Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 34

٢

‫سرية سيدنا سلمان الفاريس ريض اهلل عنه‬


‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم ىلع سيد املرسلني‬
‫الرمحن َّ‬
‫الرجيم بسم اهلل َّ‬ ‫َّ‬
‫الشيطان َّ‬ ‫ّ‬
‫الرحيم‬ ‫أما بعد! فأعوذ باهلل من‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وىلع آلك وأصحابك يا حبيب اهلل‬ ‫الصالة والسالم عليك يا رسول اهلل‬
‫ُ‬
‫والسالم عليك يا َّ‬ ‫ُ‬
‫وىلع آلك وأصحابك يا نور اهلل‬ ‫نيب اهلل‬ ‫الصالة‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫املدرس احلارضين نية‬ ‫(إن اكن ادلرس يف املسجد فليلقن‬
‫االعتاكف بصيغة)‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫نويت االعتاكف يف املسجد مادمت فيه‪...‬‬
‫ّ‬
‫إخويت األحبة! علينا أن ننوي االعتاكف عند دخول املسجد ما‬
‫دمنا فيه ى‬
‫حَّت ال يفوتنا أجر االعتاكف واملكوث يف املسجد‪ ،‬ولكيال نقع‬
‫ر‬ ‫يف الكراهة إن فعلنا بعض املباحات‪ ،‬فإنىه يُ َ‬
‫كر ُه األكل والُّشب وانلىوم‬
‫والسحور واإلفطار داخل املسجد‪ ،‬لكن إذا نوينا االعتاكف جاز نلا‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫ِّ‬ ‫ر‬
‫ذلك كه تبعا للنيىة‪ ،‬وال ننوي االعتاكف من أجل األكل والُّشب وانلىوم‬
‫ى‬
‫فقط‪ ،‬وإنما ننوي االعتاكف ابتغاء رضوان اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫المعتَكف‪،‬‬‫واألكل يف املسجد لغري ُ‬ ‫كر ُه انلى ُ‬
‫وم‬ ‫"رد املحتار"‪ :‬يُ َ‬ ‫ويف‬
‫َ َ ُ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫اهلل تعاىل بقدر‬‫ذك َر َ‬ ‫وإذا أراد ذلك ينبيغ أن يَنو َي االعتاكف فيدخل في‬
‫فع َل ما َ‬ ‫ِّ‬
‫شاء(‪.)1‬‬ ‫ثم يَ َ‬
‫صِّل ّ‬‫ما نَ َوى أو يُ َ‬

‫(‪" )1‬الدر المختار مع رد المحتار"‪ ،‬كتاب الصوم‪ ،‬باب االعتكاف‪.٥٠٦/٣ ،‬‬

‫‪1‬‬
‫ّ‬
‫بعض انلصائح حول انلية‬
‫َّ ُ‬ ‫َْ َ ُ ََ‬ ‫ّ‬
‫إخويت األحبة! لقد قال سيدنا رسول اهلل ﷺ‪« :‬أفضل العم ِل انلِّية‬
‫لك عمل ينبيغ أن ّ‬ ‫َّ َ ُ (‪ِّ َ َ )1‬‬
‫نتعود ىلع انلوايا السنة‪ ،‬وقد ورد‪:‬‬ ‫الصادِقة» ‪ .‬فقبل‬
‫ِّ َّ ُ َ َ َ ُ ُ ْ ُ َ َ َ َ َّ َ‬
‫اجلنة»(‪ .)٢‬فتعالوا بنا نلنوي نوايا حسنة‬ ‫«انلية احلسنة تدخِل صاحِبها‬
‫قبل استماعنا هلذه املحارضة ابتغاء وجه اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ومن انلوايا املستحسنة عند استماع املحارضة‪:‬‬
‫اغضا بلرصي من ّ‬‫ًّ‬
‫أوهلا إىل آخرها‪.‬‬ ‫● أستمع هلذه املحارضة‬
‫● أجلس ىلع هيئة جلسة التى ر‬
‫شهد قدر املستطاع بنيّة تعظيم العلم‪.‬‬
‫● ال أتكاسل يف استماع املحارضة‪.‬‬
‫ّ‬
‫● أستمع هلا بغرض اإلصالح نلفس‪ ،‬وأبلغها إىل اإلخوة غري املوجودين‪.‬‬
‫فضل الصالة ىلع انليب ﷺ‬
‫عن سيدنا عبد اهلل بن مسعود ريض اهلل تعاىل عنه قال‪ :‬قال سيدنا‬
‫َ َ ى َ َ (‪)3‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫ى‬ ‫َ َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪« :‬أول انلاس ب يوم القيامة أكَثهم َع صالة» ‪.‬‬
‫صلى الله على سيدنا محمد‬ ‫صلوا على الحبيب!‬

‫(‪" )1‬الجامع الصغير"‪ ،‬حرف الهمزة‪ ،‬ص‪.)1٢٨٤( ،٨1‬‬


‫(‪" )٢‬الجامع الصغير"‪ ،‬حرف النون‪ ،‬ص‪.)٩٣٢٦( ،٥٥٧‬‬
‫(‪" )٣‬سنن الرتمذي" ‪ ،‬كتاب الوتر‪ ،‬باب ما جاء يف فضل الصالة على النبي ﷺ‪،‬‬
‫‪.)٤٨٤( ،٢٧/٢‬‬

‫‪٢‬‬
‫مؤاخاة بني سلمان الفاريس وأيب ادلرداء ريض اهلل عنهما‬
‫َ‬
‫ل ىما هاجر سيدنا رسول اهلل ﷺ إىل املدينة املنورة عقد روابط األخوة‬
‫بينهم‪ ،‬فآىخ بني األنصار واملهاجرين‪ ،‬وآىخ بني سيدنا سلمان الفاريس‬
‫وسيدنا أيب ادلرداء ريض اهلل تعاىل عنهما‪ ،‬وسكن سيدنا أبو ادلرداء‬
‫الشام‪ ،‬وسكن سيدنا سلمان الفاريس العراق ريض اهلل تعاىل عنهم(‪.)1‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أهمية السالم ورده عند الصحابة‬
‫َ‬ ‫جرير ُ‬‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األشعث ُ‬
‫بن عب ِد اهللِ ابلَج ِل إىل‬ ‫بن قيس وسيدنا‬ ‫جاء سيدنا‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫سيدنا سلمان الفاريس ريض اهلل تعاىل عنهم‪ ،‬ف َدخال َعليه يف خ ٍّص يف‬
‫َ ىَ ُ ُ ى َ َ َ َ َ َْ ُ َْ‬ ‫ََََ ُ َ َ ى َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ار ِيس؟‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ال‬ ‫ان‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫‪:‬‬ ‫اال‬ ‫ق‬ ‫م‬‫ث‬ ‫‪،‬‬ ‫اه‬ ‫ي‬‫ي‬ ‫وح‬ ‫ه‬‫ي‬ ‫ناحيَة ال َم َدائن‪ ،‬فأتياه فسلما عل‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬ن َعم‪.‬‬
‫ب َر ُسول اهلل ﷺ؟‬ ‫ت َصاح ُ‬ ‫قاال‪ :‬أَن َ‬
‫َ َ‬
‫قال‪ :‬ال أدري‪.‬‬
‫يد‪.‬‬‫فَارتَابَا‪َ ،‬وقَ َاال‪ :‬لَ َعلى ُه لَي َس ىاَّلي نُر ُ‬

‫ت َر ُسول اهلل ﷺ‬
‫َ‬ ‫يدان‪ ،‬قَد َرأَي ُ‬ ‫ك َما ىاَّلي تُر َ‬ ‫ََ َ ُ ُ‬
‫قال هلما‪ :‬أنا صاحب‬
‫َ َ َ ُ ُ َ ى َ َ ُ ُ َ َ َ َ َ َ ُ َى َ َ َ َ َ ُ‬
‫اجتُك َما؟‬ ‫وجالسته‪ ،‬وإنما صاحبه من دخل معه اْلنة فما ح‬
‫َ َ َ ى‬ ‫قاال‪ :‬جئنَ َ‬
‫اك من عند أخ لك بالشام‪.‬‬
‫قال‪َ :‬من ُه َو؟‬

‫(‪" )1‬أسد الغابة" البن األثير الجزري‪ ،‬سلمان الفارسي‪ ،٤٩1/٢ ،‬مختصرا‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫قاال‪ :‬أبو ادلرداء ريض اهلل تعاىل عنه‪.‬‬
‫َ‬ ‫ََ َ َ ىُ ُ ى َ َ َ َ َ َ ُ‬
‫قال‪ :‬فأين هديته الِت أرسل بها معكما؟‬
‫َ َ‬
‫قاال‪َ :‬ما أر َسل َم َعنَا ب َهديىة‪.‬‬
‫ى َ َ َ ِّ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫اء أ َح ٌد من عنده إ ىال َج َ‬
‫اء َم َع ُه ب َهديىة‪.‬‬ ‫قال‪ :‬اتقيا اهلل وأديا األمانة‪ ،‬ما ج َ‬
‫قاال‪َ :‬ال تَر َفع َعلَينَا َه َذا‪ ،‬إ ىن َنلَا أَم َواال فاحتَكم ف َ‬
‫يها‪.‬‬
‫َ ُ ُ َ َ ُ َ َ َ ِّ ُ ُ َ ى َ ى َ َ َ َ َ َ ُ‬
‫كما‪َ.‬‬ ‫قال‪ :‬ما أريد أموالكما‪ ،‬ولكِّن أريد الهدية الِت بعث بها مع‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫يكم َر ُجال َكن َر ُسول‬ ‫ث َم َع َنا ب ََشء إ ىال َأ ىن ُه قال‪ :‬إ ىن ف ُ‬
‫َ ََ َ‬
‫قاال‪َ :‬واهلل! ما بع‬
‫َ َ َ َ ٌ َ َ ُ َ َ َ َ ُ َ ُ َ َ َ ُ ُ ِّ ى َ‬ ‫َ َ َ‬
‫السالم‪.‬‬ ‫اهلل ﷺ إذا خال به لم يبغ أحد غريه‪ ،‬فإذا أتيتماه فأقرأوه مِّن‬
‫وأي َهديىة أف َض ُل منَ‬ ‫ري َهذه؟ ر‬ ‫نكما َغ ُ‬ ‫َ ر َ ى ُ ُ ُ ُ ُ‬
‫قال‪ :‬فأي هدية كنت أريد م‬
‫ُ ََ‬ ‫َ‬
‫باركة َطيِّبَة(‪.)1‬‬ ‫السالم‪َ ،‬تيىة من عند اهلل م‬ ‫ى‬
‫ّ‬
‫مما استفدنا من هذه احلاكية‬
‫حب الصحابة بلعضهم ابلعض‪:‬‬ ‫( ‪ّ )١‬‬
‫حب ى‬
‫الصحابة ريض اهلل تعاىل‬ ‫األعزاء! لقد عرفتُم َمدى ِّ‬
‫ّ‬ ‫أيها اإلخوة‬
‫ر‬
‫الب‬ ‫ُ‬
‫ويزداد‬ ‫عنهم بلعضهم ابلعض عندما َكنوا جيلسون يف جمالسهم‪،‬‬
‫إذا ابتعدوا عن بعضهم‪ ،‬واكنوا يَدعون بلعضهم باخلري عن ظهر الغيب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫واكنوا يَبعثون اتلحيىة بلعضهم ويتذكرون العهود ويوفون بها‪ ،‬وَّللك‬
‫حب بعضهم ابلعض يف القرآن الكريم حيث‬ ‫وصف اهلل سبحانه وتعاىل ى‬‫َ‬

‫(‪" )1‬المعجم الكبير"‪ ،‬من اسمه سلمان الفارسي‪ ،)٦٠٥٨( ،٢1٩/٦ ،‬بتصرف‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ََ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫للهَ ‪َٞ ٞ‬و‪ٞ‬ٱلَّذ َ‬
‫ُ َّ‬ ‫َُ‬
‫‪ٞ‬م َع ُ‪ٞ‬هۥ‪ٞ ٞ‬أش ََّدا ُء ‪ٞ‬ع َ‪ٞ‬لى ‪ٞٞ‬ٱل‪ٞ‬كف َ‪ٞ‬‬
‫ار ‪ُ ٞ‬رحما ُء‪ٞ‬‬ ‫َين َ‬ ‫قال تعاىل‪﴿ :‬مح َّم ‪ٞ‬د ‪َّ ٞ‬ر ُسول ‪ٞٞ‬ٱ ‪ٞ‬‬
‫َ ََُ ُ َ ََُ ر َ َ َ ََ ََ‬
‫الول(‪.)1‬‬ ‫بَي‪ٞ‬نَ ُهم‪] ﴾ٞ‬الفتح‪ ،[٢٩ :‬أي‪ :‬متعاطفون متوادون َكلوال مع‬
‫أيها األحبة الكرام! ينبيغ أن نتّعظ من هذه الاكية فال نبغض‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ونطهر قلوبنا من القد والغل‬ ‫إخوتنا املسلمني ونصيف صدرونا حنوهم‪،‬‬
‫ّ‬
‫وحنب اْلميع لوجه اهلل تعاىل ورىض لبيبه ﷺ‪ ،‬وقد ورد يف‬ ‫والسد‪،‬‬
‫الديث الُّشيف‪ :‬عن سيدنا انلعمان بن بشري ريض اهلل تعاىل عنه قال‪:‬‬
‫َُ‬ ‫اُحهم َو َت َع ُ‬‫َ َ َ ِّ َ َ َ ُ‬ ‫َُ‬
‫اطفهم َمثل‬ ‫قال سيدنا انليب ﷺ‪َ « :‬مثل ال ُمؤمنني يف توادهم وتر‬
‫الس َهر َوال ُ ىّم»(‪.)٢‬‬‫اَع ََلُ َسائ ُر اْل َ َسد ب ى‬
‫ُ ُ ٌ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اْل َ َسد‪ ،‬إذا اشتََك منه عضو تد‬
‫باألخوة واملحبىة والرتاحم‬ ‫ى‬ ‫هم ارزقنا حمبىة بعضنا بعضا وأكرمنا‬ ‫اللى ى‬
‫َتب وترىض يا ّ‬
‫رب العاملني‪،‬‬ ‫حَّت نكون َكْلسد الواحد كما ر‬ ‫والوحدة ّ‬

‫آمني جباه خاتم انلبيّني ﷺ‪.‬‬


‫ّ‬ ‫وصل َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫املرء إىل اجلنة‪:‬‬ ‫(‪ )٢‬الفضيلة احلقيقية يه اليت ت ِ‬
‫ّ‬
‫القصة اللطيفة‪،‬‬ ‫األعزاء! لقد سمعتُم قبل قليل تلك‬
‫ّ‬ ‫أيها اإلخوة‬
‫ذات الروس القيّمة من سيدنا سلمان الفاريس ريض اهلل تعاىل عنه‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫بأن سيدنا األشعث بن قيس وسيدنا جرير بن عبد اهلل ابلَج ِل ريض اهلل‬

‫(‪" )1‬تفسير الجاللين"‪ ،‬ص ‪] ،٤٢٦‬الفتح‪.[٢٩ :‬‬


‫(‪" )٢‬صحيح مسلم"‪ ،‬كتاب الرب والصلة واآلداب‪ ،‬باب نصر األخ ظالما أو ومظلوما‪،‬‬
‫ص ‪.)٢٥٨٦( ،1٠٧1‬‬

‫‪5‬‬
‫صحاب رسول اهلل ﷺ؟ فأجابه جوابا‬‫ّ‬ ‫تعاىل عنهما عندما سأاله‪ :‬هل َ‬
‫أنت‬
‫ّ‬
‫يشء من الكمة واتلدبّر‪ ،‬بأن الصحاب يف القيقة هو اَّلي‬ ‫ٌ‬ ‫فيه‬
‫وأما أنا فال أدري إن ُ‬ ‫َ‬
‫يُصاحب رسول اهلل ﷺ يف اْلنّة‪ّ ،‬‬
‫كنت كذلك!‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫سبحان اهلل! ما هذا ر‬
‫العجيب لآلخرة أيخ البيب! َكن السلف‬ ‫اهلم‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫الصالح يسرتون أوصافهم الميدة برداء اتلواضع‪ ،‬وكأن كمة العجب لم‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫تكن موجودة يف قاموسهم أصال‪ ،‬وفهمنا من هذا أن الوصف اْليّد أو‬
‫ُ‬ ‫املرء إىل اْلنّة‪ّ ،‬‬‫الفضيلة القيقة يه الِت تُوصل َ‬
‫وأما األوصاف األخرى‬
‫ثانوية‪ ،‬فمهما َ‬
‫نلت من الصفات العظيمة يف النيا سواء‬ ‫وغريها فيه أمور ّ‬
‫َ‬
‫رصت طبيبا أو مهندسا أو ضابطا كبريا أو شخصيّة عظيمة فإذا لم‬
‫فليست هلا فائدة‪ ،‬بل قد تكون ُم ى‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫رضة بالنسبة لك‪.‬‬ ‫توصلك إىل اْلنة‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫(‪ِّ )٣‬‬
‫عودوا أنفسكم السالم ىلع احلارضين وإرسال اتلحية إىل الغائبني‪:‬‬
‫ى‬
‫تعلمناها من ّ‬
‫قصة سيدنا سلمان‬ ‫أيها اإلخوة األكارم! من الروس الِت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واألحبة‬ ‫الفاريس ريض اهلل عنه هو أن من أفضل اهلدايا بني املسلمني‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫السالم‪،‬‬ ‫"اتلحية"‪ ،‬ويه الاعء أيضا يف الوقت نفسه‪ ،‬فيجب علينا أن نفَش‬
‫َ‬
‫ابليت‪ ،‬أو ر‬ ‫ُ ِّ‬
‫نمر ىلع انلاس يف األسواق‬ ‫ونسلم ىلع األهل عندما ندخل‬
‫واملجالس‪ ،‬أو عند ركوب الافلة والقطار‪ ،‬واإلخوة اَّلين يسكنون يف ُمدن‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ّ‬
‫اتلحية املباركة كما سنحت نلا الفرصة‪ ،‬قعن‬ ‫أخرى نتفقدهم ونبلغ هلم‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫بن سالم ريض اهلل تعاىل عنه قال‪ :‬ل ىما قد َم َر ُسول اهلل ﷺ‬ ‫هلل ِ‬
‫سيدنا عب ِد ا ِ‬

‫‪6‬‬
‫َ‬ ‫ى َ‬ ‫َ َر َ ى ُ َ ُ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ َ َى‬
‫السال َم‪َ ،‬وأطع ُموا‬ ‫اس! أفشوا‬ ‫ال َمد َينة‪َ ،‬كن أ ىول يشء تكل َم به‪« :‬يا أيها انل‬
‫ى َ َ َ َ ر َ ى ُ َ ٌ َ ُ ُ َ ىَ َ‬
‫ام تدخلون اْلَنة ب َسالم»(‪.)1‬‬ ‫الطعام‪ ،‬وصلوا وانلاس ني‬
‫ّ‬
‫السالم جيلب املحبة‬
‫ّ‬
‫أيها األحبة الكرام! السالم هديّة نادرة‪ ،‬ولقد وضع اهلل سبحانه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتعاىل فيها أثرا إجيابيًّا عجيبا‪ ،‬فما من مسلم يسلم ىلع أخيه املسلم إال‬
‫ىَ‬ ‫َ َ ُ ُ‬ ‫ى َ‬
‫ويأنس َل‪ ،‬قال سيدنا رسول اهلل ﷺ‪َ « :‬واَّلي نفس بيَده ال تدخلوا اْلَنة‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َح ىَّت تُؤمنُوا‪َ ،‬و َال تُؤمنُوا َح ىَّت ََتَابروا‪ ،‬أَفَ َال أَ ُدلر ُ‬
‫كم َىلع أمر إذا أنتُم‬
‫كم»(‪.)٢‬‬ ‫وه ََتَابَبتُم؟ أَف ُشوا ى‬
‫الس َال َم بَينَ ُ‬ ‫َف َعلتُ ُم ُ‬
‫َى‬
‫بن عب ِد اهلل رُحه اهلل تعاىل‪ ،‬أن سيدنا لقمان‬ ‫عون ِ‬
‫ِ‬ ‫وعن سيدنا‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫َ َُى َ َ َ َ‬
‫ت ناد َي قوم فارمهم‬ ‫احلكيم رُحه اهلل تعاىل قال البنه‪ :‬يا بِّن! إذا أتي‬
‫ى َ‬ ‫َ َ‬
‫السال َم(‪.)3‬‬ ‫ب َسهم اإلسالم‪ ،‬يعِّن‪:‬‬
‫بسهم املحبّة ُ‬ ‫سالمك َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬
‫ويصيب‬ ‫ينقلب‬ ‫أي‪ :‬عندما تسلم ىلع أحد‬
‫الب بينكما‪ ،‬ومعىن نصيحة‬ ‫ر‬ ‫مت عليه ويزداد‬ ‫قلب الشخص اَّلي سلى َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫السالم ىلع انلاس‪،‬‬ ‫سيدنا لقمان احلكيم رُحه اهلل تعاىل‪ :‬يا ابِّن! ألق‬
‫اتلحيّة الِت خترج من قلبك ىلع لسانك ستُصبح سهما ذا فاعليّة ّ‬
‫قوية‬

‫(‪" )1‬سنن الرتمذي"‪ ،‬كتاب صفة القيامة‪.)٢٤٩٣( ،٢1٩/٤ ،‬‬


‫(‪" )٢‬سنن أبي داود"‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب يف إفشاء السالم‪.)٥1٩٣( ،٤٤٨/٤ ،‬‬
‫(‪" )٣‬كتاب الزهد" البن مبارك‪ ،‬باب ذكر رحمة اهلل تبارك وتعالى‪ ،‬ص ‪.)٩٥٠( ،٣٣٢‬‬

‫‪7‬‬
‫ّ ِّ‬ ‫ّ‬ ‫وتُصيب َ‬
‫املرء اَّلي أمامك فزيداد ر‬
‫بِّن! سلم‬ ‫الب بينكما‪ ،‬كأنه يقول َل يا‬
‫ّ‬ ‫ى‬ ‫ّ‬
‫الب بينكم‪ ،‬نسأل اهلل أن يوفقنا إلفشاء السالم‬ ‫ىلع انلّاس فإنه يورث‬
‫وتأيلف القلوب وتطهريها من األحقاد‪ ،‬آمني جباه خاتم انلبيّني ﷺ‪.‬‬
‫تبليغ السالم واجب‬
‫َ َْ َ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫َى‬ ‫ََ‬
‫عن سيدنا أيب ق ِالبة رُحه اهلل تعاىل‪ ،‬أن َر ُجال دخل َىلع سيدنا سلمان‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫الفاريس ريض اهلل تعاىل عنه َو ُه َو يعج ُن قال‪َ :‬ما هذا؟‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫قال‪َ :‬ب َعثنَا اخلَاد َم يف ع َمل‪ ،‬فكرهنَا أن َن َم َع َعليه ع َملني‪.‬‬
‫َُ ٌ ُ ُ َ ى َ‬ ‫ُ‬
‫السال َم‪.‬‬ ‫ث ىم قال‪ :‬فالن يقرئك‬
‫ت؟‬‫قال‪َ :‬م ََّت قَدم َ‬
‫ُ َ َ َ َ‬
‫قال‪ُ :‬منذ كذا َوكذا‪.‬‬
‫َ ى َ َ َ ُ ِّ َ َ َ َ َ َ ُ ِّ َ‬
‫قال‪ :‬أ َما إنك لو لم ت َؤدها َكنت أ َمانة لم ت َؤدها(‪.)1‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫اخلادم مسؤوال‬ ‫تأملوا أيها اإلخوة! ما أحسن تعامله مع خادمه! َكن‬
‫َ‬
‫عن عجن القيق ولكن سيدنا سلمان الفاريس عندما أرسله للقيام‬
‫َ‬
‫املشقة ّ‬ ‫العجني بنفسه لكيال ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬
‫مرتني‪.‬‬ ‫حيمل اخلادم من‬ ‫يعجن‬ ‫بمهمة جعل‬
‫بعث السالم وحكم تبليغه‬
‫ّ‬
‫أيها اإلخوة الكرام! حبمد اهلل تعاىل هناك عدة خصال ُحيدة توجد‬
‫ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫بيننا‪ ،‬ومنها‪ :‬أنه إذا رجع َضيف إىل أهله يقال َل‪ :‬بلغ سالمنا إىل اْلميع‪،‬‬

‫(‪" )1‬كتاب الزهد" ألحمد بن حنبل‪ ،‬زهد سلمان الفارسي‪ ،‬ص ‪.)٨٤1( ،1٧٧‬‬

‫‪8‬‬
‫هذه اعدة حسنة‪ ،‬ولكن ينبيغ أن نستحرض حكم إرسال السالم‬
‫ِّ‬
‫وتبليغه؟ فقد قال العلماء‪ :‬لو قال َل َسلم ىلع فالن فيجب ىلع الرسول‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬
‫السالم ملن أرسل يرده قائال‪ :‬عليك وعليه السالم‪ ،‬وهذا‬ ‫تبليغه‪ ،‬وإذا بلغ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وَتمله‪،‬‬ ‫وَتمله؛ وذلك ألنه مثل األمانة بعد موافقته‬ ‫الوجوب إذا وافقه‬
‫ّ‬
‫وإيصال األمانة واجب‪ ،‬وكذلك ربّما يطلب من الجاج واملعتمرين‬
‫تبليغ السالم إىل سيدنا رسول اهلل ﷺ فهو أيضا واجب‪.‬‬
‫ملحة من حياة سيدنا سلمان الفاريس ريض اهلل عنه‬
‫َكن ريض اهلل تعاىل عنه صحابيًّا جليال غزير العلم زاهدا وراع‬
‫متواضعا مشتاقا لإلسالم‪ ،‬صابرا ىلع املصائب وانلوائب‪ ،‬قدم من بالد‬
‫ب الفقراء ُ‬
‫ويعطيهم‪ ،‬وهو ّ‬
‫أول‬ ‫الق‪ ،‬رجال فاضال ُحي ر‬
‫فارس‪ ،‬باحثا عن ّ‬

‫من دخل اإلسالم من بالد فارس‪َّ ،‬لا يقال َل‪" :‬الفاريس"‪ ،‬اسمه‪" :‬سلمان‬
‫الفاريس"‪ ،‬ويعرف بـ"سلمان اخلري"(‪.)1‬‬
‫عمره ريض اهلل عنه‬
‫أيها اإلخوة! َكن سيدنا سلمان الفاريس ريض اهلل تعاىل عنه من‬
‫الصحابة ال ُم َع ِّمرين‪ ،‬اعش ريض اهلل تعاىل عنه مائتني ومخسني سنة‪،‬‬
‫ّ‬
‫األصح‪.‬‬ ‫ّ‬
‫واألول هو‬ ‫وقيل ثالثمائة ومخسني سنة(‪،)٢‬‬

‫(‪" )1‬أسد الغابة"‪ ،‬سلمان الفارسي‪ ،٤٨٧/٢ ،‬ملخصا‪.‬‬


‫(‪" )٢‬أسد الغابة"‪ ،‬سلمان الفارسي‪.٤٩٢/٢ ،‬‬

‫‪٩‬‬
‫ويص سيّدنا‬ ‫ويقال‪ :‬إنّه أدرك سيّدنا ع َ‬
‫ِيس بن مريم‪ ،‬وقيل‪ :‬بل أدرك ّ‬
‫ع َ‬
‫ِيس بن مريم عليه الصالة والسالم‪ ،‬وقرأ الكتابني(‪.)1‬‬
‫ّ‬
‫قصة إسالمه ريض اهلل عنه‬
‫َكن سيدنا سلمان الفاريس ريض اهلل تعاىل عنه من أهل أصبهان‪،‬‬
‫واكن واله جموسيًّا‪َّ ،‬لا َكن ريض اهلل تعاىل عنه يف ابلداية جموسيًّا‪،‬‬
‫الين‬ ‫ثم خرج يف طلب ِّ‬ ‫فاجتهد يف املجوسية ّ‬
‫حَّت أصبح ماهرا فيها‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وتنقل من كنيسة إىل أخرى بعدما ترك دين أجداده املجوسيّة‪ ،‬ول َق‬
‫حَّت لق براهب ُم َع ِّمر‬
‫ثم براهب آخر واكن يصحبهم إىل وفاتهم ّ‬
‫ب َراهب ّ‬
‫فوجده ىلع مثل ما َكن عليه أصحابه‪ ،‬فمكث عنده ما شاء اهلل‪ّ ،‬‬
‫ثم‬
‫حرضته الوفاة فقال َل‪ :‬إىل َمن تويص ب؟‬ ‫َ‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫فقال يل‪ :‬أي بِّن! واهلل ما أعلم أنه أصبح يف األرض أحد ىلع مثل‬
‫ّ َ َ َ ى َ َ َ ُ َ ٍّ ُ َ ُ‬ ‫ّ‬
‫ما كنا عليه آمرك أن تأتيه‪ ،‬ولكنه قد أظلك زمان نيب يبع ث بدين‬
‫ت‬ ‫ني َح ىرتَني‪َ ،‬فإن اس َت َطع َ‬ ‫إبراهيم النيفيّة‪ََ ،‬ي ُر ُج من َأرض َذات ََنل بَ َ‬
‫َ ُُ ى ََ‬ ‫َ َ ى‬ ‫ى‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫الص َدق ة‬ ‫أن ختل َص إيله فاخلص‪َ ،‬وإن به آيَات ال ختَف‪ ،‬إن ُه ال يأك ل‬
‫انلبُ ىوة إ َذا َرأَ ي َت ُه َع َرف َت ُه‪ ،‬ثمى‬ ‫َ َ‬
‫ات َم ر‬ ‫ََُ َ ُُ َ ىَ َ ى َ َ َ َ‬
‫ني كتفيه خ‬ ‫وهو يأكل الهدية‪ ،‬وإن ب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ات الراهب‪َ ،‬ف َم ىر بسيدنا سلمان الفاريس َرك ٌ‬ ‫َ َ‬
‫ب من كب ف َسأل ُهم عن‬ ‫م‬
‫ُ‬
‫وه يف َوادي الق َرى يلَ ُهودي‪.‬‬ ‫بالدهم‪َ ،‬ف َق َص َد ُهم َف َغ َد ُروا به َوبَ ُ‬
‫اع ُ‬

‫(‪")1‬اإلصابة يف تمييز الصحابة" للعسقالين‪ ،‬سلمان أبو عبد اهلل الفارسي‪.11٩/٣ ،‬‬

‫‪10‬‬
‫حَّت جاء يف بعض الروايات أنّه بيع عُّش ّ‬
‫مرات(‪.)1‬‬ ‫ّ‬
‫رتاهُ َي ُهودي‪َ ،‬ف َقد َم ريض اهلل تعاىل عنه به ال َمدينَ َة فَأَي َقنَ‬‫وأخريا اش َ َ‬
‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َََ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫أ ىن َها َ‬
‫َ‬
‫يه ابلَ َْلةُ الِت ُوصفت َل‪ ،‬فأقا َم عن َدهُ يع َمل َلُ يف َنله يف بَِّن ق َريظة‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قد َم سيدنا َر ُسول اهلل ﷺ‪َ ،‬و َرأى سيّ ُدنا سلمان الفاريس ريض اهلل عنه‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫فيه َعال َمات انلربُ ىوة فأسل َم(‪.)٢‬‬
‫فمكث ريض اهلل تعاىل عنه يف خدمة سيدنا رسول اهلل ﷺ ّ‬
‫حَّت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تويف ﷺ‪ ،‬وتول سيدنا سلمان الفاريس ريض اهلل عنه إمارة املدائن‪.‬‬
‫وفاته ريض اهلل تعاىل عنه‬
‫ّ‬
‫تويف ريض اهلل تعاىل عنه وأرضاه سنة ثالث وثالثني أو ّ‬
‫ست‬ ‫وقد‬
‫وثالثني باملدائن(‪.)3‬‬
‫فضائله ريض اهلل تعاىل عنه‬
‫ُ ََ‬
‫ابن ب َريدة ريض اهلل تعاىل عنه عن أبيه قال‪ :‬قال‬ ‫(‪ )١‬عن سيدنا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ ِّ َ َ َ َ َ ى ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪« :‬إ ىن َ‬‫ُ‬
‫َبِن أن ُه حيبر ُهم»‪.‬‬‫اهلل أ َم َرِن حبب أربعة‪ ،‬وأخ‬ ‫سيدنا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قيل‪ :‬يَا َر ُسول اهلل! َمن ُهم؟‬

‫(‪" )1‬صحيح البخاري" ‪ ،‬كتاب مناقب األنصار‪ ،‬باب إسالم سلمان الفارسي‪،‬‬
‫‪ ،)٣٩٤٦( ،٦٠٧/٢‬مختصرا‪.‬‬
‫(‪" )٢‬الطبقات الكربى" البن سعد‪ ،‬سلمان الفارسي‪ ، ٥٩-٥٦/٤ ،‬مختصرا‪.‬‬
‫(‪" )٣‬اإلصابة يف تمييز الصحابة"‪ ،‬سلمان أبو عبد اهلل الفارسي‪ ،11٩/٣ ،‬مختصرا‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫َ ٌّ َ َ ُ َ ٍّ َ َ َ ُ‬
‫ان‪َ ،‬والمق َد ُ‬
‫اد»(‪.)1‬‬ ‫قال‪َ« :‬ع‪ ،‬وأبو ذر‪ ،‬وسلم‬
‫بن مال ِك ريض اهلل تعاىل عنه قال‪ :‬قال سيدنا‬ ‫أنس ِ‬‫(‪ )٢‬وعن سيدنا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ى َى َ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫َع بن أب َطالب‪َ ،‬وع ىمار بن‬ ‫تاق إىل أربَ َعة‪ِّ َ :‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪« :‬إن اْلنة تش‬
‫َ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫اهلل عن ُهم»(‪.)٢‬‬ ‫يَاِس‪َ ،‬و َسل َمان الفارِس‪َ ،‬والمق َداد بن األسود ريض‬
‫ّ‬
‫وعن سيدنا زاذان الكندي ريض اهلل تعاىل عنه قال‪ :‬كنا ذات يوم‬
‫ِّ‬ ‫َُ‬
‫عند سيدنا يلع بن أيب طالب ريض اهلل تعاىل عنه فقل َنا َل‪َ :‬حدثنَا عن‬
‫سلمان الفاريس ريض اهلل تعاىل عنه‪.‬‬
‫كم بمثاَل‬ ‫فقال سيدنا يلع بن أيب طالب ريض اهلل تعاىل عنه‪َ :‬من لَ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك منىا أه َل ابلَيت‪ ،‬أد َر َك العل َم األ ىو َل َوالعل َم اْلخر‪َ،‬‬‫َ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫لق َمان الَكيم‪ ،‬ذل‬
‫َ ٌَ َ ُ َُ‬ ‫َ َ َ‬
‫األ ىو َل َوالكتَ َ‬ ‫َ َ‬
‫ْنف(‪.)3‬‬ ‫اب اْلخر‪ ،‬حبر ال ي‬ ‫َوق َرأ الكتاب‬
‫أيها األحبة! هناك خصائص عديدة وفضائل كثرية للصحاب اْلليل‬
‫ّ ى‬
‫سيدنا سلمان الفاريس ريض اهلل تعاىل عنه‪ ،‬ومنها‪ :‬أنه َعده سيّدنا رسول‬
‫اهلل ﷺ من أهل بيته‪ ،‬حيث قال الرسول ﷺ لسيدنا يلع بن أيب طالب‬
‫َ ى‬ ‫ُ ى َ َ‬
‫ريض اهلل تعاىل عنه‪َ « :‬سل َمان منا أهل ابلَيت‪ ،‬فاختذهُ َصاحبا»(‪.)4‬‬

‫(‪" )1‬سنن ابن ماجه"‪ ،‬كتاب السنة‪ ،‬باب فضل سلمان وأبي ذر والمقداد‪.)1٤٩( ،٩٩/1 ،‬‬
‫(‪" )٢‬المعجم الكبير"‪ ،‬من اسمه سلمان الفارسي‪.)٦٠٤٥( ،٢1٥/٦ ،‬‬
‫(‪" )٣‬المعجم الكبير"‪ ،‬من اسمه سلمان الفارسي‪ ،)٦٠٤٢( ،٢1٣/٦ ،‬ملخصا‪.‬‬
‫(‪" )٤‬مسند البزار"‪ ،‬مسند أبي حمزة أنس بن مالك‪.)٦٥٣٤( ،1٤٠/1٣ ،‬‬

‫‪1٢‬‬
‫قال سيدنا مري عبد الواحد بِال ِغرايم رُحه اهلل تعاىل‪ :‬أهل ابليت‬
‫ثالثة أقسام‪:‬‬
‫(‪ )١‬أهل ابليت أصالة (‪ )٢‬أهل ابليت تبعيّة (‪ )٣‬أهل ابليت انتسابا‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫القسم ّ‬
‫يتضمن ‪ 1٢‬فردا‪ ،‬وهم‪ ٩ :‬زوجات لرسول اهلل ﷺ‪4 ،‬‬ ‫األول‬
‫ّ‬
‫عنهن‪.‬‬ ‫بنات ريض اهلل تعاىل‬
‫ّ‬
‫يتضمن ‪ 3‬أفراد‪ ،‬وهم‪ :‬سيدنا يلع بن أيب طالب‬ ‫والقسم اثلاين‬
‫واحلسن واحلسني ريض اهلل تعاىل عنهم‪.‬‬
‫يتضمن أوئلك اَّلين ّ‬
‫طهرهم اهلل تعاىل من األجناس‬ ‫ّ‬ ‫والقسم اثلالث‬
‫ورزقهم بالورع واتلقوى ىلع درجة اعيلة‪ ،‬ومنهم‪ :‬سيدنا سلمان الفاريس‬
‫ريض اهلل تعاىل عنه‪ ،‬وهو ليس من أهل ابليت نسبا بل يلحق بهم(‪.)1‬‬
‫ّ ْ‬
‫حيب أن يأكل من كسب يده‬ ‫اكن‬
‫َ َْ َ‬ ‫َى‬
‫عن سيدنا أيب عثمان انلهدي ريض اهلل تعاىل عنه‪ ،‬أن سيدنا سلمان‬
‫َ ِّ‬ ‫ِّ َ ُ ر َ ُ َ‬ ‫َْ‬
‫ب أن آكل من كد يَدي(‪.)٢‬‬ ‫ار ِيس ريض اهلل تعاىل عنه قال‪ :‬إِّن ألح‬ ‫ال ِ‬
‫ف‬
‫َ‬ ‫وقال سيدنا احلسن رُحه اهلل تعاىل‪َ :‬كن َع َط ُ‬
‫اء سيدنا سلمان‬
‫ََ ُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫الفاريس ريض اهلل تعاىل عنه مخ َسة آالف درهم‪َ ،‬واكن أمريا ىلع زهاء‬
‫ني أَلفا م َن ال ُمسلمني‪َ.‬‬
‫ثَ َالث َ‬

‫(‪" )1‬سبع سنابل"‪ ،‬ص‪ ،٩٤‬تعريبا من الفارسية‪.‬‬


‫(‪" )٢‬حلية األولياء"‪ ،‬سلمان الفارسي‪.)٦٣٣( ،٢٥٨/1 ،‬‬

‫‪13‬‬
‫َ َ‬ ‫ََ َ َ َ ُ‬
‫اءة يفرتش َبع َض َها َو َيلبَ ُس َبع َض َها‪ ،‬فإذا‬ ‫اس يف عب‬ ‫َو َاك َن ََي ُط ُ‬
‫ب انلى َ‬
‫َ َ (‪)1‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُُ َ َ ُ ََ ُ ُ‬
‫خرج عطاؤه أمضاه‪ ،‬ويأكل من سفيف يديه ‪.‬‬
‫ّ‬
‫أيها اإلخوة األكارم! الحظوا كيف أنه ريض اهلل تعاىل عنه َكن‬
‫ّ‬
‫تضم ثالثني ألفا من املسلمني‪ ،‬فبطبيعة األمر‬ ‫مسؤوال عن مجاعة‬
‫ًّ‬
‫سيكون مشغوال جدا يف مصالهم‪ ،‬لكن ىلع الرغم من ذلك َكن‬
‫يكسب ماَل بيده‪ ،‬بل هذا املبلغ اَّلي هو مخسة آالف درهم َكن حيصل‬
‫عليه ىلع سبيل األجرة‪ ،‬واكن يُنفقه يف وجوه اخلري‪.‬‬
‫ممن َيدمون عبادك ويقضون‬‫سبحان اهلل! اللىه ّم نسألك أن جتعلنا ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حواجئهم ويعملون لراحتهم‪ ،‬وأن توفقنا ألن نكسب من كد أيدينا‬
‫بالالل‪ ،‬آمني يا ّ‬
‫رب العاملني‪.‬‬
‫سؤال انلاس لغري حاجة‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التسول يف‬ ‫األعزاء! من املظاهر الغريبة يف عرصنا كَثة‬ ‫أيها األحبة‬
‫ًّ‬
‫الشباب وهم يف ُمقتَبَل‬
‫َ‬ ‫املجتمع وبشلك خطري ومؤسف جدا‪ ،‬حيث نرى‬
‫أعمارهم يبسطون أيديهم أمام انلاس‪ ،‬بسط ايلد للنّاس ّ‬
‫للسؤال ىلع‬
‫َ‬
‫انلاس بال عذر رشيع فهو يطلب انلار‪،‬‬ ‫حرام‪َ ،‬من يسأل‬
‫ٌ‬ ‫ر‬
‫التسول‬ ‫سبيل‬
‫ى‬
‫استحق انلار بذلك القدر‪ ،‬وقد ورد يف‬ ‫َ‬
‫ومن استكَث املال بالسؤال فقد‬
‫َُ ََ‬ ‫الديث انلبوي الُّشيف‪ :‬عن سيدنا ُح ِ ِّ‬
‫بن جنادة ريض اهلل تعاىل‬
‫بش ِ‬

‫(‪" )1‬الزهد" ألحمد بن حنبل‪ ،‬زهد سلمان الفارسي‪ ،‬ص ‪.)٨1٥( ،1٧٣‬‬

‫‪14‬‬
‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫سمعت سيدنا رسول اهلل ﷺ يقول‪َ « :‬من َسأل من غري فقر‬
‫ُ‬ ‫عنه قال‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ ََى َ َ ُُ‬
‫فكأنما يأكل من مجر» ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ويف رواية أخرى‪ :‬عن سيدنا أيب هريرة ريض اهلل تعاىل عنه قال‪ :‬قال‬
‫َُ َ‬ ‫َ َ ََ ى َ َ َ َ َ ر َ ى‬
‫اس أم َوال ُهم تكَثا‪ ،‬فإن َما يَسأل مجرا‬ ‫سيدنا رسول اهلل ﷺ‪« :‬من سأل انل‬
‫ى َ‬ ‫َ‬
‫فليَستَقل أو ليَستَكَث»(‪.)٢‬‬
‫ّ‬
‫وعن سيدنا عبد اهلل بن عباس ريض اهلل تعاىل عنهما قال‪ :‬قال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫سيدنا رسول اهلل ﷺ‪َ « :‬من َسأَ َل انلى َ‬
‫اس يف غري فاقة ن َزلت به أو عيَال ال‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫امة ب َوجه لي َس َعليه ل ٌم»(‪.)3‬‬ ‫اء يَو َم القيَ َ‬
‫يق ُهم‪َ ،‬ج َ‬‫يط‬
‫وعن سيدنا عبد اهلل بن عمر ريض اهلل تعاىل عنهما قال‪ :‬قال سيدنا‬
‫ِّ‬ ‫رضةٌ ُحل َوةٌ‪َ ،‬من اكتَ َس َ‬ ‫النيَا َخ َ‬
‫يها َماال من حله‬‫بف َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪ « :‬ر‬

‫يها َماال من‬


‫بف َ‬‫اهلل َعلَيه َوأَو َر َدهُ َجنىتَ ُه‪َ ،‬و َمن اكتَ َس َ‬
‫َوأَن َف َق ُه يف َح ِّقه أَثَابَ ُه ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ِّ َ َ ى ُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫غري حله وأنفقه يف غري حقه أحله اهلل دار الهوان» ‪.‬‬
‫( ‪)4‬‬

‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ى ى ى‬


‫اتلوفيق بكسب ايلد وأال‬ ‫هم جنبنا السؤال من غريك وارزقنا‬ ‫الل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نتوّك إال عليك‪ ،‬آمني يا ّ‬
‫رب العاملني‪.‬‬

‫(‪" )1‬المعجم الكبير"‪ ،‬من اسمه حبشي بن جنادة السلولي‪.)٣٥٠٦( ،1٥/٤ ،‬‬
‫(‪" )٢‬صحيح مسلم"‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب كراهة المسألة للناس‪ ،‬ص ‪.)٢٣٩٩( ،٤٠٢‬‬
‫(‪" )٣‬شعب اإليمان"‪ ،‬باب يف الزكاة‪ ،‬فصل يف االستعفاف‪...‬إلخ‪.)٣٥٢٦( ،٢٧٤/٣ ،‬‬
‫(‪" )٤‬شعب اإليمان"‪ ،‬باب يف قبض اليد عن األموال المحرمة‪.)٥٥٢٧( ،٣٩٦/٤ ،‬‬

‫‪15‬‬
‫سبب ابلاكء عند املوت‬
‫ّ‬
‫أيها األحبة الكرام! َكن سيدنا سلمان الفاريس ريض اهلل تعاىل عنه‬
‫الم َدائن‪ ،‬ىلع رغم ذلك اعش حياة بسيطة‪ ،‬لم جيمع شيئا من‬‫وايلا ىلع َ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫سعد َ‬ ‫َى‬
‫بن أيب وقاص دخل َىلع سيدنا‬ ‫املال يف حياته‪ ،‬وقد ُروي أن سيدنا‬
‫َُ ُ َ َ َ َْ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫ودهُ‪ ،‬فبََك سلمان الفاريس‬‫سلمان الفاريس ريض اهلل تعاىل عنهما يع‬
‫ريض اهلل تعاىل عنه‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫يك يَا أبَا َعبد اهلل؟ تُ ُو ِّ َ‬
‫يف‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫فقال َلُ سعد ريض اهلل تعاىل عنه‪َ :‬ما يبك‬
‫َ َ ََ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫حابَك‪.‬‬ ‫َر ُسول اهلل ﷺ َو ُه َو عنك َراض َوتر ُد َعليه الوض وتلق أص‬
‫َ َ ِّ َ َ‬ ‫ُ‬
‫فقال سيدنا سلمان الفاريس ريض اهلل تعاىل عنه‪ :‬أما إِّن ال أبكي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫النيَا‪َ ،‬ولك ىن َر ُسول اهلل ﷺ َعه َد إيلنَا‬ ‫ىلع ر‬ ‫َج َزاع م َن ال َموت‪َ ،‬وال حرصا‬
‫َ‬
‫النيَا مثل َزاد‬ ‫كم م َن ر‬ ‫كن بُل َغ ُة أَ َحد ُ‬ ‫َعهدا َحيًّا َو َميِّتا فقال‪« :‬تلَ ُ‬
‫َ‬
‫األ َساو َدة‪ُ.‬‬ ‫َ‬
‫الراكب»‪َ ،‬و َحول هذه‬
‫ى‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌَ‬ ‫َ‬ ‫َ ى‬
‫قال الراوي‪ :‬فإن َما َحوَلُ إ ىجانة َو َجفنَة َو َمط َه َرة(‪.)1‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أصحاب انليب ﷺ ُزهادا يف النيا‪ ،‬واكن‬ ‫أيها اإلخوة الكرام! َكن‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫همهم املعاد َّلا َكنوا يُفكرون يف أمر اْلخرة دائما‪ ،‬والحظوا أن سيدنا‬
‫إناء يغسل‬ ‫إجانة (أي‪ٌ :‬‬ ‫سلمان الفاريس ريض اهلل تعاىل عنه َكن يملك ّ‬

‫(‪" )1‬المستدرك على الصحيحين" ‪ ،‬كتاب الرقاق‪ ،‬باب لتكن بلغة أحدكم‪...‬إلخ‪،‬‬
‫‪.)٧٩٦1( ،٤٥٢/٥‬‬

‫‪16‬‬
‫وم َ‬
‫طه َرة (أي‪ :‬إناء للتطهري‬ ‫وجفنة (أي‪ :‬قصعة الطعام) َ‬ ‫فيه اثلياب) َ‬
‫ّ‬
‫وانلظافة) هذه فقط وقد اقرتب منه املوت‪ ،‬ومع قلة ما يملك َكن يَبيك‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ويقول‪ :‬إنه مجع ثروة كبرية‪ ،‬وصار ايلوم الوضع خمتلفا كثريا‪ ،‬ف َدخلنا‬
‫الشهري أو بعضنا يكون بآالف الرياالت‪ ،‬مع رصيد بنيك هائل أيضا‪،‬‬
‫ّ‬
‫رضورية فقط‬ ‫إضافة إىل بيت كبري‪ ،‬وسيّارة حديثة‪ ،‬ولوازم يف ابليت غري‬
‫ى‬ ‫ّ‬
‫للتبايه واتلفاخر‪ ،‬ومع لك هذا نسىع للمزيد يلال ونهارا‪ ،‬يا يلتنا! نتعلم‬
‫ُ ّ‬ ‫َ‬
‫القناعة والرضا اتلام بما أعطانا اهلل سبحانه وتعاىل ونفكر يف اْلخرة‬
‫ّ‬
‫بدال من أن نستول ىلع مشاعرنا أفاكر مجع املال والنيا وشهواتها‬
‫ّ‬
‫الزائلة‪ ،‬فينبيغ نلا أن نتوّك ىلع اهلل تعاىل ونكتيف بالقليل ونشعر‬
‫ّ‬
‫باالمتنان ونفكر يف َتسني اْلخرة‪.‬‬
‫ّ‬
‫اتلوّك يشء عجيب‬
‫ى‬ ‫َ‬
‫بن سالم ريض اهلل تعاىل عنه قال‪ :‬إن‬ ‫روي عن سيدنا عب ِد اهللِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َى ر‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ‬
‫يخ! أينَا َمات‬ ‫سيدنا سلمان الفاريس ريض اهلل تعاىل عنه قال َلُ‪ :‬أي أ‬
‫َ َََ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫اء َلُ‪.‬‬ ‫قبل َصاحبه فليرت‬
‫َََ ُ ُ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َُْ‬ ‫َ َ‬
‫قال سيّدنا عبد اهللِ ب ُن سالم ريض اهلل تعاىل عنه‪ :‬أويكون ذلك؟‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ال‪َ :‬ن َعم‪ ،‬إ ىن ن َ َس َم َة ال ُمؤمن ُخمَ ىالةٌ تَذ َه ُ‬‫َ َ‬
‫َ‬
‫ب يف األرض حيث شاءت‪،‬‬ ‫ق‬
‫َ ُ َ‬
‫َون َس َمة الاكفر يف سجن‪.‬‬
‫َ َْ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ف َمات سيّدنا سلمان الفاريس ريض اهلل تعاىل عنه‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َُْ‬ ‫ََ َ‬
‫فقال سيّدنا عبد اهللِ ب ُن سالم ريض اهلل تعاىل عنه‪ :‬فبَينَ َما أنا ذات‬
‫َ َ َ َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ٌ‬
‫يَوم قائل بنصف انلى َهار َىلع َِسير يل‪ ،‬فأغفيت إغفاءة إذ جاء سلمان‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ َ‬
‫السالم عليك َو َرُحَة اهلل‪.‬‬ ‫الفاريس ريض اهلل تعاىل عنه فقال‪:‬‬ ‫ُّ‬
‫َ َ‬ ‫ى‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ ُ ى ُ َ َ‬
‫الم َعليك َو َرُحَة اهلل أبَا عبد اهلل!كيف َو َجدت َمْنلك؟‬ ‫فقلت‪ :‬الس‬
‫َ َ َ َ ىَر َ َ ى ُ ىَرُ َ َ َ َ ى ر َ‬ ‫َ َ َ‬
‫اتل َوّك فنع َم‬ ‫قال‪ :‬خريا‪ ،‬وعليك باتلوّك فنعم الَشء اتلوّك‪ ،‬وعليك ب‬
‫ى ُ ىَرُ َ َ َ َ ىَر َ َ ى ُ ى رُ‬
‫اتل َوّك‪.‬‬ ‫الَشء اتلوّك‪ ،‬وعليك باتلوّك فنعم الَشء‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ َ َْ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫ى‬
‫ويف رواية‪ :‬أن سيدنا سلمان الفاريس َمات قبل عب ِد اهللِ ب ِن سالم‬
‫ْ َ‬ ‫َُْ‬ ‫َ‬
‫هلل ب ُن سالم ريض اهلل تعاىل عنه يف‬ ‫ريض اهلل تعاىل عنهما‪ ،‬ف َرآهُ عبد ا ِ‬
‫ََ َ َ َ َُ َ َ َ َ ََ َ‬
‫المنام فقال َل‪ :‬كيف أنت أبا عبد اهلل؟‬
‫َ َ َ‬
‫قال‪ِ :‬بري‪.‬‬
‫ى َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫قال‪ :‬أ ري األع َمال َو َجدت َها أف َضل؟‬
‫َ َ َ َ ُ ى رَ َ‬
‫اتل َوّك شيئا َعجيبا(‪.)1‬‬ ‫قال‪ :‬وجدت‬
‫ّ‬
‫جعلنا اهلل وإيّاكم من عباده املتوّكني‪ ،‬آمني جباه خاتم انلبيني ﷺ‪.‬‬
‫عالج الغضب بالسكوت‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫األعزاء! اهلدف من سماع قصص أصحاب انليب ﷺ‬ ‫أيها اإلخوة‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫الب يف قلوب املسلمني وجعلهم قدوة هلم واتباع‬ ‫وقراءتها؛ إيقاظ‬
‫ّ‬
‫سريهم انلبيلة للفوز يف النيا واْلخرة‪ ،‬وَّللك فإن مركز ادلعوة‬

‫(‪" )1‬الطبقات الكربى" البن سعد‪ ،‬سلمان الفارسي‪.٧٠/٤ ،‬‬

‫‪18‬‬
‫العوية وأعماَل الينيّة بني انلاس لريبط‬
‫ّ‬ ‫اإلسالمية يقوم بنشاطاته‬
‫ويشجع الارضين ىلع حماسبة انلفس‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األمة بسرية أوئلك العظام‪،‬‬
‫ُ ُ‬
‫ملء كتيّب‪" :‬األعمال‬ ‫وتزكيتها يف جمالسه ودروسه‪ ،‬ومن وسائل املحاسبة‬
‫َ‬
‫الصاحلة"‪ ،‬فمثال‪ :‬يف العمل الصالح رقم ‪ :14‬هل أظهرت غضبك ايلوم ىلع‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أحد أم كظمته وعفوت عنه؟‬
‫ب حيتوي أيضا ىلع أسئلة وأجوبة‬ ‫أيها اإلخوة الكرام! وهذا الكتيّ ُ‬
‫ُ‬
‫نستطيع االلزتام بها ونستعني باهلل تعاىل ىلع هذه املحاسبة‬ ‫ّ‬
‫هامة عديدة‪،‬‬
‫ّ‬
‫والسيِّئات‪ ،‬نسأل اهلل‬
‫ى‬ ‫وىلع القيام باألعمال الصالة وجتنب املعايص‬
‫سبحانه وتعاىل أن يرزقنا اتلوفيق‪ ،‬آمني ّ‬
‫يارب العاملني‪.‬‬
‫من فضائل السجدة وبراكتها‬
‫َ َ ُ‬
‫اب سيدنا سلمان‬ ‫خَتي رُحه اهلل تعاىل قال‪ :‬أَ َص َ‬ ‫َ َ‬
‫عن سيدنا أيب ابل ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الفاريس ريض اهلل تعاىل عنه َجار َية‪ ،‬فقال ل َها بالفارسيىة‪َ :‬صِّل‪.‬‬
‫َ َ َ‬
‫قالت‪ :‬ال‪.‬‬
‫جدي َواح َدة‪.‬‬‫قال‪ :‬اس ُ‬
‫َ‬
‫قالت‪ :‬ال‪.‬‬
‫َ َ َ ٌَ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ َ ََ َ‬
‫قيل‪ :‬يا أبا عبد اهلل! وما تغِّن عنها سجدة؟‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى َ‬
‫قال‪ :‬إن َها لو َصلت َصلت(‪.)1‬‬

‫(‪" )1‬المعجم الكبير"‪ ،‬من اسمه سلمان الفارسي‪.)٦٠٥٤( ،٢1٨/٦ ،‬‬

‫‪1٩‬‬
‫عبده للسجود بني يديه‪ ،‬ولو‬ ‫أيها األحبة! من السعادة أن يوفّق ُ‬
‫اهلل َ‬
‫ى‬
‫سجدة واحدة حبضور قلبه يف حرضته‪ ،‬وسيجد هلا َّلة يف القرب؛ وَّللك‬
‫ورد هلا فضائل عديدة يف األحاديث الُّشيف‪ ،‬منها‪ :‬ما روي عن سيدنا‬
‫َ‬
‫أيب هريرة ريض اهلل تعاىل عنه قال‪ :‬قال سيدنا رسول اهلل ﷺ‪« :‬أق َر ُب َما‬
‫ال َاع َء»(‪.)1‬‬ ‫ون ال َعب ُد من َربِّه‪َ ،‬و ُه َو َساج ٌد‪ ،‬فَأَك ُ‬
‫َثوا ر‬ ‫َ ُ ُ‬
‫يك‬
‫ك َال تَس ُ‬
‫ج ُد‬
‫َ ى َ‬
‫جود هلل‪ ،‬فإن‬ ‫الس ُ‬
‫َثة ر‬
‫ك َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫وقال سيدنا انليب ﷺ‪َ « :‬عليك ب‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ى َََ َ‬
‫اهلل ب َها د َر َجة‪َ ،‬و َح ىط عنك ب َها خطيئَة»(‪.)٢‬‬ ‫ك ُ‬ ‫هلل سجدة‪ ،‬إال رفع‬
‫ويف رواية أخرى‪ :‬قال سيدنا البيب املصطَف ﷺ‪« :‬تَأ ُك ُل انلى ُ‬
‫ار م َن‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ ى َ ُ ََ ى َ َ ُ َ ََ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ َ ى ََ‬
‫ابن آدم إال أثر السجود‪ ،‬حرم اهلل ىلع انلار أن تأكل أثر السجود» ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫ّ‬
‫حل املشالك بالسجدة هلل تعاىل‬
‫أن شخصا أىت إىل أحد الشيوخ‪ ،‬وقال َل‪ :‬كّما َعمل ُ‬
‫ت عمال‬
‫ّ‬
‫حيَك‬
‫ُ‬

‫صار َمعكوسا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اخلتم؟‬ ‫رأيت‬ ‫أجابه الشيخ قائال‪ :‬هل‬
‫قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫تعلم كيف يُكتب عليه؟‬
‫قال‪ :‬هل ُ‬

‫(‪" )1‬صحيح مسلم"‪ ،‬كتاب الصالة‪ ،‬باب ما يقال يف الركوع والسجود‪ ،‬ص ‪.)1٠٨٣( ،1٩٨‬‬
‫(‪" )٢‬صحيح مسلم"‪ ،‬كتاب الصالة‪ ،‬باب فضل السجود والحث عليه‪ ،‬ص ‪.)1٠٩٣( ،1٩٩‬‬
‫(‪" )٣‬صحيح مسلم"‪ ،‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب معرفة طريق الرؤية‪ ،‬ص ‪.)٤٥1( ،٩٦‬‬

‫‪٢0‬‬
‫ُ‬
‫قال‪ :‬الكتابة معكوسة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫قال َل الشيخ‪ :‬هل تعلم كيف تصبح الكتابة مستقيمة؟‬
‫قال‪ :‬عندما يُوضع ىلع الورقة تستقيم‪.‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬هكذا األمور عند اهلل تعاىل تماما‪ ،‬فعندما ترى‬
‫ُ‬ ‫ُ ر‬
‫األمور معكوسة وال َتَل‪ ،‬فعليك أن تقرتب إىل اهلل تعاىل فت سبغ‬ ‫َ‬

‫مترضاع يف املسجد بني يديه أو يف‬‫ِّ‬ ‫ثم تسجد َل خاشع ا‬ ‫أوال ّ‬


‫وء ّ‬
‫ض َ‬‫الو ُ‬
‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ ر‬
‫حل املشالك إن شاء اهلل تعاىل(‪.)1‬‬ ‫وقت السحر‪ ،‬وست‬
‫ّ‬
‫نسأل اهلل أن يوفقنا وإيّاكم للمحافظة ىلع الصلوات املكتوبة‬
‫وانلوافل وأن يكرمنا للسجود يف حرضته‪ ،‬آمني جباه خاتم انلبيّني ﷺ‪.‬‬
‫مناسبة ذكر مودل سيدنا يلع بن أيب طالب ّ‬
‫كرم اهلل وجهه‬
‫ُ‬
‫مول ابن ّ‬ ‫ّ‬
‫عم سيدنا‬ ‫أيها األحبة! اثلالث عُّش من رجب هو‬
‫ّ‬
‫رسول اهلل ﷺ وصهره ىلع السي دة الزهراء؛ سيدنا يلع ريض اهلل تعاىل‬
‫عنهما‪ ،‬فتعالوا بنا ليك نسمع شيئ ا من أخباره وسريته الُّشيفة‪:‬‬
‫وي ّ‬
‫كىن "بأيب‬ ‫سيدنا يلع بن أيب طالب هو ُ‬
‫أحد اخللفاء الراشدين‪ُ ،‬‬

‫احلسن وأيب تراب"‪ ،‬وقد ُول بعد اعم الفيل بـ ‪ 30‬اعما يف يوم اْلمعة يف‬
‫اثلالث عُّش من رجب‪ ،‬والتُه السيدة "فاطمة بنت أسد"‪ ،‬لقبته ر‬
‫أم ه‬
‫ى‬ ‫"حبيدر"‪ّ ،‬‬
‫وسماه ُ‬
‫واله "بع ّ‬
‫ل"‪ ،‬كما لقبه سيدنا رسول اهلل ﷺ "بأسد اهلل"‪.‬‬

‫(‪" )1‬نفحات الصالة" للشيخ إلياس العطار‪ ،‬ص ‪.٢٤٨‬‬

‫‪٢1‬‬
‫ومن ألقابه املشهورة‪" :‬املرتىض‪ ،‬و ّ‬
‫الكرار"‪ ،‬وهو ابن ّ‬
‫عم انليب ﷺ‪،‬‬
‫ّ‬
‫بويع بعد استشهاد سيدنا عثمان بن عفان ريض اهلل تعاىل عنه‪،‬‬
‫استمرت خالفته أربع سنني وثمانية أشهر وتسعة أيّام‪ ،‬واستشهد يف‬
‫ّ‬ ‫و‬
‫َ‬
‫‪ ٢1‬من رمضان يللة األحد‪ ،‬ريض اهلل تعاىل عنه وأرضاه(‪.)1‬‬
‫صلى الله على سيدنا محمد‬ ‫صلوا على الحبيب!‬
‫ّ‬
‫احلث ىلع ّ‬
‫حب سيدنا يلع بن أيب طالب ريض اهلل عنه‬
‫أيها األحبة! اخلليفة الرابع للمسلمني هو سيدنا يلع بن أيب طالب‬
‫ريض اهلل تعاىل عنه‪ ،‬ولقد حاز فضائل كثرية ال َتىص‪ ،‬فعن سيدنا‬
‫َ‬
‫يلع بن أيب طالب ريض اهلل تعاىل عنه قال‪ :‬د َاعِّن البيب املصطَف ﷺ‬
‫ح ىَّت بَ َهتُوا أُ ىمه‪ُ،‬‬ ‫ضت ُه َي ُه ُ‬
‫ود َ‬ ‫يَس َمثَال‪ ،‬أَب َغ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال‪« :‬إن فيك من َسي ّدن ا ع‬
‫ى‬

‫س به »‪.‬‬ ‫ح ىَّت أَن َزلُوهُ ب ال َمْن ل ىاَّل ي لَي َ‬


‫ارى َ‬ ‫َوأَ َ‬
‫حبىت ُه انلى َص َ‬
‫ََ ى َ ُ‬
‫فقال سيدنا يلع بن أيب طالب ريض اهلل تعاىل عنه‪ :‬أال َو إ ن ُه يهلك‬
‫ََ َ‬ ‫ٌ َ ُ َ‬ ‫ب ُي َق ِّر ُظِّن ب َما لَي َ‬ ‫يفى اثنَان‪ُ ،‬حم ٌّ‬
‫يف‪َ ،‬و ُمب غض حيمل ُه شنَآِّن ىلع أن‬ ‫س ى‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ َ َ َ ِّ َ ُ َ ٍّ َ ُ َ َ ى َ‬
‫يل‪َ ،‬و لك ِِّّن أع َمل بكتَاب اهلل‬ ‫يبهتِّن‪ ،‬أ ال إِّن لست بنيب و ال يوح إ‬
‫ح ٌّق‬‫اعة اهلل فَ َ‬ ‫ك م من َط َ‬ ‫ت‪َ ،‬ف َم ا أَ َمرت ُ ُ‬ ‫َو ُس نىة ن َبيِّه ﷺ َم ا استَ َط ع ُ‬
‫ُ (‪)٢‬‬ ‫َ َ َ ُ ََ‬ ‫كم َط َ‬‫َعلَي ُ‬
‫اعِت فيما أحب بت م وكرهتم ‪.‬‬

‫(‪" )1‬أسد الغابة"‪ ،‬باب العين والالم‪ ،‬ذكر علي بن أبي طالب‪ ،1٣٠/٤ ،‬بتصرف‪.‬‬
‫(‪" )٢‬مسند أحمد بن حنبل"‪ ،‬مسند علي بن أبي طالب‪.)1٣٧٧( ،٣٣٦/1 ،‬‬

‫‪٢٢‬‬
‫ّ‬
‫قصة إسالم الراهب ىلع يد سيدنا يلع ريض اهلل عنه‬
‫ّ‬ ‫ل َ ىما ى‬
‫توجه سيدنا يلع بن أيب طالب ريض اهلل تعاىل عنه إىل صفني‪،‬‬
‫ٌ‬
‫أصاب أصحابه عطش شديد‪ ،‬ونفد ما َكن معهم من املاء‪ ،‬فأخذوا يمينا‬
‫وشماال يلتمسون ماء فلم جيدوا َل أثرا‪.‬‬
‫ى‬
‫فعدل بهم سيدنا يلع بن أيب طالب ريض اهلل تعاىل عنه عن اْلادة‬
‫الَب ىية فسار بهم حنوه‪ ،‬حَّت إذا صار‬
‫دير يف وسط ِّ‬
‫وسار قليال‪ ،‬فالح هلم ٌ‬
‫َ‬
‫فنادوه ى‬ ‫يف فنائه أمر َمن نادى ساكنه ِّ‬
‫فاطلع‪ ،‬فقال َل أمري‬ ‫باالطالع إيلهم‬
‫ى ُ‬ ‫ُ‬
‫يتغوث به هؤالء القوم؟‬ ‫املؤمنني! هل قرب قائمك هذا ماء‬
‫فقال‪ :‬هيهات‪ ،‬بيِّن وبني املاء أكَث من فرسخني‪ ،‬وما بالقرب م ِِّّن يشء‬
‫ى‬ ‫ّ ُ‬
‫من املاء‪ ،‬ولوال إنِّن أوت بماء يكفيِّن لك شهر ىلع اتلقتري تللفت عطشا‪.‬‬
‫َ‬
‫فقال سيدنا يلع ريض اهلل تعاىل عنه‪ :‬أ َسمعتم ما قال الراهب؟‬
‫ى‬
‫قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬أفتأمرنا باملسري إىل حيث أومأ إيله؟ لعلنا ندرك املاء‬
‫وبنا ى‬
‫قوة‪.‬‬
‫فقال سيدنا يلع ريض اهلل تعاىل عنه‪ :‬ال حاجة بكم إىل ذلك‪ ،‬ولوى‬
‫عنق بغلته حنو القبلة وأشار هلم إىل ماكن يقرب من الير‪.‬‬
‫ٌ‬
‫فقال‪ :‬اكشفوا األرض يف هذا املاكن‪ ،‬فعدل مجاعة منهم إىل املوضع‬
‫ٌ‬
‫فكشفوه باملسايح‪ ،‬فظهرت هلم صخرة عظيمة تلمع‪.‬‬
‫فقالوا‪ :‬يا أمري املؤمنني! هنا صخرة ال تعمل فيها املسايح‪.‬‬

‫‪٢3‬‬
‫ر‬ ‫ى‬
‫فقال هلم يلع‪ :‬إن هذه الصخرة ىلع املاء‪ ،‬فإن زالت عن موضعها وجدتم‬
‫املاء‪ ،‬فاجتهدوا يف قلبها‪ ،‬فلم جيدوا إىل ذلك سبيال واستصعبت عليهم‪.‬‬
‫فلما رآهم سيدنا يلع ريض اهلل تعاىل عنه‪ ،‬قد اجتمعوا وبذلوا اْلهد يف‬
‫قلع الصخرة فاستصعبت عليهم‪ ،‬لوى سيدنا يلع ريض اهلل تعاىل عنه رجله‬
‫ثم حس عن ذراعيه ووضع أصابعه َتت‬ ‫عن ِسجه ّ‬
‫حَّت صار ىلع األرض‪ّ ،‬‬
‫ثم قلعها بيده‪ّ ،‬‬
‫فلما زالت عن ماكنها ظهر هلم‬ ‫فحركها‪ّ ،‬‬
‫جانب الصخرة ى‬

‫بياض املاء‪ ،‬فتبادروا إيله فُّشبوا منه‪ ،‬فاكن أعذب ماء رشبوا منه يف‬
‫َ‬
‫تزودوا وارت ُووا‪ ،‬ففعلوا ذلك‪.‬‬
‫سفرهم وأبرده وأصفاه‪ ،‬فقال هلم‪ :‬ى‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ثم جاء إىل الصخرة فتناوهلا بيده ووضعها حيث َكنت‪ ،‬وأمر أن‬
‫يُعَف أثرها بالرتاب‪ ،‬والراهب ينظر من فوق ديره‪ّ ،‬‬
‫فلما استوىف علم ما‬
‫جرى نادى‪ :‬يا معُّش انلاس! أنزلوِن أنزلوِن‪.‬‬
‫فاحتالوا يف إنزاَل‪ ،‬فوقف بني يدي سيدنا يلع بن أيب طالب ريض‬
‫اهلل تعاىل عنه فقال َل‪ :‬يا هذا! أنت ر‬
‫نيب مرسل؟‬
‫فقال‪ :‬ال‪.‬‬
‫قال الراهب‪َ :‬‬
‫فملك ى‬
‫مقرب؟‬
‫قال‪ :‬ال‪.‬‬
‫قال الراهب‪ :‬فمن أنت؟‬
‫قال‪ :‬أنا من أصحاب رسول اهلل حممد بن عبد اهلل خاتم انلبيِّني ﷺ‪.‬‬

‫‪٢4‬‬
‫ُ ّ‬
‫قال الراهب‪ :‬ابسط يدك‪ ،‬أسلم هلل تبارك وتعاىل ىلع يدك‪.‬‬
‫فبسط سيدنا يلع ريض اهلل تعاىل عنه يده وقال َل‪ :‬اش َهد الشهادتني‪.‬‬
‫أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫حممدا رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫فقال الراهب‪ :‬أشهد أن ال لإ إال اهلل‪ ،‬وأشهد‬
‫فقال َل سيدنا يلع بن أيب طالب ريض اهلل تعاىل عنه‪ :‬ما اَّلي داعك‬
‫إىل اإلسالم بعد طول مقامك يف هذا الير ىلع اخلالف؟‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫فقال‪ :‬أخَبك يا أمري املؤمنني! إن هذا الير بِّن ىلع طلب قالع هذه‬
‫الصخرة وخمرج املاء من َتتها‪ ،‬وقد مىض اعلم قبِّل لم يدرك ذلك‪ ،‬وقد‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ى ى ّ‬
‫ونأثر عن علمائنا أن‬ ‫عز وجل‪ ،‬وإنا َند يف كتاب من كتبنا‬ ‫رزقنيه اهلل‬
‫ّ‬
‫صحاب‬ ‫يف هذا الصقيع عينا عليها صخرة‪ ،‬ال يعرف ماكنها ّإال ٌّ‬
‫نيب أو‬
‫ّ‬
‫كنت أنتظره‪ ،‬وبلغت األمنية‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫فعلت ذلك َتق َق ما‬ ‫فلما رأيتُك قد‬
‫نيب‪ّ ،‬‬‫ٍّ‬
‫منه‪ ،‬فأنا ايلوم مسلم ىلع يدك‪.‬‬
‫ّ‬
‫فلما سمع ذلك سيدنا يلع بن أيب طالب ريض اهلل تعاىل عنه قال‪:‬‬
‫المد هلل اَّلي ُ‬
‫كنت يف كتبه مذكورا(‪.)1‬‬
‫رزقنا اهلل تعاىل حمبّة سيدنا يلع بن أيب طالب وسائر الصحابة ومجيع‬
‫ّ‬
‫أهل ابليت ريض اهلل تعاىل عنهم أمجعني حبًّا َكمال‪ ،‬ووفقنا ألن نموت‬
‫حب الصحابة‬ ‫ونُدفَن ونُبعث ىلع تلك املحبّة‪ ،‬اللى ى‬
‫هم ادخلنا اْلنّ َة جباه ِّ‬
‫وأهل ابليت ريض اهلل تعاىل عنهم بال حساب‪ ،‬آمني ّ‬
‫يارب العاملني‪.‬‬

‫(‪" )1‬شواهد النبوة" لعبد الرحمن الجامي‪ ،‬ص ‪ ،٢1٦‬تعريبا من الفارسية‪.‬‬

‫‪٢5‬‬
‫قسم اتلواصل والعالقات مع العلماء‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أيها اإلخوة الكرام! بناء ىلع حمبّة فضيلة الشيخ حممد إيلاس العطار‬
‫ّ‬
‫القادري حفظه اهلل تعاىل لعلماء أهل السنة واْلماعة‪ ،‬قام مركز ادلعوة‬
‫اإلسالمية ببناء قسم اسمه‪" :‬اتلواصل والعالقات مع العلماء" تلعزيز‬
‫العالقات واتلواصل مع العلماء واخلطباء ّ‬
‫وأئمة املساجد واملدرسني من‬
‫ّ‬
‫العوية والعلميّة‬
‫ّ‬ ‫أهل السنة واْلماعة‪ ،‬وذلك لالطالع ىلع النشاطات‬
‫وغريهما ملركز ادلعوة اإلسالمية‪ ،‬وطلب املساعدة منهم باملشاركة يف‬
‫ّ‬
‫الصول ىلع األهداف السامية‪ ،‬وتقديم العوة إىل طالب املعاهد‬
‫ّ‬
‫العوية‪.‬‬ ‫الُّشعيّة واملدارس الينيّة واْلامعات للقيام باألعمال‬
‫ثالث عرشة نصيحة تلحويل املزنل إىل بيئة صاحلة‬
‫أيها األحبة األكارم! واْلن يف نهاية املحارضة دعونا نستمع ثلالث‬
‫عُّشة نصيحة يف َتويل املْنل إىل بيئة صالة‪ ،‬ولكن قبل ذلك أذكر‬
‫لكم حديثني يف هذا الصدد‪:‬‬
‫ىَ‬ ‫ُ ََ‬
‫ريرة ريض اهلل تعاىل عنه‪ ،‬أن سيدنا البيب‬ ‫(‪ )1‬عن سيدنا أيب ه‬
‫َ َ‬ ‫ى ى‬ ‫َ‬ ‫ال‪َ « :‬ال َجت َعلُوا ُبيُوتَ ُ‬
‫كم َمقاب َر‪ ،‬إن الشي َطان ينف ُر م َن‬
‫َ َ‬
‫املصطَف ﷺ ق‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ابلَيت ىاَّلي ُتق َرأ فيه ُس َ‬
‫ورةُ ابلَق َرة»(‪.)1‬‬

‫(‪" )1‬صحيح مسلم"‪ ،‬كتاب صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬باب استحباب صالة النافلة‬
‫يف بيته وجوازها يف المسجد‪ ،‬ص ‪.)1٨٢٤( ،٣٠٦‬‬

‫‪٢6‬‬
‫َ ُ َ‬
‫(‪ )٢‬وعن سيدنا أ ِيب موس األشعري ريض اهلل تعاىل عنه قال‪ :‬قال‬
‫ى َ‬ ‫سيدنا رسول اهلل ﷺ‪َ « :‬مثَ ُل ابلَيت ىاَّلي يُذ َك ُر ُ‬
‫اهلل فيه‪َ ،‬وابلَيت اَّلي ال‬
‫يُذ َك ُر ُ‬
‫اهلل فيه َمثَ ُل ال َ ِّ‬
‫َح َوال َميِّت»(‪.)1‬‬
‫ومن انلصائح الصالة تلحويل املْنل إىل بيئة صالة‪:‬‬
‫ُ‬
‫إلقاء السالم عند دخول ابليت واخلروج منه‪.‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫للوالين ىلع وجه ّ‬
‫الَب واإلكرام‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫القيام‬ ‫(‪)٢‬‬
‫يد واله‪ ،‬وىلع ابلنت أن تُقبِّ َل َ‬
‫يد ِّ‬
‫أمها ّ‬
‫مرة‬ ‫(‪ )٣‬ىلع االبن أن يُقبِّ َل َ‬
‫ّ‬
‫يف ايلوم ىلع األقل‪.‬‬
‫ابلرص َ‬‫وغض َ‬ ‫ر‬ ‫أثناء الالكم َ‬
‫عد ُم رفع الصوت َ‬ ‫(‪َ )٤‬‬
‫عند‬ ‫أمام الوالين‪،‬‬
‫ر‬
‫اتلحدث معهما‪.‬‬
‫َ ُ‬
‫ضمن ُحدود الُّشع‪.‬‬‫َ‬ ‫عة إىل طاعة الوالين فيما ُ‬
‫يأمران به‬ ‫(‪ )٥‬املسار‬
‫َ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫االلزتام بالوقار ُ‬
‫ُ‬
‫واالبتعاد عن األسلوب الفظ اخلشن يف‬ ‫والهدوء‪،‬‬ ‫(‪)٦‬‬
‫السخرية واالستهزاء‪ ،‬و ُ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ترك كَثة الغضب‬ ‫املخاطبة وانلداء‪ ،‬والذ ُر من‬
‫ب رضب اإلخوة الصغار‬ ‫وعد ُم اتللكّم عن الطعام بقدح أو عيب‪ ،‬وجتنّ ُ‬ ‫َ‬
‫ٌ‬ ‫والذر من اْلدل واملناقشة مع الكبار‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫فمن َكنت َل اعدة أن‬ ‫وزجرهم‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫فعل هكذا فعليه أن يَتخل َص من هذه العادة‪َ ،‬‬
‫تسامح مع اْلميع‪.‬‬‫وي‬ ‫ي‬

‫(‪" )1‬صحيح مسلم"‪ ،‬كتاب صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬باب استحباب صالة النافلة‬
‫يف بيته وجوازها يف المسجد‪ ،‬ص ‪.)1٨٢٣( ،٣٠٦‬‬

‫‪٢7‬‬
‫َ‬ ‫َ َُ َ ُ‬ ‫االلزتام ُ‬
‫ُ‬
‫براكته داخل ابليت‪.‬‬ ‫بالهدوء داخل املْنل وخارجه‪ ،‬وستظهر‬ ‫(‪)٧‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ساعتني من انتهاء صالة العشاء‪ ،‬وحماولة‬ ‫بانلوم قبل ُمرور‬ ‫ُ‬
‫االلزتام ّ‬ ‫(‪)٨‬‬
‫الصف ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫األول‪.‬‬ ‫وأداء صالة الفجر مع اْلماعة يف‬ ‫اتلهجد‬ ‫االستيقاظ لصالة‬
‫َ‬ ‫ى‬
‫(‪ )٩‬إذا وجدت أحدا من أهلك يَتساهل يف الصالة والجاب‪ ،‬ويشاهد‬
‫ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الظن أنهم‬ ‫املخالفات ويَسمعون األاغِّن وأنت غري مسؤول عنهم‪ ،‬وبغل َبة‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫لن يَتوقفوا عن ذلك من خالل الكمك‪ ،‬فعليك برتغيبهم بالرفق واللني‬
‫ّ‬
‫الينية‪.‬‬ ‫باالستماع إىل الروس واملحارضات‬
‫ُ ُ َ‬
‫صيبك من ق َبل األهل‪،‬‬ ‫تحم َل وتَ َ‬
‫صَب ىلع األذى اَّلي ي‬
‫َ‬
‫عليك أن تَ ّ‬ ‫(‪)١٠‬‬
‫ُّ َ ُّ ُ‬
‫بيئة األِسة إىل بيئة ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫اك أن تَ ُ‬
‫وإي َ‬
‫ّ‬
‫سيئة؛‬ ‫قس َو عليهم أو تناقشهم‪ ،‬فلربما تتغري‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫واتلعامل‪.‬‬ ‫اتلرصف‬ ‫ألن الشيطان يريد أن جيعل اإلنسان عنيفا غليظا يف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫إلقاء الرس‬ ‫(‪ )١١‬أفضل طريقة بلناء ابليئة الصالة يف األِسة يه‪:‬‬
‫يف ابليت أو االستماع إيلها وال سيّما من كتب ورسائل فضيلة الشيخ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العارف باهلل حممد إيلاس العطار القادري حفظه اهلل تعاىل وراعه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫بترضع إىل اهلل تعاىل من أجل األهل والعيال بكل‬ ‫الاعء‬ ‫(‪)١٢‬‬
‫أنواع اخلري يف النيا واْلخرة‪ ،‬فعن سيّدنا يلع بن أيب طالب ّ‬
‫كرم اهلل‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ال َاع ُء سال ُح ال ُمؤمن»(‪.)1‬‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ « :‬ر‬ ‫تعاىل وجهه قال‪ :‬قال سيّدنا‬

‫(‪" )1‬المستدرك على الصحيحين" ‪ ،‬كتاب الدعاء والتكبير والتهليل والتسبيح‬


‫والذكر‪ ،‬باب الدعاء سالح المؤمن وعماد الدين‪.)1٨٥٥( ،1٦٢/٢ ،‬‬

‫‪٢8‬‬
‫(‪ )١٣‬ىلع الكنىة أن َُتس َن إىل َُحاها وُحاتها كما َُتس ُن إىل َ‬
‫أبويها‬
‫يد ُحاها‪ ،‬وكذلك‬ ‫واألحوط أن ال تُقبِّ َل الكنّ ُة َ‬
‫ُ‬ ‫ٌّ‬
‫رشيع‪،‬‬ ‫وجد ٌ‬
‫مانع‬ ‫إذا ال يُ َ‬
‫هر َ‬
‫يد ُحاته‪.‬‬ ‫ال يُقبِّ َل ِّ‬
‫الص ُ‬
‫لصالة ىلع انلِّ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫يب ﷺ يف االجتماع األسبويع‬ ‫داعءان وست صيغ ل‬
‫َّ‬
‫الصالة ىلع انلَّ ِّ‬
‫يب ﷺ يللة اجلمعة‬ ‫(‪)١‬‬
‫يب ّ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ َّ ِّ‬
‫األيم احلبيب‪ ،‬العايل‬ ‫حممد انلَّ ِّ‬ ‫هم صل وسلم وبارك ىلع سيدنا‬ ‫"الل‬
‫ِّ‬
‫القدر العظيم اجلاه‪ ،‬وىلع آهل وصحبه وسلم"‬
‫ى‬ ‫ٌ‬
‫كثري من العارفني رُحهم اهلل تعاىل‪ :‬أن من داوم عليها يللة‬ ‫ذكر‬
‫مرة واحدة ينكشف لروحه مثال روح انلىيب ﷺ عند املوت‪،‬‬ ‫اْلمعة ولو ى‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫وعند دخول القَب ى‬
‫حَّت يرى أن انلىيب ﷺ هو اَّلي يلحده(‪.)1‬‬
‫ِّ‬
‫رددوا ميع بصوت مرتفع‪:‬‬
‫يب ّ ِّ‬
‫األّم البيب‪ ،‬العايل‬ ‫صل وسلِّم وبارك ىلع سيِّدنا ى‬
‫حممد انلى ِّ‬ ‫ى ى ِّ‬
‫"اللهم‬
‫ِّ‬
‫القدر العظيم اْلاه‪ ،‬وىلع آَل وصحبه وسلم"‪.‬‬
‫(‪ )٢‬زاكة املسلم املعدم‬
‫عن سيّدنا أيب سعيد اخلدري ريض اهلل تعاىل عنه قال‪ :‬قال سيّدنا‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ َُ َ َ ٌَ َ َُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َر‬
‫رسول اهلل ﷺ‪« :‬أيما رجل مسلم لم يكن َل صدقة فليقل يف داعئه‪:‬‬

‫(‪" )1‬أفضل الصلوات علی سيد السادات"‪ ،‬للنبهاين‪ ،‬الصالة السادسة والخمسون‪،‬‬
‫ص‪ ،1٥1‬مختصرا‪.‬‬

‫‪٢٩‬‬
‫َ ِّ َ َ ُ َ ى َ َ َ َ ُ َ َ َ ِّ َ َ‬
‫ني َوال ُمؤمنَات‬
‫ىلع ال ُمؤمن َ‬ ‫"امهلل صل ىلع حممد عبدك ورسولك وصل‬
‫َ ى َ َ ٌ‬
‫ني َوال ُمسل َمات"‪ ،‬فإن َها َلُ َزاكة»(‪.)1‬‬
‫َوال ُمسلم َ‬
‫ِّ‬
‫رددوا ميع بصوت مرتفع‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ى ى ِّ‬
‫والمؤمنات‬ ‫َ‬
‫ؤمنني ُ‬ ‫وصل ىلع ُ‬
‫الم‬ ‫هم صل ىلع حم ّمد عبد َك ورسولك‬ ‫"الل‬
‫والمسلمات"‪.‬‬ ‫َ‬
‫سلمني ُ‬ ‫ُ‬
‫والم‬
‫(‪ )٣‬من أفضل صيغ الصالة ىلع انليب ﷺ‬
‫َ‬ ‫عن ّ‬
‫سيدنا عبد اهلل بن مسعود ريض اهلل تعاىل عنه موقوفا قال‪« :‬إذا‬
‫ى َ َ َ ى ُ َ َ ُ َ ََى َ َ‬ ‫َ ى ُ َ ََ‬
‫ك ُيع َر ُض َع‪،‬ى‬ ‫َع فأحسنوا الصالة‪ ،‬فإنكم ال تدرون لعل ذل‬ ‫ُ‬ ‫صليتم ى‬
‫َ َ َ َ َ َ َ ََ َ ََََ َ ََ‬ ‫ُ ُ‬
‫ني‪َ ،‬وإ َمام‬
‫ىلع َس ِّيد ال ُمر َسل َ‬ ‫قولوا‪ :‬امهلل اجعل صالتك ورُحتك وبراكتك‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ى َ َ َ َ ى ِّ َ ُ‬
‫ني‪ ،‬حم ىمد عبد َك َو َر ُسولك‪ ،‬إ َمام اخلَري‪َ ،‬وقائد اخلَري‪،‬‬ ‫المتقني‪ ،‬وخاتم انلبي‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ُحة‪ ،‬امهلل اب َعث ُه َمقاما حم ُمودا يغب ُط ُه به األ ىولون َواْلخ ُرون»(‪.)٢‬‬
‫الر َ‬
‫َو َر ُسول ى‬
‫ِّ‬
‫رددوا ميع بصوت مرتفع‪:‬‬
‫المرسلني‪ ،‬وإمام‬‫ك ىلع سيِّد ُ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫هم اج َعل صالتك ورُحتك وبراكت‬ ‫"اللى ى‬

‫ورسولك‪ ،‬إمام اخلري‪ ،‬وقائد اخلري‪،‬‬ ‫حممد َعبد َك ُ‬‫المتّقني‪ ،‬وخاتَم انلبيِّني‪ ،‬ى‬
‫ُ‬
‫ى َ‬
‫األولون واْلخ ُرون"‪.‬‬ ‫حممودا يَغب ُط ُه به‬ ‫ورسول الرُحة‪ ،‬اللّ ى‬
‫هم اب ُ‬
‫عثه َمقاما ُ‬

‫(‪" )1‬المستدرك على الصحيحين" ‪ ،‬كتاب األطعمة‪ ،‬باب زكاة المسلم المعدم‬
‫الصالة على النبي ﷺ‪.)٧٢٥٧( ،1٧٩/٥ ،‬‬
‫(‪" )٢‬سنن ابن ماجه"‪ ،‬كتاب إقامة الصالة ‪...‬إلخ‪ ،‬باب الصالة على‪...‬إلخ‪.)٩٠٦( ،٤٨٩/1،‬‬

‫‪30‬‬
‫َّ‬
‫ست مئة ألف صالة ىلع انلَّ ِّ‬
‫يب ﷺ‬ ‫(‪ )٤‬ثواب‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ َّ ِّ‬
‫هم صل ىلع سيدنا حممد عدد ما يف علم اهلل‪ ،‬صالة دائمة بدوام‬ ‫"الل‬
‫ُ‬
‫ملك اهلل"‬
‫ى‬
‫أن هذه ى‬
‫الصالة بستمائة‬ ‫نقل اإلمام أمحد الصاوي رُحه اهلل تعاىل‪:‬‬
‫الف صالة(‪.)1‬‬
‫ِّ‬
‫رددوا ميع بصوت مرتفع‪:‬‬
‫ى ى ِّ‬
‫صل ىلع سيِّدنا ى‬
‫حممد عدد ما يف علم اهلل‪ ،‬صالة دائمة بدوام‬ ‫"اللهم‬
‫ُملك اهلل"‪.‬‬
‫(‪ )٥‬املكيال األوف‬
‫انليب قال ﷺ‪:‬‬‫عن سيّدنا أيب هريرة ريض اهلل تعاىل عنه‪ ،‬عن سيّدنا ِّ‬
‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ى ََ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ىَُ َ َ َ‬
‫«من ِسه أن يكتال بالمكيال األوىف‪ ،‬إذا صَّل علينا أهل ابليت‪ ،‬فليقل‪:‬‬
‫ني‪َ ،‬و ُذ ِّر ىيته َوأَهل بَيته‪َ ،‬كماَ‬
‫ىلع ُحمَ ىمد‪َ ،‬وأَز َواجه أُ ىم َهات ال ُمؤمن َ‬
‫َ ِّ َ َ‬
‫امهلل صل‬
‫َ َ ى َ َ ٌ َ ٌ‬ ‫َ ى َ َ‬
‫يم إنك ُحيد جميد»(‪.)٢‬‬ ‫ت َىلع آل إبراه‬ ‫صلي‬
‫ِّ‬
‫رددوا ميع بصوت مرتفع‪:‬‬
‫َ ُ‬ ‫حممد‪ ،‬وأزواجه ّ‬ ‫ّ ى ِّ‬
‫ؤمنني‪ ،‬وذ ّر ىيته وأهل بيته‪،‬‬ ‫أمهات ُ‬
‫الم‬ ‫صل ىلع ّ‬ ‫"اللهم‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ّ َ‬
‫إبراهيم إنك ُحيد جميد"‪.‬‬ ‫كما صلى َ‬
‫يت ىلع آل‬

‫(‪" )1‬أفضل الصلوات علی سيد السادات"‪ ،‬الصالة الثانية والخمسون‪ ،‬ص‪.1٤٩‬‬
‫(‪" )٢‬سنن أبي داود"‪ ،‬كتاب الصالة‪ ،‬باب الصالة على النبي‪...‬إلخ‪.)٩٨٢( ،٣٦٩/1 ،‬‬

‫‪31‬‬
‫َّ‬
‫الشفاعة ىلع انلَّ ِّ‬
‫يب ﷺ‬ ‫(‪ )٦‬صالة‬
‫عن سيّدنا ُر َوي ِفع بن ثابت األنصاري ريض اهلل تعاىل عنه قال‪ :‬قال‬
‫صل ىلع ُحمَ ىمد وأنزَلُ َ‬‫َ َ َ ى ُ ى ِّ‬ ‫ُ‬
‫قع َد‬
‫الم َ‬ ‫سيّدنا رسول اهلل ﷺ‪« :‬من قال‪ :‬اللهم‬
‫امة‪َ ،‬و َجبت ََلُ َش َف َ‬
‫اعِت»(‪.)1‬‬ ‫قر َب عندك يَوم القيَ َ‬ ‫ُ‬
‫الم ى‬
‫ِّ‬
‫رددوا ميع بصوت مرتفع‪:‬‬
‫قر َب عندك يَوم القيَ َ‬ ‫قع َد ُ‬
‫الم ى‬ ‫الم َ‬ ‫ى ُ ى ِّ‬
‫صل ىلع ُحمَ ىمد وأنزَلُ َ‬
‫امة"‬ ‫"اللهم‬
‫(‪ )١‬حسنات ألف يوم‬
‫ّ‬
‫عن سيّدنا بن عباس ريض اهلل عنهما قال‪ :‬قال سيّدنا انليب ﷺ‪َ « :‬من‬
‫ُ َ ى َُ ى َ ُ َ َ ُُ َ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫قال‪َ :‬ج َزى اهلل عنا حممدا ما هو أهله‪ ،‬أتعب سبعني َكتبا ألف صباح» ‪.‬‬
‫(‪)٢‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬
‫رددوا ميع بصوت مرتفع‪:‬‬
‫َ ُ‬ ‫ُ َ ى َُ‬
‫اهلل عنا حم ىمدا َما ُه َو أهل ُه"‬ ‫" َج َزى‬
‫(‪ )٢‬ادلاعء عند الكرب‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫عباس ريض اهلل تعاىل عنهما‪ ،‬أ ىن سيّدنا ى‬
‫انليب‬ ‫عن ّ‬
‫سيدنا عبد اهلل بن‬
‫َ ََ ى ُ َ ُ َ ُ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ ُ‬
‫حان اهلل َر ِّب‬ ‫ﷺ َكن يقول عن َد الكرب‪« :‬ال إَل إال اهلل الليم الكريم‪ ،‬سب‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫السبع‪َ ،‬و َر ِّب ال َعرش الكريم»(‪.)3‬‬ ‫ان اهلل َر ِّب ى‬
‫الس َم َوات ى‬ ‫ال َعرش ال َعظيم‪ ،‬سبح‬

‫(‪" )1‬المعجم الكبير"‪ ،‬من اسمه رويفع بن ثابت األنصاري‪.)٤٤٨٠( ،٢٥/٥ ،‬‬
‫(‪" )٢‬المعجم الكبير"‪ ،‬من اسمه عبد اهلل بن عباس‪.)11٥٠٩( ،1٦٥/11 ،‬‬
‫(‪" )٣‬سنن ابن ماجه"‪ ،‬كتاب الدعاء‪ ،‬باب الدعاء عند الكرب‪.)٣٨٨٣( ،٢٩1/٤ ،‬‬

‫‪3٢‬‬
‫ِّ‬
‫رددوا ميع بصوت مرتفع‪:‬‬
‫رب العرش العظيم‪،‬‬
‫َ‬
‫سبحان اهلل ِّ‬ ‫ُ‬
‫الكريم‪،‬‬ ‫ُ‬
‫الليم‬ ‫"ال لإ ّإال ُ‬
‫اهلل‬
‫رب السموات السبع‪ِّ ،‬‬ ‫َ‬
‫سبحان اهلل ِّ‬
‫ورب العرش الكريم"‪.‬‬
‫صلى الله على سيدنا محمد‬ ‫صلوا على الحبيب!‬

‫داعء اتلعزية‬
‫وفقا ْلدول حلقات السنن واْلداب يف االجتمااعت األسبوعيىة‬
‫اتلابعة ملركز العوة اإلسالميّة الِّت تشتمل ىلع تعليم ر‬
‫السنن انلّ ى‬
‫بوية‪،‬‬
‫سنقوم يف هذه ّ‬
‫املرة حبفظ "ادلاعء عند اتلعزية"‪ ،‬وهو كما يِّل‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ َ ُ َ ًّ َ‬ ‫َ ُ ٌّ‬ ‫َ‬ ‫ى ى َ َ َ َ َُ َ َ‬
‫«إن ّلِل ما أخذ‪َ ،‬وَل ما أعطى‪ ،‬وّك عنده بأجل مسّم‪ ،‬فلتصَب‪،‬‬
‫َ‬
‫َوتلَحتسب»(‪.)1‬‬
‫صلى الله على سيدنا محمد‬ ‫صلوا على الحبيب!‬

‫(‪" )1‬صحيح البخاري" ‪ ،‬كتاب الجنائز‪ ،‬باب قول النبي ﷺ‪ :‬يعذب الميت‪...‬إلخ‪،‬‬
‫‪.)1٢٨٤( ،٤٣٤/1‬‬

‫‪33‬‬

You might also like