Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 43

‫ﺍﻟﻮﺳﺎﻃﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬

‫ﺍﻟﻌﺪﻝ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﺪﻝ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﺍﻟﺮﺑﻴﺶ‪ ،‬ﻋﺒﺪﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫ﻣﺞ‪ ,16‬ﻉ‪64‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫‪2014‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫الوساطة القضائية‬ ‫ﺭﺟﺐ‬ ‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪:‬‬
‫‪269 - 310‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬

‫‪ 629382‬إعداد‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬


‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫‪IslamicInfo‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية – قسم الفقه – جامعة القصيم‬
‫ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ‪ ،‬ﺍﻟﻮﺳﺎﻃﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ‪ ،‬ﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻢ ‪ ،‬ﺍﻟﺼﻠﺢ ‪ ،‬ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﺎﺓ ‪ ،‬ﺗﺴﻮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻋﺎﺕ‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/629382‬‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬

‫© ‪ 2021‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺩﺍﺭ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫الوساطة القضائية‬

‫إعداد‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية – قسم الفقه – جامعة القصيم‬


‫الوساطة القضائية‬

‫ملخص البحث‬

‫بني الباحث التايل‪:‬‬

‫تعريف املصطلحات التالية‪:‬‬

‫الوساطة القضائية‪ :‬مساعدة أطراف يف حل نزاع رفع أمام القضاء بوسيط يعينه القاضي وال ميلك‬

‫اإلجبار على قبول احلل‪.‬‬

‫التحكيم‪ :‬إخضاع النزاع أمام هيئة حتكيمية خيتارها املتنازعون إلصدار قرار ملزم هلم‪.‬‬

‫الصلح‪ :‬حماولة القاضي حسم نزاع بني أطراف قبل احلكم‪.‬‬

‫الصلح‪ :‬من يتوىل أعمال املصاحلة‪.‬‬

‫احملامي‪ :‬املرتافع أمام القضاء ومزاول االستشارات الشرعية والنظامية‪.‬‬

‫أنواع الوساطة ومنها‪ :‬االتفاقية والعقارية وغريها‪.‬‬

‫الفرق بني الوساطة القضائية وبني القضاء والصلح‪.‬‬

‫أوجه التشابه واالختالف بني الوساطة والتحكيم‪.‬‬

‫أوجه التشابه واالختالف بني الوساطة والصلح‪.‬‬

‫الفرق بني الوساطة واحملاماة ‪.‬‬

‫‪ 072‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫قيام وزارة العدل السعودية بتنظيم مركز املصاحلة يف اململكة لتسوية املنازعات كليا أو جزئيا وفق أحكام‬

‫الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫اتريخ الوساطة يف بعض الدول كالوالايت املتحدة وفرنسا وبعض الدول العربية‪.‬‬

‫دور الوسائل البديلة يف ختفيف عدد القضااي وطول أمد التقاضي‪.‬‬

‫عدد صفات وشروط ينبغي توفرها يف الوسطاء وتعيينهم والتزاماهتم ودورهم يف الوساطة‪.‬‬

‫أن بعض األنظمة اعتربت الوساطة وسيلة تكميلية للقضاء‪ ،‬وبعضها مستقلة عن القضاء‪.‬‬

‫مراحل الوساطة القضائية‬

‫‪ 075‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫مقدمة‬

‫احلمد هلل را العاملني والصالة والسالم على أشرف األنبياء واملرسلني نبينا حممد وعلى آله وصحبه‬

‫أمجعني ‪ . .‬وبعد‪:‬‬

‫فإن القضاء هو أحد السلطات الثالث اليت تقوم عليه الدول‪ ،‬وجيب أن يكون مصدر االطمئنان‬

‫والعدل والرضى عندما خيتلف الناس ويتنازعون فيذهبون إليه حلل النزاعات واخلصومات‪ ،‬وينزعج الناس كثريا‬

‫حينما يتأخر القضاء يف إهناء تلك اخلصومات‪ ،‬وهو ما حيدث أحياان ألسباا كثرية ليس هذا حمل حبثها‬

‫ولكن من احللول املهمة لذلك وجود األساليب البديلة أو املساعدة حلل النزاع اليت يلجأ إليها البعض ابتداء‬

‫قبل وقوع النزاع حينما تصاغ العقود‪ ،‬أو أثناء وقوع النزاع ومنها التحكيم والتوفيق والصلح والوساطة وهي‬

‫موضوع هذا البحث وخاصة " الوساطة القضائية "‪ ،‬اليت تكمن أمهيتها اليوم أهنا تعد من احللول املهمة‬

‫لعدم التأخر يف القضاء‪ ،‬بل واملساعدة يف الوصول إىل احلل مبساعدة أطراف النزاع‪ ،‬حاولت أن أتعرف‬

‫على بعض األنظمة والقوانني املتعلقة ابلوساطة القضائية يف بعض الدول اليت كانت هلا التجربة األوىل يف‬

‫هذه الوسيلة املهمة مع إبراز تكيفها الفقهي كما حاولت أن أبني تنظيم مركز املصاحلة يف وزارة العدل يف‬

‫اململكة العربية السعودية وقواعده التنفيذية واحلق أين عانيت من صعوبة هذا املوضوع فمراجعه اندرة وإذا‬

‫وجدت فإهنا تتكلم عن الوساطة عموما ورمبا تطرقت إىل الوساطة القضائية أو تتكلم عن الوساطة القضائية‬

‫يف نظام إحدى الدول أو تتكلم عن أحد أنواع الوساطة كالوساطة االتفاقية أو األسرية‪ ،‬أو العقارية أو‬

‫املالية ‪ . . .‬إخل‪.‬‬

‫‪ 070‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫مما اضطرين إىل إجياد احللول ومنها االطالع الدائم على املواقع اإللكرتونية والزايرات امليدانية سواء‬

‫أكانت خارج اململكة (‪ ،)1‬أو داخل اململكة (‪ .)2‬أمتىن أنين وفقت يف طرح هذا املوضوع ابلصورة املرضية‪،‬‬

‫وأؤكد على أن موضوع البحث حيتاج إىل مزيد من البحث والدراسة‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬تعريف الوساطة‬

‫الوساطة يف اللغة‪:‬‬

‫قال ابن فارس (‪ )3‬رمحه هللا‪ " :‬وسط " الواو والسني والطاء‪ :‬بناء صحيح يدل على العدل والنصف اهـ‬

‫وقال الفريوز آابدي (‪ )4‬رمحه هللا‪:‬‬

‫" الوسيط‪ :‬املتوسط بني املتخاصمني ‪ . . .‬وقال‪ :‬وتوسط بينهم عمل الوساطة " اهـ‪.‬‬

‫(‪ )1‬مــن ذلــك زايرت مـرتني إىل كليــة العلــوم القانونيــة واالقتصــادية واالجتماعيــة يف جامعــة عبــد املالــك الســعدي بطنجــة يف اململكــة املغربيــة‬
‫والتقيت بوكيل الكلية وأمني الكلية واللذان سـاعداين يف زايرة مكتبـة الكليـة واسـتفدت مـن مكتبتهـا بتصـوير أجـزاء مـن رسـالة الـدكتوراه الوسـاطة‬
‫يف التش ـريع املغــرمل واملقــارن للباحــث‪ :‬امللــودي العابــد العم ـراين‪ ،‬وأرشــدين مشــكورا إىل هــذه الرســالة الــدكتور عبــد الــرحيم فكــاهي‪ .‬كمــا التقيــت‬
‫بس ــعادة األس ــتاذ ق توفي ــق ع ــزوزي وه ــو عض ــو اجملل ــس اإلداري للمرك ــز ال ــدويل للوس ــاطة والتحك ــيم ابلـ ـرابط ومنس ــق قط ــب التك ــوين والتواص ــل‬
‫واستفدت منه مشكورا ببعض البحوث كما زرت كلية احلقوق يف جامعة أسيوط والتقيت بعميـدها ووكالئهـا وزرت مكتبتهـا وصـورت أجـزاء مـن‬
‫رســالة الــدكتوراه التوفيــق والوســاطة يف منازعــات العمــل اثماعيــة للباحــث ق انهــد عشــري كمــا زرت كليــة احلقــوق يف جامعــة ابــن فيهــر ابغــادير‬
‫وحبثت يف مكتبتها ومل أجد شيئا يف املوضوع ‪.‬‬

‫(‪ )2‬قمـت ابلتواصــل هاتفيــا مــع فضــيلة الــدكتور ق يوســف التــوجيري وكيــل وزارة العــدل للتوثيــق واملصــاحلة‪ ،‬وأشــكره علــى اهتمامــه شرشــادي‬
‫ببعض املعلومات املهمة عن تنظيم مركز املصاحلة كما كلف الشيخ األستاذ ق عبد العزيز الزيد األمني العام ملركـز املصـاحلة بـوزارة العـدل ابلتواصـل‬
‫معي ومن مث قمت بزايرة وزارة العدل والتقيت ابألمني العام يف مكتبه وزودين ببعض املعلومات عن قواعد العمل يف مكاتـب املصـاحلة وإجراءاهتـا‬
‫فلهما مين جزيل الشكر والعرفان على جهودمها‪.‬‬

‫(‪ )3‬معجم مقاييس اللغة مادة (وسط) ‪6‬ق ‪.801‬‬

‫(‪ )4‬القاموس احمليط مادة (وسط) ص ‪.198‬‬

‫‪ 074‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫وقال الفيومي (‪ )5‬رمحه هللا‪:‬‬

‫"ووسط الرجل قومه وفيهم وساطة توسط يف احلق والعدل " اهـ‪.‬‬

‫الوساطة يف االصطالح‪:‬‬

‫عرفت الوساطة كمصطلح عام بتعريفات كثرية ومتعددة‪ ،‬منها ما هو تعريف ابملعىن املعروف الذي جيمع‬

‫شروط التعريف‪ ،‬ومنها ما هو تعريف وشرح التعريف معا ومن هذه التعريفات‪:‬‬

‫‪ -8‬عملية يتم من خالهلا الوصول حلل ودي للنزاع العقدي أو القانوين مبساعدة وسيط‪ ،‬الذي ال ميلك‬

‫سلطة إجبار املتنازعني على قبول ذلك احلل‪.‬‬

‫وهذا تعريف قانون األونسرتال النموذجي للتوفيق التجاري الدويل (‪.)6‬‬

‫‪ - 2‬التفاوض بني املتخاصمني حبضور طرف اثلث حمايد دوره هو تسهيل البحث عن حل للنزاع (‪.)7‬‬

‫‪ - 3‬عملية يقوم هبا طرف اثلث حمايد ملساعدة شخصية أو أكثر على الوصول إىل تسوية خالفاهتم‬

‫بصورة اختيارية يتم التفاوض عليها‪ ،‬يستخدم الوسيط كفاءات وأساليب متنوعة ملساعدة األطراف على‬

‫الوصول إىل تسوية لكنه ال ال ميلك صالحية صنع القرار " (‪.)8‬‬

‫(‪ )5‬املصباح املنري مادة (وسط) ص ‪.253 ،252‬‬

‫(‪ )6‬حممــد ســالم‪ :‬الوســاطة والتوفيــق كآليــات لتســوية نزاعــات االســتثمار‪، ،‬لــة امللــف‪ ،‬العــدد اخلــامس‪ ،‬ينــاير ‪ ،2005‬ص ‪ 61‬نقــال عــن‬
‫رســالة ال ــدكتوراه الوس ــاطة يف التش ــريع املغ ــرمل واملق ــارن للباح ــث املل ــودي العاب ــد العم ـراين‪ ،‬جامعــة عب ــد املال ــك الس ــعدي‪ ،‬كلي ــة العل ــوم القانوني ــة‬
‫واالقتصادية واالجتماعية طنجة ص ‪.22‬‬

‫(‪ )7‬رسالة الدكتوراه السابقة‪.‬‬

‫‪ 076‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫‪ - 8‬أسلوا من األساليب البديلة لفض النزاعات اليت تقوم على توفري ملتقى لألطراف املتنازعة‬

‫لالجتماع واحلوار وتقريب وجهات النظر مبساعدة شخص حمايد‪ ،‬وذلك حملاولة التوصل إىل حل ودي يقبله‬

‫أطراف النزاع (‪.)9‬‬

‫وغالبا ما يستخدم مصطلحي الوساطة والتوفيق على حنو ترادف يف منظمة العمل الدولية (‪ ،)10‬وعلى‬

‫ذلك فإن تعريف الوساطة يصلح أن يكون تعريفا للتوفيق على هذا املصطلح‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬أنواع الوساطة‬

‫تقدم تعريف الوساطة بصفة عامة‪ ،‬وإذا أردان أن حندد معىن الوساطة القضائية بصفة خاصة‪ ،‬البد من‬

‫معرفة أنواع الوساطة للتفريق بني الوساطة القضائية وبني أنواع الوساطة‪ ،‬األخرى ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الوساطة االتفاقية‪:‬‬

‫"العقد الذي يتفق األطراف مبوجبه على تعيني وسيط يكلف بتسهيل إبرام الصلح إلهناء نزاع نشأ أو‬

‫قد ينشأ فيما بعد " (‪.)11‬‬

‫(‪ )8‬دورة الوساطة القضائية أعد وألقى الدورة د‪ .‬بقايل حممد‪.‬‬

‫(‪ )9‬منتدايت احملاكم واجملالس القضائية‪ ،‬منتدى الوسطاء القضائيني‪.‬‬

‫(‪ )10‬التوفيــق والوســاطة يف منازعــات العمــل اثماعيــة‪ ،‬دراســة مقارنــة رســالة دكتــوراه مــن إعــداد انهــد حســن عشــري‪ ،‬جامعــة القــاهرة‪ ،‬كليــة‬
‫احلقوق ص ‪.805‬‬

‫(‪ )11‬الوساطة يف التشريع املغرمل املقارن "رسالة دكتوراه " للباحث امللودي العابد العمراين ص ‪.65‬‬

‫‪ 071‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫فالوساطة االتفاقية تقوم على مبدأ حرية األطراف يف تعيني الطرف الوسيط‪ ،‬وعلى مبدأ حريتهم يف‬

‫اللجوء إليها بدل اللجوء إىل القضاء حلل نزاعاهتم (‪ ،)12‬وقد يكون هذا بندا يف العقد بني الطرفني يف العقد‬

‫فيما لو حصل خالف حبيث يكون حله عن طريق الوساطة االتفاقية‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬الوساطة املالية‪:‬‬

‫عمل يتضمن التقريب بني أكثر من طرف‪ ،‬لتحقيق مصلحة عامة تقوم هبا جهات خمصوصة (‪.)13‬‬

‫اثلثا‪ :‬الوساطة العقارية‪:‬‬

‫عقد على عوض معلوم مقابل السعاية بني عاقدين يف عقار ال نيابة عن أحدمها (‪.)14‬‬

‫ومن املعروف أن الوساطة املالية‪ ،‬والوساطة العقارية ختتلف وتبتعد يف املفهوم والتطبيق عن الوساطة‬

‫القضائية أو حىت عن الوساطة االتفاقية فالوساطة املالية والعقارية يقصد هبا الوسيط ومن املعروف أن هذا‬

‫املعىن ال يقرتا من الوساطة القضائية‪.‬‬

‫(‪ )12‬املرجع السابق‪.‬‬

‫(‪ )13‬الوساطة املالية د‪ .‬حممد أمني ابرودي ص ‪.89‬‬

‫‪ 074‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫املبحث الثالث‪ :‬الوساطة القضائية وتكييفها الفقهـي‬

‫تعريف الوساطة القضائية‪:‬‬

‫وسيلة ودية حلل نزاعات قائمة ومرفوعة أمام القضاء‪ ،‬وحتت رقابته‪ ،‬وذلك عرب تعيني القاضي لطرف‬

‫مغاير يقوم مبساعدة أطراف النزاع للوصول إىل حل ودي لنزاعاهتم (‪.)15‬‬

‫شرح معىن الوساطة القضائية‪:‬‬

‫هتدف الوساطة القضائية إىل حل النزاعات عرب تعيني من قبل القاضي املختص ابلنظر يف الدعوى‬

‫لطرف اثلث‪ ،‬يسعى إىل تقريب وجهات نظر اخلصوم والبحث عن حل ودي للنزاع القائم بينهم‪ ،‬ويف حالة‬

‫فشل مساعي الوسيط يف إجياد حل ودي‪ ،‬يرجع القاضي ملمارسة مهمته األصلية التقليدية للفصل يف النزاع‬

‫(‪.)16‬‬

‫والبعض يسمي الوساطة القضائية ابلوساطة اإلجبارية وهذه التسمية ابلنظر إىل ثوء القضاء إىل‬

‫الوساطة القضائية وإحالة القاضي القضية إىل الوسيط فقط‪.‬‬

‫ألن البد من التنبيه إىل‪ " :‬أنه رغم أن اللجوء إىل الوساطة القضائية يكون إجباراي عن طريق القضاء‪،‬‬

‫فإن تنفيذ مضمون اتفاق الوساطة ال ميكن أن يكون إجباراي على أساس أن من اخلصائص األساسية واليت‬

‫(‪ )14‬الوساطة العقارية وتطبيقاهتا القضائية د‪ .‬عبد هللا بن صاا السيف ص ‪.3.‬‬

‫(‪ )15‬رسالة الدكتوراه السابقة‪.‬‬

‫(‪ )16‬املرجع السابق‪.‬‬

‫‪ 077‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫ال ختتلف فيها الوساطة عموما سواء كانت اتفاقية أو إجبارية هو رضائية التنفيذ‪ ،‬عكس ما هو عليه األمر‬

‫يف احلكم القضائي الذي يقوم على التنفيذ اثربي (‪.)17‬‬

‫املبحث الرابع‪ :‬الفرق بني الوساطة والقضاء‬

‫فيما تقدم أحملت إىل بعض الفروق بني الوساطة والقضاء ومن املستحسن أن أوضح أهم الفروق‬

‫اثوهرية بني القضاء والوساطة سواء كانت وساطة اتفاقية أو وساطة قضائية فاملقصود هو الفرق بني‬

‫الذهاا إىل التقاضي عند التنازع واخلالف بني اخلصوم أو اللجوء إىل الوسيلة البديلة الوساطة حىت ولو‬

‫كانت وساطة قضائية‪ ،‬فإنه إذا أحال القاضي القضية إىل وسيط فإهنا تدخل يف الوساطة وبذلك ختتلف‬

‫عن القضاء ومن املعروف أن احلكم القضائي ملزم للطرفني‪ ،‬كما أنه يقوم على التنفيذ اثربي إذا أخذ‬

‫احلكم صفة القطعية‪ ،‬وعلى كل خصم أن يديل حبجية وأوراقه والقاضي هو الذي يفصل يف القضية ويصل‬

‫إىل احلكم بعد مساع املدعي واملدعى عليه‪.‬‬

‫أما الوساطة فإهنا "هتدف إىل التوصل إىل حل ودي يصيغه األطراف أبنفسهم‪ ،‬بفضل تدخل طرف‬

‫اثلث حمايد وهو الوسيط كما ميكن لطريف النزاع أو أحدمها االنسحاا من عملية الوساطة‪ ،‬فال يفرض‬

‫عليهم احللول أو القرار أو الصلح بل األطراف هم الذين يساعدون على إجياد احللول مبساعدة الوسيط‪.‬‬

‫كما أن الوساطة تتيح حل النزاعات بطريقة خالقة وبعيدا عن اإلجراءات اليت تتم يف احملاكم‪ ،‬وغالبا ما‬

‫خيرج األطراف من عملية الوساطة ابمتيازات مل يكونوا ليحصلوا عليها لو ثئوا للقضاء أو التحكيم وميكن‬

‫للوسيط أن يساعد األطراف على مناقشة مشاكلهم بطريقة عقالنية ويف سياق مشجع‪ ،‬وحيث الوسيط‬

‫(‪ )17‬الوسائل البديلة لتسوية املنازعات الصلح‪ ،‬الوساطة‪ ،‬التحكيم مجع وتنسيق زكراي العماري ص ‪.21‬‬

‫‪ 072‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫األطراف على التعاون بطريقة ميكن معها حل النزاع دون تضرر أي منهم كما حتافظ الوساطة على العالقة‬

‫اإلجيابية اليت تربط األطراف ألن االتفاق املتفاوض بشأنه يكون دائما مالئما ملصاا مجيع أطراف النزاع‬

‫وذلك دون شرط التقيد ابلقواعد املعروفة " (‪.)18‬‬

‫وعندما يصل الوسيط إىل الصلح بني األطراف يف الوساطة فإنه يكتسي قوة الشيء املقضي به‪ ،‬وفائدة‬

‫ذلك أن الصلح حينئذ يكون ملزما للتنفيذ (‪.)19‬‬

‫وإذا طلب األطراف يف الوساطة أن تصادق احملكمة على االتفاق احلاصل من خالل الوساطة واملرفوع‬

‫إليها من قبلهم فإهنا تصادق عليه وتعطيه الصيغة التنفيذية (‪.)20‬‬

‫املبحث اخلامس‪ :‬الفرق بني الوساطة والتحكيم‬

‫قبل بيان الفرق بني الوساطة والتحكيم البد من تعريف التحكيم حىت نفرق بينه وبني الوساطة‪ ،‬وعلى‬

‫الرغم من أن التحكيم أنواع إال أنين سأعرف التحكيم بصفة عامة (‪.)21‬‬

‫التحكيم هو‪ " :‬عرض نزاع معني بني طرفني على حمكم من األغيار يعني ابختيارمها أو بتفويض منهما‬

‫أو على ضوء شروط حيدداهنا ليفصل يف هذا النزاع بقرار قاطع لدابر اخلصومة يف جوانبها اليت أحاهلا‬

‫الطرفان إليه بعد أن يديل كل منهما بوجهة نظره تفصيليا من خالل ضماانت التقاضي الرئيسة " (‪.)22‬‬

‫(‪ )18‬ما هية الوساطة أ‪ .‬د‪ .‬عز الدين بن سامل‪ ،‬املنظمة العربية للوساطة وحل النزاعات موقع إلكرتوين‪.‬‬

‫(‪ )19‬وهذا نص عليه القانون املغرمل يف الوساطة االتفاقية‪ ،‬انظر‪ :‬الفصل ‪ 322 - 69‬من قانون الوساطة االتفاقية املغرمل‪.‬‬

‫(‪ )20‬انظر املشروع املقرتح للوساطة القضائية يف املغرا‪ ،‬املادة الثامنة‪.‬‬

‫(‪ )21‬من أراد التوسع يف أنواع التحكيم فلريجع ملراجعه األصلية‪ ،‬حيث أن هذه الدراسة خمتصة ابلوساطة القضائية‪.‬‬

‫‪ 072‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫وميكن تعريفه أيضا بشكل عام أبنه‪ " :‬اتفاق األطراف املتنازعة شخضاع نزاعاهتم على هيئة حتكيمية‬

‫خيتاروهنا حلسم تلك النزاعات بقرار ملزم هلم‪ ،‬مع حتديدهم يف هذا االتفاق موضوع النزاع والقانون الذي‬

‫يرغبون يف تطبيقه على النزاع " (‪.)23‬‬

‫أوجه التشابه بني الوساطة والتحكيم‪:‬‬

‫‪ -8‬الوساطة والتحكيم من الوسائل البديلة حلل النزاع ‪.‬‬

‫‪ - 2‬فيما يتعلق ابتفاق التحكيم أو الوساطة‪ ،‬فكالمها أيخذ شكل عقد عندما يتم تدوين هذا االتفاق‬

‫يف عقد مستقل عن موضوع النزاع ويكون بعد نشوء النزاع‪ ،‬كما ميكن هلذا االتفاق أن أيخذ شكل شرط‬

‫التحكيم أو الوساطة‪ ،‬عندما يتم تدوينه يف العقد األصلي الذي ميكن أن يكون حمال للنزاع‪ ،‬أي قبل نشوء‬

‫النزاع بني األطراف (‪.)24‬‬

‫‪ - 3‬تلتقي الوساطة والتحكيم يف تدخل الطرف الثالث‪ ،‬فالبد من تعيني الطرف الثالث أو حتديد‬

‫طريقة تعيينه (‪.)25‬‬

‫‪ - 8‬أن الوساطة والتحكيم يلتقيان يف جواز تذييل االتفاق ابلصيغة التنفيذية من طرف احملكمة‬

‫املختصة (‪.)26‬‬

‫(‪ )22‬املفيد يف التحكيم وفق القانون املغرمل د‪ .‬بقايل حممد ص ‪. 9‬‬

‫(‪ )23‬الوساطة يف التشريع املغرمل املقارن املكلودي العابد العمراين‪ ،‬رسالة دكتوراه ص ‪.58‬‬

‫(‪ )24‬رسالة الدكتوراه السابقة‪.‬‬

‫(‪ )25‬رسالة الدكتوراه السابقة‪.‬‬

‫‪ 022‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫أوجه االختالف بني الوساطة والتحكيم‪:‬‬

‫‪ -8‬احملكم عبارة عن قاض خاص‪ ،‬ميارس وظيفة قضائية يصدر من خالهلا حكما ملزما ألطراف النزاع‬

‫يكون قابال للتنفيذ اثربي وفقا للقواعد العامة مبجرد حصوله على األمر بتنفيذه يف حني أن الوسيط تبقى‬

‫مهمته اإلشراف على عملية الوساطة من خالل التقريب بني وجهات نظر األطراف املتنازعة إليهم‪ ،‬وحماولة‬

‫الدفع ابحلوارات إىل االتفاق (‪.)27‬‬

‫‪ - 2‬أن مهمة احملكم هي مهمة القاضي لكن التحكيم وسيلة أخرى من وسائل حل النزاع‪ ،‬فعلى‬

‫احملكم أن يكون ذا خربة ومعرفة ابألنظمة واللوائح بينما الوسيط مهمته أكثر تعقيدا ألنه ملزم ابكتساا‬

‫مهارات االستماع واحلوار والتقارا بني وجهات النظر املختلفة ألطراف النزاع (‪.)28‬‬

‫‪ - 3‬يف التحكيم تنتهي مهمة املتنازعني عند إحالة القضية إىل التحكيم بينما يف الوساطة هم شركاء مع‬

‫الوسيط أثناء الوساطة يف الوصول إىل احلل والصلح‪.‬‬

‫‪ - 8‬البعض يعترب التحكيم وسيلة غري ودية لتسوية النزاعات خبالف نظام الوساطة‪ ،‬الذي يتميز بطابعه‬

‫الودي‪ ،‬مما مكنها من اقتحام ‪،‬االت مل يستطع التحكيم ولوجها (‪.)29‬‬

‫(‪ )26‬رسالة الدكتوراه السابقة‪.‬‬

‫(‪ )27‬رسالة الدكتوراه السابقة ص ‪. 59-51‬‬

‫(‪ )28‬رسالة الدكتوراه السابقة ص ‪. 59-51‬‬

‫(‪ )29‬رسالة الدكتوراه السابقة ص ‪. 59‬‬

‫وانظر‪ :‬منتدايت ستار اتميز أرشيف الشؤون القانونية‪ ،‬متييزا لتحكيم عن غريه من ا لوسائل البديلة حلل املنازعات موقع إلكرتوين‪.‬‬

‫‪ 025‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫‪ - 5‬اللجوء إىل الوساطة قد يكون أكثر رغبة لكثريين من التحكيم‪ ،‬نظرا ألن املتنازعني شركاء مع‬

‫الوسيط يف الوصول إىل احلل والصلح‪ ،‬ولذلك قد تقلل الوساطة من األضرار‪ ،‬بينما التحكيم كله ملزم‬

‫وهنائي بعد صدوره وقد يتضرر أحد اخلصوم من ذلك‪.‬‬

‫املبحث السادس‪ :‬الفرق بني الوساطة والصلح‬

‫قبل بيان الفرق بني الوساطة والصلح البد من تعريف الصلح‪.‬‬

‫تعريف الصلح‪ :‬مرحلة أولية سابقة يف بعض الدعاوى يقو م خالهلا القاضي مبحاولة تسوية اخلالف‬

‫وداي بني طرفني متنازعني قبل احلسم يف النزاع حبكم قضائي هنائي (‪.)30‬‬

‫وهذا تعريف للصلح بعد وصول اخلصوم إىل القضاء وهو الذي يهمنا هنا للتفريق بينه وبني الوساطة‬

‫القضائية‪.‬‬

‫وقد يكون الصلح قبل الوصول إىل القضاء وعرفه الفقهاء أبنه "معاقدة يرتفع هبا النزاع بني اخلصوم‬

‫ويتوصل هبا إىل املوافقة بني املختلفني " (‪.)31‬‬

‫وقد يكون الصلح لتوقي منازعة غري قائمة ابلفعل‪ ،‬ولكنها حمتملة الوقوع ولذلك عرفه ابن عرفة أبنه "‬

‫انتقال عن حق أو دعوى بعوض لرفع نزاع أو خوف وقوعه " (‪.)32‬‬

‫(‪ )30‬أسباا عدم جناح مسطرة الصلح يف النظام القضائي املغرمل والوسائل الكفيلة بتفعيل هذه املسطرة احلسن بويقن ص ‪.882‬‬

‫(‪ )31‬املوسوعة الفقهية الكويتية ‪22‬ق ‪.323‬‬

‫(‪ )32‬اخلرشي على خمتصر خليل ‪6‬ق‪.2‬‬

‫‪ 020‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫وقد عاجل ذلك نظام اإلجراءات اثزائية يف اململكة العربية السعودية يف املادة ‪ 62‬ونصها‪ " :‬للخصوم‬

‫أن يطلبوا من احملكمة يف أي حال تكون عليها الدعوى تدوين ما اتفقوا عليه من إقرار أو صلح أو غري‬
‫(‪)33‬‬
‫ذلك يف حمضر احملاكمة وعلى احملكمة إصدار صك بذلك ‪ .‬ا ‪ .‬هـ "‬

‫وال شك أن الوساطة هلا ارتباط وثيق ابلصلح‪ ،‬إذ أن الوساطة تعد وسيلة حديثة لتفعيل الصلح (‪،)34‬‬
‫الذي أواله اإلسالم عناية كبرية قال تعاىل‪( :‬ال خيـر ييف َكثي ٍري يمن ججنواهم إالج من أَمر بيص َدقٍَة أَو معر ٍ‬
‫وف أ َْو‬‫َْ ُ ْ َ ْ ََ َ ْ َ ُْ‬ ‫ََْ‬
‫َجًرا َع يظ ًيما (‪.)35( ))888‬‬ ‫اَّلل فَسو َ ي ي‬‫جاس ومن يـ ْفعل َذليك ابتيغَاء مر ي ي‬
‫ف نـُ ْؤتيه أ ْ‬ ‫ني الن ي َ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ‬
‫ضات ج َ ْ‬ ‫الح بَـ ْ َ‬
‫إص ٍ‬‫ْ‬

‫وإن امرأَةٌ خافَت يمن بـعليها نُشوزا أَو إعراضا فَال جناح علَي يهما أَن ي ي‬
‫ص ْل ًحا‬
‫صل َحا بَـْيـنَـ ُه َما ُ‬
‫َُ َ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫وقال تعاىل‪ ( :‬ي ْ َ َ ْ ْ َ ْ َ ُ ً ْ ْ َ ً‬

‫الش جح وإن ُْحت يسنُوا وتَـتجـ ُقوا فَإ جن ج‬


‫اَّللَ َكا َن يمبَا تَـ ْع َملُو َن َخبي ًريا (‪.)36( ))821‬‬ ‫س ُّ‬ ‫الص ْلح خيـر وأ ي ي‬
‫ُحضَرت األَن ُف ُ‬
‫و ُّ ُ َ ْ ٌ ْ‬

‫وقال صلى هللا عليه وسلم‪" :‬الصلح جائز بني املسلمني إال صلحا حرم حالال أو أحل حراما " (‪.)37‬‬

‫أوجه التشابه بني الوساطة القضائية والصلح‪:‬‬

‫‪ -8‬الصلح والوساطة القضائية هلما أثر منهي للخصومة إذا ما مت جناحهما‪.‬‬

‫(‪ )33‬نطام اإلجراءات اثزائية يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬

‫(‪ )34‬الوسائل البديلة لتسوية النزاعات‪ ،‬الصلح‪ ،‬الوساطة‪ ،‬التحكيم‪ ،‬مجع وتنسيق زكراي البخاري ص ‪.52‬‬

‫(‪ )35‬سورة النساء‪ ،‬آية ‪.888‬‬

‫(‪ )36‬سورة النساء‪ ،‬آية ‪.821‬‬

‫(‪ )37‬أخرجه الرتمذي يف سننه برقم ‪ 8352‬وقال حسن صحيح‪ ،‬وابن حبان يف صحيحه برقم ‪ ،252‬وأبو داود بلفظ فيه تقـد وخخـري‬
‫برقم ‪ 3598‬وسكت عنه‪.‬‬

‫‪ 024‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫‪ -2‬الصلح والوساطة القضائية هلما نفس حجية احلكم القضائي‪.‬‬

‫‪ -3‬الصلح والوساطة القضائية سند تنفيذي (‪.)38‬‬

‫‪ - 8‬إذا حسم النزاع بواسطة الصلح أو الوساطة فال جيوز ألي من األطراف إعادة إحالة نفس النزاع‬

‫على القضاء (‪.)39‬‬

‫أوجه االختالف بني الوساطة القضائية والصلح‪:‬‬

‫ختتلف الوساطة عموما والوساطة القضائية خصوصا عن الصلح بعدة أمور من أمهها‪:‬‬

‫‪ -8‬أن الوساطة تتطلب عرض النزاع على الوسيط وهو جوهر عقد الوساطة‪ ،‬يف حني أن عرض النزاع‬

‫على الطرف الثالث يف الصلح هو أمر اختياري‪ ،‬ألن األطراف ميكن هلما أن يتصاحلا دومنا تدخل طرف‬

‫اثلث (‪.)40‬‬

‫‪ - 2‬اخلصوم يف الوساطة يقولون كل ما يريدون ويف راحة اتمة وهم يشرتكون مع الوسيط يف املداولة‬

‫ووضع احللول بينما يف الصلح قد يكونون حتت ضغط القاضي‪ ،‬وقد ال يرضى أحد الطرفني وقبل ذلك قد‬

‫ال يقول كل ما يريد‪.‬‬

‫(‪ )38‬الوساطة القضائية يف اثزائر‪ .‬انظر منتدايت احملاكم واجملالس القضائية‪ ،‬موقع الكرتوين‬

‫(‪ )39‬املرجع السابق ص ‪. 52‬‬

‫(‪ )40‬املرجع السابق ص ‪.52‬‬

‫‪ 026‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫‪ - 3‬يف الوساطة جيب على القاضي القيام هبا يف اثلسة األوىل (‪ ،)41‬بينما الصلح ميكن اللجوء إليه‬

‫يف أي مرحلة كانت فيها الدعوى (‪.)42‬‬

‫‪ - 8‬الوساطة مقيدة مبدة معينة (‪ ،)43‬بينما الصلح غري مقيد مبدة معينة (‪.)44‬‬

‫‪ - 5‬الوساطة ختتلف عن الصلح يف بعض الشروط الشكلية مثل الكتابة‪ ،‬فالكتابة شرط لالنعقاد‬

‫ابلنسبة للوساطة بينما يف الصلح يعترب شرطا لإلثبات فقط (‪.)45‬‬

‫املبحث السابع‪ :‬الفرق بني الوساطة واحملاما‬

‫تعريف احملام‪::‬‬

‫عرفت الالئحة الداخلية لنقابة احملامني يف ليون أبنه‪ " :‬معاونة موكله سواء ابلتوجيه أو إزجاء النصح أو‬

‫ابلدفاع شفواي أو ابلكتابة " (‪.)46‬‬

‫وعرفه قاموس اجملمع اللغوي الفرنسي أبنه‪:‬‬

‫(‪ )41‬وهذا يف القانون اثزائري مثال‪.‬‬

‫(‪ )42‬واملــادة ‪ 62‬مــن نطــام اإلج ـراءات اثزائيــة يف اململكــة العربيــة الســعودية تقــول " للخصــوم أن يطلب ـوا مــن احملكمــة يف أي حــال تكــون‬
‫عليها الدعوى تدوين ما اتفقوا عليه من إقرار أو صلح أو غري ذلك يف حمضر احملاكمة وعلى احملكمة إصدار صك بذلك "‪.‬‬

‫(‪ )43‬مثال يف القانون اثزائري مدهتا ثالثة أشهر قابلة للتجديد ملدة واحدة ولنفس املدة ‪.‬‬

‫(‪ )44‬انظر‪ :‬حبث حول الوساطة القضائية يف اثزائر‪ ،‬منتدى احملاكم واجملالس القضائية‪.‬‬

‫(‪ )45‬انظر‪ :‬حبث حول الوساطة القضائية يف اثزائر‪ ،‬منتدى احملاكم واجملالس القضائية‪.‬‬

‫(‪ )46‬منتدى احملامني العرا‪ ،‬تعريف احملامي‪ ،‬خالد سامي‪.‬‬

‫‪ 021‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫" الذي يقوم مبهمة الدفاع يف الدعاوى أمام العدالة‪ ،‬وهو الذي يقدم رأيه ونصحه يف املسائل املتنازع‬

‫عليها " (‪.)47‬‬

‫وعرفه نظام احملاماة يف اململكة العربية السعودية أبنه " الرتافع عن الغري أمام احملاكم وديوان املظامل‬

‫واللجان املشكلة مبوجب األنظمة واألوامر والقرارات لنظر القضااي الداخلة يف اختصاصها‪ ،‬ومزاولة‬

‫االستشارات الشرعية والنظامية " (‪.)48‬‬

‫ومن خالل تعريف احملامي وما يقوم به من مهام‪:‬‬

‫ندرك الفرق بني دور احملامي والوساطة عموما والوساطة القضائية خصوصا‪ ،‬فدور احملامي معروف من‬

‫خالل الدفاع عن موكله أو االستشارة لالستفادة منها أمام القضاء‪.‬‬

‫هل للمحام‪ :‬دور يف الوساطة؟‬

‫تساهم الوساطة كحل بديل لتسوية النزاعات القضائية يف حتويل دور احملامي العصري من ‪،‬رد مدافع‬

‫عن موكله إىل رجل استشارة ونصح قادر على تقييم األخطار اليت تلحق مبصاا زبونه (‪ ،)49‬وبذلك ميكن‬

‫القول أبن دور احملامي مل يعد مقتصرا على دوره املعروف بل توسع دوره حبيث أصبح يقوم بتقد االقرتاح‬

‫واحللول العملية للوصول إىل حلول للنزاع قبل الوصول إىل القضاء وهو ما يعرف ابلوساطة‪ ،‬أو بعد الوصول‬

‫إىل القضاء وهو ما يعرف ابلوساطة القضائية‪ ،‬ولذلك تعمل الدول اليت هتتم ابلوسائل البديلة حلل‬

‫(‪ )47‬املرجع السابق‪.‬‬

‫(‪ )48‬انظر‪ :‬املادة األوىل من نطام احملاماة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬

‫(‪ )49‬دور احملامي يف إجناح الوساطة القضائية حممد برادة غزيول ص ‪، ،25‬لة العلوم القانونية‪ ،‬العدد األول مايو ‪.2083‬‬

‫‪ 024‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫املنازعات شرشاد احملامني وتدريبهم على إقناع زابئنهم جبدوى احللول البديلة‪ ،‬فاحملامي له دور مهم قبل‬

‫الوساطة وأثنائها وبعدها (‪.)50‬‬

‫ومن خالل ما تقدم من عرض أوجه االتفاق واالختالف بني الوساطة عموما والوساطة القضائية وبني‬

‫القضاء والصلح والتحكيم والتوفيق واحملاماة‪ ،‬وأاي كانت أوجه االتفاق واالختالف فإن الوساطة القضائية‬

‫إجراء مساعد للقضاء يف إهناء اخلصومة والوصول إىل احلل‪ ،‬وجيوز أن يساعد الوسيط القاضي يف ذلك‬

‫حينما حييل القاضي القضية إىل الوسيط ملساعدته يف إهناء القضية والوصول إىل حل اخلصومة كما جيوز‬

‫للقاضي أن يرد القاضي اخلصوم إىل الصلح‪.‬‬

‫قال الكاساين (‪ )51‬رمحه هللا‪ " :‬وال أبس للقاضي أن يرد اخلصوم إىل الصلح إن طمع منهم ذلك‪ .‬قال‬

‫الص ْل ُح َخْيـٌر) (‪ ،)52‬فكان الرد إىل الصلح ردا إىل اخلري‪ ،‬وقال سيدان عمر رضي هللا عنه‪:‬‬
‫تبارك وتعاىل‪( :‬و ُّ‬

‫"ردوا اخلصوم حىت يصطلحوا فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن " (‪.)53‬‬

‫فندا رضي هللا عنه القضاة إىل رد اخلصوم إىل الصلح ونبه على املعىن وهو حصول املقصود من غري‬

‫ضغينة اهـ‪.‬‬

‫(‪ )50‬املرجع السابق‪.‬‬

‫(‪ )51‬بدائع الصنائع ‪2‬ق ‪ ،83‬وانظر املوسوعة الكويتية ‪22‬ق ‪.322‬‬

‫(‪ )52‬النساء‪ ،‬آية ‪. 821‬‬

‫(‪ )53‬أخرجه البيهقي يف السنن الكربى ‪6‬ق‪ ،66‬وأخرجها برواايت أخرى وقال عنها البيهقي رمحه هللا‪" :‬كدها منقطعة "‪.‬‬

‫‪ 027‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫وإذا كان القاضي جيوز له أن جيري الصلح بنفسه فيجوز أن حييله إىل من يقوم به ليساعد القاضي فكذا‬

‫يف الوساطة القضائية والوسيط الذي يقوم بدور املصلح ولكنه له أدوار أخرى يقوم هبا حبسب األنظمة اليت‬

‫تنظمه بشرط أن ال خيالف نصوص الكتاا والسنة‪.‬‬

‫كما أنه إذا وقع الشقاق والنزاع بني الزوجني فإنه جيوز للقاضي أن يبعث حكما من أهله وحكما من‬

‫اق بَـْيني يه َما فَابْـ َعثُوا‬


‫أهلها للنظر يف القضية ما يراين من مجع أو تفريق‪ ،‬كما قال تعاىل‪( :‬وإ ْن يخ ْفتُ ْم يش َق َ‬

‫الحا يـُ َوفي يق ج‬


‫اَّللُ بَـْيـنَـ ُه َما) (‪.)54‬‬ ‫إص ً‬
‫ي ي‬
‫وح َك ًما م ْن أ َْهل َها إن يُير َيدا ْ‬
‫ي يي‬
‫َح َك ًما م ْن أ َْهله َ‬

‫وسواء كان احلكمان وكيلني عن الزوجني وهو قول أمل حنيفة (‪ ،)55‬وهو أحد قويل الشافعي (‪ ،)56‬وهو‬

‫األظهر عند الشافعية‪ ،‬ورواية ألمحد (‪ ،)57‬وهي الصحيح من املذهب عند احلنابلة (‪.)58‬‬

‫ألن البضع حقه‪ ،‬واملال حقها ومها رشيدان فال جيوز لغريمها التصرف فيه إال بوكالة منها‪ ،‬أو والية‬

‫عليها‪.‬‬

‫أو أهنما حاكمان‪ ،‬وهلما أن يفعال ما يراين من مجع وتفريق‪ ،‬بعوض أو بغري عوض وال حيتاجان إىل‬

‫توكيل الزوجني وال رضامها‪ ،‬وهو ما ذهب إليه مالك (‪ )59‬لآلية السابقة فسمامها حكمني‪ ،‬ومل يعترب رضى‬

‫الحا) فخاطب احلكمني يف ذلك (‪.)60‬‬


‫إص ً‬‫الزوجني مث قال‪( :‬إن يُير َيدا ْ‬

‫(‪ )54‬سورة النساء‪ ،‬آية ‪. 35‬‬

‫(‪ )55‬أحكام القرآن للجصاص ‪2‬ق ‪.239‬‬

‫(‪ )56‬هناية احملتاج إىل شرح املنهاج للرملي ‪6‬ق ‪.392‬‬

‫(‪ )57‬املغين البن قدامة ‪ 80‬ق‪. 268‬‬

‫‪ 022‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫املبحث الثامن‪ :‬تنظيم مركز املصاحلة يف وزار العدد يف اململكة العربية السعودية‬

‫صدر تنظيم مركز املصاحلة يف اململكة العربية السعودية (‪ )61‬هبذا املسمى ألنه أقرا للمسمى الشرعي‪،‬‬

‫أما الوساطة فهي مصطلح قانوين وجاء هذا التنظيم يف عشر مواد وعرف املصاحلة أبهنا "وسيلة رضائية‬

‫لتسوية املنازعات تتوالها مكاتب املصاحلة صلحا كليا أو جزئيا"‪.‬‬

‫وعرف املصلح أبنه‪ " :‬من يتوىل أعمال املصاحلة وفقأ ألحكام هذا التنظيم وركزت املادة الثالثة من‬

‫التنظيم على عدم خمالفة هذا التنظيم ألحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬واألنظمة ذات الصلة " (‪.)62‬‬

‫ونظرا ألن هذه الدراسة كانت قبل صدور قواعد العمل والالئحة التنفيذية فإين ال أستطيع أن أذكر‬

‫تفاصيل أكثر عن هذا التنظيم وال أستطيع أن نعرف عنه أكثر من ذلك ومدى مشاهبته للوساطة القضائية‬

‫أو اختالفه عنها‪ ،‬ومهما تكن اللوائح التنفيذية فإنه حيسب لوزارة العدل يف اململكة العربية السعودية هذا‬

‫التنظيم ألنه سيخفف من القضااي اليت تتوالها احملاكم‪.‬‬

‫وبعد هناية هذا البحث اطلعت على قواعد العمل يف مكاتب املصاحلة وإجراءاهتا بعد صدورها الرمسي‬

‫(‪.)63‬‬

‫(‪ )58‬اإلنصاف للمرداوي ‪1‬ق ‪. 310‬‬

‫(‪ )59‬قوانني األحكام الشرعية البن جزي ص ‪. 282‬‬

‫(‪ )60‬انظر‪ :‬املغين البن قدامة ‪ 80‬ق‪. 268‬‬

‫(‪ )61‬صــدر مبوجــب ق ـرار ‪،‬لــس الــوزراء رق ـم ‪ 803‬واتريــخ ‪1‬ق ‪8‬ق ‪ 8838‬ه ـ وعمــم علــى احملــاكم مــن معــايل وزيــر العــدل بــرقم ‪ 83‬قث‬
‫‪ 8905‬يف ‪22‬ق ‪8‬ق‪ 8838‬هـ‪ .‬انظر‪، :‬لة العدل العدد ‪ 51‬ربيع اآلخر ‪ 8838‬هـ ص ‪.268‬‬

‫(‪ )62‬املرجع السابق‪.‬‬

‫‪ 022‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫املبحث التاسع‪ :‬تاريخ الوساطة والوساطة القضائية‬

‫الوساطة عموما والوساطة القضائية خصوصا تعترب امتداد للصلح‪ ،‬ولكن الوساطة هلا آلياهتا وأنظمتها‬

‫اليت ختتلف عن الصلح يف بعض جوانبه‪ ،‬كما بينت سابقا‪ ،‬وإذا سلمنا بذلك فإن اتريخ الصلح وبدايته منذ‬

‫نشأة اإلنسانية فقد عرف وطبق يف القضاء وخارج نطاق القضاء ومن املعروف أن اإلسالم اهتم به وحث‬

‫عليه يف كثري من اآلايت واألحاديث (‪ ،)64‬ولكن مبفهوم الوساطة عموما والوساطة القضائية خصوصا فإن‬

‫هلا بداايت معروفة لدى بعض الدول للتمثيل وليس احلصر وخاصة تلك الدول اليت كان هلا سبق يف‬

‫االهتمام ومن مث التطبيق للوسائل البديلة حلل النزاع لنعرف من خالل ذلك اتريخ بداايت الوساطة عموما‬

‫والوساطة القضائية خصوصا‪.‬‬

‫‪ -5‬الوالايت املتحدة األمريكية‪:‬‬

‫يف سنة ‪ 8982‬م‪ :‬بدأ الكونغرس يف الوالايت املتحدة األمريكية يهتم مبوضوع الوساطة وخدمات‬

‫التوثيق‪ ،‬حيث أنشأ مركز الوساطة الفيدرالية و خدمات التوثيق‪.‬‬

‫يف سنة ‪ 8963‬م‪ :‬مت خسيس مجعية الوساطة العائلية وذلك لتشجيع الصلح يف القضااي العائلية املتصلة‬

‫ابحملاكم كبديل عن التقاضي يف تلك احملاكم‪.‬‬

‫(‪ )63‬صدرت تلك القواعد بقرار من معايل وزير العدل برقم (‪ )53292‬بتاريخ ‪22‬ق ‪2‬ق ‪ 8835‬هـ‬

‫(‪ )64‬تقدم ذكرها عند الكالم عن الفرق بني الصلح والوساطة‪.‬‬

‫‪ 022‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫يف سنة ‪ 8910‬م‪ :‬أصدر الكونغرس األمريكي قانوان للحلول البديلة لتسوية النزاعات‪ ،‬الذي دعا فيه‬

‫وزارات العدل يف خمتلف الوالايت األمريكية إىل تبين احللول البديلة لتسوية النزاعات وخصوصا الوساطة‬

‫منها (‪.)65‬‬

‫‪ - 0‬فرنسا‪:‬‬

‫الوساطة يف فرنسا ليست أمرا جديدا على الفرنسيني حيث كانت متارس مبفهوم التصاا ‪ ،‬أو التوفيق‪،‬‬

‫فالقانون املدين الفرنسي القد كان ال يسمح بولوج القضاء إال إذا فشلت حماولة الصلح أمام القاضي‪،‬‬

‫حيث كان إجراء اللجوء إىل قاضي الصلح أو قاضي السلم إجباراي حتت طائلة التصريح بعدم قبول‬

‫الدعوى ‪.‬‬

‫ظل الوضع قائما حىت صدور قانون ‪ 8989‬م الذي ألغى التوفيق اإلجباري (‪ .)66‬سنة ‪ 8923‬م‬

‫صدر مرسوم يقضي أبن يكون التوفيق من مهام القاضي سواء بصفة تلقائية منه‪ ،‬أو بناء على طلب‬

‫أطراف الدعوى ‪.‬‬

‫سنة ‪ 8995‬م صدر القانون املنظم للوساطة القضائية وكان قانوان منظما ومفصال‪.‬‬

‫يف سنة ‪ 2008‬م أصدرت وزارة الشؤون االجتماعية يف فرنسا قرارا وضعت به نظاما تناول شروط منح‬

‫دبلوم الوسيط العائلي (‪.)67‬‬

‫(‪ )65‬الوساطة يف التشريع املغرمل واملقارن‪ ،‬إعداد امللودي العابد العمراين ص ‪ 80‬رسالة دكتوراه ‪.‬‬

‫(‪ )66‬املرجع السابق‪.‬‬

‫‪ 025‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫‪ - 4‬الدول العربية‪:‬‬

‫أ ‪ -‬مصر‪:‬‬

‫جاء قانون العمل لسنة ‪ 8918‬م بتفعيل نظام التوفيق واستحدث الوساطة‪ .‬ويف سنة ‪ 2003‬م صدر‬

‫قانون العمل اثديد وسائل فض منازعات العمل اثماعية ابلطرق الودية ويهدف هذا القانون إىل تسوية‬

‫ودية من صنع األطراف‪ ،‬واالكتفاء بنظام واحد ويتسم ابلسرعة‪ ،‬واملرونة على اعتبار أن الوساطة امتداد‬

‫للمفاوضة‪ ،‬واالعرتاف الكامل ابلسلطات املخولة لشخص الوسيط وكل ذلك ال حيققه قانون عام ‪8918‬‬

‫م‪.‬‬

‫ويف هذا العام ‪ 2083‬م صدرت مسودة لقانون الوساطة القضائية من وزارة العدل املصرية وال أدري‬

‫هل مت إقرارها وصدورها حىت كتابة هذا البحث‪.‬‬

‫ولكن مبقارنة مصر بدول املغرا العرمل املغرا واثزائر وتونس‪ ،‬وكذا األردن جند أن هذه الدول قد‬

‫تقدمت كثريا عن مصر يف تشريعات وتطبيق الوساطة وعلى األقل يف الوساطة القضائية‪.‬‬

‫ب ‪ -‬األردن‪:‬‬

‫األردن من الدول العربية اليت خطت خطوات متقدمة يف الوساطة عموما والوساطة القضائية خصوصا‪،‬‬

‫وقد صدر قانون الوساطة يف األردن عام ‪ 2006‬م‪ ،‬ويف نفس العام مت افتتاح إدارة الوساطة القضائية يف‬

‫حمكمة البداية يف عمان وكانت تلك اخلطوة األوىل للبدء بتطبيق نظام الوساطة كأحد احللول البديلة لتسوية‬

‫(‪ )67‬املرجع السابق‪ ،‬وانظر التوفيق والوساطة يف منازعـات العمـل اثمـاعي‪ ،‬دراسـة مقارنـة‪ ،‬إعـداد انهـد حسـن عشـري ص ‪ ،885‬رسـالة‬
‫دكتوراه ‪.‬‬

‫‪ 020‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫النزاعات يف األردن ويف األنظمة العربية كل‪ ،‬إذ حيال النزاع على قاضي الوساطة إما من طرف قاضي إدارة‬

‫الدعوى أو قاضي الصلح‪ ،‬مىت ما رأى أن النزاع قابل للحل بطريق الوساطة‪ ،‬ما مل يتفق أطرافه مبوافقة أحد‬

‫القاضيني املذكورين على اللجوء إىل وسيط يرونه مناسبا‪.‬‬

‫وحسب القانون األردين فالدعاوى اليت جيوز إحالتها للوساطة هي الدعاوى البدائية ومجيع الدعاوى‬

‫الصلحية‪ ،‬وذلك عن طريق إما قاضي إدارة الدعوى أو قاضي الصلح بناء على طلب أطراف الدعوى أو‬

‫بعد موافقتهم وعقب االجتماع ابخلصوم شخصيا أو بوكالئهم القانونيني‪.‬‬

‫ولتفعيل الوساطة لدى احملاكم األردنية مت التنسيق بني وزارة العدل واجمللس القضائي األردين إلنشاء‬

‫مكتب يف وزارة العدل إلدراج برانمج الوساطة يف احملاكم األردنية (‪.)68‬‬

‫جـ ‪ -‬اململكة املغربية‪:‬‬

‫يف عام ‪ 2002‬صدر قانون حديث يف املغرا للتحكيم والوساطة االتفاقية‪ .‬وهناك مسودة مشروع‬

‫قانون للوساطة القضائية يف املغرا حىت كتابة هذا البحث مل يقر بعد‪.‬‬

‫وكان قبل ذلك وما زال املغرا منذ التسعينات امليالدية له جهود وإصالحات قانونية هامة هتدف إىل‬

‫دعم وتشجيع األخذ ابلوسائل البديلة لفض النزاعات (‪.)69‬‬

‫(‪ )68‬املرجع السابق‪.‬‬

‫(‪ )69‬املرجع السابق ص ‪. 82 ،88‬‬

‫‪ 024‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫ويف إطار هذه اثهود وتطبيق الوسائل البديلة لفض النزاع وخاصة الوساطة يف القضاء املغرمل دخلت‬

‫وزارة العدل يف شراكة مع بعض املؤسسات الدولية وتدريب القضاة واحملامني عليها (‪.)70‬‬

‫ولذلك أنشأت وزارة العدل مراكز للوساطة والتحكيم من أمهها املركز الدويل للوساطة والتحكيم‬

‫ابلرابط‪.‬‬

‫د ‪ -‬اجلزائر‪:‬‬

‫يف عام ‪ 2001‬م صدر قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية والذي يتضمن تفصيالت للوسائل البديلة‬

‫حلل النزاع كالصلح والتحكيم والوساطة القضائية‪ ،‬وابلنسبة ملا يتعلق ابلوساطة عموما والوساطة القضائية يف‬

‫هذا القانون فقد حوى تفصيالت مهمة ودقيقة ملختلف مراحل الوساطة والوسيط (‪.)71‬‬

‫هـ‪ -‬تونس‪:‬‬

‫صدر القانون رقم ‪93‬ق ‪ 2002‬بتاريخ ‪ 29‬أكتوبر عام ‪ 2002‬املتعلق شرساء الصلح ابلوساطة يف‬

‫املادة اثزائية حيث أدخل هبذا القانون اباب اتسعا ابلكتاا الرابع من ‪،‬لة اإلجراءات اثزائية حتت عنوان "‬

‫الصلح ابلوساطة يف املادة اثزائية " (‪.)72‬‬

‫(‪ )70‬املرجع السابق ص ‪ ،82‬ولعل فكرة هذا البحث كانت بدايتها من املغرا ملا استفاد الباحث من دورة للوساطة القضـائية يف املغـرا‬
‫وشارك فيها مبوافقة من جامعة القصيم يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬

‫(‪ )71‬انظر الوساطة القضائية يف التشريع اثزائري لألستاذ عبد الصدوق خريه نقال من املوقع اإللكرتوين دفاتر السياسة والقانون ‪.‬‬

‫(‪ )72‬انظـر‪ :‬الصـلح ابلوســاطة يف املـادة اثزائيـة‪ ،‬نــدوة مـن تنظـيم وزارة العـدل التونسـية املعهــد األعلـى للقضـاء والــيت أقيمـت يف ‪ 83‬مــارس‬
‫‪ .2003‬انظر‪ :‬وقائع الندوة على اإلنرتنت‪ 2001 ،‬م‪.‬‬

‫‪ 026‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫املبحث العاشر‪ :‬دور الوساطة القضائية يف التخفيف من طول فرت القضايا املنظور‬

‫لدى القضاء‬

‫ال شك أن طول فرتة أمد القضااي املنظورة لدى القضاء يف احملاكم هم يالزم اخلصوم والقضاة واملسؤولني‬

‫عن القضاء والعدل يف كل دول العامل‪ ،‬والتأخر يف البت يف القضااي املنظورة لدى القضاء موجود على‬

‫تفاوت حبسب الدول والزمان واملكان نظرا لكثرة القضااي وتنوعها وألسباا متنوعة وكثرية ليس هذا ‪،‬ال‬

‫توضيحه‪ ،‬ولكننا نبحث عن احللول العملية اليت بدأت خخذ حيزا مهما من االهتمام والتطبيق وتربز‬

‫الوسائل البديلة حلل املنازعات كالوساطة عموما والوساطة القضائية خصوصا ابإلضافة إىل التحكيم‬

‫والتوفيق والصلح كأبرز تلك الوسائل للتخفيف من الضغط على احملاكم القضائية أبنواعها‪ ،‬وتربز الوساطة‬

‫أبنواعها املختلفة ومن ضمنها الوساطة القضائية كأبرز تلك الوسائل اليت تقوم هبذا الدور املنشود وألمهية‬

‫هذا الدور جند أن االهتمام بذلك أصبح عامليا فقد أصدرت اثمعية العامة لألمم املتحدة بتاريخ ‪ 29‬ق‬

‫‪ 88‬ق ‪ 8915‬م قرارا ينص يف مادته السابعة أنه "ينبغي استعمال اآلليات غري الرمسية حلل النزاعات‬

‫مبا يف ذلك الوساطة والتحكيم والوسائل العرضية إلقامة العدل أو استعمال املمارسات احمللية عند االقتضاء‬

‫وإلرضاء الضحااي وإنصافهم " (‪.)73‬‬

‫(‪ )73‬الوسائل البديلة لتسوية املنازعات الصلح‪ ،‬الوساطة التحكيم‪ ،‬ص ‪. 88‬‬

‫‪ 021‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫وتعترب الوساطة من أهم طرق تسوية النزاعات لكافة أنواع النزاعات التجارية واملدنية واثنائية واألسرية‪،‬‬

‫بل تعدت وتطورت لتغزو عوامل جديدة هتم نزاعات اخلدمات املقدمة عرب اإلنرتنت وميادين التكنولوجيا‬

‫والبيئة وامللكية الفكرية (‪.)74‬‬

‫والسبب يف هذه املكانة املتزايدة للوساطة إلسهامها يف حل مشكلة التأخر يف البت يف القضااي لدى‬

‫بعض القضاة فهي تتميز بقصر الوقت وتوفري النفقات على أطراف اخلصومة (‪.)75‬‬

‫"أما فيما يتعلق ابلوساطة فالقضاء له دور احملرك األساسي للوصول إىل العدالة املتعاوض بشأهنا‬

‫للوصول إىل احلل عند إعمال قواعد العدالة البديلة من طرف القاضي كوسيط لتأمني العالقات واحملافظة‬

‫عليها فال ضري من ممارسة القاضي نفسه للوسائل البديلة ألنه بذلك ال يعقد سلطته كما يعتقد البعض بل‬

‫يساهم يف اخلروج من دائرة النزاع إىل دائرة التعايش (‪.)76‬‬

‫حىت وإن وصلت القضية إىل القضاء والقاضي أحاهلا إىل الوسيط الذي يرتضيه الطرفان فإن هذا‬

‫الوسيط مساعد مهم للقاضي بل مكمل له للوصول إىل احلكم بطريقة الوساطة القضائية واليت يف هنايتها‬

‫يتم الوصول إىل اهلدف املنشود من املتخاصمني والقاضي والوسيط وهو النتيجة اليت يرضى هبا اثميع‬

‫ويزول هبا اخلالف ‪.‬‬

‫(‪ )74‬انظر املرجع السابق ص ‪. 88‬‬

‫(‪ )75‬انظر‪ :‬اللجوء إىل الوسائل البديلة لفض املنازعات مدخل أساسي للجماعة القضائية‪ ،‬د‪ .‬أسامة أمولود ص ‪38‬‬

‫" اجمللة املغربية للوساطة والتحكيم " املركز الدويل للوساطة والتحكيم ابلرابط العدد السادس ‪.‬‬

‫(‪ )76‬املرجع السابق‪.‬‬

‫‪ 024‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫ونستطيع أن نؤكد أن الوسائل البديلة مبا فيها الوساطة والوساطة القضائية نظام يهدف إىل إجياد عدالة‬

‫التهدئة والتسكني اليت تنبين على احلوار والسرعة حيث أن القضاء العادي قد يعرتيه بطئ إجراءات‬

‫التقاضي وتعدد درجاته‪ ،‬وارتفاع التكاليف‪ ،‬والوسائل البديلة توفر اثهد والوقت والنفقات على اخلصوم‪،‬‬

‫ويساهم يف خلق بيئة استثمارية جاذبة (‪ ،)77‬فيما يدرك أنه إن حصل نزاع فإن الوساطة تتيح له املشاركة يف‬

‫حل اخلالف والوصول إليه‪.‬‬

‫كما أن الوسائل البديلة حتافظ على خصوصية طريف النزاع القائم بينهما كما هو الشأن يف الوساطة‬

‫للخالفات العائلية فهذا النظام يتيح للزوجني تقييم األمور والبحث عن مصلحة األبناء‪ ،‬وإجياد طرق أفضل‬

‫للمستقبل ابحلوار واالحرتام املتبادل مما يساهم يف احملافظة على الروابط االجتماعية‪ ،‬مما يسهم يف حتقيق‬

‫مكاسب مشرتكة لطريف النزاع (‪.)78‬‬

‫لذا فإننا نستطيع القول أن الوسائل البديلة تلعب الدور املكمل للقضاء على صعيد ختفيف حجم العب‬

‫ء امللقى على كاهل القضاء‪ ،‬فالوسائل البديلة تسري مع القضاء جنبا إىل جنب يف حتقيق العدالة (‪.)79‬‬

‫(‪ )77‬املرجع السابق ص ‪.35‬‬

‫(‪ )78‬املرجع السابق ص ‪.35‬‬

‫(‪ )79‬املرجع السابق ص ‪.36‬‬

‫‪ 027‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫املبحث احلادي عشر‪ :‬الصفات التي ينبغي توفرها يف الوسيط عموما والوسيط‬

‫القضائي خصوصا‬

‫‪ -8‬أن يتحلى ابلصرب‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يكون لديه القدرة على حسن االستماع لألطراف املتنازعة‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يكون لديه القدرة على تشجيع االتصال والتفاوض املثمر‪.‬‬

‫‪ -8‬أن يكون حمايدا وال يكون منحازا إىل أحد األطراف ‪.‬‬

‫‪ -5‬حيرتم السرية ويكون أهال لذلك‪.‬‬

‫‪ -6‬النزاهة‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يكون لديه الثقة ابلنفس دون أن يسيطر على احلوار بل يعطي الفرصة الكاملة لألطراف للتعبري‬

‫عن آرائهم‪.‬‬

‫‪ -1‬لديه القدرة على تشجيع وحث األطراف ومساعدهتم للوصول إىل احلل‪.‬‬

‫‪ -9‬أن يكون منظما‪.‬‬

‫أن يظهر االحرتام لكافة األطراف على حد سواء‪.‬‬ ‫‪-80‬‬

‫أن يكون لديه القدرة على مجع املعلومات دون أن يقع ابلتحري أو الشك‪.‬‬ ‫‪-88‬‬

‫‪ 022‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫أن يكون لديه قدرات يف حل املشكالت والوصول إىل احللول املرضية (‪.)80‬‬ ‫‪-82‬‬

‫املبحث الثاني عشر‪ :‬الشروط التي جيب توفرها يف الوسيط‬

‫ال يكون الوسيط مؤهال إلجراء الوساطة إال إذا توفرت فيه بعض الشروط على أن ينبغي أن ندرك أن‬

‫واضعي األنظمة والقوانني قد خيتلفون يف بعض الشروط ولكين أذكر أمهها وأبرزها‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الشروط املوضوعية‪:‬‬

‫أ ‪ -‬حسن السلوك واالستقامة‪.‬‬

‫ا ‪ -‬أن ال يكون حمكوما عليه جبناية أو عقوبة عن جرمية خملة ابلشرف ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬أن ال يكون ممنوعا من ممارسة حقوقه املدنية‪.‬‬

‫د ‪ -‬أن يكون مؤهال ابلنظر يف املنازعة املعروضة عليه أو احملالة إليه من احملكمة للقيام بدور الوسيط‬

‫(‪.)81‬‬

‫ومن الصفات اليت جيب أن تتوفر يف الوسيط اليت تقدم ذكرها‪.‬‬

‫(‪ )80‬انظر‪ :‬اللجوء إىل الوسائل البديلة لفض املنازعات مدخل أساسي للجماعة القضائية‪ ،‬د‪ .‬أ مساء أمولود ص ‪.29‬‬

‫اجمللة املغربية للوساطة والتحكيم العدد السادس ‪.‬‬

‫وانظــر‪ :‬الوســاطة كأليــة حلــل املنازعــات وأثــر الوســاطة علــى القطــاع اخلــاص والشــركات‪ ،‬األســتاذ اــس الــدين عبــداين ص ‪ ،65‬اجمللــة املغربيــة‬
‫للتحكيم التجاري‪ ،‬العدد الثالث‪.‬‬

‫(‪ )81‬انظــر حبــث حــول الوســاطة القضــائية يف اثزائــر‪ ،‬انظــر منتــدايت احملــاكم واجملــالس القضــائية‪ ،‬وانظــر املــادة اخلامســة مــن مشــروع قـانون‬
‫الوساطة القضائية يف اململكة املغربية " مل يقر بعد"‪.‬‬

‫‪ 022‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫اثنيا‪ :‬الشروط النظامية‪:‬‬

‫أ ‪ -‬أن يصدر تعيني الوسيط أبمر من احملكمة يقضي بتعيني الوسيط‪.‬‬

‫ا ‪ -‬أن يوافق اخلصوم على الوسيط‪.‬‬

‫ج ‪ -‬أن يتضمن األمر حتديد اآلجال األوىل املمنوحة للوسيط للقيام مبهمته (‪.)82‬‬

‫د ‪ -‬أن يتضمن اتريخ رجوع القضية إىل القضاء (‪.)83‬‬

‫املبحث الثالث عشر‪ :‬تعيني الوسيط‬

‫حنن نتكلم عن الوساطة القضائية‪ ،‬لكن يف الوساطة االتفاقية لو اتفق يف العقد على أنه فيما لو حصل‬

‫نزاع بني األطراف املتعاقدة فإن احلل يكون عن طريق الوساطة‪ ،‬لو عرض هذا اخلالف على احملكمة فإنه‬

‫جيب على القاضي أن ال ينظر فيه بل حييله إىل وسيط‪ ،‬ولكن يف الوساطة القضائية حينما يعرض اخلالف‬

‫يف القضية املختلف فيها على القضاء هل جيوز أن حييل القاضي القضية واألطراف املتنازعة إىل الوساطة‬

‫"وسيط " نعم هذه هي الوساطة القضائية فيجوز للقاضي أو احملكمة الناظرة يف النزاع من تلقاء نفسها أو‬

‫بناء على طلب أحد األطراف أن تعرض حل النزاع عن طريق الوساطة ولو اتفق الطرفان على إحالة‬

‫القضية املنظورة لدى القاضي أو احملكمة إىل الوساطة فإن على احملكمة أن تتوقف مؤقتا عن نظر الدعوى‬

‫(‪ )82‬حــددت الفقــرة ج مــن مــادة ‪ 3‬يف القــانون املغــرمل ذلــك أبن ال يتعــدى ثالثــة أشــهر اعتبــارا مــن اتريــخ إبــالغ الوســيط املهمــة وتكــون‬
‫قابلة للتجديد مرة واحدة مبوجب قرار قضائي بناء على طلب الوسيط ومبوافقة كل فرقاء النزاع‪ ،‬وكذلك نفس الشيء يف القانون اثزائري ‪.‬‬

‫(‪ )83‬املرجع السابق‪.‬‬

‫‪ 422‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫وتقرر إحالة النزاع على الوساطة وتسمي هلم وسيطا وميكن للوساطة أن تتناول كل مواضيع النزاع أو جزءا‬

‫من القضية (‪.)84‬‬

‫وهل الوساطة القضائية نظام مستقل عن القضاء أو غري مستقل؟‬

‫إذا كانت الوساطة القضائية هتدف إىل حل النزاعات بني األطراف عرب وسيط ميكن تعيينه من قبل‬

‫القاضي املختص يف النظر يف الدعوى موضوع النزاع لذلك فإن بعض األنظمة من اعتربها وسيلة تكميلية‬

‫للقضاء‪ ،‬والبعض اآلخر يعتربها وسيلة مستقلة عن القضاء‪ ،‬ألن مهما كانت اثهة احمليلة عليها فإن حق‬

‫القبول هبا أو رفضها يعود ألطراف النزاع ‪.‬‬

‫ويف القانون املغرمل هناك ثالث جهات خمتصة يف اإلحالة على الوساطة القضائية‪ ،‬هي قاضي‬

‫املستعجالت‪ ،‬القاضي املكلف ابلتحقيق يف الدعوى‪ ،‬وقاضي احلكم‪ ،‬وهذه اإلحالة تكون بعد موافقة‬

‫األطراف ‪.‬‬

‫أما القانون األردين للوساطة القضائية فينص يف مادته الثالثة الفقرة األوىل على أنه " لقاضي إدارة‬

‫الدعوى أو قاضي الصلح‪ ،‬وبعد االجتماع ابخلصوم أو وكالئهم القانونيني إحالة النزاع بناء على طلب‬

‫أطراف الدعوى أو بعد موافقتهم إىل قاضي الوساطة أو إىل وسيط خاص لتسوية النزاع وداي ويف مجيع‬

‫األحوال يراعي القاضي عند تسمية الوسيط اتفاق الطرفني ما أمكن (‪.)85‬‬

‫(‪ )84‬املرجع السابق‪.‬‬

‫(‪ )85‬الوساطة يف التشريع املغرمل املقارن‪ ،‬للباحث ق امللودي العابد العمراين ص ‪ 69‬وما بعدها رسالة دكتوراه ‪.‬‬

‫‪ 425‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫كما أن هذه اإلحالة ال تكون مبجرد اقرتاح األطراف اللجوء إىل الوساطة القضائية‪ ،‬ولكن تقتضي‬

‫موافقة القاضي عليها‪ ،‬نظرا ملا يتوفر عليه من سلطة تقديرية يف التحقق من مدى جدواها وألجل ضمان‬

‫حسن سري الوساطة القضائية فإهنا ختضع للمراقبة القضائية دون املساس مببدأ السرية الذي تقوم عليه وتبعا‬

‫لذلك يكمن دور القاضي يف التدخل أثناء عملية الوساطة القضائية‪ ،‬من خالل تسهيل عملية الوساطة‪،‬‬

‫وذلك للحيلولة دون وجود صعوابت قد تؤثر على سريها‪ .‬أو توقيفها للرجوع إىل القضاء إذا قدر القاضي‬

‫أن هذه الصعوابت حتول دون تبين حل ودي بني األطراف ‪.‬‬

‫وعلى أثر هذا الدور الذي يقوم به القاضي‪ ،‬يتعني على الوسيط إخباره بصفة عامة عن سري الوساطة‪،‬‬

‫كما ميكن للقاضي االستماع أو التحدث مع كل طرف على حده و الوسيط كذلك (‪.)86‬‬

‫املبحث الرابع عشر‪ :‬التزامات الوسيط ودوره يف الوساطة‬

‫حينما نتحدث عن التزامات الوسيط ودوره يف الوساطة فإننا نقصد التزاماته ودوره يف الوساطة عموما‬

‫والوساطة القضائية خصوصا‪.‬‬

‫وكما هو معروف فإن الوسيط‪ :‬هو الشخص الذي يتوىل مهمة التوفيق بني املتخاصمني بتمكينهم من‬

‫إجياد حل يرتضونه معا‪ ،‬والوسيط ال ميلك صالحية فرض القرار على املتخاصمني وإمنا يقتصر دوره يف‬

‫تسهيل عملية املفاوضات بني األطراف املتنازعة ومساعدهتا على التوصل إىل حل يرضونه شرادهتم‪ ،‬وبذلك‬

‫فهو ميسر للحوار بينهم ومسامها رئيسيا يف إعداد بناء الثقة بينهم‪ ،‬وبتبصريهم ششكاالت النزاع‪،‬‬

‫واإلمكانيات املتاحة إلجياد خيارات وحلول مفيدة له‪.‬‬

‫(‪ )86‬املرجع السابق ص ‪ 28‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪ 420‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫والوسيط جيب أن يسعى إىل حتديد معامل النزاع يف حاالت كثرية من خالل املشاعر عن طريق فهمها‬

‫والعمل على التحكم فيها وضبطها ألن األطراف املتنازعة تشعر يف بداية التفاوض ابلغضب واإلحباط‬

‫وفقدان الثقة واالستعداء وفقدان األمل واحلقد واخلوف (‪.)87‬‬

‫وعلى الوسيط أن يسعى خالل جلسات الوساطة إىل إذابة هذا الشعور وحتويله تدرجييا إىل مشاعر‬

‫بناءة تكون سببا من أسباا الوصول إىل احلل فإلجناح الوساطة جيب على الوسيط التحكم يف مشاعر‬

‫األطراف خالل املفاوضات‪ ،‬كما أن الوسيط شخص مركزي لكنه حمايد يف جلسة الوساطة‪ ،‬دون أن يكون‬

‫مقررا يف صنع االتفاق الذي يبقى بيد األطراف املتنازعة‪ ،‬كما أن الوسيط غري ملزم وغري مسؤول عن عدم‬

‫الوصول إىل االتفاق‪ ،‬فالوسيط خيلق املناخ العام للوصول إىل االتفاق الذي جيب أ‪ ،‬يبتكره األطراف‬

‫أنفسهم شرادهتم مبساعدة الوسيط ال غري فال يعين وجود الوسيط أنه يستخذ القرار مكان األطراف (‪.)88‬‬

‫وابلرغم من أن الوسيط ال يصدر أي قرار وال يلزم الطرفني برأيه فإنه ميلك حرية كبرية يف التوسع يف‬

‫مناقشة الطرفني حيث أن الوسيط يناقش الوقائع واثوانب االجتماعية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬واإلدارية‪ ،‬وحىت‬

‫اإلنسانية املرتبطة ابلنزاع وأطرافه‪.‬‬

‫وإذا كان الوسيط ال يقيم النزاع وال يصدر أي قرار فيه‪ ،‬فإنه مع ذلك يوجه مجيع األسئلة اليت يراها‬

‫ضرورية كما يطلب تقد أي بيان حول أي نقطة أو جانب من النزاع‪ ،‬غايته يف كل ذلك تقريب وجهات‬

‫النظر والدفع ابلطرفني من أجل الوصول إىل اتفاق ودي وحل النزاع ‪.‬‬

‫(‪ )87‬الوساطة يف التشريع املغرمل واملقارن‪ ،‬رسالة دكتوراه الباحث املولودي العايد العمراين ص ‪ 21‬وما بعدها‪.‬‬

‫(‪ )88‬املرجع السابق‪.‬‬

‫‪ 424‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫كما يقوم الوسيط بعقد جلسات مع أطراف النزاع‪ ،‬قد تكون جلسات مشرتكة جتمع مجيع األطراف‪،‬‬

‫وقد تكون جلسات منفردة مع كل طرف على حدة (‪.)89‬‬

‫وال مينع أن يقوم الوسيط بتقد مقرتحات حلول أو حتديد نقاط القوة أو الضعف يف حقوق األطراف‬

‫من الناحية القضائية والنظامية وحقيقة نقاط اخلالف بينهم (‪.)90‬‬

‫وعلى كل فإن للوسيط أدوارا متعددة ميكن أن جنملها شجياز يف النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ -8‬تعزيز الثقة عند أطراف النزاع ‪.‬‬

‫‪ -2‬املعرفة اثيدة ألطراف النزاع ‪.‬‬

‫‪ -3‬التحكم يف االنفعاالت ‪.‬‬

‫‪ -8‬توضيح املعلومات والتوازن فيها‪.‬‬

‫‪ -5‬تنقية املشاعر وتوجيهها إجيابيا‪.‬‬

‫‪ -6‬توفري شروط التواصل اإلجيامل بني أطراف النزاع ‪.‬‬

‫‪ -2‬الرتكيز على املصاا وتوليدها من املواقف‪.‬‬

‫‪ -1‬التأكد من املعلومات املقدمة يف جلسة الوساطة كما هي موجودة يف الواقع‪.‬‬

‫(‪ )89‬الطرق البديلة حلل النزاعات التجربة األمريكية كنموذج لألستاذ ق حممد سالم ص ‪.29‬‬

‫(‪ )90‬الصلح والوساطة يف قضااي األسرة‪ ،‬د‪ .‬إبراهيم جبماين ص ‪.838‬‬

‫‪ 426‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫‪ -9‬حتديد معامل االتفاق (‪.)91‬‬

‫املبحث اخلامس عشر‪ :‬مراحل الوساطة القضائية من البداية حىت النهاية‬

‫سأتكلم عن مراحل الوساطة القضائية‪ ،‬وهي مراحل أي وساطة سواء كانت وساطة اتفاقية‪ ،‬أو وساطة‬

‫عائلية‪ ،‬أو جتارية إخل‪.‬‬

‫وسواء أكانت وساطة قضائية كمسمى‪ ،‬أو تنظيم املصاحلة كنظام اململكة العربية السعودية‪ ،‬ولقد تقدم‬

‫بيان وتوضيح من الذي حييل على الوسيط يف الوساطة القضائية‪ ،‬وكذلك شروط وصفات الوسيط ولذا‬

‫سأقتصر هنا على مراحل الوساطة اليت يقوم هبا الوسيط مع أطراف النزاع بعد إحالة القضية إليه من‬

‫احملكمة حىت االنتهاء من عملية الوساطة ابلوصول إىل اتفاق أو فشل الوساطة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مرحلة املقدمة أو اإلعداد للوساطة‪:‬‬

‫ال شك أن جناح أي مهمة يتطلب اإلعداد هلا والتخطيط إلجناحها بوضع الوسائل والسبل الكفيلة‬

‫ابلنجاح‪ ،‬فيتعني على الوسيط الناجح مبجرد قبوله مبهمة الوساطة أن خيرب األطراف بذلك وينبغي يف هذه‬

‫املرحلة أن يتم التعارف وتشتمل هذه املرحلة على ثالث نقاط أساسية‪:‬‬

‫األوىل‪ :‬شرح مسار الوساطة والتزامات كل من الوسيط واألطراف املتنازعة وحتديد األطراف‪ ،‬وبيان‬

‫القواعد اليت حتكم سري جلسات الوساطة واليت جيب على األطراف أن حيرتموها واليت من أمهها سرية‬

‫التفاوض واالحرتام املتبادل بني األطراف‪ ،‬وعدم مقاطعة احلديث ‪ . . .‬إخل‪.‬‬

‫(‪ )91‬الوساطة يف التشريع املغرمل واملقارن‪ ،‬رسالة دكتوراه الباحث امللودي العايد العمراين ص ‪.38-3.‬‬

‫‪ 421‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫الثانية‪ :‬تقييم مدى قابلية النزاع للحل عن طريق الوساطة‪ ،‬ووضع األرضية األساسية للعمل‪.‬‬

‫الثالثة‪ :‬شرح آلية الوساطة وابلتحديد دور ومهمة الوسيط وقراءة املذكرات واحلجج الداعمة ملوقف كل‬

‫طرف‪ ،‬وحتديد مكان وزمان األعمال التحضريية وجلساهتا (‪.)92‬‬

‫اثنيا‪ :‬مرحلة افتتاح الوساطة والشروع فيها‪:‬‬

‫وتشمل هذه املرحلة استقبال األطراف‪ ،‬وتوفري قاعات لالجتماع املنفرد واملشرتك حيث هناك جلستان‬

‫يعقدمها الوسيط مها‪:‬‬

‫اجللسة األوىل‪:‬‬

‫جلسة مشرتكة حيضرها مجيع األطراف يستهلها الوسيط بتقد فكرة عن مهمته وحيث الطرفني على‬

‫التزام املوضوعية واثدية والصراحة يف يسط وجهات نظرمها‪ ،‬كما أرى أن للوسيط دورا مهما يف تذكريهم‬

‫ابهلل والصدق‪ ،‬والعقوبة الشديدة ألخذ حق الغري كما قال صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬إنكم ختتصمون إيل‬

‫ولعل بعضكم أن يكون احلن حبجته من بعض‪ :‬فأقضي له على حنو مما أمسع منه ‪ .‬فمن قطعت له من حق‬

‫أخيه‪ ،‬فال أيخذه ‪ .‬فإمنا أقطع له به قطعة من النار" (‪.)93‬‬

‫كما حيثهم على اغتنام هذه الفرصة للوصول إىل حل متفق عليه للنزاع‪ ،‬مث يطلب من الفريق املدعي‬

‫إعطاء بيان خمتصر عن وقائع الدعوى والواثئق اليت يستند إليها وما هي احلقوق اليت يطالب هبا مث يطلب‬

‫(‪ )92‬الوسائل البديلة لتسوية املنازعات الصلح الوساطة التحكيم‪ ،‬ص ‪.38‬‬

‫(‪ )93‬أخرجه البخاري بلفظ مقارا برقم ‪ ،2610‬ومسلم واللفظ له برقم ‪.8283‬‬

‫‪ 424‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫من املدعى عليه تقد جوانب أو وجهة نظره يف النزاع وميكن أن تنتهي هذه اثلسة بتبادل النقاش بني‬

‫الطرفني حول تكييف النزاع‪ ،‬وحول وجهة نظر كل منهما‪ ،‬كما ميكن أن يشارك يف هذه النقاش الوسيط‬

‫نفسه‪ ،‬مث ينهي الوسيط اثلسة‪.‬‬

‫اجللسة الثانية‪:‬‬

‫يعقدها الوسيط منفردا مع كل طرف على حدة وتكون هذه اثلسة بعد رفع اثلسة املشرتكة األوىل‬

‫مباشرة حيث يبدأ جبلسة منفردة مع املدعي (‪ ،)94‬وينبغي أن ال يتجاوز نصف ساعة على األكثر‪ ،‬يطلب‬

‫من املدعي حصر الطلبات النهائية واليت سيقوم بعرضها على الطرف املدعى عليه يف جلسة منفردة معه‪،‬‬

‫يستمع فيها لرده أو ابألحرى عرضه املقرتح حلل النزاع‪ ،‬ويقوم شبالغه للمدعي من جديد فهذه املرحلة يركز‬

‫الوسيط فيها على االستماع لوجهات النظر املتباينة لألطراف ويسعى إىل حتديد مواضيع االتفاق‬

‫واالختالف ما بني طريف النزاع وابلتايل فإن الوسيط قد كون فكرة أولية ولو نسبية يف هذه املرحلة عن وقائع‬

‫النزاع‪ ،‬وعن كيفية التعامل مع األطراف للوصول إىل نتيجة ترضي الطرفني معا (‪.)95‬‬

‫اثلثا‪ :‬مرحلة دراسة النزاع والتفاوض‪:‬‬

‫تعترب هذه املرحلة من املراحل األساسية واملهمة يف الوساطة وما مييزها عن ابقي املراحل هو الدور الكبري‬

‫الذي يلعبه الوسيط يف إطارها حبيث يقوم شعداد األرضية املناسبة للتفاوض من أجل الوصول إىل احلل‬

‫املناسب للنزاع‪ ،‬وما يعقده من اجتماعات منفردة أو مشرتكة للوصول إىل حل النزاع‪ ،‬فمن املعروف أن دور‬

‫(‪ )94‬ميكن أن حيضر اثلسات حمامي كل طرف إذا كان له حمامي‪.‬‬

‫(‪ )95‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 38‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪ 427‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫الوسيط هو تشجيع األطراف على تسوية املسائل موضوع النزاع بينهما أبي طريقة يراها مناسبة دون أن‬

‫يكون له سلطة لفرض تسوية على الطرفني‪.‬‬

‫ومن املفرتض أن يكون الوسيط قد حدد طلباته ومواقفه وفهم جيدا مواقف أطراف النزاع‪ ،‬وذلك من‬

‫أجل الدخول يف املرحلة احلامسة يف النزاع ‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬مرحلة االتفاق وتسوية النزاع‪:‬‬

‫هذه املرحلة هي النهائية اليت يتم فيها النطق ابحلل " جناح أو فشل الوساطة " حيث يعقد الوسيط ‪-‬‬

‫يف حال جناح الوساطة ‪ -‬جلسة يستعرض فيها نتائج مهمته‪ ،‬وما انتهت إليه الوساطة من اتفاق الطرفني‬

‫على احلل وحيرر الوسيط وثيقة صلح كتابية حترر هلذه الغاية ويوقع عليها األطراف وتتضمن هذه الوثيقة‬

‫وقائع النزاع وكيفية حله‪ ،‬وما اتفق عليه األطراف مبساعدة الوسيط‪ ،‬ويتسلم كل طرف نسخة منها ويقوم‬

‫الوسيط برفعه إىل احملكمة اليت أحالت القضية إليه فتقوم احملكمة ابملصادقة على االتفاق احلاصل من خالل‬

‫الوساطة مبوجب أمر غري قابل ألي طريق من طرق الطعن (‪.)96‬‬

‫وينبغي أن نعرف أنه ليس للقاضي أن يعرتض على القرار الذي يتوصل إليه الوسيط مع األطراف يف‬

‫الوساطة القضائية‪.‬‬

‫على كل األحوال البد من رجوع القضية إىل احملكمة اليت أحالتها للوسيط ومن ابا أوىل فيما لو‬

‫فشلت الوساطة القضائية يف الوصول إىل احلل كما أنه ميكن للقاضي يف أي وقت من األوقات إهناء‬

‫الوساطة بطلب من الوسيط أو اخلصوم ‪.‬‬

‫‪ 422‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد الربيش‬

‫كما ميكن للقاضي إهناؤها تلقائيا عندما يتبني له استحالة السري احلسن يف القضية (‪.)97‬‬

‫خامتة‬

‫أمحد هللا وأشكره على عونه وتوفيقه يف إمتام هذا البحث ويف هنايته أذكر أهم النتائج والتوصيات‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أهم فوائد ونتائج البحث‪:‬‬

‫‪ -8‬أن الوساطة القضائية هي‪ " :‬وسيلة ودية حلل نزاعات قائمة ومرفوعة أمام القضاء‪ ،‬وحتت رقابته‪،‬‬
‫وذلك عرب تعيني القاضي لطرف مغاير يقوم مبساعدة أطراف النزاع للوصول إىل حل ودي لنزاعاهتم‪.‬‬

‫‪-2‬هناك فروقا متعددة بني الوساطة عموما والوساطة القضائية خصوصا وبني الوسائل البديلة حلل النزاع‬
‫كالتحكيم والصلح ذكرهتا يف ثنااي البحث‪.‬‬

‫‪-3‬هناك فروقا متعددة بني الوساطة عموما والوساطة القضائية خصوصا وبني القضاء واحملاماة ذكرهتا يف‬
‫ثنااي البحث‪.‬‬

‫‪ -8‬املصاحلة يف تنظيم مركز املصاحلة يف اململكة العربية السعودية هو "وسيلة رضائية لتسوية املنازعات‬
‫تتوالها مكاتب املصاحلة صلحا كليا أو جزئيا"‪.‬‬

‫‪-5‬نص تنظيم مركز املصاحلة يف اململكة العربية السعودية أبنه تطبق مكاتب املصاحلة على القضااي‬
‫املعروضة أمامها أحكام الشريعة اإلسالمية بل نصت على رد الصلح إذا كان خمالفا ألحكام الشريعة‪.‬‬

‫‪ -6‬تعترب الوساطة عموما والوساطة القضائية خصوصا من أهم الوسائل املساعدة والبديلة حلل النزاع ‪.‬‬

‫(‪ )96‬وقد ذهب إىل ذلك القانون املغرمل واثزائري يف الوساطة القضائية‪.‬‬

‫(‪ )97‬انظر الوساطة القضائية يف اثزائر منتدايت احملاكم واجملالس القضائية وانظر مشروع قانون الوساطة القضائية يف اململكة املغربية املـادة‬
‫‪. 1 ،2‬‬

‫‪ 422‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬


‫الوساطة القضائية‬

‫‪-2‬أن االهتمام املتزايد ابلوساطة القضائية نظرا إلسهامها امللموس يف حل مشكلة التأخري يف البت يف‬
‫القضااي املنظورة لدى القضاء‪.‬‬

‫‪ -1‬هناك صفات وشروط جيب توفرها يف الوسيط الذي يتوىل الوساطة‪ ،‬كما أن عليه التزامات وأدوارا‬
‫جيب أن يقوم هبا كلها مذكورة يف ثنااي البحث‪.‬‬

‫‪ -9‬أن للوساطة مراحل جيب أن يقوم هبا الوسيط حىت يصل إىل وساطة انجحة ذكرهتا ابلتفصيل يف‬
‫البحث‪.‬‬

‫‪ -80‬أن ما يتوصل إليه من احللول يف الوساطة القضائية وكذا يف تنظيم مركز املصاحلة ويصادق عليه‬
‫من احملكمة املختصة أيخذ صفة القطعية‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬أهم التوصيات‬

‫‪ -8‬حتتاج الوساطة القضائية إىل مزيد من الدراسة والبحث ومعرفة نتائج تطبيقها يف الدول اليت قامت‬
‫بتطبيقها ملعرفة مدى جناحها من عدمه ومعرفة إجيابياهتا وسلبياهتا‪.‬‬

‫‪ -2‬أرى عدم احلكم السريع على تنظيم مركز املصاحلة يف وزارة العدل يف اململكة العربية السعودية حىت‬
‫أيخذ حيزا من التطبيق واكتساا مزيد من اخلربات ملن يعملون فيه‪.‬‬

‫‪ -3‬أرى أن تقو م وزارة العدل بتدريب الذين سيقومون ابلعمل بتلك املراكز‪ ،‬واالستفادة من حماسن‬
‫الوساطة والوساطة القضائية واكتساا املهارات والقدرات اليت يتمتع هبا الوسيط‪.‬‬

‫‪ -8‬أرى أن تنسيق الوزارة ابلتعاون مع اثمعيات اخلريية واملراكز اليت هلا خربات يف هذا اجملال يف‬
‫اإلصالح األسري وإصالح ذات البني‪.‬‬

‫‪ -5‬أرى عقد مؤمترات وندوات وورش عمل تبادلية بني الدول اليت طبقت الوساطة عموما والوساطة‬
‫القضائية خصوصا لتبادل اخلربات والتجارا واالستفادة منها‪.‬‬

‫‪ 452‬جملة العدل العدد ‪ 46‬رجب ‪ 5641‬هـ‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like