‪ ،‬كىو ه‬
‫آمرة إايه أف هبلس أك يًتؾ‬
‫كتعجب من األـ كىي زباطب ابنىها الصغَت ن‬
‫بلك ًٌ‬
‫ف نصف ساعة‪،‬‬ ‫عمال ما‪ ،‬كىو ال يستجيب‪ ،‬كىي ربدثو مطالبةن إايه ى‬
‫ن‬
‫كال تتحرؾ كبوه أبم حركة و‬
‫لرب أك إيذاء!‬ ‫ى‬

‫‪28‬‬
‫كهتينو أماـ كل الناس‪ ،‬كىو مطأطئ الرأس كابنها ربدثو‬
‫زكجها تضربو ي‬
‫إقناعو كىو الصغَت اؼبشاغب عدمي األخالؽ كالًتبية‪ ،‬كيف يتفق‬
‫كرباكؿ ى‬
‫ىذا كىذا؟‬
‫حرج فيو‪،‬‬
‫كلرب الزكج ال ى‬
‫ي‬ ‫فبنوع‪،‬‬
‫لرب الطفل ه‬‫اعبواب يسَت كسهل‪ :‬ي‬
‫أيت‬ ‫و‬
‫بغضب على كجو زكجتو عباءى إذل بلمارش‪ ،‬كقد ر ي‬ ‫يده‬
‫كالزكج لو مرر ى‬
‫بعضهم ىنا(ُ)‪ .‬كىذا يدؿ على قدرة ىذا اإلنساف على لبط نفسو‬
‫ى‬
‫كاستحضار جانب اؼبصلحة يف ًٌ‬
‫أشد حاالت االنفعاؿ الداخلية كاليت‬
‫وبرص أال يعرلها كال يراىا أحد‪.‬‬
‫أسود كإنكليزم‬
‫شاب ى‬‫كلذلك عليك أف تتصور دائما صورة اغبديث بُت و‬
‫ن‬
‫تململ تتحرؾ كل أعضائو‪،‬‬‫قد غضب كالنبا‪ ،‬فاألسود صار هخ يم ه‬
‫و‬
‫كبصوت ال تفرؽ بُت ارتفاعو‬ ‫كاإلنكليزم ال تتحرؾ منو سول شفتاه‬
‫كالبفالو يف حالىيت الرلا كالغضب‪.‬‬

‫(ُ) كلىما سئل كيف فعلتىها‪ ،‬كاف جواب أحدىم‪« :‬دل أعيد أطيق»‪.‬‬
‫اقتنع بإلسالـ‪،‬‬
‫افض للحياة‪ ،‬كىو اآلف حبمد هللا قد ى‬ ‫اكتشفت أنو شاب ر ه‬‫ي‬ ‫كبعد كقت قصَت‬
‫كوبضر معنا لصالة اعبمعة‪ .‬نسأؿ هللا لو اؽبداية التامة كالدخوؿ يف رضبة هللا‪.‬‬
‫ي‬
‫‪31‬‬
‫أما حديث إخواننا العرب فهو شيءه وبتاج إذل تصور خاص لتقريب‬
‫الصورة حىت يتخيلها اؼبرء‪.‬‬
‫فسر ذلك كلو أف اإلنكليزم ال شيء مقدس عنده سول اؼبنفعة‪ ،‬فال‬ ‫ي ً‬
‫ي ٌ‬
‫الدين لو أنبيةه كال العًرض كال األىل كال االبن كال الشرؼ! فقط أال ى‬
‫يؤذل‬
‫ىو يف ً‬
‫نفسو‪.‬‬
‫يوما مشكلةه ما كالطررت لالستعانة بؼبيحامي‪ ،‬فما كاف‬
‫كلقد كقعت ن‬
‫من ىذا اؼبيحامي اإلنكليزم إال أف نصحٍت ‪-‬ألخرج من اؼبولوع‪ -‬ب ً‬
‫هتاـ‬ ‫ى‬
‫صعق‪ ،‬كخرجت من أمامو‬ ‫ألقبو أان‪ ،‬يومها كدت أف أي ى‬
‫زكجيت كتوريطها ى‬
‫غَته‪ ،‬كانتهى‬ ‫أعد إليو‪ ،‬كحبمد هللا يومها دل أحتىج إذل و‬
‫ؿباـ ً‬ ‫ساب شاسبنا‪ ،‬كدل ي‬
‫ى‬
‫رت‪ -‬مدل‬ ‫ً‬
‫اؼبولوع برضبة هللا‪ .‬لكن لك ‪-‬أيها القارئ‪ -‬أف تتصور ‪-‬إف قىد ى‬
‫كمن معو من‬ ‫كينجو ىو ى‬
‫ى‬ ‫حقارة ىذا اإلنساف حُت ييفكر أف يورط زكجتىو‬
‫و‬
‫سخيفة ليس كراءىا كبَت أذل‪.‬‬ ‫و‬
‫قضية‬

‫‪30‬‬
‫ً‬
‫فسر عدـ‬
‫فاإلنكليزم عدميي اإلحساس أماـ قضااي القيم‪ ،‬كلعل ىذا يي ٌ‬
‫اىتمامهم‬
‫ى‬ ‫كجود فالسفة على الوجو اؼبىعركؼ يف اغبياة اإلنكليزية ألف‬
‫عندىم(ُ)‪.‬‬
‫نصب على اؼبنفعة كىي القيمة اغبقيقية ى‬
‫يم ى‬

‫(ُ)‬
‫عايشها كرأل‬
‫كىذه اغبادثة اليت سأسوقها لك ‪-‬كحدثٍت عنها اغببيب رشيد رمدة ألنو ى‬
‫شخص كردم اظبو اغبركي‬
‫ه‬ ‫يبة‪ :‬كاف ىناؾ‬
‫الشخصية الغر ى‬
‫ى‬ ‫صاحبها‪ -‬تكشف لك جبالء ىذه‬
‫«كاين يلماز» كاغبقيقي «مصطفى دكف التيشي»‪ ،‬كىو الناطق الرظبي بسم «حزب العماؿ‬
‫اتصلت بو اؼبعارلة الربيطانية ككانت‬
‫ٍ‬ ‫الكردستاين» يف أكركب‪ ،‬ككاف الجئنا سياسيا يف ىولندا‪،‬‬
‫يومها «حزب العماؿ الربيطاين» (كىذا عاـ ُْٗٗـ)‪ ،‬كمن الشخصيات اليت اتصلت بو‬ ‫ى‬
‫«ركبن كوؾ» و الذم استلم بعدىا كزارة اػبارجية‪ ،‬كطلبوا منو اغبضور إذل بريطانيا للحديث‬
‫عن قضية األكراد كاغبزب أماـ الربؼباف الربيطاين‪ ،‬فوافق بعد ربديد و‬
‫موعد ؽبذه اعبلسة كىذه‬
‫اعبلسات (أم السماع للسياسيُت ‪-‬الرظبيُت كاؼبعارلُت كغَتىم من األجانب‪ -‬أمر عادم‬
‫كحضر‪ ،‬كيف اؼبطار استقبلىو ىؤالء الربؼبانيوف العماليوف‪ ،‬كنزؿ‬ ‫و‬
‫كجار يف بريطانيا كغَتىا)‪،‬‬
‫ى‬
‫فورا‬ ‫ً‬
‫األخ رشيد أنو ذكر ؽبؤالء اؼبستقبلُت أنو على استعداد للعودة ن‬
‫أخرب بنفسو ى‬‫ليفا عليهم‪ ،‬ك ى‬‫ن‬
‫ليف‬ ‫و‬
‫مشكلة يف حضوره‪ ،‬فأكدكا لو أنو ه‬ ‫كبنفس الطائرة اليت حضر هبا إف كاف ىناؾ أم‬
‫أبدا‪ .‬كيف اليوـ احملدد للجلسة كاؼبساءلة يف‬‫عليهم‪ ،‬كعلى اغبكومة‪ ،‬كليس ىناؾ مشكلةه ن‬
‫الربؼباف الديبقراطي الربيطاين توجو يلماز إليو‪ ،‬كعلى بب الربؼباف كمعو مرافقوف تقدـ منو‬
‫شرطياف إنكليزايف كطلبا منو اغبديث ؼبدة طبس دقائق‪ ،‬فتحرؾ معهم‪ ،‬كإذ الوجهة ىي مركز‬
‫الشرطة‪ ،‬كمن مركز الشرطة إذل سجن بلمارش‪ ،‬كؼبدة أربع سنوات اتمة‪ ،‬كربت دعول‬
‫و‬
‫مطلوب للحكومة األؼبانية هبذه التهمة‪( .‬فهل‬
‫ه‬ ‫االنضماـ غبزب وٌ‬
‫إرىايب كمتطرؼ‪ ،‬كأف يلماز‬
‫سافل حقَته ال وبًتـ كلمتىو مثل ىؤالء اإلنكليز؟ ال أظن إال اليهود)‪.‬‬
‫إنساف ه‬
‫ىناؾ ه‬
‫‪31‬‬
‫ىذه تقريبنا يع ىمد الشخصية اإلنكليزية‪ ،‬كلكن لكل قاعدةو استثناء‪،‬‬
‫كأرجو من قارئ كالمي أال أيخذ تذكَتم بقاعدة «لكل قاعدةو استثناء»‬
‫سيندـ أشد الندـ‪.‬‬
‫أبف ينسى القاعدة كيذكر االستثناء‪ ،‬فحينها ى‬

‫بع سنوات اتمة يف بلمارش‪ ،‬كدل ىبرجو إال األؼباف‪ ،‬فقد حضر مندكب لوزير‬ ‫بقي يلماز أر ى‬‫ى‬
‫ً‬
‫كفاكلو على تصفية القضية كإطالؽ سراحو‪ ،‬كذلك أبف تيسلٌ ىمو بريطانيا‬ ‫الداخلية األؼباين‬
‫ى‬
‫اكم يف أؼبانيا ؿباكمةن صوريةن يوب ىكم من خالؽبا نفس اؼبدة اليت قضاىا يف بلمارش مث‬‫كوب ى‬
‫ألؼبانيا ي‬
‫احو‪ ،‬كىكذا كاف‪.‬‬‫ييطلىق سر ي‬
‫كمن الغريب يف األمر أنو كبوجود يلماز يف سجن بلمارش‪ ،‬صار ركبن كوؾ كز نيرا‬
‫(كذب يعلمو كل كاحد يسمع لو كيعرؼ‬
‫ه‬ ‫أنكر كليا أنو دعا يلماز إذل بريطانيا‬
‫للداخلية‪ ،‬ك ى‬
‫عندىم‪.‬‬
‫مسجوف ى‬
‫ه‬ ‫ليفهم الذم قطعوا لو كلمةى و‬
‫شرؼ‬ ‫القضية) كدل هتتز ؽبم شعرةه كاحدةه أف ى‬
‫كمثل ىذه اغبالة ما كقع لػ«بونًشيو» الرئيس التشيكي العسكرم‪ ،‬فهذا حضر إذل بريطانيا‬
‫ثبت بعد ذلك‪ ،‬كمع ذلك سجنتو اغبكومة الربيطانية ألف إسبانيا‬ ‫و‬ ‫و‬
‫لعقد صفقة عسكرية كما ى‬
‫أصبع ما ييقاؿ لو بػ«األعراؼ العسكرية»‪ ،‬مع أف‬
‫العادل ى‬
‫طالبىت بو‪ ،‬كدل ربًتـ بريطانيا أماـ ى‬
‫بونشيو كاف الداعم اغبقيقي للحملة الربيطانية يف حرهبا يف الفوكالند على األرجنتُت‪ ،‬فلم‬
‫ىبجل‬
‫ي‬ ‫أصبع أماـ مصلحتو‪ ،‬كال‬
‫العادل ى‬
‫يبيع زكجتو كأـ أكالده ك ى‬
‫يشفع لو شيءه‪ ،‬بل اإلنكليزم ي‬
‫من ىذا‪.‬‬
‫العادل ىمن كاف ييقيم عالقةن علنيةن مع‬
‫كيذكر أف بريطانيا كإسرائيل نبا الدكلتاف الوحيداتف يف ى‬
‫فعند زكاؿ ىذه الدكلة كانت بريطانيا من أقول‬‫حكومة جنوب أفريقيا العسكرية‪ ،‬كمع ذلك ى‬
‫الدكؿ يف عالقتها مع الدكلة اعبديدة‪.‬‬
‫كمن دل يعرؼ منهم ذلك فسيذكؽ الكثَت من سفالىتهم‪.‬‬ ‫كىكذا ىؤالء القوـ‪ ،‬ى‬
‫‪32‬‬
‫يف اليوـ الثاين لسجٍت‪ ،‬كيف الساعة اليت نكوف فيها يف الساحة الضيقة‬
‫الداخلية‪ ،‬كيف الساعة العاشرة رأل السجانوف كاؼبساجُت صورم يف‬
‫رجال‬
‫كخرب القبض علي‪ ،‬فصرخ اؼبساجُت لاحكُت أف بينهم ن‬ ‫األخبار‪ ،‬ى‬
‫مهما‪ ،‬كتبسم السجانوف‪ ،‬كمضت اغبياة‪.‬‬
‫كنت أتوقع زايرة اؼبيحامية رل يف أقرب و‬
‫فرصة كىذا ما أخربتٍت بو ‪-‬لىما‬
‫قيبض علي كاتصلت الشرطةي هبا من مركز بدنغتوف‪ -‬أهنا ستحاكؿ اجمليء‬
‫قبل هناية األسبوع‪ ،‬أم يوـ اػبميس أك اعبمعة‪ ،‬كلكن دل تستطع‪ ،‬فجاءىتٍت‬
‫كتبت فيها قصيدةن‪ ،‬أكىؽبا أقوؿ‪:‬‬ ‫بتسما‪ ،‬كقد ي‬ ‫لاحكا يم ن‬ ‫ن‬ ‫يوـ االثنُت‪ ،‬فقابلتيها‬
‫ِ‬
‫غَة ة ة ة ة ة ِ ظَة ة ة ة ة ة ٌ‬
‫الم ُتكة ة ة ة ة ة ْ‬ ‫ش وَك َ س ة ة ة ة ْ‬
‫غةةةة و ةةةة ٌ‬
‫كربدثت معها بلغيت اإلنكليزية اؼبيتة ال اؽبزيلةى‪ ،‬كأخربتٍت أف األخ أب‬
‫ي‬
‫عمار (ايسر السرم) مع بعض الشباب سيقوموف دبظاىرة أماـ رائسة‬
‫الوزراء تيطالب إبطالؽ سراحي‪ ،‬فشكرت ؽبم هللا مع علمي أهنا ال تي ًٌ‬
‫قدـ‬ ‫ي‬
‫موقعا طيًٌبنا‪.‬‬ ‫ً‬
‫تؤخر يف القضية‪ ،‬كلكن كقعت يف نفسي ن‬ ‫كال ٌ‬
‫يخ‬
‫السيء‪ ،‬ؽبا اتر ه‬
‫اؼبيحامية امرأةه قويةي النفس‪ ،‬ذكيةي العقل‪ ،‬رافضةه للواقع ًٌ‬
‫طويل يف الدفاع عن «اعبيش األيرلندم»‪ ،‬فهي ؿباميتهم‪ ،‬ال أظن ن‬
‫أحدا‬ ‫ه‬
‫قيل لك إهنا تعمل يف اليوـ‬
‫كوبًتمها‪ ،‬فلو ى‬
‫يراىا كيف تعمل كتنالل إال ى‬

‫‪33‬‬
‫أكثر من ستة عشر ساعة ًٌ‬
‫فصدؽ‪ ،‬كلو قيل لك‪ :‬إنو ال يوجد يف األرض‬
‫ؿباـ ـبلص يف الدفاع عن قضااي عمالئو مثلىها ًٌ‬
‫فصدؽ كذلك‪.‬‬ ‫و‬
‫ه‬
‫اظبيها‪ :‬غاريث بَتس [‪ ،]Gareth Peirce‬كبَتس ىو اسم أسرة زكجها‬
‫كما ىي يسنة الغرب يف نسبة الزكجة ألسرة الزكج بعد الزكاج‪.‬‬
‫خصاؿ بعد إخالصها لعملها كتفاعلها مع موٌكًليها‬
‫و‬ ‫أعظم ما فيها من‬
‫ك ي‬
‫حوؽبم‪ ،‬ىو حسها ًاؼب ىهٍت لً ىما ييبكن أف‬
‫كمن ى‬‫كىم فقط عندىا أىل السياسة ى‬
‫يقع معك كموقع قضيتك‪ ،‬كىذا ىو اعبانب الضعيف عند إخواننا‪ ،‬كمنو‬ ‫ى‬
‫كاف بعض اإلخواف يتهمها بلتقصَت ظانُت أهنا يبكن أف ربقق ؽبم أكثر‪،‬‬
‫قق ؽبم‪ ،‬كعليو دباذا‬ ‫ً‬
‫األعرؼ ل ىما يبكن أف يوب ى‬
‫دائما يظهر أهنا ىي ى‬
‫كلكن ن‬
‫تطالب‪.‬‬
‫ىذه اؼبرأة دل أكن أعرؼ أثر لحكي كانبساطي فيها عندما ز ىارتٍت‪ ،‬حىت‬
‫حت للحبيب رشيد رمدة بذلك‪ ،‬كىو تعجبها مٍت كمن لحكي كأان‬
‫صر ٍ‬
‫يف سجن بلمارش‪ ،‬كيف «الوحدة» سيئة ي‬
‫السمعة فيو‪ ،‬كقد تندرت معي‬
‫مرة أخرل من أجل اغبديث عن‬‫بعدىا بذلك‪ ،‬كخاصةن عندما جاءتٍت ن‬
‫لجرا»‪،‬‬
‫قضييت‪ ،‬فما كاف منها إال أف قالت‪« :‬أعرؼ أنك اآلف ستتثاءب ن‬
‫فقد اكتشفت أنٍت كلما ربدثت عن مولوعي إال كبدأ التثاؤب يغزكين‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫ربًتـ‬
‫(شاب جزائرم) إهنا ي‬ ‫ه‬ ‫ىذه اؼبرأة قالىت ألحد اإلخواف كىو بو تيمُت‬
‫قوما هبذه الصالبة كالقوة أماـ ًاؼب ىحن‪.‬‬
‫كثَتا كإهنا دل ىتر يف حياهتا ن‬
‫اإلخواف ن‬
‫يهدم هللاي قلبها لإلسالـ‪ ،‬كقد ذكرهتا بذلك عدة‬
‫كدعوت أف ى‬
‫ي‬ ‫سبنيت‬
‫كم ي‬
‫ﱩﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙﱨ‬ ‫مرات‪ ،‬كلكن‬
‫ً‬
‫قلت ؽبا كلمةن‪« :‬إف امرأةن عظيمةن مثلىك ال يى ي‬
‫ليق هبا ديننا‬ ‫[القصص‪ ،]ٓٔ :‬كلقد ي‬
‫اإلسالـ العظيم»(ُ)‪.‬‬
‫ي‬ ‫إال‬

‫(ُ) كقد طلبتٍت مرتُت للقاء هبا يف بيتها لتدارس ما سنعمل إزاءى القانوف اعبديد‪ ،‬كالذم‬
‫خاص يب‪ ،‬ككاف اللقاءاف بعد صالة الًتاكيح يف‬
‫قانوف ه‬
‫صرحت كزارةي الداخلية أكثر من مرة أنو ه‬
‫رمضاف‪ ،‬كحضر أحدنبا معي الشيخ أبو اؼبنتصر البلوشي‪ ،‬كاآلخر دكنو مع كجود و‬
‫إخوة يف‬ ‫ى‬
‫تعيشها ىذه اؼبرأة؛ فبيتها ال‬
‫ىلت لدرجة الزىد اليت ي‬
‫زكجها يف البيت‪ ،‬كقد ذي ي‬
‫اللقائُت‪ ،‬ككاف ي‬
‫اػبشب‪ ،‬كأرليتو‬
‫ي‬ ‫كصف متوالع‪ ،‬بل ىو ىخ ًر ه‬
‫ب قد تساقطت دىاانتو كتعرل‬ ‫ى‬ ‫يستحق‬
‫برز ما يف داخلها‪ ،‬ككاف من رغبات‬ ‫كمقاعد اعبلوس قديبةه جدا‪ ،‬قد ى‬
‫ي‬ ‫بساط فيها‪،‬‬
‫مكشوفةه ال ى‬
‫حصل‪ ،‬مث لىما قدمت لنا القهوةى فإذا كل‬
‫ى‬ ‫حصل ما‬
‫ى‬ ‫شبابنا القياـ بدىاف البيت كترتيبو كلكن‬
‫ثلوما‪ ،‬فكم سبنيت أف يكوف‬ ‫و‬
‫كوب ىم ن‬‫اآلخر‪ ،‬ككلها قديبةه‪ ،‬ككاف نصييب ن‬ ‫ـبتلف عن ى‬‫ه‬ ‫كوب‬
‫مشاىبنا اليوـ يف يىجر ًاهن يم الدنيا كهذه اؼبرأة اليت عي ًرض عليها لقب «ليدم – [‪ »]Lady‬من‬
‫و‬
‫حقوؽ‬
‫ى‬ ‫وبًتـ‬
‫اللقب من بلد ال ي‬‫ي‬ ‫اؼبلكة الربيطانية إليزابيث فرفضتو‪ ،‬كقالت‪« :‬ال يي ٌ‬
‫شرفٍت ىذا‬
‫أحدىم عيرض‬ ‫سبوف على ًىبات أكلياء األمور ى‬
‫الك ىفىرة‪ ،‬كدل أظبع قط أف ى‬ ‫اإلنساف»‪ ،‬كمشاىبينا ير ى‬
‫عليو الوزارة فردىا دبا ردت بو غاريث بَتس على اؼبلكة إليزابيث‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫سد اإلخواف أهنم‬
‫كرب ي‬ ‫قضية ىغ و‬
‫يبية قط‪ ،‬ى‬ ‫لألسف ىي ال ربمل يقيننا على و‬
‫ي‬
‫يشعركف بليقُت على ىذا اإلسالـ العظيم‪.‬‬
‫فكتبت القصيدةى ؽبا كىي سريعةه‬
‫ي‬ ‫توقعت ؾبيئها يوـ االثنُت‪،‬‬
‫ي‬ ‫كنت قد‬
‫ي‬
‫كتبت لزكجيت كأبنائي رسالةن أطمئنيهم فيها على نفسي كأين يف‬
‫جدا‪ ،‬ك ي‬
‫أحسن و‬
‫حاؿ مع هللا كمع نفسي‪ ،‬كقد كقعت الرسالة من األىل كاؼباء البارد‬
‫تسليمها لألىل كإال الهتمت‬
‫على الظمآف‪ ،‬كالرسالة مع اؼبيحامية ألنو ييبنىع ي‬

‫كفيك ىذا لوصفو‪ ،‬مع أف ىذه اؼبرأة ىي أشهر و‬


‫ؿبامية يف‬ ‫ي‬ ‫سيم بيتها‪ ،‬كيى ى‬
‫أما مكتبها فهو قى ي‬
‫ب أهنا إذل اآلف دل تقبض منذ طبس سنوات أم جنيو عن قضية رشيد رمدة‪،‬‬
‫كستعج ي‬
‫ى‬ ‫بريطانيا‪،‬‬
‫شقيقها‪.‬‬
‫كمع ذلك تقاتل عليو كأنو ي‬
‫أف بلغىها كىي يف نيويورؾ قصة القبض علي يف اؼبرة األكذل‬ ‫ً‬
‫إخالصها لعملها ٍ‬ ‫كمن شدة‬
‫فورا‬
‫فخرجت ن‬‫عيدركس كخالد الفواز كعادؿ عبد اجمليد ى‬ ‫ككانت ىناؾ من أجل قضية إبراىيم ى‬
‫صباحا‪،‬‬
‫ن‬ ‫صباحا يف الساعة الثامنة‪ ،‬ككانت عندم الساعة العاشرة‬
‫ن‬ ‫إذل اؼبطار ككصلت لندف‬
‫صباحا حىت‬
‫ن‬ ‫ربضر من التاسعة‬
‫ككانت خالؿ يومُت حضرهتما معي يف التحقيق‪ ،‬كانت ي‬
‫السادسة مساءن‪ ،‬كلىما أيطلق سراحي الساعة الرابعة مساءن كانت ىي يف مركز الشرطة يف قضية‬
‫آخرين‪ .‬كحبق ىي تقضي أكثر عي يمرىا يف السجوف كدكائر الشرطة‪.‬‬ ‫و‬
‫إخوة ى‬
‫لقد قالت قبل يومُت (اليوـ ٕ‪ )ََِّ/ٔ/‬للشيخ أيب صهيب أهنا ال تكاد تناـ كىي‬
‫ً‬
‫الرد على اهتامات اغبكومة لنا‪.‬‬
‫تدرس كيفية ٌ‬
‫احد قرأ كل ملفو‪ ،‬كمع ذلك ىي قالت رل إهنا قرأت ملفي‬ ‫أخ ك ه‬
‫كالعجيب أنو ال يوجد ه‬
‫مرات كمرات‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫مرة أخرل‪،‬‬
‫اؼبيحامية بتهمة توصيل الرسائل كىذا يبنعها من لقاء اؼبساجُت ن‬
‫ثبت الرسالةى‬ ‫ً‬
‫تطلعهم عليها فقط‪ ،‬كعسى أف أقدر أف أي ى‬
‫كلكن يبكن ؽبا أف ى‬
‫كقت و‬
‫قادـ‪.‬‬ ‫ىنا يف و‬
‫علمت من اؼبيحامية أف األىل و‬
‫تفصيل لعدـ كجود ًٌ‬
‫أم‬ ‫و‬ ‫خبَت من غَت‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫معلومة لدل اؼبيحامية عنهم إال أهنم اآلف يف بيتًهم‪.‬‬
‫و‬

‫ة ص »‪:‬‬ ‫ًة أخ ى عن حلي ة «‬


‫سن اؼبساجُت معي سول‬ ‫احد‪ ،‬كلكن كاف كًرب ًٌ‬‫اغبياةي رتيبةه على نىس وق ك و‬
‫ى‬
‫عامال على االستقرار كقلة اؼبشاكل(ُ)‪ ،‬ككاف ىناؾ اثناف‬
‫األيرلندم الشاب ن‬
‫اىتماـ بلرايلة جعالين أفكر منذ اليوـ األكؿ يف إزالة الدىوف الكثَتة‬
‫ه‬ ‫ؽبما‬

‫(ُ) إال أنو كمن غرائب األمر يف ىذه «الوحدة» العاتية يف شدة اغبراسة ‪-‬فما من حر و‬
‫كة‬
‫كجدت ىمن عرض‬ ‫دقيقا‪-‬‬
‫تفتيشا ن‬
‫عده ن‬ ‫تتحركها إال مصورةه‪ ،‬كما من و‬
‫انتقاؿ تنتقليو إال كتيفتش ب ى‬
‫ي‬
‫أحدىم‪ ،‬كقاؿ‪« :‬ىل تريد‬ ‫علي بيع ًٌ‬
‫اؼبخدرات‪ ،‬فذات و‬
‫ذبوؿ يف الساحة اػبارجية تقدـ مٍت ي‬
‫نطق كلمة «حشيش» بلعربية مع أنو إنكليزم كال ي‬
‫يعرؼ غَت لغة‬ ‫حشيشا؟»‪ ،‬كالغريب أنو ى‬
‫ن‬
‫كقلت لو‪:‬‬
‫مت لو ي‬ ‫بلده‪ ،‬بل لغةى الشارع فيها‪ ،‬كلعلو تعلمها من ىذا الشارع العجيب‪ ،‬فتبس ي‬
‫و‬ ‫ً‬
‫أدخ ين أم شيء ال اغبشيش كال السجائر»‪ ،‬كىذا يدؿ أف السجانُت ى‬
‫أنفسهم فيهم‬ ‫«أان ال ٌ‬
‫تنهار األبنية مهما بلغت قوهتا‬
‫أبدا‪ ،‬كمنو ي‬ ‫فساد‪ ،‬كىو العنصر الوحيد الذم ال يبكن إغالقو ن‬
‫يقعوف يف ىذا األعماؿ طلبنا‬ ‫بعدىا أف السجانُت مر و‬
‫ات كثَتة‬ ‫جزـ رل الكثَت ى‬
‫ى‬ ‫كصالبتها‪ ،‬كقد ى‬
‫يل كل القلوب إليو إال اؼبتعلقة برهبا‪.‬‬
‫للماؿ الذم ىسب ي‬
‫‪37‬‬
‫من بدين‪ ،‬كلذلك رأيت الضحكات من السجانُت كاؼبساجُت كأان أقف‬
‫على اآللة الرايلية ‪-‬كمنها ثالث آالت يف القاعة الداخلية‪ -‬ألمارس أكؿ‬
‫عملية ر و‬
‫ايلية‪ ،‬إذ رأكا شيئنا غريبنا ككتلةن دىنيةن ثقيلةن تسعى ؼبمارسة الرايلة‪،‬‬ ‫و‬
‫كقد رأيت الضحكات فلم أعبأ هبا كازبذهتا على كجو الدعابة ال‬
‫يل ىذه الدىوف كالشحوـ‪ ،‬كحبمد هللا‬‫االستهزاء‪ ،‬كقررت من يومها أف أيز ى‬
‫و‬
‫شهور‬ ‫بلغ كجودم يف بلمارش سبعةى‬
‫كىا أان أكتب ىذه الكلمات كقد ى‬
‫لت ِْ كيلو من ىذه الشحوـ‪ ،‬فوزين اآلف ىو ٖٓ كيلو‪ ،‬كال‬ ‫و‬
‫اتمة أز ي‬
‫كقت و‬
‫قادـ‬ ‫أفكر إال بتثبيتو على ىذا النحو‪ ،‬كىذه قضيةه ردبا أعود ؽبا يف و‬
‫ي‬
‫و‬
‫ككرقات اتلية‪.‬‬

‫ليال بعد الساعة السابعة مساءن من‬


‫كاف من عادة السجناء أف يتحدثوا ن‬
‫النوافذ‪ ،‬كقد مارستها مثلهم مع األخ عمار كىو يف الطابق فوقنا‪ ،‬كال يبكن‬
‫أف ألتقيو إال يوـ اعبمعة‪ ،‬كيوـ األربعاء حيث ىوبضر اإلماـ لنا لعدـ قدرتو‬
‫يوـ اعبمعة‪.‬‬
‫على اغبضور ى‬
‫أسبوع نيقل األخ «مصطفى لبسي»‬
‫كاف اغبديث يبتد ساعةن بيننا‪ ،‬كبعد و‬
‫إذل اعبهة اليت فيها عمار‪ ،‬فصار اغبديث أكثر تشعبنا‪ ،‬كبعد أربعة أايـ‬
‫االنفعاؿ األخوين أبف أخذا‬
‫ي‬ ‫رت ؽبم سورة «الربكج» فأخذ‬
‫تطوعت أف فس ي‬
‫‪38‬‬
‫تكبَتىم‪ ،‬كىم ال يعلموف ؼباذا‬ ‫ً‬
‫بلتكبَت كالتهلل‪ ،‬كردد معهم بعض األتراؾ ى‬
‫ىذا‪.‬‬
‫تقدـ بعض اؼبساجُت ‪-‬كىو جوين اليهودم كما يدعي‪ -‬إذل مسؤكؿ‬

‫«الوحدة» أبف ى‬
‫طلب منو نقلي إذل حيث اإلخوة الثالثة كأخربين هبذا‬
‫لعف لغيت‬
‫ى‬ ‫الطلب‪ ،‬كقد أر ىاد مساعديت ألكوف معهم كجعل اغبجة‬
‫كحاجيت لًتصبة اإلخواف رل كطلبيو ىو رغبيت كال شك‪.‬‬
‫اإلنكليزية‪ ،‬ى‬
‫صليت اعبمعة التالية‪ ،‬كبعد اعبمعة جاءين أحد السجانُت كأخربين أين‬
‫ي‬
‫فقلت‪ :‬جاء الفرج‪ ،‬كفرح رل اؼبساجُت أين سأنتقل عند‬
‫قلت إذل فوؽ‪ ،‬ي‬ ‫ني ي‬
‫أصدقائي من العرب‪.‬‬
‫بعيدا حىت عن ظباع صويت ؽبم‬ ‫نعم‪ ،‬نيقلت إذل فوؽ‪ ،‬كلكن و‬
‫عبهة أخرل ن‬
‫كالمنا كتكبَتاتىنا قهرهتم‪ ،‬فقرركا حىت إبعادم‬
‫كعلمت أف ى‬
‫ي‬ ‫صوهتم‪،‬‬
‫أك ظباعي ى‬
‫و‬
‫بكلمة‬ ‫ؾباؿ أف أتكلم‬
‫صوهتم كليست صورىهتم فقط‪ ،‬كلئن كاف ىناؾ ه‬ ‫عن ً‬

‫بية كاحدةو يف الزنزانة األكذل‪ ،‬فإف األسبوع كاف ينقضي دكف أف أظبع أك‬
‫عر و‬
‫و‬
‫بكلمة عربية يف الزنزانة الثانية فوؽ‪.‬‬ ‫أف أتكلم‬

‫‪41‬‬
‫شعرت‬
‫ي‬ ‫البعيد عن الشباب‪،‬‬
‫ى‬ ‫القسم‬
‫ى‬ ‫كفوؽ ىذا قسماف‪ ،‬كاختاركا رل‬
‫خَت أكثر و‬
‫بكثَت فبا‬ ‫ببعض القهر كلكن عدت لنفسي أف ما عندم من و‬
‫ى‬
‫أستحق‪ ،‬فاغبمد هلل رب العالىمُت‪.‬‬
‫كشعرت برق وة يف‬
‫ي‬ ‫كداع يؿب وٌ‬
‫ب‬ ‫معي بلقسم ى‬
‫عند نقلي كدعٍت ىمن كاف ى‬
‫أمكث معهم سول أسبوعُت فقط‪ ،‬كلكن‬ ‫كبقر و‬
‫ب منهم مع أين دل ي‬ ‫ً‬
‫قلوهبم ي‬
‫طبيعة العالقة األكذل ككقعها على النفس‪.‬‬
‫حديث ليلي مع أحد‪ ،‬كعلى‬
‫ى‬ ‫زنزانةه جديدةه‪ ،‬كيف «الوحدة اػباصة»‪ ،‬كال‬
‫الباب يمعلقةه كرقةه عليها درجيت األمنية «عالية السرية»‪.‬‬

‫عصرا‪ ،‬ككاف كقتىها اؼبساجُت يف الساحة الداخلية كقد جلسوا‬


‫قلت ن‬
‫ني ي‬
‫أترؾ ترتيبىها‬
‫فيها‪ ،‬فولعت أمتعيت اليت ضبلتيها معي كطلب مٍت السجاف أف ى‬
‫خرجت اآلف للجلوس مع اؼبساجُت كحدثتهم فهو‬
‫ي‬ ‫بعد إغالؽ الغرفة‪ ،‬كلو‬
‫خَته رل‪.‬‬
‫شباب‬ ‫بلمحة سر و‬
‫و‬
‫اكتشفت أف ىؤالء اعبدد أغلبهم ه‬
‫ي‬ ‫يعة‬ ‫قليال‪ ،‬إذ‬
‫ترددت ن‬
‫قلت يف نفسي‪ :‬ىي البداية كال‬
‫لحكهم كصراخهم‪ ،‬كلكن ي‬
‫ي‬ ‫يتعاذل‬
‫صغار ى‬
‫كجلست على كرسي معهم‪ ،‬بعد أف كزعت‬
‫ي‬ ‫خرجت‬
‫ي‬ ‫بيد منها‪ ،‬فبعد دقائق‬
‫ابتساميت فأجابوين دبثلها‪.‬‬
‫ى‬ ‫عليهم‬
‫‪40‬‬
‫عند خركجي للقاء اؼبيحامية قبل ذلك‪ ،‬مررت على الساحة اػبارجية‪،‬‬
‫ككاف فيها ىؤالء كفيهم شاب يلبىس عمامة تينبئ أنو سيخي ىندم‬
‫خرجت من غرفيت كاف ىو يف زنزانتو‬
‫ي‬ ‫متعصب‪ ،‬ىذا الشاب السيخي‪ ،‬لىما‬
‫ه‬
‫نفسو أنو « ًسيڤي»‪،‬‬
‫كصافحٍت كابتىسم كقدـ ى‬
‫ى‬ ‫فخر ىج بعد غبظات كتقدـ مٍت‬
‫شاكرا لو إايىا إذل يومنا‬
‫بقيت ن‬
‫كجلس جبانيب‪ ،‬ككانت منو صبيلةن رائعةن‪ ،‬ي‬
‫ىذا‪.‬‬
‫كىو شاب مع اثنُت من بٍت دينو كملتو كبلده‪ ،‬يسجنا كذلك بتهمة‬
‫اإلرىاب‪ ،‬كأعلمٍت بعض اإلخواف كقد جاءتو كرقة فيها عدد اؼبسجونُت‬
‫احد‬
‫بتهمة اإلرىاب يف بريطانيا‪ ،‬فلم يكن فيها إال أظباء اإلخوة كأان ك ه‬
‫ً‬
‫السيخ‪.‬‬
‫منهم‪ ،‬كىؤالء ٌ‬
‫ىذا السيخي «سيڤي» كاف متعبنا من و‬
‫أمور أنبها جحود أىل ملتو لو‪،‬‬
‫فعلى الرغم من أف السيخ أثرايء ىنا يف بريطانيا‪ ،‬إال أف زكجتو كاليت دل‬
‫يبكث معها قبل السجن إال ستة شهور‪ ،‬كقد أحضرىا من اؽبند كغريبةه كل‬ ‫ي‬
‫الغرابة عن بريطانيا‪ ،‬إذ خرجت من قر وية و‬
‫انئية إذل بريطانيا‪ ..‬ىذه الزكجة دل‬
‫جعل «سيڤي»‬
‫مأكل ؽبا من ىؤالء السيخ كال ىمن يقوـ هبا‪ ،‬كىذا ى‬
‫ذبد ن‬
‫تكن ي‬
‫ينكر يف غبظات اعًتافو رل بدينو‪ ،‬بل شك يف و‬
‫غبظة بوجود و‬
‫خالق ؽبذا‬

‫‪41‬‬
‫كصار ىحٍت‬
‫الكوف‪ ،‬كقد ربدثت معو عن اإلسالـ‪ ،‬ككعدين أف يفكر بألمر‪ ،‬ى‬
‫يغَت دينو فلن يكوف يف السجن‪ ،‬كلكن بعد اػبركج‪ ،‬ككنت‬‫أنو إف قرر أف ًٌ‬
‫كحده ال بيد ً‬
‫غَته‪.‬‬ ‫أيلًح عليو أف يسارع قبل اؼبوت‪ ،‬كلكن ىداية هللا ً‬
‫بيده ى‬ ‫ي‬
‫مرة أخرل ألف لو حكاية مع اإلنكليز‪ ،‬كأم‬ ‫كسأعود ؽبذا الشاب ن‬
‫حكاية!‬

‫حضر معنا اعبمعة كسل ىم‪،‬‬


‫بعد غبظات تقدـ الشاب اإلسباين كالذم ى‬
‫عجيب ذكي‪ ،‬دل أحفظ اظبىو لغرابتو‪ ،‬كأان ال أعرؼ من األظباء‬
‫ه‬ ‫شاب‬
‫كىو ه‬
‫األجنبية إال القليل‪ ،‬فإف دل يكن اؼبتحدث معي اظبو من ىذه األظباء‪،‬‬
‫(ُ)‬ ‫فعلى حفظ ً‬
‫اظبو السالـ!‬
‫طالب‬
‫قليم يي ي‬
‫علمت من ىذا الشاب أنو من إقليم الباسك‪ ،‬كىو إ ه‬
‫ي‬
‫بالستقالؿ عن إسبانيا‪ ،‬كقد عمل لد الدكلة اإلسبانية كىرب إذل‬
‫بريطانيا‪ ،‬فطالبت إسبانيا بتسليمو‪ ،‬كىذه قضيتو‪ ،‬كاؼبيحامية اؼبًتافعة عنو ىي‬
‫غاريث بَتس‪ ،‬كىي أستاذة ىذا الفن‪ ،‬أم الدفاع عن ىذه القضااي‬
‫السياسية‪.‬‬

‫(ُ)‬
‫أخربين األخ اغببيب رشيد رمدة لىما قرأ كالمي ىذا أف اظبىو «ماكازاكا» كقد ى‬
‫مكث معي‬
‫مدة يف ىذه «الوحدة» قبل ؾبيئي‪.‬‬
‫ن‬
‫‪42‬‬
‫علمت منو‬
‫ي‬ ‫شاب عمره أقل من ثالثُت سنة‪ ،‬ييذىلٍت ىدكؤه كاطمئنانو‪،‬‬
‫ه‬
‫ملحد ال يؤمن بدين‪ ،‬كىذا أخذه من أبيو‪ ،‬إذ أبوه عمل لد فرانكو‬
‫أنو ه‬
‫اإلسباين‪ ،‬ككاف شيوعيا ككذا أيمو‪ ،‬كقد تناقشت معو حوؿ ىذا األمر‪ ،‬كال‬
‫أدرم مدل أتثَتم فيو‪.‬‬
‫مضطرب‪ ،‬كدل ىأره ساخطنا قط‪ ،‬يعيش هبدكء اتـ كأنو يف‬
‫ن‬ ‫يوما تىعًبنا‬
‫دل ىأره ن‬
‫خرجت؟»‪.‬‬
‫ى‬ ‫بيتو‪ ،‬كسألتو‪« :‬ماذا ستفعل لو‬
‫فأجاب‪« :‬سأعود ألحرر بلدم من اغبكم اإلسباين»‪.‬‬
‫كنت أظن أين الوحيد الذم أدرؾ ىذا منو‪ ،‬كلكن جاءين بعد أسبوعُت‬
‫ي‬
‫أحد الشباب العرب ‪-‬كما سأذكر عندىا‪ -‬كالتقيت بو بعد شهرين كىو‬
‫فقاؿ رل ما أقولو ىنا‪.‬‬
‫يف نفس القسم‪ ،‬ى‬

‫أحد يف ىذه «الوحدة»‪ :‬السيخي‪،‬‬ ‫لقد رأيت التعب على كل و‬


‫ي‬
‫األيرلنديُت‪ ،‬األتراؾ‪ ،‬األكراد‪ ،‬إال ىذا الشاب كإخواننا‪ ،‬كخاصةن األخ‬
‫صالح كعمار كمصطفى‪.‬‬

‫كاآلف إذل اغبديث عن كل ك و‬


‫احد من ىؤالء األحبة‪:‬‬

‫‪43‬‬
‫يكوف كل شبابنا مثلو‪ ،‬ىذا‬
‫ى‬ ‫‪ :‬آهو كألف وآه كحسرةو أال‬ ‫عم ر خم‬
‫الشاب الذم ال تراه إال صامتنا‪ ،‬كإف ربدث فبثقل اللساف اعبزائرم اؼبعركفة‬
‫هبا بعض اؼبناطق ىناؾ‪ ،‬كإف عمل فهو الدكالب الذم ال يتوقف‪ ،‬ال‬
‫الكلل كال يبلك أف يهدأ‪ ،‬ككهللا لوال ـبافة أف تقع ىذه الورقات بيد‬
‫يعرؼ ى‬
‫الع ىجب‪،‬‬
‫ألخربت أىل اإلسالـ عن أبنائهم ى‬ ‫ي‬ ‫األخباث فتيتخذ لده‬
‫فيكوف ؽبم قدكة‪.‬‬
‫ى‬ ‫يعمل أمثاؿ عمار ـبلويف‬
‫كلكشفت للشباب كيف ي‬
‫ي‬
‫أملك‬ ‫ً‬
‫أقدر أف أيكفٌيىهم حقهم يف اغبديث كال ي‬ ‫كم أشعر بلقهر أين ال ي‬
‫شهيدا‪.‬‬
‫سول الدعاء لو كألمثالو‪ ،‬كلكن يكفيو أف هللا يعلمو‪ ،‬ككفى بهلل ن‬
‫مطلوب اآلف ألمريكا‪ ،‬قيبض عليو قبل عاـ من القبض‬
‫ه‬ ‫ىذا الشاب‬
‫كدائما يولع أبنو ًصلةي العالقة مع تنظيمات متعددة من قًبىل‬
‫ن‬ ‫علي‪،‬‬
‫جهات و‬
‫أمنية‪.‬‬ ‫و‬ ‫قطعا إال من‬
‫الصحافة‪ ،‬كالصحافة ال أتخذ ىذا ن‬
‫كبذؿ النفس‬
‫كترؾ النقد ى‬
‫ما رأيت منو إال دماثةى األخالؽ كحب الناس ى‬
‫(مرة أخرل أشعر بلقهر أال أربدث عنك اي‬
‫ود اليد كشجاعةى اإلقداـ‪ .‬ن‬
‫كج ى‬
‫ي‬
‫عمار)‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫كقفار كجباؿ من‬
‫ه‬ ‫كدايف‬
‫ه‬ ‫ألايديك‬
‫ى‬ ‫تشهد‬
‫ى‬ ‫يكفيك أيها اغببيب أف‬
‫ى‬
‫جهودؾ تطأ عليها قدـ و‬
‫ؾباىد كيلبىس عليها اجملاىد ثيابىو ‪ ..‬كيكفي ‪ ..‬كيف‬ ‫ى‬
‫ي‬
‫القلب ىغصة!‬

‫صطفى بس ‪ :‬ه‬
‫شاب ىو الربكاف‪ ،‬دل ىأره قبل إال عندما قيبض علي اؼبرة‬
‫ت حورل لعلي‬ ‫خرجت من غرفة أخذ البصمات ككنت أتلف ي‬
‫ي‬ ‫األكذل‪ ،‬إذ‬
‫قائال‪« :‬صربنا‪ ،‬فإف‬
‫حليق يصرخ يف ن‬
‫شاب ه‬
‫بض عليو معي‪ ،‬كإذ ه‬
‫أعرؼ ىمن قي ى‬
‫اؼبوعد اعبنة» ‪ ..‬ىمن ىذا الشاب؟ ال أعرفو كدل ىأره من قبل!‬
‫ى‬
‫أخربين بعد اللقاء بو يف «الوحدة اػباصة» يف سجن بلمارش أف من‬

‫أيمنياتو كىو يف اػبارج أف يراين كييعانقٍت‪ ،‬قاؿ‪« :‬فر ى‬


‫أيتك يف مركز الشرطة‬

‫ألكؿ مرة‪ ،‬كىا أان أر ىاؾ ىنا يف السجن‪ ،‬فاغبمد هلل ًٌ‬
‫رب العالىمُت»‪.‬‬
‫ىذا شاب دائم اغبركة‪ ،‬طيب القلب‪ ،‬تزكج قبل سجنو من و‬
‫أخت من‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ه ي‬
‫كترؾ يف‬
‫ينعم معها أبايـ حىت قيبض عليو‪ ،‬ى‬
‫يكد ى‬
‫أكركب الشرقية‪ ،‬فلم ى‬
‫يدب على األرض‪.‬‬
‫أحشائها جنيننا حبيبنا‪ ،‬كابنيو اآلف ي‬
‫كثَتة يف السجوف‬
‫أكقاات ن‬
‫ب لعدة دكؿ‪ ،‬مع أنو أمضى ن‬
‫كىو كذلك مطلو ه‬
‫الفم ماء!‬
‫من أؼبانيا إذل بريطانيا‪ ،‬كغَتىا‪ ..‬كيف ى‬

‫‪45‬‬
‫الدمعة كالتأثر‪ ،‬فما أف تتحدث عن الدين كاإليباف كاعبهاد إال‬
‫يع ى‬ ‫سر ي‬
‫تشعر بو يتحرؾ ككأف بو الفر ىح العارـ‪ ،‬ككانت تكبَتاتيو ىي سبب نقلي إذل‬
‫فوؽ ‪-‬كما تقدـ‪ ،-‬فإنو دل يكد يسمع حديث أصحاب األخدكد حىت‬
‫ساة القلوب!‬
‫أزعج قي ى‬
‫كبػىر كبشدة‪ ،‬كبتكبَتاتو ى‬
‫أسرؾ‪.‬‬
‫كيفك ى‬ ‫تك ي‬ ‫ك اي مصطفى‪ ،‬كأسأؿ هللا أف ييثبًٌ ى‬ ‫شه يد هللا على يحبًٌ ى‬
‫أي ً‬
‫ك أمثاؿ مصطفى‪ً ،‬‬
‫كشهد هللا‬ ‫أنت عظيمةه اي أرض اعبزائر إبخر ًاج ً‬
‫ككم ً‬
‫ى‬
‫مثيل ؽبا يف الدنيا كيف‬ ‫و‬
‫[أين] دل ىأر أرؽ من قلوب أىل اعبزائر‪ ،‬مع لبوة ال ى‬
‫األرض كلًٌها!‬

‫شاب‬ ‫صالح ع دة‪ :‬من مواخَت ًٌ‬


‫اؼبخدرات إذل نبة اإلسالـ كاعبهاد‪ ،‬ه‬
‫فلسطيٍت األصل‪ ،‬أردين اؼبىنبىت كاغبياة‪ ،‬جاء أكركب من أجل الدنيا‬
‫فجذبىتو اؽبدايةي إذل شباب اعبهاد‪ ،‬فصار زىرةى الشباب إف‬
‫كاؼبعاصي ى‬
‫داعب‪ ،‬كعقلىهم الربمء إف تكلم؛ فما أف ييداعبىهم بلكلمات القديبة من‬
‫ى‬
‫حياتو اؼبالية حىت تنفر ىج أساريرىم بلضحك كالبىسمة من ىذا اغبديث‬
‫العجيب‪.‬‬
‫اؼباؿ‬
‫كرفع لو الربيطانيوف ى‬
‫كساكىمو اؼبرتدكف على دينو ى‬
‫قدر هللا لو البالءى‪ ،‬ى‬
‫أمامو‪،‬‬ ‫كآخرتو فهرب إذل هللا كالدار ً‬
‫ليبيع دينو ً‬
‫صغارا ى‬
‫ن‬ ‫اآلخرة‪ ،‬كصاركا‬ ‫ى‬
‫‪46‬‬
‫فالحقو الربيطانيوف حىت قبضوا عليو يف أؼبانيا‪ ،‬كدل يستطيعوا إال ًٌاهت ىامو‬
‫ى‬
‫سجوف سهلةه‬ ‫ه‬ ‫و‬
‫بقضية تتعلق بؽبجرة‪ ،‬كمع ىذه القضية السهلىة كاليت ؽبا‬
‫حقدىم عليو أنو رماىم كالزبلة إال أف كلعوهي يف‬‫ميسورةه‪ ،‬فما كاف من ً‬
‫ى‬
‫ًٌ‬
‫أشد و‬
‫سجن كيف «الوحدة اػباصة» فيو‪.‬‬
‫صالح ىو الصرب‪ ،‬أخربين عن أيًٌمو أهنا مكثت ثالثُت عا نما كىي ربمل‬
‫ابننا ؽبا كىو معاؽ دل ً‬
‫تشتك منو غبظةن‪ ،‬فتعلم منها الصرب‪ً ،‬‬
‫كشهد هللا دل ىأره‬ ‫ى‬
‫األجر عند هللا‪.‬‬
‫لاحكا ؿبتسبنا ى‬
‫ن‬ ‫يوما إال‬
‫ن‬
‫كذب‬ ‫و‬
‫كانت أكؿ ىدايتو مع شباب من أىل اإلرجاء فبن ييقاؿ ؽبم ن‬
‫فأجاب‪« :‬كاف‬
‫ى‬ ‫بلسلفيُت‪ ،‬فسألتو‪« :‬كيف تركتهم إذل شباب اعبهاد؟»‬
‫ينفر من كالمهم يف تسمية حكاـ العرب بوالة األمر‪ ،‬مع أين أعرؼ‬
‫قليب ي‬
‫فساد اغبياة ؽبذه األنظمة من أصغر جندم إذل اغباكم اإلدارم‬
‫يف جاىلييت ى‬
‫يف البالد»‪.‬‬
‫سجُت يف‬ ‫أنت اآلف‬ ‫و‬
‫ه‬ ‫جنت على معصية ك ى‬
‫صالح‪ ،‬فكم يس ى‬
‫ي‬ ‫لك هللا اي‬
‫ى‬
‫ذات هللا كيف سبيلو!‬
‫اتصلت هبا من السجن‪ -‬فأخربتو‬
‫ي‬ ‫يوما عن أمي ‪-‬كقد أخربتو أين‬
‫سألٍت ن‬
‫بكت‪ ،‬فضحك كقاؿ‪« :‬أمي أشجع من ًٌأمك‪ ،‬فأمي ي‬
‫تقوؿ رل‪ :‬يلعن‬ ‫أهنا ى‬

‫‪47‬‬
‫و‬
‫كبلهجة‬ ‫اغبكاـ كأمريكا‪ ،‬هللا ينصركم‪ ،‬كال يهمك» (كلمات امرأة عجوز‬
‫فلسطينية و‬
‫أردنية عامية)‪.‬‬ ‫و‬
‫تفرغ صالح غبفظ القرآف يف السجن‪ ،‬كيف مدة ثالثة شهور حفظ شبانية‬
‫ذكرت طرفةن لو يف كتاب «شذرات من اغبياة»‪ ،‬ذلك أنو قاؿ‪:‬‬
‫أجزاء‪ ،‬كقد ي‬
‫مت ػبطبة‬
‫كنت أخاؼ يف اػبارج إف تقد ي‬‫«إف حفظي للقرآف أعجوبة؛ فقد ي‬
‫و‬
‫سورة «البقرة» فأتورط‪ ..‬اآلف اؼبهر ه‬
‫جاىز لو‬ ‫تشًتط ى‬
‫ى‬ ‫متدينة أف‬ ‫يد بنت‬
‫طلبت ذلك»‪.‬‬
‫ماض كاف لو ككيف ىو‬‫ىمن رأل جسم صالح كما يخط عليو‪ ،‬ىعلً ىم أم و‬
‫يعجب ألف ىذا ىو اإلسالـ العظيم كقدرتو على ربويل اػبلق‪.‬‬
‫ى‬ ‫اآلف‪ ،‬كلن‬
‫اي ربنا لك اغبمد حىت ترلى على نعمك العظيمة‪ ،‬كأعظمها نعمة‬
‫اإلسالـ‪ ،‬كنعمة دمحم ﷺ(ُ)‪.‬‬

‫(ُ)‬
‫قررت قراءهتا عليهم عند لقائنا‬
‫أبياات سريعةن ي‬
‫ذكره‪ -‬ن‬‫قلت فيهم كبلشيخ يونيس ‪-‬اآليت ي‬‫كقد ي‬
‫شديدا‪ ،‬كىذه األبيات ىي‪:‬‬
‫فرحا ن‬
‫يف األسبوع الثاين من لقائي‪ ،‬ففرحوا هبا ن‬
‫‪48‬‬
‫بعد عشرة و‬
‫أايـ من كصورل بلمارش‪ ،‬كأان يف مكاين األكؿ‪ ،‬أىل علينا‬
‫يليق هبذا الشهر‬‫شهر رمضاف اعبميل الرائع‪ ،‬كالسجن حبق ي‬ ‫اف ي‬ ‫كاإلخو ى‬
‫و‬
‫العظيم‪ ،‬فأنت يف خلوةو فيو من أكؿ يوـ لنهايتو‪ ،‬كإين أي ي‬
‫شهد هللا تعاذل أين دل‬
‫أغبق‬ ‫ً‬
‫حاكلت أف ى‬
‫ي‬ ‫أصبل من ىذا الشهر يف بلمارش‪ ،‬كقد‬ ‫رمضاان ى‬
‫ن‬ ‫أعش قط‬
‫طويال‬
‫أعماؿ يف ىذا الشهر سبنيتيها ن‬ ‫ببعض ما كصل إلينا عن السلف من و‬
‫ً‬
‫كدل أقدر عليها إال ىنا سجيننا‪ ،‬فاغبمد هلل ًٌ‬
‫رب العالىمُت‪.‬‬

‫بة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َ أج هة ة ة ة ة ة ة ة ة ة بة ة ة ة ة ة ة ة ة ة و ِ‬ ‫ن جة ة ة ة ة ة ة ة ة ة‬ ‫م أع ة ة ة ة ة ة ة ة ة ِ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ٍ‬ ‫صة ة ة ة ة ة ة ة ةةاء كةة ة ة ة ة ة ة ة ة‬


‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ة ة ة ة ة ة َ ة ة ة ة ة ة ه ة ة ة ة ة ة ِسة ة ة ة ة ةةم ُ ة ة ة ة ة ة ِ‬ ‫ِِمَ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ٍ ه ة ة ة ة ة ة ة ة ة‬
‫ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ا ة ة ة ة ة ة ة ة ة ٌ وعط ة ة ة ة ة ة ة ة ة ُ‬
‫ُايَّةة ة ة ة ة ة ة ة بِسة ة ة ة ة ة ة ةةمتِه و ة ة ة ة ة ة ة ة ة ِ‬ ‫سة ة ة ة ة ة ة ة ة‬ ‫ة ة ة ة ة ة نَ ة ة ة ة ة ة ُ ِطّية ة ة ة ة ة ِ‬
‫َ‬ ‫« َع َّمة ة ة ة ة ة ر» فع ة ة ة ة ةةُُ‬
‫كة ة ة ة ة ة ة ة ة ر ية ة ة ة ة ة ة ة ة َ رةُ ِفعة ة ة ة ة ة ة ة ة ِ ص ة ة ة ة ة ة ة ةةف ِ‬ ‫َخ َ ة ة ة ة ة ة ِ ي ة ة ة ة ة ة و ُْسُة ة ة ة ة ة ُ َ ْ ة ة ة ة ة ة ُ و ب ة ة ة ة ة ة‬
‫َ‬ ‫ُ َْ‬
‫« بس ة ة ة ة » ة ة ة ةةب و« ُص ة ة ة ةطََفى» ب ة ة ة ة ِ‬ ‫س ِد ُر رد ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة‬ ‫و حلة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َ بة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ُ‬
‫ب ةةةةةةةةِ ةةةةةةةة ِ‬ ‫ِ‬
‫و ة ة ة ة ة ة ة ة ّ ُن ط ة ة ة ة ة ة ة ة ٌ‬ ‫وأج َالهة ة ة ة ة ة ة ة ة َ فَة ة ة ة ة ة ة ة ة‬
‫عة ة ة ة ة ة ة ة ة َ حلية ة ة ة ة ة ة ة ة ةَ ْ‬
‫هلل فَ سة ة ة ة ة ة ةةم ْ ة ة ة ة ة ة ة َ ى ر ُِس ة ة ة ة ة ة ة ِ جبة ة ة ة ة ة ةةال ِ‬ ‫صة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ٌ َ ُ َ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة‬ ‫و«ص ة ة ة ة ة ة ة ة ة ةةالح» ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ر دوه ة ة ة ة ة ة ة ة ة بة ة ة ة ة ة ة ة ةةُ فَة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َّ ع ْي ة ة ة ة ة ة ة ة ة ِ‬ ‫وم ُك َّفةة ة ة ة َر ِ ة ة ة ة ْةن أجة ة ة ة ِةُ َّة ة ة ةةمي‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ةةةة سةةةة َ‬
‫ِ‬
‫َُْنة ة ة ة ة ة ة ة َكة ة ة ة ة ة ة ة ِرم ُ ة ة ة ة ة ة ة ِةم َ بِ ة ة ة ة ة ة ةةي ِ‬ ‫و ة ة ة ة ة ةةي ُُ ة ة ة ة ة ة نُ ع ُم ة ة ة ة ة ة ُ َ نُة ة ة ة ة ة ب ة ة ة ة ة ة‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ت ج ة ة ة ة ة ة خالص ة ة ة ة ة ة ِ ة ة ة ة ة ةةن إس ة ة ة ة ة ة ِر ِع ة ة ة ة ة ة ِ‬ ‫ةالم َرِّّب ي ة ة ة ة ة ة ُ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ص ة ة ة ة ة ةةبَ‬
‫ةب هبَّة ة ة ة ة ة ة ُ َّ‬ ‫فس ة ة ة ة ة ة ُ‬ ‫ج‬

‫كظبيتها يومها‪« :‬عشارية أصحاب «الوحدة اػباصة» يف سجن بلمارش»‪.‬‬


‫‪51‬‬
‫يف ىذا الشهر كبًت و‬
‫تيب من إماـ السجن يومها الشيخ الطيب الرائع‬
‫تغَتت األطعمة للصائمُت فقط‪ ،‬كلكن بقيىت على‬
‫يونيس الباكستاين ى‬
‫بكستانية و‬
‫ىندية‪.‬‬ ‫و‬ ‫بساطتها مع نى و‬
‫كهة‬
‫ائع‪ ،‬ىح ىس ين األخالؽ‪ ،‬حنفي اؼبذىب من غَت‬
‫شاب ر ه‬
‫الشيخ يونيس ىذا‪ ،‬ه‬
‫ب‪ ،‬فقد كاف ييصلي معنا صالةى العصر على توقيت اعبمهور ال‬ ‫تعص و‬
‫األحناؼ‪ ،‬دائم الب ً‬
‫ك ليس‬ ‫إمام ى‬ ‫سمة‪ ،‬وٌ‬
‫كحبق مع ىؤالء القوـ ىرب ىمد هللا أف ى‬ ‫ى ى ى‬
‫سجن آخر بو و‬
‫احد من ىؤالء‪ ،‬رأكا‬ ‫و ى‬ ‫مدخليا «سلفيا»‪ ،‬فقد تورط اإلخوة يف‬
‫للعجب العيجاب!‬
‫منو الشركر ى‬
‫العادل أصبع يف التلفزيوف الربيطاين‬
‫كيكفي أف بعضهم اعًتؼ كأماـ ى‬
‫قدـ التقارير لد شباب اعبهاد‪ ،‬بل قاؿ‬ ‫كالصحاؼ الربيطانية أنو كاف ي ًٌ‬
‫ي‬
‫رسائل إذل كزارة الداخلية يوبًٌرض‬
‫ى‬ ‫أرسل‬
‫أحد مسؤكرل اؼبساجد منهم ىنا أنو ى‬
‫الدكلةى عليهم‪ ،‬فإان هلل‪ ،‬كاغبمد هلل على عافية اإلسالـ‪.‬‬
‫يج إحدل اؼبدارس الدينية يف بريطانيا‬‫كتاب هللا‪ًٌ ،‬‬
‫خر ي‬ ‫وبفظ ى‬
‫الشيخ يونيس ي‬
‫(مشاؿ بريطانيا) بناىا األحناؼ الباكستانيوف كاؽبنود‪ ،‬كفيها وبفظ اؼبرء‬
‫كتاب هللا تعاذل كيدرس الشريعة على طريقة اؼبدارس الدينية يف القارة‬
‫رت ىذه اؼبدرسة قبل طبس سنوات مع الشيخ اغببيب أيب‬
‫اؽبندية‪ ،‬كقد ز ي‬

‫‪50‬‬
‫عظيما‪،‬‬
‫خَتا ن‬
‫الوليد األنصارم من أجل دراسة كلع ابنو كليد‪ ،‬فرأينا فيها ن‬
‫خَت اعبزاء‪.‬‬
‫القائمُت عليها ى‬
‫ى‬ ‫فجزل هللا‬
‫كدين ىم و‬
‫تُت‪ ،‬يلتزـ‬ ‫قومي و‬ ‫ىذا الشيخ ‪-‬أم يونيس‪ -‬حبق صاحب يخلي وق و‬
‫ي‬
‫و‬
‫كظباحة‪ ،‬كاف ال‬ ‫بلسمت اإلسالمي‪ ،‬كيف كجهو ىيبةي الشيوخ مع و‬
‫طيبة‬ ‫ى‬
‫طلب منو ذلك‪ ،‬كقد عرؼ كيف يتعامل مع‬‫اَن عن تقدمي يد العوف ؼبىن ى‬
‫يتو ى‬
‫اؼبسؤكلُت يف بلمارش‪ ،‬كلذلك حص ىل للمسلمُت الكثَت من اغبقوؽ‪.‬‬
‫فطلب‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫كلكن شدة األكلاع يف بلمارش من مر و‬
‫أرىقو ى‬‫كتقييد ى‬ ‫كتفتيش‬ ‫اقبة‬
‫الناس‬ ‫ع‬‫كد‬ ‫األلحى‬ ‫عيد‬ ‫يوـ‬ ‫ففي‬ ‫ذلك‪،‬‬ ‫لو‬ ‫فكاف‬ ‫آخر‬ ‫نقلىو إذل و‬
‫مكاف‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫كأخرب اؼبصلُت بعدىا أنو انتقل إذل إمامة اؼبسلمُت يف إحدل اؼبستشفيات‬
‫القريبة من بيتو‪ ،‬كلكنو دل ينقطع عن الزايرة لنا يف بعض أايـ األحد‪ ،‬فيأيت‬
‫قليال‬
‫للحظات يقف مع اإلخوة من كراء الباب (بب الزنزانة) فييحدثهم ن‬
‫كيبضي‪ ،‬كإف جاءى كقت خركج اإلخوة لساعة االجتماع يف داخل القاعة‬
‫قليال‪.‬‬
‫كقف معهم ن‬
‫ى‬
‫فذىابك عنا خسارةه لإلخوة كال‬
‫ى‬ ‫جز ىاؾ هللا اي شيخ يونس خَت اعبزاء‪،‬‬
‫شك!‬

‫‪51‬‬
‫أحد من األئمة العمل يف بلمارش لً ىما يعلموف من‬
‫كبعد ذىابو دل يقبل ه‬
‫سوء األحواؿ ىنا‪ ،‬فالشيخ يونيس قد كتب فيو اإليطارل السجاف اػببيث‬
‫تقر نيرا أنو هبلس معنا يف داخل الزنزاانت مع أف ىذا اإليطارل يتعمد‬
‫منافق؟)‪.‬‬
‫الضحكات معو كمع اإلخوة (أدل أقل عنو إنو ه‬
‫كلذا كاف وبضر للجمعة بعض أصدقاء الشيخ يونس من اإلخوة العجم‪،‬‬
‫شاب اظبو عبد هللا‪،‬‬
‫فيخطب ه‬
‫ي‬ ‫فيخطبوف كيذىبوف‪ ،‬كمرات ال أييت إلينا أحد‬
‫كىذا كلو حديث‪ ،‬بعد انتقارل من «الوحدة اػباصة» إذل السجن العاـ مع‬
‫الشباب الذين ىم معي ربت طائلة القانوف الديبقراطي اإلنساين!!‬

‫كانت جريدة «اغبياة» ك«الشرؽ األكسط» ك«القدس» أتيت لإلخوة يف‬


‫«الوحدة اػباصة»‪ ،‬فبعد قراءهتا يرسلوهنا مع السجانُت رل للقراءة‪ ،‬كبعض‬
‫رجل كبَت ًٌ‬
‫السن بريطاين لو‬ ‫السجانُت كاف يرفض‪ ،‬كلكن أفضلىهم يف ذلك ه‬
‫و‬
‫خوؼ من اهتامو بلطيبة‬ ‫ابنةه أسلمت‪ ،‬فكاف ي ًٌ‬
‫قدـ بعض خدماتو على‬ ‫ي‬ ‫ى‬
‫يوما ألعب «كرة الطاكلة» ى‬
‫فطلب‬ ‫كحسن األخالؽ‪ ،‬كقد رآين ىذا السجاف ن‬
‫ي‬
‫ففعلت‪ ،‬كلكن دل ييعد ؽبا مرةن أخرل‪.‬‬
‫ي‬ ‫اللعب معي‬
‫قررت منذ اليوـ األكؿ أف أجعل الساعة اليت نقضيها يف الساحة‬
‫ي‬
‫اػبارجية للقرآف حفظنا كمراجعةن‪ ،‬كقد كاف؛ فقلما أربدث مع و‬
‫أحد يف ىذه‬
‫‪52‬‬
‫نكوف فيها‬
‫اآلخرين يف الساعة اليت ي‬ ‫ً‬
‫يكوف مع ى‬
‫ماما‪ ،‬كحديثي ي‬ ‫الساعة إال ل ن‬
‫أغلب اؼبساجُت عما أردد كأفعل كأان‬
‫ي‬ ‫يف الساحة الداخلية‪ ،‬كقد سألٍت‬
‫فأخربهتم‪ ،‬كقد‬
‫ي‬ ‫أمشي لًما يصدر مٍت من حر و‬
‫كات خالؿ اغبفظ كاؼبراجعة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ى‬
‫مدة ال أحفظ رقمي اعبديد يف‬ ‫مكثت ن‬‫ي‬ ‫سباما‪ ،‬كقد‬
‫كانوا وبًتموف ىذا ن‬
‫السجن‪ ،‬فكاف رد «جوين اليهودم» على ذلك بػ«أنك ال ربفظو ك ى‬
‫أنت‬
‫مشغوؿ حبفظ القرآف»‪ ،‬ى‬
‫قاؽبا كىو يضحك‪.‬‬ ‫ه‬
‫علمت منذ األايـ األكذل أنو يبكن لك شراء بعض األطعمة اػباصة‪،‬‬‫ي‬
‫يومها دل أشعر أين‬
‫كبعض اغباجيات اليت تيريدىا كالشامبو كالصابوف‪ ،‬كلكن ى‬
‫و‬
‫لشيء من ذلك‪ ،‬كإف تغَت ىذا الشعور بعد انتقارل مع اإلخوة إذل‬ ‫و‬
‫حباجة‬
‫السجن العمومي‪.‬‬
‫جار غر و‬
‫يب ال وبلو لو الصراخ كالغناء كفتح‬ ‫كجود و‬ ‫ً‬
‫قي ٌدر رل يف ىذا اؼبكاف ي‬
‫ات‬ ‫و‬ ‫ً‬
‫تفع إال بعد منتصف الليل‪ ،‬كأتخذه لىم ه‬ ‫بصوت مر و‬ ‫سجل‬
‫الراديو أك اؼبي ٌ‬
‫تكوف‬
‫ي‬ ‫و‬
‫صرخات عاليةن‬ ‫و‬
‫متقطعة من الليل فيصر يخ‬ ‫و‬
‫أكقات‬ ‫من اؼبرض يف‬
‫جاره اللصيق‪.‬‬
‫معاانيت منها أكثر من غَتم ألين ي‬
‫هما بلقتل كمعو يف ًٌ‬
‫الشق اؼبقابل لقسمنا رفيقو يف التهمة‪ ،‬كلكن‬ ‫كاف يمت ن‬
‫يض بؼبناداة‬ ‫و‬
‫أحدا‪ ،‬كمرات يبدأ ىذا اؼبر ي‬
‫يزعج ن‬‫ىادئ كال ي‬
‫دل يكن مثلىو‪ ،‬بل ه‬

‫‪53‬‬
‫فيق‬
‫كقطعا أف كل السجن يى ي‬
‫كسط الليل على صديقو اؼبقابل لنا فىػيىػيرد عليو ن‬
‫على ىذا اغبديث كالنداء‪.‬‬
‫غَت اإلسباين كالسيخي كىذا اؼبريض كصديقو‪ ،‬كاف معنا ىنا أربعةي‬
‫أيرلنديوف ‪ ،‬كلهم قضاايىم تتعلق بلتفجَت‪ ،‬كىم يف نفس قضية الشاب‬
‫عقاب‬
‫بعد عنهم ن‬ ‫علمت بعد ذلك أنو أي ى‬
‫ي‬ ‫الذم كاف معي يف األسفل‪ ،‬كالذم‬
‫التفتيش يف ىذه‬
‫ى‬ ‫رفض طلبنا من الشرطة بتفتيشو‪ ،‬كذلك أف‬
‫لو ألنو ى‬
‫و و‬
‫تفتيش يف‬
‫ه‬ ‫فشعر ىذا الشاب أنو‬ ‫«الوحدة» يتكرر ن‬
‫كثَتا‪ ،‬كبطريقة يمزرية‪ ،‬ى‬
‫شجاع‪ ،‬كمع‬ ‫شاب‬ ‫صغَت ًٌ‬ ‫و‬
‫ه‬ ‫فثار عليهم‪ ،‬كىو حبق ه‬‫السن ى‬ ‫نيات أخرل كونيو ى‬
‫اىتماـ بقضية بلده (أيرلندا) كربريرىا من اإلنكليز‪ ،‬كقد‬
‫ه‬ ‫صغره لكن لو‬
‫وبًتـ جهاد أىل فلسطُت لكن ال يفهم كدل يقتنع‬ ‫حادثتو فوجدتو ي‬
‫نفسو!»‪،‬‬ ‫اؼبرء‬ ‫ر‬ ‫بلعمليات االستشهادية‪ ،‬كقاؿ‪« :‬ال أتصور كيف ي ً‬
‫فج‬
‫ي ي ي ى‬ ‫ٌ‬
‫فكاف جوايب لو‪« :‬إهنا اعبنة»‪.‬‬
‫قعد يتحرؾ‬
‫من األربعة الذين معي فوؽ‪ :‬اثناف أى ىخواف‪ ،‬أحدنبا يم ه‬
‫و‬ ‫ً‬
‫وٌ‬
‫حديدم‬ ‫مسمار‬ ‫أسبوعا‪ ،‬إذ أيجريىت لو عمليةي زرع‬
‫ن‬ ‫غاب عنا‬
‫بلعصي‪ ،‬كقد ى‬
‫امتعاض لعاؼ القلوب‬
‫ى‬ ‫برزا كييثَت‬
‫عاد كاف ىذا اؼبسمار ن‬
‫يف رجلو‪ ،‬كلىما ى‬
‫معنا‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫األيرلنديوف معنا طيبوف‪ ،‬كيسارعوف للصداقات‪ ،‬فقد ظبعٍت ىذا‬

‫قع يد» أطلب شامبو للحماـ من الشرطي‪ ،‬فسار ى‬


‫ع إلحضار شامبو رل‪.‬‬ ‫«اؼبي ى‬
‫امتنعت عن‬
‫ي‬ ‫زبفيف كزين‬
‫ى‬ ‫قررت‬
‫ككنت أبدؽبم بعض اإلحساف؛ فإين لىما ي‬
‫كثَت فبا يعطىى رل من شراب (عصَت) كفواكو‪ ،‬فكنت ًٌ‬
‫أقدمها ؽبم‪،‬‬ ‫ي‬ ‫أكل و ي‬
‫كثَتا‪.‬‬
‫كقد أثػىرت فيهم ىذه األمور ن‬
‫بعد أسبوعُت رل ىنا (يف ُٔ‪ )ََِِ/ُُ/‬خرجنا للفسحة الداخلية‪،‬‬
‫جديدة‪ ،‬إذ اد ىعت اغبكومة القبض على‬
‫ن‬ ‫أخبارا‬
‫ىناؾ ن‬‫فأخربين السيخي أف ى‬
‫شباب و‬
‫مسلم يفكر بتفجَت القطارات يف بريطانيا‪ ،‬كىي هتمةه ثبت كذهبا‬
‫كأهنا ملفقةه‪ ،‬كلكن أرادت الدكلة استنفار الناس قبل أعياد اؼبيالد عندىم‪،‬‬
‫يوـ إذل السجن العمومي فكانت‬ ‫ككاف جارم اؼبريض اؼبزعج قد نيقل قبل و‬

‫الزنزانة كزنزانة صديقو قد فىػىر ىغتا‪.‬‬


‫و‬
‫بضيوؼ جدد‪ ،‬ككقع يف قليب أهنم إخوةه لنا‪،‬‬ ‫[يف] الساعة الثانية شعرت‬
‫كقد اهتموا بالهتاـ السابق‪.‬‬
‫مباشرة إذل‬
‫ن‬ ‫ذىبت‬
‫ي‬ ‫كبلفعل‪ ،‬عند الفتح للساعة الثانية للفسحة اػبارجية‬
‫اقفا ككجهو إذل‬
‫شخصا ك ن‬
‫ن‬ ‫الزنزانة اليت جبانيب كأين أعرؼ ىمن فيها‪ ،‬فرأيت‬

‫‪55‬‬
‫أخ من اإلخوة‪ ،‬دل يكن رل‬
‫ت إرل كعانقتو فإذا ىو ه‬
‫مت فالتف ى‬
‫النافذة فسل ي‬
‫عرض عن ذكر اظبو و‬ ‫و‬
‫ػبَت لو حىت ال يؤذل‪.‬‬ ‫كبَتي معرفة بو‪ ،‬كسأي ي‬
‫أخا طيبنا‬
‫إذف جاءين أخ عريب ييذىب عٍت بعض الغربة‪ ،‬كقد كاف ن‬
‫آاثرىا يف كجهو من الضيق‬ ‫سهال‪ ،‬كلكن التهمة الشديدة مع كذهبا كانت ي‬
‫ن‬
‫كإذىاب‬
‫ى‬ ‫فحاكلت التسليةى عنو‬
‫ي‬ ‫قادـ من اؼبيحاكمة‬ ‫كالتعب‪ ،‬كخاصةن أنو ًٌ‬
‫لتوه ه‬
‫كحشتو فانفرجت بعض أساريره‪ .‬مث نيقل ىذا األخ إذل السجن العاـ بعدم‬
‫ؿباكمة كال و‬
‫هتمة‪ ،‬كىكذا‬ ‫و‬ ‫بشهر ك و‬
‫احد‪ ،‬مث بعد ستة و‬
‫شهور أخلوا سبيلو بال‬ ‫و‬
‫اػبطر عن طريق لحااي من‬‫مرركا اللعبة األمنية على شعوهبم كلخموا ؽبم ى‬
‫اؼبسلمُت ال انقةى ؽبم كال صبل‪ ،‬كدفعوا ىذا من حياهتم كنفوسهم كقلوهبم‪،‬‬
‫كىذا األخ الطيب كاف يف قسم التعليم عندما جاء أمر اإلفراج عنو‪ ،‬كجاءه‬
‫اغبارس ليخربه أف عليو أف يذىب إذل قسم يف السجن ألهنم طلبوه فسألو‬
‫الشباب عن السبب‪ ،‬فلم ييًرٍد اغبارس ى‬
‫إخبارىم حىت أصركا عليو فأخربىم‪،‬‬
‫نفسو لبلده‪ ،‬كقاؿ‬ ‫ً‬ ‫فتعجب األخ جدا ألنو كاف قبل و‬
‫قليل يفكر أف ييسلٌم ى‬
‫العذاب البدين كال ىذا العذاب النفسي»‪ ،‬كمع ذلك جاءه‬‫ي‬ ‫ألخ معو‪« :‬‬
‫و‬
‫غبظة كىو هبمع متاعو غَت م ًٌ‬
‫صد وؽ‪ ،‬كيظن أهنا ىمكيدةه‬ ‫الفرج كبقي إذل آخر و‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫لو‪.‬‬
‫بؼبغص عندما ىبرج أحد اؼبساجُت ألهنم‬ ‫كالعجب أف اغبراس ييصابوف ى‬
‫يشعركف بػبطر على كظائفهم‪ ،‬فلو ىخلىت السجوف لصاركا يف الشارع‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫كاف رمضاف‪ ،‬ككانت صالة العصر قريبةن جدا من صالة اؼبغرب‪ ،‬فردبا‬
‫دخلت صالة العصر كاؼبغرب كأان يف الساحة اػبارجية‪ ،‬فكنت آخذ معي‬
‫سجادة الصالة‪ ،‬كبعض حبات سبر لإلفطار‪ ،‬كدل أكن أعلم أف ىذا األمر‬
‫مسموح بو أىـ ال‪.‬‬
‫ه‬
‫تغَتت كجوه السجانُت غضبنا عند قدكـ األخ‪ ،‬فاإلعالـ فعل فعلىو‪ ،‬فلما‬
‫األخ حبات و‬
‫سبر‪ ،‬كأعطيتو‬ ‫أعطيت ى‬
‫ي‬ ‫طيلب منا اػبركج إذل الساحة اػبارجية‪،‬‬
‫مانعا لنا ضبل‬
‫سجادة الصالة‪ ،‬كما كدان لبرج حىت اعًتلنا أحد السجانُت ن‬
‫أم و‬
‫شيء للساحة اػبارجية؛ ال التمر كال سجادة الصالة‪ ،‬كقاؿ‪« :‬ىذا لد‬ ‫ًٌ‬
‫القانوف»‪ ،‬ارتفعت حراريت كلغطي كغضيب‪ ،‬فقد كاف تصرفنا مبنيا على‬
‫كتمو‪ ،‬فقلت لو‪« :‬كلكن الكل أيخذ معو‬ ‫و‬
‫حقد دل يستطع ىذا السجاف ى‬
‫الفواكو للساحة اػبارجية»‪ ،‬فقاؿ‪« :‬ال‪ ،‬غَت صحيح» (ال تتعجب من‬
‫كذبو‪ ،‬ألنو إنكليزم كقح!)‪ ،‬فاشتد صراخي كىي اؼبرة الوحيدة يف ىذه‬
‫أعداد من الشرطة على‬
‫ه‬ ‫فهجمت‬
‫ى‬ ‫كغضبت‪،‬‬
‫ي‬ ‫لت هبا‬ ‫«الوحدة» اليت ى‬
‫انفع ي‬
‫لنصلي على‬
‫ى‬ ‫الصراخ‪ ،‬كيف النهاية يمنعنا كما أراد ىذا الشرطي‪ ،‬كخرجنا‬
‫األرض الصلبة اؼبيتعبة‪ ،‬كيتأخر إفطاران إذل ما بعد دخوؿ الوقت‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫مسؤكؿ العنصرية‬
‫ي‬ ‫علمت بعد ذلك أف ىذا الشرطي اػببيث‬
‫ي‬ ‫العجيب أين‬
‫يف ىذه «الوحدة»‪ ،‬يعٍت «حاميها حراميها»‪ ،‬بل أتكدت بعد ذلك ‪-‬كىذا‬
‫مسؤكال عن مكافحة العنصرية‬
‫ن‬ ‫إبصباع من اإلخوف‪ -‬أف السجن ال يضع‬
‫و‬
‫حاقدا على كل ىمن ىو غَت إنكليزم‪،‬‬
‫يف السجن إال ىمن كاف عنصرناي حبق‪ ،‬ن‬
‫كلعلي آيت على الشواىد بعد ذلك(ُ)‪.‬‬
‫يوـ اػبميس‪.‬‬
‫كاف ىذا اليوـ ى‬

‫(ُ) أخربين رشيد بعد ذلك أف ىذا اػببيث مسؤكؿ العنصرية‪ ،‬كاف يتعمد إاثرة إبراىيم‬
‫عيدركس ليؤذيو‪ ،‬فاألخ إبراىيم تربيتو عسكرية‪ ،‬كما سيأيت‪ ،‬كفيو اعتداد‪ ،‬فما أف يشعر بوخزة‬
‫اكم عليو (كسيأيت‬ ‫يثور‪ ،‬كىكذا كاف ينجح ىذا اػببيث معو ليدفعو و‬
‫لعمل يوب ى‬ ‫أحدىم لو‪ ،‬حىت ى‬
‫شرح احملاكمات يف السجن إف شاء هللا)‪ .‬ككذلك أخربين اإلخواف أف ىذا اجملرـ استغل‬

‫خركج اإلخواف إذل الساحة اػبارجية ‪-‬يوـ أف كانوا يف «الوحدة اػباصة»‪ -‬ى‬
‫فبقي أبو ريدة (أبو‬
‫كقاـ‬
‫فدخل عليو اجملرـ مع اثنُت من اغبراس كلربوه؛ إذ قيده االثناف ى‬
‫ى‬ ‫رظبي) يف زنزانتو ؼبرلو‪،‬‬
‫يض ال يقدر على‬ ‫ىو بلضرب‪ ،‬فلما شكى عليهم احتجوا أنو ىو الذم كاجههم (مع أنو مر ه‬
‫اج الرايح‪.‬‬
‫اغبركة)‪ ،‬كلعدـ كجود شهادة مع األخ‪ ،‬ذىبت [اغبادثة] أدر ى‬
‫كقد جاء ىذا الشرطي إذل السجن العاـ كرآين‪ ،‬فتعجب من كزين‪ ،‬فسألٍت فلم أيًرد أف‬
‫أكلمو كأغلقت معو اغبديث‪ ،‬فتوجو إذل رشيد رمدة‪ ،‬كقاؿ لو‪« :‬عثماف (كىو اسم ىج ًٌدم كما‬
‫العادة يف التسمية ىنا) نزؿ كزنو أكثر من أربعُت كيلو»‪ ،‬فرد عليو رشيد ردا أر ىاد سبو فيو‪،‬‬
‫فقاؿ‪ً « :‬من قهركم كنبومكم كمشاكلكم معو»‪ ،‬فرد اػببيث‪« :‬لكن كبن نراه يبارس الرايلة‬
‫سباما‪ ،‬يف كل تصرفايت‪ ،‬كأهنم يتحدثوف عٍت فيما بينىهم‪.‬‬
‫ب ن‬ ‫فعلمت أين مراقى ه‬
‫ي‬ ‫جيدا»‪،‬‬
‫ن‬
‫‪58‬‬
‫[كيف] يوـ اعبمعة الذم يليو‪ ،‬حدثت اإلخواف بألمر‪ ،‬فأخربين عمار أف‬
‫السماح حبمل‬ ‫سمح ضبلو يف الساحة اػبارجية‪ ،‬كفيها‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫ىناؾ الئحةن ل ىما يي ى‬
‫الفواكو‪ ،‬كما ييعُت على الصالة ألم دين‪ ،‬مع إمكانية السجُت فبارسة‬
‫عبادتو ؼبدة طبسة عشر دقيقة‪ ،‬كقاؿ رل‪« :‬سأقرؤىا على السجانُت»‪ ،‬كقاؿ‬
‫حاججهم هبا»‪ ،‬كأعطاين رقم‬
‫رل‪« :‬ىي موجودةه عندان يف القسم كيبكن أف أي ى‬
‫حبثت عن ىذا القرار فلم أجده عندان‪ ،‬كقد تبخر‪ ،‬لكن‬
‫القرار‪ ،‬كلكن ي‬
‫كىب ىرب ىذا السجاف (مكافح‬ ‫لقسم ًو أف ى‬
‫أيخذه ي‬ ‫استطاع عمار بعد عودتو ً‬
‫ى‬
‫ىبجل فهو إنكليزم‪.‬‬
‫العنصرية) بو‪ ،‬كلكن ال تتوقع أف ى‬
‫كلىما خرجنا يف اليوـ التارل ضبلنا معنا ما أردان‪ ،‬كلىما كصلنا للتفتيش قاؿ‬
‫لنا ىذا اؼبكافح لػ«العنصرية» اػببيث‪« :‬ؼباذا ال أتخذكف معكم التمر كما‬

‫يلزمكم؟» فأريناهي ى‬
‫التمر من جيوبنا! (كقاحةه ال تيصدؽ إال من ىذا اعبنس‬
‫من البشر)(ُ)‪.‬‬

‫(ُ) التقيت يوـ اعبمعة يف الصالة بشابُت جاءا مع األخ اعبزائرم الذم جاء عندم‪ ،‬كلكن‬
‫سابقا‪.‬‬
‫كنت فيو ن‬ ‫يكلعا يف اؼبكاف الذم ي‬
‫كبعيدا عن اظبيهما كصاحبهما‪ ،‬لكن‬
‫شابف جزائرايف‪ ،‬نبا من زىرات اغبياة اإليبانية حبق‪ ،‬ن‬
‫ائرا‪ ،‬فجاء على‬ ‫ً‬
‫أخا ز ن‬
‫طيب القلب‪ ،‬ىح ىس ين اػبيليق‪ ،‬قي ٌد ىر لو فقط أف آكل يف بيتو ن‬
‫أحدنبا شاب ي‬ ‫ى‬
‫تسب صادؽ القلب‪ ،‬ترؾ كراءه زكجتو‬‫هتمة ليفو كليس لو يف األمر كبَت معرفة‪ ،‬لكنو يؿب ه‬
‫‪61‬‬
‫أربعة و‬
‫أايـ على قدكـ ىذا الشاب اعبزائرم الطيًٌب (أم يف‬
‫لرب‬
‫ى‬ ‫خرجت إذل الساحة الداخلية حىت‬
‫ي‬ ‫ِِ‪ ،)ََِِ/ُُ/‬كما أف‬
‫أحدىم على كتفي من اػبلف‪ ،‬فالتفت فإذا ىو األخ اؼبيحتسب‪ :‬عادؿ‬
‫عبد اجمليد اؼبصرم‪.‬‬
‫أخذتٍت اؼبفاجأة كأخذتو بقوةو ن‬
‫معانقا‪ ،‬فقد مضت أربع سنوات كىو‬
‫مسجوف مع األخ إبراىيم عيدركس اؼبصرم كخالد الفواز من أرض اعبزيرة‬

‫اإلسبانية كابنىو‪ ،‬كقد قابلتهما بعد ذلك يف الزايرة‪ ،‬كدل تىطيل مدتو يف بلمارش؛ ستة أشهر‪،‬‬
‫اآلخر معو يف رؤاي أنو سيخرج قريبنا‪ ،‬فلما جاءت احملامية لو كقاؿ ؽبا إنو‬
‫حيث رآه األخ ى‬
‫طويل»‪ ،‬فقاؿ ؽبا عن الرؤاي‪ ،‬فضحكت كأخذت األمر‬ ‫سيخرج‪ ،‬فتعجبت كقالت لو‪« :‬األمر ه‬
‫ىزنال‪ ،‬ككاف اللقاء يوـ األربعاء‪ ،‬كيوـ اعبمعة أصر القالي على إطالؽ سراحو مع رفض‬
‫كجوده يف السجن ال سبب لو‪.‬‬
‫الداخلية‪ ،‬كقد خرج بفضل هللا تعاذل ربت إصرار القالي ألف ى‬
‫أعش يف حيايت قط أصبل من أايمي يف السجن من تالكة و‬
‫قرآف‬ ‫ىذا األخ قاؿ‪« :‬كهللا دل ً‬
‫ى‬ ‫ي‬
‫و‬
‫كمطالعة»‪.‬‬ ‫كعبادة كقر و‬
‫اءة‬ ‫و‬
‫اآلخر ىو صاحب الرؤاي الرائعة‪ ،‬لىما رأيتو يوـ اعبمعة احتضنتو مع أخيو كىو قليل‬ ‫ى‬
‫و‬ ‫و‬
‫الكالـ‪ ،‬فصربتو دبوعظة يسَتة‪ ،‬كدل أجد على كجو األخوين سول البسمة كالرلا‪ .‬قاؿ رل يف‬
‫أبسبوع‪،‬‬
‫و‬ ‫اعبمعة التالية إنو رأل عناقنا السابق يف اعبمعة السابقة يف اؼبناـ قبل القبض علي‬
‫كلحك اعبميع‪ .‬ىذا األخ‬
‫ى‬ ‫فصرخت فيو يمتصنًٌ نعا الغضب‪ « :‬ى‬
‫رؤايؾ ىي اليت سجنىتٍت»‪ ،‬فتبس ىم‬ ‫ي‬
‫كخلي وق‪ ،‬كىو أشبو بعمار ـبلويف حفظهما هللا تعاذل‪.‬‬ ‫صاحب و‬
‫دين ي‬ ‫ي‬
‫‪60‬‬
‫ؼبطالبة أمريكا هبم ربت ًٌادعاء مشاركتهم كمعرفتهم بتفجَت سفارهتا يف تنزانيا‬
‫ككينيا‪.‬‬

‫َخ ة ِخي ر‪ ،‬وإ َ‬


‫يك بعض شأهنم‪:‬‬ ‫هؤ‬
‫صبيعا بعضة‬
‫مشهور بُت اإلخوة ن‬
‫ه‬ ‫إب هيم عي روس‪ :‬أخ ي‬
‫دمث األخالؽ‪،‬‬
‫لسانو‪ ،‬جاء بريطانيا ألف الدنيا لاقت بو‪ ،‬كأسرتو كبَتة‪ ،‬أبناؤه كبار‪ ،‬كمع‬
‫بض عليو‬‫مضطرا‪ ،‬كدل ييطل اؼبقاـ حىت كاف قدره أف قي ى‬
‫ن‬ ‫جازؼ كجاء‬
‫ى‬ ‫ذلك‬
‫ىنا‪ ،‬إذ ادعت أمريكا أنو على و‬
‫صلة بعملية اجملاىدين يف تنزانيا ككينيا‪،‬‬
‫مستشفى‬
‫ن‬ ‫أخَتا بلسرطاف يف العظاـ‪ ،‬فهو يف اؼبستشفى‪ ،‬أم‬
‫صيب ن‬
‫كأي ى‬
‫أجره‪ .‬كقد أخربه األطباء أف أقصى‬
‫خاص بلسجوف نسأؿ هللا أف يؤتيو ى‬
‫ه‬
‫حياتو ال تزيد عن طبس سنوات‪ ،‬كأقلها سنتاف‪.‬‬
‫متدين‬
‫ه‬ ‫قيل ألنو‬
‫ىو من مصر الكنانة‪ ،‬كاف لابطنا يف اعبيش‪ ،‬مث أي ى‬
‫ككفى‪.‬‬

‫ف ز‪ :‬من أرض اعبزيرة‪ ،‬جاء بريطانيا لييمثًٌ ىل «ىيئة النصيحة‬ ‫خ‬


‫اؼبعركؼ‬
‫ى‬ ‫كاإلصالح»‪ ،‬كعمل ًًجب ٌود‪ ،‬ىح ىسن األخالؽ‪ ،‬ىعف اللساف‪ ،‬ي‬
‫يبذؿ‬
‫أعماؿ و‬
‫يدكية كإدارية‪،‬‬ ‫يد حسنةه يف إتقاف ما يدخل فيو من و‬
‫بال توقف‪ ،‬لو ه ى‬

‫‪61‬‬
‫علمت أنو يرددىا يف السجن‪:‬‬
‫ي‬ ‫مشهور بُت اإلخواف بصربه‪ ،‬كلو كلمةه‬
‫ه‬
‫عنكم‪ ،‬أحياءن أك‬
‫غما ي‬‫برلاكم أك ير ن‬
‫ي‬ ‫«سنخر يج من ىنا رغم أنوفكم‪،‬‬
‫أمو ناات!»‪ ..‬كقد صدؽ‪.‬‬

‫ع د عب جملي ‪ :‬من مصر اغببيبة‪ ،‬صاحب النكتة السريعة كاللفتة‬


‫لساف أىل مصر‪ ،‬كخاصة يشربا‪ ،‬فهو شرباكم بقوة لسانو‬ ‫اللماحة‪ ،‬لو ي‬
‫كلىمحتو‪ ،‬كاف ؿبامينا يف مصر‪ ،‬كخرج للدفاع عن سيًٌد نصَت قاتل كاىاان‪،‬‬
‫طويل قضاه يف السجوف اؼبصرية‪،‬‬
‫مث استقر يف بريطانيا طالبنا اللجوء‪ ،‬فعمر ه‬
‫أحدا يف السجن ‪-‬إذل اآلف‪ -‬من‬
‫ككاف قدره ىنا كذلك السجن‪ .‬دل ىأر ن‬
‫قب تفجَتات نيويورؾ‬
‫اإلخوة الثالثة سواه‪ ،‬فقد أخربين عادؿ أنو ىع ى‬
‫ككاشنطن جاءهتم الشرطة يف الصباح اؼببكر كىم يف سجن « ًبركستوف ‪-‬‬
‫كتقييدا من بلمارش)‪،‬‬
‫ن‬ ‫معتدؿ‪ ،‬كأقل أمننا‬
‫ه‬ ‫سجن‬
‫ه‬ ‫[‪( »]Brixton‬كىو‬
‫فخالد اآلف يف سجن اظبو «ككد‬
‫ه‬ ‫بعيدا عن بعضهم‪،‬‬
‫فأخذكىم ككزعوىم ن‬
‫و‬
‫سجن‬ ‫ىيل ‪ ،»]Woodhill[ -‬كإبراىيم يف اؼبستشفى‪ ،‬كأي ى‬
‫خذ عادؿ إذل‬

‫‪ ،»]High‬ى‬
‫بقي فيو إذل يوـ إحضاره إذل‬ ‫[‪Down‬‬ ‫اظبو «ىام داكف ‪-‬‬
‫«الوحدة اػباصة» كما ذكرت‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫صابرا مع أنو ىجلً هد كقوم يف مصارعتو‬
‫عادؿ عبد اجمليد رأيتو يؿبتسبنا ن‬
‫و‬
‫خاصة‪ ،‬كذلك أبف‬ ‫للشرطة كاإلداريُت يف السجن‪ ،‬فهو صاحب نظرية‬
‫يشغىلهم كييتعبىهم كلو أدل للتضيق عليو(ُ)‪.‬‬
‫مكث عامُت كنصف ال يقبل بزايرة أىلو لو يف بريكستوف‬
‫أخربين أنو ى‬
‫فبقي‬
‫بسبب ؿباكلة بعض السجانُت رؤية كجو زكجتو كزكجات اإلخوة‪ ،‬ى‬
‫طيح دبدير السجن‪.‬‬
‫يمصرا حىت أي ى‬
‫أحدا يقدر على ما ً‬
‫يقد ير عليو‬ ‫كقصصو يف ىذا الباب تطوؿ‪ ،‬كال أظن ن ى ي‬
‫عادؿ يف ىذا الباب‪.‬‬
‫فصرت‬
‫ي‬ ‫اؼبهم جاءين عادؿ إذل «الوحدة اػباصة» يف سجن بلمارش‪،‬‬
‫تصلح‬
‫ي‬ ‫ؿبظوظنا بوجود أخوين معي‪ ،‬كلكن صارت الفسحة اػبارجية ال‬

‫(ُ)‬
‫جاز يف إخراجها‪،‬‬
‫كمن ذلك أف رسائلنا إف كانت بلعربية‪ ،‬تيًتجم إذل اللغة اإلنكليزية لتي ى‬
‫عادؿ إال أف صار أيخذ بكتابة رسائل متعددة يف األسبوع‪ ،‬كفيها ؾبرد كالـ‪،‬‬ ‫فما كاف من و‬
‫يدة‪ ،‬كبلفعل ردبا الحظ اػبيبثاء ذلك‪ ،‬فصارت الرسائل‬ ‫كتاب أك جر و‬
‫كمرات ينقل الكالـ من و‬
‫سبكث أسبوعُت عندىم مث زبرج‪ ،‬لكن اؼبضحك أف زكجتو‬ ‫ي‬ ‫سبكث شهرين صارت‬‫ى‬ ‫بدؿ أف‬
‫قالت لو‪« :‬كنت أقرأ رسائلك كدل أفهم عليها شيئنا‪ ،‬كأاتبع القراءة‪ ،‬كأقوؿ‪ :‬أين اؼبولوع؟‬
‫يكشف ما يريد‪ ،‬كيف النهاية ال شيء» فأخربىا‬ ‫كأاتبع كأقوؿ‪ :‬لعل ما ىو و‬
‫آت يف الرسالة‬
‫ي‬
‫القصة‪ ،‬فكانت طيرفة‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫للحفظ كال للمراجعة‪ ،‬كإمبا ىي للحديث مع األخوين‪ ،‬كعادؿ لو نظرية‬
‫صبيلةه يف ىذا الباب‪ ،‬كىو أنو يقوؿ‪« :‬ىنا للحديث‪ ،‬كلىما يي ى‬
‫غلقوف عليك‬

‫الباب سبًٌح هللا كاقرأ القرآف على راحتك»‪ ،‬كقد صدؽ؛ فهناؾ ه‬
‫كقت كأنت‬
‫تفرغي فيو لعبادتك(ُ)‪.‬‬
‫خلف األبواب‪ ،‬ى‬
‫وبدث شيءه يستحق الكتابة يف «الوحدة» إال بعض األحداث‬
‫دل ي‬
‫اليسَتة‪ ،‬كىي‪:‬‬
‫منفصل عن «الوحدة»‬
‫ه‬ ‫أيخذت من «الوحدة» إذل القسم الطيب‪ ،‬كىو‬
‫مصاب بلسكرم‪ ،‬كال‬
‫ه‬ ‫كمتصل بلسجن العاـ من أجل فحص العيوف‪ ،‬فأان‬
‫ه‬
‫جديدة علي‪،‬‬
‫ن‬ ‫بيد من الفحص‪ ،‬فأيخذت إذل القسم الطيب‪ ،‬ككانت ذبربةن‬
‫كإف كانت كقعت مع اإلخواف‪ ،‬فأنت تيقي يد من يديك كنبا يمقيداتف بيد‬
‫لخم يتعمد‬ ‫اثلث مع و‬
‫كلب و‬ ‫آخر‪ ،‬كيبشي كراءؾ ه‬
‫شرطي يرافقك مع شرطي ى‬

‫(ُ) كدبجيء عادؿ صرت أسبتع إبفطار رائع يف رمضاف من كوب شوربة يصنعو ىو‪ ،‬كىو طاهو‬
‫فبتاز يتفنن م القليل حىت أييت منو الكثَت من األلواف الرائعة من األطعمة‪ ،‬كصران حبمد هللا‬
‫معا عند الفتح علينا يف الساعة الداخلية كاػبارجية‪ ،‬كقد منعنا السجانوف من‬
‫نصلي العصر ن‬
‫الصالة داخل الزنزانة كطلبوا الصالة منا أمامهم‪ ،‬كذلك حبجة درجتنا األمنية العالية (عجائب‬
‫بلمارش!)‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫أف ييشَت لو إشارات ذبعل الكلب ييصدر نبهمات الغضب‪ ،‬كذلك إلخافة‬
‫السجُت‪ً ،‬‬
‫كشهد هللا أين كنت ألحك‪ ،‬فاؽبركب من سجن بلمارش أظنو‬
‫لرب من اؼبستحيل بوجود الكلب كعدمو‪.‬‬
‫ن‬
‫يف منصف رمضاف رتبت اؼبيحامية (كىذا حق للسجُت) اجتماعي مع‬
‫اإلخوة الذين من نفس القضية يف السجن العاـ‪ ،‬فأيخذت على الطريقة‬
‫اليت أيخذت هبا إذل العيادة العامة‪ ،‬كىناؾ كانت اؼبفاجأة برؤية األحبة‪ :‬بو‬
‫تيمُت‪ ،‬كابن ىويدم‪ ،‬كبن موسى‪ ،‬كبن عيسى‪ ،‬كلكن اؼبفاجأة األكرب ىي‬
‫و‬
‫صهيب اللييب‪ ،‬فلم أكن أعلم أنو قيبض عليو‪ ،‬إذ‬ ‫كجود األخ الشيخ أيب‬
‫تفصيل ىؤالء الشباب الرائعُت‪،‬‬
‫ي‬ ‫قيبض عليو بعدم كىو يف اؼبطار‪ ،‬كسيأيت‬
‫كبسبهم من أىل الصالح كهللا حسيبهم‪.‬‬
‫قابلت اإلخوة بلعناؽ‪ ،‬كرأيت بعض الدمعات يف عيوف و‬
‫بعض منهم‪،‬‬
‫ً‬
‫الود كتنزيل الوزف كالتذكَت‬
‫ككانت جلسةن دل يكن فيها إال حديث اغبب ك ٌ‬
‫فرحا‬
‫فرحت لرؤيتهم ن‬‫ي‬ ‫بلصرب‪ ،‬كأف ما كبن فيو ىو النعمة العظيمة‪ ،‬كقد‬
‫بلعادل اػبارجي كىذا‬
‫كظبعت منهم بعض األخبار‪ ،‬فهم يتصلوف ى‬
‫ي‬ ‫عظيما‪،‬‬
‫ن‬
‫خاليف‪.‬‬
‫ساعة تقريبنا مث أيعدت إذل «الوحدة»‪.‬‬
‫امتدت اعبلسة ن‬

‫‪65‬‬
‫بعد ؾبيء عادؿ أبسبوع‪ ،‬قامت إحدل الشرطيات كشطبت عن الورقة‬
‫اؼبيعلقة على زنزانيت الدرجة األمنية من «ىام ًر ٍسك [شديد اػبطورة ‪-‬‬
‫‪ »]High risk‬إذل «‪ ،»CAT A‬كىي بًشارةه جيدة‪ ،‬كإف كانت يف ذلك‬
‫الوقت ال تىعٍت أم تغيَت‪ ،‬إال أهنا تي ًٌ‬
‫بشر بقرب انتقارل من ىذه «الوحدة»‬
‫كتسمح رل ىذه اؼبرتبة (مع‬
‫إذل السجن العاـ مع اإلخوة من نفس القضية‪ ،‬ى‬
‫أهنا عاليةه يف األمنية) أف أتكلم يف اؽباتف بللغة العربية‪ ،‬لكن ما زاؿ اإلذف‬
‫ً‬
‫مت‬ ‫بلكالـ يف اؽباتف دل أيت‪ ..‬كبعد شه ور كنصف ن‬
‫سباما جاء اإلذف ككل ي‬
‫األىل‪ ،‬كاغبمد هلل ًٌ‬
‫رب العالىمُت‪.‬‬ ‫ى‬
‫بعد و‬
‫شهر كنصف من سجٍت‪ ،‬جاءتٍت رسالةه من األىل ردا على رسالىيت‬
‫كدخلت‬
‫ي‬ ‫فرحا هبا‪،‬‬
‫كقعت يف يدم نزلت دموعي ن‬‫مع اؼبيحامية‪ ،‬كدبجرد أف ى‬
‫صرب ىذه‬
‫حبق ى‬‫تكشف وٌ‬
‫ي‬ ‫كجعلت أقرؤىا مع الدموع‪ ،‬ككانت رسالةن‬
‫ي‬ ‫الزنزانة‪،‬‬
‫مينات‬ ‫احتساهبا‪ ،‬كاغبمد هلل ًٌ‬
‫رب العالىمُت‪ ،‬ككاف فيها تط ه‬ ‫ى‬ ‫الزكجة الرائعة ك‬
‫عن أكلاعهم‪ ،‬كأثر رساليت فيهم‪.‬‬

‫العيد يف «الوحدة»‪ ،‬فقد طلب اإلماـ من السجانُت ى‬


‫إخبار‬ ‫دخل علينا ي‬
‫بت رأسي من النافذة الضيقة‪،‬‬
‫الصائمُت بدخوؿ العيد‪ ،‬فلما أخربين قر ي‬

‫‪66‬‬
‫و‬
‫تفع جدا تكبَتات العيد‪ ،‬كجاكبىٍت اإلخوة من‬
‫بصوت مر و‬ ‫جعلت أي ًٌ‬
‫كربي‬ ‫ك ي‬
‫اعبهة اؼبقابلة‪.‬‬
‫خذت مع األخوين (عادؿ كاعبزائرم) إذل القاعة اليت نيصلي‬
‫يوـ العيد أي ي‬
‫فيها‪ ،‬ككجدت بقية اإلخواف يف األقساـ األخرل من «الوحدة»‪ ،‬ككانت‬
‫العجيب أنو حفظ أجزاء من‬
‫ي‬ ‫فخطب فينا عمار ـبلويف‪ ،‬ك‬
‫ى‬ ‫صالة العيد‪،‬‬
‫خطبيت األخَتة يوـ العيد إذ كانت قد كصلت إليهم بلشريط‪ ،‬ككاف‬
‫ؿبفوظو من خطبيت ىو خطبتو يومها‪.‬‬
‫عنده من و‬
‫سبر كفواكو‬ ‫جلسنا بعد الصالة‪ ،‬كقد أحضر كل ك و‬
‫احد منا ما ى‬ ‫ى‬
‫كشر و‬
‫اب‪ ،‬ككانت جلسةن رائعةن‪ ،‬فقد قاـ األخ عادؿ عبد اجمليد بإلنشاد‪،‬‬
‫علمت منو أهنا‬
‫ي‬ ‫كعادؿ لو صوت رائع صبيل‪ ،‬كوبفظ أانشيد متعددة‪،‬‬
‫ؿبفوظات لديو من أايـ سجنو يف مصر‪.‬‬
‫رددان مع األانشيد‪ ،‬كامتدت اعبلسة مع اإلخوة‪ ،‬كعددان ال يزيد عن‬
‫صائما‬ ‫كاف‬ ‫ن‬‫م‬ ‫إال‬ ‫الصالة‬ ‫إذل‬ ‫العشرة‪ ،‬إذ رفض السجانوف إحضار أح و‬
‫د‬
‫ن‬ ‫ى‬
‫احدة مث كانت العودة إذل‬
‫خبالؼ صالة اعبمعة‪ ،‬امتدت اعبلسة ساعةن ك ن‬
‫الزنزانة‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫منفصال يف ىذه «الوحدة اخاصة» فيو امرأةه كاحدة‪،‬‬
‫ن‬ ‫قسما‬
‫علمت أف ن‬
‫ي‬
‫أكملت قبل كصورل إذل السجن سنةن كاملةن لوحدىا‪ ،‬كقضيتها نفس قضية‬
‫جوين اليهودم‪ :‬هتريب ًٌ‬
‫اؼبخدرات‪ ،‬ككل ؾبموعتهم أيدينوا‪ .‬أما ىو كىذه‬
‫اؼبرأة فقد تردد اؼبيحلفوف يف إدانتهم فأعيدت ؿباكمتهم سنة كاملة مث لىما‬
‫كحكم على جوين بثنُت‬ ‫انتقلت للسجن العاـ جاء اػبرب أهنما أيدينا ي‬
‫عاما‪ ،‬كىذه اؼبرأة كاف زكجها يف نفس القضية كقد أيدين يف‬
‫كعشرين ن‬
‫اؼبيحاكمة األدَن‪.‬‬
‫تصور امرأة لوحدىا يف قسم كامل سنةن كاملة كشهور!‬
‫يوما ككبن يف الساحة اػبارجية متجهةن لزايرة‬
‫ىذه اؼبرأة مرت من أمامنا ن‬
‫اؼبيحامي‪.‬‬
‫مث كلعت فيو أخت مسلمة‪ ،‬كىي شقيقة الشاب االستشهادم اغبامل‬
‫للجنسية الربيطانية من و‬
‫أصل ىندم‪ ،‬فقد اهتمت األخت بتحريضو‪ ،‬كسآيت‬
‫على قضيتها إف شاء هللا بعد ذلك‪.‬‬

‫زارين يف «الوحدة» كيف غرفة الصالة اثناف فبن يعيًٌنوا يف بلدية لندف‬
‫اآلخر بكستاين يينادل‪:‬‬ ‫ليكونوا فبثلُت للمسلمُت‪ ،‬أحدنبا سوداين ك ى‬
‫الدكتور خاف كىو طبيب متخصص جبراحة القلب‪ ،‬كنبا صاحبا يخلي وق‬
‫‪68‬‬
‫طيب‪ ،‬كعملهم ىو متابعة شؤكف اؼبسلمُت يف كل القضااي‪ ،‬كمنها ما كاف‬
‫من شؤكف السجوف‪ ،‬كاغبقيقة ليس ؽبم أم و‬
‫أتثَت على اغبكومة‪ ،‬لكن‬
‫صبيعا يف السجن العاـ‪ ،‬كلكن خرجت‬
‫وباكالف إثبات أنفسهم‪ ،‬كقد زاركان ن‬
‫بعض أخباران إذل صحيفة «الشرؽ األكسط»‪ ،‬منها نزكؿ كزين كقتها ِٓ‬
‫أمور ال يعلمها‬
‫كيلو‪ ،‬كما عالقيت مع اإلخواف كما عندم من كتب‪ ،‬كىي ه‬
‫إال من و‬
‫داخل إلينا كدل يقع ىذا إال منهما‪ ،‬كخاصةن صالح السوداين‬
‫كالعجيب أنو منذ خركج ىذه األخبار دل ييزران إذل اآلف‪.‬‬

‫عند العصر جاءين سجاانف اثناف كأخرباين أين سأنقل إذل السجن‬

‫بعيدا عن ىذه «الوحدة»‪ ،‬فكم حز ي‬


‫نت مع راحيت لتخلصي من‬ ‫العمومي ن‬
‫ىذه «الوحدة» الظاؼبة القاسية‪.‬‬
‫سأفارؽ األحبة كالشباب الرائع كعادؿ عبد اجمليد‪ ،‬لكن‬
‫ي‬ ‫نت أين‬
‫حز ي‬
‫مرة أخرل بعد‬
‫فرحت أين سأقابل رشيد رمدة‪ ،‬كالذم كنت أسبٌت أف أراه ن‬
‫ي‬
‫كنت أخاؼ أف أخر ىج أان أك ىبر ىج ىو كال‬
‫سجنو حىت لو يسجنت‪ ،‬ككم ي‬
‫مشًتؾ لكل‬
‫ه‬ ‫قاسم‬ ‫ًٌ‬
‫الشاب الذم بدأ يدخل يف الكهولة ه‬ ‫أراه‪ ،‬فحب ىذا‬
‫طويل سيأيت‪.‬‬
‫حديث ه‬
‫ه‬ ‫ىمن عرفىو‪ ،‬كلو كعنو‬

‫‪71‬‬
‫كطرقت الباب على‬
‫ي‬ ‫حزمت أمتعيت ككلعتها يف كيسُت من النايلوف‪،‬‬
‫ي‬
‫األخوين عادؿ كاعبزائرم‪ ،‬من خالؿ «الطاقة» اليت ال تزيد عن ًٌ‬
‫كف اليد‬
‫كدعتيهما‪ ،‬كيف القلب ىغصةه‪ ،‬مث كاف نقلي إذل السجن العاـ يف بلمارش‪.‬‬
‫ت بعد ذلك أف اؼبيحامية غاريث بَتس اتصلت برئيس السجن‬
‫كقد علم ي‬
‫كاهت ىمتو أنو ييبارس علي لغوطنا خاصة بعزرل عن إخواين من أصحاب‬
‫القضية الواحدة‪ ،‬كىددتو برفع دعول يف ذلك‪ ،‬كدل أعلم بذلك إال بعد‬
‫شهد هللا‪ -‬أين دل أي ً‬
‫ظهر ؽبا كال‬ ‫نقلي إذل السجن العاـ‪ ،‬ىذا على الرغم ‪ً -‬‬
‫لغَتىا أم و‬
‫ليق من كلعي‪.‬‬ ‫ً‬
‫اغبركة خارج «الوحدة» ال بد فيها من ثالثة حراس؛ ك و‬
‫احد تيقيد يده مع‬ ‫ي‬
‫بكليب‬
‫كآخر مرافق‪ ،‬كاثلث معو الكلب الضخم‪ ،‬كقد يكوف اثناف ى‬
‫يديك‪ ،‬ى‬
‫حراسة‪.‬‬
‫خائفا أف أيحوؿ إذل و‬
‫قسم‬ ‫كنت ن‬‫عصرا‪ ،‬ككم ي‬‫كصلت إذل السجن العاـ ن‬
‫ي‬
‫آخر يف السجن العاـ ال يكوف فيو اإلخوة كرشيد رمدة‪ ،‬فاإلنكليزم ال‬
‫ى‬
‫قسم فيو ثالثة مقاطع‪،‬‬ ‫و‬
‫أقساـ‪ ،‬ككل و‬ ‫أتمن لو‪ ،‬كالسجن العاـ أربعة‬
‫ى‬
‫مقطع أك و‬
‫قسم ال يكوف فيو اإلخوة‪ ،‬كلذلك‬ ‫كلع يف و‬‫ارد أف أي ى‬
‫فاالحتماؿ ك ه‬
‫سيكوف‬
‫ي‬ ‫رجل عرفت أنو إيطارل (كىذا الرجل‬
‫كصلت إذل القسم قابلىٍت ه‬
‫ي‬ ‫لىما‬

‫‪70‬‬
‫موقع يف ىذه الذكرايت) سألتو‪« :‬ىل يف ىذا القسم أصحاب غبنى‬
‫لو ه‬
‫طويلة؟»‪ ،‬فأجاب‪« :‬نعم»‪ ،‬ف ي‬
‫ارربت‪.‬‬
‫فولعت يف الزنزانة‬
‫ي‬ ‫مغلق على ىمن فيو‪،‬‬
‫القسم ه‬
‫الوقت يوـ اػبميس ك ي‬
‫كاف ي‬
‫كجود لو يف «الوحدة‬ ‫و‬
‫كفوجئت بوجود تلفزيوف كسخاف ماء فيها‪ ،‬كىذا ال ى‬
‫ي‬
‫اػباصة» (مث بعد ثالثة شهور يمدت الكهربء للزانزين يف «الوحدة» كىذه‬
‫غلق علي الباب‪.‬‬ ‫كاف ؽبا ىنا يف السجن العاـ أربعة و‬
‫شهور؛ قبل كصورل) كأي ى‬
‫كصرخت‪« :‬ىل من عريب يسمع صويت؟»‪،‬‬
‫ي‬ ‫اقًتبت من النافذة اػبارجية‪،‬‬
‫ي‬
‫سجن ألراه‪ ،‬إف‬ ‫كجاء الرد من الطابق العلوم بصوت و‬
‫قت أف أي ى‬
‫حبيب كم تي ي‬
‫يكن بيد من رؤيتو إال يف السجن؛ إنو رشيد رمدة‪.‬‬
‫دل ي‬
‫«السالـ عليكم أيها اغببيب»‪.‬‬
‫«كعليكم السالـ‪ ،‬شيخنا»‪ .‬كاف رده اؼبتوالع‪.‬‬
‫صوتك»‪ .‬ىكذا رددت عليو‬
‫ى‬ ‫سعيد‪ً ،‬‬
‫شهد هللا‪ ،‬أف أظب ىع‬ ‫ه‬ ‫«كم أان‬
‫كالدمعةي يف عيٍت‪.‬‬
‫كتتابع اغبديث معو‪ ،‬كردد بقية اإلخواف السالـ؛ بو تيمُت كبن عيسى‪.‬‬
‫سألتو‪« :‬كيف مصنع اللنب عندكم؟»‪.‬‬
‫غدا بيننا»‪.‬‬
‫فأجاب‪« :‬سنرل عند اؼبنافسة ن‬
‫‪71‬‬
‫«حبييب رشيد‪ ،‬أان ال أانفس‪ ،‬فأان لست بصاحب ىذا ًٌ‬
‫الفن‪ ،‬كإمبا علمٍت‬
‫إايه عادؿ عند كصولو‪ ،‬كإمبا لالطمئناف»‪.‬‬
‫لحك اغببيب رشيد رمدة‪ً ،‬‬
‫كشهد هللا‪ ،‬فرحيت بو ال تيقارهنا فرحةه يف‬ ‫ى‬
‫ىذه الدنيا‪.‬‬
‫كقصة مصنع اللنب ىي إحدل ابتكارات إخواننا يف السجن‪ ،‬دل أعرفها‬
‫حضر عادؿ عبد اجمليد إذل «الوحدة»‪ ،‬كإذا ىو يوبضر رل ن‬
‫علبة‬ ‫ى‬ ‫حىت‬
‫بالستيكيةن يكوف فيها القهوة اليت تشًتيها من دكاف السجن‪ ،‬كفيها‬
‫كطلب مٍت كلعها على ماسورة اؼباء الدافئ اؼبىارة يف الزنزانة‬
‫ى‬ ‫اغبليب‪،‬‬
‫أخ منافسةه يف ىذا الباب‪،‬‬ ‫للتدفئة‪ ،‬كبعد و‬
‫يوـ أك يومُت أتكل اللنب‪ ،‬كلكل و‬
‫آكل فقط‪.‬‬
‫أكن من اؼبنافسُت فيها‪ ،‬كإمبا ي‬
‫كلكن دل ي‬
‫اللحوـ‬
‫ى‬ ‫أيكل‬ ‫كيف «الوحدة» كاف السيخي ييعاين ن‬
‫كثَتا من األكل ألنو ال ي‬
‫أبدا حسب معتقده‪ ،‬فلما دللتو على صنع اللنب كانت عملية و‬
‫إنقاذ حبق‬ ‫ن‬
‫كثَتا(ُ)‪.‬‬
‫لو‪ ،‬كشكرين ن‬

‫(ُ)‬
‫كيصنع اعببنة البيضاء‪ ،‬كقد‬
‫ي‬ ‫إتقاان يف صنع اللنب ىو بن موسى التونسي‪،‬‬‫كأكثر اإلخوة ن‬
‫فمانعو ابن موسى‪ ،‬مث أخذ‬
‫أخذىا‪ ،‬ى‬ ‫شك فيها أحد السجانُت ‪-‬كىو أخبثهم ىنا‪ -‬فأر ىاد ى‬
‫ًٌ‬
‫كاؼبخدرات كغَتىا‪.‬‬ ‫بعضها لفحصها ـبافةى أف تكوف مادةن فبنوعةن‬
‫‪72‬‬
‫تح الباب‬
‫كانت الساعة اػبامسة ساعةى الفسحة الداخلية‪ ،‬فما أف في ى‬
‫وبضر‪،‬‬
‫رحت أنو دل ي‬
‫تباعا للسالـ علي إال رشيد رمدة‪ ،‬فف ي‬
‫حىت جاء اإلخوة ن‬
‫خاؼ‬
‫يقو للمجيء إذ ى‬
‫مسرعا أللقاه‪ ،‬كأعلمٍت أحد اإلخوة أنو دل ى‬
‫فخرجت ن‬
‫ي‬
‫طويال‪ ،‬كراعى‬
‫دامعا بظبنا ن‬
‫فدخلت إليو‪ ،‬ككاف عناقنا ن‬
‫ي‬ ‫اؼبفاجأة كأثرىا فيو‪،‬‬
‫أحد إلينا‪ ،‬كإمبا أغلقوا الباب ككقفوا خلفو‬
‫اإلخوة ىذه اللحظة‪ ،‬دل يدخل ه‬
‫حىت انديتهم فحضركا‪ ،‬كأثر اللقاء ما زاؿ يف العيوف‪.‬‬
‫رشي ر ة؟‬ ‫َن هم‬
‫القسم من السجن العاـ يف‬
‫ى‬ ‫أصف ىذا‬
‫سيأيت حديثي عنو‪ ،‬كلكن دعٍت ي‬
‫بلمارش‪ ،‬كالفرؽ بينو كبُت «الوحدة» يف ظاىره‪.‬‬
‫سقف‬ ‫حر كاؼبغارة الواطئة‪،‬‬ ‫أقساـ؛ كل و‬ ‫«الوحدة اػباصة»‬
‫ي‬ ‫قسم ىو يج ه‬ ‫ه‬
‫أسك‪ ،‬عدد الزانزين يف كل و‬
‫قسم اثنتا عشرة زنزانة‪،‬‬ ‫يب من ر ى‬ ‫كل و‬
‫قسم قر ه‬

‫العجيب أين رأيت ىنا الكثَت يتعاطوف ًٌ‬


‫اؼبخدرات داخل السجن‪ ،‬كيظهر أثرىا يف السجُت‬ ‫ي‬
‫يف الليل حُت يبدأ بلصراخ مع جَتانو‪ ،‬كقد رأيت أثرىا يف أحدىم حُت ساءى يخليقو كتغَتت‬
‫صبيال «سادل»‪ ،‬مث تغَت فجأةن‬
‫أسلم كظبيتو اظبنا ن‬
‫حديث ألنو ى‬
‫ه‬ ‫تصرفاتو‪ ،‬كسيكوف حوؿ ىذا الرجل‬
‫قبل أنو كاف وبتاج‬ ‫معي كمع اإلخواف‪ ،‬كربققت أهنا اؼبي ًٌ‬
‫خدرات اليت كصلىت إليو‪ ،‬كقد أخربين ي‬ ‫ي‬
‫اؼبخدرات اليت يستخدمها‪ ،‬كمن ىنا كاف يضطر‬ ‫ً‬
‫يوميا إذل طبسمئة جنيو إسًتليٍت من أجل ٌ‬
‫للسرقة كاإلذبار يف ًٌ‬
‫اؼبخدرات‪ ،‬كىذا ما جاء بو إذل بلمارش‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫اآلخر‪،‬‬
‫أحدا يف القسم ى‬ ‫اآلخر‪ ،‬كال تستطيع أف ترل ن‬ ‫مغلق عن ى‬ ‫ككل و‬
‫قسم ه‬
‫حىت يف الفسحة اػبارجية‪ ،‬كلوال لقاء صالة اعبمعة كيوـ األربعاء لى ىما كاف‬
‫أخ سول عادؿ كاألخ اعبزائرم اللذين شاركاين نفس‬
‫رل أف أرل أم و‬
‫القسم‪ ،‬على الرغم أهنما جبانيب أك فوقي يف طابق يعلوم‪.‬‬
‫مقطع فيو‬
‫قسم فيو ثالثة مقاطع‪ ،‬كل و‬ ‫السجن العاـ فيو أربعة و‬
‫أقساـ؛ كل و‬
‫ثالثة طوابق متصلة كمشًتكة يف كل شيء‪ ،‬ككل و‬
‫قسم تلتقي فيو خالؿ‬
‫ساعة االسًتاحة اػبارجية مع بقية اؼبقاطع [أم األقساـ] خالؿ الفسحة‬
‫شخصا ألف‬
‫ن‬ ‫مقطع يصل إذل سبعُت‬
‫اػبارجية‪ ،‬كبذا عدد اؼبشًتكُت يف كل و‬
‫بعض الزانزين يبكن كلع شخصُت‪ ،‬كبعضها ثالثة أشخاص بشرط أف‬
‫أقل فبا كبن فيو‪.‬‬
‫تكوف درجتهم األمنيةي ى‬
‫ى‬
‫يف «الوحدة اػباصة» األمور قاسبة‪ ،‬كالسرية عالية‪ ،‬كالتقييد ه‬
‫شديد‪ ،‬لكن‬
‫و‬
‫ساعة يوميا للساحة اػبارجية‬ ‫ىناؾ برانمج قلما يتخلف؛ فال بيد من‬
‫اع على االتصاؿ كاؽبواتف كالغسل‬ ‫و‬
‫كساعة للساحة الداخلية‪ ،‬كال يوجد صر ه‬
‫يف اغبماـ العاـ‪.‬‬
‫أما ىنا‪ ،‬فالساعة اػبارجية مشركطةه بعدـ كجود اؼبطر‪ ،‬كالساعة للفسحة‬
‫الداخلي ة ال يبكن أف تكوف أكثر من أربع مرات يف األسبوع‪ ،‬كلذلك كاف‬

‫‪74‬‬
‫سبكث ثالثة كعشرين ساعة يف زنزانتك‪ ،‬كالساعةي‬‫كم الشيء العادم أف ى‬
‫تكوف ساعةن اتمةن‪ ،‬فال بيد من قضمها من أطرافها‪،‬‬
‫اػبارجية ال يبكن أف ى‬
‫لساعة و‬
‫اتمة تكوف مفاجأةن لنا‪.‬‬ ‫و‬ ‫كلىما سبتد‬
‫يسبقك‪ ،‬كلذلك قلما تستطيع يف‬ ‫االتصاؿ وبتاج إذل ك و‬
‫قوؼ أماـ طابور‬
‫ى‬ ‫ي‬
‫الساعة الواحدة كأنت يف الساحة الداخلية أف تقضي كل أمورؾ من و‬
‫اتصاؿ‬
‫شديد و‬
‫ألمور ىنا من كونك‬ ‫حنُت ه‬ ‫و‬
‫كغسل كتنظيف غرفتك‪ ،‬كبلفعل أصابٍت ه‬
‫أطلب‬
‫ي‬ ‫انمج تسَتي عليو‪ ،‬ككدت مرات‬
‫تسابق لتتصل‪ ،‬كال تعرؼ أم بر و‬
‫راجينا العودة إذل «الوحدة اػباصة» كقتامتها‪ ،‬كلكن كانت ىناؾ أنباءه مروبةه‬
‫أكثر من «الوحدة اػباصة» كأنبها كجود األحبة ىنا‪ ،‬كخاصةن رشيد رمدة‪،‬‬
‫على الرغم أين أكتب ىذا الكالـ اآلف بعد ستة أشهر من كجودم ىنا يف‬
‫صبعت الساعات اليت جلست فيها معو كمع‬
‫ي‬ ‫السجن العاـ‪ ،‬لكن لو‬
‫اإلخواف فلن تصل إال إذل أقل من عشر ساعات‪ ،‬فاغبمد هلل على كل‬
‫حاؿ‪.‬‬
‫أنشأت‬
‫ي‬ ‫اؼبهم‪ ،‬كاف لقائي مع اإلخواف اػبًيار كرشيد‪ ،‬كيف األايـ األكذل‬
‫قلت فيها‪:‬‬
‫قصيدة شعريةن عنهم كعن اغببيب رشيد رمدة‪ ،‬ي‬
‫ن‬ ‫ؽبم‬
‫بِة ة ة ة ة ة ة ة وإ س ة ة ة ة ة ة ة ة ً وت ي ً ة ة ة ة ة ة ة ة وتعت ة ة ة ة ة ة ة ة ُ‬ ‫إِن ََلُ ِس ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ُةم و َلَْة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ُن تعتهة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ُ‬
‫ِّ‬

‫‪75‬‬
‫ََجة ة ة ة ة ة ُ َعة ة ة ة ة ة ِ َِة ة ة ة ة ة ُ ة ة ة ة ة ة َ ى وتَة ْ تَ ِ ة ة ة ة ة ة ُ‬ ‫أِن أ ة ة ة ة ة ة ة ة رجة ة ة ة ة ة ة ة ً ة ة ة ة ة ة ةةُ َ أعيُة ة ة ة ة ة ة ةِ ِه ْم‬
‫َسة ة ة ة ة ة ة ةةهٌُ َوَو ْع ة ة ة ة ة ة ة ة ٌ وإرف ة ة ة ة ة ة ة ة ٌ وُ تَة َ ة ة ة ة ة ة ة ة ُ‬ ‫ُه ة ة ة ة ة ة ة ة ة ُةم طَّية ة ة ة ة ة ة ة ة ة ُ أ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ٌن ؤََّفة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ٌ‬
‫و َلَُّة ة ة ة ة ة ُ غة ة ة ة ة ة َّ أَ َْر َسة ة ة ة ة ةْتة ُه ْم ِ َمة ة ة ة ة ة تَ ِعة ة ة ة ة ة ُ‬ ‫وَف ة ة ة َ ة ة ة ُ ة ة ةةمك ى‬ ‫أَنْة ة ة ة ر ة ة ة ة ِ هة ة ةةم ِ‬
‫ََُ ْ ُ ُ‬
‫كة ة ة ة ة ة َّةن ك ة ة ة ة ة ة َتَة ُه ْم ةُ ْ َه ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َع ة ة ة ة ة ة َ ُد‬ ‫أنس ة ة ة ة ة ةةى ُسًة ة ة ة ة ة ة َوَ رُسًة ة ة ة ة ة ة ِجبَ ْم ِع ِه ة ة ة ة ة ة ُةم‬
‫ة ة ة ة ة َّةمن ِ و سة ة ة ة ةةتغف ُرُك ْم َ ة ة ة ة ة َ ُد‬ ‫صةةةةة‬ ‫فَة ة ة ة ة َعف ُ أ بة ة ة ة ة ّب ِ ة ة ة ةةن فَ ْ ة ة ة ة ة ِ ُك ْم ُ ًمة ة ة ة ة‬
‫ف ة ة ة ة ة ة ة ة ة َُ َةْ ُمة ة ة ة ة ة ة ة ة َِيبًة ة ة ة ة ة ة ة ة وَةتَّ ِ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ُ‬ ‫ك ة ة ة ة َّةن ُ ة ة ة ة ِّةء َو َشة ة ة ة ة ْ ِ َسة ة ة ة ة ُ ُف ِ ة ة ة ة ة ُ ُ‬
‫وأاي ٌم ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َج ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ٌ َ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ُ ِ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َ ُد‬
‫َّ‬ ‫َُن ة ة ة ة ة ة َ ُا ة ة ة ة ة ة ِّ َ بيبً ة ة ة ة ة ة َة ة ة ة ة ة ُ ة ة ة ة ة ة ِّم ْك َى‬
‫َك ة ة ة ْةم أََن َة ة ةةي كمة ة ة ة تَةْة َة ة ةةي بِ ِعطْ ِْفهة ة ة ة بُ ة ة ة ة ُ ُد‬ ‫َرش ة ة ة ة ة ة ة ة ة ةةي ُ ُرشة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ٍ َ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َّ ِجبَ ْم ِع ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وأرو ُ ة ة ة ة ة ة ة ة ُة ة ة ة ة ة ة ة ْ ُد‬ ‫سة ة ة ة ة ة ة ة ِن بَة ة ة ة ة ة ة ة َ ن َ‬ ‫وه ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ً ى‬
‫ر ةةةةةةةةةةةة ُ‬ ‫ُُثَّ ت َ ْي ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة‬
‫ع ة ة ة ة ة م ة ة ة ة ة ِ وعَّة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َّةمنْ ُ َةْبةتَ ِع ة ة ة ة ة ُ‬ ‫ُ ةةةةةةةةةةة‬ ‫َّن‬ ‫ةةةةةةةةةةة‬ ‫و ية ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َم‬
‫فَةَ اة ة ة ة ة ة ُ طَّة ة ة ة ة ة وبَِة ة ة ة ة ة حلة ة ة ة ة ة ر ِ‬
‫تتاة ة ة ة ة ة ُ‬ ‫ةَة ة ة ة ة ة ة َ ِْتة َة ة ة ة ة ة ة ة ً ِ‬
‫وشة ة ة ة ة ة ة ة ًفى‬ ‫ةُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ج‬
‫وأن ََيعة ة ة ة ة ة ة َ‬

‫كاآلف إذل إخواين الذين كانوا معي يف السجن العاـ‪.‬‬

‫بدائ بغببيب رشي ر ة‪:‬‬


‫ن‬
‫قامت‬
‫غاب عٍت ىذا اغببيب‪ ،‬حيث ى‬ ‫سنة ُٓٗٗ شهر تشر و‬
‫ين الثاين‪ ،‬ى‬
‫خارجا من ؿبطة القطار‪ ،‬كمنذ ذلك‬
‫ن‬ ‫الشرطة اإلنكليزية بلقبض عليو‪،‬‬
‫الوقت كىذا الشاب ىغصةه يف ىحلقي كلما تذكرتو‪ ،‬كاغبقيقةي ما كاف رل أف‬
‫‪76‬‬
‫رت يف‬ ‫و ً‬
‫رسائل رائعة‪ ،‬كقد ي‬
‫ى‬ ‫أذكىره‪ ،‬كقد حصل أف كصلىتٍت منو‬
‫أنساهي حىت ي‬
‫قليلة أف أيكلًٌمو بؽباتف من بيت أحد اإلخواف‪ ،‬كمنذ ذلك اغبُت‬
‫ات و‬ ‫مر و‬

‫مسجوف يف بلمارش‪ ،‬كيف «الوحدة اػباصة»‪ ،‬كانتق ىل إذل بعض‬


‫ه‬ ‫كىو‬
‫قل من «الوحدة اػباصة» إذل السجن‬
‫قليلة مث ني ى‬
‫أكقاات ن‬
‫السجوف األخرل ن‬
‫سنُت طويلة‪.‬‬
‫العاـ بعد ى‬
‫كخلي نقا كتذكقنا‪،‬‬ ‫ً‬
‫عرفت من الشباب؛ ديننا ي‬
‫ىذا األخ اغببيب من خَتة ىمن ي‬
‫أايمو‬
‫فعاش ى‬
‫ىو زىرةه من أرض اعبزائر اغببيبة‪ ،‬خرج إذل اعبهاد األفغاين ى‬
‫كالتقى فيو بقارم سعيد‪.‬‬
‫حافظ لكتاب هللا على‬
‫عادله ه‬ ‫كقارم سعيد رجل من رجاالت اإلسالـ‪ً ،‬‬
‫ه‬
‫ً‬
‫نسقُت األكائل للجهاد‬
‫القراءات السبع‪ ،‬زبرج يف اؼبدينة اؼبنورة‪ ،‬ككاف من اؼبي ٌ‬
‫استشهد ىناؾ ‪ ،‬كلعلي أربدث عن ىذا الشيخ الفالل‬
‫ى‬ ‫يف اعبزائر‪ ،‬كقد‬
‫آخىر‪.‬‬ ‫يف م و‬
‫وطن ى‬
‫مبوذج يخليق اغبياء يف ىذه اغبياة‪ ،‬فلو يعلًٌ ىق على اؼبشنقة أك‬
‫رشيد رمدة ي‬
‫سوء و‬
‫قبيحة لى ىما ىخىر ىجت‪.‬‬ ‫ع ًرض على ح ًٌد السيف لًتخرج منو كلمة و‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ي ى‬
‫مولوعا حىت ربيسو‬
‫ن‬ ‫قصيدة أك‬
‫ن‬ ‫أحببت فيو تذكقىو‪ ،‬فما أف تيلقي عليو‬
‫ي‬
‫كثَتة أنبها «بُت منهجُت»‬
‫أكتب أشياء ن‬
‫ي‬ ‫يهتز ؽبا‪ ،‬كىذا الذم جعلٍت‬

‫‪77‬‬
‫ك«نظرةه جديدةه يف اعبرح كالتعديل»‪ ،‬فما أف عرلت عليو ىذه اؼبو ى‬
‫اليع‬
‫احدا كهذا‬ ‫يشعر أف ك ن‬ ‫حىت ى ً‬
‫طار ؽبا فىر نحا كأصر أف أكتيبها‪ ،‬كيكفي ؼبثلي أف ى‬
‫قلبك اإلرادة كالشجاعةي لًتىػبيث‬ ‫ً‬
‫ًٌ‬
‫الشاب يومها يفر يح ل ىما تكتب حىت تقع يف ى‬
‫عندؾ‪.‬‬
‫ما ى‬
‫أبدا‪،‬‬ ‫فبيز‪ ،‬ككجوه طفورل ال يى ً‬
‫هريـ ن‬ ‫بياض ه‬ ‫ع يف الطوؿ‪ ،‬ه‬ ‫طويل‪ ،‬فار ه‬
‫شاب ه‬ ‫ه‬
‫مكانك»‪.‬‬
‫ى‬ ‫يوما‪« :‬كلنا نىكبيػير ك ى‬
‫أنت‬ ‫قاؿ لو أحد السجانُت ن‬‫حىت ى‬
‫و‬
‫إبداعية‬ ‫اقية‪ ،‬كبقدر و‬
‫ات‬ ‫سامية ر و‬
‫و‬ ‫عجوف هبًًم وة‬
‫كل ىذا اػبيليق كالدين ىم ه‬
‫ملل أك و‬
‫كلل‪.‬‬ ‫قيادية فبيزةو‪ ،‬و‬
‫كجلد يف إدارة ما ييوىك يل لو دكف و‬ ‫و‬
‫ى‬
‫س م مي تتمىن أن تع ش َه وت ه‪.‬‬ ‫رشي ر ة من ذج‬
‫كاف سجُت اإلنكليز عندما تقدمت اغبكومة الفرنسية بطلب تسلمو‬
‫يومها‪ ،‬كمنذ ذلك‬
‫ألهنا قالت إنو مسؤكؿ التفجَتات اليت كقعت يف بريس ى‬
‫اعا على ىذا األمر‪ ،‬فقضيتو تًتاكح بُت الربح‬ ‫يعيش صر ن‬
‫ي‬ ‫الوقت كرشيد‬
‫احوي(ُ)‪.‬‬
‫رشيد القضية كييطلى ىق سر ي‬
‫كاػبسارة كلكن ربنا الرضبن [أراد] أف يربح ه‬

‫(ُ) كقضيتو ما زالت تيثَت مشاكل بُت اإلنكليز كالفرنسيُت‪ ،‬كصارت عميقةى الغى ً‬
‫ور‪ ،‬فكلما أراد‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫تسليم رشيد رمدة‪ ،‬كاإلعالـ الفرنسي‬
‫ى‬ ‫الطعن يف مصداقية العالقة بينهما أاثركا‬
‫ى‬ ‫الفرنسيوف‬
‫كآخر‪.‬‬
‫حُت ى‬‫كبعده الربيطاين ييثَت ًاهنا بُت و‬
‫ى‬
‫‪78‬‬
‫خبط ً‬
‫يده‪ ،‬كإف كاف ‪-‬‬ ‫كتاب هللا‪ ،‬بل كتبىو ًٌ‬
‫رشيد ى‬‫يف السجن حفظ ه‬
‫(ُ)‬
‫كتب الشعر‬
‫ى‬ ‫كذلك‬ ‫كفيو‬ ‫‪،‬‬ ‫أىلك األكراؽ اليت كتبها‬
‫ى‬ ‫لألسف‪-‬‬
‫ب‬
‫يكتب ذباربو يف ىذين األمرين‪ ،‬كىو يؿب ه‬
‫ى‬ ‫بإلنكليزية‪ ،‬كقد شجعتو أف‬
‫لصناعة الفخار كيبارسها ىنا يف السجن‪.‬‬
‫كعشت معو‬
‫ي‬ ‫بغضا‪ ،‬بل الكل يوببو‪.‬‬ ‫عشت معو يف اػبارج‪ ،‬فلم ىأر لو يم ن‬
‫ي‬
‫متعاطفا حىت‬
‫ن‬ ‫كؿب ًًتنما أك‬ ‫إذل اآلف يف السجن ستة و‬
‫شهور فلم ىأر لو إال يؿببا ي‬
‫من السجانُت ً‬
‫أنفس ًهم‪.‬‬
‫سة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َّةم ٌ أَ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َم َ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ْ‬
‫َُ‬
‫جة ة ة ة ة ة ٌف ع ة ة ة ة ة ة ُ ه أ ة ة ة ة ة ة ُ ع صة ة ة ة ة ة َف ْ‬
‫ةةة ً‬ ‫نفس ة ة ة ر ة ة ة ً‬ ‫َ‬ ‫ك ة ة ة ُد ُ ة ة ة‬
‫يكتة ة ة ة ة ة ة َ َ فًة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ر َاة ة ة ة ة ة ة ْ‬
‫َ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ةةمي َ ه ة ة ة ة ة ة ة ة ُ أ َ َم ة ة ة ة ة ة ة ة ُ‬
‫ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ُ َشة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َ سة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ْ‬

‫(ُ)‬
‫ف ففعل‪ ،‬فهي‬ ‫يوس ى‬
‫ي‬ ‫سورة‬ ‫تسجيل‬
‫ى‬ ‫منو‬ ‫طلبت‬
‫ي‬ ‫كقد‬ ‫النشيد‪،‬‬
‫ك‬ ‫القرآف‬ ‫يف‬ ‫ائع‬
‫ه‬ ‫ر‬ ‫صوت‬
‫ه‬ ‫لو‬‫ك‬
‫ذبعل من اؼبهر‬ ‫ً‬
‫كقلت لو‪« :‬إف قي ٌد ىر رل أف أكوف ك ن‬
‫كيال ؼبن ستتزكج‪ ،‬سأشَتي عليها أف ى‬ ‫عندم‪ ،‬ي‬
‫فضحك كأغضى حياءن‪.‬‬
‫ى‬ ‫ك‪ ،‬كما فعلت زكجة الشيخ منَت التونسي»‪،‬‬ ‫تسجيل القرآف بصوتً ى‬
‫ى‬
‫‪81‬‬
‫و ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ٌ َة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ةي َ غَ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ْ‬
‫أس ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ُ ر ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ٌ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ْ‬ ‫رُ‬
‫ََْة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َخ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ٌ ُ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َ َّر ْد‬
‫و ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ٌ ُسة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ْد‬
‫و ِودٌّ ؤَّكةة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ْ‬
‫ُسُ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ُ رشة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ةةي ْ‬

‫أايما عصيبةن؛ يف السجن ً‬


‫مور ىست عليو قذارات‬ ‫عاش اغببيب رشيد ن‬ ‫ى‬
‫انك‬
‫يقهر سج ى‬
‫اإلنكليز كسجنهم‪ ،‬كحدثٍت عن بعضها‪ ،‬كالعجيب [أف] ما ي‬
‫أف ير ىاؾ فى ًر نحا كأف ير ىاؾ يف يح ولة جديدةو‪.‬‬
‫حديث‬
‫ه‬ ‫قي ًٌد ىر رل يف السجن أف تكوف زنزانيت جبانبو‪ ،‬كلذلك كاف ىناؾ‬
‫يدكر بيٍت كبينو من خالؿ أنبوب اؼباء الساخن للتدفئة ىاؼب ًٌ‬
‫ار بُت زنزانػىتىػٍينا‪،‬‬
‫حديثك إف‬ ‫وصل‬ ‫ت‬
‫ي‬ ‫كلكن‬ ‫‪،‬‬ ‫فهي ذبعل فيرجةن يف اعبدار ال تتسع ؼبركر و‬
‫كرقة‬
‫ى‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫جَتيت لو يف الزنزانة ثالثة‬
‫جبانبك‪ ،‬كامتدت ى‬
‫ى‬ ‫لصاحبك الذم‬
‫ى‬ ‫صوتك‬
‫ى‬ ‫رفعت‬
‫ى‬
‫أكتب كقد رجعنا إذل اغباؿ‬
‫ي‬ ‫قلت عنو ثالثة أشهر‪ ،‬كأان اآلف‬
‫أشهر‪ ،‬مث ني ي‬
‫ي‬
‫األكؿ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫رفيع‪،‬‬
‫ذكؽ و‬‫حًيب لرشيد رمدة ألنو صاد هؽ مع نفسو كإخوانو‪ ،‬كصاحب و‬
‫ي‬ ‫يٌ‬
‫كتبت فيو مقامةن‬
‫ت ىمن قرأىا‪ ،‬كقد ي‬
‫شعرا بإلنكليزية‪ ،‬أعجبى ٍ‬ ‫كتب ن‬ ‫كلىما ى‬
‫قامةى الر ٍش ًدية» داعبتيو فيها‪.‬‬
‫ظبيتها «اؼبى ى‬
‫السهم اؼبيضيء رشيد رمدة!‬
‫ي‬ ‫أنت رائع أيها‬ ‫كم ى‬
‫اع إعجاهبا كاحًتامها‪ ،‬كحبمد‬
‫استطاع انتز ى‬
‫ى‬ ‫ؿباميتو ىي غاريث بَتس‪ ،‬كقد‬
‫حيث كسبنا احًتامها من‬‫بعده من اإلخواف‪ ،‬ي‬ ‫دليال لً ىما ى‬
‫هللا كاف رشيد ن‬
‫احًتامها لو‪ ،‬برؾ هللا فيو‪.‬‬

‫كم بن سى‪ :‬من بقااي اػبَت كالفطرة النقية يف تونس‪ ،‬يف األربعُت‬
‫يعيش بو‪ ،‬كىو دليليوي يف حياتًًو‪ ،‬مع‬
‫طفل ي‬ ‫قلب و‬ ‫من عمره‪ ،‬كال يبلك إال ى‬
‫تنسحب‬ ‫نفسو كمع إخوانو‪ ،‬فهو سريع التأثر سريع الد ً‬
‫معة‪ ،‬كسرعةي أتثره‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫حىت على غضبو كأتثره من أم و‬
‫موقف حسننا كاف أك سيئنا‪.‬‬
‫آدـ البشرة‪ ،‬مع سواد الشعر سبامو‪ ،‬كفيو بعض الشيب قليل‪.‬‬
‫متزكج كلو ابن كابنتاف(ُ)‪ ،‬كزكجتو من بالد الشاـ‪.‬‬
‫ه‬

‫(ُ) إحدل بناتو يك ىلدت بعد القبض عليو‪ ،‬كىو يف بلمارش‪.‬‬


‫‪81‬‬
‫احد‬
‫صادؽ األيخوة مع ىمن أحب‪ ،‬قوم الشكيمة مع اػبصوـ‪ ،‬لو كجوه ك ه‬ ‫ي‬
‫تعرؼ حالىو من بيعد و‬
‫أمتار كأنت تنظر إليو‪.‬‬ ‫سًته‪ ،‬كبذا ي‬ ‫ً‬
‫ال يقد ير ى‬
‫أسبوع‬
‫ه‬ ‫داخل السجن ببالء التهاب اغبصوة يف يكليىتً ًو‪ ،‬فهي ؽبا‬ ‫ى‬ ‫صيب‬
‫أي ى‬
‫أجره(ُ)‪.‬‬ ‫ً‬
‫كأكثر تؤؼبو كتيتعبيو‪ ،‬نسأؿ هللا أف ييؤتيىو ى‬
‫كرمي النفس‪ ،‬كمن غبظات سعادتو أف يرل الرلا كالفرح كىو ي ًٌ‬
‫قد يـ لغَته‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫أحسن رل‬
‫ى‬ ‫ماىر‪،‬‬ ‫يصنع من طيًٌب األطعمة‪ ،‬فهو ه‬
‫طباخ ه‬ ‫معركفنا‪ ،‬كخاصةن ما ي‬
‫طعامك ىو الفلفل اغبار»‪ ،‬فلم تيعجبو‬
‫ى‬ ‫فقلت لو‪« :‬إف سر‬
‫يف ىذا الباب‪ ،‬ي‬
‫يبتسم‬ ‫و‬ ‫و‬
‫ظبع مٍت كلمةى إعجاب على طعاـ يصنىػ يعو ي‬ ‫ىذه الكلمة‪ ،‬كصار كلما ى‬
‫ابتسامةى البداكة اغبارقة كيقوؿ‪« :‬السر يف الفلفل»‪.‬‬
‫مكث يف «الوحدة اػباصة» مع بعض اإلخواف ‪-‬كما سأذكرىم‪ -‬مدة‬
‫ى‬
‫أكثران بالءن يف مولوع زايرة‬
‫أربعة شهور حىت نيقلوا إذل السجن العاـ‪ ،‬كىو ي‬
‫زكجتو‪ ،‬فقد كانت أكؿ زايرةو ألىلو لو بعد شبانية أشهر‪ ،‬كىي اؼبدة اليت‬
‫ث اػبىلق اإلنكليز من أجل دراسة حالتو للسماح ألىلو‬
‫احتا ىجها أخبى ي‬

‫كر رل أف من نً ىع ًم هللا عليو يف السجن يؿبافظتو على صياـ االثنُت كاػبميس‪ ،‬فلم يًتيؾ‬
‫ذى ى‬
‫(ُ)‬

‫أبدا [حىت] يف أايـ اؼبرض الشديدة‪.‬‬‫ذلك ىنا ن‬


‫‪82‬‬
‫ظبعت ىذا‪ ،‬كمع ذلك يوجد ىمن يقوؿ من اعبهلة‬‫ىلت لىما ي‬
‫بلزايرة‪ ،‬كقد ذي ي‬
‫و‬
‫إنسانية ىذه اي قوـ!‬ ‫أف اإلنكليز إنسانيوف‪ ،‬فأم‬
‫أجرؾ اي أب خالد!‬ ‫آاتؾ هللا ى‬
‫ى‬
‫كتبت فيو مقامةن كدل أيًسبها إذل اآلف‪ ،‬فقد شغلىٍت عنها أمور‪.‬‬
‫ي‬
‫غرـ بو‪ ،‬كربسنت‬
‫تعلم بن موسى فن صناعة الفخار يف السجن‪ ،‬فهو يم ه‬
‫نوعا ما ىنا‪.‬‬
‫لغتو اإلنكليزية ن‬

‫فالل‪ ،‬بدأ الدراسة الشرعية يف اؼبدينة اؼبنورة‪،‬‬


‫شيخ ه‬ ‫أب صهي ٍ يء‪ :‬ه‬
‫مرحلة ما‪ ،‬فجاء إذل‬‫و‬ ‫كدل ييتًمها للتضييق الذم كقع على الليبيُت ىناؾ يف‬
‫يدخل‬
‫فورا يف السجن العاـ كدل ي‬ ‫ككلع ن‬
‫ى‬ ‫ض عليو بعدم و‬
‫بشهر‪،‬‬ ‫بريطانيا‪ ،‬كقيبً ى‬
‫«الوحدة اػباصة»‪ ،‬كدل أعرؼ حىت قابلتو كما ذكرت ن‬
‫سابقا‪.‬‬
‫ب فزيػنىو ببعض‬
‫ع فيها الشٍي ي‬
‫فبيز‪ ،‬كغبيةه شقراء سار ى‬
‫بياض ه‬‫ائع‪ ،‬ه‬‫تره‬ ‫ىظب ه‬
‫لياقة و‬
‫فائقة(ُ)‪ ،‬قليل‬ ‫كصباال‪ ،‬عريض اعبسم مع و‬ ‫كقارا ن‬
‫ى‬ ‫اغبناء اليت زادتو ن‬

‫خرجت أان‬
‫ي‬ ‫كرة و‬
‫قدـ ففاقىهم كأعجبىهم‪ ،‬كبدايتها‬ ‫لعب مع اإلنكليز ىنا يف السجن ى‬ ‫فقد‬ ‫(ُ)‬
‫ى‬
‫كإايه إذل اغبلقة الرايلية‪ ،‬فأراد مسؤكؿ الرايلة ردان كقاؿ‪« :‬اليوـ لكرة القدـ»‪ ،‬كذلك لىما‬
‫صدؽ ظنو معي‪،‬‬
‫كيلعب كرةى القدـ‪ ،‬كقد ى‬
‫ي‬ ‫فاستبعد أف يكوف اؼبرء «متطرفنا يملتحينا»‬
‫ى‬ ‫رأل ًغباان‪،‬‬
‫‪83‬‬
‫اغبديث إال فيما ىو طيًب‪ ،‬فإف ربدث فبًصوت ىادئ تظن ألكؿ و‬
‫كىلة أنو‬ ‫ٌه‬
‫تعرؼ بعد‬
‫أحدا يتكلم هبذا اؽبدكء‪ ،‬مث ي‬
‫صعب عليك أف تتصور ن‬‫يتكل يفو‪ ،‬إذ ه‬
‫ذلك أهنا س ًجيةه كفًطرةه‪ ،‬لو خليق يبنعو من اإلساءة و‬
‫ألحد‪ ،‬بل يتلقى كل‬ ‫يه‬ ‫ى ى‬
‫كصرب ك و‬
‫كتماف‪.‬‬ ‫بعفو و‬ ‫إساءةو و‬
‫طيب إلخوانو الليبيُت‪ ،‬ككاف سجنو‬ ‫رسوؿ ه‬
‫متزكج لو ابنتاف ككلد‪ ،‬كىو ه‬
‫ه‬
‫و‬
‫اغببيب اؼبصطفى حُت قاؿ‪ُ « :‬ة ْبةتَة َى‬
‫ي‬ ‫صدؽ‬ ‫صبيعا‪ ،‬وٌ‬
‫كحبق ى‬ ‫دفع لريبة عنهم ن‬ ‫ي‬
‫درجتك اي إظباعيل كاموكا‪.‬‬
‫ى‬ ‫َّ ُج ُُ َع َى َ ْ ِر ِد ِ ِ»؛ فرفع هللا‬
‫بقليل‪ ،‬كدل ييًرد‬
‫يد عن التسعُت و‬
‫دخل السجن ككزنو َُٕ كيلو‪ ،‬كاآلف يز ي‬
‫ى‬
‫كثَتا «كاغبلو للحلو»‪.‬‬
‫ب للحلول ن‬
‫إنزالىو أكثر فهو يؿب ه‬
‫كتبت فيو مقامةن ظبيتيها «اؼبىقامة الكاموكية»‪ ،‬كلعلي أليفها يف و‬
‫كقت‬ ‫ي‬
‫أيت لو يخلي نقا عجبنا‬ ‫و‬ ‫و‬
‫قادـ‪ ،‬كىي أكؿ مقامة كتبتيها يف اإلخواف ىنا بعد أف ر ي‬
‫يف العفو كالصرب ذكرين بلسلف ‪ ‬تعاذل(ُ)‪.‬‬

‫بقيت أان‬ ‫و‬


‫اختارت كل ؾبموعة فر ىيقها ي‬ ‫أمارسها‪ ،‬كلذلك لىما ى‬
‫فأان أرل كرة القدـ كأسبتع هبا‪ ،‬كال ي‬
‫مطلوب ؽبم‪.‬‬ ‫إجبارا عليهم‪ ،‬مث ظهرت مهارتو فصار‬ ‫و ً‬
‫ن‬ ‫ىبتاران أم فريق‪ ،‬يفوٌزعنا ن‬
‫كإايه فقط‪ ،‬إذ دل ى‬
‫(ُ)‬
‫افًتقىت زنزانػىتىػٍينا عن‬ ‫حافظ و‬
‫لكثَت من كتاب هللا تعاذل‪ ،‬شاركتو يف حفظ سورة «النساء» مث ى‬ ‫ه‬
‫بعضهما‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫بن ُؤِّ ي‪ :‬ابن الصحراء اعبزائرية حبق‪ ،‬فكأنو أمضى حياتىو مع‬
‫عاش يف العاصمة‪.‬‬ ‫ًٌ‬
‫الضباب‪ ،‬رغم أنو ى‬
‫يد عن الستُت كيلو‪ ،‬مع‬
‫خفيف ال يز ي‬
‫ه‬ ‫ككزف‬
‫بياض عجيب‪ ،‬قامةه قصَتة‪ ،‬ه‬
‫ه‬
‫يدخل على‬
‫ي‬ ‫عروج يف رجلو شديد‪ ،‬ال يبنعو من االقتحاـ (كىو حبق لىما‬
‫شيء أك يبشي تشعر أنو يقتحم ال [أنو] يتحرؾ فقط)‪ ،‬مع و‬
‫صوت ىجهورم‬ ‫و‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ب‬ ‫ً‬
‫دكما‪ ،‬فال يبكن لو أف يتحدث دكف صر واخ‪ ،‬طيٌ ي‬ ‫يستخدمو ن‬
‫ي‬ ‫صارخ‬
‫و‬
‫مشكلة تقع‪،‬‬ ‫دقيقة مع أكرب‬ ‫و‬
‫استعداد للنوـ بعد نصف و‬ ‫القلب؛ فهو على‬
‫دكما‪ ،‬أغلب حياتو كحديثو ىمصحوبف بلبسمة‬ ‫ً‬
‫فاؽبىم كالغىم كراء أيذينيو ن‬

‫زعج‬
‫يبكث يف السجن أسبوعُت حىت قىد ىـ فيو أحد األخباث السجانُت تقر نيرا أنو يم ه‬‫يكد ي‬ ‫دل ى‬
‫اغبقد!‬
‫استطاع‪ ،‬لكنو ي‬‫ى‬ ‫صهيب «اصرخ» لى ىما‬ ‫قيل أليب ي‬
‫ككثَت الصراخ‪ ،‬كىذا من العجائب‪ ،‬فلو ى‬
‫و‬
‫صهيب‬ ‫كترجم لو رشيد رمدة كقاؿ رل‪« :‬إفى ىظبت الشيخ أيب ي‬‫ى‬ ‫ؿباكمة يف السجن‪،‬‬ ‫خذ إذل‬‫كأي ى‬
‫كم عليو أسبوعُت‬ ‫فح ى‬
‫رجل منهم‪ ،‬ي‬ ‫أقنعهم بكذب التقرير»‪ ،‬كلكن أَن ؽبم أف ييًقركا بكذب و‬ ‫ى‬
‫عقوبة مع كقف التنفيذ (يعٍت سجن داخل سجن)!‬‫ن‬
‫أسود‬ ‫ً‬
‫أبيض كأان ي‬ ‫أشقر ي‬‫العجيب أف اإلنكليز ىبلطوف بيٍت كبينو لطوؿ غبيىػتىػٍينا‪ ،‬مع أنو ي‬
‫ي‬
‫مرة ييقاؿ لو شيءه عٍت فيفهم أنو ليس ىو اؼبقصود‪ ،‬كخاصةن لىما‬ ‫اللحية آدـ البشرة‪ ،‬فكم من و‬
‫رجل يف بريطانيا من قًبىل كسائل اإلعالـ‬ ‫ت أسوأ و‬ ‫اخًت ي‬
‫ىشنت كسائل اإلعالـ ىجومها‪ ،‬ك ي‬
‫يض من األمن االنكليزم ‪.M15‬‬ ‫بتحر و‬
‫أكوف مع أمثالو يف و‬
‫مكاف‬ ‫هيب‪ ،‬لكٍت فى ًر هح أف ى‬ ‫ص و‬‫سج ىن أمثاؿ أيب ي‬
‫ين أف يي ى‬
‫كم أان حز ه‬
‫ك و‬
‫احد‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫تدخل عليو إال‬ ‫قلما‬ ‫إذ‬ ‫‪،‬‬ ‫و‬
‫كإخبات‬ ‫دين كعبادةو‬
‫حب و‬
‫ي‬ ‫كالتعليقة الساخرة‪ ،‬صا ي‬
‫قائما يصلي‪ ،‬فهو وبفظ من «اإلسراء» إذل هناية الكتاب العزيز مع‬
‫كتراه ن‬
‫و‬
‫إتقاف قوم‪ ،‬شجعو رشيد رمدة على إسباـ حفظو ىفرٌد‪ ،‬كاآلف أيمضي كقيت يف‬
‫قراءة التفسَت‪ ،‬كلذلك قلما يراين إال كيف يجعبتو أسئلةه عما أقرأ‪.‬‬
‫درس يف اعبامعة اعبزائرية الرايليات‪ ،‬كقبل السنة األخَتة‪ ،‬توجو للجهاد‬
‫عشقو كرغبتو‪.‬‬
‫األفغاين‪ ،‬فاعبهاد ي‬
‫كتبت فيو مقامةن ظبيتها «اؼبقامة اؼبؤيًٌدية»‪ ،‬فولعها يف جيبو‪ ،‬كقاؿ‪:‬‬
‫ي‬
‫شهاديت لً ىمن أر ىاد االعًتاض علي»‪.‬‬
‫«ىي ى‬
‫متزكج كلو ابنةه اظبها يرقية‪ ،‬عمرىا اآلف أربع سنوات‪.‬‬
‫ه‬
‫يس ًج ىن يف «الوحدة اػباصة»‪ ،‬فهو من أكائل ىمن قيبض عليو بلقانوف‬
‫شديدا‪ ،‬كقد احتفظ بكل‬
‫الديبقراطي اإلنساين‪ ،‬كعاَن مع اإلخواف ىناؾ ن‬
‫أسبوع نيقل إذل السجن‬
‫و‬ ‫ثبت عنصرية القوـ كقذارهتم‪ ،‬كبعد‬
‫األكراؽ اليت تي ي‬
‫العاـ‪.‬‬

‫بن عيسى‪:‬‬
‫ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َ َ َتة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة‬
‫َ َ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ةةى ع ة ة ة ة ة ة ة ة ة ةةى ِجف ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ِةي‬
‫‪86‬‬
‫ة ة ة ة ة ة ة ة ة و ُ حل ة ة ة ة ة ة ة ة ة ِّ تَب ة ة ة ة ة ة ة ة ةةى‬

‫تَة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ةةمو ْ‬
‫َه ْيهة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َ أن أنسة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َ‬
‫ةك‬‫ِ ة ة ة ة ة ة ةةن َدم َ ة ة ة ة ة ة ة ة ِ فُة ة ة ة ة ة ة َ‬
‫ص ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ةةميم َلََوِر َد ْة‬ ‫ِ‬
‫ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ةةن َ‬
‫ُ ي ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َ ُ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ٌّ‬
‫(ُ)‬
‫يم‬
‫عب ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة َ ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ة ْ‬
‫ىذا الرجل دليل أف اعبهاد كاإليباف بو ليس حالةن نفسيةن‪ ،‬بل حالةى و‬
‫إيباف‬ ‫ى‬ ‫ه‬
‫اقتناع‪ ،‬فهدكؤه كأخالقيو اؼبيبغضة للمشاكل كاػبصومات ًظبتاف رائقتاف فيو‪.‬‬
‫ك و‬
‫ع مع ًغب وية‪ ،‬كأهنا‬‫طوؿ فار ه‬
‫فبيز‪ ،‬ه‬‫ت ه‬‫كظب ه‬
‫ائع ى‬
‫ب ىجم ر ه‬ ‫يخلي هق قوميه كأد ه‬
‫تقن‬ ‫ً ً‬ ‫ل ًٌم ىخت بغبناء ًٌ‬
‫لتوىا‪ ،‬كىي على أصل خ ىلقتها‪ ،‬كلياقةه فائقةه‪ ،‬كيي ي‬ ‫ي‬
‫إطالؽ القذائف اؽبادئة على اؼبواقف كاألحداث‪.‬‬
‫ى‬

‫(ُ) عبد الرحيم ىو اسم بن عيسى بُت اإلخواف‪.‬‬


‫‪87‬‬
‫تشعر بقوةو أف العالقةى بينو كبُت الناس كأنو مع أسرتو‬
‫حبق‪ ،‬إذ ي‬‫عائلي وٌ‬
‫علمت أنو ليس لو‬
‫ي‬ ‫الده كأخاه‪ ،‬و‬
‫كحبق نبا رائعاف‪ ،‬كقد‬ ‫أيت ك ى‬
‫كأىلو‪ ،‬كقد ر ي‬
‫إال اإلخواف كليس لو شقيقات‪.‬‬
‫حساس جدا‪ ،‬ال يوبب‬
‫ه‬ ‫جزائرم من الغرب‪ ،‬مدين العالقة مع الناس‪،‬‬
‫اػبصومات كال النيفرة‪.‬‬
‫يولع يف‬ ‫جن يف بلمارش بعد سجن اإلخواف أبربعة و‬
‫أشهر‪ ،‬فلم ى‬ ‫يس ى‬
‫نشغال بقراءة‬
‫مباشرة‪ ،‬كاف كما زاؿ م ن‬
‫ن‬ ‫«الوحدة اػباصة» بل إذل السجن ال ًٌ‬
‫عاـ‬
‫ع يف اغبفظ»‪ ،‬فهو‬ ‫ً‬
‫حافظ‬
‫ه‬ ‫القرآف‪ ،‬كقاؿ‪« :‬لىما أيمت الثالثُت ختمة ٍ‬
‫سأشىر ي‬
‫لثيػليث القرآف(ُ)‪.‬‬
‫يتأنق يف مالبسو‪ ،‬كيهتم ببدنو كجسمو‪ ،‬كيراتح ػبدمة اإلخواف‪ ،‬فكم‬
‫من مرةو يقوـ بتنظيف غرؼ بعضهم دكف ً‬
‫إعالمهم‪.‬‬
‫ئلت‪« :‬لو‬
‫دخل بلمارش‪ ،‬ككزنو ُُٓ كيلو كىو اآلف ٖٖ كيلو‪ ،‬كلو يس ي‬
‫ى‬
‫و‬
‫عبد الرحيم‪ ،‬حملبيت لو كلرقة قلبو‬
‫لقلت‪ :‬ى‬ ‫يخًٌَت ى‬
‫تى ىمن ىبرج أكؿ كاحد منكم» ي‬
‫كعطفي عليو‪.‬‬ ‫ى‬

‫ائع يف القرآف‪ ،‬كلكن دل‬


‫صوت ر ه‬
‫ه‬ ‫(ُ) كقد قاؿ رل رشيد رمدة إف عبد الرحيم «بن عيسى» لو‬
‫يغلب عليهم اغبياء الشديد‪.‬‬
‫أظبعو‪ ،‬فعسى أف أفعل‪ ،‬كلكن أغلب اإلخواف ىنا ي‬
‫‪88‬‬
‫كثَتا‪ ،‬كخاصةن يف الًتصبة‪ ،‬فقد كانت اؼبيحامية إذا أرادتٍت‬
‫صرب علي ن‬
‫ى‬
‫قاـ‬
‫يربضره ىو للًتصبة‪ ،‬كقد يعرؼ يف السجن بصربه كأدبو‪ ،‬كخاصةن لىما ى‬
‫يض جدا‪ ،‬كدل يصرب‬
‫على خدمة األخ أبو ريدة (أبو رظبي)‪ ،‬كىذا األخ مر ه‬
‫أحد من اإلخواف كما صرب عليو اغببيب بن عيسى‪ ،‬كػبيليقو اعبىًٌم‬ ‫عليو ه‬
‫كىدكئو‪ ،‬كاف مسؤكلو القسم يف السجن إذا أرادكا شيئنا منا حدثوه ىو‪،‬‬
‫أنت دكف غَتؾ»‪.‬‬
‫ك ى‬ ‫كقالوا لو‪« :‬ملف ى‬
‫ك يف السجن ىو ما هبعلنا نطلبى ى‬
‫لوحات كتابية‪ ،‬يعلًٌقت يف زانزينهم أغلبها فيها‬
‫و‬ ‫عمل لكل اإلخوة ىنا‬
‫األمل بقرب الفرج‪ ،‬فهو وبب التفاؤؿ‪ ،‬كيتضايق جدا من القتامة ك ًٌ‬
‫الظن‬
‫يب»‪.‬‬ ‫السيء‪ ،‬كتب رل على لوحيت‪ « :‬ن‬
‫صربا شيخ عمر فإف الفر ىج قر ه‬
‫يشتغل مع بعض اإلخواف يف صنع الفخار‪ ،‬لكن عملو ىو اللمسات‬
‫األخَتة فقط كما ييسميها‪ ،‬لكن رغبتو بغباسوب كشؤكنو أشد‪ ،‬كقد عمل‬
‫رسوما بيانيةن رائعةن لتوزيع األكقات يف السجن كمدة بقائنا يف الزانزين مقابل‬
‫ن‬
‫األعماؿ األخرل‪ ،‬كقدمها للمحامية كللمتابعُت ؽبذه الشؤكف من‬
‫اؼبؤسسات األخرل‪ ،‬كالظاىر أف إدارة السجن علمت بذلك‪ ،‬فأصدرت‬
‫قانوان دبنع ىذا األمر إال إبدارة السجن ك ً‬
‫اطٌالعها‪.‬‬ ‫ن‬

‫‪011‬‬
‫ب تيم ‪ :‬براغمايت الفريق‪ ،‬كما ظبتو اؼبيحامية غاريث بَتس‪ ،‬فهو ه‬
‫عقل‬
‫كجود ؽبا ال يف حديثو كال يف قراراتو‪.‬‬
‫كلو‪ ،‬كالعاطفة يف قلبو فقط‪ ،‬كال ى‬
‫عجيب‪ ،‬كأشقر الشعر مع لىم وة كبَتةو على رأسو إف فىػىرىدىا بدا عند‬
‫ه‬ ‫بياض‬
‫ه‬
‫اإلنكليز كالصورة اليت كذبوىا على سيدان عيسى ‪ ‬يف األفالـ‬
‫السينمائية‪ ،‬فقد صرخ بعضهم عليو قائلُت‪« :‬عيسى‪ ،‬عيسى»(ُ)‪.‬‬
‫قارئ للولع السياسي و‬
‫بعمق‪ ،‬كييعٌت بلفكر كتياراتو‪ ،‬كإف كانت‬ ‫ه‬
‫أكثر‪.‬‬
‫االذباىات العلمية تشده ى‬
‫الذىاب إذل حبَتةو كسط‬
‫ي‬ ‫رايلي‪ ،‬كوبب السباحة‪ ،‬ككاف من عجائبو‬
‫كتضاحك عليو اإلخواف‬
‫ى‬ ‫لندف كسط الليل كالسباحةى فيها مع شدة الربد‪،‬‬
‫أنو أشبو بلذئب الليلي‪ ،‬فهو يسبح مث «يعوم» لشوقو إذل زكجتو بدؿ‬
‫صيد الذئب‪.‬‬
‫يؿبب للفواكو بشدة‪ ،‬كردبا تكوف ىي غذاءىه فقط‪ ،‬فلو كلعت َُ‬
‫كيلو من الفواكو أمامو فهي منتهيةه يف و‬
‫يوـ ك و‬
‫احد‪ ،‬كقد طلبت أيمو من أبيو‬ ‫ي‬

‫(ُ) كإف كاف الصلع بدأ يغزك كسط رأسو‪ ،‬كإف كاف يسًته بلىمتو الكبَتة‪.‬‬
‫‪010‬‬
‫يطلب منو التخفيف من «تدمَت» الفواكو اليت يشًتيها‬
‫ى‬ ‫كىو يف اعبزائر أف‬
‫لاحكا‪« :‬أان أشًتيها لو»‪.‬‬
‫ن‬ ‫األب لكل البيت‪ ،‬فرد األب‬
‫أبدا‬
‫مدرب لتخفيف كزين‪ ،‬ككنت أحتاجو‪ ،‬فهو ال يتحدث ن‬
‫قدـ نفسو رل ن‬
‫ؿبتاجا ؼبثلو‬
‫فكنت ن‬‫ي‬ ‫اآلخر‪،‬‬
‫أمر‪ ،‬بل اعبانب ى‬ ‫أم و‬
‫عن اعبانب اغبىسن يف ًٌ‬
‫دكما أنو‬
‫ؼبواصلة تنزيل الوزف‪ ،‬كبسبب طريقتو ىذه رآه اإلخوة اؼبتفائلوف ن‬
‫فضحك كقاؿ‪« :‬ىؤالء ىسطحيوف»‪،‬‬‫ى‬ ‫قامتي النظرات‪ ،‬كسألتو عن ذلك‬
‫كجعلها نكتة‪.‬‬
‫ات كثَتةو أىدل منها للمحامية‬
‫فناف يف صنع الفخار‪ ،‬فقد صنع أدك و‬
‫ى‬ ‫ه‬
‫فبهىرتٍػ يهم‪.‬‬
‫غاريث بَتس‪ ،‬كبعض العاملُت معها ى‬
‫غوؼ هبذا األمر‪ ،‬كقاؿ رل مرةن‪« :‬لو كاف بُت يدم قطعةه ي‬
‫ربتاج‬ ‫ىش ه‬
‫ت إسب ىامها‬
‫خًت ي‬ ‫كخًٌَت ي‬
‫ت بُت إسبامها أك اػبركج من السجن‪ ،‬ىال ى‬ ‫شهرين‪ ،‬ي‬
‫كبقيت يف السجن»‪.‬‬
‫ي‬
‫متابع‬
‫اىتماما بولع اإلخوة ىنا يف السجن‪ ،‬فهو ه‬
‫ن‬ ‫ىو أكثر اإلخواف‬
‫أخ و‬
‫قادـ لالطمئناف عليو‪.‬‬ ‫لكل و‬

‫ىؤالء ىم إخواين يف ىذا القسم‪ ،‬كقد شارىكنا غَتىم‪ ،‬كسيأيت خربىم عند‬
‫آخرين معي يف نفس القانوف‪،‬‬
‫إخوة ى‬
‫ىناؾ ن‬
‫اغبديث عما كقع معهم‪ ،‬مع أف ى‬
‫‪011‬‬
‫آخىر معنا ىنا‬
‫أخا ى‬
‫احدا منهم يف اؼبستشفى كىو أبو ريدة (أبو رظبي)‪ ،‬ك ن‬
‫ك ن‬
‫أخ‬
‫قسم آخر كىو األخ عبد الرضبن (مالكي) كىو ه‬ ‫يف بلمارش‪ ،‬كلكنو يف و‬
‫كثَتا بسبب الطراب‬
‫كسجن بعدم‪ ،‬كقد عاَن ىذا األخ ن‬
‫مقطوع اليدين‪ ،‬ي‬
‫ي‬
‫كلعو يف «القسم الطيب»‪ ،‬كىذا القسم‬
‫يدكف ى‬
‫معاملة السجن معو‪ ،‬فهم ير ى‬
‫الحقا لىما أييت‬ ‫ً‬
‫كسأفص يل يف أحوالو ن‬ ‫أقذر و‬
‫قسم كأسوؤه يف السجن‪،‬‬
‫ٌ‬
‫كلع فيو‬
‫[اغبديث] عن األقساـ اليت تعاملنا معها ىنا يف بلمارش‪ ،‬كقد ى‬
‫آخىر‪ ،‬كرفض السجن كلعو معنا حبجة‬ ‫مدة لىما أيًيت بو‪ ،‬مث نيقل إذل و‬
‫قسم ى‬ ‫ن‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫أف قسمنا ىكثيػىر فيو أصحاب الرتبة األمنية العالية‪ ،‬على الرغم أف قسمنا ‪-‬‬
‫كثَتا حىت تعب‪ ،‬كاآلف ‪-‬كأان‬
‫ـبصص ؽبذه الرتبة‪ ،‬كتنقلوا بو ن‬
‫ه‬ ‫كما سأذكر‪-‬‬
‫أكتب ىذه الكلمات‪ -‬ىو يف حالة إلر و‬
‫اب عن الطعاـ‪ ،‬ال أعرؼ مىت‬
‫الك ىفرة‬
‫تنتهي‪ ،‬كاألخ ال ألتقي بو إال يف صالة اعبمعة‪ ،‬فلعنةي هللا على ى‬
‫اإلنكليز‪.‬‬
‫آخر‪ ،‬عددىم أربعة‪ ،‬ىم من نفس‬ ‫و‬
‫سجن ى‬ ‫آخركف يف‬
‫اف ى‬
‫كىناؾ إخو ه‬
‫بعيدا عن بلمارش ألف أماكن سكنهم خارج لندف‪،‬‬
‫صبيعا ن‬
‫القضية‪ ،‬ككلعوا ن‬
‫فقبض عليهم ككلعوا يف أقرب و‬
‫سجن عليهم‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪012‬‬
‫عصرا ‪-‬كما قدمت‪ -‬كيف اليوـ‬
‫كلعت يف السجن العاـ يوـ العيد ن‬
‫ي‬
‫التارل قاـ اإلماـ يونس حفظو هللا بعمل حفلة للعيد يف مكاف صالة‬
‫كألصف لكم مكاف الصالة يف السجن العاـ‪:‬‬
‫ى‬ ‫اعبمعة‪،‬‬
‫ىذا اؼبكاف يقع كسط األقساـ األربعة من السجن العاـ‪ ،‬كىو مكاف‬
‫فمعل هق‬
‫خصيصا للنصارل يف تصميمو ليناسب صالهتم‪ ،‬ي‬
‫ن‬ ‫كعمل‬
‫كسيع‪ ،‬ي‬
‫ه‬
‫على جدرانو الصور الشركية للمسيح ‪ ‬كما يزعموف‪ ،‬كىناؾ صور‬
‫كبضر‬
‫لوحات صغَتةه خشبيةه كدائرية الشكل‪ ،‬كعندما ي‬
‫ه‬ ‫جداريةه كبَتة‪ ،‬كىناؾ‬

‫يقوـ بعض الشباب برفع الصور اػبشبية‪ ،‬كبًطىي ما ى‬


‫أمكن‬ ‫لصالة اعبمعة ي‬
‫من الصور القماشية اعبدارية الكبَتة‪ ،‬كفىػ ٍر ًش األرض بقطع قماشات خفيفة‬
‫قاطع يقوـ ىمن يريد‬
‫تولع كرقةه يف كل و‬ ‫جدا‪ ،‬كغبضور صالة اعبمعة ى‬
‫سمح‬ ‫ً‬
‫سجل اظبىو ال يي ى‬
‫كمن ال يي ٌ‬
‫الذىاب لصالة اعبمعة بتسجيل اظبو فيها‪ ،‬ى‬
‫لو بلذىاب‪ ،‬كاػبركج للصالة ال ىبتلف عن اػبركج ألم و‬
‫قضية خارج‬
‫اظبك على‬
‫القسم كالزايرة أك التعليم؛ فتيفتش مث يتأكد القاطع من كجود ى‬
‫طويال أماـ مكاف اؼبصلى ليتأكدكا من اظبك‬
‫لتقف صفا ن‬
‫اللوحة‪ ،‬مث تضطر ى‬
‫مرة أخرل‪ ،‬كىذا وبتاج يف بعض اؼبرات طبس عشرة دقيقة‪ ،‬كيكوف حضور‬ ‫ن‬
‫عدد و‬
‫معُت من اغبراس يف داخل القاعة ال يقل عن اثنُت يراقبوف ىمن يف‬ ‫و‬

‫‪013‬‬
‫حضورؾ متولئنا‪ ،‬إذ قلما يسمحوف‬
‫ى‬ ‫كعدد من اػبارج‪ ،‬كال بيد من‬
‫الداخل‪ ،‬ه‬
‫كثَتا ما الطر بعض اؼبصلُت للتيمم‬ ‫و‬
‫ألحد بػبركج من القاعة للولوء‪ ،‬ك ن‬
‫من أجل الصالة‪.‬‬
‫بلنسبة للمصلًٌُت من اؼبسلمُت‪ :‬ى‬
‫عادل غريب‪ ،‬فالكثَت منهم ال يكاد‬
‫قادما ًٌ‬
‫لتوه من بالده‪ ،‬خاصةن ىمن كاف من‬ ‫يعرؼ الصالة‪ ،‬حىت ىمن كاف ن‬
‫األتراؾ أك ىمن كاف من إخواننا السود‪ ،‬كىؤالء لألسف ال يوجد الوقت‬
‫أحسن أيبا‬
‫مرة رشيد رمدة ك ى‬
‫خطب فينا ن‬
‫ى‬ ‫الكايف لتعليمهم الصالة‪ ،‬كقد‬
‫كقت و‬
‫قصَت‪ ،‬لكن ألف سجن‬ ‫إحساف بشرح الولوء كالصالة ؽبم يف و‬
‫و‬
‫مدة طويلةن ألنو يمعد‬
‫كث فيو اؼبرء ن‬
‫بلمارش ‪-‬كما سيأيت تفصيلو‪ -‬قلما ىيب ي‬
‫يف صبلتو ؼبن ىو يف طور اؼبىحكمة‪ ،‬قبل إصدار اغبكم عليو بلرباءة أك‬
‫آخىر‪ ،‬فبا هبعل الناس ىنا‬ ‫و‬
‫سجن ى‬ ‫العقوبة‪ ،‬فإف يحكم بلعقوبة ربوؿ إذل‬
‫تغَتين دكما‪ ،‬كىذا ي ًٌ‬
‫عقد مشكلة التعليم أكثر‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫يم ًٌ‬
‫قسم‬ ‫و‬
‫صديق لو من و‬ ‫وبضر ؼبقابلة‬
‫وبضر من غَت اؼبسلمُت إمبا ي‬
‫كبعض ىمن ي‬
‫سجل اظبو غبضور اعبمعة ؽبذا الغرض‪ ،‬كىناؾ ىمن وبضر جملرد‬ ‫ً‬
‫خر فيي ٌ‬
‫آ ى‬
‫يسمع شيئنا عن اإلسالـ‪ ،‬كىناؾ ىمن‬
‫اػبركج من الزنزانة‪ ،‬كىناؾ ىمن وبضر ل ى‬
‫و‬
‫ألسباب أخرل‪.‬‬ ‫وبضر‬

‫‪014‬‬
‫العجيب من اغبضور هبعل صالة اعبمعة يف بعض اؼبرات‬
‫ي‬ ‫اػبليط‬
‫ي‬ ‫ىذا‬
‫دكما بؽبدكء كطلب السكوت‪ ،‬كخاصةن‬‫عجيبة‪ ،‬إذ يضطر اإلماـ للتذكَت ن‬
‫كقت اػبطبة‪ ،‬كبعض اإلخوة الطيبُت يشارؾ اإلماـ يف توجيو ىذا األمر‪،‬‬
‫قاـ بلتصفَت إلسكاهتم‪ ،‬كال ىبلو األمر من‬
‫كجد من بعض اعبهلة ىمن ى‬
‫بل ى‬
‫حدكث مشاكل بُت اؼبصلُت‪ ،‬كإف كانت قليلةن جدا‪.‬‬
‫يًتؾ للمصلُت فسحةن من الوقت للحديث اػباص‪،‬‬
‫وبرص أف ى‬
‫ي‬ ‫كاإلماـ‬
‫بوط برغبة‬
‫كجودؾ يف الصالة مر ه‬
‫ى‬ ‫كقت كذلك ألف‬
‫ىناؾ ه‬
‫ىذا إف كاف ى‬
‫كك ساعةن أك ساعتُت‪ ،‬كقد يقتصر األمر على الصالة‬ ‫السجاف‪ ،‬فقد يًت ى‬
‫كاػبطبة مث يطلب منك العودة إذل الزنزانة‪.‬‬
‫الشيخ يونس كاف خطيبىنا إذل يوـ عيد األلحى مث ربوؿ عنا فكاف‬
‫يرسل لنا اثنُت من أصدقائو للخطبة‪ ،‬أما أحدىم مع لغتو العربية اعبيدة يف‬
‫القراءة إال أنو أساءى للمصلًٌُت بعد حضوره مرتُت‪ ،‬كذلك أبف افتتح كالمو‬
‫يقة أسوأ من طريقة بعض السجانُت‪ ،‬كذلك أبف‬ ‫مع اؼبصلُت اؼبساجُت بطر و‬

‫طلب اؽبدكء كالسكوت‪ ،‬مث قاؿ‪ « :‬ى‬


‫كمن ال يريد السكوت فالباب مفتوح‪،‬‬
‫كشكوا للشيخ يونس‪ ،‬فلم ييعد ىذا‬
‫تضايق الناس منو ى‬
‫ى‬ ‫فىليخرج من ىنا»‪،‬‬
‫مرة أخرل‪.‬‬
‫اػبطيب ن‬

‫‪015‬‬
‫كأما الثاين‪ ،‬فهو دمث األخالؽ‪ ،‬يكتب خطبتو بلعربية‪ ،‬كلكن على‬
‫طريقة األعاجم‪ ،‬مث يقوـ إبلقاء موعظة أك ترصبة اػبطبة لإلنكليزية بعد‬
‫الصالة‪.‬‬
‫مرة‪:‬‬ ‫حدث مرات أف زبلف حضور و‬
‫أحد من اػبارج فخطب فينا ن‬
‫قل من «الوحدة اػباصة» إذل السجن العاـ‪،‬‬
‫صالح ع دة‪ :‬كذلك أنو ني ى‬
‫آخر أك غَت الذم كبن فيو‪ ،‬كىي خطبةه عجيبةه كقويةه يف‬ ‫كلكن يف و‬
‫قسم ى‬
‫ىجومها على أمريكا كبريطانيا كاليهود كدعم اجملاىدين‪ ،‬كقد علق أحد‬
‫لاحكا فقاؿ‪:‬‬
‫ن‬ ‫اؼبصلُت على خطبتو ‪-‬كىو إيراين شيعي اظبو عباس‪-‬‬
‫«تصورت أف يهجم علينا الشرطة بعد اػبطبة كنيساؽ للسجن» انسينا أنو يف‬
‫سجن‪ ،‬مث دل ىبطيب صالح بعدىا‪.‬‬
‫رشي ر ة‪ :‬خطب خطبةن كانت عن الصالة كأنبيتها‪ ،‬مث تكلم بعد‬
‫تيب و‬
‫مًتجم لإلنكليزية للشيخ عبد العزيز بن‬ ‫الصالة بإلنكليزية قارنائ من يك و‬
‫بز يف صفة الولوء كالصالة‪ ،‬كخطب خطبة أخرل عن الذكر‪.‬‬

‫‪016‬‬
‫متزكج من إنكليزية(ُ)‪ ،‬كلو‬
‫طيب ه‬ ‫‪ :‬كىو أخ ه‬ ‫أخ ج ك ُس عب‬
‫ٌ‬
‫ؿببة للدين‪ ،‬كحفظ القرآف‪ ،‬كقد خطب فينا عدة يخطىب‪ ،‬ككاف ًٌ‬
‫يوزع بعد‬
‫الصالة كرقات فيها اغبض على بعض الطاعات كتعريف اؼبسلمُت بدينًهم‪،‬‬
‫كىذه الورقات كاف يقوـ بطبعها كتصويرىا عند ذىابو للتعليم يف السجن‪،‬‬
‫فراقبو األمن كقرركا منعو من الذىاب للتعليم عقوبةن على فعلو‪ ،‬ككانت‬
‫يخطبو بإلنكليزية‪.‬‬

‫ؾبموعتنا عند اػبركج لصالة اعبمعة‪ ،‬ال بيد من اؼبركر على زنزانة رشيد‬
‫رمدة للتطيب‪ ،‬فخالؿ مدتو الطويلة يف السجن تعلم فن صناعة ًط و‬
‫يب‬
‫فبنوع‪ ،‬كخاصةن ألنو يكوف يف‬ ‫مقبوؿ‪ ،‬فإدخاؿ ً‬‫سهل و‬‫و‬
‫الطٌيب إذل السجن ه‬
‫أك واف زجاجية‪ ،‬كىذه فبنوعةه بشدةو ىنا‪.‬‬
‫فرشيد أيخذ زيت األطفاؿ الذم ييباع دىننا لًتطيب اعبلد‪ ،‬مث ىبلطو‬
‫ببعض البودرة البيضاء كاليت ىي يمطيًٌبةه كؽبا رائحةه‪ ،‬كردبا ي‬
‫ىبلط فيها دىننا‬
‫آخر لو رائحة فيكوف ًطيبىنا‪.‬‬
‫ى‬

‫حيث اهتمتو بػ«اغتصاهبا» كقد يح ًك ىم عليو اثنيت‬


‫مسجوف بسبب شكول زكجتو ىذه‪ ،‬ي‬
‫ه‬ ‫(ُ) كىو‬
‫عشرة سنة‪.‬‬
‫‪017‬‬
‫صنعو يف و‬
‫كأس كاف فيو قهوة‪ ،‬فصارت رائحتو مع رائحة‬ ‫حاكلت ى‬
‫ي‬ ‫كقد‬
‫فورا»‪ ،‬لكن‬
‫القهوة‪ ،‬فما أف مشها رشيد حىت زـ كجهو‪ ،‬كقاؿ‪« :‬إذل الزبلة ن‬
‫صار اآلف‪.‬‬
‫أب صهيب قاؿ عنها جيدة‪ ،‬فأخذه كال أدرم أين ى‬
‫تطيب اعبميع من زنزانة رشيد‪ ،‬كأكثرىم تطيػبنا صاحب التأنق الشديد‬
‫بن عيسى‪ ،‬فأغلب األايـ ‪-‬صبعة كغَت صبعة‪ -‬ال بيد من الغزك الصباحي‬
‫عجبت أنو أخذ العلبة الصغَتة‬
‫ي‬ ‫(إنو فتح) إذل زنزانة رشيد للتطيب‪ ،‬كمرةن‬
‫إذل خارج الزنزانة‪ ،‬فتساءلت مع رشيد‪« :‬ؼباذا التطيب يف غرفتو كليس‬
‫الطٌيب يف أماكن و‬
‫خفية من بدنو؟»‪ ،‬كلىما‬ ‫أمامنا‪ ،‬فهل يضع بن عيسى ً‬
‫ى‬
‫بت غرفيت كأرليتها»‪ ،‬فضحكنا كتعجبنا‪ ،‬السيد‬ ‫رجع سألناه‪ ،‬فقاؿ‪« :‬طي ي‬
‫بن عيسى يضيع قليل ً‬
‫الطٌيب على غرفتو‪.‬‬ ‫ي‬
‫كلع بعض‬ ‫رشيدا دلو على طر و‬
‫أرخص لتطييب غرفتو‪ ،‬كىو ي‬
‫ى‬ ‫يقة‬ ‫اؼبهم أف ن‬
‫اؼبادة اليت تيضاؼ للغسيل لتطييب الثياب على قطع قماش متعددة‪،‬‬
‫كتوزيعها على أطراؼ الغرفة‪ ،‬فيكوف ؽبا رائحة‪ ،‬اؼبهم عند رشيد التخلص‬
‫دكما‪.‬‬ ‫ً‬
‫من تضييع الطٌيب القليل على غرفة ىذا الرجل اؼبتأنق ن‬
‫يضعوف قطعة و‬
‫قماش‬ ‫ى‬ ‫أغلب اإلخواف يغتسلوف للجمعة يف الزنزانة حيث‬
‫دائما بن‬
‫على األرض ؼبنع ىسيىالف اؼباء‪ ،‬كيغتسلوف‪ ،‬كىذا الغيسل يفعلو ن‬

‫‪018‬‬
‫رجتو الشديدة ال يذىب للحماـ العاـ‪،‬‬ ‫كع ى‬
‫مؤيدم‪ ،‬فهو بسبب كلعو ى‬
‫ككذلك بن موسى التونسي‪ ،‬كأما البقية فمرة كمرة‪ ،‬كيلبىس اإلخواف يوـ‬
‫ائعا‪.‬‬
‫أصبل ما عندىم من اللباس‪ ،‬كبلفعل يكوف منظرىم ر ن‬
‫اعبمعة ى‬
‫ائعا‪ ،‬إذ‬
‫طعاما ر ن‬
‫يوـ عيد الفطر عمل للمسلمُت حفلة طعاـ‪ ،‬ككاف ن‬
‫أغلب مديرم السجن‬
‫علمنا أف الطاخبُت لو من اؼبسلمُت‪ ،‬كقد حضر ي‬
‫كشاركوا اؼبسلمُت يف الطعاـ‪ ،‬كبقينا يف القاعة إذل صالة العصر‪ ،‬كقد أخذان‬
‫تقريبنا من الساعة الثامنة من الزانزين‪.‬‬
‫أكلت كفاييت‬ ‫ً‬
‫ربللت من نظاـ اغبمية كتنزيل الوزف‪ ،‬ك ي‬
‫ي‬ ‫يف ىذا اليوـ‬
‫احدا ال يضر‪ ،‬ككاف بعد العصر أف ذىبت إذل‬
‫يوما ك ن‬ ‫ً‬
‫كنقض اغبمية ن‬
‫ي‬ ‫كزايدة‪،‬‬
‫اغبلقة الرايلية‪.‬‬
‫كيومها أصابتٍت غىصةه شديدةه على األحبة يف «الوحدة اػباصة»‪ ،‬إذ دل‬
‫ى‬
‫سبنيت أهنم ىنا‪ ،‬كلكن ؽبم هللا كالدار اآلخرة‬
‫االجتماع‪ ،‬فكم ي‬
‫ى‬ ‫يشاركوان ىذا‬
‫برضبة هلل تعاذل‪.‬‬
‫كاآلف ألحدثكم عن نظاـ اغبًمية كتنزيل الوزف حىت ال أترككم تنتظركف‬
‫كثَتا‪ ،‬كذلك قبل ىسوؽ القصص اعبميلة يف بلمارش‪.‬‬
‫ن‬

‫‪001‬‬
‫مارست‬
‫ي‬ ‫غت ُِٕ كيلو‪ ،‬كقد‬ ‫قمت بو يف اػبارج أف بىػلى ي‬ ‫كاف آخر توز و‬
‫ين ي‬
‫قباحا جزئيا‪ ،‬إذ من الصعب مع اغبياة‬ ‫قبحت فيها ن‬ ‫ي‬ ‫اغبًمية عدة مرات‬
‫العامة أف تتابع اغبًمية طوي نال‪ ،‬كأطوؿ ًضب وية مارستيها خار ىج السجن ىي‬
‫لت ما ييقارب اػبمسة عشر كيلو‪ ،‬مث انتهت بزايرة كالديت رل إذل‬ ‫شهراف‪ ،‬أنز ي‬
‫لندف‪ ،‬كتىليها يف الطوؿ ىو عند إصابىيت دبرض السكرم‪ ،‬قبل سبع سنوات‪،‬‬
‫مث بعد و‬
‫شهر كنصف تقريبنا عدت إذل ما كنت عليو‪ ،‬كتكرار العملية مع‬
‫أعود‬
‫أبدا أف ى‬‫سابقا جعلٍت ال أفكر ن‬
‫إخفاقها‪ ،‬بل العودة إذل أكثر فبا كنت ن‬
‫أحدىم علي هبذا األمر أىز رأسي‬
‫أشار ي‬
‫إذل زبفيف كزين‪ ،‬ككاف كلما ى‬
‫كثَتا‪ ،‬كلكن من مساكئ أكلي ىو‬
‫آكل ن‬ ‫كأنتهي منو لتوم‪ ،‬كبال وٌ‬
‫شك أين ي‬
‫أقتصر على شرب القهوة‬
‫قليال ما أفطر يف الصباح‪ ،‬ك ي‬
‫عدـ االنتظاـ‪ ،‬فأان ن‬
‫فقط‪ ،‬كأبقى حىت بعد الظهر كردبا للعصر‪ ،‬أم حىت يضربٍت اعبوع حبق‪،‬‬
‫ـبتلفا‪ ،‬كلوجود السهر يف‬
‫كحينها أجلس على الطعاـ كيكوف اغبديث ن‬
‫يهجم آخر الليل‪ ،‬كيكوف العشاء الثقيل مث النوـ‪.‬‬
‫فاعبوع ي‬
‫ي‬ ‫أغلب األايـ‪،‬‬
‫كقت ىجمت علي اؽبموـ كاؼبصائب‪ ،‬ككم‬ ‫أيصبت دبرض السكرم يف و‬
‫ي‬
‫اكؿ األطباء تنظيم طعامي ؼبعاعبة السكر فلم ييفلحوا‪ ،‬كلىما كنت أخرج‬
‫ح ى‬
‫نظاما غذائيا رل أقرؤه كألحك‪ ،‬إذ يريدين أف‬
‫من عيادة الطبيب كقد كتب ن‬

‫‪000‬‬
‫و‬
‫كجبات يف اليوـ‪ ،‬كىذا عندم أشبو بؼبستحيل‪ ،‬فأرمي الورقة يف‬ ‫آكل سبع‬
‫ى‬
‫أقرب كيس زبلة‪ ،‬على الرغم أف مرض السكرم عندم من الدرجة الثانية‪،‬‬
‫اغببوب فقط‪ ،‬كلكن ىددين الطبيب يف آخر األايـ أنو ردبا يضطر‬
‫ى‬ ‫كآخذ لو‬
‫إعطائي اإلبر بدؿ اغببوب الرتفاع مستول السكر يف الدـ‪ ،‬إذ بدأت‬
‫قليال عن‬
‫بعض آاثره تظهر على بدين كذلك بضعف نظر عيٍت الييسرل ن‬
‫الييمٌت‪.‬‬
‫أقنعت نفسي أين ىكذا‪ ،‬ككزين قى ىدرم‪ ،‬فىألترؾ األمر على ىسجيتو‪ ،‬و‬
‫كحبق‬ ‫ي‬
‫ماف من‬ ‫دل يكن منظرم السمُت يثَت عندم أم مشكلة فبا يزعمها ً‬
‫الس ي‬ ‫ي‬
‫شيء من ىذا‪ ،‬كإف كنت أسبٌت أف كلمة الشافعي دل‬ ‫تعب نفسي أك أم و‬‫و‬
‫عاقال قط»‪ ،‬ككنت أعاعبها بكلمة الشعيب‬
‫تكن حُت قاؿ‪« :‬ما رأيت ىظبيننا ن‬
‫فرحا بإلسالـ»‪.‬‬
‫قيل لو عن زايدة كزنو فقاؿ‪ « :‬ن‬
‫كقد ى‬
‫كنت قبلها‬
‫بداية زايدة كزين حصلت كأان يف السنة الثانية يف اعبامعة‪ ،‬إذ ي‬
‫كجئت بريطانيا ككزين ُُٓ كيلو‪ ،‬كترقى إذل‬
‫ي‬ ‫أقرب للنحافة مٍت لالعتداؿ‪،‬‬
‫ى‬
‫ما ذكرت‪ ،‬ككاف أشد ما يفعلو الوزف علي ىو األدل على عمودم الفقرم‪،‬‬
‫مشيت ِٔ ساعة متواصلة‪،‬‬
‫ي‬ ‫فقد حصل رل يف حج سنة ُِٖٗ أف‬
‫مبت كقمت حىت كأف رجلي‬
‫كبعضها دكف حذاء لفقداين القافلة‪ ،‬فما أف ي‬

‫‪001‬‬
‫ال كجود ؽبما‪ ،‬كحصل أدله بعدىا يف الظهر كاف يظهر يف الربد مع الوزف‬
‫الزائد‪ ،‬كىذا يف بريطانيا ىو حالتو اؼبفضلة؛ فالربد شبو و‬
‫دائم‪ ،‬كالوزف قد‬
‫ازداد كقد حصل رل أين يف بعض اؼبرات ال أستطيع السَت مئة و‬
‫مًت حىت‬ ‫ى‬
‫يقة و‬
‫مرعبة فألطر للوقوؼ أك اعبلوس‪.‬‬ ‫يشدين أدل الظهر بطر و‬
‫ي‬
‫عندما يقًتب اؼبرء من األربعُت تبدأ عضالتو بلضمور‪ ،‬كلذلك يكوف‬
‫لمورا‬ ‫صرت أالحظ‬ ‫ًٌ‬
‫ن‬ ‫الشحم فيو أكثر من غَته يف شبابو‪ ،‬كلذلك ي‬
‫ىن ك ي‬ ‫الد ي‬
‫يف رجلي كفخذم‪ ،‬كىذا يوافقو زايدة ؿبيط البطن (الكرش)‪ ،‬كدل أكتشف‬
‫اكتشفت أف أكثر من ْٓ كيلو من كزين ىي‬
‫ي‬ ‫عمق ىذه اؼبشكلة إال لىما‬
‫أفقد َْ كيلو من‬ ‫و‬ ‫ؾبرد و‬
‫دىوف كشحوـ‪ ،‬كلذلك لىما كنت أقرأ أف علي أف ى‬
‫أم مشركع تنزيل كزف‪ ،‬كأان أعيش حيايت‬ ‫صاب بإلحباط من ًٌ‬‫كزين أي ي‬
‫عمل‬
‫يل الوزف ه‬
‫العادية‪ ،‬إذ ذباريب السابقة يف تنزيل الوزف علمتٍت أف تنز ى‬
‫خاص لو كطر و‬
‫يقة ما‪ ،‬كأان ال أملكها‪.‬‬ ‫ظرؼ و‬ ‫وبتاج إذل و‬

‫كلع السكر على ًٌ‬


‫أم‬ ‫صبت بو‪ ،‬جنبٍت ى‬
‫السكرم كمنذ أف أي ي‬ ‫مرض‬
‫ي‬
‫أشربو‪ ،‬سواء القهوة أك الشام أك أم شر و‬
‫اب آخر كالزىورات‬ ‫و‬
‫مشركب‬
‫أبدا من السطو على علبة حلوايت شامية كأحتج‬
‫كغَتىا‪ ،‬لكن دل يبنعٍت ن‬
‫أبدا مهما كنت‬
‫أين سآخذ اغببوب بعدىا كالسالـ‪ ،‬فاغبلوايت ال تيقاكـ ن‬

‫‪002‬‬
‫صاحب إرادةو‪ ،‬أما اغبلوايت الصناعية اعبديدة اؼبختلطة بلشوكوالتو‬
‫سهل جدا رفضها‬
‫فليست من رغبايت كإف كنت آخذ منها القليل‪ ،‬كلكن ه‬
‫كمقاكمتها‪.‬‬
‫قسما منها بغَت سكر‪،‬‬
‫اؼبشركبت الغازية لحكوا علينا أف جعلوا ن‬
‫كأيليف عليو «السكرين» ؼبن أراد اغبًمية‪ ،‬كلكن دل ينصحوا الناس أف ىذا‬
‫يوما‪.‬‬ ‫القلب‬ ‫ك‬ ‫النظر‬ ‫ر‬ ‫«السكرين» مرض كسي ً‬
‫دم‬
‫ى ن‬ ‫ى‬ ‫ٌ‬ ‫ه ي‬
‫شديدة‪ ،‬إمبا لعفي‬
‫ن‬ ‫على كل حاؿ‪ ،‬رغبيت بؼبشركبت الغازية ليست‬

‫أماـ الطعاـ الرائع الذم تتقنو وٌ‬


‫حبق زكجيت حفظها هللا تعاذل كأكرمها‬
‫بكرامتو يف الدارين‪.‬‬

‫عندما دخلت «الوحدة اػباصة» جاءين يف اليوـ الثاين ه‬


‫فبرض أسود‬
‫كعلمت بعد ذلك‬
‫ي‬ ‫يض بلسكرم‪،‬‬ ‫البشرة‪ ،‬كأخذ كزين كأخربتو أين مر ه‬
‫بغبوار معو أنو مسلم كاظبو عبد هللا‪ ،‬كىو دمث األخالؽ‪ ،‬كلكنو ال‬
‫صاـ رمضاف‪ ،‬كقاؿ رل إنو بدأ‬
‫يصلي‪ ،‬كقد شجعتو عليها دبا قىدرت‪ ،‬كقد ى‬
‫يصلي‪ ،‬ككاف أيتيٍت أك أيتيٍت غَته كل و‬
‫يوـ ألخذ نسبة السكر عندم‪ ،‬كيف‬
‫أسبوع‬
‫بداية سجٍت كانت مرتفعةن جدا‪ ،‬كبعد أسبوعُت جعلوا الفحص كل و‬
‫كاآلف ردبا مر الشهر كال آخذ الفحص‪.‬‬

‫‪003‬‬
‫كىذا اؼبمرض رآين بعد ستة أشهر يف السجن العاـ‪ ،‬فجحظت عيناه‪،‬‬
‫كبيفا‪ ،‬كصر ىخ بقوةو‪« :‬ال أصدؽ!»‪.‬‬ ‫بصدمة و‬
‫قوية لىما رآين ن‬ ‫و‬ ‫صيب‬
‫ككأنو أي ى‬
‫أرقي نفسي لكثرة الفاغرين‬
‫بعض األحبة من اإلخواف طلب مٍت أف ى‬
‫أفواىهم تعجبنا‪.‬‬
‫تقدـ اغبديث عن حالة الضحك اليت أصابت السجانُت كاؼبساجُت يف‬
‫«الوحدة اػباصة» لىما كقفت على اآللة الرايلية‪ ،‬كلكن ىذا دل يبنع من‬
‫كجود التشجيع من اؼبساجُت‪ ،‬كخباصة من جارم الًتكي الذم قاؿ رل‪:‬‬
‫عليك ُُٓ كيلو كاآلف ٖٓ كيلو!»‪.‬‬
‫«إنو كاف ى‬
‫احدة يف األسبوع أف تذىب لغرفة‬ ‫يف «الوحدة اػباصة» يبكن لك ن‬
‫مرة ك ن‬
‫الرايلة‪ ،‬كىي غرفةه صغَتةه ال يوجد فيها إال بعض األدكات القلية‪ ،‬كلىما‬
‫حضر اؼبدرب ألخذ اؼبساجُت ؽبا‪ ،‬فتح علي الباب كسألٍت إف كنت أريد‬
‫الذىاب‪ ،‬فأجبتو بإلهباب‪ ،‬كلكن دل أكن أملك اللباس الالزـ ؽبا من‬
‫قصَت كىو شرط ال بد منو‪ ،‬كىذا السركاؿ القصَت ييعطى من قًبل‬
‫سرك واؿ و‬
‫السجن كلكن يعلم مدرب الرايلة أف اؼبسلمُت ال يرلونو لقصره الشديد‪،‬‬
‫فالطريقة ىي قىص السركاؿ الطويل إذل ما دكف الركبة‪ ،‬كىذا يف «الوحدة‬
‫آلة حادةو‪ ،‬فلم‬
‫أبم و‬
‫وبتاج إذل عملية‪ ،‬ألنو ال يبكن لك االحتفاظ ًٌ‬
‫اػباصة» ي‬
‫‪004‬‬
‫أستطع األسبوعُت األكلُت من الذىاب لغرفة الرايلة ؽبذا السبب‪ ،‬لكن‬
‫كنت حريصا كل و‬
‫يوـ عل ى ساعة االسًتاحة اػبارجية كاؼبشي فيها لطوؽبا‪،‬‬ ‫ن‬
‫خبالؼ بعض اؼبساجُت الذين هبلسوف فيها فقط‪ ،‬كأما استخداـ األدكات‬
‫داخل الساحة الداخلية فقد توقفت عنو بعد دخوؿ رمضاف‪.‬‬
‫ى‬
‫استطعت بعد االنتقاؿ للطابق العلوم أف أىقيص السركاؿ الطويل‪،‬‬
‫ي‬
‫شهر و‬
‫كامل ثالث مرات فقط‪ ،‬فاغبلقة‬ ‫كأذىب لغرفة الرايلة كقد ذىبت يف و‬

‫الرايلية يف «الوحدة اػباصة» صورية‪ ،‬فقط ه‬


‫اسم ؾبرهد عن اغبقيقة‪ ،‬كمع‬

‫ذلك يف اليوـ الذم رحلوين فيو من «الوحدة اػباصة» إذل السجن العاـ ى‬
‫قاـ‬
‫الطبيب بفحص السكر عندم كأخذ الوزف ككاف الوزف عندم على اؼبيزاف‬
‫خسرت يف و‬
‫شهر كنصف ُٗ‬ ‫ي‬ ‫الذم يف «الوحدة» ىو َُٖ كيلو‪ ،‬يعٍت‬
‫آكل‬
‫عادة ال ي‬
‫كيلو غراـ‪ ،‬كذلك القتصارم على الفطور القليل فقط‪ ،‬كأان ن‬
‫أقتصر فيها على يشرب اؼباء فقط‪.‬‬
‫كجبة السحور إمبا ي‬
‫النجاح‬
‫يومها ىذا اإلقباز‪ ،‬ك ي‬
‫حققت ى‬
‫ي‬ ‫شديدة أين‬
‫ن‬ ‫بلفعل‪ ،‬كانت فرحةن‬
‫سهال‬
‫ييغرم بؼبتابعة كإكماؿ الطريق‪ ،‬كإف كاف تنزيل الوزف يف البداية ن‬
‫كبعدىا يكوف أصعب‪.‬‬
‫ى‬

‫‪005‬‬
‫يف السجن العاـ كجدت كزين حسب ميزانو ُُِ كيلو‪ ،‬كاعتمدت ىذا‬
‫الوزف بعد ذلك‪ ،‬إذ اعتربتو أدؽ من السابق‪ ،‬كخاصةن أف إخواين بدؤكا‬
‫ييطلقوف الطرائف علي‪ ،‬ككلها طرائف القصد منها التقليل من ىذا النجاح‪،‬‬
‫كقوؽبم‪« :‬اؼبيزاف اليوـ خربف»‪ ،‬أك كقوؽبم‪« :‬إذا كاف أنت كزنك ُُِ فأان‬
‫كزين َِ كيلو»‪ ،‬كىكذا‪.‬‬
‫كصاحب ىذا اؽبجوـ العنيف ىو بن عيسى «عبد الرحيم»‪ ،‬كالذم‬‫ي‬
‫قابلتو يف السجن ككزنو ٓٗ كيلو‪ ،‬كخلفتو كرائي فهو اليوـ ٖٖ كيلو كأان‬
‫ْٖ كيلو (اليوـ ٖ‪.)ََِّ/ٔ/‬‬
‫يلزـ للرايلي‪،‬‬
‫يف السجن العاـ يوجد قاعةه رايليةه كبَتةه فيها كل ما ى‬
‫انمج ييسمى «اغبلقة الرايلية»‪ ،‬كىي شاقةه‪ ،‬كأتخذ ما ييقارب‬‫كفيها بر ه‬
‫العرؽ قد تصبب من كل‬
‫نصف ساعة كما أف تنتهي منها حىت يكوف ي‬
‫جسمك كفيها برامج متنوعة كمتعددة‪.‬‬
‫ى‬
‫يف الشهرين األكليُت كنت أذىب إذل القاعة الرايلية من مرتُت إذل أر و‬
‫بعة‬
‫ذىبت‬
‫ي‬ ‫اغباؿ بعد أف‬
‫أشًتؾ يف اغبلقة الرايلية‪ ،‬مث تغَت ي‬
‫أسبوع‪ ،‬ك ي‬
‫و‬ ‫كل‬
‫للتعليم (كسيأيت اغبديث عنو مطونال)‪.‬‬

‫‪006‬‬
‫لقد كاف نشاط الشباب كحرصهم على الرايلة‪ ،‬كخاصةن بن عيسى‬
‫عامال من عوامل اؼبتابعة كربقيق اؼبطلوب‪.‬‬
‫الشيخ أب صهيب كبو تيمُت ن‬
‫ك ى‬
‫ًحرص الشيخ أيب صهيب على لعب كرة الطاكلة ه‬
‫شديد جدا‪ ،‬كخاصةن‬
‫سي رىاف‬
‫كفىر ٍ‬
‫منافسا ييعادلو يف إتقاهنا‪ ،‬كىو رشيد رمدة‪ ،‬كنبا فيها ى‬
‫أنو كجد ن‬
‫مرة أك مرتُت لكن طرداين و‬
‫برفق‪،‬‬ ‫يف الغلبة كالظفر‪ ،‬كقد دخلت معهما ن‬
‫فانسحبت من غَت فضيحة‪.‬‬ ‫ـبر و‬
‫ب إلتقاهنما اللعبة‪،‬‬ ‫لعب ًٌ‬
‫ي‬ ‫فليس لعيب إال ى‬
‫بقيت أان كبن عيسى كباكؿ اؼبشاركة يف التدريب لتشجيع بعضنا‪،‬‬‫ي‬
‫كخاصةن أف بن عيسى حريص على اللياقة العامة دكف إتقاف و‬
‫شيء و‬
‫معُت مع‬ ‫ه‬
‫اكض جيد‪.‬‬
‫أنو ر ه‬
‫تكد تراه يفعل شيئنا سول أف‬
‫بن موسى التونسي إف ذىب للحلقة دل ى‬
‫قليال ليشعر‬
‫يعرؽ ن‬
‫ضرب لكرة األرض (تنس أرلي) كيكفي أف ى‬ ‫سك ىم ن‬
‫ييب ى‬
‫بلرلا‪ ،‬كإذل اآلف ىو األسوأ يف بب اللياقة كتنزيل الوزف‪ ،‬كخاصةن أنو‬
‫طباخ ماىر(ُ)‪.‬‬
‫ه‬

‫(ُ)‬
‫مطبخ فييخطئ‪،‬‬
‫بعيدا يف قضية الطبخ يف بلمارش‪ ،‬كيظن كجود و‬
‫كحىت ال يذىب القارئ ن‬
‫فإليو اغبقيقة‪:‬‬
‫‪007‬‬
‫كحدهي‪ ،‬ال تدرم كيف يدخل ككيف ىبر يج‪ ،‬كىو‬
‫خاص ى‬‫ه‬ ‫عادل‬
‫لبو تيمُت ى‬
‫كطقوس خاصةه‪،‬‬
‫ه‬ ‫عادله خارجي‬ ‫بال وٌ‬
‫شك أستاذي الكل يف اللياقة كلكن لو ى‬
‫بطل إقليمي يف السباحة (ليس على مستول الدكلة بل‬
‫كيكفي أف تعلم أنو ه‬
‫القارة)‪.‬‬
‫و‬
‫حلوايت كليا‪ ،‬مهما كانت‪،‬‬ ‫امتنعت ‪-‬من أجل الوزف‪ -‬عن أكل ًٌ‬
‫أم‬ ‫ي‬
‫أم و‬
‫شيء ىمقلي‪ ،‬كخاصةن البطاطا‪ ،‬ككنت‬ ‫امتنعت عن ًٌ‬
‫كثَتا‪ ،‬ك ي‬
‫اػببز ن‬
‫كقللت ى‬
‫ي‬
‫آكل أم‬ ‫أم و‬ ‫عرم قطعة الدجاج من جلدىا‪ ،‬أك ًٌ‬‫أي ًٌ‬
‫دىن فيها‪ ،‬كدل أكن ي‬
‫شيء خالؿ الوجبات مع ؿبافظيت على صوـ االثنُت كاػبميس كبعض‬ ‫و‬

‫أحرص على أكل ما‬


‫ي‬ ‫األايـ األخرل‪ ،‬خاصةن أايـ النهار القصَتة‪ ،‬ككنت‬
‫ييعطى من خضركات كىي قليلةه جدا‪.‬‬

‫صغَت يتسع لكوب ماء فقط‪ ،‬فهذا‬ ‫انة سخاف ماء و‬ ‫كما تقدـ الكالـ‪ ،‬يوجد يف كل زنز و‬
‫الك ٍس يك ًسي‬
‫سخن فيو الطعاـ كييضيفو فيو سواء كاف ي‬ ‫ً‬
‫طبخ‪ ،‬فيي ٌ‬
‫عمل منو بن موسى آلة و‬
‫سجوف أخرل) أك‬ ‫و‬ ‫(اؼبغربية‪ ،‬اؼبفتوؿ) أك الرز (إذ ربصل عليو من بعض اؼبساجُت القادمُت من‬
‫تقتصر على التونة كالسردين‬
‫ي‬ ‫شًتل من بقالة السجن كىي‬ ‫الشوربة‪ ،‬كاؼبواد اليت يطبخها تي ى‬
‫يقوـ إبعادة طبخها‬ ‫و‬
‫كالفلفل اغبار كعلب اللحمة كالثوـ‪ ،‬كما ييعطوان إايه من أطعمة‪ ،‬إذ ي‬
‫كتشكيلها سواء كاف من قطع الدجاج أك الرز أك بعض اػبضركات‪.‬‬
‫جديدا كشوربة رائعة‪،‬‬ ‫من ىذا اػبليط ييبكن أليب خالد «بن موسى» أف ي ًٌ‬
‫طعاما ن‬ ‫قدـ لك ن‬ ‫ي‬
‫ككاف آخر ما قدـ لنا قبل مرلو طبخةى يك ٍس يك ًسي بلسردين رائعة ‪« ..‬كالسر يف الفلفل»‪.‬‬
‫‪008‬‬
‫يصا على فبارسة الرايلة داخل الزنزانة‪ ،‬خاصةن ما نصحٍت بو‬
‫كنت حر ن‬
‫ي‬
‫(ُ)‬
‫نتائج طيبةن‪ ،‬فقد‬
‫ى‬ ‫حققت‬ ‫كقد‬ ‫‪،‬‬ ‫بو تيمُت من سبارين اؼبعدة كسبارين الضغط‬
‫ألغط ستُت لغطةن متتابعةن‪.‬‬
‫ي‬ ‫طبس مرات‪ ،‬كاآلف‬
‫ألغط يف البداية ى‬
‫ي‬ ‫كنت‬
‫قاعة ر و‬
‫ايلية‬ ‫كبلفعل تستطيع أف يرب ًوؿ غرفة الزنزانة الصغَتة إذل و‬
‫ٌ‬
‫بستغالؿ كل و‬
‫شيء فيها؛ فمواسَتي التدفئة تيستخدـ لتمارين اؼبعدة كسبارين‬
‫معتمدا على يديك من اػبلف‪ ،‬كسبد رجلىيك‬
‫ن‬ ‫حيث ذبلس عليها‬
‫الكتف‪ ،‬ي‬
‫مرة بعد مرةو‪ ،‬كيبكن‬
‫تقوـ بعبلوس على األرض‪ ،‬كالقياـ ن‬
‫أقصى ما يبكن‪ ،‬مث ي‬
‫وبتاج إذل و‬
‫قليل‬ ‫استخداـ الكرسي لبعض اغبركات‪ ،‬كىكذا‪ ..‬فالسجن ي‬
‫ي‬ ‫لك‬
‫بب فافتحو‬
‫من اإلبداع كالتطوير لتحقيق مرادؾ‪ ،‬فإف أغلقوا عليك ن‬
‫بطريقتك!‬
‫ما اكتشفتو بعد ىذه التجربة أف اغبًمية لتخفيف الوزف ربتاج أربعة أر و‬
‫كاف‬ ‫ي‬
‫و‬
‫مهمة ال يتحقق تنزيل الوزف الكثَت إال هبا‪:‬‬
‫تنظيم الطعاـ‪ ،‬كىذا لو علمو كدراستو من لركرة تعلم ما ربتاجو من‬
‫الربكتينات كالنشوايت كالدىوف‪.‬‬

‫(ُ)‬
‫لت أمشي فيها ما ييقارب الساعةى يوميا‪ ،‬كردبا تتكرر‬‫كاؼبشي على صغرىا‪ ،‬إذ كنت كما ز ي‬
‫ىذه الساعةي كذلك خالؿ األذكار الصباحية كاؼبسائية أك عند مراجعة القرآف‪.‬‬
‫‪011‬‬
‫فبارسة الرايلة‪ ،‬كخاصةن اؼبشي كالركض‪.‬‬
‫كجود الظرؼ اؼبالئم‪ ،‬فعدـ كجود البيئة كالظرؼ ذبعل اغبًمية ال تطوؿ‬
‫مهما بدأت هبا نشيطنا كراغبنا‪ ،‬فإنزاؿ كزف َْ كيلو يف ستة شهور أك سبعة‬
‫أبدا يف الظركؼ العادية‪ ،‬كقد كاف بن عيسى «عبد‬
‫أك شبانية ال تتحقق ن‬
‫آخر حىت ال‬‫مثال يىبر يج من زنزانتو بعض اغبلوايت كيضعها عند ى‬‫الرحيم» ن‬
‫يسطو عليها يف الليل؛ إذ كجودىا يف غرفتو ييغريو بلسطو‪ ،‬فهذا األمر غَت‬
‫متحقق يف اغباالت الطبيعية كخاصةن عندما يتأخر العشاء إذل ما ييقارب‬ ‫و‬
‫ً‬
‫الغذاء (الساعة الرابعة أك‬ ‫الفاصل بُت‬ ‫ليال‪ ،‬فإف‬
‫الساعة اغبادية عشرة ن‬
‫ى‬
‫هبعلك‬ ‫طويل‬ ‫)‬ ‫ة‬‫عشر‬ ‫اغبادية‬ ‫(الساعة‬ ‫العشاء‬ ‫اػبامسة أك السادسة) كصالةً‬
‫ى‬ ‫ه‬
‫سباما بغبًمية‪.‬‬
‫ضر ن‬‫فتأكل كتناـ‪ ،‬كىذا يم ه‬
‫ي‬ ‫ذبوع‪ ،‬كعليو‬
‫ي‬
‫صباعة من نفس الفئة على ربقيق‬ ‫و‬ ‫فاتفاؽ‬
‫ي‬ ‫كجود اؼبنافسة كالتشجيع‪،‬‬
‫أسهل كأدعى للمتابعة‪.‬‬ ‫الفعل‬ ‫هبعل‬ ‫معُت‬ ‫و‬
‫مطلوب و‬
‫ى‬
‫ينهار ما حققتو من‬
‫خوؼ إف عدت للبيت أف ى‬
‫على كل حاؿ‪ ،‬عندم ه‬
‫و‬
‫إقباز يف ىذا الباب‪.‬‬
‫كونك‬
‫مسؤكلو القاعة الرايلية يف بلمارش قلما يتدخلوف بك‪ ،‬إذ يًت ى‬
‫سجلوف كل و‬
‫شيء‪،‬‬ ‫ً‬
‫استفسرت منهم‪ ،‬لكنهم يي ٌ‬
‫ى‬ ‫على ما تريد‪ ،‬إال إف سألتهم ك‬

‫‪010‬‬
‫ً‬
‫سجل ما أفعل‪ ،‬كقد‬ ‫ككم من مرةو ى‬
‫التقت عيٍت أبحدىم كىو يراقبٍت كيي ٌ‬
‫أتكدت أهنم يتابعونٍت مع إخواين‪.‬‬
‫لكن أسوأ ما يف القاعة الرايلية ىو العرم الذم يبارسو السجناء عند‬
‫اغتساؽبم بعد التمارين‪ ،‬كبعضهم يبالغ يف عرض عريو بطر و‬
‫يقة مقززةو‪ ،‬مع أف‬ ‫يٍ‬
‫العرم‪ ،‬كلكنو‬
‫يشعر بغبياء من ىذا ي‬
‫مرة‪ -‬ل ي‬
‫بعضهم ‪-‬كما قاؿ رشيد رمدة ن‬
‫أغلق عليهم بب الفطرة‪.‬‬
‫هم بلتخنث؛ فالشيطاف ى‬
‫يتعرل حىت ال يػيت ى‬
‫كعلى كل حاؿ‪ ،‬فإخواين‪ ،‬دل يكونوا يغتسلوف بعد اغبلقة الرايلية إال يف‬
‫زانزينهم‪ ،‬أك كقت ساعة االسًتاحة الداخلية‪.‬‬
‫بلنسبة إرل‪ ،‬كاف الكل يبارس علي أستاذيةن‪ ،‬كي ًٌ‬
‫قدـ رل النصائح‪ ،‬ككنت‬ ‫ي‬
‫أظبع للجميع كأستفيد من اعبميع‪ ،‬ككل و‬
‫شيء دل أيتقنو لدرجة التخصص ال‬ ‫ي‬
‫وبق رل الكالـ فيو‪ ،‬كقد كانت بعض النصائح متناقضةن‪ ،‬كمع ذلك كنت‬
‫إخالص ك و‬
‫أمانة‪ ،‬كلذلك كجدت‬ ‫و‬ ‫أطبق أماـ الناصح ما يطلبو مٍت بكل‬
‫ي‬
‫أكثر من و‬
‫أستاذ رل يف القاعة الرايلية‪ ،‬ككلهم يشعر أنٍت بنصائحو تقدمت‬
‫جيدا‪.‬‬
‫أحوارل ن‬
‫الشكر كاغبب‪.‬‬
‫ي‬ ‫صبيعا‬
‫ؽبم مٍت ن‬

‫‪011‬‬
‫كثَتا‪ ،‬ألف الزايرات اؼبتتالية بعد الزايرة‬
‫دل ييفاجأ أىلي بتغَت شكلي ككزين ن‬
‫شديدا من‬
‫األكذل خففت الشعور بلتغَت‪ ،‬كمع ذلك فقد كاف خوفهم علي ن‬
‫شرحت ؽبم كطمأنتهم أف‬
‫ي‬ ‫و‬
‫كمرض‪ ،‬لكن‬ ‫أف يتحوؿ تنزيل الوزف إذل ىز واؿ‬
‫كثَتا‪ ،‬لكن صحيفة «الشرؽ األكسط» كلعت‬‫صلي ىحت كربسنت ن‬ ‫لياقيت ى‬
‫خربا بعد شهرين من سجٍت أين فقدت ِٓ‬
‫على صدر الصفحة األكذل ن‬
‫فاقدا لعشرين فقط!‬
‫كنت يومها ن‬
‫كيلو‪ ،‬كقد كذبوا‪ ،‬فقد ي‬
‫كلىما علمت أمي بػبرب حزنىت ألهنا ظنت أف ىذا النزكؿ بسبب اؽبىًٌم‬
‫حاكلت‬
‫ي‬ ‫اتصلت هبم بعد ذلك‬
‫ي‬ ‫كقلة األكل اؼبيقدـ لنا يف السجن‪ ،‬فلما‬
‫تطمينها‪ ،‬كال شك أف كالدم كإخويت شرحوا ؽبا ذلك‪ ،‬كقد أخربتٍت زكجيت‬
‫جيد‪.‬‬
‫عمل ه‬ ‫و‬
‫شرحت ؽبا أف ىذا بقصد مٍت كىو ه‬ ‫أهنا ى‬
‫أبم وأدل‬
‫عمال أضبىد هللا تعاذل عليو‪ ،‬فأان اآلف ال أشعر ًٌ‬
‫حققت ن‬
‫ي‬ ‫اؼبهم‪ ،‬لقد‬
‫حققت‬ ‫يف ظهرم‪ ،‬كعلى الرغم من أين أركض نصف و‬
‫ساعة‪ ،‬أك أكثر كقد‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫نعمةن أخرل‪ ،‬ذلك أين قررت بعد شهرين من سجٍت كخالؿ تنزيل الوزف‬
‫ترؾ دكاء السكر كاختبار ذلك‪ ،‬كحبمد هللا رل إذل اآلف (ستة‬ ‫كاغبًمية ى‬
‫معتدؿ طبيعي‪.‬‬
‫شهور) كحاليت مستقرةه كالسكر عندم ه‬

‫‪012‬‬
‫ال شك بقيت بعض الدىوف يف البطن‪ ،‬كلكن ىذه ربتاج إذل مدةو‬
‫ى‬
‫ايلة و‬
‫شاقة إلزالتها‪ ،‬كخويف من تنزيل كزين أكثر من ٖٓ كيلو عن‬ ‫طويلة كر و‬
‫و‬
‫طريق اغبًمية ‪-‬كليس الرايلة الشديدة‪ -‬ىو أف ينزؿ الوزف من العضالت‬
‫بنافع‪ ،‬كالظرؼ ال وبتمل ىذه‬
‫ضعفٍت كليس و‬ ‫ال من الدىوف‪ ،‬كىذا يي ي‬
‫الرايلة‪ ،‬فإف من أىم قوانُت السجن ىنا‪ :‬تغيَت الًتتيب كل حُت كي ال‬
‫تشعر بلراحة كاالستقرار(ُ)‪.‬‬
‫سابقا‪ -‬إمبا كلع ألمرين‪ :‬من أجل‬
‫أشرت ن‬
‫ي‬ ‫سجن بلمارش ‪-‬كما‬ ‫ي‬
‫«اعبيش األيرلندم» كالتضييق عليهم يف سجنهم‪ ،‬خاصةن «الوحدة‬
‫عجيب‬
‫ه‬ ‫إصدار األحكاـ عليهم‪ ،‬كىذا‬
‫ى‬ ‫اػباصة»‪ ،‬كمن أجل الذين ينتظركف‬
‫مرض نفسي عند كالع ىذا التنظيم‪ ،‬إذ كيف يولع يف ىذا‬ ‫يدؿ على و‬
‫تثبت‬
‫تسقط قضيتو أك قد ال ي‬
‫ي‬ ‫رجال قد‬
‫السجن القذر كالسيء بكل اؼبوازين ن‬
‫الشهرين‪-‬‬
‫الشهر ك ى‬
‫التهمة عليو‪ ،‬كىؤالء يكثر كرأيت منهم الكثَت‪ ،‬إذ أييت ‪ -‬ى‬
‫إذل بلمارش مث ىبرج لسقوط التهمة عنو كعدـ كفاية األدلة!‬

‫تتابع اإلمساؾ بسبب إصرارم‬


‫اإلمساؾ الشديد‪ ،‬مث ى‬
‫ى‬ ‫عانيت خالؿ اغبًمية‪ ،‬كلقلة اػببز‬
‫ي‬ ‫(ُ) لقد‬
‫على شرب اغبليب‪ ،‬كالعجيب أف اغبليب ييسبب رل اإلمساؾ الشديد‪ ،‬كلكن ال بيد منو‪ ،‬فال‬
‫بديل عنو ىنا‪.‬‬
‫‪013‬‬
‫وٌ‬
‫كحبق فإف النظاـ القضائي ىنا من أسوأ ما تصورت‪ ،‬إذ من السهل أف‬
‫و‬
‫شجار أنو اغتصبها ليولع يف‬ ‫تقوؿ زكجة أحدىم عن [زكجها] بعد‬ ‫ى‬
‫السجن ستة أشهر قبل أف تيقدـ لده أم أدلة مث ىبرج لعدـ قدرة الزكجة‬
‫احدة أك مئة أك‬ ‫أم و‬
‫دليل‪ ،‬كىذه ليست حالةن ك ن‬ ‫أك الشرطة على ربصيل ًٌ‬
‫رؼ و‬
‫جار ىنا(ُ)‪.‬‬ ‫ألفا‪ ،‬بل ىي يع ه‬
‫ن‬

‫شاب عريب و‬
‫مسلم من اعبزيرة من الرايض‪ ،‬كاظبو سامي‪ ،‬أتى لربيطانيا من أجل‬ ‫(ُ) كمنها قصة و‬
‫دكرة يف اللغة اإلنكليزية‪ ،‬كمعو زكجتو اغبامل‪ ،‬كتزكج هبا من و‬
‫سنة تقريبنا‪ ،‬كدل يبلغ بعد‬ ‫أخذ و‬
‫العشرين من العمر‪ ،‬كقد حدثث مشادةه بينهما‪ ،‬مث خرج إذل الكلية‪ ،‬فما كاف من الزكجة إال‬
‫اهتامو بضرهبا‪ ،‬فجاءت الشرطة إذل الكلية كقادتو إذل سجن بلمارش‪ ،‬مث‬
‫االتصاؿ بلشرطة ك ى‬
‫أخذت الزكجة إذل و‬
‫مكاف ال يعرفو الزكج‪ ،‬كاتصلت أبىلها فحضركا من البالد كأخذكىا معهم‪،‬‬
‫كبقي الشاب أربعة أشه ور يف بلمارش‪ ،‬مث أيطلق سراحو‪ ،‬حيث ذىب إذل احملكمة كدل ي‬
‫ربضر‬
‫الزكجة اؼبسافرة فسقطت القضية‪.‬‬
‫أخالؽ بعض‬
‫ي‬ ‫ىذا الشاب لىما كنت أنظر إليو أشعر بلقهر للحالة اليت كصلت إليها‬
‫تضع زكجها يف السجن كتسافر‬ ‫و و و‬
‫النساء اؼبسلمات اليوـ‪ ،‬إذ كيف المرأة عربية أصلية [أف] ى‬
‫أتيت هبذه اؼبصيبة (أقصد الزكجة)»‪ ،‬فيقوؿ بعفوية‪« :‬ىي‬
‫كتًتكو‪ ،‬كقد كنت أسألو‪« :‬من أين ى‬
‫أنفخ يف قير وبة‬
‫سيءه»‪ ،‬كقد حرلتو على طالقها‪ ،‬كلكن كنت أشعر أبين ي‬ ‫جيدة‪ ،‬لكن أبوىا ًٌ‬
‫يسىر لو السفر لبلده‪ ،‬فهو شاب ًغهر صغَته‪ ،‬كنت‬
‫ً‬ ‫و‬
‫ـبركقة‪ ،‬كاغبمد هلل أنو خر ىج‪ ،‬كأسأؿ هللا أف يي ٌ‬
‫كثَتا‪.‬‬
‫أحزف لو ن‬
‫‪014‬‬
‫مستسلم‬
‫ه‬ ‫دمت حقيقةن بإلنساف اإلنكليزم‪ ،‬فهو سليب جدا‪ ،‬ك‬
‫ص ي‬ ‫كقد ي‬
‫الرعب من الشرطة يف ً‬
‫نفس اإلنكليزم‬ ‫ً‬
‫ل ىما تفعلو الدكلة كالشرطة بو‪ ،‬ك ي‬
‫عظيم ككبَت‪.‬‬

‫للقسم الذم يكلعنا بو أان كإخواين يف السجن العاـ‪ ،‬خصائص عن بقية‬


‫األقساـ‪:‬‬
‫عد ؼبن‬
‫فهو القسم الوحيد الذم يوجد داخلىو آالت التصوير ألنو يم ه‬
‫كانت حالتو األمنية عالية أم «‪.»CAT A‬‬
‫قاطع خاص‪ ،‬كىو القاطع الثالث يـبصص‬ ‫يوجد ه‬ ‫ي‬ ‫يف ىذا القسم‬
‫للمتهمُت بقضااي منبوذةو من اجملتمع اإلنكليزم كاالغتصاب ن‬
‫مثال‪ ،‬كىؤالء‬ ‫ي‬
‫يؤذكهنم‪ ،‬كللمساجُت طريقةه‬
‫ى‬ ‫ستهدفُت من قًبىل اؼبساجُت‪ ،‬إذ‬
‫يكونوف يم ى‬
‫السكر كييلقونىو على‬ ‫مع‬ ‫اؼباء‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ن‬ ‫خاصةه يف إيذاء ىؤالء‪ ،‬كذلك أبف ي ً‬
‫سخ‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ٌ‬ ‫ي‬
‫كجو ىذا السجُت‪ ،‬فاؼباء اغبار وبرقو كالسكر ًٌ‬
‫يبزقو كيبنع االلتئاـ‪ ،‬كمن‬
‫اؼبعلوـ أنو ال يبكن لك أف تعرؼ ما هتمة السجُت إال إبخباره لك أك‬
‫بتسريب السجاف التهمة إذل اؼبساجُت‪ ،‬كيف اغبالة ىذه (أم يف اغبالة‬
‫اػباصة) يكوف التسريب من السجاف فقط‪ ،‬إذ من اؼبستحيل أف يىبرب‬
‫السجُت ىمن معو بتهمتو إف كانت منبوذةن‪.‬‬
‫ي‬
‫‪015‬‬
‫شيع عنو‬ ‫و‬ ‫اف و‬‫أبدا تصرفنا لسج و‬
‫سجُت كيي ى‬ ‫يكذب على‬
‫ى‬ ‫قذر يف أف‬ ‫عدـ ن‬
‫ال تى ى‬
‫هم بضرب زكجتو‪ ،‬كقد‬‫سابقا‪ -‬يمت ه‬
‫هتمةن ـبتلفةن؛ فشاب إنكليزم ‪-‬ذكرتو ن‬
‫أحب السماع جدا عن اإلسالـ كدراستو‪ ،‬جاء إذل السجن ؼبدة شهرين مث‬
‫انة حقَتةو‬
‫فناف عجيب يف الرسم‪ ،‬ىذا الشاب اختصم مع سج و‬ ‫خرج‪ ،‬كىو ه‬
‫ى‬ ‫ه‬
‫فسبها‪ ،‬فذىبت ؼبلفو‪ ،‬كإذا فيو هتمتو‪ ،‬كىو لرب زكجتو‪ ،‬كقد ذكرت‬
‫زكجتو يف التهمة أنو «آذل» ابنتو‪ ،‬فصارت يهتمتُت‪ :‬لرب الزكجة كإيذاء‬
‫فأشاعت‬
‫ى‬ ‫البنت‪ ،‬ككلمة «إيذاء» تيستخدـ كذلك على ؿباكلة االغتصاب‪،‬‬
‫فجن جنوف الشباب‬
‫هم دبحاكلة اغتصاب ابنتو‪ ،‬ي‬
‫عنو ىذه السجانة أنو يمت ه‬
‫يوما‬
‫لاحك‪ ،‬فجاء ن‬
‫ه‬ ‫كصارت حالتو سيئةن‪ ،‬إذ كاف أييت للشباب كىو بش‬
‫كقد انتفخت عيناه من اؽبىًٌم كقلة النوـ‪ ،‬فسألتيو عن سبب قلقو كتعبو‪،‬‬
‫فشرح القصة‪ ،‬ككاف وبمل معو رسائل من زكجتو تشرح اغبادث‪ ،‬كفيو معٌت‬
‫اإليذاء اؼبذكور يف التهمة‪ ،‬فحاكؿ اإلخوة طمأنتو‪ ،‬كقد طلب منهم أف‬
‫خَتا‪ ،‬كلكن ىذا الشاب خرج بعد‬
‫يشرحوا للمساجُت صدقو‪ ،‬فوعدكه ن‬
‫أسبوع من ىذه القصة‪ ،‬إذ رفضت الزكجة اغبضور إذل اؼبىحكمة فسقطت‬
‫و‬
‫القضية‪.‬‬

‫‪016‬‬
‫ىذا القاطع من القسم ييسميو اإلنكليز «بَتكت» على اسم العاصمة‬
‫شاع عندىم قديبنا يف كسائل اإلعالـ من اغبرب كاؼبشاكل‬ ‫ً‬
‫العربية‪ ،‬ل ىما ى‬
‫جعل‬
‫كاالنفالت يف ىذه العاصمة اللبنانية‪ ،‬ككجود ىذا القاطع عندان ى‬
‫قسمنا سيء اإلدارة‪ ،‬إذ أنو إذا فيتح على ىؤالء الساحة اػبارجية فيجب‬
‫كجعل‬
‫ى‬ ‫سباما‪ ،‬كإف خرجوا للرايلة كذلك‪ ،‬كللطعاـ كذلك‪،‬‬
‫إغالؽ قسمنا ن‬
‫الفسح الداخلية قليلة‪ ،‬كال تزيد على أربعة و‬
‫أايـ يف األسبوع‬ ‫حظوظنا يف ي ى‬
‫كردبا تقل إذل ثالثة‪.‬‬
‫يف القاطع الذم كبن فيو يوجد العاملوف يف النظافة كتوزيع الطعاـ‪،‬‬
‫كىؤالء أغلبهم سيءي اػبيليق‪ ،‬كبعد مدةو يصبح تعاملو مع اؼبساجُت ككأنو‬
‫موزعي الطعاـ‪ ،‬كىؤالء تكوف ؽبم عالقة جيدة بلسجانُت‬ ‫سجاف‪ ،‬كخاصةن ًٌ‬
‫الكثَت كخاصةن يف الذىاب‬ ‫موف يف و‬
‫كثَت من األمور‪ ،‬كقد عانينا منهم‬ ‫فييقد ى‬
‫ى‬
‫و‬
‫أشخاص من كل قاط وع للرايلة‪،‬‬ ‫عادة ييسمح أخذ ستة‬‫إذل الرايلة‪ ،‬إذ ن‬
‫عثرا بوجودىم معنا‪،‬‬
‫دائما على الذىاب‪ ،‬فيكوف حظنا مت ن‬ ‫كىؤالء وبرصوف ن‬
‫كمن حقارة ىؤالء اؼبي ًٌ‬
‫وزعُت للطعاـ أهنم مع عددىم القليل الذم ال يزيد‬
‫على عشرة‪ ،‬ردبا أكلوا ما ييعادؿ نصف ما أيكلو القسم البالغ عددىم‬
‫رجال‪ ،‬كىذا هبعلهم من أحرص الناس على التقتَت يف توزيع الطعاـ‬
‫سبعُت ن‬

‫‪017‬‬
‫شكال أشبو‪ ،‬ردبا يذىب‬
‫احد منهم إنكليزم ىو بلبغل ن‬
‫على اؼبساجُت‪ ،‬فو ه‬
‫للرايلة كل يوـ‪ ،‬بل كل يوـ مرتُت‪ ،‬كمع ذلك ال ترل بطنو (كرشو) إال‬
‫شاب جزائرم (سيأيت بعض‬‫مندفعا لألماـ‪ ،‬كقلت ىذه الكلمة مرةن أماـ و‬
‫ن‬
‫أخباره) يعمل يف ىذا القسم‪ ،‬فقاؿ‪« :‬كيف ال يكرب كرشو كقد أخذ اليوـ‬
‫لغذائو ُِ قطعة دجاج كعشرين علبة يوغرت [لنب ‪ ،»!]Yoghurt -‬ىذا‬
‫مع أف السجُت يعطى قطعة دجاج كاحدة كعلبة « ً‬
‫يوغرت» كاحدة‪ ،‬كللذكر‬ ‫ي‬
‫و‬
‫عجيبة‬ ‫و‬
‫بدرجة‬ ‫أكوؿ‬
‫فإف اؼبعركؼ ىنا يف السجن كخارجو أف اإلنكليزم ه‬
‫جدا‪ ،‬بشرط أف يكوف الطعاـ على حساب غَته‪ ،‬كأما إف كاف من جيبو‬
‫اىد‪.‬‬ ‫فهو يم ًٌ‬
‫قًته كز ه‬
‫سابقا لسوئو‪ ،‬كال أبس من بعض التفصيل للعلم‪،‬‬
‫أشرت ن‬
‫ي‬ ‫كالطعاـ ىنا‪،‬‬
‫لتفهم سبب سوء الطعاـ‪ ،‬كىو‬
‫كقبل ىذا فال أبس أف تعلم أف ىذه القضية ى‬
‫قرش يدخره من مصركفات‬ ‫أف مدير السجن لو نسبةه مئويةه عن كل و‬
‫استطاع مدير‬
‫ى‬ ‫و‬
‫سجُت مبلغنا سنواي لإلنفاؽ‪ ،‬فإف‬ ‫السجن‪ ،‬كذلك أف لكل‬
‫تذىب عبيبو من ىذا البلغ‬ ‫مئوية‬
‫ه‬ ‫نسبة‬
‫ه‬ ‫فلو‬ ‫اؼببلغ‬ ‫ىذا‬ ‫من‬ ‫ر‬‫السجن أف يوفً‬
‫ٌ‬
‫ي‬
‫اؼباؿ)‬
‫يعبد ى‬‫اؼبوفر‪ ،‬من أجل ىذا‪ ،‬لك أف تتصور اؼبدير (كىو كبٍت جنسو ي‬
‫دائما كىو من الكذب عند‬ ‫يي ًٌ‬
‫قًته قدر االستطاعة‪ ،‬كال تنس ما سأذكرؾ بو ن‬

‫‪018‬‬
‫اإلنكليز‪ ،‬كىو إطالؽ الشعارات من غَت اغبقائق‪ ،‬كىذا ىجلي يف مولوع‬
‫الطعاـ‪ ،‬كإليك بعض األمثلة‪:‬‬
‫طعاـ يسمى‬
‫ه‬ ‫ظهرا‪-‬‬
‫مكتوب أنو ييعطى للمسجوف ‪-‬يوـ األحد ن‬ ‫ه‬
‫«جاكيت بواتتو ‪ ،»]Jacket Potato[ -‬كىو اسم ييستخدـ خارج السجن‬
‫على قطعة بطاطا كبَتة تيشول يف الفرف مث تفتح من الوسط‪ ،‬كيولع منها‬
‫حبسب رغبة اآلكل‪ ،‬إما أف يضع اعبنب أك اللحم‪ ،‬كىي أكلةه مفضلةه عند‬
‫اإلنكليز‪ ،‬كغنية‪.‬‬
‫يف السجن يوجد ىذا االسم فقط‪ ،‬أما اغبقيقة فهي قطعة بطاطا‪،‬‬
‫ائر أك عبنة للتدقيق على طعاـ اؼبساجُت‪ ،‬فًتل يف‬
‫كالسالـ‪ .‬فإف حضر ز ه‬
‫كقطعا أهنم سيتمنوف السجن من أجل «جاكيت‬
‫اللوحة ىذا االسم اؼبيغرم‪ ،‬ن‬
‫بواتتو»‪.‬‬
‫لذيذ كغٍت يف‬
‫ظبك السلموف من أغلى األظباؾ يف بريطانيا‪ ،‬فهو ه‬
‫خليط ال‬
‫ه‬ ‫فوائده‪ ،‬كييقدـ للسجُت على الالئحة فقط‪ ،‬كأما الواقع فهو‬
‫تعرؼ ما ىو‪.‬‬
‫على الالئحة يوجد يوـ السبت للغذاء كلمة «سلطة» كيف الواقع يقوـ‬
‫موزعي الطعاـ‪ ،‬كمن أسوأ اػبىلق الذين قابلتهم) ىبع ًٌد‬
‫اإليراين فتحي (رئيس ًٌ‬

‫‪021‬‬
‫قطع اػبيار الصغَتة جدا مع و‬
‫عدد ال يزيد عن نصف أصابع اليد الواحدة‬
‫صغَتة‪ ،‬كإف زادت‬
‫ن‬ ‫لقطع اػبىس‪ ،‬كإف تيسر من البندركة كلع لك قطعةن‬
‫قدرا فاثنتُت‪ ،‬كيكوف ىذا غذاؤؾ فقط‪ ،‬كيقوـ فتحي ببسطها على الصحن‬
‫ن‬
‫كمن‬
‫أصال قليلةه‪ ،‬فكيف إذا كاف فتحي ى‬
‫منتشرة‪ ،‬كىي ن‬
‫ن‬ ‫كثَتة‬
‫الصغَت لتبدك ن‬
‫معو من ًٌ‬
‫موزعي الطعاـ قد سرقوا نصفها إذل زانزينهم كذلك!‬
‫أبدا أنو يولع يف طعامهم بعض اؼبواد اؼبي ًٌ‬
‫سكنة‪،‬‬ ‫صبيعا ال يشكوف ن‬
‫اإلخوة ن‬
‫فما أف أيكل األخ بعض الرز حىت يصبح النوـ ىو سيد اؼبوقف‪ ،‬كلذلك‬
‫ييسميو عادؿ‪« :‬برشاـ ًٌ‬
‫منوـ»‪ ،‬مث الحظ اإلخوة أثر أطعمتهم يف الناحية‬
‫اعبنسية‪ ،‬إذ من الصعب جدا (كعند اعبميع) حصوؿ الرغبة اعبنسية‪ ،‬كقد‬
‫امتنع بعض الشباب عن أكل طعامهم فتغَتت األحواؿ‪.‬‬
‫حصل أف ى‬
‫العجيب أننا اكتشفنا ىنا كم ىي صورة اإلنكليز مزينةه يف نفوسنا‪،‬‬
‫اإل نكليزم ال ذكؽ عنده‪ ،‬كال يوجد عنده قط طعاـ تقليدم يفتخر بو‪ ،‬كال‬
‫تغرؾ الصورة الظاىرة‪ ،‬فإف قطع الدجاج الذم يقوـ الشباب إبعادة طبخها‬
‫جذال‪ ،‬بل أخربين‬‫فرحا ن‬ ‫و‬
‫كمرات تيرمى لبقااي الدـ فيها يلتهمها اإلنكليزم ن‬
‫عادؿ عبد اجمليد (بعد انتقالو للسجن العاـ بعد تنزيل رتبتو األمنية مثلنا)‬
‫أنو يسمع اإلنكليز كىم خارجوف ألخذ الطعاـ كيقولوف مبتهجُت‪« :‬اليوـ‬

‫‪020‬‬
‫بلهجة مصر وية و‬
‫ؿبببة‪« :‬دجاج اي كالد‬ ‫و‬ ‫دجاج»‪ ،‬قاؽبا عادؿ مث ى‬
‫أعقبها بقولو‬
‫الكلب‪ ،‬جالكوا القرؼ‪ ،‬ىده « ىس ىكند ىاند» [مستعمل ىرًدمء]»‪.‬‬

‫السجن العاـ‪ ،‬يكلعت يف الطابق الثاين (كالطوابق الثالثة‬


‫ى‬ ‫عندما كصلت‬
‫متصلة كليس كػ«الوحدة اػباصة»)‪ ،‬ككاف صبيع اإلخواف يف الطابق الثالث‪،‬‬
‫كقد سعى بو تيمُت إذل أحد السجانُت لنقلي عندىم فقبل أحد اؼبسجونُت‬
‫مسجوف على قضية إرىاب‬
‫ه‬ ‫بلتبديل‪ ،‬كىذا السجُت سيخي ىندم كىو‬
‫كسياين الذم قابلتو يف «الوحدة اػباصة»‪ ،‬كقد نيقل ًسياين منها إذل‬
‫ً‬
‫أبايـ‪ ،‬كىذا السجُت اظبو « ً‬
‫ىاندؿ» كسكن أؼبانيا كجاء‬ ‫السجن العاـ قبلي و‬
‫إذل بريطانيا بنفس الباخرة اليت قطعت اؼبانش مع ًسياين كسيخي و‬
‫اثلث‪،‬‬
‫قيبض على الثالثة كحكم على ًسياين بسنتُت كنصف‪ ،‬ككاف ىا ً‬
‫ندؿ ينتظر‬ ‫ي‬
‫كبقي يف بلمارش بعد خركج ًسياين حىت رحل‪ ،‬كقد ظبعت من‬
‫الًتحيل ى‬
‫صديق ؽبم أنو يسجن يف أؼبانيا لىما كصل إليها‪ ،‬كالثالث حكم‬
‫ه‬ ‫آخر كىو‬‫ى‬
‫عليو مدةن أقل مث خرج قبل اؼبدة اؼبقررة لو أبف كلع حلقةن إلكًتكنيةن يف‬
‫ليقضي بقية اؼبدة يف بيتو‪ .‬كىكذا قدـ ًسياين طلبنا أف ييعامل نفس‬
‫ى‬ ‫قدمو‬
‫اؼبعاملة يف كلع اغبلقة كالذىاب لبيتو فوافقوا بعد و‬
‫رفض مث خرج قبل انتهاء‬
‫اؼبدة بثالثة شهور‪ ،‬ككنت أقابلو يف كقت «التعليم» حىت خرج كقد أرسل‬
‫‪021‬‬
‫عرب فيها عن شعوره كبوم‪ ،‬كتعجبت أف إحدل‬ ‫إرل رسالةن عند خركجو يي ًٌ‬
‫شديدا‪ ،‬كذلك أين قلت لو ككبن يف «الوحدة‬
‫أتثَتا ن‬
‫كلمايت لو قد أثرت فيو ن‬
‫أطلب من زكجيت أف تستضيف زكجتو‬ ‫و‬
‫استعداد أف‬ ‫اػباصة» أين على‬
‫ى‬
‫عندىا حىت ىبرج‪ ،‬كذلك أف زكجتو قركية ىندية كدل ً‬
‫يبض على زكاجهما‬
‫ستة أشهر‪ ،‬فما أف جاء إذل بريطانيا حىت قبض عليو‪ ،‬كمع أف [أكثر]‬
‫السيخ يف مشاؿ بريطانيا (برمنغهاـ) كىناؾ استقرت‪ ،‬فكاف لكلميت لو أين‬
‫أتت ألهنا حصلت‬ ‫و‬
‫استعداد الستضافتها يف بيتنا أثر كبَت مع أهنا دل ً‬ ‫على‬
‫ه ه‬
‫سكننا كبيتنا‪.‬‬
‫كاف ىذا اؽبندم السيخي ًسياين‪ ،‬دائم التعب كآاثر قلة النوـ كاإلرىاؽ‬
‫على كجهو‪ ،‬ككنت أسألو عن السبب فييجيب أنو التفكَت بزكجتو‪ ،‬فما أف‬
‫يتصل هبا أك تزكره حىت تبكي كتبكي طواؿ الوقت‪ ،‬فقد رأيت ىذا حقيقةن‪،‬‬ ‫ى‬
‫فقد جاءت لزايرتو ككاف أىلي يف زايريت‪ ،‬كقي ًٌد ىر إليو ؾبيء كرسيًٌو جبانيب‬
‫لساعة كنصف متصلة!‬ ‫و‬ ‫فعجبت ؽبا كيف دل تتوقف عن البكاء‬
‫ي‬
‫اتحا‪،‬‬ ‫كقاؿ رل ً‬
‫جن يف اؽبند كيف أسوأ من بلمارش‪ ،‬ككاف مر ن‬ ‫ى‬ ‫س‬
‫ي‬ ‫نو‬ ‫إ‬ ‫ياين‬ ‫س‬
‫كة بينها كبينهم ألهنم من دعاة‬ ‫كلو شقيقاف قىػتلتهم الشرطة اؽبندية يف معر و‬
‫ى‬

‫‪022‬‬
‫و‬
‫مستقلة‪ ،‬كقد أراين‬ ‫و‬
‫سيخية‬ ‫استقالؿ البنجاب عن اؽبند إلقامة و‬
‫دكلة‬
‫صورهتما اؼبوجودة يف ملفو‪.‬‬
‫ً‬
‫متعصبنا ؼبلتو كدينو لكنو يف‬ ‫ً‬
‫تعلمت من سياين أنو مهما بدا البعض ٌ‬
‫ي‬ ‫لقد‬
‫صارحٍت أنو يشك بهلل ألنو ‪-‬كما‬ ‫و و‬
‫ظركؼ معينة هتتز ثقتو هبذا الدين‪ ،‬فقد ى‬
‫قاؿ‪ -‬زبلى عنو‪ ،‬كيشك بدين أىل ملتو [ألهنم] زبلوا عنو‪.‬‬
‫علم‪ ،‬فإف فهم اؼبسلم أف البالء ىو قى ىدر‬‫صرب كإذل و‬ ‫االبتالء وبتاج إذل و‬
‫ي‬
‫مأجور‬
‫ه‬ ‫اؼبؤمن كأنو نعمةه يف اختيار هللا لو‪ ،‬كأنو سبيل األنبياء مع رجائو أنو‬
‫على بالئو هبعل قلبو مطمئننا اثبتنا ال يهتز‪.‬‬
‫عرض عن ذكر اظبو ىنا) كاف‬
‫كقد حدثٍت اإلخوة أف شاب من إخواننا (أي ي‬
‫يقوؿ للطفي الرايسي‪« :‬اصرب فإف اؼبرء ييبتلى على قى ٍدر دينو» فييجيبو‬
‫إيباف عندم أان حىت أيبتلى» يقوؽبا حب و‬
‫زف كأنو الرجاء‪،‬‬ ‫لطفي‪« :‬اي أخي كأم و‬
‫ألف لطفي دل يكن يصلي خارج السجن‪.‬‬
‫حياة ىعلمانية‬
‫مدرب للطيارين كيعيش ن‬
‫كلطفي ىذا شاب جزائرم يعمل ن‬
‫مع أسرتو ‪ ،‬ال أثر للدين فيها‪ ،‬كخالؿ ضبى القبض على الناس ىنا يف‬
‫ب الشباب الذين‬
‫الغرب‪ ،‬قامت الشرطة بلقبض عليو للشبهة فيو أنو در ى‬

‫‪023‬‬
‫كبقي يف السجن ما يقارب ستة األشهر حىت‬ ‫فجركا الربجُت يف نيويورؾ ى‬
‫ثبت كذب التهمة كأيطلق سراحو‪ ،‬كىذا قبل اعتقارل‪.‬‬
‫ى‬
‫ربولت بعد و‬
‫يوـ من الزنزانة األكذل إذل جنب اإلخوة يف الطابق الثالث‪،‬‬ ‫ي‬
‫الشيخ أب صهيب‪ ،‬كيف اعبهة األخرل بن مؤيدم‪ ،‬فاتفقت‬ ‫ى‬ ‫ككاف جارم‬
‫كشرعنا يف حفظ سورة‬‫مع الشيخ أيب صهيب على مذاكرة ما كبفظ‪ ،‬ى‬
‫ً‬
‫«النساء»‪ ،‬كدل نيتمها ن‬
‫معا يف الوقت األكؿ‪ ،‬إذ سرعاف (بعد عشرة أايـ) أف‬
‫األصل أال ييغَت اؼبرء من‬ ‫ً‬
‫يح ٌولت إذل زنزانة أخرل جبانب رشيد رمدة‪ ،‬ك ي‬
‫زنزانتو قبل ثالثة شهور (كىذا خبالؼ «الوحدة اػباصة»‪ ،‬إذ التحويل يتم‬
‫بعد ثالثة أسابيع على أقصى ٌو‬
‫حد كإال فأسبوعُت) كلكن زعم السجانوف‬
‫اػببثاء أان نتأخر يف النزكؿ ألخذ الطعاـ‪ ،‬ذلك أنو دبجرد فتح الزنزانة حىت‬
‫نبدأ السالـ كنقل اعبرائد بُت اإلخواف كردبا ربادثنا‪ ،‬كىذا فيو نوع صحة‪،‬‬
‫كعادة ما يتأخر بن مؤيدم‬
‫ن‬ ‫كلكن سبب أتخران أننا يف الطابق األخَت‪،‬‬
‫بسبب عذره يف رجلو‪.‬‬
‫اؼبهم أهنم حولوا بو تيمُت كبن موسى إذل الطابق الثاين‪ ،‬فتم تغيَت‬
‫«السكن» يف و‬
‫كقت قريب‪ ،‬فكاف قدرم أين ربولت إذل جوار بو تيمُت‬
‫رجال إنكليزاي سبتد جذكر ًٌ‬
‫جد ًٌأمو إذل‬ ‫اآلخر ن‬ ‫ككلعوا جبانيب على ًٌ‬
‫الشق ى‬

‫‪024‬‬
‫قربص‪ ،‬كىو ىادئ كرساـ أىداين إحدل لوحاتو‪ ،‬فأيعجب هبا رشيد فهي‬
‫عنده يف زنزانتو‪.‬‬
‫صرب علي‬
‫كنت أقوـ بؼبراجعة للمحفوظ من القرآف مع رشيد‪ ،‬كقد ى‬
‫خَتا‪ .‬كقد جرت بعض اغبوارات معو من خالؿ أنبوب‬
‫كثَتا‪ ،‬جزاه هللا ن‬
‫ن‬
‫أمكن من حوارات معو كمع‬‫ى‬ ‫اؼباء‪ ،‬كإف شاء هللا سأحاكؿ تسجيل ما‬
‫فائدة كمتعةن‪.‬‬
‫اإلخواف يف هناية ىذه الكتابة‪ ،‬لعل القارئ هبد فيها ن‬
‫رجال إيطاليا اظبو «التورم» كىو صديق ضبيم لرشيد‬
‫يف قسمنا كجدت ن‬
‫ظبعت ىذه‬
‫ى‬ ‫رمدة‪ ،‬كوببو جدا‪ ،‬كال ييناديو إال «أميغو» أم عزيزم‪ ،‬فإف‬
‫الكلمة فهي من التورم لرشيد عادةن‪ ،‬كمرات تكوف من رشيد لالتورم‪.‬‬
‫أصلع‪ ،‬أقٌت األنف مع و‬
‫كرب فيو‪ ،‬كلو عيناف خضراكاف‬ ‫ىذا اإليطارل قصَته ه‬
‫قاتال ؿبًتفنا ال يتكلم‬ ‫مع و‬
‫صغر فيها فبيز‪ ،‬من انبورل جنوب إيطاليا‪ ،‬كاف ن‬
‫أكثر فبا يضرب كييطلق الرصاص‪ ،‬كالظاىر أنو كاف من عصابت اؼبافيا‬
‫خصومو‪ ،‬كخوفو من الذىاب إذل السجن يف إيطاليا‬ ‫ي‬ ‫قديبنا‪ ،‬لكن اآلف ىم‬
‫تعذيب من قًبىل اؼبافيا‪ ،‬كاؼبافيا اآلف‬
‫و‬ ‫[سببو] أنو متأكد أنو سييقتل ىناؾ بعد‬
‫ؾبرد عصابت حقَتة كما يقوؿ‪ ،‬كذلك بعد ذىاب اآلبء اؼبؤسسُت األكائل‬

‫‪025‬‬
‫الذين كانوا يهتموف بعبانب اإلغاثي كاإلصالحي كاؼببدئي يف أعماؽبم‬
‫اؼبخدرات اؼبورد الرئيس لدخلًهم‪.‬‬
‫القذرة من ذبارة ًٌ‬

‫دمث األخالؽ‪ ،‬كرمي اليد‪ ،‬ظبح الوجو‪ ،‬فقد ربوؿ إذل‬


‫اآلف التورم حبق ي‬
‫الداينة البوذية‪ ،‬كمارس بعض رايلاهتا‪ ،‬كقد رأيت يف غرفتو « ىمسبحةن»‬
‫كوببهم جدا‪ ،‬كسبب قيربو من‬
‫خاصةن هبم‪ ،‬كىو ال يتواَن يف خدمة اإلخواف ي‬
‫رشيد أنو عاَن الشركر من اإلنكليز يف السجوف‪ ،‬فكاف رشيد اليد الوحيدة‬
‫اغبانية عليو‪ ،‬فأىلًفو كأحبو‪ ،‬كصار يفهم مشاعر اإلخوة الذين أيتوف‬
‫عجب هبا‪ ،‬كيتفاعل معها‪ ،‬كقد قاؿ رل مرات إنو‬
‫كيذىبوف من السجوف‪ ،‬كيي ى‬
‫يؤيد اجملاىدين (مع أنو بوذم) ألنو صار يفهم معاانة اؼبسلمُت مع‬
‫حكامهم كدكؿ الغرب‪.‬‬
‫تزكرهي مع زكجتو مر نارا‪ ،‬كاعبنوب اإليطارل‬
‫متزكج كلو ابنةه ي‬
‫ه‬ ‫التورم ىذا‬
‫قريب يف أعرافو من ؾبتمعاتنا العربية‪ ،‬كىو يعمل يف خدمة السجن ً‬
‫ليحصل‬
‫ٌ‬ ‫ه‬
‫بعض اؼباؿ ليصرفو على نفسو‪ ،‬كليتخلص من إغالؽ الباب عليو ِّ‬
‫ساعةن فإنو ‪-‬كما تقدـ‪ -‬للعامل الكثَت من االمتيازات‪ ،‬كقد كاف ينصح‬
‫اإلخوة بعدـ عمل اؼبشاكل مع السجانُت ألنو ‪-‬كما يقوؿ‪ -‬لقد جرب‬
‫عب كدل يتعب اإلنكليز‪ ،‬فرأل اؼبساؼبة أفضل لتحسُت كلعو‪،‬‬
‫ىذا الطريق فتى ى‬

‫‪026‬‬
‫كحبق أف اإلخوة ال وبتاجوف ؽبذه النصيحة‪ ،‬ألهنم ال يبيلوف للمشاكل‬
‫الشخصية الفردية‪.‬‬
‫‪Go‬‬ ‫تعدـ من التورم الصراع يومي السبت كاألحد كىو ينادم‪« :‬‬ ‫ال ى‬
‫‪ ،»my son‬كذلك أنو يشًتؾ من خالؿ ع ًٌمو بؼبقامرة على سباؽ اػبيل‬
‫اىن عليو كجعلو ابننا لو‪ ،‬كصار‬
‫ىنا يف بريطانيا‪ ،‬فصراخو ىو لفرسو الذم ر ى‬
‫صارخا‪.»Go my son« :‬‬
‫بعض اؼبساجُت يبازحو ن‬
‫قيم على بوذيتو‪ ،‬كاليت‬
‫دعوتو لإلسالـ‪ ،‬كفعل اإلخوة كذلك‪ ،‬لكنو يم ه‬
‫يشاركو فيها مدرس الرسم يف «التعليم» كىو رجل إسباين‪ ،‬ي‬
‫ضبلت بينهما‬
‫بعض الرسائل اػباصة‪ ،‬كدل يكن فيها إال التحية‪.‬‬
‫شديدا من األمريكي السجُت العامل‬
‫التورم ىذه األايـ غضب غضبنا ن‬
‫اآلخر من قسمنا حىت‬
‫يف مغسلة القسم‪ ،‬فقرر االنسحاب إذل القاطع ى‬
‫يتجنب قتل ىذا األمريكي كما قاؿ‪ ،‬فإف ىذا األمريكي اؼبسجوف ىنا يف‬
‫بريطانيا أكثر من عشر سنوات من أجل قضية ًٌ‬
‫ـبدرات‪ ،‬كتيطالب بعض‬
‫الوالايت األ مريكية بو‪ ،‬كىذه قضيتو (أم الًتحيل إذل أمريكا)‪ ،‬يعمل يف‬
‫تقن لعملو‪ ،‬كلكنو نىزؽ األخالؽ‪ ،‬كال يستقر على‬
‫مغسلة القاطع‪ ،‬كىو يم ه‬
‫يع جدا‪ ،‬كما أنو ييعامل أصدقاءه يف بعض اؼبرات بلطف‬ ‫و‬
‫حاؿ‪ ،‬فغضبو سر ه‬

‫‪027‬‬
‫المو إحدل اؼبرات أنو يتعامل معو كأنو سجاف‪ ،‬كمت‬
‫كبسمة‪ ،‬فالتورم ى‬
‫فرحل‬
‫ى‬ ‫فاض عن التورم‪ ،‬فقرر ذبنب اؼبشاكل‪،‬‬
‫الصلح‪ ،‬كلكن الكأس ى‬
‫أغلب كقتو يف قاطعنا‪ ،‬ألف عملو يقتضي ذلك‪.‬‬
‫اآلخر مع أف ى‬
‫للقاطع ى‬
‫التورم ىذا‪ ،‬لو يف سجوف بريطانيا ما ييقارب أربعة األعواـ‪ ،‬كقد قدـ رل‬
‫بعض النصائح يف مولوع األطعمة من أجل اغبًمية‪ ،‬كدل أتضايق من كثرة‬
‫انصح كك و‬
‫اعظ‪،‬‬ ‫أساتذيت يف كل شيء‪ ،‬فكنت أظبع ؽبم كما أفعل مع كل و‬
‫اعًتض طريقي كأان أضبل صينية الطعاـ كيطلب مٍت أف أرمي‬
‫ى‬ ‫ككم من مرةو‬
‫البطاطا اؼبقلية أك أغسل الفاصوليا من مائها لوجود الدسم فيو‪ ،‬ككنت ًٌ‬
‫أنف يذ‬ ‫ي‬
‫ما يطلبو مٍت حبذافَته‪ ،‬كمع ذلك فقد كاف يبدين ببعض اغبلوايت اليت كاف‬
‫موزعي الطعاـ‪ ،‬كلكن و‬
‫بقدر معقوؿ‪ ،‬كقد ذىب‬ ‫يقتنصها ألنو عامل من ًٌ‬
‫ه‬
‫معي مرتُت إذل اغبلقة الرايلية من أجل زبفيف كزنو (فلو كرش ليس‬
‫كسوؿ كما يقوؿ عن‬
‫بلكبَت كلكن ليس صغَتنا كذلك)‪ ،‬كدل يكررىا ألنو ه‬
‫نفسو‪.‬‬
‫يع يمر التورم ىذا ْٔ سنة‪.‬‬

‫مولوع حصل فيو اػبالؼ مع اإلخواف‪ ،‬كقد حصل قبل‬


‫و‬ ‫كاف أكؿ‬
‫الحظت‬
‫ي‬ ‫ات‪ ،‬كقد‬
‫حضورم‪ ،‬ىو تفتيش النساء ؽبم‪ ،‬فالسجاانت ىنا كثَت ه‬
‫‪028‬‬
‫كأان يف «الوحدة اػباصة» أف النساء يتجننب تفتيشي‪ ،‬فإذا حصل كجاء‬
‫اجتمعت مع اإلخوة‬
‫ي‬ ‫ئلت عن ىذا لىما‬
‫رجل للتفتيش‪ ،‬كقد يس ي‬
‫دكرم يتقدـ ه‬
‫صعب كليس األمر‬
‫ه‬ ‫و‬
‫سجن‪ ،‬فاالختيار‬ ‫اجتماعنا األكؿ‪ ،‬فكاف رأيي أننا يف‬
‫بيدان‪ ،‬كقد قاؿ بن عيسى يومها إنو يوببًٌذ أف ييفتش من امرأةو كليس من‬
‫أىوف من تفتيش الرجل‪ ،‬إذ الكثَت من‬ ‫رجل‪ ،‬كالسبب أف تفتيشها ي‬ ‫و‬
‫الضغط على جسم األخ‪ ،‬كردبا على أماكن العورة‪ ،‬فلما‬
‫ى‬ ‫السجانُت يتعمد‬
‫علمت أف اإلخواف عملوا لجةن شديدةن‬ ‫ي‬ ‫انتقلت إذل ىنا (السجن العاـ)‬‫ي‬
‫حوؿ تفتيش النساء‪ ،‬كاستعانوا بإلماـ حوؿ ىذا‪ ،‬كانتهى األمر ىبقبوؿ‬
‫اإلخوة إال الرجاؿ‪ ،‬ىذا إذا كانوا موجودين‪ ،‬كإال ييلغى‬
‫ى‬ ‫السجن أال ييفتًٌش‬
‫خركج األخ من زنزانتو‪.‬‬
‫مؤيدا لرأم بن عيسى «عبد الرحيم»‪ ،‬فإف‬ ‫صرت ن‬‫جئت إذل ىنا‪ ،‬ي‬
‫لىما ي‬
‫شتك بلكاد تضع يدىا عليك‪ ،‬كمرات ال أراىا سبرر يدىا ألبتة‬
‫اؼبرأة إف فت ى‬
‫على بدنك‪ ،‬خبالؼ رجاؽبم ىنا‪ ،‬فإف طريقة أغلبهم كقحةه كمستفزةه كتشك‬
‫أنو لوطي‪ ،‬كقد حدث أف قاؿ بن مؤيدم ألحدىم حُت فتشو إنو لوطي‬
‫سيكتب فيو تقر نيرا لً ىما يفعل يف التفتيش‪ ،‬كأخربه أنو يؤذيو‬
‫ي‬ ‫كىدده أنو‬
‫كخاصةن حُت ييفتًٌش ًرجلىو كيتعمد إيذاءه لعرجتو‪.‬‬

‫‪031‬‬
‫نقبل بتفتيش‬
‫صبيعا أف ى‬ ‫بعد ؿباكالت كؾبادالت بُت اإلخواف‪ ،‬رأينا ن‬
‫تفتيش اؼبرأة‬
‫ى‬ ‫النساء فهو أرحم‪ ،‬بل قلت ؽبم‪« :‬سأختار يف بعض اؼبرات‬
‫رجل كامرأةه‪،‬‬ ‫على الرجل إذا كجد كالنبا»‪ ،‬ك ن‬
‫كثَتا ما يكوف اثناف رجالف أك ه‬
‫بقي اثناف ييصراف‬ ‫لكن‬ ‫خبيث‪،‬‬ ‫لوطي‬ ‫تفتيش‬ ‫من‬ ‫أىوف‬
‫ي‬ ‫رل‬ ‫فإف تفتيش امرأةو‬
‫ى‬
‫على عدـ تفتيش النساء ؽبم‪ :‬بن موسى (أبو خالد) كبو تيمُت‪ ،‬كقد‬
‫لاحكا‪ ،‬كقد‬
‫ن‬ ‫يوما‬
‫ليال يف البداية‪ ،‬مث جاءين ن‬
‫غضب علي بن موسى ق ن‬
‫خرجنا إذل الساحة اػبارجية كقاؿ‪« :‬لقد فتشتو امرأةه كىو ال يشعر»‪ ،‬أم‬
‫فحل يشعر بغريزة الرجولة‬
‫ذاىال دكف أف يدرم‪ ،‬كبو تيمُت قاؿ ؽبم إنو ه‬ ‫ن‬
‫لدرجة أنو ال يصرب أف سبسو امرأةه‪ ،‬قاؽبا رل كىو يضحك‪ ،‬كبو تيمُت لىما‬
‫يضحك يضع يده على رأسو األبيض الرائع‪.‬‬
‫ي‬

‫ائعا من‬
‫كاف أكؿ ىدية حضورم إذل السجن العاـ ىو صحن شوربة ر ن‬
‫كعجبت منو جدا‪ ،‬ففيو اللحم كاؼبعكركنة‬
‫ي‬ ‫يد أيب خالد (بن موسى)‬
‫جائعا جدا‪ ،‬فسألتو عن اللحم كمن‬
‫ائعا ككنت غبظتها ن‬ ‫كالفلفل‪ ،‬وٌ‬
‫كحبق كاف ر ن‬
‫أين ىو‪ ،‬فأجاب‪« :‬ىذه أسرار خاصةه بنا»‪ ،‬مث علمت أف البقالةى كفرت‬
‫مذبوح على الطريقة اإلسالمية»‪،‬‬
‫مكتوب عليو‪ « :‬ه‬
‫ه‬ ‫غبما للشراء‬
‫للمسلمُت ن‬

‫‪030‬‬
‫اتح ؽبذا‬ ‫ً‬
‫أعد إليو‪ ،‬فاغبمية ؽبا قانوهنا مث أان ال أر ي‬
‫احدة‪ ،‬كدل ي‬
‫مرة ك ن‬
‫اشًتيتو ن‬
‫اللحم‪ ،‬كال أثق هبذه الشهادات عليو‪ ،‬فلعلها كاذبةه كللتسويق فقط‪.‬‬

‫منذ اليوـ األكؿ يف السجن العاـ كاف مولوع االلتحاؽ بػ«التعليم»‪ ،‬فإف‬
‫القيد كالوحدة من زنزانتك‪ ،‬إذ‬ ‫ذىبت إليو تتخلص من أربعة و‬
‫أايـ من بيغض ى‬
‫بك اغبادية عشرة‬‫صباحا كيعودكف ى‬
‫ن‬ ‫تؤخذ إليها ما يقارب الساعة الثامنة‬
‫ى‬
‫كالنصف‪ ،‬مث أيخذكنك من الساعة الثانية إذل الساعة الرابعة مساءن‪.‬‬
‫شيء يف السجن بكتابة طلب‪ -‬مث بسبب درجة‬ ‫بدايةن تضع طلبا ‪-‬ككل و‬
‫ن‬
‫األمنية العالية «‪ »A‬ال بيد من إذف األمن لك مث موافقة قسم التعليم عليك‪.‬‬
‫كاف أبو صهيب قد سبقٍت بتقدمي الطلب‪ ،‬ألنو قبلي يف السجن العاـ‪،‬‬
‫انتظرت بعدىا شهرين اتمُت‪ ،‬ككل ذلك مع‬
‫مث كتب رل الشباب طلبنا‪ ،‬ك ي‬
‫لغط اإلماـ على اؼبسؤكلُت‪ ،‬كاالتصاؿ بُت الشباب كإدارة التعليم‪.‬‬
‫كل اإلخوة يذىبوف إذل التعليم ككلهم يرغب بشيئُت‪ :‬عمل الفخار‬
‫كاغباسوب ‪ ،‬إال بن مؤيدم فإنو ال يرغب بقسم الفخار‪ ،‬بل رغبتو‬
‫بغباسوب فقط‪.‬‬

‫‪031‬‬
‫فبنوعا على درجة «‪ »A‬األمنية الذىاب‬
‫قبل حضورم بستة شهور كاف ن‬
‫إذل «التعليم»‪ ،‬مث أىًذنوا بذلك‪ ،‬فكانت أكؿ مرةو لرشيد أف ىبرج من زنزانتو‬
‫ً‬
‫إذل «التعليم» بعد ٌ‬
‫ست سنوات‪.‬‬
‫بعد شهرين من انتظار اؼبوافقة األمنية‪ ،‬ذىبنا أان كأبو صهيب «للتعليم»‪،‬‬
‫و‬
‫المتحاف يف اللغة اإلنكليزية ؼبعرفة اؼبستول‪،‬‬ ‫ككاف يوـ و‬
‫طبيس‪ ،‬كقد تقدمنا‬
‫أسبوع من ىذا االمتحاف خرجنا مع الشباب إذل سم تع يم‪.‬‬ ‫كبعد و‬
‫قدمو من مهزلة الصور كاإلعالانت من غَت‬ ‫قسم التعليم مبوذج آخر لًما تي ًٌ‬
‫ه ى ى‬
‫اغبقائق‪ ،‬كإنو لوال قسم الفخار للشباب كاغباسوب (كالذم يمنع منو‬
‫بلكلية‪ ،‬كما سيأيت) لى ىما كاف ؽبذا القسم أم فائدةو‪.‬‬ ‫الشباب بعد ذلك ي‬
‫حقيقة‪ ،‬كقبل الوصوؿ ؽبذه القضية كتفصيلها‪،‬‬ ‫و‬ ‫ىو صورة و‬
‫تعليم من غَت‬
‫دعٍت أكشف لك ما يف ىذا القسم كأكلاعو معي‪:‬‬
‫قسم خاص لتعليم الطبخ‪ ،‬كقد كلعت فيو ؼبدة‬ ‫سم طبُ‪ :‬ىذا ه‬
‫يوـ‪ ،‬ككاف من تقسيم اإلدارة أهنم كلعوين يوـ‬
‫أسبوع ه‬
‫ثالثة أسابيع‪ ،‬يف كل و‬
‫أطبخ كال آكل‪ ،‬كلعل‬
‫صياـ عندم‪ ،‬فكنت أذىب ك ي‬ ‫االثنُت‪ ،‬كىذا يوـ و‬
‫اؼبسؤكؿ دل ييرؽ لو ذلك‪ ،‬فطلب من اإلدارة نقلي‪ ،‬كىكذا كاف‪ ،‬على الرغم‬

‫‪032‬‬
‫بلكلية‪ ،‬كدل أحزف كدل ً‬
‫أشتك‪ ،‬بل‬ ‫لغي ي‬
‫من طليب أف ييغَت اليوـ فقط إال أنو أي ى‬
‫ىجرت الطبخ كعلومو الرائعة‪.‬‬
‫ي‬
‫كىذا القسم يدخل فيو ؾبموعةه من اؼبساجُت‪ ،‬كيقسموف إذل فً و‬
‫رؽ أربعة‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫أك طبسة‪ ،‬كىبتار كل فر ويق ما يريد من األطعمة ليطبخها كذلك من اؼبوجود‬
‫قليل جدا) كبعض اػبضار مث يطبخها‬‫عادة ه‬
‫من اللحم أك الدجاج (كىو ن‬
‫أخ يف ىذا القسم إال ما يقوـ بو‬
‫كهبتمع اعبميع على أكلها‪ ،‬كال يوجد أم و‬
‫أبو صهيب من الًتدد عليو بعض اؼبرات‪ ،‬ككذلك صالح عودة (ألنو نيقل‬
‫من «الوحدة اػباصة» إذل السجن العاـ)‪ ،‬كذلك يف يوـ ك و‬
‫احد يف األسبوع‪.‬‬

‫غ ف اي ي ‪ :‬ال يذىب إليها إال أان‪ ،‬كقد ي‬


‫أهنيت كل اؼبطلوب يف‬
‫أسبوعُت‪ ،‬كللذكر فأان عاشق للرايليات ً‬
‫كعلومها‪ ،‬ككنت يف اؼبدرسة من‬ ‫ه‬
‫عالمة و‬
‫اتمة فيو‪،‬‬ ‫و‬ ‫حصلت يف التوجيهية على‬ ‫اؼبيربزين يف ىذا القسم‪ ،‬كقد‬
‫ي‬
‫اخًتت بعد التوجيهية دراسة الشريعة‬
‫ي‬ ‫ككنت يف القسم العلمي‪ ،‬كمع ذلك‬
‫يبق رل شيءه أعملو يف ىذا القسم‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬كلذلك خالؿ أسبوعُت دل ى‬
‫إال اعبلوس ككتابة الشعر كىذه اؼبذكرات كاألكراؽ األخرل اليت أقبزيهتا يف‬
‫السجن‪.‬‬

‫‪033‬‬
‫مسؤكؿ عنو رجل أندكنيسي اظبو «توبو» كىو ه‬
‫رجل جيد‬ ‫ه‬ ‫ىذا القسم‬
‫جباف جدا‪ ،‬كال يًتدد يف إخبار‬
‫األخالؽ‪ ،‬صغَت اغبجم كأىل اؼباليو‪ ،‬لكنو ه‬
‫مسلم‪ ،‬كمع ذلك يينكر ذلك كال‬
‫علمت أنو ه‬
‫ي‬ ‫اإلدارة أبم شيء‪ ،‬كلألسف‬
‫ييظهر أصلىو‪ ،‬كقد علمت أنو مسلم عن طريق اإلماـ لذم رآه يف أحد أايـ‬
‫و‬
‫مسجد يف حيًٌو‪ ،‬مع أنو إذا كاف يف السجن يوـ اعبمعة‬ ‫اعبمعة يًتدد على‬
‫دائما يف ماراثوف لندف‪،‬‬
‫ال أييت إذل اؼبسجد‪ ،‬كىو رايلي جدا‪ ،‬يشارؾ ن‬
‫ساعات كنصف‪ ،‬كيكتب الشعر بإلنكليزية‪ ،‬كقد‬ ‫و‬ ‫يقطع اؼبسافة يف أربع‬
‫فتذاكرت معو بعض الدركس مث لعلو خاؼ‬
‫ي‬ ‫طلب مٍت أف أيعلمو العربية‪،‬‬
‫من ذلك‪ ،‬فصار ال يتكلم بذلك إذا حضر الطالب اإلنكليز‪.‬‬
‫نساان إنكليزاي وبفظ‬
‫اكتشفت يف ىذا القسم شيئنا غريبنا‪ ،‬أين دل أقابل إ ن‬
‫ي‬
‫جدكؿ الضرب‪ ،‬بل الكثَت منهم إذا جاء للجمع كالطرح استخدـ أصابعو‪،‬‬
‫كة (أال وبق رل بعد ذلك أف‬ ‫أما اآللة اغباسبة فهي أنيسهم يف كل حر و‬
‫ي‬
‫خطَتة‪ ،‬كفيو ىذه النماذج)‬
‫ن‬ ‫كبَتا كظبعةن‬
‫وبمل اظبنا ن‬
‫أيصد ىـ ؽبذا اجملتمع الذم ي‬
‫و‬
‫أعمار‬ ‫قابلت يف ىذا القسم أكثر من مئيت شخص كمن‬ ‫ي‬ ‫كللذكر فقد‬

‫‪034‬‬
‫متفاكتة‪ ،‬بعضهم يف الستُت‪ ،‬كبعضهم يف اػبمسُت‪ ،‬ككثَته منهم من‬ ‫و‬
‫الشباب الذين ىم يف الثالثُت كأقل(ُ)‪.‬‬
‫فبا يؤٌكًد ما قلتيو من «الصورية» الكاذبة أين بعد أسبوعُت من حضورم‬
‫ؽبذا القسم قابػىلىتٍت اؼبسؤكلة عنو يف الصباح كقالت‪« :‬مربكؾ قبحت يف‬
‫تساءلت‪« :‬أم امتحاف؟» قالت‪« :‬الرايليات» كدل أعلم أين‬
‫ي‬ ‫االمتحاف»‪،‬‬
‫امتحاان قط ىنا‪ ،‬كلكن ىذا القسم يعجبو أف يوبقق الدارسوف فيو‬
‫ن‬ ‫مت‬
‫قد ي‬
‫شيئا إلثبات ً‬
‫كجودىم كأهنم ذكك أنبية‪ ،‬كيف ال يكوف ذلك كاؼبدرس أيخذ‬ ‫ن‬
‫عن الساعة الواحدة ىنا مبلغ ِِ جنيها إسًتلينيا! كىو رقم و‬
‫عاؿ جدا ال‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫يتحقق ؽبم خارج السجن‪.‬‬

‫(ُ) كقد ذكرت ىذا األمر لػ«توبو» فأقرين على ما قلت‪ ،‬كلكنو قاؿ‪« :‬إف اعبيد يف الرايليات‬
‫األغلب ىم ىمن رأيت»‪ ،‬كىذا يدؿ على أف ىذا اجملتمع يقوـ على‬
‫كمتفوؽ‪ ،‬ك ي‬
‫ه‬ ‫تاز‬
‫جيد كفب ه‬
‫ه‬
‫أىل لو‪ ،‬مع‬
‫يستلم األمر ىمن ىو ه‬
‫ى‬ ‫التخصص‪ ،‬فال يهمو القاعدة كما ىي فيو‪ ،‬إمبا يهمو أف‬
‫ب حياتنا كؾبتمعاتنا‪ ،‬فإف النخبة ىي‬
‫االىتماـ بلنخبة كىم القيادة‪ ،‬كالعجيب أف ىذا يمنقلى ي‬
‫عجب أف يكوف قائد البالد‬ ‫الفاسدة اعباىلة‪ ،‬إذ كعي األمة كفهمها أكثر و‬
‫بكثَت منهم‪ ،‬فال‬
‫ى‬
‫عندان أيًٌمي أك بو أشبو‪ ،‬كما ىو حاؿ كرل العهد السعودم األمَت عبد هللا‪ ،‬أك حاكم اليمن‬
‫علي عبد هللا صاحل‪ ،‬فإان هلل كإان إليو راجعوف‪.‬‬
‫‪035‬‬
‫كللذكر فهذا القسم ال عالقة لو بلسجن‪ ،‬أم أف اؼبدرسُت غَت اتبعُت‬
‫إلدارة السجن‪ ،‬بل ىم اتبعوف إلدارات التعليم اؼبدنية األخرل‪.‬‬
‫أكتب ىذا الكالـ كأان يف درس الرايليات‪ ،‬كقد تركٍت اؼبدرس‬
‫أان اآلف ي‬
‫ىناؾ‬
‫أفعل ما وبلو رل‪ ،‬فتفرغت لكتابة ىذا الكالـ‪ ،‬مث بعد انتهاء الدرس ى‬
‫كرقةه يكتب فيها الطالب ما تعلم اليوـ‪ ،‬كأان أتركها ًٌ‬
‫للمدرس ليىكتيب فيها ما‬
‫يشاء‪.‬‬

‫سم حل س ‪ :‬دل أدخلو قط إال يمسلًٌ نما على اإلخوة‪ ،‬كقد أخذ‬
‫ف جدا كما أخربكين‪ ،‬مث جاء األمر‬ ‫ً‬
‫بعضهم الشهادات منو‪ ،‬مع أنو يمتخلٌ ه‬
‫بعد منع الطباعة إذل منع الدرجة األمنية «‪ »A‬من الدخوؿ إذل غرفة‬
‫أحد يف قسم التعليم هبذه الدرجة إال اإلخوة‪ ..‬كىذه‬
‫اغباسوب‪ ،‬كال يوجد ه‬
‫ث سأخربكم بو إف شاء هللا تعاذل‪.‬‬
‫سيحد ي‬
‫ي‬ ‫القضية ردبا تتطور كما‬

‫سم ف َّ ر‪ :‬معشوؽ اعبماىَت اؼبيحبة للسالـ‪ ،‬فكل شبابنا ‪-‬كما‬


‫صلت من قًبىل اإلدارة كال‬
‫تقدـ‪ -‬يوببونو‪ ،‬كأما أان فقد دخلتو مرتُت‪ ،‬مث في ي‬
‫و‬
‫طلبات عدة للدخوؿ إليو كال من يؾبيب‪ ،‬كليس‬ ‫أعرؼ السبب‪ ،‬كقد قدمت‬
‫حرص عليو فلم ييرؽ رل «الطُت» كال صناعتو‪ ،‬كقد لحكت على‬
‫ه‬ ‫رل‬

‫‪036‬‬
‫الشباب كىم يي ًربزكف عضالهتم فيو أف عجائزان يي ًتقن أكثر منهم صناعة‬

‫الطُت «فبالش افتخار اي شباب»‪ ،‬كإمبا ي‬


‫رغبت فيو حىت أبقى مع الشباب‪،‬‬
‫فنتحدث كنضحك‪.‬‬
‫خلوؽ جدا‪ ،‬يراتح‬
‫ه‬ ‫احد أسود‪ ،‬كىو رجل‬
‫مسؤكؿ عنو ك ه‬
‫ه‬ ‫ىذا القسم‬
‫ابتسم‪ ،‬كعندما أقف‬
‫اتحوف معو‪ ،‬ككلما رآين سلم علي ك ى‬ ‫للشباب كىم ير ى‬
‫على بب الغرفة ألسلًٌم عليهم يفتح الباب كيدعوين للدخوؿ أبدب‪ ،‬كقد‬
‫و‬
‫بفظاظة‬ ‫كثَتا‪ ،‬إذ مرات كثَتة ييناديو اغبراس‬
‫عاَن ىذا اؼبدرس من العنصرية ن‬
‫و‬
‫كسجُت‪ ،‬فيخربىم كييربز ؽبم البطاقة فيبتسموف‬ ‫اعمُت أنو يبدك‬
‫كأمر ز ى‬
‫كيعتذركف منو‪ ،‬لكن ىو يقوؿ ؽبم‪« :‬ال تعتذركا‪ ،‬أان أعلم ىمن أنتم ككم ىي‬
‫عنصريتكم‪ ،‬ككفى»‪.‬‬
‫ً‬
‫ألحباهبم‪ ،‬كييرسلوهنا عن‬ ‫رسلوهنا‬
‫كصحوان كيي ى‬ ‫كؤكسا‬
‫ن‬ ‫يصنعوف ن‬
‫ى‬ ‫الشباب‬
‫طريق ىذا الرجل اؼبسؤكؿ إذ يضعها يف قسم االستقباؿ‪ ،‬مث أيخذىا‬
‫أصحاهبا عند الزايرة‪.‬‬
‫كؤكسا رل كألكالدم‪ ،‬كدل أرىا بعد ذلك‪ ،‬كلعلها تيرسل‬
‫رأيتهم قد صنعوا ن‬
‫يف األايـ القادمة‪.‬‬

‫‪037‬‬
‫َنك ي ‪ :‬ىذا ىو القسم التعليمي لغَت الناطقُت‬ ‫غ‬ ‫سم‬
‫حرصت عليو منذ البداية حىت أقوم لغيت اإلنكليزية‪،‬‬
‫ي‬ ‫قسم‬
‫بإلنكليزية‪ ،‬كىو ه‬
‫كلكن الظاىر «فالًج ال تعالًج»‪.‬‬

‫‪038‬‬
‫ومحق (‪)4‬‬

‫تدويهات وتفسقة عو السجو‬


‫يف قهاة الشيخ أبي قتادة يف تمغسام‬

‫‪041‬‬
‫(‪)4‬‬

‫تعاطف طبقي‬
‫خالؿ كجودم يف الوحدة شديدة اغبراسة يف سجن بلمارش الربيطاين‬
‫رافقٍت يف السَت خالؿ ساعة «التشميس» شاب أمريكي‪ ،‬كجعل يسألٍت‬
‫سباما‬
‫جاىل ن‬
‫ه‬ ‫عن سبب كرىنا إلسرائيل‪ ،‬كسعينا لدمارىا كزكاؽبا‪ ،‬كىو‬
‫شرحت لو‪ ،‬جعل يشرح رل أنو فهم ما أعنيو‪ ،‬ألنو يشعر‬ ‫ي‬ ‫بتارىبنا‪ ،‬فلما‬
‫نفس الشعور بحتالؿ أمريكا لواليتو الغنية كالفورنيا‪ ،‬كأف خَتاهتا تذىب‬
‫لغَت أىلها من الوالايت الفقَتة‪ ،‬كقاؿ‪« :‬عندان منظمات تسعى لالستقالؿ‬
‫عن أمريكا»!‬
‫تعاطف طبقي ‪):‬‬

‫‪040‬‬
‫(‪)2‬‬

‫قضط وع غري وسمىني يف السجو الربيطاني (‪)4‬‬

‫يف أكؿ ثالث سنوات من مدة سجٍت يف بريطانيا كنا قد كلعنا مع‬
‫اعبنائيُت من الربيطانيُت كغَتىم؛ كلذلك كاف رل ‪-‬مع غَتم من األحبة‪-‬‬
‫احتكاؾ مع سجناء غَت مسلمُت‪ .‬كعلى اعبملة؛ فكل ىمن عاشر اإلخوة‬
‫شديدا‪ ،‬كينظركف إلينا بتعجب مشوب هبيبة كتقدير‪،‬‬
‫كاف وبًتمهم احًت ناما ن‬
‫أيت ىذا جليا‪.‬‬
‫فإف حصل حديث أك معاشرة ر ي‬
‫أان اختفيت عن األنظار قبل سجٍت عشرة أشهر‪ ،‬تنقلت فيها بُت مدف‬
‫بريطانية‪ ،‬حىت استقر يب األمر يف بيت رجل طيب يف لندف‪ ،‬بل يف‬
‫كسطها‪ ،‬كالذم منو أخذت كقبض علي‪.‬‬
‫كللذكر‪ ،‬كبسرعة‪ :‬فأان ىمن ىمل اؽبرب كالتخفي‪ ،‬كأان ىمن زبفف من‬
‫القيود األمنية حىت أخذكين‪ ،‬كالسبب أين عجزت عن اػبركج من بريطانيا‪،‬‬
‫كصرت عبئنا على إخواين يف قضية البيوت؛ فقد تنقلت يف عدة بيوت‪،‬‬
‫لررا على نفسي من‬
‫فصرت أحزف على اإلخوة‪ ،‬كلذلك صار السجن أقل ن‬
‫نبي على إخواين‪.‬‬
‫‪041‬‬
‫كال أبس من ىذه الفائدة ىنا‪ ،‬يستفيد منها الشباب كالقادة‪ :‬أنصح‬
‫القادة أف ييبعدكا عنهم ىمن ال وبًتمهم كيراىم ال شيء‪ ،‬كىؤالء يكثر يف‬
‫صفنا‪ ،‬كدعوين أشرحها لكم بصدؽ‪:‬‬
‫عامة التيار اجملاىد من الطبقة الوسطى‪ ،‬كقليل منهم من غَتىا‪ ،‬كىؤالء‬
‫مشغوال بلواحد‬
‫ن‬ ‫العادل‬
‫عادة ال يركف أنفسهم شيئنا‪ ،‬كبلتارل ردبا يكوف ى‬
‫منهم‪ ،‬كىو يف نفسو ال يساكم رصاصة‪ ،‬بل ذبد بعض ىمن حولو يراه‬
‫كذلك‪ ،‬أم ال قيمة لو!‬
‫فمن ىذا الذم تنشغل بو الدكائر العالىمية‪ ،‬كتضع على رأسو اؼباليُت‪،‬‬
‫ى‬
‫كىذا األخ‪ ،‬كىذا الذم معو طامة من الطامات يف ىذا األمر‪.‬‬
‫قلت لكم‪ :‬إف عامة القتل اليت وبدث فيهم يكوف سببها ىذا األمر‪،‬‬
‫كلو ي‬
‫فيستصغر األخ نفسو‪ ،‬ككذلك ىمن حولو‪ ،‬كمع ذلك يكوف ىو شاغل‬
‫الناس كمالئ الدنيا‪.‬‬
‫من أجل ىذا فنصيحيت أف يي ىبع ىد ىؤالء اؼبيصغًٌرين لقيمة اإلخوة؛ ألنو يف‬
‫كن تصغَت النفس‪ ،‬كعدـ رؤيتها‪ ،‬فلو قاؿ كاحد من‬ ‫اغبقل اإلسالمي ر ي‬
‫ىؤالء‪« :‬اي رجل ال تى ًٌ‬
‫كرب حالك‪ ،‬ما أحد مشغوؿ بك!» الستحى الرجل‬

‫‪042‬‬
‫أف يػىيرد عليو‪ ،‬حىت لو يعلم سخافة قولو‪ ،‬حىت ال يػيتهم بتعظيم نفسو‪ ،‬كبذا‬
‫تكوف الطامة‪.‬‬
‫أقوؿ ىذا ألف اغبكومة الربيطانية عرلت اعبنسية كاؼباؿ كغَت ذلك على‬
‫أانس ظنت قرهبم مٍت خالؿ االختفاء‪ ،‬ككانت الصحف الفرنسية تستهزئ‬
‫بألمن الربيطاين‪ :‬كيف ىبتفي شخص مطلوب كأجنيب كفبيز الشكل يف‬
‫بريطانيا كىم هبهلوف مكانو‪ ،‬بل إف الفرنسيُت ذىبوا يف اهتاـ األمن‬
‫الربيطاين حبماييت‪ ،‬كأين عندىم‪ ،‬كلست ـبتفينا‪ ،‬كتلقف ىذا األمريكاف‬
‫كشاركوا يف قصف الربيطانيُت‪.‬‬
‫كانت معركة‪ ،‬مث أيتيك أخ كيقوؿ لك‪« :‬اي رجل‪ ،‬كهللا لو مشيت يف‬
‫ؼبعٌت مهم!»‪.‬‬
‫الشارع ما انتبو لك أحد‪ ،‬كما اختفاؤؾ إال فاقد ن‬
‫كاف بعض اإلخوة ينقلوف رل الواقع‪ ،‬كلكن عند حديث الصنف األكؿ‬
‫أبذل سيء يف نفسي‪.‬‬
‫أصاب ن‬
‫أمر يكاد يتكرر يف أحداث كثَتة أعرؼ منها عشرات على‬
‫اؼبهم‪ :‬ىذا ه‬
‫األقل‪.‬‬
‫مث اؼبهم‪ :‬كهللا لوال أين زبففت إبراديت من قيودم األمنية لى ىما علموا‬
‫مكاين قط‪ ،‬لكن صرت أتعامل ككأين أقوؿ ؽبم‪ :‬أان ىنا! انتهت اللعبة‪.‬‬

‫‪043‬‬
‫ليال‪ ،‬مث أخذت إذل مركز الشرطة‪ ،‬كمكثت ليلة كاحدة‪ ،‬مث إذل‬
‫ىاصبوين ن‬
‫ى‬
‫سجن بلمارش‪ ،‬ك«الوحدة» عالية األمن‪ ،‬كاليت ال سجن أكثر منها قسوة‬
‫كأمننا‪.‬‬
‫كمن أجل العنواف‪ ،‬يف ذكر قصة مع غَت اؼبسلمُت‪ ،‬أذكر لكم أكؿ‬
‫احد فقط فيها‪:‬‬ ‫حدث يف ىذه «الوحدة»‪ ،‬كبعد و‬
‫يوـ ك و‬ ‫و‬
‫قاـ سجُت بعرض اغبشيش علي (لك أف تضحك حىت تستلقي)‪ ،‬ذلك‬
‫ككبن خركج للتشميس ساعةن من النهار اقًتب مٍت السجُت‪ ،‬كىو عظيم‬
‫اعبسم جدا‪ ،‬كأخرج رل رزمة‪ ،‬خالؿ اػبركج إذل الساحة‪ ،‬كقاؿ رل‪:‬‬
‫«حشيش»‪ ،‬بلعربية‪ ،‬فاسم حشيش ال هبهلو يذباره يف بريطانيا كلها‪ ،‬بل‬
‫يسموف مكاف التحشيش‪« :‬بَتكت»‪ ،‬كلكم أف تعرفوا السبب‪.‬‬
‫قلت لو‪« :‬أان ال أدخن»‪.‬‬
‫كانتهى األمر‪.‬‬
‫كانت صحبيت يف ساحة التشميس أايـ كجودم يف ىذه «الوحدة» مع‬
‫و‬
‫فرد من «اعبيش األيرلندم اغبقيقي» ‪-‬كما يسموف أنفسهم‪ -‬كسأشرح‬
‫صديقا غببييب رشيد رمدة‬
‫ن‬ ‫آخر كاف‬
‫كمن ىذا التنظيم‪ ،‬كرجل ى‬
‫حارل معو‪ ،‬ى‬

‫‪044‬‬
‫خالؿ كجوده يف ىذه «الوحدة»‪ ،‬كاليت بق ىي فيها سنوات عديدة‪ ،‬تزيد عن‬
‫الثالث سنوات‪ ،‬كىو أمر قاس جدا‪.‬‬

‫كما زاؿ العرض مستمرا إف شاء هللا‪.‬‬

‫‪045‬‬
‫(‪)3‬‬

‫قضط وع غري وسمىني يف السجو الربيطاني (‪)2‬‬

‫كاؼبغناطيس اقبذب إرل شاب أيرلندم خالؿ ساعة التشميس‪ ،‬كقد‬


‫كاف معي يف «الوحدة»‪ ،‬كآخر كذلك من «اعبيش األيرلندم اغبقيقي»‪،‬‬
‫كنبا ‪-‬مع غَتنبا‪ -‬يف السجن الهتامهما بزرع قنبلة عند الػ«‪( »BBC‬اإلذاعة‬
‫الربيطانية)‪.‬‬
‫الش ٍن فً ٍن) عدـ زرع‬
‫للذكر؛ فإف من أسلوب «اعبيش األيرلندم» ( ً‬
‫موقفا سياسيا‪ ،‬كلتبليغ اغبكومة الربيطانية‬
‫القنابل للقتل‪ ،‬فهم يضعوهنا ن‬
‫برسائلهم‪ ،‬كأهنم قادركف على اإليذاء‪.‬‬
‫كال بيد من ذكر سبب كجود «اعبيش األيرلندم اغبقيقي» ‪-‬كما ظبوا‬
‫أنفسهم‪ -‬بعد ما يًظبٌ ىي بػ«اعبمعة العظيمة»‪ ،‬كاليت يكقًٌع فيها اتفاؽ سالـ بُت‬
‫الش ٍن فً ٍن»‪ ،‬كقائده جَتم آدامز‪ ،‬كىو رجل‬ ‫حكومة بريطانيا كحزب « ً‬

‫ذكي‪ ،‬لكن رفضت اغبكومة الربيطانية التعامل معو‪ ،‬فوقعت االتفاقية مع‬
‫انئبو‪.‬‬

‫‪046‬‬
‫ىذا االتفاؽ حدثٍت عنو كعن أسراره لورد بريطاين‪ ،‬كىو أيرلندم كحدكم‬
‫(يعٍت بركتستانيت‪ ،‬كمؤيد بقاء أيرلندا الشمالية لمن بريطانيا العظمى كما‬
‫تسمى)‪ ،‬كىذا اللورد زارين يف السجن (لونغ الرتن‪ ،‬مشاؿ لندف)‪ ،‬كجلسنا‬
‫ساعات كىو وبدثٍت عن غرائب االتفاؽ‪ ،‬ككيف بدأ من زمن جوف ميجر‬
‫حىت انتهى بلتوقيع زمن توين بلَت‪ ،‬كقد استفدت عجائب من فهم العقلية‬
‫اإلنكليزية‪ ،‬كأسرار بعض ساساهتا اػبفية‪ ،‬كىذا اللورد أحد أركاف الوصوؿ‬
‫ؽبذا االتفاؽ‪ ،‬كقد كاف حامل الرسائل بُت األيرلنديُت االنفصاليُت كبُت‬
‫اغبكومة الربيطانية‪.‬‬
‫مث حصل أف زارين بعد ذلك مدير مكتب توين بلَت ؼبدة اثنيت عشرة سنة‬
‫كالذم فتح بعد ذاؾ مركز نشر السالـ بُت الفصائل اؼبقاتلة كحكوماهتم‪،‬‬
‫فحدثٍت القليل عن علمو هبذا االتفاؽ‪ .‬كاف أىم ما قالو اللورد عن سبب‬
‫حصوؿ اتفاؽ السالـ قولو‪ :‬إف كل التقارير األمنية اؼبرسلة لداكننغ سًتيت‬
‫تقرر استحالة القضاء على «اعبيش األيرلندم»‪ ،‬ككذلك أدرؾ األيرلنديوف‬
‫أهنم لن يستطيعوا ربقيق طموحاهتم عن طريق التفجَتات‪ ،‬مث تبٍت الرئيس‬
‫صديقا لتوين بلَت‬
‫ن‬ ‫األمريكي كلنتوف للقضية األيرلندية بقوة‪ ،‬كقد كاف‬
‫بعتبارنبا يسارايف (مش كثَت)‪ ،‬كصداقتو عبَتم آدامز كىو يسارم كذلك‪.‬‬

‫‪047‬‬
‫ؾبحف‪،‬‬
‫ه‬ ‫اتفاؽ‬
‫اؼبهم‪ ،‬بعد اتفاؽ السالـ ىذا شعر بعض األيرلنديُت أنو ه‬
‫فلم يقبلوه‪ ،‬فانفصلوا ككونوا‪« :‬اعبيش األيرلندم اغبقيقي» (ليست‬
‫بدعا يف ىذا األمر‪ ،‬بل سنة جارية)‪.‬‬
‫التنظيمات اإلسالمية ن‬

‫للعلم‪ ،‬يف أسابيعي األخَتة قبل ترحيلي إذل األردف كلعت يف «الوحدة»‬
‫شديدة اغبراسة يف بلمارش‪ ،‬كأيحضر انئب يف الربؼباف األيرلندم ليكوف‬
‫رفيقي يف «الوحدة»‪ ،‬كىو رجل عجوز‪ ،‬كتعل ىق يب ن‬
‫تعلقا عجيبنا‪ ،‬كعندما‬
‫أخذت من «الوحدة» للعزؿ آخر يوـ لتسفَتم جاء يعانقٍت كيبكي‪ ،‬ككاف‬
‫حراس السجن يف حالة صدمة من موقفو ىذا‪.‬‬

‫ت ‪:‬‬ ‫جُ أل‬ ‫أذك هم‬


‫سبب إحضاره لسجن بلمارش‪ :‬اهتامو قبل سنوات طويلة بقتل ثالثة‬
‫خيوؿ كشرطيُت بريطانيُت كسط لندف‪ ،‬كيف حديقة «ىايد برؾ»‪،‬‬
‫كصدقوين أف خيوؿ الشرطة ىناؾ أىم من الشرطة‪ ،‬كقد حدث أنو ً‬
‫قدـ‬
‫ألحد مطارات انكلًتا ليسافر لفرنسا‪ ،‬فهو اتجر ؿبار‪ ،‬يزرعو يف أيرلندا‬
‫كيبيعو لفرنسا‪ ،‬فالربيطانيوف ال وببونو‪ ،‬كىو شهي عند الفرنسيُت‪ ،‬كقد‬
‫سقطت عنو التهم هبذا االتفاؽ اؼبذكور‪ ،‬كمع ذلك فلحقد الشرطة عليو دل‬

‫‪048‬‬
‫يساؿبوه فسجنوه‪ ،‬مث خرج أبمر القالي بعد سفرم كما أخربتٍت ؿبامييت‬
‫بعد ذلك لىما زارتٍت ىنا يف األردف يف سجن اؼبوقر‪.‬‬
‫ىذ ا الرجل حدثٍت عن ىذا االتفاؽ بستفالة‪ ،‬كشرح رل رؤيتو لػ«اعبيش‬
‫األيرلندم اغبقيقي»‪ ،‬كقد تعلمت أف أظبع من كل األطراؼ‪.‬‬
‫كنت أريد شرح موقف الشباب األيرلنديُت لنا كلطريقة عمل اجملاىدين‬
‫يف فلسطُت كغَتىا‪ ،‬كىناؾ إصباع عند الكاثوليك‪ ،‬غَت الوحدكيُت بتأييدىم‬
‫لنا يف ىذا مع عدـ فهمهم لبعض اؼبمارسات كالعمليات االستشهادية‪،‬‬
‫كلكن جرين الكالـ لغَته‪ ،‬كسنعود إليو إف شاء هللا تعاذل‪.‬‬

‫كما زاؿ العرض مستمرا‪.‬‬

‫‪051‬‬
‫(‪)4‬‬

‫قضط وع غري املسمىني يف السجو الربيطاني (‪)3‬‬

‫كما قلت‪ :‬اقبذب إرل شاب أيرلندم منذ اليوـ األكؿ يف سجن بلمارش‬
‫كيف «الوحدة اػباصة» شديدة اغبراسة ‪-‬كما ييطلىق عليها‪ -‬كىي «كحدةه»‬
‫بينيت ألفراد «اعبيش األيرلندم» خاصة‪ ،‬مث بعد اؼبصاغبة كاالتفاؽ أغلقت‬
‫سباما مث فيتحت على يد أخينا رشيد رمدة كتكاثر اإلخوة عليها‪ ،‬ككاف‬ ‫ن‬
‫يشاركهم فيها أفراد من األكراد‪ ،‬ككلهم بتهمة ذبارة ًٌ‬
‫اؼبخدرات‪ ،‬كمن حزب‬
‫«العماؿ الكردستاين»‪ ،‬كذلك أف مطار ىيثرك ؿبطة للطائرات القادمة من‬
‫أمريكا اعبنوبية‪ ،‬مصدر ًٌ‬
‫اؼبخدرات لًتكيا‪ ،‬فيصاد بعضهم ىناؾ‪ ،‬كذبارة‬
‫ًٌ‬
‫اؼبخدرات من أقول موارد ىذا اغبزب كما يقولوف ىم‪ ،‬كىؤالء األكراد‬
‫بغبوار معهم تىبُت إغبادىم‪ ،‬كبعضهم من النصَتيُت‪ ،‬كدل وبصل بيننا أم‬
‫حوار مهم‪ ،‬كال حديث ذم بؿ‪.‬‬
‫ىذا الشاب األيرلندم كاف مع ثالثة بنفس التهمة‪ ،‬كقد كزعوا إذل‬
‫الحا أف‬
‫آخر يف نفس القسم‪ ،‬كلكن كاف ك ن‬
‫فريقُت‪ ،‬كاف معو كاحد ى‬

‫‪050‬‬
‫اآلخر‪ ،‬ككاف يف الوحدة ينتظر اغبكم‬
‫سبسكا أبيديولوجيتو من ى‬
‫الشاب أكثر ن‬
‫عليو‪.‬‬
‫اقًتب مٍت كبدأ اغبديث من أكلو يسرم بقوة‪ ،‬فقد أبدل أتييده لكل‬
‫أعماؿ اجملاىدين‪ ،‬كتساءؿ‪« :‬ؼباذا أمريكا؟»‪.‬‬
‫كاأليرلنديوف عندىم تصور كالح عن القضية الفلسطينية‪ ،‬كيؤيدكهنا‬
‫بقوة‪ ،‬كدبجرد أف ربدث األيرلندم الكاثوليكي غَت الوحدكم (االنفصارل)‬
‫عن قضيتك حىت يكملها بواقعو كما رأكه من اإلنكليز ىناؾ‪ ،‬فاألدل‬
‫يتعاطف‪.‬‬
‫ىم ال وبملوف إرناث سيئنا عن أمريكا‪ ،‬بل ىي عندىم كاغبديقة اػبلفية‪،‬‬
‫ً‬
‫فما من أيرلندم إال كلو قريب يف أمريكا‪ ،‬كلذلك كاف التساؤؿ‪« :‬دلى‬
‫أمريكا؟»‪.‬‬
‫مفهوما‪.‬‬
‫ن‬ ‫سهال‬
‫كاف اغبديث حوؿ ىذا ن‬
‫متحَتا حوؿ‬
‫ن‬ ‫بقي ييقلًٌب بصره‬
‫لكن ما كقف عنده‪ ،‬كدل يفهمو‪ ،‬بل ن‬
‫العمليات االستشهادية‪ ،‬فقد قاؿ كلمة كالحة‪« :‬كل شيء أفهمو منكم‬
‫إال ىذا العمل!»‪.‬‬

‫‪051‬‬
‫اؼبعلوـ أف ىذا التساؤؿ كاف قديبنا عندىم أايـ نشاط «ضباس» قديبنا فيو‪،‬‬
‫كفعلو‪ ،‬كاحتاج اؼبرء لقدر كبَت من العقالنية كفهم اإلطار العقلي عنده‬
‫ليشرح لو األمر‪.‬‬
‫يصا يف اغبوار أف أيظهر مولوع اإليباف‪ ،‬كالدار اآلخرة‪ ،‬فهي‬
‫كنت حر ن‬
‫قضية لو فهمت ربل كل اإلشكاؿ يف تفهمها‪ ،‬حىت لو خالفها‪ ،‬كلكن‬
‫«اعبيش األيرلندم» يف عمومو كافر بلكنيسة؛ أقوؿ الكنيسة ككرىها مع‬
‫كاثوليكيتهم قاسم مشًتؾ‪ ،‬فما أف تفتح معهم مولوع اإليباف بلدين حىت‬
‫يقفز من أفواىهم ألف كلمة حوؿ فساد الكنيسة كالقسيسُت‪ ،‬كخاصة‬
‫التحرش يف األطفاؿ‪ ،‬ككلمة «التحرش» كلمة ـبففة ألف مرة بكل فبيعات‬
‫األرض‪.‬‬
‫مك ‪ :‬يف كل حوارايت مع اإلنكليز كغَتىم حوؿ الدين يربز كفرىم‬
‫بألدايف كلها ال اإلسالـ فقط‪ ،‬كبعض األسباب متعلق بتاريخ الدين‬
‫عندىم‪ ،‬كسلوؾ رجالو‪ ،‬كبكرىهم سيطرة غَتىم عليهم‪ ،‬حىت لو كاف اإللو‬
‫نفسو‪ ،‬كىم ىبتلط لديهم‪ :‬هللا كالكنيسة كرجل الدين‪.‬‬
‫صادـ كرة كبَتة‪ ،‬كلكن انتهى كالمو‬
‫اؼبهم‪ ،‬فإف مولوع اإليباف بآلخرة ى‬
‫لركرة أبنو يبكن فهمو‪.‬‬
‫ن‬ ‫حوؿ العمليات االستشهادية إف‬

‫‪052‬‬
‫فبا ينبغي ذكره ىنا‪ ،‬كىو أف ىذا الشاب كصديقو كاان أكؿ ىمن أدخال‬
‫على زنزانيت بعض ما يتسلى بو يف «اليونًت ‪ -‬الوحدة»‪ ،‬فقد قيبض علي‬
‫دبالبسي‪ ،‬كدكف أم مبلغ مارل‪ ،‬فلما فتحت الزانزين ألخذ الطعاـ قاما‬

‫إبحضار السكر كالشام كبعض البسكوت‪ ،‬كىي أشياء يسَتة لكنها يم ًٌ‬
‫عربةه‬
‫عن التعاطف‪.‬‬

‫ِن‪ :‬كىو أف أفراد «اعبيش األيرلندم» ىم ىمن ىعرؼ رشيد‬ ‫و َل‬


‫رمدة على ؿباميتنا العمالقة غاريث بَتس‪ ،‬ىذه اؼبرأة العجيبة‪ ،‬كاليت دمعت‬
‫كثَتا كأان أدعوىا لإلسالـ‪ ،‬كأدعو هللا ؽبا أف تيسلم‪ ،‬فهي عمالقة يف‬
‫عينام ن‬
‫سَتة النيب ﷺ‪،‬‬
‫أت ى‬ ‫عملها‪ ،‬كيف ًصدقها معنا‪ ،‬كيف أخالقها كصربىا‪ ،‬كقد قر ٍ‬
‫ككانت آخر زايرة ؽبا يف بلمارش يوـ التسفَت أف دمعت عيٍت كأان أدعوىا‬
‫للتوحيد‪ ،‬فدمعت عينها قائلة‪« :‬اي يع ىمر‪ ،‬أان دل أكن مع دين كاؼبسيحية‬
‫امرأة جيدة‪ ،‬فكيف أكوف جيدة مع اإلسالـ العظيم!»‪.‬‬
‫دل أستطع سول القوؿ ؽبا‪« :‬أسلمي بال صوـ فأنت مريضة‪ ،‬كاؼبسلموف‬
‫يدفعوف عنك الكفارة‪ ،‬كبال زكاة فلست غنية‪ ،‬كهللا ي ً‬
‫عينك على الصالة»‪،‬‬‫ي‬
‫ﱩﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬ ‫كعلمت حينها قولو تعاذل‪:‬‬
‫ي‬ ‫فصمتت‪،‬‬
‫[القصص‪.]ٓٔ :‬‬ ‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﱨ‬
‫‪053‬‬
‫ىذه اؼبرأة اؼبيحامية الكبَتة ىم ىمن اتصلوا هبا كطلبوا منها التوكيل عن‬
‫رشيد رمدة‪ ،‬فقد أى ىحب أفراد «اعبيش األيرلندم» أخاان رشيد رمدة حبا‬
‫كبقي القارئ العابد رشيد رمدة إذل يومنا‬
‫أسطوراي‪ ،‬مث خرجوا ىم بؼبصاغبة ى‬
‫ىذا يف السجن‪ ،‬حيث رحل إذل فرنسا‪ ،‬كانتهت ؿبكوميتو من سنُت‪،‬‬
‫يبكث يف أراليها‪.‬‬
‫فض أف ى‬
‫كلكن ال توجد دكلةه تقبل بو‪ ،‬كفرنسا تر ي‬
‫اؼبهم‪ ،‬ىعرؼ ىؤالء األفراد من «اعبيش األيرلندم» ن‬
‫رشيدا على غاريث‬
‫اؼبيحامية‪ ،‬فاتصلت يب‪ ،‬كطلبتٍت عندىا يف اؼبكتب‪ ،‬كحدثتٍت عن قضية‬
‫رشيد‪ ،‬كىكذا بدأت سَتتنا مع ىذه احملامية‪ ،‬كأما ثقة األيرلنديُت بغاريث‬
‫فيلما سينمائيا‪ ،‬الطرت فيها غاريث‬ ‫ت‬ ‫ل‬
‫ى‬ ‫فتلك قصة أسطورية كبَتة‪ ،‬س ً‬
‫ج‬
‫ن‬ ‫ٌ‬ ‫ي‬
‫أف تسرؽ كثيقة من ىاؼبحكمة لتثبت كذب الشرطة لد مساجُت أيرلنديُت‬
‫ظلم ا سنوات طويلة‪ ،‬يف قصة عجيبة‪ ،‬كقد قالت اؼبمثلة اليت أدت‬ ‫سجنوا ن‬
‫دكر غاريث أهنا سرقت حقيبتها لتمثل الدكر ًحبىرفية‪.‬‬
‫أصبع ىمن عرفها على احًتامها‪ ،‬فادعوا هللا ؽبا بؽبداية‪.‬‬
‫عجيبة غاريث! ى‬
‫مستمرا إف شاء هللا‪.‬‬
‫ن‬ ‫كالعرض ما زاؿ‬

‫‪054‬‬
‫(‪)5‬‬

‫قضط وع غري املسمىني يف السجو الربيطاني (‪)4‬‬

‫يتوافق اليوـ اغبديث عن لقائي بلسجن مع األيرلنديُت مع ما كتبتو من‬


‫«حقائق يف سورة األنعاـ (ٓ)»(ُ)‪ ،‬كإليك الشرح‪:‬‬
‫سجنت أكؿ مرة يف بريطانيا يف مركز الشرطة ؼبدة ثالثة أايـ‪،‬‬
‫ي‬ ‫عندما‬
‫كىذا قبل «ُُ سبتمرب» بسنتُت‪ ،‬كذلك للتحقيق معي بعالقيت مع ؾبموعة‬
‫من الشباب قيبض عليهم يف أؼبانيا‪ ،‬كاهتموىم بعمل لدىم‪ ،‬فوجدكا معهم‬
‫أرقاـ تلفوين فأبلغت السلطات األمنية الربيطانية‪ ،‬فقبض علي كحقق معي‬
‫مث خرجت‪.‬‬
‫خالؿ التحقيق حضرت اؼبيحامية عندم‪ ،‬كطلبت مٍت أف أجيب عن كل‬
‫سؤاؿ يوجو إرل‪« :‬ال تعليق»‪ ،‬حىت لو سئلت عن اظبي‪ ،‬كىو شيءه جديد‬
‫كمن جربو علم صعوبتو‪ ،‬ككاف‬
‫علينا‪ ،‬دل نعهده ال اجتماعيا كال غَت ذلك‪ ،‬ى‬

‫(ُ)‬
‫شرت يف قناة الشيخ يف «تلغراـ»‪.‬‬
‫تدكينات مسلسلة عن سورة «األنعاـ» ني ى‬
‫‪055‬‬
‫ىذا األمر ؿبط تندر بُت اإلخوة لكثرة السقطات فيو‪ ،‬فأحد أحبتنا‪ ،‬كىو‬
‫جزائرم‪ ،‬كأان ىاىنا أىدده‪ :‬لو فتح فمو سأذكر اظبو!‬
‫كاف ىذا األخ عندما يسألونو سؤ ناال يعرفو يقوؿ‪« :‬ال أدرم»‪ ،‬كلكن‬
‫كيلتفت لغاريث‬
‫ي‬ ‫عندما يسألونو سؤ ناال ال يعرفو يقوؿ‪« :‬صدقنا ال أعرفو»‪،‬‬
‫ليقوؿ ؽبا‪« :‬حقا ال أعرفو»‪.‬‬
‫كسبب الصعوبة‪ :‬كيف تقوؿ ؼبن سألك عن اظبك كاتريخ ميالدؾ كما‬
‫اسم زكجتك ال أدرم؟‬
‫اؼبهم‪ ،‬بعد انتهاء التحقيق قاؿ رل معاكف غاريث ككاف وبضر معها‪:‬‬
‫«ربتاجوف لسنوات طويلة حىت تتعلموا ما تعلمو «اعبيش األيرلندم» يف‬
‫التحقيق»‪.‬‬
‫آؼبتٍت لضعفي‪ ،‬لكنها كانت مفيدة جدا‪.‬‬

‫ىناؾ قضيتاف مهمتاف بلنسبة لً ىما تعلمتو منهم‪ ،‬كخاصة ما حدثٍت‬


‫العجوز النائب يف الربؼباف األيرلندم‪ ،‬كخربه متأخر زماين فهو آخر ىمن‬
‫كدعٍت من السجناء قبل ترحيلي إذل األردف‪ ،‬لكن حىت ننتهي من مولوع‬
‫األصدقاء األيرلندينب‪.‬‬

‫‪056‬‬
‫كاف أمر السجناء األيرلنديُت عند التفاكض للصلح مهم جدا‪ ،‬فقد كاف‬
‫للسجناء قرارات كاف من الواجب األخذ هبا‪ ،‬كيرجع القادة السياسيُت ؽبم‪،‬‬
‫كقد أخربين هبا العجوز‪ ،‬كحدثٍت هبا كذلك اغببيب القارئ اغبافظ رشيد‬
‫رمدة هبا‪ ،‬أف سباسك السجناء‪ ،‬كقوهتم كثباهتم كاف من أىم عوامل تقوية‬
‫اؼبفاكض األيرلندم‪ ،‬مث قبوؿ السجناء‪ ،‬كىم ىمن بذؿ كربمل ؼبقررات‬
‫الصلح كاف من أقول عوامل تصديق الناس لفوائد الصلح‪ ،‬كلو رفض‬
‫السجناء الصلح لى ىما كاف‪.‬‬

‫مك ‪ :‬ي‬
‫تعامل االنكليز مع السجناء األيرلنديُت كاف من أقذر ما تتصور‬
‫يف السجن الربيطاين‪ ،‬كلكن ال تصل بذىنك إذل التعذيب البدين‪ ،‬فهذا‬
‫غَت موجود‪ ،‬كلكن ما تتخيلو من سوء اؼبعاملة غَت الضرب كاإليذاء البدين‬
‫فاقد ؼبعٌت اإلنسانية‪ ،‬كىو حقَته يف‬
‫فكلو موجود كحقيقي‪ .‬كاإلنكليزم ه‬
‫كحاقد كاعبمل‪ ،‬كال ييرجى منو عاطفة‪ ،‬كالسياسي كالقالي‬
‫ه‬ ‫األغلب‪،‬‬
‫كالشرطي أكثر من غَتىم يف ىذا‪.‬‬
‫اؼبهم‪ ،‬كاف من فوائد التعارؼ هبم معرفة ىذا األمر‪.‬‬

‫ِن‪ :‬يتخيل بعض ىمن يكتب يف أمر اؼبسلمُت أف «اعبيش‬ ‫َل‬


‫متماسك‪ ،‬كال‬
‫ه‬ ‫األيرلندم» مبوذجي ‪-‬كما يتصوركف الغاز اؼبثارل‪ -‬فهو‬
‫‪057‬‬
‫جد فتيحل اػبالفات بنسيابية كفهم‪ ،‬كلقوهتم األمنية ال‬
‫خالؼ فيو‪ ،‬كإف يك ى‬
‫ىبًتقوف‪ ،‬كىكذا فبا نراه من كالـ البعض حُت يبدأ بقصف التنظيمات‬
‫كاعبماعات اإلسالمية‪.‬‬
‫كىذا كلو ؾبرد خياؿ‪ ،‬فقد كاف العمالء ينغلوف فيهم‪ ،‬كيسقطوف يف‬
‫حبائل اإلنكليز‪ ،‬بل اكتشف أف أحد القادة العسكريُت كمن الصف األكؿ‬
‫عميال‪ ،‬كقد قتلوه‪ ،‬كدل تدافع عنو اغبكومة الربيطانية بكلمة!‬
‫كاف ن‬
‫كإذا كجدت عمليات انجحة فاآلالؼ منها دل تنجح بسبب العمالء‪،‬‬
‫ليعها عميل‬ ‫كمن أشهر العمليات الفاشلة ؿباكلة قتل ً‬
‫مارغرت اتتشر‪ ،‬فقد ى‬
‫سرم بينهم‪.‬‬
‫القصد أف «اعبيش األيرلندم» بذكاء رجالو دل يكن يرل ظاىرة العمالء‬
‫سببنا لفك التنظيم‪ ،‬كالولولة اليت تدمر النفوس‪ ،‬بل تعاملوا معها قضيةن‬
‫إنسانية‪ ،‬ىي عندان أشبو بظاىرة الردة‪ ،‬ال يبكن كقفها قدراي‪.‬‬
‫كأما الفساد الداخلي يف قضااي أخرل فموجودة‪ ،‬كال لركرة لتفصيلها‬
‫ىنا‪ ،‬فهي شيءه بشرم مفهوـ‪.‬‬

‫العرض مستمر إف شاء هللا تعاذل‪.‬‬


‫ك ي‬

‫‪058‬‬
‫(‪)6‬‬

‫قضط وع غري املسمىني يف السجو الربيطاني (‪)5‬‬

‫فوجئت خبرب كأان يف زنزانيت االنفرادية يف «لونغ الرتن»‪ ،‬داخل «الوحدة»‬


‫شديدة اغبراسة مع إخواين خبرب اختطاؼ الصحفي الربيطاين‬
‫(االسكتلندم) آالف جونسوف يف غزة‪ ،‬ككاف ىذا ليس شيئنا مفاجئنا لكثرة‬
‫متهاداي بال اىتماـ من أحد معي يف السجن‪،‬‬
‫ن‬ ‫كمر اػبرب‬
‫مثل ىذه الوقائع‪ ،‬ى‬
‫كلكن فجأة قفز اظبي لإلعالـ‪ ،‬حيث طالب اؼبختطفوف إطالؽ سراحي‬
‫مقابل آالف جونسوف‪ ،‬كىو شيء فاجأين كفاجأ كل ىمن معي‪ ،‬كدل أعلم‬
‫كمن أان عندىم‪ .‬كىذه قضية ظبعت‬ ‫شيئنا كحىت اآلف عن اعبهة اػباطفة‪ ،‬ى‬
‫عنها الكثَت خالؿ اؼبفاكلات كبعد انتهائها‪ ،‬فيها عجائب‪ .‬كالولع اآلف‬
‫ال يسمح بقوؿ كل ما كصلٍت عنها‪ ،‬كتدخل بعض الدكؿ إلطالؽ سراح‬
‫بعض ىمن ع ندىم مقابل الصحفي آالف جونسوف ربت طلب اغبكومة‬
‫الربيطانية‪ ،‬بل كصلٍت معلومات من تدخل بعض التنظيمات اإلسالمية‬
‫مانعُت استجابة اغبكومة الربيطانية من استجابة طلب اػباطفُت ليكوف ؽبم‬
‫فضل إطالؽ سراح الصحفي‪ ،‬كقد زارين كاحد من قيادة ىذا التنظيم‪،‬‬
‫‪061‬‬
‫مسه نال لو اػبركج من بلده مع صعوبتو‪ ،‬مث سفره لربيطانيا‪ ،‬مث دخولو عندم‬
‫ى‬
‫السجن ليطلب مٍت توجيو كلمة للخاطفُت أف يطلقوا سراح الصحفي‪ ،‬كال‬
‫ييقحموين يف قضيتهم‪.‬‬
‫عملت اغبكومة الربيطانية جهدىا معي لتوجيو رسالة معلنة يف اإلعالـ‬
‫هبذا الطلب‪ ،‬كدل أستجب ألسباب كثَتة مع يقيٍت أف اغبكومة الربيطانية لن‬
‫تستجيب لطلب اػباطفُت‪ ،‬كىذه سياسة بريطانية‪ ،‬يبكن أف زبرـ يف‬
‫ظركؼ‪ ،‬كلكن إذل اآلف ال يوجد حادثة كاحدة استجابىت فيها اغبكومة‬
‫الربيطانية ػباطفُت‪ ،‬كلىما ذىب األمَت الربيطاين كىو الثالث يف ترتيب‬
‫لما وباكي اختطافو‪،‬‬ ‫ً‬
‫العرش الربيطاين كاؼبسمى ىنرم إذل أفغانستاف‪ ،‬مثلوا ف ن‬
‫كطلب اجملاىدكف األفغاف مطالب‪ ،‬كاف الفلم وبكي السياسة الربيطانية‪،‬‬
‫ككاف الرد بلرفض‪ ،‬كىذا كنت أفهمو‪ ،‬كلذلك كانت طلبايت منهم خالؿ‬
‫الزايرات مطالب خفيفة‪ ،‬ليس منها كاحدة تطالب إطالؽ سراحي‪ ،‬كأغلبها‬
‫زبص اإلخوة اآلخرين معي يف «الوحدة»‪ ،‬كليس منها إال مطالب خفية‬
‫مثال دكف تسفَتىم ألمريكا‪.‬‬
‫كمحاكمتهم يف بريطانيا ن‬
‫كانت أماين بعض اإلخوة عالية يف ىذا‪ ،‬كلكن ليس ىذا كلو سبب‬
‫رفض طلب الزائر من فلسطُت‪ ،‬كال رد طلب أمو اليت كجهت رل رسالة‬

‫‪060‬‬
‫مكتوبة ترجوين فيها اؼبساعدة يف إطالؽ سراح ابنها‪ ،‬كلكن كانت ىذه‬
‫األسباب‪:‬‬
‫ً‬
‫أوً ‪ :‬اعتقدت أين إف فعلت سأخيٌ ي‬
‫ب ظن ىمن أراد مساعديت كالتضامن‬
‫دينيا معي‪ ،‬مع أين ال أعرفهم‪ ،‬كلكن ىؤالء اقتحموا عقبةن خطَتة من‬
‫خذالان مٍت‬
‫ن‬ ‫أجلي‪ ،‬فلن أخذؽبم‪ ،‬كأم و‬
‫طلب مٍت ؽبم يف إطالؽ سراحو يػي ىعد‬
‫ؽبم‪ ،‬كلن أفعل‪.‬‬
‫نيً ‪ :‬كنت قد كجهت رسالة سابقة إلطالؽ سراح قس بركتستانيت‬
‫خطف يف العراؽ بتوجيو من أحد إخواين معي‪ ،‬كبنصيحة ؾبموعة منهم‪،‬‬
‫قبيح كحقَته‪ ،‬فلم أي ًرد إعادة‬
‫ككاف رد الصحافة الربيطانية على ىذا الطلب ه‬
‫التجربة‪.‬‬
‫ً ‪ :‬كاف اؼبفاكلوف رل من كزارة اػبارجية‪ ،‬ككهللا دبجرد اعبلوس معهم‬
‫أصاب حبالة من الغضب اليت تثَت عندم عليهم كل مشاعر اغبقد‬
‫كالغضب‪ ،‬فلو سألوين أف أقوؿ «ال إلو إال هللا» لى ىما قلتها أمامهم كبسبب‬
‫طلبهم!‬
‫ر ًبع ‪ :‬كنت كلما ًملت أف أهني ىذه القصة فألُت بيٍت كبُت نفسي‬
‫أكاجو أبحبة رل يرفضوف تقدمي كلمة كاحدة تساعد الربيطانيُت‪ ،‬كيشدكف‬

‫‪061‬‬
‫أثق إبخواين‪ ،‬كال أرد ؽبم طلبنا كلو‬
‫علي يف ىذا بقوة‪ ،‬كأان يف ىذه األبواب ي‬
‫على اؼبوت‪.‬‬
‫ؿبامييت دل تشأ أف ًٌ‬
‫تقدـ رل أم نصيحة يف ىذا األمر ككقفت على‬
‫اغبياد‪.‬‬
‫كثَتا ليس‬
‫كالما ن‬
‫كظبعت ن‬
‫ي‬ ‫فجأة انتهت القضية‪ ،‬كأطلق سراح الصحفي‪،‬‬
‫ن‬
‫عندم منو على التحقيق شيء أجزـ بو‪.‬‬
‫لت ليومي ىذا أنساه‪ ،‬كأفرح أين أنساه‪ ،‬كأسأؿ‬
‫تعلمت شيئنا ما ز ي‬
‫ي‬ ‫كلكٍت‬
‫قيت‬
‫ب التنظيمات اإلسالمية ىم ه‬
‫هللا تعاذل أف أنساه ليوـ فبايت‪ ،‬كىو أف تعص ى‬
‫كفاسد‪ ،‬كأهنا ال تتمٌت اػبَت إال لنفسها‪ ،‬كمستعدة للتضحية دبصاحل‬
‫ه‬
‫للمسلمُت أماـ مصاغبها‪ ،‬كألين ال أحب ذكر مثالب اؼبسلمُت‪ ،‬كذكر‬
‫غبكيت قصة مناشديت يف إطالؽ القس‬
‫ي‬ ‫قصص غرائبهم يف تعصبهم القبيح‬
‫الربيطاين يف بغداد‪ ،‬كماذا أخر ىج بعضهم كعلى اإلعالـ من قيح يف ىذا‬
‫الباب‪ ،‬أقصد بعض قادة التنظيمات اإلسالمية‪ ،‬كهللا يرضبنا‪.‬‬

‫‪062‬‬
‫(‪)7‬‬

‫قضط وع غري املسمىني يف السجو الربيطاني (‪)6‬‬

‫يوجد حديث اآلف عن عمل اؼبنظمات اؼبافياكية (نسبة للمافيا‪ ،‬اؼبنطمة‬


‫اؼبعركفة) يف بعض اؼبىحطات‪ ،‬كجهودىم يف توزيع اؼبساعدات على الناس‬
‫يف إيطاليا‪ ،‬كقد حدث أف عاشرت رجلُت من اؼبافيا يف السجوف الربيطانية‪،‬‬
‫ككالنبا دمث األخالؽ‪ ،‬عجيب يف تعاملو‪ ،‬صادؽ يف صداقتو‪ ،‬ىبدـ‬
‫صديقو كيساعده أبعجب ما تعلم‪.‬‬
‫عندما دخلت سجن بلمارش‪ ،‬كىو أكؿ سجن أدخل فيو ىناؾ‪،‬‬
‫كانتقلت من «الوحدة شديدة اغبراسة» إذل السجن العادم‪ ،‬كىو سجن لو‬
‫ىمزيتو األمنية‪ ،‬كييعد من السجوف العالية األمن‪ ،‬قابلت حبييب رشيد رمدة‪،‬‬
‫رجال إيطاليا يتعلق قلبو برشيد‪ ،‬كمسجوف مدة طويلة أكثر من‬ ‫كرأيت ن‬
‫طبس سنوات‪ ،‬كقضيتو تتعلق بطلب اغبكومة اإليطالية بتسلمو من‬
‫بريطانيا‪ ،‬كقضية التسليم من بريطانيا إذل أم دكلة أخرل كانت معقدةن‬
‫جدا‪ ،‬مث بعد «ُُ سبتمرب» صارت سهلة جدا‪ ،‬كلذلك مكث رشيد ن‬
‫مثال‬
‫ُُ سنة ليسلم إذل فرنسا‪ ،‬كلكن مت االتفاؽ بُت بريطانيا كأمريكا على أمور‬
‫‪063‬‬
‫ال تعدك إجرائية لعملية تسليم ىمن يطلب من أمريكا‪ ،‬يفَتحل خالؿ مدة‬
‫قصَتة جدا‪ ،‬ككذلك بُت األكركبيُت‪.‬‬
‫صبيعا من اؼبسلمُت‪ ،‬فبن‬
‫صديقا لنا ن‬
‫ن‬ ‫اؼبهم أف صديق رشيد اإليطارل كاف‬
‫قيبض عليهم لًتحيلهم كمنهم أان‪.‬‬
‫ظهرا على العاملُت من السجناء يف‬
‫كاف فبا تسمعو كقت اإلغالؽ ن‬
‫مناداي من زنزانتو‪« :‬أميغو»‪،‬‬
‫اخا من ىذا اإليطارل لرشيد رمدة ن‬
‫السجن صر ن‬
‫أم صديقي اغببيب الغارل‪.‬‬
‫فَتد عليو رشيد‪« :‬أميغو»‪.‬‬
‫كىذا يف كل يوـ‪ ،‬ككأنو اتفاؽ ال بيد من أدائو‪.‬‬
‫ىذا اإليطارل كاف قد أسلم‪ ،‬كلكنو كجد أف البوذية أسهل يف األداء!‬
‫شره يف ىذا الباب أف صار داعينا‬‫فىػتىػرىؾ اإلسالـ كربوؿ للبوذية‪ ،‬ككاف من ًٌ‬
‫ى‬
‫تعب بعض اإلخوة‪ ،‬كقد التزـ بلبوذية‪ ،‬كىم‬
‫للبوذية بُت السجناء فبا كاف يي ي‬
‫وببوف ىذه الداينة لًما تزعم من و‬
‫سالـ داخلي ؼبن اتبعها‪ ،‬كخاصةن أف الكثَت‬ ‫ى ي‬
‫منهم قتلة ؾبرموف فيسعوف للتحلل من ىذه النفس اإلجرامية‪ .‬كاف ىذا‬
‫اإليطارل ‪-‬كالذم يسلًٌم إليطاليا بعد ذلك‪ -‬ال يى ىكل عن خدمة الشباب يف‬

‫‪064‬‬
‫عامال داخل السجن‪ ،‬كعملو كاف صناعة‬
‫السجن ما استطاع‪ ،‬ألنو كاف ن‬
‫القهوة للسجانُت‪ ،‬فهو كأغلب اإليطاليُت اعبنوبيُت يوبسن صناعتها‪.‬‬
‫كاف جهده معي ؿباكلة تغيَت صورة اؼبافياكم اليت أضبلها من خالؿ قصة‬
‫كىي الصورة النمطية اؼبشهورة عنهم‪ ،‬فكاف‬ ‫[‪]The Godfather‬‬ ‫العراب‬
‫ييصر على كجود صورة أخرل‪ ،‬لكن يبقى القتل ظبة ال يبكن إنكارىا‪،‬‬
‫كخاصة لد اؼبنشقُت عنهم‪ ،‬كقد اعًتؼ ىو هبذا الفعل منو‪ ،‬كأبعداد‬
‫مذىلة‪ ،‬كلو أتملت تعاملو كشكلو كطريقة تصرفاتو لى ىما ظننت فيو أف يقدر‬
‫أبدا بؼبظاىر!‬
‫إيذاء ذببة‪ ،‬لكن ال تغًت ن‬
‫دائما أف اإليطارل اعبنويب يشبو يف سلوكو اغبيايت بلشرقي‪ ،‬حىت‬
‫تذكر ن‬
‫يف تصرفاتو من كرـ كإخالص لصديق‪ ،‬كىكذا كانت اؼبافيا يف اعبنوب من‬
‫إيطاليا‪ ،‬كقد رأيت ىذا يف ىذا الشخص كيف اآلخر الذم أحضر إلينا يف‬
‫غدا إف شاء‬
‫سجن لونغ الرتن عقوبةن لو‪ ،‬كسأحكي عنو يف اعبزء الثاين ىنا ن‬
‫هللا‪.‬‬
‫احدا‬
‫رجال ك ن‬ ‫مك ‪ :‬دل أقابل يف السجن أم بريطاين أبيض ن‬
‫مسلما إال ن‬
‫كقد أتكلم عنو لبعض الفائدة‪ ،‬كىو آخر ىمن قي ًد ىر على اؽبرب من سجن‬

‫‪065‬‬
‫بريطاين عارل األمن‪ ،‬كأما السود كغَتىم فهم كثر‪ ،‬كقابلت شاب من صباعة‬
‫«إيتا» االنفصالية‪ ،‬كسأربدث عنو فيما أييت إف شاء هللا تعاذل‪.‬‬

‫‪066‬‬
‫(‪)8‬‬

‫اخلياه واملدازك العقمية‬


‫كم أسبٌت لو أين أملك تصورات اغبداد كالنجار يف خياؽبم العجيب‪،‬‬
‫كذلك بنظرىم للخشبة كاغبديدة يف كلعها األكؿ‪ ،‬مث ىم بذكاء غريب‬
‫و‬
‫كبتصور فسيح يذىباف إذل تشكيلها على صورة من اعبماؿ كالذكاء على‬
‫شكل جديد‪.‬‬
‫حصل أف حاكلت تعلم النجارة‪ ،‬كأتقنت فنوهنا بسرعة‪ ،‬لكن أدركت‬
‫فقرم يف تصور النجار كاغبداد‪ ،‬كأظن أف ذلك ىو أيس ىذا الفن ؼبن أراده‬
‫على كجو حقيقي ال ؾبرد الكسب فقط‪.‬‬
‫كاف أخوان خالد الفواز النجدم كالذم يسلًٌم من بريطانيا إذل أمريكا‬
‫خياال‬
‫كحكم مئات السنُت إف دل يكن ألوفها يف سجوف أمريكا يبلك ن‬
‫عجيبنا يف صناعة األشكاؿ كاؽبياكل‪ ،‬كقد ىعلم كل ىمن معنا يف «الوحدة»‬
‫صناعة األشكاؿ اعبميلة من عيداف الكربيت‪ ،‬كالوحيد الذم رفض كلع‬
‫يده يف ىذا األمر ىو أان‪ ،‬فكم رجاين أف أفعل كأان أرفض بقوة‪ ،‬مع أف ىذا‬

‫‪067‬‬
‫كتاب قط‪ ،‬حىت الكتب‬
‫األخ الشيخ اعًتؼ رل كلغَتم أنو يف حياتو دل يقرأ ن‬
‫عامال يف أرامكو‪ ،‬فك هللا أسره‬
‫اؼبدرسية‪ ،‬كىو خريج كلية اؽبندسة‪ ،‬ككاف ن‬
‫أسر إخواننا‪.‬‬
‫ك ى‬
‫أف هبمع اؼبرء بُت خياؿ اؼبهنة كالصناعة‪ ،‬كمدارؾ العقليات اجملردة أمر‬
‫القراء تذكير ىمن صبع الفنُت من‬
‫صعب‪ .‬كقد كجد ىمن صبع ىذا‪ .‬على ي‬
‫العلماء‪.‬‬

‫‪068‬‬
‫(‪)9‬‬

‫حفن يف الفاتيكاى لتهضيب واكسوى كايها كاثوليكيا‬

‫ىناؾ خرباف قبل التعليق اليسَت على ىذا اػبرب (إف صح)‪:‬‬
‫َلو ‪ :‬كأان يف السجن الربيطاين زارين شخصاف من الػ«‪ ،»MI5‬علمت‬
‫بعد انتهاء اعبلسة أهنا جلسة تقييم ألفكارم‪ ،‬مع إحضارنبا كتاب‬
‫«مراجعات اعبماعة اإلسالمية اؼبصرية»‪ ،‬كقد ربدثت عن ىذا ن‬
‫سابقا‪ ،‬ككاف‬
‫من ؿباكر اللقاء اغبديث عن تدين توين بلَت‪ ،‬كأان كإذل ىذه اللحظة ال أرل‬
‫حقدا على اإلسالـ‪ ،‬فقد يكوف ىناؾ‬
‫أحدا يف ىذا العصر يفوؽ توين بلَت ن‬
‫ن‬
‫لو مثيل‪ ،‬لكن أف يكوف فوقو فال‪ ،‬كأصررت يف اغبديث معهما على أف‬
‫مصدر حقد توين بلَت مع يساريتو كونو زعيم حزب العماؿ (كىو يف أصلو‬
‫اشًتاكي على طريقة فابيوس)‪ ،‬قلت أصررت أف مصدر حقده ىو تدينو‪،‬‬
‫دخل للتدين يف ذلك‪.‬‬
‫كنبا قد أصرا أنو ىعلماين ال ى‬
‫بعد خركج توين بلَت من دكاننغ سًتيت‪ ،‬كاستقالتو من رائسة الوزراء‬
‫ذىب إذل الفاتيكاف كتعمد كاثوليكيا‪ ،‬ألف أصلو العائلي بركتستٍت كأغلب‬
‫اإلنكليز‪ ،‬كأظهر تدينو كما ىو يف نفسو‪.‬‬
‫‪071‬‬
‫ِن‪ :‬ذكر مستشار توين بلَت اإلعالمي‪ ،‬كىو من دىاقنة اإلعالـ يف‬
‫بريطانيا‪ ،‬كاظبو ألسًت كامبل‪ ،‬أف توين بلَت يف بداية رائستو دخل كنيسةن‬
‫غبضور عمل ديٍت ما‪ ،‬فحذره ىذا اؼبستشار‪ ،‬كقاؿ لو بللفظ‪« :‬إايؾ أف‬
‫سبر جبانب كنيسة قط»‪ ،‬كفسر ذلك أف الشعب الربيطاين شعب يكره‬
‫الدين‪ ،‬كلذلك إف أظهر تدينو سيخسر التأييد‪.‬‬
‫كمن كاف متديننا فيها من‬
‫ىذا كاقع بريطانيا من الدين‪ ،‬كىم بركتستانت‪ ،‬ى‬
‫السياسيُت كتم تدينو‪ ،‬كبريطانيا ىي أكثر البالد نصرة للواط كالشذكذ‪،‬‬
‫كقوانينها يف دعم ىؤالء قوية كظاىرة‪.‬‬
‫يف فرنسا األمر ـبتلف‪ ،‬فالكاثوليكية متجذرة‪ ،‬كقوية‪ ،‬كتدين الشعب‬
‫الفرنسي قريب من تدين الشعب األمريكي (نقوؿ الشعب األمريكي تنزنال‬
‫كإال ىم شذاذ آفاؽ)‪ ،‬أم ىو منتشر كمؤثر‪ ،‬كلذلك تستطيع رؤية سياسة‬
‫الفاتيكاف من خالؿ تصرؼ فرنسا‪.‬‬
‫فهذا اػبرب صح أىـ دل يصح داؿ على حقيقة التدين يف فرنسا‪ ،‬كأهنا‬
‫تتعامل مع نفسها أهنا حامية للدين اؼبسيحي الكاثوليكي‪ ،‬كىي أكثر دكلة‬
‫يف التاريخ حاربت من أجل اغبفاظ على الكثلكة‪.‬‬

‫‪070‬‬
‫الفرنسي معجوف بقيم الكثلكة‪ ،‬كبلعنصرية اغباقدة‪ ،‬كبلتاريخ األسود‪،‬‬
‫العلمانيُت اؼبصريُت)‬
‫كمع كل ىذا يسمي بعض أبناء جلدتنا (كخاصة ى‬
‫بريس ببلد األنوار‪.‬‬

‫‪071‬‬
‫(‪)41‬‬

‫وو تازيخ بيتها اإلمياني‬


‫ىجمت الشرطة كاألمن الربيطاين على بييت بحثُت عن كمية طيبة من‬
‫أخرجتيها من السجن‪ ،‬شديد اغبراسة‪ ،‬كىي‪« :‬صبغة هللا‬ ‫ٍ‬ ‫األكراؽ اليت‬
‫الصمد»‪ ،‬ك«تفسَت سورة اإلسراء»‪ ،‬ك«األنبياء»‪ ،‬ك«الشورل»‪ ،‬ك«الشرح»‪،‬‬
‫كرسائل كثَتة‪ ،‬من ذلك‪« :‬درؾ اؽبدل يف اتباع سبيل الفىت»‪ ،‬ك«القواعد‬
‫األيىكؿ يف صناعة اإلنساف كالدكؿ»‪ ،‬ك«شرح حديث االستعجاؿ»‪ ،‬كغَتىا‪.‬‬
‫كانت ابنيت الغالية الكربل ىي ىمن تقوـ بطباعتها‪ ،‬كقد قي ًٌدر أف ى‬
‫أخذهتا‬
‫صبيع ا معها إذل اؼبدرسة اإلسالمية‪ ،‬فانقسمت الشرطة إذل قسمُت‪ :‬يف‬ ‫ن‬
‫البيت كيف مدرسة ابنيت؛ كأخذكا ابنيت معهم إذل اؼبدرسة لتفتيش خزائنها‬
‫كأشيائها‪.‬‬
‫ذىبوا لبيوت أخرل من أصحابنا كإخواننا‪.‬‬

‫‪072‬‬
‫ىمن دل يشهد تفتيش اإلنكليز ال يعرؼ ما ىو التفتيش‪ ،‬فهم يفتشوف‬
‫نشرا‬ ‫و‬
‫بصرب عجيب‪ ،‬كيقلبوف كل كرقة من الكتاب‪ ،‬كينشركف كل اللباس ن‬
‫اتما‪.‬‬
‫تقوؿ رل ابنيت‪« :‬الشرطة أخرجت صبيع ىمن اؼبدرسة إذل بيوهتم»‪.‬‬
‫كبقيت ابنيت معهم‪ ،‬كمعهم شرطة نسائية‪ ،‬كبدأ التفتيش‪.‬‬
‫مكاان إال ككلعوا يدىم فيو‪ ..‬إال مكاف‬
‫كانت األكراؽ ىناؾ‪ ،‬كدل يًتكوا ن‬
‫األكراؽ‪.‬‬
‫تقوؿ ابنيت‪« :‬دل أترؾ الدعاء بكيةن لدفع شرىم»‪ ،‬كىكذا كاف‪.‬‬
‫جلسوا ساعات طويلة يبحثوف‪ ،‬حىت دخل اؼبغرب‪ ،‬كىم يساكموف البنت‬
‫لتدؽبم على مكاف األكراؽ‪.‬‬
‫يبق إال ابنيت ىناؾ‪ ،‬ككاف ىناؾ موظفوف‬
‫خرجت الشرطة من اؼبدرسة‪ ،‬كدل ى‬
‫من كزارة الداخلية ينتظركف ابنيت لَتجعوىا إذل البيت‪ .‬أخذت ابنيت األكراؽ‪،‬‬
‫ككلعتها يف اغبقيبة‪ ،‬كرجعت هبا يف سيارة كزارة الداخلية إذل البيت‪.‬‬
‫تذكر ابنيت ىذه اغبادثة تضحك من رضبة هللا بنا‪ ،‬كتينشد بيت‬ ‫عندما ي‬
‫الشعر اإليباين ؼبثل ىذا األمر‪:‬‬
‫إَِّ أنَّة ة ة ة ُ ِ ة ة ة ةن بَ ة ة ة ة َ ةِ ُكفة ة ة ة ِ أَ ْنَة ة ة ة ِن‬ ‫َوَة ة ة ة ْ َم ِ َشةة ة ة ِح ِ ة ة ةن تَع ِجيةة ة ة ِ َربِّ ة ة ة‬

‫‪073‬‬
‫صرت أشعر أنو ال يستحق اإلمارة كال القيادة كال دخوؿ اؼبسؤكلية يف‬
‫ي‬
‫زماننا ىمن دل يعش قيد السجن‪.‬‬
‫يف ىذه اللحظات كم من مسلم مظلوـ مسجوف يمقيد يف غرفتو‪ ،‬ييعاين‬
‫الوحدة‪ ،‬كاإلذالؿ كالقهر‪ ،‬ليس لو أنيس إال هللا‪ ،‬كذكرل الدار اآلخرة‪،‬‬
‫كرجاء اغبرية كفك القيد!‬
‫كهللا ال ينساىم إال غافل‪ ،‬فاذكركىم بلدعاء‪ ،‬كاإلحساف إذل أىلهم‪.‬‬
‫احدا من اؼبسلمُت دل ينسو‪،‬‬
‫أسعد اللحظات عند السجُت أف يعلم أف ك ن‬
‫كيذكره بلدعاء كاػبَت‪.‬‬
‫اللهم ً‬
‫أنزؿ على مساجُت اؼبسلمُت اؼبظلومُت لدينهم شآبيب رضبتك‪،‬‬
‫كأنسك‪ ،‬كأفًض عليهم خَت ما تفض على عبادؾ الصاغبُت‪.‬‬

‫‪074‬‬
‫(‪)44‬‬

‫البالء ال يستأنس‬
‫كاف من أكثر الكلمات اؼبؤؼبة اليت كجهت لزكجي كأان يف السجن أف‬
‫امرأة قالت ؽبا‪« :‬أنتم اآلف ال هتتموف ؽبذا السجن‪ ،‬فقد تعودمت»!‬
‫كلمات يربفر يف اللحم كالعظم حىت هتشمهما‪.‬‬
‫ه‬

‫‪075‬‬
‫(‪)42‬‬

‫الشيطاى يمبس جمبابا‬


‫مبكرا أف‬
‫يف صباح يوـ من أايـ سجننا يف لونغ الرتن‪ ،‬أخربان السجانوف ن‬
‫نستعد لالنتقاؿ لسجن آخر‪ ،‬دكف ضبل أم شيء من أمتعتنا إال قطعتُت‪،‬‬
‫كبال فائدة دل نعلم أين االنتقاؿ‪ ،‬كخالؿ ساعتُت كنا كبط رحالنا يف سجن‬
‫مانشسًت‪ ،‬مشاؿ بريطانيا‪ ،‬ككلعنا يف مكاف م ٌو‬
‫عد للعقوبة‪ ،‬يىيًٌئ الستقبالنا‪،‬‬ ‫ي‬
‫فيمن استقبلنا‬
‫كعددان ستة أفراد‪ ،‬كفوجئنا بواحدة تلبس اغبجاب تستقبلنا ى‬
‫صبيعا نتأمل كجهها لعل فيو‬
‫يف ىذا السجن‪ ،‬فهي من إدارتو‪ ،‬كرحنا ن‬
‫مسحة ًطيبة نتقي هبا بعض أؼبنا‪ ،‬ككبصل من خالؽبا بعض مطالبنا‪ ،‬كأما‬
‫طوال‪ ،‬كعبلباهبا فقد ظننت‬
‫أان فلمسحة البياض يف كجهها‪ ،‬كصغر حجمها ن‬
‫أين كقعت على ىملىك رضبة‪ ،‬كأظن أف ىذه مشاعر اعبميع‪ ،‬لكنها كانت‬
‫مظاىر خادعة‪ ،‬فهذه امرأة زعمت أهنا عراقية‪ ،‬كأشك هبذا‪ ،‬كاظبها (ؼ‪،‬‬
‫جلباب‪.‬‬
‫كشيطاان يلبس ن‬
‫ن‬ ‫ع) فقد كانت إبليس يف ثوب امرأة‪،‬‬

‫‪076‬‬
‫كاغبق أين دل أتصور ـبلوقنا هبذه اغبقارة‪ ،‬كامرأة هبذه النفسية اجملرمة‪،‬‬
‫كبيغضها لنا يفوؽ بغض توين بلَت كبوش‪ ،‬كالعجيب أهنا حاصلة على‬
‫الدكتوراه يف علم النفس‪ ،‬كتستطيع التدريس يف اعبامعات‪ ،‬أم ذبنب ىذه‬
‫الوظيفة اغبقَتة‪ ،‬من مراقبتنا‪ ،‬ككتابة التقارير فينا‪ ،‬كعمل دراسات تنفع‬
‫السجاف يف التعامل معنا‪ ،‬ككاف أكؿ غيثها الدموم أف رفضت أف يكوف‬
‫مصلنى خاصا نصلي فيو‪ ،‬مع أننا بعد ذلك طلبنا من مدير السجن ذلك‬
‫فاستجاب ككاف لنا ذلك‪.‬‬
‫احتقارا قبل كل شيء‪،‬‬
‫ن‬ ‫كنت أذبنب رد سالمها علي‪ ،‬كال أنظر إليها‬
‫كمرة كقفت أمامي يف اؼبمر كطلبت مٍت كلمة ألهنا تريد الذىاب إجازة‪،‬‬
‫ن‬
‫فقلت ؽبا من الكالـ ما ييبكي‪ ،‬كييشعر سامعو بلعرؽ كالقهر كىي جامدة‬
‫كاغبجر‪ ،‬ال ربس كال تتأثر‪ ،‬كخوفتها بهلل‪ ،‬فكأنو ماء على صفواف‪.‬‬
‫اف بريطاين رفق بنا‪ ،‬ككم من سج و‬
‫اف حاكؿ أف ال يسيء‬ ‫كم من سج و‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫معاملتو‪ ،‬كلكن ىذه اؼبرأة اجمللببة‪ ،‬كاليت تسمى بسم إسالمي كانت أشد‬
‫علينا من كل عدك‪.‬‬
‫أقوؿ ىذا للذين يفرحوف بتعيُت مسلم أك مسلمة يف مفاصل العمل‬
‫شر علينا من غَتىم‪.‬‬
‫الكفرم يف بالد الكفر كعند الكفار‪ ،‬فمثل ىؤالء ه‬

‫‪077‬‬
‫كانت الشرطة يربضر مًتصبنا عند تفتيش بييت‪ ،‬كآخر اؼبًتصبُت كاف عربيا‬
‫من أصوؿ مسلمة‪ ،‬كاف األحقر كاألكسخ كاألظلم‪ ،‬حىت كاد ابٍت أف‬
‫يضربو لوقاحتو‪ ،‬كذلك لبغضو لنا‪ ،‬كسبحلو يف صناعة السوء كاألذل‪ ،‬مث أييت‬
‫ىمن يقوؿ‪ :‬يسدكا ىذه األعماؿ دبسلمُت حىت ال يبلؤىا اجملرـ‪ ،‬ككأف أعداءان‬
‫دبثل ىذه الغفلة من تعيُت طىيًٌب اػبلق ؼبثل ىذه اؼبفاصل!‬

‫‪078‬‬
‫(‪)43‬‬

‫جتسبة فيًا العظات‬


‫أدرؾ الرجل أف القانوف األخَت الذم شرعو ؾبلس العموـ الربيطاين‬
‫مقصوده ىو‪ ،‬ككذا قاؿ لو أحد أكرب صحفيي اإلنكليز؛ فحاكؿ السفر‬
‫كاػبركج سرا من البالد‪ ،‬كلكن بءت كل ؿباكالت السفر بلفشل‪ ،‬إذ‬
‫كانت آخر ؿباكالتو للسفر جبواز مصنوع ؿبليا مع تغيَت مالمح الصورة‪،‬‬
‫ف أحد الشباب بقطع تذكرة سفر‪.‬‬ ‫ً‬
‫كقد يكلٌ ى‬
‫مؤذان إايه أنو دل يستطع قطع تذكرة السفر‬
‫يف ليلة العيد جاءه الشاب ن‬
‫اؼبطلوبة‪.‬‬
‫أيقن الرجل أف االعتقاؿ قدره يف األايـ القليلة القادمة‪ ،‬فاستسلم كأعد‬
‫نفسو لذلك‪.‬‬
‫بعد صالة العيد كاػبطبة األخَتة يف لندف جاءه صديقو كقاؿ لو‪« :‬هبب‬
‫أف زبتفي!»‪.‬‬

‫‪081‬‬
‫كالرجل قد تعود أف يًتؾ الكثَت من أقداره بال زبطيط منو‪ ،‬بل يقرر عنو‬
‫آخركف؛ فهذا يروبو جدا يف إغالؽ و‬
‫بب أدرؾ أف القدر وبركو فيو أكثر فبا‬ ‫ى‬
‫يتحرؾ ىو فيو إبرادتو‪.‬‬
‫بعد لفة كلفتُت كتركو ألىلو كأكالده الصغار يف حالة تيو بدية على‬
‫صفحات كجوىهم‪ ،‬كىم يتساءلوف‪« :‬أين تذىب؟»‪.‬‬
‫االبن الوحيد الذ ىكر يومها قاؿ‪« :‬أريد أف أذىب معك!» ال يذكر الرجل‬
‫أقاؽبا لو أى ٍـ ألمو!‬
‫بعد و‬
‫لفة أك لفتُت يضبل ىذا الرجل اؼبستسلم ىلق ىدر هللا إذل مدينة أخرل‪،‬‬
‫كليس ىنا بياف ذكرايت تلك الرحلة العجيبة من االختفاء من و‬
‫بلد ييعد فيها‬
‫لرب من اػبياؿ كما ىو يف أذىاف العامة‪ ،‬كلكن تلك‬ ‫اؽبركب من أمنهم ن‬
‫الرجل أف ىؤالء الشباب إف فكركا كانوا أعظم كأقول من‬
‫ى‬ ‫التجربة علمت‬
‫كل خطط اعباىلية‪.‬‬
‫داـ االختفاء عشرة شهور كاملة‪ ،‬كاف آخر اؼبطاؼ يف و‬
‫بيت قريب من‬
‫رائسة الوزراء الربيطاين!‬
‫صدؽ أك ال تصدؽ فهذه اغبقيقة!‬ ‫ًٌ‬

‫‪080‬‬
‫ثقيال على‬
‫تلك الرحلة دل تفشل قط‪ ،‬لكن الرجل شعر أنو صار ن‬
‫الشباب؛ فالقدرات اؼبادية شحيحة‪ ،‬كصار أمر أتمُت بيت لالختفاء صعبنا‬
‫من جهات عدة‪.‬‬
‫صار الرجل يتخفف من األمنيات ككأنو يقوؿ‪ :‬ىا أان‪ ،‬تعالوا فاعتقلوين!‬
‫كىكذا كاف‪.‬‬
‫كمن ظن أف أمر اكتشاؼ الرجل يعود لذكاء إنكليزم فهو غيب بوسم‬ ‫ى‬
‫أكرب من دعاايت الشركات الكبَتة!‬

‫ىنا يذكر الرجل قضية مهمة تعلمها من ىذه الرحلة‪:‬‬


‫أوً ‪ :‬أنصح القائد كالعامل أال يسمح بقًتاب بعض الناس منو يف حياتو‬
‫كلها‪ ،‬كالرجل يقوؿ‪ :‬كأخص بلذكر ىمن ال يرل قيمةن لك‪.‬‬

‫كاف أحدىم يزكر الرجل يف ـببئو‪ ،‬ككاف فبا يؤؼبو من كالمو‪ « :‬ى‬
‫أنت‬
‫كمشيت يف الشارع فلن يتعرلوا لك»‪.‬‬
‫ى‬ ‫خرجت اآلف‬
‫ى‬ ‫لست مهما‪ ،‬كلو‬
‫لوال ًعلم الرجل بعقل ىذا الرجل لى ىما تردد يف اهتاـ نواايه؛ فقد كاف ىذا‬
‫الرجل اؼبختفي يعلم أف األمن الربيطاين دفع لبعضهم اعبنسية كاؼباؿ مقابل‬
‫التعاكف معهم لكشف مكاف الرجل‪.‬‬

‫‪081‬‬
‫صغًٌر من شأنك‪ ،‬ألنو ال يراؾ شيئنا‪ ،‬كيف بيئة اؼبتدينُت الذين‬
‫ىناؾ ىمن يي ى‬
‫خرجوا من الطبقة الدنيا أك الوسطى ىمن وبتقر ذاتو كإخوانو‪.‬‬

‫نصحت بعضهم بعدـ السفر لشدة اغباؿ‬ ‫ي‬ ‫‪ :‬لقد‬ ‫جُ صُ‬
‫بعد أحداث «سبتمرب»‪ ،‬كلكنهم كانوا يقولوف‪ « :‬ىمن كبن؟ كما أنبيتنا؟»‪.‬‬
‫فانتهى هبم اغباؿ إذل سجن غوانتنامو بعد رحلة صيد كربل من قًبل‬
‫اؼبخابرات األمريكية كالربيطانية‪.‬‬
‫ىمن ال يعرؼ قيمة نفسو كإخوانو جاسوس بغباء‪ ،‬فاجتنبو اجتناب‬
‫األعداء‪.‬‬

‫‪:‬‬ ‫جُ كم‬ ‫هم‬ ‫ر‬ ‫ني‬ ‫صيا‬


‫لقد كشفت األحداث قدرة الشباب على العمل‪ ،‬كلكن من قذارات‬
‫عقوؿ بعض الناس اهتاـ ذكائك أنك تعمل لمن خطة العدك كما‬
‫يسموهنا‪ ،‬كىذا يعٍت قوؽبم‪ :‬ىم يعلموف كل شيء! كما أنت إال بيدؽ يف‬
‫لعبتهم اليت وبيطوف هبا!‬
‫ىمن يفكر هبذه الطريقة ىو ىمن اهتم ىذا الرجل خالؿ رحلة طويلة‬
‫ساكمت اؼبخابرات العشرات ليدلوا على الرجل‪ ،‬كدفعت ؽبم ما دفعت‪،‬‬

‫‪082‬‬
‫ككاف فبا قيل من قًبل الصحف الفرنسية إف ىذا الرجل ليس ـبتفينا عن‬
‫عُت اؼبخابرات الربيطانية‪ ،‬كلكنو يعيش يف معسكر للقوات الربيطانية‪ ،‬كأما‬
‫األمريكاف فاستهزؤكا دبخابرات بلد استطاع رجل أف يهزمهم كيف بالدىم‪.‬‬
‫ىمن يفكر هبذه الطريقة فاىرب منو فرارؾ من أعدائك!‬
‫صنعا!‬
‫كثَتكف حولك يقتلوف فيك العمل‪ ،‬كىم وبسبوف أهنم وبسنوف ن‬

‫‪083‬‬
‫(‪)44‬‬

‫أبهاء املسمىني يف الغسب‬


‫كلما أقرأ قصة مؤؼبة حوؿ أبناء اؼبهاجرين إذل بالد الغرب كربوؽبم عن‬
‫دينهم أتذكر ىذه اغبادثة اليت جرت معي‪ ،‬كىي تدؿ على عظم مصيبة‬
‫غياب كقطيعة عن اإلسالـ‪،‬‬
‫اإلقامة يف بالد الغرب‪ ،‬ككيف أف ىذا يورث ن‬
‫فاعبيل األكؿ قد يبتنع عن كل الذكبف يف قيم اعباىلية‪ ،‬لكن اؼبشكلة يف‬
‫األبناء‪.‬‬
‫كقد حفظ هللا أكالدم أبمهم اليت كانت ربرص على األكالد فمنعتهم‬
‫كليا من الذىاب للمدارس اإلنكليزية‪ ،‬ككنت أقوؿ‪:‬‬
‫وف علي من أف ألعهم يف مدرسة‬ ‫أفاع أى ٍى ي‬
‫لىئن أيلقي أكالدم يف يجحر و‬
‫تشددا‪ ،‬كلكن أىلي كانوا يعلموف معاانة‬
‫غربية‪ ،‬ككاف الناس يركف يف ىذا ن‬
‫أسبوعا يف ىذه اؼبدارس‪.‬‬
‫ن‬ ‫األكالد كانقالهبم يف قيمهم دبجرد الدخوؿ كلو‬

‫‪084‬‬
‫اىتماما‪،‬‬
‫ن‬ ‫كلألسف فإف اؼبسلمُت ىناؾ يستهينوف هبذا األمر كال ييعَتكنو‬
‫بل يفرحوف أف أبناءىم يتقنوف لغة أجنبية‪ ،‬كما دركا أف كراء ذلك دمار‬
‫كفساد عظيم‪.‬‬
‫ىذه اغبادثة اليت ذكرهتا حصلت معي يف السجن‪ ،‬حيث كنا نذىب يف‬
‫بداية سجننا مع اؼبساجُت إذل صالة الرايلة ككل اؼبساجُت‪ ،‬مث يمنعنا كليا‬
‫من ذلك يف قصة طويلة‪.‬‬
‫كيعمل‬
‫ي‬ ‫كاف ىناؾ خالؿ سبريٍت شاب مشاغب جدا‪ ،‬كلكنو يتقرب إرل‪،‬‬

‫ًٌ‬
‫الضب كالنوف‪،‬‬ ‫معي بعض اغبركات‪ ،‬ككاف اغبراس ينظركف إذل اجتماع‬
‫فكيف هبتمع ىذا الشيخ مع ىذا اؼبشاغب! كنت أعاملو برفق كإحساف‪.‬‬
‫يوما كقاؿ‪« :‬لقد أسلمت»‪.‬‬
‫جاءين ن‬
‫أىديت لو بعض ما يبكن للسجُت إىدائو‬
‫فرحت جدا‪ ،‬كىللت ككربت ك ي‬
‫ي‬
‫يف خفية عن اغبراس لعدـ قانونية ذلك‪.‬‬
‫كاف فبا فاجأين بقولو‪« :‬أان جدم مسلم‪ ،‬كىو من قبد اعبزيرة‪ ،‬بل ىو‬
‫و‬
‫قاض من قضاة قبد»!‬

‫‪085‬‬
‫قاؿ‪ « :‬تزكج من جديت فولدت اعبدة أمي‪ ،‬ككاف قد تزكج من جديت مث‬
‫طلقها كذىب كدل يػى يعد‪ ،‬كال نعرؼ عنو شيئنا إال ما أخربتنا بو اعبدة‪ ،‬كتعرؼ‬
‫ذلك األـ»‪.‬‬
‫كقد ذكر رل اظبو بطريقة أجنبية‪ ،‬كدل أعد أذكر ذلك‪.‬‬
‫مسلم‪ ،‬ترؾ أمو اليت تنتسب‬
‫فهذا شاب ىجده من قضاة اؼبسلمُت‪ ،‬فهو ه‬
‫إليو‪ ،‬كمن صلبو‪ ،‬مث دل يػى يعد معهم من اإلسالـ شيء‪ ،‬حىت اسم اؼبسلمُت‪.‬‬
‫ردبا ىذه القصة فريدة أك اندرة‪ ،‬كلكن ربوؿ اؼبسلمُت إذل الكفر‪،‬‬
‫كنسياف أصوؽبم شيء كثَت‪ ،‬كاليوـ نرل كيف يسلب أبناء اؼبسلمُت من‬
‫أىليهم كيولعوا يف عائالت قذرة تغَتىم كليا‪ ،‬كتنسيهم أصوؽبم‪.‬‬
‫ال يشك مسلم أف عيش اؼبسلمُت يف بالد الكفر يف زماننا ككل زماف‪،‬‬
‫لكن يف زماننا أخص أنو ال هبوز إال ؼبضطر‪ ،‬كلألسف فإف الناس يتوسعوف‬
‫يف بب االلطرار‪ ،‬كذلك لبعض اؼبشقة يف بالدان‪ ،‬بل بعضهم يفرح أنو‬
‫سباما عن أمتهم!‬
‫قطع ذريتو ن‬
‫يعيش يف بالد الغرب‪ ،‬كما درل أنو ى‬

‫‪086‬‬
‫ومحق (‪)2‬‬

‫زسالتاى إىل الشيخ أبي قتادة‬


‫زسالة وو زشيد زودة‬

‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ‬

‫اغبمد هلل ككفى‪ ،‬كالصالة كالسالـ على النيب اؼبصطفى ﷺ‪ ،‬كعلى آلو‬
‫كأصحابو الطيًٌبُت الطاىرين‪ ،‬كبعد‪:‬‬
‫إذل الشيخ ً‬
‫العادل اجملاىد اجملتهد‪ ،‬األديب األريب‪ ،‬انصر السنة كقامع‬
‫البدعة‪ ،‬أيب قىتادة حفظو هللا كرعاه‪ ،‬كنصره على ىمن عاداه‪ .‬آمُت‪.‬‬
‫كيف حالك أيها اغببيب؟‬
‫لقد اشتقت إذل رؤيتك كاعبلوس معك كالتحدث إليك‪.‬‬
‫أرربل معك حيث‬
‫حالر معي؛ ي‬
‫ه‬ ‫ىش ًهد هللا أنو ال يكاد يبر ه‬
‫يوـ إال كأنت‬
‫سيح يف أرض هللا الواسعة‪ ،‬ال ىربيدان‬
‫أجوب معك اآلفاؽ‪ ،‬نى ي‬ ‫ي‬ ‫ارربلت‪،‬‬
‫سلطاف‪ ،‬كال يعدك‬
‫ه‬ ‫حدكد‪ ،‬نسبح يف حبار اغبب يف هللا‪ ،‬ليس للكفار علينا‬
‫ه‬
‫[آؿ عمراف‪.]ُُُ :‬‬ ‫ﱩﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼﱨ‬ ‫سجنهم أف يكوف كما قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫‪088‬‬
‫أحسب ‪-‬كهللا حسيبيك‪ -‬أف سجنك ما ىو إال زايدةه يف اػبَت‪ ،‬يي ًٌ‬
‫قربك‬ ‫ي‬
‫إف شاء هللا إذل اعبنة كييباعد بينك كبُت انر جهنم‪ ،‬أعاذان هللا كإايؾ من‬
‫ىحًٌرىا كؽبيبها‪.‬‬

‫خَت و‬
‫عظيم‪،‬‬ ‫أما عن أحوارل‪ ،‬فإنٍت أضبد هللا ‪ ‬على ما أكاله إايم من و‬
‫كراحةى و‬
‫بؿ كطمأنينة قلب‪.‬‬
‫فأبواب اػبَت مفتوحةه على مصراعيها‪ ،‬ككهللا ما زادين ما أان فيو إال‬
‫كحبا لدينو كنبيًٌو ﷺ كسبس نكا دبا أان عليو من دين اغبق‪ ،‬كأسأؿ‬
‫تعظيما هلل ي‬
‫ن‬
‫ضرةو كال و‬
‫فتنة‬ ‫هللا ‪ ‬أف يثبتٍت على طريق اغبق حىت ألقاه يف غَت لراء م ً‬
‫ي‬ ‫يٌ‬
‫ضل وة‪.‬‬
‫مً‬
‫ي‬
‫أم ا عن أحواؿ السجن‪ ،‬فكما تعلم‪ ،‬فقد مت إخراجي من العزلة قبل عدة‬
‫أشهر‪ ،‬كمت ربويلي إذل القسم الثاين من السجن يف الطابق األرلي منو مع‬
‫ستة أفر واد ييعبًتكف من يعتاة اجملرمُت‪ ،‬لكنهم طيبوف؛ يساعدكنٍت على شؤكف‬
‫اغبياة يف السجن‪ ،‬كالكل ييسارع إذل إكرامي و‬
‫بفضل من هللا كمنة‪.‬‬
‫من بينهم شاب جزائرم صغَت السن‪ ،‬قد أنعم هللا عليو أف ىداه إذل‬
‫االلتزاـ‪ ،‬لكنو يكتم إيبانو حىت سبر ؿباكمتو و‬
‫بسالـ‬ ‫ي‬

‫‪111‬‬
‫اآلخرين‪.‬‬
‫كثَتا مع السجناء ى‬
‫ال أختلط ن‬
‫أما عن كقت اؼبشي يف الساحة‪ ،‬فهو أربع ساعات‪ :‬اثنتاف يف الصباح‬
‫عرلا كعشرة‬ ‫صغَت يمسي وج؛ طبسة و‬
‫أمتار ن‬ ‫كمثلهما يف اؼبساء‪ ،‬داخل مر وبع و‬
‫طوال‪ .‬كأذىب إذل «اعبيم» ثالث مر و‬
‫ات يف األسبوع‪.‬‬ ‫و‬
‫أمتار تقريبنا ن‬
‫أما االلتقاء بإلماـ كاإلخوة فهو مرةه ‪-‬يوـ الثالاثء‪ -‬كل أسبوعُت‪ ،‬ال‬
‫يوجد صبعةه كال صباعةه‪ ،‬فاهلل اؼبستعاف‪.‬‬
‫بعض اإلخوة يزكدكين ببعض الكتب كاؼبالبس‪.‬‬
‫آخر و‬
‫كتاب حصلت عليو‪« :‬مقدمة ابن الصالح»‪ ،‬ككذلك «فتح الرضبن‬ ‫ً‬

‫يلتبس يف القرآف»‪ ،‬لكٍت كددت لو أنك أمامي تيعلمٍت فبا‬


‫ي‬ ‫بكشف ما‬
‫علمك هللا‪.‬‬

‫آلخر‪ ،‬كشقيقي دمحم وباكؿ‬ ‫أما عن أخبار عائليت فهي تصلٍت من و‬


‫حُت ى‬
‫أف وبصل على أتشَتة لزايريت‪ ،‬فاهلل اؼبستعاف‪ ،‬كىم وبمدكف هللا على كل‬
‫حاؿ‪ ،‬كليس إال االحتماء بهلل كااللتجاء إليو‪ ،‬كال حوؿ كال قوة إال بهلل‬
‫العلي العظيم‪.‬‬
‫ٌ‬

‫‪110‬‬
‫باعا كهلل اغبمد‪ .‬أسأؿ هللا أف يكوف يف‬‫ً‬
‫أخباركم كأخبار اإلخوة تصلٍت ت ن‬
‫شر و‬
‫كفتنة‪ .‬اغبمد هلل‬ ‫عونكم كينصركم على اإلنكليز‪ ،‬فإهنم كهللا أيس كل و‬
‫الذم عافاين من ًٌ‬
‫شرىم‪.‬‬
‫نسيت يف رساليت السابقة أف أطلب منك إرساؿ كتاب «فن‬
‫ي‬ ‫لقد‬
‫أحسب أنو قد طيبع‪ ،‬ككذلك أريد‬
‫ي‬ ‫القراءة»‪ ،‬فإذا تسٌت لك ذلك‪،‬‬
‫«مذكراتك البلمارشية» كأم و‬
‫شيء قد كتبتىو عن أتمالتك كاختياراتك‬
‫العلمية‪ ،‬األدبية‪ ،‬الفنية‪ ،‬الشعرية‪ ،‬األصولية‪ ،‬اإلبداعية‪...‬إخل‪ .‬جزاؾ هللا عنا‬
‫كل خَت‪.‬‬

‫أيضا إذل‬
‫اشتقت ن‬
‫كثَتا‪ ،‬ك ي‬
‫إليك ن‬
‫اشتقت ى‬
‫ي‬ ‫حبييب كشقيق ركحي‪ ،‬كهللا لقد‬
‫مرة أخرل حىت‬
‫ألتقيك ن‬
‫ى‬ ‫ابتسامتك اغبلوة اعبميلة‪ ،‬كشهد هللا كم آمل أف‬
‫نشرب من ىمعُت اؼبىحبة‪ ،‬كال قوة إال بهلل‪.‬‬
‫وبزنك فقداف بعض األحبة فبن‬
‫وبزنك الذم يقولوف‪ ،‬كقد ي‬
‫أعلم أنو قد ي‬
‫أيضا أف ييفرحك‬
‫اختارىم هللا ‪ ‬إذل جواره ‪-‬كبسبهم كذلك‪ -‬لكن أعلم ن‬
‫رجاال صدقوا ما عاىدكا هللا عليو‪،‬‬
‫ما عليو أمة دمحم ﷺ‪ ،‬فقد رزقها هللا ن‬
‫كصٍي ىحةن‬
‫شباب قد أحيا ركح ىذه األمة‪ ،‬حيثما التفت رأيت كظبعت ىى ىيعةن ى‬
‫ه‬
‫وبزنك االذين ييسارعوف يف الكفر كالردة‬
‫يف سبيل هللا‪ ،‬فأبشر دبوعود هللا كال ي‬
‫‪111‬‬
‫كالنفاؽ‪ ،‬فإهنم كهللا لن يضركا هللا شيئنا‪ ،‬ؽبم خزم يف الدنيا كعذاب اآلخرة‬
‫قوـ ال يفقهوف‪ ،‬ىيهات ؽبم أف ييطفؤكا نور هللا أبفواىهم‪ ،‬أىىكىال‬
‫أشد‪ ،‬لكنهم ه‬
‫يعلموف أف هللا يمتًم نوره كلو كره الكافركف‪ ،‬كلو كره اؼبشركوف‪ ،‬كلو كره‬
‫اؼبرتدكف كأشياعهم‪.‬‬
‫فالصرب‬
‫ى‬ ‫مؤخر‪،‬‬
‫يؤخره ه‬ ‫حاجب كال ٌ‬
‫ه‬ ‫كهللا إين ألنظر إذل نصر هللا ال وبجبو‬
‫ؿبمدا‬
‫اض‪ ،‬نلقى األحبة ن‬ ‫الصرب كاعبًد اعبًد حىت نلقى هللا كىو عنا ر و‬ ‫ى‬
‫ؼ من اغبوض ًشربةن ال نظمأ بعدىا‬ ‫يومها ً‬
‫نغر ي‬ ‫كصحبو‪ ،‬كإف شاء هللا كبعونو ى‬
‫أبدا‪ ،‬كقد ذىب عنا التعب كاألدل كاغبزف ككدر اغبياة‪.‬‬ ‫ن‬
‫اللهم اجعلنا من أصحاب اعبنة من أصحاب الفردكس األعلى‪ ،‬آمُت‪.‬‬

‫حبييب الشيخ‪ ،‬يعز علي أف أفارقك يف ىذه الورقات‪ ،‬لكنك ‪-‬شهد‬


‫ارربلت‪.‬‬
‫ى‬ ‫أرربل حيث‬
‫أبيت حيث تىبيت‪ ،‬ك ي‬
‫حالر معي‪ ،‬ي‬
‫ه‬ ‫دائما‬
‫هللا‪ -‬ن‬
‫اعلم أف هللا فضلىك على اؼبسلمُت‪ ،‬كإين كلما التقيت أخا ال ًٌ‬
‫وبدثٍت‬ ‫ي ن‬ ‫ى‬
‫عنك إال و‬
‫خبَت كيتمٌت لقاءؾ‪ ،‬فأبشر إف شاء هللا حبب الناس لك كاحًتامهم‬
‫علمت منو القليل لكن ما‬
‫ى‬ ‫خَت و‬
‫عظيم‪ ،‬ردبا‬ ‫إايؾ‪ ،‬فإنك إف شاء هللا على و‬
‫خف ىي عليك أكثر‪ ،‬كهلل يف خلقو شؤكف‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫ﱩﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬

‫ﯳ ﯴﱨ‪.‬‬

‫بلًٌغ سالمي اغبار إذل أختنا اؼبىصوف أيًٌـ األكالد‪ :‬أيـ قىتادة حفظها هللا‬
‫صبيعا‪ ،‬كال‬
‫كرعاىا‪ ،‬كاألكالد‪ ،‬كصبيع اإلخوة كاألحباب‪ ،‬كإنٍت أحبهم يف هللا ن‬
‫تنسوان من صاحل دعائكم‪.‬‬

‫أخ َ حمل و ج عف رب‬


‫ع‬ ‫رشي ر ة بن ع‬
‫ر‬
‫ني ‪ٔ2ٕ3‬‬ ‫‪َ ٔ1‬ج دى‬
‫‪ٕٓٓ2/3/ٔ1‬‬

‫‪113‬‬
‫زسالة وو ذبروب‬
‫تيسلم لصاحب البازين كالعصيدة‪ ،‬كأرسل رل القصيدة اػباصة اليت كتبتها يف‬
‫البازين(ُ)‪.‬‬

‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ‬

‫أما بعد‪:‬‬
‫ك َع َى‬
‫َ‬ ‫ك َ َد َع ْ تَِي َوَر َج ْ تَِي غَ َف ْ ُ َ َ‬ ‫« تع ىل‪َ :‬اي بْ َن َد َم إِنَّ َ‬
‫سم ِ‬
‫ُُثَّ‬ ‫ك َع َ َن َّ َ‬ ‫يك َوَ أُ َ ِ َاي بْ َن َد َم َْ بَة َغَ ْ ذُنُ بُ َ‬ ‫َك َن فِ َ‬
‫ك َْ أَتَة ْيةتَ ِي بِ ُ َ ِ َْلَ ْر ِ‬
‫ض‬ ‫ك َوَ أُ َ ِ َاي بْ َن َد َم إِنَّ َ‬ ‫ْستَةغْ َف ْتَِي غَ َف ْ ُ َ َ‬
‫ك بِ ُ َ ِ َ َ غْ ِف َةً» اغبديث(ِ)‪.‬‬
‫َخطَ َاي ُُثَّ َ ِ يتَ ِي َ تُ ْ ِ ُ ِّب َش ْيةئً ََلَتَة ْيةتُ َ‬
‫فأضبده تعاذل كأصلي كأسلم على سيدم رسوؿ هللا كعلى آلو كصحبو‬
‫بع يخطاه إذل يوـ القيامة‪.‬‬
‫كمن ات ى‬
‫ى‬

‫مكتوب على طرهتا‪.‬‬


‫ن‬ ‫(ُ) جاء‬
‫(ِ) الًتمذم (َّْٓ) كاللفظ لو‪ ،‬كأضبد (ُّّْٗ)‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫رؾ بو لًما فيو من‬ ‫ألبش ى‬
‫استفتحت رساليت ىذه هبذا اغبديث ٌ‬ ‫ي‬ ‫كاغبق أين‬
‫كثَتا من اغبزف كاؽبىًٌم كالغىًٌم‪ ..‬أجل؛‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫ً‬
‫ربمل عنا ن‬
‫بشائر كطمأنينة مسكوبة فيو‪ ،‬ي‬
‫و‬ ‫شيء حورل‪ ،‬فكل و‬ ‫أبم و‬
‫متساك‬ ‫شيء عندم‬ ‫ألين حقيقةن أصبحت ال أىتم ًٌ‬
‫نفسية و‬
‫ايئسة‪ ،‬ال أدرم‬ ‫و‬ ‫فرؽ‪ ،‬حىت يعتقد من حورل أنٍت أيصبت و‬
‫حبالة‬ ‫كال ى‬
‫ى‬
‫خصوصا أنو ال يوجد شيءه ييفرح كييدخل السركر‪.‬‬ ‫ن‬ ‫الصواب فيها‪،‬‬
‫صد يؽ قصصنا حىت أصحابينا‪ ،‬فهم‬ ‫الظنوف‪ ،‬كالكل ال ي ًٌ‬
‫ى‬ ‫فالكل يظن بنا‬
‫ي‬
‫يىلتمسوف األعذار كاؼبخرجات ؽبم لدان‪ ..‬كال أدرم ؼباذا!‬
‫طبعا‪ ،‬ال أقوؿ بعضنا بل كلنا «كبن» سجناء السياؾ‪ ،‬كال يوجد ىمن يريد‬
‫ن‬
‫أف يفهم حىت القانوف الولعي الذم كبن نعاقىب بو‪.‬‬
‫دائما يف الليارل الظلماء كيف‬ ‫بل أجد نفسي ً‬
‫صادؽ‪ ،‬ن‬
‫ه‬ ‫كهللا العظيم كأان‬
‫و‬
‫خافت‬ ‫و‬
‫بصوت‬ ‫كوت كأاندم‬ ‫ً‬
‫كس ه‬ ‫ياـ ي‬
‫منصفها أخرج على النافذة كالكل ن ه‬
‫اللي ما ينوحش‬
‫صبيعا كحالنا كحاؿ شعوبنا‪ :‬اي ليل اي عُت‪ ،‬ك ٌ‬
‫مع تذكركم ن‬
‫معام!‬
‫ٌ‬
‫دائما ىكذا حىت أييت‬
‫جديد‪ ،‬بل أان ن‬
‫لكن ال تظن أنو طرأ علي شيءه ه‬
‫فأبوح ببعض أظباء‬
‫رفيقي كييقسم علي بهلل أف أيخرج لو ما يف خاطرم‪ ،‬ي‬

‫‪115‬‬
‫اؼبالي كحكاايتو‪ ،‬كوبزنٍت أكثر أين أجده يذرؼ الدموع بغزارةو كال هتطل‬
‫مٍت الدموع‪.‬‬
‫كثَتا‪ ،‬كتعلمت منك مكارـ‬
‫كتبت ىذا كذاؾ ألين أحببتك يف هللا ن‬‫ك ي‬
‫سن‬
‫كح ى‬‫الفيئة‪ ،‬ي‬ ‫خصوصا ك م‪ ،‬كاعبود‪ ،‬ك ى‬
‫العطف‪ ،‬كسرعة ى‬ ‫ن‬ ‫األخالؽ‪،‬‬
‫دائما ال‬
‫كألقوؿ لك‪ :‬ن‬
‫ى‬ ‫صحبتك؛ دل أجد إال أف أى يخط لك ىذه الرسالة‬
‫تنس‪ ،‬اذكرين عند ربك يف االثنُت‪ ..‬كرب السماء أعلى كأجل‪ ،‬كاحفظ‬‫ى‬
‫عندؾ يف صالة الليل كىو دأب الصاغبُت‪ ،‬كأنو ىمن أىحب الصاغبُت‬
‫اظبي ى‬
‫كانت عنده تقول هللا تعاذل‪.‬‬
‫حىت إف البعض يقوؿ علينا عندما يمسكنا ‪-‬ككنت قد ظبعتها من قبل‪-‬‬
‫أننا نستحق ىذا اعبزاء ألننا كذا ككذا‪ .‬كلكن الصدمة حقا ىي أنٍت ظبعت‬
‫ىذا بعد أف خرجنا من السجن [ ىمن] يقوؿ ذلك‪.‬‬

‫أما بلنسبة للتلميذ النجيب عبد اجمليد‪ ،‬فقد قاؿ أنو دل يقصد ما قاؿ‪،‬‬
‫كأنو سوؼ ييقالي اإلذاعة الرابعة ألهنا قطعت كالمو لدم‪ ،‬كأنو تكلم‬
‫أكثر من ُٓ دقيقة‪ ،‬كدل يىب ىًت منها إال ىذا‪ ،‬كأنو كقف معي جدا!‬
‫طبعا عن‬
‫معلومات مؤكدةه أنو عندما عمل اللقاء ‪ -‬ن‬ ‫ه‬ ‫كقد كصلتٍت‬
‫طائرا يبتغي الذكر مظانو‪.‬‬
‫مباشرا كاندكا عليو فلَّب النداء ن‬
‫طريقهم‪ -‬كاف ن‬
‫‪116‬‬
‫مباشرة يف ضبل قراره‬
‫ن‬ ‫كذلك طلبت اغبكومة من القالي التصري ىح ؽبم‬
‫مباشرة إذل القذايف ليطلع عليو كيشرحوا لو ليتفهم القرار‪ ،‬كذلك كاف‬
‫ن‬
‫احد ألنو كما تعلم أنو كاف ليس للنشر‬ ‫اػبميس قبل صدكر القرار و‬
‫بيوـ ك و‬

‫امي كمعو الطلب‪.‬‬


‫قبل ذلك اليوـ كذلك كلو عند يؿب ًٌ‬
‫كنسأؿ هللا العلي العظيم أف يقينا شر األشرار‪.‬‬

‫فيا أخي اغببيب‪ :‬أان لست يف و‬


‫مقاـ أف أنصحك‪ ،‬بل أان اآلف أحاكؿ‬
‫ﱩﭑ ﭒ ﭓ‬ ‫كإايؾ نسمات اؼبؤمنُت‪ ،‬فهم‬
‫أتذاكر ى‬
‫ى‬ ‫جاىدا أف‬
‫ن‬
‫اختارىم هللا ليكونوا‬
‫ي‬ ‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﱨ‪ ،‬الذين‬
‫أتباع الدين إذل يوـ الدين‪ ،‬فهم أصحاب البالء ك ًٌ‬
‫الشعب‬ ‫أتباع نبيًٌو ‪ ‬ك ى‬
‫كاعبهد النفيس الذين ضبلوا أعباء الدين فصربكا كدل يضرىم شيءه‪.‬‬
‫كمهموـ‪ ،‬صدقٍت‪.‬‬
‫ه‬ ‫ين‬
‫الكل ىنا حز ه‬
‫صغَتة‬
‫ن‬ ‫سعيد سواكم‪ ،‬كىذا أقولو يؾبًٌرنب‪ ،‬كإف كانت ذبربةن‬
‫أحد ه‬‫ال يوجد ه‬
‫كقصَتة‪ ،‬نسأؿ هللا السالمة كالعافية‪ ،‬ﱩﯥ ﯦ ﯧ ﯨ‬ ‫ن‬
‫ﯩ ﯪﯫﱨ تعاذل‪ ،‬ﱩﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﱨ‪.‬‬
‫صبيعا‪،‬‬
‫أرسل لك سالمي يف ىذه الرسالة‪ ،‬كسالـ كل عائليت ن‬
‫كما أين ي‬
‫يدعوف لك‪.‬‬
‫ى‬ ‫كعلى ما أعلم فإف الكل‬
‫‪117‬‬
‫يبق إال القليل‪.‬‬
‫فقط دل ى‬

‫كلك مٍت فائق االحًتاـ كالتقدير‪.‬‬


‫أخ‬
‫ذَبْ ُمو‬
‫ٕٔ‪ٕٓٓ3/3/‬‬ ‫ُكتب ت بً‬

‫‪118‬‬
‫ومحق (‪)3‬‬

‫صوز وو األصن اخلطي‬

You might also like