Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 35

‫بسم هللا الرحــمن الرحــيم‬

‫اعتـقــاد اإلمـام الشــافعي‬


‫رحــمه هللا‬
‫( متن العـقيدة الشافـعِّية )‬

‫جمعــها‪:‬‬
‫أبو عبد العزيز طالب بن عمر بن حيدرة الكـثيري‬
‫‪Ibnhydra@hotmail.com‬‬
‫غفر هللا له‬

‫المقــدمة‬

‫احلمد هلل حنمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعـوذ باهلل من شرور أنفسنا‬


‫هادي‬ ‫ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده اهلل فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال‬
‫له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وأشهد أن حممًد ا عبده ورسوله‪ ،‬وبعد ‪:‬‬

‫‪0‬‬
‫فهذا مٌنت لطيٌف يف عقيدة اإلمام اجملدد فقيه عصره ناصر السنة حممد بن‬
‫إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب‪ ،‬أبو عبد اهلل القرشي مث‬
‫املطليب الشافعي املكي الغزي رمحه اهلل‪ 1،‬وقد شجعين جلمع هذا املعتقد من‬
‫كتب أهل العلم أموٌر منها‪:‬‬
‫مكانة هذا اإلمام رمحه اهلل‪ ،‬وقوة استدالله يف أبواب العلوم املختلفة من‬ ‫‪.1‬‬
‫لغة وشعر وتفسري وفقه وحديث؛ وحسن تقريره لقواعد عقيدة أهل السنة‬
‫واجلماعة؛ مما جعله جمدد امللة يف زمانه يف بيان أصول العقيدة والفقه واحلديث‪،‬‬
‫وبيان منهج التلقي واالستدالل وأصول السلف الصاحل رمحهم اهلل؛ حىت مسي‬
‫ببغداد ناصر السنة‪ ،‬قال اإلمام أمحد بن حنبل رمحه اهلل‪ :‬إن اهلل يقيض للناس يف‬
‫رأس كل مئة من يعلمهم السنن وينفي عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫الكذب‪ ،‬قال‪ :‬فنظرنا فإذا يف رأس املائة عمر بن عبد العزيز‪ ،‬ويف رأس املائتني‬
‫الشافعي‪ ،‬وكان يقول‪ :‬ما رأيت أتبع لألثر من الشافعي‪ ،‬وقال أبو زرعة مسعت‬
‫قتيبة بن سعيد يقول‪ :‬مات الثوري ومات الورع‪ ،‬ومات الشافعي وماتت‬
‫السنن‪ ،‬وميوت أمحد بن حنبل وتظهر البدع‪.‬‬
‫قوة مقارعته وحسن مناظرته ألهل الباطل وثبات حجته‪ ،‬قال ابن‬ ‫‪.2‬‬
‫أحدا إال رمحته‪ ،‬ولو رأيت الشافعي يناظرك‬
‫عبداحلكم‪ :‬ما رأيت الشافعي يناظر ً‬
‫لظننت أنه سبع يأكلك‪ ،‬وهو الذي علم الناس احلجج ‪.‬‬
‫‪ .‬انظر ترجمته سير أعالم النبالء ‪ ،5 /10‬والبداية والنهاية ‪.10/251‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬
‫اقتداًء مبن سبق من أهل العلم والفضل الذين حرصوا على مجع عقيدته‬ ‫‪.3‬‬
‫وإرشاد الناس إليها‪ ،‬كمثل اإلمام أيب بكر بن أيب داود القائل يف حائيته وهو‬
‫حيث على انتهاج سبيل الصحابة رضي اهلل عنهم ومن تبعهم بإحسان‪:‬‬
‫وفعال فأفلحوا‬ ‫قوال ً‬ ‫ومن بعدهم فالتابعون حلسن فأ خذوا فعلهم ً‬
‫أبو عمرو األوزاعي ذاك املسبح‬ ‫ومالك والثوري مث أخوهم‬
‫ومن بعدهم فالشافعي وأمحد إماما هدى من يتبع احلق ينصح‬
‫أولئك قوم قد عفا اهلل عنهم وأرضاهم فاجبهم فإنك تفرح‬
‫وكمثل اإلمام أيب عمرو عثمان بن أيب احلسن بن احلسني السهروردي الفقيه‬
‫احملدث‪ ،‬وهو من أئمة أصحاب الشافعي من أقران البيهقي وأيب عثمان الصابوين‬
‫وطبقتهما‪ ،‬له كتاب يف أصول الدين‪ ،‬قال يف أوله‪ :‬ودعاين إىل مجع هذا‬
‫املختصر يف اعتقاد السنة على مذهب الشافعي وأصحاب احلديث؛ إذ هم أمراء‬
‫العلم وأئمة اإلسالم‪ ،2..‬وكمثل شيخ اإلسالم رمحه اهلل الذي قال يف آخر‬
‫الميته املشهورة يف العقيدة ‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫هذا اعتقـاُد الشاِفعِّي ومالٍك وأيب حنيفـَة مث أحـمَد َيْنِق ـُل ‪.‬‬

‫‪ .‬اجتماع الجيوش اإلسالمية البن القيم‪.108/‬‬


‫‪2‬‬

‫‪ . 3‬وأما وصيته المشهورة التي اشتملت على جملة وافرة من معتقد أهل السنة والجماعة‪ ،‬فقد قال‬
‫عنها الذهبي رحمه هللا في السير ‪ :10/79‬وصية الشافعي من رواية الحسين بن هشام البلدي‬
‫غير صحيحة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ .4‬ما حيمله أهل هذا البلد؛ بلد حضرموت من تقدير وإتباع هلذا اإلمام يف‬
‫الفروع‪ ،‬وحمبة له وإلتباع أقواله يف األصول أيًض ا ما لو ظهرت هلم وعرفوها‬
‫وعرفوا صحة نسبتها إليه ‪.‬‬
‫‪ .5‬ما حدث من احنراف عقائد كثري ممن ينتسب إىل فقه اإلمام الشافعي رمحه‬
‫اهلل عن عقيدة إمامهم إىل مذهب األشعري‪ ،‬قال السيوطي الشافعي رمحه اهلل‪:‬‬
‫مث نبغ أقوام من السالطني؛ فتعصبوا ملذاهبه‪ ،‬وكثر أتباعه؛ حىت تركت الشافعية‬
‫معتقد الشافعي‪ ،‬ودانوا يقول األشعري‪ 4 ،‬بل خرجوا إىل ما حذر رمحه اهلل منه‬
‫من عقائد باطلة وأهواء زائغة‪ ،‬يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهلل عن أمثال‬
‫هؤالء‪ :‬فمن قال أنا شافعي الشرع أشعري االعتقاد‪ ،‬قلنا له‪ :‬هذا من األضداد؛‬
‫ال بل من االرتداد؛ إذ مل يكن الشافعي أشعري االعتقاد‪ 5،‬وقال رمحه اهلل‪:‬‬
‫وهنيا عن ذلك‪،‬‬‫ذما ألهل الكالم وألهل التغبري‪ً 6،‬‬
‫الشافعي من أعظم الناس ً‬
‫وجعال له من البدعة اخلارجة عن السنة‪ ،‬مث إن كثريًا من أصحابه عكسوا األمر؛‬
‫ً‬
‫حىت جعلوا الكالم الذي ذمه الشافعي هو السنة وأصول الدين الذي جيب‬
‫اعتقاده ومواالة أهله‪ ،‬وجعلوا موجب الكتاب والسنة الذي مدحه الشافعي هو‬
‫البدعة اليت يعاقب أهلها ‪ 7،‬فصدق فيهم قول القائل ‪:‬‬
‫‪ .‬المنتظم ‪.6/332‬‬‫‪4‬‬

‫‪ .‬مجموع الفتاوى لشيخ اإلسالم ابن تيمية ‪.4/177‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ .‬وهو شعر يزهد في الدنيا بغني به مغن؛ فيضرب بعض الحاضرين بقضيب على نطع أو‬ ‫‪6‬‬

‫مخدة على توقيع غنائه‪ ،‬إغاثة اللهفان البن القيم ‪.1/229‬‬


‫‪ .‬االستقامة لشيخ اإلسالم ابن تيمية ‪.1/15‬‬‫‪7‬‬

‫‪3‬‬
‫هم احنرفوا عن منهج احلق سالكي مهالك من حتريفهم والتأولِ‬
‫‪8‬‬
‫لقد بريء احلرب ابن إدريس منهم براءة موسى من يهود حمولِ‪.‬‬
‫ما أرجوه من اهلل تعاىل أن جيعلين ممن سار على هنجهم‪ ،‬وتأدب‬ ‫‪.6‬‬
‫بعلومهم‪ ،‬واقتفى أثرهم‪ ،‬ونشر علمهم؛ فتنالين من بركة هديهم وعلمهم‪ ،‬كما‬
‫قال من صدق كالمه ّيف ال فيه ‪:‬‬
‫ولست منهم لعلي أن أنال هبم شفاعة‬
‫ُ‬ ‫أحب الصاحلني‬
‫وإن كنا سواء يف البضاعة‬ ‫وأكره من بضاعته املعاصي‬

‫واهلل اسأل أن ينفعنا مجيًعا بالعلم النافع ويرزقنا اهلدي الصاحل ويثبتنا على‬
‫الصراط املستقيم حىت نلقاه‪.‬‬

‫وكتبــه ‪ :‬أبو عبد العزيز طالب بن عمر بن حيدرة الكثريي‬


‫غفر اهلل له ولوالديه وللمسلمني‬
‫ليلة السبت ‪ 28‬مجاد أول ‪ 1427‬هـ‬

‫‪ .‬اجتماع الجيوش اإلسالمية‪.202/‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪4‬‬
‫الفصل األول‪ :‬عقيدته في اإليمان باهلل واإليمان برسوله ‪‬‬
‫اإليمان بوجود هللا تعالى‪:‬‬
‫وعن الشافعي رمحه اهلل تعالى أنه سئل عن وجود اخلالق عز وجل‪ ،‬فقال‪ :‬هذا‬
‫ورق التوت طعمه واحد‪ ،‬تأكله الدود فيخرج منه اإلبرسيم‪ ،‬وتأكله النحل‬
‫وروثا‪ ،‬وتأكله‬
‫بعرا ً‬
‫فيخرج منه العسل‪ ،‬وتأكله الشاء والبقر واألنعام فتلقيه ً‬
‫‪9‬‬
‫الظباء فيخرج منه املسك‪ ،‬وهو شيء واحد‪.‬‬
‫اإليمان بأن هللا هو الخالق الرازق المدبر ‪:‬‬
‫وقال‪ :‬ال ينبغي شتم الريح؛ فإهنا خلق مطيع هلل وجند من جنوده‪ ،‬جيعلها اهلل‬
‫‪10‬‬
‫رمحة إذا شاء ونقمة إذا شاء‪.‬‬
‫وقال للربيع سألت الشافعي عن الرقية‪ ،‬فقال‪ :‬ال بأس أن يرقى بكتاب اهلل‬
‫وما يعرف من ذكر اهلل‪ ،‬قلت‪ :‬أيرقى أهل الكتاب املسلمني ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬إذا‬
‫‪11‬‬
‫رقوا مبا يعرف من كتاب اهلل وبذكر اهلل‪.‬‬
‫‪ .‬معارج القبول للحكمي ‪.1/111‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪ .‬تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد هللا ‪.603/‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪ .‬فتح الباري للحافظ ابن حجر ‪.10/197‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪5‬‬
‫التأدب في األلفاظ في جنب هللا تعالى ‪:‬‬
‫وقال الشافعي‪ :‬من قال مطرنا بنوء كذا على معىن مطرنا يف وقت كذا؛ فال‬
‫‪12‬‬
‫كفرا وغريه من الكالم أحب إىل منه‪.‬‬
‫يكون ً‬
‫التحـذير من الشرك باهلل ومن أسبابه ‪:‬‬
‫مسجدا خمافة‬
‫ً‬ ‫قال الشافعي رمحه اهلل ‪ :‬أكره أن يعظم خملوق حىت جيعل قربه‬
‫‪13‬‬
‫الفتنة عليه وعلى من بعده من الناس ‪.‬‬
‫وقال رمحه اهلل‪ :‬فكل من حلف بغري اهلل كرهت له‪ ،‬وخشيت أن تكون ميينه‬
‫‪14‬‬
‫معصية ‪.‬‬
‫اإليمان بنبوة محمد ‪: ‬‬
‫قال الشافعي رمحه اهلل تعاىل‪ :‬اإلقرار باإلميان وجهان‪ :‬فمن كان من أهل‬
‫يدعي أنه دين نبوة؛ فإذا شهد أن ال إله إال اهلل وأن‬
‫األوثان ومن ال دين له ّ‬
‫حممدا عبده ورسوله فقد أقر باإلميان‪ ،‬ومىت رجع عنه قتل‪ ،‬ومن كان على دين‬ ‫ً‬
‫اليهودية والنصرانية فهؤالء يدعون دين موسى وعيسى عليهما الصالة والسالم‪،‬‬
‫وقد بدلوا منه‪ ،‬وقد أخذ عليهم فيه اإلميان مبحمد رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم؛ فكفروا برتك اإلميان به وإتباع دينه‪ ،‬مع ما كفروا به من الكذب على‬
‫اهلل قبله‪ ،‬فقد قيل يل‪ :‬إن فيهم من هو مقيم على دينه يشهد أن ال إله إال اهلل‬
‫‪ .‬تيسير العزيز الحميد ‪.403/‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪ .‬إغاثة اللهفان البن القيم ‪ ،1/189‬وقال ‪ :1/218‬والحكاية المنقولة عن الشافعي‪ :‬أنه كان‬
‫‪13‬‬

‫يقصد الدعاء عند قبر أبي حنيفة من الكذب الظاهر‪ ،‬وقد ردها شيخ اإلسالم رحمه هللا في‬
‫االقتضاء‪ 343/‬من أربعة أوجه ‪.‬‬
‫‪ .‬األم لإلمام الشافعي ‪.7/105‬‬‫‪14‬‬

‫‪6‬‬
‫حممدا رسول اهلل‪ ،‬ويقول مل يبعث إلينا‪ ،‬فإن كان فيهم أحد هكذا‪،‬‬ ‫ويشهد أن ً‬
‫حممدا رسول اهلل مل يكن هذا‬
‫فقال أحد منهم‪ :‬أشهد أن ال إله إال اهلل وأن ً‬
‫مستكمل اإلقرار باإلميان؛ حىت يقول‪ :‬و إن دين حممد حق أو فرض‪ ،‬وأبرأ مما‬
‫خالف دين حممد صلى اهلل عليه و سلم أو دين اإلسالم؛ فإذا قال هذا فقد‬
‫‪15‬‬
‫استكمل اإلقرار باإلميان‪.‬‬
‫توقير جانب النبي ‪:‬‬
‫قال عمرو بن أيب سواد‪ :‬قال يل الشافعي رمحه اهلل‪ :‬ما أعطى اهلل عز وجل نبيًا‬
‫حممدا صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فقلت‪ :‬أعطى عيسى عليه السالم إحياء‬ ‫ما أعطى ً‬
‫املوتى ؟ فقال‪ :‬أعطى حممد صلى اهلل عليه وسلم اجلذع الذي كان خيطب إىل‬
‫جنبه؛ حىت هيئ له املنرب‪ ،‬فلما هيئ له املنرب حن اجلذع حىت مسع له صوت؛‬
‫‪16‬‬
‫فهذا أكرب من ذاك‪.‬‬
‫التأدب في األلفاظ في مقام النبي ‪: ‬‬
‫أخرج أبو الفضل املقريء عن احلسني بن علي قال‪ :‬مسعت الشافعي يقول‪:‬‬
‫يكره للرجل أن يقول الرسول‪ ،‬و لكن يقول‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫‪17‬‬
‫تعظيما له‪.‬‬
‫ً‬ ‫وسلم‬

‫‪ .‬شعب اإليمان للبيهقي ‪.1/89‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪ .‬االعتقاد للبيهقي ‪.271/‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪ .‬أحاديث في ذم الكالم وأهله ألبي الفضل المقريء ‪ ،5/169‬وشعب اإليمان ‪.2/194‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪7‬‬
‫التحذير من االستخفاف برسول هللا ‪ ‬أو أمره ‪:‬‬
‫قال اخلطايب‪ :‬قال الشافعي‪ :‬يقتل الذمي إذا سب النيب‪ ،‬وتربأ منه الذمة؛ واحتج‬
‫‪18‬‬
‫يف ذلك خبرب كعب بن األشرف‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬عقيدته في أسماء هللا وصفاته‬


‫أسماء هللا غير مخلوقة ‪:‬‬
‫قال ابن أيب حامت مسعت الربيع بن سليمان قال‪ :‬مسعت الشافعي يقول‪ :‬من‬
‫‪19‬‬
‫حلف باسم من أمساء اهلل فحنث؛ فعليه الكفارة ألن اسم اهلل غري خملوق ‪.‬‬
‫‪ .‬أحكام أهل الذمة البن القيم ‪.3/1414‬‬
‫‪18‬‬

‫‪ .‬اعتقاد أهل السنة والجماعة لاللكائي ‪ ،2/211‬والمناظرة في القرآن البن قدامة‪ ،19/‬وسير‬
‫‪19‬‬

‫أعالم النبالء للحافظ الذهبي ‪.10/19‬‬

‫‪8‬‬
‫اإليمان بما ثبت من األسماء والصفات هلل تعالى ‪:‬‬
‫قال الشافعي رمحه اهلل يف خطبة الرسالة‪ :‬احلمد هلل الذي هو كما وصف به‬
‫‪20‬‬
‫نفسه‪ ،‬وفوق ما يصفه به خلقه‪.‬‬
‫وقال ابن أيب حامت حدثنا يونس بن عبد األعلى قال‪ :‬مسعت أبا عبد اهلل حممد‬
‫بن إدريس الشافعي رضي اهلل عنه يقول‪ :‬وقد سئل عن صفات اهلل تعاىل وما‬
‫يؤمن به ؟ فقال‪ :‬هلل تعاىل أمساء وصفات جاء هبا كتابه‪ ،‬وأخرب هبا نبيه صلى اهلل‬
‫حدا من خلق اهلل تعاىل قامت عليه احلجة ردها؛ ألن‬ ‫عليه وسلم أمته؛ ال يسع أ ً‬
‫القرآن نزل هبا وصح عن رسول صلى اهلل عليه وسلم القول هبا فيما روى عنه‬
‫العدل؛ فإن خالف ذلك بعد ثبوت احلجة عليه فهو كافر‪ ،‬فأما قبل ثبوت احلجة‬
‫عليه فمعذور باجلهل؛ ألن علم ذلك ال يدرك بالعقل وال بالرؤية والفكر‪ ،‬وال‬
‫يفكر باجلهل هبا أحد إال بعد انتهاء اخلرب إليه هبا‪ ،‬ونثبت هذه الصفات‪ ،‬وننفي‬
‫عنها التشبه؛ كما نفى التشبه عن نفسه‪ ،‬فقال تعاىل‪ (:‬ليس كمثله شيء وهو‬
‫السميع البصري)‪ 21،‬إىل أن قال‪ :‬حنو إخبار اهلل سبحانه إيانا أنه مسيع بصري‪ ،‬وأن‬
‫ميينا؛ بقوله‪ (:‬والسموات‬
‫له يدين؛ لقوله‪ (:‬بل يداه مبسوطتان)‪ ،‬وأن له ً‬
‫مطويات بيمينه)‪ ،‬وأن له وجهًا؛ لقوله‪ (:‬كل شيء هالك إال وجهه)‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫(ويبقى وجه ربك ذو اجلالل واإلكرام)‪ ،‬وأن له قدمًا؛ لقوله‪ ":‬حىت يضع الرب‬

‫‪ .‬راجع الرسالة لإلمام الشافعي‪ ،7 /‬درء التعارض لشيخ اإلسالم ابن تيمية ‪.1/254‬‬‫‪20‬‬

‫‪ .‬ذم التأويل البن قدامة ‪ ،23/‬وإثبات صفة العلو البن قدامة ‪ ،1/123‬واجتماع الجيوش‬
‫‪21‬‬

‫اإلسالمية ‪ ،1/94‬وسير أعالم النبالء ‪.10/79‬‬

‫‪9‬‬
‫فيها قدمه"؛ يعين جهنم‪ ،‬وأنه يضحك من عبده املؤمن؛ لقوله صلى اهلل عليه‬
‫وسلم للذي قتل يف سبيل اهلل‪" :‬إنه لقي اهلل وهو يضحك إليه"‪ ،‬وأنه يهبط كل‬
‫ليلة إىل مساء الدنيا؛ خلرب رسول اهلل بذلك‪ ،‬وأنه ليس بأعور؛ لقول رسول اهلل‪:‬‬
‫إذ ذكر الدجال‪ ،‬فقال‪" :‬إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور"‪ ،‬وأن املؤمنني يرون‬
‫إصبعا؛ لقوله‪:‬‬
‫رهبم يوم القيامة بأبصارهم؛ كما يرون القمر ليلة البدر‪ ،‬وأن له ً‬
‫‪22‬‬
‫"ما من قلب إال وهو بني إصبعني من أصابع الرمحن" ‪.‬‬
‫إقرار نصوص الصفات على ظاهرها كما درج عليه أئمة السلف ‪:‬‬
‫قال اإلمام الشافعي رمحه اهلل تعاىل‪ :‬آمنت باهلل‪ ،‬ومبا جاء عن اهلل‪ ،‬وعلى مراد‬
‫‪23‬‬
‫اهلل‪ ،‬وآمنت برسول اهلل‪ ،‬ومبا جاء به رسول اهلل‪ ،‬وعلى مراد رسول اهلل ‪.‬‬
‫وقد روي عن الربيع وغري واحد من رؤوس أصحابه ما يدل على أنه كان‬
‫يقر بآيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غري تكييف وال تشبيه‪ ،‬وال‬
‫‪24‬‬
‫تعطيل وال حتريف على طريقة السلف‪.‬‬
‫وثبت عن الربيع بن سليمان أنه قال‪ :‬سألت الشافعي رضي اهلل عنه عن‬
‫صفات من صفات اهلل تعاىل؛ فقال‪ :‬حرام على العقول أن متثل اهلل تعاىل‪ ،‬وعلى‬
‫األوهام أن حتده‪ ،‬وعلى الظنون أن تقطع‪ ،‬وعلى النفوس أن تفكر‪ ،‬وعلى‬

‫‪ .‬مجموع الفتاوى‪.4/183‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪ .‬ذم التأويل ‪ ،11/‬ولمعة االعتقاد البن قدامة‪ ،45/‬ومجموع الفتاوى ‪.4/2‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪ .‬البداية والنهاية للحافظ ابن كثير ‪.10/254‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪10‬‬
‫الضمائر أن تعمق‪ ،‬وعلى اخلواطر أن حتيط‪ ،‬وعلى العقول أن تعقل إال ما‬
‫‪25‬‬
‫وصف به نفسه يف كتابه أو على لسان نبيه ‪.‬‬
‫مناقشة الشافعي رحمه هللا لمن تعلقت بقلبه الشكوك في هذا الباب ‪:‬‬
‫وعن املزين قال‪ :‬قلت إن كان أحد خيرج ما يف ضمريي‪ ،‬وما تعلق به‬
‫خاطري من أمر التوحيد فالشافعي؛ فصرت إليه وهو يف مسجد مصر‪ ،‬فلما‬
‫حدا‬
‫جثوت بني يديه‪ ،‬قلت‪ :‬هجس يف ضمريي مسألة يف التوحيد؛ فعلمت أن أ ً‬
‫ال يعلم علمك؛ فما الذي عندك ؟ فغضب‪ ،‬مث قال‪ :‬أتدري أين أنت ؟ قلت‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬هذا املوضع الذي أغرق اهلل فيه فرعون‪ ،‬أبلغك أن رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم أمر بالسؤال عن ذلك ؟ قلت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬هل تكلم فيه الصحابة‬
‫جنما يف السماء ؟ قلت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬فكوكب منها‬ ‫؟ قلت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬تدري كم ً‬
‫تعرف جنسه‪ ،‬طلوعه‪ ،‬أفوله‪ ،‬مم خلق ؟ قلت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬فشيء تراه بعينك من‬
‫اخللق لست تعرفه تتكلم يف علم خالقه ! مث سألين عن مسألة يف الوضوء‬
‫فأخطأت فيها؛ ففرعها على أربعة أوجه‪ ،‬فلم أصب يف شيء منه‪ ،‬فقال‪ :‬شيء‬
‫حتتاج إليه يف اليوم مخس مرات تدع علمه‪ ،‬وتتكلف علم اخلالق ! إذا هجس يف‬
‫ضمريك ذلك؛ فارجع إىل اهلل‪ ،‬وإىل قوله تعاىل‪ (:‬وإهلكم إله واحد ال إله إال هو‬
‫الرمحن الرحيم ‪ .‬إن يف خلق السماوات واألرض ‪)..‬؛ فاستدل باملخلوق على‬

‫‪ .‬ذم التأويل‪ ،23/‬ومجموع الفتاوى ‪.4/5‬‬ ‫‪25‬‬

‫‪11‬‬
‫اخلالق‪ ،‬وال تتكلف علم ما مل يبلغه عقلك‪ ،‬قال‪ :‬فتبت؛‪ 26‬مث صار هذا السائل‬
‫اإلمام املزين رمحه اهلل من كبار أئمة الشافعية ‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬عقيدته في عـلو هللا تعالى ونزوله إلى السماء الدنيا‬
‫اإلقرار بأن هللا تعالى عاٍل على عرشه‪ ،‬ينزل إلى السماء الدنيا‬
‫كيف يشاء ‪:‬‬
‫وعن أيب عبد اهلل حممد بن إدريس الشافعي رضي اهلل عنه قال‪ :‬القول يف‬
‫السنة اليت أنا عليها ورأيت أصحابنا عليها أصحاب احلديث الذين رأيتهم‬
‫فأخذت عنهم؛ مثل سفيان ومالك وغريمها‪ :‬اإلقرار بشهادة أن ال إله إال اهلل‬
‫حممدا رسول اهلل‪ ،‬وإن اهلل على عرشه يف مسائه‪ ،‬يقرب من خلقه‪ ،‬كيف‬ ‫وأن ً‬
‫‪27‬‬
‫شاء‪ ،‬وإن اهلل تعاىل ينـزل إىل السماء الدنيا كيف شاء‪ ،‬وذكر سائر االعتقاد‪.‬‬
‫استدالل اإلمام الشافعي على علو هللا تعالى في السماء ‪:‬‬

‫‪ .‬سير أعالم النبالء ‪.10/31‬‬


‫‪26‬‬

‫‪ .‬إثبات صفة العلو‪ ،123/‬وإيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل البن جماعة‪،41/‬‬‫‪27‬‬

‫ومجموع الفتاوى ‪.4/181‬‬

‫‪12‬‬
‫وقد صرح يف باب الكفارة يف حديث اجلارية‪ ،‬وقول النيب هلا‪ ":‬أين اهلل ؟"‪،‬‬
‫قال الشافعي‪ :‬فلما وصفت اإلميان‪ ،‬قال‪" :‬أعتقها؛ فإهنا مؤمنة"؛ فجعل إقرارها‬
‫‪28‬‬
‫إميانا‪.‬‬
‫بأن اهلل يف السماء ً‬

‫‪ .‬الصواعق المرسلة البن القيم ‪ ،4/1301‬وراجع األم ‪ ،5/402‬والرسالة‪.73/‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬عقيدته في كالم هللا والقرآن الكريم‬
‫اإلقرار بأن كالم هللا صفته غير مخلوق ‪:‬‬
‫وروى أبو نعيم بسنده عن البويطي قال‪ :‬مسعت الشافعي يقول‪ :‬إمنا خلق اهلل‬
‫‪29‬‬
‫خملوقا خلق مبخلوق‪.‬‬
‫اخللق بكن؛ فإذا كانت كن خملوقة؛ فكأن ً‬
‫حكم اإلمام الشافعي على من خالف هذا المعتقد ‪:‬‬
‫وروى البيهقي بسنده عن حممد بن إمساعيل األصبهاين قال‪ :‬مسعت اجلارودي‬
‫يقول‪ :‬ذكر الشافعي إبراهيم بن إمساعيل بن علية‪ ،‬فقال‪ :‬أنا خمالف له يف كل‬
‫شيء‪ ،‬ويف قوله‪ :‬ال إله إال اهلل‪ ،‬لست أقول كما يقول‪ ،‬أنا أقول‪ :‬ال إله إال اهلل‬
‫الذي كلم موسى من وراء حجاب‪ ،‬وذاك يقول‪ :‬ال إله إال اهلل الذي خلق‬
‫‪30‬‬
‫كالما أمسعه موسى من وراء حجاب‪.‬‬‫ً‬
‫القـرآن كالم هللا منزل غير مخلوق ‪:‬‬
‫وروى البيهقي بسنده أيًض ا عن أيب شعيب املصري يقول‪ :‬مسعت حممد بن‬
‫‪31‬‬
‫إدريس الشافعي رمحه اهلل يقول‪ :‬القرآن كالم اهلل غري خملوق ‪.‬‬

‫استدالل اإلمام الشافعي على أن القرآن كالم هللا ‪:‬‬

‫‪ .‬سير أعالم النبالء ‪.10/88‬‬ ‫‪29‬‬

‫‪ .‬االعتقاد‪ ،96/‬واالستقامة ‪.1/337‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪ .‬االعتقاد‪ ،107/‬واعتقاد أهل السنة والجماعة ‪.2/255‬‬ ‫‪31‬‬

‫‪14‬‬
‫وقد ذكر الشافعي رمحه اهلل ما دل على أن ما نتلوه يف القرآن بألسنتنا‪،‬‬
‫ونسمعه بآذاننا ونكتبه يف مصاحفنا‪ ،‬يسمى كالم اهلل عز وجل‪ ،‬وأن اهلل عز‬
‫وجل كلم به عباده؛ بأن أرسل به رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ومبعناه ذكره‬
‫أيضا علي بن إمساعيل يف كتاب اإلبانة‪ ،‬قال الشافعي رمحه اهلل يف كتاب اجلزية‪:‬‬‫ً‬
‫من جاء من املشركني فعلى اإلمام أن جيريه حىت يسمع كالم اهلل‪ ،‬مث يبلغه‬
‫فرضا على اإلمام؛ لقول اهلل لنبيه صلى اهلل عليه وسلم‪ (:‬وإن‬‫مأمنه‪ ،‬كان ذلك ً‬
‫‪32‬‬
‫أحد من املشركني استجارك فأجره حىت يسمع كالم اهلل مث أبلغه مأمنه)‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫حكم اإلمام الشافعي على من خالف هذا المعتقد ‪:‬‬
‫وقال الربيع‪ :‬ومسعت الشافعي رمحه اهلل تعاىل يقول ‪ :‬القرآن كالم اهلل عز‬
‫‪33‬‬
‫وجل غري خملوق‪ ،‬ومن قال خملوق فهو كافر ‪.‬‬
‫وقال أيًض ا‪ :‬مسعت الشافعي يقول‪ :‬من قال لفظي بالقرآن أو القرآن بلفظي‬
‫‪34‬‬
‫خملوق فهو جهمي‪.‬‬

‫مناظرة الشافعي رحمه هللا ألهل الكالم في هذا الباب ‪:‬‬

‫‪ .‬االعتقاد‪.108/‬‬
‫‪32‬‬

‫‪ .‬الشريعة لآلجري‪ ،84/‬والبداية والنهاية ‪ ،10/254‬ونقله الذهبي في السير ‪ 10/18‬عن‬ ‫‪33‬‬

‫الحاكم وصحح إسناده ‪.‬‬


‫‪ .‬اعتقاد أهل السنة والجماعة ‪.2/354‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪15‬‬
‫وقال حممد بن إسحق بن خزمية مسعت الربيع يقول‪ :‬ملا كلم الشافعي حفص‬
‫الفرد‪ ،‬فقال حفص‪ :‬القرآن خملوق‪ ،‬فقال له الشافعي رمحه اهلل‪ :‬كفرت باهلل‬
‫‪35‬‬
‫العظيم‪.‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬عقيدته في رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة‬


‫اإليمان برؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة ‪:‬‬
‫روى احلاكم بسنده قال‪ :‬حدثنا األصم حدثنا الربيع بن سليمان قال‪:‬‬
‫حضرت حممد بن إدريس الشافعي وقد جاءته رقعة من الصعيد فيها‪ :‬ما تقول‬
‫يف قول اهلل عز وجل‪(:‬كال إهنم عن رهبم يومئذ حملجوبون) ؟‪ ،‬فقال الشافعي‪ :‬ملا‬
‫أن حجب هؤالء يف السخط كان يف هذا دليل على أن أولياءه يرونه يف‬
‫الرضى‪ ،‬قال الربيع فقلت‪ :‬يا أبا عبد اهلل وبه تقول ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬وبه أدين اهلل‬
‫‪36‬‬
‫عز وجل‪ ،‬ولو مل يوقن حممد بن إدريس أنه يرى اهلل ملا عبد اهلل عز وجل ‪.‬‬
‫استدالل اإلمام الشافعي على رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة ‪:‬‬
‫وعن املزين قال‪ :‬مسعت الشافعي يقول‪ :‬يف قوله‪(:‬كال إهنم عن رهبم يومئذ‬
‫‪37‬‬
‫حملجوبون)‪ ،‬قال‪ :‬فيها داللة على أن أولياء اهلل يرون رهبم يوم القيامة ‪.‬‬

‫‪ .‬اعتقاد أهل السنة والجماعة ‪ ،2/252‬وتبيين كذب المفتري البن عساكر‪.339/‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪ .‬اعتقاد أهل السنة والجماعة ‪ ،3/506‬وبيان تلبيس الجهمية لشيخ اإلسالم ابن تيمية‬
‫‪36‬‬

‫‪ ،2/416‬وشرح العقيدة الطحاوية البن أبي العز ‪.188/‬‬


‫‪.‬اعتقاد أهل السنة والجماعة ‪.3/468‬‬
‫‪37‬‬

‫‪16‬‬
‫وروى أيًض ا بسنده عن سعيد بن أسد قال‪ :‬قلت للشافعي رمحه اهلل‪ :‬ما تقول‬
‫علي حييت أو مت أن كل‬ ‫اقض َّ‬
‫يف حديث الرؤية ؟ فقال يل‪ :‬يا ابن أسد‪ِ ،‬‬
‫حديث يصح عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم؛ فإين أقول به‪ ،‬وإن مل‬
‫‪38‬‬
‫يبلغين‪.‬‬
‫توضيح لمعنى الرؤية ‪:‬‬
‫والبن بطة عنه رمحه اهلل تعاىل قال‪( :‬كال إهنم عن رهبم يومئذ حملجوبون) داللة‬
‫على أن أولياء اهلل يرونه يوم القيامة بأبصارهم ووجوههم‪ ،‬وقال الشافعي رمحه‬
‫اهلل‪ :‬يف كتاب اهلل (كال إهنم عن رهبم يومئذ حملجوبون) داللة على أن أولياءه‬
‫‪39‬‬
‫يرونه على صفته ‪.‬‬

‫‪ .‬االعتقاد‪ ،131/‬وتفسير ابن كثير ‪.4/577‬‬ ‫‪38‬‬

‫‪ .‬اإلبانة البن بطة ‪.3/59‬‬ ‫‪39‬‬

‫‪17‬‬
‫حكم اإلمام الشافعي على من خالف هذا المعتقد ‪:‬‬
‫قال الشافعي رمحه اهلل‪ :‬أنا أخالف ابن علية يف كل شيء حىت يف قول ال‬
‫إله إال اهلل؛ فإين أقول ال إله إال اهلل الذي يرى يف اآلخرة‪ ،‬وهو يقول ال إله إال‬
‫‪40‬‬
‫اهلل الذي ال يرى يف اآلخرة ‪.‬‬

‫‪ .‬الصواعق المرسلة ‪.4/1454‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬عقيدته في اإليمـان‬
‫اإليمان قول وعمل يزيد وينقص ‪:‬‬
‫روى البيهقي بسنده عن الربيع بن سليمان قال‪ :‬مسعت الشافعي يقول‪ :‬اإلميان‬
‫‪41‬‬
‫قول وعمل‪ ،‬يزيد وينقص ‪.‬‬
‫قال احلاكم يف مناقب الشافعي‪ :‬حدثنا أبو العباس األصم أخربنا الربيع قال‪:‬‬
‫مسعت الشافعي يقول‪ :‬اإلميان قول وعمل يزيد وينقص‪ ،‬وأخرجه أبو نعيم يف‬
‫ترمجة الشافعي من احللية من وجه آخر عن الربيع‪ ،‬وزاد‪ :‬يزيد بالطاعة وينقص‬
‫‪42‬‬
‫باملعصية‪ ،‬مث تال‪ (:‬ويزداد الذين آمنوا إميانا)‪ ،‬اآلية ‪.‬‬
‫استدالل اإلمام الشافعي على أن اإليمان قول وعمل‪:‬‬
‫روى ابن عبد الرب عن الربيع قال‪ :‬مسعت الشافعي يقول‪ :‬اإلميان قول وعمل‬
‫واعتقاد بالقلب‪ ،‬أال ترى قول اهلل عز وجل‪(:‬وما كان اهلل ليضيع إميانكم)؛ يعين‬
‫‪43‬‬
‫صالتكم إىل بيت املقدس؛ فسمى الصالة إمياًنا؛ وهي قول وعمل وعقد ‪.‬‬
‫رد الشافعي على المرجئة ‪:‬‬
‫ويف السنة للخالل قال‪ :‬أخربين عبد امللك بن عبد احلميد قال‪ :‬أخربين ابن‬
‫الشافعي عن أبيه قال‪ :‬أنا لليلة معه يف املسجد احلرام ومعنا احلميدي‪ ،‬فذكرنا‬

‫‪ .‬االعتقاد‪ ،181/‬وسير أعالم النبالء ‪.10/32‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪ .‬فتح الباري ‪.1/47‬‬ ‫‪42‬‬

‫‪ .‬االنتقاء‪.81/‬‬ ‫‪43‬‬

‫‪19‬‬
‫شيئا من اإلميان‪ ،‬قال‪ :‬فقال أيب‪ :‬ليس شيء احتج عليهم من هذه اآلية‪(:‬وما‬ ‫ً‬
‫‪44‬‬
‫أمروا إال ليعبدوا اهلل خملصني له الدين حنفاء)‪ ،‬إىل آخر اآلية ‪.‬‬

‫السنة للخالل ‪.3/590‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪20‬‬
‫الفصل السابع‪ :‬عقيدته في اإليمان باليوم األخر وسائر األمور‬
‫الغـيبية‬
‫اإليمان باليوم اآلخر ‪:‬‬
‫وروى البيهقي بسنده عن الربيع قال‪ :‬قال الشافعي‪ :‬إن عذاب القرب حق‪،‬‬
‫ومسألة أهل القبور حق‪ ،‬والبعث واحلساب‪ ،‬واجلنة والنار‪ ،‬وغري ذلك مما‬
‫‪45‬‬
‫جاءت به السنن‪ ،‬وظهرت على ألسنة العلماء وأتباعهم من بالد املسلمني ‪.‬‬

‫‪ .‬االعتقاد‪.225/‬‬ ‫‪45‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل الثامن‪ :‬عقيدته في القـدر‬
‫اإليمان بالقدر خيره وشره من هللا ‪:‬‬
‫روى البيهقي بسنده عن الربيع بن سليمان قال‪ :‬قال الشافعي رضي اهلل عنه‪:‬‬
‫املشيئة إرادة اهلل عز وجل‪ ،‬قال اهلل عز وجل‪(:‬وما تشاؤون إال أن يشاء اهلل)؛‬
‫‪46‬‬
‫فأعلم اهلل خلقه أن املشيئة له دون خلقه‪ ،‬وأن مشيئتهم ال تكون إال أن يشاء‪،‬‬
‫‪47‬‬
‫وكان يثبت القدر‪.‬‬
‫وروى أيًض ا عنه قال سئل الشافعي رضي اهلل عنه عن القدر ؟ فأنشأ يقول‪:‬‬
‫وما شئت إن مل تشأ مل يكن‬ ‫فما شئت كان وإن مل أشأ‬
‫خلقت العباد على ما علمت ففي العلم جيري الفىت واملسن‬
‫وهذا أعنت وذا مل تعن‬ ‫على ذا مننت وهذا خذلت‬
‫‪48‬‬
‫ومنهم قبيح ومنهم حسن‪.‬‬ ‫فمنهم شقي ومنهم سعيد‬
‫أعمال العباد خلٌق هلل ‪:‬‬
‫وروى البيهقي عن الربيع بن سليمان قال‪ :‬قال الشافعي‪ :‬إن مشيئة العباد هي‬
‫إىل اهلل تعاىل‪ ،‬وال يشاؤون إال أن يشاء اهلل رب العاملني‪ ،‬وإن أعمال الناس خلق‬
‫‪49‬‬
‫من اهلل‪ ،‬فعل العباد‪ ،‬وإن القدر خريه وشره من اهلل عز وجل ‪.‬‬
‫الفصل التاسع‪ :‬عقيدته في الصحابة الكرام‬
‫‪ .‬االعتقاد‪ ،157/‬وفتح الباري ‪ ،13/449‬وشفاء العليل البن القيم‪.45/‬‬
‫‪46‬‬

‫‪ .‬اإلبانة ‪ ،2/263‬وتبيين كذب المفتري‪ ،338/‬واعتقاد أهل السنة والجماعة ‪.3/570‬‬‫‪47‬‬

‫‪ .‬االعتقاد‪ ،162/‬واعتقاد أهل السنة والجماعة ‪ ،4/702‬والبداية والنهاية ‪ ،10/254‬وفتح‬


‫‪48‬‬

‫الباري ‪.13/449‬‬
‫‪ .‬االعتقاد‪.225/‬‬
‫‪49‬‬

‫‪22‬‬
‫اإلعالن بمحبة الصحابة رضي هللا عنهم أجمعين ‪:‬‬
‫قال الشافعي رمحه اهلل‪ :‬أثىن اهلل تبارك وتعاىل على أصحاب رسول اهلل ‪ ‬يف‬
‫القرآن والتوراة واإلجنيل‪ ،‬وسبق هلم على لسان رسول اهلل ‪ ‬من الفضل ما ليس‬
‫ألحد بعدهم‪ ،‬فرمحهم اهلل‪ ،‬وهنأهم مبا آتاهم من ذلك ببلوغ منازل الصديقني‬
‫والشهداء‪ ،‬فهم أدوا إلينا سنن رسول اهلل ‪ ،‬وشاهدوه والوحي يتنـزل عليه‪،‬‬
‫فعلموا ما أراد رسول اهلل ‪ ‬عاًم ا وخاًص ا‪ ،‬وعزًم ا وإرشاًدا‪ ،‬وعرفوا سنته ما‬
‫عرفنا وجهلنا‪ ،‬وهم فوقنا يف كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به‬
‫‪50‬‬
‫علم واستنبط به‪ ،‬وآراؤهم لنا أمحد وأوىل بنا من آرائنا عندنا ألنفسنا‪.‬‬
‫ترتيب الصحابة رضي هللا عنهم في الخالفة والفضل ‪:‬‬
‫قال البيهقي رمحه اهلل‪ :‬وروينا عن الشافعي أنه كان يقول‪ :‬أفضل الناس بعد‬
‫‪51‬‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أبو بكر‪ ،‬مث عمر‪ ،‬مث عثمان‪ ،‬مث علي ‪.‬‬
‫وروى البيهقي أيًض ا عن الربيع بن سليمان قال‪ :‬مسعت الشافعي يقول يف‬
‫‪52‬‬
‫اخلالفة والتفضيل‪ :‬نبدأ بأيب بكر وعمر وعثمان وعلي رضي اهلل عنهم ‪.‬‬
‫أحد من الصحابة‬‫وقال‪ :‬وروينا عن أيب ثور عن الشافعي أنه قال‪ :‬ما اختلف ٌ‬
‫والتابعني يف تفضيل أيب بكر وعمر وتقدميهما على مجيع الصحابة‪ ،‬وإمنا اختلف‬

‫‪ .‬مناقب الشافعي ‪ ،1/442‬ومجموع الفتاوى ‪ ،4/158‬وهداية الحيارى البن القيم ‪.126/‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪ .‬االعتقاد‪ ،369/‬والبداية والنهاية ‪.10/254‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪ .‬المصدر السابق ‪.3/335‬‬ ‫‪52‬‬

‫‪23‬‬
‫واحدا من أصحاب رسول‬ ‫من اختلف منهم يف علي وعثمان‪ ،‬وحنن ال خنطئ ً‬
‫‪53‬‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم فيما فعلوا ‪.‬‬
‫خالفة أبي بكر رضي هللا عنه حٌق قضاه هللا تعالى ‪:‬‬
‫وقال الشافعي رمحة اهلل عليه‪ :‬خالفة أيب بكر رضي اهلل عنه حق‪ ،‬قضاها اهلل‬
‫‪54‬‬
‫يف مسائه‪ ،‬ومجع عليها قلوب أصحاب نبيه صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫معنى قول النبي‪": ‬من كنت مواله فعلٌي مواله" ‪:‬‬
‫وروى أيًض ا عنه قال‪ :‬مسعت الشافعي رمحه اهلل يقول يف معىن قول النيب صلى‬
‫اهلل عليه وسلم لعلي بن أيب طالب رضي اهلل عنه‪ ":‬من كنت مواله فعليٌ‬
‫مواله"؛ يعين بذلك والء اإلسالم‪ ،‬وذلك قول اهلل عز وجل‪(:‬ذلك بأن اهلل موىل‬
‫الذين آمنوا وأن الكافرين ال موىل هلم)‪ ،‬وأما قول عمر بن اخلطاب لعلي‪:‬‬
‫‪55‬‬
‫أصبحت موىل كل مؤمن؛ يقول‪ :‬ويل كل مسلم ‪.‬‬

‫‪ .‬االعتقاد‪.355/‬‬ ‫‪53‬‬

‫‪ .‬إثبات صفة العلو‪ ،125/‬والصواعق المرسلة ‪.4/1300‬‬ ‫‪54‬‬

‫‪ .‬المصدر السابق‪.355/‬‬ ‫‪55‬‬

‫‪24‬‬
‫محبة آل البيت والصحابة كلهم‪ ،‬والتبرؤ من طريقة الروافض‬
‫والنواصب ‪:‬‬
‫ومن كالم الشافعي رضي اهلل عنه ‪:‬‬
‫روافض بالتفضيل عند ذوي اجلهل‬ ‫عليا فإننا‬
‫إن حنن فضلنا ً‬
‫رميت بنصب عند ذكري للفضل‬ ‫وفضل أيب بكر إذا ما ذكرته‬
‫كالمها حببهما حىت أوسد يف الرمل‬ ‫فال زلت ذا رفض ونصب‬
‫أيضا رضي اهلل عنه‪:‬‬‫وقال ً‬
‫ما الرفض ديين وال اعتقادي‬ ‫قالوا ترفضت قلت‪ :‬كال‬
‫خري إمام وخري هادي‬ ‫لكن توليت غري شك‬
‫فإنين أرفض العباد‬ ‫رفضا‬
‫إن كان حب الويل ً‬
‫أيضا رضي اهلل عنه‪:‬‬‫وقال ً‬
‫واهتف بساكن خيفها والناهض‬ ‫راكبا قف باحملصب من مىن‬ ‫يا ً‬
‫فيضا كملتطم الفرات الفائض‬
‫ً‬ ‫سحرا إذا فاض احلجيج إىل مىن‬ ‫ً‬
‫فليشهد الثقالن إين رافضي‬ ‫رفضا حب آل حممد‬ ‫إن كان ً‬
‫حسدا‬
‫قال البيهقي‪ :‬وإمنا قال الشافعي يف ذلك حني نسبه اخلوارج إىل الرفض ً‬
‫وبغيًا ‪.‬‬
‫أيضا‪ ،‬وقد قال له املزين‪ :‬إنك رجل توايل أهل البيت؛ فلو عملت يف هذا‬ ‫وله ً‬
‫الباب أبياتًا‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫برد جواب السائلني ألعجم‬ ‫كتما منك حىت كأنين‬
‫وما زال ً‬
‫‪56‬‬
‫لتسلم من قول الوشاة وأسلم‪.‬‬ ‫وأكتم ودي مع صفاء مودتي‬
‫النهي عن سب الصحابة والخوض في أعراضهم ‪:‬‬
‫وكان رمحه اهلل يقول‪ :‬ما أرى الناس ابتلوا بشتم أصحاب النيب صلى اهلل عليه‬
‫‪57‬‬
‫ثوابا عند انقطاع عملهم ‪.‬‬
‫وسلم إال ليزيدهم اهلل بذلك ً‬
‫وقال رمحه اهلل فيما جرى بني الصحابة الكرام رضوان اهلل عنهم أمجعني‪ :‬تلك‬
‫‪58‬‬
‫دماء طهر اهلل عنها أيدينا فلنطهر عنها ألسنتنا ‪.‬‬

‫‪ .‬الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضالل والزندقة البن حجر الهيتمي ‪،2/387‬‬‫‪56‬‬

‫وانظر الصواعق المرسلة ‪.3/941‬‬


‫‪ .‬تبيين كذب المفتري‪.424/‬‬
‫‪57‬‬

‫‪ .‬المواقف لإليجي ‪.3/642‬‬


‫‪58‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصل العاشر‪ :‬عقيدته في الوالية والكرامة‬
‫الوالية لكل مؤمن عالٌم باهلل عامٌل لوجهه تعالى ‪:‬‬
‫وقال الربيع‪ :‬قال يل الشافعي‪ :‬إن مل يكن الفقهاء العاملون أولياء اهلل؛ فما هلل‬
‫‪59‬‬
‫ويل ‪.‬‬
‫عالمة صحة الكرامة ‪:‬‬
‫وقال يونس بن عبد األعلى الصديف‪ :‬قلت للشافعي‪ :‬إن صاحبنا الليث كان‬
‫يقول‪ :‬إذا رأيتم الرجل ميشي على املاء فال تغرتوا به حىت تعرضوا أمره على‬
‫الكتاب والسنة ؟ فقال الشافعي ‪ :‬قصر الليث رمحه اهلل‪ ،‬بل إذا رأيتم الرجل‬
‫ميشي على املاء‪ ،‬ويطري يف اهلواء؛ فال تغرتوا به حىت تعرضوا أمره على الكتاب‬
‫‪60‬‬
‫والسنة ‪.‬‬

‫‪ .‬سير أعالم النبالء ‪.10/53‬‬‫‪59‬‬

‫‪ .‬اعتقاد أهل السنة والجماعة ‪ ،1/145‬وتلبيس إبليس البن الجوزي‪ ،24/‬وسير أعالم النبالء‬
‫‪60‬‬

‫‪ ،10/23‬والبداية والنهاية ‪.1/112‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصل الحادي عشر‪ :‬منهجـه وأصوله رحمه هللا‬
‫أصول أهل السنة والجماعة الواجب إتباعها ‪:‬‬
‫روى البيهقي عن يونس بن عبد األعلى قال‪ :‬قال يل حممد بن إدريس‬
‫الشافعي رمحه اهلل‪ :‬ال يقال لألصيل مل ؟ وال كيف ؟ قال الشيخ‪ :‬وقال يف رواية‬
‫الربيع بن سليمان عنه‪ :‬األصل كتاب اهلل‪ ،‬أو سنة نبيه‪ ،‬أو قول بعض أصحاب‬
‫‪61‬‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬أو إمجاع الناس ‪.‬‬
‫وروى ابن أيب حامت مسعت يونس يقول‪ :‬قال الشافعي‪ :‬الأصل قرآن أو سنة؛‬
‫فإن مل يكن فقياس عليهما‪ ،‬وإذا صح احلديث فهو سنة‪ ،‬والإمجاع أكرب من‬
‫احلديث املنفرد‪ ،‬واحلديث على ظاهره‪ ،‬وإذا احتمل احلديث معاين؛ فما أشبه‬
‫‪62‬‬
‫ظاهره ‪.‬‬
‫وقال أمحد بن حنبل سألت الشافعي رمحه اهلل عن القياس‪ ،‬فقال‪ :‬عند‬
‫‪63‬‬
‫الضرورات ‪.‬‬
‫الحث على إتباع السنن وذم التعصب لغير الدليل ‪:‬‬
‫قال رمحه اهلل‪ :‬أمجع العلماء على أن من استبانت له سنة رسول اهلل صلى اهلل‬
‫‪64‬‬
‫عليه وسلم مل يكن له أن يدعها لقول أحد ‪.‬‬

‫‪ .‬االعتقاد‪،119/‬واإلبانة ‪ ،3/203‬والشريعة‪ ،311/‬والعلو للعلي الغفار للحافظ الذهبي‪.165/‬‬ ‫‪61‬‬

‫‪ .‬سير أعالم النبالء ‪ ،10/21‬واجتماع الجيوش اإلسالمية‪.95/‬‬ ‫‪62‬‬

‫‪ .‬أحاديث في ذم الكالم وأهله ‪ ،3/29‬وفتح الباري‪ ،13/289‬وصححه ابن حجر ‪.‬‬ ‫‪63‬‬

‫‪ .‬الروح البن القيم‪.264/‬‬ ‫‪64‬‬

‫‪28‬‬
‫وكان يقول‪ :‬كل مسألة تكلمت فيها صح اخلرب فيها عن النيب عند أهل النقل‬
‫‪65‬‬
‫خبالف ما قلت؛ فأنا راجع عنها يف حيايت وبعد مويت‪.‬‬
‫معنى المحكم والمتشابه ‪:‬‬
‫واحدا‪ ،‬واملتشابه ما‬
‫قال رمحه اهلل‪ :‬احملكم ما ال حيتمل من التأويل إال وجهًا ً‬
‫‪66‬‬
‫وجوها ‪.‬‬
‫ً‬ ‫احتمل من التأويل‬
‫فضل أهل الحديث ‪:‬‬
‫رجال من أصحاب احلديث فكأين رأيت‬ ‫وكان رمحه اهلل يقول‪ :‬إذا رأيت ً‬
‫خريا؛ فهم حفظوا لنا األصل‪ ،‬فلهم‬ ‫رجال من أصحاب رسول اهلل؛ فجزاهم اهلل ً‬ ‫ً‬
‫علينا فضل‪ 67،‬وكان يقول‪ :‬عليكم بأصحاب احلديث؛ فإهنم أكثر الناس‬
‫‪68‬‬
‫صوابًا‪.‬‬
‫وقال رمحه اهلل تعاىل ‪:‬‬
‫كل العلوم سوى القرآن مشغلة إال احلديث وإال الفقه يف الدين‬
‫‪69‬‬
‫وما سوى ذاك وسواس الشياطني‪.‬‬ ‫العلم ما كان فيه قال حدثنا‬

‫الفصل الثاني عشر‪ :‬منهجـه في ذم البدع واألهواء والفرق الضالة‬


‫ذم األهـواء والبـدع ‪:‬‬
‫‪ .‬أحاديث في ذم الكالم وأهله ‪.3/17‬‬ ‫‪65‬‬

‫‪ .‬مجموع الفتاوى ‪.17/417‬‬ ‫‪66‬‬

‫‪ .‬أحاديث في ذم الكالم وأهله ‪ ،3/24‬ومجموع الفتاوى ‪.1/11‬‬ ‫‪67‬‬

‫‪ .‬أحاديث في ذم الكالم وأهله ‪.3/26‬‬ ‫‪68‬‬

‫‪ .‬شرح العقيدة الطحاوية‪.69/‬‬ ‫‪69‬‬

‫‪29‬‬
‫قال الشافعي رمحه اهلل‪ :‬كل من تكلم بكالم يف الدين‪ ،‬أو يف شيء من هذه‬
‫األهواء ليس له فيه إمام متقدم من النيب وأصحابه؛ فقد أحدث يف اإلسالم‬
‫حمدثا يف اإلسالم؛ فعليه‬
‫حدثًا‪ ،‬وقد قال النيب ‪ ": ‬من أحدث حدثًا أو آوى ً‬
‫‪70‬‬
‫صرفا وال عدالً"‪.‬‬
‫لعنة اهلل واملالئكة والناس أمجعني‪ ،‬ال يقبل منه ً‬
‫وروى ابن بطة بسنده عن الربيع بن سليمان قال‪ :‬مسعت الشافعي يقول‪ :‬ألن‬
‫خري له من أن يلقاه‬
‫يلقى اهلل عز وجل العبد بكل ذنب ما خال الشرك باهلل ٌ‬
‫‪71‬‬
‫بشيء من هذه األهواء ‪.‬‬
‫وعن عبد اهلل بن أمحد بن حنبل قال‪ :‬مسعت حممد بن داود يقول‪ :‬مل حيفظ يف‬
‫دهر الشافعي كله أنه تكلم يف شيء من الأهواء‪ ،‬وال نسب إليه‪ ،‬وال عرف به‪،‬‬
‫‪72‬‬
‫مع بغضه ألهل الكالم والبدع ‪.‬‬
‫ذم أهل الكالم ‪:‬‬
‫‪73‬‬
‫قال الشافعي رمحه اهلل‪ :‬ما ارتدى بالكالم أحد فأفلح ‪.‬‬
‫وقال رمحه اهلل‪ :‬حكمي يف أهل الكالم أن يضربوا باجلريد والنعال‪ ،‬ويُطاف هبم‬
‫يف القبائل والعشائر‪ ،‬ويقال‪ :‬هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على‬
‫مسلما يقوله؛‬
‫الكالم‪ ،‬وقال‪ :‬لقد اطلعت من أهل الكالم على شيء ما ظننت ً‬

‫‪ .‬االنتصار ألصحاب الحديث للسمعاني‪.7/‬‬ ‫‪70‬‬

‫‪ .‬اإلبانة ‪ ،2/262‬وسير أعالم النبالء ‪.10/16‬‬ ‫‪71‬‬

‫‪ .‬سير أعالم النبالء ‪.10/26‬‬


‫‪72‬‬

‫‪ .‬تحريم النظر في كتب أهل الكالم البن قدامة‪ ،41/‬واعتقاد أهل السنة والجماعة ‪،1/146‬‬‫‪73‬‬

‫والعلو للعلي الغفار‪ ،166/‬وبيان تلبيس الجهمية ‪.1/151‬‬

‫‪30‬‬
‫وألن يبتلى العبد بكل ما هنى اهلل عنه‪ -‬ما خال الشرك باهلل‪ -‬خريٌ له من أن‬
‫‪74‬‬
‫يبتلى بالكالم‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫وقال أيًض ا‪ :‬حكمي يف أهل الكالم حكم عمر يف صبيغ ‪.‬‬
‫مناظرة الشافعي رحمه هللا ألهل الكالم ‪:‬‬
‫وعن حسني بن علي الكرابيسي قال‪ :‬شهدت الشافعي ودخل عليه بشر‬
‫املريسي‪ ،‬فقال لبشر‪ :‬أخربين عما تدعو إليه أكتاب ناطق‪ ،‬وفرض مفرتض‪،‬‬
‫وسنة قائمة‪ ،‬ووجدت عن السلف البحث فيه والسؤال‪ ،‬فقال بشر‪ :‬ال‪ ،‬إال أنه‬
‫ال يسعنا خالفه‪ ،‬فقال الشافعي‪ :‬أقررت بنفسك على اخلطأ؛ فأين أنت عن‬
‫الكالم يف الفقه واألخبار‪ ،‬يواليك الناس وترتك هذا‪ ،‬قال‪ :‬لنا هنمة فيه؛ فلما‬
‫‪76‬‬
‫خرج بشر‪ ،‬قال الشافعي‪ :‬ال يفلح ‪.‬‬

‫‪ .‬مجموع الفتاوى ‪ ،16/473‬والبداية والنهاية ‪ ،10/254‬وشرح العقيدة الطحاوية‪،208/‬‬ ‫‪74‬‬

‫وقد أشار الذهبي في السير ‪ :10/29‬أن هذا الذم متواتر عنه رحمه هللا‪.‬‬
‫‪ .‬أحاديث في ذم الكالم وأهله ‪.4/246‬‬
‫‪75‬‬

‫‪ .‬سير أعالم النبالء ‪.10/27‬‬


‫‪76‬‬

‫‪31‬‬
‫‪77‬‬
‫ذم الصـوفية ‪:‬‬
‫روى ابن اجلوزي بسنده عن ابن صاعد قال‪ :‬مسعت الشافعي رضي اهلل عنه‬
‫‪78‬‬
‫يقول‪ :‬أسس التصوف على الكسل ‪.‬‬
‫رجال تصوف‬ ‫وعن يونس بن عبد األعلى قال‪ :‬مسعت الشافعي يقول‪ :‬لو أن ً‬
‫أيضا أنه قال‪ :‬ما لزم أحد‬
‫أول النهار ال يأيت الظهر حىت يصري أمحق‪ ،‬وعنه ً‬
‫أبدا‪ ،‬وأنشد الشافعي ‪:‬‬
‫الصوفية أربعني يومًا فعاد عقله إليه ً‬
‫‪79‬‬
‫ودعوا الذين إذا أتوك تنسكوا وإذا خلوا كانوا ذئاب حقاف‪.‬‬
‫ذم الرافضة ‪:‬‬
‫أحدا أشهد‬
‫قال أبو حامت‪ :‬حدثنا حرملة قال‪ :‬مسعت الشافعي يقول‪ :‬مل أر ً‬
‫‪80‬‬
‫بالزور من الرافضة ‪.‬‬
‫قال صاحل جزرة‪ :‬مسعت الربيع يقول‪ :‬قال الشافعي‪ :‬يا ربيع‪ ،‬اقبل مين ثالثة‪:‬‬
‫ال ختوضن يف أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم؛ فإن خصمك النيب‬
‫غدا‪ ،‬وال تشتغل بالكالم؛ فإين قد اطلعت من أهل الكالم‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم ً‬
‫‪81‬‬
‫على التعطيل‪ ،‬وزاد املزين‪ :‬وال تشتغل بالنجوم ‪.‬‬
‫ذم القدرية ‪:‬‬

‫‪ . 77‬قال شيخ اإلسالم رحمه هللا في الفتاوى ‪ :10/370‬وأما الشافعي فالمنقول عنه ذم الصوفية ‪.‬‬
‫‪ .‬تلبيس إبليس‪.389/‬‬ ‫‪78‬‬

‫‪ .‬المصدر السابق‪ ،447/‬واالستقامة ‪.1/414‬‬ ‫‪79‬‬

‫‪ .‬منهاج السنة النبوية لشيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ ،1/60‬وسير أعالم النبالء ‪.10/89‬‬‫‪80‬‬

‫‪ .‬سير أعالم النبالء ‪.10/28‬‬ ‫‪81‬‬

‫‪32‬‬
‫قال الربيع بن سليمان‪ :‬مسعت الشافعي يقول‪ :‬ألن يلقي اهلل العبد بكل ذنب‬
‫خري له من أن يلقاه بشيء من هذه األهواء؛ وذلك أنه رأى‬ ‫ما خال الشرك باهلل ٌ‬
‫‪82‬‬
‫قوما يتجادلون يف القدر بني يديه ‪.‬‬
‫ً‬
‫وقد كفر األئمة كمالك و الشافعي و أمحد من قال أن اهلل مل يعلم أفعال‬
‫‪83‬‬
‫العباد حىت يعملوها‪ ،‬خبالف غريهم من القدرية‪.‬‬
‫عالمة القدري ‪:‬‬
‫وروى اللكائي بسنده عن املزين قال سألت الشافعي عن قول النيب صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ ":‬ستة لعنهم اهلل‪ ،‬فذكر املكذب بالقدر"‪ ،‬فقلت له‪ :‬من القدرية ؟‬
‫‪84‬‬
‫فقال‪ :‬نعم‪ ،‬هم الذين زعموا أن اهلل ال يعلم املعاصي حىت تكون ‪.‬‬
‫مناظرة القـدرية ‪:‬‬
‫‪85‬‬
‫وقال‪ :‬ناظروا القدرية بالعلم؛ فإن أقروا به خصموا‪ ،‬وإن أنكروا كفروا ‪.‬‬
‫ذم المرجئة وبيان عالمة المرجئ والرافضي والقدري‪:‬‬
‫وعن البويطي قال‪ :‬سألت الشافعي أصلي خلف الرافضي ؟ قال‪ :‬ال تصل‬
‫خلف الرافضي وال القدري وال املرجئ‪ ،‬قلت‪ :‬صفهم لنا ؟ قال‪ :‬من قال الإميان‬
‫قول فهو مرجئ‪ ،‬ومن قال‪ :‬إن أبا بكر وعمر ليسا بإمامني فهو رافضي‪ ،‬ومن‬
‫‪86‬‬
‫جعل املشيئة إىل نفسه فهو قدري ‪.‬‬
‫‪ .‬اعتقاد أهل السنة والجماعة ‪.3/570‬‬ ‫‪82‬‬

‫‪ .‬مجموع الفتاوى ‪.8/430‬‬ ‫‪83‬‬

‫‪ .‬اعتقاد أهل السنة والجماعة ‪.4/703‬‬ ‫‪84‬‬

‫‪ .‬شرح العقيدة الطحاوية‪ ،270/‬ونحوه في فتح الباري ‪.3/247‬‬ ‫‪85‬‬

‫‪ .‬سير أعالم النبالء ‪.10/31‬‬ ‫‪86‬‬

‫‪33‬‬
‫مت هذا املعـتقد‪،‬‬
‫بفضل اهلل ورمحته سبحانه‪،‬‬

‫‪34‬‬

You might also like