Professional Documents
Culture Documents
مقالة شرط المصلحة في دعوى الإلغاء
مقالة شرط المصلحة في دعوى الإلغاء
((( توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
رسالة هناية التدريب ،املعهد العايل للقضاء ،الفوج ،2004-2002 ،32ص .47راجع :حممد األعرج :فاعلية قواعد اإلجراء
والشكل يف القرارات اإلدارية ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف القانون العام ،جامعة حممد اخلامس ،السنة اجلامعية -2001
القضائية عىل أعامل اإلدارة بدول املغرب العريب ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف ﺍﻟﺤﻘﻮﻕالرقابة
ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ. ﺟﻤﻴﻊ تأصيل
إدرييس: 2023؛ عبد اهلل
ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ. ©2002
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ،ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ .ﻳﻤﻜﻨﻚ
السلطة،
ﻣﻮﺍﻗﻊ جتاوز)ﻣﺜﻞ بسبب
ﻭﺳﻴﻠﺔ اإللغاءﺃﻱ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞيفﺃﻭدعوى
ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ضامناتﺃﻭاملتقايض
بنرباهيم :ﺍﻟﻨﺴﺦ بلقاسم
ﻓﻘﻂ ،ﻭﻳﻤﻨﻊ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ 2002؛
ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓاألول وجدة،
ﻫﺬﻩ حممد
ﻃﺒﺎﻋﺔجامعة
القانونﺃﻭالعام،
ﺗﺤﻤﻴﻞ
.2004-2003 اجلامعية
ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ. بوجدة ،السنة
ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ حممد األول
ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺗﺼﺮﻳﺢ جامعة
ﺧﻄﻲ ﻣﻦ القانون العام، ﺍﻟﺒﺮﻳﺪالدكتوراه يف
ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ أطروحةﺃﻭلنيل
ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ
((( سليامن الطاموي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء ،جملة جملس الدولة املرصي ،السنة ،4مطبعة دار النرش – يناير ،1953ص
.142-141
29
رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء
ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩﺣﺴﺐاإلداري القضائي العمل
ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺑﻨﺴﺦضوء
ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ تطبيقية عىل ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍدراسة
ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ
ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ:
ذ .بوكطب حممد
دكتور يف احلقوق ﺇﺳﻠﻮﺏ APA
ﻋﻠﻲ
ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔبوجدة ﺩﺭﺍﺳﺔ
حممد األول ﺑﻮﻛﻄﺐ ،ﻣﺤﻤﺪ .(2018) .ﺷﺮﻁ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﺩﻋﻮﻱ ﺍﻹﻟﻐﺎﺀ:جامعة
ﺿﻮﺀ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ.ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ،ﻣﺞ ,6ﻉ، 29 - 50. 11,12
ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ 1088625/Record/com.mandumah.search//:http
املصلحة بعدد كبري من اخلصوصيات ال من حيث مفهومها ،ورشوطها ،وعالقتها بباقي رشوط تتميزMLA
ﺇﺳﻠﻮﺏ
للمدعي،
ﻋﻠﻲ ﺿﻮﺀشخيص ﺩﺭﺍﺳﺔ إىل حق
ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ العادية تستند الدعاوى
ﺍﻹﻟﻐﺎﺀ: ﻓﻲ يفﺩﻋﻮﻱ
املصالح "ﺷﺮﻁهبا .ثم إن
ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻣﺤﻤﺪ.املتعلق
طبيعة الدفع الدعوى ،وكذا
ﺑﻮﻛﻄﺐ،
.50ليس
املجردة-التي
)29 :(2018
ﻉ11,12املصلحة
ﻣﺞ,6قبوهلا هي ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ
التي تربر ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ
املصلحة ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ".ﻣﺠﻠﺔ
اإللغاء فإن ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ
بينام يف دعوى ﺍﻟﻌﻤﻞ
هذا احلق، وتتأسس عىل
ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ 1088625/Record/com.mandumah.search//:http
من الرضوري أن تستند إىل حق اعتدي عليه ،ولكنها ليست من ناحية أخرى تلك املصلحة العامة التي
يشرتك فيها مجيع املواطنني ،بل جيب أن تكون تلك املصلحة شخصية ،أقىص ما وصل إليه القضاء يف كل
من فرنسا ومرص واملغرب من حيث وضع معيار لتحديد املصلحة الشخصية((( ،قوله« :إن طالب اإللغاء
جيب أن يكون يف حالة قانونية خاصة أثر فيها القرار املطلوب إلغاؤه تأثريا مبارشا».
ومن هنا ،فمجرد الصفة العامة كمواطن للطاعن ال ختوله حق رفع دعوى اإللغاء ،بل يتحتم عليه أن
يضيف إليها صفة أخرى خاصة به متيزه عن غريه ،وجتعله يف وضع خاص إزاء القرار املعيب.
وواضح أن هذا القول ،ال يبلغ من التحديد ما يؤهله ألن يوصف بأنه قاعدة أو معيار ،ولكنه يتضمن
جمرد توجيهات عامة ،ترتك حرية كبرية للتقدير يف كل حالة عىل حدة(((.
وهلذا ،فإن موضوع املصلحة التي تربر قبول دعوى اإللغاء ،كانت وما تزال من املوضوعات التي بلغ
فيها القضاء أكرب درجة من املرونة ،إذ من خالل تتبع أحكامه ،نجد أن رشط املصلحة قد استعمل يف جمالني
خمتلفني ،األول كوسيلة للحد من رقابة القضاء ألعامل اإلدارة ؛ والثاين كوسيلة لتوسيع رقابة القضاء عىل
أعامهلا ،وهذا ما يربر أمهية وفعالية هذا الرشط كآلية لرسم حدود هذه الرقابة ،غري أن استخدامها لتحقيق
((( توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
رسالة هناية التدريب ،املعهد العايل للقضاء ،الفوج ،2004-2002 ،32ص .47راجع :حممد األعرج :فاعلية قواعد اإلجراء
والشكل يف القرارات اإلدارية ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف القانون العام ،جامعة حممد اخلامس ،السنة اجلامعية -2001
القضائية عىل أعامل اإلدارة بدول املغرب العريب ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف ﺍﻟﺤﻘﻮﻕالرقابة
ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ. ﺟﻤﻴﻊ تأصيل
إدرييس: 2023؛ عبد اهلل
ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ. ©2002
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ،ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ .ﻳﻤﻜﻨﻚ
السلطة،
ﻣﻮﺍﻗﻊ جتاوز)ﻣﺜﻞ بسبب
ﻭﺳﻴﻠﺔ اإللغاءﺃﻱ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞيفﺃﻭدعوى
ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ضامناتﺃﻭاملتقايض
بنرباهيم :ﺍﻟﻨﺴﺦ بلقاسم
ﻓﻘﻂ ،ﻭﻳﻤﻨﻊ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ 2002؛
ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓاألول وجدة،
ﻫﺬﻩ حممد
ﻃﺒﺎﻋﺔجامعة
القانونﺃﻭالعام،
ﺗﺤﻤﻴﻞ
.2004-2003 اجلامعية
ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ. بوجدة ،السنة
ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ حممد األول
ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺗﺼﺮﻳﺢ جامعة
ﺧﻄﻲ ﻣﻦ القانون العام، ﺍﻟﺒﺮﻳﺪالدكتوراه يف
ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ أطروحةﺃﻭلنيل
ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ
((( سليامن الطاموي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء ،جملة جملس الدولة املرصي ،السنة ،4مطبعة دار النرش – يناير ،1953ص
.142-141
29
رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء
دراسة تطبيقية عىل ضوء العمل القضائي اإلداري
ذ .بوكطب حممد
دكتور يف احلقوق
جامعة حممد األول بوجدة
تتميز املصلحة بعدد كبري من اخلصوصيات ال من حيث مفهومها ،ورشوطها ،وعالقتها بباقي رشوط
الدعوى ،وكذا طبيعة الدفع املتعلق هبا .ثم إن املصالح يف الدعاوى العادية تستند إىل حق شخيص للمدعي،
وتتأسس عىل هذا احلق ،بينام يف دعوى اإللغاء فإن املصلحة التي تربر قبوهلا هي املصلحة املجردة التي ليس
من الرضوري أن تستند إىل حق اعتدي عليه ،ولكنها ليست من ناحية أخرى تلك املصلحة العامة التي
يشرتك فيها مجيع املواطنني ،بل جيب أن تكون تلك املصلحة شخصية ،أقىص ما وصل إليه القضاء يف كل
من فرنسا ومرص واملغرب من حيث وضع معيار لتحديد املصلحة الشخصية((( ،قوله« :إن طالب اإللغاء
جيب أن يكون يف حالة قانونية خاصة أثر فيها القرار املطلوب إلغاؤه تأثريا مبارشا».
ومن هنا ،فمجرد الصفة العامة كمواطن للطاعن ال ختوله حق رفع دعوى اإللغاء ،بل يتحتم عليه أن
يضيف إليها صفة أخرى خاصة به متيزه عن غريه ،وجتعله يف وضع خاص إزاء القرار املعيب.
وواضح أن هذا القول ،ال يبلغ من التحديد ما يؤهله ألن يوصف بأنه قاعدة أو معيار ،ولكنه يتضمن
جمرد توجيهات عامة ،ترتك حرية كبرية للتقدير يف كل حالة عىل حدة(((.
وهلذا ،فإن موضوع املصلحة التي تربر قبول دعوى اإللغاء ،كانت وما تزال من املوضوعات التي بلغ
فيها القضاء أكرب درجة من املرونة ،إذ من خالل تتبع أحكامه ،نجد أن رشط املصلحة قد استعمل يف جمالني
خمتلفني ،األول كوسيلة للحد من رقابة القضاء ألعامل اإلدارة ؛ والثاين كوسيلة لتوسيع رقابة القضاء عىل
أعامهلا ،وهذا ما يربر أمهية وفعالية هذا الرشط كآلية لرسم حدود هذه الرقابة ،غري أن استخدامها لتحقيق
((( توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
رسالة هناية التدريب ،املعهد العايل للقضاء ،الفوج ،2004-2002 ،32ص .47راجع :حممد األعرج :فاعلية قواعد اإلجراء
والشكل يف القرارات اإلدارية ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف القانون العام ،جامعة حممد اخلامس ،السنة اجلامعية -2001
2002؛ عبد اهلل إدرييس :تأصيل الرقابة القضائية عىل أعامل اإلدارة بدول املغرب العريب ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف
القانون العام ،جامعة حممد األول وجدة 2002 ،؛ بلقاسم بنرباهيم :ضامنات املتقايض يف دعوى اإللغاء بسبب جتاوز السلطة،
أطروحة لنيل الدكتوراه يف القانون العام ،جامعة حممد األول بوجدة ،السنة اجلامعية .2004-2003
((( سليامن الطاموي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء ،جملة جملس الدولة املرصي ،السنة ،4مطبعة دار النرش – يناير ،1953ص
.142-141
29
مجلة القضاء االداري -العدد � - 12/11شتاء/خريف 2018
هذه الغاية أو تلك يبقى مرتوكا للقضاء ،هذا األخري الذي يتأثر باعتبارات خمتلفة((( ،هلذا فإن السبيل
الوحيد لتكوين فكرة عامة عن رشط املصلحة التي تربر قبول دعوى اإللغاء ،هو االلتجاء إىل أحكام
القضاء اإلداري واستقراؤها مع التسليم مقدما بأن داللتها نسبية(((.
غري أن تقسيم املصالح يف دعوى اإللغاء –أي أنواع املصالح -وإرجاعها إىل أصول مشرتكة ،أصعب
بكثري منها فبي حاالت الدعاوى العادية ،نظرا الرتباط املصالح يف هذه األخرية باحلقوق ،وبالتايل يمكن
أن تقسم وفقا للحقوق املختلفة واحتامالت االعتداء عليها.
أما بالنسبة للمصلحة يف دعوى اإللغاء ،فيجب أن يلجأ إىل وسيلة أخرى لتقييمها ،ولن يكون ذلك
إال باالستناد إىل صفات ذاتية يف الطاعن.
فقد يكون فردا عاديا ال يربطه باإلدارةإ ال القواعد العامة املتعلقة بالتزامها باحرتام املرشوعية،
وقانونية ترصفها سواء كان القرار املطعون فيه صادرا من السلطات املركزية أو اهليئات الالمركزية .وهذا
ما سنعاجله يف املبحث األول املتعلق بطعون األفراد غري املوظفني.
وقد يكون الطاعن موظفا تربطه باإلدارة عالقة نظامية ،ولذا فإن مصلحته يف الطعن تفرس تفسريا
خاصا فيام يتعلق بالطعون املتعلقة بوظيفته ،وهو ما سنخصص له املبحث اخلاص بالطعون املتعلقة
باملوظفني(((.
املبحث األول :الطعون املتعلقة بغري املوظفني
يعترب القرار اإلداري من بني أهم الوسائل القانونية التي تستعملها اإلدارة للتعامل مع املتخاطبني
معها ،بمن فيهم األفراد العاديني ،وذلك قصد ممارسة اختصاصاهتا ،وتلبية حاجيات املرفق العام ،وضامن
استمراريته ،قاصدة بذلك حتقيق املصلحة العامة .إال أن هذا القرار بوصفه عمال انفراديا ،قد يؤثر يف
املراكز القانونية هلؤالء األفراد ،إما باإلنشاء أو التعديل أو اإللغاء ،مما خيول هلم حق الطعن يف هذا القرار
استنادا إىل صفاهتم الذاتية ،وهو ما سنعرض له يف املطلب أول.
كام أن اإلدارة قد تلجأ إىل وسيلة العقد اإلداري ،بوصفه اتفاقا تربمه هبدف تسيري أو تنظيم مرفق
معني ،مع إظهار نيتها يف إخضاعه للقانون العام ،وتضمينه رشوطا غري مألوفة يف القانون اخلاص ،مما يرتب
آثار قد تلحق أرضارا إما بالشخص املتعاقد أو بالغري ،وهو ما يطرح التساؤل حول مصلحة كل مترضر من
الطعن يف القرارات املتعلقة بالعقد اإلداري؟ وسنخصص له املطلب الثاين(((.
إال أنه ونظرا لألمهية التي تكتسيها العمليات االنتخابية ،وما خلفته ممارستها من اهتامم عىل املستوى
((( أمينة جربان :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء ،يف كل من القانون الفرنيس واملرصي واملغريب ،جملة الشؤون اإلدارية ،العدد .6
((( توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
مرجع سابق ،ص .47
((( نفس املرجع أعاله ،ص .48
((( توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
مرجع سابق ،ص .49
30
�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء
الترشيعي والفقهي والقضائي فضال عن الرأي العام ،فإننا سنخصص املطلب الثالث للطعون املتعلقة هبا،
رغم أن بعض الفقه يتناوهلا ضمن الطعون ضد القرارات استنادا إىل صفة الطاعن فيها(((.
املطلب األول :الطعون املتعلقة بالقرارات اإلدارية
يمكن إمجال املصلحة بأهنا توقي رضر قد يلحق الطاعن من جراء القرار املعيب لو بقي بدون إلغاء،
سواء كن الرضر حاال أو حمتمال ،ماديا أو أدبيا .وملا كانت املصلحة يف دعوى اإللغاء ال تستند إىل حق،
وإنامإىل صفة ذاتية يف الطاعن ،يف مبارشته لنشاطه ،فإن هذه الصفات ال يمكن حرصها مقدما ،نظرا لتنازع
املصالح وتعددها ،مما يستلزم اإلشارة إىل أهم الصفات البارزة واألكثر تطبيقا يف دعوى اإللغاء((( ،وهي :
-1صفة صاحب امللكية :إىل جانب توفر املصلحة لدى املالك يف حالة االعتداء عىل ملكيته ،فإن
مصلحته تتحقق كذلك يف حالة صدور قرار إداري من شأنه أن يتسبب يف وقوع رضر له ،ال يصل إىل حد
االعتداء عىل حق امللكية ،بمعنى أن املالك له حق يف أن يطلب إلغاء القرار اإلداري املعيب ،لعدم احرتامه
ملصاحله املرشوعة .ومن تطبيقات ذلك ما ذهب إليه جملس الدولة الفرنيس يف حكمه الصادر بتاريخ 3
فرباير 1905يف قضية ،Storckوقراره الصادر بتاريخ 18غشت 1944يف قضية La Garriqueواللذان
قبل بمقتضامها الطعون املرفوعة من املالك فيام يتعلق باملنفعة العامة التي حتد أمالكهم ،بحيث سمح هلم
بالطعن يف القرارات التي هتم إعداد الطريق العام أو املتعلقة باستعامله ،إذا كان من شأهنا أنتسبب هلم
مضايقات أو أرضار(((.
كام ذهب جملس الدولة املرصي يف حكمه الصادر يف 24ماي 1975بأن تقرير املنفعة العامة ملرشوع
معني ،قرار فردي يمس املركز القانوين الذايت لكل مالك ،وأن إضفاء صفة العقار بالتخصيص عىل املنقول
امللحق بالعقار أساسه مصلحة هذا العقار ،واملالك هو الذي يمثل هذه املصلحة(.((1
-2صفة الساكن :إن مصلحة الساكن تتحقق بتواجده داخل إقليم حمدد ،وبصفته هذه يمكن الطعن
يف القرارات اإلدارية التي من شأهنا املس بمصاحله كغريه من سكان هذا اإلقليم ،وجملس الدولة الفرنيس
اكتفى بكون الطاعن ساكنا يف حي ما لتكون له املصلحة يف الطعن يف قرار هيم هذه املنطقة ،ففي حكم
شارع جربييل Avenue Gabrielالصادر يف 28مارس ،1930والذي قبل بموجبه طعنا تقدمت به مجاعة
من القاطنني يف هذه املنطقة ضد قرار الوايل الذي خول بمقتضاه أحد األفراد ببناء ثالث عامرات عىل حافة
شارع جربييل معتمدين عىل أن تشييد هذه املباين عىل الوضع املسموح به سيلحق رضرا بمنظر فني نص
القانون عىل محايته(.((1
وقد نحى املجلس األعىل نفس االجتاه ،يف حكمه الصادر بتاريخ 14ماي ،1982وهو يفصل يف طعن
((( سليامن الطاموي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء ،جملة جملس الدولة املرصي ،مرجع سابق ،ص.149 :
((( نفساملرجع أعاله ،ص.149 :
((( توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
مرجع سابق ،ص .50
( ((1سليامن الطاموي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء ،جملة جملس الدولة املرصي ،مرجع سابق ،ص .149
( ((1أمينة جربان :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء ،يف كل من القانون الفرنيس واملرصي واملغريب ،مرجع سابق ،ص .84
31
مجلة القضاء االداري -العدد � - 12/11شتاء/خريف 2018
مقدم من جمموعة من ساكني أحد أحياء مدينة آسفي ضد قرار املجلس البلدي بإعطاء املوافقة بالبناء ألحد
مالكي قطع أرضية كائنة بشارع كينيدي ،لكونه ضارا وماسا بحقوقهم بصفة مبارشة(.((1
واحلقيقة أن هذا القرار مل يمس بحق هلؤالء الطاعنني ولكن مس مصلحة هلم فقط ،رغم استعامهلم
لتعبري « لكونه ماسا بحقوقهم بصفة مبارشة» ،وقد ورد بحيثيات هذا القرار...»:حيث ينعي الطاعنون عىل
القرار املطلوب إلغائه الشطط يف استعامل السلطة ،ذلك أن املجلس البلدي الذي اختذه مل يراع املصلحة
العامة للسكان ،ومل يأخذ بعني االعتبار ما يتطلبه احلفاظ عىل املظهر الالئق واملحرتم للمدينة ،وهذا ما
قرره املهندس البلدي الذي رصح بأن البناء يف القطعة املذكورة سيرض باجلريان ،كام أنه سيغري كثريا من
زينة شارع كينيدي ،وهذا ما حدا باملجالس البلدية السابقة إىل رفع املصادقة عىل الرتخيص بالبناء يف
القطعة املذكورة وما حدا هبذا كذلك إىل تعويض آخرين هلم نفس الوضعية ،وإن عدم أخذ املجلس هبذه
املالحظات جيعل قرارهم متسام بالشطط يف استعامل السلطة مما يستوجب إلغاؤه»(.((1
-3صفة دافع الرضائب :إذا كان دافع الرضيبة ملزم قانونا بدفع الرضيبة خلزينة الدولة أو أحد
األشخاص املعنوية العامة ،ذلك أن بعض الترشيعات جعلت من التهرب الرضيبي جريمة معاقبا عليها،
فإنه من املنطقي إتاحة الفرصة له يف مراقبة رصف األموال العامة – كنوع من الرقابة املالية الغري املبارشة-
وإذا كان الشك يف توافر مصلحته بصدد منازعات الرضائب والرسوم املتصلة بصحة أو مرشوعية ربط
الرضائب وفرض الرسوم ،فإن التساؤل يطرح حول مدى مصلحته للطعن يف القرارات اإلدارية املتعلقة
(((1
بإنفاق أموال بطريق الرضائب والرسوم ،أي األموال العامة بصفته مموال فقط؟
لقد تطور القضاء الفرنيس يف هذا الصدد إىل حد عمد فيه إىل قبول دعوى اإللغاء املرفوعة ضد قرارات
اهليئات الالمركزية هبذا الشأن ،اعتامدا عىل أن دافع الرضيبة له مصلحة بوصفه هذا ،رغم الرقابة املفروضة
عىل هذه اهليئات من قبل اهليئات املركزية –أجهزة الوصاية -ذلك أن هذه الرقابة تبقى غري ناجحة يف
أحيان كثرية ،كام أن دافع الرضيبة له حقيقة مركزا خاصا إزاء القرار املعيب ،فهذا ملزم بأن يقدم للهيئة
ما حتتاج إليه من موارد ،وأن مصلحته تبقى متميزة عن مصلحة اهليئة الالمركزية التي تتخذ القرار ،وهذا
ما تبناه جملس الدولة الفرنيس يف قراره الشهري Casanovaوالذي تتلخص وقائعه يف كون املجلس البلدي
Olmetoأصدر قرار بإحداث منصب طبيب مجاعي يتقاىض راتبا قدره 2000فرنك يؤدى له من ميزانية
اجلامعة ،يعهد له مبارشة عالج مرىض البلدة أغنياء كانوا أو فقراء ،برشط أن ال يتقاىض منهم أي مقابل بأي
صفة ،وقد اختذ هذا القرار بالرغم من تطوع اثنني من األطباء لعالج فقراء القرية ...فاعترب جملس الدولة
املصلحة متوفرة لدى الطاعن بصفته دافعا للرضيبة فقط ،وأن له تبعا لذلك الصفة يف رفع الدعوى ،كام
توسع فيام بعد يف اجتاهه هذا ليقبل طعن دافع الرضيبة عىل املستوى اإلقليمي ،كام يتضح ذلك من خالل
حكمه الصادر يف تاريخ 27يناير 1911يف قضية Richemondوالذي قىض فيه بإلغاءالقرار الصادر عن
( ((1توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
مرجع سابق ،ص .51
( ((1أمينة جربان :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء ،يف كل من القانون الفرنيس واملرصي واملغريب ،مرجع سابق ،ص .86
( ((1توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
مرجع سابق ،ص .52
32
�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء
املجلس اإلقليمي ،والذي سمح بمقتضاه ألعضاء هذا املجلس بالتنقل بواسطة قطار السكك احلديدية
عىل حساب ميزانية اإلقليم(.((1
لكن رغم هذا التوسع ،فإن جملس الدولة الفرنيس مل يصل هبذه الصفة إىل حد ختويل دافع الرضائب
عىل الصعيد الوطني املصلحة للطعن يف قرار إداري خاص بامليزانية الوطنية ،كام هو واضح من قضيتي
« »Doussalو«.((1(»Dufour
ويمكن القول -كام ذهب إىل ذلك أغلب الفقه -رغم مناداته بالتوسع أكثر يف فهم رشط املصلحة
استنادا إىل صفة الطاعن لتشمل دافع الرضيبة عىل الصعيد الوطني ،بسالمة قرار جملس الدولة الفرنيس
هبذا الشأن ،ملا يف ذلك من فتح الباب عىل مرصاعيه للطعون الكيدية من قبل دافعي الرضائب لفائدة
الدولة(.((1
وجتدر اإلشارة إىل أن املجلس األعىل باملغرب سلك نفس النهج يف قراره عدد 60الصادر بتاريخ
1959/07/16قىض فيه ،بتوفر رشط املصلحة عىل أساس أن من شأن القرار الذي يقيض بمد ترشيع بفرض
رضيبة معينة إىل مرتبات وأجور العاملني واألجراء ،أن يكلف أعضاء اجلمعية بتحصيل الرضيبة املذكورة
من عامهلم وتوريدها إىل اإلدارة املختصة ،كام يعرضهم لبعض العقوبات املالية إذا أخلوا بالتزاماهتم ،فعىل
الرغم من أن الرضيبة املذكورة ال متس اجلمعية يف ذاهتا ،وال يعني ذلك أعضائها بصفة أصلية األمر الذي
حيملنا عىل القول بأن رشط املصلحة غري متوفر ،إال أن الغرفة اإلدارية قضت بتوافرها.
ونخلص من هذا،أن القضاء املغريب قد توسع يف فهم رشط املصلحة ،إذ أقرها يف هذا الصدد فقط
لدافع الرضيبة ،وإنام ملحصلها كذلك(.((1
-4صفة املنتمي لدين معني :قد دعت الرشائع الساموية إىل رضورة احرتام العقيدة ،وهو ما كرسته
املواثيق الدولية وكذا الدساتري والترشيعات الوضعية ،ومن ثم فإن أي عمل من شأنه املس بحرية العقيدة
ولو كان قرار صادرا عن اإلدارة ،خيول لصاحبها احلق يف االعرتاض عليه ،وتكون له املصلحة للطعن
فيه وهو ما كرسه جملس الدولة الفرنيس يف قرار الصادر بتاريخ 8فرباير ،1908عندما وافق املفوض
Chardonnetفيام ذهب إليه يف قضية Deliardبمناسبة طعن أحد القسس الكاثوليك يف القرار الصادر
بإغالق كنيسة كاثوليكية ،إذ نادى بتوفر املصلحة يف مجيع املنتمني للدين الكاثوليكي ،ومل حيرصها يف القس
الطاعن(.((1
أما يف مرص فقد رأت حمكمة القضاء اإلداري يف حكمها الصادر يف 1952/12/16يف القضية عدد 615
( ((1توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
مرجع سابق ،ص.52:
( ((1حيث اشرتط جملس الدولة أن يضيف الطاعان صفاة أخرى متيزه عن دافعي الرضائب.
( ((1سليامن الطاموي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء ،جملة جملس الدولة املرصي ،مرجع سابق ،ص .160-159
( ((1توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
مرجع سابق ،ص .53
( ((1موالي إدريس احلاليب الكتاين :مسطرة التقايض يف اإلدارة ،اجلزء األول ،املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،سلسلة
مواضيع الساعة ،العدد ،1997 ،12ص .119-118
33
مجلة القضاء االداري -العدد � - 12/11شتاء/خريف 2018
أنه« :ما من شك يف أن تعطيل الشعائر الدينية عىل الوجه الوارد يف طلبات املدعي ،يتصل بعقيدته وحريته
ومشاعره ،ومن تم يكون ذا مصلحة يف الدعوى»(.((2
-5صفة ممارس املهنة :يكفي أن تتوافر يف الطاعن صفة ممارسته إلحدى املهن سواء كانت جتارية أو
زراعية أو فنية ختصصية ،كمهن الطب واملحاماة واملحاسبة ،لتكون له املصلحة يف الطعن ضد القرارات
اإلدارية املتعلقة بتنظيم املهنة التي يامرسها ،متى كانت غري مرشوعة ملخالفتها القانون بام يف ذلك املبادئ
العامة للقانون ،مثل مبدأ حرية التجارة والصناعة ومبدأ حرية العمل(.((2
ومن تطبيقات جملس الدولة الفرنيس يف هذا الصدد ،حكمه الصادر يف 5ماي 1899يف قضية :Cook
وكان يتعلق بطلب إلغاء قرار تعسفي صادر عن عمدة نيس ينظم التجول وحيدد األماكن التي جيوز أن
تقف فيها العربات التي كانت جترها اجلياد ،مما حد من نشاط رشكة كوك التجارية ،فقرر املجلس بأن هلا
املصلحة يف الطعن(.((2
كام أن جملس الدولة املرصي قبل الطعون املقدمة من طرف مماريس مهنة معينة يف عدة أحكام من بينها
حكمه الصادر بتاريخ ،1973/2/27والذي أكد فيه عىل أن للمتجرين واملستوردين للسلع صفة ومصلحة
يف طلب إلغاء قرار وزير التموين بحظر االجتار يف السلع الكاملية واالستهالكية املستوردة ،ألن االجتار يف
هذه السلع مل يكن حمظورا.
فمن خالل هذه األحكام يتضح بأن قضاء اإللغاء يعتد باملصلحة االقتصادية ويعتربها كافية للطعن يف
القرارات اإلدارية املشوبة بعيب من عيوب املرشوعية(.((2
وجتدر اإلشارة إىل أنه اقترصنا يف غالب األحول عىل اجتهادات جملس الدولة الفرنيس واستئناسا بام
ذهب إليه القضاء املرصي أحيانا أخرى ،وذلك راجع لقلة اجتهادات القضاء املغريب إن مل نقل انعدامه
والذي يعود أساسا إىل انعدام اجلرأة والشجاعة لدى املواطنني لرفع مثل هذه الدعاوى.
وصفوة ما يمكن أن نختم به هذا املطلب ،هو ما خلص إليه الدكتور سليامن الطاموي ،من أن املصالح
التي تعد بمثابة ثروة عامة للجميع يصعب حرصها ،ويبقى للقضاء أمر حتديدها ذلك أن ما سبق ذكره من
صفات ليست لوحدها التي ختول للطاعن املصلحة يف رفع الدعوى ،بل إهنا ال تقع حتت حرص ،وتبقى
القرارات املاسة بامتيازات امللكية أو التجارة أو الصناعة أودين معني ...الخ ،متعلقة بمن تتوافر فيهم هذه
الصفات ،ومن ثم فإقرار القضاء بمصلحتهم يف رفع الدعوى ال ينطوي عىل التوسع(.((2
وإنام يتجىل التوسع يف صفة دافع الرضائب والساكن وكذلك بالنسبة لصفة الناخب ،إذ أن االعرتاف
هبا يف دعوى اإللغاء من شأنه أن حيوهلا إىل دعوى شعبية(. ((2
( ((2سامي مجال الدين :الدعاوى اإلدارية واإلجراءات أمام القضاء اإلداري -دعاوى اإللغاء ،منشاة املعارف ،االسكندرية،
الطبعة ،1991ص .107-106
( ((2نفس املرجع أعاله ،ص .105
( ((2سليامن الطاموي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء ،جملة جملس الدولة املرصي ،مرجع سابق ،ص .160-159
( ((2حممد عبد السالم خملص :نظرية املصلحة يف دعوى اإللغاء ،مطبعة دار الفكر العريب ،الطبعة ،1981ص .175
( ((2توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
مرجع سابق ،ص .55
( ((2سليامن الطاموي رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء ،جملة جملس الدولة املرصي ،مرجع سابق ،ص.159 :
34
�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء
( ((2توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
مرجع سابق ،ص .55
( ((2موالي إدريس احلاليب الكتاين :مسطرة التقايض يف اإلدارة ،اجلزء األول ،ص .117-116راجع :حسن صحيب :القضاء
اإلداري املغريب ،املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،سلسلة «مؤلفات و أعامل جامعية» ،عدد 2008 ،80؛ كريم حلرش:
القضاء اإلداري املغريب ،سلسلة الالمركزية واإلدارة املحلية،عدد مزدوج ،17-16الطبعة األوىل ،مطبعة طوب بريس الرباط،
2012؛ اجلياليل أمزيد :إجراءات الدعوى اإلدارية ووسائل تقويم االختصاص ،يف مباحث يف مستجدات القضاء اإلداري،
منشورات املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،سلسلة «مؤلفات وأعامل جامعية» ،عدد ،50الطبعة األوىل 2003 ،؛
( ((2م .األعىل ،غ .إد ،قرار رقم ،44الصادر بتاريخ 30أبريل ،1959أمحد الرشقاوي ضد وزارة الشغل والشؤون االجتامعية،
قرارات املجلس األعىل يف املادة اإلدارية ،1997-1958مطبعة املعارف اجلديدة ،منشورات املجلس األعىل يف ذكراه
األربعني ،1997ص .15
- Arrêt n° 44, 30 avril 1959, dossier n° 627 , Ahmed Cherkaoui c./ Ministre Du Travail et de Question
Sociales, R.A.C.S.A,1957-1960, p. 44.
35
مجلة القضاء االداري -العدد � - 12/11شتاء/خريف 2018
باستقرائنا وتتبعنا الجتهادات الغرفة اإلدارية ،يتضح أن القايض اإلداري عمل منذ إحداث الغرفة
اإلدارية عىل تتبث من وضعية املوظف إزاء اإلدارة .ويف هذا الصدد ،فإن القايض اإلداري ال يتوانى يف
توضيح تلك العالقة التي تربط املدعي باإلدارة ،فإذا تبني للقايض أن املدعي يعترب عون مؤقت للدولة
تسمح لإلدارة باالستغناء عنه يف أي وقت تشاء نظرا ملا تقتضيه مصلحة العمل بعد سابق إخبار ،حتى
لو مل يرتكب خطأ من شأنه أن يربر اختاذ عقوبة تأديبية ضده ،فإن املقرر املطعون فيه يعترب غري مشوب
بالشطط يف استعامل السلطة(.((2
ويف حالة فصل العون املؤقت عىل العمل بدون سابق إخطار ،فيمكنه اللجوء إىل املحكمة املختصة
لطلب التعويض .وهو اليشء الذي أقرته الغرفة اإلدارية يف قرارها...»:وحيث من جهة أخرى يستنتج
من نفس الوثائق أن الطاعن بالنسبة اإلدارة يوجد يف وضعية عون مؤقت تبيح لإلدارة فصله عن منصبه
إذا اقتضت مصلحة العمل ذلك وبعد سابق إخطار...و حيث إن املستخدم يف حالة فصله عن العمل
بدون سابق إخطار ال يمكنه إال مطالبة اإلدارة أمام املحكمة املختصة ال أمام املجلس بتعويض عن الرضر
الالحق له لعدم إعطائه سابق إخطار فإن طلب اإللغاء املرفوع إىل املجلس األعىل غري مقبول»(.((3
ولقد علق عىل هذا القرار األستاذ مكسيم أزوالي حيث رأى بأن» قضاء املجلس األعىل يف هذه النازلة
بعدم قبول طلب اإللغاء بسبب الشطط يف استعامل السلطة املرفوع ضد مقرر الفصل املطعون فيه وذلك
لعلة أنه بإمكان املعني باألمر مطالبة اإلدارة أمام املحكمة املختصة بتعويض عن الرضر احلاصل له من
جراء إعفائه من منصبه دون سابق إخطار وواضح أن قضاء املجلس األعىل بام ذكر جمرد تطبيق ملقتضيات
الفقرة السادسة من الفصل 14من ظهري ثاين ربيع األول عام 1377موافق 27شتنرب 1957املؤسس للمجلس
األعىل التي تنص رصاحة عىل عدم قبول دعوى اإللغاء ضد املقررات اإلدارية إن كان يف استطاعة املعنيني
باألمر املطالبة بحقوقهم لدى القضاء الشامل غري أن التعليل املعتمد يف حكم املجلس يثري نقطة ينبغي أن
ختصص هلا بعض الكلامت فمن هذه الناحية جتدر املالحظة أن العالقة التي تربط طالب اإللغاء بوزارة
الرتبية الوطنية ختضع ألحكام القانون اخلاص فيام يتعلق بإعفائه من وظيفته ألن رسالة التعهد املوقعة من
طرف الطالب تنص رصاحة عىل توظيفه كمعلم مؤقت ومن املعلوم أن األعوان املؤقتني بصفة عامة رغم
مشاركتهم مبارشة يف تسيري املرافق العامة مل ير املرشع العتبارات خمتلفة إخضاعهم ألحكام القانون العام
واكتفى بوضعهم حتت ظل قواعد القانون اخلاص بحيث إهنم ال يستفيدون من الضامنات املنصوص عليها
( ((2م .األعىل ،غ .إد ،قرار عدد ،46الصادر بتاريخ 25نونرب ،1966املعلم العبايس عبد العزيز ضد وزير الرتبية الوطنية ،جملة قضاء
املجلس األعىل ،اإلصدار الرقمي ،عدد ،1968 ،2ص 98؛ منشور كذلك يف قرارات املجلس األعىل الغرفة اإلدارية -1966
،1970ص 44؛ منشور كذلك يف قضايا اهليأة التعليمية من خالل اجتهادات املجلس األعىل للقضاء واملحاكم اإلدارية،مطبعة
النجاح اجلديدة ،الدار البيضاء ،منشورات صدى التضامن ،الطبعة األوىل ،1999 ،ص .224
( ((3م .األعىل ،غ .إد ،قرار رقم ،54الصادر بتاريخ 9دجنرب ،1966رقيب املعطي ضد النائب اإلقليمي لوزارة الرتبية الوطنية
بإقليم الدار البيضاء ،قرارات املجلس األعىل الغرفة اإلدارية ،1970-1966كتابة الدولة يف الشؤون اإلدارية ،الطبعة األوىل،
،1983مطبعة الرسالة ،نرش وطبع مجعية البحوث والدراسات اإلدارية ،ص 55؛ منشور كذلك يف قضايا اهليأة التعليمية من
خالل اجتهادات املجلس األعىل للقضاء واملحاكم اإلدارية،مطبعة النجاح اجلديدة ،الدار البيضاء ،منشورات صدى التضامن،
الطبعة األوىل ،1999 ،ص .133
36
�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء
يف القانون األسايس العام للوظيفة العمومية الذي ال ينطبق إال عىل من يتصف بصفة املوظف العمومي
حسب مفهوم القانون األسايس املشار إليه.((3(»...
إضافة إىل ذلك ،فإن القايض اإلداري مل يقف عند هذا احلد ،بل تعداه إىل إبراز رشط الصفة يف
املوظف ،ألنه ال يقبل الطعن باإللغاء إال من تتوفر فيهم الرشوط املتطلبة لولوج الوظيفة ،عىل اعتبار أن
رشط الصفة يندمج ضمن رشط املصلحة يف رافع دعوى اإللغاء للشطط يف استعامل السلطة .لذلك ،فإن
« جمرد حصول الرضر من قرار إداري ليس رشطا كافيا لقبول الطعن فيه فإذا كان القرار اإلداري كام هو
الشأن يف النازلة يتعلق بالتعيني يف وظيفة عمومية فإن الطعن فيه باإللغاء ال يقبل إال إذا كان الطاعن يتوفر
عىل الرشوط املتطلبة لولوج الوظيفة املتبارى يف شأهنا يف حني أن املدعني إنام يؤسسون صفتهم ومصلحتهم
عىل أهنم من سكان املشيخة املعنية وكانت املحكمة اإلدارية عىل صواب عندما اعتربت أن جمرد اإلقامة يف
قبيلة ال ختول حق الطعن يف قرار تعيني موظف عام هبا وكان احلكم املستأنف القايض يف مثل هذه احلالة
بعد القبول االنعدام الصفة واقعا يف حمله»(.((3وهو نفس التوجه الذي سارت عليه إدارية الرباط يف قضية
بندري عائشة(.((3
كام تتحقق املصلحة لكل املتعاقدين مع املؤسسات الصناعية والتجارية بمن فيهم املستخدمني لدهيا
سواء كان العقد إداريا أم عاديا( ،((3ويمكنهم الطعن باإللغاء ضد القرارات املتخذة من قبل مدراء هذه
( ((3أنظر تعليق األستاذ مسكيم أزوالي عىل القرار األنف الذكر ،قرارات املجلس األعىل الغرفة اإلدارية ،1970-1966الطبعة
األوىل ،مطبعة الرسالة ،الرباط ،يناير ،1983ص 57-56 .؛ م .األعىل ،غ .إد ،قرار رقم ،62الصادر بتاريخ 24فرباير ،1967
مرزوق حممد ضد النائب اإلقليمي لوزارة الرتبية الوطنية بفاس وتازة ،قرارات املجلس األعىل الغرفة اإلدارية ،1970-1966
ص 70 .؛ م .األعىل ،غ .إد ،قرار ،199الصادر بتاريخ ،1976/6/15غنام عبد احلميد ضد وزير السكنى والتعمري واملحافظة
عىل البيئة الطبيعية ،جملة قضاء املجلس األعىل ،اإلصدار الرقمي ،عدد ،26ص .133
( ((3م .األعىل ،غ .إد ،قرار رقم ،516الصادر بتاريخ ،1996/6/27انرشيفي حممد ومن معه ضد عامل إقليم بوملان ،جملة قضاء
املجلس األعىل ،اإلصدار الرقمي ،عدد ،51ص 68؛ م .األعىل ،غ .إد ،قرار عدد ،627الصادر بتاريخ ،96/8/8املجلة
املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،عدد ،20-21ص .135
( ((3م .إد ،الرباط ،حكم عدد ،169الصادر بتاريخ 5فرباير ،1998عائشة بندري ضد وزير الشؤون اخلارجية والتعاون ،املجلة
املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،عدد ،24ص 152 .؛ م .إد ،مكناس ،حكم رقم 3/99/25غ ،الصادر بتاريخ ،99/3/11
جملة املحاماة ،عدد ،13ص 129؛ م .إد ،مراكش ،حكم عدد ،140الصادر بتاريخ ،2001/10/31املجلة املغربية لإلدارة
املحلية والتنمية ،عدد ،45-44ص .180
( ((3راجع :اجلياليل أمزيد :إجراءات الدعوى اإلدارية ووسائل تقويم االختصاص ،يف مباحث يف مستجدات القضاء اإلداري،
منشورات املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،سلسلة «مؤلفات وأعامل جامعية» ،عدد ،50الطبعة األوىل 2003 ،؛ مجال
الدين زهري -حممد األعرج :النظام القانوين للمقاوالت العامة باملغرب ،املعهد املغريب للكتاب 1997،؛ حممد األعرج :التنظيم
القانوين للمؤسسات العمومية التجارية والصناعية باملغرب ،مطبعة دار النرش اجلسور ،وجدة 2000 ،؛ مليكة الرصوخ :النظام
القانوين للمقاوالت العمومية والوطنية والدولية ،دراسة مقارنة ،مطبعة النجاح اجلديدة الدار البيضاء ،الطبعة األوىل 1991 ،؛
عبد الوهاب رافع :مقاضاة الدولة واملؤسسات العمومية يف الترشيع املغريب ،دراسة تطبيقية ،املطبعة والوراقة الوطنية ،مراكش،
الطبعة األوىل 1987 ،؛ عبد الوهاب رافع -جليلة البشريي توفيق :الدعاوى اإلدارية يف الترشيع املغريب ،املطبعة والوراقة
الوطنية ،مراكش ،الطبعة األوىل 1998 ،؛ أمال املرشيف« :نزاعات العاملني لدى املؤسسات العمومية االقتصادية واالجتامعية بني
القضاء اإلداري والقضاء العادي» ،املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،سلسلة مواضيع الساعة ،عدد ،1998 ،14ص -49
65؛أمال املرشيف« :النزاعات املتعلقة بالوضعية الفردية للموظفني والعاملني يف مرافق الدولة واجلامعات املحلية واملؤسسات
العمومية» ،املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،عدد ،1999 ،26ص 44-31؛ اجلياليل أمزيد« :إشكالية تطبيق املسطرة
املدنية يف جمال املنازعات اإلدارية « ،املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،عدد ،36يناير-فرباير ،2001ص 30-11؛ اجلياليل
37
مجلة القضاء االداري -العدد � - 12/11شتاء/خريف 2018
املؤسسات ،والتي من شأهنا املس بمراكزهم القانونية كالترسيح أو احلرمان من الرتقية أو التوقيف
املؤقت(.((3
املطلب الثالث :الطعون االنتخابية
إذا كانت العملية االنتخابية هتم كل ناخب ،وذلك بإبداء رأيه يف مدى صالحية وأهلية الشخص
املرتشح لتويل تسيري الشأن العام املحيل أو الوطني ،فإن هذه الصفة –أي الناخب -تكون كافية لتوفر
املصلحة يف الطعن يف القرارات اإلدارية غري املرشوعة املتصلة بعملية االنتخاب( .((3سواء تعلق األمر
بالتسجيل يف اللوائح االنتخابية ،أو بالتقطيع الرتايب للدوائر االنتخابية ،مرورا باحلملة االنتخابية ،وعملية
التصويت إىل اإلعالن عن النتائج ،ذلك أن املراحل التي متر منها االنتخابات تتميز بكثرة املتدخلني،
كام أنه يكون لإلدارة دور بارز يف سري وتنظيم العملية االنتخابية ،ويتأتى هلا ذلك من خالل إصدارها
للقرارات اإلدارية املتعلقة هبذه العملية طبقا إلجراءات ينص عليها القانون ،إال أنه يف حالة ما إذا تم
خرق القانون يطرح اإلشكال يف معرفة من له احلق يف الطعن أمام القضاء اإلداري لطلب مراقبة رشعية
العملية االنتخابية .هل يمنح هذا احلق لكل ناخب ،أم أنه قارص عىل املرتشح املنافس للفائز يف االنتخابات
املشوبة بعيب اإلخالل بالقاعدة القانونية؟ ،وهل يكون ذلك عن طريق دعوى اإللغاء أم عن طريق دعوى
االنتخابية ،هذه األخرية التي ختتلف عن األوىل من حيث الطبيعة واإلجراءات ،واألطراف عىل الرغم
من تطابقهام من حيث اهلدف وهو محاية املرشوعية والقانون بمفهومه الواسع .وذلك بإلغاء القرارات
واإلجراءات املخالفة مل ينص عليه القانون(.((3
وبالرجوع إىل االجتهاد القضائي الفرنيس ،فإنه يف بادئ األمر مل يكن يقبل الطعون املتعلقة
باالنتخابات يف إطار دعوى اإللغاء ،معتمدا يف ذلك عىل فكرة الطعن املقابل .ذلك أن معظم القرارات
املتعلقة باالنتخابات جيب أن يطعن فيها أمام قايض االنتخابات ،عند الطعن يف عملية االنتخاب كلها.
واستقر عىل هذا االجتاه إىل أن قبل طعون األفراد املتعلقة بقرارات تقسيم الدوائر االنتخابية ،باعتبارهم
ناخبني وكانت نقطة التحول هذه بحكمه الصادر يف 7غشت 1903يف القضية املشهورة باسم Chabot
.وقد استقبل الفقهاء هذا التحول بكل اغتباط وربط العميد هوريو بني حكم كازانوفا (املتعلق بدفع
الرضائب) ،وحكم شابو ،مكررا قوله السابق من أن دعوى اإللغاء ال هتدف إىل جمرد تطبيق القانون لكن
إىل حسن سري اإلدارة(.((3
ويف مرص فقد قبل القضاء اإلداري الطعون املرفوعة سواء من طرف الناخبني أو من طرف املرشحني.
أمزيد« :رشط انتفاء الدعوى املوازية يف املنازعات اإلدارية» ،املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،سلسلة مواضيع الساعة،
،1996عدد ،6ص .27-3
( ((3توفيق االطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
مرجع سابق ،ص .56
( ((3سامي مجال الدين :الدعاوى اإلدارية واإلجراءات أمام القضاء اإلداري -دعاوى اإللغاء ،ص .107
( ((3توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
مرجع سابق ،ص.58 :
( ((3سليامن الطاموي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء ،جملة جملس الدولة املرصي ،مرجع سابق ،ص .164
38
�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء
ففي حكم ملحكمة القضاء اإلداري ،الصادر بتاريخ ،1951/12/27قضت بأن« :للناخب املصلحة يف أن
تكون عملية االنتخاب قد متت وفقا للقانون».ويف حكمها الصادر بتاريخ 1950/12/12اعتربت «أن قيد
اسم املدعي بكشف املرشحني للعمدية كاف وحده العتباره ذا مصلحة شخصية جدية يف الدعوى بالطعن
باإللغاء يف قرار تعيني العمدة»(.((3
أما يف املغرب ،فإن الطعون االنتخابية تقدم بواسطة دعوى االنتخابات ،هذه األخرية التي تنتمي إىل
ما يسمى بالقضاء الشامل ،وليس بواسطة دعوى اإللغاء ،وهذا ما استقر عليه املجلس األعىل منذ وقت
مبكر .ففي قراره الصادر بتاريخ 1969/2/21يف قضية بنشقرون وموالي إدريس ملراين اعترب «بأن املنازعة
االنتخابية املقدمة بناء عىل الفصل 14من املرسوم امللكي املؤرخ ب 1963-8-6بشأن انتخاب ممثيل القضاة
باملجلس األعىل للقضاء ال تتعلق بإلغاء مقرر إداري صادر عن سلطة إدارية بسبب الشطط يف استعامل
السلطة بل تدخل يف نطلق القضاء اإلداري الكامل»(.((4وأن ذات القاعدة تقف عليها مقررة يف القرار
الصادر عنه 15دجنرب 1964يف قضية عبد الرفيع بوعبيد وعبد السالم بناين ومن معه الذي جاء فيه»بأن
الدعوى التي رفعها عبد الرفيع بوعبيد طاعنا يف صحة االنتخابات تدخل يف نطاق القضاء الكامل ،وبالتايل
ال يمكن اعتبارها متعلقة بالشطط يف استعامل السلطة» .ولعل موقف املجلس األعىل هذا يتأسس عىل
فكرة وجود الطعن املقابل – الدعوى املوازية -من جهة ،ومن جهة ثانية عىل الرأي القائل بأن الدعوى
االنتخابية ال تعترب دعوى إلغاء باملفهوم التقني هلذا املصطلح ألهنا ال هتدف إىل إلغاء قرار إداري إذ ال
وجود إلرادة اإلدارة يف العملية االنتخابية( ،((4حتى يمكن وصف نتيجتها بقرار إداري فضال عن وجود
متايز بني االجراءات االنتخابية ونتائجها عن القرار اإلداري إذ األوىل من فعل الناخب أما الثانية من صنع
اإلدارة ،وأن األوىل هتم احلياة اليومية للناخب وأن الثاين قذ ال هيم الشخص املعني إال يف جزيئة صغرية
من حياته(.((4
إال أنه وعىل الرغم من وجاهة هذا الرأي ،فإنه ال يمكن تطبيقه عىل اطالقه،ذلكأنه يف إطار العملية
االنتخابية يمكن لإلدارة أن تصدر قرارات بشكل منفرد يمكن الطعن فيها باإللغاء وليس يف إطار الدعوى
االنتخابية ،ولعل أهم هذه القرارات قرار رفض تسجيل الناخبني باللوائح االنتخابية ،وكذا عدم قبول
تسجيل املرشحني باإلضافة إىل قرارات تقسيم املدن إىل دوائر انتخابية حيث كانت القرارات متسمة بعيب
من عيوب املرشوعية فإنه يمكن الطعن فيها باإللغاء كلام توفرت مصلحة املعني باألمر يف ذلك(.((4
ومهام يكن من أمر ،فإن القضاء املغريب وبالرغم من قبوله للطعون االنتخابية يف إطار القضاء الشامل
وليس يف إطار قضاء اإللغاء ،فإنه توسع يف فهم رشوط املصلحة يف هذه الطعون ،كام استقر عىل ذلك
االجتهاد القضائي الفرنيس بالنسبة للمصلحة يف إطار دعوى اإللغاء ،والذي عزز ذلك هو أن املادة 70من
( ((3سامي مجال الدين :الدعاوى اإلدارية واإلجراءات أمام القضاء اإلداري -دعاوى اإللغاء ،ص .108
( ((4جملة القضاء املجلس األعىل ،العدد ،19ص .55
( ((4قرار منشور بمجلة رابطة القضاة ،السنة الثالثة ،العدد األول ،1966 ،ص .15
( ((4توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
مرجع سابق ،ص.60 :
( ((4نفس املرجع أعاله ،ص .60
39
مجلة القضاء االداري -العدد � - 12/11شتاء/خريف 2018
مدونة االنتخابات اجلديدة منحت احلق يف تقديم الطعن لكل من له مصلحة يف ذلك،أي أن مناط قبول
الطعن االنتخايب يعترب حسب املرشع هو قيام املصلحة يف ذلك الطعن بالنظر إىل الطاعن ،وال حيرص القانون
دائرة ذوي الصفة إال يف دائرة ذوي املصلحة( ،((4وهذا ما أكدته املحكمة اإلدارية بوجدة يف ملف رقم
03-788ش خ حكم رقم 775الذي جاء فيه « :حيث إنه فيام خيص مصلحة الطاعنني يف الطعن يف انتخاب
الرئيس ومساعديه رغم أهنم مل ينافسوهم عىل مناصبهم ؛ فإنه ما دامت الضامنة الوحيدة ملراقبة مدى سالمة
ورشعية كل اإلجراءات والقرارات املتخذة يف إطار العملية االنتخابية تتمثل يف الطعون االنتخابية أمام
القضاء اإلداري ،وأن القرارات واإلجراءات السالفة الذكر هلا ارتباط متني بالنظام العام،وهتدف أساسا
إىل حتقيق املصلحة العامة وبالتايل ال ينبغي حرص مصلحة األعضاء يف الطعن يف أي عملية انتخابية بمدى
توفرهم عىل مصلحة ذاتية ،مادام األعضاء املذكورين ال يمثلون أنفسهم باملجلس ،وإنام يمثلون ناخبيهم
ومن مصلحة هؤالء أن يكون مكتب جملسهم اجلامعي مشكال طبقا ملا يقتضيه القانون ،ومسريا من طرف
أشخاص مؤهلني لذلك .وهذا ما جيعلهم حمقني يف الطعن يف انتخاب الرئيس طبقا ملقتضيات مدونة
االنتخابات .فمن خالل هذين احلكمني،يتأكدأن القضاء اإلداري املغريب توسع يف فهم رشط املصلحة يف
الدعوى االنتخابية ،عىل الرغم من عدم قبول الطعون املتعلقة هبا يف إطار دعوى اإللغاء ،وهو ما جيعلها
تقريبا متامثلة مع دعوى اإللغاء يف رشوط ممارستها ،خاصة فيم يرجع لتحديد األشخاص الذين حيق هلم
الطعن يف العمليات االنتخابية ،وكذلك كون النزاع يف كل من الدعويني يكون موضوعه ال يتعلق بحقوق
شخصية ،وإنام ينرصف النظر إىل مراقبة توفر الرشعية من عدمها يف موضوع كل منهام ،فضال عن إعفائهام
من أداء الرسوم القضائية(.((4
املبحث الثاين :الطعون املتعلقة باملوظفني
يقصد بطعون املوظفني هنا تلك التي يثريوهنا استنادا إىل هذه الصفة ،والذي يدعو إىل دراسة
املصلحة التي تربر الطعن يف هذه احلالة ،هي تلك العالقة الوثيقة التي تربط املوظف باإلدارة ،فاملوظف
يف احلقيقة هو اإلدارة ألنه لساهنا املعرب ،ويدها املنفذة ،وال يمكن أن نغفل تلك الصالت فيام يتعلق
بقبول دعوى اإللغاء(.((4
ولعل التطور الذي طرأ عىل نشاط الدولة التي أصبحت تتدخل يف كثري من املجاالت،أدى إىل تضخم
عدد املوظفني العموميني العاملني يف خمتلف املرافق ،كام أدى إىل ازدياد عدد النصوص املنظمة للوظيفة
العمومية وتعقدها ،وهو ما يربر كثرة املنازعات التي تثار يف قطاع الوظيفة العمومية بالقياس إىل باقي
40
�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء
املنازعات األخرى ،ألن فئة كبرية من املوظفني هم أكثر املوظفني وعيا بحقوقهم ،وحرصا عىل محايتها
واملطالبة هبا ،إذا ما تعرضت لالنتهاك(.((4
واحلامية التي توفرها دعوى اإللغاء اعتامدا عىل رشط املصلحة ،ذات أوجه متعددة فمنها ما يتعلق
بالطعون املوجهة ضد التعيينفي الوظيفة العمومية ،ومنها ما يتعلق بحقوق وواجبات املوظف ،ومنها ما
يتصل بتنظيم املرفق الذي ينتمي إليه املوظف ،ذلك أن اإلدارة تكون ملزمة باحرتام الضوابط والقواعد
القانونية املتعلقة بالتعيني يف الوظيفة العمومية معتمدة يف ذلك عىل عنرصي الكفاءة واملساواة ،كام أهنا
ملزمة باحرتام حقوق وواجبات املوظف ،وكذلك الضوابط املتعلقة بتنظيم املرفق العمومي ،وإال
تعرضت لإللغاء(.((4
وألجل ذلك ،سنقسم هذا املبحث إىل قسمني ،نخصص األول (للطعون املتعلقة بالتعيني يف الوظيفة
العمومية) ،والثاين (للطعون املتعلقة بحقوق وواجبات املوظف).
املطلب األول :الطعون املتعلقة بالتعيني يف الوظيفة العمومية
من خالل تتبع أحكام واجتهادات القضاء اإلداري يف كل من فرنسا ومرص واملغرب ،يتبني أن هذا
القضاء قد توسع يف فهم رشط املصلحة املربرة لقبول طلبات الطعن باإللغاء ضد القرارات اإلدارية املعيبة،
ومن بني هذه الطعون ؛ ما يتعلق بالتعيني يف الوظيفة العمومية ،ذلك ألن طرق التعيني والرشوط املتطلبة
يف كل طريقة خمتلفة عن بعضها البعض ،وهو ما يؤدي إىل تنوع املصالح يف الطعن ضد قرارات التعيني
كلام كانت خمالفة لألنظمة والقوانني اجلاري هبا العمل يف ميدان الوظيفة العمومية ،وهو ما انعكس بدوره
عىل مستوى أحكام قضاء اإللغاء يف حتديد املصالح املعتربة يف الطعن ضد قرارات التعيني .مع البحث عن
قاعدة يمكن االستقرار عليها بشأن رشط املصلحة يف هذا النوع من الطعون ،فإن كانت القاعدة العامة
املستقرة عليها حاليا بشأن رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء هي املصلحة الشخصية املبارشة ،دون أن تستند
إىل حق تم االعتداء عليه ،فإنه من خالل استقراء أحكام القضاء اإلداري يتبني أن املصلحة يف الطعن ضد
قرارات التعيني تتوفر كلام كان الطاعن (املوظف) مستوفيا لرشوط التعيني(.((4
( ((4عبد اهلل حداد :القضاء اإلداري املغريب عىل ضوء القانون املحدث للمحاكم اإلدارية ،مطبعة منشورات عكاظ ،الطبعة ،1994
ص.132:
( ((4توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
مرجع سابق ،ص .62 :راجع :احلسن سيمو« :السلطة التقديرية لإلدارة ورقابة القضاء اإلداري عليها» ،املجلة املغربية لإلدارة
املحلية والتنمية ،عدد ،13أكتوبر -ديسمرب ،1995ص 48-31؛احلسن سيمو« :القرار اإلداري واملصلحة العامة» ،املجلة
املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،عدد ،18مارس-يونيو ،1997ص 108-83؛ احلسن سيمو« :تطور قضاء اإللغاء لدى
الغرفة اإلدارية باملجلس األعىل» ،يف عمل املجلس األعىل والتحوالت االقتصادية واالجتامعية ،أشغال الندوة ختليدا للذكرى
األربعني لتأسيس املجلس األعىل 20-18 ،دجنرب ،1997ص 410-395؛ منشور كذلك يف املجلة املغربية لإلدارة املحلية
والتنمية ،عدد ،23أبريل-يونيو ،1998 ،ص 40-27؛احلسن العفو« :احلكم يف دعوى اإللغاء بني النظرية والتطبيق» ،املجلة
املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،عدد ،37مارس-أبريل ،2001ص 62-43؛ امليلود بوطريكي« :حمتوى ونتائج إلغاء القرارات
اإلدارية يف قضاء الوظيفة العمومية» ،املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،عدد ،64شتنرب-أكتوبر ،2005ص 44-35؛
( ((4توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
مرجع سابق ،ص .63
41
مجلة القضاء االداري -العدد � - 12/11شتاء/خريف 2018
ومن أحكام جملس الدولة الفرنيس التي أرست هذا االجتاه ،حكم Lotيف 11دجنرب ،1903وتتلخص
وقائع القضية يف أن السيد Lotرفع طعنا ضد قرار تعيني أحد املوظفني مديرا ملصلحة حفظ الوثائق
القديمة ،باعتباره هو أوىل هبذا التعيني بكونه موظفا يف املركز الوطني حلفظ الوثائق القديمة ،ويستويف
كل الرشوط ،وقد قبل جملس الدولة الطعن –وإن رفض الدعوى موضوعا ،-وقد جاء حيثيات احلكم
عىل الشكل التايل »:حيث إن املادة 7من مرسوم 14ماي 1887تقتيض أن املوظفني يف املركز الوطني حلفظ
الوثائق القديمة عدا األمناء ،يعتربون مؤهلني للتعيني يف مركز دارس للوثائق القديمة ،وأن هلم حق مانع
(أو مطلق) يف احلصول عىل هذه الوظائف ،فإن السيد Lotبناء عىل صفته كدارس للوثائق القديمة له
مصلحة شخصية للطعن يف أي تعيني تم باملخالفة للمقتضيات السابقة»(.((5
وبعد ما قبل هذ املجلس دعوى اإللغاء اعتامدا عىل املصلحة اجلامعية لتربير قبول الطعن ضد قرارات
التعيني ،وكان ذلك يف حكميه Lot-Molinie et autresويف قضية Savatyالصادرين عىل التعاقب سنة
،1904-1903وكان الطعن فيهام منصبا عىل تعيينات متت خمالفة للقانون ،إال أنه رسعان ما تراجع جملس
الدولة الفرنيس عن هذا االجتاه وعاد لفكرة املصلحة بمعناها الضيق ،بمعنى أن املوظف الذي يريد أن
يطعن يف قرار يتعلق بالوظيفة بشكل عام ،جيب عليه أن تثبت أن هناك مصلحة شخصية حمققة أو حمتملة
ستعود عليه من اإللغاء غري تلك املصلحة املستمدة من فكرة الدفاع عن املصلحة اجلامعية التي يستوي فيها
كل املوظفني ،وبالنسبة للطعن يف قرارات التعيني فإنه حرصها يف صفة املوظفني التابعني للمصلحة التي هبا
هذه الوظيفة وأن يكون من نفس اإلطار املعني فيها وأن يلحق هذا التعيني رضرا بالطاعن(.((5
وهذا ما أكده يف حكمه الصادر يف 1918/03/22يف قضية Rascolوالذي جاء فيه »:للموظفني بحكم
تبعيتهم إلدارة عامة واحدة صفة يف الطعن أمام جملس الدولة يف قرارات التعيني والرتقية التي تتم داخل
اإلدارة التابع هلا املوظف عىل أن تكون هذه القرارات صادرة برتقيات إىل درجتهم أو درجة أعىل ،إذ قد
يكون من شأن هذه القرارات أن تأخر ترقيتهم بدون مربر قانوين ،أو جتعل هلم عىل األقل منافسني يف
الرتقية للمناصب األعىل ممن ال تتوفر فيهم الرشوط القانونية ،ولكن ليس هلؤالء املوظفني أية مصلحة
يف الطعن بإلغاء التعيينات أو الرتقيات ولو كانت خمالفة للقانون مادام مل يرتتب عليها اإلرضار هبم»(.((5
أما بالنسبة للقضاء اإلداري املرصي ،فهو كذلك يعتمد املبدأ القايض برضورة استيفاء الطاعن
الرشوط املتعلقة بالتعيني يف الوظائف العامة لتكون له املصلحة يف الطعن ضد قرارات التعيني ،وهذا
ما أكدته املحكمة اإلدارية العليا يف حكمها الصادر يف 1948/06/22الذي جاء فيه« :ومن حيث إنه ...
قد جرى قضاء هذه املحكمة عىل أنه جيب أن يكون رافع الدعوى يف حالة قانونية خاصة بالنسبة للقرار
املطعون فيه من شأهنا أن جتعله مؤثرا تأثريا مبارشا يف مصلحة شخصية له ،ومن ثم ال يقبل طلب إلغاء
القرار الصادر بالتعيني يف وظيفة من الوظائف العامة ممن ال تتوفر فيهم الرشوط الالزمة للتعيني فيها،
وتطبيقا كذلك هلذا املبدأ ،قرر أن الطعن يف القرارات الصادرة بالتعيني يف وظائف العمد ،قارص عىل من
( ((5أمينة جربان :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء ،يف كل من القانون الفرنيس واملرصي واملغريب ،مرجع سابق ،ص.66 :
( ((5توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
مرجع سابق ،ص.64 :
( ((5سليامن الطاموي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء ،جملة جملس الدولة املرصي ،مرجع سابق ،ص .188
42
�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء
تتوفر فيهم رشوط الرتشيح للعمدية .وأضاف إىل ذلك بأن املرشح لوظيفة العمدية جيب أن يكون مدرجا
يف كشوف الناخبني أو املرشحني( .((5وهو ما أدى إىل املزيد من التضييق بشأن املصالح املعتربة يف الطعن
يف قرارات التعيني.
أما يف املغرب ،فقد طرحت أمام القايض اإلداري منازعات كثرية وعديدة ومتنوعة ،تتعلق بالتعيني يف
الوظيفة العمومية خصوصا إذا تم عن طريق االختيار بتنظيم مباراة يشارك فيها كل من استوىف الرشوط
املطلوبة لذلك.
ويعترب سن التعيني يف الوظيفة من األمور املهمة التي وضحت بنصوص قانونية .ففي قضية عالل
بن محو ،اعترب ،االطالع عىل اإلعالنني اللذين قامت بنرشمها الغرفة واملطلوبة يف الطعن توظيف مهندس
دولة ،يتبني بأن اإلعالن األول والذي تم عىل إثره انتقاء الطاعن ،مل يتضمن أية إشارة إىل سن املرشح،
بخالف اإلعالن الثاين الذي أشري فيه أال يزيد سن املرشح عن أربعني سنة ،وحيث إنه فضال عن ذلك
كان عىل اإلدارة أن تدرس ملف الطاعن وتتأكد من عدم توفره عىل مجيع الرشوط وختربه بعدم قبول طلب
ترشيحه لتجاوزه السن القانوين ملشاركته يف االنتقاء واجتيازه له بتفوق .وحيث إن اإلدارة رغم اشرتاطها
يف اإلعالن الثاين أال يزيد سن املرشح عن أربعني سنة ،ورغم علمها اليقيني بأن الطاعن الذي مل يتقدم
بأي طلب ترشيح عمره يفوق السن املذكور ،قامت بتوجيه استدعاء إليه للمشاركة يف االنتقاء الثاين اليشء
الذي جيعل موقفها من رشط السن غري قائم عىل أساس ويشوبه نوع من التناقض .وحيث إنه من جهة
أخرى وبالرجوع إىل الرسالة التي بمقتضاها طلب وزير الصناعة من الوزير األول الرتخيص لتوظيف
الطاعن يتبني أن الرتخيص بالتوظيف عىل الرغم من جتاوز السن القانوين قد سبق اعتامده لفائدة حاميل
الشهادات العليا ،وحيث بذلك يكون القرار القايض برفض توظيف الطاعن رغم ما يتمتع به من مؤهالت
علمية عالية ورغم اجتازه لالنتقاء املنظم من طرف اإلدارة املطلوبة يف الطعن بنجاح ،وبالرغم من حصوله
عىل ترخيص بالتوظيف استثناء من املقتضيات النظامية املتعلقة برشط السن ،قرار يف غري حمله ،اليشء
الذي يتعني معه الترصيح بإلغائه مع ترتيب ما جيب عن ذلك من آثار قانونية(.((5
كام اعتربت إدارية مكناس يف قضية حممد اهلاليل يارس ،أن قرار السيد الوزير التعليم العايل بإلغاء
املباراة املجراة لتوظيف مساعدين للتعليم بكلية اآلداب بالقنيطرة ،إذ أن التذرع بمبدأ املساواة وتكافؤ
الفرص إللغاء مباراة توظيف يتعارض والقوانني التي نظمت يف إطارها ،وأن عدم تقييد القرار املطعون
فيه بالقانون وال باهلدف اخلاص الذي صدر من أجله وهو تنظيم املباراة بالشكل الذي حيفظ حقوق املعنيني
هبا ومنهم الطاعن ،فإن إلغائها ألجل املنفعة العامة يشكل مساسا باهلدف الذي خصص هذا القرار الذي
تم رضب فحواه مع التظاهر باحرتام مقاصده ،مما يشكل جتاوزا واضحا للسلطة(.((5
43
مجلة القضاء االداري -العدد � - 12/11شتاء/خريف 2018
ويف قضية بن عزيز بلخرض ،قضت إدارية مراكش بإلغاء قرار وزير الرتبية الوطنية القايض برفض
طلب الطاعن الرتخيص له باجتياز املباراة ولوج املعهد الوطني للتهيئة والتعمري ،وذلك بعلة أن النيابة
التي يعمل هبا تعاين خصاصا يف األطر الرتبوية .وقد اعتمدت املحكمة يف إلغائها للقرار الصادر عن وزير
الرتبية بأن السامح للموظف باجتياز املباراة ال يعني التخيل عنه وحل عالقة الوظيف التي تربطه هبا ،األمر
الذي جيعل السبب املعتمد يف القرار غري جدي(.((5
ثم البد من توفر الصفة ورشط املصلحة يف رفع الدعوى ،باإلضافة إىل الرشوط املتطلبة لولوج
الوظيفة املتبارى بشأهنا .ألن جمرد حصول الرضر من قرار إداري ليس رشطا كافيا لقبول الطعن فيه ،فإذا
كان القرار اإلداري كام هو الشأن يف النازلة يتعلق بالتعيني يف وظيفة عمومية ،فإن الطعن فيه باإللغاء ال
يقبل إال إذا كان الطاعن يتوفر عىل الرشوط املتطلبة لولوج الوظيفة املتبارى يف شأهنا .يف حني أن املدعيني
إنام يؤسسون صفتهم ومصلحتهم عىل أهنم من سكان املشيخة املعنية ،وكانت املحكمة اإلدارية عىل
صواب عندما اعتربت أن جمرد اإلقامة يف قبيلة ال ختول حق الطعن يف قرار تعيني موظف عام هبا ،وكان
احلكم املستأنف القايض يف مثل هذه احلالة بعدم القبول االنعدام الصفة واقعا يف حمله»(.((5
غري أن املحكمة اإلدارية بوجدة كان هلا رأي آخر ،خصوصا يف قضية حلومي بنارص ،حينام تبني هلا
أن الصفة املذكورة أصبحت للمدعي منذ تاريخ نرش املرسوم املحدث هلا باجلريدة الرسمية عدد 5082
بتاريخ ،2003/02/23وأن عدم حتيني اإلدارة املدعى عليها مللفات موظفيها داخل أجل معقول يعترب
تقصريا منها وتتحمل مسؤولية األرضار الناجتة عن ذلك ،ومن جهة أخرى وكام جاء يف كتابات املدعي
فإن السيد النائب اإلقليمي لوزارة الرتبية الوطنية املدعى عليها مل يرجع طلب الرتشيح إىل املدعي قبل
تاريخ إجراء االمتحان حتي يمكنه من سلوك املساطر القانونية،كام أنه مل يرسله إىل جلنة االمتحان بعد
تضمينه للمالحظة التي يراها مناسبة ،وإنام التزم الصمت بشأنه مما يعد خطأ مرفقيا تتحمل اإلدارة
مسؤوليته »:وحيث إن هذا اخلطأ نتج عنه رضر املدعي يتجىل يف تفويت فرصة اجتياز املباراة أو
االمتحان ،وأنه بغض النظر عام إذا كان سينجح أو ال ينجح يف هذا االمتحان فإنه يبقى حمق يف التعويض
عن الرضر احلاصل له»(.((5
املطلب الثاين :الطعون املتعلقة بحقوق وواجبات املوظف
من املعلوم أن األصل يف العالقات التي تربط بني األفراد واجلامعات ،هو أهنا ترتب حقوقا تقابلها
واجبات ،أو ما يعرب عنه يف القانون املدين بااللتزامات التبادلية ،وهو نفس اليشء الذي ينطبق عىل عالقة
( ((5م .إد ،مراكش ،حكم الصادر بتاريخ ،2004/06/30بن عزيز بلخرض ضد وزير الرتبية الوطنية ؛ منشور يف كتاب عبد
الوهاب رافع :نزاعات الوضعية الفردية للموظفني والعاملني باإلدارة العمومية من خالل العمل القضائي ،الطبعة األوىل،
مطبعة الوراقة الوطنية مراكش ،2006 ،ص .168
( ((5م .األعىل ،غ .إد ،قرار رقم ،516أنرشيف حممد سبق ذكره ؛ م .إد ،مكناس ،حكم رقم 7/2005/387ش ،الصادر بتاريخ
،2005/11/24عبد اإلله ادقاقي ضد اجلامعة احلرضية ملكناس ،املجلة املغربية للمنازعات القانونية ،عدد ،8-7ص .292
((5(58م .إد ،وجدة ،ملف رقم 2006/25ش.ت ،حكم رقم ،203الصادر بتاريخ 02رجب 1427موافق 28يوليوز ،2006
حلومي عبد النارص ضد النائب االقليمي لوزارة الرتبية الوطنية لبوعرفة وفكيك.
44
�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء
املوظف باإلدارة التي ينتمي إليها بمعنى أن له حقوق جتاه اإلدارة ،كام أن عليه واجبات يتعني عليه مراعاهتا
واخلضوع هلا وذلك بتنفيذها كام تنص عليها األنظمة والقوانني والتعليامت املوجهة له من السلطة الرئاسية.
ولعل ما يميز القرارات املتعلقة بحقوق وواجبات املوظف ،هو مرافقتها طيلة حياته العملية ،بل منها
ما يرافقه حتى عند إحالته عىل التقاعد -القرارات املتعلقة باملعاش ،-وما يميزها أيضا هو أهنا تستهدف
املوظف يف حد ذاته أي أن أثرها يقترص عىل املعني باألمر ألن صفته كوظف جتعله يف مركز خاص -عكس
باقي املوظفني -إزاء القرار املطعون فيه مما خيوله مصلحة كافية للطعن باإللغاء ضد القرارات التي
تستهدفه غري أن هذه القرارات املتعددة ،ويمكن تصورها يف أي وضعية يكون عليها املوظف لذا سوف
نبني املصلحة من الطعن ضد تلك القرارات املتعلقة بحقوق املوظف وواجباته ،من خالل أهم الطعون
التي عرضت عىل القضاء للبت فيها ،مع تبيان كيفية تعامله مع رشط املصلحة بصددها(.((5
-1املنازعات اخلصة بالوضعية املادية–املالية للموظف:
وتتعلق باملرتبات واملعاشات واملكافآت املستحقة للموظفني العموميني ،بحيث جيوز للموظف العام
متى كانت له مصلحة أن يطعن يف هذه القرارات.
ومن ذلك ما قضت به حمكمة القضاء اإلداري املرصية بجلسة 1980/5/8بأن« :للمدعي مصلحة
حمققة ،وهي أنه يف حالة احلكم لصاحله ،يستحق الفروق املالية الناجتة عن إعادة تسوية حالته ،واعتباره
مرقى للفئة الثالثة من .1973-12-31وبالتايل يتعني رفض الدفع بعدم قبول الدعوى النتفاء رشط
املصلحة»(.((6
وكذلك ما قضت به املحكمة اإلدارية العليا بتاريخ « :1965/2/27بأن الدفع بانتفاء املصلحة تأسيسا
عىل كون القرار املطعون فيه قد انتهى أثره بمدة الوقف املحددة فيه ،مردودا بأن مصلحة الطاعن متمثلة
يف استحقاق املرتب كله أو بعضه ،إذا أجابته املحكمة إىل طلبه».وقضت املحكمة اإلدارية العليا بتاريخ
« :1963/5/11بأن الدفع بعدم قبول الدعوى النعدام املصلحة فيها لبلوغ املطعون عليه سن التقاعد بعد
رفعها ،وبالتايل فال جدوى من طلب إلغاء القرار الصادر بإحالته إىل املعاش ،هذا الوجه مردود عليه بأن
مصلحة املطعون عليه تتمثل يف الفرق بني مرتبه ومعاشه من 1959/3/3إىل غاية ،1959/7/12وهو ما
ال يتأتى التوصل إليه إال بإلغاء القرار الصادر بإحالته إىل املعاش قبل بلوغه السن القانونية ،ومن ثم يكون
هذا الوجه غري مستند إىل أساس صحيح من القانون».
وبالنسبة للمجلس األعىل باملغرب ،فإنه محاية للوضعية املالية للموظف ،يقبل الطعون املتعلقة بذلك،
وممن قراراته بشأن املرتبات ،القرار عدد 541بتاريخ 1965/12/22الذي أكدت بموجبه الغرفة اإلدارية أن
قرار وزير الداخلية القايض برفض تسديد مرتب الطاعن عن فرتة توقيفه عن العمل ،يعترب مشوب بعدم
( ((5توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
مرجع سابق ،ص .65
( ((6حممد عبد السالم خملص :نظرية املصلحة يف دعوى اإللغاء ،ص .213
45
مجلة القضاء االداري -العدد � - 12/11شتاء/خريف 2018
الرشعية ألن قرار املجلس التأديبي مل ينص إال عىل حرمانه من املكافآت ملدة ستة أشهر ،وكذلك قرار عدد
193بتاريخ .((6(1991/6/27
-2املنازعات املتعلقة باحلق يف الرتقية واالمتيازات املخولة للموظف:
تعترب الرتقية من أهم االمكانيات املتاحة للموظف ،ولإلدارة كذلك لتحسني أداء عمل املوظف
ووضعيته املادية ،كلام كان هذا األخري تتوفر فيه رشوط الرتقية وذلك اعتامدا عىل جمموعة من العنارص
أمهها األقدمية والتنقيط(.((6
وإذا كان حق الرتقية مقيد برشوط ومؤهالت جيب توفرها يف املوظف ،فإنه متى تم التأكد من وجود
هذه الرشوط إال ويصبح حق الرتقية مطلقا ،خاصة إذا ما عملت اإلدارة عىل ختطي املعني باألمر عند البت
يف الرتقيات ،أو قامت بتعيني شخص يف منصب يطمح إليه وتتوفر فيه رشوط هذا التعيني ،ومصلحة
املوظف يف الطعن يف هذا النوع من القرارات واضحة عىل اعتبار أنه يطالب بحق ،إال أن اإلدارة تتمسك
بسلطتها التقديرية يف هذا املجال .وعىل الرغم من ذلك فإن القضاء يلغي القرارات املتعلقة بالرتقية كلام
مست موظف هو أحق هبا ،وهذا ما أكده جملس الدولة الفرنيس يف حكمه الصادر يف 25نونرب 1932
يف قضية Girolamiوذلك بقوله ...»:إنه جيوز الطعن يف التعيينات أو الرتقيات إىل درجة أقل من درجة
الطاعن يف نفس املصلحة ،إذا كان من شأن هذه التعيينات أو الرتقيات أن ختلق للطاعن منافسا بالنسبة
لرتقية الحقة.((6(»...
وقضت املحكمة العليا اإلدارية املرصية بتاريخ 1979/4/19بأنه« :ملا كان املدعي أقدم من بعض
املرقني ،وال يقل كفاءة عنهم فإنه يكون أحق بالرتقية ،وهبذه املثابة فإن للمدعي مصلحة واضحة ومبارشة
يف طلب إلغاء القرار.((6(»...
كام قضت حمكمة القضاء اإلداري املرصي بتاريخ 1980/5/29بأنه« :ومن حيث إن املدعي يؤسس
دعواه عىل أنه أقدم من املطعون عىل ترقيتهام يف شغل الفئة السابقة عىل الفئة املرقى إليها ،وأنه مستوف
لرشوط شغل الوظيفتني املطعون فيهام ،ومن ثم تكون له مصلحة شخصية ومبارشة يف الطعن يف القرار.»...
( ((6توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
مرجع سابق ،ص.66 :
( ((6راجع :املصطفى الدحاين« :دعاوى التسوية الفردية للموظفني بني قضاء اإللغاء والقضاء الشامل وسلطة املحكمة بشأهنا»،
جملة املحاكمة ،عدد ،8-7أبريل ،2010ص 135-107؛ منشور كذلك يف املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،عدد ،89
نونرب-دجنرب ،2009ص 48-29؛ العريب مياد« :إشكالية التنقيط يف الوظيفة العمومية» ،املجلة املغربية لإلدارة املحلية
والتنمية ،عدد ،36يناير -فرباير ،2001ص 69-57؛ يوسف اليحياوي« :توجهات االجتهاد القضائي املغريب يف شأن محاية
حقوق املوظفني – ميداين الرتقية والنقل» ،يف« :تثمني املوارد البرشية» ،بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتامعية بوجدة،
يناير ،2006ص 495-479؛ موالي إدريس احلاليب الكتاين »:الرتقية الداخلية للموظفني من الناحية القانونية» ،املجلة املغربية
لإلدارة والتنمية ،عدد ،27أبريل-يونيو ،1999ص 25-17؛ موالي إدريس احلاليب الكتاين« :القضاء وتطور مبدأ حقوق
الدفاع يف قطاع الوظيفة العمومية» ،املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،عدد ،29أكتوبر-دجنرب ،1999ص 30-21
؛موالي إدريس احلاليب الكتاين« :ترقية املوظفني باالختيار بني تقدير و تقييد رجل اإلدارة» ،املجلة املغربية لإلدارة املحلية
والتنمية ،عدد ،27أبريل-يونيو ،1999ص 35-27؛
( ((6سليامن الطاموي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء ،جملة جملس الدولة املرصي ،مرجع سابق ،ص .189-188
( ((6حممد عبد السالم خملص :نظرية املصلحة يف دعوى اإللغاء ،ص .216
46
�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء
وال يشرتط يف املصلحة أن تكون ثمة فائدة مالية من الرتقية ليقبل الطعن ،وهذا ما قضت به املحكمة
اإلدارية العليا بمرص يف حكم صادر بتاريخ 27يونيو »: 1976بأن الرتقية التي جييز القانون الطعن يف
القرارات الصادرة هبا ،يندرج يف مدلوهلا تعيني املوظف يف وظيفة تعلو بحكم طبيعتها الوظيفية التي
يشتغلها يف مدارج السلم اإلداري ،وإن مل يصاحب ذلك نفع مادي»...
أما يف املغرب ،فقد انطرحت مسألة الرتقية أمام القضاء اإلداري ،ونالحظ أن املوظف املعني يبارش
نشاطاته الوظيفية ،ويأخذ درجة حمددة يف السلم الرتتيبي للوظائف ،هي غالبا ما تكون أول درجة يف السلم
اإلداري لإلطار الذي ينتمي إليه .وبعد قضائه فرتة التدريب يرسم حيث يعهد له بدرجة داخل السلم
اإلداري ،ويصبح لديه حقوق أكثر مما كان وهو يف وضعية متدرب .وترقية املوظف عادة تتم يف حالتني:
فقد يرقى من درجة إىل أخرى يف نفس اإلطار الذي ينتمي إليه ،حيث يرتتب عنها زيادة بسيطة يف الراتب،
أو يرقى يف الرتبة ،يسمح له بموجبها أن ينتقل من إطار إىل آخر ،حيث تتوسع نشاطاته اإلدارية ويزداد
راتبه أكرب من ترقيته من درجة إىل أخرى(.((6
ومن املؤكد أن لإلدارة سلطة تقديرية يف ترقية املوظفني ،إال أن هذا ال يعني أن لإلدارة احلرية املطلقة
يف ذلك بال ضابط وال مراقب ،وإنام يف حدود سلطتها .وتتمثل يف عدم إساءة استعامهلا ،أو بمعنى آخر عدم
االنحراف يف استعامهلا ،وأن احلد الطبيعي لتلك السلطة التقديرية جتدها يف الغاية التي أملتها ،وهي اختيار
الكفء واألصلح للرتقية .فاإلدارة تقدر بدون معقب عليها عنارص الكفاءة ،والصالحية عند ترجيح
موظف عىل آخر ،وتعتمد يف هذا الرتجيح عىل وقائع صحيحة تؤدي إليه ،لكن دون اخلرق بمبدأ املساواة
بني املوظفني(.((6
وعىل هذا األساس ،فقد رفضت الغرفة اإلدارية طلب حممد بن عيسى ،القايض بإلغاء املقرر الصادر
عن وزارة الفالحة ،برفضها ضمنيا طلب تقييده يف الئحة الرتقي إىل إطار كاتب باملحافظة ،رغم كونه
مستوفيا للرشوط بعلة أن املقتضيات القانونية املستند إليها مل يمتد مفعوهلا إال إىل غاية دجنرب .1960لذلك،
رفضت اإلدارة هذا الطلب ألنه جاء متأخرا عن أوانه ،وأن اإلدارة مل ترتكب شططا يف استعامل السلطة
خالفا ملا يدعيه الطالب(.((6
ولتبيان عمل االجتهاد القضائي اإلداري يف هذا املوضوع ،خصوصا عىل مستوى املحاكم اإلدارية،
فنجدها اختذت نفس املنحى والتوجه واملسار الذي سلكه املجلس األعىل يف مراقبة قرارات الرتقية .ففي
قضية إدريس بن دحو ،قضت إدارية مراكش بأن»:ممثل اإلدارة املدعى عليها كلف وأمهل إلحضار امللف
( ((6موالي إدريس احلاليب الكتاين« :األخالقيات يف اإلدارة العمومية» ،املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،عدد ،24يوليوز-
شتنرب ،1998ص .15
( ((6مصطفى الرتاب« :نامذج من املنازعات اإلدارية يف جمال الوظيفة العمومية ودعوى القضاء الشامل» ،أشغال املدارسات
املنظمة حول موضوع« :املنازعات اإلدارية» وزارة الوظيفة العمومية واإلصالح اإلداري ،1998 ،ص 128؛ منشور هذا
املقال حتت عنوان« :املنازعات اإلدارية يف جمال الوظيفة العمومية» ،املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،سلسلة «مواضيع
الساعة» ،عدد ،1998 ،14ص .45
( ((6م .األعىل ،غ .إد ،قرار رقم ،6الصادر بتاريخ 26يناير ،1968حممد بن عيسى ضد وزير الفالحة ،قرارات املجلس األعىل
،1970-1966ص 116 .؛ منشور كذلك يف جملة قضاء املجلس األعىل ،اإلصدار الرقمي ،عدد ،7ص.98 .
47
مجلة القضاء االداري -العدد � - 12/11شتاء/خريف 2018
اإلداري والوثائق املتعلقة بعدم ترقية املدعي حلد اآلن بقصد اعتامدها واالنطالق منها يف املناقشة أثناء
البحث مع الطرفني فإنه مل يفعل واكتفى بمجرد عموميات دون أن ينازع أو يعارض يف التنقيط اجليد
الذي أكد املدعي أنه كان حيصل عليه بامتياز اليشء الذي إنام يفيد أن وضعية املدعي ظلت جممدة طيلة
الفرتة السابقة من حياته اإلدارية لوظيفته بدون أي سبب يربر ذلك كام يفيد إمهال وتقصري اإلدارة يف تتبع
الوضعية اإلدارية للمدعي حيث ثبت أنه مل يكن يدرج بجدول الرتقية باستثناء سنة 1998فقط»(.((6
-3املنازعات اخلاصة بكيفية أداء املوظف لواجباته
هذه القرارات وإن كانت يف طبيعتها تتعلق بتنظيم املرفق وليس باملوظف ،إال أهنا يمكن أن تستهدفه.
وجملس الدولة الفرنيس يقرر بالنسبة هلا باستمرار بأنه ال صفة للموظف للطعن فيها ،ذلك ألن واجب
املوظف وما يستلزمه من طاعة ،يقتيض أن يؤدي مهام وظيفته يف احلدود التي ترسمها القوانني واللوائح.
ومن التطبيقات الشائعة هلذا املبدأ ،أن املوظفني ال مصلحة هلم –بناء عىل صفة التوظيف -يف الطعن يف
القرارات التي تصدر من رؤسائهم اإلداريني متضمنة أوامر وتعليامت توضح كيفية تنفيذ واجباهتم(.((6
وعىل الرغم من استقرار جملس الدولة الفرنيس عىل هذا االجتاه ،فإنه يف بعض األحكام قبل الطعون
املتعلقة بكيفية أداء واجبات املهنة ،واعترب املصلحة قائمة للطعن يف قراراهتا .ومن أحكامه يف هذا الصدد،
حكمه الصادر يف 4يونيو 1969يف قضية Poulonجاء فيه« :بأن الطبيب املسؤول عن قسم االستقبال يف
مستشفى ريفي ،له مصلحة يف طلب إلغاء القرار اخلاص بمضاعفة اخلدمات الطبية يف قسم االستقبال،
ألن هذا القرار من طبيعة حتمل املساس بحقوق وامتيازات الطاعن .»...وأيضا احلكم الصادر يف 3ماي
1974يف قضية « : Dame Badinierبأن ألطباء التخدير بعض الوقت يف مستشفى استقبال مصلحة يف
الطعن يف قرار اللجنة اإلدارية بتحديد جدول ساعات عملهم»(.((7
-4املنازعات املتعلقة بتوقيع اجلزاءات التأديبية وقرارات النقل:
بالنسبة للقرارات املتعلقة باجلزاءات التأديبية( ،((7فاملصلحة يف الطعن فيها قائمة طاملا أن هذه القرارات
( ((6م .إد ،مراكش ،حكم رقم ،111الصادر بتاريخ ،2003/05/07إدريس بن دحو ضد وزير الداخلية ،املجلة املغربية
للمنازعات القانونية ،عدد ،2004 ،1ص .118
( ((6توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
مرجع سابق ،ص .69
( ((7حممد عبد السالم خملص :نظرية املصلحة يف دعوى اإللغاء ،ص.208:
( ((7منية بنمليح« :تأديب املوظف العمومي بني سلطة االدارة واحلق يف احلامية» ،املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،عدد
،86ماي-يونيو ،2009ص 92-65؛مصطفى الرتاب« :نامذج من املنازعات اإلدارية يف جمال الوظيفة العمومية ودعوى
القضاء الشامل» ،يف» املنازعات اإلدارية» ،وزارة الوظيفة العمومية واإلصالح اإلداري ،مديرية اإلصالح اإلداري،1998 ،
ص 130-111؛ منشور هذا املقال حتت عنوان« :املنازعات اإلدارية يف جمال الوظيفة العمومية عىل ضوء اجتهادات املجلس
األعىل» ،يف» 40سنة من القضاء اإلداري باملغرب ،»1997-1957 ،منشورات املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،سلسلة
مواضيع الساعة ،عدد ،1998 ،14ص 47-35؛سلوى الفايس الفهري« :الوظيفة العمومية :الوضعية اإلدارية للموظف»،
جملة املحاكم اإلدارية ،عدد ،2أكتوبر ،2005ص 75-55؛ عبد اللطيف العمراين« :القضاء اإلداري املغريب ومراقبة املالئمة يف
جمال التأديب» ،املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية سلسلة ،مواضيع الساعة ،عدد ،2004 ،47ص 126-117؛عبد الغني
يفوت »:الضامنات األساسية يف جمال التأديب» ،املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،عدد ،85-84يناير -أبريل،2009
ص 62-45؛فاطمة الغازي« :ضامنات التأديب يف الوظيفة العمومية عىل ضوء القضاء املغريب واملقارن» ،منشور يف البوابة
48
�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء
تستهدف املوظف وحقوقه .والقضاء ال يقف عند حد مراقبة القرار اإلداري يف مدى مرشوعيته ،بل
امتدت رقابته إىل مدى مالئمة العقوبة املتخذة يف حق الطاعن والفعل املرتكب من طرفه .وخول له الطعن
يف القرار التأديبي كلام كانت العقوبة قاسية يف حقه ،أو إذا ما تم توقيع عقوبة أشد من العقوبة املقرتحة من
طرف املجلس التأديبي.
وهذا ما أكدته الغرفة اإلدارية باملجلس األعىل يف قضية األيرس عبد اللطيف عندما ألغت قرار وزير
الفالحة لكونه اختذ عقوبة أشد من تلك التي اقرتحها املجلس التأديبي (القرار عدد 117بتاريخ -5-4
.)1979واألمثلة كثرية عىل القرارات املتعلقة باجلزاءات التأديبية ،والقاعدة العامة لدى القضاء اإلداري
هي قبول الطعون املتعلقة هبا.
أما بالنسبة لقرارات النقل ،فإهنا تثري إشكاال يتمثل يف مدى اعتبارها قرارات تتعلق بتنظيم املرفق
اعتامدا عىل عنرص املصلحة العامة .وبالتايل ال يقبل الطعن النتفاء مصلحة الطاعن؟ أم أهنا قرارات يمكن
أن حتمل يف طياهتا عقوبة مقنعة –أو خفية-؟ ففي حالة ما إذا تم اختاذ قرار النقل كعقوبة ،فإن مصري القرار
هو اإللغاء ،لكون قانون الوظيفة العمومية ال ينص عىل النقل كعقوبة ،أما إذا اختذ هذا القرار اعتامدا عىل
عنرص املصلحة العامة إال أنه خيفي عقوبة مقنعة ،فإن القضاء اإلداري يقبل هذه الطعون(.((7
اإللكرتونية لوزارة العدل ؛فدوى املرابط« :القايض اإلداري واملنازعات التأديبية» ،املجلة املغربية للمنازعات القانونية ،عدد
،2008 ،8-7ص 120-113؛رضوان بومجعة« :النظام التأديبي للموظفني وموقف املجلس األعىل» ،يف «املجلس األعىل
بعد ميض 30سنة» ،حصيلة وآفاق ،املجلة املغربية لقانون واقتصاد التنمية ،عدد ،1988 ،17ص 138-127؛شايب عبد
اإلله أناس« :الضامنات املمنوحة للموظف العمومي عند تعرضه للتأديب ،مسامهة حتليلية» ،املجلة املغربية لإلدارة املحلية
والتنمية ،عدد ،103مارس – أبريل ،2012،ص . 94-73
( ((7توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن ،مرجع
سابق ،ص .70 :م .األعىل ،غ .إد ،قرار رقم ،28الصادر بتاريخ ،1986/1/30عبد احلق كارم ضد اخلازن العام للمملكة ،أشار
إليه إبراهيم الزعيم املايس :املرجع العميل يف االجتهاد القضائي اإلداري ،مطبعة النجاح اجلديدة ،الدار البيضاء ،1996 ،ص.
267؛ م .األعىل ،غ .إد ،قرار رقم ،128الصادر بتاريخ ،1986/7/10عبد العزيز بلخو ضد وزير الربيد واملواصالت السلكية
والالسلكية،أشار إليه إبراهيم زعيم املايس ،املرجع العميل يف االجتهاد القضائي اإلداري ،املرجع السابق ،ص 268 .؛ منشور
كذلك يف البوعييس(احلسن) ،كرونولوجيا االجتهاد القضائي يف املادة اإلدارية ،الطبعة األوىل ،2002مطبعة النجاح اجلديدة،
الدار البيضاء ،سلسلة «كرونولوجيا االجتهاد القضائي» ،عدد ،3ص 272 .؛ م .األعىل ،غ .إد ،قرار عدد ،809الصادر بتاريخ
،2003/11/13ملف إداري عدد 1272و،2001/1/4/1309النائب اإلقليمي لوزارة الرتبية الوطنية ومن معه ضد نادية
البوزيدي ومن معها ؛ منشور كذلك يف عبد الوهاب رافع ،نزاعات الوضعية الفردية للموظفني والعاملني باإلدارة العمومية
من خالل العمل القضائي ،املرجع السابق ،ص 197 .؛ م .األعىل ،غ .إد ،قرار عدد ،927الصادر بتاريخ ،2003/12/18بني
النائب اإلقليمي لوزارة الرتبية الوطنية لنيابة مراكش املنارة ضد هبيجة أدحيمني ،منشور كذلك يف عبد الوهاب رافع ،نزاعات
الوضعية الفردية للموظفني والعاملني باإلدارة العمومية من خالل العمل القضائي ،ص 231 .؛ م .األعىل ،غ .إد ،قرار عدد
،912الصادر بتاريخ ،2003/12/18النائب اإلقليمي لوزارة الرتبية الوطنية لنيابة مراكش ضد حممد بني العبايس ،منشور
كذلك يف عبد الوهاب رافع ،نزاعات الوضعية الفردية للموظفني والعاملني باإلدارة العمومية من خالل العمل القضائي ،ص.
244؛ م .األعىل ،غ .إد ،قرار عدد ،358الصادر بتاريخ ،1999/04/08بوبكر عمراوي ضد وزارة الرتبية الوطنية ومن معها،
االجتهادات القضائية يف جمال الرتبية والتكوين،نامذج من األحكام الصادرة يف جمال قضاء اإللغاء ،مديرية الشؤون القانونية
و املنازعات ،اجلزء األول والثاين ،فرباير ،2007ص 309 .؛ م .إد ،الرباط ،حكم عدد ،346الصادر بتاريخ ،1998/3/19
الدحاين فاطمة ضد الصندوق الوطني للقرض الفالحي ،املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،عدد ،24ص.179 .
- Benabdallah (M.A.), «Le contrôle de l’opportunité de la mutation du fonctionnaire dans l’intérêt du
service: note sous T.A., Rabat, 19 mars 1998, Dahani, REMALD, n° 24, juillet-septembre, 1998,
p. 139-145 ; Antari (M.), «Le pouvoir discrétionnaire du juge administratif dans l’application de la
théorie du recours parallèle et ses effets: note sous T.A., Rabat, 19 mars 1998, Dahani, REMALD, n°
24, juillet-septembre, 1998, p. 147-150.
49
مجلة القضاء االداري -العدد � - 12/11شتاء/خريف 2018
خامتة:
لعل اإلطار النظري يعد مساعدا عىل حتديد وبسط خمتلف املبادئ العامة لرشط املصلحة ،وخصوصياته
يف دعوى اإللغاء ،إال أهنا رغم أمهيتها تعترب غري كافية لإلحاطة باجلانب العميل والتطبيقي هلذا الرشط،
إذ أن التجسيد الفعيل هلا لن يتأتى إال من خالل دراسة مسلك القضاء اإلداري يف تعامله مع هذا الرشط،
استنادا إىل أنواع املصالح التي اعتمدها كأساس لقبول دعوى اإللغاء وهو ما حاولنا إبرازه بإسهاب من
خالل دراسة رشط املصلحة يف الطعون املتعلقة بغري املوظفني.
وخالصة القول ،أن فكرة املصلحة يف دعوى اإللغاء هي يف احلقيقة فكرة فلسفية تقوم باملوازاة مع
كوهنا فكرة قضائية ،تتأثر بالسلوك االجتامعي يف املجتمع ،وتتأثر بالضوابط والقواعد القانونية املنظمة له،
والتي يتناوهلا القايض اإلداري بشكل موضوعي ومستقل عن إرادته ،رغم عدم إنكار دوره االنشائي يف
اختيار املصلحة اجلديرة باحلامية ،نظرا لتعارض املصالح وتعددها.
فرشط املصلحة يف دعوى اإللغاء ،من تلك املسائل التي ترتبط بالتقدير الشخيص للقايض اإلداري
إىل حد بعيد ،لذلك كان لدوره أثره البالغ يف حتديد هذا الرشط ،وذلك بتعامله معه بشكل مرن أدى إىل
التوسع يف فهمه يف العديد من احلاالت ضامنا ملبدأ املرشوعية واحرتام القانون ،وضبطا للعمل اإلداري
من االنحراف(.((7
- Benabdallah (M.A): «Le contrôle du pouvoir de l’administration en matière de mutation des fonctionnaires:
notes sous T.A., Meknès, 22 juin 1995, Tahiri» REMALD, n° 12, juillet-septembre 1995, p. 71-77.
( ((7توفيق األطريس – حسن املولودي :رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن،
مرجع سابق ،ص .95
50