Professional Documents
Culture Documents
البطلان في قرارات التحكيم دراسة في التشريع المغربي
البطلان في قرارات التحكيم دراسة في التشريع المغربي
أشخـاص يعينـونهم باالتفاق ويسمـون بالمحكمين وذلك ضمن قواعد يختارها األطراف أو يتركون تلك القواعد
للقوانين ذات الصلة لتحديدها ".
مبدئيا ،وطبقا لقانون المسطرة المدنية يجوز لجميع األشخاص من ذوي األهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو
معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ضمن الحدود ووفق اإلجراءات
والمساطر المنصوص عليها في هذا الباب وذلك مع التقيد بمقتضيات الظهير الشريف الصادر في 9رمضان
12( 1331أغسطس )1913بمثابة قانون االلتزامات والعقود ،كما وقع تغييره وتتميمه وال سيما الفصل 62
منه.
يمكن بوجه خاص أن تكون محل اتفاق تحكيم النزاعات الداخلة في اختصاص المحاكم التجارية عمال بالمادة 5
من القانون رقم 53.95القاضي بإحداث محاكم تجارية يكتسي اتفاق التحكيم شكل عقد تحكيم أو شرط تحكيم.
© 2023ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ .ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ.
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ،ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ .ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ
ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ
ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ.
30
رماح للبحوث والدراسات العدد 1أكتوبر 2020
ﺇﺳﻠﻮﺏ APA
ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﻣﺤﻤﺪ .(2020) .ﺍﻟﺒﻄﻼﻥ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻢ :ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ.ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ،
د.محمد العلمي
1338450/Record/com.mandumah.search//:http ﻉ .50 - 30 ،1ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ
أستاذ التعليم العالي ﺇﺳﻠﻮﺏ MLA
ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﻣﺤﻤﺪ" .ﺍﻟﺒﻄﻼﻥ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻢ :ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ".ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥﻉ1
دكتوراه في القانون الخاص
) .50 - 30 :(2020ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ 1338450/Record/com.mandumah.search//:http
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية
-أكادير -جامعة ابن زهر – المغرب
أصبح التحكيم في العصر الحالي من بين الوسائل المنتشرة لحسم المنازعـات التجاريـة .ويعتبر التحكيم نوعا
من القضاء الخاص ،فهو وسيلة بديلـة عن قضاء الدولـة يقـوم فيه أطراف النزاع بمحض إرادتهما الحرة باالتفاق
على اللجوء إلى التحكيم لحل ما قد يثـور من خالف أو نزاع في المستقبل بمقتضى قرار له قيمة قضائية وقابل
للتنفيذ شأنه شأن الق اررات الصادرة عن محاكم الدولة .ولذلك يمكن تعريف التحكيم بأنه ":وسيلة يختارها
األط ارف لفض المنازعـات الناشئة بينهم عن طريق طرح النزاع للبت فيه بقرار ملزم لهم من قبل شخص أو
أشخـاص يعينـونهم باالتفاق ويسمـون بالمحكمين وذلك ضمن قواعد يختارها األطراف أو يتركون تلك القواعد
للقوانين ذات الصلة لتحديدها ".
مبدئيا ،وطبقا لقانون المسطرة المدنية يجوز لجميع األشخاص من ذوي األهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو
معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ضمن الحدود ووفق اإلجراءات
والمساطر المنصوص عليها في هذا الباب وذلك مع التقيد بمقتضيات الظهير الشريف الصادر في 9رمضان
12( 1331أغسطس )1913بمثابة قانون االلتزامات والعقود ،كما وقع تغييره وتتميمه وال سيما الفصل 62
منه.
يمكن بوجه خاص أن تكون محل اتفاق تحكيم النزاعات الداخلة في اختصاص المحاكم التجارية عمال بالمادة 5
من القانون رقم 53.95القاضي بإحداث محاكم تجارية يكتسي اتفاق التحكيم شكل عقد تحكيم أو شرط تحكيم.
© 2023ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ .ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ.
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ،ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ .ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ
ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ
ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ.
30
رماح للبحوث والدراسات العدد 1أكتوبر 2020
د.محمد العلمي
أستاذ التعليم العالي
دكتوراه في القانون الخاص
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية
-أكادير -جامعة ابن زهر – المغرب
أصبح التحكيم في العصر الحالي من بين الوسائل المنتشرة لحسم المنازعـات التجاريـة .ويعتبر التحكيم نوعا
من القضاء الخاص ،فهو وسيلة بديلـة عن قضاء الدولـة يقـوم فيه أطراف النزاع بمحض إرادتهما الحرة باالتفاق
على اللجوء إلى التحكيم لحل ما قد يثـور من خالف أو نزاع في المستقبل بمقتضى قرار له قيمة قضائية وقابل
للتنفيذ شأنه شأن الق اررات الصادرة عن محاكم الدولة .ولذلك يمكن تعريف التحكيم بأنه ":وسيلة يختارها
األط ارف لفض المنازعـات الناشئة بينهم عن طريق طرح النزاع للبت فيه بقرار ملزم لهم من قبل شخص أو
أشخـاص يعينـونهم باالتفاق ويسمـون بالمحكمين وذلك ضمن قواعد يختارها األطراف أو يتركون تلك القواعد
للقوانين ذات الصلة لتحديدها ".
مبدئيا ،وطبقا لقانون المسطرة المدنية يجوز لجميع األشخاص من ذوي األهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو
معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ضمن الحدود ووفق اإلجراءات
والمساطر المنصوص عليها في هذا الباب وذلك مع التقيد بمقتضيات الظهير الشريف الصادر في 9رمضان
12( 1331أغسطس )1913بمثابة قانون االلتزامات والعقود ،كما وقع تغييره وتتميمه وال سيما الفصل 62
منه.
يمكن بوجه خاص أن تكون محل اتفاق تحكيم النزاعات الداخلة في اختصاص المحاكم التجارية عمال بالمادة 5
من القانون رقم 53.95القاضي بإحداث محاكم تجارية يكتسي اتفاق التحكيم شكل عقد تحكيم أو شرط تحكيم.
30
رماح للبحوث والدراسات العدد 1أكتوبر 2020
ويمكن لألطراف االتفاق على اللجوء للتحكيم عند بدء العالقة بينهم وقبل حصول نزاع ،كأن يوردوا بنداً في
عقدهم يشير إلى موافقتهم على إحالة أي خالف ينشـأ بينهم للتحكيم( شرط التحكيم) ،كما يمكن لهـم إبرام
1
اتفاقيـة تحكيم بعد نشوء الخالف يبينوا فيـها تفاصيـل الخالف وموافقتهـم على إحالته للتحكـيم (عقد التحكيم).
ولم يعد خافيا أن التحكيم قد أضحى طريقة مألوفة ومرغوبة لفض المنازعات والتـي تنشأ في الغالب عن
عالقات تعاقدية وذلك عوضـا عن اللجوء إلى القضاء ،بل أصبـح التحكيم أكثر ضرورة في مجال عالقات
التجـارة الدوليـة ألن كال طرفي هذه العالقـة ال يرغب عادة الخضوع لقضاة محاكم الطرف األخر2.
يعود االهتمام بالتحكيم التجاري في المغرب إلى عهد المولى إسماعيل 3،وتحديدا إلى سنة 1693تاريخ إبرام
معاهدة سان جرمان مع الدولة الفرنسية ،التي تضمنت إمكانية الفصل في بعض النزاعات الخاصة عن طريق
التحكيم ،إال أن أول تنظيم قانوني للتحكيم من طرف المشرع المغربي ،كان بمقتضى ظهير المسطرة المدنية -
الملغى -الصادر في 12غشت 1913والذي خصص له الفصول من 527إلى 4،543ثم جاء قانون
المسطرة المدنية الحالي الصادر في 28شتنبر 1974واهتم كذلك بالتحكيم ،فخصص له الفصول 306إلى
-1يمكن إبرام العقد المذكور ولو خالل دعوى جارية أمام المحكمة.
إذا تم االتفاق على التحكيم أثناء نظر النزاع من قبل المحكمة ،فعلى المحكمة أن تقرر إحالة األطراف على التحكيم .ويعد هذا
القرار بمثابة اتفاق تحكيم مكتوب.
رحال البوعناني “التحكيم االختياري في القانون المغربي الداخلي” رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص ،السنة
الجامعية .1997 – 1996جامعة محمد الخامس ،كلية الحقوق ،الرباط .الصفحة 6 .وما بعدها.
- 2مراد محمود المواجدة " التحكيم في عقود الدولة ذات الطابع الدولي" دار الثقافة للنشر والتوزيع – الطبعة األولى .2010
ص 13 :وما بعدها.
- 3إسماعيل بن الشريف والمعروف بموالي إسماعيل( (1645 - 1727م ،كان سلطاناً مغربياً من ساللة العلويين .حكم منذ
عام 1672حتى 1727م ،بعد أخيه الرشيد بن الشريف.
https://ar.wikipedia.org/wiki/
- 4خالف ما يذهب إليه بعض الفقه من أن التحكيم لم ينظم بالمغرب إال بمقتضى قانون المسطرة المدنية الصادر في سنة
.1974راجع في هذا اإلطار شعيبي المذكوري “االتفاق على التحكيم في قانون المسطرة المدنية” مقال منشور بمجلة المحاكم
المغربية ،العدد .74ص.42 .
31
رماح للبحوث والدراسات العدد 1أكتوبر 2020
.327ثم بعدها قانون 08.05الصادر بتاريخ 30نوفمبر 2007الذي نظم التحكيم والوساطة االتفاقية بشكل
جديد5.
أوال :األهليـة:
نص الفصل 306من قانون المسطرة المدنية على أنه“ :يمكن لألشخاص الذين يتمتعون باألهلية أن يوافقوا
على التحكيم في الحقوق التي يملكون التصرف فيها”.
مما يفيد أنه ال يكفي أن يتمتع األشخاص (األطراف) بأهلية التعاقد إلبرام اتفاق التحكيم ،أو أهلية التقاضي ،وال
يستلزم كذلك أن تكون لهم أهلية التبرع ،ألن عقد التحكيم ليس من قبيل التبرع بالحق ،أي يجب أن يكون
الشخص متمتعا بأهلية التصرف في الحق موضوع النزاع.
وعلى هذا األساس ،فاألشخاص الذين ال تتوفر لديهم هذه األهلية كالقصر والمحجور عليهم ليسوا أهال إلبرام
اتفاقات التحكيم .فإذا ما أبرم أحدهم اتفاقا كان االتفاق باطال 6،كما ال يجوز للوكيل بغير إذن خاص إبرام هذا
7
العقد.
ثانيا :الكتابـة:
-5حلت أحكام الفصول من 306إلى 327-70من قانون المسطرة المدنية المغربي ،محل أحكام الباب الثامن بالقسم
الخامس (الفصول من 306إلى )327من قانون المسطرة المدنية المصادق عليه بالظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم
1.74.447بتاريخ 11من رمضان 28( 1394سبتمبر ،)1974والتي تم نسخها بمقتضى المادة األولى من القانون رقم
08.05الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.07.169بتاريخ 19من ذي الحجة 30( 1428نوفمبر ،)2007الجريدة الرسمية
عدد 5584بتاريخ 25ذو القعدة 6( 1428ديسمبر ،)2007ص .3894
وبمقتضى المادة الثانية من نفس القانون ،08.05ظلت مقتضيات الباب الثامن من القسم الخامس من قانون المسطرة
المدنية المشار إليه أعاله مطبقة ،بصورة انتقالية ،على:
-اتفاقات التحكيم المبرمة قبل تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ؛
-الدعاوى التحكيمية الجارية أمام الهيئات التحكيمية أو المعلقة أمام المحاكم في التاريخ المذكور إلى حين تسويتها النهائية
واستنفاذ جميع طرق الطعن.
6عبد هللا درميش“ :محاضرات في التحكيم التجاري” ،ألقيت على الملحقين القضائيين بالمعهد الوطني للدراسات القضائية –
– 2001غير منشورة.
7فتحي والي“ :الوسيط في قانون القضاء المدني” ،الطبعة الثانية .1981 ،ص.41 .
32
رماح للبحوث والدراسات العدد 1أكتوبر 2020
يستوجب المشرع صياغة االتفاق على التحكيم في محرر مكتوب (الفصل 313من قانون المسطرة المدنية)
8
وهكذا ال يجوز إثبات عقد التحكيم بالقرائن أو بشهادة الشهود ،ويبقى التساؤل مطروحا حول إمكانية إثبات عقد
التحكيم باإلقرار وأداء اليمين القانونية من جهة ،ويطرح تساؤل آخر من جهة أخرى ،حول ما إن كانت الكتابة
9
شرط إثبات ،أم هي شرط انعقاد وصحة؟
وعليه فعقد التحكيم يمكن أن يرد في محرر عرفي بمقتضى محضر يقام أمام المحكم أو المحكمين المختارين،
أو في محرر رسمي بمقتضى وثيقة أمام موثق أو عدلين ،أو بأي سند كالرسائل المتبادلة أو البرقيات ،شريطة
أن تكون إرادة الطرفين ظاهرة.
أما بالنسبة لشرط التحكيم فإن الفصل 317من قانون المسطرة المدنية ،يستوجب أن يكون شرط التحكيم ،تحت
طائلة البطالن :
-أن يضمن شرط التحكيم كتابة في االتفاق األصلي أو في وثيقة تحيل إليه ،بشكل ال لبس فيه؛
-أن ينص في شرط التحكيم إما على تعيين المحكم أو المحكمين وإما على طريقة تعيينهم.
فعلى الرغم من حتمية خضوع الحكم التحكيمي إلى رقابة قضاء الدولة إال أن الطبيعة الخاصة للعدالة التي
تسعى إليها الهيئة التحكيمية والمستندة فيها إلى إرادة األطراف ،تضفى على أوجه الطعن على الحكم التحكيمي
10
ذاتية وخصوصية مستمدة من الهدف من طرق الطعن ومن كيفية تنظيمها من الناحية الفنية والقانونية.
فإذا كان الهدف من الطعن ضد األحكام الصادرة عن القضاء العادي للدولة ،تدارك ما قد يقع فيه القضاة من
أخطاء سواء في القانون أو الواقع عن طريق طرق الطعن التي قررتها األنظمة القضائية سواء بطرق الطعن
- 8جاء في الفصل 313من قانون المسطرة المدنية أنه ":يجب أن يبرم اتفاق التحكيم كتابة ،إما بعقد رسمي أو عرفي وإما
بمحضر يحرر أمام الهيئة التحكيمية المختارة.
يعتبر اتفاق التحكيم مبرما كتابة إذا ورد في وثيقة موقعة من األطراف أو في رسائل متبادلة أو اتصال بالتلكس أو برقيات أو أية
وسيلة أخرى من وسائل االتصال والتي تعد بمثابة االتفاق تثبت وجوده أو حتى بتبادل مذكرات الطلب أو الدفاع التي يدعي فيها
أحد الطرفين بوجود اتفاق تحكيم دون أن ينازعه الطرف اآلخر في ذلك.
ويعد في حكم اتفاق التحكيم المبرم كتابة كل إحالة في عقد مكتوب إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية ،أو إلى أي وثيقة
أخرى تتضمن شرطا تحكيميا إذا كانت اإلحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد.
- 9شعيبي المذكوري“ :االتفاق على التحكيم في قانون المسطرة المدنية” ،مرجع سابق .ص.52 .
-التحكيم والقضاء سسلسلة تصدر عن المحكمة الدولية للتحكيم والوساطة في المنازعات التجارية ومجلة العلوم القانونية تحت 10
العادية أو بالطرق الغير العادية ،فإنه على العكس من ذلك فاألحكام التحكيمية بطبيعتها الخاصة ال تخضع
لنفس طرق الطعن التي تخضع لها األحكام القضائية بصفة عامة ،وهو ما كرسه المشرع المغربي من خالل
الفصل 34-327من ق.م.م .المعدل بقانون 08-05المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية ،حيث أجاز الطعن
بإعادة النظر والتعرض الغير عن الخصومة والطعن بالبطالن.
وما يهمنا في مداخلتنا هذه هو حاالت بطالن الحكم التحكيمي وفق القانون الداخلي (القانون رقم ،)08-05
والتي نص عليها المشرع المغربي في الفصل .36-327
إذن هذه الحاالت التي نص عليها المشرع المغربي في قانون المسطرة المدنية المعدل بقانون -05 فما هي
08؟.
وهذا ما سيتم التطرق إليه من خالل مبحثين ،نخصص (المبحث األول) لحاالت الطعن بالبطالن المرتبطة
باتفاق التحكيم ،في حين سنتناول (في المبحث الثاني) لحاالت الطعن بالبطالن المرتبطة بإجراءات التحكيم.
المطلب األول :غياب االتفاق على التحكيم أو بطالنه أو صدور الحكم بعد انتهاء أجل التحكيم
جاء في الفصل 327-36في الفقرة الثالثة البند األول من قانون المسطرة المدنية المعدل بقانون رقم 08-05
المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية ،على هذه الحاالت ،وهو ما سنتطرق إليه بتفصيل:
34
رماح للبحوث والدراسات العدد 1أكتوبر 2020
هذا الخصم ليس اتفاق تحكيمي ،ألن المهمة موكولة لشخص آخر للقيام بعمل قانوني أو تعيين خبير ،فتعتبر
صلحا أو وكالة أو خبرة أو وساطة.
إن أول مالحظة يمكن أن نقررها بخصوص هذه الصورة هي اقتصار المشرع المغربي على حالة كون اتفاق
كونه قابال لالبطال ،كما فعل نظيره المصري حيث نص في المادة ( 1/53أ) من التحكمي باطال ولم يذكر
قانون التحكيم المصري على أنه:
أ -إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو كان هذا االتفاق باطال أو قابال البطال أو أسقط بانتهاء مدته".
فحبذا لو نهج المشرع المغربي مسلك المشرع المصري ،على اعتبار أن االتفاق على التحكيم هو عقد من
عقود القانون الخاص تسري عليه النظرية العامة لاللتزمات والعقود ،فقد يقع باطال لتخلف ركن من أركانه،
وقد يقع قابال لإلبطال لمصلحة رافع الدعوى حالة كون الركن موجود ولكنه معيب غير سليم بأحد عيوب
اإلرادة ،هذا ويكون اتفاق التحكيم باطال لغياب شرط من الشروط الموضوعية أو الشكلية الالزمة لقيامه أو
كونه ورد على ما ال يجوز التحكيم بشأنه ،كما يكون قابال لالبطال حالة كون الرضا موجود لكنه مشوب
بعيب من عيوب اإلرادة من غلط أو تدليس أو غبن أو إكراه.
كما نفرق بخصوص الشروط الشكلية بين عقد التحكيم وشرط التحكيم حيث أنه يشترط في األول حسب
مقتضيات الفصل 315من القانون الجديد 05-08أن يتضمن تحت طائلة البطالن تحديد موضوع النزاع،
وتعيين الهيئة التحكيمية أو التنصيص على طريقة تعيينها.
كما نجد الفصل 315السابق اإلشارة إليه لم يشترط أن يكون عقد التحكيم مكتوبا ،وهو ما يدفعنا للتساؤل
عن كتابة عقد التحكيم هل هي شكلية انعقاد أم شكلية إثبات فقط؟
برجوعنا للفصل 313من نفس القانون نجده قد أورد عبارة " أو أية وسيلة أخرى من وسائل االتصال والتي
تعد بمثابة االتفاق تثبت وجوده" مما يفيد أن شكلية الكتابة في عقد التحكيم أصبحت شكلية انعقاد فقط
وليست شكلية اثبات.
وأردف المشرع بالنص في الفقرة الثانية من الفصل 315من قانون 05-08على أنه " يكون العقد ال غيا
إذا رفض محكم معين فيه للقيام بالمهمة المسندة إليه" .ونرى أن هذه الفقرة جاءت غامضة حيث أن المشرع
لم يبين هل رفض المحكم هنا كان قبل قبوله المهمة المسندة إليه أم بعد قبولها ،كذلك القول باإللغاء يجعلنا
35
رماح للبحوث والدراسات العدد 1أكتوبر 2020
نتساءل هل يمكن ألحد طرفي عقد التحكيم رفض محكم معين فيه القيام بالمهمة المسندة إليه ،أن يتمسك
بهذا اإللغاء ويعرض النزاع على القضاء المختص ،أم للطرف القابل أن يجبره على سلوك مسطرة التحكيم
باالستناد على العبارة العامة التي ورد التنصيص عليها في الفصل 327-3كما يلي ":أو ألي سبب آخر
يحول دون تشكيل الهيئة التحكيمية".
11
ومن وجهة نظرنا نعتقد إن تعيين المحكمين يتم إما باتفاق األطراف وإما وفقا للفصل 327-2وما بعده.
أن االلتزام بسلوك التحكيم بدل القضاء المختص يبقى قائما ،وأنه يمكن للطرف القابل أن يلزم الطرف
الرافض بسلوك مسطرة التحكيم ،وذلك بتعيين هيئة تحكيمية أخرى باالستناد إلى مقتضيات الفصل 327-3
السابق االشارة إليه.
- 11تتشكل الهيئة التحكيمية من محكم واحد أو عدة محكمين ،تكون لألطراف حرية تحديد إجراءات تعيينهم وعددهم إما في
االتفاق التحكيمي وإما باالستناد إلى نظام التحكيم الموضوع للمؤسسة المختارة.
فإذا لم يتفق األطراف على عدد المحكمين كان العدد ثالثة.
إذا تعدد المحكمون وجب أن يكون عددهم وت ار وإال كان التحكيم باطال.
الفصل 327-3
إذا ثبت أن المحكم أو المحكمين المعينين في اتفاق التحكيم ال تتوافر فيهم الشروط القانونية لممارسة هذه المهمة أو ألي سبب
آخر يحول دون تشكيل الهيئة التحكيمية ،فإن تعيين المحكمين يتم إما باتفاق األطراف وإما وفقا للفصل 327-4بعده.
الفصل 327-4
إذا عين األطراف ع ددا مزدوجا من المحكمين ،وجب تكميل تشكيل الهيئة التحكيمية بمحكم يتم اختياره إما طبقا لما اتفق عليه
األطراف وإما من لدن المحكمين المعينين في حالة عدم حصول هذا االتفاق وإما من لدن رئيس المحكمة بناء على أمر غير قابل
للطعن ،إن لم يحصل اتفاق بين المحكمين المذكورين.
في حالة تحكيم مؤسساتي ،يطبق على مسطرة تعيين المحكمين بالهيئة التحكيمية وعددهم نفس ما هو مقرر من لدن المؤسسة
التحكيمية المختارة.
الفصل 327-5
إذا لم يتم تعيين الهيئة التحكيمية مسبقا وكيفية وتاريخ اختيار المحكمين أو لم يتفق األطراف على ذلك ،تتبع اإلجراءات التالية:
إذا كانت هيئة التحكيم تتكون من محكم واحد يتولى رئيس المحكمة المختصة تعيين المحكم بناء على طلب أحد الطرفين.
إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثالثة محكمين يعين كل طرف محكما ويتفق المحكمان المعينان على تعيين المحكم الثالث،
فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمه خالل 15يوما التالية لتسلمه طلبا بذلك من الطرف اآلخر أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان
على اختيار المحكم الثالث خالل 15يوما التالية لتاريخ تعيين آخرهما ،تولى رئيس المحكمة المختصة تعيينه بناء على طلب أي
من الطرفين ،وتكون رئاسة هيئة التحكيم للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان أو الذي عينه رئيس المحكمة.
تتبع اإلجراءات المذكورة في الفقرة 2أعاله من هذه المادة إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من أكثر من ثالثة محكمين.
-4
36
رماح للبحوث والدراسات العدد 1أكتوبر 2020
أما بخصوص شرط التحكيم فيجب أن يضمن تحت طائلة البطالن -طبقا لمقتضيات الفصل 317من
قانون -05-08كتابة في االتفاق األصلي أو في وثيقة تحيل إليه بشكل ال لبس فيه وأن ينص فيه على
تعيين المحكم أو المحكمين أو على طريقة تعيينهم ،ولم يشترط المشرع تحديد موضوع النزاع في شرط
12
التحكيم على اعتبار أن هذا األخير يكون سابقا على موضوع النزاع مما يستحيل معه التكهن بموضوعه.
ونفس الشيء بالنسبة لعقد التحكيم فإن الكتابة في شرط التحكيم هي شكلية انعقاد وليست شكلية إثبات ،وهو ما
يستشف من الفصل 317من ق 05 -08الذي يستوجب كتابة شرط التحكيم تحت طائلة البطالن ،ويتجلى
جديد الفصل المذكور في إعطائه إمكانية التعيين المسبق للهيئة التحكيمية في شرط التحكيم في المسائل المدنية
والتجارية على حد سواء ،على خالف الفصل 309من ق م م (الملغى) الذي كان يجيزه في الميدان التجاري
فقط ( [.)]11
وحيث باإلمكان ورود شرط التحكيم في اإلتفاق األصلي ،نثير تساؤال حول الحكم في حالة بطالن أو فسخ أو
إنهاء العقد األصلي ،فهل يؤدي إلى بطالن شرط التحكيم؟ أم يظل شرط التحكيم قائما وصحيحا رغم بطالن
االتفاق األصلي؟
لقد أجاب المشرع بشكل صريح عن هذه التساؤالت بنصه في الفصل 318من ق 05 -08على أنه "يعتبر
شرط التحكيم اتفاقا مستقال عن شروط العقد األخرى ،وال يترتب على بطالن العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر
على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحا في ذاته" .فالمشرع فرض ضرورة كون شرط
التحكيم صحيحا في ذاته ،مما يعني وجوب توافره على الشروط الموضوعية والشكلية الالزمة لقيامه وترتيبه
آلثاره.
-يجب أن يراعي رئيس المحكمة المختصة في المحكم الذي يختاره الشروط التي يتطلبها هذا القانون وتلك التي اتفق عليها 12
الطرفان ويصدر ق ارره بعد استدعاء األطراف وال يكون هذا القرار قابال للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن.
تطبق نفس المقتضيات كلما اعترض تشكيل الهيئة التحكيمية صعوبة بسبب أحد األطراف أو صعوبة في تطبيق إجراءات
التعيين.
الفصل 327-6
ال يعتبر تشكيل الهيئة التحكيمية كامال إال إذا قبل المحكم أو المحكمون المعينون المهمة المعهود إليهم بها.
ويجب على المحكم الذي قبل مهمته أن يفصح كتابة عند قبوله عن أي ظروف من شأنها إثارة شكوك حول حياده واستقالله.
يثبت قبول المهمة كتابة بالتوقيع على اتفاق التحكيم أو بتحرير عقد ينص على الشروع في القيام بالمهمة.
يجب على كل محكم أن يستمر في القيام بمهمته إلى نهايتها .وال يجوز له ،تحت طائلة دفع تعويضات أن يتخلى عنها دون سبب
مشروع بعد قبولها ،وذلك بعد إرساله إشعا ار يذكر فيه أسباب تخليه.
37
رماح للبحوث والدراسات العدد 1أكتوبر 2020
هذا هو السبب الثالث من أسباب بطالن حكم المحكم الذي يرجع إلى األساس االتفاقي للتحكيم ،وهو صدور
حكم المحكم بناء على اتفاق تحكيم انقضى ميعاده .فإذا صدر حكم التحكيم بعد انتهاء المهلة المحددة اتفاقا أو
قانونا لصدوره فإنه يكون قد صدر بعد انتهاء والية المحكم بالنزاع ،وبالتالي يجوز ألي من الطرفين رفع دعوى
بطالنه ( [.)]13
فطبقا للفصل 327 -20من قانون 05 -08فإن األجل الذي يتعين على المحكم أو المحكمين أن يصدروا
فيه حكمهم التحكيمي متروك إلرادة األطراف ،على أنه في حالة عدم تحديده تنتهي صالحية المحكمين بعد 6
أشهر على اليوم الذي قبل فيه آخر محكم مهمته ،على خالف الفصل 308من قانون المسطرة المدنية من
قانون التحكيم الملغى.
كما جاء في الفقرة الثانية من الفصل 327 -20أنه يمكن تمديد األجل االتفاقي أو القانوني بنفس المدة إما
باتفاق األطراف وإما من لدن رئيس المحكمة بناء على طلب من أحد األطراف أو من الهيئة التحكيمية"،
فبمقارنة النصين أعاله نالحظ أن المشرع المغربي قد رفع أجل التحكيم حالة عدم تحديد ذوي الشأن له – أي
األجل القانوني -من ثالثة أشهر إلى ستة أشهر ،وجعل قبول آخر محكم لمهمته كأساس لبداية احتسابه بدل
تاريخ تعيين المحكمين ،كما أعطى إمكانية تمديد األجل االتفاقي أو القانوني إما باتفاق األطراف وإما من لدن
رئيس المحكمة بناء على طلب األطراف أو من الهيئة التحكيمية.
وعليه فإذا صدر الحكم التحكيمي بعد انتهاء األجل االتفاقي أو القانوني مع مراعاة مدة التمديد في كلتا
الحالتين ،ينهض ذلك سببا لرفع دعوى بطالن حكم التحكيم.
إن ما يسجل على المشرع المغربي في هذا المقام هو أنه أعطى للهيئة التحكيمية إمكانية تمديد األجل القانوني
أو االتفاقي بناء على طلب يقدمه إلى رئيس المحكمة دون أن يربط مد األجل بعدم تجاوزه لمدة معينة مما يفسح
المجال أمام المحكم أو المحكمين لتمديد األجل مرات عدة لالستفادة أكثر بشكل تضيع معه حقوق األطراف
وينتفي معه الهدف المرجو من التحكيم والمتمثل في السرعة في البث في النزاع.
وكان على المشرع المغربي أن يسلك نهج نضيره المصري الذي نص في المادة 1/45على جواز أن تقرر
هيئة التحكيم مد الميعاد على أن ال تزيد فترة الميعاد على ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على
ذلك.
38
رماح للبحوث والدراسات العدد 1أكتوبر 2020
المطلب الثاني :عدم تقيد الهيئة التحكيمية بالمهمة المسندة إليها أو تجاوزها لتحديد االتفاق.
لقد تم التنصيص على هاتين الحالتين في البند 3من الفقرة الثالثة من الفصل 327 -36من قانون المسطرة
المدنية المعدل بمقتضى القانون رقم 08 -05المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية ،حيث جاء فيها " ال يكون
الطعن بالبطالن ممكنا إال في الحاالت اآلتية:
-3إذا بثت الهيئة التحكيمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليها أو بثت في مسائل ال يشملها التحكيم أو تجاوزت
حدود هذا االتفاق."...
وهذا ما سيتم التطرق إليه في هذا المطلب حيث نخصص (الحالة األولى) لبث الهئية التحكيمية دون التقيد
بالمهمة المسندة إليها ،ونخصص (الحالة الثانية) للحديث عن تجاوز الهيئة التحكيم لحدود االتفاق.
الحالة األولى :بث الهيئة التحكيمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليها:
الفرض في هذه الحالة أن الهيئة التحكيمية قد أصدرت حكمها دون أن تتقيد بالمرة باالتفاق وتكون بذلك قد
قضت بشيء لم يطلبه الخصوم منها.
ونجد أن هذه الحالة ال تعدو أن تكون إال تطبيقا خاصا للحالة األولى التي أشرنا إليها سابقا ،وهي المتعلقة
بصدور الحكم التحكيمي في غياب اتفاق التحكيم ،حيث أن بث الهيئة التحكيمية دون التقيد بالمهمة المسندة
إليها يعني بتها في أمور ليس بشأنها أي اتفاق وال تمت لالتفاق التحكيمي بصلة في المسألة التي فصلت
13
فيها.
وحسنا فعل المشرع المغربي بنصه على هذه الحالة كسبب بطالن الحكم التحكيمي ،رغم كونه قد نص معها
على حالة تجاوز المحكمين المهمة المنوطة بهم كسبب للبطالن كذلك على اعتباره أن هذه الحالة األخيرة ال
تستوعب حالة قضاء الهيئة التحكيمية بشيء لم يطلبه الخصوم منها ،وهذا على خالف المشرع المصري الذي
اقتصر بالنص على حالة "تجاوز هيئة التحكيم لحدود إتفاق التحكيم" ،طبقا لعبارة نص المادة 1/53من قانون
التحكيم المصري.
- 13نبيل اسماعيل عمر ،التحكيم في المواد المدنية والتجارية الوطنية والدولية ،دار الجامعة الجديد الطبعة ،2005 ،2ص
.396
39
رماح للبحوث والدراسات العدد 1أكتوبر 2020
وقد ساير المشرع المغربي في ذلك نظيره الفرنسي الذي نص في المادة 3/1484من قانون المرافعات الفرنسي
على ما يلي :يكون حكم التحكيم قابال للطعن "إذا كانت هيئة التحكيم قد حكمت دون أن تلتزم بحدود المهمة
المخولة لها".
والفرض في هذه الحالة أن هيئة التحكيم قد أصدرت حكما له صلة باتفاق التحكيم لكن الهيئة تجاوزت حدود هذا
االتفاق ،وتكون بذلك قد أصدرت حكما في غياب اتفاق تحكيم بالنسبة للجزء الذي حدث فيه التجاوز.
على أنه إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير
الخاضعة له ،فال يقع البطالن إال على األجزاء األخيرة وحدها .فصل .3/36-327
ونشير على أن اإلخالل العادي كالخطأ المادي أو الخطأ في الحساب أو الكتابة ،أو إغفال البث في بعض
طلبات الخصوم ال يعتبر من قبيل تجاوز الهيئة التحكيمية لحدود االتفاق ،حيث يمكن لها أن تقوم بإصالح ذلك
إما داخل أجل الثالثين يوما التالية للنطق بالحكم التحكيمي تلقائيا أو إما داخل نفس األجل التالية لتبليغ الحكم
14
التحكمي بناءا على طلب أصل األطراف ودون فتح أي نقاش جديد.
ومن التطبيقات العملية لهذه الحالة من حاالت بطالن حكم التحكيم ايضا ما قضت به محكمة استئناف باريس ،
من أنه تعتبر قد تجاوزت حدود مهمتها محكمة التحكيم التي تقدر التعويض الذي يلتزم به أحد الخصوم في
حين أن المهمة المسندة إليها كانت تقتصر على إصدار حكم مبدئي بتحديد أصل المسؤولية واألسس التي سيتم
15
على أساسها حساب االلتزامات المالية.
وقضت محكمة النقض المصرية على أنه" :إذا كان الحكم المطعون فيه (بالنقض) قد أبطل حكم هيئة التحكيم
ببطالن عقد شركة لعدم مشروعية الفرض منها ،وذلك بناء على مشارطة التحكيم لم تكن لتجيز ذلك ألنها
تقصر والية المحكمين على بحث المنازعات الخاصة بتنفيذ عقد الشركة ،فضال عما اعترض به أمام هيئة
16
التحكيم من النظر في الكيان القانوني لعقد الشركة ،فإن هذا الحكم ال يكون قد خالف القانون في شيء".
وفي هذا الصدد نجد أن المشرع اليمنى ألزم هيئة التحكيم بالتقيد باتفاق التحكيم وعدم الحكم بما لم يشمله
االتفاق أو بما لم يطلبه الخصوم.
ففصل المحكم في مسائل ال يشملها اتفاق التحكيم يعد مخالفا للمهمة التي عهد بها األطراف إليه في حالة
فصله في مسائل تخرج عن نطاق هذه المهمة .وهذا السبب من أسباب بطالن الحكم التحكيمي يجب أال
يختلط مع ذلك المتمثل في تجاوز المحكم لنطاق اتفاق التحكيم ،ألنه قد يحدث أن يكون االتفاق على التحكيم
عاما ،وعلى الرغم من التزام المحكم بحدود هذا االتفاق إال أن المحكمين يتصدون للفصل في مسائل وطلبات لم
يعرضها األطراف على هيئة التحكيم ،وقيام المحكمين بالحكم بما لم يطلبه الخصوم ليجعل حكم المحكم قائما
17
سبب من أسباب البطالن.
كما قد يكون الطعن بالبطالن في الحكم التحكيمي استنادا إلى اتفاق التحكيم ،قد يكون الطعن بالبطالن في
ا لحكم التحكيمي استنادا إلى بطالن إجراءات التحكيم أو بطالن الحكم التحكيمي ،وهذا ما سنتناوله في مبحثنا
هذا ،من خالل مطلبين نخصص المطلب األول حاالت الطعن بالبطالن المرتبطة بإجراءات التحكيم ،والمطلب
الثاني لحاالت الطعن بالبطالن المرتبطة بحكم التحكيم.
سنتطرق في هذا المطلب لحاالت الطعن بالبطالن المرتبطة بإجراءات التحكيم التي نص عليها المشرع المغربي
في قانون .08-05
لقد حدد المشرع المغربي كباقي التشريعات في قانون التحكيم الشروط والضوابط التي يتعين اإللتزام بها في
تشكيل هيئة التحكيم.
- 17حفيظة السيد الحداد :الموجز في النظرية العامة في التحكيم التجاري الدولي ،منشورات الجبلي الحقوقية ،الطبعة األولى،
،2004ص.190 :
41
رماح للبحوث والدراسات العدد 1أكتوبر 2020
ففي الفصل 2.327من قانون المسطرة المدنية ،بين المشرع الصور العامة والغالبة التي يكون عليها تشكيل
الهيئة التحكيمية ،فنص على أن تشكيل هيئة التحكيم يكون باتفاق من محكم واحد أو أكثر وإذا لم يتم االتفاق
بين األطراف كان العدد ثالثة ،وفي حالة تعدد المحكمين وجب أن يكون عددهم وترا.
أما في الفصل 327-5فنجد المشرع قد أرسى مبدأ عام وهو أن لطرفي التحكيم االتفاق على اختيار المحكمين
وعلى كيفية اختيارهم ،أما في حالة عدم اتفاق بين األطراف على كيفية اختيار المحكمين فقد وضع المشرع
إجراءات خاصة يجب اتبعها.
وبالرجوع على الفصل 320نجد الشروط الالزم توافر في شخص المحكم إذ ينص هذا الفصل على أنه يشترط
في المحكم أن يكون كامل األهلية لم يسبق أن صدر عليه حكم نهائي أو من أجل ارتكاب أفعال تجل بالشرق
أو صفات االستقامة أو اآلداب العامة أو الحرمان من أهلية ممارسة التجارة أو من حقوقه المدنية.
باستقراءنا لهذه الفصول والتمعن في معانيها يمكن الخروج باستنتاج عام مفاده أن لتشكيل هيئة التحكيم صور
وطرق متعددة ،يتفق عليها األطراف ويحددونها في صلب اتفاق التحكيم فقد يتفق األطراف على أن يعهدوا
بالتحكيم إلى محكم فرد أو عدد من المحكمين ،والشك أن االختيار المباشر للمحكمين من قبل األطراف يعد
أقرب صورة للتحكيم ،وفي حالة عدم اتفاق األطراف على صورة من هذه الصور فإن المحكمة المختصة هي
التي تتولى تعيين المحكم أو المحكمين بناء على طلب األطراف أو أحدهم أو تعيين الجهة التي يتفق األطراف
أنم لها سلطة تعيين المحكم في حالة عدم اتفاقهم على تعيينه.
وسواء اكان المحكم اتفاقيا أم قضائيا ،فردا أم عددا من المحكمين فيشترط فيه احترام مقتضيات الفصل 320
ق.م.م.
وعليه فإنه يمكننا تعداد بعض الحاالت التي يكون فيها الطعن بالبطالن ممكنا استنادا إلى بطالن إجراءاته
وهي:
* حالة عدم االلتزام بالشكل العام المطلوب في هيئة التحكيم ،كما لو كان عدد المحكمين زوجيا ،إذ ال يتصور
سواء من الناحية القانونية أو الواقعية أن يكون عدد المحكمين زوجيا ،لذلك نجد المشرع قد نص على هذا المبدأ
حيث اشترط في الفقرة ( )3من الفصل 327-2أنه" :في حالة تعدد المحكمون وجب أن يكون عددهم وث ار وإال
كان التحكيم باطال" ،وكذلك الفصل 327-22حيث اشترط المشرع أن يصدر التحكيم بأغلبية األصوات وذلك
إعماال للفصل .327-2
42
رماح للبحوث والدراسات العدد 1أكتوبر 2020
* حالة عدم صالحية الشخص الذي تم اختياره ألن يكون محكما كما لو كان هذا الشخص قاص ار أو محجو ار
عليه أو محروما من ممارسة التجارة أو حق من حقوقه المدنية أو صدر عليه حكم نهائي باإلدانة في الجرائم
التي حددها المشرع ،وزاد المشرع المصري عن المشرع المغربي في المادة " "16من قانون التحكيم المصري
عبارة ما لم يرد إليه اعتباره ليكون بذلك المشرع المصري أكثر دقة من نظيرة المغربي.
* البطالن يرجع الى كيفية اختيار المحكمين ،كما لو عين أحد الطرفين المحكم الوحيد الذي تتشكل من هيئة
التحكيم أو إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثالث محكمين وعين أحد الطرفين محكما دون الطرف اآلخر،أو
عينت المحكمة أو المحكم دون االلتزام بالضوابط المقررة قانونا أو اتفاقا من طرف األطراف.
* حالة عدم إفصاح المحكمين أثناء تعيينه عن كل ما يمس حيدته أو استقالله فإن هذا يؤدي والحالة هذه إلى
إمكانية الطعن بالبطالن في الحكم التحكيمي أما في حالة إفصاح المحكم بعد تعيينه عن كل ما يمس حياده أو
استقالله وارتضاء األطراف بذلك فإنه يعد من وجهة نظرنا بمثابة تطهير العيب وبالتالي عدم إمكانية تصور
البطالن.
يظهر مما سلف أن هناك نصوص مقررة تكمل إرادة األطراف ،ونصوص آمرة سطرها المشرع تعد من النظام
العام ال يجب الحيدة عنها ،وذلك كاستلزام وترية العدد واشتراط اكتمال أهلية المحكم وعدم وجود ما يحرمه من
حقوقه المدنية أو أهلية ممارسة التجارة أو صدر عليه حكم نهائي في الجرائم.
الحالة الثانية :استبعاد تطبيق القانون المتفق على تطبيقه على موضوع النزاع.
لقد اعتبر المشرع المغربي استبعاد تطبيق القانون المتفق عليه بين األطراف على تطبيقه على موضوع النزاع من
األسباب الموجبة للبطالن ،وذلك في الفقرة السابعة من الفصل 327-36من قانون ،08-05وتعد هذه الحالة
من أرقى صور التحكيم والتي يظهر فيها بجالء مبدأ سلطان اإلدارة والذي يتواءم وطبيعة التحكيم االتفاقية.
فبالرجوع إلى الفصل 327/18نجد المشرع يتحدث وبصراحة عن هذا المبدأ الراسخ في قانون التحكيم والذي
18
فتتمثل مقتضياته في التزام الهيئة التحكيمية على تطبيق القواعد القانونية التي نصت عليه غالبية التشريعات ،
اتفق األطراف على تطبيقها على موضوع النزاع ،أما في حالة عدم اتفاقهم على ذلك فإن الهيئة التحكيمية تطبق
على موضوع النزاع القواعد القانونية التي ترى أنه األكثر اتصاال على النزاع ،وعليها في جميع األحوال أن
- 18وردت هذه الحالة في المادة 53من قانون التحكيم المصري التي نصت على جواز رفع دعوى بطالن حكم التحكيم إذا
استبعد "تطبيق القانون الذي اتفق األطراف على تطبيقه على موضوع النزاع".
43
رماح للبحوث والدراسات العدد 1أكتوبر 2020
تراعي شروط العقد موضوع النزاع وتأخذ بعين االعتبار األعراف التجارية والعادات وما جرى عليه التعامل بين
الطرفين ،وإذا اتفق طرفا التحكيم صراحة على تفويض هيئة التحكيم صفة وسطاء بالتراضي .تفصل في هذه
الحالة في موضوع النزاع بناء على قواعد العدالة واإلنصاف دون التقيد بالقانون.
والغرض من ذلك أن يحترم المحكم القانون الموضوعي الذي حدده الطرفان في اتفاق التحكيم للتطبيق على
موضوع النزاع ،ويفترض ذلك تعلق النص بالتحكيم والقضاء حيث يكون المحكم مقيدا بقانون إرادة الطرفين إن
إذا استبعد تطبيق هذا القانون فإنه يكون قد جاوز حدود مهمته حين يبنى حكمه على قانون وجد ،بحيث
موضوعي آخر مما يستتبع بطالن هذا الحكم.
وإذا أرجعنا البصر وأمعنا النظر في مفهوم االستبعاد الذي أشار إليه الفصل 327-36في فقرته الثالثة البند
السابع ،فيمكننا طرح اإلشكال اآلتي :ماذا يقصد المشرع باالستبعاد؟ فهل يقصد له ترك المحكم للقانون المتفق
عليه بين األطراف واألخذ بقانون آخر؟ كما هو الشأن في حالة تفويض المحكم صفة وسيط بالتراض فقام
بتطبيق القانون دون قواعد العدالة واإلنصاف ،أم أن الخطأ في التفسير والتأويل يعد من قبيل االستبعاد.
في هذا اإلطار ذهب بعض الفقه المصري إلى القول بأن تشويه نصوص قانون اإلرادة الواجب تطبيقه على
موضوع النزاع هو معادل لعدم إعماله.
وقد سار الدكتور عيد محمد القصاص في نفس االتجاه إذ يقول أنه ال يهم في تحقيق سبب البطالن أي قانون
طبقته بعد أن استبعد القانون الذي اتفق عليه الخصوم على تطبيقه على موضوع النزاع ،مما يسمح الطعن
بالبطالن سواء طبقت على هذا النزاع قانون آخر أو فصلت فيه على مقتضى العدالة واإلنصاف دون التقيد
بقواعد القانون الذي اتفق األطراف على تطبيقه.
وبدورنا فإننا نؤيد هذا الطرح الذي جاء به الفقه المصري لوجاهته القانونية ولقوة علله ،وبالتالي القول بأن الخطأ
في التفسير وتأويل إرادة األطراف يعادل االستبعاد فهو من جهة يوسع من حالة البطالن في الحكم التحكيمي،
ومن جهة ثانية يشكل قيد على سلطات المحكم ،ومن جهة ثالثة يدعم الثقة في مؤسسة التحكيم وبالتالي تشجيع
إقبال الناس عليه .
حق الدفاع هو حق إجرائي أصيل يتمثل في مجموعة من الضمانات اإلجرائية التي تتيح للخصم تقديم وجهة
نظره في الخصومة التي يكون طرفا فيها وأن يناقش ما قدم فيها من عناصر قانونية وواقعية.
44
رماح للبحوث والدراسات العدد 1أكتوبر 2020
ولحق الدفاع بهذا المعنى جوانب كثيرة فهو يشمل حق الخصم في العلم بإجراءات وعناصر الخصومة وحقه في
الحضور والدفاع عن وجهة نظره وحقه في االستعانة بمحام يعبر عن وجهة نظره القانونية في الدعوى وحقه في
الوقوف على األسباب التي بني عليها القاضي حكمه إلى غير ذلك من الجوانب المتعددة لحق الدفاع.
وقد نص المشرع المغربي على هذا الحق في القانون 08 -05المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية في عدة
فصول من بينها الفقرة الثالثة من الفصل ":327 -10يعامل أطراف التحكيم على قدم المساواة وتهيئ لكل منهم
فرصة كاملة ومتكافئة لعرض دعواه ودفوعاته وممارسة حقه في الدفاع" .والفصل 327 -14الذي يبين كيفية
تبادل األطراف العلم بشأن ما يستند كل واحد منهم من أدلة ومستندات ،وإذ ينص على أن المدعي يرسل خالل
الميعاد المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعينه هيئة التحكيم للمدعي عليه وإلى كل واحد من المحكمين بمذكرة
مكتوبة تتضمن عالوة على البيانات الشخصية لألطراف ،بيان الوقائع الدعوى والمسائل محل النزاع وطلباته،
وبالمقابل يجب على المدعي عليه إرسال مذكرة جوابية مكتوبة بدفاعه ،ردا على ما جاء بمذكرة الدعوى،
وأعطى المشرع هنا لكل من الطرفين أن يرفق بمذكرة دعواه أو بمذكرة دفاعه الوثائق وأدلة اإلثبات التي يعتزم
تقديمها ،وعالوة على ذلك فإنه ترسل صورة مما يقدمه األطراف إلى هيئة التحكيم من مذكرات أو مستندات أو
أوراق أخرى إ لى الطرف اآلخر ،كما يجب أن ترسل إلى كل من الطرفين صورة من كل ما تقدم إلى هيئة
التحكيم من تقارير الخبراء وغيرها من األدلة مع منحهم أجال لتقديم ما لديهم من ردود ومالحظات وتقوم هيئة
التحكيم بعد ذلك بعقد جلسات المرافعة لتمكن أطراف النزاع من شرح موضوع الدعوى وبالتالي عرض حججه
وأدلته ،ونص المشرع على االكتفاء بتقديم المذكرات والوثائق المكتوبة ما لم يتفق أطراف النزاع على خالف ذلك
ويتم إخبار األطراف بهذه الجلسات قبل انعقادها بوقت كاف ال يقل عن خمسة أيام وتسلم إليهم صورة من
محاضرها.
ونجد المشرع المصري قد أخذ بنفس المبدأ وذلك بنصه في المادة 1/53من قانون التحكيم على عدم قبول
دعوى بطالن حكم المحكم إال إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعالنه إعالنا صحيحا
بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم ألي سبب آخر خارج عن إرادته .وما تنص عليه هذه المادة هو بعينه حق
الدفاع وضرورات احترامه ،وذلك يرجع إلى أن المحكم رغم اإلطار التعاقدي األصلي الذي يعمل في ظله يعد
ويقوم بنفس الدور الذي يقوم به قاضي الدولة عند الفصل في المنازعات بمثابة قاضي يؤدي ذات الوظيفة
ويتقيد ببعض المبادئ األساسية التي تنظم الخصومة المدنية أمام المحاكم وفي مقدمتها احترام حقوق الدفاع .
45
رماح للبحوث والدراسات العدد 1أكتوبر 2020
إذا كان وجود التحكيم يتحقق بوجود عقد اتفاق تحكيمي أو شرط التحكيم في العقل فإن نتيجة التحكيم تظهر
بصدور حكم تحكيمي.
وقبل التطرق لتعريف الحكم التحكيمي أو أحكام التحكيم كان من المفيد التطرق إلى الخالف اللغوي حول تسمية
حكم المحكمين بالقرار التحكيمي ،أو المقرر التحكيمي ،أو الحكم التحكيمي ،وهذه التسميات هي مجرد تسميات
لمسمى واحد ،إال أن هناك من الفقه يحبذ تسميته بالقرار التحكيمي لتمييزه فقط عن الحكم القضائي)]32[ ( .
ويمكن تعريف أحكام التحكيم بأنها تشمل جميع الق اررات الصادرة عن المحكم والتي تفصل بشكل قطعي في
المنازعة المعروضة عليه ،سواء أكانت أحكاما كلية تفصل في موضوع المنازعة ككل أم أحكام تفصل في شق
منها ،سواء تعلقت هذه الق اررات بموضوع المنازعة باالختصاص أو بمسألة تتعلق باإلجراءات التي أدت إلى
الحكم بإنهاء الخصومة.
في الحكم التحكيمي في وبالرجوع الى المشرع المغربي في ق.م.م نجده قد حصر حاالت الطعن بالبطالن
الفقرة الثالثة (البند 4و )6من الفصل ،36-327فالبند الرابع الذي يجيز الطعن بالبطالن إذا لم تحترم
مقتضيات الفصلين 23-327الفقرة الثانية ،والفصل 24-327فيما يخص أسماء المحكمين وتاريخ الحكم
التحكيمي في الفصل ( 25-327الحالة األولى) ،أما البند السادس من الفصل 36-327في فقرتها الثالثة
الذي يجيز الطعن بالبطالن إذا صدر الحكم التحكيمي خالفا لقاعدة من قواعد النظام العام (الحالة
الثانية) .
لقد حدد المشرع المغربي في ق.م.م .المعدل بقانون 08-05الشكليات والبيانات التي يجب توفرها في الحكم
التحكيمي وذلك في الفصول 23-327إلي.25- 327
وباستقرائنا لهذه الفصول نجد المشرع قد قصر الطعن بالبطالن على الحكم التحكيمي في حالة عدم احترامه
لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 23-327والفصل 24-237فيما يخص فقط أسماء المحكمين وتاريخ
الحكم التحكيمي إضافة إلى الفصل .25-327
46
رماح للبحوث والدراسات العدد 1أكتوبر 2020
وبالرجوع إلى الفقرة الثانية من الفصل 23-327نجدها تنص على مايلي" :يجب أن يكون الحكم التحكيمي
معلال ما لم يتم إتفاق األطراف على خالف ذلك في اتفاق التحكيم ،أو كان القانون الواجب التطبيق على مسطرة
التحكيم ال يشترط تعليل الحكم".
وبناء على ذلك يتضح أن المبدأ هو وجوب تعليل اإلطار التحكيمي ما لم يتفق األطراف على عدم صدورها
معللة أو كان القانون الواجب التطبيق على مسطرة التحكيم ال يشترط التعليل ،وذلك مع مراعاة االستثناء الوارد
في الفقرة الثالثة من نفس الفصل والتي تقضي بأنه يجب دائما تعليل الحكم التحكيمي المتعلق بنزاع يكون أحد
األشخاص من الخاضعين للقانون العام طرفا فيه.
على أنه ال يكفي العتبار حكم التحكيم مؤيد بأي سبب من األسباب كيفما كانت بل يجب أن تكون علل الحكم
كافية فضال على أن تكون متسقة فيما بينها وبين منطوق الحكم ،ومن جهة أخرى يجب أن يكون التعليل مساي ار
للمنطق أي من شأنه أن يؤدي إلى الحكم الذي انتهت اليه هيئة التحكيم .
بيد أن المالحظ أن القضاء الفرنسي قد أبدى شامال كبي ار فيها يتعلق بالمواصفات التي يجب أن تتوافر في
تنسيق حكم التحكيم وال سيما شرط منطقية األسباب فقد استق ار القضاء الفرنسي على أن محكمة االستئناف
عندما يقضي أمامها بالبطالن على حكم من أحكام التحكيم فإنها ال تراقب صحة أسباب الحكم وإنما يقتر دورها
على مراقبة وجود هذه األسباب.
وبالرجوع إلى المشرع المغربي نجده يجيز إضافة إلى ذلك إمكانية الطعن بالبطالن على الحكم التحكيمي في
حالة عدم احترام مقتضيات الفصل 24 -327فيما يخص فقط أسماء المحكمين وتاريخ الحكم التحكيمي ،
ونؤيد هذا النهج الذي سار عليه المشرع وذلك باعتبار أن إغفال تضمين الحكم التحكيمي البيانات من قبيل
أسماء الحضور وعناوينهم ...ال يؤدي إلى اإلضرار باألطراف ومصالحهم على خالف عدم ذكر أسماء
المحكمين وتاريخ الحكم التحكيمي والتي تعد من البيانات األساسية التي تتعلق بمصلحة األطراف في الدعوى
بشكل مباشر.
إضافة إلى كل هذا نجد عدم احترام مقتضيات الفصل 25 -327ينهض بدوره سببا للطعن بالبطالن عن
الحكم التحكيمي ،إذ نستشف من مقتضياته على أن عدم توقيع الحكم من قبل جميع المحكمين يجعله معرضا
للبطالن ،غير أنه في حالة رفض األقلية التوقيع في حالة تعدد المحكمين ،فإن األغلبية تقوم بتوقيع الحكم
التحكيمي وبيان أسباب ذلك ،حيث يكون الحكم والحالة هاته ولو كان موقعا من لدن كل محكم من المحكمين.
47
رماح للبحوث والدراسات العدد 1أكتوبر 2020
وما يالحظ على المشرع المغربي في هذا الفصل أنه لم يبين لنا مكان وكيفية التوقيع وبالتالي يكون هنا الوضوح
والبساطة والدقة مطلوبين والغموض والتعقيد مكروهين إلى حد كبير ،وبالتالي يمكن القول على أن التوقيع يجب
أن يأتي في أسفل الورقة وأن يكون يدويا.
طبقا لنص الفصل 327 -36في فقرته الثالثة البند السادس فإن الحكم التحكيمي يكون عرضة للطعن
بالبطالن إذا خالف قاعدة من قواعد النظام العام.
ونفس النهج نهجه المشرع اللبناني في المادة 2/800من أصول المحاكمات المدنية الذي نص على أن من
أسباب االستئناف اإلبطال وهو مخالفة القرار لقاعدة وتتعلق بالنظام العام.
وال شك أن مخالفة القرار التحكيمي لقاعدة موضوعية تتعلق بالنظام العام أو لضمانة أساسية من الضمانات
التي يعطيها القانون للخصم للدفاع عن حقه ،فمثل هذا العيب يجعل للمجتمع مصلحة يتوجب معها توفير سبيل
للطعن أمامه دون االعتداد باالتفاق المسبق على عدم الطعن باعتبار أن المصالح الفردية ال يجوز أن تتقدم
أمام المصلحة العامة.
والنظام العام فكرة يستعصي على الفقه أن يجد لها مدلوال موحدا والسبب في هذا ما يثيره مضمونه من ضوابط
تختلف حسب الزمان والمكان ،ولهذا فإن منظور النظام العام ال يستقر على حال ،بل هو يختلف ويتطور
مضمونه عند تطبيقها ،وهذا ما يثير الخالف في تحديد مفهومه ويطرح إشكاليات في الواقع العلمي إذا تعلق
بعالقة ذات عنصر أجنبي.
ويمكن تعريف النظام العام بأنه مجموعة المصالح العليا األساسية التي يقوم عليها بنيان المجتمع وكيانه المادي
19
سواء من الناحية السياسية أو االقتصادية أو االجتماعية.
وفي هذا الصدد يقول الدكتور عبد الرزاق السنهوري ":يكاد القاضي أن يكون مشرعا في هذه الدائرة المرنة ،بل
هو المشرع يتقيد بآداب عصره ونظم أمته األساسية ومصالحها العامة.20 "...
- 19أستاذنا إدريس الفاخوري ،المدخل لدراسة القانون الوضعي ،مطبعة الجسور ،وجدة ،الطبعة ،2004ص.106 :
- 20عبد الرزاق السنهوري ،نظرية العقد ،المجمع العربي اإلسالمي ،منشورات محمد الراية ،مطبعة دار الكتاب المصرية،
بيروت /لبنان ،الجزء األول 6 ،نونبر ،1934ص.493 :
48
رماح للبحوث والدراسات العدد 1أكتوبر 2020
وبالرجوع إلى الفصل 327 /36نجدها تنص على أن محكمة االستئناف التي تنظر في الطعن بالبطالن تحكم
من تلقاء نفسها ببطالن الحكم التحكيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام في المملكة المغربية."...
وما يجب التأكيد عليه في هذا الخصوص هو أن بطالن الحكم التحكيمي لمخالفته لقاعدة من قواعد النظام
العام ،يفترض وقوع المخالفة فيما قضى به الحكم ذاته حتى يمكن تأسيس دعوى البطالن على نص الفصل
327 -36الفقرة السادسة .أما بطالن الحكم التحكيمي لمخالفة النظام العام حالة كون موضوع النزاع من
المسائل التي ال يجوز التحكيم فيها 21فإن دعوى البطالن في هذه الحالة تؤسس على نص الفصل 327 -36
الفقرة الثالثة ،والتي يجيز الطعن بالبطالن إذا كان اتفاق التحكيم باطال.
خاتمة:
هكذا يتضح من كل ما سبق أن األحكام التحكيمية التي تصدر طبقا للقانون المغربي ال تقبل الطعن فيها بأي
طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في ق.م.م كما أشار إليها الفصل ،34-327إال فيما يخص طلب
إبطاله بدعوى مبتدأة إذا ما توافرت الحاالت السالفة الذكر والتي هي واردة على سبيل الحصر ،ولقد أسند
المشرع المغربي االختصاص لمحكمة االستئناف وللنظر في دعوى البطالن بصفة استعجالية في األحكام التي
صدرت في دائرتها.
أما عن أطراف دعوى البطالن فإنه يعود رفع الدعوى لصاحب المصلحة التي كان طرفا في الخصومة وله
الصفة أو ال يحول دون قبول دعوى البطالن ،نزول المدعي عن حقه في رفعها قبل صدور الحكم ،وذلك حماية
للطرف الضعيف في العالقة القانونية.
على أنه إذا تعلق البطالن بالنظام العام ،بمعنى أن المصلحة المقصود حمايتها هي مصلحة عامة وليست
خاصة باألفراد فقط ،فإنه يحق ألي من الخصوم التمسك به ،ويجب على المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها،
وما يؤكد أو يؤيد قولنا هذا هو نص الفصل .4-36-327على أنه " :تحكم محكمة االستئناف التي تنظر في
الطعن بالبطالن من تلقاء نفسها ببطالن حكم التحكيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام في المملكة المغربية أو
إذا وجدت موضوع النزاع من المسائل التي ال يجوز التحكيم فيها".
أما فيما يخص أجل رفع دعوى البطالن ،فيمكن رفع الدعوى بمجرد صدور الحكم التحكيمي ،وال يتم قبولها إذا
لم تقدم داخل أجل 15يوما من تبليغ الحكم التحكيمي ،المذيل بالصيغة التنفيذية ،وتبث محكمة االستئناف طبق
لمسطرة االستعجال.
ويترتب على رفع دعوى البطالن وقف تنفيذ الحكم التحكيمي ،كما توقف ممارسة هذا الطعن داخل أجل تنفيذ
الحكم التحكيمي.
50