‫‪1‬‬

‫الوفاة الصغرى‬

‫اخلطبة األوىل‬
‫أما بعد‪ :‬فاتقوا اهلل حق التقوى‪،‬‬
‫واستمسكوا من اإلسالم بالعروة‬
‫الوثقى ﴿و َت َزودوا َفإِ َّن َخْي ال َّزادِ‬
‫رَ‬ ‫َ َّ ُ‬
‫ال َّت رق َوى﴾‪.‬‬
 ‫‪2‬‬

‫أيها املسلمون‪ :‬النو ُم آي ٌة من آيات اهلل‬

‫عجيب من أحوال‬ ‫العظام‪ ،‬و ٌ‬
‫حال‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬
‫عادل ُث ُلث‬‫اإلنسان‪ ،‬فهو يقيض ما ي ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُع ُم ِره نائ ًام! ﴿ َوم رن آ َياته َم َن ُام ُك رم‬
‫ار وابتِ َغ ُاؤ ُكم ِمن َف رضلِهِ‬
‫ر ر‬ ‫بِال َّل ري ِل َوالنَّ َه ِ َ ر‬
‫ون﴾‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ك آل َياٍ لق روٍ َي رْ ََ ُُ َ‬ ‫ِ‬
‫إِ َّن ِِف َذل َ‬

‫والنوم أخو املوت؛ وهو الوفاة‬

‫الصغرى‪ ،‬التي ُتذ ِّك ُرنا بالوفاة‬
‫الكربى!‬
 ‫‪3‬‬

‫ِ‬
‫قال تعاىل‪َ ﴿ :‬و ُه َو ا َّلذي َي َت َو َّفا ُك رم‬
‫ار ُث َّم‬ ‫بِال َّل ري ِل َو َي رُ َل ُم َما َج َر رح ُت رم بِالنَّ َه ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َي رب َُ ُث ُك رم فيه ل ُي رق ََض أ َج ٌل ُم َْ ًَّى ُث َّم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إِ َل ريه َم ررج ُُ ُك رم ُث َّم ُي َن ِّب ُئ ُك رم ب ََم ُك رن ُت رم‬
‫ِ‬

‫َت رُ ََ ُل َ‬
‫ون﴾‪.‬‬
‫وهلذا كان نبيكم ﷺ إذا أوى إىل‬
‫وٍ‬ ‫َ‬
‫ك اللهم أ ُم ُ‬ ‫ِ‬
‫اسَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فراشه قال‪( :‬ب ر‬
‫َو َأ رح َيا)‪ ،‬وإذا قام قال‪َ ( :‬‬
‫احل رَ ُد ّلِلَِّ‬
 ‫‪4‬‬

‫ا َّل ِذي َأحيا َنا بُ َد ما َأما َتنَا وإِ َليهِ‬

‫رَ َر َ َ َ ر‬
‫النُّ ُش ُ‬
‫ور)‪.‬‬
‫صعَدَت روحُه إىل اهلل‪،‬‬
‫وإذا نام اإلنسانُ َ‬
‫ُ‬
‫اإلنسان يف‬ ‫فإذا قىض اهللُ أن يموت‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫منامه؛ فإن اهلل ُيمس ُك تلك الروح‪،‬‬
‫وهذه الوفاة الكربى‪ ،‬وإذا بقيت‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫لإلنسان حياة؛ فريسل اهللُ تلك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الروح؛ الستكامل زققها وأجلها؛‬
‫وذلك بإعادهتا إىل جسم صاحبها‪،‬‬
 ‫‪5‬‬

‫ُ‬
‫اإلنسان حينئذ من نومه‪،‬‬ ‫ُ‬
‫فيستيقظ‬
‫بعد الوفاة الصغرى؛ وهذه من آيات‬
‫اهلل عىل إحياء املوتى ملن تفكر‬
‫وتدبر!‬
‫ِ‬
‫قال تعاىل‪﴿:‬اّلِلَُّ َي َت َو ََّّف األ رن ُف َس ح َ‬
‫ني‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت ِف َمنَام َها َف ُي رَْ ُ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫َم رو ِ َِتا َوا َّلتي َل ر ََت ُ ر‬
‫ا َّلتِي َق ََض َع َل ري َها اْلرَ رو ٍَ َو ُي رر ِسلُ‬
‫ك‬ ‫ِ‬
‫األخ َرى إِ ََل َأ َجل ُم َْ ًَّى إِ َّن ِِف َذل َ‬
‫ر‬
‫ون﴾‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫آل َياٍ لق روٍ َي َتف َّك ُر َ‬
 ‫‪6‬‬

‫والنوم يتحول من عادة إىل عبادة‪ :‬إذا‬

‫استعان به عىل القيام للصالة أو‬
‫طلب الرقق احلالل‪ ،‬قال معاذ بن‬
‫ِ‬
‫ومتي َك ََم‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ألح‬ ‫ّن‬ ‫ِ‬ ‫جبل‪( :‬إ‬
‫ُ َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومتي)‪.‬‬ ‫ب َق َ‬ ‫اح َتْ ُ‬
‫ويسن الوِتر قبل النوم‪ ،‬ملن خ ِشيَ أال‬
‫يقومَ آخر الليل؛ فعن أيب هريرة زيض‬
‫اهلل عنه قال‪( :‬أوصاّن خلييل ﷺ‬
‫ِ‬
‫بثالث‪ :‬بصيا ٍِ ثالثة أياٍ من كل‬
 ‫‪7‬‬

‫الضحى‪ ،‬وأن ُأوترِ‬

‫شهر‪ ،‬وركُ َت ري ُّ َ‬
‫قبل أن أناٍ)‪.‬‬
‫وإذا أويتَ إىل فِراشك؛ فاقرأ آي َة‬
‫الكرسي؛ فإنه لن يزال عليك من اهلل‬
‫ٌ‬
‫شيطان حتى‬ ‫ٌ‬
‫حافظ‪ ،‬وال يقر ُبك‬
‫ُتصبِح‪.‬‬
‫وإذا أويت إىل فراشك فاعزم النيةَ‬
‫على القيام للصالة املكتوبة؛ حتى‬
‫تكون من الذين قال اهلل فيهم‪:‬‬
 ‫‪8‬‬

‫اج ِع‬ ‫وُب رم َع ِن اْلرَ َض ِ‬

‫﴿ َت َت َج َاَّف ُجنُ ُ ُ‬
‫ون رُبم َخو ًفا و َطَُا وم َّاِ‬
‫َي رد ُع َ َ َّ ُ ر ر َ َ ً َ‬
‫ون َف َال َت رُ َل ُم َن رف ٌس َما‬ ‫ِ‬
‫اه رم ُي رنف ُق َ‬ ‫َر َز رق َن ُ‬
‫ُأ رخ ِف َي ََُل رم ِم رن ُق َّر ِة َأ رع ُني َج َز ًاء ب ََمِ‬

‫ون﴾‪ .‬قال ابن زجب‪:‬‬ ‫َكا ُنوا َي رُ ََ ُل َ‬

‫وُب رم‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ج‬ ‫َ‬
‫اَّف‬ ‫ج‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ين‬ ‫ِ‬
‫ذ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ح‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ّلِل‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫( َفإ‬
‫ُُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اج ِع ل ُد َعائه‪َ ،‬ف َي رش ََل ذل َ‬ ‫ِ‬ ‫َع ِن اْلرَ َض ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُك َّل َم رن َت َر َك النَّ رو ٍَ بِال َّل ري ِل لذ ركر اّلِلَِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو ُد َعائه)‪.‬‬
 ‫‪9‬‬

‫واحذر أن تنام وأنت عازم على تأخري‬

‫الصالة عن وقتها! ‪ 1‬فقد زأى النبي‬
‫زأسه‬
‫َس ُ‬ ‫ﷺ يف منامه زج ً‬
‫ال ُيك ُ‬
‫الر ُج ُل َي رأ ُخ ُذ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫باحلجر‪ ،‬فقيل له‪( :‬إ َّ‬
‫ه‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫الةِ‬
‫الص َ‬ ‫آن َف َ رْي ُف ُض ُه؛ َو َينَا ٍُ َع ِن َّ‬
‫ا رل ُق رر َ‬
‫ِ‬
‫اْلرَ رك ُتو َبة!) ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫الص َالةِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬

‫‪ُ 1‬ذكر عند النَّبِ ِّي ﷺ ز ُج ٌل‪ ،‬فقيل ل ُه‪َ :‬ما ز ََال نَائ ًَم َحتَّى َأ رصبَ َح‪َ ،‬ما َقا ٍَ إِ ََل َّ‬
‫ان ِِف ُأ ُذنِ ِه) أو قال‪ِِ ( :‬ف ُأ ُذ َن ري ِه)‪ .‬قال ابن مسعود‪( :‬كفى‬ ‫الشيرطَ ُ‬ ‫قال‪َ ( :‬ذلِ َ‬
‫ك َر ُج ٌل َب َال َّ‬
‫المرئ من الرش أن يبول الشيطان ِف أذنه)‪ .‬رشح صحيح البخازي البن بطال‬
‫(‪.)131/3‬‬
‫قال القسطالين‪ُ ( :‬ج ُِ َلت الُقوب ُة ِف رأسه؛ لنومه عن الصالة‪ ،‬والنوٍ موضُه‬ ‫‪2‬‬

‫الرأس)‪ .‬إزشاد السازي (‪.)111/11‬‬

 ‫‪11‬‬

‫******************‬
‫اخلطبة الثانية‬
‫أيها األحبة‪ :‬من أزاد أن يستيقظ من‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬
‫نومه نشيطا ط ِّيب النَّفس؛ فل ُيبادز إىل‬ ‫ِ‬

‫ان‬ ‫َ‬
‫الش ريط ُ‬ ‫ِ‬
‫ذكر اهلل؛ قال ﷺ‪َ ( :‬ي رُق ُد َّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َع ََل َقاف َية َرأس أ َحد ُك رم إذا ُه َو َنا ٍَ‬
‫ك‬ ‫ث ُع َقد‪َ ،‬ي ر ِ‬
‫ْض ُب ُك َّل ُع رق َدة َع َل ري َ‬ ‫ال َ‬
‫َث َ‬
‫اس َت ري َق َظ َف َذ َك َر‬‫ر‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫‪،‬‬‫د‬‫ر‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫ار‬
‫ر‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ٌ‬
‫يل‬ ‫و‬‫ِ‬ ‫َل ري ٌل َط‬
‫ت ُع رق َدةٌ‪َ ،‬فإِ رن َت َو َّض َأ‬ ‫اّلِلََّ؛ ا رن َح َّل ر‬
 ‫‪11‬‬

‫ت‬‫ت ُع رق َدةٌ‪َ ،‬فإِ رن َص ََّل ا رن َح َّل ر‬‫ا رن َح َّل ر‬

‫ب النَّ رفس‪ِ،‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ِّ َ‬‫ي‬‫ط‬ ‫ا‬ ‫ط‬ ‫ي‬‫ش‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ُع رق َدةٌ‪َ ،‬ف ر َ َ‬
‫ح‬ ‫ب‬ ‫ص‬ ‫أ‬
‫س َك رْ َ‬
‫ال َن)‪.‬‬ ‫َوإِ َّال َأ رص َب َح َخبِ َ‬
‫يث النَّ رف ِ‬

‫وصلى اهلل وسلم على نبينا حممد وآله‬

‫وصحبه أمجعني‬