Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 24

‫رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‬

‫دراسة تطبيقية عىل ضوء العمل القضائي اإلداري‬


‫ﺷﺮﻁ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﺩﻋﻮﻱ ﺍﻹﻟﻐﺎﺀ‪ :‬ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﻠﻲ ﺿﻮﺀ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ‬
‫ذ‪ .‬بوكطب حممد‬
‫ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫دكتور يف احلقوق‬
‫جامعة حممد األول بوجدة‬ ‫ﺯﻛﺮﻳﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﻱ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﺑﻮﻛﻄﺐ‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫اخلصوصيات ال من حيث مفهومها‪ ،‬ورشوطها‪ ،‬وعالقتها بباقي رشوط‬ ‫ﻣﺞ‪ ,6‬ﻉ‪11,12‬‬‫املصلحة بعدد كبري من‬ ‫تتميز‬
‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫املتعلق هبا‪ .‬ثم إن املصالح يف الدعاوى العادية تستند إىل حق شخيص للمدعي‪،‬‬‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬وكذا طبيعة الدفع ﻧﻌﻢ‬
‫الدعوى‪،‬‬
‫وتتأسس عىل هذا احلق‪ ،‬بينام يف دعوى اإللغاء فإن املصلحة التي تربر قبوهلا هي املصلحة املجردة التي ليس‬
‫‪2018‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫من الرضوري أن تستند إىل حق اعتدي عليه‪ ،‬ولكنها ليست من ناحية أخرى تلك املصلحة العامة التي‬
‫ﺧﺮﻳﻒ‬ ‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪:‬‬
‫جيب أن تكون تلك املصلحة شخصية‪ ،‬أقىص ما وصل إليه القضاء يف كل‬ ‫فيها مجيع املواطنني‪ ،‬بل‬ ‫يشرتك‬
‫‪29‬وضع معيار لتحديد املصلحة الشخصية(((‪ ،‬قوله‪« :‬إن طالب اإللغاء‬ ‫حيث‬ ‫ومرص واملغرب من‬
‫‪- 50‬‬ ‫من فرنسا‬
‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫أثر فيها القرار املطلوب إلغاؤه تأثريا مبارشا»‪.‬‬ ‫يكون يف حالة قانونية خاصة‬
‫‪1088625‬‬ ‫‪:MD‬‬ ‫ﺭﻗﻢأن‬
‫جيب‬
‫ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ للطاعن ال ختوله حق رفع دعوى اإللغاء‪ ،‬بل يتحتم عليه أن‬
‫العامة كمواطن‬
‫فمجرد الصفةﺑﺤﻮﺙ‬ ‫ﻧﻮﻉومن هنا‪،‬‬
‫ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫‪Arabic‬متيزه عن غريه‪ ،‬وجتعله يف وضع خاص إزاء القرار املعيب‪.‬‬
‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬إليها صفة أخرى خاصة به‬
‫يضيف‬
‫من التحديد ما يؤهله ألن يوصف بأنه قاعدة أو معيار‪ ،‬ولكنه يتضمن‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬القول‪ ،‬ال يبلغ‬
‫‪EcoLink‬‬ ‫وواضح أن هذا‬
‫ﻗﻮﺍﻋﺪ‬
‫ﺍﻹﻟﻐﺎﺀ‪،‬حدة(((‪.‬‬
‫ﺍﻟﻄﻌﻮﻥ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ‬ ‫ﺩﻋﺎﻭﻱحالة عىل‬
‫ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ‪ ،‬يف كل‬
‫ﺷﺮﻁكبرية للتقدير‬
‫توجيهات عامة‪ ،‬ترتك حرية‬ ‫جمرد‬
‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ‬
‫وهلذا‪ ،‬فإن موضوع املصلحة التي تربر قبول دعوى اإللغاء‪ ،‬كانت وما تزال من املوضوعات التي بلغ‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1088625‬‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬
‫استعمل يف جمالني‬ ‫القضاء أكرب درجة من املرونة‪ ،‬إذ من خالل تتبع أحكامه‪ ،‬نجد أن رشط املصلحة قد‬ ‫فيها‬
‫خمتلفني‪ ،‬األول كوسيلة للحد من رقابة القضاء ألعامل اإلدارة ؛ والثاين كوسيلة لتوسيع رقابة القضاء عىل‬
‫أعامهلا‪ ،‬وهذا ما يربر أمهية وفعالية هذا الرشط كآلية لرسم حدود هذه الرقابة‪ ،‬غري أن استخدامها لتحقيق‬

‫((( توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫رسالة هناية التدريب‪ ،‬املعهد العايل للقضاء‪ ،‬الفوج ‪ ،2004-2002 ،32‬ص ‪ .47‬راجع‪ :‬حممد األعرج‪ :‬فاعلية قواعد اإلجراء‬
‫والشكل يف القرارات اإلدارية‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف القانون العام‪ ،‬جامعة حممد اخلامس‪ ،‬السنة اجلامعية ‪-2001‬‬
‫القضائية عىل أعامل اإلدارة بدول املغرب العريب‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف‬ ‫ﺍﻟﺤﻘﻮﻕالرقابة‬
‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬ ‫ﺟﻤﻴﻊ تأصيل‬
‫إدرييس‪:‬‬ ‫‪2023‬؛ عبد اهلل‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬ ‫©‪2002‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ‬
‫السلطة‪،‬‬
‫ﻣﻮﺍﻗﻊ‬ ‫جتاوز)ﻣﺜﻞ‬ ‫بسبب‬
‫ﻭﺳﻴﻠﺔ‬ ‫اإللغاءﺃﻱ‬ ‫ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞيفﺃﻭدعوى‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ‬ ‫ضامناتﺃﻭاملتقايض‬
‫بنرباهيم‪ :‬ﺍﻟﻨﺴﺦ‬ ‫بلقاسم‬
‫ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ‬ ‫ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ‪ 2002‬؛‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤﺎﺩﺓاألول وجدة‪،‬‬
‫ﻫﺬﻩ حممد‬
‫ﻃﺒﺎﻋﺔجامعة‬
‫القانونﺃﻭالعام‪،‬‬
‫ﺗﺤﻤﻴﻞ‬
‫‪.2004-2003‬‬ ‫اجلامعية‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬ ‫بوجدة‪ ،‬السنة‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬ ‫حممد األول‬
‫ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ‬ ‫ﺗﺼﺮﻳﺢ جامعة‬
‫ﺧﻄﻲ ﻣﻦ‬ ‫القانون العام‪،‬‬ ‫ﺍﻟﺒﺮﻳﺪالدكتوراه يف‬
‫ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ‬ ‫أطروحةﺃﻭلنيل‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ‬
‫((( سليامن الطاموي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬جملة جملس الدولة املرصي‪ ،‬السنة ‪ ،4‬مطبعة دار النرش – يناير ‪ ،1953‬ص‬
‫‪.142-141‬‬

‫‪29‬‬
‫رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ‬‫ﺣﺴﺐاإلداري‬ ‫القضائي‬ ‫العمل‬
‫ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‬ ‫ﺑﻨﺴﺦضوء‬
‫ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ‬ ‫تطبيقية عىل‬ ‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍدراسة‬
‫ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ‬
‫ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬
‫ذ‪ .‬بوكطب حممد‬
‫دكتور يف احلقوق‬ ‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬
‫ﻋﻠﻲ‬
‫ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔبوجدة‬ ‫ﺩﺭﺍﺳﺔ‬
‫حممد األول‬ ‫ﺑﻮﻛﻄﺐ‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ‪ .(2018) .‬ﺷﺮﻁ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﺩﻋﻮﻱ ﺍﻹﻟﻐﺎﺀ‪:‬جامعة‬
‫ﺿﻮﺀ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ‪.‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ‪ ،‬ﻣﺞ‪ ,6‬ﻉ‪، 29 - 50. 11,12‬‬
‫ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ‪1088625/Record/com.mandumah.search//:http‬‬
‫املصلحة بعدد كبري من اخلصوصيات ال من حيث مفهومها‪ ،‬ورشوطها‪ ،‬وعالقتها بباقي رشوط‬ ‫تتميز‪MLA‬‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ‬
‫للمدعي‪،‬‬
‫ﻋﻠﻲ ﺿﻮﺀ‬‫شخيص‬ ‫ﺩﺭﺍﺳﺔ إىل حق‬
‫ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ‬ ‫العادية تستند‬ ‫الدعاوى‬
‫ﺍﻹﻟﻐﺎﺀ‪:‬‬ ‫ﻓﻲ يفﺩﻋﻮﻱ‬
‫املصالح‬ ‫"ﺷﺮﻁهبا‪ .‬ثم إن‬
‫ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ‪.‬املتعلق‬
‫طبيعة الدفع‬ ‫الدعوى‪ ،‬وكذا‬
‫ﺑﻮﻛﻄﺐ‪،‬‬
‫‪.50‬ليس‬
‫املجردة‪-‬التي‬
‫)‪29 :(2018‬‬
‫ﻉ‪11,12‬املصلحة‬
‫ﻣﺞ‪,6‬قبوهلا هي‬ ‫ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ‬
‫التي تربر‬ ‫ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ‬
‫املصلحة‬ ‫ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ‪".‬ﻣﺠﻠﺔ‬
‫اإللغاء فإن‬ ‫ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ‬
‫بينام يف دعوى‬ ‫ﺍﻟﻌﻤﻞ‬
‫هذا احلق‪،‬‬ ‫وتتأسس عىل‬
‫ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ‪1088625/Record/com.mandumah.search//:http‬‬
‫من الرضوري أن تستند إىل حق اعتدي عليه‪ ،‬ولكنها ليست من ناحية أخرى تلك املصلحة العامة التي‬
‫يشرتك فيها مجيع املواطنني‪ ،‬بل جيب أن تكون تلك املصلحة شخصية‪ ،‬أقىص ما وصل إليه القضاء يف كل‬
‫من فرنسا ومرص واملغرب من حيث وضع معيار لتحديد املصلحة الشخصية(((‪ ،‬قوله‪« :‬إن طالب اإللغاء‬
‫جيب أن يكون يف حالة قانونية خاصة أثر فيها القرار املطلوب إلغاؤه تأثريا مبارشا»‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬فمجرد الصفة العامة كمواطن للطاعن ال ختوله حق رفع دعوى اإللغاء‪ ،‬بل يتحتم عليه أن‬
‫يضيف إليها صفة أخرى خاصة به متيزه عن غريه‪ ،‬وجتعله يف وضع خاص إزاء القرار املعيب‪.‬‬
‫وواضح أن هذا القول‪ ،‬ال يبلغ من التحديد ما يؤهله ألن يوصف بأنه قاعدة أو معيار‪ ،‬ولكنه يتضمن‬
‫جمرد توجيهات عامة‪ ،‬ترتك حرية كبرية للتقدير يف كل حالة عىل حدة(((‪.‬‬
‫وهلذا‪ ،‬فإن موضوع املصلحة التي تربر قبول دعوى اإللغاء‪ ،‬كانت وما تزال من املوضوعات التي بلغ‬
‫فيها القضاء أكرب درجة من املرونة‪ ،‬إذ من خالل تتبع أحكامه‪ ،‬نجد أن رشط املصلحة قد استعمل يف جمالني‬
‫خمتلفني‪ ،‬األول كوسيلة للحد من رقابة القضاء ألعامل اإلدارة ؛ والثاين كوسيلة لتوسيع رقابة القضاء عىل‬
‫أعامهلا‪ ،‬وهذا ما يربر أمهية وفعالية هذا الرشط كآلية لرسم حدود هذه الرقابة‪ ،‬غري أن استخدامها لتحقيق‬

‫((( توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫رسالة هناية التدريب‪ ،‬املعهد العايل للقضاء‪ ،‬الفوج ‪ ،2004-2002 ،32‬ص ‪ .47‬راجع‪ :‬حممد األعرج‪ :‬فاعلية قواعد اإلجراء‬
‫والشكل يف القرارات اإلدارية‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف القانون العام‪ ،‬جامعة حممد اخلامس‪ ،‬السنة اجلامعية ‪-2001‬‬
‫القضائية عىل أعامل اإلدارة بدول املغرب العريب‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف‬ ‫ﺍﻟﺤﻘﻮﻕالرقابة‬
‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬ ‫ﺟﻤﻴﻊ تأصيل‬
‫إدرييس‪:‬‬ ‫‪2023‬؛ عبد اهلل‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬ ‫©‪2002‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ‬
‫السلطة‪،‬‬
‫ﻣﻮﺍﻗﻊ‬ ‫جتاوز)ﻣﺜﻞ‬ ‫بسبب‬
‫ﻭﺳﻴﻠﺔ‬ ‫اإللغاءﺃﻱ‬ ‫ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞيفﺃﻭدعوى‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ‬ ‫ضامناتﺃﻭاملتقايض‬
‫بنرباهيم‪ :‬ﺍﻟﻨﺴﺦ‬ ‫بلقاسم‬
‫ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ‬ ‫ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ‪ 2002‬؛‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤﺎﺩﺓاألول وجدة‪،‬‬
‫ﻫﺬﻩ حممد‬
‫ﻃﺒﺎﻋﺔجامعة‬
‫القانونﺃﻭالعام‪،‬‬
‫ﺗﺤﻤﻴﻞ‬
‫‪.2004-2003‬‬ ‫اجلامعية‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬ ‫بوجدة‪ ،‬السنة‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬ ‫حممد األول‬
‫ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ‬ ‫ﺗﺼﺮﻳﺢ جامعة‬
‫ﺧﻄﻲ ﻣﻦ‬ ‫القانون العام‪،‬‬ ‫ﺍﻟﺒﺮﻳﺪالدكتوراه يف‬
‫ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ‬ ‫أطروحةﺃﻭلنيل‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ‬
‫((( سليامن الطاموي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬جملة جملس الدولة املرصي‪ ،‬السنة ‪ ،4‬مطبعة دار النرش – يناير ‪ ،1953‬ص‬
‫‪.142-141‬‬

‫‪29‬‬
‫رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‬
‫دراسة تطبيقية عىل ضوء العمل القضائي اإلداري‬
‫ذ‪ .‬بوكطب حممد‬
‫دكتور يف احلقوق‬
‫جامعة حممد األول بوجدة‬

‫تتميز املصلحة بعدد كبري من اخلصوصيات ال من حيث مفهومها‪ ،‬ورشوطها‪ ،‬وعالقتها بباقي رشوط‬
‫الدعوى‪ ،‬وكذا طبيعة الدفع املتعلق هبا‪ .‬ثم إن املصالح يف الدعاوى العادية تستند إىل حق شخيص للمدعي‪،‬‬
‫وتتأسس عىل هذا احلق‪ ،‬بينام يف دعوى اإللغاء فإن املصلحة التي تربر قبوهلا هي املصلحة املجردة التي ليس‬
‫من الرضوري أن تستند إىل حق اعتدي عليه‪ ،‬ولكنها ليست من ناحية أخرى تلك املصلحة العامة التي‬
‫يشرتك فيها مجيع املواطنني‪ ،‬بل جيب أن تكون تلك املصلحة شخصية‪ ،‬أقىص ما وصل إليه القضاء يف كل‬
‫من فرنسا ومرص واملغرب من حيث وضع معيار لتحديد املصلحة الشخصية(((‪ ،‬قوله‪« :‬إن طالب اإللغاء‬
‫جيب أن يكون يف حالة قانونية خاصة أثر فيها القرار املطلوب إلغاؤه تأثريا مبارشا»‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬فمجرد الصفة العامة كمواطن للطاعن ال ختوله حق رفع دعوى اإللغاء‪ ،‬بل يتحتم عليه أن‬
‫يضيف إليها صفة أخرى خاصة به متيزه عن غريه‪ ،‬وجتعله يف وضع خاص إزاء القرار املعيب‪.‬‬
‫وواضح أن هذا القول‪ ،‬ال يبلغ من التحديد ما يؤهله ألن يوصف بأنه قاعدة أو معيار‪ ،‬ولكنه يتضمن‬
‫جمرد توجيهات عامة‪ ،‬ترتك حرية كبرية للتقدير يف كل حالة عىل حدة(((‪.‬‬
‫وهلذا‪ ،‬فإن موضوع املصلحة التي تربر قبول دعوى اإللغاء‪ ،‬كانت وما تزال من املوضوعات التي بلغ‬
‫فيها القضاء أكرب درجة من املرونة‪ ،‬إذ من خالل تتبع أحكامه‪ ،‬نجد أن رشط املصلحة قد استعمل يف جمالني‬
‫خمتلفني‪ ،‬األول كوسيلة للحد من رقابة القضاء ألعامل اإلدارة ؛ والثاين كوسيلة لتوسيع رقابة القضاء عىل‬
‫أعامهلا‪ ،‬وهذا ما يربر أمهية وفعالية هذا الرشط كآلية لرسم حدود هذه الرقابة‪ ،‬غري أن استخدامها لتحقيق‬

‫((( توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫رسالة هناية التدريب‪ ،‬املعهد العايل للقضاء‪ ،‬الفوج ‪ ،2004-2002 ،32‬ص ‪ .47‬راجع‪ :‬حممد األعرج‪ :‬فاعلية قواعد اإلجراء‬
‫والشكل يف القرارات اإلدارية‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف القانون العام‪ ،‬جامعة حممد اخلامس‪ ،‬السنة اجلامعية ‪-2001‬‬
‫‪ 2002‬؛ عبد اهلل إدرييس‪ :‬تأصيل الرقابة القضائية عىل أعامل اإلدارة بدول املغرب العريب‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف‬
‫القانون العام‪ ،‬جامعة حممد األول وجدة‪ 2002 ،‬؛ بلقاسم بنرباهيم‪ :‬ضامنات املتقايض يف دعوى اإللغاء بسبب جتاوز السلطة‪،‬‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه يف القانون العام‪ ،‬جامعة حممد األول بوجدة‪ ،‬السنة اجلامعية ‪.2004-2003‬‬
‫((( سليامن الطاموي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬جملة جملس الدولة املرصي‪ ،‬السنة ‪ ،4‬مطبعة دار النرش – يناير ‪ ،1953‬ص‬
‫‪.142-141‬‬

‫‪29‬‬
‫مجلة القضاء االداري ‪ -‬العدد ‪� - 12/11‬شتاء‪/‬خريف ‪2018‬‬

‫هذه الغاية أو تلك يبقى مرتوكا للقضاء‪ ،‬هذا األخري الذي يتأثر باعتبارات خمتلفة(((‪ ،‬هلذا فإن السبيل‬
‫الوحيد لتكوين فكرة عامة عن رشط املصلحة التي تربر قبول دعوى اإللغاء‪ ،‬هو االلتجاء إىل أحكام‬
‫القضاء اإلداري واستقراؤها مع التسليم مقدما بأن داللتها نسبية(((‪.‬‬
‫غري أن تقسيم املصالح يف دعوى اإللغاء –أي أنواع املصالح‪ -‬وإرجاعها إىل أصول مشرتكة‪ ،‬أصعب‬
‫بكثري منها فبي حاالت الدعاوى العادية‪ ،‬نظرا الرتباط املصالح يف هذه األخرية باحلقوق‪ ،‬وبالتايل يمكن‬
‫أن تقسم وفقا للحقوق املختلفة واحتامالت االعتداء عليها‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬فيجب أن يلجأ إىل وسيلة أخرى لتقييمها‪ ،‬ولن يكون ذلك‬
‫إال باالستناد إىل صفات ذاتية يف الطاعن‪.‬‬
‫فقد يكون فردا عاديا ال يربطه باإلدارةإ ال القواعد العامة املتعلقة بالتزامها باحرتام املرشوعية‪،‬‬
‫وقانونية ترصفها سواء كان القرار املطعون فيه صادرا من السلطات املركزية أو اهليئات الالمركزية‪ .‬وهذا‬
‫ما سنعاجله يف املبحث األول املتعلق بطعون األفراد غري املوظفني‪.‬‬
‫وقد يكون الطاعن موظفا تربطه باإلدارة عالقة نظامية‪ ،‬ولذا فإن مصلحته يف الطعن تفرس تفسريا‬
‫خاصا فيام يتعلق بالطعون املتعلقة بوظيفته‪ ،‬وهو ما سنخصص له املبحث اخلاص بالطعون املتعلقة‬
‫باملوظفني(((‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬الطعون املتعلقة بغري املوظفني‬
‫يعترب القرار اإلداري من بني أهم الوسائل القانونية التي تستعملها اإلدارة للتعامل مع املتخاطبني‬
‫معها‪ ،‬بمن فيهم األفراد العاديني‪ ،‬وذلك قصد ممارسة اختصاصاهتا‪ ،‬وتلبية حاجيات املرفق العام‪ ،‬وضامن‬
‫استمراريته‪ ،‬قاصدة بذلك حتقيق املصلحة العامة‪ .‬إال أن هذا القرار بوصفه عمال انفراديا‪ ،‬قد يؤثر يف‬
‫املراكز القانونية هلؤالء األفراد‪ ،‬إما باإلنشاء أو التعديل أو اإللغاء‪ ،‬مما خيول هلم حق الطعن يف هذا القرار‬
‫استنادا إىل صفاهتم الذاتية‪ ،‬وهو ما سنعرض له يف املطلب أول‪.‬‬
‫كام أن اإلدارة قد تلجأ إىل وسيلة العقد اإلداري‪ ،‬بوصفه اتفاقا تربمه هبدف تسيري أو تنظيم مرفق‬
‫معني‪ ،‬مع إظهار نيتها يف إخضاعه للقانون العام‪ ،‬وتضمينه رشوطا غري مألوفة يف القانون اخلاص‪ ،‬مما يرتب‬
‫آثار قد تلحق أرضارا إما بالشخص املتعاقد أو بالغري‪ ،‬وهو ما يطرح التساؤل حول مصلحة كل مترضر من‬
‫الطعن يف القرارات املتعلقة بالعقد اإلداري؟ وسنخصص له املطلب الثاين(((‪.‬‬
‫إال أنه ونظرا لألمهية التي تكتسيها العمليات االنتخابية‪ ،‬وما خلفته ممارستها من اهتامم عىل املستوى‬

‫((( أمينة جربان‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬يف كل من القانون الفرنيس واملرصي واملغريب‪ ،‬جملة الشؤون اإلدارية‪ ،‬العدد ‪.6‬‬
‫((( توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫((( نفس املرجع أعاله‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫((( توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬

‫‪30‬‬
‫�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء‬

‫الترشيعي والفقهي والقضائي فضال عن الرأي العام‪ ،‬فإننا سنخصص املطلب الثالث للطعون املتعلقة هبا‪،‬‬
‫رغم أن بعض الفقه يتناوهلا ضمن الطعون ضد القرارات استنادا إىل صفة الطاعن فيها(((‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬الطعون املتعلقة بالقرارات اإلدارية‬
‫يمكن إمجال املصلحة بأهنا توقي رضر قد يلحق الطاعن من جراء القرار املعيب لو بقي بدون إلغاء‪،‬‬
‫سواء كن الرضر حاال أو حمتمال‪ ،‬ماديا أو أدبيا‪ .‬وملا كانت املصلحة يف دعوى اإللغاء ال تستند إىل حق‪،‬‬
‫وإنامإىل صفة ذاتية يف الطاعن‪ ،‬يف مبارشته لنشاطه‪ ،‬فإن هذه الصفات ال يمكن حرصها مقدما‪ ،‬نظرا لتنازع‬
‫املصالح وتعددها‪ ،‬مما يستلزم اإلشارة إىل أهم الصفات البارزة واألكثر تطبيقا يف دعوى اإللغاء(((‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬صفة صاحب امللكية‪ :‬إىل جانب توفر املصلحة لدى املالك يف حالة االعتداء عىل ملكيته‪ ،‬فإن‬
‫مصلحته تتحقق كذلك يف حالة صدور قرار إداري من شأنه أن يتسبب يف وقوع رضر له‪ ،‬ال يصل إىل حد‬
‫االعتداء عىل حق امللكية‪ ،‬بمعنى أن املالك له حق يف أن يطلب إلغاء القرار اإلداري املعيب‪ ،‬لعدم احرتامه‬
‫ملصاحله املرشوعة‪ .‬ومن تطبيقات ذلك ما ذهب إليه جملس الدولة الفرنيس يف حكمه الصادر بتاريخ ‪3‬‬
‫فرباير ‪ 1905‬يف قضية ‪ ،Storck‬وقراره الصادر بتاريخ ‪ 18‬غشت ‪ 1944‬يف قضية ‪ La Garrique‬واللذان‬
‫قبل بمقتضامها الطعون املرفوعة من املالك فيام يتعلق باملنفعة العامة التي حتد أمالكهم‪ ،‬بحيث سمح هلم‬
‫بالطعن يف القرارات التي هتم إعداد الطريق العام أو املتعلقة باستعامله‪ ،‬إذا كان من شأهنا أنتسبب هلم‬
‫مضايقات أو أرضار(((‪.‬‬
‫كام ذهب جملس الدولة املرصي يف حكمه الصادر يف ‪ 24‬ماي ‪ 1975‬بأن تقرير املنفعة العامة ملرشوع‬
‫معني‪ ،‬قرار فردي يمس املركز القانوين الذايت لكل مالك‪ ،‬وأن إضفاء صفة العقار بالتخصيص عىل املنقول‬
‫امللحق بالعقار أساسه مصلحة هذا العقار‪ ،‬واملالك هو الذي يمثل هذه املصلحة(‪.((1‬‬
‫‪ -2‬صفة الساكن‪ :‬إن مصلحة الساكن تتحقق بتواجده داخل إقليم حمدد‪ ،‬وبصفته هذه يمكن الطعن‬
‫يف القرارات اإلدارية التي من شأهنا املس بمصاحله كغريه من سكان هذا اإلقليم‪ ،‬وجملس الدولة الفرنيس‬
‫اكتفى بكون الطاعن ساكنا يف حي ما لتكون له املصلحة يف الطعن يف قرار هيم هذه املنطقة‪ ،‬ففي حكم‬
‫شارع جربييل ‪ Avenue Gabriel‬الصادر يف ‪ 28‬مارس ‪ ،1930‬والذي قبل بموجبه طعنا تقدمت به مجاعة‬
‫من القاطنني يف هذه املنطقة ضد قرار الوايل الذي خول بمقتضاه أحد األفراد ببناء ثالث عامرات عىل حافة‬
‫شارع جربييل معتمدين عىل أن تشييد هذه املباين عىل الوضع املسموح به سيلحق رضرا بمنظر فني نص‬
‫القانون عىل محايته(‪.((1‬‬
‫وقد نحى املجلس األعىل نفس االجتاه‪ ،‬يف حكمه الصادر بتاريخ ‪ 14‬ماي ‪ ،1982‬وهو يفصل يف طعن‬

‫((( سليامن الطاموي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬جملة جملس الدولة املرصي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.149 :‬‬
‫((( نفساملرجع أعاله‪ ،‬ص‪.149 :‬‬
‫((( توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫(‪ ((1‬سليامن الطاموي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬جملة جملس الدولة املرصي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.149‬‬
‫(‪ ((1‬أمينة جربان‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬يف كل من القانون الفرنيس واملرصي واملغريب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.84‬‬

‫‪31‬‬
‫مجلة القضاء االداري ‪ -‬العدد ‪� - 12/11‬شتاء‪/‬خريف ‪2018‬‬

‫مقدم من جمموعة من ساكني أحد أحياء مدينة آسفي ضد قرار املجلس البلدي بإعطاء املوافقة بالبناء ألحد‬
‫مالكي قطع أرضية كائنة بشارع كينيدي‪ ،‬لكونه ضارا وماسا بحقوقهم بصفة مبارشة(‪.((1‬‬
‫واحلقيقة أن هذا القرار مل يمس بحق هلؤالء الطاعنني ولكن مس مصلحة هلم فقط‪ ،‬رغم استعامهلم‬
‫لتعبري « لكونه ماسا بحقوقهم بصفة مبارشة»‪ ،‬وقد ورد بحيثيات هذا القرار‪...»:‬حيث ينعي الطاعنون عىل‬
‫القرار املطلوب إلغائه الشطط يف استعامل السلطة‪ ،‬ذلك أن املجلس البلدي الذي اختذه مل يراع املصلحة‬
‫العامة للسكان‪ ،‬ومل يأخذ بعني االعتبار ما يتطلبه احلفاظ عىل املظهر الالئق واملحرتم للمدينة‪ ،‬وهذا ما‬
‫قرره املهندس البلدي الذي رصح بأن البناء يف القطعة املذكورة سيرض باجلريان‪ ،‬كام أنه سيغري كثريا من‬
‫زينة شارع كينيدي‪ ،‬وهذا ما حدا باملجالس البلدية السابقة إىل رفع املصادقة عىل الرتخيص بالبناء يف‬
‫القطعة املذكورة وما حدا هبذا كذلك إىل تعويض آخرين هلم نفس الوضعية‪ ،‬وإن عدم أخذ املجلس هبذه‬
‫املالحظات جيعل قرارهم متسام بالشطط يف استعامل السلطة مما يستوجب إلغاؤه»(‪.((1‬‬
‫‪ -3‬صفة دافع الرضائب‪ :‬إذا كان دافع الرضيبة ملزم قانونا بدفع الرضيبة خلزينة الدولة أو أحد‬
‫األشخاص املعنوية العامة‪ ،‬ذلك أن بعض الترشيعات جعلت من التهرب الرضيبي جريمة معاقبا عليها‪،‬‬
‫فإنه من املنطقي إتاحة الفرصة له يف مراقبة رصف األموال العامة – كنوع من الرقابة املالية الغري املبارشة‪-‬‬
‫وإذا كان الشك يف توافر مصلحته بصدد منازعات الرضائب والرسوم املتصلة بصحة أو مرشوعية ربط‬
‫الرضائب وفرض الرسوم‪ ،‬فإن التساؤل يطرح حول مدى مصلحته للطعن يف القرارات اإلدارية املتعلقة‬
‫(‪((1‬‬
‫بإنفاق أموال بطريق الرضائب والرسوم‪ ،‬أي األموال العامة بصفته مموال فقط؟‬
‫لقد تطور القضاء الفرنيس يف هذا الصدد إىل حد عمد فيه إىل قبول دعوى اإللغاء املرفوعة ضد قرارات‬
‫اهليئات الالمركزية هبذا الشأن‪ ،‬اعتامدا عىل أن دافع الرضيبة له مصلحة بوصفه هذا‪ ،‬رغم الرقابة املفروضة‬
‫عىل هذه اهليئات من قبل اهليئات املركزية –أجهزة الوصاية‪ -‬ذلك أن هذه الرقابة تبقى غري ناجحة يف‬
‫أحيان كثرية‪ ،‬كام أن دافع الرضيبة له حقيقة مركزا خاصا إزاء القرار املعيب‪ ،‬فهذا ملزم بأن يقدم للهيئة‬
‫ما حتتاج إليه من موارد‪ ،‬وأن مصلحته تبقى متميزة عن مصلحة اهليئة الالمركزية التي تتخذ القرار‪ ،‬وهذا‬
‫ما تبناه جملس الدولة الفرنيس يف قراره الشهري ‪ Casanova‬والذي تتلخص وقائعه يف كون املجلس البلدي‬
‫‪ Olmeto‬أصدر قرار بإحداث منصب طبيب مجاعي يتقاىض راتبا قدره ‪ 2000‬فرنك يؤدى له من ميزانية‬
‫اجلامعة‪ ،‬يعهد له مبارشة عالج مرىض البلدة أغنياء كانوا أو فقراء‪ ،‬برشط أن ال يتقاىض منهم أي مقابل بأي‬
‫صفة‪ ،‬وقد اختذ هذا القرار بالرغم من تطوع اثنني من األطباء لعالج فقراء القرية‪ ...‬فاعترب جملس الدولة‬
‫املصلحة متوفرة لدى الطاعن بصفته دافعا للرضيبة فقط‪ ،‬وأن له تبعا لذلك الصفة يف رفع الدعوى‪ ،‬كام‬
‫توسع فيام بعد يف اجتاهه هذا ليقبل طعن دافع الرضيبة عىل املستوى اإلقليمي‪ ،‬كام يتضح ذلك من خالل‬
‫حكمه الصادر يف تاريخ ‪ 27‬يناير ‪ 1911‬يف قضية ‪ Richemond‬والذي قىض فيه بإلغاءالقرار الصادر عن‬

‫(‪ ((1‬توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫(‪ ((1‬أمينة جربان‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬يف كل من القانون الفرنيس واملرصي واملغريب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.86‬‬
‫(‪ ((1‬توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬

‫‪32‬‬
‫�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء‬

‫املجلس اإلقليمي‪ ،‬والذي سمح بمقتضاه ألعضاء هذا املجلس بالتنقل بواسطة قطار السكك احلديدية‬
‫عىل حساب ميزانية اإلقليم(‪.((1‬‬
‫لكن رغم هذا التوسع‪ ،‬فإن جملس الدولة الفرنيس مل يصل هبذه الصفة إىل حد ختويل دافع الرضائب‬
‫عىل الصعيد الوطني املصلحة للطعن يف قرار إداري خاص بامليزانية الوطنية‪ ،‬كام هو واضح من قضيتي‬
‫«‪ »Doussal‬و«‪.((1(»Dufour‬‬
‫ويمكن القول‪ -‬كام ذهب إىل ذلك أغلب الفقه‪ -‬رغم مناداته بالتوسع أكثر يف فهم رشط املصلحة‬
‫استنادا إىل صفة الطاعن لتشمل دافع الرضيبة عىل الصعيد الوطني‪ ،‬بسالمة قرار جملس الدولة الفرنيس‬
‫هبذا الشأن‪ ،‬ملا يف ذلك من فتح الباب عىل مرصاعيه للطعون الكيدية من قبل دافعي الرضائب لفائدة‬
‫الدولة(‪.((1‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أن املجلس األعىل باملغرب سلك نفس النهج يف قراره عدد ‪ 60‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 1959/07/16‬قىض فيه‪ ،‬بتوفر رشط املصلحة عىل أساس أن من شأن القرار الذي يقيض بمد ترشيع بفرض‬
‫رضيبة معينة إىل مرتبات وأجور العاملني واألجراء‪ ،‬أن يكلف أعضاء اجلمعية بتحصيل الرضيبة املذكورة‬
‫من عامهلم وتوريدها إىل اإلدارة املختصة‪ ،‬كام يعرضهم لبعض العقوبات املالية إذا أخلوا بالتزاماهتم‪ ،‬فعىل‬
‫الرغم من أن الرضيبة املذكورة ال متس اجلمعية يف ذاهتا‪ ،‬وال يعني ذلك أعضائها بصفة أصلية األمر الذي‬
‫حيملنا عىل القول بأن رشط املصلحة غري متوفر‪ ،‬إال أن الغرفة اإلدارية قضت بتوافرها‪.‬‬
‫ونخلص من هذا‪،‬أن القضاء املغريب قد توسع يف فهم رشط املصلحة‪ ،‬إذ أقرها يف هذا الصدد فقط‬
‫لدافع الرضيبة‪ ،‬وإنام ملحصلها كذلك(‪.((1‬‬
‫‪ -4‬صفة املنتمي لدين معني‪ :‬قد دعت الرشائع الساموية إىل رضورة احرتام العقيدة‪ ،‬وهو ما كرسته‬
‫املواثيق الدولية وكذا الدساتري والترشيعات الوضعية‪ ،‬ومن ثم فإن أي عمل من شأنه املس بحرية العقيدة‬
‫ولو كان قرار صادرا عن اإلدارة‪ ،‬خيول لصاحبها احلق يف االعرتاض عليه‪ ،‬وتكون له املصلحة للطعن‬
‫فيه وهو ما كرسه جملس الدولة الفرنيس يف قرار الصادر بتاريخ ‪ 8‬فرباير ‪ ،1908‬عندما وافق املفوض‬
‫‪ Chardonnet‬فيام ذهب إليه يف قضية ‪ Deliard‬بمناسبة طعن أحد القسس الكاثوليك يف القرار الصادر‬
‫بإغالق كنيسة كاثوليكية‪ ،‬إذ نادى بتوفر املصلحة يف مجيع املنتمني للدين الكاثوليكي‪ ،‬ومل حيرصها يف القس‬
‫الطاعن(‪.((1‬‬
‫أما يف مرص فقد رأت حمكمة القضاء اإلداري يف حكمها الصادر يف ‪ 1952/12/16‬يف القضية عدد ‪615‬‬

‫(‪ ((1‬توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52:‬‬
‫(‪ ((1‬حيث اشرتط جملس الدولة أن يضيف الطاعان صفاة أخرى متيزه عن دافعي الرضائب‪.‬‬
‫(‪ ((1‬سليامن الطاموي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬جملة جملس الدولة املرصي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.160-159‬‬
‫(‪ ((1‬توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫(‪ ((1‬موالي إدريس احلاليب الكتاين‪ :‬مسطرة التقايض يف اإلدارة‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة‬
‫مواضيع الساعة‪ ،‬العدد ‪ ،1997 ،12‬ص ‪.119-118‬‬

‫‪33‬‬
‫مجلة القضاء االداري ‪ -‬العدد ‪� - 12/11‬شتاء‪/‬خريف ‪2018‬‬

‫أنه‪« :‬ما من شك يف أن تعطيل الشعائر الدينية عىل الوجه الوارد يف طلبات املدعي‪ ،‬يتصل بعقيدته وحريته‬
‫ومشاعره‪ ،‬ومن تم يكون ذا مصلحة يف الدعوى»(‪.((2‬‬
‫‪ -5‬صفة ممارس املهنة‪ :‬يكفي أن تتوافر يف الطاعن صفة ممارسته إلحدى املهن سواء كانت جتارية أو‬
‫زراعية أو فنية ختصصية‪ ،‬كمهن الطب واملحاماة واملحاسبة‪ ،‬لتكون له املصلحة يف الطعن ضد القرارات‬
‫اإلدارية املتعلقة بتنظيم املهنة التي يامرسها‪ ،‬متى كانت غري مرشوعة ملخالفتها القانون بام يف ذلك املبادئ‬
‫العامة للقانون‪ ،‬مثل مبدأ حرية التجارة والصناعة ومبدأ حرية العمل(‪.((2‬‬
‫ومن تطبيقات جملس الدولة الفرنيس يف هذا الصدد‪ ،‬حكمه الصادر يف ‪ 5‬ماي ‪ 1899‬يف قضية ‪:Cook‬‬
‫وكان يتعلق بطلب إلغاء قرار تعسفي صادر عن عمدة نيس ينظم التجول وحيدد األماكن التي جيوز أن‬
‫تقف فيها العربات التي كانت جترها اجلياد‪ ،‬مما حد من نشاط رشكة كوك التجارية‪ ،‬فقرر املجلس بأن هلا‬
‫املصلحة يف الطعن(‪.((2‬‬
‫كام أن جملس الدولة املرصي قبل الطعون املقدمة من طرف مماريس مهنة معينة يف عدة أحكام من بينها‬
‫حكمه الصادر بتاريخ ‪ ،1973/2/27‬والذي أكد فيه عىل أن للمتجرين واملستوردين للسلع صفة ومصلحة‬
‫يف طلب إلغاء قرار وزير التموين بحظر االجتار يف السلع الكاملية واالستهالكية املستوردة‪ ،‬ألن االجتار يف‬
‫هذه السلع مل يكن حمظورا‪.‬‬
‫فمن خالل هذه األحكام يتضح بأن قضاء اإللغاء يعتد باملصلحة االقتصادية ويعتربها كافية للطعن يف‬
‫القرارات اإلدارية املشوبة بعيب من عيوب املرشوعية(‪.((2‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أنه اقترصنا يف غالب األحول عىل اجتهادات جملس الدولة الفرنيس واستئناسا بام‬
‫ذهب إليه القضاء املرصي أحيانا أخرى‪ ،‬وذلك راجع لقلة اجتهادات القضاء املغريب إن مل نقل انعدامه‬
‫والذي يعود أساسا إىل انعدام اجلرأة والشجاعة لدى املواطنني لرفع مثل هذه الدعاوى‪.‬‬
‫وصفوة ما يمكن أن نختم به هذا املطلب‪ ،‬هو ما خلص إليه الدكتور سليامن الطاموي‪ ،‬من أن املصالح‬
‫التي تعد بمثابة ثروة عامة للجميع يصعب حرصها‪ ،‬ويبقى للقضاء أمر حتديدها ذلك أن ما سبق ذكره من‬
‫صفات ليست لوحدها التي ختول للطاعن املصلحة يف رفع الدعوى‪ ،‬بل إهنا ال تقع حتت حرص‪ ،‬وتبقى‬
‫القرارات املاسة بامتيازات امللكية أو التجارة أو الصناعة أودين معني‪ ...‬الخ‪ ،‬متعلقة بمن تتوافر فيهم هذه‬
‫الصفات‪ ،‬ومن ثم فإقرار القضاء بمصلحتهم يف رفع الدعوى ال ينطوي عىل التوسع(‪.((2‬‬
‫وإنام يتجىل التوسع يف صفة دافع الرضائب والساكن وكذلك بالنسبة لصفة الناخب‪ ،‬إذ أن االعرتاف‬
‫هبا يف دعوى اإللغاء من شأنه أن حيوهلا إىل دعوى شعبية(‪. ((2‬‬

‫(‪ ((2‬سامي مجال الدين‪ :‬الدعاوى اإلدارية واإلجراءات أمام القضاء اإلداري‪ -‬دعاوى اإللغاء‪ ،‬منشاة املعارف‪ ،‬االسكندرية‪،‬‬
‫الطبعة ‪ ،1991‬ص ‪.107-106‬‬
‫(‪ ((2‬نفس املرجع أعاله‪ ،‬ص ‪.105‬‬
‫(‪ ((2‬سليامن الطاموي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬جملة جملس الدولة املرصي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.160-159‬‬
‫(‪ ((2‬حممد عبد السالم خملص‪ :‬نظرية املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬مطبعة دار الفكر العريب‪ ،‬الطبعة ‪ ،1981‬ص ‪.175‬‬
‫(‪ ((2‬توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫(‪ ((2‬سليامن الطاموي رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬جملة جملس الدولة املرصي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.159 :‬‬

‫‪34‬‬
‫�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء‬

‫املطلب الثاين‪ :‬الطعون املتعلقة بالعقود اإلدارية‬


‫يبعد القضاء كل طعن باإللغاء ضد القرارات التي تصدرها اإلدارة واملرتبطة بحقوق املتعاقد‬
‫الشخصية أو الذاتية‪ ،‬ويعتربها تدخل يف اختصاص القضاء الكامل‪ ،‬سواء تعلق األمر بتحديد األسعار‬
‫والرسوم‪ ،‬أو بشأن املبالغ املستحقة للمتعاقد‪ ،‬أو تلك املتعلقة بالعقوبات التي تنزهلا اإلدارة عىل املتعاقد‬
‫نتيجة إخالله ببند من بنود العقد أو بااللتزامات الواردة يف كناش التحمالت‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬هناك استثناءات‬
‫ختول لذوي املصلحة توجبه طعوهنم باإللغاء ضد القرارات اإلدارية اخلارجة عن نطاق العقد أو تلك التي‬
‫هتم املتعاقدين ذوي املراكز التنظيمية ‪ .‬لكن هل هذه االمكانية متاحة لألغيار الذين قد يلحقهم الرضر من‬
‫(‪((2‬‬
‫جراء تنفيذ العقد؟‬
‫إن اإلدارة قد تتخذ قرارات إدارية بغري صفتها التعاقدية –استنادا إىل سلطتها الطبيعية‪ -‬ترتبط بتنفيذ‬
‫العقد أو إهنائه‪ ،‬إال أهنا متس باملراكز القانونيةللمتعاقدين معها‪ ،‬وبصفة مبارشة‪ ،‬وبذلك بكون هلم احلق‬
‫اعتامدا عىل مصاحلهم الشخصية املبارشة‪ ،‬يف الطعن فيها باإللغاء لتجاوز السلطة‪ .‬كام قد تلجأ بعض‬
‫اجلهات اإلدارية رغم عدم قيام عالقة تعاقدية بينها وبني املعنيني باألمر‪ ،‬إىل اختاذ قرارات إدارية فتتبناها‬
‫جلهة اإلدارية املتعاقدة معهم‪ ،‬ويكون هلم بذلك حق الطعن فيها باإللغاء(‪.((2‬‬
‫وقد كانت اإلرهاصات األوىل هلذا القضاء‪ ،‬حينام صدر قرار للغرفة اإلدارية يف قضية السيد الرشقاوي‬
‫التي تعترب من أوىل القضايا التي عرضت عىل أنظار املجلس األعىل‪ ،‬للنظر يف ذات املوضوع‪ ،‬إذ اعتربت‬
‫أن الطعن الذي تقدم به السيد الرشقاوي يرمي إىل إلغاء القرار القايض بعزله منذ تاريخ ‪ 2‬نونرب ‪ 1959‬من‬
‫عمله كمستخدم باملصلحة املركزية بوزارة الشغل‪ ،‬والشؤون االجتامعية‪ .‬إذ تم توظيفه كعون مؤقت وأن‬
‫رسالة االلتزام التي بمقتضاها تم قبوله تنص عىل هذا االلتزام خيضع لقواعد القانون اخلاص‪ .‬وهكذا‪،‬‬
‫فإن املدعي يوجد يف وضعية أجري خيضع للقانون العام إزاء اإلدارة‪ ،‬وأن النزاعات املثارة بينه وبني مشغله‬
‫يرجع االختصاص فيها إىل املحاكم املختصة يف مادة الشغل‪ .‬وأنه نظرا هلذه الظروف فإن القرار الذي تم‬
‫بمقتضاه عزله‪ ،‬رغم صدوره عن سلطة إدارية‪ ،‬فإنه ليس من قبيل القرارات التي يمكن رفعها مبارشة أمام‬
‫املجلس األعىل بطريق الطعن باإللغاء من أجل الشطط يف استعامل السلطة‪ ،‬طبقا للفصل األول من ظهري‬
‫‪ 2‬ربيع األول ‪ 1377‬املوافق لـ ‪ 27‬شتنرب ‪ 1957‬املتعلق باملجلس األعىل(‪.((2‬‬

‫(‪ ((2‬توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫(‪ ((2‬موالي إدريس احلاليب الكتاين‪ :‬مسطرة التقايض يف اإلدارة‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬ص ‪ .117-116‬راجع‪ :‬حسن صحيب‪ :‬القضاء‬
‫اإلداري املغريب‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة «مؤلفات و أعامل جامعية»‪ ،‬عدد‪ 2008 ،80‬؛ كريم حلرش‪:‬‬
‫القضاء اإلداري املغريب‪ ،‬سلسلة الالمركزية واإلدارة املحلية‪،‬عدد مزدوج ‪ ،17-16‬الطبعة األوىل‪ ،‬مطبعة طوب بريس الرباط‪،‬‬
‫‪ 2012‬؛ اجلياليل أمزيد‪ :‬إجراءات الدعوى اإلدارية ووسائل تقويم االختصاص‪ ،‬يف مباحث يف مستجدات القضاء اإلداري‪،‬‬
‫منشورات املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة «مؤلفات وأعامل جامعية»‪ ،‬عدد ‪ ،50‬الطبعة األوىل‪ 2003 ،‬؛‬
‫(‪ ((2‬م‪ .‬األعىل‪ ،‬غ‪ .‬إد‪ ،‬قرار رقم ‪ ،44‬الصادر بتاريخ ‪ 30‬أبريل‪ ،1959‬أمحد الرشقاوي ضد وزارة الشغل والشؤون االجتامعية‪،‬‬
‫قرارات املجلس األعىل يف املادة اإلدارية ‪ ،1997-1958‬مطبعة املعارف اجلديدة‪ ،‬منشورات املجلس األعىل يف ذكراه‬
‫األربعني‪ ،1997‬ص ‪.15‬‬
‫‪- Arrêt n° 44, 30 avril 1959, dossier n° 627 , Ahmed Cherkaoui c./ Ministre Du Travail et de Question‬‬
‫‪Sociales, R.A.C.S.A,1957-1960, p. 44.‬‬

‫‪35‬‬
‫مجلة القضاء االداري ‪ -‬العدد ‪� - 12/11‬شتاء‪/‬خريف ‪2018‬‬

‫باستقرائنا وتتبعنا الجتهادات الغرفة اإلدارية‪ ،‬يتضح أن القايض اإلداري عمل منذ إحداث الغرفة‬
‫اإلدارية عىل تتبث من وضعية املوظف إزاء اإلدارة‪ .‬ويف هذا الصدد‪ ،‬فإن القايض اإلداري ال يتوانى يف‬
‫توضيح تلك العالقة التي تربط املدعي باإلدارة‪ ،‬فإذا تبني للقايض أن املدعي يعترب عون مؤقت للدولة‬
‫تسمح لإلدارة باالستغناء عنه يف أي وقت تشاء نظرا ملا تقتضيه مصلحة العمل بعد سابق إخبار‪ ،‬حتى‬
‫لو مل يرتكب خطأ من شأنه أن يربر اختاذ عقوبة تأديبية ضده‪ ،‬فإن املقرر املطعون فيه يعترب غري مشوب‬
‫بالشطط يف استعامل السلطة(‪.((2‬‬
‫ويف حالة فصل العون املؤقت عىل العمل بدون سابق إخطار‪ ،‬فيمكنه اللجوء إىل املحكمة املختصة‬
‫لطلب التعويض‪ .‬وهو اليشء الذي أقرته الغرفة اإلدارية يف قرارها‪...»:‬وحيث من جهة أخرى يستنتج‬
‫من نفس الوثائق أن الطاعن بالنسبة اإلدارة يوجد يف وضعية عون مؤقت تبيح لإلدارة فصله عن منصبه‬
‫إذا اقتضت مصلحة العمل ذلك وبعد سابق إخطار‪...‬و حيث إن املستخدم يف حالة فصله عن العمل‬
‫بدون سابق إخطار ال يمكنه إال مطالبة اإلدارة أمام املحكمة املختصة ال أمام املجلس بتعويض عن الرضر‬
‫الالحق له لعدم إعطائه سابق إخطار فإن طلب اإللغاء املرفوع إىل املجلس األعىل غري مقبول»(‪.((3‬‬
‫ولقد علق عىل هذا القرار األستاذ مكسيم أزوالي حيث رأى بأن» قضاء املجلس األعىل يف هذه النازلة‬
‫بعدم قبول طلب اإللغاء بسبب الشطط يف استعامل السلطة املرفوع ضد مقرر الفصل املطعون فيه وذلك‬
‫لعلة أنه بإمكان املعني باألمر مطالبة اإلدارة أمام املحكمة املختصة بتعويض عن الرضر احلاصل له من‬
‫جراء إعفائه من منصبه دون سابق إخطار وواضح أن قضاء املجلس األعىل بام ذكر جمرد تطبيق ملقتضيات‬
‫الفقرة السادسة من الفصل ‪ 14‬من ظهري ثاين ربيع األول عام ‪ 1377‬موافق ‪ 27‬شتنرب ‪ 1957‬املؤسس للمجلس‬
‫األعىل التي تنص رصاحة عىل عدم قبول دعوى اإللغاء ضد املقررات اإلدارية إن كان يف استطاعة املعنيني‬
‫باألمر املطالبة بحقوقهم لدى القضاء الشامل غري أن التعليل املعتمد يف حكم املجلس يثري نقطة ينبغي أن‬
‫ختصص هلا بعض الكلامت فمن هذه الناحية جتدر املالحظة أن العالقة التي تربط طالب اإللغاء بوزارة‬
‫الرتبية الوطنية ختضع ألحكام القانون اخلاص فيام يتعلق بإعفائه من وظيفته ألن رسالة التعهد املوقعة من‬
‫طرف الطالب تنص رصاحة عىل توظيفه كمعلم مؤقت ومن املعلوم أن األعوان املؤقتني بصفة عامة رغم‬
‫مشاركتهم مبارشة يف تسيري املرافق العامة مل ير املرشع العتبارات خمتلفة إخضاعهم ألحكام القانون العام‬
‫واكتفى بوضعهم حتت ظل قواعد القانون اخلاص بحيث إهنم ال يستفيدون من الضامنات املنصوص عليها‬

‫(‪ ((2‬م‪ .‬األعىل‪ ،‬غ‪ .‬إد‪ ،‬قرار عدد ‪ ،46‬الصادر بتاريخ ‪ 25‬نونرب ‪ ،1966‬املعلم العبايس عبد العزيز ضد وزير الرتبية الوطنية‪ ،‬جملة قضاء‬
‫املجلس األعىل‪ ،‬اإلصدار الرقمي‪ ،‬عدد ‪ ،1968 ،2‬ص ‪ 98‬؛ منشور كذلك يف قرارات املجلس األعىل الغرفة اإلدارية ‪-1966‬‬
‫‪ ،1970‬ص ‪ 44‬؛ منشور كذلك يف قضايا اهليأة التعليمية من خالل اجتهادات املجلس األعىل للقضاء واملحاكم اإلدارية‪،‬مطبعة‬
‫النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬منشورات صدى التضامن‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،1999 ،‬ص ‪.224‬‬
‫(‪ ((3‬م‪ .‬األعىل‪ ،‬غ‪ .‬إد‪ ،‬قرار رقم ‪ ،54‬الصادر بتاريخ ‪ 9‬دجنرب ‪ ،1966‬رقيب املعطي ضد النائب اإلقليمي لوزارة الرتبية الوطنية‬
‫بإقليم الدار البيضاء‪ ،‬قرارات املجلس األعىل الغرفة اإلدارية ‪،1970-1966‬كتابة الدولة يف الشؤون اإلدارية‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫‪ ،1983‬مطبعة الرسالة‪ ،‬نرش وطبع مجعية البحوث والدراسات اإلدارية‪ ،‬ص ‪ 55‬؛ منشور كذلك يف قضايا اهليأة التعليمية من‬
‫خالل اجتهادات املجلس األعىل للقضاء واملحاكم اإلدارية‪،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬منشورات صدى التضامن‪،‬‬
‫الطبعة األوىل‪ ،1999 ،‬ص ‪.133‬‬

‫‪36‬‬
‫�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء‬

‫يف القانون األسايس العام للوظيفة العمومية الذي ال ينطبق إال عىل من يتصف بصفة املوظف العمومي‬
‫حسب مفهوم القانون األسايس املشار إليه‪.((3(»...‬‬
‫إضافة إىل ذلك‪ ،‬فإن القايض اإلداري مل يقف عند هذا احلد‪ ،‬بل تعداه إىل إبراز رشط الصفة يف‬
‫املوظف‪ ،‬ألنه ال يقبل الطعن باإللغاء إال من تتوفر فيهم الرشوط املتطلبة لولوج الوظيفة‪ ،‬عىل اعتبار أن‬
‫رشط الصفة يندمج ضمن رشط املصلحة يف رافع دعوى اإللغاء للشطط يف استعامل السلطة‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن‬
‫« جمرد حصول الرضر من قرار إداري ليس رشطا كافيا لقبول الطعن فيه فإذا كان القرار اإلداري كام هو‬
‫الشأن يف النازلة يتعلق بالتعيني يف وظيفة عمومية فإن الطعن فيه باإللغاء ال يقبل إال إذا كان الطاعن يتوفر‬
‫عىل الرشوط املتطلبة لولوج الوظيفة املتبارى يف شأهنا يف حني أن املدعني إنام يؤسسون صفتهم ومصلحتهم‬
‫عىل أهنم من سكان املشيخة املعنية وكانت املحكمة اإلدارية عىل صواب عندما اعتربت أن جمرد اإلقامة يف‬
‫قبيلة ال ختول حق الطعن يف قرار تعيني موظف عام هبا وكان احلكم املستأنف القايض يف مثل هذه احلالة‬
‫بعد القبول االنعدام الصفة واقعا يف حمله»(‪.((3‬وهو نفس التوجه الذي سارت عليه إدارية الرباط يف قضية‬
‫بندري عائشة(‪.((3‬‬
‫كام تتحقق املصلحة لكل املتعاقدين مع املؤسسات الصناعية والتجارية بمن فيهم املستخدمني لدهيا‬
‫سواء كان العقد إداريا أم عاديا(‪ ،((3‬ويمكنهم الطعن باإللغاء ضد القرارات املتخذة من قبل مدراء هذه‬

‫(‪ ((3‬أنظر تعليق األستاذ مسكيم أزوالي عىل القرار األنف الذكر‪ ،‬قرارات املجلس األعىل الغرفة اإلدارية ‪ ،1970-1966‬الطبعة‬
‫األوىل‪ ،‬مطبعة الرسالة‪ ،‬الرباط‪ ،‬يناير‪ ،1983‬ص‪ 57-56 .‬؛ م‪ .‬األعىل‪ ،‬غ‪ .‬إد‪ ،‬قرار رقم ‪ ،62‬الصادر بتاريخ ‪ 24‬فرباير ‪،1967‬‬
‫مرزوق حممد ضد النائب اإلقليمي لوزارة الرتبية الوطنية بفاس وتازة‪ ،‬قرارات املجلس األعىل الغرفة اإلدارية ‪،1970-1966‬‬
‫ص‪ 70 .‬؛ م‪ .‬األعىل‪ ،‬غ‪ .‬إد‪ ،‬قرار ‪ ،199‬الصادر بتاريخ ‪ ،1976/6/15‬غنام عبد احلميد ضد وزير السكنى والتعمري واملحافظة‬
‫عىل البيئة الطبيعية‪ ،‬جملة قضاء املجلس األعىل‪ ،‬اإلصدار الرقمي‪ ،‬عدد ‪ ،26‬ص ‪.133‬‬
‫(‪ ((3‬م‪ .‬األعىل‪ ،‬غ‪ .‬إد‪ ،‬قرار رقم ‪ ،516‬الصادر بتاريخ ‪ ،1996/6/27‬انرشيفي حممد ومن معه ضد عامل إقليم بوملان‪ ،‬جملة قضاء‬
‫املجلس األعىل‪ ،‬اإلصدار الرقمي‪ ،‬عدد ‪ ،51‬ص ‪ 68‬؛ م‪ .‬األعىل‪ ،‬غ‪ .‬إد‪ ،‬قرار عدد ‪ ،627‬الصادر بتاريخ ‪ ،96/8/8‬املجلة‬
‫املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،20-21‬ص ‪.135‬‬
‫(‪ ((3‬م‪ .‬إد‪ ،‬الرباط‪ ،‬حكم عدد ‪ ،169‬الصادر بتاريخ ‪ 5‬فرباير ‪ ،1998‬عائشة بندري ضد وزير الشؤون اخلارجية والتعاون‪ ،‬املجلة‬
‫املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،24‬ص‪ 152 .‬؛ م‪ .‬إد‪ ،‬مكناس‪ ،‬حكم رقم ‪ 3/99/25‬غ‪ ،‬الصادر بتاريخ ‪،99/3/11‬‬
‫جملة املحاماة‪ ،‬عدد ‪ ،13‬ص ‪ 129‬؛ م‪ .‬إد‪ ،‬مراكش‪ ،‬حكم عدد ‪ ،140‬الصادر بتاريخ ‪ ،2001/10/31‬املجلة املغربية لإلدارة‬
‫املحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،45-44‬ص ‪.180‬‬
‫(‪ ((3‬راجع‪ :‬اجلياليل أمزيد‪ :‬إجراءات الدعوى اإلدارية ووسائل تقويم االختصاص‪ ،‬يف مباحث يف مستجدات القضاء اإلداري‪،‬‬
‫منشورات املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة «مؤلفات وأعامل جامعية»‪ ،‬عدد ‪ ،50‬الطبعة األوىل‪ 2003 ،‬؛ مجال‬
‫الدين زهري‪ -‬حممد األعرج‪ :‬النظام القانوين للمقاوالت العامة باملغرب‪ ،‬املعهد املغريب للكتاب‪ 1997،‬؛ حممد األعرج‪ :‬التنظيم‬
‫القانوين للمؤسسات العمومية التجارية والصناعية باملغرب‪ ،‬مطبعة دار النرش اجلسور‪ ،‬وجدة‪ 2000 ،‬؛ مليكة الرصوخ‪ :‬النظام‬
‫القانوين للمقاوالت العمومية والوطنية والدولية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األوىل‪ 1991 ،‬؛‬
‫عبد الوهاب رافع ‪:‬مقاضاة الدولة واملؤسسات العمومية يف الترشيع املغريب‪ ،‬دراسة تطبيقية‪ ،‬املطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪،‬‬
‫الطبعة األوىل‪ 1987 ،‬؛ عبد الوهاب رافع ‪ -‬جليلة البشريي توفيق‪ :‬الدعاوى اإلدارية يف الترشيع املغريب‪ ،‬املطبعة والوراقة‬
‫الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة األوىل‪ 1998 ،‬؛ أمال املرشيف‪« :‬نزاعات العاملني لدى املؤسسات العمومية االقتصادية واالجتامعية بني‬
‫القضاء اإلداري والقضاء العادي»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬عدد ‪ ،1998 ،14‬ص ‪-49‬‬
‫‪ 65‬؛أمال املرشيف‪« :‬النزاعات املتعلقة بالوضعية الفردية للموظفني والعاملني يف مرافق الدولة واجلامعات املحلية واملؤسسات‬
‫العمومية»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،1999 ،26‬ص ‪ 44-31‬؛ اجلياليل أمزيد‪« :‬إشكالية تطبيق املسطرة‬
‫املدنية يف جمال املنازعات اإلدارية «‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،36‬يناير‪-‬فرباير ‪ ،2001‬ص ‪ 30-11‬؛ اجلياليل‬

‫‪37‬‬
‫مجلة القضاء االداري ‪ -‬العدد ‪� - 12/11‬شتاء‪/‬خريف ‪2018‬‬

‫املؤسسات‪ ،‬والتي من شأهنا املس بمراكزهم القانونية كالترسيح أو احلرمان من الرتقية أو التوقيف‬
‫املؤقت(‪.((3‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬الطعون االنتخابية‬
‫إذا كانت العملية االنتخابية هتم كل ناخب‪ ،‬وذلك بإبداء رأيه يف مدى صالحية وأهلية الشخص‬
‫املرتشح لتويل تسيري الشأن العام املحيل أو الوطني‪ ،‬فإن هذه الصفة –أي الناخب‪ -‬تكون كافية لتوفر‬
‫املصلحة يف الطعن يف القرارات اإلدارية غري املرشوعة املتصلة بعملية االنتخاب(‪ .((3‬سواء تعلق األمر‬
‫بالتسجيل يف اللوائح االنتخابية‪ ،‬أو بالتقطيع الرتايب للدوائر االنتخابية‪ ،‬مرورا باحلملة االنتخابية‪ ،‬وعملية‬
‫التصويت إىل اإلعالن عن النتائج‪ ،‬ذلك أن املراحل التي متر منها االنتخابات تتميز بكثرة املتدخلني‪،‬‬
‫كام أنه يكون لإلدارة دور بارز يف سري وتنظيم العملية االنتخابية‪ ،‬ويتأتى هلا ذلك من خالل إصدارها‬
‫للقرارات اإلدارية املتعلقة هبذه العملية طبقا إلجراءات ينص عليها القانون‪ ،‬إال أنه يف حالة ما إذا تم‬
‫خرق القانون يطرح اإلشكال يف معرفة من له احلق يف الطعن أمام القضاء اإلداري لطلب مراقبة رشعية‬
‫العملية االنتخابية‪ .‬هل يمنح هذا احلق لكل ناخب‪ ،‬أم أنه قارص عىل املرتشح املنافس للفائز يف االنتخابات‬
‫املشوبة بعيب اإلخالل بالقاعدة القانونية؟‪ ،‬وهل يكون ذلك عن طريق دعوى اإللغاء أم عن طريق دعوى‬
‫االنتخابية‪ ،‬هذه األخرية التي ختتلف عن األوىل من حيث الطبيعة واإلجراءات‪ ،‬واألطراف عىل الرغم‬
‫من تطابقهام من حيث اهلدف وهو محاية املرشوعية والقانون بمفهومه الواسع‪ .‬وذلك بإلغاء القرارات‬
‫واإلجراءات املخالفة مل ينص عليه القانون(‪.((3‬‬
‫وبالرجوع إىل االجتهاد القضائي الفرنيس‪ ،‬فإنه يف بادئ األمر مل يكن يقبل الطعون املتعلقة‬
‫باالنتخابات يف إطار دعوى اإللغاء‪ ،‬معتمدا يف ذلك عىل فكرة الطعن املقابل‪ .‬ذلك أن معظم القرارات‬
‫املتعلقة باالنتخابات جيب أن يطعن فيها أمام قايض االنتخابات‪ ،‬عند الطعن يف عملية االنتخاب كلها‪.‬‬
‫واستقر عىل هذا االجتاه إىل أن قبل طعون األفراد املتعلقة بقرارات تقسيم الدوائر االنتخابية‪ ،‬باعتبارهم‬
‫ناخبني وكانت نقطة التحول هذه بحكمه الصادر يف ‪ 7‬غشت ‪ 1903‬يف القضية املشهورة باسم ‪Chabot‬‬
‫‪ .‬وقد استقبل الفقهاء هذا التحول بكل اغتباط وربط العميد هوريو بني حكم كازانوفا (املتعلق بدفع‬
‫الرضائب)‪ ،‬وحكم شابو‪ ،‬مكررا قوله السابق من أن دعوى اإللغاء ال هتدف إىل جمرد تطبيق القانون لكن‬
‫إىل حسن سري اإلدارة(‪.((3‬‬
‫ويف مرص فقد قبل القضاء اإلداري الطعون املرفوعة سواء من طرف الناخبني أو من طرف املرشحني‪.‬‬

‫أمزيد‪« :‬رشط انتفاء الدعوى املوازية يف املنازعات اإلدارية»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪،‬‬
‫‪ ،1996‬عدد ‪ ،6‬ص ‪.27-3‬‬
‫(‪ ((3‬توفيق االطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫(‪ ((3‬سامي مجال الدين‪ :‬الدعاوى اإلدارية واإلجراءات أمام القضاء اإلداري‪ -‬دعاوى اإللغاء‪ ،‬ص ‪.107‬‬
‫(‪ ((3‬توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.58 :‬‬
‫(‪ ((3‬سليامن الطاموي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬جملة جملس الدولة املرصي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.164‬‬

‫‪38‬‬
‫�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء‬

‫ففي حكم ملحكمة القضاء اإلداري‪ ،‬الصادر بتاريخ ‪ ،1951/12/27‬قضت بأن‪« :‬للناخب املصلحة يف أن‬
‫تكون عملية االنتخاب قد متت وفقا للقانون»‪.‬ويف حكمها الصادر بتاريخ ‪ 1950/12/12‬اعتربت «أن قيد‬
‫اسم املدعي بكشف املرشحني للعمدية كاف وحده العتباره ذا مصلحة شخصية جدية يف الدعوى بالطعن‬
‫باإللغاء يف قرار تعيني العمدة»(‪.((3‬‬
‫أما يف املغرب‪ ،‬فإن الطعون االنتخابية تقدم بواسطة دعوى االنتخابات‪ ،‬هذه األخرية التي تنتمي إىل‬
‫ما يسمى بالقضاء الشامل‪ ،‬وليس بواسطة دعوى اإللغاء‪ ،‬وهذا ما استقر عليه املجلس األعىل منذ وقت‬
‫مبكر‪ .‬ففي قراره الصادر بتاريخ ‪ 1969/2/21‬يف قضية بنشقرون وموالي إدريس ملراين اعترب «بأن املنازعة‬
‫االنتخابية املقدمة بناء عىل الفصل ‪ 14‬من املرسوم امللكي املؤرخ ب ‪ 1963-8-6‬بشأن انتخاب ممثيل القضاة‬
‫باملجلس األعىل للقضاء ال تتعلق بإلغاء مقرر إداري صادر عن سلطة إدارية بسبب الشطط يف استعامل‬
‫السلطة بل تدخل يف نطلق القضاء اإلداري الكامل»(‪.((4‬وأن ذات القاعدة تقف عليها مقررة يف القرار‬
‫الصادر عنه ‪ 15‬دجنرب ‪ 1964‬يف قضية عبد الرفيع بوعبيد وعبد السالم بناين ومن معه الذي جاء فيه»بأن‬
‫الدعوى التي رفعها عبد الرفيع بوعبيد طاعنا يف صحة االنتخابات تدخل يف نطاق القضاء الكامل‪ ،‬وبالتايل‬
‫ال يمكن اعتبارها متعلقة بالشطط يف استعامل السلطة»‪ .‬ولعل موقف املجلس األعىل هذا يتأسس عىل‬
‫فكرة وجود الطعن املقابل – الدعوى املوازية‪ -‬من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانية عىل الرأي القائل بأن الدعوى‬
‫االنتخابية ال تعترب دعوى إلغاء باملفهوم التقني هلذا املصطلح ألهنا ال هتدف إىل إلغاء قرار إداري إذ ال‬
‫وجود إلرادة اإلدارة يف العملية االنتخابية(‪ ،((4‬حتى يمكن وصف نتيجتها بقرار إداري فضال عن وجود‬
‫متايز بني االجراءات االنتخابية ونتائجها عن القرار اإلداري إذ األوىل من فعل الناخب أما الثانية من صنع‬
‫اإلدارة‪ ،‬وأن األوىل هتم احلياة اليومية للناخب وأن الثاين قذ ال هيم الشخص املعني إال يف جزيئة صغرية‬
‫من حياته(‪.((4‬‬
‫إال أنه وعىل الرغم من وجاهة هذا الرأي‪ ،‬فإنه ال يمكن تطبيقه عىل اطالقه‪،‬ذلكأنه يف إطار العملية‬
‫االنتخابية يمكن لإلدارة أن تصدر قرارات بشكل منفرد يمكن الطعن فيها باإللغاء وليس يف إطار الدعوى‬
‫االنتخابية‪ ،‬ولعل أهم هذه القرارات قرار رفض تسجيل الناخبني باللوائح االنتخابية‪ ،‬وكذا عدم قبول‬
‫تسجيل املرشحني باإلضافة إىل قرارات تقسيم املدن إىل دوائر انتخابية حيث كانت القرارات متسمة بعيب‬
‫من عيوب املرشوعية فإنه يمكن الطعن فيها باإللغاء كلام توفرت مصلحة املعني باألمر يف ذلك(‪.((4‬‬
‫ومهام يكن من أمر‪ ،‬فإن القضاء املغريب وبالرغم من قبوله للطعون االنتخابية يف إطار القضاء الشامل‬
‫وليس يف إطار قضاء اإللغاء‪ ،‬فإنه توسع يف فهم رشوط املصلحة يف هذه الطعون‪ ،‬كام استقر عىل ذلك‬
‫االجتهاد القضائي الفرنيس بالنسبة للمصلحة يف إطار دعوى اإللغاء‪ ،‬والذي عزز ذلك هو أن املادة ‪ 70‬من‬

‫(‪ ((3‬سامي مجال الدين‪ :‬الدعاوى اإلدارية واإلجراءات أمام القضاء اإلداري‪ -‬دعاوى اإللغاء‪ ،‬ص ‪.108‬‬
‫(‪ ((4‬جملة القضاء املجلس األعىل‪ ،‬العدد ‪ ،19‬ص ‪.55‬‬
‫(‪ ((4‬قرار منشور بمجلة رابطة القضاة‪ ،‬السنة الثالثة‪ ،‬العدد األول‪ ،1966 ،‬ص ‪.15‬‬
‫(‪ ((4‬توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.60 :‬‬
‫(‪ ((4‬نفس املرجع أعاله‪ ،‬ص ‪.60‬‬

‫‪39‬‬
‫مجلة القضاء االداري ‪ -‬العدد ‪� - 12/11‬شتاء‪/‬خريف ‪2018‬‬

‫مدونة االنتخابات اجلديدة منحت احلق يف تقديم الطعن لكل من له مصلحة يف ذلك‪،‬أي أن مناط قبول‬
‫الطعن االنتخايب يعترب حسب املرشع هو قيام املصلحة يف ذلك الطعن بالنظر إىل الطاعن‪ ،‬وال حيرص القانون‬
‫دائرة ذوي الصفة إال يف دائرة ذوي املصلحة(‪ ،((4‬وهذا ما أكدته املحكمة اإلدارية بوجدة يف ملف رقم‬
‫‪ 03-788‬ش خ حكم رقم ‪ 775‬الذي جاء فيه ‪« :‬حيث إنه فيام خيص مصلحة الطاعنني يف الطعن يف انتخاب‬
‫الرئيس ومساعديه رغم أهنم مل ينافسوهم عىل مناصبهم ؛ فإنه ما دامت الضامنة الوحيدة ملراقبة مدى سالمة‬
‫ورشعية كل اإلجراءات والقرارات املتخذة يف إطار العملية االنتخابية تتمثل يف الطعون االنتخابية أمام‬
‫القضاء اإلداري‪ ،‬وأن القرارات واإلجراءات السالفة الذكر هلا ارتباط متني بالنظام العام‪،‬وهتدف أساسا‬
‫إىل حتقيق املصلحة العامة وبالتايل ال ينبغي حرص مصلحة األعضاء يف الطعن يف أي عملية انتخابية بمدى‬
‫توفرهم عىل مصلحة ذاتية‪ ،‬مادام األعضاء املذكورين ال يمثلون أنفسهم باملجلس‪ ،‬وإنام يمثلون ناخبيهم‬
‫ومن مصلحة هؤالء أن يكون مكتب جملسهم اجلامعي مشكال طبقا ملا يقتضيه القانون‪ ،‬ومسريا من طرف‬
‫أشخاص مؤهلني لذلك‪ .‬وهذا ما جيعلهم حمقني يف الطعن يف انتخاب الرئيس طبقا ملقتضيات مدونة‬
‫االنتخابات‪ .‬فمن خالل هذين احلكمني‪،‬يتأكدأن القضاء اإلداري املغريب توسع يف فهم رشط املصلحة يف‬
‫الدعوى االنتخابية‪ ،‬عىل الرغم من عدم قبول الطعون املتعلقة هبا يف إطار دعوى اإللغاء‪ ،‬وهو ما جيعلها‬
‫تقريبا متامثلة مع دعوى اإللغاء يف رشوط ممارستها‪ ،‬خاصة فيم يرجع لتحديد األشخاص الذين حيق هلم‬
‫الطعن يف العمليات االنتخابية‪ ،‬وكذلك كون النزاع يف كل من الدعويني يكون موضوعه ال يتعلق بحقوق‬
‫شخصية‪ ،‬وإنام ينرصف النظر إىل مراقبة توفر الرشعية من عدمها يف موضوع كل منهام‪ ،‬فضال عن إعفائهام‬
‫من أداء الرسوم القضائية(‪.((4‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬الطعون املتعلقة باملوظفني‬
‫يقصد بطعون املوظفني هنا تلك التي يثريوهنا استنادا إىل هذه الصفة‪ ،‬والذي يدعو إىل دراسة‬
‫املصلحة التي تربر الطعن يف هذه احلالة‪ ،‬هي تلك العالقة الوثيقة التي تربط املوظف باإلدارة‪ ،‬فاملوظف‬
‫يف احلقيقة هو اإلدارة ألنه لساهنا املعرب‪ ،‬ويدها املنفذة‪ ،‬وال يمكن أن نغفل تلك الصالت فيام يتعلق‬
‫بقبول دعوى اإللغاء(‪.((4‬‬
‫ولعل التطور الذي طرأ عىل نشاط الدولة التي أصبحت تتدخل يف كثري من املجاالت‪،‬أدى إىل تضخم‬
‫عدد املوظفني العموميني العاملني يف خمتلف املرافق‪ ،‬كام أدى إىل ازدياد عدد النصوص املنظمة للوظيفة‬
‫العمومية وتعقدها‪ ،‬وهو ما يربر كثرة املنازعات التي تثار يف قطاع الوظيفة العمومية بالقياس إىل باقي‬

‫(‪ ((4‬املرجع أعاله‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬


‫(‪ ((4‬توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .61 :‬راجع‪ :‬أمال املرشيف‪« :‬محاية احلقوق واحلريات بالتقييد القضائي لسلطة اإلدارة التقديرية «‪ ،‬ندوة‬
‫«القضاء اإلداري ومحاية احلقوق واحلريات باملغرب» التي انعقدت بوجدة‪ ،‬يومي ‪6‬و‪ 7‬أبريل‪ ،1995‬جملة الدراسات القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتامعية‪ ،‬مطبعة شمس بوجدة‪ ،‬عدد خاص ص‪ 162 .‬؛ منشور كذلك يف املجلة املغربية لإلدارة املحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬عدد ‪،13‬أكتوبر‪-‬دجنرب‪ ،1995 ،‬ص ‪ 62 - 49‬؛احلسني الرامي‪« :‬آليات التوظيف يف اإلدارة العمومية وسؤال النجاعة‬
‫والفعالية»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،106-105‬يوليوز – أكتوبر‪ ،2012 ،‬ص ‪ 186-175‬؛‬
‫(‪ ((4‬سليامن الطاموي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬جملة جملس الدولة املرصي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.181‬‬

‫‪40‬‬
‫�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء‬

‫املنازعات األخرى‪ ،‬ألن فئة كبرية من املوظفني هم أكثر املوظفني وعيا بحقوقهم‪ ،‬وحرصا عىل محايتها‬
‫واملطالبة هبا‪ ،‬إذا ما تعرضت لالنتهاك(‪.((4‬‬
‫واحلامية التي توفرها دعوى اإللغاء اعتامدا عىل رشط املصلحة‪ ،‬ذات أوجه متعددة فمنها ما يتعلق‬
‫بالطعون املوجهة ضد التعيينفي الوظيفة العمومية‪ ،‬ومنها ما يتعلق بحقوق وواجبات املوظف‪ ،‬ومنها ما‬
‫يتصل بتنظيم املرفق الذي ينتمي إليه املوظف‪ ،‬ذلك أن اإلدارة تكون ملزمة باحرتام الضوابط والقواعد‬
‫القانونية املتعلقة بالتعيني يف الوظيفة العمومية معتمدة يف ذلك عىل عنرصي الكفاءة واملساواة‪ ،‬كام أهنا‬
‫ملزمة باحرتام حقوق وواجبات املوظف‪ ،‬وكذلك الضوابط املتعلقة بتنظيم املرفق العمومي‪ ،‬وإال‬
‫تعرضت لإللغاء(‪.((4‬‬
‫وألجل ذلك‪ ،‬سنقسم هذا املبحث إىل قسمني‪ ،‬نخصص األول (للطعون املتعلقة بالتعيني يف الوظيفة‬
‫العمومية)‪ ،‬والثاين (للطعون املتعلقة بحقوق وواجبات املوظف)‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬الطعون املتعلقة بالتعيني يف الوظيفة العمومية‬
‫من خالل تتبع أحكام واجتهادات القضاء اإلداري يف كل من فرنسا ومرص واملغرب‪ ،‬يتبني أن هذا‬
‫القضاء قد توسع يف فهم رشط املصلحة املربرة لقبول طلبات الطعن باإللغاء ضد القرارات اإلدارية املعيبة‪،‬‬
‫ومن بني هذه الطعون ؛ ما يتعلق بالتعيني يف الوظيفة العمومية‪ ،‬ذلك ألن طرق التعيني والرشوط املتطلبة‬
‫يف كل طريقة خمتلفة عن بعضها البعض‪ ،‬وهو ما يؤدي إىل تنوع املصالح يف الطعن ضد قرارات التعيني‬
‫كلام كانت خمالفة لألنظمة والقوانني اجلاري هبا العمل يف ميدان الوظيفة العمومية‪ ،‬وهو ما انعكس بدوره‬
‫عىل مستوى أحكام قضاء اإللغاء يف حتديد املصالح املعتربة يف الطعن ضد قرارات التعيني‪ .‬مع البحث عن‬
‫قاعدة يمكن االستقرار عليها بشأن رشط املصلحة يف هذا النوع من الطعون‪ ،‬فإن كانت القاعدة العامة‬
‫املستقرة عليها حاليا بشأن رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء هي املصلحة الشخصية املبارشة‪ ،‬دون أن تستند‬
‫إىل حق تم االعتداء عليه‪ ،‬فإنه من خالل استقراء أحكام القضاء اإلداري يتبني أن املصلحة يف الطعن ضد‬
‫قرارات التعيني تتوفر كلام كان الطاعن (املوظف) مستوفيا لرشوط التعيني(‪.((4‬‬

‫(‪ ((4‬عبد اهلل حداد‪ :‬القضاء اإلداري املغريب عىل ضوء القانون املحدث للمحاكم اإلدارية‪ ،‬مطبعة منشورات عكاظ‪ ،‬الطبعة ‪،1994‬‬
‫ص‪.132:‬‬
‫(‪ ((4‬توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .62 :‬راجع‪ :‬احلسن سيمو‪« :‬السلطة التقديرية لإلدارة ورقابة القضاء اإلداري عليها»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة‬
‫املحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،13‬أكتوبر‪ -‬ديسمرب ‪ ،1995‬ص ‪ 48-31‬؛احلسن سيمو‪« :‬القرار اإلداري واملصلحة العامة»‪ ،‬املجلة‬
‫املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،18‬مارس‪-‬يونيو ‪ ،1997‬ص ‪ 108-83‬؛ احلسن سيمو‪« :‬تطور قضاء اإللغاء لدى‬
‫الغرفة اإلدارية باملجلس األعىل»‪ ،‬يف عمل املجلس األعىل والتحوالت االقتصادية واالجتامعية‪ ،‬أشغال الندوة ختليدا للذكرى‬
‫األربعني لتأسيس املجلس األعىل‪ 20-18 ،‬دجنرب ‪ ،1997‬ص ‪ 410-395‬؛ منشور كذلك يف املجلة املغربية لإلدارة املحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬عدد ‪،23‬أبريل‪-‬يونيو‪ ،1998 ،‬ص ‪ 40-27‬؛احلسن العفو‪« :‬احلكم يف دعوى اإللغاء بني النظرية والتطبيق»‪ ،‬املجلة‬
‫املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،37‬مارس‪-‬أبريل‪ ،2001‬ص ‪ 62-43‬؛ امليلود بوطريكي‪« :‬حمتوى ونتائج إلغاء القرارات‬
‫اإلدارية يف قضاء الوظيفة العمومية»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،64‬شتنرب‪-‬أكتوبر ‪ ،2005‬ص ‪ 44-35‬؛‬
‫(‪ ((4‬توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬

‫‪41‬‬
‫مجلة القضاء االداري ‪ -‬العدد ‪� - 12/11‬شتاء‪/‬خريف ‪2018‬‬

‫ومن أحكام جملس الدولة الفرنيس التي أرست هذا االجتاه‪ ،‬حكم ‪ Lot‬يف ‪ 11‬دجنرب ‪ ،1903‬وتتلخص‬
‫وقائع القضية يف أن السيد ‪ Lot‬رفع طعنا ضد قرار تعيني أحد املوظفني مديرا ملصلحة حفظ الوثائق‬
‫القديمة‪ ،‬باعتباره هو أوىل هبذا التعيني بكونه موظفا يف املركز الوطني حلفظ الوثائق القديمة‪ ،‬ويستويف‬
‫كل الرشوط‪ ،‬وقد قبل جملس الدولة الطعن –وإن رفض الدعوى موضوعا‪ ،-‬وقد جاء حيثيات احلكم‬
‫عىل الشكل التايل‪ »:‬حيث إن املادة ‪ 7‬من مرسوم ‪ 14‬ماي ‪ 1887‬تقتيض أن املوظفني يف املركز الوطني حلفظ‬
‫الوثائق القديمة عدا األمناء‪ ،‬يعتربون مؤهلني للتعيني يف مركز دارس للوثائق القديمة‪ ،‬وأن هلم حق مانع‬
‫(أو مطلق) يف احلصول عىل هذه الوظائف‪ ،‬فإن السيد ‪ Lot‬بناء عىل صفته كدارس للوثائق القديمة له‬
‫مصلحة شخصية للطعن يف أي تعيني تم باملخالفة للمقتضيات السابقة»(‪.((5‬‬
‫وبعد ما قبل هذ املجلس دعوى اإللغاء اعتامدا عىل املصلحة اجلامعية لتربير قبول الطعن ضد قرارات‬
‫التعيني‪ ،‬وكان ذلك يف حكميه ‪ Lot-Molinie et autres‬ويف قضية ‪ Savaty‬الصادرين عىل التعاقب سنة‬
‫‪ ،1904-1903‬وكان الطعن فيهام منصبا عىل تعيينات متت خمالفة للقانون‪ ،‬إال أنه رسعان ما تراجع جملس‬
‫الدولة الفرنيس عن هذا االجتاه وعاد لفكرة املصلحة بمعناها الضيق‪ ،‬بمعنى أن املوظف الذي يريد أن‬
‫يطعن يف قرار يتعلق بالوظيفة بشكل عام‪ ،‬جيب عليه أن تثبت أن هناك مصلحة شخصية حمققة أو حمتملة‬
‫ستعود عليه من اإللغاء غري تلك املصلحة املستمدة من فكرة الدفاع عن املصلحة اجلامعية التي يستوي فيها‬
‫كل املوظفني‪ ،‬وبالنسبة للطعن يف قرارات التعيني فإنه حرصها يف صفة املوظفني التابعني للمصلحة التي هبا‬
‫هذه الوظيفة وأن يكون من نفس اإلطار املعني فيها وأن يلحق هذا التعيني رضرا بالطاعن(‪.((5‬‬
‫وهذا ما أكده يف حكمه الصادر يف ‪ 1918/03/22‬يف قضية ‪ Rascol‬والذي جاء فيه‪ »:‬للموظفني بحكم‬
‫تبعيتهم إلدارة عامة واحدة صفة يف الطعن أمام جملس الدولة يف قرارات التعيني والرتقية التي تتم داخل‬
‫اإلدارة التابع هلا املوظف عىل أن تكون هذه القرارات صادرة برتقيات إىل درجتهم أو درجة أعىل‪ ،‬إذ قد‬
‫يكون من شأن هذه القرارات أن تأخر ترقيتهم بدون مربر قانوين‪ ،‬أو جتعل هلم عىل األقل منافسني يف‬
‫الرتقية للمناصب األعىل ممن ال تتوفر فيهم الرشوط القانونية‪ ،‬ولكن ليس هلؤالء املوظفني أية مصلحة‬
‫يف الطعن بإلغاء التعيينات أو الرتقيات ولو كانت خمالفة للقانون مادام مل يرتتب عليها اإلرضار هبم»(‪.((5‬‬
‫أما بالنسبة للقضاء اإلداري املرصي‪ ،‬فهو كذلك يعتمد املبدأ القايض برضورة استيفاء الطاعن‬
‫الرشوط املتعلقة بالتعيني يف الوظائف العامة لتكون له املصلحة يف الطعن ضد قرارات التعيني‪ ،‬وهذا‬
‫ما أكدته املحكمة اإلدارية العليا يف حكمها الصادر يف ‪ 1948/06/22‬الذي جاء فيه‪« :‬ومن حيث إنه ‪...‬‬
‫قد جرى قضاء هذه املحكمة عىل أنه جيب أن يكون رافع الدعوى يف حالة قانونية خاصة بالنسبة للقرار‬
‫املطعون فيه من شأهنا أن جتعله مؤثرا تأثريا مبارشا يف مصلحة شخصية له‪ ،‬ومن ثم ال يقبل طلب إلغاء‬
‫القرار الصادر بالتعيني يف وظيفة من الوظائف العامة ممن ال تتوفر فيهم الرشوط الالزمة للتعيني فيها‪،‬‬
‫وتطبيقا كذلك هلذا املبدأ‪ ،‬قرر أن الطعن يف القرارات الصادرة بالتعيني يف وظائف العمد‪ ،‬قارص عىل من‬

‫(‪ ((5‬أمينة جربان‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬يف كل من القانون الفرنيس واملرصي واملغريب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.66 :‬‬
‫(‪ ((5‬توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.64 :‬‬
‫(‪ ((5‬سليامن الطاموي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬جملة جملس الدولة املرصي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.188‬‬

‫‪42‬‬
‫�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء‬

‫تتوفر فيهم رشوط الرتشيح للعمدية‪ .‬وأضاف إىل ذلك بأن املرشح لوظيفة العمدية جيب أن يكون مدرجا‬
‫يف كشوف الناخبني أو املرشحني(‪ .((5‬وهو ما أدى إىل املزيد من التضييق بشأن املصالح املعتربة يف الطعن‬
‫يف قرارات التعيني‪.‬‬
‫أما يف املغرب‪ ،‬فقد طرحت أمام القايض اإلداري منازعات كثرية وعديدة ومتنوعة‪ ،‬تتعلق بالتعيني يف‬
‫الوظيفة العمومية خصوصا إذا تم عن طريق االختيار بتنظيم مباراة يشارك فيها كل من استوىف الرشوط‬
‫املطلوبة لذلك‪.‬‬
‫ويعترب سن التعيني يف الوظيفة من األمور املهمة التي وضحت بنصوص قانونية‪ .‬ففي قضية عالل‬
‫بن محو‪ ،‬اعترب‪ ،‬االطالع عىل اإلعالنني اللذين قامت بنرشمها الغرفة واملطلوبة يف الطعن توظيف مهندس‬
‫دولة‪ ،‬يتبني بأن اإلعالن األول والذي تم عىل إثره انتقاء الطاعن‪ ،‬مل يتضمن أية إشارة إىل سن املرشح‪،‬‬
‫بخالف اإلعالن الثاين الذي أشري فيه أال يزيد سن املرشح عن أربعني سنة‪ ،‬وحيث إنه فضال عن ذلك‬
‫كان عىل اإلدارة أن تدرس ملف الطاعن وتتأكد من عدم توفره عىل مجيع الرشوط وختربه بعدم قبول طلب‬
‫ترشيحه لتجاوزه السن القانوين ملشاركته يف االنتقاء واجتيازه له بتفوق‪ .‬وحيث إن اإلدارة رغم اشرتاطها‬
‫يف اإلعالن الثاين أال يزيد سن املرشح عن أربعني سنة‪ ،‬ورغم علمها اليقيني بأن الطاعن الذي مل يتقدم‬
‫بأي طلب ترشيح عمره يفوق السن املذكور‪ ،‬قامت بتوجيه استدعاء إليه للمشاركة يف االنتقاء الثاين اليشء‬
‫الذي جيعل موقفها من رشط السن غري قائم عىل أساس ويشوبه نوع من التناقض‪ .‬وحيث إنه من جهة‬
‫أخرى وبالرجوع إىل الرسالة التي بمقتضاها طلب وزير الصناعة من الوزير األول الرتخيص لتوظيف‬
‫الطاعن يتبني أن الرتخيص بالتوظيف عىل الرغم من جتاوز السن القانوين قد سبق اعتامده لفائدة حاميل‬
‫الشهادات العليا‪ ،‬وحيث بذلك يكون القرار القايض برفض توظيف الطاعن رغم ما يتمتع به من مؤهالت‬
‫علمية عالية ورغم اجتازه لالنتقاء املنظم من طرف اإلدارة املطلوبة يف الطعن بنجاح‪ ،‬وبالرغم من حصوله‬
‫عىل ترخيص بالتوظيف استثناء من املقتضيات النظامية املتعلقة برشط السن‪ ،‬قرار يف غري حمله‪ ،‬اليشء‬
‫الذي يتعني معه الترصيح بإلغائه مع ترتيب ما جيب عن ذلك من آثار قانونية(‪.((5‬‬
‫كام اعتربت إدارية مكناس يف قضية حممد اهلاليل يارس‪ ،‬أن قرار السيد الوزير التعليم العايل بإلغاء‬
‫املباراة املجراة لتوظيف مساعدين للتعليم بكلية اآلداب بالقنيطرة‪ ،‬إذ أن التذرع بمبدأ املساواة وتكافؤ‬
‫الفرص إللغاء مباراة توظيف يتعارض والقوانني التي نظمت يف إطارها‪ ،‬وأن عدم تقييد القرار املطعون‬
‫فيه بالقانون وال باهلدف اخلاص الذي صدر من أجله وهو تنظيم املباراة بالشكل الذي حيفظ حقوق املعنيني‬
‫هبا ومنهم الطاعن‪ ،‬فإن إلغائها ألجل املنفعة العامة يشكل مساسا باهلدف الذي خصص هذا القرار الذي‬
‫تم رضب فحواه مع التظاهر باحرتام مقاصده‪ ،‬مما يشكل جتاوزا واضحا للسلطة(‪.((5‬‬

‫(‪ ((5‬نفس املرجع أعاله‪ ،‬ص ‪.192-191‬‬


‫(‪ ((5‬م‪ .‬إد‪ ،‬مراكش‪ ،‬حكم رقم ‪ ،7‬الصادر بتاريخ ‪ ،2000/01/26‬عالل بن محو ضد رئيس غرفة التجارة والصناعة العرصية‬
‫واخلدمات لوالية مراكش‪ ،‬جملة املحامي‪ ،‬عدد ‪ ،37‬ص ‪.136‬‬
‫(‪ ((5‬م‪ .‬إد‪ ،‬مكناس‪ ،‬حكم صادر بتاريخ ‪ ،2003/01/02‬اهلاليل حممد يارس ضد وزير التعليم العايل‪ ،‬جملة القسطاس‪ ،‬عدد ‪ ،5‬ص‪.‬‬
‫‪ ،290‬عن عبد الوهاب رافع‪ :‬نزاعات الوضعية الفردية للموظفني والعاملني باإلدارة العمومية من خالل العمل القضائي‪،‬‬
‫الطبعة األوىل‪ ،‬مطبعة الوراقة الوطنية مراكش‪ ،2006 ،‬ص ‪.166‬‬

‫‪43‬‬
‫مجلة القضاء االداري ‪ -‬العدد ‪� - 12/11‬شتاء‪/‬خريف ‪2018‬‬

‫ويف قضية بن عزيز بلخرض‪ ،‬قضت إدارية مراكش بإلغاء قرار وزير الرتبية الوطنية القايض برفض‬
‫طلب الطاعن الرتخيص له باجتياز املباراة ولوج املعهد الوطني للتهيئة والتعمري‪ ،‬وذلك بعلة أن النيابة‬
‫التي يعمل هبا تعاين خصاصا يف األطر الرتبوية‪ .‬وقد اعتمدت املحكمة يف إلغائها للقرار الصادر عن وزير‬
‫الرتبية بأن السامح للموظف باجتياز املباراة ال يعني التخيل عنه وحل عالقة الوظيف التي تربطه هبا‪ ،‬األمر‬
‫الذي جيعل السبب املعتمد يف القرار غري جدي(‪.((5‬‬
‫ثم البد من توفر الصفة ورشط املصلحة يف رفع الدعوى‪ ،‬باإلضافة إىل الرشوط املتطلبة لولوج‬
‫الوظيفة املتبارى بشأهنا‪ .‬ألن جمرد حصول الرضر من قرار إداري ليس رشطا كافيا لقبول الطعن فيه‪ ،‬فإذا‬
‫كان القرار اإلداري كام هو الشأن يف النازلة يتعلق بالتعيني يف وظيفة عمومية‪ ،‬فإن الطعن فيه باإللغاء ال‬
‫يقبل إال إذا كان الطاعن يتوفر عىل الرشوط املتطلبة لولوج الوظيفة املتبارى يف شأهنا‪ .‬يف حني أن املدعيني‬
‫إنام يؤسسون صفتهم ومصلحتهم عىل أهنم من سكان املشيخة املعنية‪ ،‬وكانت املحكمة اإلدارية عىل‬
‫صواب عندما اعتربت أن جمرد اإلقامة يف قبيلة ال ختول حق الطعن يف قرار تعيني موظف عام هبا‪ ،‬وكان‬
‫احلكم املستأنف القايض يف مثل هذه احلالة بعدم القبول االنعدام الصفة واقعا يف حمله»(‪.((5‬‬
‫غري أن املحكمة اإلدارية بوجدة كان هلا رأي آخر‪ ،‬خصوصا يف قضية حلومي بنارص‪ ،‬حينام تبني هلا‬
‫أن الصفة املذكورة أصبحت للمدعي منذ تاريخ نرش املرسوم املحدث هلا باجلريدة الرسمية عدد ‪5082‬‬
‫بتاريخ ‪ ،2003/02/23‬وأن عدم حتيني اإلدارة املدعى عليها مللفات موظفيها داخل أجل معقول يعترب‬
‫تقصريا منها وتتحمل مسؤولية األرضار الناجتة عن ذلك‪ ،‬ومن جهة أخرى وكام جاء يف كتابات املدعي‬
‫فإن السيد النائب اإلقليمي لوزارة الرتبية الوطنية املدعى عليها مل يرجع طلب الرتشيح إىل املدعي قبل‬
‫تاريخ إجراء االمتحان حتي يمكنه من سلوك املساطر القانونية‪،‬كام أنه مل يرسله إىل جلنة االمتحان بعد‬
‫تضمينه للمالحظة التي يراها مناسبة‪ ،‬وإنام التزم الصمت بشأنه مما يعد خطأ مرفقيا تتحمل اإلدارة‬
‫مسؤوليته‪ »:‬وحيث إن هذا اخلطأ نتج عنه رضر املدعي يتجىل يف تفويت فرصة اجتياز املباراة أو‬
‫االمتحان‪ ،‬وأنه بغض النظر عام إذا كان سينجح أو ال ينجح يف هذا االمتحان فإنه يبقى حمق يف التعويض‬
‫عن الرضر احلاصل له»(‪.((5‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬الطعون املتعلقة بحقوق وواجبات املوظف‬
‫من املعلوم أن األصل يف العالقات التي تربط بني األفراد واجلامعات‪ ،‬هو أهنا ترتب حقوقا تقابلها‬
‫واجبات‪ ،‬أو ما يعرب عنه يف القانون املدين بااللتزامات التبادلية‪ ،‬وهو نفس اليشء الذي ينطبق عىل عالقة‬

‫(‪ ((5‬م‪ .‬إد‪ ،‬مراكش‪ ،‬حكم الصادر بتاريخ ‪ ،2004/06/30‬بن عزيز بلخرض ضد وزير الرتبية الوطنية ؛ منشور يف كتاب عبد‬
‫الوهاب رافع‪ :‬نزاعات الوضعية الفردية للموظفني والعاملني باإلدارة العمومية من خالل العمل القضائي‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫مطبعة الوراقة الوطنية مراكش‪ ،2006 ،‬ص ‪.168‬‬
‫(‪ ((5‬م‪ .‬األعىل‪ ،‬غ‪ .‬إد‪ ،‬قرار رقم ‪،516‬أنرشيف حممد سبق ذكره ؛ م‪ .‬إد‪ ،‬مكناس‪ ،‬حكم رقم ‪ 7/2005/387‬ش‪ ،‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ ،2005/11/24‬عبد اإلله ادقاقي ضد اجلامعة احلرضية ملكناس‪ ،‬املجلة املغربية للمنازعات القانونية‪ ،‬عدد ‪ ،8-7‬ص ‪.292‬‬
‫‪ ((5(58‬م‪ .‬إد‪ ،‬وجدة‪ ،‬ملف رقم ‪ 2006/25‬ش‪.‬ت‪ ،‬حكم رقم ‪ ،203‬الصادر بتاريخ ‪ 02‬رجب ‪ 1427‬موافق ‪ 28‬يوليوز ‪،2006‬‬
‫حلومي عبد النارص ضد النائب االقليمي لوزارة الرتبية الوطنية لبوعرفة وفكيك‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء‬

‫املوظف باإلدارة التي ينتمي إليها بمعنى أن له حقوق جتاه اإلدارة‪ ،‬كام أن عليه واجبات يتعني عليه مراعاهتا‬
‫واخلضوع هلا وذلك بتنفيذها كام تنص عليها األنظمة والقوانني والتعليامت املوجهة له من السلطة الرئاسية‪.‬‬
‫ولعل ما يميز القرارات املتعلقة بحقوق وواجبات املوظف‪ ،‬هو مرافقتها طيلة حياته العملية‪ ،‬بل منها‬
‫ما يرافقه حتى عند إحالته عىل التقاعد ‪-‬القرارات املتعلقة باملعاش‪ ،-‬وما يميزها أيضا هو أهنا تستهدف‬
‫املوظف يف حد ذاته أي أن أثرها يقترص عىل املعني باألمر ألن صفته كوظف جتعله يف مركز خاص ‪-‬عكس‬
‫باقي املوظفني‪ -‬إزاء القرار املطعون فيه مما خيوله مصلحة كافية للطعن باإللغاء ضد القرارات التي‬
‫تستهدفه غري أن هذه القرارات املتعددة‪ ،‬ويمكن تصورها يف أي وضعية يكون عليها املوظف لذا سوف‬
‫نبني املصلحة من الطعن ضد تلك القرارات املتعلقة بحقوق املوظف وواجباته‪ ،‬من خالل أهم الطعون‬
‫التي عرضت عىل القضاء للبت فيها‪ ،‬مع تبيان كيفية تعامله مع رشط املصلحة بصددها(‪.((5‬‬
‫‪ -1‬املنازعات اخلصة بالوضعية املادية–املالية للموظف‪:‬‬
‫وتتعلق باملرتبات واملعاشات واملكافآت املستحقة للموظفني العموميني‪ ،‬بحيث جيوز للموظف العام‬
‫متى كانت له مصلحة أن يطعن يف هذه القرارات‪.‬‬
‫ومن ذلك ما قضت به حمكمة القضاء اإلداري املرصية بجلسة ‪ 1980/5/8‬بأن‪« :‬للمدعي مصلحة‬
‫حمققة‪ ،‬وهي أنه يف حالة احلكم لصاحله‪ ،‬يستحق الفروق املالية الناجتة عن إعادة تسوية حالته‪ ،‬واعتباره‬
‫مرقى للفئة الثالثة من ‪ .1973-12-31‬وبالتايل يتعني رفض الدفع بعدم قبول الدعوى النتفاء رشط‬
‫املصلحة»(‪.((6‬‬
‫وكذلك ما قضت به املحكمة اإلدارية العليا بتاريخ ‪« :1965/2/27‬بأن الدفع بانتفاء املصلحة تأسيسا‬
‫عىل كون القرار املطعون فيه قد انتهى أثره بمدة الوقف املحددة فيه‪ ،‬مردودا بأن مصلحة الطاعن متمثلة‬
‫يف استحقاق املرتب كله أو بعضه‪ ،‬إذا أجابته املحكمة إىل طلبه»‪.‬وقضت املحكمة اإلدارية العليا بتاريخ‬
‫‪« :1963/5/11‬بأن الدفع بعدم قبول الدعوى النعدام املصلحة فيها لبلوغ املطعون عليه سن التقاعد بعد‬
‫رفعها‪ ،‬وبالتايل فال جدوى من طلب إلغاء القرار الصادر بإحالته إىل املعاش‪ ،‬هذا الوجه مردود عليه بأن‬
‫مصلحة املطعون عليه تتمثل يف الفرق بني مرتبه ومعاشه من ‪ 1959/3/3‬إىل غاية ‪ ،1959/7/12‬وهو ما‬
‫ال يتأتى التوصل إليه إال بإلغاء القرار الصادر بإحالته إىل املعاش قبل بلوغه السن القانونية‪ ،‬ومن ثم يكون‬
‫هذا الوجه غري مستند إىل أساس صحيح من القانون»‪.‬‬
‫وبالنسبة للمجلس األعىل باملغرب‪ ،‬فإنه محاية للوضعية املالية للموظف‪ ،‬يقبل الطعون املتعلقة بذلك‪،‬‬
‫وممن قراراته بشأن املرتبات‪ ،‬القرار عدد ‪ 541‬بتاريخ ‪ 1965/12/22‬الذي أكدت بموجبه الغرفة اإلدارية أن‬
‫قرار وزير الداخلية القايض برفض تسديد مرتب الطاعن عن فرتة توقيفه عن العمل‪ ،‬يعترب مشوب بعدم‬

‫(‪ ((5‬توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.65‬‬
‫(‪ ((6‬حممد عبد السالم خملص‪ :‬نظرية املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬ص ‪.213‬‬

‫‪45‬‬
‫مجلة القضاء االداري ‪ -‬العدد ‪� - 12/11‬شتاء‪/‬خريف ‪2018‬‬

‫الرشعية ألن قرار املجلس التأديبي مل ينص إال عىل حرمانه من املكافآت ملدة ستة أشهر‪ ،‬وكذلك قرار عدد‬
‫‪ 193‬بتاريخ ‪.((6(1991/6/27‬‬
‫‪ -2‬املنازعات املتعلقة باحلق يف الرتقية واالمتيازات املخولة للموظف‪:‬‬
‫تعترب الرتقية من أهم االمكانيات املتاحة للموظف‪ ،‬ولإلدارة كذلك لتحسني أداء عمل املوظف‬
‫ووضعيته املادية‪ ،‬كلام كان هذا األخري تتوفر فيه رشوط الرتقية وذلك اعتامدا عىل جمموعة من العنارص‬
‫أمهها األقدمية والتنقيط(‪.((6‬‬
‫وإذا كان حق الرتقية مقيد برشوط ومؤهالت جيب توفرها يف املوظف‪ ،‬فإنه متى تم التأكد من وجود‬
‫هذه الرشوط إال ويصبح حق الرتقية مطلقا‪ ،‬خاصة إذا ما عملت اإلدارة عىل ختطي املعني باألمر عند البت‬
‫يف الرتقيات‪ ،‬أو قامت بتعيني شخص يف منصب يطمح إليه وتتوفر فيه رشوط هذا التعيني‪ ،‬ومصلحة‬
‫املوظف يف الطعن يف هذا النوع من القرارات واضحة عىل اعتبار أنه يطالب بحق‪ ،‬إال أن اإلدارة تتمسك‬
‫بسلطتها التقديرية يف هذا املجال‪ .‬وعىل الرغم من ذلك فإن القضاء يلغي القرارات املتعلقة بالرتقية كلام‬
‫مست موظف هو أحق هبا‪ ،‬وهذا ما أكده جملس الدولة الفرنيس يف حكمه الصادر يف ‪ 25‬نونرب ‪1932‬‬
‫يف قضية ‪ Girolami‬وذلك بقوله‪ ...»:‬إنه جيوز الطعن يف التعيينات أو الرتقيات إىل درجة أقل من درجة‬
‫الطاعن يف نفس املصلحة‪ ،‬إذا كان من شأن هذه التعيينات أو الرتقيات أن ختلق للطاعن منافسا بالنسبة‬
‫لرتقية الحقة‪.((6(»...‬‬
‫وقضت املحكمة العليا اإلدارية املرصية بتاريخ ‪ 1979/4/19‬بأنه‪« :‬ملا كان املدعي أقدم من بعض‬
‫املرقني‪ ،‬وال يقل كفاءة عنهم فإنه يكون أحق بالرتقية‪ ،‬وهبذه املثابة فإن للمدعي مصلحة واضحة ومبارشة‬
‫يف طلب إلغاء القرار‪.((6(»...‬‬
‫كام قضت حمكمة القضاء اإلداري املرصي بتاريخ ‪ 1980/5/29‬بأنه‪« :‬ومن حيث إن املدعي يؤسس‬
‫دعواه عىل أنه أقدم من املطعون عىل ترقيتهام يف شغل الفئة السابقة عىل الفئة املرقى إليها‪ ،‬وأنه مستوف‬
‫لرشوط شغل الوظيفتني املطعون فيهام‪ ،‬ومن ثم تكون له مصلحة شخصية ومبارشة يف الطعن يف القرار‪.»...‬‬

‫(‪ ((6‬توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.66 :‬‬
‫(‪ ((6‬راجع ‪:‬املصطفى الدحاين‪« :‬دعاوى التسوية الفردية للموظفني بني قضاء اإللغاء والقضاء الشامل وسلطة املحكمة بشأهنا»‪،‬‬
‫جملة املحاكمة‪ ،‬عدد ‪ ،8-7‬أبريل‪ ،2010‬ص ‪ 135-107‬؛ منشور كذلك يف املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪،89‬‬
‫نونرب‪-‬دجنرب ‪ ،2009‬ص ‪ 48-29‬؛ العريب مياد‪« :‬إشكالية التنقيط يف الوظيفة العمومية»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،36‬يناير‪ -‬فرباير ‪ ،2001‬ص ‪ 69-57‬؛ يوسف اليحياوي‪« :‬توجهات االجتهاد القضائي املغريب يف شأن محاية‬
‫حقوق املوظفني – ميداين الرتقية والنقل»‪ ،‬يف‪« :‬تثمني املوارد البرشية»‪ ،‬بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتامعية بوجدة‪،‬‬
‫يناير ‪ ،2006‬ص ‪ 495-479‬؛ موالي إدريس احلاليب الكتاين‪ »:‬الرتقية الداخلية للموظفني من الناحية القانونية»‪ ،‬املجلة املغربية‬
‫لإلدارة والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،27‬أبريل‪-‬يونيو ‪ ،1999‬ص ‪ 25-17‬؛ موالي إدريس احلاليب الكتاين‪« :‬القضاء وتطور مبدأ حقوق‬
‫الدفاع يف قطاع الوظيفة العمومية»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،29‬أكتوبر‪-‬دجنرب ‪ ،1999‬ص ‪30-21‬‬
‫؛موالي إدريس احلاليب الكتاين‪« :‬ترقية املوظفني باالختيار بني تقدير و تقييد رجل اإلدارة»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،27‬أبريل‪-‬يونيو ‪ ،1999‬ص ‪ 35-27‬؛‬
‫(‪ ((6‬سليامن الطاموي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬جملة جملس الدولة املرصي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.189-188‬‬
‫(‪ ((6‬حممد عبد السالم خملص‪ :‬نظرية املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬ص ‪.216‬‬

‫‪46‬‬
‫�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء‬

‫وال يشرتط يف املصلحة أن تكون ثمة فائدة مالية من الرتقية ليقبل الطعن‪ ،‬وهذا ما قضت به املحكمة‬
‫اإلدارية العليا بمرص يف حكم صادر بتاريخ ‪ 27‬يونيو ‪ »: 1976‬بأن الرتقية التي جييز القانون الطعن يف‬
‫القرارات الصادرة هبا‪ ،‬يندرج يف مدلوهلا تعيني املوظف يف وظيفة تعلو بحكم طبيعتها الوظيفية التي‬
‫يشتغلها يف مدارج السلم اإلداري‪ ،‬وإن مل يصاحب ذلك نفع مادي‪»...‬‬
‫أما يف املغرب‪ ،‬فقد انطرحت مسألة الرتقية أمام القضاء اإلداري‪ ،‬ونالحظ أن املوظف املعني يبارش‬
‫نشاطاته الوظيفية‪ ،‬ويأخذ درجة حمددة يف السلم الرتتيبي للوظائف‪ ،‬هي غالبا ما تكون أول درجة يف السلم‬
‫اإلداري لإلطار الذي ينتمي إليه‪ .‬وبعد قضائه فرتة التدريب يرسم حيث يعهد له بدرجة داخل السلم‬
‫اإلداري‪ ،‬ويصبح لديه حقوق أكثر مما كان وهو يف وضعية متدرب‪ .‬وترقية املوظف عادة تتم يف حالتني‪:‬‬
‫فقد يرقى من درجة إىل أخرى يف نفس اإلطار الذي ينتمي إليه‪ ،‬حيث يرتتب عنها زيادة بسيطة يف الراتب‪،‬‬
‫أو يرقى يف الرتبة‪ ،‬يسمح له بموجبها أن ينتقل من إطار إىل آخر‪ ،‬حيث تتوسع نشاطاته اإلدارية ويزداد‬
‫راتبه أكرب من ترقيته من درجة إىل أخرى(‪.((6‬‬
‫ومن املؤكد أن لإلدارة سلطة تقديرية يف ترقية املوظفني‪ ،‬إال أن هذا ال يعني أن لإلدارة احلرية املطلقة‬
‫يف ذلك بال ضابط وال مراقب‪ ،‬وإنام يف حدود سلطتها‪ .‬وتتمثل يف عدم إساءة استعامهلا‪ ،‬أو بمعنى آخر عدم‬
‫االنحراف يف استعامهلا‪ ،‬وأن احلد الطبيعي لتلك السلطة التقديرية جتدها يف الغاية التي أملتها‪ ،‬وهي اختيار‬
‫الكفء واألصلح للرتقية‪ .‬فاإلدارة تقدر بدون معقب عليها عنارص الكفاءة‪ ،‬والصالحية عند ترجيح‬
‫موظف عىل آخر‪ ،‬وتعتمد يف هذا الرتجيح عىل وقائع صحيحة تؤدي إليه‪ ،‬لكن دون اخلرق بمبدأ املساواة‬
‫بني املوظفني(‪.((6‬‬
‫وعىل هذا األساس‪ ،‬فقد رفضت الغرفة اإلدارية طلب حممد بن عيسى‪ ،‬القايض بإلغاء املقرر الصادر‬
‫عن وزارة الفالحة‪ ،‬برفضها ضمنيا طلب تقييده يف الئحة الرتقي إىل إطار كاتب باملحافظة‪ ،‬رغم كونه‬
‫مستوفيا للرشوط بعلة أن املقتضيات القانونية املستند إليها مل يمتد مفعوهلا إال إىل غاية دجنرب ‪ .1960‬لذلك‪،‬‬
‫رفضت اإلدارة هذا الطلب ألنه جاء متأخرا عن أوانه‪ ،‬وأن اإلدارة مل ترتكب شططا يف استعامل السلطة‬
‫خالفا ملا يدعيه الطالب(‪.((6‬‬
‫ولتبيان عمل االجتهاد القضائي اإلداري يف هذا املوضوع‪ ،‬خصوصا عىل مستوى املحاكم اإلدارية‪،‬‬
‫فنجدها اختذت نفس املنحى والتوجه واملسار الذي سلكه املجلس األعىل يف مراقبة قرارات الرتقية‪ .‬ففي‬
‫قضية إدريس بن دحو‪ ،‬قضت إدارية مراكش بأن‪»:‬ممثل اإلدارة املدعى عليها كلف وأمهل إلحضار امللف‬

‫(‪ ((6‬موالي إدريس احلاليب الكتاين‪« :‬األخالقيات يف اإلدارة العمومية»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،24‬يوليوز‪-‬‬
‫شتنرب ‪ ،1998‬ص ‪.15‬‬
‫(‪ ((6‬مصطفى الرتاب‪« :‬نامذج من املنازعات اإلدارية يف جمال الوظيفة العمومية ودعوى القضاء الشامل»‪ ،‬أشغال املدارسات‬
‫املنظمة حول موضوع‪« :‬املنازعات اإلدارية» وزارة الوظيفة العمومية واإلصالح اإلداري‪ ،1998 ،‬ص ‪ 128‬؛ منشور هذا‬
‫املقال حتت عنوان‪« :‬املنازعات اإلدارية يف جمال الوظيفة العمومية»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة «مواضيع‬
‫الساعة»‪ ،‬عدد ‪ ،1998 ،14‬ص ‪.45‬‬
‫(‪ ((6‬م‪ .‬األعىل‪ ،‬غ‪ .‬إد‪ ،‬قرار رقم ‪ ،6‬الصادر بتاريخ ‪ 26‬يناير ‪ ،1968‬حممد بن عيسى ضد وزير الفالحة‪ ،‬قرارات املجلس األعىل‬
‫‪ ،1970-1966‬ص‪ 116 .‬؛ منشور كذلك يف جملة قضاء املجلس األعىل‪ ،‬اإلصدار الرقمي‪ ،‬عدد ‪ ،7‬ص‪.98 .‬‬

‫‪47‬‬
‫مجلة القضاء االداري ‪ -‬العدد ‪� - 12/11‬شتاء‪/‬خريف ‪2018‬‬

‫اإلداري والوثائق املتعلقة بعدم ترقية املدعي حلد اآلن بقصد اعتامدها واالنطالق منها يف املناقشة أثناء‬
‫البحث مع الطرفني فإنه مل يفعل واكتفى بمجرد عموميات دون أن ينازع أو يعارض يف التنقيط اجليد‬
‫الذي أكد املدعي أنه كان حيصل عليه بامتياز اليشء الذي إنام يفيد أن وضعية املدعي ظلت جممدة طيلة‬
‫الفرتة السابقة من حياته اإلدارية لوظيفته بدون أي سبب يربر ذلك كام يفيد إمهال وتقصري اإلدارة يف تتبع‬
‫الوضعية اإلدارية للمدعي حيث ثبت أنه مل يكن يدرج بجدول الرتقية باستثناء سنة ‪ 1998‬فقط»(‪.((6‬‬
‫‪ -3‬املنازعات اخلاصة بكيفية أداء املوظف لواجباته‬
‫هذه القرارات وإن كانت يف طبيعتها تتعلق بتنظيم املرفق وليس باملوظف‪ ،‬إال أهنا يمكن أن تستهدفه‪.‬‬
‫وجملس الدولة الفرنيس يقرر بالنسبة هلا باستمرار بأنه ال صفة للموظف للطعن فيها‪ ،‬ذلك ألن واجب‬
‫املوظف وما يستلزمه من طاعة‪ ،‬يقتيض أن يؤدي مهام وظيفته يف احلدود التي ترسمها القوانني واللوائح‪.‬‬
‫ومن التطبيقات الشائعة هلذا املبدأ‪ ،‬أن املوظفني ال مصلحة هلم –بناء عىل صفة التوظيف‪ -‬يف الطعن يف‬
‫القرارات التي تصدر من رؤسائهم اإلداريني متضمنة أوامر وتعليامت توضح كيفية تنفيذ واجباهتم(‪.((6‬‬
‫وعىل الرغم من استقرار جملس الدولة الفرنيس عىل هذا االجتاه‪ ،‬فإنه يف بعض األحكام قبل الطعون‬
‫املتعلقة بكيفية أداء واجبات املهنة‪ ،‬واعترب املصلحة قائمة للطعن يف قراراهتا‪ .‬ومن أحكامه يف هذا الصدد‪،‬‬
‫حكمه الصادر يف ‪ 4‬يونيو ‪ 1969‬يف قضية ‪ Poulon‬جاء فيه‪« :‬بأن الطبيب املسؤول عن قسم االستقبال يف‬
‫مستشفى ريفي‪ ،‬له مصلحة يف طلب إلغاء القرار اخلاص بمضاعفة اخلدمات الطبية يف قسم االستقبال‪،‬‬
‫ألن هذا القرار من طبيعة حتمل املساس بحقوق وامتيازات الطاعن‪ .»...‬وأيضا احلكم الصادر يف ‪ 3‬ماي‬
‫‪ 1974‬يف قضية ‪« : Dame Badinier‬بأن ألطباء التخدير بعض الوقت يف مستشفى استقبال مصلحة يف‬
‫الطعن يف قرار اللجنة اإلدارية بتحديد جدول ساعات عملهم»(‪.((7‬‬
‫‪ -4‬املنازعات املتعلقة بتوقيع اجلزاءات التأديبية وقرارات النقل‪:‬‬
‫بالنسبة للقرارات املتعلقة باجلزاءات التأديبية(‪ ،((7‬فاملصلحة يف الطعن فيها قائمة طاملا أن هذه القرارات‬

‫(‪ ((6‬م‪ .‬إد‪ ،‬مراكش‪ ،‬حكم رقم ‪ ،111‬الصادر بتاريخ ‪ ،2003/05/07‬إدريس بن دحو ضد وزير الداخلية‪ ،‬املجلة املغربية‬
‫للمنازعات القانونية‪ ،‬عدد ‪ ،2004 ،1‬ص ‪.118‬‬
‫(‪ ((6‬توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫(‪ ((7‬حممد عبد السالم خملص‪ :‬نظرية املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬ص‪.208:‬‬
‫(‪ ((7‬منية بنمليح‪« :‬تأديب املوظف العمومي بني سلطة االدارة واحلق يف احلامية»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،86‬ماي‪-‬يونيو ‪ ،2009‬ص ‪ 92-65‬؛مصطفى الرتاب‪« :‬نامذج من املنازعات اإلدارية يف جمال الوظيفة العمومية ودعوى‬
‫القضاء الشامل»‪ ،‬يف» املنازعات اإلدارية»‪ ،‬وزارة الوظيفة العمومية واإلصالح اإلداري‪ ،‬مديرية اإلصالح اإلداري‪،1998 ،‬‬
‫ص ‪ 130-111‬؛ منشور هذا املقال حتت عنوان‪« :‬املنازعات اإلدارية يف جمال الوظيفة العمومية عىل ضوء اجتهادات املجلس‬
‫األعىل»‪ ،‬يف» ‪ 40‬سنة من القضاء اإلداري باملغرب‪ ،»1997-1957 ،‬منشورات املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة‬
‫مواضيع الساعة‪ ،‬عدد ‪ ،1998 ،14‬ص ‪ 47-35‬؛سلوى الفايس الفهري‪« :‬الوظيفة العمومية‪ :‬الوضعية اإلدارية للموظف»‪،‬‬
‫جملة املحاكم اإلدارية‪ ،‬عدد ‪ ،2‬أكتوبر ‪ ،2005‬ص ‪ 75-55‬؛ عبد اللطيف العمراين‪« :‬القضاء اإلداري املغريب ومراقبة املالئمة يف‬
‫جمال التأديب»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية سلسلة‪ ،‬مواضيع الساعة‪ ،‬عدد ‪ ،2004 ،47‬ص ‪ 126-117‬؛عبد الغني‬
‫يفوت‪ »:‬الضامنات األساسية يف جمال التأديب»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،85-84‬يناير‪ -‬أبريل‪،2009‬‬
‫ص ‪ 62-45‬؛فاطمة الغازي‪« :‬ضامنات التأديب يف الوظيفة العمومية عىل ضوء القضاء املغريب واملقارن»‪ ،‬منشور يف البوابة‬

‫‪48‬‬
‫�شرط امل�صلحة فـي دعوى الإلغاء‬

‫تستهدف املوظف وحقوقه‪ .‬والقضاء ال يقف عند حد مراقبة القرار اإلداري يف مدى مرشوعيته‪ ،‬بل‬
‫امتدت رقابته إىل مدى مالئمة العقوبة املتخذة يف حق الطاعن والفعل املرتكب من طرفه‪ .‬وخول له الطعن‬
‫يف القرار التأديبي كلام كانت العقوبة قاسية يف حقه‪ ،‬أو إذا ما تم توقيع عقوبة أشد من العقوبة املقرتحة من‬
‫طرف املجلس التأديبي‪.‬‬
‫وهذا ما أكدته الغرفة اإلدارية باملجلس األعىل يف قضية األيرس عبد اللطيف عندما ألغت قرار وزير‬
‫الفالحة لكونه اختذ عقوبة أشد من تلك التي اقرتحها املجلس التأديبي (القرار عدد ‪ 117‬بتاريخ ‪-5-4‬‬
‫‪ .)1979‬واألمثلة كثرية عىل القرارات املتعلقة باجلزاءات التأديبية‪ ،‬والقاعدة العامة لدى القضاء اإلداري‬
‫هي قبول الطعون املتعلقة هبا‪.‬‬
‫أما بالنسبة لقرارات النقل‪ ،‬فإهنا تثري إشكاال يتمثل يف مدى اعتبارها قرارات تتعلق بتنظيم املرفق‬
‫اعتامدا عىل عنرص املصلحة العامة‪ .‬وبالتايل ال يقبل الطعن النتفاء مصلحة الطاعن؟ أم أهنا قرارات يمكن‬
‫أن حتمل يف طياهتا عقوبة مقنعة –أو خفية‪-‬؟ ففي حالة ما إذا تم اختاذ قرار النقل كعقوبة‪ ،‬فإن مصري القرار‬
‫هو اإللغاء‪ ،‬لكون قانون الوظيفة العمومية ال ينص عىل النقل كعقوبة‪ ،‬أما إذا اختذ هذا القرار اعتامدا عىل‬
‫عنرص املصلحة العامة إال أنه خيفي عقوبة مقنعة‪ ،‬فإن القضاء اإلداري يقبل هذه الطعون(‪.((7‬‬

‫اإللكرتونية لوزارة العدل ؛فدوى املرابط‪« :‬القايض اإلداري واملنازعات التأديبية»‪ ،‬املجلة املغربية للمنازعات القانونية‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،2008 ،8-7‬ص ‪ 120-113‬؛رضوان بومجعة‪« :‬النظام التأديبي للموظفني وموقف املجلس األعىل»‪ ،‬يف «املجلس األعىل‬
‫بعد ميض ‪ 30‬سنة»‪ ،‬حصيلة وآفاق‪ ،‬املجلة املغربية لقانون واقتصاد التنمية‪ ،‬عدد ‪ ،1988 ،17‬ص ‪ 138-127‬؛شايب عبد‬
‫اإلله أناس‪« :‬الضامنات املمنوحة للموظف العمومي عند تعرضه للتأديب‪ ،‬مسامهة حتليلية»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،103‬مارس – أبريل‪ ،2012،‬ص ‪. 94-73‬‬
‫(‪ ((7‬توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪ .70 :‬م‪ .‬األعىل‪ ،‬غ‪ .‬إد‪ ،‬قرار رقم ‪ ،28‬الصادر بتاريخ ‪ ،1986/1/30‬عبد احلق كارم ضد اخلازن العام للمملكة‪ ،‬أشار‬
‫إليه إبراهيم الزعيم املايس‪ :‬املرجع العميل يف االجتهاد القضائي اإلداري‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1996 ،‬ص‪.‬‬
‫‪ 267‬؛ م‪ .‬األعىل‪ ،‬غ‪ .‬إد‪ ،‬قرار رقم ‪ ،128‬الصادر بتاريخ ‪ ،1986/7/10‬عبد العزيز بلخو ضد وزير الربيد واملواصالت السلكية‬
‫والالسلكية‪،‬أشار إليه إبراهيم زعيم املايس‪ ،‬املرجع العميل يف االجتهاد القضائي اإلداري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 268 .‬؛ منشور‬
‫كذلك يف البوعييس(احلسن)‪ ،‬كرونولوجيا االجتهاد القضائي يف املادة اإلدارية‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،2002‬مطبعة النجاح اجلديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬سلسلة «كرونولوجيا االجتهاد القضائي»‪ ،‬عدد ‪ ،3‬ص‪ 272 .‬؛ م‪ .‬األعىل‪ ،‬غ‪ .‬إد‪ ،‬قرار عدد ‪ ،809‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ ،2003/11/13‬ملف إداري عدد ‪ 1272‬و‪،2001/1/4/1309‬النائب اإلقليمي لوزارة الرتبية الوطنية ومن معه ضد نادية‬
‫البوزيدي ومن معها ؛ منشور كذلك يف عبد الوهاب رافع‪ ،‬نزاعات الوضعية الفردية للموظفني والعاملني باإلدارة العمومية‬
‫من خالل العمل القضائي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 197 .‬؛ م‪ .‬األعىل‪ ،‬غ‪ .‬إد‪ ،‬قرار عدد ‪ ،927‬الصادر بتاريخ ‪ ،2003/12/18‬بني‬
‫النائب اإلقليمي لوزارة الرتبية الوطنية لنيابة مراكش املنارة ضد هبيجة أدحيمني‪ ،‬منشور كذلك يف عبد الوهاب رافع‪ ،‬نزاعات‬
‫الوضعية الفردية للموظفني والعاملني باإلدارة العمومية من خالل العمل القضائي‪ ،‬ص‪ 231 .‬؛ م‪ .‬األعىل‪ ،‬غ‪ .‬إد‪ ،‬قرار عدد‬
‫‪ ،912‬الصادر بتاريخ‪ ،2003/12/18‬النائب اإلقليمي لوزارة الرتبية الوطنية لنيابة مراكش ضد حممد بني العبايس‪ ،‬منشور‬
‫كذلك يف عبد الوهاب رافع‪ ،‬نزاعات الوضعية الفردية للموظفني والعاملني باإلدارة العمومية من خالل العمل القضائي‪ ،‬ص‪.‬‬
‫‪ 244‬؛ م‪ .‬األعىل‪ ،‬غ‪ .‬إد‪ ،‬قرار عدد ‪ ،358‬الصادر بتاريخ‪ ،1999/04/08‬بوبكر عمراوي ضد وزارة الرتبية الوطنية ومن معها‪،‬‬
‫االجتهادات القضائية يف جمال الرتبية والتكوين‪،‬نامذج من األحكام الصادرة يف جمال قضاء اإللغاء‪ ،‬مديرية الشؤون القانونية‬
‫و املنازعات‪ ،‬اجلزء األول والثاين‪ ،‬فرباير ‪ ،2007‬ص‪ 309 .‬؛ م‪ .‬إد‪ ،‬الرباط‪ ،‬حكم عدد ‪ ،346‬الصادر بتاريخ ‪،1998/3/19‬‬
‫الدحاين فاطمة ضد الصندوق الوطني للقرض الفالحي‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،24‬ص‪.179 .‬‬
‫‪- Benabdallah (M.A.), «Le contrôle de l’opportunité de la mutation du fonctionnaire dans l’intérêt du‬‬
‫‪service: note sous T.A., Rabat, 19 mars 1998, Dahani, REMALD, n° 24, juillet-septembre, 1998,‬‬
‫‪p. 139-145 ; Antari (M.), «Le pouvoir discrétionnaire du juge administratif dans l’application de la‬‬
‫‪théorie du recours parallèle et ses effets: note sous T.A., Rabat, 19 mars 1998, Dahani, REMALD, n°‬‬
‫‪24, juillet-septembre, 1998, p. 147-150.‬‬

‫‪49‬‬
‫مجلة القضاء االداري ‪ -‬العدد ‪� - 12/11‬شتاء‪/‬خريف ‪2018‬‬

‫خامتة‪:‬‬
‫لعل اإلطار النظري يعد مساعدا عىل حتديد وبسط خمتلف املبادئ العامة لرشط املصلحة‪ ،‬وخصوصياته‬
‫يف دعوى اإللغاء‪ ،‬إال أهنا رغم أمهيتها تعترب غري كافية لإلحاطة باجلانب العميل والتطبيقي هلذا الرشط‪،‬‬
‫إذ أن التجسيد الفعيل هلا لن يتأتى إال من خالل دراسة مسلك القضاء اإلداري يف تعامله مع هذا الرشط‪،‬‬
‫استنادا إىل أنواع املصالح التي اعتمدها كأساس لقبول دعوى اإللغاء وهو ما حاولنا إبرازه بإسهاب من‬
‫خالل دراسة رشط املصلحة يف الطعون املتعلقة بغري املوظفني‪.‬‬
‫وخالصة القول‪ ،‬أن فكرة املصلحة يف دعوى اإللغاء هي يف احلقيقة فكرة فلسفية تقوم باملوازاة مع‬
‫كوهنا فكرة قضائية‪ ،‬تتأثر بالسلوك االجتامعي يف املجتمع‪ ،‬وتتأثر بالضوابط والقواعد القانونية املنظمة له‪،‬‬
‫والتي يتناوهلا القايض اإلداري بشكل موضوعي ومستقل عن إرادته‪ ،‬رغم عدم إنكار دوره االنشائي يف‬
‫اختيار املصلحة اجلديرة باحلامية‪ ،‬نظرا لتعارض املصالح وتعددها‪.‬‬
‫فرشط املصلحة يف دعوى اإللغاء‪ ،‬من تلك املسائل التي ترتبط بالتقدير الشخيص للقايض اإلداري‬
‫إىل حد بعيد‪ ،‬لذلك كان لدوره أثره البالغ يف حتديد هذا الرشط‪ ،‬وذلك بتعامله معه بشكل مرن أدى إىل‬
‫التوسع يف فهمه يف العديد من احلاالت ضامنا ملبدأ املرشوعية واحرتام القانون‪ ،‬وضبطا للعمل اإلداري‬
‫من االنحراف(‪.((7‬‬

‫‪- Benabdallah (M.A): «Le contrôle du pouvoir de l’administration en matière de mutation des fonctionnaires:‬‬
‫‪notes sous T.A., Meknès, 22 juin 1995, Tahiri» REMALD, n° 12, juillet-septembre 1995, p. 71-77.‬‬
‫(‪ ((7‬توفيق األطريس – حسن املولودي‪ :‬رشط املصلحة يف دعوى اإللغاء مقاربة من خالل االجتهاد القضائي املغريب واملقارن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.95‬‬

‫‪50‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like