Professional Documents
Culture Documents
وأتممناها بعشر-كتبنا
وأتممناها بعشر-كتبنا
سر الجذبة
ُّ
هل للكون �إدراك؟! هل ل�ل�أر���ض نطق؟! هل
لل�سماوات لغة؟!
القر�آن يجيب :نعم� ،إنَّ للكون �إدراك ًا ,لكنه غير �إدراكنا.
و�إنَّ للأر�ض نطق ًا ,لك ّنه غير نطقنا .و�إنّ لل�سماوات لغة,
ّ َ ۡ َّ
ش ٍء إِل ي ُ َس ّب ِ ُح لك ّنها غير لغتنا .بل �إنّ لها ت�سبيح ًا ﴿ِإَون مِن
َّ َ ۡ َ ُ َ
ون ت َ ۡسب َ َ َ
يح ُه ۡ ۚم﴾(((.ِ كن ل تفقه ِب ۡم ِده ِۦ َول ٰ ِ
نع��م� ,إنّ الك��ون مج��ذوب بجذبة نح��و اهلل تعالى ،رف�ض
من خاللها �أن يكون له فيها هام�ش االختيار ,ف�أراد �أن يبقى
دوم � ًا مجذوب � ًا نح��وه تعال��ى ،بالقه��ر والتكوين .ق��ال تعالى:
َ ۡ َ َََۡ َ َ َّ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َّ َ َ َ ۡ َ
ي أن ٱلبا ِل فأب
ِ و ِ
ۡرض ت وٱل ﴿ إِنا ع َرضنا ٱلمانة ع ٱلســمٰو ٰ ِ
َۡ ََۡ ََۡ َ
ــف ۡق َن م ِۡن َها﴾ ,لك��نّ الإن�س��ان َق ِبل ذلك الهام���ش ي ِملنها وأش
ٗ ُ َ ۡ َ
نس ُنۖ إِنَّ ُهۥ ك َن َظل ٗوما َج ُهول﴾(((.
ٱل َ ٰ االختي� ّ َ َ َ َ
�اري ﴿وحلها ِ
قال :بلى.
قال« :Qفذلك ال�شيء هو اهلل القادر على الإنجاء،
نج ،وعلى الإغاثة ،حين ال ُمغيث»(((. حين ال ُم ٍ
َ َّ
ٱللِ ٱل ِت َف َط َر ٱنلَّ َاس َعل ۡي َها ۚ﴾((( ,والتي ۡ َ َ َّ
�إ ّنها ﴿ف ِطرت
يقترب
ُ قد ي�سترها غبار الخطايا وال��ذن��وب .لكن حينما
العذاب ،وي�شع ُر الإن�سان بالخطر ،ترجع �إليه ،ت�ش ُّده نحو
اهلل تعالى.
وهذا ما �أ ّكده القر�آن الكريم ،في العديد من �آياته.
ۡ َ ّ َ ۡ َ ۡ َ َّ ٰٓ َ كَُۡ ُّ ُ ُ َ َّ
ت إِذا ب وٱلح ِرۖ ح ِ ٱل فِ م ي ِ س ي ِي ٱل قال تعالى﴿ :هو
ٓ ۡ َ ْ نت ۡم ف ۡٱل ُف ۡل َ َ ۡ ُك ُ
يح َط ّي ِ َبةٖ َوف ِر ُحوا ب ِ َها َجا َءت َها ك وج َري َن ب ِ ِهم ب ِ ِر ٖ ِ ِ
ك َم َكن َو َظ ُّن ٓوا ْ َأ َّن ُه ۡم أُح َُّ يح َع ُ ۡ َ ۡ ُ ُ َ ٓ َ َ ٞ ر ٌ
ِيط ٖ صف وجاءهم ٱلموج مِن ِ ِ ِ
َ َ ُ ّ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ٰ َ َ ُ ََّ ۡ َ َ ُ ْ َّ َ ُ ۡ
ب ِ ِهم دعوا ٱلل مل ِِصني ل ٱدلِين لئِن أجنيتنا مِن ه ِذه ِۦ لكونن
ٱلشكِر َ َ َّ
ين﴾(((. مِن ٰ ِ
((( ال�صدوق ،محمد بن علي ،التوحيد ،تعليق ها�شم الح�سيني الطهراني ،قم ،جماعة
المدر�سين( ،ال ،ت)� ،ص.231
((( �سورة الروم ،الآية.30 :
((( �سورة يون�س ,الآية .22
ج
بذلا ُّرس
13
ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ ۡ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ ُ َّ َ
اب ٱللِ أ ۡو وقال تعالى﴿ :قل أر َءيتكم إِن أتىٰكم عذ
ۡ ون إن ُك ُ
نت ۡم َص ٰ ِدق َ َ َ ۡ ُ ُ َّ َ ُ َ َ ۡ َ َّ َ ۡ ُ َ
ِني ٤٠بَل أتتكم ٱلساعة أغي ٱللِ تدع ِ
َ َٓ ََ َ َ
نس ۡون َما لهِ إِن شاء وت ون إ ِ َ ۡ
َّ ُ َ ۡ ُ َ َ َ ۡ ُ َ َ ۡ ُ َ
إِياه تدعون فيكشِ ف ما تدع
ُۡ ُ َ
ون﴾(((. شك
ت ِ
�إ ّن��ه الدعاء المنطلق من تلك الجذبة المغرو�سة في
داخل كل �إن�سان.
ولكن هل تكفي هذه الجذبة ،وحدها ،لتنقذ الإن�سان من
و�سط بحار الدنيا المظلمة ,لتو�صله �إلى �شاطئ الأمان؟
كال� ،إ ّنها تحتاج �إلى دليل وخارطة طريق تر�شده �إلى
ذلك ال�شاطئ؛ لذا كان �إر�سال الر�سل Rوبعث الأنبياء
� .Rإال �أنها هداية عامة ال ت�صل �إل��ى م�ستوى هداية
�أخ��رى من نوع خا�ص ,وهي هداي ُة �سفين ٍة تتق ّدم �صاحب
الجذبة ,وت�ضيء بم�صباحها ظلمة تلك البحار ،وت�أخذ
بقلب �صاحب الجذبة �إلى �شاطئ الكمال.
�إ ّنها الهداية التي اخت�ص اهلل تعالى بها قوم ًا تم َّيزوا
((( �سورة الأنعام ،الآيتان 40 :ـ .41
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 14
ج ّنة وال نار ،وال �شم�س وال قمر»� ،إذ ل َّما �أراد اهلل تعالى
�أن ين�شئ ال�صنعة ،ويخلق الخلق ،خلق نور محمد Pثم
نور علي Qثم نور فاطمة Oثم نور الح�سن ،فنور
الح�سين « ،Lثم فتق نور الح�سين ،Qفخلق منه
الج َّنة والحور العين من نور الج ّنة والحور العين ،فنور َ
َ
الح�سين ،Qونور الح�سين Qمن نور اهلل» .
(((
انجذاب الكون
عجيب هو �أمر هذا الم�صباح الذي جذب بنوره الكون
المدرك الم�س ِّبح ,فتفاعل مع �شهادته في كربالء!
-فال�سماء بكت على الح�سين �أربعين �صباح ًا بالدم(((.
-وال�شم�س بكت عليه بالك�سوف والحمرة(((.
-والقمر بكى عليه بالخ�سوف(((.
-والأر�ض بكت عليه �أحجارها التي لم يرفع حجر منها,
((( الم�صدر ال�سابق ،ج� ،25ص.16
((( البروجردي ،ح�سين ،جامع �أحاديث ال�شيعة( ،ال ،ن)( ،ال ،ت) ج� ،12ص.552
((( الم�صدر ال�سابق نف�سه.
((( الم�صدر ال�سابق نف�سه.
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 16
انجذاب الحيوان
وكما الكون ,انجذب الحيوان نحو الح�سين Qطف ًال
و�شهيد ًا'؛ ففي الرواية عن المقداد بن الأ�سود قال «�إ ّن النبي
Pخرج في طلب الح�سن والح�سين ،Lوقد خرجا من
أح�ست و َْط��أَ
البيت ،و�أن��ا معه ،فر�أيت �أفعى على الأر���ض ،فما � َّ
النبي Pقامت فنظرت ...فهالني ذلك .فل ّما ر�أت ر�سول اهلل
إلي ر�سول اهلل ،Pفقال� :أال � Pصارت ك�أ ّنها خيط ،فالتفت � ّ
تدري ما تقول الأفعى يا �أخا كندة؟ قلت :اهلل ور�سوله �أعلم.
قال « :Pتقول الأفعى :الحمد هلل الذي لم يمتني
حتى جعلني حار�ساً البني ر�سول اهلل .(((»...P
انجذاب المالئكة
الح�سينQ وكذلك انجذبت المالئكة نحو الإم��ام
حينما �أخبرها اهلل تعالى عن خلق الإن�سان ،فكان ت�سا�ؤلها:
َ ََُۡ َ َ ُۡ ُ َ َ َۡ ُ ّ ٓ
ٱدل َِما َء﴾((( وهي ناظرة ﴿أتعل فِيها من يفسِد فِيها ويسفِك
-في ما ا�ست�شرفته في الم�ستقبل� -إلى دم الإمام الح�سين
Qالذي �سي�سفك في كربالء.
وب�ع��د ��ش�ه��ادة الإم� ��ام Qح� َّدث�ن��ا ح�ف�ي��ده الإم ��ام
ال�صادق Qقائ ًال�« :إن المالئكة بكت �أربعين �صباحاً
�إلى الح�سين.(((»Q
ول��م ينقطع ان�ج��ذاب المالئكة على الإم ��ام الح�سين
:Qفعن الإمام ال�صادق « :Qو َّك � َل اهلل ع ّز وجل
بقبر الح�سين � Qأربعة �آالف ملك �شعث ....يبكونه
�إل��ى ي��وم القيامة ،فمن زاره ع��ارف�اً بح ّقه �ش ّيعوه حتى
يبلغوه م�أمنه ،و� ْإن مر�ض عادوه غدوة وع�ش ّية ،و� ْإن مات
(((
�شهدوا جنازته ،وا�ستغفروا له �إلى يوم القيامة.
انجذاب الماء
العبا�سي �أمر بج ّر الماء من نهر العلقمي
ّ ورد �أنَّ المتو ّكل
�إلى قبر الإمام الح�سين ،Qحتى ال يبقى له �أثر ،لكنّ
الذي ح�صل بمر�أى النا�س ،هو �أنّ الماء ك ّلما ُ�ص ِّوب نحو
المرقد الطاهر غا َر وحا َر وا�ستدار ،ولم ت�صل منه قطرة
واحدة �إلى قبر الح�سين .(((Q
((( الحر العاملي ,محمد بن الح�سن ,و�سائل ال�شيعة ,تحقيق م�ؤ�س�سة �آل البيتR
لإحياء التراث ,ط ,2قم ,م�ؤ�س�سة �آل البيت Rلإحياء التراث1414 ,هـ ,ج،14
�ص.409
((( المجل�سي ،محمد باقر ،بحار الأنوار ،ج� ،45ص.404
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 20
انجذاب الأنبياءP
النبي �آدم Q
ّ
أهم المنجذبين نحو الح�سين Qهو الإن�سان منذ �إنَّ � َّ
�أن ُوجد على الأر�ض ,فها هو �أبو الب�شرية �آدم Qحينما
تل َّقى من ر ّبه كلمات فتاب عليه ،ل َّقنه جبرئيل :يا حميدّ ،
بحق
بحق فاطمةعلي ,Qيا فاطر ّ مح ّمد ,Pيا عاليّ ،
بحق ّ
,Oي��ا ح�سن ب�ح� ّ�ق الح�سن والح�سين ,Lومنك
الإح�سان ,فلما ذكر الح�سين � Qسالت دموعه ,وانخ�شع
قلبه قال :يا جبرئيل ,في ذكر الخام�س ينك�سر قلبي ,وت�سيل
عبرتي ,ق��ال جبرئيل :ول��دك ه��ذا ي�صاب بم�صيبة ت�صغر
عندها الم�صائب(((.
النبي نوح Q ّ
النبي نوح Qو�أراد تثبيت �سفينة الطوفان, وجاء ّ
فوجد م�سامير نوران َّية ،فانجذب �إليها ,لكنَّ واح��د ًا من
تلك الم�سامير �ش ّد ان�ج��ذاب��ه ,وه��و خام�سها ال��ذي كان
((( المجل�سي ،محمد باقر ،بحار الأنوار ،ج� ،44ص.245
ج
بذلا ُّرس
21
رب ،ما
أحب خلقي �إليك؟ فقال :يا ّ �إليه :يا �إبراهيم ،من � ُّ
إلي من حبيبك محمد ،Pف�أوحى خلقتَ خلقاً هو � ُّ
أحب � َّ
أحب
اهلل �إليه� :أفهو �أح� ّ�ب �إليك �أم نف�سك؟ قال :بل هو � ّ
�إل� ّ�ي من نف�سي ،قال :فولده �أح� ّ�ب �إليك �أم ول��دك؟ قال:
بل ول��ده ،قال :ذبح ولده ظلماً على �أي��دي �أعدائه �أوجع
رب ،بل
لقلبك� ،أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال :يا ّ
ذبحه على �أي��دي �أعدائه �أوج��ع لقلبي .قال :يا �إبراهيم،
ف�إ َّن طائفة تزعم �أ َّنها من �أُ َّمة محمد�Pستقتل الح�سين
Qابنه من بعده ظلماً وع��دوان�اً كما يذبح الكب�ش،
وي�ستوجبون بذلك �سخطي .فجزع �إبراهيم Qلذلك
وتوجع قلبه ،و�أقبل يبكي»(((.
النبي مو�سىQ ّ
النبي مو�سى Qليجذبه الح�سين Qنحو وجاء ّ
كربالء ,ليخبره اهلل تعالى فيها� :أنْ ها هنا ُيقتل الح�سين،
النبي P
�أحدهما ب�صاحبه» .فنظر ّ �أجمعهما لك ،فافدِ
�إلى �إبراهيم فبكى ثم قال« :يا جبرئيل! ُيقب�ض �إبراهيم،
فديتُ الح�سين Qب�إبراهيم»(((.
�سر المعرفة
ُّ
�إذا كانت المعرفة الباطنة بالإمام الح�سين Qهي
�س َّر الجذبة �إليه ،فما هو �س ُّر هذه المعرفة؟ وبالتالي ال�س ُّر
الحقيقي لهذا االنجذاب؟
في مقام الجواب ُّ
نطل على �س َّرين:
ال�سر الأولّ
معرفة الإمام الح�سين Qباهلل تعالى التي لم تكن
مثل معرفة ذلك الأعرابي الذي �سئل عن دليله على وجود
اهلل تعالى ،فقال« :البعرة تدل على البعير ،و�أثر الأقدام
يدل على الم�سير� ،أف�سماء ذات �أبراج ،و�أر�ض ذات فجاج ،ال
تدالن على اللطيف الخبير»(((.
ولم تكن مثل معرفة تلك المر�أة التي كان تغزل ف�سئلت
عن دليلها على معرفة ر ِّبها ،ف�أجابت« :ه��ذا المغزلْ � ،إن
ح� َّرك�ت��ه ت �ح � َّرك ،و�إن ل��م �أح � ِّرك��ه ت��و َّق��ف ،فكيف تتح َّرك
الكواكب في ال�سماء دون مح ِّرك؟!!».
((( المجل�سي ،محمد باقر ،بحار الأنوار ،ج� ،66ص .134
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 28
ى ِي أَ ۡر َس َل َر ُس َ ُ
ولۥ بِٱل ۡ ُه َد ٰ ﴿ه َو َّٱل ٓ
ُ َّ
المحطة بقوله تعالى: تلك
َۡ ّ ُ ۡ َ ُ َ َ ّ ُ ّ َ َ ۡ َ َ ۡ ُ ۡ ُ َ َ
ون﴾(((. شك ِين كِهِۦ ولو ك ِره ٱلم ِ ِين ٱل ِق ِلظ ِهرهۥ ع ٱدل ِ
ود ِ
وقد �أعلن الر�سول الأكرم محمد Pحتم َّية تلك الحكومة
الإلهية التي �ستكون مح َّمدية ير�أ�سها حفيده الحادي ع�شر
من ولد ابنته فاطمة ،Oفقال فيه« :ل��و لم يب َق من
الدنيا �إال يوم واحد ،لط َّول اهلل ذلك اليوم ،حتى يخرج،
فيملأها عد ًال وق�سطاً ،كما ُملئت جوراً وظلماً»(((.
وبهذه الحكومة التي تعتمد الإ�سالم دين ًا ومنهج ًا� ،سوف
ت�صل قافلة الوجود �إلى كمالها المن�شود.
وفي �سنة 60للهجرة ،حينما ا�ستولى يزيد على �س َّدة
الحكم� ،أدرك الإمام الح�سين Qالخطر الداهم على
إلهي الذي لو لم يتح َّرك في نه�ضته ،ف�إنّ قافلة
الم�شروع ال ّ
الإن�سانية �سوف تنحرف عن �سيرها الذي �أراد اهلل تعالى
يتم باختيار الإن�سان.
�أن َّ
((( �سورة التوبة ،الآية.33 :
((( ال�صدوق ،محمد بن علي ،من ال يح�ضره الفقيه ،ط ،2قم ،جماعة المدر�سين،
1404هـ ،ج� ،4ص.177
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 32
�ودي ف��ي �آخ��ر لحظاته في �أ ّن ��ه حقق ذل��ك الإن �ج��از ال��وج� ّ
الدنيا� ،أخذ يناجي اهلل تعالى ،متغ ِّني ًا بكماالته ،مع ِّبر ًا عن
�شكره هلل تعالى �أن و َّفقه لل�شهادة التي بها ا�ستمرت قافلة
الإن�سانية في م�سارها نحو التكامل ،فقال في �آخر كلماته:
«الله ّم متعالي المكان ،عظيم الجبروت� ,شديد المحال،
غني عن الخالئق ,عري�ض الكبرياء ,قادر على ما ت�شاء, ٌّ
قريب الرحمة� ,صادق الوعد� ,سابق النعمة ,ح�سن البالء,
قريب �إذا دُعيت ,محيط بما خلقت ,قابل التوبة لمن تاب
و�شكور �إذا�إليك ,ق��ادر على ما �أردت ,وم��درك ما طلبتَ ,
ُ�شكِرت ,و َذك��ور �إذا ُذ ِك��رت� ,أدع��وك محتاجاً ,و�أرغ��ب �إليك
فقيراً ,و�أفزع �إليك مكروباً ,و�أ�ستعين بك �ضعيفاً ,و�أتو ّكل
عليك ك��اف�ي�اً ،اح�ك��م بيننا وب�ي��ن قومنا ب��ال�ح� ّ�ق؛ ف�إ ّنهم
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 34
شعائر عاشوراء
�شعائر عا�شوراء
َۡ َ ُۡ ُ ﴿ذٰل َِك َو َمن ُي َع ّ ِظ ۡم َش َ ٰٓ َ َّ َ َّ َ
َ
(((
وب﴾
عئِر ٱللِ فإِنها مِن تقوى ٱلقل ِ ۖ
�إنَّ عمل الإن�سان له �شك ٌل ظاهر ,وحقيقة م�ضمرة ,ف� ّأي
م�صب الكمال الإن�ساني في توجيه الإ�سالم ؟
ُّ منهما هو
�أمركم هذا هلل ،وال تجعلوه للنا�س؛ ف�إ َّنه ما كان هلل فهو
هلل ،وما كان للنا�س فال ي�صعد �إلى اهلل»(((.
من هنا كانت الدعوة القر�آن ّية المك ّررة �إلى التقوى التي
َۡ َ ُۡ ُ
وب﴾. مرجعها القلب والباطن ﴿تقوى ٱلقل ِ
ال�شعائر العا�شورائية
ل ��ذا ك�م��ا ك��ان��ت ال ��دع ��وة �إل� ��ى تعظيم ��ش�ع��ائ��ر الحج
االبراهيمي ،كانت الدعوة �إل��ى تعظيم �شعائر عا�شوراء ّ
الإم��ام الح�سين Qالتي تتح ّقق من خ�لال العناوين
الآتية:
-1البكاء
فليبك
ِ عن الإمام الر�ضا« :Qعلى مثل الح�سين
يحط الذنوب العِظام»(((. الباكون ,ف�إ َّن البكاء عليه ُّ
�-2إن�شاد ال�شعر
ورد �أنّ الإم��ام ال�صادق Qق��ال لجعفر بن ع ّفان
الطائي« :بلغني �أ َّن ��ك تقول ال�شعر ف��ي الح�سين Q
بالأرقام الآتية:
72 -1رج ًال مو ّزعين بين 32فار�س ًا و 40راج ًال(تاريخ
ال�ضحاك بن عبد اهلل َّ الطبري ,عن �أبي مخنف عن
الم�شرقي).
� 62 -2أو 72رج�ل ً�ا م��ن �أه ��ل بيته و�أ��ص�ح��اب��ه(ت��اري��خ
اليعقوبي).
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 48
((( انظر� ،شم�س الدين ,محمد مهدي� ,أن�صار الح�سين ,Qط ,2بيروت ,الدار
الإ�سالمية1981 ,م � ,ص .49-44
((( الم�صدر ال�سابق نف�سه.
أصحاب الحسين Q
49
((( المق ّرم ,عبد الرزاق ,مقتل الح�سين,Qط ,2قم ,دار الثقافة� ,ص .253
أصحاب الحسين Q
51
-3طبقاتهم االجتماعية
- 1فيهم �صحابة لر�سول اهلل ،Pك�أن�س بن الحارث،
وم�سلم بن عو�سجة.
الهمداني.
ّ � - 2شيوخ القراء ،كـ برير بن ف�ضيل
- 3ق��ادة �أج�ه��زة ع�سكرية و�أم�ن�ي��ة :ك�ـ ال�ح� ّر ب��ن يزيد
أموي ،والحال�س الرياحي ،وهو �أحد �أمراء الجي�ش ال ّ ّ
الرا�سبي ،الذي كان قائد �شرطة الإمام علي ّ بن عمر
Qفي الكوفة.
- 4زعماء قبائل كـ حبيب بن مظاهر ،وعاب�س بن �شبيب
ال�شاكري.
ّ
� - 5شخ�ص َّيات اجتماعية بارزة كـ نافع بن هالل ،وعمر
بن عبد اهلل «�أبي ثمامة ال�صائديّ » و�سويد بن عمر.
- 6عبيد كـ جون.
-4انتما�ؤهم القومي والمناطقي
فيهم:
التركي
ّ � - 1أتراك ,كـ �أ�سلم التركي مولى الح ّر ،ووا�ضح
أصحاب الحسين Q
53
ال�شهيد تم�سح الدم عنه وتقول :هنيئ ًا لك الج ّنة ,و�أ�س�أل اهلل
الذي رزقك الجنة �أن ي�صحبني معك ,فقال ال�شمر لغالمه
ر�ستم :ا�ضرب ر�أ�سها بالعمود ,ف�شدخه ,وماتت مكانها،
وهي �أول امر�أة ُق ِتلت من �أ�صحاب الإمام الح�سين(((.Q
-7انتماءاتهم ال�سابقة
لم يكن جميع �أ�صحاب الإم��ام الح�سين� Qسابق ًا
و�سيا�سي واحد ,بل كان بع�ضهم -قبل ّ عقائدي
ّ من اتجاه
العا�شر من المح ّرم عام 61هـ -ال ينتمي �إلى �أهل البيت
Rبالوالء ,ومن ه�ؤالء:
-1وه��ب بن عبد اهلل جناب الكلبي ,فقد ورد �أ ّن��ه كان
ن�صران َّي ًا ف�أ�سلم(((.
عثماني الهوى.
ّ -2زهير بن القين ,فقد ا�شتهر �أ ّنه كان
-3الح ّر بن يزيد الرياحي ,فقد كان من �أمراء الجي�ش
أموي.
ال ّ
((( انظر :الطب�سي ,محمد جعفر ,عا�شوراء وما تالها ,ط ,1بيروت ,دار الوالء,
(ال,ت)� ,ص .32
((( �شم�س الدين ,محمد مهدي� ,أن�صار الح�سين� ,Qص .186
أصحاب الحسين Q
57
فر�سان الم�صر
�إ َّنه تو�صيف ُيع ِّبر عن التف ّوق في الحقل الع�سكري ،وما يد ُّل
على ذلك عدد القتلى الكبير ج ّد ًا من جي�ش عمر بن �سعد.
�أهل الب�صائر
هو م�صطلح ورد م�ك� ّرر ًا في نهج البالغة ،وه��و يعني
الفئة الواعية من المجتمع.
وقد برز وعيهم في كربالء ال �س ّيما في و�ضوح معرفتهم
وي�ضحون لأج��ل بقاء الدين ّ ب�أ َّنهم ي��ذودون عن الإ��س�لام،
المحمدي الأ�صيل .وهذا ما نالحظه في كلماتهم و�أ�شعارهم.
الحنفي في المعركة: ّ �-1أن�شد �سعيد بن عبد اهلل
«�أقدم ح�سين اليوم تلق �أحمد.»(((...
وحينما �أ�صبح على عتبة ال�شهادة قال« :الله َّم َ�أ ْب ِل ْغ َن ِب َّي َك
ع ّني ال�سالم ،و�أ ْب ِل ْغه ما َلقيتُ من �ألم الجراح ،ف�إ ّني
أردت ثوا َبك في ُن�صر ِة ذر ّية نب ّيك»(((.
� ُ
((( الأمين ,مح�سن� ,أعيان ال�شيعة ,ج� ,7ص .241
((( الم�صدر ال�سابق ,ج� ,1ص .606
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 58
قوم م�ستميتون
هو تو�صيف ُيع ِّبر عن �أعلى م�ستوى من ال�شجاعة التي
تقتحم ب��اب ال�م��وت ب��دون وج��ل ،وه��ذا نابع م��ن و�صفين
�أ َّك��د الإم ��ام الح�سين Qعلى ��ض��رورة وجودهما في
الملتحقين ب��ه ع�شية خ��روج��ه م��ن م�ك��ة�...« :أال وم��ن
ك ��ان ب ��اذ ًال فينا مهجته ،م� ِّ
�وط�ن�اً ع�ل��ى ل�ق��اء اهلل نف�سه،
((( الم�صدر ال�سابق ,ج� ,7ص .71
((( المجل�سي ,محمد باقر ,بحار الأنوار ,ج� ,44ص .387
أصحاب الحسين Q
59
ف�ل�ي��رح� ْ�ل م�ع�ن��ا ،ف ��إ ّن��ي راح ��ل ُم�صبحاً �إن ��ش��اء اهلل»(((.
�أ َّما توطين �أنف�سهم على لقاء اهلل فيبرز في م�شاهد
ا�ستثنائية في ليلة العا�شر من مح َّرم:
-1فها هو برير بن ف�ضيل يمازح عبد الرحمن الأن�صاري
ها�شا �ضاحك ًا ،فيقول له عبد الرحمن :ما هذه �ساعة با�شا ًًّّ
باطل :فيجيبه برير« :لقد علم قومي �أ ّن ��ي م��ا �أحببت
ال وال �شا ّباً ،ولك ّني م�ستب�شر بما نحن القون, الباطل كه ً
واهلل م��ا بيننا وب�ي��ن ال�ح��ور العين � ّإل �أن يميل علينا
ولوددت �أ ّنهم مالوا علينا ال�ساعة»(((.
ُ ه�ؤالء ب�أ�سيافهم,
-2وها هو حبيب بن مظاهر يخرج من خيمته �ضاحك ًا،
فيبادره يزيد بن الح�صين التميمي قائ ًال« :م��ا هذه
أحق من هذا�ساعة �ضحك» فيجيبه حبيب�« :أيّ مو�ضع � ّ
بال�سرور! واهلل ،ما هو �إال �أن يميل علينا ه�ؤالء الطغاة،
فنعالجهم ب�سيوفنا �ساعة ،ثم نعانق الحور العين»(((.
((( عبد الح�سين ،المجال�س الفاخرة في م�آتم العترة الطاهرة ،تحقيق محمد البدري،
ط ،1قم ،م�ؤ�س�سة المعارف الإ�سالمية 1421 ،هـ� ،ص .231-230
((( الطبري ,محمد بن جرير ,تاريخ الطبري( ,ال ,ط) ,بيروت ,م�ؤ�س�سة الأعلمي,
(ال ,ت) ,ج� ,4ص.338
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 62
ع ّباد
Q ا�شتهر جملة م��ن �أ��ص�ح��اب الإم� ��ام الح�سين
بالعبادة ،فقد ورد في �سيرة:
� -سويد بن عمر �أ َّنه كان �شريف ًا كثير ال�صالة.
-وعاب�س بن �أبي �شبيب �أ َّنه كان نا�سك ًا ّ
متهجد ًا.
-وبرير �أ َّنه كان نا�سك ًا.
متهجد ًا كثير ال�صالة.
النه�شلي �أ َّنه كان ّ
ّ -و�أبي عمر
وقد برزت عبادتهم في ليلة ويوم العا�شر من مح ّرم،
ف� ْل� َن�ت���ص� َّور �أ َّن �ن��ا ك�ن��ا م��ع �أول �ئ��ك ال�ن��ا���س ليلة خ��روج
الح�سين Qمن مكة ،فهل ك َّنا خرجنا معه؟
الإمام الح�سين Qح َّدد �صفتين للم� َّؤهلين للخروج
معه:
الأولى :توطين النف�س على لقاء اهلل تعالى.
بذل ال ُم َهج في �أهل البيت .R الثانيةُ :
�أما توطين النف�س على لقاء اهلل ،فال ب َّد لح�صوله من
تثبيت المعرفة باهلل تعالى ،وتطويرها من المعرفة النظرية
نح�صلها من خ�لال ال�ت��أ ّم��ل ،والمطالعة ،والتع َّلم, التي ِّ
فالبعرة تد ُّل على البعير ،والآثار على الم�سير� ،أ�سما ٌء ذات
�أبراج ،و�أر�ض ذات فجاج� ،أال تد َّالن على اللطيف الخبير؟!.
قال الد ّي�صاني للإمام ال�صادق ُ :Qد َّلني على
معبودي ,فقال له« :Qاجل�س» ،و�إذا غالم �صغير،
في ك ّفه بي�ضة يلعب بها ،فقال « :Qناولني ,يا غالم,
البي�ضة» .فناوله �إياها فقال الإم��ام ال�صادق :Q
71 بحألاو هللا ءاقل
وهي �أن يكون باذ ًال في �أهل البيت Rمهجته ،فهي ال
تكون �إال من خالل ال�صدق في ح ِّبهم؛ لأنَّ فطرة الإن�سان
حب الكمال المطلق حب الكمال تدعوه �إلى ِّ التي تدعوه �إلى َِّ
حب الأكمل من الخلقْ ،و� ُ
أكمل الخلق هم �أو ًال ،وبعده �إلى ِّ
مح ّمد و�آل مح ّمد.
النبي�Pأ ّنه قال« :ال ي�ؤمن �أحدكم حتى لذا ورد عن ّ
أحب �إليه من ولده ووالده والنا�س �أجمعين»(((. �أكون � َّ
يحب لقاءه.
يحب ر�سول اهللُّ P ومن ّ
وهذا هو �س ُّر ابت�سامة ال�سيدة الزهراء Oبعد بكائها
النبي Pمرتين ,ف�س ُئلت عن ذلك ,ف�أجابت حينما �أ�س َّر �إليها ّ
النبي � Pأخبرها �أ َّول مرة �أ َّنه راح ٌل عنها ,فبكت لفراقه, ب�أنَّ ّ
ثم �أخبرها �أ َّنها �أ ّول الالحقين به ف�ضحكت للقائه.
وه ��ذا ه��و ��س� ُّر ق��ول �سعيد ب��ن عبد اهلل الحنفي في
(((
عا�شوراء�« :أقدم ح�سين اليوم تلق �أحمد»...
و�أكمل :و�شيخك الخير عل ّياً ذا الندا(((.
((( الري �شهري ,محمد ,ميزان الحكمة ,تحقيق دار الحديث ,ط ,1دار الحديث,
(ال,ت) ,ج� ,1ص .518
((( المجل�سي ,محمد باقر ,بحار الأنوار ,ج� ,45ص .26
((( الم�صدر ال�سابق نف�سه.
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 74
لأنَّ عل ًّيا يم ِّثل �أكمل النا�س بعد ر�سول اهلل ُّ ،P
فحب
إن�ساني الثاني ،لذا
حب للكمال ال ّ علي Qهو ٌّ الإم��ام ّ
أحب عارفوه لقاءه ،فكانت الب�شارة عند موتهم. � َّ
وهذا ما ح�صل مع �شاعر �أهل البيت �إ�سماعيل الحميري
الذي كان عنده ح�صان جميل ،له قيمة مرتفعة ،كان يح ّمله
ويذهب �إلى �ساحة الأدب وال�شعر ويقول متحدِّ ي ًا :من نظم
في منقبة من مناقب �أهل البيت Rلم �أنظم فيها ,فله
هذا الح�صان .فكان ال�شعراء ك َّلما �أتوا بق�صيدة �شعر في
منقبة من مناقب �أهل البيت ,Rقر�أ عليهم �شعر ًا من
نظمه فيها ,فلم يربح �أحد ح�صانه .كما ر َّبى هذا ال�شاعر
�أرب��ع بنات ،ك� ٌّل منهنَّ نظمت �أربعماية ق�صيدة في �أهل
البيت.R
لقد ع َّبر هذا ال�شاعر ،قبيل موته ،عن فرحة اللقاء
بالحبيب ،بعد محنة ق�صيرة م َّر بها على عتبة الموت� ،إذ
بدت في وجهه نكتة �سوداء �أخ��ذت تمتد ،ثم بدت مكان
ظهورها الأول لمعة بي�ضاء ،فلم ت��زل تزيد وتنمى حتى
75 بحألاو هللا ءاقل
تج ِّليات ّ
الحب
الحب لمح ّم ٍد و�آل محمد هو الذي �صنع لوحة
�إنَّ هذا ّ
كربالء ب�أبهى �صورها.
-وهو الذي جعل �سعيد بن عبد اهلل الحنفي يدافع عن
الإمام الح�سين Qفي �صالته يتل َّقى ثالث ع�شرة نبلة
((( الطو�سي ،محمد بن الح�سن ،الأمالي� ،ص .628
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 76
لي�س بنف�سه جمي ًال وال قبيح ًا ،بل الذي يحدِّ د جماله �أو قبحه
الخط هو حاجب ًا هو اللوحة التي يوجد فيها ،فلو كان هذا ُّ
فوق عين الإن�سان ،فهل جماله با�ستقامته �أو باعوجاجه؟
من الم�ؤ ِّكد �أنَّ اعوجاجه هو الذي يعطيه الجمال الممدوح،
ومن هنا قيل:
�أ ّيها الحاجب المعوج ،لو كنت جال�س ًا لكنت �أعوج
وقطع اليد لي�س دائم ًا يو�صف بالقبح ،فلو �أنَّ �إن�سان ًا
لدغته �أفعى في يده ،وتو َّقفت حياته على قطعها ،ف�إنَّ �أ َّمه
تل ُّح على الطبيب �أن يقطعها؛ لأنّ بقاء اليد لم يعد بنظرها
ح�سن ًا ،بل قطعها هو كذلك.
مع �أنَّ قطع اليد فيه ما فيه من ال�سلب َّيات� ،إال �أنَّ الحكم
إيجابي ،بلبالح�سن ال يكون على �أ�سا�س �أنَّ ال�شيء ُك ّله � ّ
الحكم يتبع النتيجة الإيجاب ّية الف�ضلى بعد تزاحم الإيجاب ّيات
وال�سلب ّيات ،في لوحة وجود ال�شيء.
وهذه الخلف ّية هي التي ت�شكل المبد�أ ال�صحيح للحكم
على �إ�شارات المرور ،فطالما �أن الإيجاب ّيات هي الغالبة،
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 82
َ َ َ ٰٓ َ
ي َـٔاد ُم ِيم ٣٢قال ِيم ۡ َ
ٱلك ُ نت ۡٱل َعل ُ ك أَ َ َ َ ٓ َّ َ َ َّ ۡ َ َ ٓ َّ َ
لا إِل ما علمتنا ۖ إِن
َ
َ َ َ ُ َّ ُ َ ٓ َ َ ۡ ُ َ ۡ َ ٓ ۡ َ َ َّ ٓ َ ُ
َ َ
ۢنبأهم بِأ ۡس َمائ ِ ِه ۡم قال أل ۡم أقل لك ۡم أۢنبِئهم بِأسمائ ِ ِهمۖ فلما أ
َ َ ۡ ن أَ ۡعلَ ُم َغ ۡي َ
ُ
ون َو َما ك ُ
نت ۡم
َ
َ ۡ ُ َ ُُۡ َ
ۡرض وأعلم ما تبد ت َوٱل ِ ب َّ َ َ
ٱلسمٰو ٰ ِ إِ ِّ ٓ
َ ُُۡ َ
ون﴾(((. تكتم
فالمالئكة حينما �س�ألت -ب�صورة االعترا�ض -انطلقت
من علم لديها بم�ستقبل �أ�سود للإن�سان ،فيه �سفك للدماء،
و�إف�ساد في الأر�ض.
وم��ن الم�ؤ َّكد �أنَّ معلومات المالئكة كانت �صحيحة،
والتاريخ والحا�ضر خير �شاهدين على ذلك ،لذا لم يقل
اهلل للمالئكة� :إنّ الإن�سان لن يف�سد في الأر�ض ،ولن ي�سفك
الدماء ،بل �أخبرها ب�أنَّ الم�شكلة فيها هي �ضيق النظرة؛
اطلعت على ج��زءٍ من لوحة الإن�سانية ،وهو الجزء لأ َّنها َّ
تطلع على تمام اللوحة .من هنا قال ال�سلبي ،ولم َّ
ّ الأ�سود
َۡ ُ ََ َ َ َ
ٓ ۡ ّ
ون﴾ ،ولأجل اطالعها على الجزء ن أعل ُم َما ل تعلم لها﴿ :إ ِ ِ
الآخر من تلك اللوحة ع َّلم �آدم الأ�سماء ُك َّلها ،ثم عر�ضهم
((( �سورة البقرة ،الآيات .33 - 30
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 84
والريا�ضي المت�أ ِّلق ال ي�صبح كذلك -عادة � -إال بعد ّ م�ضنية،
تدريب قا�س .حالهما كحال الما�س الذي يتك َّون من كربون م َّر
ب�ضغوطات عالية.
-2ت�صويب الم�سار
�إنَّ البالء ي�ساعد في ت�صويب م�سار الإن�سان ،في حياته،
وقد يوقظه من غفلته.
وقد َل َف َت القر�آن الكريم �إلى هذه الحقيقة في غير �آية.
َ َ ْ َۡ َ َ ۡ َ َ َ َّ ُ ّ َ
ۡرض ٱلر ۡزق ل ِ ِع َبادِه ِۦ لَغ ۡوا ِف ٱل ِ قال تعالى﴿ :ولو بسط ٱلل ِ
ٓ ُ َ
كن ُي َ ّ ِنل ب ِ َق َدرٖ َّما ي َ َشا ُء ۚ إِنَّ ُهۥ ب ِ ِع َبادِه ِۦ َخبِ ُري ۢ بَ ِصري.(((﴾َٞول ٰ ِ
ابَانِبِهِۦ
ٔ نسن أَ ۡع َر َض َو َ َ
ن ٰ َٓ َۡ َ ۡ َ ََ ۡ َ
ِ ٱل ِ وقال تعالىِ﴿ :إَوذا أنعمنا ع ِ
يض﴾(((. َ َ َّ ُ َّ ُّ َ ُ ُ َ ٓ َ
ِإَوذا مسه ٱلش فذو دع ٍء ع ِر ٖ
-3تعوي�ض الآخرة
�إنّ البالء يعقبه تعوي�ض �أخ ��روي يريح المعتقد به،
فقد ورد عن النبي�« :Pإ َّن في الج َّنة �شجرة يقال لها
�شجرة البلوى ،ي�ؤتى ب�أهل البالء يوم القيامة ،فال ُيرفع
((( �سورة ال�شورى ،الآية .27
((( �سورة ف�صلت ،الآية .51
87 ةيبنيزلا ةحوللا يف ءاروشاع
ي�صب عليهم الأجر لهم دي��وان ،وال ين�صب لهم ميزانُّ ،
�ص ّباً»(((.
وكتطبيق لذلك التعوي�ض الإلهي الكبير� ،أُعطي هذه
الأمثلة التي تع ّر�ضت لها الروايات:
�أ� -سقوط الجنين
عن النبي�« :Pإ ّني مكاثر بكم الأمم ،حتى � ّإن ال�سقط
ليظ ّل محبنطئاً على باب الج ّنة ،فيقال له� :أدخل الج ّنة،
فيقول� :أنا و�أبواي ،فيقال� :أنت و�أبواك»(((.
ب -موت الولد
ورد �أنّ اهلل تعالى �أوحى �إلى نب ّيه داود Qـ حينما
مات ولده وقد حزن عليه« :م��ا يعدل ه��ذا الولد عندك؟
قال :Qكان ،يا رب ،يعدل عندي ملء الأر�ض ذهباً»،
ف�أوحى اهلل تعالى �إليه« :فلك عندي ي��وم القيامة ملء
الأر�ض ثواباً»(((.
((( المجل�سي ،محمد باقر ،بحار الأنوار ،ج� ،79ص.137
ال�شهيد الثاني ،زين الدين ،م�سكن الف�ؤاد ،تحقيق ون�شر م�ؤ�س�سة �آل البيت Q
(((
لإحياء التراث ،ط،1قم 1407،هـ� ،ص.5
((( المجل�سي ،محمد باقر ،بحار الأنوار ،ج� ،79ص.121
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 88
حقائق في العمر
هناك حقائق في العمر غير خافية على �أح��د ،لكن
يح�سن لك ّل واحد م ّنا �أن يبقى ذاكر ًا لها ،فالعمر:
-1ي�سير كال�ساعة الرمل ّية ،ك َّلما �سار ق َّل ,لذا ف�أكبر عمر
الإن�سان لي�س حين يموت ،بل هو -كما يقول الإمام
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 98
((( ال�صدر ,محمد مهدي� ,أخالق �أهل البيت(,ال,ط)( ,ال,ن)( ,ال,ت)� ,ص .269
((( نهج البالغة ,ج� ,2ص .128
((( الري �شهري ,محمد ,ميزان الحكمة ,ج� ,2ص .919
99 ةظحللا مانتغاو رمعلا
الأيام ,فيقول العبد :م ّهلني �ساعة �أتدارك فيها ,فيقول :قد
�ض ّيعت ال�ساعات.
وورد عن الإمام علي�« :Qأ ُّيها النا�س ،الآن الآن ما
دام الوثاق مطلقاًَ ,وال�سراج منيراً ,وباب التوبة مفتوحاً
يجف القلم ,و ُتطوى ال�صحف»(((. من قبل �أن َّ
-5القيام ب�أح�سن الأعمال
ُ َ ُ ُ ۡ َّ
﴿ٱلِي َخلَ َق ٱل ۡ َم ۡو َ
ٱل َي ٰوةَ ِلَ ۡبل َوك ۡم أيُّك ۡم
ت َو َ قال تعالى:
ٗ َ
أ ۡح َس ُن َع َمل ۚ﴾(((.
العمل الح�سن هو الذي يكون موافق ًا للحكم ال�شرعي،
وي�ؤتى به ب�إخال�ص هلل تعالى.
توجهه هللو�أح�سن الأعمال هو ما جمع فيه الإن�سان بين ُّ
تعالى ،وخدمة النا�س على قاعدة الحديث ال�شريف« :الخلق
أحب خلقه �إليه �أنفعهم لعياله»(((. ك ّلهم عيال اهلل ،ف� ّ
((( الميرجهاني ,ح�سن ,م�ستدرك نهج البالغة( ,ال,ط)( ,ال,ن)1388 ,هـ ,ج� ,2ص
.117
((( �سورة الملك ,الآية .2
((( الحلي ,الر�سالة ال�سعدية ,ط ,1قم1410 ,هـ� ,ص .160
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 104
نزل على رجل بالطائف ،قبل الإ�سالم ،فل َّما �أن بعث اهلل
مح ّمداً �Pإلى النا�س ،قيل للرجل� :أت��دري من الذي
�أر�سله اهلل ع� َّز وج� َّل �إل��ى النا�س؟ ق��ال :ال ،قالوا ل��ه :هو
مح ّمد بن عبد اهلل ،يتيم �أبي طالب ،وهو الذي كان نزل
بك بالطائف ،يوم كذا وكذا ف�أكرمته .فقدم الرجل على
ر�سول اهلل Pف�س َّلم عليه ،و�أ�سلم ،ثم قال له� :أتعرفني يا
رب المنزل الذي ر�سول اهلل؟ قال :Pومن �أنت؟ قال� :أنا ّ
نزلت به بالطائف في الجاهل ّية ،يوم كذا وكذا ،ف�أكرم ُتك،
فقال له ر�سول اهلل :Pمرحباً بك�َ ،س ْل حاجتك ،فقال:
�أ�س�ألك مئتي �شاة برعاتها ،ف�أمر له ر�سول اهلل Pبما �س�أل،
ثم قال لأ�صحابه :ما كان على هذا الرجل لو �س�ألني �س�ؤال
عجوز بني �إ�سرائيل لمو�سى Qبما �س�أل ،فقالوا :وما
�س�ألت عجوز بني �إ�سرائيل لمو�سى Q؟ فقال � :Pإ َّن
اهلل ع ّز ذكره �أوحى �إلى مو�سى� Qأن احمل عظام يو�سف
Qمن م�صر قبل �أن تخرج منها �إلى الأر�ض المقدّ�سة
بال�شام ،ف�س�أل مو�سى Qعن قبر يو�سف Qفجاء
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 106
�شيخ فقالْ � :إن كان �أحد يعرف قبره ففالنة ،ف�أر�سل مو�سى
� Qإليها ،فل ّما جاءته قال :تعلمين مو�ضع قبر يو�سف
Q؟ قالت :نعم .ق��ال :Qفد ّليني عليه ،ول��ك ما
� �س ��أل��ت .ق��ال��ت :ال �أد ّل� ��ك عليه �إال ب�ح�ك�م��ي .ق ��ال :Q
فالج ّنة ،قالت :ال �إال بحكمي عليك ،ف�أوحى اهلل ع ّز وج ّل
�إل��ى مو�سى :Qال يكبر عليك �أن تجعل لها حكمها،
فقال لها مو�سى :Qفلك حكمك قالت :ف ��إ ّن حكمي
�أن �أكون معك في درجتك التي تكون فيها يوم القيامة في
الج ّنة .فقال ر�سول اهلل :Pما كان على هذا لو �س�ألني ما
�س�ألت عجوز بني �إ�سرائيل»(((.
علي ،لقد �أرعبتُوج��اء منادي ًا« :الله َّم �إليك تبتُ فتب َّ
ُقلوب �أوليائك و�أوالد نب ّيك»..
وعندما وقف �أمام خيمة الإمام كان ر�أ�سه منحني ًا على
�سرج فر�سه ،فقال للإمام�« :أنا �صاحبك الذي حب�ستك عن
الرجوع ،و�سايرتك في الطريق ،وجعجعت بك الطريق،
�س ّيدي وموالي ،جئتك تائباً �إلى اهلل م ّما كانت م ّني ،فهل
ترى لي من توبة؟ فقال له الإمام :نعم ،يتوب اهلل عليك،
ف��أن��ت ال�ح� ّر ف��ي الدنيا ،و�أن ��ت ال�ح� ّر ف��ي الآخ ��رة �إن �شاء
اهلل»(((.
�سر المرتبة
ُّ
إلهي من خلق اهلل تعالىوخلف َّية ذلك تكمن بالهدف ال ّ
للإن�سان ،وهو الكمال الذي يريد ع ّز وج ّل �أن يتح ّقق من
خالل �أمرين:
الأول :كمال الإن�سان الفردي.
الثاني :كمال المجتمع الإن�ساني وقافلة الب�شرية.
فكما �أنّ الإن�سان عليه �أن ي�سعى لكمال نف�سه ,فعليه �أن
يتح ّمل م�س�ؤوليته في كمال المجتمع الذي بدونه ال يتح ّقق
الفردي.
ّ الكمال
الأمر بالمعروف
من هنا كانت القيمة العالية للأمر بالمعروف بين
النا�س ,فعن الر�سول الأكرم« :Pوالذي نف�سي بيده ,ما
أحب من قول الخير»((( .وعنه:P�أنفق النا�س من نفق ٍة � ّ
«الدال على الخير كفاعله»(((.
ُّ
((( الم�صدر ال�سابق� ,ص .123
((( الم�صدر ال�سابق� ,ص .124
113 كنملا نع يهنلاو فورعملاب رمألا
عند الفجر ،ففتح الباب متفاجئ ًا ،ما الأم��ر؟ فطلب منه
الم�سلم �أن يذهبا �إلى الم�سجد لأداء �صالة الفجر ،فذهبا
وبعد ال�صالة �أراد من كان ن�صران ّي ًا الرجوع �إل��ى بيته،
�إ َّال �أنّ جاره �أ�ص َّر عليه �أن يقر�أ القر�آن ال �س ّيما �أنّ الوقت
بين الفجر وطلوع ال�شم�س من الأوقات المباركة ...طلعت
ال�شم�س لكنّ جاره لم يدعه يذهب �إلى بيته� ،إذ �أخذ يل ّقنه
�أدعية م�ستح ّبة في ذلك الوقت� ،إلى �أن جاء وقت �صالة
هم بالذهاب �إلى بيته ا�ستبقاه جاره الظهر ف�ص ّلى ،وحين َّ
في الم�سجد لقراءة بع�ض الأدعية حتى ي�أتي وقت �صالة
الع�صر ،وح ّل وقت الع�صر ،و�أبى جاره �إ َّال ا�ستبقاءه ل�صالة
المغرب ،ولم يدعه يرجع �إلى بيته �إ َّال بعد �صالة الع�شاء.
وفي اليوم التالي جاء الم�سلم عند الفجر ،وطرق باب
(الن�صراني �سابق ًا) ،ففتح له الباب ،و�س�أله :ما
ّ ج��اره
الأمر؟ فطلب منه الذهاب معه �إلى الم�سجد ،لك َّنه تفاج�أ
الن�صراني« :اذه��ب يا ه��ذا ،وابحث لدينك ّ حينما �أجابه
عن رجلٍ غيري ،ف�إ ّني رجل ذو عيال».
115 كنملا نع يهنلاو فورعملاب رمألا
النهي عن المنكر
�أ َّما الموقف من المنكر ،حينما يواجهه الم�ؤمن ,فقد
تع َّر�ضت الأحاديث ال�شريفة لع ّدة �صور له:
�-1أن يداهن �أهل المنكر ,وال ينهاهم عنه.
وم�صيره ورد ،في رواية عن الإم��ام �أبي جعفر:Q
«�أوح ��ى اهلل �إل ��ى �شعيبٍ النبي � :Qإ ّن ��ي م�ع� ِّذب من
قومك مئة �ألف� :أربعين �ألفاً من �شرارهم ،و�ستين �ألفاً
رب ه�ؤالء الأ�شرار ،فما بال من خيارهم ،فقال :Qيا ّ
الأخيار؟ ف�أوحى اهلل ع ّز وجل �إليه :داهنوا �أهل المعا�صي,
ولم يغ�ضبوا لغ�ضبي»(((.
َ َّ َ
َ َ ٗ َ ٗ َ َ ۡ َ ً ٰ َ ّ ُ ۡ َ َ ُ ۡ َ َّ ُ َ ُ ْ
وق�صون﴾(((ّ . عذابا شدِيداۖ قالوا معذِرة إِل ربِكم ولعلهم يتق
ََ َ ْ
الق�صة بقوله تعالى ﴿فل َّما ع َت ۡوا َعن َّما علينا القر�آن نهاية هذه ّ
ُ ْ َ ُۡ َ ُ ُ ْ َ َ
ن ُهوا ع ۡن ُه قل َنا ل ُه ۡم كونوا ق َِردةً خ ٰ ِ ٔ
س َِني﴾(((.
فمن هم الذين م�سخهم اهلل �إلى قردة خا�سئين ؟
تفيد بع�ض التفا�سير �أنّ المم�سوخين هم :ال�صيادون,
والم�ستنكرون نهي ال�صيادين عن المنكر(((.
�-3أن ي�سكت فال يداهن ,وال يمانع ,بل ي�سكت
بدون � ّأي تفاعل.
وم�صيره ورد في رواي��ة عن الإم��ام الباقرّ �« :Qإن
اهلل بعث ملكين �إلى �أهل مدينة ليقلباها على �أهلها ,فل ّما
لا يدعو ويت�ض ّرع انتهيا �إل��ى المدينة فوجدا فيها رج� ً
رب
«�إلى �أن قال :Qفعاد �أحدهما �إلى اهلل ،فقال :يا ّ
�إني انتهيت �إلى المدينة ,فوجدت عبدك فالناً يدعوك
َ َّ َ ۡ َ َ ُ ْ َ َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ ُ ۡ َ َ ُ ُّ ُ
ضكم َّمن ضل إِذا ٱه َت َد ۡي ُت ۡ ۚم ءامنوا عليكم أنفسكمۖ ل ي
َ ُ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ ((( ُ َ َّ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ٗ َ َ
ِيعا ف ُين ّب ِ ُئكم بِما كنتم تعملون﴾ جعكم ج إِل ٱللِ مر ِ
وهي ا�ستفاد ٌة خاطئة؛ لأن الآية تدعو الم�ؤمنين �إلى مالزمة
�سبيل الهداية ،من دون �أن يوح�شهم �ضالل من �ض َّل من
النا�س ،ف�إن اهلل �سبحانه هو المرجع الحاكم على الجميع
ح�سب �أعمالهم(((.
�أم��ا معالجة ال�ضعف الم�سلكي ,ف ��إنّ الإ��س�لام قارب
الهواج�س التي من خاللها يخاف الم�سلم من الإقدام على
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ,ال �س َّيما الهاج�سين
ا�س ْين في حياته هما:
ح�س َ
المتعلقين بعنوانين َّ
�-1أن ي�صيبه �ضرر في نف�سه ،قد ي�ؤ ّدي �إلى موته ب�سبب
الإقدام على هذه الفري�ضة.
�-2أن ينقطع رزقه ب�سبب هذا الإقدام.
وفي مقام رفع هذين الهاج�سين �أعلن الإمام عليQ
.7وي�ستقيم الأمر»(((.
وق��د ح � َّددت ال�شريعة ث�لاث مراحل لهذا النهي عن
المنكر:
الأول :الإنكار بالقلب
فعن الإم��ام علي�« :Qأدن ��ى الإن�ك��ار �أن ُيلقى �أه��ل
المعا�صي بوجوه مكفه ّرة»(((.
يواجه الم�ؤمن به من يحمل ك�أ�س �إنّ �أق ّل ما يمكن �أن ِ
خمر ي�شربها� ,أو يتناول الطعام دون عذر ،في نهار �شهر
رم�ضان� ,أو يغتاب الآخرين� ,أو نحو ذلك� ,أن يظهر عالئم
ال�سخط على وجهه من عمله القبيح.
الثاني :الإنكار بالل�سان
�إنَّ الكلمة الناهية عن المنكر قد تغ ِّير م�صير الناهي
والمنهي من قعر جه ّنم �إلى عوالي الج ّنة .وهذا ما نالحظه ّ
((( الحلي ,الح�سن بن يو�سف ,مختلف ال�شيعة ,تحقيق م�ؤ�س�سة الن�شر الإ�سالمي ,ط,1
قم ,م�ؤ�س�سة الن�شر الإ�سالمي1413,هـ ,ج� ,4ص .461
((( الطو�سي ,محمد بن الح�سن ,تهذيب الأحكام ,تحقيق ح�سن الخر�سان ,ط,4
طهران ,دار الكتب الإ�سالمية�1365 ,ش ,ج� ,6ص .177
123 كنملا نع يهنلاو فورعملاب رمألا
((( انظر :الحر العاملي ,محمد بن الح�سن ,و�سائل ال�شيعة ,ج� ,16ص .132
((( الري �شهري ,محمدي ,ميزان الحكمة ,ج�,2ص .206
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 124
عبد اهلل ب��ن عفيف الأزدي ،فقد ورد �أ َّن ��ه ،بعد ملحمة
عا�شوراء� ،صعد ابن زياد المنبر فحمد اهلل و�أثنى عليه،
وق��ال ،في بع�ض كالمه« :الحمد هلل ال ��ذي �أظ�ه��ر الحق
و�أهله ،ون�صر �أمير الم�ؤمنين و�أ�شياعه ،وقتل ،...فما زاد
على هذا الكالم �شيئاً حتى قام �إليه عبد اهلل بن عفيف
الأزدي ،وك��ان م��ن خيار ال�شيعة وز َّه��اده��ا ،وك��ان��ت عينه
الي�سرى ذهبت في يوم الجمل ،والأخرى في يوم �ص ّفين،
وك��ان ي�لازم الم�سجد الأع�ظ��م ،في�ص ِّلي فيه �إل��ى الليل،
فقال :يا ابن مرجانة �إ َّن الكذاب ابن الكذاب �أنت و�أبوك،
ومن ا�ستعملك و�أبوه ،يا عد َّو اهلل �أتقتلون �أبناء النبيين،
وتتك َّلمون بهذا الكالم على منابر الم�ؤمنين؟! فغ�ضب
ابن زياد ،ثم قال :من هذا المتك ِّلم؟ فقال� :أنا المتكلم يا
عد َّو اهلل ،تقتل الذر َّية الطاهرة التي قد �أذهب اهلل عنهم
الرج�س ،وتزعم �أ َّن��ك على دين الإ��س�لام؟ واغ��وث��اه! �أين
�أوالد المهاجرين والأن���ص��ار ،ال ينتقمون من طاغيتك
رب العالمين؟! اللعين ابن اللعين على ل�سان مح ّمد ر�سول ّ
125 كنملا نع يهنلاو فورعملاب رمألا
علي
فازداد غ�ضب ابن زياد حتى انتفخت �أوداجه ،وقالَّ :
به ،فبادر �إليه الجالوزة من ك ِّل ناحية لي�أخذوه ,فحمته
قبيلته ,لكن بعد ذلك ا�ستطاع جند ابن زياد �أن ي�أ�سروه,
عقب مقاومة �شديدة منه ,و�أُتي به �إلى ابن زياد ,فما كان
من عبد اهلل بن عفيف الأزدي �إال �أن قال:
«الحمد هلل رب العالمين� ،أم��ا �إ ّن��ي قد كنت �أ��س��أل اهلل
ربي �أن يرزقني ال�شهادة قبل �أن تلدك �أ ّمك ،و�س�ألت اهلل �أن
يجعل ذلك على يدَيْ �ألعن خلقه و�أبغ�ضهم �إليه ،فلما ُك َّف
ب�صري يئ�ست من ال�شهادة ،والآن الحمد هلل الذي رزقنيها
بعد الي�أ�س منها ،وع َّرفني الإجابة منه في قديم دعائي.
فقال ابن زياد :ا�ضربوا عنقه! ف�ضربت عنقه و�صلب»(((.
-3الإنكار باليد
عن الإم ��ام علي« :Qم��ن ر�أى ع��دوان �اً ُيعمل به,
ومن َكراً ُيد َعى �إليه ,ف�أنكره بقلبه ،فقد �سلم وبرئ ،ومن
�أنكره بل�سانه فقد �أُجِ ��ر ،وه��و �أف�ض ُل من �صاحبه ،ومن
((( انظر :المجل�سي ,محمد باقر ,بحار الأنوار ,ج� ,45ص .121-119
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 126
يتوجه �إليه لأجل كمال فيه ,فالإن�سان مفطور �شيء ,ف�إ ّنما ّ
والتوجه �إل�ي��ه .واهلل تعالى هو الكمال ّ على ح� ِّ�ب الكمال,
كل كمال .من هنا �أر�شدنا اهلل تعالى �إلى المطلق ,وم�صدر ِّ
َ َ َّ ۡ ُ َ ۡ َ َّ
ه ل ِلِي ف َط َر التوجه �إلى م�صدر الكماالت﴿ .وجهت وج ِ ّ
َ ۡ
َّ َ ٰ َ ٰ َ َ
التوجه الحا�ضر بدون غفلة هو ۡرض﴾((( وهذا ّ ت وٱل
ٱلسمو ِ
ۡ
ٱللِ َت ۡط َمئ ُّن ٱل ُقلُ َُّ ۡ َ َ
وب﴾(((. ِ الذي يحقق االطمئنان ﴿أل بِذِك ِر
الذكر؟ وال�س�ؤال :كيف نحقِّق هذا ِّ
ۡ َّ َ ََ
ٱلصل ٰوةَ ِلِك ِر ٓي﴾(((. ﴿وأق ِ ِم والجواب من اهلل تعالى:
فلأنَّ الذكر يح ِّقق الكمال الإن�ساني ,كانت ال�صالة ُ�س َّلم ًا
ومعراج ًا لالقتراب من الكمال المطلق ,لذا ورد عن ر�سول
اهلل�Pأ ّنه قال« :ال�صالة معراج الم�ؤمن»(((.
وفي هذا المعراج تخلية وتحلية.
تخلية ال�صالة
�أ َّما التخلية ,فال�صالة مط ّهرة من الذنوب �أنقى تطهير.
فعن �سلمان الفار�سي المحمدي(ر�ض)« :ك َّنا مع ر�سول
اهلل في ظ ِّل �شجرة ,ف�أخذ غ�صناً منها ,فنف�ضه ,فت�ساقط
ورقه ,فقال� :أال ت�س�ألونني ع ّما �صنعت ؟ قلنا� :أخبرنا يا
ر�سول اهلل ,فقال � :Pإ َّن العبد الم�سلم �إذا قام �إلى ال�صالة
تحاتت خطاياه ,كما تحاتت ورق هذه ال�شجرة»(((.
وتخلية ال�صالة ه��ي �أع�ل��ى مرتبة م��ن تخلية التوبة,
فمفعول التوبة يحدِّ ثنا عنه الإمام ال�صادق Qقائ ًال:
«�إذا تاب العبد توبة ن�صوحاً �أح ّبه اهلل ,ف�ستر عليه في
الدنيا والآخ��رة» ف�س�أله ابن وهب :وكيف ي�ستر عليه؟ فقال
« :Qيُن�سي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب ,ثم يُوحي
�إلى جوارحه :اكتمي عليه ذنوبه ,ويوحي �إلى بقاع الأر�ض:
اكتمي عليه م��ا ك��ان يعمل عليك م��ن ال��ذن��وب ,فيلقى اهلل
حين يلقاه ,ولي�س �شيء ي�شهد عليه ب�شيء من الذنوب»(((.
((( الحر العاملي ,محمد بن الح�سن ,و�سائل ال�شيعة ,ج� ,4ص .103
((( البروجردي ,ح�سين ,جامع �أحاديث ال�شيعة ,ج� ,14ص .324
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 134
هذا كلُّه �أث ٌر للتوبة� ,أما ال�صالة ،ف�إنَّ لها الأثر الأكبر
أهم ،وهو ما ُيفهم من الحوار التالي بين �أمير الم�ؤمنين وال ّ
Qوبع�ض �أ�صحابه ،حينما قال لهم:
«�أ َّي ُة �آي ٍة في كتاب اهلل �أرجى عندكم؟
َ
ۡ
ش َك بِهِۦ َو َيغفِ ُر َماٱلل َل َي ۡغفِ ُر أن ي ُ ۡ َ
-فقال بع�ضهم﴿ :إ َّن َّ َ
ِ
ٓ
ون َذٰل َِك ل َِمن ي َ َشا ُء ۚ﴾(((.
ُ َ
د
-قال« :Qح�سن ٌة ،ولي�ست �إياها».
ُ َۡ َ ۡ ۡ
﴿و َمن َي ۡع َمل ُس ٓو ًءا أ ۡو َيظل ِۡم نف َس ُهۥ ث َّم فقال بع�ضهمَ :
َ َّ َ َ َ َ ُ ْ َ ٰ َ ً َ ۡ َ َ ُ ٓ ْ
حشة أو ظلموا -فقال بع�ضهم﴿ :وٱلِين إِذا فعلوا ف ِ
َ ُ َ ُ ۡ َ َ ُ ْ َّ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ْ ُ ُ ۡ َ َ َ ۡ ُ ُّ ُ َ َّ
أنفسهم ذكروا ٱلل فٱستغفروا ِلنوب ِ ِهم ومن يغفِر ٱذلنوب إِل
ُٓ ُ ُ َ َ َ َ َّ ُ َ َ ۡ ُ ُّ ْ َ َ ٰ َ ُ ْ ُ
ع َما ف َعلوا َوه ۡم َي ۡعل ُمون ١٣٥أ ْو ٰٓلئِك َج َزاؤهم صوا ٱلل ولم ي ِ
َ ۡ َ َ
ِين ف َ
ِيها ۚ تت ِ َها ٱلنۡ َه ٰ ُر َخ ٰ ِل َ
ۡ َّ ۡ َ ۡ ٞ ٰ َّ َ َ ۡ ّ َّ ّ ٞ
ت ترِي مِن مغفِرة مِن رب ِ ِهم وجن
َ ((( ٰ َ ۡ َ َ ۡ ُ َۡ
ون ِعم أجر ٱلع ِملِني﴾ .
-قال « :Qح�سنة ،ولي�ست �إياها».
-ثم �أحجم النا�س ،فقال « :Qم��ا لكم يا مع�شر
الم�سلمين؟!
-قالوا :ال واهلل ،ما عندنا �شيء.
-فقال �« :Qسمعت ر�سول اهلل Pيقول� :أرجى
َّ َ ٰ َ َ َ َ َّ َ َ ُ َ ٗ ّ َ َّ ََ
ل
ِۚ ۡ
ٱل ِنم ا ف ل ز و ار ه ٱنل ف رط ةو لٱلص م
ِ ِ ق�آية في كتاب اهلل﴿ ،وأ
ِ ِ
َ ٰ َ ۡ َ ٰ َّ َّ ۡ َ َ َ ٰ ُ ۡ ۡ َ َّ ّ
ين﴾(((. ِلذٰكِر َ
ِ ات ذل ِك ذِكرى ل ٱلس ِ َٔ
ي ِۚ ت يذهِبإِن ٱلسن ِ
علي ،والذي بعثني بالحق ب�شيراً ونذيراً، وقال « :Pيا ّ
�إ َّن �أح��دك��م ليقوم �إل ��ى و��ض��وئ��ه ،فت�ساقط ع��ن ج��وارح��ه
ال��ذن��وب ،ف ��إذا ا�ستقبل اهلل بوجهه وقلبه ل��م ينفتل عن
�صالته وعليه من ذنوبه �شيء كما ول َد ْت ُه �أ ّمه ،ف� ْإن �أ�صاب
�شيئاً بين ال�صالتين ،كان له مثل ذلك ،حتى ع َّد ال�صلوات
الخم�س»(((.
علي� ,إ َّنما منزلة ال�صلوات الخم�س ثم قال « :Pيا ّ
ظن �أحدكم ،لو كان لأُ ّمتي كنه ٍر جا ٍر على باب �أحدكم فما ُّ
في ج�سده درن ثم اغت�سل في ذلك النهر خم�س مرات في
اليوم� ،أكان يبقى في ج�سده درن؟! فكذلك واهلل ال�صلوات
الخم�س لأُ ّمتي»(((.
�إذ ًا التوبة �ساترة للذنوب ,وال�صالة ماحية لها.
ب��ل �إنَّ ال�صالة ج��اذب � ٌة لعطايا اهلل تعالى ,فعن الإم��ام
ال�صادق« :Qللم�صلي ثالث خ�صال:
� -1إذا قام في �صالته يتناثر عليه الب ّر من �أعنان ال�سماء
�إلى مفرق ر�أ�سه.
تحلية ال�صالة
حب الكمال واالنجذاب بما �أنَّ الإن�سان مفطور على ِّ
�إليه ,وبما �أنّ ال�صالة هي معراج الم�ؤمن �إل��ى الكمال
إلهي.
المطلق ,فهي و�سيلة الع�شق ال ّ
وكم يرغب العا�شق بالتوا�صل مع مع�شوقه!
َ ۡ َ
﴿و َما ت ِلك ب ِ َي ِمين ِك
ق��ال اهلل تعالى لمو�سىَ :Q
َي ٰ ُم َ ٰ
وس﴾((( ,وهو �س�ؤال ُيتو َّقع �أن يكون جوابه بكلمة «ع�صا»,
((( ال�صدوق ,محمد بن علي ،ثواب الأعمال ,تحقيق محمد الخر�سان,ط ,2قم,
من�شورات ال�شريف الر�ضي�1368 ,ش� ,ص .35
((( الكليني ,محمد بن يعقوب ,الكافي ,ج� ,3ص .264
((( �سورة طه ,الآية .17
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 138
َ َ َ َ َ َ َ َ َ َّ ُ ْ
�إال �أنّ مو�سى خالف المتو َّقع ,فقال﴿ :قال ِه عصاي أتوكؤا
ُ َ
مارِ ُب أ ۡخ َر ٰى﴾(((.
ِيها َ َٔ
لف َ َعلَ ۡي َها َوأ ُه ُّش ب ِ َها َ َ ٰ
ع َغ َن ِم َو َ
ِ
ما دخل ك ّل ذلك بال�س�ؤال؟ الجواب ـ بلغة القلب� :إنّ
مو�سى Qل ّما علم �أ ّن��ه يتك ّلم مع مع�شوقه ،وه��و اهلل
أحب �أن يطيل الحديث معه.
تعالىَّ � ،
النبي محمدPحينما يح ُّل وقت ال�صالة، من هنا كان ّ
يقول ل�صاحبه بالل (ر�ض)�« :أرحنا يا بالل»(((.
�إنَّ من ي�شعر ،في �صالته ،بحالة الع�شق هذه ,بروحه
المتحركة وج�سده الذي ينتقل من حالة �إلى حالةُ ،يدرك ِّ
معنى ما ورد عن الإم��ام علي�« :Qإنّ الإن���س��ان �إذا
ك��ان في ال�صالة ,ف ��إ َّن ج�سده وثيابه وك � َّل �شيء حوله
ُي�س ِّبح»(((.
ت�أويل ال�صالة
وه��ذه ال��رواي��ة ح��ول ت�سبيح ك� ّل الج�سد تدفعنا لفهم
حركات الم�ص ّلي ,والتي يب ّين بع�ضها �أمير الم�ؤمنينQ
قيم ال�صالة
�إنَّ مقام ال�صالة هذا ،ي�ستدعي �أن نلتفت �إلى �أمور،
هي:
-1وقت ال�صالة
ينبغي للم�ؤمن �أن يعطي ال�صالة الأولو ّية على جميع ما
عداها من الأعمال ,وهذا ما يرمز �إليه �أذان ال�صالة َّ
«حي
على خير العمل» .فمن ي�ص ّلي �صلواته في �أ ّول �أوقاتها,
كل �صلة. ف�إ ّنه يع ِّبر بذلك عن تقديم �صلته باهلل على ِّ
لذا جعل الإمام ال�صادق Qال�صلوات في مواقيتها
((( البروجردي ,ح�سين ,جامع �أحاديث ال�شيعة ,ج� ,5ص .60
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 140
-2مكان ال�صالة
ب�أنْ يختار �أف�ضل الأمكنة و�أح َّبها عند اهلل تعالى� ,أال
وهي الم�ساجد ,فقد ورد �أنَّ اهلل تعالى �أوحى �إلى نب ِّيه داود
�« :Qإ َّن بيوتي في الأر���ض الم�ساجد ،فطوبى لعبد
تطهَّر في بيته ،ثم زارن��ي في بيتي� ،أال �إ َّن على المزور
كرامة الزائر»(((.
-3هيئة ال�صالة
ب�أن يق�صد �صالة الجماعة التي ورد �أ ّنها �إذا زاد عددها
عن الع�شرة «فلو �صارت البحار وال�سماوات والأر�ض ك ّلها
مداداً ,والأ�شجار �أقالماً ,والثقالن مع المالئكة ُك َّتاباً ,لم
(((
يقدروا �أن يكتبوا ثواب ركعة واحدة»
وما يزيد من ثواب الجماعة �أن تكون في الم�سجد.
النبي« :Pم��ن م�شى �إل ��ى م�سجد يطلب فيه فعن ّ
الجماعة ،كان له بكل خطوة �سبعون �ألف ح�سنة ،ويرفع
ل��ه م��ن ال ��درج ��ات م�ث��ل ذل ��ك ،و� ّإن م��ن م ��ات وه ��و على
ذل��ك و َّك��ل اهلل به �سبعين �أل��ف ملك يعودونه في قبره،
ويب�شرونه ،ويون�سونه في وحدته ،وي�ستغفرون له حتى ِّ
ُي ْبعث»(((.
-4روح ّية ال�صالة
ب���أنْ ي�ص ّليها بح�ضور القلب ,فعن الإم ��ام ال�صادق
�« :Qإذا �أحرمتَ في ال�صالة ،ف�أقبل عليها ،ف�إ َّنك �إذا
�أقبلت �أقبل اهلل عليك ،و�إذا �أعر�ضت �أعر�ض اهلل عنك»(((.
�-5أثر ال�صالة
َۡ َ ٓ َّ َ
ٱلصل ٰوةَ َت ۡن َ ٰ َّ
ه َع ِن ٱلف ۡحشاءِ ق��ال اهلل تعالى﴿ :إِن
ۡ َ
(((
َوٱل ُمنك ِرۗ﴾
يحب اهلل تعالى �أنْ
فال�صالة تجعل الإن�سان يقترب م ّما ّ
يقترب منه ,ويبتعد عن ك ّل ما يريد اهلل �أن يبتعد عنه.
ذكرت ال�صالة ،جعلك اهلل من ر�أ�سه �إلى ال�سماء ،وقالَ :
الم�ص ِّلين ،نعم هذا �أ ّول وقتها ،ثم قال� :سلوهم �أن يك ّفوا
ع ّنا حتى ن�ص ّلي»((( .فقام الإمام الح�سين Qفي نحو
ن�صف من �أ�صحابه ،و�ص ّلى بهم جماعة ,وتق ّدم �سعيد بن ٍ
الحنفي �أمام الح�سين Qوهو ي�ص ّلي ,يدفع ّ عبد اهلل
عنه النبال بج�سده ,فما زال ُيرمى بالنبال حتى �سقط �إلى
((( المجل�سي ,محمد باقر ,بحار الأنوار ,ج� ,45ص .21
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 144
الأر�ض ،وفي ج�سده ثالثة ع�شر �سهم ًا ,وهو يقول�« :أللهم
ب ّلغ نب ّيك ال�سالم ع ّني ,و�أبلغه ما لقيتُ من �ألم الجراح,
أردت بذلك ن�صرة ذر ّي��ة نب ّيك»((( ,وعرجت روحه ف�إني � ُ
نحو ال�سماء ,ليكون في مح�ضر الع�شق العا�شورائي �شهيد
الدفاع عن ال�صالة.
هكذا هم �أ�صحاب الإمام الح�سين Qفي ع�شقهم
ع�شاق �شهداء ال ي�سبقهم من كان قبلهم، و�صالتهم ,ف�إ ّنهم ّ
وال يلحق بهم من بعدهم .فل َن ِ�سر على خطاهم ،مردِّدين :يا
ليتنا ك َّنا معكم ،فنفو َز فوز ًا عظيم ًا.
َّ
َ ۡي َعل ُلۥ َ ۡم َر ٗجا﴾((( .ف�إذا به يدعو اهلل تعالى «اللهم (�أنت)
غني
متعالي ال�م�ك��ان ,عظيم ال �ج �ب��روت�� ,ش��دي��د ال�م�ح��الّ ,
عن الخاليق ,عري�ض الكبرياء ,ق��ادر على ما ت�شاء ،قريب
الرحمة� ،صادق الوعد� ،سابغ النعمة ،ح�سن البالء ،قريب
�إذا دُعِ �ي��ت ،محيط بما خلقت ،قابل التوبة لمن ت��اب �إليك،
كرتَ ،ذكور
قادر على ما �أردتُ ،ت��درك ما طلبت�َ ،شكور �إذا ُ�ش َ
�إذا ُذكرت� ،أدعوك محتاجاً ،و�أرغب �إليك فقيراً ،و�أفزع �إليك
خائفاً ,و�أبكي مكروباً ،و�أ�ستعين بك �ضعيفاً ,و�أتو َّكل عليك
كافياً .اللهم احكم بيننا وبين قومنا؛ ف�إنهم غ ّرونا ,وخذلونا,
وغدروا بنا ,وقتلونا ,ونحن عترة نب ّيك ,وولد حبيبك محمد
Pالذي ا�صطفيته بالر�سالة ،وائتمنته على الوحي ،فاجعل
لنا من �أمرنا فرجاً ومخرجاً ،يا �أرحم الراحمين»(((.
�إ ّنه حديث عن الجهاد الأكبر في معركة الجهاد الأعلى،
في كربالء.
ُ َّ ۡ ْ
اس ٱع ُب ُدوا َر َّبك ُم ٱلِي﴿ي َأ ُّي َها ٱنلَّ ُ
لهذه العبادة بقوله َ ٰٓ
ون﴾((( . َ ۡ ُ ۡ َ َ َّ ُ ۡ َ َّ ُ َ
ِين مِن قبل ِكم لعلكم تتق ك ۡم َو َّٱل َ
َ ََ ُ
خلق
والتقوى في مفهومها تلتقي مع الوقاية ،وهي الم�شتركة
لت�صب في خانة معنى المنعة ّ المادي،
ّ معها في جذرها
والح�صانة والحماية .ولع ّله لهذا الأمر ع ّبر تعالى بـلبا�س
التقوى ،ف��إنَّ من وظيفة اللبا�س حماية الإن�سان ج�سد ًا،
ف ��أراد اهلل تعالى �أن يكون للإن�سان ،قلب ًا وروح � ًا ،حماية
اس ﴿ولِ َ ُ
معنوي هو التقوى َ �أخرى تتحقق من خالل لبا�س
ّ
ٱتل ۡق َو ٰى َذٰل َِك َخ ۡي.(((﴾ۚٞ
َّ
وفي بيان قر� ّآني �آخر للو�صول �إلى مرحلة الفوز النهائي
َّ َ َ
المع ّبر عنه بالفالح قال تعالى ﴿قَ ۡد أ ۡفل َح َمن تَ َز ٰك﴾(((.
والتزكية من زكا التي ت�أتي بمعنى طهر ،و�أي�ض ًا بمعنى زاد
ونما((( ،كما في �إطالق �أمير الم�ؤمنين Qفي ما ورد
عنه «العلم يزكو بالإنفاق»(((� ،أي ينمو ويتكامل ،فتزكية
النف�س المح ّققة للفالح تعني �إنماءها والعمل على تكاملها
ورق ّيها.
ومما تق ّدم نعرف �أهم ّية وقيمة تزكية النف�س ،ودورها
في تحقيق غاية خلق الإن�سان.
وكذلك نعرف �أهمية ال�س�ؤال عن المنهج القويم في
تزكية نف�س الإن�سان.
((( انظر :الر�سالة المن�سوبة �إلى بحر العلوم بعنوان ر�سالة ال�سير وال�سلوك ،تحقيق
ح�سن م�صطفوي ،تعريب ،ط ،1بيروت ،دار الرو�ضة1414 ،هـ� ،ص .133
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 154
من ناحية نظرته �إلى الت�صوف .من هنا نرى �أنَّ بع�ض من
ينحو بالت� ّصوف �إلى الناحية المعرف ّية يرد الم�صطلح �إلى
يوناني ه��و � Sophiأو Sophiaاليونان ّية التي تعني
ّ �أ�صل
الحكمة((( .وهذا ما يق ّرب الت� ّصوف �إلى العرفان في حين
ي�ص ّر البع�ض على التفرقة بين الت� ّصوف والعرفان ،في �أنَّ
الأ ّول يقع في دائرة ال�سلوك والعمل؛ في حين �أنَّ الثاني ينطلق
علمي ،ومن خالله يط ّل على ال�سير وال�سلوك.
من منهج ّ
وعملي((( ،يبحث
ّ نظري
ّ ق�سموا العرفان �إلى
من هناّ ،
النظري منه عن معرفة اهلل والعالم والإن�سان ،في حين ّ في
يبحث في العملي منه عن العالقات والواجبات المفرو�ضة
على الإن�سان مع نف�سه ،ومع العالم ،ومع اهلل ،فالأ ّول �شبيه
بالفل�سفة والثاني بالأخالق(((.
العرفاء والفقهاء
وهنا ينبغي التمييز بين مدر�ستي الفقهاء والعرفاء في
نظرتهم �إلى الغاية لتزكية النف�س التي على الإن�سان �أنْ
ي�سعى نحوها ،ففي حين يرى الفقهاء �أنّ الهدف الأق�صى
هو و�صوله �إلى ال�سعادة ،يع ّمق العرفاء �أطروحتهم ب�أنّ غاية
تزكية النف�س هي الو�صول �إلى اهلل تعالى.
فالفقهاء يرون �أن تعاليم الإ�سالم يمكن اخت�صارها في
ثالثة �أنواع:
الأول :العقيدة ،وهي التي من خاللها يتح ّقق الإيمان.
الثاني :الأخالق ،وهي التي ينبغي �أن يتعامل معها �سلوك ّي ًا
كترك الرذائل والتح ّلي بالف�ضائل.
ال�ث��ال��ث :الأح�ك��ام ،وه��ي التي ترتبط ب�أعمال الإن�سان
الخارج ّية.
�أ ّما العرفاء ف�إنهم يتحدثون عن ثالث مراتب:
الأولى :ال�شريعة.
الثانية :الطريقة.
157 ربكألا داهجلا
الثالثة :الحقيقة.
وقد ذكر العرفاء �أنّ هذه الم�صطلحات الثالثة م�أخوذة
نبوي �شريف هو « ال�شريعة �أقوالي ،والطريقة من حديث ّ
�أفعالي ،والحقيقة �أحوالي »(((.
وقد ذك��روا بيانات عديدة للتمييز بين هذه المراتب
المتد ّرجة.
فقالوا :ال�شريعة �أن تعبده ،والطريقة �أن تح�ضره،
والحقيقة �أن ت�شهده.
وقالوا :ال�شريعة �أن تقيم ب�أمره ،والطريقة �أن تقوم
ب�أمره ،والحقيقة �أن تقوم به(((.
وق��د ط� َّب��ق ال �ع��ارف ال�سيد ح�ي��در الآم �ل��ي { هذه
المراتب في العقيدة والأحكام.
ففي العقيدة ذكر �أنّ توحيد �أهل ال�شريعة عبارة عن
نفي �آلهة كثيرة ،و�إثبات �إله واحد ،ونفي �آلهة مق ّيدة و�إثبات
((( الآملي ،حيدر� ،أ�سرار ال�شريعة و�أطوار الطريقة و�أنوار الحقيقة ،ط ،1بيروت ،دار
الهادي 2003م� ,ص.67
((( الم�صدر ال�سابق �ص .49
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 158
�س�ؤال مف�صلي:
إجمالي للمراتب العرفان ّية الثالث نطرح
بعد االت�ضاح ال ّ
اال �أ�سا�س ًّيا يتعلق بدور هذه المراتب في الو�صول �إلى�س�ؤ ً
غاية تزكية النف�س .فهل ال�شريعة هي مجرد و�سيلة للو�صول
�إلى الطريقة وبالتالي للحقيقة ،وعليه ف�إ ّنها قد ُي�ستغنى
عنها؟ �أم �إ َّنه ال ب ّد منها على كل حال ،وال يمكن الو�صول
�إلى الحقيقة بدونها؟
((( الإمام الخميني ،Mروح اهلل ،الأربعون حديث ًا ،ترجمة الغروي ،قم المقد�سة،
دار الكتاب الإ�سالمي �ص.25
((( الإمام الخميني ،Mروح اهلل� ،أبعاد الحج ،ط ،1بيروت ،جمعية المعارف
الإ�سالمية الثقافية 1422هـ� ،ص .20
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 162
�روي على ح�سب ما يفيده معنى اللعن الذي يت�ض ّمن الأُخ� ّ
البعد عن رحمة اهلل ,والدخول في عذابه وناره.
الإجابة:
ن�صو�ص واردة
ٍ قد ينطلق البع�ض في مقام �إجابته من
في ظرف كربالء الخا�ص ،فيقول� :إنَّ دائرة اللعن تتع ّلق
بمن �سمع الداعية� ,سواء كان من الم�شاركين في القتال� ،أو
من الواقفين على ِّتل الحياد يبكون ،فقد �أورد ابن الأعثم
في الفتوح ب��أنّ الإم��ام الح�سين Qقال لعبيد اهلل بن
الحر�« :إن ا�ستطعت �أ ّال ت�سمع �صراخنا ,وال ت�شهد وقعتنا,
فافعل؛ لأ ّني �سمعت ر�سول اهللPوهو يقول :من �سمع
داعية �أه��ل بيتي ولم ين�صرهم على ح ِّقهم �إال �أك َّبه اهلل
على وجهه في النار»(((.
تجذير الإجابة
ولكن �أو ّد �أن �أُع ِّمق الجواب لي�شمل التاريخ والحا�ضر
((( بن �أعثم� ,أحمد ,كتاب الفتوح ،تحقيق علي �شيري ,ط ,1بيروت ,دار الأ�ضواء1411,هـ
ج� ،5ص.74
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 170
((( الطباطبائي ،محمد ح�سين ،الميزان في تف�سير القر�آن ،ج� ،8ص .119
173 اروشاع ةسردم يف رخآلا
َّ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ ّ َ َ ّ َ ٓ َ ۡ ۡ َ ٰ َ َ ۡ َ ُ َ
يعون ٱلرجا ِل وٱلنِساءِ وٱلوِلد ِن ل يست ِط
إِل ٱلمستضعفِني مِن ِ
ُ َ ك َع َس َّ ُ ُ
َ ْ َ ٰٓ َ ٗ َ َٗ َ
ٱلل أن َي ۡعف َو حِيلة َول َي ۡه َت ُدون َسبِيل ٩٨فأول ِئ
َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َّ ُ َ ُ ًّ َ ُ ٗ (((
عنه ۚم وكن ٱلل عفوا غفورا﴾
وم��ن لطيف م��ا ورد ف��ي ه��ذا الإط� ��ار ح��دي��ثُ الإم ��ام
ال�صادق Qعن �أ�صناف النا�س بالقيا�س �إلى الجزاء
الإل �ه� ّ�ي ،ففي الكافي ع��ن حمزة ب��ن الط ّيار ع��ن الإم��ام
ال�صادق« :Qالنا�س على �ستّ فرق ،ي�ؤولون ك ّلهم �إلى
ثالث فرق :الإيمان والكفر وال�ضالل ،وهم �أهل الوعدين
الذين وعدهم اهلل الج َّنة والنار :الم�ؤمنون ،والكافرون،
والم�ست�ضعفون ،والمرجون لأمر اهلل� ,إ ّما يعذبهم و� ّإما
ال �صالحاً يتوب عليهم ،والمعترفون بذنوبهم ,خلطوا عم ً
و�آخر �سيئاً ،و�أهل الأعراف»(((.
وق��د تناولت بع�ض ال��رواي��ات مو�ضوع الرحمة الإلهية
لبع�ض الم�ستحقين للعذاب ب�سبب تح ِّليهم ببع�ض القيم
يوم القيامة بما �أنتم عليه لم يتق َّبل منه ح�سنة ،ولم
يتجاوز له عن �سيئة»(((.
3ـ عن الإمام ال�صادق « :Qواهلل لو �أ َّن �إبلي�س �سجد
هلل ع َّز ذك��ره بعد المع�صية والتك ُّبر ُع ْم َر الدنيا ما
نفعه ذلك وال قبله اهلل ما لم ي�سجد لآدم كما �أمره
اهلل ع � َّز وج� � َّل �أن ي�سجد ل ��ه .وك��ذل��ك ه ��ذه الأم ��ة
العا�صية المفتونة بعد نب ّيهاPوبعد تركهم الإمام
ال��ذي ن�صبه نب ُّيهمPلهم ،فلن يقبل اهلل تبارك
ال ،ولن يرفع لهم ح�سنة حتى ي�أتوا وتعالى لهم عم ً
اهلل من حيث �أم��ره��م ،ويتو َّلوا الإم ��ام ال��ذي �أُم��روا
بواليته ,ويدخلوا من الباب الذي فتحه اهلل ع َّز وج َّل
ور�سوله لهم»(((.
وقد ع َّلق الإم��ام الخميني { في كتابه الأربعون
حديث ًا على ه��ذه الأح��ادي��ث ق��ائ� ً
لا�« :إن م��ا م � َّر ف��ي ذي��ل
ُ ۡ َۡ ُ َ
ون َر ۡ َ َ
ح َت َر ّب ِ َكۚ﴾(((. قال تعالى﴿ :أهم يقسِم
-خ-
1919الراوندي ،قطب الدين ،الخرائج الجرائح ،تحقيق
م�ؤ�س�سة الإم��ام المهدي| ,قم ,م�ؤ�س�سة الإم��ام
المهدي|1409 ,هـ.
2020الت�ستري ،جعفر ,الخ�صائ�ص الح�سين ّية ،تحقيق
جعفر الح�سيني ،من�شورات �أن ��وار ال�ه��دىُ ،ق��م,
(ال،ت).
-ذ-
2121ال�ط�ب��ري� ,أح�م��د ب��ن عبد اهلل ,ذخ��ائ��ر العقبى,
(ال,ط) ,القاهرة ,مكتبة القد�سي(,ال,ت).
-ر-
2222الحلي ,الر�سالة ال�سعدية ,ط ,1قم1410 ,هـ.
-ع-
2323الطب�سي ,محمد جعفر ,عا�شوراء وما تالها ,ط,1
بيروت ,دار الوالء( ,ال,ت).
2424المطهري ،مرت�ضى ،العرفان ،ترجمة نور الدين،
191 عجارملا
-ن-
4242الإم � ��ام ع�ل��ي ،Qن�ه��ج ال �ب�لاغ��ة ،ط ،1دار
الذخائر ،قم� ،إيران 1412 ،هـ.
4343الحر العاملي ,محمد بن الح�سن ,و�سائل ال�شيعة,
تحقيق م�ؤ�س�سة �آل البيت Rلإحياء التراث,
ط ,2قم ,م�ؤ�س�سة �آل البيت Rلإحياء التراث,
1414هـ.
الفهرس
المقدَّ مة �����������������������������������������������������������������������������������������������������������5
�سر الجذبة���������������������������������������������������������������������������������������������������7 ُّ
ه ��ل ل �ل �ك��ون �إدراك؟! ه ��ل ل�ل��أر� ��ض ن �ط ��ق؟! هل
لل�سماوات لغة؟!������������������������������������������������������������������������������������9
انجذاب الكون ��������������������������������������������������������������������������������������15
انجذاب الحيوان��������������������������������������������������������������������������������16
انجذاب المالئكة ������������������������������������������������������������������������������18
انجذاب الحور العين ��������������������������������������������������������������������19
انجذاب الماء����������������������������������������������������������������������������������������19
انجذاب الأنبياء20������������������������������������������������������������������������P
النبي �آدم 20....................................................................... Q ّ
النبي نوح 20..........................................................................Q ّ
وأتممناها بعشر (من وحي عاشوراء) 196
�أهل الب�صائر�����������������������������������������������������������������������������������������57
قوم م�ستميتون �����������������������������������������������������������������������������������58
ع ّباد �������������������������������������������������������������������������������������������������������������62
فكان وبقية �أ�صحاب الح�سين 64.............................Q
لقاء اهلل والأحبة �����������������������������������������������������������������������������65
�صفات الم�ؤهلين للخروج مع الإمام 70��������������� Q
تج ِّليات ّ
الحب ��������������������������������������������������������������������������������������75
عا�شوراء في اللوحة الزينبية����������������������������������������������77
كيف ننظر �إلى الأ�شياء؟ ��������������������������������������������������������������79
�أ ّيها الحاجب المعوج ،لو كنت جال�س ًا لكنت �أعوج 81.....
القر�آن وت�صويب النظرة �������������������������������������������������������������82
البالء بالمنظار ال�صحيح�����������������������������������������������������������84
�إيجاب َّيات البالء����������������������������������������������������������������������������������85
-1بناء ال�شخ�ص ّية القوية 85.......................................................
-2ت�صويب الم�سار 86......................................................................
-3تعوي�ض الآخرة 86........................................................................
�أ� -سقوط الجنين ���������������������������������������������������������������87
199 سرهفلا
النهي عن المنكر����������������������������������������������������������������������������115
�-1أن يداهن �أهل المنكر ,وال ينهاهم عنه 115.............
�-2أن يث ِّبط عزيمة الناهين عن المنكر 116....................
�-3أن ي�سكت فال يداهن ,وال يمانع ,بل ي�سكت
بدون � ّأي تفاعل117................................................................. .
�أ-ت�س ّلط الأ�شرار على المجتمع ������������������������������118
ب-عدم ا�ستجابة الدعاء �������������������������������������������118
ج -نزع البركات من المجتمع ��������������������������������118
�أ�سباب عدم الإقدام على الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر �������������������������������������������������������������������������������������������119
� -4أن يتدخل ,وينهى عن المنكر 121..................................
الأول :الإنكار بالقلب 122..............................................................
الثاني :الإنكار بالل�سان 122.........................................................
-3الإنكار باليد 125..........................................................................
عا�شوراء وال�صالة الأكمل ������������������������������������������������������129
الذكر؟ 132................................. وال�س�ؤال :كيف نح ِّقق هذا ِّ
تخلية ال�صالة ����������������������������������������������������������������������������������133
201 سرهفلا
)DEVERES NO ISLAM
1414خيوط القبعة ،بيروت ،دار ال�صفوة.
1515حائك القبعة (الإمام ال�س ّيد عبد الح�سين �شرف الدين)،
205 فلؤملل ردص
3737كيف ترجع كما ولدتك �أمك؟ بيروت ،بيت ال�سراج للثقافة والن�شر.
�3838شهر اهلل �آدابه -منا�سباته � -أوليا�ؤه ,بيروت ,بيت ال�سراج
للثقافة والن�شر.
3939ال تَق َر ُبوا ،بيروت ،بيت ال�سراج للثقافة والن�شر.
4040كيف نتوا�صل مع اهلل ،بيروت ،بيت ال�سراج للثقافة والن�شر.