Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 9

‫قراءة يف مشارطة التحكيم‬

‫احممد البنيحيايت‬

‫احملامي هبيئة احملامني ابلناظور‬ ‫ﻗﺮﺍءﺓ ﻓﻲ ﻣﺸﺎﺭﻃﺔ ﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻢ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬


‫ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ‪ -‬ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻷﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻭﺯﻳﺎﻥ‬ ‫مقدمة‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﺍﻟﺒﻨﻴﺤﻴﺎﺗﻲ‪ ،‬ﺍﻣﺤﻤﺪ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫إن االتفاق الذي يلتزم مبوجبه املتعاقدان اباللتجاء إىل التحكيم لعرض ما قد ينشا بينهما من نزاع يف معاملة مدنية‪،‬‬
‫ﻉ‪4‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫القضاء يسمى شرط التحكيم‪ ،‬وقد خيلو العقد من هذا الشرط فيتفق أطراف النزاع على‬ ‫أو إدارية دون اللجوء إىلﻧﻌﻢ‬ ‫جتارية‬
‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫تسمى مبشارطة التحكيم‪ .‬فماهي مشارطة التحكيم؟ وما هي طبيعتها القانونية؟ ونشأهتا؟‬‫ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬حدوث النزاع ‪2012‬‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ وثيقة بعد‬
‫تنظيم‬
‫وحتديد مدى واليتها‪ ،‬وبيان مكان التحكيم وزمانه‪ ،‬وتقرير اإلجراءات اليت تتبعها والقواعد‬
‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪ :‬تشكيل هيئة التحكيم‪ ،‬ﻣﺎﻳﻮ‬
‫وكيفية‬
‫‪81 - 87‬‬
‫احملكمني‪ ،‬فضال عن آاثر مشارطة التحكيم‪ ،‬أمور قد تبسطها هذه الورقة اليت سأتلوها‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪ :‬الواجبة التطبيق وأجور‬
‫املوضوعية‬
‫‪591654‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫على مسامعكم حتت عنوان " مشارطة التحكيم "‪.‬‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫‪IslamicInfo‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬التعريف‪:‬‬
‫ﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ‪ ،‬ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻢ‪ ،‬ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫‪ http://search.mandumah.com/Record/591654‬يكمن يف خلو الساحة القانونية‬
‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬إن أصعب مهمة تعرتض الباحث القانوين هي التعريفات‪ ،‬وذلك لسبب بسيط‬
‫واملكتبة من املنجد القانوين من جهة‪ ،‬ولتجدد االجتهادات القضائية من جهة أخرى يف النازلة الواحدة بني الفينة‬
‫واألخرى‪ ،‬فضال عن خلو النصوص القانونية منها‪.‬‬

‫فتعريف املشارطة ينقسم إىل قسمني‪ :‬قسم فقهي وقسم تشريعي وذلك على النحو التايل‪:‬‬

‫املشارطة‪ :‬مفاعلة من التشارط بني طريف العقد‪ ،‬مأخوذة من مادة "الشرط" ومعناه‪ :‬إلزام الشيء والتزامه يف البيع‬
‫وحنوه‪ ،‬واجلمع شروط (‪ )1‬يقال شارطه وشرط له‪" ،‬والشرط ابلتحريك‪ :‬العالمة‪ ،‬واجلمع " أشراط" ومنه قوله تعاىل‪ " :‬فَ َق ْد‬
‫َجاءَ أَ ْشَراطُ َها " (‪ )2‬أي جاء للساعة عالماهتا‪.‬‬

‫وجاء يف كتاب العني لإلمام الفراهيدي ابب الشني والطاء والراء‪ :‬الشرط‪ :‬معروف يف البيع والفعل شارطه فشرط على‬
‫كذا وكذا‪ ،‬يشرط له (‪.)3‬‬

‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬الثالث صفحة‪ 024‬مادة شرط‬


‫صادر اجلزء‬ ‫منظور دار‬ ‫‪1‬‬
‫ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ‬ ‫البنﺟﻤﻴﻊ‬ ‫لسان العرب‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬ ‫(©)‪2023‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫(‪ )2‬سورة حممد اآلية‪. 11‬‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬
‫(‪ )3‬كتاب‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬العني لإلمام الفراهيدي دار الرشد للنشر اجلزء السادس صفحة‪230.‬‬
‫‪18‬‬
‫قراءة يف مشارطة التحكيم‬

‫احممد البنيحيايت‬

‫ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬
‫ابلناظور‬ ‫ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ‬
‫هبيئة احملامني‬ ‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ احملامي‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬
‫ﺍﻟﺒﻨﻴﺤﻴﺎﺗﻲ‪ ،‬ﺍﻣﺤﻤﺪ‪ .(2012) .‬ﻗﺮﺍءﺓ ﻓﻲ ﻣﺸﺎﺭﻃﺔ ﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻢ‪.‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ‪ -‬ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻷﻋﺪﺍﺩ‬ ‫مقدمة‬
‫ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ‪ ،‬ﻉ‪ .87 - 81 ،4‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ‪591654/Record/com.mandumah.search//:http‬‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪MLA‬‬
‫إن االتفاق الذي يلتزم مبوجبه املتعاقدان اباللتجاء إىل التحكيم لعرض ما قد ينشا بينهما من نزاع يف معاملة مدنية‪،‬‬
‫ﺍﻟﺒﻨﻴﺤﻴﺎﺗﻲ‪ ،‬ﺍﻣﺤﻤﺪ‪" .‬ﻗﺮﺍءﺓ ﻓﻲ ﻣﺸﺎﺭﻃﺔ ﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻢ‪".‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ‪ -‬ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻷﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔﻉ‪4‬‬
‫فيتفق أطراف النزاع على‬ ‫القضاءﻣﻦيسمى شرط التحكيم‪ ،‬وقد خيلو العقد من هذا الشرط‬
‫‪591654/Record/com.mandumah.search//:http‬‬ ‫ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ‬ ‫اللجوء إىل‬ ‫)‪:(2012‬دون‬
‫‪.87 - 81‬‬ ‫جتارية أو إدارية‬
‫تنظيم وثيقة بعد حدوث النزاع تسمى مبشارطة التحكيم‪ .‬فماهي مشارطة التحكيم؟ وما هي طبيعتها القانونية؟ ونشأهتا؟‬
‫وكيفية تشكيل هيئة التحكيم‪ ،‬وحتديد مدى واليتها‪ ،‬وبيان مكان التحكيم وزمانه‪ ،‬وتقرير اإلجراءات اليت تتبعها والقواعد‬
‫املوضوعية الواجبة التطبيق وأجور احملكمني‪ ،‬فضال عن آاثر مشارطة التحكيم‪ ،‬أمور قد تبسطها هذه الورقة اليت سأتلوها‬
‫على مسامعكم حتت عنوان " مشارطة التحكيم "‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التعريف‪:‬‬

‫إن أصعب مهمة تعرتض الباحث القانوين هي التعريفات‪ ،‬وذلك لسبب بسيط يكمن يف خلو الساحة القانونية‬
‫واملكتبة من املنجد القانوين من جهة‪ ،‬ولتجدد االجتهادات القضائية من جهة أخرى يف النازلة الواحدة بني الفينة‬
‫واألخرى‪ ،‬فضال عن خلو النصوص القانونية منها‪.‬‬

‫فتعريف املشارطة ينقسم إىل قسمني‪ :‬قسم فقهي وقسم تشريعي وذلك على النحو التايل‪:‬‬

‫املشارطة‪ :‬مفاعلة من التشارط بني طريف العقد‪ ،‬مأخوذة من مادة "الشرط" ومعناه‪ :‬إلزام الشيء والتزامه يف البيع‬
‫وحنوه‪ ،‬واجلمع شروط (‪ )1‬يقال شارطه وشرط له‪" ،‬والشرط ابلتحريك‪ :‬العالمة‪ ،‬واجلمع " أشراط" ومنه قوله تعاىل‪ " :‬فَ َق ْد‬
‫َجاءَ أَ ْشَراطُ َها " (‪ )2‬أي جاء للساعة عالماهتا‪.‬‬

‫وجاء يف كتاب العني لإلمام الفراهيدي ابب الشني والطاء والراء‪ :‬الشرط‪ :‬معروف يف البيع والفعل شارطه فشرط على‬
‫كذا وكذا‪ ،‬يشرط له (‪.)3‬‬

‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬الثالث صفحة‪ 024‬مادة شرط‬


‫صادر اجلزء‬ ‫منظور دار‬ ‫‪1‬‬
‫ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ‬ ‫البنﺟﻤﻴﻊ‬ ‫لسان العرب‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬ ‫(©)‪2023‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫(‪ )2‬سورة حممد اآلية‪. 11‬‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬
‫(‪ )3‬كتاب‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬العني لإلمام الفراهيدي دار الرشد للنشر اجلزء السادس صفحة‪230.‬‬
‫‪18‬‬
‫قراءة يف مشارطة التحكيم‬

‫احممد البنيحيايت‬

‫احملامي هبيئة احملامني ابلناظور‬

‫مقدمة‬

‫إن االتفاق الذي يلتزم مبوجبه املتعاقدان اباللتجاء إىل التحكيم لعرض ما قد ينشا بينهما من نزاع يف معاملة مدنية‪،‬‬
‫جتارية أو إدارية دون اللجوء إىل القضاء يسمى شرط التحكيم‪ ،‬وقد خيلو العقد من هذا الشرط فيتفق أطراف النزاع على‬
‫تنظيم وثيقة بعد حدوث النزاع تسمى مبشارطة التحكيم‪ .‬فماهي مشارطة التحكيم؟ وما هي طبيعتها القانونية؟ ونشأهتا؟‬
‫وكيفية تشكيل هيئة التحكيم‪ ،‬وحتديد مدى واليتها‪ ،‬وبيان مكان التحكيم وزمانه‪ ،‬وتقرير اإلجراءات اليت تتبعها والقواعد‬
‫املوضوعية الواجبة التطبيق وأجور احملكمني‪ ،‬فضال عن آاثر مشارطة التحكيم‪ ،‬أمور قد تبسطها هذه الورقة اليت سأتلوها‬
‫على مسامعكم حتت عنوان " مشارطة التحكيم "‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التعريف‪:‬‬

‫إن أصعب مهمة تعرتض الباحث القانوين هي التعريفات‪ ،‬وذلك لسبب بسيط يكمن يف خلو الساحة القانونية‬
‫واملكتبة من املنجد القانوين من جهة‪ ،‬ولتجدد االجتهادات القضائية من جهة أخرى يف النازلة الواحدة بني الفينة‬
‫واألخرى‪ ،‬فضال عن خلو النصوص القانونية منها‪.‬‬

‫فتعريف املشارطة ينقسم إىل قسمني‪ :‬قسم فقهي وقسم تشريعي وذلك على النحو التايل‪:‬‬

‫املشارطة‪ :‬مفاعلة من التشارط بني طريف العقد‪ ،‬مأخوذة من مادة "الشرط" ومعناه‪ :‬إلزام الشيء والتزامه يف البيع‬
‫وحنوه‪ ،‬واجلمع شروط (‪ )1‬يقال شارطه وشرط له‪" ،‬والشرط ابلتحريك‪ :‬العالمة‪ ،‬واجلمع " أشراط" ومنه قوله تعاىل‪ " :‬فَ َق ْد‬
‫َجاءَ أَ ْشَراطُ َها " (‪ )2‬أي جاء للساعة عالماهتا‪.‬‬

‫وجاء يف كتاب العني لإلمام الفراهيدي ابب الشني والطاء والراء‪ :‬الشرط‪ :‬معروف يف البيع والفعل شارطه فشرط على‬
‫كذا وكذا‪ ،‬يشرط له (‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬لسان العرب البن منظور دار صادر اجلزء الثالث صفحة‪ 024‬مادة شرط‬
‫(‪ )2‬سورة حممد اآلية‪. 11‬‬
‫(‪ )3‬كتاب العني لإلمام الفراهيدي دار الرشد للنشر اجلزء السادس صفحة‪230.‬‬
‫‪18‬‬
‫واملشارطة موضوع الدراسة هي املقرتنة ابلتحكيم‪ ،‬أي إرادة املتعاقدين على االلتزام أبمر مل يوجد يف العقد الذي حصل‬
‫بينهما‪ ،‬مما جيعلهما حيققان نفعا ومصلحة هلما على اخلصوص‪.‬‬

‫وقد عرفها الفقيه أمحد أبو الوفا بقوله‪ :‬اتفاق بني األطراف احملتكمني "أطراف االتفاق على التحكيم " والذين نشأ‬
‫ابلفعل نزاعا بينهم حلظة إبرام االتفاق على التحكيم ابلفصل فيه بواسطة هيئة حتكيم تتشكل من أفراد عاديني أو هيئات‬
‫غري قضائية‪ ،‬دون احملكمة املختصة أصال بتحقيقه والفصل يف موضوعه (‪.)0‬‬

‫وعرفها الفقيه فتحي وايل أبن مشارطة التحكيم ‪ Le compromis‬هي االتفاق الذي يتم بني الطرفني بعد قيام‬
‫النزاع بينهما لعرض هذا النزاع على التحكيم‪ ،‬ويسميه أحياان "وثيقة التحكيم اخلاصة " (‪.)5‬‬

‫من خالل ما تقدم من تعريفات‪ ،‬سوف تالحظون أن املشارطة مقرونة ابلتحكيم مما ال ميكن معه نسيان هذا املفهوم‬
‫من التعريف‪ ،‬فالتحكيم أو ما يقابله ابللغة اإلجنليزية ‪ Arbitration‬من أهم املصطلحات واملفاهيم الرائجة يف أوساط‬
‫األعمال واالقتصاد والتجارة الدولية اليت يتم تداوهلا والتفاعل معها على نطاق واسع‪ ،‬فكلمة "حكم" احلاء والكاف وامليم‬
‫أصل واحد وهو املنع (‪ ،)6‬ومنه اشتقت الكلمات‪ :‬احلكم ‪-‬احلكمة ‪-‬احلكمة‪ .‬واحملكم (بفتح الكاف وكسرها) املنصف‬
‫لنفسه (‪.)7‬‬

‫وعرف الفقهاء "التحكيم" اصطالحا أبنه تولية اخلصمني حاكما حيكم بينهما (‪ )1‬وعرفه األستاذ فتحي وايل أبنه نظام‬
‫قانوين يتم بواشه الفصل حبكم ملزم يف نزاع قانوين بني طرفني أو أكثر بواسطة شخص أو أشخاص من الغري يستمدون‬
‫مهمتهم من اتفاق أطراف النزاع (‪.)9‬‬

‫ثانيا‪ :‬موقف املشرع املغربي‪:‬‬

‫لقد أورد قانون املسطرة املدنية فصلني جديدين ومها ‪ 310‬و‪ 315‬لعقد التحكيم‪ ،‬إذ نص يف الفصل ‪ 310‬إىل تعريفه‬
‫قائال‪ " :‬عقد التحكيم هو االتفاق الذي يلزم أطراف نزاع نشأ بينهم لعرض هذا النزاع على هيأة حتكيمية‪.‬‬

‫فعقد أو اتفاق التحكيم هو اتفاق اخلصوم على عرض نزاع قائم أو نشأ بينهم على حمكم أو هيأة حتكيمية بدال من‬
‫عرضه على مؤسسة قضائية رمسية أي اتبعة للدولة‪ ،‬واملالحظ أن املشرع املغريب مل يستعمل كلمة مشارطة‪ ،‬بل استعمل‬
‫مصطلح " عقد التحكيم " أو "اتفاق التحكيم "‪.‬‬

‫(‪ )0‬أمحد أبو الوفا‪ :‬التحكيم االختياري واإلجباري منشأة املعارف الطبعة اخلامسة ‪ 2441‬صفحة‪. 15‬‬
‫(‪ )5‬فتحي وايل‪ :‬قانون التحكيم يف النظرية والتطبيق منشأة املعارف الطبعة األوىل ‪ 2447‬ص‪. 143‬‬
‫(‪ )6‬فحطان عبد الرمحان الدوري‪ :‬عقد التحكيم دار الفرخان الطبعة األوىل ص ‪.11‬‬
‫(‪ )7‬القاموس احمليط للفريوز أابدي مطبعة دار احلديث القاهرة ‪ 2441‬صفحة ‪ 359‬مادة حكم‪.‬‬
‫(‪ )1‬قحطان عبد الرمحان الدوري م‪ .‬س ص‪. 21‬‬
‫(‪ )9‬فتحي وايل املرجع السابق ص ‪.13‬‬
‫‪18‬‬
‫وعلى ضوء ما تقدم نالحظ على أن جل التعريفات سواء الفقهية أو القانونية الواردة بشأن مشارطة التحكيم تكاد‬
‫تتفق يف " أهنا اتفاق على إخضاع نزاع ما قد نشأ ابلفعل للتحكيم كبديل لنظام التقاضي التقليدي "‪ ،‬وأن مشارطة‬
‫التحكيم قد تكون فاعلة حىت مع وجود شرط التحكيم ضمن العقد موضوع املنازعة‪ ،‬فشرط التحكيم بعد وقوع ونشوء‬
‫النزاع فعال‪ ،‬ال يعد أن يكون وعدا ابلتحكيم ليس إال‪ ،‬بينما تتعلق املشارطة بنزاع قائم ابلفعل‪ ،‬وعلى األطراف املتنازعة‬
‫حتديد موضوع التحكيم إن مل يكن قد اتصل ابحملكمة املختصة بنظره‪ ،‬أو املسائل اليت يتفق على إخضاعها للتحكيم يف‬
‫حالة ما إذا كان النزاع قد عرض فعال على احملكمة وذلك حىت ال يتعرض االتفاق للبطالن‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الطبيعة القانونية ملشارطة التحكيم‪:‬‬

‫أما خب صوص الطبيعة القانونية ملشارطة التحكيم فقد اختلف الفقهاء يف إضفاء طابع مناسب ملشارطة التحكيم فمنهم‬
‫من ذهب إىل القول على أن األصل يف التحكيم هو عمل احملكم وهو ال خيتلف عن أعمال القاضي وذهب فريق إىل‬
‫إضفاء الطابع التعاقدي على التحكيم رافضا االجتاه األول مستندين إىل اإلرادة يف االلتزام واليت هي أساس فكرة املشارطة‬
‫يف التحكيم واملؤسسة كذلك على الكتابة كشرط وجزاء البطالن على ختلف الكتابة‪.‬‬

‫وهناك مذهب وسط " بني بني" ويسمى ابلطبيعة املختلطة أو املزدوجة تتعامل فيها التأثريات التعاقدية والقضائية وهو‬
‫املذهب األكثر منطقية يف مشارطة التحكيم لكون طبيعته قد تكون تعاقدية يف أول األمر وتكون قضائية عند إصدار‬
‫القرار التحكيمي‪.‬‬

‫وهناك اجتاه آخر من االجتاهات املعنية ابلطبيعة القانونية ملشارطة التحكيم وهو االجتاه الذي يذهب إىل كون مشارطة‬
‫التحكيم ذو طبيعة مستقلة وخاصة (‪.)14‬‬

‫فمن خالل هذه الوقفات مع التعريفات والطبيعة القانونية للمشارطة ال بد من الوقوف على النشأة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬النشأة‪:‬‬

‫فمن املرجح أن يكون التحكيم كنظام قضائي قد نشأ قبل نظام القضاء وهو معروف منذ احلضارات األوىل‪ ،‬ورغم‬
‫رواج التحكيم يف الغرب حديثا‪ ،‬واعتقاد البعض أبنه نطام غريب‪ ،‬فقد أخطا االعتقاد أو أنه مل يطلع على حقيقة املوضوع‪،‬‬
‫إذ أن نظام التحكيم عرف عند العرب يف اجلاهلية‪ ،‬وقد كان احلكم هو صاحب الرأي فإذا وقعت خصومة احتكم فيها‬
‫طرفاها مبشارطة التحكيم‪ ،‬وأكثر ما كانت تقع اخلصومة بني العرب يف املفاخرة واملنافرة‪ ،‬وهي تطبيقات عديدة وقد كثر‬
‫احلديث عثها يف كتب التاريخ واملغازي والسري وال يتسع اجملال لذكرها خاصة وأن العرب مل يعرفوا نظام القضاء مبفهومه‬
‫الصحيح إال يف عهد اخلليفة العادل عمر بن اخلطاب الذي كان أول من استحدث نظام القضاء يف الدولة اإلسالمية‬
‫وقد كانت أشهر قضية حتكيم قبل اإلسالم قضية محل احلجر األسود حني اتفقت قريش مبشارطة حتكيم على أن حيكموا‬

‫(‪ )14‬ذ‪ /‬جعفر مش يمش التحكيم يف العقود اإلدارية واملدنية والتجارية منشورات زين احلقوقية طبعة أوىل ‪ 2449‬ص‪ 66‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫بينهم خبصوص احلجر األسود مبن سيدخل عليهم فكان صلى هللا عليه وسلم هو الداخل من ابب بين شيبة فقالوا‪ :‬هذا‬
‫األمني قد رضينا مبا يقضي به بيننا (‪.)11‬‬

‫ومن السنة النبوية كذلك ما روى أن أاب شريح قال‪" :‬اي رسول هللا إن قومي إذا اختلفوا يف شيء فأتوين وحكمت‬
‫بينهم فرضي عين الفريقان‪ ،‬فقال له رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ما أحسن هذا" رواه النسائي فالشاهد أن الفريقان‬
‫عند نشوء املنازعة بينهم يتفقون مبشارطة حتكيم على حتكيم رجل فقيه عامل ورع حيكم بينهم حبكم يرتضيانه بينهما‪،‬‬
‫والتاريخ اإلسالمي مليء مبثل هذه املشارطات إذ أن عمل احملكمني كان صناعة وفنا علميا كصناعة القضاء وال حيسنه إال‬
‫من أاته هللا فقها وعلما يعلم الرتافع والتداعي كاحملاماة وخربة أبصول احلكم والقضاء كالقضاة واحلكام ونذكر كذلك واقعة‬
‫جد مهمة يف عصر اخلالفة الراشدة واليت اعتربها منوذج فعلي ملشارطة التحكيم وقد تكون أول مشارطة حتكيم مكتوبة‬
‫ومتفق عليها‪ ،‬وهي حتكيم على بن أيب طالب ومعاوية بن أيب سفيان يف واقعة صفني فقد التقى أبو موسى األشعري‬
‫وعمرو بن العاص رضي هللا عنهما يف مكان صفني بصفتهما وكيلني عن كل فريق وبدا يفكران يف كيفية إجياد حل‬
‫للمشكلة اليت أملت ابملسلمني جراء عزل علي بن أيب طالب للوالة الذين وال هم عثمان‪ ،‬فقد أذعن كل الوالة ابستثناء‬
‫معاوية بن أيب سفيان الذي كان واليا على الشام منذ أايم عمر وعثمان رضي هللا عنهما وليس الزمان وال املكان مناسبني‬
‫للخوض يف أسباب العزل ومسبباته بل الشاهد عندان أن نزاعا قام بني املسلمني واقتتلوا فيه واستشهد فيه بل وقتل فيه من‬
‫املسلمني املئات بل اآلالف وقد اتفق الوكيالن ابتداء على كتاب يعد (مشارطة حتكيم) مبدئيا يضع أسس التحكيم ولن‬
‫يكون الكتاب النهائي‪ ،‬والكتاب موجود يف كتب التاريخ ومنها اتريخ الطربي ومروج الذهب للمسعودي والبداية والنهاية‬
‫البن كثري وهذا الكتاب يعترب أول مشارطة حتكيم ابملفهوم احلديث واليت تؤسس على اإلرادة والكتابة يف شكلها واالتفاق‬
‫على حل النزاع يف موضوعها‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬خصائص مشارطة التحكيم‪:‬‬

‫ميك ن استخالص اخلصائص املميزة ملشارطة التحكيم من خالل جمموعة من احملاور ككيفية تشكيل هيئة التحكيم‬
‫ومدى والية هذه اهليئة ومكان وزمان التحكيم وتقرير اإلجراءات اليت تتبعها فضال عن القواعد املوضوعية اليت تطبقها من‬
‫غري نسيان أجور احملكمني‪.‬‬

‫فمشارطة التحكيم يف جوهرها عقد يشري إىل اتفاق اخلصوم‪ ،‬ويقوم على مبدأ سلطان اإلرادة وهو الذي يعطي‬
‫للمحكم سلطة البت يف النزاع والذي يكون إلزاميا لطريف العقد "عقد االتفاق " أو "مشارطة التحكيم " وهذه اإللزامية‬
‫هي اليت متيزه عن الوساطة والتوفيق‪.‬‬

‫وتتميز املشارطة كذلك عن القضاء العادي يف حسم النزاع مبجموعة من الفوائد تتمثل يف السرعة يف البت يف النزاع‬
‫لكونه على درجة واحدة مما جيعل البت يف النزاع خالل فرتة زمنية قصرية نسبيا ابملقارنة مع ما نشهده يف حماكم اململكة‬

‫(‪ )11‬التحكيم بني الشريعة والقانون لعامر على رحيم منشورات الدار اجلماهريية للنشر سنة ‪ 1917‬ص‪. 20‬‬
‫‪18‬‬
‫من تعدد وتعاقب اإلجراءات والرتاخي اإلجيايب يف الفصل يف القضااي ولعدة أسباب ليس لزاما بسردها يف هدا املقام‪ ،‬وأن‬
‫هذه السرعة اليت تتميز هبا املشارطة ال يعين جتاوز الضماانت األساسية للتقاضي كاحرتام حقوق الدفاع واملساواة بني‬
‫األطراف املتخاصمة واحرتام مبدأ املواجهة فضال عن ميزة السرية وغالبا ما يكون الدافع الختيار األطراف ملشارطة‬
‫التحكيم للسرية وعدم الكشف عن أسباب ووقائع النزاع اليت قد متس مبراكزهم املالية أو القانونية وكذا االجتماعية يف‬
‫غالب األحيان‪ ،‬كما وأن احلرية واملرونة اليت يتمتع هبا أطراف اخلصومة يف مشارطة التحكيم جتعلهم يتحكمون يف تعيني‬
‫احملكمني واختيار الشخص احملكم أو اهليئة احلاكمة واختيار نوع التحكيم أمر له إجيابياته على االقتصاد يف التكلفة ويعود‬
‫على أطراف النزاع من خالل هذه املشارطة ابملنفعة نتيجة حل النزاع ابلسرعة وخالل فرتة زمنية قياسية كما جيعلهم‬
‫يتحكمون حىت يف أتعاب وأجور احملكمني اليت تقع مناصفة بينهما يف غالب األحيان ‪.‬‬

‫ومن أهم مزااي التحكيم وخصائصه أتليف هيئة التحكيم من حمكم واحد أو عدة حمكمني يعينون يف املشارطة ولكل‬
‫طرف تعيني حمكم خيتاره لنفسه ويقوم احملكمان بتكملة تشكيل اهليئة التحكيمية مبحكم آخر اثلث أو يتم تعيينه من قبل‬
‫رئيس احملكمة بناء على أمر غري قابل للطعن وذلك يف حالة عدم حصول اتفاق بني احملكمني أنفسهم (‪.)12‬‬

‫كما وأن املشارطة قد يشار فيها إىل أن التحكيم قد يكون عن طريق مؤسسة وطنية أو داخلية حسب نوع النزاع‬
‫واختصاص كل جهة على حدة وهذه املؤسسة أو اهليئة هلا من االختصاص املنوط هبا واحملدد دائما يف مشارطة التحكيم‬
‫حتديد مسطرة التحكيم اليت تراها مناسبة مع أحكام املقتضيات املتعلقة ابلتحكيم ودون أن تكون ملزمة بتطبيق القواعد‬
‫املتبعة لدى احملاكم‪ ،‬كما وهلا أيضا أن تعني مكاان مالئما للتحكيم ولو ابختيار األطراف وهو أمر ال حيول دون اجتماع‬
‫احملكم أو اهليئة احلاكمة يف أي مكان تراه مناسبا للقيام ابملهمة املنوطة هبم من مساع ألطراف النزاع والشهود وانتداب‬
‫خرباء واالطالع على املستندات وهلم مراسلة السيد الوكيل العام للملك قصد متكينهم من املعلومات اليت تراها مناسبة‬
‫ومتعلقة مبوضوع النزاع (الفصل ‪ 341‬من ق م م)‪.‬‬

‫واإلجراءات املتبعة يف مشارطة التحكيم هي نفس اإلجراءات اليت تتبع يف شرط التحكيم قد سبق وأن أشار إليها‬
‫غريي وليست ضمن مداخليت وجتنبا مين للتكرار سوف لن أتطرق إليها‪.‬‬

‫أما خبصوص تطبيق القواعد القانونية فهي اليت يتفق عليها طريف النزاع‪ ،‬واليت جيب أن يشار إليها يف املشارطة‪ ،‬ويف‬
‫حالة عدم اإلشارة إليها يف املشارطة طبق احملكم أو اهليئة احلاكمة القواعد املوضوعية يف القانون الذي يرى احملكم أو اهليئة‬
‫احلاكمة أنه األكثر اتصاال ابلنزاع املعروض عليها للحكم فيه (‪ ،)13‬وعلى كل حال فإن األطراف إذا مل حتدد أجال‬
‫للمحكم فإن على هذا األخري أو اهليئة املنتدبة لذلك أن تصدر قراره التحكيمي داخل أجل ال يتعدى ثالثة أشهر من‬

‫(‪ )12‬املادة‪ 349‬من قانون املسطرة املدنية‪.‬‬


‫(‪ )13‬الدكتور عبد الكرمي الطالب الشرح العلمي لقانون املسطرة املدنية مطبوعات املعرفة‪ .‬الطبعة اخلامسة ‪ 2441‬صفحة‪355.‬‬
‫‪18‬‬
‫اليوم الذي قبل فيه آخر حمكم مهمته‪ ،‬وميكن متديد األجل االتفاقي يف املشارطة حسب رغبة طريف النزاع لنفس املدة‪،‬‬
‫وإما من قبل رئيس احملكمة بناء على طلب أحد األطراف أو اهليئة احلاكمة‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬آثار مشارطة التحكيم‬

‫يرتتب على انعقاد مشارطة التحكيم أاي كانت الصورة اليت مت عليها إحالته إىل التحكيم‪ :‬احنسار والية القاضي‬
‫وإبلزامه احملتكمني حبدود ما مت االتفاق عليه من حيث املوضوع واألشخاص‪.‬‬

‫فعمال مبقتضيات قانون املسطرة املدنية فإن النزاع املتفق على حله والبت فيه عن طريق التحكيم يشمل القضاء العادي‬
‫التقليدي‪ ،‬وجيعل من احملكمة غري خمتصة ابلبت يف النزاع بل ذهب بعض الفقه إىل القول أبن الدفع ابالتفاق على‬
‫التحكيم ليس دفعا بعدم االختصاص وإمنا هو دفع بعدم القبول‪.‬‬

‫أما خبصوص إلزامية احملتكمني مبا مت االتفاق عليه‪ ،‬فإن اهلدف من إنشاء أو حترير مشارطة التحكيم هي تنفيذ‬
‫مقتضياهتا عن طريق أعمال آاثرها ومن مثن فإن هذا التنفيذ يشكل امتدادا طبيعيا ومنطقيا لتطابق إراديت احملتكمني طبقا‬
‫ملقتضيات املادة ‪ 234‬من ق‪ .‬ل‪ .‬ع‪ ،‬فاملشارطة الصحيحة التكوين شكال وموضوعا قوة الزامية غذ حملتكمني طريف‬
‫املشارطة احلرية املطلقة يف حتديد الشروط اليت ختدم مصاحلهم شريطة احرتام موجبات النظام العام واآلداب العامة والقواعد‬
‫اآلمرة‪ .‬وإذا حصل واتفق أحد املتخاصمني أو احملتكمني يف مشارطة التحكيم بشكل موافق إلرادة الطرفني فإنه يصبح‬
‫تبعا لذلك ملزما هلما‪ ،‬أي أن احلقوق وااللتزامات اليت يرتبها تكون واجبة االحرتام كما لو كان مصدرها قاعدة قانونية‪.‬‬

‫ومن مث فإنه ال يستطيع طبقا هلذه املشارطة أي أحد من احملتكمني أن يتنكر ملا التزم به يف املشارطة أو أن حيدث فيها‬
‫تغيريا إبرادته املنفردة بل يتعني على كل من الطرفني أن حيرتم ما التزم به بل وجيب على احلكم فردا كان أو هيئة أن يطبق‬
‫ما اتفق عليه املتحاكمان وال جيوز له أن يدخل على ما مت االتفاق فيه يف املشارطة من تعديالت‪ ،‬وأساس كل ذلك منبثق‬
‫من القاعدة القانونية والفقهية "العقد شريعة املتعاقدين "‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫وختاما‪:‬‬

‫فإن ملشارطة التحكيم أمهية كبرية يف احلياة االقتصادية سواء بني األشخاص الطبيعيني أو االعتبارين‪ ،‬وبفضل االتفاق‬
‫على مشارطة التحكيم يف أي نزاع‪ ،‬منع القضاء من النظر يف املوضوعة‪ ،‬ويف هذه احلالة ضمان سرعة الفصل يف النزاع‬
‫أبقل جمهود ويف أقل وقت ممكن مع ضمان العدالة يف الفصل يف النزاع مع بساطته وسهولته ويسره كما أتيت أمهية مشارطة‬
‫التحكيم يف كونه يساعد بشكل أساسي يف انتعاش احلياة املدنية والتجارية وتشجيع املستثمرين على الدخول يف‬
‫استثمارات كبرية ويف عالقات جتارية واسعة دون اخلوف من ضياع احلقوق يف رفوف احملاكم فالفصل يف النزاع يف الوقت‬
‫احلايل هو أهم مبتغى لدى املتقاضني‪ .‬ومن خالل هذا املنرب أرى أن أتقدم مبلتمس للمشرع بسن قانون يسمح مبوجبه‬
‫للحكام فرادى أو مجاعات أبحداث "دار احلاكم " على غرار احملكمة اليت يقضي فيها القضاء العادي التقليدي وسيكون‬
‫انتصارا لتسوية النزاع وداي وملشارطة التحكيم‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like