Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 63

‫ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻌﻘﯿﺪ اﺣﻤﺪ دراﯾﺔ ‪ -‬ادرار ‪-‬‬

‫ﻛﻠﯿﺔ اﻟﺤﻘﻮق واﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ‬


‫ﻗﺴﻢ اﻟﺤﻘﻮق‬

‫ﻣﻘﯿﺎس‪:‬‬

‫ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن‬

‫ﻣﻄﺒﻮﻋﺔ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻄﻠﺒﺔ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‪LMD‬‬

‫ﻣﻦ إﻋﺪاد اﻟﺪﻛﺘﻮر‪:‬‬

‫ﺑﻦ اﻟﺴﯿﺤﻤﻮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﮭﺪي‬ ‫‪‬‬


‫اﻟﻣﻘدﻣﺔ‪:‬‬

‫إن اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺎ ﻫو إﻻ ﻧﺗﺎج ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺗراﻛﻣﺎت‪،‬‬


‫وذﻟك ﺑداﯾﺔ ﻣن اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﻘدﯾﻣﺔ واﻷﻓﻛﺎر واﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ‪ ،‬وﺻوﻻ إﻟﻰ اﻟﺛورات اﻟﻛﺑرى‪،‬‬
‫ﻛل ﻫذﻩ اﻟﻣﺣطﺎت إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟدﯾﺎﻧﺎت اﻟﺳﻣﺎوﯾﺔ وﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ اﻟدﯾﺎﻧﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺳﺎﻫﻣت‬
‫إﺳﻬﺎﻣﺎً ﻛﺑﯾ ار ﻓﻲ أﻏﻧﺎء اﻹرث اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﻌﺗﺑر ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬
‫ﺣﻘوق طﺑﯾﻌﯾﺔ وﻏرﯾزﯾﺔ ﺗوﻟد ﻣﻊ وﻻدة اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻘد ﻛرﺳﺗﻬﺎ واﻋﺗرﻓت ﺑﻬﺎ ﻛل اﻷدﯾﺎن اﻟﺳﻣﺎوﯾﺔ‬
‫واﻟدول واﻟﻣﻧظﻣﺎت‪ ...‬ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﯾث‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺗﻣس ﺑﺻﻔﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﺟوﻫر اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ‬
‫ﻛراﻣﺗﻪ‪.‬‬

‫وﻣﻣﺎ ﺗﺟب اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ إن إﻧﺷﺎء اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﺑﻌد اﻟﺣر ب وﺗﺿﻣﯾن ﻣﯾﺛﺎﻗﻬﺎ‬
‫ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺣرﯾﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻗد أدى إﻟﻰ اﻧﺗﻘﺎل ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ إﻟﻰ‬
‫اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ‪ ،‬ﻫذا وﻗد ﺑذﻟت اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﺟﻬودا ﻣﻌﺗﺑرة ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﺣﻘوق‬
‫اﻹﻧﺳﺎن وﺣرﯾﺎﺗﻪ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ اﻋﺗﻣدت اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻧﺻوص اﻟدوﻟﯾﺔ وأﻧﺷﺄت اﻟﻌدﯾد ﻣن‬
‫اﻷﺟﻬزة واﻟﺗﻲ ﺳﺎﻫﻣت إﻟﻰ ﺣد ﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻷﻓراد واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ‪،‬‬
‫واﻻﻋﺗراف ﻟﻬم ﺑﺎﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ‪ ،‬وذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﺳﻣﺎح ﻟﻬم ﺑﺗﻘدﯾم ﺑﻼﻏﺎت ﺿد اﻟدول‬
‫اﻟﻣﻧﺗﻬﻛﺔ ﻟﺣﻘوﻗﻬم وﺣرﯾﺎﺗﻬم‪.‬‬

‫إن اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻟم ﯾوﻟﻲ ﻋﻧﺎﯾﺔ ﻛﺑﯾرة ﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت إﻻ ﺣدﯾﺛﺎ ذﻟك أن‬
‫اﻫﺗﻣﺎﻣﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺳﺎﺑق ﻛﺎﻧت ﻗد اﻗﺗﺻرت ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻻت ﻣﺣددة ﻣن اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت‪ ،‬ذﻟك أن‬
‫اﻻﻫﺗﻣﺎم اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻬذا اﻟﻘﺎﻧون ﻛﺎن ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﺗﻧظﯾم اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻟدول دون اﻟﻧظر إﻟﻰ‬
‫اﻷﻓراد‪ ،‬وﻫو ﻣﺎ أدى إﻟﻰ ﺗﻌرض ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ اﻋﺗداءات ﺻﺎرﺧﺔ ﺧﺎﺻﺔ إﺑﺎن اﻟﺣرب‬
‫اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻟﻛن ﺑﻌد اﻧﺗﻬﺎء اﻟﺣرب وﻣﯾﻼد ﻣﻧظﻣﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﺗم ﺗﺿﻣﯾن ﻣﯾﺛﺎﻗﻬﺎ‬
‫ﺿرورة اﺣﺗرام ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن وﺣرﯾﺎﺗﻪ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ ووﺿﻊ اﻷﻓراد واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺑﺷرﯾﺔ‬
‫ﻣوﺿﻊ اﻻﻫﺗﻣﺎم اﻟدوﻟﻲ ﻓﺟﺎءت ﻛل ﻣن دﯾﺑﺎﺟﺔ اﻟﻣﯾﺛﺎق واﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺎدة اﻷوﻟﻰ‬
‫واﻟﻣﺎدة اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ واﻟﺧﻣﺳﯾن ﻣؤﻛدة ﻋﻠﻰ ذﻟك‪.‬‬

‫اﻧطﻼﻗﺎ ﻣﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن ﻣوﺿوع ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻗد أﺻﺑﺢ ﯾﺣظﻰ ﺑﺎﻫﺗﻣﺎم‬
‫ﺑﺎﻟﻎ‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن ﻟﻪ ﺗﺄﺛﯾر ﻏﯾر ﻣﺣدود ﻓﻲ ﺗﺷﻛﯾل وﻋﻣل اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻟﻺدارة اﻟدوﻟﯾﺔ‪،‬‬
‫ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﺄﺛﯾرﻩ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﯾن اﻟدول اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺷﻛل‬
‫ﻣﻧﻬﺎ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ‪ .‬زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ﻓﺈن ﺟﻣﯾﻊ ﻗواﻋد اﻟﺣرﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ 1‬ﻋﻠﻰ اﺧﺗﻼف‬
‫درﺟﺎﺗﻬﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻟﻬﺎ وﺟوﺑﺎ أن ﺗﻛون ﻣوﺳوﻣﺔ ﺑﻣرﺗﻛز اﻟﻣﺳﺎواة‪ ،‬ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ﻫذا اﻟﻌﻧﺻر ﻋﻧﺻ ار‬
‫ﯾؤﻣن ﻋﻣوﻣﯾﺗﻬﺎ وﺗﺟرﯾدﻫﺎ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺧﺎطﺑﯾن ﺑﺄﺣﻛﺎﻣﻬﺎ‪ ،‬ﻣواطﻧﯾن ﻛﺎﻧوا أو‬
‫ﻣرﻛزﯾﺎ ّ‬
‫ورﻋﺎﯾﺎ أﺟﺎﻧب ﻣﻘﯾﻣﯾن ﺑﺈﻗﻠﯾم اﻟدوﻟﺔ‪.‬‬

‫وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻷﻫﻣﯾﺔ ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻧﺑﻊ ﻣن ﻛون ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻗد أﺻﺑﺣت ﻣﺑر اًر ﻛﺎﻓﯾﺎ‬
‫ﻟﺗدﺧل اﻟدول اﻟﻛﺑرى ﻓﻲ اﻟﺷؤون اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻟﻠﺷﻌوب اﻟﺿﻌﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻣن ﻫﻧﺎ ﻓﺈن اﻟﺗﺳﺎؤل اﻟذي‬
‫ﯾطرح ﻧﻔﺳﻪ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﯾﺑﻘﻰ ﺑﺷﺄن ﻣدى أﻫﻣﯾﺔ ﻫذﻩ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت وﻣﺎ ﻣدى ﻓﻌﻠﯾﺗﻬﺎ‬
‫ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى‪.‬‬

‫إن دراﺳﺗﻧﺎ ﻟﻬذا اﻟﻣﻘﯾﺎس ﺳﺗﻛون ﻣن ﺧﻼل إﺑراز اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬
‫)ﻓﺻل أول(‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻵﻟﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن)ﻓﺻل ﺛﺎﻧﻲ(‪.‬‬

‫ﻋﺎﻣﺔ‪ .‬وأول وﺛﯾﻘﺔ اﺳﺗﻌﻣﻠت ﻫذﻩ اﻟﻌﺑﺎرة ﻫﻲ اﻟﻧداء إﻟﻰ‬


‫‪ -‬ﻛﺛﯾ ار ﻣﺎ اﺳﺗﻌﻣل ﻟﻔظ اﻟﺣرﯾﺔ‪ ،‬ﻟﻛﻧﻪ ﻟم ﯾﺗﺑﻊ أﺑدا ﺑﻧﻌت ّ‬
‫‪1‬‬

‫ﻧص إﻋﻼن ﻋن اﻧﻘﻼب وﻗﻊ ﺗﻌﻠﯾﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﯾوط اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ‪ ،‬ﺑﺎرﯾس‬
‫اﻟﺷﻌب اﻟذي وﺟﻬﻪ اﻟرﺋﯾس‪ ،‬ﻟوﯾس ﻧﺎﺑوﻟﯾون وﻫو ّ‬
‫ﻟﯾﻠﺔ ‪ 2‬دﯾﺳﻣﺑر ‪1851‬م‪ .‬وﻗد ﻧﺻت اﻟﻧﻘطﺔ اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ﻣن ﻫذا اﻹﻋﻼن ﻋﻠﻰ )ﺗﻛوﯾن ﻣﺟﻠس ﺛﺎن ﻣﺗرﻛب ﻣن ﺟﻣﯾﻊ أﻋﯾﺎن‬
‫اﻟﺑﻼد ﯾﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﺳﺎﺳﻲ وﻋﻠﻰ اﻟﺣرﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ( اظر ﻓﻲ ذﻟك‪:‬‬
‫‪BRAUD (Philippe). La notion des libertés publiques en droit français, paris,1968, P126.‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‬

‫اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫إن اﻟﺣدﯾث ﻋن ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺣدﯾث ﻗدﯾم ﻣﺗﺟدد‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﻣوﺟودة ﻣﻊ وﺟود اﻹﻧﺳﺎن‬
‫ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻪ وﺑﺎﻗﯾﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻷرض‪ ،‬وﻫﻲ ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣن ﺿرورة اﻻﺣﺗرام اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﺑﯾن اﻹﻧﺳﺎن‬
‫وأﺧﯾﻪ اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬وﻛﺎن اﻹﺳﻼم ﺳﱠﺑﺎﻗﺎً ﻓﻲ ﺗﺛﺑﯾت اﻟﺣﻘوق اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻛﺎﺋن ﻛرﻣﻪ‬
‫وﺷرع ﻟﻪ اﻷﺣﻛﺎم ﻟﺑﯾﺎن اﻟﺣﻘوق واﻟواﺟب‪ .‬ﻋﻣوﻣﺎ ﻓﺈن‬
‫اﷲ ﺑﺎﻟﻌﻘل واﺻطﻔﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋر ﺧﻠﻘﻪ‪ ،‬ﱠ‬
‫دراﺳﺗﻧﺎ ﻟﻬذا اﻟﻣﺑﺣث ﺳﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﺑﯾﺎن ﺗﻌرﯾف ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن وﺗطورﻫﺎ اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ )ﻣﺑﺣث‬
‫أول(‪ ،‬وﻛذا ﺧﺻﺎﺋص ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن وﺗﺻﻧﯾﻔﻬﺎ)ﻣﺑﺣث ﺛﺎن(‪ .‬ﻣﻼﺣظﺔ‪ :‬ﻟﻘد ﺗم اﻟﺗطرق ﻣن‬
‫ﺧﻼل اﻟﻣﺣﺎﺿرات اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ إﻟﻰ ﺟل ﻫذﻩ اﻟﻌﻧﺎﺻر‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺗﺻﻧﯾف ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ ﺛﻼث أﺟﯾﺎل‬

‫رأﯾﻧﺎ ﻛﯾف ﺗﻌددت ﺗﺻﻧﯾﻔﺎت ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺗﻌدد اﻟﻌواﻣل اﻟﻣﻌﺗﻣدة ﻓﻲ ﺗﺻﻧﯾﻔﻬﺎ وﻋﻠﻰ‬
‫ﻫذا ﺳﻧﻌﺗﻣد ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺻﻧﯾف اﻟﺗﻘﻠﯾدي اﻟذي ﯾﺻﻧف ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ ﺛﻼث‬
‫أﺟﯾﺎل‪.‬‬

‫اﻟﺑﻧد اﻷول‪ :‬اﻟﺣﻘوق اﻟﻣﺎدﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‬

‫و ﺗﻌرف ﻛذﻟك ﺑﺎﻟﺣﻘوق اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻔرد اﻻﺣﺗﺟﺎج ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﻣﻠك ﻓﻘط ﺳﻠطﺔ وﺿﻊ اﻟﺿواﺑط اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻫذﻩ اﻟﺣﻘوق‪ ،‬و ﺗوﺻف ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺷﺧﺻﯾﺔ‪،‬‬
‫وﯾﺳﻣﯾﻬﺎ ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء ﺑﺎﻟﺣرﯾﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬وﯾﺻﻔوﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ﻧﺷﺄت ﻓﻲ ظل اﻟﺑرﺟوازﯾﺔ‬
‫اﻷوروﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻓﺣﺗﻬﺎ اﻹﻗطﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬ﺗطورت ﻓﻲ ظل اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ‪ ،‬ﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﯾم ﻓردﯾﺔ‪.‬‬
‫وﻣن ﻫذﻩ اﻟﺣﻘوق ﻧﺟد‪:‬‬

‫‪ .1‬اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة)ﺗم اﻟﺷرح وﺗﻘدﯾﻣﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺎﺿرة(‬


‫‪ .2‬ﺣرﯾﺔ اﻹﻗﺎﻣﺔ واﻟﺗﻧﻘل‬
‫‪ .3‬ﺣرﯾﺔ اﻟرأي واﻟﺗﻌﺑﯾر‬
‫‪ .4‬ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﺟﻣﻊ واﻟﺗظﺎﻫر‬
‫‪ .5‬اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ اﻟﻌﺎدﻟﺔ‪.‬‬
‫‪ .6‬ﺣرﯾﺔ اﻟﻌﻘﯾدة‪.‬‬
‫‪ .7‬ﺣق اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻌﯾﺎت واﻷﺣزاب‪.‬‬
‫‪ .8‬اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟزواج‪.‬‬
‫‪ .9‬اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎواة‬

‫ﻧﺷﯾر إﻟﻰ أن دراﺳﺗﻧﺎ ﻟن ﺗﺗﺳﻊ ﻟﺗﺷﻣل ﻛل اﻟﺣﻘوق اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ٕواﻧﻣﺎ ﺳﺗﻘﺗﺻر‬
‫ﻋﻠﻰ أﻫم ﻫذﻩ اﻟﺣﻘوق‪.‬‬

‫‪ :1‬ﺣرﯾﺔ اﻹﻗﺎﻣﺔ واﻟﺗﻧﻘل‬

‫ﺗﻌﺗﺑر ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻧﻘل ﻣن اﻟﺣﻘوق اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﻘﺗﺻر ﻫذﻩ اﻟﺣرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣق‬
‫‪2‬‬
‫ﻛل ﻓرد ﻓﻲ اﻻﻧﺗﻘﺎل ﺑﺣرﯾﺔ داﺧل ﺑﻠدﻩ أو ﻣﻐﺎدرﺗﻪ أو اﻟﻌودة إﻟﯾﻪ‪.‬‬

‫وﻫذا ﻣﺎ أﻛدﺗﻪ اﻟﻣواﺛﯾق اﻟدوﻟﯾﺔ واﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ إذ ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻋﺷرة ﻣن اﻟﻌﻬد‬
‫اﻟدوﻟﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﺣﻘوق اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ 3‬ﻋﻠﻰ أﻧﻪ " ﻟﻛل ﻓرد ﯾوﺟد ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻗﺎﻧوﻧﻲ داﺧل‬
‫إﻗﻠﯾم دوﻟﺔ ﻣﺎ ﻋن ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻧﻘل ﻓﯾﻪ وﺣرﯾﺔ اﺧﺗﯾﺎر ﻣﻛﺎن إﻗﺎﻣﺗﻪ"‬

‫إن ﻫذﻩ اﻟﺣرﯾﺔ ﻗد ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻬﺎ أﯾﺿﺎ اﻟﻣﺎدة ‪ 22‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬
‫ﻋﺎم ‪ . 1969‬وﻗد أﺷﺎرت إﻟﻰ ﻫذا اﻟﺣق ﻛذﻟك اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻻروﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ روﻣﺎ‬
‫ﻋﺎم ‪ 1950‬ﻓﻲ ﻣﺎدﺗﻬﺎ اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ﻋﻠﻰ أن " ﻛل إﻧﺳﺎن ﻟﻪ ﺣق اﻟﺣرﯾﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ واﻷﻣن‪ ،‬وﻻ‬
‫ﯾﺟوز ﺣرﻣﺎن أي ﺷﺧص ﻣن ﺣرﯾﺗﻪ إﻻ ﻓﻲ اﻷﺣوال اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‪ .‬ووﻓﻘﺎ ﻟﻺﺟراءات اﻟﻣﺣددة ﻓﻲ‬

‫‪ - 2‬ﺧﺿر ﺧﺿر‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.310‬‬

‫‪ -3‬اﻟﻌﻬد اﻟدوﻟﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﺣﻘوق اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ .‬اﻟﻣﻌﺗﻣد و اﻟﻣﺻﺎدق ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻣوﺟب ﻗرار اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة‬
‫‪ 2200‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 16‬ﻛﺎﻧون‪/‬دﯾﺳﻣﺑر‪ ،1966‬وﻗد دﺧل ﺣﯾز اﻟﻧﻔﺎذ ﺑﺗﺎرﯾﺦ‪ 23 :‬آذار‪/‬ﻣﺎرس ‪.1976‬‬
‫اﻟﻘﺎﻧون‪ٕ ،‬واﻟﻘﺎء اﻟﻘﺑض ﻋﻠﻰ ﺷﺧص أو ﺣﺟزﻩ ﻟﻣﻧﻊ دﺧوﻟﻪ ﻏﯾر اﻟﻣﺷروع إﻟﻰ أرض اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬أو‬
‫ﺷﺧص ﺗﺗﺧذ ﺿدﻩ ﻓﻌﻼ إﺟراءات إﺑﻌﺎدﻩ وﺗﺳﻠﯾﻣﻪ"‪.‬‬

‫ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن ﻫذﻩ اﻟﺣرﯾﺎت ﻛﺎﻧت ﻣطﻠﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻗﺑل ﺗرﺳﯾم اﻟﺣدود ﺑﯾن‬
‫اﻟدول‪ ،‬إﻻ أﻧﻬﺎ أﺻﺑﺣت اﻟﯾوم ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻠﻘواﻧﯾن اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻛل دوﻟﺔ‪ ،‬وﻟﻌل ﺑﻌض ﺗﻠك اﻟﻘﯾود‬
‫اﻟﺗﻲ ﺗﻔرﺿﻬﺎ ﺑﻌض اﻟدول ﻋﻠﻰ رﻋﺎﯾﺎﻫﺎ أو ﻋﻠﻰ اﻷﺟﺎﻧب‪ ،‬ﻛﺎﻧت وراء ﺗﺄﻛﯾد اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة‬
‫ﺗﻛرﯾس اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 13‬ﻣن اﻹﻋﻼن اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺳواء ﻛﺎن اﻟﺗﻧﻘل ﻋﻠﻰ‬
‫‪4‬‬
‫اﻟﻣﺳﺗوى اﻟداﺧﻠﻲ أو ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟدوﻟﻲ‪.‬‬

‫وﻗد ﻛﻔﻠت اﻟﻣﺎدة اﻟﺗﺎﺳﻌﺔ ﻣن اﻟدﺳﺗور اﻷردﻧﻲ ﻫذا اﻟﺣق ﺣﯾث أﻣرت ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز‬
‫إﺑﻌﺎد أردﻧﻲ ﻣن دﯾﺎر اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾﺟوز ﺣظر اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ أردﻧﻲ ﻓﻲ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ‪ ،‬وﻻ أن ﯾﻠزم‬
‫ﺑﺎﻹﻗﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻣﻌﯾن إﻻ ﻓﻲ اﻷﺣوال اﻟﻣﺑﯾﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون‪.5‬‬

‫إﻻ أﻧﻪ وﻓﻲ ظل إﻋﻼن ﺣﺎﻟﺔ اﻟطوارئ واﻟظروف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﻧرى ﻫذﻩ اﻟﺣرﯾﺔ ﺗﺗﻌرض‬
‫ﻟﻼﻧﺗﻬﺎك ﻣن ﻗﺑل اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ وﻋﻠﻰ ﺻﻌﯾد آﺧر ﻓﺈن ﻫذﻩ اﻟﺣرﯾﺔ ﺗﺗﻌرض ﻟﻠﻘﯾد أﺛﻧﺎء‬
‫ﺣﺎﻻت اﻟطوارئ اﻟﺗﻲ ﺗﺣدد ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن‪ ،‬ﺳﺎﻋﺎت اﻟﺗﺟول وﻣداﻫﺎ واﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺧﺎﺻﺔ‬
‫‪6‬‬
‫ﻟﻬﺎ‪ ،‬أو وﺟود ﻣﻧطﻘﺔ ﯾﻣﻧﻊ اﻟﺗﺟول ﺑﻬﺎ‪.‬‬

‫إن اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺣظر اﻟﺗﺟول ﻫﻧﺎ ﻫو ﻣﻧﻊ وﺟود اﻷﺷﺧﺎص ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛن اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‪ ،‬ﺳواء‬
‫ﻛﺎﻧت طرﻗﺎت أو ﺳﺎﺣﺎت ﻋﻣوﻣﯾﺔ‪ ،‬وذﻟك أﺛﻧﺎء ﺳرﯾﺎن اﻟﻣﻬﻠﺔ اﻟﻼزﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺣددﺗﻬﺎ اﻟﺳﻠطﺔ‬

‫‪ - 4‬ﺧﺿر ﺧﺿر‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.311‬‬

‫‪ -5‬ﺳﻌد ﻋﻠﻲ اﻟﺑﺷﯾر‪ ،‬ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯾن اﻟﻘﺎﻧون اﻷردﻧﻲ واﻟﻣواﺛﯾق اﻟدوﻟﯾﺔ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬دار رواﺋﻊ‬
‫ﻣﺟدﻻوي‪ ،‬اﻷردن‪ ،2002 ،‬ص‪.57‬‬

‫‪ -6‬ﻣﺣﻣد ﺣﺳن دﺧﯾل‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪110-109‬‬


‫اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ‪ ،‬وﻫو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺧرق ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻧﻘل واﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ﻣن أﻫم اﻟﺣرﯾﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﻧﺗﻣﻲ ﻟداﺋرة اﻟﺣرﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫واﻟﺗﻲ‬ ‫وﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟدﺳﺗور اﻟﺟزاﺋري وطﺑﻘﺎ ﻟﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 55‬ﻣن دﺳﺗور ‪1996‬‬
‫ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪ " :‬ﯾﺣق ﻟﻛل ﻣواطن ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﺣﻘوﻗﻪ اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬أن ﯾﺧﺗﺎر ﺑﺣرﯾﺔ‬
‫ﻣوطن إﻗﺎﻣﺗﻪ‪ ،‬وأن ﯾﺗﻧﻘل ﻋﺑر اﻟﺗراب اﻟوطﻧﻲ‪ .‬ﺣق اﻟدﺧول إﻟﻰ اﻟﺗراب اﻟوطﻧﻲ واﻟﺧروج ﻣﻧﻪ‬
‫ﻣﺿﻣون ﻟﻪ‪.‬‬

‫ﻻﯾﻣﻛن اﻷﻣر ﺑﺄي ﺗﻘﯾﯾد ﻟﻬذﻩ اﻟﺣﻘوق إﻻ ﻟﻣدة ﻣﺣددة وﺑﻣوﺟب ﻗرار ﻣﺑرر ﻣن اﻟﺳﻠطﺔ‬
‫اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ"‪.‬‬

‫ﻧﺷﯾر إﻟﻰ أن اﻟﻔﻘرة اﻷﺧﯾرة ﻣن ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 55‬ﻟم ﺗﻛن ﻣوﺟودة ﻗﺑل اﻟﺗﻌدﯾل ﻟﻛن‬
‫ﺑﺎﻟﻧظر ﻷﻫﻣﯾﺔ ﻫذا اﻟﺣق وﺧوﻓﺎً ﻣن ﺗﻘﯾﯾدﻩ وﻋدم اﻟﺗﻣﺗﻊ ﺑﻪ ﻧﺟد اﻟﻣؤﺳس اﻟدﺳﺗوري ﻗد وﺿﻊ‬
‫ﺑﻌض اﻟﻘﯾود واﻟﺿواﺑط أﻣﺎم اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ أﺛﻧﺎء ﻣﻣﺎرﺳﺗﻬﺎ ﻟذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺣﻘوق‪.‬‬

‫وﻫو ﻣﺎ أﻛدﺗﻪ ﻛذﻟك اﻟﻣﺎدة‪ 1/59‬ﺣﯾث ﻧﺻت ﻋﻠﻰ أﻧﻪ " ﻻ ﯾﺗﺎﺑﻊ أﺣد‪ ،‬وﻻ ﯾوﻗف أو‬
‫ﯾﺣﺗﺟز إﻻ ﺿﻣن اﻟﺷروط اﻟﻣﺣددة ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون ‪ ،‬وطﺑﻘﺎ ﻟﻸﺷﻛﺎل اﻟﺗﻲ ﻧص ﻋﻠﯾﻬﺎ ‪ ".‬وﻫو ﻣﺎ ﺗم‬
‫اﻟﻧص ﻋﻠﯾﻪ ﻛذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪.60‬‬

‫ﻣﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﺗﺿﺢ أن ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻧﻘل ﻗد ﻛﻔﻠﻬﺎ اﻟﻣؤﺳس اﻟدﺳﺗوري اﻟﺟزاﺋري ﻟﻛل ﻣواطن‬
‫ﺟزاﺋري ﻟم ﺗﺛﺑت إداﻧﺗﻪ ﺑﺄﺣﻛﺎم ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺣرﯾﺔ اﻟﺷﻲء اﻟﻣﻘﺿﻲ ﻓﯾﻪ اﻟﺗﻲ ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻬﺎ أن‬
‫ﺗﺣرﻣﻪ ﻣن اﻟﺣﻘوق اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ‪.‬‬

‫‪:2‬ﺣرﯾﺔ اﻟرأي واﻟﺗﻌﺑﯾر‬

‫‪ -7‬دﺳﺗور ‪ ،1996‬اﻟﻣﻌدل ﺑﻣوﺟب اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ‪ 01/16‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 06‬ﻣﺎرس ‪)2016‬ج‪.‬ر( رﻗم ‪ 14‬اﻟﻣؤرﺧﺔ ﻓﻲ ‪07‬‬
‫ﻣﺎرس ‪.2016‬‬
‫إن ﻫذﻩ اﻟﺣرﯾﺎت ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣﻌظم اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت واﻟدﺳﺎﺗﯾر ﻓﻲ ﻣﻌظم دول اﻟﻌﺎﻟم‪ ،‬وﻫذا‬
‫ﻣﺎ أﺷﺎرت إﻟﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 11‬ﻣن وﺛﯾﻘﺔ إﻋﻼن ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﻣواطن اﻟﺻﺎدرة ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﻋﺎم‬
‫‪1789‬م "ﺣرﯾﺔ اﻟﺟﻬر ﺑﺎﻵراء "‬

‫واﻷﻓﻛﺎر ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﻣن ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﻘدﺳﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻛل اﻣرئ أن ﯾﺗﻛﻠم وﯾﻛﺗب وﯾطﺑﻊ ﺑﻣلء‬
‫اﻟﺣرﯾﺔ ﺑﺷرط أن ﻻ ﯾﺳﻲء اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻫذﻩ اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺣوال اﻟﺗﻲ ﺑﯾﻧﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون‪ .‬وﻫذا ﻣﺎ ﻛﻔﻠﺗﻪ‬
‫أﯾﺿﺎ اﻟﻣﺎدة ‪ 19‬ﻣن اﻹﻋﻼن اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺻﺎدر ﻋﺎم ‪.81948‬‬

‫إﻻ أن ﻫذﻩ اﻟﺣرﯾﺔ ﻟﯾﺳت ﺣرﯾﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ٕواﻧﻣﺎ ﻫﻲ ﺣرﯾﺔ ﻧﺳﺑﯾﺔ‪ ،‬ﻫذا ﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﺳﺗﻧﺗﺎﺟﻪ ﻣن‬
‫اﻟﻣﺎدة ‪ 19‬ﻣن اﻟﻌﻬد اﻟدوﻟﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﺣﻘوق اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻓﻲ ﻋﺎم ‪.1966‬‬

‫واﻟﺗﻲ ﺑﻌد أن أﺷﺎرت إﻟﻰ ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾر وأن ﻟﻛل إﻧﺳﺎن اﻟﺣق ﻓﻲ ذﻟك‪ ،‬ﻧﺟد أﻧﻬﺎ أوردت‬
‫ﺑﻌض اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ﻓﻲ ﻧص اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة‪.9‬‬

‫ٕواذا ﻛﺎن ﺟوﻫر ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻻ ﯾﺟوز اﻟﻣﺳﺎس ﺑﻪ‪ ،‬ﻓﺈن ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻗﺎﻧون ﻣن‬
‫أﺟل اﻟﺣرص ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺿﻣﺎﻧﻬﺎ اﻷﻣر اﻟذي ﯾﻠﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻹدارة‬
‫ﺗﻧظﯾم ﻫذﻩ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت ﺑﻣوﺟب ﻗواﻧﯾن‪ ،‬وﻫذﻩ اﻟﻘواﻧﯾن ﺗﺻدر ﻋن ﻣﻣﺛﻠﻲ اﻟﺷﻌب‪ ،‬اﻟذﯾن‬
‫ﯾﻔﺗرض أن ﯾﻌﺑروا ﻋن إرادة ﻫذا اﻟﺷﻌب ﻓﻲ ﺗﻧظﯾم ﺣرﯾﺎت أﻓرادﻩ‪ ،‬وﻛذﻟك ﻓﺎن ﻣﻣﺎرﺳﺗﻬﺎ ﯾﻣﻛن‬

‫‪ -‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 19‬ﻣن اﻹﻋﻼن اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ‪ :‬ﻟﻛل ﺷﺧص ﺣق اﻟﺗﻣﺗﻊ ﺑﺣرﯾﺔ اﻟرأي واﻟﺗﻌﺑﯾر وﯾﺷﻣل ﻫذا اﻟﺣق‬ ‫‪8‬‬

‫ﺣرﯾﺗﻪ ﻓﻲ اﻋﺗﻧﺎق اﻵراء دون ﻣﺿﺎﯾﻘﺔ وﻓﻲ اﻟﺗﻣﺎس اﻷﺷﯾﺎء واﻷﻓﻛﺎر وﺗﻠﻘﯾﻬﺎ وﻧﻘﻠﻬﺎ إﻟﻰ اﻵﺧرﯾن ﺑﺄﯾﺔ وﺳﯾﻠﺔ ودون اﻋﺗﺑﺎر‬
‫ﻟﻠﺣدود‪.‬‬

‫‪ -9‬ﻧص اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن اﻟﻣﺎدة ‪ 19‬ﻣن اﻟﻌﻬد اﻟدوﻟﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﺣﻘوق اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﺻﺎدر ﺳﻧﺔ ‪" .1966‬ﺗﺳﺗﺗﺑﻊ‬
‫ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺣﻘوق اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة ‪ 2‬ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة واﺟﺑﺎت وﻣﺳﺋوﻟﯾﺎت ﺧﺎﺻﺔ ‪.‬وﻋﻠﻰ ذﻟك ﯾﺟوز إﺧﺿﺎﻋﻬﺎ‬
‫ﻟﺑﻌض اﻟﻘﯾود وﻟﻛن ﺷرﯾطﺔ أن ﺗﻛون ﻣﺣددة ﺑﻧص اﻟﻘﺎﻧون وأن ﺗﻛون ﺿرورﯾﺔ ‪:‬‬
‫أ( ﻻﺣﺗرام ﺣﻘوق اﻵﺧرﯾن أو ﺳﻣﻌﺗﻬم‪،‬‬
‫ب( ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ أو اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم أو اﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ أو اﻵداب اﻟﻌﺎﻣﺔ" ‪.‬‬
‫أن ﺗﺗﻘﯾد ﻣراﻋﺎة ﻟﺣﻘوق أﺧرى ﻓرﺿﻬﺎ اﻟدﺳﺗور ﻟﺻﺎﻟﺢ اﺣﺗرام اﻟﻛراﻣﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ‪ .‬وﻓﻲ ﻧظﺎم‬
‫اﻟظروف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ٕواﻋﻼن ﺣﺎﻟﺔ اﻟطوارئ ﺗﻠﺟﺄ اﻟدول إﻟﻰ ﺗﻘﯾﯾد ﻫذﻩ اﻟﺣرﯾﺎت وذﻟك ﻋﺑر‬
‫وﺳﺎﺋل ﻋدﯾدة ﻣﻧﻬﺎ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﺣف واﻟﻣﺟﻼت وﻏﯾرﻫﺎ‬

‫ٕواذا ﻛﺎن اﻟدﺳﺗور ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﺣﺎﻣﻲ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ " ﯾﻘرر اﻷﺻل اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺣﻘوق‬
‫ﺛم ﯾﺗرك أﻣر ﺗﻔﺻﯾﻠﻬﺎ وﺗﺣدﯾد ﺿواﺑطﻬﺎ ﻟﻠﻣﺷرع‪ .‬واﻟﻣﺷرع ﺣﯾن ﯾﺿﻊ اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ ﻷﺣد‬
‫ﻫذﻩ اﻟﺣﻘوق ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻪ أن ﯾﻬدر أﺻل اﻟﺣق‪ ،‬ﺑل ﻋﻠﯾﻪ ﻛﻔﺎﻟﺔ ﻫذﻩ اﻟﺣرﯾﺎت واﻟﺣﻘوق اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪10‬‬
‫ﻓﻲ ﺣدودﻫﺎ اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻟﻘد أﺟﻣﻌت دﺳﺎﺗﯾر اﻟﺟزاﺋر اﻟﻣﺗﻌﺎﻗﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺣرﯾﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟرأي‪ ،‬ﺣﯾث ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪36‬‬
‫ﻣن دﺳﺗور ‪ 199611‬ﻗﺑل اﻟﺗﻌدﯾل أﻧﻪ ﻻ ﻣـﺳﺎس ﺑﺣرﻣﺔ ﺣرﯾـﺔ اﻟﻣﻌﺗﻘدة و ﺣرﻣﺔ ﺣرﯾﺔ اﻟرأي ‪.‬‬

‫ٕواذا ﻣﺎ رﺟﻌﻧﺎ إﻟﻰ دﺳﺗور ‪ 1989‬و ﺑﺎﻟﺿﺑط ﻣﺎدﺗﻪ ‪ 35‬ﺑﺎﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ اﻟﻣﺎدة ‪ 36‬ﻣن‬
‫اﻟدﺳﺗور ﺳﻧﺔ ‪ 1996‬ﻧﻼﺣظ أن اﻟﻣﺷرع أﺿﺎف ﻗﺑل ﺣرﯾﺔ اﻟرأي ﻛﻠﻣﺔ ﺣرﻣﺔ ﻗﺑل ﺣرﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﻌﺗﻘد‪ ،‬ﻛﻣﺎ أﺿﺎﻓﻬﺎ ﻛذﻟك ﻗﺑل ﺣرﯾﺔ اﻟرأي‪ ،‬وﻋﻠﯾﻪ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول إن ﻫﺎﺗﯾن اﻟﺣرﯾﺗﯾن ﻗد أوﻻﻫﻣﺎ‬
‫اﻟﻣؤﺳس اﻟدﺳﺗوري ﻋﻧﺎﯾﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺗﻌرﺿﺎ ﻷي ﻣﺳﺎس وذﻟك ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﺣرﻣﺔ‬
‫ﺗﻌﻧﻲ اﻟﺻون واﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻟﺻﺎﺣب اﻟﻣﻌﺗﻘد و اﻟرأي‪.‬‬

‫ﻧﺷﯾر ﻛذﻟك إﻟﻰ أن اﻟﻣؤﺳس اﻟدﺳﺗوري اﻟﺟزاﺋري وﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻌدﯾل اﻟدﺳﺗوري اﻷﺧﯾر‪2016‬‬
‫ﻧﺟدﻩ ﻗد أﻛد ﻛذﻟك ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺣق وﻫذا ﻣن ﺧﻼل ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣواد ﻣﺛل اﻟﻣﺎدة ‪ 48‬واﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ" ﺣرﯾﺎت اﻟﺗﻌﺑﯾر‪ٕ ،‬واﻧﺷﺎء اﻟﺟﻣﻌﯾﺎت‪ ،‬واﻻﺟﺗﻣﺎع‪ ،‬ﻣﺿﻣون ﻟﻠﻣواطن"‪ .‬وﻗد‬

‫‪ -10‬ﻋﻣر ﻓﺎروق ﻓﺣل ‪ ،‬ﻣﻘﺎﻟﺔ ‪ ،‬أﺛر ﻗواﻧﯾن وﻧظم اﻟطوارئ ﻋﻠﻰ ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾر ‪ ،‬ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن دراﺳﺎت ﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﻋن اﻟﻌﺎﻟم‬
‫اﻟﻌرﺑﻲ ‪ ،‬ج‪ ،3‬ط‪ ،1‬دار اﻟﻌﻠم ﻟﻠﻣﻼﯾﯾن ‪ ،‬ص ‪.381‬‬

‫‪ -11‬اﻟدﺳﺗوراﻟﺟزاﺋري‪ 1996‬اﻟﺻﺎدر ﺑﻣوﺟب اﻟﻣرﺳوم اﻟرﺋﺎﺳﻲ رﻗم‪ 438/96‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ‪ 1996/12/07‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ‬
‫ﻋدد‪ 61‬ﺗﺎرﯾﺦ ﻧﺷرﻫﺎ‪.1996/10/16‬‬
‫ﺗم اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺣق ﻛذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 3/50‬واﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ"‪....‬‬
‫ﻧﺷر اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت واﻷﻓﻛﺎر واﻟﺻور واﻵراء ﺑﻛل ﺣرﯾﺔ ﻣﺿﻣون ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻘﺎﻧون واﺣﺗرام ﺛواﺑت‬
‫اﻷﻣﺔ وﻗﯾﻣﻬﺎ اﻟدﯾﻧﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ"‪ .‬ﻣن ﺧﻼل ﻫﺎﺗﯾن اﻟﻣﺎدﺗﯾن ﻧﻼﺣظ أن اﻟﻣؤﺳس‬
‫اﻟدﺳﺗوري ﻗد اﺳﺗﻌﻣل ﻟﻔظ ﻣﺿﻣون وﻫذا ﺣﺗﻰ ﯾﺑﻌث ﻓﻲ ﻧﻔوس ﻣﺳﺗﻌﻣﻠﻲ ﻫذا اﻟﺣق ﻣن‬
‫اﻟﻣواطﻧﯾن اﻻرﺗﯾﺎﺣﯾﺔ واﻟطﻣﺄﻧﯾﻧﺔ ‪ ،‬وﻟﻘد ﺗم اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺣق ﻛذﻟك ﺑﻣوﺟب ﻧص اﻟﻣﺎدة‬
‫‪ 53‬ﻣن ﻧﻔس اﻟدﺳﺗور‪ ،‬وﻓﻲ إطﺎر رﺻد اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻫذا اﻟﺣق ﻧﺟد اﻟﻣؤﺳس‬
‫اﻟدﺳﺗوري ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻻ ﻣﺳﺎس ﺑﺣرﻣﺔ ﺣرﯾﺔ اﻟﻣﻌﺗﻘد وﺣرﻣﺔ ﺣرﯾﺔ اﻟرأي‪ ،12‬واﻟﻣﻼﺣظ أن‬
‫اﻟﻣؤﺳس اﻟدﺳﺗوري وﻧظ اًر ﻷﻫﻣﯾﺔ ﻫذا اﻟﺣق اﺳﺗﻌﻣل ﻣﺻطﻠﺢ ﺣرﻣﺔ ﻗﺑل ﺣرﯾﺔ اﻟرأي‪.‬‬

‫ﻣﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﺗﺿﺢ ﺑﺄن ﺣرﯾﺔ اﻟرأي إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﺣرﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻔردﯾﺔ‪ ،‬ﻛﺣرﯾﺔ اﻻﺑﺗﻛﺎر‬
‫اﻟﻔﻛري واﻟﻔﻧﻲ‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺎرس ﻓﻲ إطﺎر ﺟﻣﺎﻋﻲ ﺗﻣس و ﺗﺗﻘﻠص ﺑﻔﻌل اﻹﺟراءات اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻠﯾﻬﺎ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ اﻟطوارئ أﺛﻧﺎء ﺳرﯾﺎﻧﻬﺎ ﻟﺣﻔظ اﻟﻧظﺎم واﺳﺗﺗﺑﺎب اﻟوﺿﻊ ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ‪.‬‬

‫‪:3‬ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﺟﻣﻊ واﻟﺗظﺎﻫر‬

‫إن اﻟﺗظﺎﻫر ﻗد ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻌﻬود اﻟدوﻟﯾﺔ و اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد ﻣن ﻣوادﻫﺎ‪ ،‬ﻓﻔﻲ‬
‫‪13‬‬
‫اﻹﻋﻼن اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﻠﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺻﺎدر ﻋن اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻋﺎم ‪ 1948‬وﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪20‬‬
‫ﻣﻧﻪ ﻧﺻت ﻋﻠﻰ أن ﻟﻛل ﺷﺧص ﺣﻘﺎ ﻓﻲ ﺣرﯾﺔ اﻻﺷﺗراك ﻓﻲ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﺎت و اﻟﺟﻣﻌﯾﺎت‬
‫اﻟﺳﻠﻣﯾﺔ و ﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 21‬ﻣن اﻟﻌﻬد اﻟدوﻟﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﺣﻘوق اﻟﻣدﻧﯾﺔ و‬
‫‪14‬‬
‫واﻟﺗظﺎﻫرات وﺳﯾﻠﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﻣن وﺳﺎﺋل اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ‪ ،‬وﻣﺎ ﯾﺟدر‬ ‫اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‬
‫ذﻛرﻩ أﻧﻪ ﻓﻲ ظل اﻟظروف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﺗﻠﺟﺄ اﻟﺣﻛوﻣﺎت ﻏﻠﺑﺎ إﻟﻰ ﻣﻧﻊ اﻟﺗظﺎﻫر‪.‬‬

‫‪ -12‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 42‬ﻣن اﻟﺗﻌدﯾل اﻟدﺳﺗوري اﻷﺧﯾر ‪.2016‬‬

‫‪ -13‬اﻹﻋﻼن اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ‪ 10‬دﯾﺳﻣﺑر‪.1948‬‬

‫‪ -‬ﻣﺣﻣد ﺣﺳن دﺧﯾل ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.114‬‬ ‫‪14‬‬


‫ﻓﻲ ﻛل ﻧظﺎم دﯾﻣﻘراطﻲ ﯾظﻬر أﻧﻪ ﻣﺎ ﻣن ﺣق إﻻ و ﯾﻘﺎﺑﻠﻪ واﺟب و إﻻ ﺳﺎدت‬
‫اﻟﻔوﺿﻰ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ‪ ،‬ﻟذا ﯾﺟب أﻻ ﯾﻧﺟم ﻋن ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﺣق اﻟﺗظﺎﻫر أي إﺿرار ﺑﺎﻟﻐﯾر‪ ،‬أو‬
‫إﯾذاء اﻟﻣواطﻧﯾن و ﺗﺧرﯾب ﻟﻣﻣﺗﻠﻛﺎﺗﻬم ‪.‬‬

‫اﻟﺟزاﺋر ﻛﺑﺎﻗﻲ دول اﻟﻌﺎﻟم أوﻟت اﻫﺗﻣﺎﻣﺎ ﺑﺎﻟﻐﺎ ﺑﺣرﯾﺔ اﻟﺗﺟﻣﻊ واﻟﺗظﺎﻫر‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ ﻧظﻣﺗﻪ‬
‫دﺳﺎﺗﯾرﻫﺎ و ﺗﺷرﯾﻌﺎﺗﻬﺎ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺣﯾث ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪ 48‬ﻣن اﻟﺗﻌدﯾل اﻟدﺳﺗوري اﻷﺧﯾر‪2016‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ'' ﺣرﯾﺎت اﻟﺗﻌﺑﯾر و إﻧﺷﺎء اﻟﺟﻣﻌﯾﺎت و اﻻﺟﺗﻣﺎع ﻣﺿﻣوﻧﺔ ﻟﻠﻣواطن '' ‪.‬‬

‫إﻻ أن ﻫذﻩ اﻟﺣرﯾﺎت ﻟم ﺗﺳﻠم ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطوارئ ﻣن ﺑﻌض اﻹﺟراءات‪ ،‬واﻟﻧﺻوص‬


‫واﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﺣﻛم اﻟظروف‪ .‬وﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺎدة اﻟﺳﺎﺑﻌﺔ )‪ (07‬ﻣن اﻟﻣرﺳوم اﻟرﺋﺎﺳﻲ‬
‫رﻗم ‪ 44/92‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 1992/02/09‬اﻟﻣﺗﺿﻣن إﻋﻼن ﺣﺎﻟﺔ اﻟطوارئ ‪ .‬ﻧﺟد أن اﻟﺳﻠطﺔ‬
‫ﻗﺎﻣت ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﻐﻠق اﻟﻣؤﻗت ﻟﻘﺎﻋﺎت اﻟﻌروض اﻟﺗرﻓﯾﻬﯾﺔ ﻛﺈﺟراء اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﻲ ﯾﺣد ﻣن ﺗﺟﻣﻌﺎت‬
‫اﻷﺷﺧﺎص ﻟﺗﻔﺎدي اﻟﺣﻠﻘﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻣﻧﻬﺎ إﺛﺎرة اﻻﺳﺗﻔ اززات ﻣﺎﺑﯾن اﻹﻓراد‬
‫واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت‪ ،‬ﺷرﯾطﺔ أن ﯾﺗم ذﻟك ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺣﺗﻰ ﻻ ﺗﺗﻌﺳف اﻟﺳﻠطﺔ‬
‫اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻓﻲ ﻏﻠق اﻟﻘﺎﻋﺎت ﻻﺳﯾﻣﺎ اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻣﻧﻬﺎ ﻟﻠﺧواص‪ ،‬ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﻘﺎﻋﺎت ذات‬
‫طﺎﺑﻊ ﻋرض ﺗرﻓﯾﻬﻲ‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﻗد ﯾﻧﻌدم ﻓﯾﻬﺎ ﻓﻲ أﻏﻠب اﻷوﻗﺎت اﺣﺗﻣﺎل اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم‬
‫واﻟﺳﻛﯾﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ‪.‬‬

‫أﻣﺎ إذا ﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺄﻣﺎﻛن اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﺎت‪ ،‬ﻓﺎن اﻷﻣر ﻫﻧﺎ ﯾﺧﺗﻠف ﻷن اﻟواﺿﺢ ﻣن ﺧﻼل‬
‫ﺗﺳﻣﯾﺗﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﻣﺣﺑذة ﻟﻸﻓراد واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت أﺛﻧﺎء ﺣﺎﻟﺔ اﻟطوارئ ﻟﻠﺗﺟﻣﻊ ﻓﯾﻬﺎ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺻﻠﺣﺔ‬
‫واﺣدة وﻫدف ﻣﻌﯾن ﯾﺑﻐون اﻟوﺻول إﻟﯾﻪ‪.‬‬
‫وﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺳﺎس ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﻘول ﺑﺄن ﻫذﻩ اﻟﺣرﯾﺎت أﺛﻧﺎء ﺳرﯾﺎن ﺣﺎﻟﺔ اﻟطوارئ ﺗﻧﻬﺎر‬
‫ﺗﻣﺎﻣﺎ ﺑﻔﻌل إﺻﺎﺑﺗﻬﺎ‪ ،‬ﻧظ ار ﻟﺗطوﯾﻘﻬﺎ ﻻﺳﯾﻣﺎ أﻧﻬﺎ ذات ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺑﻌض اﻟﺣرﯾﺎت اﻷﺧرى ﻛﺣرﯾﺔ‬
‫اﻟﺗﻌﺑﯾر واﻟﺗظﺎﻫر واﻟﻣﺳﯾرات وﺣرﯾﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﺣق اﻹﺿراب ‪.......‬اﻟﺦ ‪.15‬‬

‫ﺗﺗﻌرض اﻟﺣﻘوق و اﻟﺣرﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟظروف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ إﻟﻰ ﺗﺄﺛﯾر ﺑﺎﻟﻎ اﻷﻫﻣﯾﺔ‬
‫ﻓﺎﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟدول ﺗﻌطل ﻧﺷﺎطﺎت اﻷﺣزاب و اﻟﺟﻣﻌﯾﺎت و أﺣﯾﺎﻧﺎ ﺗﻠﺟﺄ إﻟﻰ ﺣﻠﻬﺎ‪ ،‬ورﺑﻣﺎ أدت‬
‫إﻟﻰ ﺗﻘﯾﯾد ﺣرﯾﺔ ﻋﻘد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﺎت واﻟﻣظﺎﻫرات‪.‬‬

‫‪:4‬ﺣــــــــــــرﻣﺔ اﻟﻣﻧزل‬

‫ﻧظ ار ﻷﻫﻣﯾﺔ ﺣرﻣﺔ اﻟﻣﻧزل ﻛﺎن ﻣن أوﻟوﯾﺎت اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ واﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ودﺳﺎﺗﯾر اﻟدول‬
‫وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 17‬ﻣن اﻟﻣﻌﻬد اﻟدوﻟﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﺣﻘوق اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ‪.16‬‬

‫‪17‬‬
‫ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺣﯾث‬ ‫وﻫذا ﻣﺎ أﺷﺎرت إﻟﯾﻪ ﻛذﻟك اﻟﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻣﻧﺔ‬
‫ﻧﺻت ﻋﻠﻰ أن '' ﻟﻛل إﻧﺳﺎن اﻟﺣق ﻓﻲ اﺣﺗرام ﺣﯾﺎﺗﻪ اﻟﺧﺎﺻﺔ و اﻟﻌﺎﺋﻠﯾﺔ و ﻣﺳﻛﻧﻪ‬
‫‪18‬‬
‫ﻟﻛل إﻧﺳﺎن‬ ‫وﻣراﺳﻼﺗﻪ"‪ ،‬أﻣﺎ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻘد ﻧﺻت ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪'' 21‬‬
‫اﻟﺣق ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻣﺳﻛﻧﻪ و اﻟﺗﻣﺗﻊ ﺑﻪ‪.19‬‬

‫ﺳﺣﻧﯾن أﺣﻣد ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.101‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪ -‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 17‬ﻻ ﯾﺟوز ﺗﻌرض أي ﺷﺧص ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﺗﻌﺳﻔﻲ أو ﻏﯾر ﻗﺎﻧوﻧﻲ اﻟﺗدﺧل ﻓﻲ ﺧﺻوﺻﯾﺎﺗﻪ أو ﺷؤون‬ ‫‪16‬‬

‫أﺳرﺗﻪ أو ﺑﯾﺗﻪ ‪.‬‬

‫‪ - 17‬اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷوروﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ‪.1950/11/04‬‬

‫‪ -18‬اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ‪.1969/11/22‬‬

‫‪ -‬ﻣﺣﻣد ﺣﺳن دﺧﯾل‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪19‬‬


‫وﻫذا اﻟﻣوﺿوع إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ و اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﻓﻘد ﺣظﻲ ﺑﺎﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻎ ﻣن‬
‫ﻗﺑل دﺳﺎﺗﯾر اﻟدول و ﻣن ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟدﺳﺎﺗﯾر اﻟدﺳﺗور اﻷردﻧﻲ ﺣﯾث ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻟﻌﺎﺷرة‬
‫ﻣﻧﻪ‪ ،‬أن ﻟﻠﻣﺳﻛن ﺣرﻣﺔ ﻓﻼ ﯾﺟوز دﺧوﻟﻪ إﻻ ﻓﻲ اﻷﺣوال اﻟﻣﺑﯾﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬وﻣن دﺧل‬
‫ﻣﺳﻛﻧﺎ آﺧر وﻓﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة‪ 347‬ﻋﻘوﺑﺎت‪ ،‬أو ﻣﻠﺣﻘﺎت ﻣﺳﻛﻧﻪ‪ ،‬ﺧﻼﻓﺎ ﻹرادة ذﻟك اﻵﺧر‪،‬‬
‫وﻛذﻟك ﻣن ﻣﻛث ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛن اﻟﻣذﻛورة ﺧﻼﻓﺎ ﻹرادة ﻣن ﻟﻪ اﻟﺣق ﻓﻲ إﻗﺻﺎﺋﻪ ﻋﻧﻬﺎ ﻋوﻗب‬
‫ﻋﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻣدة ﻻ ﺗﺗﺟﺎوز اﻟﺳﺗﺔ أﺷﻬر‪ ،‬وﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻣن ﺷﻬر إﻟﻰ ﺳﻧﺔ إذا وﻗﻊ اﻟﻔﻌل‬
‫ﻟﯾﻼ أو ﺑواﺳطﺔ اﻟﻌﻧف ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺧﺎص أو اﻟﻛﺳر أو ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺳﻼح أو ارﺗﻛﺑﻪ ﻋدة‬
‫أﺷﺧﺎص ﻣﺟﺗﻣﻌﯾن‪.20‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻣؤﺳس اﻟدﺳﺗوري اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬ﻓﻧﺟدﻩ ﻗد أوﺟب ﻋﻠﻰ اﻟدوﻟﺔ ﺿﻣﺎن ﻋدم اﻧﺗﻬﺎك‬
‫ﺣرﻣﺔ اﻟﻣﺳﻛن وﻫذا ﻣن ﺧﻼل ﺗﺷدﯾدﻩ ﻟﻺﺟراءات وﺗﻌﻘﯾدﻩ ﻟﻬﺎ ﻓﻼ ﺗﻔﺗﯾش إﻻ ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻘﺎﻧون‬
‫وﻓﻲ إطﺎر اﺣﺗراﻣﻪ وﻻ ﺗﻔﺗﯾش إﻻ ﺑﺄﻣر ﻣﻛﺗوب ﺻﺎدر ﻋن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ‪.21‬‬

‫ﻣن ﺧﻼل ﻧص اﻟﻣﺎدة أﻋﻼﻩ ﯾﺗﺿﺢ أن اﻟﻣؤﺳﺳﻲ اﻟدﺳﺗوري اﻟﺟزاﺋري ﻗد أوﻟﻰ ﺣرﻣﺔ‬
‫اﻟﻣﻧزل ﻋﻧﺎﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻧظ ار ﻷﻫﻣﯾﺗﻪ ﺣﯾث أﻧﻧﺎ ﻧﺟدﻩ ﻗد ﻏل ﯾد اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻣﻣﻧوح ﻟﻬﺎ ﺣق‬
‫اﻟﺗﻔﺗﯾش إﻻ ﺑﻣوﺟب أﻣر ﻗﺿﺎﺋﻲ‪ ،‬ﻛﻣﺎ اﺷﺗرط أن ﯾﻛون ﻧﻬﺎ ار و ﻟﯾس ﻟﯾﻼ‪.‬‬

‫اﻷﻣر اﻟذي أﻛدﺗﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 47‬ﻣن ق‪.‬إ‪ .‬ج اﻟﺗﻲ ﺑﯾﻧت اﻟﻣواﻗﯾت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺗﻔﺗﯾش ﺣﺗﻰ‬
‫و ﻟو ﻛﺎﻧت اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺗﻬدف إﻟﻰ إﻟﻘﺎء اﻟﻘﺑض ﻋﻠﻰ ﺷﺧص ﺻدر ﺿدﻩ أﻣر ﺑﺎﻟﻘﺑض‪.‬‬

‫وﻗد أﺿﺎﻓت اﻟﻣﺎدة ‪ 122‬ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون‪ :‬أﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﻣﻛﻠف ﺑﺗﻧﻔﯾذ أﻣر اﻟﻘﺑض أن‬
‫ﯾدﺧل ﻣﺳﻛن أي ﻣواطن ﻗﺑل اﻟﺳﺎﻋﺔ اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ﺻﺑﺎﺣﺎ وﻻ ﺑﻌد اﻟﺳﺎﻋﺔ اﻟﺛﺎﻣﻧﺔ ﻣﺳﺎء وﻟﻪ أن‬

‫‪20‬‬
‫‪ -‬ﺳﻌد ﻋﻠﻲ اﻟﺑﺷﯾر‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪ 57‬ـ ‪.58‬‬

‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 47‬ﻣن اﻟﺗﻌدﯾل اﻟدﺳﺗوري اﻷﺧﯾر ‪ ":2016‬ﺗﺿﻣن اﻟدوﻟﺔ ﻋدم اﻧﺗﻬﺎك ﺣرﻣﺔ اﻟﻣﺳﻛن‪ .‬ﻓﻼ ﺗﻔﺗﯾش‬ ‫‪21‬‬

‫إﻻ ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬وﻓﻲ إطﺎر اﺣﺗراﻣﻪ‪ .‬وﻻ ﺗﻔﺗﯾش إﻻ ﺑﺄﻣر ﻣﻛﺗوب ﺻﺎدر ﻋن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ‪".‬‬
‫ﯾﺻطﺣب ﻣﻌﻪ ﻗوة ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﻛﻲ ﻻ ﯾﺗﻣﻛن اﻟﻣﺗﻬم ﻣن اﻹﻓﻼت ﻋن اﻟﺿﺑطﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟظروف اﻟﻌﺎدﯾﺔ ‪.‬‬

‫إﻻ أﻧﻪ و ﺑﺎﻟﻧظـ ـ ــر إﻟﻰ ﻧــص اﻟﻣﺎدة ‪ 6 / 06‬ﻣن اﻟﻣـوﺳم اﻟرﺋﺎﺳﻲ رﻗم ‪44 – 92‬‬
‫اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 1992 / 02 / 19‬اﻟﻣﺗﺿﻣن اﻹﻋﻼن ﻋن ﺣﺎﻟﺔ اﻟطوارئ ﻧﺟد أﻧﻪ أﺟﺎز اﻟﺗﻔﺗﯾش‬
‫ﻟﯾﻼ و ﻧﻬﺎ ار ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن اﻟوﺿﻊ اﻷﻣﻧﻲ اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﻲ و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﺳﺗوﺟب اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ رﺧﺻﺔ‬
‫ﻣن طرف اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﺗﻔﺗﯾش‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎً‪:‬اﻟﺣﻘوق اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ‬

‫و ﺗﺗطﻠب ﻟﯾس ﻓﻘط ﻣﺟرد اﻣﺗﻧﺎع اﻟدوﻟﺔ ﻋن ﻋرﻗﻠﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺗﻬﺎ أو إﺷﺑﺎﻋﻬﺎ‪ ،‬ﺑل ﺗﻠﺗزم‬
‫اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺗدﺧل اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ اﻟﻼزم ﻟﻛﻔﺎﻟﺗﻬﺎ‪ ،‬و ﺗﻌﺑر ﻋن اﻟﻣﺳﺎواة اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ وﺗﺧﺗﻠف ﻓﻠﺳﻔﺗﻬﺎ‬
‫ﺗﻣﺎﻣﺎً ﻋن ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺣﻘوق اﻟﺟﯾل اﻷول‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻠﺳﻔﺔ اﺷﺗراﻛﯾﺔ‬
‫اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬ﺗﺄﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟطﺑﻘﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻛﺎدﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪ ،‬ﺣﯾث ﺗطﺎﻟب‬
‫ﺑﺿرورة ﺗوﻓﯾر اﻟﺣد اﻷدﻧﻰ اﻟﻣﻌﯾﺷﻲ ﻟﻬﺎ‪ ،‬ﺗطﺑﯾق ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺣﻘوق ﯾﻛون ﺗدرﯾﺟﻲ‬
‫ﺣﺳب اﻟﻘدرة اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻟﻛل دوﻟﺔ‪ .‬وﺗﺷﻣل ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ .1‬اﻟﺣق ﻓﻲ ﻣﺳﺗوى ﻣﻌﯾﺷﻲ ﻻﺋق‪.‬‬


‫‪ .2‬اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫‪ .3‬اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟرﻋﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ .4‬اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺗﻌﻠﯾم‪.‬‬
‫‪ .5‬اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺑﯾﺋﺔ‪.‬‬
‫‪ .6‬اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺳﻛن اﻟﻣﻼﺋم‪.‬‬
‫‪ .7‬ﺣق ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺷﻌوب ﻓﻲ ﺗﻘرﯾر ﻣﺻﯾرﻫﺎ ﺑﻧﻔﺳﻬﺎ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻟﺛﺎً‪ :‬ﺣﻘوق اﻟﺗﺿﺎﻣن‬

‫و ﺗﺳﻣﻰ ﻛذﻟك ﺑﺎﻟﺣﻘوق اﻟﺟدﯾدة أو اﻟﻣﺑرﻣﺟﺔ أو اﻟﺣﻘوق اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬ﺗﺧﺗﻠف ﻋن ﺣﻘوق‬


‫اﻟﺟﯾﻠﯾن اﻷول و اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻲ أن ﺻﺎﺣب اﻟﺣق ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺷﻌب أو اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ و ﻟﯾس اﻟﻔرد ﻛﻣﺎ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺟﯾﻠﯾن اﻷول و اﻟﺛﺎﻧﻲ واﻷﺳﺎس اﻟذي ﺗﻘوم ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬ﻫو إدﺧﺎل اﻟﺑﻌد اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ إﻟﻰ‬
‫ﻣﺟﺎﻻت ﻛﺎﻧت ﻣﺗروﻛﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾﻣﻛن إﻋﻣﺎل ﻫذﻩ اﻟﺣﻘوق إﻻ ﺑﺗﺿﺎﻓر ﺟﻬود ﻛل اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن ﻓﻲ‬
‫اﻟﻠﻌﺑﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬اﻟدول‪ ،‬اﻷﻓراد‪ ،‬و اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ‪ ،‬ﻟذﻟك ﺗﺳﻣﻰ ﺣﻘوق‬
‫اﻟﺗﺿﺎﻣن‪،‬وﺗﺷﻣل ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ .1‬اﻟﺣ ﱠ‬
‫ق ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ .2‬اﻟﺣ ﱠ‬
‫ق ﻓﻲ ﺑﯾﺋﺔ ﺻﺣﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ .3‬اﻟﺣق ﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﻣوارد اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ .4‬اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔَ ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ‪.‬‬
‫‪ .5‬اﻟﺣ ﱠ‬
‫ق ﻓﻲ اﻟﺛروة‪.‬‬
‫‪ .6‬اﻟﺣق ﻓﻲ اﻻﺳﺗداﻣﺔ‪.‬‬
‫‪ .7‬اﻟﺣق ﻓﻲ اﻹﻧﺻﺎف ﺑﯾن اﻷﺟﯾﺎل‪.‬‬
‫‪ .8‬اﻟﺣق ﻓﻲ اﻹﻏﺎﺛﺔ ﻋﻧد اﻟﻛوارث‪.‬‬
‫‪ .9‬اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺗﺿﺎﻣن‪.‬‬
‫ﺣق اﻟﻌﯾش ﻓﻲ ﺑﯾﺋﺔ ﻧظﯾﻔﺔ‪.‬‬ ‫‪.10‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‬

‫اﻵﻟﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫إن دراﺳﺗﻧﺎ ﻟﻬذﻩ اﻵﻟﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﺳﺗﻛون ﻣن ﺧﻼل إﺑراز دور اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة وأﺟﻬزﺗﻬﺎ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‬
‫ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت)ﻣﺑﺣث أول(‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ دور اﻵﻟﯾﺎت اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻣﺎﯾﺔ‬
‫اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت)ﻣﺑﺣث ﺛﺎﻧﻲ(‪.‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻷول‬

‫دور اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة وأﺟﻬزﺗﻬﺎ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت‬

‫ﻟﻘد ﺟﺎءت اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﻟﻬذا ﻓﻬﻲ ﺗﻌد إﺣدى اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ‬
‫اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋن ﻫذﻩ اﻟﺣرب‪ ،‬وﺗﻔﺎدﯾﺎً ﻟﻠوﻗوع ﻓﻲ ﻣﺄﺳﺎة ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ أﺧرى ﺑدأ اﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﺟﺎد ﻓﻲ إﺻﻼح‬
‫اﻟﺧﻠل‪ ،‬وﻣن اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺗوﺻل إﻟﯾﻬﺎ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ أﻣور ﻣﻬﻣﺔ ﯾﺟب اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﻬﺎ‪ ،‬وﺿﻊ اﻷﻓراد‬
‫واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻣوﺿﻊ اﻻﻫﺗﻣﺎم اﻟدوﻟﻲ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﻫذا ﻓﺈن ﻣن ﻣﺳﺗﻠزﻣﺎت ﻫذا اﻻﻫﺗﻣﺎم‬
‫ﺿرورة أن ﯾﺗﻣﺗﻊ اﻷﻓراد ﺑﺑﻌض اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت‪ ،‬وﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ﯾﺟب أن ﻧﺑﯾن ﻣﺎ ﻣدى‬
‫إﺳﻬﺎم اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت)ﻣطﻠب أول(‪ ،‬وﻛذا أﺟﻬزﺗﻬﺎ‬
‫اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ)ﻣطﻠب ﺛﺎﻧﻲ(‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‬

‫دور اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت‬

‫إن اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ أﺣد أﻫم اﻵﻟﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﺗﺣظﻰ ﺑﺎﺣﺗرام وﻗﺑول أﺳرة‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ ﻗد ﻋﻣﻠت ﻛل ﻣﺎ ﻓﻲ وﺳﻌﻬﺎ ﻣن أﺟل ﺿﻣﺎن اﺣﺗرام ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن وﺣرﯾﺎﺗﻪ‪،‬‬
‫وﻟﻠوﻗوف ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻬودات اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺧﺻوص‪ ،‬ﺳﻧﺗطرق إﻟﻰ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ‬
‫ﻧﺻوص اﻟﻣﯾﺛﺎق)اﻟﻔرع اﻷول(‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻘﯾﯾم ﻫذﻩ اﻟﻧﺻوص)اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(‪.‬‬
‫اﻟﻔرع اﻷول‬

‫ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﻧﺻوص اﻟﻣﯾﺛﺎق‬

‫ﻟﻘد ﺟﺎءت دﯾﺑﺎﺟﺔ اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻣﺣﺎوﻟﺔ أن ﺗﻌﺑر ﻋﻣﺎ ﻋﺎﻧﺗﻪ اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻣن وﯾﻼت اﻟﺣروب وﻣﺎ ﺗﺗطﻠﻊ‬
‫إﻟﯾﻪ ﻣن اﺳﺗﻘرار وﺳﻠم وأﻣن وﺣرﯾﺔ ﻟﺑﻧﻲ اﻹﻧﺳﺎن ﺣﯾث ﺗم اﻟﻧص ﻣن ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟدﯾﺑﺎﺟﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﺎﯾﻠﻲ‪ " :‬ﻧﺣن ﺷﻌوب اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة وﻗد أﻟﯾﻧﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺳﻧﺎ أن ﻧﻧﻘذ اﻷﺟﯾﺎل اﻟﻣﻘﺑﻠﺔ ﻣن‬
‫وﯾﻼت اﻟﺣرب‪ ......‬وﻧؤﻛد ﻣن ﺟدﯾد إﯾﻣﺎﻧﻧﺎ ﺑﺎﻟﺣﻘوق اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن وﺑﻛراﻣﺔ اﻟﻔرد‬
‫وﻗدرﻩ وﺑﻣﺎ ﻟﻠرﺟﺎل واﻟﻧﺳﺎء واﻷﻣم ﻛﺑﯾرﻫﺎ وﺻﻐﯾرﻫﺎ ﻣن ﺣﻘوق ﻣﺗﺳﺎوﯾﺔ‪ ......‬وأن ﻧدﻓﻊ‬
‫ﺑﺎﻟرﻗﻲ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻗدﻣﺎ‪ ،‬وأن ﻧرﻓﻊ ﻣﺳﺗوى اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ ﺟو ﻣن اﻟﺣرﯾﺔ أﻓﺳﺢ‪.".......‬ﻛذﻟك‬
‫ﻋﻛﺳت ﺑﻌض ﻣواد اﻟﻣﯾﺛﺎق‪ ،‬ﺑﺧﺎﺻﺔ اﻟﻣﺎدة اﻷوﻟﻰ واﻟﻣﺎدﺗﺎن ‪ 56 ،55‬واﻟﻣﺎدﺗﺎن ‪76 ،73‬‬
‫اﻟﺣرص ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻛﯾد ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن وﺣرﯾﺎﺗﻪ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ‪.22‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‬

‫ﺗﻘﯾﯾم ﻧﺻوص اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫إن ﺗﻘﯾﯾم ﻧﺻوص ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻟن ﯾﺗﺄﺗﻰ إﻻ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﻋﯾوب ﻧﺻوص‬
‫ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق‪ ،‬وﻛذا اﻟﻣﻣﯾزات اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﯾز ﺑﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟﻧﺻوص‪ ،‬وذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫اوﻻ‪ :‬ﻋﯾوب ﻧﺻوص اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫ﻟﻘد ﺗﻌرﺿت ﻧﺻوص ﻣﯾﺛﺎق اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن‬
‫اﻻﻧﺗﻘﺎدات‪ ،‬وذﻟك ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أﻧﻬﺎ ﺗﻔرض ﻋﻠﻰ اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء ﻣﺟرد اﻟﺗزام أدﺑﻲ وﺳﯾﺎﺳﻲ دون‬
‫اﻻﻟﺗزام اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻋدم اﺣﺗواء ﻫذﻩ اﻟﻧﺻوص ﻋﻠﻰ أي ﺟﻬﺎز أو وﺳﯾﻠﺔ ﻣﻌﻧﯾﺔ‬

‫‪22‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﯾﺣﻲ اﻟﺟﻣل ‪ ،‬ﺣﺻﺎد اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬دار اﻟﺷروق‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،2006 ،‬ص‬

‫‪.105‬‬
‫ﺑرﻗﺎﺑﺔ وﺿﻣﺎن ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺣرﯾﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن ﻧﺻوص ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق‬
‫ﺟﺎءت ﺧﺎﻟﯾﺔ ﻣن إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻻﻋﺗراف ﻟﻸﻓراد ﺑﺣق اﻟﺗظﻠم أﻣﺎم اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻓﻲ ﺣﺎل ﻣﺎ إذا ﺗم‬
‫اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣﻘوﻗﻬم وﺣرﯾﺎﺗﻬم‪.‬‬

‫وﻣﻣﺎ ﯾﻌﺎب ﻛذﻟك ﻋﻠﻰ ﻧﺻوص ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق وﺑﺎﻟﺧﺻوص ﺗﻠك اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻘﺿﯾﺔ اﻟﺣﻘوق‬
‫واﻟﺣرﯾﺎت‪ ،‬أﻧﻬﺎ ﺟﺎءت ﺧﺎﻟﯾﺔ ﻣن اﻟﺻراﻣﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻘد ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق أن ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣواﻗف أﻛﺛر ﺻﻼﺑﺔ وﺻراﻣﺔ‪ ،‬وﻟﻌل اﻟﺳﺑب ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻠﯾوﻧﺔ أﻧﻣﺎ ﯾرﺟﻊ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس ﻷﻏراض‬
‫ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وﻣﺻﺎﻟﺢ ﻣﻌﯾﻧﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﺗم اﻟﺗﻧﺑﯾﻪ إﻟﻰ ﺿرورة اﻟﺗﺣﻠﻲ ﺑﺎﻟﺻراﻣﺔ واﻹﻟزام اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ وذﻟك‬
‫أﺛﻧﺎء ﺻﯾﺎﻏﺔ ﻧﺻوص اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻣن ﻗﺑل ﺑﻌض اﻟوﻓود اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﯾﺎﻏﺔ‪ ،‬إﻻ أن طﻠﺑﻬﺎ‬
‫ﻫذا ﻗد ﺟوﺑﻪ ﺑﺎﻟرﻓض ﻣن ﻗﺑل اﻟدول اﻟﻛﺑرى اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻣﺛل اﻟوﻻﯾﺎت‬
‫اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺗﺑﻧﻰ آﻧذاك اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﻧﺻري‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻧﺟﻠﺗ ار وﻓرﻧﺳﺎ‬
‫آﻟﺗﺎن رﻓﺿﺗﺎ ﻫذا اﻟطﻠب‪ ،‬وذﻟك ﻣن أﺟل اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗﻌﻣراﺗﻬﻣﺎ‪ ،‬وﻛذﻟك اﻻﺗﺣﺎد‬
‫اﻟﺳوﻓﯾﺗﻲ اﻟذي ﻛﺎن ﻧظﺎﻣﻪ آﻧذاك اﺳﺗﺑدادي‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎً‪ :‬ﻣزاﯾﺎ ﻧﺻوص اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﻛل ﺗﻠك اﻻﻧﺗﻘﺎدات اﻟﺗﻲ ﺗﻌرﺿت ﻟﻬﺎ ﻧﺻوص اﻟﻣﯾﺛﺎق واﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺣﻘوق‬
‫اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬إﻻ أن ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ ﯾذﻫب إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن ﻧﺻوص اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺣﻘوق‬
‫اﻹﻧﺳﺎن ذات ﻗوة ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣﺛﻠﻬﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﻣﺛل ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻣﯾﺛﺎق وﻫو ﻣﺎ‬
‫ﯾﺗﺿﺢ ﻣن ﺧﻼل اﻻﻟﺗزام اﻟﺿﻣﻧﻲ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﻛل ﻣن اﻟﻣﺎدة ‪ 55‬وﻛذا اﻟﻣﺎدة‪،13‬‬
‫واﻟﺗﻲ أﻟزﻣت اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﺑﺄن ﺗﻌﻣل ﻛل ﻣﺎ ﻓﻲ وﺳﻌﻬﺎ ﻣن أﺟل أن ﯾﺷﯾﻊ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﺣﺗرام‬

‫ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ﻓﺈن اﻟﻣﺎدة ‪ 56‬ﻣن ﻧﻔس اﻟﻣﯾﺛﺎق ﺗﺷﻛل اﻟﺗزاﻣﺎً ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎً‬
‫ﺣﻘﯾﻘﯾﺎً ﻟﻠدول‪.‬‬
‫وﻋﻠﻰ ﻋﻛس اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠم واﻷﻣن اﻟدوﻟﯾﯾن اﻟﺗﻲ ﻋﻬد ﺑﻬﺎ ﻣﯾﺛﺎق‬
‫ﻣﻧظﻣﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻟﻣﺟﻠس اﻷﻣن‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻟم ﯾﺷﺄ أن ﯾﻌﻬد اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺗﻌزﯾز‬
‫اﺣﺗرام ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻟﺟﻬﺎز ﻣﻌﯾن دون اﻷﺟﻬزة اﻷﺧرى‪ ،‬ﺣﯾث ﺧول ﻫذا اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻟﻛل‬
‫ﻣن اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬اﻟﻣﺟﻠس اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﻠﺟﺎﻧﻪ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪ ،‬وﻣﺟﻠس ﺣﻘوق‬
‫اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬واﻟﻠﺟﺎن اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﺔ وﻣﺟﻠس اﻷﻣن‪ ......‬اﻟﺦ‪ ،‬وﻟﻛل ﻣن ﻫذﻩ اﻷﺟﻬزة اﻟﺣق ﻓﻲ‬
‫اﻟﺗﻌرض ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﺳﺎﺋل ﻛل ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧﺻﻪ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‬

‫دور أﺟﻬزة اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت‬

‫ﻟﻘد ﻟﻌﺑت أﺟﻬزة اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة دو اًر ﻣﻬﻣﺎً ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻷﻓراد وﻟﻠوﻗوف ﻋﻠﻰ ﻫذا‬
‫اﻟدور ﺳﻧﻘوم ﺑدراﺳﺔ أﻫم ﺗﻠك اﻷﺟﻬزة اﻟﺗﻲ ﺗﻌرﺿت ﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت واﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ‬
‫ﻓﻲ ﻛل ﻣن اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ) اﻟﻔرع اﻷول(‪ ،‬وﻣﺟﻠس اﻷﻣن)اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(‪ ،‬واﻟﻣﺟﻠس‬
‫اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث(‪ ،‬وﻣﺟﻠس ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن)اﻟﻔرع اﻟراﺑﻊ(‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول‬

‫دور اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت‬

‫ﻣن ﺧﻼل ﻣﯾﺛﺎق اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻓﺈن اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻬﺎ وﺟوب إﺟراء‬
‫اﻟدراﺳﺎت وﺗﻘدﯾم اﻟﺗوﺻﯾﺎت ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻓﻲ إﻗرار ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن وﺣرﯾﺎﺗﻪ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ‪،‬‬
‫وﻣﻧذ ﺻدور اﻹﻋﻼن اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن اﻋﺗﻣدت اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﺎ ﯾﻘﺎرب )‪(60‬‬
‫إﻋﻼﻧﺎً واﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬

‫وطﺑﻘﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة‪ 22‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻓﺈن اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﻧﺷﺄ ﻣﺎ ﺗراﻩ ﺿرورﯾﺎً ﻣن اﻷﺟﻬزة‬
‫اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑوظﺎﺋﻔﻬﺎ وﻣن ﻫذﻩ اﻷﺟﻬزة ﻟﺟﻧﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ‪ ،‬واﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻣﻧﺎﻫﺿﺔ‬
‫اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻟﻌﻧﺻري‪ ،‬واﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺷﻌب اﻟﻔﻠﺳطﯾﻧﻲ ﻟﺣﻘوﻗﻪ ﻏﯾر اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ‬
‫ﻟﻠﺗﺻرف‪...‬اﻟﺦ‪.23‬‬

‫ﻟﻘد اﻋﺗﻣدت اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻋدداً ﻣن ﻣﺑﺎدئ وﻣﻌﺎﯾﯾر ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺷﺄن‬
‫ﺣﻘوق اﻟﻔﺋﺎت اﻟﻣﺗﻣﺗﻌﺔ ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺈن اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻗد طورت‬
‫ﻣﻌﺎﯾﯾر ﺑﺷﺄن اﺣﺗﺟﺎز اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣدﻧﯾﯾن ﻓﻲ ﺟراﺋم اﻟﺣرب‪ ،‬واﻟﺟراﺋم ﺿد اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﻋﺗﻘﺎﻟﻬم‬
‫وﺗﺳﻠﯾﻣﻬم وﻣﻌﺎﻗﺑﺗﻬم‪.24‬‬

‫وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ ﻗد أﺛﯾرت ﺑﺎﻟﻔﻌل ﻓﻲ‬
‫إﻋﻼن طﻬران ﻟﻌﺎم ‪ ،1968‬ﺣﯾث طﻠب ﻓﻲ ﻗ اررﻩ ‪ 23‬إﻟﻰ اﻷﻣﯾن اﻟﻌﺎم أن ﯾﻘوم ﺑﻠﻔت ﻧظر‬
‫ﺟﻣﯾﻊ اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء ﻓﻲ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة إﻟﻰ ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟدوﻟﻲ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ‬
‫طﻠب أﯾﺿﺎ ﻣن اﻷﻣﯾن اﻟﻌﺎم أن ﯾﻌد دراﺳﺔ ﺑﺷﺄن ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺣﺗرام ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻧزاﻋﺎت‬
‫وﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﻪ ﻗدم اﻷﻣﯾن اﻟﻌﺎم اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺗﻘﺎرﯾر إﻟﻰ اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬
‫ً‬ ‫اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ‪،‬‬

‫وﺧﻼل ﺳﻧوات اﻟﺳﺑﻌﯾﻧﺎت اﻋﺗﻣدت اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن اﻟﻘ اررات أﻛدت ﻓﯾﻬﺎ ﻣن ﺟدﯾد‬
‫اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻛﻔﺎﻟﺔ اﻻﺣﺗرام اﻟﻛﺎﻣل ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ وﺷددت أﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫أﻻ ﺗﻛون اﻟﻣﻧﺷﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﺧدﻣﻬﺎ اﻟﻣدﻧﯾون ﻣن ﻣﺳﺎﻛن وأﻣﻛن اﻹﯾواء واﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت‬
‫واﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﺗﻌﻠﯾﻣﯾﺔ‪.....‬اﻟﺦ أﻫداﻓﺎً ﻟﻠﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ‪ ،‬وﻣﻣﺎ ﺗﺟب اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ أن ﻛل ﻫذﻩ‬
‫اﻹﻣﻛﺎن اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر ﻗد ﻛﺎﻧت ﻣﺣل أﻫداف اﻟﻘوات اﻹﺳراﺋﯾﻠﯾﺔ أﺛﻧﺎء اﻟﺣرب اﻷﺧﯾرة ﻋﻠﻰ‬
‫ﻏزة‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ أﻻ ﯾﻛون اﻟﻣدﻧﯾون ﺿﺣﺎﯾﺎ ﻟﻠﻌﻣﻠﯾﺎت اﻻﻧﺗﻘﺎﻣﯾﺔ‪ ،‬وﻗد أﻋﻠﻧت أﯾﺿﺎ اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ‬

‫‪23‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻣﺎزن ﻟﯾﻠوي راﺿﻲ وﺣﯾدر أدﻫم ﻋﺑد اﻟﻬﺎدي‪ ،‬ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن دراﺳﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ‪ ،‬دار اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪،‬‬

‫اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ، 2009 ،‬ص ‪.261‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻣﻛﺗب اﻟﻣﻔوض اﻟﺳﺎﻣﻲ‪ ،‬اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟﻣﺳﻠﺢ‪ ،‬اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪،‬‬

‫ﻧﯾوﯾورك وﺟﻧﯾف‪.2012 ،‬‬


‫اﻟﻌﺎﻣﺔ أن ﺗﻘدﯾم اﻟﻐوث إﻟﻰ اﻟﺳﻛﺎن اﻟﻣدﻧﯾﯾن ﯾﺟب أن ﯾﺗواﻓق ﻣﻊ ﻣﯾﺛﺎق اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة‬
‫واﻹﻋﻼن اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬وﺳﺎﺋر اﻟﺻﻛوك اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬

‫ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ﻓﻘد ﻛرر رؤﺳﺎء اﻟدول واﻟﺣﻛوﻣﺎت ﻓﻲ ﻣؤﺗﻣر اﻟﻘﻣﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﻌﺎم‬
‫‪2005‬ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻛﯾد اﻟﺗزاﻣﻬم ﺑﺎﺣﺗرام ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻛل دوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺣدة‬
‫ﻋن ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺳﻛﺎن ﻣن اﻹﺑﺎدة اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬وﺟراﺋم اﻟﺟرب واﻟﺟراﺋم ﺿد اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬وﺗﺳﺗﻠزم ﻫذﻩ‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻣﻧﻊ وﻗوع ﻫذﻩ اﻟﺟراﺋم‪ ،‬وﻛذا اﻟﺣث ﻋﻠﻰ ارﺗﻛﺎﺑﻬﺎ‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ أﻛدوا ﻛذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ أن ﺗواﺻل اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪،‬‬
‫ﻋن ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺳﻛﺎن ﻣن اﻹﺑﺎدة اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ وﺟراﺋم اﻟﺣرب واﻟﺟراﺋم ﺿد اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬وﻣﺎ ﯾﺗرﺗب‬
‫ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪ ،‬ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة ﻣﺑﺎدئ اﻟﻣﯾﺛﺎق واﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم‪ ،‬وأﻛدوا ﻣن ﺟدﯾد‬
‫اﻟﺗزاﻣﻬم ﺑﻣﺳﺎﻋدة اﻟدول ﻋﻠﻰ ﺑﻧﺎء ﻗدراﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺳﻛﺎن ﻣن اﻹﺑﺎدة اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ وﺟراﺋم‬
‫اﻟﺣرب واﻟﺟراﺋم ﺿد اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وﻣﺳﺎﻋدة اﻟدول اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻬد ﺗوﺗرات ﻗﺑل أن ﺗﻧﺷب ﻓﯾﻬﺎ اﻷزﻣﺎت‬
‫واﻟﻧزاﻋﺎت‪.‬‬

‫اﻧطﻼﻗﺎ ﻣﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أﻧﻪ ﺣﺗﻰ ٕوان ﻛﺎﻧت اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻻ ﺗﺗﺧذ اﻟﺗداﺑﯾر‬
‫اﻟﺣﻣﺎﺋﯾﺔ أو ﺗﻘوم ﺑﺈﻧﻔﺎذﻫﺎ ﻣﺑﺎﺷرة ﻓﺈن وﺿﻌﻬﺎ ﻟﻠﻣﺑﺎدئ واﻟﻣﻌﺎﯾﯾر أﻣر أﺳﺎﺳﻲ ﻣن أﺟل ﺣﻣﺎﯾﺔ‬
‫ﺣﻘوق اﻷﻓراد ﺑﻔﻌﺎﻟﯾﺔ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن ﻗ ارراﺗﻬﺎ ﺗﻣﺛل ﻓﻲ أﻏﻠب اﻷﺣﯾﺎن اﻻﻋﺗﻘﺎد ﺑﺎﻹﻟزام ﺑﺷﺄن‬
‫ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ‪ ،‬واﻟذي ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗوطد ﻣن ﺧﻼل ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟدول‪ ،‬ﻟﯾﺻﺑﺢ ﻗﺎﻋدة ﻣن ﻗواﻋد‬
‫اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌرﻓﻲ ﻣﻠزﻣﺔ ﻟﺟﻣﯾﻊ اﻟدول‪.25‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟﻣﺳﻠﺢ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.100 – 99‬‬
‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‬

‫دور ﻣﺟﻠس اﻷﻣن ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت‬

‫ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻣﺟﻠس اﻷﻣن ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻌد ﺻﺎﺣب اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻷﺻﯾل ﻓﻲ ﺣﻔظ اﻷﻣن واﻟﺳﻠم‬
‫اﻟدوﻟﯾﯾن وﻫذا اﻧطﻼﻗﺎً ﻣن ﻧص اﻟﻣﺎدة‪ 2/24‬ﻣن ﻣﯾﺛﺎق اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة‪ ،‬وﻣن ﺧﻼل ﻧص ﻫذﻩ‬
‫اﻟﻣﺎدة ﻧﺟد ﻛذﻟك أن ﻣﺟﻠس اﻷﻣن ﻣطﺎﻟب ﺑﺄن ﯾﻌﻣل ﺑﺎﻧﺳﺟﺎم ﻣﻊ ﻣﺑﺎدئ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة‪ ،‬وﻣن‬
‫ﺑﯾن ﺗﻠك اﻟﻣﺑﺎدئ ﺗﻠك اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة‪ 3/1‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق واﻟﺗﻲ ﻧﺻﻬﺎ‬
‫ﻛﺎﻷﺗﻲ‪ ":‬ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻌﺎون اﻟدوﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺣل اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟدوﻟﯾﺔ ذات اﻟﺻﺑﻐﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬
‫واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وﻋﻠﻰ ﺗﻌزﯾز اﺣﺗرام ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺣرﯾﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ‬
‫ﻟﻠﻧﺎس ﺟﻣﯾﻌﺎً‪ ،‬واﻟﺗﺷﺟﯾﻊ ﻋﻠﻰ ذﻟك إطﻼﻗﺎً ﺑﻼ ﺗﻣﯾﯾز ﺑﺳﺑب اﻟﺟﻧس أو اﻟﻠﻐﺔ أو اﻟدﯾن وﻻ‬
‫ﺗﻔرﯾق ﺑﯾن اﻟرﺟﺎل واﻟﻧﺳﺎء‪.".....‬‬

‫وﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺳﺎس ﻧﺟد أن ﻣﺟﻠس اﻷﻣن ﻗد ﺑﺣث اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﺳﺎﺋل ذات اﻟﻣﺳﺎس‬
‫ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،26‬ﺣﯾث طﺎﻟب ﻣ ار اًر وﺗﻛ ار اًر ﺑﺄن ﺗﺣﺗرم اﻷطراف ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟﻣﺳﻠﺢ ﺣﻘوق‬
‫اﻹﻧﺳﺎن واﻻﻟﺗزاﻣﺎت ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻘﺎﻧون اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ‪ ،‬وﻗد ﺳﺑق أن اﻋﺗﺑر ﻓﻲ ﻋﺎم ‪ "1967‬أﻧﻪ‬
‫ﯾﻧﺑﻐﻲ اﺣﺗرام ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ وﻏﯾر اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﺻرف ﺣﺗﻰ ﻓﻲ أطوار اﻟﺣرب" وﻗد‬
‫طﺎﻟب ﻣﺟﻠس اﻷﻣن ﻛذﻟك ﺑﺄن‪ ":‬ﺗﺣﺗرم ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻔﺻﺎﺋل واﻟﻘوات ﻓﻲ ﺳﯾراﻟﯾون ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬
‫واﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟﻘواﻋد اﻟﺳﺎرﯾﺔ ‪ "1967‬أﻧﻪ ﯾﻧﺑﻐﻲ اﺣﺗرام ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ وﻏﯾر اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ‬
‫ﻟﻠﺗﺻرف ﺣﺗﻰ ﻓﻲ أطوار اﻟﺣرب" وﻗد طﺎﻟب ﻣﺟﻠس اﻷﻣن ﻛذﻟك ﺑﺄن‪ ":‬ﺗﺣﺗرم ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻔﺻﺎﺋل‬
‫واﻟﻘوات ﻓﻲ ﺳﯾراﻟﯾون ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟﻘواﻋد اﻟﺳﺎرﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟدوﻟﻲ‪ ،‬وﻓﯾﻣﺎ‬
‫ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺣﺎﻟﺔ ﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﻛوﻧﻐو اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ أﻛد ﻣن ﺟدﯾد‪ ":‬أن ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ اﻷطراف اﻟﻛوﻧﻐوﻟﯾﺔ‬
‫اﺣﺗرام ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﻘﺎﻧون اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟدوﻟﻲ وأﻣن وﺳﻼﻣﺔ اﻟﺳﻛﺎن اﻟﻣدﻧﯾﯾن‪ ،‬ﻛﻣﺎ دﻋﺎ‬

‫‪26‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻣﺎزن ﻟﯾﻠوي راﺿﻲ‪ ،‬وﺣﯾدر ادﻫم ﻋﺑد اﻟﻬﺎدي‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.265‬‬
‫أﯾﺿﺎ إﻟﻰ اﻻﺣﺗرام اﻟﻛﺎﻣل ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﻘﺎﻧون اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ ﻛﺎﻣل أﻧﺣﺎء‬
‫أﻓﻐﺎﻧﺳﺗﺎن‪.27‬‬

‫وﻗد أﺻدر ﻣﺟﻠس اﻷﻣن ﻗ اررﻩ رﻗم‪ 808‬ﻟﺳﻧﺔ ‪ 1993‬واﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺗﺷﻛﯾل ﻣﺣﻛﻣﺔ ﺟﻧﺎﺋﯾﺔ‬
‫دوﻟﯾﺔ ﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ اﻟﻣﺗﻬﻣﯾن اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾن ﻋن اﻻﻧﺗﻬﺎﻛﺎت اﻟﺧطﯾرة ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ‬
‫واﻟﻣرﺗﻛﺑﺔ ﻓﻲ اﻷراﺿﻲ اﻟﯾوﻏﺳﻼﻓﯾﺔ ﻣﻧذ ﻋﺎم ‪ 1991‬وﻣن أﺧطر ﻫذﻩ اﻟﺟراﺋم وأﺷدﻫﺎ ﻓظﺎﻋﺔ‬
‫اﻟﺗطﻬﯾر اﻟﻌرﻗﻲ واﻟذي ﯾﻌد ﺷﻛﻼً ﻣن أﺷﻛﺎل اﻹﺑﺎدة اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟك ﻧﺟد أن‬
‫ﻣﺟﻠس اﻷﻣن ﻗد أﺻدر ﻗ اررﻩ رﻗم‪ 955‬ﺳﻧﺔ ‪ 1994‬واﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺗﺷﻛﯾل ﻣﺣﻛﻣﺔ ﺟﻧﺎﺋﯾﺔ دوﻟﯾﺔ‬
‫ﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ اﻟﻣﺗﻬﻣﯾن ﺑﺎرﺗﻛﺎب ﺟراﺋم اﻹﺑﺎدة ﻓﻲ رواﻧدا‪.28‬‬

‫أﻣﺎ ﻋن ﺗدﺧل دول اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻓﻲ اﻟﻌراق ﻓﻠم ﯾﻛن ﻣﺣل ﺗﺻوﯾت ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﻣﺟﻠس اﻷﻣن‪،‬‬
‫ﻛﻣﺎ أن اﻟﻘرار رﻗم ‪ 1991/688‬ﻟم ﯾﺗطرق إﻟﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻣراﻓﻘﺔ ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻋﺳﻛرﯾﺔ ﻣن ﻗﺑل‬
‫اﻟدول اﻟﻐرﺑﯾﺔ اﻟﻣﺗﺣﺎﻟﻔﺔ‪ ،‬وﻫو ﻣﺎ أﻛد ﻋﻠﯾﻪ اﻷﻣﯾن اﻟﻌﺎم ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة وﻣﻌظم ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻘﺎﻧون‬
‫واﻟذﯾن ﻗدروا ﺑﺄن اﻟﻘرار‪ 688‬ﻻ ﯾرﺧص ﻟﻠدول ﺑﺎﺳﺗﺧدام اﻟﻘوة اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻓوق أراﺿﯾﻬﺎ دون‬
‫إرادﺗﻬﺎ‪.‬‬

‫وﻣﻣﺎ ﺗﺟب اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ أن ﻣﺑرر اﺳﺗﺧدام اﻟﻘوة اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌراق ﻗد ﻛﺎن اﻟﻐرض ﻣﻧﻪ‬
‫ﻫو ﻓرض ﻣﻧطﻘﺔ آﻣﻧﺔ ﻓﻲ ﺷﻣﺎل وﺟﻧوب اﻟﺑﻼد‪ ،‬ﻟﻛن ﺳرﻋﺎن ﻣﺎ ﺗم ﻗﺻف ﺑﻐداد وﺑﺎﻗﻲ اﻟﻣدن‬
‫اﻷﺧرى ﻣن طرف دول اﻟﺗﺣﺎﻟف وﻫذا اﺑﺗداء ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ‪ 1993 01/17‬دون ﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن‬
‫اﻟﻣﻧﺷﺂت اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ -‬اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟﻣﺳﻠﺢ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.101‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ - -‬أﻧظر‪ ،‬ﻣﺎزن ﻟﯾﻠوي راﺿﻲ‪ ،‬وﺣﯾدر ادﻫم ﻋﺑد اﻟﻬﺎدي‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.266 -265‬‬
‫وﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن اﻟﺗدﺧل ﻓﻲ ﺷؤون اﻟدول ﻣن أﺟل ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣرﯾﺎت ﻫو ﻫدف‬
‫ﻧﺑﯾل إﻻ أن طرﯾﻘﺔ ﺗﺟﺳﯾدﻩ ﻋﻠﻰ أرض اﻟواﻗﻊ ﻗد أﺛﺑﺗت أﻧﻪ ﻗد اﺳﺗﻐل ﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟدول اﻟﻛﺑرى‬
‫ﻣن أﺟل ﻓرض ﻫﯾﻣﻧﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻌوب اﻟﺿﻌﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻣﻣﺎ ﯾدل ﻋﻠﻰ ذﻟك ازدواﺟﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر‪،‬‬
‫وطﻐﯾﺎن اﻟﺗﻛﯾﯾف اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻟﻸﻋﺿﺎء اﻟداﺋﻣﯾن ﺑﻣﺟﻠس اﻷﻣن ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺣرﯾﺔ أﻣﺎم‬
‫ﺗراﺟﻊ ﻛﺑﯾر‪ ،‬وﻣن ﻣظﺎﻫر ﻫذﻩ اﻻزدواﺟﯾﺔ ﻣﺎ ﻗﺎﻣت ﺑﻪ إﺳراﺋﯾل ﻣن ﺟراﺋم إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺣق‬
‫اﻟﺷﻌب اﻟﻔﻠﺳطﯾﻧﻲ وﻣن ﺗﻠك اﻟﺟراﺋم ﺣﺻﺎر ﻗطﺎع ﻏزة وﺿرﺑﻪ ﺑﻣﺧﺗﻠف أﻧواع اﻷﺳﻠﺣﺔ‬
‫اﻟﻣﺣرﻣﺔ دوﻟﯾﺎً‪ ،‬وﻫو ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺳﺗدﻋﻲ اﻟﺗدﺧل اﻟﻌﺎﺟل ﻟﻣﺟﻠس اﻷﻣن ﻣن أﺟل اﺗﺧﺎذ إﺟراءات‬
‫ﻗﻣﻌﯾﺔ ﺿد إﺳراﺋﯾل‪ ،‬وذﻟك طﺑﻘﺎً ﻟﻠﻔﺻل اﻟﺳﺎﺑﻊ ﻣن ﻣﯾﺛﺎق اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث‬

‫دور اﻟﻣﺟﻠس اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت‬

‫ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻣﺟﻠس اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﺣد أﺟﻬزة اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ووﻓﻘﺎً ﻟﻼﺋﺣﺔ‬
‫اﻷﻣم ﯾﻌد اﻟﺟﻬﺎز اﻟرﺋﯾﺳﻲ اﻟﻣﺧﺗص ﺑﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬وﻣن ﺧﻼل‬
‫‪29‬‬
‫ﻧﺟد اﻟﻣﺟﻠس اﻻﻗﺗﺻﺎدي‬ ‫اﻻطﻼع ﻋﻠﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 60‬ﻣن ﻣﯾﺛﺎق اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة‬
‫واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﻌﻣل ﺗﺣت إﺷراف اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻋن ﻣﺟﺎل اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺟﻠس اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﺧﺻوص ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق‬


‫واﻟﺣرﯾﺎت ﻓﻘد أﺟﺎزت اﻟﻣﺎدة‪ 62‬ﻣن ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻟﻠﻣﺟﻠس ﺑﺄن ﯾﻘدم ﺗوﺻﯾﺎﺗﻪ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق‬
‫ﺑﺈﺷﺎﻋﺔ اﺣﺗرام ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺣرﯾﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ وﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ -‬ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 60‬ﻣن ﻣﯾﺛﺎق اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪ ":‬ﻣﻘﺎﺻد اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﻣﺑﯾﻧﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻔﺻل ﺗﻘﻊ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ‬

‫ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﻣﺎ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟﻣﺟﻠس اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺗﺣت إﺷراف اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﯾﻛون‬

‫ﻟﻬذا اﻟﻣﺟﻠس ﻣن أﺟل ذﻟك اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻣﺑﯾﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻟﻌﺎﺷر"‪.‬‬


‫ﻛﻣﺎ ﯾﺟوز ﻟﻠﻣﺟﻠس اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ إﻋداد ﻣﺷﺎرﯾﻊ اﺗﻔﺎﻗﯾﺎت ﻟﻌرﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻓﺿﻼ ﻋن ذﻟك ﻓﺈن ﻟﻠﻣﺟﻠس أن ُﯾﺳﻬم ﺑدراﺳﺎت ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻻت اﻻﻗﺗﺻﺎد‬
‫واﻻﺟﺗﻣﺎع واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ واﻟﺗﻌﻠﯾم واﻟﺻﺣﺔ‪ ،‬وﺗﻘدﯾم ﺗوﺻﯾﺎت إﻟﻰ اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ وأﻋﺿﺎء اﻷﻣم‬
‫اﻟﻣﺗﺣدة ٕواﻟﻰ اﻟوﻛﺎﻻت ذات اﻟﺷﺄن‪ٕ ،‬واﻋداد ﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻟﻘواﻧﯾن ﻓﻲ اﻟﻣواﺿﯾﻊ اﻟﺗﻲ ﺗدﺧل ﺗﺣت‬
‫اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ‪.30‬‬

‫إن اﻟﻣﺟﻠس اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﻘوم ﺑﺗﻧﺳﯾق اﻷﻋﻣﺎل اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‬


‫ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة واﻟوﻛﺎﻻت اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﺔ واﻟﻣؤﺳﺳﺎت ذات اﻟﺻﻠﺔ‪ ،‬ﯾﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ دورة ﻣدﺗﻬﺎ ﺷﻬر‬
‫واﺣد ﻛل ﺳﻧﺔ ﻣرة ﻓﻲ ﻧﯾوﯾورك وﻣرة ﻓﻲ ﺟﻧﯾف‪ ،‬وﺗﺗﺿﻣن اﻟدورة اﺟﺗﻣﺎﻋﺎ ﺧﺎﺻﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى‬
‫اﻟوزراء وذﻟك ﻣن أﺟل ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ‪.31‬‬

‫وﻣن ﺑﯾن اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻫذا اﻟﻣﺟﻠس ﻣﺎ ﺗم اﻟﻧص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 68‬ﻣن ﻣﯾﺛﺎق ﻫﯾﺋﺔ‬
‫اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة واﻟﺗﻲ ﻧﺻﻬﺎ ﻛﺎﻷﺗﻲ‪ ":‬ﯾﻧﺷﺊ اﻟﻣﺟﻠس اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﺟﺎﻧﺎ ﺗﻌﻧﻰ‬
‫ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﺋل اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﺗطوﯾر ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬وﻛذﻟك ﻛل ﻟﺟﺎن أﺧرى ﺗﻛون‬
‫ﺿرورﯾﺔ ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ وظﺎﺋﻔﻪ"‪ .‬ﻣن ﺧﻼل ﻫذا اﻟﻧص ﯾﺗﺑﯾن أن اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻗد ﻓﺳﺢ اﻟﻣﺟﺎل واﺳﻌ ًﺎ‬
‫أﻣﺎم اﻟﻣﺟﻠس اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻣن أﺟل اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻣﻬﺎﻣﻪ ﻋﻠﻰ أﻛﻣل وﺟﻪ ﺑﺄن ﯾﻧﺷﺎ ﻣﺎ‬
‫ﯾراﻩ ﺿروري ﻣن اﻟﺟﺎن‪ ،‬وﻫو ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌل ﺣﯾث أﻧﺷﺎ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻠﺟﺎن اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻪ ﻟﺗﻌﻣل‬
‫ﺿﻣن وظﺎﺋﻔﻪ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻣﺎزن ﻟﯾﻠوي راﺿﻲ و ﺣﯾدر أدﻫم ﻋﺑد اﻟﻬﺎدي‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.262‬‬

‫‪31‬‬
‫‪-Chttp://internationalmechanismcommittee.blogspot.com/2009/10/blog-‬‬
‫‪post_25.htmlommittee‬‬

‫أطﻠﻊ ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 2016 /11 /05‬ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺎﻋﺔ ‪ 20:28‬ﻣﺳﺎء‪.‬‬


‫إذن اﺳﺗﻧﺎداً إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 68‬أﻋﻼﻩ ﻓﻘد ﺗم إﻧﺷﺎء ﻟﺟﻧﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺑﻘ اررﯾن ﻣن‬
‫اﻟﻣﺟﻠس اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻷول ﻓﻲ ﻓﯾﻔري ‪ 1946‬ﺗﺣت رﻗم ‪ 1/5‬واﻟذي أﻧﺷﺋت‬
‫اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺑﻣوﺟﺑﻪ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻘرار اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﺗم إﺻدارﻩ ﻓﻲ ﺟوان ‪ 1946‬ﺗﺣت رﻗم ‪ 09‬واﻟذي ﺣدد ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗﺷﻛﯾل‬
‫ﺗﻠك اﻟﻠﺟﻧﺔ واﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ‪.‬‬

‫وﻣﻣﺎ ﺗﺟب اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ أن ﻟﺟﻧﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺗﻌد ﻣن أﻫم اﻟﻠﺟﺎن اﻟﺗﻲ ﺗم إﻧﺷﺎﺋﻬﺎ ﻣن‬
‫ﻗﺑل اﻟﻣﺟﻠس اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪ ،‬ﻛﻣﺎ أﻧﻬﺎ اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟوﺣﯾدة اﻟﺗﻲ ﺧﺻﻬﺎ اﻟﻣﯾﺛﺎق ﺑﺣﻛم‬
‫ﺗﺿﻣﻧﺗﻪ اﻟﻣﺎدة ‪.68‬‬

‫إن ﻟﻠﺟﻧﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺣق ﻓﻲ أن ﺗﻧﺷﺊ ﻣﺎ ﺗﺷﺎء ﻣن اﻷﺟﻬزة اﻟﻔرﻋﯾﺔ اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﺎ إذا‬
‫رأت ﻓﻲ ذﻟك ﺿرورة ﻟﻘﯾﺎﻣﻬﺎ ﺑﻣﻬﺎﻣﻬﺎ‪ ،‬وﻗد ﻗﺎﻣت ﺑذﻟك ﻓﻌﻼً ﺣﯾث أﻧﺷﺄت ﺛﻼث أﺟﻬزة ﻓرﻋﯾﺔ‬
‫ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﺎ‪ ،‬وﻫﻲ اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻷﻗﻠﯾﺎت‪ ،‬واﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻹﻋﻼم‪ ،‬واﻟﻠﺟﻧﺔ‬
‫اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻟﻠﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻟﻌﻧﺻري‪.32‬ﻏﯾر أن ﺗﻠك اﻟﻠﺟﺎن اﻟﺛﻼث ﻗد اﺧﺗﺻرت ﺑﻌد ذﻟك‬
‫ﻓﻲ ﻟﺟﻧﺔ وﺣﯾدة ﻣﺗﺑﻘﯾﺔ ﻣﻧذ ﻋﺎم ‪ 1947‬وﻫﻲ اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻟﻣﻧﻊ اﻟﺗﻣﯾﯾز وﺣﻣﺎﯾﺔ اﻷﻗﻠﯾﺎت‬
‫وﺗﺗﻛون ﻣن ‪ 26‬ﻋﺿواً ﺗﻧﺗﺧﺑﻬم ﻟﺟﻧﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻟﺗﺷﺎور ﻣﻊ اﻷﻣﯾن اﻟﻌﺎم ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة‬
‫ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺗوزﯾﻊ اﻟﺟﻐراﻓﻲ‪ ،‬ﻟﻣدة أرﺑﻊ ﺳﻧوات‪ ،‬وﯾﻛون اﺧﺗﯾﺎر اﻷﻋﺿﺎء ﻣن ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺑﺄﺳﻣﺎء‬
‫أﺷﺧﺎص ﺗرﺷﺣﻬم دوﻟﻬم‪ ،‬وﺗﺟﺗﻣﻊ ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻓﻲ دورة ﺳﻧوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻘر اﻷوروﺑﻲ‬
‫ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﺑﺟﻧﯾف ﻟﻣدة أرﺑﻊ أﺳﺎﺑﯾﻊ ﻋﻠﻰ اﻷﻗل وﺗﻛون ﺗﻠك اﻟدورة ﻣﺳﺑوﻗﺔ ﺑﺎﻧﻌﻘﺎد‬
‫ﻣﺟﻣوﻋﺎت ﻋﻣل ﻟﻣدة أﺳﺑوع أو أﺳﺑوﻋﯾن‪ ،‬ﻫذا وﺗرﻓﻊ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺗﻘرﯾرﻫﺎ إﻟﻰ ﻟﺟﻧﺔ ﺣﻘوق‬
‫اﻹﻧﺳﺎن‪.33‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻣﺎزن ﻟﯾﻠوي راﺿﻲ و ﺣﯾدر أدﻫم ﻋﺑد اﻟﻬﺎدي‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.263‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻗﺎدري ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز‪ ،‬ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺣﺗوﯾﺎت واﻵﻟﯾﺎت‪ ،‬دار ﻫوﻣﺔ‪،‬‬
‫وﻗد ﻛﺎﻧت اﻟﺟزاﺋر ﻋﺿو ﻓﻲ ﻟﺟﻧﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺑﻌﻧوان ﺣﺻﺔ اﻟدول اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ ﺧﻼل‬
‫اﻟﺳﻧوات اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‪ :‬ﻣﺎﺑﯾن ‪1980‬و ‪ 1982‬وﻣﺎ ﺑﯾن ‪1986‬و ‪ 1988‬وﻣﺎ ﺑﯾن ‪1995‬و ‪.1997‬‬

‫ﻓﻲ ﺣﯾن ﺣطﻣت اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ اﻟرﻗم اﻟﻘﯾﺎﺳﻲ ﺑﺗواﺟدﻫﺎ ﻛﻌﺿو ﺿﻣن اﻟﻠﺟﻧﺔ‬
‫ﻣﻧذ ﻋﺎم ‪ 1947‬إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ ‪ 2001‬ﺑدون اﻧﻘطﺎع‪.34‬‬

‫أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣﻬﺎم واﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻓﻘد ﺣددت ﻣﻧذ ﻧﺷﺄﺗﻬﺎ ﺿﻣن ﻗرار إﻧﺷﺎءﻫﺎ‬
‫رﻗم ‪ 9‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪21‬ﺟوان ‪ 1946‬واﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺗﻣﺛل ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫ﺗﻘدﯾم اﻗﺗراﺣﺎت وﺗوﺻﯾﺎت وﺗﻘﺎرﯾر ﻟﻠﻣﺟﻠس اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ب‪:‬‬

‫‪ -‬ﺷرﻋﺔ دوﻟﯾﺔ ﻟﻠﺣﻘوق‪،‬‬

‫‪ -‬إﻋﻼﻧﺎت واﺗﻔﺎﻗﯾﺎت ﺣول اﻟﺣرﯾﺎت اﻟﻣدﻧﯾﺔ‪ ،‬وﺿﻊ اﻟﻣرأة‪ ،‬ﺣرﯾﺔ اﻹﻋﻼم وﻏﯾرﻫﺎ‪،‬‬

‫‪ -‬ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻷﻗﻠﯾﺎت‪،‬‬

‫‪ -‬اﻟوﻗﺎﯾﺔ ﻣن اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻟﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌرق أو اﻟﺟﻧس أو اﻟﻠﻐﺔ أو اﻟدﯾن‪،‬‬

‫‪ -‬أي ﻣوﺿوع ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.35‬‬

‫اﻟﺟزاﺋر‪ ،2004 ،‬ص ‪.153‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز طﺑﻲ ﻋﻧﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻣدﺧل إﻟﻰ اﻵﻟﯾﺎت اﻷﻣﻣﯾﺔ ﻟﺗرﻗﯾﺔ وﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬دار اﻟﻘﺻﺑﺔ ﻟﻠﻧﺷر‪،‬‬
‫اﻟﺟزاﺋر‬

‫‪ ،2003‬ص ‪.93‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز طﺑﻲ ﻋﻧﺎﻧﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫رﻏم اﻟﻛم اﻟﻬﺎﺋل ﻣن اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺎت اﻟذي ﺗﺣﻘق ﻋﻠﻰ ﯾد ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻘوق‬
‫اﻹﻧﺳﺎن وﺣرﯾﺎﺗﻪ إﻻ أن اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺳﻠﺑﯾﺎت راﻓﻘت ﻋﻣﻠﻬﺎ ﻣﻣﺎ اﺳﺗدﻋﻰ ﺿرورة ﺗﺄﺳﯾس ﺟﻬﺎز‬
‫أﺧر ﻟﯾﺣل ﻣﺣﻠﻬﺎ وﻫو ﻣﺟﻠس ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.36‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟراﺑﻊ‬

‫دور ﻣﺟﻠس ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت‬

‫ﻟﻘد ﺟﺎء ﻣﺟﻠس ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻣن أﺟل ﺗﻔﻌﯾل اﺣﺗرام اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت وﺗﺟﺎوز‬
‫اﻟﺳﻠﺑﯾﺎت اﻟﺗﻲ وﻗﻌت ﻓﯾﻪ ﻟﺟﻧﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬ﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق أﻗرت اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣم‬
‫ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻗرارﻫﺎ رﻗم ‪ 251/60‬ﺗﺄﺳﯾس ﻣﺟﻠس ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻟﯾﺣل ﻣﺣل اﻟﻠﺟﻧﺔ‪،‬‬
‫اﻟﻣﺗﺣدة ً‬
‫وﻣن ﻣﺟﻣوع ‪ 191‬دوﻟﺔ ﺻوﺗت ‪ 170‬دوﻟﺔ ﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟﻘرار ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗﻣت ﻣﻌﺎرﺿﺗﻪ ﻣن ﻗﺑل‬
‫إﺳراﺋﯾل واﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ وﺟزر ﻣﺎرﺷﺎل وﺑﺎﻻو‪ ،‬وﻗد اﻣﺗﻧﻌت ﺛﻼﺛﺔ دول ﻋن‬
‫اﻟﺗﺻوﯾت وﻫﻲ إﯾران وﻓﻧزوﯾﻼ وﺑﯾﻠوروﺳﯾﺎ‪.37‬‬

‫ﯾﺗﺄﻟف ﻣﺟﻠس ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻣن‪ 47‬دوﻟﺔ ﺗﻧﺗﺧﺑﻬﻣﺎ أﻏﻠﺑﯾﺔ أﻋﺿﺎء اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﺑﺎﻻﻗﺗراع اﻟﺳري اﻟﻣﺑﺎﺷر وﺑﺷﻛل ﻓردي ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺗوزﯾﻊ اﻟﺟﻐراﻓﻲ اﻟﻌﺎدل ﺣﯾث ﺗوزع ﻣﻘﺎﻋد‬
‫اﻟﻣﺟﻠس ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ‪ :‬ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠدول اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺣظﻰ ﺑﺛﻼﺛﺔ ﻋﺷر ﻣﻘﻌداً وﻧﻔس‬
‫اﻟﺷﻲء ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠدول اﻷﺳﯾوﯾﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻫﻲ اﻷﺧرى ﺗﺣظﻰ ﺑﺣﺻﺔ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﺷر ﻣﻘﻌدا داﺧل ﻫذا‬
‫اﻟﻣﺟﻠس‪ ،‬أﻣﺎ دول أورﺑﺎ اﻟﺷرﻗﯾﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺳﺗﺔ ﻣﻘﺎﻋد‪ ،‬ودول أﻣرﯾﻛﺎ اﻟﻼﺗﯾﻧﯾﺔ وﻣﻧطﻘﺔ‬
‫اﻟﺑﺣر اﻟﻛﺎرﯾﺑﻲ ﺑﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ﻣﻘﺎﻋد‪ ،‬وﺳﺑﻌﺔ ﻣﻘﺎﻋد ﻟدول أورﺑﺎ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ودول أﺧرى‪ ،‬ﻋﻬدة اﻟﻣﺟﻠس‬
‫ﺛﻼﺛﺔ ﺳﻧوات ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﺗﺟدﯾد ﻣرة واﺣدة ﻓﻘط‪ .38‬ﻧرى ﻣن ﺟﺎﻧﺑﺎ أن ﺗﺣدﯾد ﻣدة اﻟﻌﺿوﯾﺔ داﺧل‬

‫‪ -36‬أﻧظر‪ ،‬ﻣﺎزن ﻟﯾﻠوي راﺿﻲ و ﺣﯾدر أدﻫم ﻋﺑد اﻟﻬﺎدي‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.263‬‬

‫‪ -37‬أﻧظر‪ ،‬ﻣﺎزن ﻟﯾﻠوي راﺿﻲ و ﺣﯾدر أدﻫم ﻋﺑد اﻟﻬﺎدي‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.264 -263‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻗرار اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ رﻗم ‪ 251/60‬اﻟﻔﻘرة ‪.07‬‬
‫اﻟﻣﺟﻠس ﺑﺛﻼﺛﺔ ﺳﻧوات ﻻ ﯾﺷﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣرﯾﺎت ﻷﻧﻪ ﺑﻣﺟرد أن ﯾﻛﺗﺳب اﻟﻌﺿو اﻟﺧﺑرة‬
‫اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬﺎﻣﻪ ﯾﻛون ﺧﺎرج اﻟﻣﺟﻠس ﺑطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﺎل ﻫذا ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻌﺿو اﻟذي ﻟم ﺗﺟدد‬
‫ﻓﯾﻪ اﻟﺛﻘﺔ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺳﺎس ﻧﻛون أﻣﺎم ﺧﺳﺎرة ﻛﺑﯾرة ﻟﺗﻠك اﻟﺧﺑرة اﻟﺗﻲ ﺗﻛوﻧت ﻟدى ﻫؤﻻء‬
‫اﻷﻋﺿﺎء‪ ،‬ﻟذا ﻛﺎن ﻣن اﻟﺿروري اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻣدة اﻟﻣﺗوﺳطﺔ أو اﻟطوﯾﻠﺔ وذﻟك ﺣﺗﻰ‬
‫ﯾﺗﺳﻧﻰ ﻟﻠﻣﺟﻠس أن ﯾﺳﺗﻔﯾد ﻣن ﺧﺑرة ﻫؤﻻء اﻷﻋﺿﺎء ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣرﯾﺎت‪.‬‬

‫ﯾﻌﻘد اﻟﻣﺟﻠس اﺟﺗﻣﺎﻋﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﻘرﻩ اﻟداﺋم ﻓﻲ ﺟﻧﯾف وﻣن اﻟﻣﻘرر أن ﯾﻌﻘد ﺛﻼث دورات ﻓﻲ‬
‫اﻟﺳﻧﺔ ﺑﯾﻧﻬﺎ دورة رﺋﯾﺳﯾﺔ ﺗﻣﺗد ﻟﻔﺗرة ﻻ ﺗﻘل ﻣدﺗﻬﺎ ﻋن ﻋﺷر أﺳﺎﺑﯾﻊ وﻟﯾس ﺳﺗﺔ أﺳﺎﺑﯾﻊ ﻛﻣﺎ ﻛﺎن‬
‫‪39‬‬
‫ﺑﻧﺎء‬
‫ﻋﻠﯾﻪ اﻷﻣر ﻓﻲ ﻋﻬد اﻟﻠﺟﻧﺔ ‪ ،‬وﯾﻛون ﺑﺈﻣﻛﺎن اﻟﻣﺟﻠس ﻋﻘد دورات اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﺣﺎﺟﺔ ً‬
‫ﻋﻠﻰ طﻠب ﻣن أﺣد أﻋﺿﺎء اﻟﻣﺟﻠس ﯾﺣظﻰ ﺑﺗﺄﯾﯾد ﺛﻠث أﻋﺿﺎء اﻟﻣﺟﻠس‪.‬‬

‫ﻟﻘد ﻧص اﻟﻘرار ‪ 251/60‬ﻋﻠﻰ أن ﯾﺗم ﻓﺗﺢ ﺑﺎب اﻟﻌﺿوﯾﺔ أﻣﺎم ﺟﻣﯾﻊ اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء‬
‫ﻓﻲ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻣﻊ ﺿرورة ﻣراﻋﺎة اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء ﻋﻧد اﻧﺗﺧﺎﺑﻬﺎ أﻋﺿﺎء اﻟﻣﺟﻠس ﺳﺟل‬
‫ﻫذﻩ اﻟدول ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺣرﯾﺎت‪ ،‬ﻫذا وﯾﻣﻛن ﻟﻠﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ أن ﺗﻘرر ﺑﺄﻏﻠﺑﯾﺔ ﺛﻠﺛﻲ اﻷﻋﺿﺎء‬
‫اﻟﺣﺎﺿرﯾن واﻟﻣﺷﺗرﻛﯾن ﻓﻲ اﻟﺗﺻوﯾت‪ ،‬ﺗﻌﻠﯾق ﻋﺿوﯾﺔ أﺣد أﻋﺿﺎء اﻟﻣﺟﻠس إذا ﻣﺎ ارﺗﻛب‬
‫اﻧﺗﻬﺎﻛﺎت ﺟﺳﯾﻣﺔ وﻣﻧﻬﺟﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬

‫ﻣن ﺧﻼ اﻟﻘرار رﻗم ‪ 251/60‬اﻟﺻﺎدر ﻋن اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﺗم ﺗﻛﻠﯾف ﻫذا‬
‫اﻟﻣﺟﻠس ﺑﺎﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﻬﺎم واﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت‪ .‬ﺣﯾث أﻧﻪ ﺳﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟﻣﺟﻠس ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬
‫ﺗﻌزﯾز اﻻﺣﺗرام اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﺟﻣﯾﻊ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺣرﯾﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﯾﻊ ﻣن دون أي‬
‫ﺗﻣﯾﯾز‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﻘوم اﻟﻣﺟﻠس ﺑﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﺣﺎﻻت اﻧﺗﻬﺎك ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ اﻻﻧﺗﻬﺎﻛﺎت اﻟﺟﺳﯾﻣﺔ‬

‫‪39‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻋﺑد اﻟﻣﻧﻌم ﺑن أﺣﻣد‪ ،‬اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ظل ﻣﻬﺎم اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن وﺻﻼﺣﯾﺎت‬

‫ﻣﺟﻠس ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ دﻓﺎﺗر اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ واﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﺎﺻدي ﻣرﺑﺎح ورﻗﻠﺔ‪،‬‬

‫اﻟﻌدد اﻟراﺑﻊ‪ ،‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،2011‬ص ‪.286‬‬


‫واﻟﻣﻧﻬﺟﯾﺔ‪ ،‬وﺗﻘدﯾم ﺗوﺻﯾﺎت ﺑﺷﺄﻧﻬﺎ؛ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟك ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﻘوم اﻟﻣﺟﻠس أﯾﺿﺎ‬
‫ﺑﺗﻌزﯾز اﻟﺗﻧﺳﯾق اﻟﻔﻌﺎل ﺑﺷﺄن ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن وﺗﻌﻣﯾم ﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ داﺧل ﻣﻧظوﻣﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة؛‬
‫وﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﻠس أن ﯾﺳﺗرﺷد ﻓﻲ ﻋﻣﻠﻪ ﺑﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ واﻟﺣﯾﺎد واﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺣوار‬
‫واﻟﺗﻌﺎون اﻟدوﻟﯾﯾن اﻟﺑﻧﺎﺋﯾن‪ ،‬ﺑﻬدف اﻟﻧﻬوض ﺑﺗﻌزﯾز وﺣﻣﺎﯾﺔ ﺟﻣﯾﻊ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣدﻧﯾﺔ‬
‫واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ؛ وﻣﻣﺎ ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻋﺎﺗق اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻧﻬوض ﺑﺎﻟﺗﺛﻘﯾف واﻟﺗﻌﻠﯾم ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬ﻓﺿﻼ ﻋن اﻟﺧدﻣﺎت‬
‫اﻻﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ‪ ،‬واﻟﻣﺳﺎﻋدات اﻟﺗﻘﻧﯾﺔ وﺑﻧﺎء اﻟﻘدرات‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن ﯾﺟري ﺗوﻓﯾرﻫﺎ ﺑﺎﻟﺗﺷﺎور ﻣﻊ اﻟدول‬
‫اﻷﻋﺿﺎء اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ وﺑﻣواﻓﻘﺗﻬﺎ؛ وﯾﺳﻌﻰ اﻟﻣﺟﻠس ﻛذﻟك إﻟﻰ ﺗﻘدﯾم ﺗوﺻﯾﺎت إﻟﻰ اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﺗﻬدف إﻟﻰ ﻣواﺻﻠﺔ ﺗطوﯾر اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬

‫وﻗد أﻛد ﻣﺟﻠس ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ أﻧﻪ" ﯾﻧﺑﻐﻲ اﺗﺧﺎذ ﺗداﺑﯾر ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻟﺿﻣﺎن ﺗﻧﻔﯾذ ﻣﻌﺎﯾﯾر‬
‫ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ورﺻدﻫﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺳﻛﺎن اﻟﻣدﻧﯾﯾن ﻓﻲ ﺣﺎﻻت اﻟﻧزاع اﻟﻣﺳﻠﺢ ﺑﻣن ﻓﯾﻬم‬
‫اﻟﺳﻛﺎن اﻟواﻗﻌون ﺗﺣت اﻻﺣﺗﻼل اﻷﺟﻧﺑﻲ وأﻧﻪ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﺗوﻓﯾر ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻣن اﻧﺗﻬﺎﻛﺎت ﺣﻘوق‬
‫اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻬؤﻻء اﻟﺳﻛﺎن وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﻘﺎﻧون اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟدوﻟﻲ‬
‫اﻟﻣﻧطﺑق"‪.40‬‬

‫ﻣﻣﺎ ﻫو ﺟدﯾر ﺑﺎﻟذﻛر أن ﻣﯾﻼد ﻣﺟﻠس ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﯾﻌد اﻟﺗطور اﻷﻫم ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻘوق‬
‫اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻧذ إﻧﺷﺎء اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﺣﯾث ﻟم ﯾﺳﺑق أن ﻛﺎن ﻷي ﺟﻬﺎز ﻣن أﺟﻬزة اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة‬
‫اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻫذا اﻟﻘدر اﻟﻛﺑﯾر ﻣن اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت‪ ،‬وﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻓﺈن اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت‬
‫اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ وﺣدﻫﺎ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺳﺗﺛﺑت إذا ﻛﺎن اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟدﯾد ﺳﯾﻧﺟو ﻣن ﻋﯾوب اﻟﺗﺳﯾﯾس اﻟﺗﻲ‬
‫ﺷﺎﺑت ﻋﻣل اﻟﻠﺟﻧﺔ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻗرار ﻣﺟﻠس ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن رﻗم ‪.09/09‬‬
‫وﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أﻧﻪ رﻏم اﻟﺟﻬود اﻟﻣﺑذوﻟﺔ ﻣن طرف اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة وأﺟﻬزﺗﻬﺎ‬
‫اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬وﻫو ﻣﺎ ﯾﺗﺿﺢ ﻣن ﺧﻼل اﻫﺗﻣﺎﻣﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ‬
‫ٕواﯾﺟﺎد اﻟﺣﻠول اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ ﻟﻬﺎ‪ ،‬إﻻ أن ﻗﯾﺎﻣﻬﺎ ﺑﺗﻠك اﻟﻣﻬﺎم ﻟم ﯾﺳﻠم ﻣن ﺑﻌض اﻟﺳﻠﺑﯾﺎت واﻟﻌﺛرات‪،‬‬
‫ﻣﻣﺎ ﺟﻌل اﻷﺻوات ﺗﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺈﺻﻼح اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة وأﺟﻬزﺗﻬﺎ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪ ،‬ﻟﻛن ﻣﺎ ﺗﺟب‬
‫اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﻫو ﻋدم وﺟوب اﺗﺧﺎذ ﺗﻠك اﻟﺳﻠﺑﯾﺎت ﻛﻣﺗﻛﺊ ﯾﺗم اﻻﺳﺗﻧﺎد ﻋﻠﯾﻪ ﻟﻠﺗﺣﻠل ﻣن ﺗﻠك‬
‫اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈﻧﻪ ﻻﺑد ﻣن ﻣﺿﺎﻋﻔﺔ اﻟﺟﻬود ﻣن أﺟل‬
‫اﻟﺗزام اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ واﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ أﻫﻣﯾﺔ اﺣﺗرام ﻣﺑﺎدئ وأﻫداف‬
‫اﻟﻣﯾﺛﺎق واﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ‪.41‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‬

‫دور اﻵﻟﯾﺎت اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫ﻟﻘد ﻟﻌﺑت اﻵﻟﯾﺎت اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ دو ار ﻻﯾﺳﺗﻬﺎن ﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت‪،‬‬


‫وﻟﺗوﺿﯾﺢ ذﻟك ﺳﻧﺗطرق إﻟﻰ اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن)اﻟﻣطﻠب اﻷول(‪ ،‬وﻛذا اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ‬
‫اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن)اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ(‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟك اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻹﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق‬
‫اﻹﻧﺳﺎن)اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث(‪ ،‬وﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﺳﻧﺗطرق إﻟﻰ اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن)اﻟﻣطﻠب‬
‫اﻟراﺑﻊ(‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪-Chttp://internationalmechanismcommittee.blogspot.comommittee‬‬
‫ﺗم اﻹطﻼع ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺗﺎرﯾﺦ‪ 2016/11/08 :‬ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺎﻋﺔ ‪.08:30‬‬
‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‬

‫اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫إن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن وﺣرﯾﺎﺗﻪ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﺗﻌﺗﺑر ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﺟﻬود ﻣﻧظﻣﺔ‬
‫ﻣﺟﻠس أورﺑﺎ‪ ،‬وﻗد ﺗم اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺳﻧﺔ ‪ 1950‬ودﺧﻠت ﺣﯾز اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻓﻲ أﯾﻠول‬
‫‪ 1953‬ﻛﻣﺎ ﺗﺣﺗوي ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻋﻠﻰ دﯾﺑﺎﺟﺔ وﺧﻣﺳﺔ أﺑواب‪ .42‬ﻟﻘد ﻛﺎن ﻟﻠﻧظﺎم اﻷورﺑﻲ ﻓﻲ‬
‫ﻣﺟﺎل ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت وﺑﺎﻟﺿﺑط اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻧﺔ ‪ 1998‬ﺛﻼث آﻟﯾﺎت ﯾﻘوم‬
‫ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻣدى ﺗﻧﻔﯾذ اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء ﻟﺗﻠك اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻣﻠﻘﺎة ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻬﺎ‬
‫وﺗﺗﻣﺛل ﺗﻠك اﻵﻟﯾﺎت ﻓﻲ ﻛل ﻣن اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن)ﻓرع أول(‪ ،‬واﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻷورﺑﯾﺔ‬
‫ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن)ﻓرع ﺛﺎﻧﻲ(‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول‬

‫اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫ﻣن ﺧﻼل ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 20‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﯾﺗﺿﺢ أن اﻟﻠﺟﻧﺔ‬
‫اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺗﺗﺷﻛل ﻣن ﻋدد ﻣن اﻷﻋﺿﺎء ﻣﺳﺎوي ﻟﻌدد اﻟدول اﻟﻣوﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ وﻻ ﯾﺟوز أن ﺗﻣﺛل اﻟدوﻟﺔ ﺑﺄﻛﺛر ﻣن ﻋﺿو واﺣد‪.‬‬

‫ﯾﻧﺗﺧب أﻋﺿﺎء اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻷﻏﻠﺑﯾﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻷﺻوات ﻟﺟﻧﺔ اﻟوزراء‬
‫اﻷورﺑﯾﯾن ﻣن ﻗﺎﺋﻣﺔ ﯾﻌدﻫﺎ ﻣﻛﺗب اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻻﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ وﯾﻛون ﻟﻛل ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن ﻣﻣﺛﻠﻲ‬
‫اﻷطراف اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ أن ﺗﻘدم ﺛﻼﺛﺔ ﻣرﺷﺣﯾن‪ ،‬ﻣﻧﻬم اﺛﻧﺎن ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﻣن‬
‫ﺟﻧﺳﯾﺗﻬﺎ‪ .43‬أﻣﺎ ﻋن اﻧﺗﺧﺎب أﻋﺿﺎء ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻓﯾﻛون ﻟﻣدة ﺳﺗﺔ )‪ (6‬ﺳﻧوات ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﺟدﯾد‪،‬‬

‫‪42‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻣﺎزن ﻟﯾﻠوي راﺿﻲ و ﺣﯾدر أدﻫم ﻋﺑد اﻟﻬﺎدي‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.296‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة‪ 01/21‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬
‫وﯾﺟوز ﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟوزراء ﻗﺑل إﺟراء اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﺎت أن ﺗﻘرر أن ﻣدة ﻋﺿوﯾﺔ اﻷﻋﺿﺎء اﻟذﯾن ﺳﯾﺟرى‬
‫اﻧﺗﺧﺎﺑﻬم ﻫﻲ ﺛﻼﺛﺔ)‪ (03‬ﺳﻧوات ﻛﺣد أدﻧﻰ أو ﺗﺳﻊ )‪ (09‬ﺳﻧوات ﻛﺣد أﻗﺻﻰ‪.44‬‬

‫ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ﻓﺈن ﻣدة اﻟﻌﺿوﯾﺔ داﺧل ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺗﻌﺗﺑر ﻣﻘﺑوﻟﺔ ﻓﻼ ﻫﻲ ﺑﺎﻟﻘﺻﯾرة وﻻ‬
‫ً‬
‫ﺑﺎﻟطوﯾﻠﺔ وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻷﻋﺿﺎء ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻓﺑﻣﺟرد اﻧﺗﺧﺎﺑﻬم ﯾﻌﺗﺑرون ﻣﺳﺗﻘﻠﯾن ﻋن ﺗﻠك اﻟدول‬
‫اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻣﻠون ﺟﻧﺳﯾﺗﻬﺎ؛ أي أﻧﻬم ﯾزاوﻟون ﻣﻬﺎﻣﻬم ﺑﺻﻔﺗﻬم اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ وﻟﯾس ﻟﺣﺳﺎب ﺟﻧﺳﯾﺔ‬
‫اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺗﻣون إﻟﯾﻬﺎ‪.45‬‬

‫أﻣﺎ ﻋن اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻓﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻲ اﻟﺷﻛﺎوي اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﺿد دوﻟﺔ طرف ﻓﻲ ﻫذﻩ‬
‫اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺑدﻋوى إﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻟﻣﻌﺎﻫدة‪ ،‬وذﻟك ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب ﯾوﺟﻪ إﻟﻰ اﻷﻣﯾن اﻟﻌﺎم ﻟﻣﺟﻠس‬
‫أورﺑﺎ‪ .46‬ﻛﻣﺎ ﯾﺟوز ﻟﻬذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻛذﻟك أن ﺗﺗﻠﻘﻰ اﻟﺷﻛﺎوى ﻣن أي ﺷﺧص أو ﻣن اﻟﻣﻧظﻣﺎت‬
‫ﻏﯾر اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪ ،47‬وذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫اوﻻ‪ /‬اﻟﺷﻛﺎوى اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﻣن طرف اﻟدول‬

‫ﻣن ﺧﻼل اﻹطﻼع ﻋﻠﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة‪ 24‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﺈﻧﻪ‬
‫ﯾﺟوز ﻷي دوﻟﺔ طرف ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ أن ﺗﻘوم ﺑﺈﺑﻼغ اﻟﻠﺟﻧﺔ وذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻵﻣﯾن اﻟﻌﺎم‬
‫ﻟﻣﺟﻠس أورﺑﺎ ﺑﺎﻻﻧﺗﻬﺎﻛﺎت اﻟﺗﻲ ﻗد ﯾﺗﺳﺑب ﻓﯾﻬﺎ اﺣد أﻋﺿﺎء ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻘوق‬
‫اﻹﻧﺳﺎن وﺣرﯾﺎﺗﻪ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻘﺑول اﻟﺷﻛوى ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﺷﺗرط ﻓﻲ ذﻟك ﺿرورة أن ﯾﻛون‬

‫‪44‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة‪ 3/1/22‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬اﺳود ﯾﺎﺳﯾن‪ ،‬اﻵﻟﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر‪ ،‬ﻗﺳم اﻟﻌﻠوم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ‪،‬‬

‫ﻛﻠﯾﺔ اﻵداب واﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ اﻟﻌﻘﯾد أﺣﻣد دراﯾﺔ ادرار‪ ،2011 -2010،‬ص ‪.27‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 24‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 25‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬
‫اﻟﺷﺧص اﻟذي اﻧﺗﻬﻛت ﺣﻘوﻗﻪ ﻣن ﻣواطﻧﻲ دول ﻣﺟﻠس أورﺑﺎ‪ٕ ،‬واﻧﻣﺎ ﯾﻛﻔﻲ أن ﺗﻛون اﻟدوﻟﺔ‬
‫اﻟﻣدﻋﯾﺔ واﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻬﺎ طرﻓﺎً ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ‪.48‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎً‪ /‬اﻟﺷﻛﺎوى اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﻣن طرف اﻷﺷﺧﺎص ﻓرادى أو ﺟﻣﺎﻋﺎت أو ﻣن اﻟﻣﻧظﻣﺎت ﻏﯾر‬


‫اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‬

‫ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 25‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻧﺟد أﻧﻪ ﯾﻣﻛن ﻷي‬
‫ﺷﺧص أو ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﺷﺧﺎص وﻛذا اﻟﻣﻧظﻣﺎت ﻏﯾر اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ اﻟﺗﻘدم ﺑﺷﻛواﻫم أﻣﺎم‬
‫اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻬم ﺿﺣﺎﯾﺎ ﻟﻼﻧﺗﻬﺎﻛﺎت اﻟﻣوﺿﺣﺔ ﺑﻬذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻣن ﻗﺑل اﺣد أﻋﺿﺎء‬
‫اﻟﻠﺟﻧﺔ‪ ،‬ﻟﻛن ﻣﺎ ﺗﺟب اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ أن ﻫذﻩ اﻟﺷﻛوى ﻻ ﯾﻣﻛن ﻗﺑوﻟﻬﺎ إﻻ إذا ﻛﺎﻧت ﺗﻠك اﻟدوﻟﺔ‬
‫طرف ﻓﻲ اﻟﻠﺟﻧﺔ‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﻗﺎﻣت ﺑﺎﻹﺧﻼل ﺑﺗﻌﻬداﺗﻬﺎ ﻣن ﺧﻼل اﻧﺗﻬﺎﻛﻬﺎ ﻟﻠﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت ﻗد‬
‫ﻗﺎﻣت ﻣﺳﺑﻘﺎً ﺑﺎﻋﺗراﻓﻬﺎ ﺑﺎﺧﺗﺻﺎص اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﻫذﻩ اﻟﺷﻛﺎوي‪.‬‬

‫وﺣﺗﻰ ﯾﺗم ﻗﺑول اﻟﺷﻛوى ﯾﺟب أن ﺗﺗوﻓر ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺷروط‪ ،‬ﻣﺛل اﺳﺗﻧﻔﺎذ اﻟﺷﺎﻛﻲ ﻟﺟﻣﯾﻊ‬
‫طرق اﻻﻧﺗﺻﺎف اﻟداﺧﻠﯾﺔ‪ ،‬وأﻻ ﺗﻛون اﻟﺷﻛوى اﻟﻣﺗﻘدم ﺑﻬﺎ ﻣﺟﻬوﻟﺔ اﻟﻣﺻدر‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﺟب ﻛذﻟك‬
‫أﻻ ﺗﻛون اﻟﺷﻛوى ﻗد ﺳﺑق وأن ﺗم ﻋرﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ أو ﻋﻠﻰ ﻫﯾﺋﺔ دوﻟﯾﺔ أﺧرى ﻟﺗﺣﻘق‬
‫ﻓﯾﻬﺎ أو ﻟﺗﺳوﯾﺗﻬﺎ‪ ،‬زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻗﺑول اﻟﺷﻛوى إذا ﻛﺎﻧت ﺑﯾﺎﻧﺎﺗﻬﺎ ﻻ ﺗﺳﺗﻧد إﻟﻰ‬
‫أي أﺳﺎس‪ ،‬أو ﻛﺎﻧت ﺗﻧطوي ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺳف ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل ﺣق اﻟﺷﻛوى‪.49‬‬

‫ٕواذا ﻣﺎ ﺗﻘرر ﻗﺑول اﻟﺷﻛوى ﺗﻘوم اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺑدراﺳﺗﻬﺎ ﻣﻊ ﻣﻣﺛﻠﻲ اﻷطراف‪ ،‬وﻓﻲ ﺣﺎل ﻣﺎ إذا‬
‫ﺗطﻠب اﻵﻣر إﺟراء ﺗﺣﻘﯾق ﻓﺈن اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻌﯾﻧﺔ ﺑﻬذا اﻟﺗﺣﻘﯾق ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻬﺎ ﺗﻘدﯾم ﻛﺎﻓﺔ‬
‫اﻟﺗﺳﻬﯾﻼت اﻟﺿرورﯾﺔ ﻹﺟراء ﻫذا اﻟﺗﺣﻘﯾق‪ ،‬وﻫذا ﺑطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﺎل ﺑﻌد ﺗﺑﺎدل وﺟﻬﺎت اﻟﻧظر ﻣﻊ‬

‫‪48‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻗﺎدري ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.173‬‬

‫‪49‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة‪ 26‬و ‪ 27‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬
‫اﻟﻠﺟﻧﺔ‪ ،50‬وﻋن اﺟﺗﻣﺎﻋﺎت ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻓﺗﻛون ﺳرﯾﺔ‪ ،51‬وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻘ ارراﺗﻬﺎ ﻓﺗﺗﺧذ ﺑﺄﻏﻠﺑﯾﺔ‬
‫اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺣﺎﺿرﯾن‪ ،52‬وﻣن اﺟل أن ﺗُﻛون ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻗﻧﺎﻋﺗﻬﺎ ﯾﻣﻛﻧﻬﺎ اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﺄي‬
‫ﺷﺧص ﺗرى ﺣﺿورﻩ ﺿروري‪ ،‬وﻋﻧد اﻻﻧﺗﻬﺎء ﻣن ﻋﻣﻠﻬﺎ ﺗﻘوم اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺑوﺿﻊ ﺗﻘرﯾر ﻣﻔﺻل ﻋن‬
‫اﻟوﻗﺎﺋﻊ واﻟﺣل اﻟذي ﺗم اﻟﺗوﺻل إﻟﯾﻪ وﺑﻌد ذﻟك ﯾﺗم إرﺳﺎﻟﻪ إﻟﻰ ﻟﺟﻧﺔ اﻟوزراء ٕواﻟﻰ اﻷﻣﯾن اﻟﻌﺎم‬
‫ﻟﻣﺟﻠس أورﺑﺎ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ﻛذﻟك‪ ،‬دون أن ﯾﻛون ﻟﻠﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﺣق ﻓﻲ ﻧﺷر‬
‫اﻟﺗﻘرﯾر اﻟذي ﺗوﺻﻠت إﻟﯾﻪ‪.‬‬

‫وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺻدر اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻗرارﻫﺎ ﻧﻛون ﻫﻧﺎ أﻣﺎم ﺧﯾﺎرﯾن ﻓﺈﻣﺎ أن ﯾﻘﺑل اﻟﺣل اﻟﻣﺗوﺻل إﻟﯾﻪ ﻣن‬
‫طرف اﻟﻠﺟﻧﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻧﻛون أﻣﺎم ﻧﻬﺎﯾﺔ ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﺷﻛوى‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺧﯾﺎر اﻟﺛﺎﻧﻲ واﻟذي ﯾﻣﻛن‬
‫اﻟوﻗوع ﻓﯾﻪ ﻓﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺣﺎل ﻋدم ﻗﺑول اﻟﺣل اﻟﻣﺗوﺻل إﻟﯾﻪ ﻣن ﻗﺑل أﺣد أطراف اﻟﻧزاع‪ ،‬وﻫﻧﺎ‬
‫ﯾﺣق ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﻣدﻋﯾﺔ أو اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻬﺎ أو دوﻟﺔ اﻟﻣواطن اﻟذي اﻧﺗﻬك ﺣﻘﻪ ﻓﻲ ﻏﺿون ﺛﻼﺛﺔ‬
‫)‪ (03‬أﺷﻬر ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ إﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻘرﯾر إﻟﻰ ﻟﺟﻧﺔ اﻟوزراء ﻋرض اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻷورﺑﯾﺔ‬
‫ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.53‬‬

‫‪50‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة‪ 28‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 33‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة‪ 34‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻗﺎدري ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.174‬‬
‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‬

‫اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 19‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق‬


‫ﻟﻘد ﺗم إﻧﺷﺎء ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ً‬
‫اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬وﻗد أدﺧﻠت ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻹﺻﻼﺣﺎت‪ ،‬وذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﺑروﺗوﻛوﻻت‬
‫اﻹﺿﺎﻓﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﻣن أﻫﻣﻬﺎ اﻟﺑروﺗوﻛول اﻟﺣﺎدي ﻋﺷر)‪ ،(11‬واﻟﺑرﺗوﻛول اﻟراﺑﻊ ﻋﺷر)‪(14‬‬
‫وﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺎ ﻣدى إﺳﻬﺎم ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت‪ ،‬ﺳﻧﻘف ﻋﻧد ﺗﺷﻛﯾﻠﺔ‬
‫ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ‪ ،‬وذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫اوﻻً ‪ /‬ﺗﺷﻛﯾل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺗﺷﻛل ﻣن ﻋدد ﻣن اﻷﻋﺿﺎء ﻣﺳﺎوي ﻟﻌدد‬
‫اﻷطراف اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة‪ ،‬ﻋﻠﻰ أﻻ ﺗُﻣﺛل اﻟدوﻟﺔ اﻟواﺣدة ﺑﺄﻛﺛر ﻣن ﻗﺎﺿﻲ‪ ،54‬وﯾﺗم اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻘﺿﺎة‬
‫ﺑواﺳطﺔ اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻻﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ﻟﻣﺟﻠس أورﺑﺎ‪ ،‬ﺑﺄﻏﻠﺑﯾﺔ اﻷﺻوات‪ ،‬ﺣﯾث أن ﻛل دوﻟﺔ ﻋﺿو ﺗﻘوم‬
‫ﺑﺗرﺷﯾﺢ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻣن ﺛﻼﺛﺔ أﺳﻣﺎء‪.‬‬

‫وﺣﺗﻰ ﯾﺗﺳﻧﻰ ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻛﻣل وﺟﻪ ﯾﺟب أن ﺗﺗوﻓر ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎة ﻣﺟﻣوﻋﺔ‬
‫ﻣن اﻟﺷروط ﻣﺛل اﻷﺧﻼق اﻟرﻓﯾﻌﺔ واﻟﻧزاﻫﺔ واﻟﺣﯾﺎد ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻋدم ﺟواز ﻣﻣﺎرﺳﺗﻬم ﻷي‬
‫ﻧﺷﺎط‪ ،‬وﯾﺟب ﻋﻠﻰ ﻫؤﻻء اﻟﻘﺿﺎة أن ﯾﺗﺣﻠوا ﺑدرﺟﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ ﻣن اﻷﺧﻼق وأن ﯾﻛوﻧوا ﺣﻘوﻗﯾﯾن‬
‫ذوي ﻛﻔﺎءة ﻣﻌﺗرف ﻟﻬم ﺑﻬﺎ‪ ،55‬أﻣﺎ ﻋن ﻣدة اﻟﻌﺿوﯾﺔ داﺧل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﺗدوم ﻟﺗﺳﻊ ﺳﻧوات‪.‬‬

‫وﻣﻣﺎ ﺗﺟب اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ أن ﻫؤﻻء اﻟﻘﺿﺎة ﻻ ﯾﻌﻣﻠون ﻟﺣﺳﺎب ﺗﻠك اﻟدول اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻣﻠون‬
‫ﺟﻧﺳﯾﺗﻬﺎ‪ٕ ،‬واﻧﻣﺎ ﯾﻌﻣﻠون ﺑﺻﻔﺗﻬم اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬أﺳود ﯾﺎﺳﯾن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.111‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 21‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎً ‪ /‬اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫ﻣن ﺧﻼل ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 32‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻧﻼﺣظ أن اﺧﺗﺻﺎص‬
‫اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﯾﺷﺗﻣل ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺗﻔﺳﯾر وﺗطﺑﯾق اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ وﺑروﺗوﻛوﻻﺗﻬﺎ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗطرح ﻋﻠﯾﻬﺎ وﻓﻘﺎً ﻟﻠﺷروط اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣواد‪.47 ،46 ،34 ،33‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﺗﺧﺗص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻣﺣﺎﻟﺔ إﻟﯾﻬﺎ إﻣﺎ ﻣن أﺣد اﻟدول اﻷطراف ﻓﻲ‬
‫اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬أو ﻣن اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬أﻣﺎ اﻷﻓراد ﻓﺗرﻓﻊ‬
‫اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻧﯾﺎﺑﺔ ﻋﻧﻬم اﻟﺷﻛوى إﻟﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ‪ ،56‬أﻣﺎ ﻋن اﻟﻘ اررات اﻟﺗﻲ ﺗﺻدرﻫﺎ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻬﻲ‬
‫ﻣﻠزﻣﺔ وﻧﻬﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬وﻟﻘﺑول اﻟدﻋوى أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺎﻛﻲ أن ﯾﺳﺗﻧﻔذ ﻛﺎﻓﺔ طرق اﻟﺗظﻠم‬
‫اﻟداﺧﻠﯾﺔ داﺧل اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺷﻛو ﻓﻲ ﺣﻘﻬﺎ‪.57‬‬

‫ﻧﺷﯾر إﻟﻰ أﻧﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺑروﺗوﻛول رﻗم ‪ 11‬اﻟﻣﻠﺣق ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬
‫أﺻﺑﺢ اﻟﻧظﺎم اﻷورﺑﻲ اﻟﺟدﯾد ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ آﻟﯾﺔ وﺣﯾدة وﻫﻲ‬
‫اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗم إﻟﻐﺎء ﻛل ﻣن اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪،‬‬
‫ٕواﺑﻌﺎد ﻟﺟﻧﺔ اﻟوزراء ﻋن ﻟﻌب اﻟدور اﻟذي ﻛﺎن ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻟﻘدﯾم ﻣﺎ ﻋدى ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺗطﺑﯾق‬
‫اﻷﺣﻛﺎم‪.‬‬

‫إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ﻓﺈن اﻟﺑرﺗوﻛول ‪ 11‬ﻗد أﻟﻐﻰ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻻﺧﺗﯾﺎرﯾﺔ ﻟﻘﺑول اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء‬
‫اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ‪ ،‬ﻫذا وﻗد أدى إﻟﻐﺎء اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ‬
‫اﻻزدواﺟﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻠﺟﻧﺔ واﻟﻣﺣﻛﻣﺔ‪ ،‬وذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﺗﻌوﯾض ﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺑﻐرﻓﺔ ﺗﺗﻛون‬
‫ﻣن ‪ 07‬ﻗﺿﺎة‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺳﺎس ﻓﺈن ﻫذﻩ اﻟﻐرﻓﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺗوﻟﻰ ﻣﻬﻣﺔ اﻟﺑث ﻓﻲ ﻗﺑول‬
‫اﻟﺷﻛوى ﻣن ﻋدﻣﻪ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻗﺎدري ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.175‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬اﺳود ﯾﺎﺳﯾن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫وﺧﻼﻓﺎً ﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﻘدم رأﯾﺎ ﻓﺈن اﻟﻐرﻓﺔ اﻟﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ ﺗﺻدر ﻗ ار اًر ﻣﻠزﻣﺎً‪ ،‬إﻻ أن ﻫذا‬
‫اﻟﻘرار ﻻ ﯾﺻﺑﺢ ﻧﻬﺎﺋﯾﺎً إﻻ ﺑﻌد ﻣرور ﺛﻼﺛﺔ)‪ (03‬أﺷﻬر‪ ،‬وﻟم ﯾطﻠب أﺣد أطراف اﻟﻧزاع إﺣﺎﻟﺔ‬
‫اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻐرﻓﺔ اﻟﻛﺑرى اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﺳﺑﻌﺔ ﻋﺷر )‪ (17‬ﻋﺿوًا‪.58‬‬

‫وﻣن ﺧﻼل اﻹطﻼع ﻋﻠﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 35‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻧﺟدﻫﺎ‬
‫ﻗد ﻋددت ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺷروط ﻟرﻓﻊ اﻟﺷﻛوى أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﻻ ﯾﺟوز اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ‬
‫اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ إﻻ ﺑﻌد اﺳﺗﻧﻔﺎذ ﺳﺑل اﻻﻧﺗﺻﺎف اﻟداﺧﻠﯾﺔ‪ ،‬وﻓﻲ ﻏﺿون ﺳﺗﺔ أﺷﻬر ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺻدور‬
‫اﻟﺣﻛم اﻟوطﻧﻲ اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ ﻗﺑول ﺷﻛوى ﻣﺟﻬوﻟﺔ اﻟﻣﺻدر‪ ،‬أو أن ﯾﻛون ﻗد‬
‫ﺗم اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺷﻛوى ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻣﺳﺑﻘﺎً‪ ،‬وأﻻ ﯾﻛون ﻗد ﺗم ﻋرﺿﻬﺎ ﻣن ﻗﺑل ﻋﻠﻰ‬
‫ﻫﯾﺋﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ دوﻟﯾﺔ ﻣن اﺟل اﻟﺗﺣﻘﯾق أو اﻟﺗﺳوﯾﺔ‪ ،‬وﻫذا ﺑﺷرط أﻻ ﯾﻛون ﻗد ﺗﺿﻣن وﻗﺎﺋﻊ‬
‫ﺟدﯾدة‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻋن ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺷﻛوى ﻓﺈﻣﺎ أن ﺗﻛون ﺑﺗﺳوﯾﺔ ودﯾﺔ‪ ،‬ﻟﻛن ﯾﺟب أن ﺗﺗم ﻓﻲ إطﺎر اﺣﺗرام‬
‫ﻣﺿﻣون اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ‪ ،59‬أو أن ﯾﺗم ﺷطب اﻟﺷﻛوى‪ ،‬وﻫذا ﻓﻲ ﺣﺎل ﻣﺎ إذا ﺗﺑﯾن ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ أﻧﻪ ﻟﯾس‬
‫ﻫﻧﺎك ﻣﺑرر ﻟﻼﺳﺗﻣرار ﻓﻲ اﻟﺷﻛوى أو أن ﺗﻛون اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ﻗد ﺳوﯾت‪ ،60‬وﻗد ﺗﻧﺗﻬﻲ ﻫذﻩ اﻟﺷﻛوى‬
‫ﺑﺻدور ﺣﻛم ﻋن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﺄﻏﻠﺑﯾﺔ أﺻوات ﻗﺿﺎﺗﻬﺎ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻗﺎدري ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.180 -179‬‬

‫‪59‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬اﺣﻣد واﻓﻲ‪ ،‬اﻵﻟﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن وﻣﺑدأ اﻟﺳﯾﺎدة‪ ،‬رﺳﺎﻟﺔ دﻛﺗو ارﻩ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر‬

‫رﻗم ‪ ،2011 – 2010 ،1‬ص ‪.171‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 37‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬
‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‬

‫اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫ﻟﻘد أﺑرﻣت اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺳﻧﺔ ‪ 1969‬ودﺧﻠت ﺣﯾز اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﺳﻧﺔ‬
‫‪ 1978‬وﻗد ﺻﯾﻐت ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن أﺣﻛﺎﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻣط اﻹﻋﻼن اﻷﻣرﯾﻛﻲ‬
‫ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻹﻋﻼن اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﻌﻬدﯾن‬
‫اﻟدوﻟﯾﯾن اﻟﺧﺎﺻﯾن ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻌﺎم‪.1966‬‬

‫واﻟﺟدﯾر ﺑﺎﻟذﻛر ﻫو ﺗﻠك اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺣﻘوق اﻟﺗﻲ ﺗم اﻻﻋﺗراف ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ‪ ،‬وﻟم‬
‫ﯾﺗم ذﻛرﻫﺎ ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺑروﺗوﻛوﻻت اﻟﻣﻠﺣﻘﺔ ﺑﻬﺎ‪ ،‬ﻣﺛل ﺣق ﻛل ﻓرد‬
‫ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ‪ ،‬وﺣﻘﻪ ﻓﻲ ﺟﻧﺳﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾوﻟد ﻓﯾﻬﺎ إذا ﻟم ﯾﻛن ﻟﻪ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺗﻣﺗﻊ ﺑﺟﻧﺳﯾﺔ‬
‫دوﻟﺔ أﺧرى‪ ،‬واﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﻠﺟوء‪ ،‬ﻣﻊ ﻋدم اﻟﺳﻣﺎح ﺑﺈﺑﻌﺎد اﻷﺟﻧﺑﻲ إﻟﻰ ﺑﻠد أﺧر إذا ﻛﺎن ﺣﻘﻪ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺣﯾﺎة ﻗد ﯾﺗﻌرض ﻟﻠﺧطر ﺑﺳﺑب ﺟﻧﺳﻪ أو ﺟﻧﺳﯾﺗﻪ أو دﯾﻧﻪ أو وﺿﻌﻪ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪ ،‬أو آراﺋﻪ‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻻﻋﺗراف ﺑﺟﻣﯾﻊ اﻷطﻔﺎل ﺑﻣن ﻓﯾﻬم اﻟذﯾن ﯾوﻟدون ﺧﺎرج ﻧطﺎق اﻟراﺑطﺔ‬
‫اﻟزوﺟﯾﺔ ‪...‬اﻟﺦ‪.61‬‬

‫إن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺗوﺟب ﻋﻠﻰ اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء اﺣﺗرام ﻋدد ﻣن اﻟﺣﻘوق‬
‫اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣﺛل اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﻟﺣرﯾﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ واﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ‬
‫اﻟﻌﺎدﻟﺔ‪ ،‬واﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ واﻟﺗﻧﻘل واﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺷؤون اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻣﺳﺎواة أﻣﺎم اﻟﻘﺎﻧون‪.....‬اﻟﺦ‬
‫وﻗد أﻧﺷﺄت اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻫﯾﻛﻠﺔ ﻣﻣﺎﺛﻠﺔ ﻟﻠﻬﯾﻛﻠﺔ اﻷورﺑﯾﺔ وذﻟك ﻣن ﺣﻼل إﻗﺎﻣﺔ ﻟﺟﻧﺔ‬
‫أﻣرﯾﻛﯾﺔ)ﻓرع أول(‪ ،‬وﻣﺣﻛﻣﺔ أﻣرﯾﻛﯾﺔ)ﻓرع ﺛﺎﻧﻲ(‪ ،‬ﻣن أﺟل اﻹﺷراف ﻋﻠﻰ اﻻﺣﺗرام اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻬذﻩ‬
‫اﻟﺣﻘوق ﻓﻲ اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء‪.62‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻣﺎزن ﻟﯾﻠوي راﺿﻲ و ﺣﯾدر أدﻫم ﻋﺑد اﻟﻬﺎدي‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.201 -200‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﺧﺿر ﺧﺿر‪ ،‬ﻣدﺧل إﻟﻰ اﻟﺣرﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب‪ ،‬طراﺑﻠس‪ -‬ﻟﺑﻧﺎن‪،‬‬
‫اﻟﻔرع اﻷول‬

‫اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫إن دراﺳﺗﻧﺎ ﻟﻬذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺳﺗﺗم ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻌرض إﻟﻰ ﺗﻛوﯾن ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ‬
‫واﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ‪ ،‬وذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫اوﻻً ‪ /‬ﺗﺷﻛﯾل اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺗﻛون ﻣن ﺳﺑﻌﺔ )‪ (07‬أﻋﺿﺎء‪ ،‬وﯾﺟب أن ﺗﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ‬
‫ﻛﺎﻓﺔ اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء‪ ،‬وﯾﺗم اﻧﺗﺧﺎب ﻫؤﻻء اﻷﻋﺿﺎء ﻋن طرﯾق اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﻟﻣدة أرﺑﻊ‬
‫ﺳﻧوات‪ ،‬وﯾﺟوز إﻋﺎدة اﻧﺗﺧﺎﺑﻬم ﻣرة واﺣدة ﻓﻘط‪ ،63‬وﯾﻛون ﻟﻛل دوﻟﺔ ﻣن اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء‬
‫ﺗرﺷﯾﺢ ﺛﻼﺛﺔ)‪ (03‬أﺳﻣﺎء‪ ،‬وﻗد ﺗطور ﻋﻣل ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻋﺑر اﻟزﻣن‪ ،‬ﻓﺑﻌد أن ﻛﺎﻧت اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻓﻲ‬
‫ﺑداﯾﺔ ﻋﻬدﻫﺎ ﺗﻌﻣل ﻓﻘط ﻋﻠﻰ دﻋم وﺗﺷﺟﯾﻊ اﺣﺗرام ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺑﻣﺎ ﺗﺟرﯾﻪ ﻣن دراﺳﺎت‪،‬‬
‫وﻧﺷر ﻣﻌﻠوﻣﺎت وﺗﻘدﯾم ﻣﺷﺎورات ﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬ﻟﻛن ﺑﻌد أن دﺧﻠت اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ‬
‫اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺣﯾز اﻟﺗﻧﻔﯾذ اﺳﺗﻛﻣﻠت ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺻﻼﺣﯾﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻣﺎﯾﺔ‬
‫ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.64‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎً ‪ /‬اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬


‫ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻓﻬﻲ ﻣﺷﺎﺑﻬﺔ إﻟﻰ ﺣد ﺑﻌﯾد ﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻠﺟﻧﺔ‬
‫اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬ﻟﻛن ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن ﻧﺟد ﺑﻌض اﻻﺧﺗﻼف ﺑﯾن ﻫﺎﺗﯾن اﻟﻠﺟﻧﺗﯾن‪،‬‬

‫‪ ،2008‬ص ‪.169‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬اﺳود ﯾﺎﺳﯾن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.30‬‬

‫‪ -64‬أﻧظر‪ ،‬ﻗﺎدري ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.181 180‬‬


‫ﺣﯾث أن ﻟﻠﺟﻧﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟدول اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﻧﺿم‬
‫ﻟﻼﺗﻔﺎﻗﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺎ داﻣت ﺗﻠك اﻟدول ﺗﺣﻣل ﻋﺿوﯾﺔ ﻣﻧظﻣﺔ اﻟدول اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ‪.65‬‬

‫وﻣن أﻫم اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻛذﻟك ﻧﺟد ﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﺣﺗرام اﻟواﺟب ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬
‫واﻟدﻓﺎع ﻋﻧﻬﺎ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟوﻋﻲ ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺑﯾن ﺷﻌوب اﻟﻘﺎرة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ‪ ،‬وﻛذا‬
‫إﺻدار ﺗوﺻﯾﺎت ﻟﺣﻛوﻣﺎت اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء ﺑﺷﺄن اﻹﺟراءات اﻟواﺟب اﺗﺧﺎذﻫﺎ ﻟﻣزﯾد ﻣن‬
‫اﻟﻣراﻋﺎة ﻟﻬذﻩ اﻟﺣﻘوق‪ ،‬زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺗﻘوم ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺑﺗﻘدﯾم ﺗﻘرﯾر ﺳﻧوي ﻟﻠﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻟﻠﻣﻧظﻣﺔ ﺗﻌرض ﻓﯾﻪ اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﻣطﺑق ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻟدول اﻷطراف ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ‬
‫ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.66‬‬

‫أﻣﺎ ﻋن رﻓﻊ اﻟﺷﻛﺎوى واﻟﻌراﺋض اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻧﺗﻬﺎك ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻬﻲ ﺣق ﻟﻛل ﻣن‬
‫اﻟدول واﻷﻓراد واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت‪ ،‬واﻟﻬﯾﺋﺎت ﻏﯾر اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ اﻟﻣﻌﺗرف ﺑﻬﺎ ﻓﻲ دوﻟﺔ أو أﻛﺛر ﻣن اﻟدول‬
‫اﻷﻋﺿﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪.67‬‬

‫إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ﻓﺈن ﺗﻘدﯾم اﻟﺷﻛوى ﯾﻛون أﻣﺎم اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻣﺑﺎﺷرة‪ ،‬وﻫذا ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﺗﻧظﯾم‬
‫اﻷورﺑﻲ‪ ،‬واﻟذي ﺗﻘدم ﻓﯾﻪ اﻟﺷﻛوى إﻟﻰ اﻷﻣﯾن اﻟﻌﺎم واﻟذي ﯾﺣﯾﻠﻬﺎ ﺑدورﻩ إﻟﻰ اﻟﻠﺟﻧﺔ‪.‬‬

‫ﻟﻘد ﺟﺎء ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة‪ 44‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﯾﺣق ﻷي ﺷﺧص‪،‬‬
‫وﻋﻠﻰ ﻫذا ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﺷﺧص اﻟذي ﻟم ﺗﻧﺗﻬك ﺣﻘوﻗﻪ ﺷﺧﺻﯾﺎً اﻟﺗﻘدم ﺑﻬذﻩ اﻟﺷﻛوى أﻣﺎم‬
‫اﻟﻠﺟﻧﺔ‪ ،‬وﻟﻌل اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن ذﻟك ﻫﻲ وﺿﻊ ﺣد ﻟﺗﻠك اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻓﯾﻬﺎ ﻟﻠﺿﺣﯾﺔ اﻟذي‬

‫‪65‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻗﺎدري ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.181‬‬

‫‪66‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 41‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 44‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬
‫اﻧﺗﻬﻛت ﺣﻘوﻗﻪ وﺣرﯾﺎﺗﻪ ﻣن اﻟﺗﻘدم ﺑﻬذﻩ اﻟﺷﻛوى ﻓﻲ ﺣق ﺗﻠك اﻟﺟﻬﺎت اﻟﺗﻲ ﻗﺎﻣت ﺑﺎﻻﻋﺗداء‬
‫ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬وﻫذا ﻓﻲ ﺣﺎل ﻣﺎ إذا ﺗم اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ إﺧﻔﺎﺋﻪ وﻗطﻊ اﺗﺻﺎﻟﻪ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ‪.68‬‬

‫وﺣﺗﻰ ﯾﺗﺳﻧﻰ ﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﻘﯾﺎم ﺑدراﺳﺔ اﻟﺷﻛوى اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻻﺑد أن ﺗﺗﺄﻛد ﻣن ﺗوﻓر‬
‫ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺷروط ﻣﺛل وﺟوب اﺣﺗواء اﻟﻌرﯾﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﺳم اﻟﺿﺣﯾﺔ وﺟﻧﺳﯾﺗﻪ وﻣﺣل إﻗﺎﻣﺗﻪ‪،‬‬
‫وﺗوﻗﯾﻌﻪ وﺗوﻗﯾﻊ اﻟﻣﻣﺛل اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﻧظﻣﺎت ﻏﯾر اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗدﻣت اﻟﻌرﯾﺿﺔ‪،‬‬
‫ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺿرورة اﺳﺗﻧﻔﺎذ طرق اﻟطﻌن اﻟداﺧﻠﯾﺔ‪ ،‬ﻫذا وأﻻ ﺗﻛون اﻟﺷﻛوى ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻗد ﺗم‬
‫ﻋرﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﯾﺋﺔ دوﻟﯾﺔ أﺧرى‪.69‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‬

‫اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ‬

‫ﺗﻌد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ آﻟﯾﺔ أﺧرى إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﯾﻘﻊ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻬﺎ ﻣﻬﻣﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻟدول اﻷطراف ﻟﺗﻌﻬداﺗﻬﺎ‪ ،‬وﻣن ﻫذا‬
‫اﻟﻣﻧطﻠق ﻓﺈن دراﺳﺗﻧﺎ ﻟﻬذﻩ اﻵﻟﯾﺔ ﺳﺗﻧﺻب ﻋﻠﻰ طرﯾﻘﺔ ﺗﺷﻛﯾل ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ‬
‫اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ‪ ،‬وذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫‪68‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻗﺎدري ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.182‬‬

‫‪69‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬اﺳود ﯾﺎﺳﯾن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫أوﻻً ‪ /‬ﺗﺷﻛﯾل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺗﺷﻛل ﻣن ﺳﺑﻌﺔ ﻗﺿﺎة ﻣن رﻋﺎﯾﺎ‬
‫اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء ﻓﻲ ﻣﻧظﻣﺔ اﻟدول اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ‪ ،‬أﻣﺎ ﻋن اﻧﺗﺧﺎب ﻫؤﻻء اﻟﻘﺿﺎة ﻓﯾﻛون ﻋن طرﯾق‬
‫اﻻﻗﺗراع اﻟﺳري وﺑﺎﻷﻏﻠﺑﯾﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻟﻠدول اﻷطراف ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.70‬‬

‫إن ﻫؤﻻء اﻟﻘﺿﺎة ﻣﻧﺗﺧﺑﯾن ﺑﺻﻔﺗﻬم اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻬم ﻟﯾﺳوا وﻛﻼء أو ﻣﻣﺛﻠﯾن ﻋن‬
‫ﺗﻠك اﻟدول اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻣﻠون ﺟﻧﺳﯾﺗﻬﺎ‪ ،‬وﻫذا ﻷن ﻟﻛل دوﻟﺔ ﻣن اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء ﻟﻬﺎ اﻟﺣق ﻓﻘط ﻓﻲ‬
‫اﻗﺗراح ﺛﻼﺛﺔ ﻣرﺷﺣﯾن ﻣن ﻣواطﻧﯾﻬﺎ‪ ،‬أو ﻣن ﻣواطﻧﻲ دوﻟﺔ أﺧرى ﻋﺿو ﻓﻲ ﻣﻧظﻣﺔ اﻟدول‬
‫اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ‪ ،‬وﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق ﻛل دوﻟﺔ ﻋﺿو ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن أن ﺗراﻋﻲ‬
‫ﻓﻲ ﻣرﺷﺣﯾﻬﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺷروط‪ ،‬وذﻟك ﻛﺄن ﯾﻛوﻧوا ﻗﺎﻧوﻧﯾﯾن وذوي ﺻﻔﺎت ﺧﻠﻘﯾﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ‬
‫وﻣﺷﻬود ﻟﻬم ﺑﺎﻟﻛﻔﺎءة ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ .71‬وﻋن اﻟﻧﺻﺎب اﻟواﺟب ﺗوﻓرﻩ ﻣن اﻟﻘﺿﺎة‬
‫ﻟﺻﺣﺔ ﻣداوﻻت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻬو ﺧﻣس)‪ (05‬ﻗﺿﺎة‪ ،‬وﺗﺗﺧذ أﺣﻛﺎﻣﻬﺎ ﺑﺄﻏﻠﺑﯾﺔ أﺻوات‬
‫اﻟﺣﺎﺿرﯾن‪.72‬‬

‫إن ﻣدة ﻋﺿوﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎة داﺧل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻬﻲ ﺳﺗﺔ)‪ (06‬ﺳﻧوات ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﺟدﯾد ﻣرة واﺣدة‬
‫ﻓﻘط‪ ،73‬وﻣﻣﺎ ﯾﻼﺣظ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣدة ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻌد ﺑﺎﻟﻣﺗوﺳطﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻬﻲ ﻟﯾﺳت ﺑﺎﻟﻘﺻﯾرة اﻟﺗﻲ‬
‫ﻗد ﻻ ﯾﻛﺗﺳب ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ أي ﺧﺑرة ﻛﺎﻓﯾﺔ ﺗﻣﻛﻧﻪ ﻣن ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻋﻣﻠﻪ ﻋﻠﻰ أﻛﻣل وﺟﻪ أو‬
‫ﺑﻣﺟرد ﻣﺎ ﯾﻛﺗﺳب ﻫذﻩ اﻟﺧﺑرة ﺗﻛون ﻣدة اﻟﻌﺿوﯾﺔ ﻗد اﻧﺗﻬت‪ ،‬ﻫذا ﻣن ﺟﻬﺔ وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى‬

‫‪70‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻗﺎدري ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.183‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬اﺳود ﯾﺎﺳﯾن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.114‬‬

‫‪72‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬اﺣﻣد واﻓﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.171‬‬

‫‪73‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻗﺎدري ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.183‬‬
‫إذا ﻛﺎﻧت ﻣدة ﻋﺿوﯾﺔ طوﯾﻠﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻫﻲ اﻷﺧرى ﻗد ﺗطرح ﺑﻌض اﻹﺷﻛﺎﻻت ﻛﺎﻟﻣﺣﺎﺑﺎة وﺑﻌض‬
‫اﻻﻧﺣراﻓﺎت اﻷﺧرى‪.‬‬

‫ﻧﺷﯾر إﻟﻰ أن ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺗؤﻛد ﻋﻠﻰ ﻋدم إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺟﻣﻊ ﺑﯾن ﻋﺿوﯾﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ واﻟﻠﺟﻧﺔ‪،‬‬
‫وﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾواﺟﻪ ﻋﻘوﺑﺔ ﻣن اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟدول اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ إذا ﻛﺎن ﻫﻧﺎك‬
‫ﻣﺎ ﯾﺑررﻫﺎ‪.74‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎً ‪ /‬اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫إن اﺧﺗﺻﺎص ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﺧﺗﯾﺎري‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻫذا اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻟن ﯾﺷﻣل إﻻ‬
‫اﻟدول اﻟﺗﻲ ﻗﺑﻠت ﺑﻪ‪ ،‬أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠدول اﻷﻋﺿﺎء ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﻘﺑل ﺑﺎﺧﺗﺻﺎص‬
‫اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻠن ﯾﻠزﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﻲء‪ ،75‬ﻛﻣﺎ أن ﻗﺑول اﻟدول اﻷطراف ﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻗد ﯾﻛون‬
‫دون ﻗﯾد أو ﺷرط أو ﯾﻛون ﻣﺷروط ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑﺎﻟﻣﺛل‪ ،‬أو ﻟﻣدة ﻣﺣددة‪ ،‬أو ﻟﻘﺿﺎﯾﺎ ﻣﺣددة‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻷﻓراد ﻓﻠﯾس ﻟﻬم ﺣق ﻋرض دﻋواﻫم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻣﺑﺎﺷرة‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻠﯾس ﻟﻬم ﺣق‬
‫اﻟﻣﺛول أﻣﺎﻣﻬﺎ ﺣﺗﻰ وﻟو ﻋرﺿت دﻋواﻫم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻣن ﻗﺑل ﻟﺟﻧﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.76‬‬

‫إذاً ﻣﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن ﺣق اﻟﻔرد ﻓﻲ اﻟﺗظﻠم ﻣﺑﺎﺷرة أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻫو ﺣق ﻣﺗﺎح‬
‫ﻟﻠﻔرد ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ أﻣﺎ ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻓﺈن اﻟﻔرد ﻻ ﯾﺣظﻰ ﺑﻬذا اﻟﺣق‪ ،‬وﻋن‬
‫أﺣﻛﺎم ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻬﻲ ﻧﻬﺎﺋﯾﺔ وﻏﯾر ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﺳﺗﺋﻧﺎف‪.‬‬

‫وﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص اﻻﺳﺗﺷﺎري ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟوز ﻟﻠدول اﻷﻋﺿﺎء ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﺳﺗﺷﺎرة اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﺷﺄن ﺗﻔﺳﯾر ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ أو أﯾﺔ ﻣﻌﺎﻫدات أﺧرى ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ‬

‫‪74‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬اﺳود ﯾﺎﺳﯾن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.114‬‬

‫‪75‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻗﺎدري ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.184‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬اﺣﻣد واﻓﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.172‬‬
‫ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب دوﻟﺔ ﻋﺿو ﻓﻲ اﻟﻣﻧظﻣﺔ‬
‫ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟدول اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ وﯾﻣﻛن ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ ً‬
‫أن ﺗزود ﺗﻠك اﻟدول ﺑﺂراء ﺣول ﻣدى اﻧﺳﺟﺎم أي ﻣن ﻗواﻧﯾﻧﻬﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻣﻊ اﻟوﺛﺎﺋق اﻟدوﻟﯾﺔ‬
‫اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر‪ ،77‬وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻶراء اﻻﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺻدرﻫﺎ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺗﻌد ﻏﯾر ﻣﻠزﻣﺔ ﻟﻛن رﻏم‬
‫ذﻟك ﺗﺑﻘﻰ ﻟﻬﺎ ﻗﯾﻣﺔ أدﺑﯾﺔ ﻣﻌﺗﺑرة‪.‬‬

‫وﻛﺧﻼﺻﺔ ﻟﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن اﻧﺗﻬﺎﻛﺎت ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻗد أﺻﺑﺣت ﻣن اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت‬
‫اﻟﺷﺎﺋﻌﺔ ﺟداً ﻓﻲ دول أﻣرﯾﻛﯾﺎ اﻟﻼﺗﯾﻧﯾﺔ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﻫذا ﻓﺈن ﻫذا اﻟواﻗﻊ ﯾﺟﻌل ﻣن اﻟﺻﻌب ﻋﻠﯾﻧﺎ‬
‫اﻟﻘول ﺑﺄن ﻫذﻩ اﻟدول ﺗﺣﺗرم اﻟﺗﻌﻬدات اﻟﺗﻲ ﻗطﻌﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﻬﺎ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻗد‬
‫أﺿﺣت ﻣﺟرد إﻋﻼن ﻧظري ﯾﻌدد ﻫذﻩ اﻟﻣﺑﺎدئ ﻣن ﺑﺎب اﻟﺗﻣﺳك ﺑﻬﺎ اﺳﻣﯾﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻗل‪.78‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث‬

‫اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫ﻟﻘد ﺣﺎوﻟت اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ أن ﺗﻘﺗدي أﺛر اﻟدول اﻟﻐرﺑﯾﺔ‪ ،‬وذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﺳﺗﺣداث آﻟﯾﺔ‬
‫إﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﺗﻛون ﻣﻬﻣﺗﻬﺎ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﺳﻬر ﻋﻠﻰ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن وﺣرﯾﺎﺗﻪ‪ ،‬ﺣﯾث ﺗم إﻧﺷﺎء‬
‫اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟداﺋﻣﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﻗرار ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ رﻗم‪ 2443‬ﻟﺳﻧﺔ ‪،196879‬‬
‫وﻛذا ﻣﺷروع اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻟﻌرﺑﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن اﻟذي ﺗم اﻋﺗﻣﺎدﻩ ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 23‬ﻣﺎﯾو ‪2004‬‬
‫ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻟﻘﻣﺔ اﻟﺳﺎدﺳﺔ ﻋﺷر)‪ (16‬ﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻬذا اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺗﻛون‬
‫ﻣن دﯾﺑﺎﺟﺔ وﺛﻼﺛﺔ وﺧﻣﺳون )‪ (53‬ﻣﺎدة‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟك ﻧﺟد ﻣﺷروع ﻣﯾﺛﺎق ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬
‫واﻟﺷﻌب ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ‪ ،‬واﻟذي ﺗﻘدم ﺑﻪ ﻋدد ﻣن ﺧﺑراء اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻣن أﻫل اﻟﻔﻛر‬
‫واﻟﻘﺎﻧون ﺳﻧﺔ ‪ ،1986‬وﯾﺣﺗوي ﻫذا اﻟﻣﺷروع ﻋﻠﻰ ‪ 65‬ﻣﺎدة‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 64‬ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﺧﺿر ﺧﺿر‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.170‬‬

‫‪79‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬اﺳود ﯾﺎﺳﯾن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.65‬‬
‫أﻣﺎ ﻋن اﻟدور اﻟذي ﯾﻣﻛن أن ﺗﻠﻌﺑﻪ ﻫذﻩ آﻟﯾﺔ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق‬
‫واﻟﺣرﯾﺎت ﻓﺈن دراﺳﺗﻧﺎ ﻟﻪ ﺳﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﻣﺷروع ﻣﯾﺛﺎق ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌب ﻓﻲ اﻟوطن‬
‫اﻟﻌرﺑﻲ‪ ،‬واﻟذي ﺳﻧﻌﺎﻟﺟﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن)ﻓرع أول(‪ ،‬واﻟﻣﺣﻛﻣﺔ‬
‫اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن )ﻓرع ﺛﺎﻧﻲ(‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول‬

‫اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫إن دراﺳﺗﻧﺎ ﻟﻬذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺳﺗﻛون ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗطرق إﻟﻰ طرﯾﻘﺔ ﺗﻛوﯾن ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ‪ ،‬ﺛم إﻟﻰ‬
‫اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ‪ ،‬وذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫اوﻻً ‪ /‬ﺗﺷﻛﯾل اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫إن ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺗﺗﺄﻟف ﻣن إﺣدى ﻋﺷر)‪ (11‬ﻋﺿو وﻟﻛل دوﻟﺔ طرف اﻟﺣق ﻓﻲ ﺗرﺷﯾﺢ‬
‫ﻣرﺷﺣﯾن أﺛﻧﯾن ﻓﻘط‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون أﺣد ﻫذﯾن اﻟﻣرﺷﺣﯾن ﻟﯾس ﻣن رﻋﺎﯾﺎ ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﺿو‪،‬‬
‫وﺗﺗوﻟﻰ ﻧﻘﺎﺑﺔ اﻟﻣﺣﺎﻣﯾن ﻫﻲ اﻷﺧرى ﻓﻲ ﻛل ﻗطر ﺑﺗرﺷﯾﺢ ﺷﺧص ﺛﺎﻟث ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﻬﻣﺔ‪ ،‬ﻫذا‬
‫وﻋﻠﻰ اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء أن ﺗراﻋﻲ ﺷروط ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﻲ ﻣرﺷﺣﯾﻬﺎ‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﯾﺟب أن ﯾﺗﻣﺗﻌوا ﺑﺻﻔﺎت‬
‫ﺧﻠﻘﯾﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ‪ ،‬وأن ﯾﻛون ﻣﺷﻬوداً ﻟﻬم ﺑﺎﻟﻛﻔﺎءة ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟدﻓﺎع ﻋن ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬

‫وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻣﻬﻣﺔ اﻧﺗﺧﺎب أﻋﺿﺎء ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﯾﺗوﻻﻫﺎ ﻣﻣﺛﻠو اﻷطراف ﻋن طرﯾق اﻻﻗﺗراع‬
‫اﻟﺳري ﻓﻲ اﺟﺗﻣﺎع ﯾﻌﻘد ﻟﻬذﻩ اﻟﻐﺎﯾﺔ‪ ،‬وذﻟك ﻣن ﺑﯾن ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺗﺗﺿﻣن أﺳﻣﺎء ﻛﺎﻓﺔ اﻷﺷﺧﺎص‬
‫ﻋﻠﻰ أﻻ ﺗﺷﺗﻣل اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻋﻠﻰ أﻛﺛر ﻣن ﻋﺿو واﺣد ﻣن ﺟﻧﺳﯾﺔ واﺣدة‪ ،‬وﺑﻣﺟرد اﻧﺗﺧﺎب ﻫؤﻻء‬
‫اﻷﻋﺿﺎء داﺧل ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﯾﺻﺑﺣون ﻣﺳﺗﻘﻠﯾن ﻋن ﺗﻠك اﻟدول اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻣﻠون ﺟﻧﺳﯾﺗﻬﺎ‪ ،‬وﻋﻠﻰ‬
‫ﻫذا ﻓﺈن ﻋﻣﻠﻬم ﯾﻛون ﻟﺻﺎﻟﺢ ﻣﺟﻣوع اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء‪.80‬‬

‫‪80‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 50‬ﻣن ﻣﺷروع ﻣﯾﺛﺎق ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌب ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ‪.‬‬
‫وﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾق اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ وﻧزاﻫﺔ ﻋﻣل ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ ﻛل ﻋﺿو ﻣن‬
‫أﻋﺿﺎء ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ أن ﯾﺗﻌﻬد رﺳﻣﯾﺎً ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ ﻋﻠﻧﯾﺔ ﻣن أن ﯾﻘوم ﺑﻌﻣﻠﻪ ﺑﻛل ﺗﺟرد وﻧزاﻫﺔ‪،‬‬
‫أﻣﺎ ﻋن ﻣدة اﻟﻌﺿوﯾﺔ ﻓﻬﻲ أرﺑﻊ)‪ (04‬ﺳﻧوات ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﺟدﯾد‪ ،81‬وﺑﺎﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ ﻋﺑﺎرة "ﻗﺎﺑﻠﺔ‬
‫ﻟﻠﺗﺟدﯾد" ﯾﻔﻬم ﻣﻧﻬﺎ أﻧﻪ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻌﺿو اﻟﻣﻧﺗﻬﯾﺔ وﻻﯾﺗﻪ‪ ،‬أن ﯾﺗرﺷﺢ ﻟﻌﺿوﯾﺔ ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻣرات‬
‫ﻋدﯾدة دون ﺗﺣدﯾد ﻟﻌدد اﻟﻌﻬدات‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﻫذا ﻓﻠو أراد واﺿﻌو ﻣﺷروع ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق ﺗﺣدﯾد ﻣدة‬
‫اﻟﻌﺿوﯾﺔ ﻟﺗﻣت ﺻﯾﺎﻏﺔ ﻫذﻩ اﻟﻌﺑﺎرة ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ‪ :‬ﻣدة اﻟﻌﺿوﯾﺔ داﺧل ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻫﻲ‬
‫أرﺑﻊ)‪ (04‬ﺳﻧوات ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﺟدﯾد ﻣرة واﺣدة ﻓﻘط‪ ،‬أو ﻣرﺗﯾن‪.‬‬

‫ﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ﻧرى أن ﻫذﻩ اﻟﻣدة ﻏﯾر ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﻗﺻﯾرة ﻧوﻋﺎً ﻣﺎ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻛﺎن‬
‫ﯾﻔﺗرض أن ﺗﻛون ﺳﺗﺔ)ّ‪ (06‬ﺳﻧوات ﻣﺛﻼ‪ ،‬وﻫذا ﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾق أﻛﺛر اﺳﺗﻘرار ﻟﻬؤﻻء اﻷﻋﺿﺎء‬
‫إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ زﯾﺎدة ﻣردودﻫم ﺑﻔﺿل اﻟﺧﺑرة اﻟﺗﻲ ﯾﻛﺗﺳﺑوﻧﻬﺎ ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣدة اﻟﻣﺗوﺳطﺔ وﻫو ﻣﺎ‬
‫ﺳﯾﻧﻌﻛس ﺑﺎﻹﯾﺟﺎب ﻋﻠﻰ ﻣردودﻫم داﺧل ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎً‪ /‬اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫ﻟﻬذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺗﻘوم ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت‪،‬‬
‫ﻣﺛل اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﻌزﯾز اﺣﺗرام ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌب اﻟﻌرﺑﻲ وﺗﻌﻣﯾق اﻟوﻋﻲ ﺑﻬﺎ ﻟدى‬
‫اﻟﺟﻣﺎﻫﯾر اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل ﺗﺟﻣﯾﻊ وﻧﺷر اﻟوﺛﺎﺋق واﻟدراﺳﺎت واﻷﺑﺣﺎث‪ ،‬وﺗﻧظﯾم اﻟﻧدوات‬
‫واﻟﻣؤﺗﻣرات‪ٕ ،‬واﻋﻼﻧﻬﺎ ﺑﻛﺎﻓﺔ وﺳﺎﺋل اﻹﻋﻼم‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﺗﻘﺎرﯾر‬
‫اﻟدورﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗوﻗﻌﻬﺎ اﻷطراف‪.82‬‬

‫أﻣﺎ ﻋن ﺣق اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻓﯾﻛون ﻟﻛل ﻣن اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻟﺗﻘدم‬
‫ﺑﺑﻼﻏﺎت إﻟﻰ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻧﺗﻬﺎﻛﺎت ﻋﺿو ﻣﺎ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ‬

‫‪81‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 51‬ﻣن ﻣﺷروع ﻣﯾﺛﺎق ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌب ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 53‬ﻣن ﻣﺷروع ﻣﯾﺛﺎق ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌب ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ‪.‬‬
‫اﻟﻣﯾﺛﺎق‪ ،‬وﯾﻣﻛن ﻟﻸﻓراد واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﺣق رﻓﻊ ﺷﻛوى إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻧﺗﻬك ﺣﻘوﻗﻬم‬
‫اﻟﻣﻘررة ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق‪ ،83‬ﻛﻣﺎ ﻟﻬذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ اﺗﺧﺎذ ﻣﺎ ﺗراﻩ ﻣﻧﺎﺳﺑﺎ ﻣن ﺗﻌﻠﯾﻘﺎت وﺗوﺻﯾﺎت‬
‫ﺗﺧطر ﺑﻬﺎ اﻷطراف اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ‪.84‬‬

‫وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﺷﻛوى اﻟﻣﻘدﻣﺔ‪ ،‬ﻻ ﯾﺷﺗرط ﻗﺑول اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء‪،‬‬
‫ٕواﻧﻣﺎ ذﻟك اﻻﺧﺗﺻﺎص ﯾﺗرﺗب ﻣﺑﺎﺷرة ﻋﻧد اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﯾﺛﺎق‪.85‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‬

‫اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫إن دراﺳﺗﻧﺎ ﻟﻬذﻩ اﻵﻟﯾﺔ ﺳﺗﻛون ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗﻛوﯾﻧﻬﺎ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺑﯾﺎن‬
‫ﻣﻬﺎﻣﻬﺎ واﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ‪ ،‬وذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫اوﻻً ‪ /‬ﺗﺷﻛﯾل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫ﻟﻘد ﺣﺻر ﻣﺷروع ﻣﯾﺛﺎق ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌب ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ‪ ،‬طرﯾﻘﺔ ﺗﻛوﯾن ﻫذﻩ‬
‫اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻲ ﺛﻼث)‪ (03‬ﻣواد ‪ 56،57 ،55‬ﻣن ﻫذا اﻟﻣﺷروع‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﻫذا ﻓﺈن ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ‬
‫ﺗﺗﻛون ﻣن ﺳﺑﻌﺔ )‪ (07‬ﻗﺿﺎة ﺣﯾث ﺗﻘوم ﻛل دوﻟﺔ طرف ﺑﺗرﺷﯾﺢ ﻋﺿوﯾن‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻣرﺷﺢ اﻟﺛﺎﻟث‬
‫ﻓﺗﺗوﻟﻰ ﻧﻘﺎﺑﺔ اﻟﻣﺣﺎﻣﯾن ﺗرﺷﯾﺣﻪ‪ ،‬وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛﺗﻣل اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﯾﺟري اﻧﺗﺧﺎب اﻟﻘﺿﺎة ﻣن ﺑﯾن أوﻟﺋك‬
‫اﻟﻣرﺷﺣﯾن ﻋن طرﯾق اﻻﻗﺗراع اﻟﺳري‪ ،‬ﻋﻠﻰ أﻻ ﺗﻛون اﻟدوﻟﺔ اﻟواﺣدة ﻣﻣﺛﻠﺔ ﺑﺄﻛﺛر ﻣن ﻋﺿو‪،‬‬
‫وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻣدة ﻋﺿوﯾﺔ اﻷﻋﺿﺎء داﺧل ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻬﻲ ﺳﺗﺔ)‪ (06‬ﺳﻧوات ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﺟدﯾد‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻗﺎدري ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.190‬‬

‫‪84‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة‪ 54‬ﻣن ﻣﺷروع ﻣﯾﺛﺎق ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌب ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻗﺎدري ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.190‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎً ‪ /‬اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫إن ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺗﺧﺗص ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟدﻋﺎوى اﻟﺗﻲ ﯾرﻓﻌﻬﺎ طرف ﺿد طرف آﺧر ﺑﻌد‬
‫ﻣﺿﻲ ﻣدة ﻋﻠﻰ ﺗﻘدﯾم ادﻋﺎﺋﻪ إﻟﻰ اﻟﻠﺟﻧﺔ وﻫذا ﻓﻲ ﺣﺎل ﻣﺎ إذا ﻟم ﺗﺗوﺻل اﻟﻠﺟﻧﺔ إﻟﻰ ﺣل‬
‫ﯾرﺗﺿﯾﻪ اﻷطراف‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ ﺷﻛﺎوى اﻷﺷﺧﺎص اﻟﺗﻲ ﺗﺗم إﺣﺎﻟﺗﻬﺎ‬
‫إﻟﯾﻬﺎ ﻣن طرف اﻟﻠﺟﻧﺔ‪ ،‬وذﻟك ﺑﺳﺑب ﻋدم ﺗﻣﻛﻧﻬﺎ ﻣن اﻟوﺻول إﻟﻰ ﺣل ﺑﺷﺄﻧﻬﺎ‪ ،‬إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﻣﺎ‬
‫ﺳﺑق ﻧﺟد أن ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﺧﺗﺻﺎص اﺳﺗﺷﺎري‪ ،‬وذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﺗﻘدﯾم اﻵراء اﻻﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ‬
‫ﺑﺧﺻوص ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻣﯾﺛﺎق وﺗﺣدﯾد اﻟﺗزاﻣﺎت اﻟدول اﻷطراف ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب اﻷطراف واﻟﻬﯾﺋﺎت‬
‫اﻟﺗﻲ ﯾؤذن ﻟﻬﺎ ﺑذﻟك‪.86‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟراﺑﻊ‬

‫اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻹﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌب‬

‫إن اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻟم ﺗﺄﺗﻲ ﻣن ﻓراغ ٕواﻧﻣﺎ ﺟﺎءت اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟذﻟك‬
‫اﻟواﻗﻊ اﻹﻓرﯾﻘﻲ اﻟﻣﻧﻬك ﻣن ﺑطش وﺟﺑروت اﻟﻣﺳﺗﻌﻣر‪ ،‬ﻓﺿﻼً ﻋن أﻧظﻣﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﻲ ﺧﻠﻔت‬
‫اﻟﻣﺳﺗﻌﻣر‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﺗﺳﯾطر ﻋﻠﯾﻬﺎ أﺟﻬزة ﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻗوﯾﺔ‪ ،‬أو ﯾﺳﯾطر ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻋﺳﻛرﯾون أو‬
‫دﯾﻛﺗﺎﺗورﯾون‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﺳﺎﻫم إﻟﻰ ﺣد ﺑﻌﯾد ﻓﻲ ﺗﻬﻣﯾش ﺣﻘوق اﻷﻓراد وﺣرﯾﺎﺗﻬم‪ ،‬زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق‬
‫ﻓﻘد ﻛﺎن ﻟظﻬور اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن أﺛرﻫﺎ اﻟﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺑروز اﻟﺣﺎﺟﺔ‬
‫إﻟﻰ ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺗﻧظﯾم اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻘﺎرة اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ‪ ،‬واﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌب‪.‬‬

‫اﻧطﻼﻗﺎً ﻣﻣﺎ ﺳﺑق ﻓﺈن دراﺳﺗﻧﺎ ﻟﻬذﻩ اﻵﻟﯾﺔ ﺳﺗﻛون ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﻣﺿﻣون ﻫذا‬
‫اﻟﻣﯾﺛﺎق)ﻓرع أول(‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻘﯾﯾم ﻧﺻوص ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق)ﻓرع ﺛﺎﻧﻲ(‪ ،‬وﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﺳﻧﺗطرق‬

‫‪86‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 58‬ﻣن ﻣﺷروع ﻣﯾﺛﺎق ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌب ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ‪.‬‬
‫إﻟﻰ اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪ ،‬ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ اﻟﺟﻬﺔ اﻟوﺣﯾدة اﻟﻣﺳﻧد ﻟﻬﺎ ﻣﻬﻣﺔ‬
‫ﺿﻣﺎن ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت)ﻓرع ﺛﺎﻟث(‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول‬

‫ﻣﺿﻣون اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻹﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‬

‫إن اﻟﻘﺎرة اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺷﺄن ﺑﻘﯾﺔ اﻟﻘﺎرات اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ واﻷورﺑﯾﺔ‪ ،‬ﻗد ﺳﺎﻫﻣت ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن‬
‫اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬واﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ ﺿرورة اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﺣﺗرام ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن وﺣرﯾﺎﺗﻪ‬
‫اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ‪ ،87‬وﻣﻣﺎ ﯾﻼﺣظ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق أﻧﻪ ﻛﺎن ﻧﺗﺎج ﺑﯾﺋﺗﻪ‪ ،‬ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أن ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن‬
‫اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻗد ﻋرف ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺟﻬﺎت‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﺗﻌد اﻟﺳﺑﺎﻗﺔ ﻓﻲ ﻫذا‬
‫اﻟﻣﺟﺎل‪ ،‬ﻟﻛن ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟوا ﺿﻌوا ﻧﺻوص ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻟم ﯾرﯾدوا أن ﯾﺳﺗوردوﻩ ﺟﺎﻫ اًز ‪ ،‬وﻋﻠﻰ‬
‫ﻫذا اﻷﺳﺎس ﻓﻘد أﺧذوا ﻓﻲ اﻋﺗﺑﺎرﻫم اﻟﺗﻘﺎﻟﯾد اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ واﻟﻘﯾم اﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت‬
‫ﻣﺻدر إﻟﻬﺎم ﻟﻔﻛرﻫم ﺣول ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.88‬‬

‫وﻗد واﻓق ﻣؤﺗﻣر اﻟﻘﻣﺔ اﻷﻓرﯾﻘﻲ اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر اﻟﻣﻧﻌﻘد ﻓﻲ ﻧﯾروﺑﻲ ﺳﻧﺔ ‪ 1981‬ﻋﻠﻰ اﻟﻣﯾﺛﺎق‬
‫اﻹﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪ ،‬ودﺧل ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق ﺣﯾز اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﺳﻧﺔ ‪ ،1986‬وﻗد ﺻﺎدﻗت‬
‫ﻋﻠﯾﻪ ‪ 45‬دوﻟﺔ ﻣن ﻣﺟﻣوع ‪ 52‬دوﻟﺔ أﻋﺿﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪.‬‬

‫وﻋن ﻣﺻﺎدﻗﺔ اﻟﺟزاﺋر ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻓﻘد ﻛﺎﻧت ﺑﻣوﺟب اﻟﻣرﺳوم ‪ 37/87‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ‬
‫‪ 03‬ﻓﺑراﯾر‪ 1987‬اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ رﻗم ‪ 06‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 04‬ﻓﺑراﯾر‪ ،1987‬إن ﻫذﻩ‬
‫اﻟﻣﺻﺎدﻗﺔ ﻟم ﺗﺄﺗﻲ ﻣن ﻓراغ ٕواﻧﻣﺎ ﺟﺎءت ﻣن ﻣﻧطﻠق اﻟﺗﻣﺎﺳك اﻟﺟﻐراﻓﻲ‪ ،‬واﻟﻣﺻﯾر اﻟﻣﺷﺗرك‪،‬‬
‫وﻛذا اﻟﺧﺻوﺻﯾﺎت اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻣﻊ دول ﻫذا اﻟﺗﻧظﯾم اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ‪ ،‬وﻫو ﻣﺎ أﻛد ﻋﻠﯾﻪ‬

‫‪87‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬اﺳود ﯾﺎﺳﯾن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.33‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬اﺳود ﯾﺎﺳﯾن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫اﻟﻣؤﺳس اﻟدﺳﺗوري اﻟﺟزاﺋري ﻣن ﺧﻼل اﻟﻔﻘرة ‪ 19‬ﻣن دﯾﺑﺎﺟﺔ دﺳﺗور ‪ ،199689‬واﻟﺗﻲ ﻧﺻت‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪ ":‬إن اﻟﺟزاﺋر أرض اﻹﺳﻼم‪ ،‬وﺟزء ﻻ ﯾﺗﺟ أز ﻣن اﻟﻣﻐرب اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻛﺑﯾر‪ ،‬وارض‬
‫ﻋرﺑﯾﺔ‪ ،‬وﺑﻼد ﻣﺗوﺳطﯾﺔ ٕواﻓرﯾﻘﯾﺔ ﺗﻌﺗز ﺑﺈﺷﻌﺎع ﺛورﺗﻬﺎ ﺛورة أول ﻧوﻓﻣﺑر‪ ،‬وﯾﺷرﻓﻬﺎ اﻻﺣﺗرام اﻟذي‬
‫أﺣرزﺗﻪ‪ ،‬وﻋرﻓت ﻛﯾف ﺗﺣﺎﻓظ ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺎﻟﺗزاﻣﻬﺎ إزاء ﻛل اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻌﺎدﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم‪.‬‬

‫ﻋﻣوﻣﺎً ﻓﺈن ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق ﯾﺗﺄﻟف ﻣن دﯾﺑﺎﺟﺔ وﺛﻣﺎن وﺳﺗﯾن)‪ (68‬ﻣﺎدة‪ ،‬ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟدﯾﺑﺎﺟﺔ ﻫذا‬
‫اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻓﻘد أﻛدت أن اﻟﺣرﯾﺔ واﻟﻣﺳﺎواة واﻟﻌداﻟﺔ واﻟﻛراﻣﺔ أﻫداف ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗطﻠﻌﺎت‬
‫اﻟﻣﺷروﻋﺔ ﻟﻠﺷﻌوب اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺗؤﻛد ﻫذﻩ اﻟدﯾﺑﺎﺟﺔ ﻋﻠﻰ ﺣق اﻟﺷﻌوب اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻻﺳﺗﻘﻼل‪ ،‬وﺗﺻﻔﯾﺔ ﻗواﻋد اﻟﻌدوان اﻟﻌﺳﻛري اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ‪ ،‬واﻟﺗﺄﻛﯾد ﻛذﻟك ﻋﻠﻰ ﺿرورة ﺗﺿﺎﻓر‬
‫اﻟﺟﻬود ﻟﺗوﻓﯾر ظروف ﺣﯾﺎة أﻓﺿل ﻟﺷﻌوب اﻟﻘﺎرة‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻔﻘرة اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ)‪ (05‬ﻣن دﯾﺑﺎﺟﺔ ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻓﺗؤﻛد ﻋﻠﻰ ﺿرورة أن ﯾﻛون ﻣﻔﻬوم‬
‫اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت ﻧﺗﺎج اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ؛ أي أن ﯾﻛون ﻧﺎﺑﻌﺎً ﻣن ﺗﻘﺎﻟﯾدﻧﺎ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‪ ،‬وﻗﯾﻣﻧﺎ‬
‫اﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‪.‬‬

‫وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻔﻘرة اﻟﺳﺎﺑﻌﺔ)‪ (07‬ﻣن ﻫذﻩ اﻟدﯾﺑﺎﺟﺔ ﻓﻘد ذﻛرت أن اﻟﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت‬
‫ﯾﻘﺗﺿﻲ أن ﯾﻧﻬض ﻛل ﻓرد ﺑواﺟﺑﺎﺗﻪ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن اﻟﺣﻘوق اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن‬
‫ﻓﺻﻠﻬﺎ ﻋن اﻟﺣﻘوق اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ‪ ،‬وان اﻟﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻟﺣﻘوق اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‬
‫ﻟن ﯾﺗﺄﺗﻰ إﻻ ﺑﺗوﻓر اﻟﺣﻘوق اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻬﻣﺎ وﺟﻬﺎن ﻟﻌﻣﻠﺔ‬
‫واﺣدة ﻻ ﯾﻣﻛن ﻓﺻﻠﻬﻣﺎ ﻋن ﺑﻌﺿﻬﻣﺎ اﻟﺑﻌض‪ ،‬ﻛﺎﻟﺳﺑب واﻟﻧﺗﯾﺟﺔ‪ ،‬واﻟواﻗﻊ أن اﻟﻔرد اﻟﺟوﻋﺎن‬
‫ﻟن ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﻛﺗب ﻣﻘﺎل أو أن ﯾﻌﺑر ﻋن رأي ﺑﺄي طرﯾﻘﺔ ﻣن اﻟطرق‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬دﺳﺗور ‪ ،1996‬اﻟﻣﻌدل ﺑﻣوﺟب اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ‪ 01/16‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 06‬ﻣﺎرس ‪)2016‬ج‪.‬ر( رﻗم ‪ 14‬اﻟﻣؤرﺧﺔ‬
‫ﻓﻲ‬

‫‪ 07‬ﻣﺎرس ‪.2016‬‬
‫ﻓﺿﻼً ﻋﻣﺎ ﺳﺑق ﻓﺈن اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻣﻧﺔ)‪ (08‬ﻣن ﻫذﻩ اﻟدﯾﺑﺎﺟﺔ ﺗؤﻛد اﻟﺗزام اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء‬
‫ﺑوﺟوب اﻟﻌﻣل واﻟﺳﻌﻲ ﻣن أﺟل ﺗﺣرﯾر ﻛﺎﻣل اﻟﻘﺎرة اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻣن ﻛل أﺷﻛﺎل اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر‬
‫واﻟﻔﺻل اﻟﻌﻧﺻري‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ إزاﻟﺔ ﻛﺎﻓﺔ أﺷﻛﺎل اﻟﺗﻔرﻗﺔ‪ ،‬ﻻﺳﯾﻣﺎ ﺗﻠك اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫أﺳﺎس اﻟﻌﻧﺻر أو اﻟﻌرق أو اﻟﻠون أو اﻟﺟﻧس أو اﻟﻠﻐﺔ أو اﻟدﯾن أو اﻟرأي اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪.‬‬

‫زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ﻓﻔﻲ ﺧﺗﺎم ﻫذﻩ اﻟدﯾﺑﺎﺟﺔ ﺗم ﺗﺄﻛﯾد اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق‬
‫ﻋﻠﻰ ﺿرورة ﺗﻣﺳﻛﻬم ﺑﺣﻘوق وﺣرﯾﺎت اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب ﻛﻣﺎ ﺟﺎءت ﻓﻲ وﺛﺎﺋق دوﻟﯾﺔ ﻣﺗﻌددة‪.‬‬

‫وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻣواد ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻓﻘد وزﻋت إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﺟزاء اﻟﺟزء اﻷول ﻣﻧﻬﺎ ﯾﺗﺿﻣن‬
‫اﻟﺣﻘوق واﻟواﺟﺑﺎت‪ ،‬وﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ﻓﺈن ﻣن أﻫم اﻟﺣﻘوق اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺟزء ﻣن‬
‫اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻧﺟد اﻟﺣﻘوق اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺛل اﻟﻣﺳﺎواة أﻣﺎم اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬وﺣق اﺣﺗرام ﺣﯾﺎة اﻷﻓراد‪،‬‬
‫واﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺣرﯾﺔ واﻷﻣن اﻟﺷﺧﺻﻲ‪ ،‬وﺣرﯾﺔ اﻟﻌﻘﯾدة‪ ،‬اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ أﺷﻛﺎل‬
‫اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻟﻌﻧﺻري‪ ،‬اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ‪ ،‬واﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺔ‪ ،‬وﺣق اﻟﺗﻧﻘل‬
‫واﻹﻗﺎﻣﺔ‪ ،‬واﻟﺣق ﻓﻲ ﻣﻐﺎدرة اﻟدوﻟﺔ واﻟﻌودة إﻟﯾﻬﺎ‪ ،‬ﺣق اﻟﻠﺟوء‪ ،‬ﺣظر طرد اﻷﺟﺎﻧب‪ٕ .‬واﻟﻰ‬
‫ﺟﺎﻧب ﻫذﻩ اﻟﻔﺋﺔ ﻣن اﻟﺣﻘوق ﻧﺟد اﻟﺣﻘوق اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺗﻣﻠك‪ ،‬واﻟﺣق‬
‫ﻓﻲ اﻟﻌﻣل‪ ،‬وﺿﻣﺎن ﺣق اﻟﺗﻌﻠﯾم‪ ،‬واﻟﺣق ﻓﻲ اﻻﺷﺗراك ﺑﺣرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ‪،‬‬
‫واﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺗﻣﺗﻊ ﺑﺣﺎﻟﺔ ﺻﺣﯾﺔ ﺟﯾدة‪ ،‬وﺣق اﻷﺳرة ﻓﻲ اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ‪ ،‬وﺣﻘوق اﻷطﻔﺎل وﻛﺑﺎر اﻟﺳن‬
‫واﻟﻣﻌوﻗﯾن‪.90‬‬

‫أﻣﺎ ﻋن اﻟواﺟﺑﺎت‪ ،‬إذا ﻛﺎن اﻟﺑﺎب اﻷول ﻣن ﻫذا اﻟﺟزء ﻗد أﺷﺎر إﻟﻰ اﻟﺣﻘوق اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن‬
‫ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﻬﺎ اﻷﻓراد‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺑﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن ﻫذا اﻟﺟزء ﻗد ﺗﻧﺎول اﻟواﺟﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻷﻓراد‪،‬‬
‫ﻷﻧﻪ ﻣﺎ ﻣن ﺣق إﻻ وﯾﻘﺎﺑﻠﻪ واﺟب‪ ،‬وﻣن ﺑﯾن ﺗﻠك اﻟواﺟﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻣت اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬﺎ ﻧﺟد‪،‬‬

‫‪90‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬اﻟﻣواد ﻣن ‪ 01‬إﻟﻰ ‪ 26‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب ﻟﺳﻧﺔ ‪.1981‬‬
‫واﺟب اﻟﻔرد ﻧﺣو أﺳرﺗﻪ‪ ،‬وذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻧﺳﺟﺎﻣﻬﺎ واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﻣﺎﺳﻛﻬﺎ‪،‬‬
‫واﺣﺗراﻣﻬﺎ‪ ،‬ﻣﻊ اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ ﺿرورة اﺣﺗرام اﻟواﻟدﯾن ٕواطﻌﺎﻣﻬﻣﺎ وﻣﺳﺎﻋدﺗﻬﻣﺎ ﻋﻧد اﻟﺣﺎﺟﺔ‪.91‬‬

‫ﻓﺿﻼً ﻋﻣﺎ ﺳﺑق ﻧﺟد ﻛذﻟك واﺟب اﻟﻔرد ﻧﺣو ﻣﺟﺗﻣﻌﻪ‪ ،‬وﻫذا ﻣن ﺧﻼل ﺗوظﯾف ﻛل‬
‫ﻗدراﺗﻪ وﻣﻬﺎراﺗﻪ اﻟذﻫﻧﯾﺔ واﻟﺑدﻧﯾﺔ ﻟﺧدﻣﺗﻪ‪ ،92‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟك ﻫﻧﺎك واﺟب اﻟﻔرد ﻧﺣو دوﻟﺗﻪ‪ ،‬ﻣن‬
‫ﺧﻼل اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ أﻣن واﺳﺗﻘرار اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻣل ﺟﻧﺳﺗﻬﺎ ﺑﻌدم ﺗﻌرﯾﺿﺎ ﻟﻠﺧطر‪ ،‬وﻛذا‬
‫اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺣﻣﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ‪ ،‬واﻻﻧﺳﺟﺎم اﻟداﺧﻠﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ‪ ،‬واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﻘوﯾﺔ‬
‫ﻣﻧﺎﻋﺔ اﻟدوﻟﺔ وﺑﺎﻟﺧﺻوص ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﺗﻬدﯾد اﻟﺗﺿﺎﻣن واﻻﻧﺳﺟﺎم اﻟوطﻧﻲ‪ ،‬واﻟدﻓﺎع ﻋن اﻟدوﻟﺔ‬
‫ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟظروف اﻟﺧطﯾرة اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﻬدد ﻛﯾﺎﻧﻬﺎ ﻣﺛل ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺣرب‪ ،‬زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ﻓﺈﻧﻪ‬
‫ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻷﻓراد ﻛذﻟك وﺟوب دﻓﻊ اﻟﺿراﺋب وأداء اﻟﺧدﻣﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ‪.93‬‬

‫وﻣﻣﺎ ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ أن ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟواﺟﺑﺎت ﻟم ﯾﺳﺑق وأن ﺗم اﻟﺗطرق إﻟﯾﻪ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣواﺛﯾق واﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻫذﻩ اﻹﺷﺎرة ﻟﻬذا اﻟﻧوع ﻣن‬
‫اﻟواﺟﺑﺎت ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻹﻓرﯾﻘﻲ ﺗﻌﺗﺑر إﺿﺎﻓﺔ ﻧوﻋﯾﺔ ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣن ﻋﺎدات وﺗﻘﺎﻟﯾد اﻟﺑﯾﺋﺔ‬
‫اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ‪ ،‬ودﯾن ﻣﻌظم دوﻟﻬﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺣﻧﯾف اﻟذي ﯾﺣث ﻋﻠﻰ اﺣﺗرام اﻟواﻟدﯾن وﺑرﻫﻣﺎ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻋن اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن ﻣواد ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻓﻘد اﺷﺗﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﻛوﯾن وﺗﻧظﯾم اﻟﻠﺟﻧﺔ‬
‫اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪ ،‬واﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ‪ٕ ،‬واﺟراءاﺗﻬﺎ‪ ،‬واﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن‬
‫ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ‪ ،94‬وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻬذا اﻟﺟزء ﺳﻧﻘف ﻋﻧدﻩ ﺑﺎﻟﺗﺣﻠﯾل واﻟﺷرح ﻓﻲ إﺣدى اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻼﺣﻘﺔ ﻣن‬
‫ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 1/29‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب ﻟﺳﻧﺔ ‪.1981‬‬

‫‪92‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 2/29‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب ﻟﺳﻧﺔ ‪.1981‬‬

‫‪93‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 6، 5 ،4 ،2،3/29‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب ﻟﺳﻧﺔ ‪.1981‬‬

‫‪94‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬اﻟﻣواد ﻣن ‪ 30‬إﻟﻰ ‪ 63‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب ﻟﺳﻧﺔ ‪.1981‬‬
‫وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺟزء اﻷﺧﯾر ﻣن ﻣواد ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق‪ ،‬ﻓﻘد ﺗﺿﻣن اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻹﺟراﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗوﻻﻫﺎ‬
‫اﻷﻣﯾن اﻟﻌﺎم ﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟوﺣدة اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ‪ ،‬ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺈن ﻫذا اﻟﺟزء ﯾﺣدد اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ‬
‫ﺑﻧﻔﺎذﻫﺎ وﺗﺻدﯾﻘﻬﺎ واﻟﺑروﺗوﻛوﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺿﺎف إﻟﯾﻬﺎ‪ ،‬وﺗﻌدﯾﻠﻬﺎ‪.95‬‬

‫إذاً ﻣﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن اﻟﺣﻘوق اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻻ ﺗﺧﺗﻠف ﻋن‬
‫ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟواردة ﻓﻲ اﻹﻋﻼﻧﺎت واﻟﻣواﺛﯾق اﻟدوﻟﯾﺔ اﻷﺧرى‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‬

‫ﺗﻘﯾﯾم ﻧﺻوص اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻹﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‬

‫ﻟﻘد ﺗﻣﯾز اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻋن ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻟﻣواﺛﯾق اﻷﺧرى‪ ،‬وذﻟك ﻻﻋﺗراﻓﻪ ﺑﻔﺋﺔ ﺟدﯾدة ﻣن‬
‫اﻟﺣﻘوق واﻟﻣﻌروﻓﺔ ﺑﺣﻘوق اﻟﺗﺿﺎﻣن أو ﺣﻘوق اﻟﺟﯾل اﻟﺛﺎﻟث‪ ،‬ﻛﺣق اﻟﺷﻌوب ﻓﻲ اﻟوﺟود وﻓﻲ‬
‫ﺗﻘرﯾر ﻣﺻﯾرﻫﺎ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺗﺻرف ﺑﺣرﯾﺔ ﻓﻲ ﺛرواﺗﻬﺎ‪ ،‬وﻣواردﻫﺎ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ‪ ،‬وﻓﻲ ﺗﻧﻣﯾﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬
‫واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﺛﻘﺎﻓﯾﺔ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺳﻼم‪ ،‬وﻓﻲ ﺑﯾﺋﺔ ﻣرﺿﯾﺔ وﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﺗﻧﻣﯾﺗﻬﺎ‪.96‬‬

‫وﻣﻣﺎ ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ أن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻹﻓرﯾﻘﻲ رﻏم أﻫﻣﯾﺗﻪ إﻻ أﻧﻪ ﻻ ﯾرﻗﻰ إﻟﻰ ﻣﺻﺎف‬
‫اﻟﻣﯾﺛﺎﻗﯾن اﻷورﺑﻲ واﻷﻣرﯾﻛﻲ‪ ،‬وﻫذا ﻷن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻹﻓرﯾﻘﻲ ﯾﺗﺿﻣن أداة وﺣﯾدة ﺗﺗوﻟﻰ ﻣﻬﻣﺔ‬
‫رﺻد ﺗﻧﻔﯾذ ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻬو ﯾﺧﻠو ﻣن إﻧﺷﺎء ﻣﺣﻛﻣﺔ أﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬وﻋﻠﻰ‬
‫ﻫذا ﻓﺈن ﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﺗﻛون ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ودﯾﺔ ﻻ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ‬
‫ﺿﻌف اﻟﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﺟﻬﺔ اﻟﺗزام اﻟﺣﻛوﻣﺎت اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ إزاء ﻣوﺿوﻋﺎت ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪.97‬‬

‫‪95‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬اﻟﻣواد ﻣن ‪ 64‬إﻟﻰ ‪ 68‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب ﻟﺳﻧﺔ ‪.1981‬‬

‫‪96‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻣﺎزن ﻟﯾﻠوي راﺿﻲ و ﺣﯾدر أدﻫم ﻋﺑد اﻟﻬﺎدي‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.305‬‬

‫‪97‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬اﻟطﺎﻫر ﺑن ﺧرف اﷲ‪ ،‬ﻣدﺧل إﻟﻰ اﻟﺣرﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬اﻟﺟزء ‪ ،01‬طﺎﻛﺳﯾﺞ‪ .‬ﻛوم‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪،‬‬
‫اﻟطﺑﻌﺔ‬
‫وﻣﻣﺎ ﯾﻼﺣظ ﻋﻠﻰ ﻧﺻوص ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق أن ﺑﻌض اﻟﺣﻘوق ﻛﺎﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻗد ﺟﺎء دون ﻗﯾد ﻋﻠﻰ ﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋﻠﻰ اﻷﻓﻛﺎر وﻧﺷرﻫﺎ‪ ،‬ﻫو‬
‫ﺣق ﻣﺳﻣوح ﺑﻪ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻘواﻧﯾن واﻟﻠواﺋﺢ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻣﺎ ﯾﻌﺎب ﻋﻠﻰ ﻫذا‬
‫اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻫو ﺧﻠوﻩ ﻣن ﻧﺻوص ﺗﺟﯾز ﺗﻌطﯾل ﺿﻣﺎن ﺑﻌض اﻟﺣﻘوق ﻷﺳﺑﺎب طﺎرﺋﺔ‪.98‬‬

‫وﻣن اﻻﻧﺗﻘﺎدات اﻟﺗﻲ وﺟﻬت ﻛذﻟك إﻟﻰ ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق اﺗﺳﺎع ﻣﺣﺗواﻩ اﻟﻣوﺿوﻋﻲ واﻟذي‬
‫اﺷﺗﻣل ﻋﻠﻰ ﺣﻘوق ﻟﻺﻧﺳﺎن وأﺧرى ﻟﻠﺷﻌوب‪ ،‬وﺣﻘوق ﻣدﻧﯾﺔ وﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬وﺣﻘوق اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬
‫واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﺛﻘﺎﻓﯾﺔ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺳﺎس ﻓﺎﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﺗﻣﯾزة ﻟﻛل ﻓﺋﺔ ﻣن ﻓﺋﺎت ﻫذﻩ‬
‫اﻟﺣﻘوق ﻛﺎﻧت ﺗﻘﺗﺿﻲ ﺗﺧﺻﯾص وﺛﯾﻘﺔ ﻣﻧﻔﺻﻠﺔ ﻟﻛل ﻓﺋﺔ‪ ،‬ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ﻓﺈن اﺗﺳﺎع‬
‫اﻟﻣﺣﺗوى اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻟﻬذا اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻗد أﺿﻌف ﻣن ﻓﻌﺎﻟﯾﺗﻪ إﻟﻰ ﺣد ﻛﺑﯾر‪ ،‬وﺟﻌﻠﻪ أﺷﺑﻪ ﺑﺈﻋﻼن‬
‫ﻟﻠﺣﻘوق‪.99‬‬

‫وﻣﻣﺎ ﯾؤﺧذ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻛذﻟك ﻫو ﺗرﻛﯾز اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻟﻌﻣﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺣﺿرﯾﺔ‪،‬‬
‫ٕواﻫﻣﺎل اﻟﻣﻧﺎطق اﻟرﯾﻔﯾﺔ‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣن ﺗﻘﺷﻲ اﻷﻣﯾﺔ وارﺗﻔﺎع ﻣﻌدﻻﺗﻬﺎ‪ ،‬ﻟذﻟك ﻓﺎﻷﺷﺧﺎص‬
‫اﻟﻣﻘﯾﻣﯾن ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﻧﺎطق ﻟﯾﺳت ﻟدﯾﻬم أدﻧﻰ ﻓﻛرة ﻋن اﻟﺣﻘوق اﻟﺗﻲ ﻛﻔﻠﻬﺎ ﻟﻬم اﻟﻣﯾﺛﺎق‪.100‬‬

‫ورﻏم أن ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻗد ﺟﺎء ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ ﻣن اﻟﺻﯾﺎﻏﺔ‪ ،‬واﺣﺗواﺋﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﺋﺔ‬
‫ﺟدﯾدة ﻣن اﻟﺣﻘوق اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾﺳﺑق أن ﺗﻣت اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣواﺛﯾق اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر‪ ،‬وﻣرور‬
‫ﻣدة زﻣﻧﯾﺔ طوﯾﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺻﺎدﻗﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﻗﺑل اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء‪ ،‬ودﺧوﻟﻪ ﺣﯾز اﻟﺗﻧﻔﯾذ‪ ،‬إﻻ أن‬

‫اﻷوﻟﻰ‪ ،2007 ،‬ص ‪.2014 -2013‬‬

‫‪98‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻣﺎزن ﻟﯾﻠوي راﺿﻲ و ﺣﯾدر أدﻫم ﻋﺑد اﻟﻬﺎدي‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.304‬‬

‫‪99‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬اﺳود ﯾﺎﺳﯾن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.37‬‬

‫‪100‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻋﻣران ﻗﺎﺳﻲ‪ ،‬اﻟﺣرﯾﺎت اﻟﺣرﯾﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ وﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﻣواطن وآﻟﯾﺎت ﺿﻣﺎﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻧص اﻟﺗﻌدﯾل‬
‫اﻟدﺳﺗوري ﻟﻌﺎم ‪ ،1996‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺑن ﻋﻛﻧون‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر‪ ،2002 – 2001 ،‬ص ‪.194‬‬
‫اﻟﻔﺎرق ﻻ ﯾزال ﻗﺎﺋﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﻧظري واﻟﺗطﺑﯾق ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻘﺎرة اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻣﻌظم اﻟدول‬
‫اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣن أﻻ ﺣرﯾﺔ‪ ،‬واﻟﻐﯾﺎب اﻟﺷﺑﻪ اﻟﺗﺎم ﻟﻠدﯾﻣﻘراطﯾﺔ واﻟﻌﻣل اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ‪ ،‬وﻟﻌل‬
‫اﻟﺳﺑب ﻓﻲ ذﻟك إﻧﻣﺎ ﯾﻌزى ﻓﻲ اﻷﺳﺎس إﻟﻰ اﻻرﺗﻔﺎع اﻟﻬﺎﺋل ﻓﻲ ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻷﻣﯾﺔ واﻟﺟﻬل‪،‬‬
‫وﻏﯾﺎب اﻟرأي اﻟﻌﺎم اﻟواﻋﻲ اﻟﻣﺳﺗﻧﯾر واﻟﻔﻌﺎل‪ ،‬ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﻘﺑﺿﺔ اﻟﺣدﯾدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم‬
‫ﺑﻬﺎ ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟدول اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ‪ ،‬وﺧﺎﺻﺔ ﺗﻠك اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث‬

‫اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‬

‫ﻟﻘد ﺗﺄﺳﺳت ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺑﻣوﺟب اﻟﻣﺎدة ‪ 30‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻹﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬
‫واﻟﺷﻌوب‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻠم ﺗﺗم اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻬﺎ ﺿﻣن ﻧﺻوص ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق‪ ،‬ﻟﻬذا ﻓﺈن دراﺳﺗﻧﺎ‬
‫ﺳﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻓﻘط‪ ،‬وذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﺗﺷﻛﯾﻠﻬﺎ‪ ،‬وﺷروط ﻗﺑول اﻟﺷﻛوى‪،‬‬
‫ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ‪ ،‬وذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫اوﻻً ‪ /‬ﺗﺷﻛﯾل اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‬

‫ﺗﺗﺄﻟف ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻣن ‪ 11‬ﻋﺿو ﻣن ﻣواطﻧﻲ اﻟدول اﻷطراف ﻓﻲ اﻟﻣﯾﺛﺎق‪ ،‬وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ‬


‫ﻟﻸﻋﺿﺎء اﻟذﯾن ﯾﻘﻊ ﻋﻠﯾﻬم اﻻﺧﺗﯾﺎر ﯾﺟب أن ﯾﻛوﻧوا ﻣن ﺑﯾن اﻟﺷﺧﺻﯾﺎت اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﺗﺣﻠﻰ ﺑﺎﻷﺧﻼق اﻟرﻓﯾﻌﺔ واﻟﻧزاﻫﺔ ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬
‫واﻟﺷﻌوب‪ ،‬وﯾﻔﺿل ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣن ﻟﻬم ﺧﺑرة ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻘﺎﻧون‪ ،101‬ﻧﺷﯾر إﻟﻰ أن ﻫذا‬
‫اﻟﺷرط اﻟذي ﺗم اﺷﺗراطﻪ ﻣن ﻗﺑل وﺿﻌوا اﻟﻣﯾﺛﺎق‪ ،‬ﻗد ﯾﻧﻌﻛس ﺑﺎﻹﯾﺟﺎب ﻋﻠﻰ ﻋﻣل ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ‬
‫ذﻟك ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن اﻟﻣزاوﻟﯾن ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﻬﻣﺔ ﻣن ذوي اﻻﺧﺗﺻﺎص‪ ،‬وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻬؤﻻء اﻷﻋﺿﺎء ﻓﺈن‬
‫اﻧﺗﺧﺎﺑﻬم ﯾﻛون ﻋن طرﯾق اﻻﻗﺗراع اﻟﺳري ﻣن ﻗﺑل ﻣؤﺗﻣر رؤﺳﺎء دول وﺣﻛوﻣﺎت ﻣﻧظﻣﺔ‬

‫‪101‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 1/31‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬
‫اﻟوﺣدة اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ‪ ،‬وﯾﻛون ذﻟك اﻻﻧﺗﺧﺎب ﻣن ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺑﺄﺳﻣﺎء ﺗرﺷﺢ ﻛل دوﻟﺔ ﻣن اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء‬
‫ﺷﺧﺻﯾن‪ ،102‬وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﻘدم إﺣدى اﻟدول ﺑﻣرﺷﺣﯾن اﺛﻧﯾن ﯾﺟب أن ﯾﻛون اﺣدﻫﻣﺎ ﻣن ﻏﯾر‬
‫ﻣواطﻧﯾﻬﺎ‪ ،103‬ﻟﻛن ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺗﻣﺛﯾل ﻓﺈن اﻟدوﻟﺔ ﺗﻛون ﻣﻣﺛﻠﺔ ﺑﻌﺿو واﺣد ﻓﻘط‪ ،‬وﺑﻣﺟرد اﻧﺗﺧﺎب‬
‫ﻫؤﻻء اﻷﻋﺿﺎء داﺧل ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺗﻧﺗﻬﻲ ﻋﻼﻗﺗﻬم ﺑﺎﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻣﻠون ﺟﻧﺳﯾﺗﻬﺎ؛ أي أﻧﻬم‬
‫ﯾزاوﻟون ﻋﻣﻠﻬم ﺑﺻﻔﺗﻬم اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ وﻟﯾس ﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟدول اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻣﻠون ﺟﻧﺳﯾﺗﻬﺎ‪.104‬‬

‫اﻧطﻼﻗﺎً ﻣﻣﺎ ﺳﺑق ﻧﺟد أن آﻟﯾﺔ اﻻﻧﺗﺧﺎب اﻟﺗﻲ ﺗم اﺷﺗراطﻬﺎ ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﻹﺳﻧﺎد ﻫذﻩ اﻟﻣﻬﻣﺔ‬
‫ﻟﻸﻋﺿﺎء‪ ،‬واﺳﺗﻘﻼل ﻫؤﻻء اﻷﻋﺿﺎء ﻋن اﻟدول اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻣﻠون ﺟﻧﺳﯾﺗﻬﺎ ﺳﯾؤدي إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق‬
‫اﻻﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ واﻟﻧزاﻫﺔ واﻟﺣﯾﺎد‪ ،‬وﻫو ﻣﺎ ﺳﯾﻧﻌﻛس ﺑﺎﻹﯾﺟﺎب ﻋﻠﻰ ﻋﻣل ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ‬
‫ذﻟك وﻣن أﺟل ﺗﻛرﯾس ﻣﺑدأ اﻻﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ واﻟﻧزاﻫﺔ ﺗم ﺗﺧﺻﯾص ﻣﻛﺎﻓﺂت واﺳﺗﺣﻘﺎﻗﺎت ﻣﺎﻟﯾﺔ‬
‫ﻷﻋﺿﺎء ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ‪.105‬‬

‫أﻣﺎ ﻋن ﻣدة اﻟﻌﺿوﯾﺔ داﺧل ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻓﻬﻲ ﺳﺗﺔ)‪ (06‬ﺳﻧوات ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﺟدﯾد ﻣرة واﺣدة‬
‫ﻓﻘط‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن ﺗﻧﺗﻬﻲ ﻓﺗرة ﻋﻣل أرﺑﻌﺔ ﻣن اﻷﻋﺿﺎء اﻟﻣﻧﺗﺧﺑﯾن ﻓﻲ اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﺎت اﻷوﻟﻰ ﺑﻌد‬
‫ﻋﺎﻣﯾن‪ ،‬وﺗﻧﺗﻬﻲ ﻓﺗرة ﻋﻣل ﺛﻼﺛﺔ آﺧرﯾن ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ أرﺑﻊ ﺳﻧوات‪ ،106‬ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﻣدة ﻧرى‬
‫أﻧﻬﺎ ﻣﻌﻘوﻟﺔ ﻓﻼ ﻫﻲ ﺑﺎﻟﻘﺻﯾرة اﻟﺗﻲ ﺑﻣﺟرد ﻣﺎ أن ﯾﻛﺗﺳب اﻟﻌﺿو اﻟﺧﺑرة اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣﻠﻪ‬
‫ﺗﻧﺗﻬﻲ ﻣدة ﻋﺿوﯾﺗﻪ‪ ،‬اﻷﻣر اﻟذي ﺳﯾؤﺛر ﺳﻠﺑﺎً ﻋﻠﻰ ﻣردود اﻟﻠﺟﻧﺔ‪ ،‬وﻻ ﻫﻲ ﺑﺎﻟطوﯾﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﻗد‬
‫ﺗؤدي إﻟﻰ اﻧﺣراف واﺳﺗﺑداد اﻷﻋﺿﺎء ﺑﻌﻣﻠﻬم داﺧل ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﺳﯾﻔﻘد ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻧزاﻫﺗﻬﺎ‬

‫‪102‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻗﺎدري ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.186‬‬

‫‪103‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 34‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 2/31‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 44‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 36‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬
‫وﺣﯾﺎدﻫﺎ‪ .‬ﺗﺗوﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻣﻬﻣﺔ اﻧﺗﺧﺎب رﺋﯾﺳﻬﺎ وﻧﺎﺋﺑﻪ ﻣن ﺑﯾن أﻋﺿﺎﺋﻬﺎ وﻟﻣدة ﻋﺎﻣﯾن ﻗﺎﺑﻠﺔ‬
‫ﻟﻠﺗﺟدﯾد‪.107‬‬

‫ﯾﻌد اﻷﻣﯾن اﻟﻌﺎم ﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟوﺣدة اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣرﺷﺣﯾن ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺗرﺗﯾب اﻷﺑﺟدي‪،‬‬
‫وﯾرﻓﻌﻬﺎ إﻟﻰ رؤﺳﺎء اﻟدول واﻟﺣﻛوﻣﺎت ﻗﺑل ﺷﻬر ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ إﺟراء اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﺎت‪،108‬‬
‫وﺗﻛون اﺟﺗﻣﺎﻋﺎت ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺻﺣﯾﺣﺔ ﺑﺣﺿور ﺳﺑﻌﺔ أﻋﺿﺎء‪ ،‬وﻋﻧد ﺗﻌﺎدل اﻷﺻوات ﯾرﺟﺢ‬
‫ﺻوت اﻟرﺋﯾس‪.109‬‬

‫وﻣن أﺟل ﺗﻔرغ ﻫؤﻻء اﻷﻋﺿﺎء ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑوظﯾﻔﺗﻬم ﻋﻠﻰ أﻛﻣل وﺟﻪ ﺗم ﻣﻧﺣﻬم اﻟﺣﺻﺎﻧﺔ‬
‫اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻣﻣﻧوﺣﺔ ﺑﻣوﺟب اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻣﻧظﻣﺔ اﻟوﺣدة اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻﻣﺗﯾﺎزات واﻟﺣﺻﺎﻧﺔ‬
‫اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ‪.110‬‬

‫أﻣﺎ ﻋن ﺣق اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﯾﻣﻛن ﻷي دوﻟﺔ طرف ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق‪ ،‬اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ‬
‫ﻋن اﻧﺗﻬﺎك ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن اﻟواﻗﻊ ﻣن ﻗﺑل دوﻟﺔ أﺧرى طرف ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق‪ ،‬وﻫذا ﻣن ﺧﻼل‬
‫ﻟﻔت ﻧظر اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻌﺗدﯾﺔ ﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟك ﺗﻘوم ﺑﺗوﺟﯾﻪ ﻫذﻩ اﻟرﺳﺎﻟﺔ أﯾﺿﺎ إﻟﻰ اﻷﻣﯾن‬
‫اﻟﻌﺎم ﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟوﺣدة اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ‪ٕ ،‬واﻟﻰ رﺋﯾس اﻟﻠﺟﻧﺔ‪ ،‬وﻋﻠﻰ اﻟدول اﻟﺗﻲ وﺟﻬت إﻟﯾﻬﺎ اﻟرﺳﺎﻟﺔ‬
‫ﺗﻘدﯾم ﺗوﺿﯾﺣﺎت ﺣول ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺧﻼل ﻓﺗرة ﻻ ﺗﺗﺟﺎوز ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ اﺳﺗﻼﻣﻬﺎ‬
‫ﻟﻠرﺳﺎﻟﺔ‪.111‬‬

‫‪107‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 42‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 35‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 4/3/42‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 43‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧﺻوص اﻟﻣواد ‪ 47‬و ‪ 49‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﯾﺣق ﻟﻸﻓراد واﻟﻣﻧظﻣﺎت ﻏﯾر اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ﻛذﻟك ﺣق اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻠﺟﻧﺔ‪ ،‬وأن‬
‫ﯾﻌرﺿوا ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺷﻛواﻫم اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻧﺗﻬﺎك ﺣﻘوﻗﻬم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣن طرف إﺣدى اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء‬
‫ﻓﻲ اﻟﻣﯾﺛﺎق‪.112‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎً ‪ /‬ﺷروط ﻗﺑول اﻟﺷﻛوى أﻣﺎم اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‬

‫ﯾﺟب اﺳﺗﻧﻔﺎذ ﻛل وﺳﺎﺋل اﻷﻧﺻﺎف اﻟداﺧﻠﯾﺔ‪ ،‬ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة ﻋدم إطﺎﻟﺔ إﺟراءات اﻟﻧظر‬
‫ﻟﻣدة ﻏﯾر ﻣﻌﻘوﻟﺔ ﻣن طرف اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺷﻛو ﻣﻧﻬﺎ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎل ﻣﺎ ﺛﺑت أن ﻫﻧﺎك ﺗﻘﺎﻋس ﻣن‬
‫طرف اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺷﻛو ﻣﻧﻬﺎ ﺑﺧﺻوص اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﺷﻛوى اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ‪ ،‬ﯾﻣﻛن ﻟﻠﺟﻧﺔ ﻗﺑول‬
‫اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﺷﻛوى اﻟﻣﻌروﺿﺔ أﻣﺎﻣﻬﺎ‪.113‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﯾﺟب أﻻ ﺗﻛون ﻫذﻩ اﻟﺷﻛوى ﻣﺟﻬوﻟﺔ اﻟﻣﺻدر‪ ،‬وذﻟك ﺑذﻛر ﻛل اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت‬
‫اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻣرﺳل اﻟﺷﻛوى اﺳﻣﻪ وﻟﻘﺑﻪ وﻣوطن إﻗﺎﻣﺗﻪ‪...‬اﻟﺦ ‪ ،114‬وأﻻ ﺗﺗﺿﻣن ﻫذﻩ اﻟﺷﻛوى‬
‫أﻟﻔﺎظﺎ ﻧﺎﺑﯾﺔ‪ ،‬أو ﻣﺳﯾﺋﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ‪ ،‬أو ﻣؤﺳﺳﺎﺗﻬﺎ‪ ،‬أو ﻣﻧظﻣﺔ اﻟوﺣدة اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ‪ ،115‬زﯾﺎدة‬
‫ﻋﻠﻰ ذﻟك ﯾﺟب أن ﺗﻘدم ﻫذﻩ اﻟﺷﻛوى إﻟﻰ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺧﻼل ﻓﺗرة زﻣﻧﯾﺔ ﻣﻌﻘوﻟﺔ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ اﺳﺗﻧﻔﺎذ‬
‫طرق اﻟطﻌن اﻟداﺧﻠﯾﺔ‪ ،‬أو ﻣن اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟذي ﺣددﺗﻪ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻟﺑدأ اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع‪ ،‬وﻟﻌل‬
‫اﻟﺣﻛﻣﺔ ﻣن ﻫذا اﻟﺷرط ﻫﻲ ﺳد اﻟﺑﺎب أﻣﺎم اﻟوﻗوع ﻓﻲ اﻟدﻋﺎوى اﻟﻛﯾدﯾﺔ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻟو ﻛﺎن ﻫﻧﺎك‬
‫ﺿرر ﻓﻌﻠﻲ ﯾﻘﻊ ﺑﺎﻟﺿﺣﯾﺔ ﺳﯾﻠﺟﺄ ﻣﺗظﻠﻣﺎً أﻣﺎم ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﻌد اﺳﺗﻧﻔﺎذ طرق اﻟطﻌن‬
‫اﻟداﺧﻠﯾﺔ‪ ،‬أﻣﺎ ﺑﻌد ﻣرور ﻣدة زﻣﻧﯾﺔ طوﯾﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻧﻔﺎذ طرق اﻹﻧﺻﺎف اﻟداﺧﻠﯾﺔ‪ ،‬وﻣن ﺛم‬

‫‪112‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻗﺎدري ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.187‬‬

‫‪113‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 50‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 1/56‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 4/56‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬
‫ﻋرض اﻟﺷﻛوى ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻓﻬذا أﻣر ﯾطرح اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺗﺳﺎؤﻻت‪ ،‬ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘدم ﯾﺟب‬
‫أﻻ ﺗﻛون اﻟﺷﻛوى اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻗد ﺳﺑق وأن ﻋرﺿت ﻋﻠﯾﻬﺎ‪.‬‬

‫وﻣﻣﺎ ﺗﺟب اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ أن أﺣﻛﺎم ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻻ ﺗﻠزم أﺣد‪ ،‬وﺑﻬذا ﻓﺈن اﻟﺷﻛوى ﻻ ﺗﻌدو‬
‫أن ﺗﻛون ﻣﺻدر ﻣﻌﻠوﻣﺎت‪ ،‬ﯾﺗﯾﺢ ﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﻣواﻗف ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ اﻧﺗﻬﺎك ﻟﺣﻘوق‬
‫اﻹﻧﺳﺎن‪.116‬‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎً‪ /‬اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‬

‫ﻟﻬذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻧوﻋﯾن ﻣن اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت‪ ،‬اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻘرﯾر وﺗرﻗﯾﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪،‬‬


‫أﻣﺎ اﻟﻧوع اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن ﻫذا اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﯾدﺧل ﻓﻲ إطﺎر ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬وذﻟك ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫‪ /1‬اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺗﻌزﯾز وﺗرﻗﯾﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫وﻫذا ﻣن ﺧﻼل ﺗﺟﻣﯾﻊ اﻟوﺛﺎﺋق ٕواﺟراء اﻟدراﺳﺎت واﻟﺑﺣوث ﺣول اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫ﻣﺟﺎل ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻧظﯾم اﻟﻧدوات واﻟﺣﻠﻘﺎت اﻟدراﺳﯾﺔ واﻟﻣؤﺗﻣرات‬
‫وﻧﺷر اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت‪ ،‬وﺗﺷﺟﯾﻊ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ واﻟﺷﻌوب‪ ،‬وﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺷورة‪ ،‬ورﻓﻊ اﻟﺗوﺻﯾﺎت‬
‫إﻟﻰ اﻟﺣﻛوﻣﺎت ﻋﻧد اﻟﺿرورة‪ ،‬وﻣن اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ ﻛذﻟك ﺻﯾﺎﻏﺔ ووﺿﻊ اﻟﻣﺑﺎدئ واﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﻬدف إﻟﻰ ﺣل اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗﻣﺗﻊ ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪ ،‬واﻟﺣرﯾﺎت‬
‫اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻛﻲ ﺗﻛون أﺳﺎﺳﺎً ﻟﺳن اﻟﻧﺻوص اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﻣن ﻗﺑل اﻟﺣﻛوﻣﺎت اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ‪ ،‬وﻣن‬
‫ﻣﻬﺎﻣﻬﺎ أﯾﺿﺎ اﻟﺗﻌﺎون ﻣﻊ ﺳﺎﺋر اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ أو اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﻬوض ﺑﺣﻘوق‬
‫اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب وﺣﻣﺎﯾﺗﻬﺎ‪.117‬‬

‫‪116‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻗﺎدري ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.187‬‬

‫‪117‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 1/45‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬
‫زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ﻧﺟد ﻣن ﺑﯾن اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺗرﻗﯾﺔ ﺣﻘوق‬
‫اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬ﺿﻣﺎن ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب طﺑﻘﺎً ﻟﻠﺷروط اﻟواردة ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق‪،‬‬
‫ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب دوﻟﺔ طرف أو إﺣدى ﻣؤﺳﺳﺎت‬
‫وﺗﻔﺳﯾر ﻛﺎﻓﺔ اﻷﺣﻛﺎم اﻟواردة ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق ً‬
‫ﻣﻧظﻣﺔ اﻟوﺣدة اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ أو ﻣﻧظﻣﺔ ﺗﻌﺗرف ﺑﻬﺎ ﻣﻧظﻣﺔ اﻟوﺣدة اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ‪ ،‬وﻛذا اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺄي ﻣﻬﺎم‬
‫أﺧرى ﻗد ﯾوﻛﻠﻬﺎ إﻟﯾﻬﺎ ﻣؤﺗﻣر رؤﺳﺎء اﻟدول واﻟﺣﻛوﻣﺎت‪.118‬‬

‫‪ /2‬اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن‬

‫إن دراﺳﺗﻧﺎ ﻟﻬذا اﻟﻧوع ﻣن اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺳﺗﺗم ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗطرق إﻟﻰ اﻟﺷﻛﺎوى اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﺗﻘدم ﺑﻬﺎ اﻟدول اﻷطراف ﻓﻲ اﻟﻣﯾﺛﺎق‪ ،‬وﺗﻠك اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﻣن طرف اﻷﻓراد واﻟﻣﻧظﻣﺎت ﻏﯾر‬
‫اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪ ،‬وﻫذا ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫‪ 1/2‬ﺗﻠﻘﻲ اﻟﺷﻛﺎوى اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻘدم ﺑﻬﺎ اﻟدول اﻷطراف ﻓﻲ اﻟﻣﯾﺛﺎق‬

‫ﺣﯾث أﻧﻪ إذا ﻛﺎن ﻟدى دوﻟﺔ طرف ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق أﺳﺑﺎب ﻣﻌﻘوﻟﺔ ﻟﻼﻋﺗﻘﺎد ﺑﺄن‬
‫دوﻟﺔ أﺧرى طرﻓﺎ ﻓﯾﻪ ﻗد اﻧﺗﻬﻛت أﺣﻛﺎﻣﻪ‪ ،‬ﻓﻠﻬﺎ أن ﺗﻠﻔت ﻧظرﻫﺎ ﻣن ﺧﻼل ﺗوﺟﯾﻪ رﺳﺎﻟﺔ ﻛﺗﺎﺑﯾﺔ‪،‬‬
‫وﺗوﺟﻪ ﻫذﻩ اﻟرﺳﺎﻟﺔ أﯾﺿﺎ إﻟﻰ اﻷﻣﯾن اﻟﻌﺎم ﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟوﺣدة اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ‪ٕ ،‬واﻟﻰ رﺋﯾس اﻟﻠﺟﻧﺔ‪،‬‬
‫وﻋﻠﻰ اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ وﺟﻬت إﻟﯾﻬﺎ اﻟرﺳﺎﻟﺔ ﺗﻘدﯾم ﺗوﺿﯾﺣﺎت ﺣول ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺧﻼل ﻓﺗرة ﻻ‬
‫ﺗﺗﺟﺎوز ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ اﺳﺗﻼﻣﻬﺎ اﻟرﺳﺎﻟﺔ‪ٕ .119‬واذا ﻟم ﺗﺗم ﺗﺳوﯾﺔ اﻟوﺿﻌﯾﺔ ﺧﻼل ﻫذﻩ‬
‫اﻟﻣدة ﻋن طرﯾق اﻟوﺳﺎﺋل اﻟودﯾﺔ‪ ،‬ﯾﺣق ﻟﻛل ﻣن اﻟدوﻟﺗﯾن ﻋرض ﻫذﻩ اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺟﻧﺔ‬
‫ﺑﺈﺑﻼغ رﺋﯾﺳﻬﺎ‪ٕ ،‬واﺧطﺎر اﻟدوﻟﺔ اﻷﺧرى اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ‪ ،‬واﻷﻣﯾن اﻟﻌﺎم ﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟوﺣدة اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ‪.120‬‬

‫‪118‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ ،4 ،3 ،2/45‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 47‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 48‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬
‫ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻣﻛن ﻷي دوﻟﺔ طرﻓﺎً ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ أن ﺗﺗﻘدم ﺑﺷﻛوى‬
‫ﻣﺑﺎﺷرة إﻟﻰ اﻟﻠﺟﻧﺔ‪ٕ ،‬واﻟﻰ اﻷﻣﯾن اﻟﻌﺎم ﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟوﺣدة اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ‪ ،‬واﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ‪ ،‬وﻫذا ﻓﻲ ﺣﺎل‬
‫ﻣﺎ إذا ﺗوﻓرت ﻟدﯾﻬﺎ ﻗﻧﺎﻋﺔ ﺑﺄن إﺣدى اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻗد ﻗﺎﻣت ﺑﺎﻧﺗﻬﺎﻛﻬﺎ ﻹﺣدى‬
‫ﻣوادﻩ‪.121‬‬

‫وﻣﻣﺎ ﻫو ﺟدﯾر ﺑﺎﻟذﻛر‪ ،‬أن اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻬﺎ اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻌرض‬
‫ﻋﻠﯾﻬﺎ إﻻ ﺑﻌد اﻟﺗﺄﻛد ﻣن اﺳﺗﻧﻔﺎذ ﻛل وﺳﺎﺋل اﻹﻧﺻﺎف اﻟداﺧﻠﯾﺔ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟك ﯾﺟب أﻻ‬
‫ﺗﻛون إﺟراءات اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﺷﻛوى ﻗد طﺎل أﻣدﻫﺎ ﻟﻣدة ﻏﯾر ﻣﻌﻘوﻟﺔ‪ ،122‬ﻫذا وﯾﺟوز ﻟﻠﺟﻧﺔ أن‬
‫ﺗطﻠب ﻣن طرﻓﻲ اﻟﻧزاع أو أي ﻣﺻدر أﺧر ﺗزوﯾدﻫﺎ ﺑﺎﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ذات ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻣوﺿوع‪.123‬‬

‫وﺑﻌد ﺣﺻول اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت‪ ،‬واﺳﺗﻧﻔﺎذ ﻛل اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ ﻟﻠوﺻول‬
‫إﻟﻰ ﺣل ودي ﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﺣﺗرام ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪ ،‬ﺗﺗوﻟﻰ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻣﻬﻣﺔ إﻋداد ﺗﻘرﯾر‬
‫ﺗﺳرد ﻓﯾﻪ ﻛل اﻟوﻗﺎﺋﻊ واﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﺗوﺻل إﻟﯾﻬﺎ‪ ،‬وﯾﺗم إﻋداد ﻫذا اﻟﺗﻘرﯾر ﻓﻲ ﻣدة ﻣﻌﻘوﻟﺔ ﻣن‬
‫ﺗﺎرﯾﺦ اﻹﺧطﺎر‪ ،‬ﺛم ﯾﺣﺎل إﻟﻰ اﻟدول اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ‪ ،‬وﯾرﻓﻊ ﻓﻲ ﻣؤﺗﻣر رؤﺳﺎء اﻟدول واﻟﺣﻛوﻣﺎت‪.124‬‬

‫‪ 2/2‬ﺗﻠﻘﻲ اﻟﺷﻛﺎوى اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﻣن ﻗﺑل اﻷﻓراد واﻟﻣﻧظﻣﺎت ﻏﯾر اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‬

‫ﯾﺗوﻟﻰ أﻣﯾن اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻗﺑل اﻧﻌﻘﺎد ﻛل دورة ﻣﻬﻣﺔ وﺿﻊ ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﺷﻛﺎوى اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﻣن طرف‬
‫اﻷﻓراد واﻟﻣﻧظﻣﺎت ﻏﯾر اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪ ،‬وﯾﻘوم ﺑﺗﻘدﯾﻣﻬﺎ إﻟﻰ أﻋﺿﺎء اﻟﻠﺟﻧﺔ‪ ،‬وﺗﻧظر اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻫذﻩ‬
‫ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب اﻷﻏﻠﺑﯾﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻷﻋﺿﺎﺋﻬﺎ‪ ،125‬ﻫذا وﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺟﻧﺔ اﻟﻧظر ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣراﺳﻼت ً‬
‫‪121‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 49‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬

‫‪ -122‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 50‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 51‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 52‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫‪ -‬أﻧظر‪ ،‬ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 55‬ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺷﻌوب‪.‬‬
‫اﻟﺷﻛﺎوى اﻟﻣﻘدﻣﺔ إﻟﯾﻬﺎ ﻣن طرف اﻷﻓراد واﻟﻣﻧظﻣﺎت ﻏﯾر اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ‪ ،‬إﻻ إذا اﺳﺗوﻓت اﻟﺷروط‬
‫اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 56‬ﻣن ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق‪.‬‬

You might also like