Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 17

‫األستاذ ‪ :‬مـ ــرزوق أيـ ــوب – أم البواقي – اجلزائر‬ ‫التعليمية‬

‫‪Ayoub.merzouk@yahoo.fr‬‬ ‫تطور مفهوم التعليمية ‪:‬‬


‫(التعليمية = الديداكتيك)‬
‫التعليمية لغة ‪:‬‬
‫إن كلمة التعليمية يف اللغة العربية مصدر صناعي لكلمة تعليم املشتقة من علم أي وضع عالمة‬
‫على الشيء لتدل عليه وتنوبه ونعين عن إحضاره إىل مرآة العني‪.‬‬
‫أما يف اللغة الفرنسية فإن كلمة ديداكتيك مشتقة من األصل اليوانين ‪DIDACTIQUE‬‬
‫وتعين فلنتعلم أي يعلم بعضنا أو أتعلم منك وأعلمك ‪.‬وكلمة ديداسكو ‪DIDASKO‬‬
‫وتعين أتعلم‪ ،‬وكلمة ديداسكن وتعين التعليم‪.‬‬
‫التعليمة اصطالحا ‪:‬‬
‫تعين فن التعليم‪ ،‬استعمل مصطلح التعليمية هبذا املعىن يف علم الرتبية أول مرة عام ‪ 1613‬يف حبث‬
‫حول نشاطات التعليمية للرتبية ‪:‬راتيش وعنوان هذا البحث – تقرير خمتصر يف الديداكتيكا أو فن التعليم‬
‫عند راتيش‪–.‬‬
‫يف سنة ‪ 1657‬استخدم كومينوس هذا ملصطلح بنفس املعىن يف كتابه – الديداكتيكا الكربى – حيث‬
‫يقول عنه إنه" فن لتعليم اجلميع خمتلف املواد التعليمية" ويضيف"أبهنا ليست فنا للتعليم فقط بل للرتبية‬
‫أيضا"‪.‬‬
‫•من فن التعليم إىل نظرية التعليم‪:‬‬
‫يف أوائل القرن التاسع عشر للميالد وضع العامل األملاين هربرت األسس العلمية التعليمية كنظرية‬
‫للتعليم تستهدف تربية الفرد‪ ،‬فهي نظرية ختص النشاطات املتعلقة ابلتعليم فقط أي كل ما يقوم به املعلم من‬
‫نشاط‪.‬‬
‫•من التعليم إىل التعلم‪:‬‬
‫يف القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ظهر تيار جديد يف الرتبية بزعامة جون ‪1952‬أعطى‬
‫األمهية لنشاط التعلم يف العملية التعليمية واعترب التعليمية ‪ /‬ديوي‪ 1859‬نظرية للتعلم ال للتعليم مستبدال‬
‫املفاهيم اهلرابتية بتطوير النشاطات اخلاصة ابملتعلمني واحنصرت وظيفة التعليمية يف حتليل نشاطات املتعلم ‪،‬‬
‫وأن التعلم وظيفة من وظائف التعليم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫•التفاعل بني التعليم والتعلم‪:‬‬
‫نتيجة لتطور البحث يف الرتبية أثناء القرن العشرين اتضح أن النظرة األحادية ملفهوم التعليمية عند‬
‫كل من هربرت‪ ،‬وجون ديوي كانت نظرة قاصرة ألهنما فصال التعليم عن التعلم وأكدت تلك الدراسات أن‬
‫نشاطات كل طرف يف العملية التعليم ية يربطها التفاعل النطقي مع لطرف اآلخر‪.‬‬
‫ومن مثة فإن هذا الفهم اجلديد للعملية التعليمية أدى إىل اعتبار التعليمية نظاما من األحكام والفرضيات‬
‫املصححة واحملققة ونظاما من أساليب حتليل وتوجيه الظواهر املتعلقة بعملييت التعليم والتعلم ‪.‬واخلالصة‪ ،‬فإن‬
‫التعليمية هي أسلوب حبث يف التفاعل القائم بني املعرفة واملعلم واملتعلم‪ ،‬وهي عند البعض مقاربة لظواهر‬
‫التعليم وحتليلها ودراستها دراسة علمية موضوعها األساسي البحث يف شروط تنظيم وإعداد الوضعيات‬
‫التعليمية ‪ /‬التعلمية‪.‬‬
‫التمييز بني البيداغوجيا والتعليمية‪:‬‬
‫•مفهوم البيداغوجيا‪:‬‬
‫إن مصطلح بيداغوجيا من أصل يوانين مكون من كلمتني ‪ PED‬وتعين الطفل ‪AGOGIE‬‬
‫وتعين القيادة والتوجيه ‪.‬‬
‫•وظيفة البيداغوجيا‪:‬‬
‫كان املريب يف عهد اإلغريق هو الشخص – ويف أغلب األحيان – هو اخلادم الذي يرافق الطفل يف‬
‫طريقه إىل املعلمني‪ ،‬فلم يكن البيداغوجي معلما إمنا كان مربيا فهو الذي يسهر على رعاية الطفل واألخذ‬
‫بيده وهو الذي خيتار له املعلم ونوع التعليم الذي يراه مالئما حسب تصوره‪.‬‬
‫كان البيداغوجي يف األصل مربيا وقد ارتبطت الرتبية بتهذيب اخللق ابملعىن الواسع‪ ،‬أما التعليم فقد‬
‫ارتبط ابلتحصيل املعريف ابملعىن الضيق‪.‬‬
‫ومبرور الوقت حتول البيداغوجي ألسباب عدة من املريب ابملفهوم الواسع إىل املعلم انقل املعرفة دون‬
‫التساؤل عن منط املواطن الذي يسعى إىل تكوينه وبذلك حتولت البيداغوجيا من معناها األصلي املرتبط‬
‫إبشباع القيم الرتبوية إىل منهجية يف تقدمي املعرفة وارتبط ذلك مبا يعرف بفن التدريس وانصب االهتمام على‬
‫اقرتاح الطرائق املختلفة للتعليم وظهرت بيداغوجيات كثرية عرفت أبصحاهبا هربرت ومنتسوري ومل تتمكن‬
‫البيداغوجيا من بناء نظرية موحدة لتحليل وضعيات التدريس أو القسم فخلت بذلك من البعد العلمي‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫أما التعليمية فإهنا هتدف إىل التأسيس العقالين ملدرسة شاملة قادرة على حتقيق النجاح يف كل‬
‫التخصصات جلميع املتعلمني إبضافة البعد العلمي الذي تفتقده البيداغوجيا وتسعى إىل عقلنة الفعل‬
‫التعليمي من خالل اإلجابة عن التساؤالت املتعلقة بكيف نعلم حمتوى تعليميا معينا ؟ فهي يف األصل تفكري‬
‫منهجي‪.‬‬

‫الفرق الذي يفصل بني البحث الديداكتيكي والبحث البيداغوجي‪:‬‬


‫غري أن السؤال الذي ال يزال يعرتيه بعض الغموض واللبس‪ ،‬وهو حباجة إىل إجابة دقيقة متمثل يف‬
‫الفرق الذي يفصل بني البحث الديداكتيكي والبحث البيداغوجي‪ ،‬ذلك أن هذين التخصصني جيمعهما‬
‫مثلث ديداكتيكي حبثي واحد الشامل لعناصر املعرفة ‪،‬والتلميذ‪ ،‬واملعلم‪.‬‬

‫وعليه ‪،‬فإن منوذج النظام البيداغوجي والنموذج الديداكتيكي( ‪Le modèle du système‬‬
‫‪ )didactique pédagogique ou‬منوذجان متماثالن من حيث حماور البحث العامة‪ ،‬ويبقى‬
‫الفاصل الذي يفصل بينهما متمثال يف طرق تناول هذه املواضيع أو احملاور الكربى‪ ،‬حيث تركز الديداكتيكية‬
‫يف أحباثها على السريورات أي سريورات التعليم‪ ،‬و سريورات التعلم‪ ،‬و سريورات التكوين‪ ،‬اليت حتكم املوقف‬
‫التعليمي‪ ،‬مستعينة يف ذلك بتصميم مناذج تعليمية تتسم ابلتطبيق يف تفسري أبعاد العراقيل الكامنة وراء‬
‫األخطاء وانتشار ظاهرة الفشل املدرسي ‪.‬‬
‫(‪ ،)64 Michel Develay,1995p‬يف حني ‪،‬ال يزال البحث البيداغوجي ينقصه كثريا‬
‫البعد املباشر والبعد التطبيقي يف دراساته ‪ ،‬وابلتايل ال يزال اجلانب النظري يطغى على دراساته‪ ،‬مما يدفعنا إىل‬
‫القول‪:‬‬
‫أن النماذج البيداغوجية مل ترق إىل مستوى النماذج الديداكتيكية يف تشخيص موطن اخللل‬
‫وتوضيحه وشرحه ابلطريقة العلمية الدقيقة اليت توصلت إليها التعليمية يف أحباثها ودراساهتا واليت ساعدت‬
‫املعلم بشكل كبري يف فهم أسباب اخلطأ وكيفية جتاوزه‪.‬‬
‫إن البحث يف جمال الديداكتيكية يتطور بشكل متجدد ومتواصل مركزا يف أحباثه على خمتلف‬
‫الطرق اليت يواجه هبا املتعلم تلقي املعارف واملعلومات أثناء خضوعه لعملية التعليم والتعلم‪ .‬يفهم من هذا ‪،‬‬
‫أن الديداكتيكية ال تركز ‪-‬كما هو احلال مع البيداغوجيا‪ -‬على تفاعل املعلم ابملتعلم فقط‪ ،‬بل تتجاوز ذلك‬
‫إىل الرتكيز على مسألة الطرق التعليمية املتباينة املستعملة من قبل كل متعلم يف عملية التعلم ‪،‬جاعلة أمام‬
‫نصب أعينها املتعلم املسؤول األول يف معركة التعلم أو عدم تعلم أي مادة تعليمية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫كما ميتاز البحث الديداكتيكي بتكيفه السريع واملتجدد السيما يف ظل االنفجار املعريف العلمي‬
‫الذي تشهده الساحة العلمية يف كل جماالت ختصصاهتا العديدة كل يوم‪ ،‬مما يربهن اكثر على مدى القدرة‬
‫العلمية الفائقة اليت ميتاز هبا اخلرباء الديداكتيكيني يف قراءة هذا الرصيد العلمي املعريف اهلائل‪ ،‬واستغالله‬
‫بشكل حمكم يف أحباثه والذي انعكس بشكل إجيايب على التطوير املستمر للمتناوالت البحثية التطبيقية‪ ،‬وكذا‬
‫يف التصميم اجليد والفعال للنماذج الديداكتيكية فيما خيص كل عنصر من عناصر املادة التعليمية سواء تعلق‬
‫األمر مبضموهنا أو تطبيقها يف أي وضع تعليمي بيداغوجي حمدد مستعملة يف ذلك طرق ووسائل تقنية‬
‫ساعدت املعلمني بشكل مباشر يف حل املشكالت اليت يعانون منها يف التعليم‪ ،‬ويعود سبب ذلك إىل‬
‫انطالق التعليمية من القسم مباشرة ‪ ،‬وكذا معايشتها امليدانية للمشاكل يف حميطها الطبيعي‪ .‬وهبذا فإن‬
‫اإلسرتاتيجية املتبناة من قبل الديداكتيكية يقوم أساسها على إسرتاتيجية التغيري املستمر لألهداف والطرق‬
‫واحملتوايت‪ ،‬وذلك قصد جتديدها حسب متطلبات البحث العلمي من جهة‪ ،‬وحاجات اجملتمعات من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬منتهجة يف أسلوب تغيريها األسلوب املباشر يف الفعل‪.‬‬
‫(‪)science d’action directe Michel Develay,1995p 73) (C’est une‬‬
‫انطالقا من التجديدات املستحدثة من قبل الديداكتيكية منذ نشوئها إىل وقتنا الراهن‪ ،‬ميكن استخالص أن‬
‫هذا التخصص الفيت قد استطاع بفضل جهود خربائه الباحثني الذين ينتمون إىل ختصصات متباينة ومتكاملة‬
‫فيما بينها‪ ،‬أن يؤسسوا ابلفعل نظرية عامة للديداكتيكية يف جماهلا النظري التطبيقي اليت مسحت هلذا احلقل‬
‫البحثي أن يفرض نفسه كتخصص جديد يف علوم الرتبية‪ ،‬السيما بعد النجاح املتميز الذي حققه هذا‬
‫دراسته‪.‬‬ ‫منهج‬ ‫أو‬ ‫للموضوع‬ ‫سواء‬ ‫الدقيق‬ ‫االختيار‬ ‫يف‬ ‫التخصص‬
‫وبتحقيق الديداكتيكية هذه املرامي املنهجية والنظرية‪ ،‬ميكن لنا من هذه الزاوية أتييد رأي الديداكتيكيني‬
‫املؤيد الستقاللية هذا التخصص بذاته عن ختصصات علوم الرتبية األخرى‪ ،‬وابلتايل القول يف هناية مطاف‬
‫هذا البحث أن الديداكتيكية علم قائم حبد ذاته‪.‬‬

‫األستاذ ‪ :‬مـ ــرزوق أيـ ــوب – أم البواقي – اجلزائر‬


‫‪Ayoub.merzouk@yahoo.fr‬‬

‫خالصة أوجه االختالف بني التعليمية والبيداغوجيا‪:‬‬


‫‪4‬‬
‫البيداغوجيا‬ ‫التعليمية‬
‫‪ -‬ال هتتم بدراسة وضعيات التعليم والتعلم من زاوية‬ ‫‪ -‬هتتم ابجلانب املنهجي لتوصيل املعرفة مع‬
‫خصوصية احملتوى‪ ،‬بل هتتم ابلبعد املعريف للتعلم وأببعاد‬ ‫مراعات خصوصيتها يف عملييت التعليم والتعلم‪.‬‬
‫‪ -‬تتناول منطق التعلم انطالقا من منطق املعرفة‪ .‬أخرى نفسية اجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬تتناول منطق التعلم من منطق القسم (معلم ‪ /‬متعلم)‪.‬‬ ‫‪ -‬يتم الرتكيز على شروط اكتساب املتعلم‬
‫‪ -‬يتم الرتكيز على املمارسة املهنية وتنفيذ االختيارات‬ ‫للمعرفة‪.‬‬
‫التعليمية اليت تسمح بقيادة القسم يف أبعاده املختلفة‪.‬‬ ‫‪ -‬هتتم ابلعقد التعليمي من منظور العالقة‬
‫‪ -‬هتتم ابلعالقة لرتبوية من منظور التفاعل داخل القسم‬ ‫التعليمية ( تفاعل املعرفة ‪ /‬املعلم ‪/‬املتعلم)‪.‬‬
‫(معلم ‪ /‬متعلم)‪.‬‬

‫مفاهيم التعليمية‬

‫‪5‬‬
‫مفهوم الرتبية ‪L’éducation‬‬
‫الرتبية صريورة تستهدف النمو واالكتمال التدرجييني لوظيفة أو جمموعة من الوظائف عن طريق‬
‫املمارسة‪ ،‬وتنتج هذه الصريورة إما عن الفعل املمارس من طرف األخر‪ ،‬وإما عن الفعل الذي ميارسه‬
‫الشخص على ذاته‪ .‬وتفيد الرتبية مبعىن أكثر حتليال‪ :‬سلسلة من العمليات يدرب من خالهلا الراشدون‬
‫الصغار من نفس نوعهم ويسهلون لديهم منو بعض االجتاهات والعوائد ‪. (Lalande.A, 1992).‬كما‬
‫جند أن الرتبية عند ‪ Legendre‬هي مبثابة عملية تنمية متكاملة ودينامية‪ ،‬تستهدف جمموع إمكانيات‬
‫الفرد البشري الوجدانية واألخالقية والعقلية والروحية واجلسدية‪. (Legendre R, 1988).‬أما‬
‫‪Leang‬فيعتربها نشاط قصدي يهدف إىل تسهيل منو الشخص اإلنساين وإدماجه يف احلياة واجملتمع (‪.‬‬
‫‪Leang. M,1974) .‬والرتبية ابلنسبة لـ ـ ‪ leif‬هي عبارة عن استعمال وسائل خاصة لتكوين وتنمية‬
‫الطفل أو مراهق جسداي ووجدانيا وعقليا واجتماعيا وأخالقيا من خالل استغالل إمكاانته وتوجيهها وتقوميها‬
‫‪.( Leif .J,1974) .‬أما بياجي ‪ Piaget‬فيقول‪ :‬أن نريب معناه تكييف الطفل مع الوسط االجتماعي‬
‫للراشد‪،‬أي حتويل املكوانت النفسية و البيولوجية للفرد وفق جممل احلقائق املشرتكة اليت يعطيها الوعي‬
‫اجلمعي قيمة ما ‪.‬وعليه ‪ ،‬فإن العالقة ابلرتبية حيكمها معطيان ‪ :‬الفرد وهو صريورة النمو من جهة ‪،‬والقيم‬
‫االجتماعية والثقافية واألخالقية اليت على املريب إيصاهلا هلذا الفرد‪ ،‬من جهة أخرى ‪. (Piaget J,‬‬
‫) ‪1969‬وابلنسبة لبياجي‪ ،‬الميكن أن نفهم الرتبية (وخصوصا اجلديدة ) من حيث طرقها وتطبيقاهتا إال إذا‬
‫اعتنينا ابلتحليل الدقيق ملبادئها‪ ،‬وفحص صالحيتها السيكولوجية من خالل أربع نقط على األقل‪ :‬مدلول‬
‫الطفولة‪ ،‬بنية فكر الطفل‪ ،‬قوانني النمو‪ ،‬وآلية احلياة االجتماعية للطفولة‪.‬‬
‫‪2-‬البيداغوجيا ‪: La pédagogie‬‬
‫غالبا يف استعماالتنا الرتمونولوجية املتداولة‪ ،‬ما يتم اخللط أو عدم التمييز بني مفهوم الرتبية ومفهوم‬
‫البيداغوجيا‪ ،‬وملالمسة الفرق الداليل بينهما‪ ،‬إليكم بعض التعاريف ملفهوم البيداغوجيا‪ :‬يعترب ‪Harion‬‬
‫البيداغوجيا علم للرتبية سواء كانت جسدية أ و عقلية أو أخالقية‪ ،‬ويرى أن عليها أن تستفيد من معطيات‬
‫حقول معرفية أخرى هتتم ابلطفل ‪.(Lalande R, 1972).‬أما ‪ Foulquié‬فريى أن البيداغوجيا أو‬
‫علم الرتبية ذات بعد نظري ‪ ،‬وهتدف إىل حتقيق تراكم معريف ‪ ،‬أي جتميع احلقائق حول املناهج والتقنيات‬
‫والظواهر الرتبوية ؛ أما الرتبية فتحدد على املستوى التطبيقي ألهنا هتتم ‪ ،‬قبل كل شيء ‪ ،‬ابلنشاط العملي‬
‫الذي يهدف إىل تنشئة األطفال وتكوينهم ‪( .‬الدريج‪ .)1990 ،‬ومفهوم البيداغوجيا‪ ،‬يشري غالبا إىل معنيني‪:‬‬
‫تستعمل للداللة على احلقل املعريف الذي يهتم ابملمارسة الرتبوية يف أبعادها املتنوعة…وهبذا املعىن نتحدث‬

‫‪6‬‬
‫عن البيداغوجيا النظرية أو البيداغوجيا التطبيقية أو البيداغوجيا التجريبية… وتستعمل لإلشارة إىل توجه‬
‫‪orientation‬أو إىل نظرية بذاهتا‪ ،‬هتتم ابلرتبية من الناحية املعيارية ‪ normative‬ومن الناحية‬
‫التطبيقية‪ ،‬وذلك ابقرتاح تقنيات و طرق للعمل الرتبوي‪ ،‬وهبذا املعىن نستعمل املفاهيم التالية‪:‬البيداغوجيا‬
‫املؤسساتية‪ ،‬البيداغوجيا الالتوجيهية… )يف طرق وتقنيات التعليم‪.)1992،‬وميكننا أن نضيف كذالك‪،‬‬
‫للتميز بني الرتبية والبيداغوجيا‪ ،‬أن البيداغوجيا حسب اغلب تعريفاهتا حبث نظري‪ ،‬أما الرتبية فهي ممارسة‬
‫وتطبيق‪.‬‬
‫‪3‬ـ الديداكتيك‪La didactique‬‬
‫الديداكتيك هي شق من البيداغوجيا موضوعه التدريس ( ‪Lalande .A,) 1972‬وإهنا‪،‬كذلك‬
‫هنج ‪،‬أو مبعىن أدق ‪،‬أسلوب معني لتحليل الظواهر التعليمية‪(Lacombe.D.1968).‬‬
‫أما ابلنسبة ل ـ ‪ B.JASMIN‬فهي ابألساس تفكري يف املادة الدراسية بغية تدريسها ‪ ،‬فهي تواجه نوعني‬
‫من املشكالت ‪ :‬مشكالت تتعلق ابملادة الدراسي ( وبنيتها ومنطقها …ومشاكل ترتبط ابلفرد يف وضعية‬
‫التعلم‪ ،‬وهي مشاكل منطقية وسيكولوجية ) ‪…(JASMIN.B1973‬‬
‫وميكن تعريف الديداكتيك أيضا حسب ‪ REUCHLIN‬كمجموع الطرائق والتقنيات‬
‫والوسائل اليت تساعد على تدريس مادة معينة )‪( Reuchlin.M.1974‬وجيب التميز يف تعريفنا‬
‫للديداكتيك‪ ،‬حسب ‪.Legendre‬بني ثالث مستوايت ‪:‬‬
‫*الديداكتيك العامة‪ :‬وهي اليت تسعى إىل تطبيق مبادئها وخالصة نتائجها على جمموع املواد التعليمية‬
‫وتنقسم إىل قسمني‪:‬القسم األول يهتم ابلوضعية البيداغوجية‪ ،‬حيت تقدم املعطيات القاعدية اليت تعترب‬
‫أساسية لتخطيط كل موضوع وكل وسيلة تعليمية جملموع التالميذ؛ والقسم الثاين يهتم ابلديداكتيك اليت‬
‫تدرس القوانني العامة للتدريس‪ ،‬بغض النظر عن حمتوى خمتلف مواد التدريس‪.‬‬
‫*الديداكتيك اخلاصة‪ :‬وهي اليت هتتم بتخطيط عملية التدريس أو التعلم ملادة دراسية معينة‪*.‬الديداكتيك‬
‫األساسية ‪: Didactique.Fondamentale.‬وهي جزءمن الديداكتيك‪ ،‬يتضمن جمموع النقط‬
‫النظرية واألسس العامة اليت تتعلق بتخطيط الوضعيات البيداغوجية دون أي اعتبار ضروري ملمارسات‬
‫)‪(Legendre.R.1988‬‬ ‫النظرية‬ ‫الديداكتيك‬ ‫عبارة‬ ‫وتقاابها‬ ‫خاصة‪.‬‬ ‫تطبيقية‬

‫التعليمية‬

‫‪7‬‬
‫منذ تطور العلوم وتقدم الصناعات‪ ،‬أصبح االهتمام ابلنوعية وحتسني املردود صناعيا كان أم تربواي‬
‫من اهتمام الباحثني يف خمتلف اجملاالت‪ ،‬و أتثر قطاع الرتبية كمثيله من القطاعات األخرى (االقتصادية و‬
‫الصناعية )… مبفاهيم جديدة مسايرة للعصرنة‪ ،‬مع الرتكيز على الفعالية و العلمية و املوضوعية ‪ ،‬فأصبح‬
‫ينظر لقطاع التعليم على أنه مؤسسة الستثمار و إنتاج العنصر البشري ‪ ،‬و بدأ االهتمام ينصب على كيف‬
‫ن ّكون تالميذ فعالني؟ وكيف نطبق أحسن الطرق و الوسائل من أجل هذا التلميذ الفعال ؟ و كيف حنقق‬
‫الغاايت و األهداف ؟‬
‫ففي جمال الرتبية أصبح االهتمام ينصب ليس على شحن األذهان ابملعلومات واملعارف وتكوين تالميذ‬
‫"موسوعة" ‪ ،‬بل بدأ الرتكيز على كيفية جتاوز هذا اجلانب إىل متكني املتعلم من التفكري وحل املشكالت‪،‬‬
‫وهذا األمر جعله شخصا نشطا يف الفعل الرتبوي‪ ،‬من هنا بدأت القفزة النوعية اليت عرفتها جماالت الرتبية‪،‬‬
‫وتطورت املفاهيم لتصبح أكثر دقة وعلمية‪ ،‬فمن الرتبية العامة إىل الرتبية اخلاصة‪،‬ومن الرتبية‬
‫)‪(Education‬إىل علوم الرتبية )‪ (Science de l’éducation‬ومنها إىل البيداغوجيا احلديثة ‪،‬‬
‫اليت جعلت من التلميذ حمور اهتمامها وركزت على نشاطه لتسهل التعلم (أنظر املدرسة الفعالة أو النشيطة‬
‫‪(l école active) (1).‬‬
‫فتغري نظرتنا ملرحلة الطفولة قد أثر على الطريقة اليت يتبعها املعلم يف تصميمه للمرافق التعليمية‬
‫داخل الفصل الدراسي‪.‬و كمثال لذلك فإن اعرتافنا ابلفروق الفردية و أبمهيتها‪ ،‬قد أدى إىل إدراك أمهية‬
‫تقدمي املساعدة الفردية للتالميذ كأحد البدائل اليت ميكن استخدامها يف التدريس‪ ،‬كما أن تغري نظرتنا لنمو‬
‫األطفال و تغري اجتاهاتنا حنو الصغار‪ ،‬قد أدى إىل ظهور طرق جديدة يف التعلم ‪.‬‬
‫فلم يعد التلميذ كائنا سلبيا متلقيا للمعلومات‪ ،‬بل أنه أصبح إجيابيا مشاركا يف عمليات التعلم( ‪.‬دنيس‬
‫تشايلد ‪،1983 ،‬ص‪) 372‬‬
‫وبني هذا وذاك استعملت عدة اصطالحات تداوهلا املربون واملختصون يف علم النفس وعلوم الرتبية‪ ،‬ومن‬
‫هذه املصطلحات جند مصطلح التعليمية ) ‪(Didactique‬الذي أصبحنا ال نقرأ مقاال عن الرتبية أو‬
‫التعليم إال وجنده ضمن املفاهيم األساسية واملتداولة‪ .‬فما معىن مصطلح التعليمية؟ ما هو الفرق بينه وبني‬
‫البيداغوجيا ؟ ما هي أهم املفاهيم اليت تستعملها التعليمية ؟‬
‫الديداكتيك (التعليمية )تطرح مشاكل معرفية (ابستمولوجية)(‪) 2‬منها ما يرتبط بداللة املصطلح‪،‬‬
‫بينما يعود بعضها اآلخر إىل املنزلة اليت حتتلها أو اليت ينبغي أن حتتلها يف حقل املعرفة الرتبوية‪.‬‬
‫فقد عرب غاليسون )‪(Galisson‬يف قاموسه ‪ 1976‬عن وضعية التعليمية بقوله‪ :‬من بني مجيع‬
‫املصطلحات اخلاصة ابلتعليم‪ ،‬تعد التعليمية )‪ (La didactique‬األكثر غموضا وإاثرة اجلدل‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫وهذا الوصف للوضعية الغامضة لعلم التدريس ‪Didactique‬ينطبق أساسا على فرنسا‪ ،‬فإذا ما رجعنا‬
‫إىل صنافة ميالدي )‪(Mialaret‬جند أن هناك غياب هلذا التخصص‪ ،‬أو على األقل هتميشه‪ ،‬وهو غياب‬
‫يشمل التقليد الرتبوي الفرنسي برمته‪ ،‬وال يظهر يف األدبيات الرتبوية إال ابعتباره صفة دون أن يكون‬
‫مصطلحا للداللة على علم مستقل‪ ،‬يف حني أن الديداكتيك يف البالد األخرى مثل البلدان اجلرمانية‬
‫واألجنلوسكسونية على وجه اخلصوص حظي مبنزلة متميزة ضمن اهلياكل التعليمية اجلامعية‪ ،‬وضمن اإلنتاج‬
‫العلمي ‪.‬‬
‫هكذا فإن الديداكتيك حسب دوالنشري )‪(Delandsheere‬تعين ابلنسبة ملعظم املربني‬
‫الفرنسيني طريقة يف التدريس‪ ،‬وعلى وجه التحديد الطريقة اخلاصة بتدريس مادة معينة أو جمموعة من املواد‬
‫احلية‪.‬‬ ‫اللغات‬ ‫ديداكتيك‬ ‫مثل‬ ‫املتقاربة‪،‬‬
‫وميكن أن نالحظ نفس الوضعية املركبة هلذا العلم يف العديد من الدول العربية‪ ،‬أو على األقل غياب الوعي‬
‫ابستقالله ووحدة موضوعه‪ ،‬فهو إما موضوع ضمن مقرر الرتبية العامة‪ ،‬أويتم اختزاله إما يف "طرق التدريس "‬
‫أو يف "أصوله"‪ ،‬كما هو األمر يف السودان ومصر والسعودية على سبيل املثال( ‪.‬حممد الدريج‪،2000 ،‬‬
‫ص‪.‬ص‪).23-21‬‬
‫هبذا ميكن أن نلخص ما سبق‪ ،‬ونقول أن الغموض الذي تعرتيه التعليمية يرجع‪:‬‬
‫أوال ‪:‬‬
‫ألن املصطلح قليل الشيوع يف فرنسا ‪ ،‬بينما جنده شائعا يف البلدان اجملاورة هلا ‪ ،‬ويف كندا جنده مبعان خمتلفة‬
‫مما يساهم يف تشويش حمتوايته‪.‬‬
‫اثنيا‪:‬‬
‫ألن التعليمية تدعو إىل إنشاء ختصص جديد ‪ ،‬وتبحث عن حصر ملوضوعه يف نقطة تقع بني التخصصات‬
‫واجملاالت املعروفة ‪ ،‬ويف بعض الدول تعترب التعليمية مرادفا ملادة ترتبـط بعلم النفس وعلم اللغة (إيطاليا‪-‬‬
‫سويسرا) ‪ ،‬ويف دول أخرى ‪ ،‬فإننا ال منيز بني التعليمية والبيداغوجيا (عبد هللا قلي‪ ،‬التعليمية العامة‬
‫والتعليمية اخلاصة‪ ،‬عن جملة املربز‪ ،‬العدد ‪، 2002، 16‬ص‪.)117‬‬
‫تطور مفهوم التعليمية‪:‬‬
‫البد من اإلشارة إىل أننا جند يف اللغة العربية عدة مصطلحات مقابلة للمصطلح األجنيب الواحد‪ ،‬ولعل ذلك‬
‫يرجع إىل تعدد مناهل الرتمجة‪ ،‬وكذلك إىل ظاهرة الرتادف يف اللغة العربية‪ ،‬وحىت يف لغة املصطلح األصلية‪،‬‬
‫إذا ترجم إىل لغة أخرى نقل الرتادف إليها من ذلك‪ :‬تعدد املصطلحات املستقاة من اإلجنليزية يف شقيها‬
‫الربيطاين واألمريكي‪ ،‬والشواهد على هذه الظاهرة كثرية يف العربية سواء تعلق األمر ابإلجنليزية أم ابلفرنسية‪،‬‬
‫‪9‬‬
‫ومها اللغتان اللتان أيخذ منهما الفكر العريب املعاصر على تنوع خطاابته واملعارف املتعلقة به‪ ،‬منها‬
‫‪.‬‬ ‫ألفاظ‬ ‫عدة‬ ‫العربية‬ ‫اللغة‬ ‫يف‬ ‫يقابله‬ ‫‪(Didactiqu‬الذي‬ ‫)‬ ‫مصطلح‬

‫تعليمية تعليميات علم التدريس علم التعليم التدريسية الديداكتيك‬


‫تتفاوت هذه املصطلحات يف االستعمال‪ ،‬ففي الوقت الذي اختار بعض الباحثني استعمال‬
‫"ديداكتيك" جتنبا ألي لبس يف مفهوم املصطلح‪ ،‬جند ابحثني آخرين يستعملون علم التدريس‪ ،‬وعلم التعليم‪،‬‬
‫وابحثني آخرين لكنهم قالئل يستعملون مصطلح تعليميات‪ ،‬أما مصطلح تدريسية‪ ،‬فهو استعمال عراقي غري‬
‫ص‪)43-42‬‬ ‫الفيصل‪،‬‬ ‫(جملة‬ ‫شائع‬
‫كلمة تعليمية(‪ )Didactique‬اصطالح قدمي جديد ‪ ،‬قدمي حيث استخدم يف األدبيات الرتبوية‬
‫منذ بداية القرن ‪ ، 17‬وهو جديد ابلنظر إىل الدالالت اليت ما انفك يكتسبها حىت وقتنا الراهن ‪ ،‬وفيما‬
‫سيأيت حناول تتبع التطور التارخيي هلذا املصطلح بداية من االشتقاق اللغوي وصوال إىل االستخدام‬
‫االصطالحي ‪.‬‬
‫يقول حنفي بن عيسى‪ ،‬كلمة تعليمية يف اللغة العربية مصدر صناعي لكلمة تعليم ‪ ،‬وهذه األخرية‬
‫مشتقة من علّم أي وضع عالمة أو مسة من السمات للداللة على الشيء دون إحضاره‪.‬‬
‫أما يف اللغة الفرنسية فإن كلمة (‪ )Didactique‬صفة اشتقت من األصل اليوانين (‪)Didaktikos‬‬
‫وتعين فلنتعلم أي يعلم بعضنا بعضا‪ ،‬و(‪ )Didaskein‬تعين التعليم ‪ ،‬وقد استخدمت هذه‬
‫الكلمة يف علم الرتبية أول مرة سنة ‪ 1613‬من قبل كل من كشوف هيلفج (‪ )K. Helwig‬وراتيش‬
‫و(‪ ).Ratich w‬يف حبثهم حول نشاطات راتيش التعليمية‪ ،‬وقد استخدموا هذا املصطلح كمرادف لفن‬
‫التعليم‪ ،‬وكانت تعين عندهم نوعا من املعارف التطبيقية و اخلربات‪ ،‬كما استخدمه كامنيسكي‬
‫(‪ )Kamensky‬سنة ‪ 1657‬يف كتابه "الديداكتيكا الكربى" ‪ ،‬حيث يقول أنه يعرفنا ابلفن العام للتعليم‬
‫يف مجيع خمتلف املواد التعليمية‪ ،‬ويضيف أبهنا ليست فن فقط التعليم بل للرتبية أيضا‪.‬‬
‫واستمر مفهوم التعليمية كفن للتعليم إىل أوائل القرن ‪ 19‬حيث ظهر الفيلسوف األملاين فردريك‬
‫هريببارت(‪،)1841-1770 FHerbert‬الذي وضع األسس العلمية للتعليمية كنظرية للتعليم ‪،‬‬

‫‪10‬‬
‫تستهدف تربية الفرد ‪ ،‬فهي نظرية ختص النشاطات املتعلقة ابلتعليم فقط ‪ ،‬أي كل ما يقوم به املعلم من‬
‫نشاط ‪ ،‬فاهتم بذلك اهلربرتيون بصورة أساسية ابألساليب الضرورية لتزويد املتعلمني ابملعارف‪ ،‬واعتربوا‬
‫الوظيفة األساسية للتعليمية هي حتليل نشاطات املعلم يف املدرسة‪.‬‬
‫ويف القرن ‪ 19‬وبداية القرن ‪ 20‬ظهر تيار الرتبية اجلديدة بزعامة جون ديوي‪(J. Dewey 1952-‬‬
‫)‪ ،1959‬وقد أكد هذا التيار على أمهية النشاط احلي والفعال للمتعلم يف العملية التعليمية واعتربوا هبذا‬
‫التعليمية نظرية للتعلم )‪(3‬ال للتعليم‬
‫(عبد هللا قلي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪). 118-117‬‬
‫ورغبة منا يف شرح أكثر ملفهوم التعليمية ‪ ،‬حناول يف الفقرة املوالية ذكر التعاريف اليت جاء هبا بعض العلماء‬
‫حول هذا املصطلح ‪ *:‬الديداكتيك شق من البيداغوجيا موضوعه التدريس‪ ،‬وقد استخدمه الالند ‪1988‬‬
‫)‪(Lalande‬كمرادف للبيداغوجيا أوللتعليم (معجم علوم الرتبية‪ ،‬مصطلحات البيداغوجيا و‬
‫الديداكتيك‪ ،1994 ،‬ط‪ ،1‬ص‪).68‬‬
‫* كما أن الديداكتيك علم تطبيقي موضوعه حتضري وجتريب اسرتاتيجيات بيداغوجية لتسهيل إجناز املشاريع‪،‬‬
‫فهي علم تطبيقي يهدف لتحقيق هدف عملي ال يتم إال ابالستعانة ابلعلوم األخرى كالسوسيولوجيا‪،‬‬
‫والسيكولوجيا‪ ،‬واإلبستمولوجيا‪ ،‬فهي علم إنساين مطبق موضوعه إعداد وجتريب وتقدمي وتصحيح‬
‫االسرتاتيجيات البيداغوجية اليت تتيح بلوغ األهداف العامة والنوعية لألنظمة الرتبوية ‪(Legendre R.‬‬
‫‪)1988) ((Devolay M. 1991 & Lacomb M. 1968‬معجم علوم الرتبية‪ ،‬املرجع‬
‫نفسه‪ ،‬ص‪) 69‬‬
‫*فالديداكتيك هنج أو أسلوب معني لتحليل الظواهر التعليمية‬
‫فهو الدراسة العلمية لتنظيم وضعيات التعلم اليت يعيشها املرتيب لبلوغ هدف عقلي أو وجداين أو‬
‫حركي‪ ،‬كما تصب الدراسات الديداكتيكية على الوضعيات العلمية اليت يلعب فيها املتعلم الدور األساسي ‪،‬‬
‫مبعىن أن دور املعلم هو تسهيل عملية تعلم التلميذ‪ ،‬بتصنيف املادة التعليمية مبا يالئم حاجات املتعلم‪،‬‬
‫وحتديد الطريقة املالئمة لتعلمه مع حتضري األدوات املساعدة على هذا التعلم ‪ ،‬وهذه العملية ليست‬
‫ابلسهلة‪ ،‬إذ تتطلب مصادر معرفية متنوعة كالسيكولوجيا ملعرفة الطفل وحاجاته‪ ،‬و البيداغوجيا الختيار‬
‫الطرق املالئمة‪ ،‬وينبغي أن يقود هذا إىل حتقيق أهداف على مستوى السلوك‪ ،‬أي أن تتجلى نتائج التعلم‬
‫على مستوى املعارف العقلية اليت يكتسبها املتعلم وعلى مستوى املهارات احلسية اليت تتجلى يف الفنون‬
‫والرايضيات وعلى املستوى الوجداين )‪(Lavallé‬‬

‫‪11‬‬
‫نستخلص من هذه التعاريف أن الديداكتيك هتتم بكل ما هو تعليمي تعلمي‪ ،‬أي كيف يعلم األستاذ مع‬
‫الرتكيز على ‪:‬‬
‫كيف يتعلم التلميذ؟ ودراسة كيفية تسهيل عملية التعلم‪ ،‬وجعلها ممكنة ألكرب فئة‪ ،‬مث اختاذ اإلجراءات‬
‫املناسبة لفئة التالميذ ذوي صعوابت يف التعليم‪ ،‬وابلتايل فهي دراسة التفاعل التعليمي‪.‬‬
‫ميكن لنا أن نستعني بشكل وضعه )‪(René Richterich) (4‬لتفسري العملية التعليمية إذ يقول أهنا‬
‫عملية تفاعلية من خالل‪ :‬متعلمون يف عالقة مع معلم لكي يتعلموا حمتوايت داخل إطار مؤسسة من أجل‬
‫حتقيق أهداف عن طريق أنشطة ومبساعدة وسائل متكن من بلوغ النتائج( ‪.‬عبد املؤمن يعقويب‪ ،1996 ،‬ص‬
‫‪). 22‬‬
‫فالتعليمية هبذا تقنية شائعة‪ ،‬تعين حتديد طريقة مالئمة أو مناسبة لإلقناع أو إليصال املعرفة‬
‫علي شريف بن حليمة ‪،‬تعليمية املواد العلمية‪،‬جملة مهزة وصل‪ ، ،‬عدد خاص‪ ،1992 ،‬ص‪)21‬‬
‫فهي كتخصص جتعل موضوعها خمتصرا على اجلوانب املتعلقة بتبليغ مضمون معني‪ ،‬بينما تكون اجلوانب‬
‫النفسية االجتماعية من اهتمام علوم الرتبية‪.‬‬
‫عبد اجمليد بن الصغري ‪ ،‬حملة عن تعليمية املواد ‪،‬جملة مهزة وصل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪) 46‬‬
‫وككل علم من العلوم انفردت التعليمية مبفاهيم خاصة هبا‪ ،‬تستعملها كمفاتيح لتفسري جمال حبثها وحدوده‬
‫النفس‪.‬‬ ‫وعلم‬ ‫البيداغوجيا‬ ‫و‬ ‫الرتبية‬ ‫األخرى‪ ،‬كعلوم‬ ‫ابلعلوم‬ ‫الوطيدة‬ ‫صلتها‬ ‫رغم‬

‫خالصة‪:‬‬

‫‪12‬‬
‫اعتربت التعليمية وال زالت كفن التدريس‪ ،‬وهذا املفهوم حيمل يف طياته كثري من املعاين واألفكار‬

‫والتصورات اليت حناول تلخيصها فيما يلي‪:‬‬

‫ليست التعليمية طريقة أو منهج واحد وموحد للتدريس ولكن له طرق خاصة اتبعة لصاحبها ويعين هذا‬

‫أن لكل معلم أسلوبه اخلاص يف أتديته للعمل التعليمي شريطة أن يكون هذا العمل مكلل ابلنجاح يعين أن‬

‫هذا "الفن التعليمي" يكون معرتف به من خالل نتائجه لدى التلميذ وأتثريه العميق واملثمر على تفكريه‬

‫وسلوكه‪.‬‬

‫تكاد أن تبىن التعليمية على قدراهتا للربوز بعالقة تربوية انجحة بني املعلم والتلميذ بفضل وسائل‬

‫مدروسة وليس ‪-‬كما هو منتظر منها عادة‪ -‬قواعد منطقية ومقننة متعلقة أساسا بتلقني املعارف للنشئ‬

‫الصاعد ونشري يف هذا الصدد ما هي أمهية اجلانب الالمنطقي والالشعوري يف العالقة الرتبوية كما هو عادي‬

‫يف كل الفنون اليت يلعب فيها اجلانب العاطفي واحملسوس دورا حامسا‪.‬‬

‫فيحتمل أن تكون للتعليمية كفن‪-‬عند بعض االختصاصيني‪-‬طرق ووسائل خاصة لتلقني املعارف أو‬

‫املعلومات واليت ينصح استعماهلا لنجاح عملية التدريس حسب املنوال التايل‪:‬‬

‫‪-‬خلق لدى التلميذ حاجة ماسة للتعلم بفضل حوافز خمتلفة وجذابة‪.‬‬

‫‪-‬ربط املعلومات اجلديدة ابملعلومات القدمية أو السابقة‪.‬‬

‫‪-‬االطالع على اجلديد والتعمق فيه‪.‬‬

‫‪-‬استيعاب اجلديد عن طريق التكرار واالستظهار‪.‬‬

‫‪-‬استعمال اجلديد يف أعمال تطبيقية متنوعة‪.‬‬

‫‪-‬فتح جماالت متعددة وفرص خمتلفة السرتجاع ما هو حمفوظ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫رغم استعمال هذه التقنيات كلها تبقى التعليمية كفن مرهونة بشخصية املعلم وابلكيفية اليت يطبق هبا‬

‫املعلومات وابختيار الوقت املناسب الستعماهلا‪.‬‬

‫تطور مفهوم التعليمية‪:‬‬

‫البد من اإلشارة إىل أننا جند يف اللغة العربية عدة مصطلحات مقابلة للمصطلح األجنيب الواحد‪ ،‬ولعل‬

‫ذلك يرجع إىل تعدد مناهل الرتمجة‪ ،‬وكذلك إىل ظاهرة الرتادف يف اللغة العربية‪ ،‬وحىت يف لغة املصطلح‬

‫األصلية‪ ،‬إذ ترجم إىل لغة أخرى نقل الرتادف إليها من ذلك‪ :‬تعدد املصطلحات املستقاة من اإلجنليزية يف‬

‫شقيها الربيطاين و األمريكي‪ ،‬و الشواهد على هذه الظاهرة كثرية يف العربية سواء تعلق األمر ابإلجنليزية أم‬

‫ابلفرنسية ومها اللغتان اللتان أيخذ منهما الفكر العيب املعاصر على تنوع خطاابته و املعارف املتعلقة به‪ ،‬منها‬

‫مصطلح ‪ Didactique‬الذي تقابله يف اللغة العربية عدة ألفاظ و هي ‪ :‬تعليمية ‪ ،‬تعليميات‪ ،‬علم‬

‫التدريس‪ ،‬علم التعليم‪ ،‬التدريسية‪ ،‬الديداكتيك‪ .‬تتفاوت هذه املصطلحات يف االستعمال ففي الوقت الذي‬

‫اختار بعض الباحثني استعمال "ديدلكتيك" جتنبا ألي لبس يف مفهوم املصطلح ‪ ،‬جند ابحثني آخرين‬

‫يستعملون علم التدريس و علم التعليم و ابحثني آخرين لكنهم قالئل يستعملون مصطلح تعليميات ‪ ،‬أما‬

‫مصطلح تدريسية فهو استعمال عراقي غري شائع ‪.‬‬

‫كلمة تعليمية ‪ Didactique‬اصطالح قدمي جديد ‪ ،‬قدمي حيث استخدم يف األدبيات الرتبوية منذ‬

‫بداية القرن ‪ ،17‬و هو جديد ابلنظر إىل الدالالت اليت ما انفك يكتسبها حىت و فتنا الراهن ‪ ،‬وفيما سيأيت‬

‫حناول تتبع التطور التارخيي هلذا املصطلح بداية من االشتقاق اللغوي وصوال إىل االستخدام االصطالحي‪.‬‬

‫يقول األستاذ حنفي بن عيسى‪ ،‬كلمة تعليمية يف اللغة العربية مصدر لكلمة "تعليم" و هذه األخرية‬

‫مشتقة من علّم أي وضع عالمة أو مسة من السمات للداللة على الشيء دون إحضاره‪ .‬أما يف اللغة‬
‫‪14‬‬
‫الفرنسية فإن كلمة ديداكتيك صفة اشتقت من األصل اليوانين ‪ Didaktikos‬و تعين فلنتعلم أي يعلم‬

‫بعضنا بعضا‪ ،‬أو أتعلم منك و أعلمك و كلمة ‪ Didactiko‬تعين أتعلم و ‪ Didaskein‬تعين‬

‫التعليم‪ ،‬وقد استخدمت هذه الكلمة يف علم الرتبية أول مرة سنة ‪ 1613‬من قبل كل من كشوف‬

‫هيلنج(‪ )K.helwing‬و رتيش والف كانج(‪ )Ratich wulf gang‬يف حبثهما حول نشاطات‬

‫راتيش التعليمية ‪ ،‬و قد استخدموا هذا املصطلح كمرادف لفن التعليم‪ ،‬و كانت تعين عندهم نوعا من‬

‫املعارف التطبيقية و اخلربات ‪ ،‬كما استخدمه كومنيسكي (‪ )Kamenski‬سنة ‪ 1657‬يف كتابه‬

‫"الديداكتيكا الكربى" حيث يقول أنه يعرفنا ابلفن العام لتعليم اجلميع خمتلف املواد التعليمية‪ ،‬ويضيف أبهنا‬

‫ليست فقط فن التعليم بل للرتبية أيضا‪.‬‬

‫واستمر مفهوم التعليمية كفن للتعليم إىل أوائل القرن ‪ 19‬حيث ظهر الفيلسوف األملاين فردريك‬

‫هريابرت‪ ،‬الذي وضع األسس العلمية للتعليمية كنظرية للتعليم تستهدف تربية الفرد‪ ،‬فهي نظرية ختص‬

‫النشاطات املتعلقة ابلتعليم فقط‪ ،‬أي كل ما يقوم به املعلم من نشاط‪ ،‬فاهتم بذلك اهلربرتيون بصورة أساسية‬

‫ابألساليب الضرورية لتزويد املتعلمني ابملعارف‪ ،‬واعتربوا الوظيفة األساسية للتعليمية هي حتليل نشاطات‬

‫املعلم يف املدرسة‪.‬‬

‫ويف القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ظهر تيار الرتبية اجلديدة بزعامة جون ديوي‬

‫(‪ )Dewey‬وقد أكد هذا التيار على أمهية النشاط احلي والفعال للمتعلم يف العملية التعليمية‪ ،‬واعتربوا‬

‫التعليمية نظرية للتعلم ال للتعليم‪.‬‬

‫الديداكتيك اشتق من البيداغوجيا موضوعه التدريس وقد استخدمه الالند (‪ )Laland‬كمرادف‬

‫للبداغوجيا أو للتعليم‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫كما أن الديداكتيك علم تطبيقي موضوعه حتضري وجتريب اسرتاتيجيات بيداغوجية لتسهيل إجناز‬

‫املشاريع‪ ،‬فهي علم تطبيقي يهدف لتحقيق هدف عملي ال يتم إال ابالستعانة ابلعلوم األخرى‬

‫كالسوسيولوجيا‪ ،‬والسيكولوجيا‪ ،‬واالبستيمولوجيا‪ ،‬فهي علم إنساين مطبق موضوعه إعداد وجتريب وتقدمي‬

‫وتصحيح االسرتاتيجيات البيداغوجية اليت تتيح بلوغ األهداف العامة والنوعية لألنظمة الرتبوية‪.‬‬

‫فالديداكتيك هنج أو أسلوب معني لتحليل الظواهر التعليمية‪ ،‬فهو الدراسة العلمية لتنظيم وضعيات‬

‫التعلم اليت يعيشها املرتيب لبلوغ هدف عقلي أو وجداين أو حركي‪ ،‬كما تصب الدراسات الديداكتيكية على‬

‫الوضعيات العلمية اليت يلعب فيها املتعلم الدور األساسي‪ ،‬مبعىن أن دور املدرس هو تسهيل عملية تعلم‬

‫التلميذ‪ ،‬بتصنيــف املادة التعليمية مبا يالئم حاجات املتعلم وحتديد الطريقة املالئمة لتعلمه مع حتضري‬

‫األدوات املساعدة على هذا التعلم‪ ،‬وهذه العملية ليست ابلسهلة‪ ،‬إذ تتطلب مصادر معرفية متنوعة‬

‫كالسيكولوجيا ملعرفة الطفل وحاجاته‪ ،‬والبيداغوجيا الختيار الطرق املالئمة‪ ،‬وينبغي أن يقود هذا إىل حتقيق‬

‫أهداف على مستوى السلوك‪ ،‬أي أن تتجلى نتائج التعلم على مستوى املعارف العقلية اليت يكتسبها املتعلم‬

‫وعلى مستوى املهارات احلسية اليت تتجلى يف الفنون والرايضيات وعلى املستوى الوجداين‪.‬‬

‫كما ميكننا أن نقول أن الديداكتيك علم ينشئ مناذج ونظرايت حول التدريس قصد تفسري ظواهره‬

‫والتنبوء هبا‪.‬‬

‫نستخلص من هذه التعاريف أن الديداكتيك هتتم بكل ما هو تعليمي تعلمي‪ ،‬أي كيف يعلم األستاذ‬

‫مع الرتكيز على كيف يتعلم التلميذ‪ ،‬ودراسة كيفية تسهيل عملية التعلم وجعلها ممكنة ألكرب فئة‪ ،‬مث اختاذ‬

‫اإلجراءات املناسبة لفة التالميذ ذوي صعوابت يف التعليم‪ ،‬وابلتايل فهي دراسة التفاعل التعليمي التعلمي‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ميكن لنا أن نستعني بشكل وضعه رونييه ريشرتيش ( )‪ René Richterich‬لفسري العملية‬

‫التعليمية‪ ،‬إذ يقول أهنا عملية تفاعلية من خالل‪ :‬متعلمون يف عالقة مع معلم لكي يتعلموا حمتوايت داخل‬

‫إلطار مؤسسة من أجل حتقيق أهداف عن طريق أنشطة ومبساعدة وسائل متكن من بلوغ النتائج‪.‬‬

‫فالتعليمية هبذا تقنية شائعة‪ ،‬تعين حتديد طريقة مالئمة أو مناسبة لإلقناع أو إليصال املعرفة‬

‫األستاذ ‪ :‬مـ ــرزوق أيـ ــوب – أم البواقي – اجلزائر‬


‫‪Ayoub.merzouk@yahoo.fr‬‬

‫‪17‬‬

You might also like