الإنحراف التشريعي ومدى مساسه بمبدأ المشروعية

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 189

‫الإنحرافإالتشريعيإومدىإمساسهإبمبدأإالمشروعية إ‬

‫‪Legislative Deviation and the Extent of Prejudice‬‬


‫‪to the Principle of Legality‬‬

‫إعداد إ‬
‫نورإنوزادإمحمدإفرجإباخي‬

‫إشراف إ‬
‫الدكتورإمحمدإعليإزعلإالشباطات إ‬

‫قدمتإهذهإالرسالةإاستكما إلاإلمتطلباتإالحصولإعلىإدرجةإالماجستير إ‬
‫فيإالقانونإالعام‬

‫قسمإالقانونإالعام إ‬
‫كليةإالحقوق إ‬
‫جامعةإالشرقإاألوسط‬
‫حزيران‪،‬إ‪ 2022‬إ‬
‫ب‬

‫تفويض إ‬
‫ج‬

‫قرارإلجنةإالمناقشة إ‬

‫إ‬
‫د‬

‫شكرإوتقدير إ‬

‫اللهم لك الحمد و الشكر كما ينبغي لجالل وجهك و عظيم سلطانك‪...‬‬


‫يسرني ان اتقدم بخالص شكري و تقديري الى استاذي الفاضل الدكتور محمد‬
‫الشباطات لتفضله قبول االشراف على هذه الرسالة و تكبده عناء المراجعة و سعة‬
‫صبره‪.‬‬
‫كما اتوجه بالشكر و التقدير الى اساتذتي االفاضل اعضاء لجنة المناقشة لدعمهم و‬
‫مساعدتهم و قبولهم مناقشة هذه الرسالة ‪.‬‬
‫كما اتقدم بواجب الشكر و العرفان الى الدكتور سالم الساعدي والدكتور علي مسلم و‬
‫الدكتورة لمياء محمد داوود‬
‫ه‬

‫الهداء إ‬

‫الى الداعم االول والدي العزيز‬

‫الى من نورت دربي بدعائها و دعمها المستمر والدتي الحنون‬

‫الى صديقتي و اختي الدكتورة زينب نور الدين‬

‫الى كل شخص دعمني و ارشدني و شد من ازري ولو بكلمة اهديهم ثمرة جهدي المتواضع‬
‫و‬

‫فهرسإالمحتويات إ‬

‫الموضوعإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإإالصفحة إ‬
‫العنوان ‪ ........................................................................................‬أ‬
‫تفويض ‪ .....................................................................................‬ب‬
‫قرار لجنة المناقشة ‪ ...........................................................................‬ج‬
‫شكر وتقدير ‪ ..................................................................................‬د‬
‫اإلهداء ‪ .....................................................................................‬ه‬
‫فهرس المحتويات ‪ .............................................................................‬و‬
‫الملخص باللغة العربية ‪ .......................................................................‬ح‬
‫ّ‬
‫الملخص باللغة اإلنجليزية ‪....................................................................‬ط‬
‫ّ‬
‫الفصلإاألول‪:‬إخلفيةإالدراسةإوأهميتها‬
‫أوالً‪ :‬المقدمة ‪1 .................................................................................‬‬
‫ثانياً‪ :‬مشكلة الدراسة ‪2 ..........................................................................‬‬
‫ثالثاً‪ :‬أسئلة الدراسة ‪2 ...........................................................................‬‬
‫رابعاً‪ :‬أهداف الدراسة ‪3 .........................................................................‬‬
‫خامساً‪ :‬أهمية الدراسة ‪3 ........................................................................‬‬
‫سادساً‪ :‬حدود الدراسة ‪4 .........................................................................‬‬
‫سابعاً‪ :‬مصطلحات الدراسة ‪4 ...................................................................‬‬
‫ثامناً‪ :‬الدراسات السابقة ذات الصلة ‪5 ...........................................................‬‬
‫تاسعاً‪ :‬منهج الدراسة‪7 ..........................................................................‬‬
‫عاش اًر‪ :‬اإلطار النظري للدراسة ‪7 ................................................................‬‬

‫الفصلإالثاني‪:‬إالطارإالمفاهيميإلالنحرافإالتشريعيإومبدأإالمشروعية‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية االنحراف التشريعي ‪10 ...................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم عيب االنحراف التشريعي‪11 .........................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص عيب االنحراف التشريعي ‪21 ....................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الفرق بين مبدأ الشرعية ومبدأ المشروعية ‪29 ...............................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ماهية مبدأ المشروعية‪34 .......................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم مبدأ المشروعية واهم دالالته ‪36 .....................................‬‬
‫ز‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المقومات القانونية لمبدأ المشروعية ‪40 .....................................‬‬


‫المطلب الثالث‪ :‬أهمية مبدأ المشروعية كأساس لدولة القانون ‪62 ............................‬‬

‫الفصلإالثالث‪:‬إالنحرافإالتشريعيإأسبابهإوصوره‬
‫المبحث األول‪ :‬أسباب االنحراف التشريعي ‪72 ..................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬األسباب الفنية لالنحراف التشريعي ‪73 .....................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬األسباب الواقعية لالنحراف التشريعي‪86 ....................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬صور االنحراف التشريعي ‪103 .................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مجانبة المصلحة العامة ‪104 ..............................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خرق قاعدة تخصيص األهداف ‪114 .......................................‬‬

‫الفصلإالرابع‪:‬إآثارإالنحرافإالتشريعيإوضماناتإالمصلحةإالعامة‬
‫المبحث األول‪ :‬آثار االنحراف التشريعي على الحقوق والحريات الدستورية ‪122 ..................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الحقوق والحريات الدستورية ‪123 ....................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬آثار االنحراف التشريعي على الحقوق والحريات األساسية ‪129 ..............‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ضمانات حماية المصلحة العامة ‪136 ..........................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الرقابة الدستورية والمصلحة العامة ‪137 ....................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬قياس أثر التشريع ‪151 ....................................................‬‬

‫الفصلإالخامس‪:‬إالخاتمة‪،‬إالنتائجإالتوصيات‬
‫أوالً‪ :‬الخاتمة ‪160 .............................................................................‬‬
‫ثانياً‪ :‬النتائج ‪161 .............................................................................‬‬
‫ثالثاً‪ :‬التوصيات ‪163 ..........................................................................‬‬
‫قائمة المراجع ‪165 ............................................................................‬‬
‫ح‬

‫النحرافإالتشريعيإومدىإمساسهإبمبدأإالمشروعية إ‬
‫إعداد‪:‬إنورإنوزادإمحمدإفرجإباخي إ‬
‫إشراف‪:‬إالدكتورإمحمدإعليإزعلإالشباطات إ‬
‫إباللغةإالعربية‬ ‫المل ّخص‬

‫هدفت الدراسة البحث في نظرية االنحراف التشريعي فقد سلطت الضوء على أهمية هذا العيب‬
‫وخطورته و الذي يصيب غاية التشريع ويصعب تشخصيه و كشفه ‪ ،‬وبيان تأثيره المباشر و البعيد‬
‫المدى على مبدأ المشروعية باعتبار ان مبدأ سمو الدستور وقاعدة هرمية القوانين هما االساس‬
‫المتين الذي تبنى عليه النظم الدستورية الحديثة‪ ،‬وقد اعتمدت الدراسة المنهج التحليلي و الوصفي‬
‫حيث تناولت اآلراء الفقهية بالبحث و التدقيق اضافة الى مواقف القضاء الدستوري في عدد من‬
‫الدول منها فرنسا و مصر و العراق و االردن و لبنان وامريكا‪ ،‬ووضحت مفهوم عيب االنحراف‬
‫التشريعي وبحثت في خصائصه و صوره واسبابه الفنية منها والواقعية‪ ،‬اضافة الى أهم الضمانات‬
‫الدستورية و السبل التي تكفل حماية المصلحة العامة‪.‬‬

‫وخلصت الد ارسة الى ان الرقابة الدستورية على االنحراف التشريعي يجب اعتمادها لخطورته‬
‫واعتباره عيباً اساسياً ال احتياطياً‪ ،‬لما له من اثار سلبية جمة على النظام القانوني للدولة‪ ،‬اضافة‬
‫الى توسيع الرقابة من خالل الرقابة الذاتية للسلطة التشريعية‪ ،‬مع التأكيد على اعتماد قياس أثر‬
‫التشريع (قياس االثر التنظيمي) كإضافة مهمة تفتح افاق جديدة قد تحد من انتشار تشريعات معيبة‬
‫بعيب االنحراف التشريعي كونه يدرس غاية التشريع المقترح واثاره بعد النفاذ‪.‬‬

‫الكلمات إالمفتاحية‪ :‬إالنحراف إالتشريعي‪ ،‬إمبدأ إالمشروعية‪ ،‬إالرقابة إالدستورية‪ ،‬إقياس إأثرإ‬
‫التشريع‪ .‬إ‬
‫ط‬

Legislative Deviation and the Extent of Prejudice to the


Principle of Legality
Prepared by: Nour Nawzad Muhammad Faraj Bakhi
Supervised by: Dr. Muhammad Ali Za'al Al-Shabatat
Abstract
‫الملخ ص إباللغةإالنجل يزية‬
ّ

The present study aims at searching in the theory of legislative deviation in


shedding the light on the significance of such a defect and its seriousness that cannot
easily be diagnosed and to manifest its direct and long-term effect on the
legality principle considering the supereminence of the constitution as well as
hierarchy of the rules base that are the rigid foundation on which the modern
Constitution Systems are built .

The study has adopted the analytic-descriptive method ,tackling the doctrinal views in
addition to the positions adopted by other countries such as France , Egypt , Iraq,
Jordan, Lebanon , and America .
The study has also revealed the legislative deviation defect and its features, forms
and technical and actual reasons as well as pointing out the most significant
constitutional safeguards and the ways that provide guarantee, which in turn protects the
public interest.

The current study has firstly concluded that constitutional surveillance on the
legislative deviation must be adopted for the seriousness of such a defect that has
negative effects on the legal system of the state, and secondly, extending the role of the
self- surveillance of the legislative authority. Confirming the adoption of measuring the
legislation effect (measuring the organizational effect) as a task that opens new scopes
that may restrict the spread of defective legislations caused by the legislative deviation.

Keywords: Legislative Deviation, Legality Principle, Constitutional Surveillance,


Measuring the Legislation Effect.
‫‪1‬‬

‫الفصلإاألول‪ :‬إ‬
‫خلفيةإالدراسةإوأهميتها‬

‫أولا‪:‬إالمقدمةإ‬

‫ما من شك أن من أهم االمور وفي جميع النظم القانونية هو وجود الدستور الذي يعد القانون‬

‫األسمى في الدولة وأساس تنظيم جميع السلطات العامة فيها ومصدر شرعيتها لكون الدستور‬

‫القانون االعلى وقواعده آمره تلزم الدولة بكل سلطاتها بالخضوع وااللتزام بقواعده وبخالفه تغدو‬

‫أعمال تلك السلطات باختالفها غير شرعية‪.‬‬

‫لذا استوجب على السلطة التشريعية وهي تسن التشريعات ان ال تخرج عن الدستور وان تراعي‬

‫القواعد الدستورية فيما تسنه من قوانين حيث يجب ان تكون متفقة مع مبادئه األساسية ومقاصده‪،‬‬

‫من حيث الشكل واالختصاص والموضوع واالجراءات‪ ،‬فعلى السلطة التشريعية ان تقوم‬

‫باختصاصها االصيل بسن التشريعات وبالتزام تام بما جاء في الوثيقة الدستورية وذلك بمراعاة بما‬

‫تقرر من أحكام ومبادئ في التشريع حتى ال تكون مخالفة للمبادئ الدستورية واألحكام التي جاء بها‬

‫وان تتوخى المصلحة العامة بحيث تكون هي الغاية األساسية التي تسعى لبلوغها‪.‬‬

‫هناك استقرار فقهمي على ان التشريع يخالف الدستور على أساس مخالفتين المخالفة االولى‬

‫(مخالفة التشريع للدستور) وهي المخالفة التي تتصل بركن الشكل‪ ،‬االختصاص‪ ،‬السبب‪ ،‬المحل‪.‬‬

‫المخالفة الثانية (عيب االنحراف التشريعي أو االنحراف في استعمال السلطة التشريعية) وهو العيب‬

‫الذي يصيب الغاية أي غاية التشريع ذاته وهي الغاية التي تستهدف تحقيق الصالح العام هنا ومن‬

‫مقتضيات التوضيح سنكون امام اخالل بمبدأ المشروعية حيث سيكون لدينا قوانين ال تراعي مبدأ‬

‫التدرج القانوني ومخالفة صريحة من قاعدة أدنى لقاعدة اعلى‪ ،‬أي ان وجود عيب االنحراف‬
‫‪2‬‬

‫التشريعي قد يعطل هذا المبدأ السامي حيث ال نجد دولة قانونية ال تأخذ بمبدأ المشروعية عند‬

‫تنظيمها للقوانين كونه السمة األساسية لكفالة الحقوق والحريات‪.‬‬

‫لذا توخى الباحث البحث في عيب االنحراف التشريعي للوصول إلى فهم أعمق وأوضح لهذا‬

‫العيب ومدى تأثيره على مبدأ المشروعية أي مخالفة قاعدة أدنى لقاعدة اعلى أي مخالفة مبدأ سمو‬

‫الدستور‪.‬‬

‫ثانيإا‪:‬إمشكلةإالدراسةإ إ‬

‫تكمن إشكالية الدراسة األساسية في تهديد عيب االنحراف التشريعي للنظام القانوني ألي دولة‬

‫وما ينتج عنه من اضرار بمصالح الدولة وعمل سلطاتها وهيئاتها والتأثير المباشر على مصالح‬

‫األفراد وحرياتهم وحتى مراكزهم القانونية والمصالح العامة‪ ،‬حيث ان صدور تشريعات ال تراعي‬

‫التدرج القانوني وتتجاوز على الدستور بتقديم قاعدة االدنى على القاعدة االعلى يسبب خلل في‬

‫المنظومة القانونية للدولة ويفقد الثقة لدي الشعب بالبرلمان الذي يفترض فيه حسن النية عند‬

‫صياغة القوانين‪ .‬وبالنتيجة سيحدث ضعف في البينان القانونية للدولة لذا أصبح من المهم الوصول‬

‫إلى حلول ناجعة للحد من ظاهرة االنحراف التشريعي والتصدي لها عن طريق توفير الضمانات‬

‫األساسية التي تحمي التشريع من انحراف السلطة التشريعية عن غايتها وبالتالي تحمي مبدأ‬

‫المشروعية‪.‬‬

‫ثالثإا‪:‬إأسئلةإالدراسةإ إ‬

‫‪ -‬ما المقصود بعيب االنحراف التشريعي وتأثيره على مبدأ المشروعية؟‬

‫‪ -‬كيف يمكن اثبات ان التشريع الصادر عن السلطة التشريعية معيب بعيب االنحراف التشريعي؟‬
‫‪3‬‬

‫‪ -‬هل يوثر االنحراف التشريعي بمصالح الدولة ونظامها القانوني؟‬

‫‪ -‬ما مدى تأثير اصدار تشريعات معيبة بعيب االنحراف التشريعي بالحقوق والمصالح العامة؟‬

‫‪ -‬ما هي أهم الحلول والضمانات التي ممكن أعمالها للحد من ظاهرة االنحراف التشريعي؟‬

‫رابعإا‪:‬إأهدافإالدراسة إ‬

‫‪ -‬توضيح طبيعة االنحراف التشريعي‪.‬‬

‫المشرع إلى االنحراف بالتشريع عن غاياته األساسية‪.‬‬


‫‪ -‬بيان األسباب التي تؤدي ب ّ‬

‫‪ -‬ايجاد حلول ممكنة التطبيق وفعالة للحد من االنحراف التشريعي وتصحيح مسار العمل‬
‫التشريعي‪.‬‬

‫‪ -‬توضيح الضمانات للمحافظة على مبدأ المشروعية‪.‬‬

‫خامسإا‪:‬إأهميةإالدراسة إ‬

‫تكمن اهمية الدراسة في انحراف السلطة التشريعية عن غياتها األساسية وهي تحقيق المصلحة‬

‫العامة ‪،‬فعند اصدارها تشريعات مخالفة للدستور ومعيبة بعيب االنحراف التشريعي الذي يعرف‬

‫أيضاً بالعيب الخفي الذي يصيب غاية التشريع ومدى تأثره على التدرج القانوني باحترام القاعدة‬

‫االدنى للقاعدة االعلى أي احترام القوانين للدستور كونه القانون االسمى ‪،‬إضافة إلى مدى امكانية‬

‫كشف هذا العيب والتعرف عليه وكيف تعاملت معه مختلف النظم القانونية حيث تبرز اهمية الرقابة‬

‫الفعالة على هذا النوع من العيوب الخطيرة التي تصيب غاية التشريع والذي من الصعب اكتشافه‬

‫لذا تم وصفوه بالعيب االحتياطي ‪.‬حتى نحد من نطاق هذا العيب وتوفير الضمانات الكافية لحماية‬

‫مبدأ المشروعية الدستورية‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫سادسإا‪:‬إحدودإالدراسة إ‬

‫تكمن حدود الدراسة في المجال التطبيقي لالنحراف التشريعي كعيب من العيوب التي تصيب‬

‫التشريع (القانون العادي) في غايته ومدى االثر الذي يتركه على مبدأ المشروعية (تدرج القوانين)‬

‫إضافة إلى دراسة مبدأ المشروعية باعتباره مبدأ قانوني دستوري عام حاولت معظم الدول تكريسه‬

‫في دساتيرها وكيف تتصدى الدول القانونية لعيب االنحراف وتكشفه من خالل الرقابة الفعالة عليه‪.‬‬

‫سابعإا‪:‬إمصطلحاتإالدراسة إ‬

‫النحراف إالتشريعي‪ :‬قانون سليم في جميع جوانبه الظاهرة‪ ،‬فهو تشريع صادر عن هيئة‬

‫تشريعية مختصة‪ ،‬وفقاً للشكل الذي يستلزمه الدستور‪ ،‬كما انه يقوم على محل سليم ولكن إذا نظرنا‬

‫(‪)1‬‬
‫إلى الغاية منه نجد انها غير مشروعة‪.‬‬

‫مبدأإالمشروعية‪ :‬ان عدم جواز تعارض القواعد العادية مع القواعد الدستورية نتيجة قانونية‬

‫منطقية لمبدأ سمو الدستور واحتالل القاعدة الدستورية للمكانة العليا في السلم الهرمي للتدرج‬

‫القواعد القانونية وأال لفقد هذا المبدأ اهميته وانهار‪ ،‬بناء عليه ال يجوز للسلطة التشريعية التي تضع‬

‫من القوانين ما يخالف األحكام الدستورية وان هي فعلت ذلك صراحة أو ضمناً تحت ستار التنظيم‬

‫فإن عملها يعد خروجاً عن مبدأ الشرعية وتحدياً للقواعد الدستورية؛ األمر الذي عرضها للبطالن‬

‫(‪)2‬‬
‫سواء ورد ذلك صراحة في الدستور أم لم يرد‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابو العينين‪ ،‬محمد ماهر (‪ .)2013‬االنحراف التشريعي والرقابة على دستورية‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬المركز‬
‫القومي لإلصدارات القانونية‪ ،‬ص‪.305‬‬
‫(‪ )2‬الخطيب‪ ،‬نعمان احمد (‪ .)2014‬الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬ط‪ ،10‬عمان‪ ،‬دار الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬ص‪.540‬‬
‫‪5‬‬

‫الرقابةإالدستورية‪ :‬وتعني التحقق من مخالفة القوانين للدستور تمهيداً لعدم إصدارها إذا كانت‬

‫(‪)1‬‬
‫لم تصدر أو إللغائها أو االمتناع عن تطبيقها أو وقف العمل بأحكامها إذا كان قد تم إصدارها‪.‬‬

‫ثامن ا‪:‬إالدراساتإالسابقةإذاتإالصلة إ‬

‫‪ ‬دراسة اليساري ‪،‬حسين علي محمد (‪ .)2020‬بعنوان‪ :‬قواعد وضوابط اثبات االنحراف التشريعي‬

‫دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬الجامعة االسالمية في لبنان‪.‬‬

‫تتناول الدراسة قواعد وضوابط اثبات االنحراف التشريعي حيث يقوم الباحث بدراسة وصياغة‬

‫فرضية االنحراف التشريعي والبحث في عموميات النظرية العامة لهذا االنحراف في نطاق القانون‬

‫العام للوقوف على طبيعة هذا العيب وأهم معاييره وخصائصه وبحث بشكل معمق في أثر وضع‬

‫قواعد وضوابط اثبات االنحراف التشريعي ليصل إلى التوسع في نطاق الرقابة على هذا العيب‪.‬‬

‫ما يميز هذه الدراسة عن الدراسة السابقة هو أن دراستي تبحث في المساس المباشر واالثر‬

‫الذي يتركه عيب االنحراف التشريعي على مبدأ المشروعية الذي هو أساس الدولة القانونية حتى ال‬

‫نكون أمام قانون أدنى مخالف لقاعدة أعلى يشرع من السلطة التشريعية كون هذا األمر ينعكس‬

‫على البناء القانوني للدولة واالخالل بهذا البنيان يضعف الدولة وايجاد حلول للحد من هذه الظاهرة‬

‫هو هدف الدراسة‪.‬‬

‫‪ ‬دراسة بارة ‪،‬عدنان فاضل (‪ ،)2017‬بعنوان‪ :‬عيب االنحراف التشريعي وتطبيقاته في التشريعات‬

‫المالية واالقتصادية في العراق‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة النهرين‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جمهورية العراق‪.‬‬

‫(‪ )1‬النسور‪ ،‬فهد ابو العثم (‪ .)2016‬القضاء الدستوري بين النظرية والتطبيق‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫ص‪.115‬‬
‫‪6‬‬

‫تتناول هذه الدراسة مشكلة االنحراف التشريعي في التشريعات المالية واالقتصادية في العراق‪،‬‬

‫حيث تتحدث الدراسة عن المشاكل العملية المترتبة على صدور هذه التشريعات التي فيها يصعب‬

‫كشف االنحراف التشريعي في أغلب األحوال‪ ،‬المتياز هذه التشريعات بطبيعة اقتصادية‪ ،‬هذه‬

‫الدراسة اتت لتسليط الضوء على أهم النقاط الرئيسة والبارزة التي تعمل على جدلية وحتمية‬

‫االنحراف التشريعي (في التشريعات المالية واالقتصادية)‪.‬‬

‫ما يميز هذه الدراسة هو تناولها موضوع االنحراف التشريعي من ناحية تأثيره على البنيان‬

‫القانوني لدولة القانون وتأثيره المباشر بمبدأ المشروعية‪ .‬للوصول إلى طرق ناجعة للرقابة والحيلولة‬

‫دون اصدار تشريعات من السلطة التشريعية ال تكون غايتها الصالح العام وانما مصالح فئوية أو‬

‫حزبية وبالتالي فقدان الثقة بالمؤسسة التشريعية من قبل الشعب‪.‬‬

‫‪ ‬احمد‪ ،‬رمضان عيسى (‪.)2018‬بعنوان‪ :‬االنحراف التشريعي العراق نموذجاً‪ ،‬اطروحة‬

‫دكتوراه ‪ ،‬الجامعة االسالمية في لبنان‪.‬‬

‫تتناول الدراسة البحث في عيب االنحراف التشريعي كنظرية متكاملة و تبحث في االسس‬

‫التي يقوم عليها هذا العيب ‪،‬وقد اتخذت الدراسة من جمهورية العراق نموذجا اسقطت عليه‬

‫جميع حيثيات النظرية و اتخذت من قوانينه اساس تبحث فيه بشكل معمق و تسلط الضوء‬

‫اين ما وجد عيب االنحراف ‪.‬‬

‫اما ما يميز هذه الدراسة فهو البحث في مدى تأثير عيب االنحراف التشريعي في مبدأ‬

‫المشروعية و اهم سبل حماية هذا المبدأ للحد من اصدار تشريعات ال تراعي حماية‬

‫المصلحة العامة و تستهدف تحقيق اهداف خاصة بعيده عنه‪.‬‬


‫‪7‬‬

‫تاسعإا‪:‬إمنهجإالدراسة إ‬

‫نظ اًر ألهمية الموضوع ستعتمد الباحثة على عدد من المناهج العلمية‪:‬‬

‫‪ -‬المنهج الوصفي وذلك لدراسة مواضيع البحث وتفاصليه باالعتماد على المصادر الرصينة‬

‫المختلفة‪.‬‬

‫‪ -‬المنهج التحليلي‪ :‬من خالل شرح وبيان النصوص الخاصة بالموضوع وأحكام القضاء الدستوري‬

‫وبيان وجهات النظر حين يحتاج األمر بالنسبة للنصوص التشريعية التي شابها عيب انحراف‬

‫بالتشريع وحتى بالنسبة لألحكام القضائية التي ألغت تشريع أو نص قانوني بسبب االنحراف‬

‫بالتشريع عن غايته السامية أال وهي الصالح العام‪.‬‬

‫‪ -‬المنهج المقارن‪ :‬وذلك من خالل المقارنة بين النظم والدساتير في عدد من الدول اينما تطلب‬

‫األمر لضروريات إغناء البحث بتجارب دول المقارنة‪.‬‬

‫عاش إار‪:‬إالطارإالنظريإللدراسةإ إ‬

‫سمت الدراسة إلى خمسة فصول‪ ،‬إالفصل إاألول إسيتضمن خلفية الدراسة بمحتوياتها‬
‫قُ ْ‬

‫من حيث‬ ‫وتقسيماتها المختلفة‪ ،‬وفي الفصل إالثاني إسنتحدث عن ماهية االنحراف التشريعي‬

‫المفهوم والتعاريف و المعايير ( معيار ذاتي و معيار الموضوعي )إضافة إلى الخصائص وارتباط‬

‫االنحراف التشريعي بالسلطة التقديرية للمشرع ومن حيث خروج التشريع عن غايته األساسية في‬

‫تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬اضافة شرح مفهوم مبدأ المشروعية و اهم مقوماته و اهميته كأساس لدولة‬

‫القانون‪.‬‬

‫الفصلإالثالث إفيتناول االسباب التي تؤدي لحدوث االنحراف التشريعي اسباب فنية و اخرى‬

‫واقعية إضافة إلى صور االنحراف التشريعي من ناحية مجانية المصلحة العامة و خرق قاعدة‬
‫‪8‬‬

‫تخصيص االهداف مع ذكر امثلة من الواقع العملي لمختلف االنظمة القانونية للوصول الى‬

‫توضيح اعمق لخطورة االنحراف التشريعي الذي يؤدي بالتالي لحالة قصور النظام القانوني عن‬

‫حماية المصلحة العامة ‪.‬‬

‫الفصلإالرابعإسيكون عن االثار الناتجة عن اتسام التشريعات باالنحراف عن غاية المصلحة‬

‫العامة وعدم االلتزام بمبدأ المشروعية اضافة الى الضمانات العامة لحماية مبدأ المشروعية من‬

‫حيث الرقابة الدستورية و وأخي اًر سيتناول الباحث موضوع قياس اثر التشريع كآلية ممكن اعتمادها‬

‫والتي من خاللها ممكن التعرف على غاية التشريع عند عمل دراسة تفصيلية عن التشريعات قبل‬

‫اصدارها و البحث في االثار بعد نفادها للكشف عن مدى تحقيقها ألهدافها المنشودة‪.‬‬

‫الفصلإالخامسإسيكون لخاتمة الدراسة وما توصل إليه الباحث من نتائج وتوصيات‪.‬‬


‫‪9‬‬

‫الفصلإالثاني‪ :‬إ‬
‫الطارإالمفاهيميإلالنحرافإالتشريعيإومبدأإالمشروعية إ‬

‫يعتبر االنحراف التشريعي نظرية متكاملة ومهمة وجدت اساسها في نظرية التعسف في‬

‫استعمال الحق في القانون الخاص واالنحراف بالسلطة في القانون االداري‪.‬‬

‫وكون االنحراف التشريعي عيب يصيب التشريع في غايته ويعتبر أخطر واهم انواع العيوب‬

‫التي تصيب التشريع حيث تأتي اهميته وخطورته من صعوبة اثباته كون ال يمكن وصف السلطة‬

‫التشريعية بأنها سيئة النية من باب أنها اوجدت قانون (تشريع) ال يستهدف المصلحة العامة في‬

‫الوقت الذي يفترض فيها دائما حسن النية‪ ،‬إضافة إلى ان السلطة التشريعية جاءت معبرة عن ارادة‬

‫األمة وضمير الشعب‪.‬‬

‫لبيان االطار المفاهيمي لالنحراف التشريعي وبمبدأ المشروعية اقتضى تقسيم هذا الفصل إلى‬

‫مبحثين‪ ،‬المبحث االول سيتحدث عن ماهية االنحراف التشريعي وذلك من خالل توضيح مفهوم‬

‫االنحراف التشريعي واهم التعاريف الخاصة به لعدد من فقهاء القانون حيث سيوضح المقصود‬

‫باالنحراف التشريعي بالمعنى الواسع والمعنى الضيق إضافة إلى أهم خصائص التي يتمتع بها هذا‬

‫المبدأ وتميزه عن غيره من العيوب التي تصيب التشريعات‪ ،‬وأخي اًر سيتناول الباحث مبدأ الشرعية‬

‫ومبدأ المشروعية بالشرح وتوضيح أوجه الفرق بين المصطلحين‪ ،‬أما في المبحث الثاني سيكون‬

‫لتوضيح ماهية مبدأ المشروعية‪ ،‬حيث سنبحث مفهوم مبدأ المشروعية وسيكون ذلك من خالل شرح‬

‫مفهوم المشروعية ومقاوماته القانونية وأهميته كأساس لدولة القانون‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫المبحثإاألول‪ :‬إ‬
‫ماهيةإالنحرافإالتشريعي‬

‫عند الحديث عن التشريع الذي يعتبر من أهم الوظائف التي أناطها الدستور بالسلطة‬

‫التشريعية‪ ،‬علينا أوالً التركيز على اهمية التشريع كونه يعكس الحاجات األساسية للمجتمع ويراعي‬

‫المصالح العامة وبذلك يتحقق الرفاه واالستقرار واالمن للمواطنين كافة بحفظ حقوقهم وحرياتهم من‬

‫خالل ما يتميز بيه التشريع من حيث العمومية وااللزام والتجريد وسريانه على الكافة حكام‬

‫ومحكومين‪.‬‬

‫ومما ال شك فيه ان وضع اي تشريع من قبل السلطة التشريعية من المهم أن تراعي فيه عدم‬

‫مخالفة هذا التشريع للدستور واالنحراف عن روحه ومقاصده حتى ال تكون أمام انحراف بالسلطة‬

‫التشريعية أو كما هو معروف في الفقه الدستوري باالنحراف التشريعي‪.‬‬

‫"ان انحراف البرلمان في استعمال سلطته التشريعية يكون مدفوع بعدد من العوامل التي ادت‬

‫إلى هذا االنحراف‪ ،‬منها ما هو متعلق بنشأته وتكوينه‪ ،‬ومنها ما كان متعلق بهيمنة األحزاب أو‬

‫(‪)1‬‬
‫إلى آخره من األسباب التي سوف يتم البحث بها خالل هذه الدراسة‪.‬‬ ‫شخوص السلطة التنفيذية"‬

‫واستنادا على ذلك نقسم هذا المبحث إلى ثالثة مطالب‪ :‬في المطلب األول شرح لمفهوم‬

‫االنحراف التشريعي‪ ،‬أما المطلب الثاني فسيبحث في خصائص االنحراف التشريعي‪ ،‬والمطلب‬

‫الثالث فيكون توضيحاً لمبدأ الشرعية والمشروعية‪.‬‬

‫(‪ )1‬الطائي‪ ،‬محمود صالح حميد (‪ .)2018‬انحراف البرلمان في استعمال السلطة التشريعية‪ ،‬المصدر القومي لإلصدارات‬
‫القانونية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪11‬‬

‫المطلبإاألول‪ :‬إ‬
‫مفهومإعيبإالنحرافإالتشريعي إ‬

‫بما اننا بصدد البحث في عيب االنحراف التشريعي والذي يعد من أهم المخالفات الدستورية‬

‫علينا ابتداءاً توضيح أهم المفاهيم الخاصة به كونه عيب مستقل عن بقية العيوب األخرى التي‬

‫تصيب التشريع حيث تظهر خطورته واضحة وجلية وذلك من خالل الصعوبة في اكتشافه كونه ال‬

‫يظهر بمجرد المقارنة المباشرة بين التشريع الذي فيه شبهة مخالفة دستورية وبين نصوص الدستور‪،‬‬

‫وهذه الخطورة تظهر أيضاً في ان التشريع صحيح في ظاهره ولكن في حقيقة األمر غايته تكون‬

‫باطلة وال تستهدف المصلحة العامة التي هي أساس وظيفة السلطة التشريعية‪.‬‬

‫المشرع يكون قد انحرف بالتشريع بتعمده الخروج عن روح‬


‫ّ‬ ‫وتأسيساً على ذلك بأمكاننا القول ان‬

‫الدستور أو مخالفة مبادئه ومقاصده‪ ،‬حيث استتر خلف اختصاصه التشريعي لتحقيق غايات‬

‫وأهداف أو أغراض ذاتيه ال تحقق الهدف األساسي أال وهو تحقيق المصلحة العامة وهي الوظيفة‬

‫األساسية التي اناطها الدستور لهذه السلطة‪ ،‬وانما ارتأى تحقيق اهداف فئوية أو شخصية أو حزبية‬

‫(‪)1‬‬
‫أو سياسية‪.‬‬

‫حتى يكون لدينا نظرة واسعة وشاملة لنظرية االنحراف التشريعي فمن الضروري اإلشارة إلى‬

‫بداية تبلور فكرة االنحراف في التشريع‪ ،‬ان هناك بال شك اتفاق فقهي مفاده ان فكرة االنحراف‬

‫التشريعي تعتبر امتداداً أي أننا نجد أساسه في فكرة االنحراف ذاتها الموجود في مجال استعمال‬

‫(‪ )1‬سليم‪ ،‬عبد المجيد ابراهيم )‪، (2010‬السلطة التقديرية للمشرع‪-‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية ‪،‬‬
‫ص‪.693‬‬
‫‪12‬‬

‫السلطة االدارية والتعسف باستعمال الحق في القانون الخاص كونها قامت على أساس قاعدة غنية‬

‫(‪)1‬‬
‫من أحكام المحاكم وآراء الفقهاء‪.‬‬

‫ومن اول الفقهاء الذين بينوا فكرة االنحراف التشريعي هو الفقيه الفرنسي (بارتيليمي) حيث‬

‫بحث وجود عيب انحراف تشريعي في القانون (‪ )7‬يوليو‪1907‬م الخاص بتسريح عدد من‬

‫المجندين‪ ،‬حيث وضح االتي (ان الهدف الرئيسي من وراء هذا التشريع هو تنزيل عقوبة بمجندي‬

‫الفرقة ‪17‬مشاة‪ ،‬رغم صدور هذا التشريع بصفاته األساسية من حيث العمومية والتجريد أي كان في‬

‫(‪)2‬‬
‫ظاهره الصحة ولكن باطنه اتسم بالبطالن)‪.‬‬

‫ومن المعروف ان الفقيه (عبد الرزاق السنهوري) يعتبر من الفقهاء االوائل الذين تناولوا‬

‫وعالجوا فكرة االنحراف التشريعي في مجال القانون الدستوري في مقاله المميز والعميق بفحواه‬

‫(‪)3‬‬
‫وموضوعه (مخالفة التشريع للدستور واالنحراف في استعمال السلطة التشريعية)‪.‬‬

‫ويالحظ مما تقدم ان فكرة االنحراف التشريعي ليست بالفكرة الحديثة وانما لها جذور تاريخية‬

‫ممتدة حتى إلى الطبيعة البشرية التي قد ترنو إلساءة استعمال السلطة حيث االنفراد بالسلطة امر‬

‫متصور وخصوصاً إذا ترك بال رقابة‪ ،‬ال فرق إلى كون صاحب السلطة فرد أو مجموعة من‬

‫األفراد‪ ،‬طالما كان هناك استغالل للسلطة الممنوحة لتحقيق اهداف وغايات خاصة مغلفة بصورة‬

‫الصالح العام‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابو العينين‪ ،‬محمد ماهر(‪ ،)2013‬االنحراف التشريعي والرقابة على دستوريته (دارسة تطبيقية)‪ ،‬ج‪ ،1‬المصدر القومي‬
‫لإلصدارات القومية‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪(2) Barthelemy Joseph:de la derogation aux lois par le pouvoirlegislatif-et plus specialement du‬‬
‫‪pouvoir pou le parlement de faire des penales specials applicables retroactvement a certaines‬‬
‫‪infractions detetminees, R.D.P, 1907, P, 472-480.‬‬
‫بواسطة الطائي‪ ،‬محمود صالح حميد‪ ،‬انحراف البرلمان في استعمال سلطته التشريعية‪ ،‬ص‪.331‬‬
‫(‪ )3‬السنهوري‪ ،‬عبد الرزاق (‪ .)1951‬مخالفة التشريع للدستور واالنحراف في استعمال السلطة التشريعية‪ ،‬مقالة منشورة في‬
‫مجلة مجلس الدولة المصري‬
‫‪13‬‬

‫ومما ال شك فيه ان ظهور فكرة االنحراف التشريعي أو انحراف في استعمال السلطة التشريعية‬

‫كما يطلق عليها بعض الفقهاء يدعو إلى ضرورة ايجاد تعريف واضح لهذا المصطلح الذي بدأ‬

‫يأخذ حيز كبير من األهمية في الفقه الدستوري وخصوصاً لما نشهده من تطور مستمر في مجال‬

‫القانون الدستوري‪ ،‬ونشير ضمن توضيح مفهوم االنحراف التشريعي إلى أهم هذه التعريفات‪.‬‬

‫أولا‪:‬إتعريفإالنحرافإالتشريعي إ‬

‫رغم المعالجات الفقهية لهذا العيب إال أن الفقه لم يكترث إلى وضع تعريف له وانما ركزت‬

‫معظم هذه المعالجات على قيام عيب االنحراف التشريعي من قبل السلطة التشريعية‪ ،‬حيث سبب‬

‫(‪)1‬‬
‫ذلك هو وضوح المعنى وداللة اللفظ حسب اآلراء الفقهية‪.‬‬

‫نورد بعض التعريفات التي حاول الفقهاء من خاللها توضيح مفهوم االنحراف بالتشريع وتعريفه‬

‫وذلك من خالل ابراز خصائصه وما يميزه عن غيره من العيوب التي تصيب التشريع‪ ،‬فقد عرف‬

‫بانه "ان تتجه السلطة التشريعية وهي بصدد استعمال سلطتها التقديرية إلى تحقيق هدف اخر غير‬

‫(‪)2‬‬
‫ذلك الذي من اجله منحها الدستور هذه السلطة"‪.‬‬

‫وقد عرفه جانب من الفقهاء بما معناه انه "تعمد السلطة التشريعية وهي بصدد استعمال‬

‫سلطتها التقديرية‪ ،‬إلى تحقيق هدف آخر غير ذلك الذي من أجله منحها الدستور هذه السلطة‬

‫(‪)3‬‬
‫تحقيقا للصالح العام"‪.‬‬

‫(‪ )1‬الجمل‪ ،‬يحيى عبد العزيز (‪ .)2007‬رقابة دستورية القوانين‪-‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.226‬‬
‫(‪ )2‬ابو العينين‪ ،‬محمد ماهر (‪ .)2013‬الكتاب الثاني‪ ،‬ط‪ ،1‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.305‬‬
‫(‪ )3‬السنهوري‪ ،‬عبد الرزاق‪ ،‬مخالفة التشريع للدستور واالنحراف في استعمال السلطة التشريعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .65‬وينظر‬
‫أيضاً وبنفس المعنى الطائي‪ ،‬محمود صالح حميد‪ ،‬انحراف البرلمان في استعمال سلطته التشريعية‪ ،‬المجلد ‪ ،1‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.342‬‬
‫‪14‬‬

‫إضافة إلى فريق آخر من الفقهاء ذهب إلى تعريف عيب االنحراف التشريعي بانه "عيب من‬

‫المشرع من وراء استعمال سلطته التقديرية في التشريع‬


‫ّ‬ ‫عيوب عدم الدستورية يتحقق عندما يسعى‬

‫(‪)1‬‬
‫الوصول إلى غاية غير التي يهدف الدستور إلى تحقيقها"‪.‬‬

‫من وجهة نظر الباحث فأن التعاريف المذكورة انفا ال تتسم بالشمولية حيث ال توحي للقارئ‬

‫بالفكرة الجوهرية لنظرية االنحراف التشريعي‪ ،‬رغم ان هذه التعاريف قد المست جوانب مهمة في‬

‫عملية االنحراف إال أنها بالتالي ال تواكب متطلبات تطور التشريعات المعاصرة حيث نحتاج إلى‬

‫توضيح المصطلحات القانونية بشكل كامل لتالفي أي لبس أو اختالط في المفاهيم‪.‬‬

‫اتفق الفقهاء على انه لعيب االنحراف التشريعي معنى واسع وفضفاض واخر معنى ضيق‬

‫ومحددة وألجل الوصول للمعنى الدقيق لعيب االنحراف التشريعي من الضروري تناول تعرفيه‬

‫بالمعنى الواسع والمعنى الضيق وكما يلي‪:‬‬

‫أ‪-‬النحرافإالتشريعيإبالمعنىإالواسع‬

‫المشرع حدود‬
‫ّ‬ ‫يقصد به هنا جميع المخالفات الدستورية التي تصيب التشريع حيث يتجاوز‬

‫اختصاصه‪ ،‬سواء كانت هذه المخالفات مباشرة وواضحة في مخالفتها للدستور أو كانت مخالفات‬

‫(‪)2‬‬
‫غير ظاهرة ومستترة وال يمكن كشفها بمجرد المقارنة مع نصوص الدستور‪.‬‬

‫االنحراف التشريعي يتحقق بمعناه الواسع وفقاً لمخالفة القانون لقواعد االختصاص‪ ،‬االجراءات‪،‬‬

‫المبادئ العامة التي وضعها الدستور وحتى مخالفة روح الدستور والخروج عن القواعد العامة التي‬

‫(‪ )1‬الشرفاني‪ ،‬ابراهيم احمد صالح (‪ .)2016‬رقابة المحكمة الدستورية على السلطة التقديرية للمشرع‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات الحلبي‬
‫الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪.371‬‬
‫(‪ )2‬احمد‪ ،‬رمضان عيسى (‪ .)2018‬االنحراف بالتشريع (العراق أنموذجا)‪ ،‬اطروحة دكتوراه‪ ،‬الجامعة االسالمية‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬قسم القانون العام‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫‪15‬‬

‫جاء بها‪ ،‬كون هناك حدود ومهام وضعها الدستور لتحقيق مبدأ الشرعية والمشروعية (مبدأ سمو‬

‫الدستور وسيادة القانون) حيث يتوجب على السلطة التشريعية عدم الخروج عنها‪ .‬وهي في كل‬

‫األحوال (كلمة حق يراد به باطل) ألن الهيئة التشريعية تستخدم الوسائل الدستورية في تشريع قوانين‬

‫ال تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة وهذا هو جوهر االنحراف التشريعي‪.‬‬

‫قسم أوجه عدم الدستورية في القانون إلى قسمين‪:‬‬


‫كما تجدر اإلشارة إلى ان الفقه ّ‬

‫القسم األول‪ :‬مخالفة التشريع للدستور ويشمل مخالفات متعلقة (المحل‪ ،‬االختصاص‪ ،‬الشكل)‬

‫(‪)1‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬عيب االنحراف التشريعي (عيب الغاية)‪.‬‬

‫ويود الباحث ان نشير هنا إلى ان العيب في مشاريع القوانين المتضمنة انحرافات تشريعية‬

‫ربما تكون ظاهرة أو مستترة وعندما تعرض على البرلمان من أجل المناقشة واالقرار والتصويت‬

‫عليها دون تعديل أو تكييف مع المصلحة العامة وبحسب ما ورد بها من انحرافات تشريعية فانه‬

‫بذلك يصبح انحرافاً في استعمال البرلمان لسلطته التشريعية (‪ ،)2‬اي انه يجب على الهيئة التشريعية‬

‫ان تتحقق من مشاريع القوانين المحالة إليها عند مناقشتها ومطابقتها للدستور قبل التصويت عليها‪،‬‬

‫ألنه بخالف ذلك تتحمل المسؤولية عن كل مشروع قانون يشوبه االنحراف يصل إلى التصويت‬

‫واالقرار‪ ،‬حيث يجب ان يكون ملتزماً بأحكام الدستور وضوابطه وبخالفه فإن أي انحراف يشوب‬

‫هذا المشروع يمثل انحرافاً خطي اًر في استعمال البرلمان لسلطته التشريعية بالمعنى الواسع لالنحراف‪.‬‬

‫ب‪-‬إالنحرافإالتشريعيإبمعناهإالضيق‬

‫(‪ )1‬السنهوري‪ ،‬عبد الرزاق‪ ،‬مخالفة التشريع للدستور واالنحراف في استعمال السلطة التشريعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫(‪ )2‬الطائي‪ ،‬محمود صالح حميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.337‬‬
‫‪16‬‬

‫ويقصد به قيام السلطة التشريعية باستعمال سلطتها التقديرية لتحقيق غايات مخالفة لروح‬

‫ومبادئ الدستور‪ ،‬مما يؤدي إلى اإلخالل بركن الغاية الذي يكون دائما المقصود منه تحقيق‬

‫(‪)1‬‬
‫المصلحة العامة وبالتالي يصبح التشريع باطالً‪.‬‬

‫ان القانون الذي يكون معيب بعيب الغاية هو تشريع سليم في ظاهره وكافة اركانه سليمة ولكن‬

‫(‪)2‬‬
‫هدفه ال يصيب الصالح العام وانما انحرف ليخدم أهدافاً أخرى ذات أبعاد خاصة‪.‬‬

‫وألنه بصورة عامة قد ال توجد قواعد دستورية في الدولة تحدد أو تقيد األهداف التي تتوخى‬

‫السلطة التشريعية تحقيقها فإن هذه السلطة يمكنها استعمال سلطتها لسن تشريعات ألي غاية تريد‬

‫تحقيقها مشترطة مشروعية هذه الغاية‪ ،‬أذ أن السعي لتحقيق غاية سامية (مصلحة عامة) والتي من‬

‫أجلها منحت السلطة التشريعية اختصاصاتها فإن إنتفاء هذه الغاية يجعل تشريعها مشوب‬

‫باألنحراف في أستعمال السلطة التشريعية‪ ،‬ومثال ذلك أن الهيئة التشريعية قد ال تستبعد في أساءة‬

‫أستعمال سلطتها لتشريع قانون يستهدف األنتقام من الخصوم السياسيين لألغلبية البرلمانية أو قد‬

‫تهدف إلى تحقيق مكاسب شخصية لبعض مؤازريها ومؤيديها‪ ،‬ورغم تمثيل البرلمان للشعب فأنه‬

‫(‪)3‬‬
‫ليس منزهاً عن االنحياز أو الميل في استعمال لسلطته التشريعية ألغراض خاصة‪.‬‬

‫من وجهة نظر الباحث فمن الضروري ايجاد تعريف لعيب االنحراف التشريعي حتى لوكان‬

‫كمصطلح قانوني واضح الداللة والمعنى خصوصاً في ظل التطورات الحاصلة في فقه القانون‬

‫الدستوري وذلك باالعتماد على أهم الخصائص والمميزات التي ينفرد بها هذا العيب عن غيره من‬

‫(‪ )1‬الشرفاني‪ ،‬ابراهيم احمد صالح‪ ،‬رقابة المحكمة الدستورية على السلطة التقديرية للمشرع‪ ،‬ط‪ ،1‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.371‬‬
‫(‪ )2‬اليساري‪ ،‬حسين علي محمد (‪ .)2020‬قواعد وضوابط اثبات االنحراف التشريعي‪-‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة ماجستير‪،‬‬
‫الجامعة االسالمية في لبنان‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫(‪ )3‬الحلو‪ ،‬ماجد راغب (‪ .)2005‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬ط‪ ،2‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪ ،‬ص‪807‬؛ وينظر‬
‫أيضاً مؤلفه (‪ .)1997‬القانون الدستورية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص‪.342‬‬
‫‪17‬‬

‫العيوب األخرى‪ ،‬حيث ان قيام السلطة التشريعية بموجب سلطتها التقديرية بإصدار تشريع تتعمد‬

‫اظهاره سليماً لكنه مخالف لروح الدستور وغايته ال تستهدف المصلحة العامة‪ ،‬وهوما يجعله باطال‪.‬‬

‫ونتيجة لما تقدم فقد استخلص الباحث تعريفا متواضعاً ومبسطاً لالنحراف التشريعي مفاده" هو‬

‫ممارسة الهيئة التشريعية المنتخبة من الشعب صالحياتها الدستورية خالفاً ومتعمداً للمصالح العامة‬

‫المجردة للشعب الذي انتخبها"‪.‬‬

‫ثانياإ‪:‬إمعيارإالنحرافإالتشريعي‬

‫ان الفقه القانوني وضع آلية لتكييف طبيعة االنحراف التشريعي حيث انتهج معيارين اساسين‬

‫هما المعيار الموضوعي والمعيار الذاتي ولكال المعيارين من يؤيدهم من الفقهاء أو يعترض عليهم‪،‬‬

‫وسنوضح هذين المعيارين وكما يلي‪:‬‬

‫أ‪-‬إالمعيارإالموضوعي‬

‫يعتبر المعيار الموضوعي اثبت واسبق من المعيار الذاتي وكان اول مرة يتم طرحه في مقالة‬

‫(نظرية االنحراف السلطة التشريعية)‪ ،‬حيث اعتبر من االنسب االخذ بالمعيار الموضوعي كمعيار‬

‫اساسي لسالمة التشريع والذي ال يدخله أي عنصر ذاتي (‪ ،)1‬أي اعتماد معيار المصلحة العامة‬

‫المتحققة عند سن التشريعات‪.‬‬

‫حيث ليس من المقبول ان تنسب للهيئة التشريعية اهداف شخصية الن من البديهي ان هذه‬

‫السلطة عليها ان تمارس صالحياتها التي تستمدها من الدستور لتحقيق المصلحة العامة‪ ،‬وال سيما‬

‫وهي مكونة من مجموعة من األعضاء حيث يعتبر من الصعوبة بمكان اتفاقهم على اهدار‬

‫المصلحة العامة‪ ،‬إضافة إلى كونها تمثل ضمير الشعب مما يلقي على عاتقها مسؤولية االبتعاد‬

‫(‪ )1‬السنهوري‪ ،‬عبد الرزاق‪ ،‬مخالفة التشريع الدستوري واالنحراف في استعمال السلطة التشريعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.68‬‬
‫‪18‬‬

‫عن االغراض الذاتية‪ ،‬وكذلك ان المعيار الموضوعي يتسم بعامل الثبات ووضوح المعالم واالستقرار‬

‫(‪)1‬‬
‫من حيث سهولة التفسير‪.‬‬

‫مثال ذلك اصدار تشريعات عادية قد تحوي عقوبة مبطنة وبأثر رجعي (‪ ،)2‬حيث من المتعارف‬

‫عليه أن معظم الدساتير قد نصت على انه ال عقوبة و ال جريمة اال بنص قانوني ومنها دساتير‬

‫المشرع على هذا النهي الدستوري بإصدار تشريعات تخفي‬


‫ّ‬ ‫(مصر‪ ،‬األردن‪ ،‬العراق)‪ ،‬وتحايل‬

‫عقوبات وبأثر رجعي مرجحاً تحقيقها للصالح العام هنا نكون امام انحراف بالتشريع ومعيار‬

‫شرع من الناحية‬
‫االنحراف هنا معيار موضوعي حيث يكفي ان نتأمل في نصوص القانون الم ّ‬

‫الموضوعية والبحث في وجود عقوبة حقيقية لعتبر التشريع باطالً لعيب االنحراف التشريعي‪.‬‬

‫ب‪-‬المعيارإالذاتي‬

‫يرى جانب من الفقهاء ان المعيار الذاتي اساسه البحث في النوايا والغايات الخاصة التي‬

‫المشرع عند تشريع قانون ما للوقوف على النوايا الحقيقية التي سعى لعدم اظهارها وبالتالي‬
‫ّ‬ ‫اخفاها‬

‫اثبات وجود انحراف بالتشريع‪ ،‬حيث تكون نيته واتجاهه هو تحقيق مكاسب خاصة ال تخدم مصالح‬

‫الشعب األساسية وال تلبي االلتزامات الدستورية بتحقق الصالح العام‪ ،‬ففي حاالت معينة قد تتجه‬

‫(‪ )1‬الشرفاني‪ ،‬ابراهيم احمد صالح (‪ .)2016‬رقابة المحكمة الدستورية على السلطة التقديرية للمشرع‪ ،‬منشورات الحلبي‬
‫الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.375‬‬
‫(‪ )2‬تشريع يستر عقوبة مقنعة وبأثر رجعي احدى فروض الخمسة الخاصة بالمعيار الموضوعي لدى الفقيه عبد الرزاق‬
‫السنهوري في مقالته (مخالفة التشريع للدستور واالنحراف في استعمال السلطة التشريعية) والتي تخص احترام الحقوق‬
‫المكتسبة‪.‬‬
‫‪19‬‬

‫المشرع إلى االستحواذ على االمتيازات الشخصية أو تحقيق مكاسب حزبية أو االضرار بفئة‬
‫ّ‬ ‫ارادة‬

‫(‪)1‬‬
‫معينة بذاتها‪.‬‬

‫بما ان صناعة القانون لم تعد فقط بيد السلطة التشريعية بل تشاركها في ذلك السلطة التنفيذية‬

‫إضافة إلى االدارة التي أصبح لها دور في تحديد الخطوط العامة للقوانين ما فتح المجال لالنحراف‬

‫(‪)2‬‬
‫بالتشريع بسبب هذا التدخل وقد اثبت هذا الواقع العملي‪.‬‬

‫لقد ذهبت محكمة أمن الدولة العليا المصرية إلى التنبيه عن التدخالت في القوانين وتشريعها‬

‫واحتوائها على غايات خاصة حيث جاء في أحد أحكامها "ان المحكمة تدق ناقوس الخطر لتنبه‬

‫المسؤولين بالحكومة‪ ،‬إلى ان بعض القوانين يقوم بها اشخاص ذوي مآرب خاصة‪ ،‬وغايات غير‬

‫مشروعة باقتراح مشروعاتها‪ ،‬واعداد صياغتها وكأنها ثوب يفصلونه على أنفسهم‪ ،‬كما يشتركون في‬

‫بحثها في اللجنة التشريعية بمجلس الوزراء بزعم انهم متخصصون في الو ازرة التي تقدمت‬

‫بالمشروع"‪.‬إ(‪)3‬إ‬

‫وبالتأمل في نص الحكم نالحظ ان محكمة امن الدولة المصرية قد انتبهت إلى ان الواقع‬

‫العملي اثبت التدخل في أهم اختصاص للسلطة التشريعية اال وهو سن القوانين وكيف ان هناك‬

‫اشخاص محددين من أصحاب النفوذ يعملون على فرض مصالحهم الخاصة على حساب الغاية‬

‫(‪ )1‬كحيل‪ ،‬عبد الرحمن أسامة (‪ .)2019‬االنحراف التشريعي بين القانون الوضعي والفقه االسالمي‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫(‪ )2‬صليبا‪ ،‬امين عاطف (‪ .)2002‬دور القضاء الدستوري في ارساء دولة القانون‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ص‪93‬؛ واحمد‪ ،‬ثروت عبد العال (‪ .)1992‬الرقابة القضائية على مالئمة الق اررات االدارية‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة اسيوط‪ ،‬ص‪.86‬‬
‫ال عن جعفر‪ ،‬محمد أنس قاسم‬
‫(‪ )3‬حكم محكمة امن الدولة المصرية‪ 12 ،‬يناير‪ ،1986‬الدعوى رقم ‪ 3639‬لسنة ‪ 1980‬نق ً‬
‫(‪ .)1987‬الوسيط في القانون العام القضاء االداري مبدأ المشروعية مجلس الدولة دعوى االلغاء‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫ص‪.63‬‬
‫‪20‬‬

‫السامية األساسية اال وهي تحقيق المصلحة العامة بل اصبحت بعض الغايات ال تمت للمشروعية‬

‫بصلة‪ ،‬بل مخصصة لتحقيق مصلحة خاصة لشخوص بعينهم وان افراد محددين هم من يديرون‬

‫دفة التشريعات لتكون وسيلتهم للوصول إلى تحقيق مصالحهم متغاضين عن مصالح المواطنين‪.‬‬

‫لذا اتجه عدد من الفقهاء إلى تأييد المعيار الذاتي‪ ،‬وفي رأيهم ما دام هناك ربطاً بين ركن‬

‫المشرع يوصل بالنتيجة إلى معرفة‬


‫ّ‬ ‫الغاية واالنحراف‪ ،‬فإن الكشف عن غاية والنية الحقيقة لدى‬

‫(‪)1‬‬
‫وجود االنحراف من عدمه‪.‬‬

‫يميل الباحث إلى رأي الفقهاء الذي يذهب إلى االخذ بالمعيار الموضوعي حيث يرى الباحث‬

‫ان المعيار الموضوعي هو المقياس االمثل واالكثر وضوحاً وتقبالً حين نربطه بالواقع العملي كونه‬

‫مرتبط بالمصلحة العامة هذا من جانب ‪،‬ومن جانب اخر فان تحديد هذا المعيار يجعل من نظرية‬

‫االنحراف بالتشريع اكثر ثباتا وبرو اًز‪ ،‬فبمجرد النظر إلى القانون وقياس نسبة تحقيقه للمصلحة‬

‫العامة سيجعل من المعيار الموضوعي هو أساس هذا التحديد‪ ،‬ومن أجل أيضاً الحد من االنحراف‬

‫بالتشريع واستقرار القواعد التشريعية وديمومتها فال بد من االستناد إلى هذا المعيار‪.‬‬

‫أما فيما يخص اآلراء الفقيه التي ايدت المعيار الذاتي فمن وجه نظر الباحث ان المعيار‬

‫الذاتي صعب إثباته وقاصر عن إعطاء نظرة شاملة لموضوع القانون والهدف من تشريعه ومدى‬

‫تحقيقيه للنفع العام والمصلحة العامة‪ ،‬كونه يبحث في النوايا الخاصة الذي يكاد من المستحيل‬

‫اثباتها‪ ،‬وصعوبة تشخيص هذا المعيار يزيد من صعوبة االخذ بالنظرية ككل‪.‬‬

‫أما فيما يخص اآلراء الفقيه التي اعتبرت ان معيار االنحراف التشريعي هو ذاتي وموضوعي‬

‫فمن وجهة نظر الباحث ان هذا المعيار المزدوج يصعب عمل القاضي الدستوري ومهمته في‬

‫(‪ )1‬البنا‪ ،‬محمود عاطف (‪ .)1991‬الوسيط في القضاء االداري‪ ،‬دار الفكر العربي؛ وابو العينين‪ ،‬محمد ماهر‪ ،‬االنحراف‬
‫التشريعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 209‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪21‬‬

‫المشرع وخفايا‬
‫ّ‬ ‫التثبت منه‪ ،‬فصعوبة تشخيص هذا المعيار من باب ان القاضي ال يخوض في نوايا‬

‫تفكيره الذاتية التي قد تعقد وتشتت عملية الكشف عن االنحراف أساساً‪.‬‬

‫وبما ان علم القانون في تطور؛ مستمر فإنه ولحين ايجاد طرق إثبات أقل تعقيداً وأقل صعوبة‬

‫وأكثر وضوحاً سيبقى االنحراف التشريعي عيب احتياطي لصعوبة إثباته بالطرق الحالية‪.‬‬

‫المطلبإالثاني‪ :‬إ‬
‫خصائصإالنحرافإالتشريعي‬

‫االنحراف التشريعي عيب مستقل وقائم بحد ذاته عن بقية العيوب األخرى التي تصيب‬

‫التشريع‪ ،‬لذا فانه يتميز بعدد من الخصائص التي تبرز اهميته وخطورته بنفس الوقت‪ ،‬وسنتطرق‬

‫لكل واحدة من هذه الخصائص بشيء من التوضيح وكما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬إالنحرافإالتشريعيإعيبإقصدي‬

‫بما ان عنصر القصد هو من أهم الخصائص التي تميز عيب االنحراف التشريعي عن سائر‬

‫العيوب األخرى‪ ،‬حيث تنصرف غاية السلطة التشريعية وعن تعمد إلى تحقيق غاية اخرى غير‬

‫الصالح العام‪ ،‬لذلك فان هذا العيب يحتاج إلى ادله تثبته كونه ال يفترض افتراضا بل يجب ان يقوم‬

‫المشرع االنحراف عن غايات التي من المفروض ان‬


‫ّ‬ ‫الدليل على وجوده‪ ،‬وهكذا يتم اثبات تعمد‬

‫(‪)1‬‬
‫يستهدفها ليحقق غايات خاصة‪.‬‬

‫(‪ )1‬شرف‪ ،‬عبد المنعم عبد الحميد إبراهيم (‪ .)2001‬المعالجة القضائية والسياسية لالنحراف التشريعي‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة‬
‫القاهرة‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫‪22‬‬

‫وتؤكد على نفس المبدأ المحكمة الدستورية العليا المصرية "ان الرقابة على الدستورية تتناول‬

‫المشرع‪ ،‬سواء اكان اإلخالل بها المقصود ابتدأ‬


‫ّ‬ ‫فيما تشمل عليه الحقوق التي كفلها الدستور واهدرها‬

‫(‪)1‬‬
‫ام كان الوقوع فيها عرضاً"‪.‬‬

‫وعندما نتأمل حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية هنا بالمعنى الذي جاءت به المحكمة‬

‫المشرع بإهدارها سواء كان هذا االهدار حدث سهواً ام‬


‫ّ‬ ‫يتبين لنا ان الحقوق مكفولة دستوريا وان قام‬

‫المشرع استغالل سلطته التقديرية‪.‬‬


‫ّ‬ ‫كان بشكل تعمد فيه‬

‫وأخي اًر ال بد من اإلشارة إلى ان اعتبار االنحراف التشريعي قصديا كونه ينصب على غاية‬

‫المشرع) وحيث يتقصد االنحراف أو االساءة‬


‫وباعث وهدف خفي غير مشروع لواضع القانون ( ّ‬

‫استعمال السلطة المخولة له‪ ،‬إضافة إلى صعوبة اسناد هذا األمر للبرلمان لصعوبة االثبات (‪،)2‬‬

‫نكون هنا امام التفاف متعمد على قواعد الدستور ومشروعيته تحت غطاء من الشرعية الظاهرية‪.‬‬

‫بما ان االنحراف بالسلطة التشريعية يعتبر من العيوب القصدية ألنه يتوغل في نوايا مشرع‬

‫القانون واهدافه ويظهر هذا الطابع القصدي للعيب الذي شاب التشريع بتعمد البرلمان وعن سابق‬

‫عزم وتصميم وبإرادة واعية ومقصودة إلى تحقيق اهداف اخرى أو هدف اخر غير المصلحة العامة‬

‫التي كان يجب عليه العمل على تحقيقها والتي من اجل تحقيق هذه الغاية السامية منحه الدستور‬

‫(‪)3‬‬
‫هذه السلطة الهامة‪.‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية القضة رقم (‪ )5‬لسنة ‪ ،8‬ق‪-‬دستورية‪ ،‬جلسة ‪ 16‬يناير ‪ ،1996‬مجموعة أحكام‬
‫المحكمة الدستورية العليا‪.‬‬
‫(‪ )2‬جعفر‪ ،‬محمد انيس قاسم (‪ .)1999‬الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬دراسة مقارنة تطبيقية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫(‪ )3‬المر‪ ،‬عوض (‪ .)2003‬الرقابة على دستورية القوانين في مالمحها الرئيسية‪ ،‬مركز رينيه‪ ،‬جان دبوي للقانون والتنمية‪،‬‬
‫ص‪.1413‬‬
‫‪23‬‬

‫من وجهة نظر الباحث فان توفر صفة التعمد تعتبر الصفة األساسية التي تميز عيب‬

‫االنحراف بالتشريع‪ ،‬كونه يتعمد تحقيق غايات بعيدة عن مقاصد الدستور الذي يمثل ضمير الشعب‬

‫ومبادئه وفلسفته السياسية‪ ،‬أما الخصائص األخرى (الخفاء‪ ،‬االحتياطية‪ ،‬الذاتية) فهي قد تكون‬

‫تابعة لصفة التعمد أكثر منها خصائص مستقلة بذاتها‪.‬‬

‫‪-2‬إالنحرافإالتشريعيإعيبإخفيإ(مستترإأوإباطن)‬

‫ان ما يتميز بيه عيب االنحراف التشريعي انه عيب مستتر وغير ظاهر لمجرد المقارنة‬

‫البسيطة مع نصوص الدستور خصوصا لغير المختصين‪ ،‬فعند توافر نيه اصدار تشريع معين أو‬

‫المشرع يعبر عن نيته أو هدفه من خالل األسباب الموجبة إلصدار هذا القانون أو‬
‫ّ‬ ‫اقرار قانون فان‬

‫األسباب األساسية التي دفعته إلى سن هذا القانون‪ ،‬كون الغاية األساسية إلصدار التشريعات هو‬

‫تحقيق المصلحة العامة وهو هدف مشروع اظهرته السلطة التشريعية ‪،‬هنا تكون قامت بتغليفه‬

‫بستار من الشرعية الظاهرية حتى يبدو سليم في ظاهره ومن جميع اركانه األساسية لكن حقيقة‬

‫(‪)1‬‬
‫األمر ان في نصوصه مخالفة مباشرة لروح ومقاصد الدستور‪.‬‬

‫وتأسيساً على ذلك من الضروري ان يكون لجهة الرقابة المتمثلة بالقاضي الدستوري طريقة‬

‫غير تقليدية للكشف عن وجود هذا العيب الخفي حيث يعمد إلى االستعانة بما جاء في مضابط‬

‫السلطة التشريعية من أعمال تحضيرية‪ ،‬البيانات الصحفية التي يدلي بها نواب ومسؤولون بصدد‬

‫(‪)2‬‬
‫توضيح اغراض التشريع وأسبابه واهدافه وغايته‪.‬‬

‫ويتفق الباحث مع ما جاء انفا بضرورة االستعانة بكل ما يخدم من ادلة غير تقليدية (محاضر‬

‫اجتماعات اللجان المختصة‪ ،‬البيانات الصحفية‪ ،‬قياس لضرورة التشريع ومدى خدمته للفئة‬

‫(‪ )1‬المر‪ ،‬عوض‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.1406‬‬


‫(‪ )2‬المر‪ ،‬عوض‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪1389‬؛ وينظر أيضاً الطائي‪ ،‬محمود صالح حميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.353-352‬‬
‫‪24‬‬

‫المستهدفة من تشريعه وهل فعال يخدم هذه الشريحة‪ ،‬حتى مدى التعديالت الحاصلة عليه بعد‬

‫دراسته) للكشف عن وجود انحراف بالتشريع وخصوصا عند مالحظة ان التشريع ال يخدم شريحة‬

‫واسعة هنا يكون اول خطوة للكشف عن وجود عوار متقصد مستتر في التشريع المطعون فيه‪.‬‬

‫من المهم أخي اًر ان نقول ان خطورة االنحراف بالتشريع كعيب مستتر قد ال يظهر معالمه اال‬

‫من خالل التطبيق العملي كونه متصل بالنوايا مما يستوجب الحقاً اجراء التعديالت القانونية عليه‬

‫لتالفي هذا االنحراف وهذا بالتالي يؤدي إذا ما تكرر إلى فوضى تشريعية‪ ،‬وهذا يعكس ضعفاً في‬

‫االداء التشريعي للجهة التشريعية‪.‬‬

‫‪-3‬إالنحرافإالتشريعيإعيبإاحتياطي‬

‫يعتبر عيب االنحراف التشريعي طريقة طعن احتياطية أي ان القاضي ال يلجئ إليه اال إذا لم‬

‫يجد عيوب مباشرة اخرى التي تخص (االختصاص‪ ،‬الشكل‪ ،‬المحل‪ ،‬السبب)‪ ،‬حيث ان القاضي‬

‫سيبحث في هذه العيوب اول األمر‪ ،‬فإذا ما وجد مخالفة التشريع مخالفة ظاهرة الحد العيوب انفة‬

‫الذكر قضى بعدم دستورية القانون لعيب يمس االختصاص أو الشكل أو المحل‪ .‬ويتجنب الخوض‬

‫في عيب االنحراف التشريعي حتى لو كان أساس الطعن (‪.)1‬‬

‫ان االنحراف بالسلطة التشريعية اخر العيوب التي يتم فحصها من القاضي الدستوري للتأكد‬

‫من دستورية التشريع الصادر عن البرلمان نظ ار للطبيعة الخفية لعيب االنحراف التشريعي‪ ،‬والتي‬

‫(‪ )1‬السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪111‬؛ وينظر أيضاً شرف‪ ،‬عبد المنعم عبد الحميد ابراهيم‪ ،‬رقابة دستورية القوانين‪ ،‬مرجع‬
‫سابق ص‪.65-64‬‬
‫‪25‬‬

‫تتطلب بحث في غيره من العيوب الدستورية‪ ،‬حيث انه اخر االبواب التي يطرقها القاضي‬

‫(‪)1‬‬
‫الدستوري إلثبات مخالفة التشريع للدستور‪.‬‬

‫ويرى بعض الفقهاء أصحاب الرأي القائل بضرورة قيام القاضي الدستوري بعدم التعرض لعيب‬

‫االنحراف التشريعي وااللتزام بجعله عيب احتياطي ال يلجئ إليه اال بعد خلو التشريع من العيوب‬

‫الظاهرة المباشر وذلك على أساس امرين اولهما‪ :‬انهم يعتبرون كفاية المخالفة الدستورية المباشرة‬

‫إلبطال نص التشريع المطعون به‪ .‬وثانيهما‪ :‬رقابة القضاء الدستوري على أعمال السلطة التشريعية‬

‫امر يتسم بالخطورة‪ ،‬وخصوصا ما يتعلق برقابة غاية التشريع ألنه في حال ثبوت االنحراف‬

‫باستعمال السلطة التشريعية وابطال التشريع والغائه سيصم السلطة التشريعية بتجاوزها على‬

‫(‪)2‬‬
‫المصلحة العامة ويطعن بنزاهتها وعدم مسؤوليتها‪.‬‬

‫المتعارف عليه في فقه القضاء الدستوري عند البحث في تشريع مطعون فيه لمخالفة دستورية‬

‫حتى لو كانت لعيب االنحراف التشريعي‪ ،‬فإنه ُيبحث في العيوب الظاهرة المباشرة اول األمر من‬

‫جانب توخي الحذر في البحث عن بواعث التشريع‪ ،‬في حال صيرورة التشريع سليم من العيوب‬

‫الظاهرة عندها ُيبحث في وجود انحراف باستعمال السلطة التشريعية لهذا سمي بعيب احتياطي‪.‬‬

‫واكدت على نفس المعنى السابق المحكمة الدستورية المصرية في حكم لها بالقول "ان سوء‬

‫استعمال السلطة التشريعية لوظائفها ليس عيباً مفترضاً في عملها‪ ،‬بل يعتبر مثلباً احتياطياً وعيباً‬

‫(‪ )1‬الشاعر‪ ،‬رمزي طه (‪ .)2004‬رقابة دستورية القوانين‪-‬دراسة مقارنة مع دراسة تحليلية للقضاء الدستوري في مصر‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.712‬‬
‫(‪ )2‬شرف‪ ،‬عادل عمر (‪ .)1988‬قضاء الدستورية –القضاء الدستوري في مصر‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة عين‬
‫شمس‪ ،‬ص‪347-346‬؛ وأيضاً أبو العينين‪ ،‬محمد ماهر‪ ،‬االنحراف التشريعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪136‬؛ والطائي‪ ،‬محمد‬
‫صالح حميد‪ ،‬انحراف البرلمان في استعمال سلطته التشريعية ج‪ ،1‬ص‪.357-354‬‬
‫‪26‬‬

‫قصدياً‪ ،‬يتعين ان يكون واشياً بتنكبها األغراض المقصودة من تأسيسها‪ ،‬وبالتالي استتارها وراء‬

‫(‪)1‬‬
‫سلطتها لتصرفها إلى غير وجهتها‪ ،‬فال يكون عملها اال انحرافاً عنها "‪.‬‬

‫نالحظ من نص الحكم السابق ان المحكمة الدستورية المصرية اكدت على طبيعة عيب‬

‫االنحراف التشريعي بوصفها له انه عيباً احتياطياً وعيباً قصديا وكيفية استغالل السلطة التشريعية‬

‫لسلطتها لتحقيق غايات خاصة‪ ،‬وبالتأمل في خصيصة االحتياط للعيب التشريعي يرى الباحث‬

‫ضرورة التطرق لهذا الموضوع الن الرأي القائل باحتياطية عيب االنحراف واجه النقد من عدد من‬

‫الباحثين في القانون الدستوري حيث طرحت عدة تساؤالت منها ما المانع من البحث في وجود عيب‬

‫انحراف تشريعي من قبل القاضي الدستوري في حالة كان الطعن المقدم يخص وجود انحراف‬

‫(‪)2‬‬
‫تشريعي؟‬

‫واذا كان عيب االنحراف التشريعي عيب احتياطي وال يلجأ إليه القاضي الدستوري اال بعد‬

‫التأكد من خلو التشريع محل الطعن من أي مخالفات مباشرة فما جدوى االعتراف بوجود نظرية‬

‫(‪)3‬‬
‫االنحراف التشريعي ككل؟‬

‫وهل من المنطقي ترك السلطة التشريعية حرة في استعمال سلطتها التقديرية واصدار قوانين‬

‫منطوية على انحرافات تشريعية؟ فقط لتجنب التصادم أو عدم اظهارها سلطة غير مسؤولة وال‬

‫مؤمنة على مصالح المواطنين!‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة الدستورية العليا القضية رقم ‪ 121‬لسنة ‪18‬ق‪-‬دستورية‪ ،‬جلسة ‪ 7‬مارس ‪ ،1998‬موسوعة أحكام المحكمة‬
‫الدستورية العليا‪.‬‬
‫(‪ )2‬شرف‪ ،‬عبد المنعم عبد الحميد ابراهيم‪ ،‬المعالجة القضائية والسياسية لالنحراف التشريعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫(‪ )3‬المر‪ ،‬عوض‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين في مالمحها الرئيسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.383‬‬
‫‪27‬‬

‫يؤيد الباحث وجهات النظر التي نادت بانه من الضروري للمحكمة الدستورية ان تبحث في‬

‫جدية الطعون المطروحة امامها لوجود االنحراف التشريعي فاذا كان االدعاء جديا بعد البحث فيه‬

‫من قبل المحكمة ويثبت صحته ‪ ،‬هنا فانه يجب ان تقضي المحكمة بعدم دستورية التشريع على‬

‫(‪)1‬‬
‫اساس انحرافه‪.‬‬

‫من المهم في الواقع التصدي للسلطة التشريعية وتوضيح ان ما اصدرته من تشريعات لم‬

‫تراعي فيها غاية المصلحة العامة‪ ،‬إضافة إلى ان يكون حكم القاضي الدستوري بعدم الدستورية‬

‫الي تشريع فيه شبه انحراف تشريعي بعد التأكد طبعاً‪ ،‬حيث ان تقرير الرقابة على االنحراف‬

‫التشريعي هو ما يضمن عدم تعدي السلطة التشريعية عند تنظيمها للحقوق والحريات حتى يكون‬

‫رادعا وكاشف لنواياها امام ناخبيها‪ ،‬كونها غير أمينة وال ملتزمة بواجباتها التي منحها لها الدستور‬

‫(‪)2‬‬
‫بان تراعي تحقيق المصلحة العامة‪.‬‬

‫أما بالنسبة إلى تساؤل الذي طرح بخصوص الجدوى من نظرية االنحراف التشريعي أو‬

‫انحراف السلطة التشريعية‪ ،‬فان االجابة توضح من خالل عمل القاضي الدستوري حيث عند نظره‬

‫ألي دعوى تعرض امامه يبحث توافر انحراف في نصوص التشريع سواء كان أسباب الطعن لوجود‬

‫مخالفات دستورية مباشرة أو كانت لعيب انحراف التشريع‪ ،‬ويفسر هذا األمر بان في الكثير من‬

‫المشرع وقياس مدى تطابقها مع‬


‫ّ‬ ‫المخالفات الدستورية ال تتوضح اال بعد التحقق من غايات ونوايا‬

‫نصوص الدستور من عدمه والتأكد من كون التشريع فعال استهدف المصلحة العامة ام ال ‪،‬فعن‬

‫(‪)3‬‬
‫طريق الكشف عن االغراض الحقيقة للمشرع يمكن ان تتحدد دستورية القوانين‪.‬‬

‫(‪ )1‬شرف‪ ،‬عبد النعم عبد الحميد ابراهيم‪ ،‬المعالجة القضائية والسياسية لالنحراف التشريعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.67‬‬
‫(‪ )2‬المرجع السابق نفسه‪.‬‬
‫(‪ )3‬أبو العينين‪ ،‬ماهر‪ ،‬االنحراف التشريعي‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.309‬‬
‫‪28‬‬

‫‪ -4‬النحرافإالتشريعيإعيبإذاتي‬

‫من الخصائص التي يتمتع بها عيب االنحراف التشريعي هوانه عيب ذاتي أي انه ذات طبيعة‬

‫شخصية تفرده عن باقي العيوب األخرى‪ ،‬وتأتي فكرة الذاتية من ضرورة تمييز الوسائل التي‬

‫يستخدمها القاضي الدستوري لكشف اتجاه وهدف التشريع حتى يحقق الصالح العام وهو (الغاية‬

‫االسمى من أي تشريع) ويبين فكرة الموضوعية المعبرة عن غاية المصلحة العامة‪ ،‬وكوننا هنا‬

‫نتحدث عن رقابة انحراف‪ ،‬إذا فنحن بصدد رقابة ذاتية‪ ،‬والسبب يعود لكون السلطة التشريع تخفي‬

‫غايتها الحقيقية من اصدار قانون ما‪ ،‬هنا يكون وسيلة القاضي لتوضيح وكشف الغاية الحقيقية عن‬

‫(‪)1‬‬
‫طريق كشف النوايا التي اخفتها السلطة التشريعية‪.‬‬

‫ويجب ان نقر هنا بان الكشف عن النوايا الحقيقة للمشرع (سلباً أو ايجاباً) تعتبر من المسائل‬

‫صعبة التحقق منها ما لم تطبق إلى واقع عملي‪ ،‬إضافة إلى القاضي الدستوري ليس من مهامه‬

‫المشرع وليس لديه من الوسائل المادية أو المعنوية التي من الممكن ان توصله‬


‫ّ‬ ‫الخوص في نوايا‬

‫لنتيجة واضحة‪ ،‬وهنا تكمن صعوبة كشف االنحراف بالتشريع المشوب بعيب ذاتي‪.‬‬

‫وأخي اًر ومن وجهة نظر الباحث انه ممكن إضافة خصيصة خامسة أو استبدال خصيصة‬

‫العيب الذاتي بالتالي ان عيب االنحراف التشريعي عيب يصيب السلطة التقديرية للمشرع وتعتبر‬

‫احدى خصائص االنحراف التشريعي كونها منطقة االنحراف فال يمكن تصور االنحراف بالتشريع‬

‫المشرع مقيدة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إذا كان سلطة‬

‫(‪ )1‬عبد العال‪ ،‬محمد حسنين (‪ .)1971‬فكرة السبب في القرار االداري ودعوى االلغاء‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة القاهرة‪،‬‬
‫ص‪375‬؛ والطائي ومحمود صالح حميد‪ ،‬انحراف البرلمان في استعمال سلطته التشريعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.366‬‬
‫‪29‬‬

‫المطلبإالثالث‪ :‬إ‬
‫الفرقإبينإمبدأإالشرعيةإومبدأإالمشروعية إ‬

‫ان من اولويات قيام دولة القانون هو وجود تطبيق سليم لنصوص الدستور الذي تُشرع على‬

‫أساسه قوانين تلتزم بما جاء فيه من مبادئ‪ ،‬وبالتالي يكون للقضاء التطبيق الذي يحفظ الحقوق‬

‫والحريات هنا يتجلى أيضاً دور القضاء الدستوري في مقدرته الحقيقية ألداء وظيفته في ضمان عدم‬

‫التجاوز على الدستور والحفاظ على سموه‪ ،‬ومن جملة المبادئ التي من الضروري ان تسعى الدول‬

‫لبلوغها حتى تحقق وجودها القانوني وتحفظ الحقوق والحريات هو االلتزام بمبدأي الشرعية‬

‫والمشروعية‪.‬‬

‫فمن المعروف التداخل الحاصل بين المصطلحين سابقي الذكر ويرى بعض الفقهاء بان ال‬

‫فرق بينما‪ ،‬لكن واقع الحال يفرض العكس وان لكل من المصطلحين معنى خاص به رغم التقارب‬

‫اللفظي بينهما اال انهما يختلفان في المدلول والمضمون ولتوضيح ذلك من المهم شرح مفهوم كال‬

‫حد وكما يلي‪:‬‬


‫المبدأين على ً‬

‫‪-1‬إمبدأإالشرعية‪ :‬هناك جانب من اآلراء الفقهية التي وضحت مبدا الشرعية على انه كفكرة مثالية‬
‫(‪)1‬‬
‫المراد بها احقاق العدالة وذلك من خالل احترام القواعد القانونية بشكل عام‪.‬‬

‫لكن تعرض الرأي السابق إلى النقد لكونه مطروح بشكل مبالغ فيه فيما يخص تحقيق المثالية‬
‫(‪)2‬‬
‫والخلط بين الشرعية في فلسفة القانون والشرعية في القانون العام‪.‬‬

‫جانب اخر من الفقه يرى ان للشرعية في القانون الدستوري صلة بوجود السلطة ووصولها لدفة‬

‫الحكم في الدولة وهناك نوعين للسلطة وحسب الدراسات الدستورية‪:‬‬

‫(‪ )1‬الحلو‪ ،‬ماجد راغب (‪ .)1985‬القضاء االداري‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫(‪ )2‬الحسيني‪ ،‬محمد طه حسين (‪ .)2019‬بحث بعنوان ماهية الشرعية والمشروعية‪ ،‬مجلة العلوم القانونية‪ ،‬كلية القانون‬
‫جامعة بغداد‪ ،‬العدد االول‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫‪30‬‬

‫الولى‪ :‬السلطة الشرعية وهي التي تصل للحكم برضى الشعب‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬السلطة الفعلية والتي تستند إلى القوة والعنف للوصول إلى الحكم‪ ،‬ومن المستبعد فيه‬

‫قيام دولة ديمقراطية‪ ،‬وتأسيسا على ذلك ذهب عدد من الفقهاء بتوضيح التالي ((بانه ال يعد كافياً‬

‫وجود سلطة يخضع لها الشعب حتى يعترف بوجود دولة‪ ،‬بل من الضروري ان تنال هذه السلطة‬

‫(‪)1‬‬
‫على مقبولية األفراد حتى يتحقق مبدأ الشرعية))‪.‬‬

‫ومن المتعارف عليه ان الفقهاء انقسموا فيما يخص طبيعة مبدأ الشرعية‪ ،‬حيث ذهب جانب‬

‫منهم إلى اعتبار الشرعية ذات طبيعة قانونية وذهب الفريق الثاني إلى ان الشرعية ذات طبيعة‬

‫سياسية‪ .‬ان المعنى االصح بين االفكار المطروحة هو الطريقة التي وصل بها الحكام إلى السلطة‬

‫(‪)2‬‬
‫وكيف يمارسون سلطاتهم هذه ومقبولية الشعب لها‪.‬‬

‫وأخي اًر هناك من ذهب إلى وضع تعريف للشرعية جامعاً فيه معظم ما طرح من اراء حول‬

‫ماهية وطبيعة المبدأ حيث عرف كما يلي "ان الشرعية كمبدأ دستوري‪ ،‬وجد لبناء واحتواء النظام‬

‫القانوني والسياسي في الدول‪ ،‬مقتضاه وجود الدستور وسموه‪ ،‬وتثبيت للسلطة وتوزيعها من خالل‬

‫مؤسسات قائمة على ارادة دستورية نابعة عن اآلراء الشعبية وصوالً لتحقيق تطلعات االنسان في‬

‫(‪ )1‬العنبكي‪ ،‬طه حميد (‪ .)2013‬النظم السياسية والدستورية أسسها وتطبيقاتها‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز حمورابي للبحوث والدراسات‬
‫االستراتيجية‪ ،‬بغداد‪ ،‬ص‪82‬؛ والحسيني‪ ،‬محمد طه حسين (‪ .)2014‬مبادئ القانون الدستوري‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة دار السالم‬
‫القانونية‪ ،‬النجف األشرف‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫(‪ )2‬الشاوي‪ ،‬منذر (‪ .)2013‬دولة القانون‪ ،‬ط‪ ،1‬الذاكرة للنشر والتوزيع‪ ،‬بغداد‪ ،‬ص‪215‬؛ والحسيني‪ ،‬محمد طه حسين‪،‬‬
‫ماهية الشرعية والمشروعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.112‬‬
‫‪31‬‬

‫الحقوق والحريات العامة" (‪ .)1‬يالحظ ان التعريف انف الذكر اعطى لمصطلح الشرعية المعنى‬

‫االقرب لدولة القانون‪.‬‬

‫‪-2‬إمبدأإالمشروعية‬

‫المشرع عليه االلتزام بما جاء من أحكام ومبادئ في الوثيقة الدستورية‬


‫ّ‬ ‫يقضي هذا المبدأ ان‬

‫(‪)2‬‬
‫وليس له الحق بوضع قانون مخالفاً ألحكامه‪.‬‬

‫ومن مدلوالت مبدأ المشروعية أيضاً حيث يسمى بمبدأ سيطرة أحكام القانون وقد ذكر الفقيه‬

‫(‪)3‬‬
‫(دوجي) ان أي سلطة ال يمكن لها ان تصدر أي قرار اال في الحدود التي حددها لها الدستور‪.‬‬

‫إن مبدأ علو الدستور هو أحد المبادئ والصور التي تدل على مبدأ المشروعية‪ ،‬حيث يفرض‬

‫هذا المبدأ احترام تدرج القاعدة القانونية حيث يكون الدستور ذو أعلوية ويسمو على غيره من‬

‫(‪)4‬‬
‫القوانين فهو يتربع على قمة الهرم القانوني‪.‬‬

‫ويدل أيضاً على خضوع الجميع ألحكام القانون من حكام ومحكومين‪.)5( .‬‬

‫من المهم ان نشير إلى اراء الفقهاء حول المصطلحين وهي ثالثة اتجاهات نوردها بإيجاز‬

‫وكما يلي‪:‬‬

‫(‪ )1‬الجبوري‪ ،‬ماجد نجم عيدان و الشواني‪ ،‬رزكار جرجيس عبد اهلل (‪ .)2016‬بحث بعنوان دور القضاء العراقي في ضمان‬
‫الشرعية الدستورية‪ ،‬بحث منشور في مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‪ ،‬ص‪ ،396‬عدد ‪ 19‬الجزء االول‪،‬‬
‫المجلد رقم ‪.5‬‬
‫(‪ )2‬متولي‪ ،‬عبد الحميد‪ ،‬مبدأ المشروعية ومشكلة المبادئ العليا غير المدونة في الدستور‪ ،‬مجلة كلية الحقوق للبحوث‬
‫القانونية واالقتصادية‪ ،‬جامعة االسكندرية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬العدد س‪ ،8‬ص‪ ،3‬بحث منشور في موقع دار المنظومة‬
‫اإللكتروني رابط‪http://search.mandumah.com/Record/2114 :‬‬
‫(‪ )3‬متولي‪ ،‬عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫(‪ )4‬متولي‪ ،‬عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫(‪ )5‬عبد اهلل‪ ،‬عبد الغني بسيوني (‪ .)2000‬القضاء االداري اللبناني‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫‪32‬‬

‫‪ -1‬التجاهإالول‪ :‬يرى بعض الفقهاء ان ال فرق بين المصطلحين بل انهما يرميان إلى ذات‬

‫المعنى‪ ،‬حيث ان الشرعية مقتضاها االلتزام بالقانون الطبيعي وما يتضمنه من مبادئ قانونية‬

‫(صالح عام‪ ،‬مساواة‪ ،‬حقوق األفراد‪ ،‬مبادئ العدالة) وهو القاعدة األساسية للقانون الوضعي الذي‬

‫(‪)1‬‬
‫يجب ان تلتزم به وتحترمه جميع السلطات‪.‬‬

‫خالصة هذا االتجاه يرى الشرعية والمشروعية تعبران عن ذات المعنى وتهدفان إلى تحقيق‬

‫نفس الغاية ومن أجل الوصول إلى االستقرار التشريعي لهذا فان هذا االتجاه يميل لمبدأ‬

‫المشروعية‪.‬‬

‫‪ -2‬التجاه إالثاني‪ :‬يرى ان اعتبار المشروعية مرجع الشرعية واساسها على اعتبارها أكثر‬

‫شموالً وأوسع مدى‪ ،‬وبناءاً على ذلك فقط ميز هذا االتجاه المشروعية في ضل النظم التحررية‬

‫والعقائدية‪ ،‬فبالنسبة للنظم التحررية تعتبر مشروعية شكلية حيث ان الدستور أساس القوانين الالحقة‬

‫واستنادا إلى ذلك ال يجوز مخالفة االدنى لألعلى‪ ،‬في حين ان النظم العقائدية تؤمن بالمشروعية‬

‫(‪)2‬‬
‫العليا والتي تعني االيمان بالقيم العليا للجماعة‪.‬‬

‫وهذا االتجاه ُيدخل الهيئات التشريعية في متاهة تداخل المبادئ والمصطلحات وتسبغ على‬

‫المشروعية صفات لها قدسية تعلو على الدساتير والقوانين واللوائح‪ ،‬في حين ان المبدأ األخير‬

‫(‪ )1‬متولي‪ ،‬عبد الحميد (‪ .)1975‬الحريات العامة نظريات في تطورها وضماناتها ومستقبلها‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬االسكندرية‪،‬‬
‫ص‪88‬؛ والطماوي‪ ،‬سليمان‪ ،‬النظريات العامة للق اررات االدارية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1976 ،4‬ص‪14‬‬
‫والجرف‪ ،‬طعيمة‪ ،‬مبدأ المشروعية ومبادئ خضوع االدارة للقانون مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 34‬والشاعر‪ ،‬رمزي القضاء االداري‬
‫وراقبته على اعمال االدارة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪ ،1982،‬ص‪11‬‬
‫(‪ )2‬وصفي‪ ،‬مصطفى كمال (‪ .)1998‬مصنفة النظم االسالمية‪ ،‬مكتبة وهبة للطباعة والنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪151‬؛ والنظام‬
‫الدستوري في االسالم مقارناً بالنظم المعاصرة‪ ،‬مكتبة وهبة للطباعة والنشر‪ ،1994 ،‬ص‪.33‬‬
‫‪33‬‬

‫يعتمد القيم العليا والمبادئ المترسخة في ضمير المجتمع اساسا للمشروعية حيث ان الشرعية تستمد‬

‫قبولها من المشروعية ومن هنا جاء التمييز بين المبدئين‪.‬‬

‫‪ -3‬إالتجاهإالثالث‪:‬إوهو يخالف االتجاهين السابقين حيث اعتبر ان هناك فرقا واضحا بين‬

‫الشرعية والمشروعية رغم اشتقاقهما من جذ اًر واحد‪ ،‬حيث اوجز هذا الفريق من الفقهاء ان قواعد‬

‫القانون الطبيعي التي اشار اليها بعض الفالسفة كوجوب توفر الحقوق األساسية كالعدالة والحرية‬

‫والمساواة وغيرها التي يتضمنها مصطلح الشرعية حتى تستحوذ على السلطة بهذا الوصف‪ ،‬فالبد‬

‫ان تسترشد في نشاطها وجميع فعاليتها السلطوية بقواعد الشرعية لكي تكون هذه التصرفات‬

‫(‪)1‬‬
‫مشروعة وان تكون قواعد القانون الوضعي معب اًر عن مضمون الشرعية كما هي‪.‬‬

‫ان هذا االتجاه ذهب إلى التمييز بين مفهومي الشرعية والمشروعية محاوالً البحث عن تنظير‬

‫فقهي يوكد على خضوع السلطة لمبادئ و ُمثل واهداف سابقة على وجودها‪ ،‬فكل ما يصدر عن‬

‫السلطات من الضروري ان يتطابق مع تلك األهداف علماً بان هذا التمييز ال يمنع استبداد السلطة‬

‫الن هذه الضمانات التي وضعت لمبدأ الشرعية تقع في عمق النظام القانوني للدولة وتتفاعل ضمن‬

‫(‪)2‬‬
‫محيطه‪.‬‬

‫يتفق الباحث مع االتجاه الفقهي األخير الذي يميز ما بين مبدأ الشرعية ومبدأ المشروعية وان‬

‫لكل من المصطلحين معنى يتفرد به‪ ،‬فالشرعية تعني ان السلطات تلتزم بالنظام والقيم العليا‬

‫(‪ )1‬الحلو‪ ،‬ماجد راغب (‪ .)1977‬القضاء االداري‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.12‬‬
‫(‪ )2‬سميع‪ ،‬صالح حسن (‪ .)1989‬ازمة الحرية السياسية في الوطن العربي‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬ص‪ 524‬نقالً عن بوزيان‪ ،‬عليان‬
‫(‪ .)2009‬دولة المشروعية بين النظرية والتطبيق دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬ص‪.135‬‬
‫‪34‬‬

‫للمجتمع بحيث ال يجوز ان تتعارض ممارسات السلطات مع تلك القيم‪ ،‬أما المشروعية يمكن‬

‫(‪)1‬‬
‫قياسها على أساس مدى التزام السلطات الحاكمة بالنظام القانوني‪.‬‬

‫ومن وجهة نظر الباحث ان مبدأي الشرعية والمشروعية مختلفين رغم التشابه بينهما حيث ان‬

‫كل مبدأ يؤدي عمل خاص به يختلف عن االخر من حيث المضمون والتطبيق‪ ،‬فالمشروعية أساس‬

‫الكيان القانوني التنظيمي للدولة وباختالله يختل كل الناظم وتضيع الحقوق والحريات‪ ،‬أما الشرعية‬

‫فهي قانونية واعتراف بالنظام القائم ككل ليس فقط كسلطة وحكم وانما حتى النظام القانوني ككل‬

‫(تصرفات المحكومين والحكام) حيث ان لفظ الشرعية يطلق على كل تصرف موافق للقانون ولفظ‬

‫غير مشروع لكل اداء مخالف ولكل قاعدة غير صحيحة وتخالف الدستور والقوانين‪.‬‬

‫وستناول مبدأ المشروعية ونوضحه في المبحث القادم‪ .‬ومن المهم اإلشارة إلى ان ما يهم‬

‫دراستنا هو الداللة الخاصة بتدرج القاعدة القانونية وعدم مخالفة القاعدة االدنى لقاعدة اعلى ومبدأ‬

‫سمو الدستور‪.‬‬

‫المبحثإالثاني‪ :‬إ‬
‫ماهيةإمبدأإالمشروعية‬

‫ان النظريات والمفاهيم والمبادئ وكما هو معروف انما هي وليدة مرحلة أو مراحل تاريخية‬

‫معينه هذا يعني ان هناك ظروفا سياسية واقتصادية واجتماعية اوجدت بالضرورة هذه المبادئ التي‬

‫تتجاوب معها وتبرر وجودها‪ ،‬والقانون الذي هو واحد من أهم العلوم االجتماعية ويعتبر(فن) في‬

‫جوهره وظاهره‪ ،‬يحتاج إلى اتباع اجراءات واساليب تساعده على خلق واقع وبالتالي ايجاد تطبيق‬

‫(‪ )1‬خميس‪ ،‬راغب جبريل (‪ .)2009‬الصراع بين حرية الفرد والسلطة الدولية‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬االسكندرية‪،‬‬
‫ص‪242‬؛ وحلو‪ ،‬ماجد راغب (‪ .)2000‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ص‪.217‬‬
‫‪35‬‬

‫للقاعدة القانونية بشكل سليم في المحيط االجتماعي ومن أهم هذه االساليب والمبادئ هو مبدأ‬

‫(‪)1‬‬
‫المشروعية‪.‬‬

‫يعتبر مبدأ المشروعية من مبادئ القانون الدستوري األساسية والذي اخذت به الدول التي‬

‫تنادي بالديمقراطية وحاولت تثبيته في دساتيرها وقوانينها كضمانة لحماية الحقوق والحريات العامة‬

‫ولتكريس معنى دولة القانون الذي ال يمكن تصوره بدون احترام لمبدأ المشروعية‪.‬‬

‫كما يشار إلى هذا المبدأ بانه الحامي لسيادة القانون‪ ،‬ولتحقيق هذا المبدأ فمن الضروري ان‬

‫يكون هناك توافق على الوثيقة الدستورية من قبل المواطنين أي ان تكون صياغة الدستور نابعة‬

‫(‪)2‬‬
‫عن أرادة المواطنين‪ ،‬فعند غياب هذه اآللية تضعف عندها حظوظ تحقيق المشروعية‪.‬‬

‫ويالحظ ان الدول التي اعتمدت مبدأ المشروعية وسيادة حكم القانون وسريانه على الكافة في‬

‫الدولة (حكاماً ومحكومين) كانت تهدف باألساس إلى تحقيق التوازن بين حق السلطات في فرض‬

‫النظام وحقوق وحريات األفراد‪.‬‬

‫ان لمبدأ المشروعية عدة دالالت وتعريفات تناولها عدد من الفقهاء من وجهات نظر مختلفة‬

‫ومتباينة سنقوم بتسلط الضوء على أهم هذه التعريفات ونركز على ما يهم دراستنا اال وهو مبدأ‬

‫المشروعية الدستورية المتمثلة بمبدأ سمو الدستور وتدرج القاعدة القانونية‪ .‬ولبيان كل ما تقدم قام‬

‫الباحث بتقسم هذا المبحث إلى عدة مطالب يتحدث المطلب االول عن مفهوم مبدأ المشروعية‬

‫(‪ )1‬الشاوي‪ ،‬منذر (‪ .)1979‬الدولة والقانون في مرحلة البناء االشتراكي‪ ،‬مجلة العدالة‪ ،‬العدد ‪ ،1‬السنة الخامسة‪ ،‬ص‪7‬؛‬
‫ال عن‬
‫والحافظ‪ ،‬صفاء (‪ .)1976‬نظرية القانون االشتراكي وبعض تصنيفاتها التشريعية‪ ،‬بغداد‪ ،‬بدون دار نشر‪ ،‬ص‪ 69‬نق ً‬
‫توفيق‪ ،‬سمير خيري (‪ .)1981‬رسالة دكتوراه بعنوان المشروعية في النظام االشتراكي‪ ،‬كلية القانون والسياسة‪ ،‬جامعة‬
‫بغداد‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫(‪ )2‬البوشي‪ ،‬شريف حسن (‪ .)2019‬المشروعية الدستورية والتحول الديمقراطي‪ ،‬المعهد المصري للدراسات‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫‪36‬‬

‫ودالالته أما المبحث الثاني فسيكون عن أهم المقومات القانونية لمبدأ المشروعية‪ ،‬المطلب الثالث‬

‫عن اهمية مبدأ المشروعية كأساس لدولة القانون‪.‬‬

‫المطلبإاألول‪ :‬إ‬
‫مفهومإمبدأإالمشروعيةإواهمإدللته‬

‫ان للصراع المرير والطويل الذي امتد عبر االزمان بين الحرية والسلطة قد أدى بالتدريج إلى‬

‫ظهور مبدأ هام واساسي اال وهو مبدأ المشروعية حتى يحقق ويحفظ التوزان بين حق السلطة في‬

‫فرض النظام والقانون من جهة ومن جهة اخرى حفظ حرية وحقوق األفراد في العيش بكل حرية‬

‫وامان في ظل دولة قانونية تراعي القيام بوظائفها بكل تفاني وعدل واخالص إلقامة حكومة تتسم‬

‫بإشاعة الحرية وحفظ الحقوق أو كما يطلق عليها بعض الفقهاء بدولة الحريات والحقوق المصانة‪،‬‬

‫حيث السيادة تكون للمشروعية المتأتية من ضمير وقيم الجماعة ويخضع لها الجميع على حد سواء‬

‫(‪)1‬‬
‫ليعلو شان القانون بشكل عام والقانون الدستوري بشكل خاص‪.‬‬

‫وقد وصف أحد الفقهاء مبدأ المشروعية بانها اداة لتنظيم التعايش السلمي بين الحرية والسلطة‬

‫(‪)2‬‬
‫في إطار االمة والدولة‪.‬‬

‫ويالحظ مما تقدم ان هذا الوصف اعطى للمشروعية المفهوم االمثل حيث اعتبرت احدى‬

‫المفاهيم أو الحلول األساسية ان صح التعبير التي تكون بيد الدولة لتحل بها المشكلة الدستورية‬

‫االزلية التي تختص بتنظيم العالقة بين الحقوق الفردية وسلطة الدولة‪.‬‬

‫(‪ )1‬بوزيان‪ ،‬عليان (‪ .)2009‬دولة المشروعية بين النظرية والتطبيق دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫(‪ )2‬هوريو‪ ،‬اندرية‪ ،‬نقل عن بوزيان‪ ،‬عليان‪ ،‬دولة المشروعية مرجع سابق‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪37‬‬

‫مما الشك فيه ان مبدا المشروعية يعد من ابداعات فكر القانون الدستوري‪ ،‬ذلك ألنه من‬

‫المبادئ التي وضعت حداً للسلطات المطلقة للحكام‪ ،‬واصبح بمقتضى هذا المبدأ وجود لدولة‬

‫القانون التي بدورها تتبع القاعدة القانونية في كل تصرفاتها ‪،‬حيث ان القانون ينفصل وبمجرد‬

‫صدوره عن الهيئة صاحبة االختصاص ويصبح بذلك قاعدة عامة مجردة تسري على الكافة من‬

‫اف ارد وهيئات عامة في الدولة‪ ،‬على اساسه يكون هناك التزام يقع على عاتق الدولة وذلك بان تكون‬

‫جميع تصرفاتها بناء على القوانين النافذة فيها واي تصرف مخالف للقواعد القانونية عد عملها غير‬

‫(‪)1‬‬
‫مشروع‪.‬‬

‫فعندما تحترم السلطات العامة في الدولة المتمثلة بالسلطات ( التشريعية والتنفيذية والقضائية)‬

‫مبدأ سيادة وسمو الدستور هنا نكون امام تأكيد مهم لمبدأ المشروعية ألتصل المبدأ األخير بخضوع‬

‫المواطنين والسلطات العامة دون أي استثناء ألحكام وقواعد القوانين النافذة في الدولة‪ ،‬ويتحقق ذلك‬

‫بالتزام التشريع االدنى بما جاء من أحكام بالتشريع األعلى منه مرتبة لتكون جميع التشريعات في‬

‫حالة توافق وتدرج في إطار البناء القانوني للدولة والذي بالتالي سيحقق االنسجام المطلوب بين هذه‬

‫(‪)2‬‬
‫التشريعات وأحكام الدستور‪ ،‬باعتبار األخير القواعد األعلى واألسمى في الدولة‪.‬‬

‫كما يرى بعض الفقهاء ان مبدأ المشروعية كمفهوم يأتي تعبي ار عن حركة القانون في المجال‬

‫التطبيقي‪ ،‬حيث ان أي عمل قانوني يجب ان يتطابق مع القاعدة القانونية التي ترتبط به‬

‫وتنظمه(‪ ،)3‬وبالتالي ان كل التصرفات والنشاطات واألعمال الصادرة عن الدولة من المهم ان‬

‫(‪ )1‬البوشي‪ ،‬شريف حسن (‪ .)2019‬المشروعية الدستورية والتحول الديمقراطي‪ ،‬المعهد المصري للدراسات‪ ،‬ص‪1‬‬
‫‪www.eipss-eg.org‬‬
‫(‪ )2‬السيد‪ ،‬محمد صالح عبد البديع (‪ .)2010‬قضاء الدستورية في مصر في ضوء قانون وأحكام المحكمة الدستورية العليا‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫(‪ )3‬توفيق‪ ،‬سمير خيري‪ ،‬رسالة دكتوراه (المشروعية في النظام االشتراكي)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪38‬‬

‫تخضع للقانون وهذا يشمل كل سلطاتها األساسية وهيأتها العامة التابعة لها حيث تباشر هذه‬

‫السلطات اختصاصاتها المخولة لها عن طريق االلتزام بأحكام القانون وحسب قاعدة التدرج‬

‫القانوني‪ ،‬كما ال يحق لإلدارة ان تقوم باتخاذ أي عمل أو تصرف قانوني أو حتى عمالً مادياً اال‬

‫(‪)1‬‬
‫بمقتضى القانون‪.‬‬

‫هنا يثار تساؤل حول ما المقصود بالقانون الواجب التطبيق؟ واي القواعد القانونية التي يجب‬

‫االلتزام بها لنحقق الغاية المرجوة من مبدأ المشروعية؟‬

‫يتفق الباحث مع أري أغلب فقهاء القانون بان المقصود بالقانون هنا هو مفهومه العام الواسع‬

‫حيث يشمل كل القواعد القانونية الوضعية والقائمة في الدولة‪ ،‬أي كل قاعدة قانونية عامة مجردة‬

‫على اختالف مصادرها (نصوص الدستور‪ ،‬التشريعات العادية‪ ،‬قوانين التنظيمية) كل هذه القوانين‬

‫على اختالف قوتها وحسب تدرجها تدخل ضمن معنى القانون بمعناه الواسع وبالتالي ت ُكون النظام‬

‫(‪)2‬‬
‫القانوني للدولة‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بتعريف مبدأ المشروعية ففي واقع األمر ليس هناك تعاريف مباشرة وواضحة‬

‫لمبدأ المشروعية وهو من أصعب االمور التي قد تواجه أي باحث يحاول البحث عن تعاريف‬

‫جامعة مانعة لمبدأ المشروعية‪ ،‬حيث رأى عدد من الفقهاء ان مبدأ المشروعية يقصد به وبصورة‬

‫(‪ )1‬اسبايطي‪ ،‬رشدي (‪ .)2015‬مبدأ المشروعية محاولة لتحديد ابعاد المفهوم‪ ،‬دار المنظومة‪ ،‬المصدر المجلة المحلية‬
‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية)‪ ،‬العدد (‪ ،)123،122‬ص‪.113‬‬
‫(‪ )2‬السبع‪ ،‬ناجي هادي محمد (‪ .)2021‬مشروعية القضاء الدستوري تفعيل لمبدأ الرقابة الدستورية الذي يجربه المحكمة‬
‫االتحادية العليا في العراق‪ ،‬مكتبة القانون المقارن‪ ،‬العراق‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.124‬‬
‫‪39‬‬

‫المشرع عليه احترام نصوص األحكام المدونة في الدستور وليس له الحق باي شكال من‬
‫ّ‬ ‫عامة "ان‬

‫(‪)1‬‬
‫االشكال ان يشرع قانون مخالف ألحكام ومبادئ الدستور"‪.‬‬

‫عرف جانب من الفقهاء مبدأ المشروعية بانه "وجوب خضوع كل من الحكام والمحكومين‬

‫للقانون بمعناه العام‪ ،‬حيث يكون الحترام القواعد القانونية االثر االكبر الذي على اساسه تتفق كل‬

‫(‪)2‬‬
‫تصرفات الهيئات والسلطات العامة في الدولة مع قواعد القانون القائمة فيها‪.‬‬

‫وبنفس المعنى يرى بعض الفقهاء ان المقصود بمبدأ المشروعية " ان ق اررات وأعمال الهيئات‬

‫العامة تكون صحيحة ومنتجة لجميع اثارها القانونية وبنفس الوقت ملزمة لجميع األفراد المخاطبين‬

‫(‪)3‬‬
‫والمعنين بها متى ما التزمت هذه الق اررات واألعمال بحدود قواعد القانون التي تحكم الدولة"‪.‬‬

‫وبمقتضى هذه التعريف يحق لألفراد الذين قد يمسهم ضرر بسبب قرار ما أو بسبب أعمال‬

‫السلطات التابعة للدولة‪ ،‬ان يطلبوا وقف تنفيذ القرار وحتى التعويض في حالة الضرر ويقع عبئ‬

‫االثبات على الفرد‪ ،‬حيث أطلق على أعمال االدارة بانها ق اررات نهائية واجبة النفاذ حتى يصدر‬

‫امر بإلغائها أو سحبها (‪ ،)4‬وهو ما يعد من أهم مواطن القوة التي يتمتع بها مبدأ المشروعية وذلك‬

‫من خالل حفظه للحقوق من الضياع‪.‬‬

‫يتفق الباحث مع التعريفات المذكورة كونها قد اعطت توضيح لمبدأ المشروعية لكن القارئ أو‬

‫لم تتضمن العناصر األساسية لمبدأ‬ ‫الباحث قد يلتبس عليه األمر كون ان هذه التعريفات‬

‫(‪ )1‬متولي‪ ،‬عبد الحميد‪ ،‬مبدأ المشروعية ومشكلة المبادئ العليا غير المدونة في الدستور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1‬‬
‫(‪ )2‬الطماوي‪ ،‬سليمان (‪ .)1976‬النظرية العامة للق اررات االدارية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪14‬؛ وحافظ‪ ،‬محمود‪،‬‬
‫القضاء اإلداري (د‪.‬ت) دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪19‬؛ والشاعر‪ ،‬رمزي (‪ .)1982‬القضاء االداري ورقابته على‬
‫اعمال االدارة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )3‬الجرف‪ ،‬طعيمة (‪ .)1963‬مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون‪ ،‬مكتبة القاهرة الحديثة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫(‪ )4‬الجرف‪ ،‬طعيمة‪ ،‬مبدأ المشروعية وضوابط خضوع االدارة العامة للقانون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫‪40‬‬

‫المشروعية وال حتى مجال تطبيق المبدأ أو سبب وجوده‪ ،‬وبما اننا كباحثين النقصد الوصول‬

‫لتعريف دراسي دقيق بعدد محدد أو غير محدد من المفردات نحتاج هنا فقط توضيح المعنى‬

‫وعكس الخصائص األساسية والجوهرية التي تتميز بها المشروعية والمتمثلة بان مبدأ المشروعية"‬

‫اساسها فكرة قانونية‪ ،‬مجالها التطبيق العملي لقواعد القانون‪ ،‬غايتها التأكد من التطبيق الصحيح‬

‫للقواعد القانونية مع االلتزام التام بمبدأ سمو الدستور وتدرج القواعد القانونية"‪.‬‬

‫المطلبإالثاني‪ :‬إ‬
‫المقوماتإالقانونيةإلمبدأإالمشروعية‬

‫ان مبدأ المشروعية وكما هو معروف يعتبر من المفاهيم التحررية‪ ،‬حيث يقوم هذا المبدأ ومن‬

‫خالل عمل المؤسسات الدستورية برسم حدود ممارسة السلطات لنشاطاتها‪ ،‬إضافة إلى وضع‬

‫الضمانات التي تكفل احترام الحريات والحقوق‪.‬‬

‫ان من أهم المبادئ الدستورية التي سعى الفكر التحرري إلى وضعها وتطورت بمرور الزمن‬

‫حتى أصبحت محل ثقة كونها قضت على االستبداد وأدت بالتالي إلى أنتشار الحريات والحقوق‪،‬‬

‫(‪)1‬‬
‫ومنها‪:‬‬

‫‪ -1‬مبدأ سمو الدستور‪.‬‬

‫‪ -2‬مبدأ الفصل بين السلطات‪.‬‬

‫‪ - -3‬مبدأ تدرج القاعدة القانونية‪.‬‬

‫(‪ )1‬بوزيان‪ ،‬عليان‪ ،‬دولة المشروعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.548‬‬


‫‪41‬‬

‫وسنسلط الضوء على هذا المبادئ وخصوصا مبدأ سمو الدستور ومبدأ تدرج القاعدة القانونية‬

‫كونها المعنية بدراستنا بشكل اساسي‪ ،‬وسيكون هناك توضيح أكثر في الفصول القادمة عن مدى‬

‫تأثير نظرية االنحراف التشريعي على هذه المبادئ‪.‬‬

‫‪-1‬مبدأإسموإالدستور‬

‫أن تنظيم الدساتير يكون في االغلب عقب قيام الشعب بحركات ضد االحتالل ومحاربة‬

‫المستعمر كما كانت االحوال في امريكا‪ ،‬أو حالة حدوث ثورات ضد السلطات الوطنية التي‬

‫استبدت وتعسفت في استخدام السلطة كما حصل في فرنسا‪ ،‬حيث يؤلف الشعب لجان تأسيسية‬

‫منتقاه قبل ان يكون لديها برلمان أو سلطة تنفيذية ويتم تكليفها بوضع قواعد ما يجب ان يتضمنه‬

‫مشروع الدستور المقترح من قواعد أساسيه أمرة لجميع السلطات التي ستنبثق فيما بعد عن هذا‬

‫الدستور ‪ ،‬او من خالل أجراء عمليات االستفتاء حينما يتم اقرار دستور جديد حين يوافق افراد‬

‫الشعب على عقد اجتماعي فيما بينهم يجسدونه في النصوص الدستورية التي يتطلعون لتطبيقها‪،‬‬

‫وفي جميع األحوال تعتبر الهيئة المكلفة (التأسيسية) بتثبيت القواعد الدستورية اعلى من البرلمان‪.‬‬

‫(‪)1‬‬

‫إ ومن المهم هنا ان نسهب في شرح اهمية الدساتير في حياة االمم حيث انها ال تنص فقط‬

‫على وسائل ممارسة السلطة والعالقة بين السلطات وتنظيمها أو طبيعة فلسفة النظام السياسي‪ ،‬اذ‬

‫ان السلطة بحاجه ماسة إلسباغ الشرعية عليها لتكون اكثر رضاً وقبوالً من قبل افراد الشعب اللذين‬

‫تمارس عليهم ومن اجلهم هذه السلطة‪ ،‬وفي سبيل تحقيق طموحاتها وكسب موافقة المواطنين‬

‫وقبولهم للنظام السياسي كان لزاماً عليها ان تطرح مبادئها وفلسفتها والمثل التي تمثلها‪ ،‬وتستوحي‬

‫(‪ )1‬صليبا‪ ،‬عاطف (‪ .)2002‬دور القضاء الدستوري في ارساء دولة القانون دراسة مقارنة‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫ص‪.56‬‬
‫‪42‬‬

‫مورثاتها ومعتقداتها من ما يؤمن به الشعب لتصبح بذلك اساسا لنظامها السياسي وليرتكز عليها في‬

‫(‪)1‬‬
‫تحقيق أهدافها‪.‬‬

‫ولعل من ابرز شروحات التي يمكن اإلشارة اليها وتوضح وضع الدساتير والية تطبيقها ما ورد‬

‫في قرار المحكمة الدستورية العليا في مصر والذي ينص بشكل واضح وجلي على تكامل وانسجام‬

‫النصوص الدستورية وذلك بقولها"" ان النصوص الدستورية ال تتعارض أو تتهادم أو تتنافر فيما‬

‫يبنها‪ ،‬ولكنها تتكامل في اطار الوحدة العضوية التي تنظمها من خالل التوفيق بين مجموع احكمها‬

‫وربطها بالقيم العليا التي تؤمن بها الجماعة في مراحل تطورها المختلفة‪ ،‬ويتعين دوماً ان يعتد بهذه‬

‫النصوص بوصفها متآلفة فيما بينها ال تتماهى أو تتأكل بل تتجانس معانيها وتتضافر توجهاتها وال‬

‫محل بالتالي لحالة الغاء بعضها البعض بضرر تصادمها‪ ،‬ان انفاذ الوثيقة الدستورية وفرض‬

‫أحكامها على المخاطبين بها يفترض العمل بها في مجموعها وشروط ذلك اتساقها وترابطها والنظر‬

‫اليها باعتبار ان لكل نص منها مضموناً ذاتياً ال ينعزل عن غيره من النصوص أو ينافيها أو‬

‫يسقطها بل يقوم إلى جوارها متسانداً معها مقيداً باألغراض النهائية والمقاصد الكلية التي‬

‫(‪)2‬‬
‫تجمعها"‪_.‬‬

‫وبالتأمل في الحكم يبرز لنا لما للقواعد االجتماعية المعتمدة في المجتمع والتي من خاللها‬

‫ينظم شؤونه الداخلية منها والخارجية من أهمية كونها تنبثق من القيم االجتماعية‪ ،‬حيث تعد من‬

‫أفضل الوسائل التي يحافظ بها المجتمع على قيمه ولتتنشر بين الناس‪ ،‬حيث توضع قوانين ومبادئ‬

‫(‪ )1‬الشاوي‪ ،‬منذر (‪ .)2012‬فلسلفة الدولة‪ ،‬دار ورد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ص‪.525‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية بجلسة ‪ 5‬فبراير ‪ 1994‬في القضية رقم ‪ 23‬لسنة ‪ 15‬ق‪ .‬دستورية‪ .‬مجموعة‬
‫األحكام‪ ،‬ج‪ 140، 6‬بجلسة ‪ 2‬يناير‪ 1999‬في القضية رقم ‪ 15‬لسنة ‪ 18‬ق‪ .‬دستورية‪ ،‬جلسة ‪ 8‬يوليو‪ 2000‬في القضية‬
‫رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 13‬ق‪ .‬دستورية مجموعة األحكام جزء ‪ ،9‬ص‪ ،133‬ص‪ 667‬مشار إليه صيام‪ ،‬سري محمود‪ ،‬صناعة‬
‫التشريع (‪ .)2015‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ك ‪ ،1‬ص‪.74‬‬
‫‪43‬‬

‫ال يمكن التالعب بها أو اساءة استعمالها‪ ،‬ولتحقيق هذا الغرض تدرج هذه القيم في الوثيقة‬

‫المشرع الدستوري يدرك أهمية هذه القيم المجتمعية‬


‫الدستورية حتى يبدأ رحلة تطبيقها وانفاذها‪ ،‬و ّ‬

‫فعندما يدرجها داخل الوثيقة الدستورية فانه يراعي الترابط والتجانس بينها وبين القواعد األخرى‪،‬‬

‫وهنا تكمن أهمية تكامل األحكام الدستورية مع بعضها (‪ .)1‬هذا التكامل الذي بالتالي أعطى‬

‫للدستور سموه على بقية القواعد القانونية وجعلة يتبوأ قمة الهرم القانوني‪.‬‬

‫وان من سمات سمو الدستور ان النصوص الواردة فيه ال تتعارض أو تتناقض مع بعضها‪،‬‬

‫وان حدث تعارض ألي سبب من األسباب فإنه يعني إخالالً جسيماً في بنية تلك النصوص‪ ،‬حيث‬

‫يصبح الدستور هنا مهتز االركان مما يؤثر سلباً على سائر أحكام الدستور وقواعده‪ ،‬وبما ان‬

‫االصل التجانس بين تلك القواعد فأنها في مجموعها تعمل على تحقيق غايات ومبادئ وأهداف‬

‫الدولة االستراتيجية في تطوير المجتمع وتنمية مرتكزاته األساسية ولرقي وسعادة ابناء تلك الدولة‪،‬‬

‫وان أحكام تلك النصوص ملزمة للحكام والمحكومين بنفس المستوى‪ ،‬رغم ان لكل نص دستوري‬

‫اهداف ومضامين ومحتوى ذاتي يتميز به وهذا ال يعني بالمحصلة النهائية ان ما ورد في هذا‬

‫النص يعمل بانفراد ومعزل عن بقيه النصوص أو يلغيها أو يسقطها بل انه يساندها من خالل‬

‫النظرة العامة والشاملة لكل قواعد النصوص الدستورية والتي تسعى أخي اًر لتحقيق األهداف العليا‬

‫(‪)2‬‬
‫للمجتمع‪.‬‬

‫برزت إشكالية مهمة طرحت من جانب بعض الفقهاء وهي صعوبة التصور القائم على اعتبار‬

‫الدستور ذو علوية مطلقة حيث ذهب رأيهم إلى ان وجود الدولة سبق وجود الدستور‪ ،‬فكيف يعلو‬

‫ويسمو الدستور على الدولة؟‬

‫(‪ )1‬المجذوب‪ ،‬محمد (‪ .)2002‬القانون الدستوري والنظام السياسي‪ ،‬ط‪ ،4‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،4‬ص‪.27‬‬
‫(‪ )2‬الموسى‪ ،‬نوفل عبد الحميد (‪ .)2020‬االلتزامات الدستورية على الدولة وضمانات الوفاء بها‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫‪44‬‬

‫ولتوضيح ما تقدم فأن السلطة تمارس وبشكل طبيعي في أي فئة اجتماعية‪ ،‬فان الفئة التي‬

‫تمارس هذه السلطة ال يمكن لها ذلك بمعزل عن قواعد معينة ومحددة حيث ال يتصور وجود أي‬

‫نشاط اجتماعي وبشكل عفوي وبالتالي فان هذه القواعد التي تحدد وتضبط ممارسة السلطة ماهي‬

‫إال القواعد الدستورية‪ ،‬وان الدستور وجود لتنظيم سلطة الدولة أي ان السلطة يفترض وجودها قبل‬

‫(‪)1‬‬
‫الدستور‪.‬‬

‫ان فكرة القواعد الدستورية ومنذ نشأتها مهمتها األساسية تنظيم جميع ممارسات السلطة سواء‬

‫اكان ذلك قبل صيرورة الدولة ككيان متكامل أم بعدها‪ ،‬وآلية تنظيم السلطة يؤدي لوجود الدولة‪،‬‬

‫(‪)2‬‬
‫كتنظيم مؤسساتي شامل ومتكامل‬ ‫وبهذا يكون الدستور هو االداة التي تنشأ بموجبه الدولة‪.‬‬

‫وكيان محدد ومستقل من جميع النواحي السياسية واالجتماعية واالقتصادية‪.‬‬

‫من وجهة نظر الباحث فان االعتراض على علو الدستور من بعض الفقهاء غير مبرر الن‬

‫مضمون الدستور أساسه ثوابت وقيم المجتمع مع تنظيم لكامل شؤون الدولة وحماية للحقوق وصون‬

‫للحريات‪ ،‬فكيف نحمي جميع الحقوق ونخلق التوازن بين الدولة ومواطنيها إذا لم نعطي كيان يسمو‬

‫على الجميع متمثل بنصوص الدستور‪ ،‬فالدستور مثلما يحمي حقوق األفراد فهو يحمي الدولة‪.‬‬

‫يتفق الباحث مع ان اثبات سمو الدستور لم يأتي من فراغ فكري‪ ،‬وانما استند على التطبيق‬

‫العملي اذ من خالله نتوصل إلى ان القواعد الدستورية قواعد ذات طبيعة مرجعية حيث تُبنى‬

‫وتُشتق على أساسها جميع القواعد القانونية في الدولة وال يمكن ان تخالفها‪ ،‬إضافة إلى التدرج بين‬

‫القواعد القانونية من اعلى إلى ادنى‪ ،‬وان هذا التدرج ال ينتج غرضه اال بعلو قاعدة على اخرى‪،‬‬

‫(‪ )1‬الشاوي‪ ،‬منذر (‪ .)2015‬فلسفة الحياة السياسية‪ ،‬الذاكرة للنشر والتوزيع‪ ،‬العراق‪ ،‬بغداد‪ ،‬ص‪.1001‬‬
‫(‪ )2‬الشاوي‪ ،‬منذر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.459‬‬
‫‪45‬‬

‫أي علو األحكام الدستورية على غيرها من القواعد القانونية في سلم التدرج القانوني‪ ،‬إضافة إلى ان‬

‫علو القاعدة الدستورية امر مهم للغاية في الحياة الدستورية للدولة حيث بدونه ال تنظم االمور‬

‫العامة فيها بشكلها المطلوب وتكون عرضة لألهواء الشخصية والفتاوى واالجتهادات الخاصة‪ ،‬مرد‬

‫ذلك إلى تعلق النفس البشرية بالسلطة ولذا فان سمو الدستور يعد من الضمانات التي تستقيم من‬

‫(‪)1‬‬
‫خالله المؤسسات الدستورية والحياة السياسية للدول‪.‬‬

‫بعد ان اوضحنا ما للقواعد الدستورية من أهمية ورفعة تجعلها في قمة الهرم القانوني وبالتالي‬

‫تسمو على جميع القواعد القانونية في البناء القانوني للدولة وهو مرجعها األساسي‪ ،‬علينا ان نورد‬

‫أهم التعاريف التي وضعت للدستور‪.‬‬

‫ان من أهم وأشهر التعريفات الخاصة بالدستور هو ما ذهبت إليه المحكمة الدستورية العليا‬

‫المصرية حيث عرفت الدستور وكما يلي" انه القانون األساسي االعلى‪ ،‬وظيفته أرساء االصول‬

‫والقواعد التي يقوم عليها شكل نظام الحكم‪ ،‬حيث يحدد السلطات العامة ويرسم وظائفها إضافة إلى‬

‫اقامة القيود والحدود التي تضبط نشاطها‪ ،‬ويقرر كل من الحقوق والحريات والقيود العامة وينشأ‬

‫(‪)2‬‬
‫الضمانات لحمايتها"‪.‬‬

‫من وجهة نظر الباحث ان التعريف انف الذكر قد سلط الضوء على أهم خصائص النصوص‬

‫الدستورية من ناحية الشكلية والموضوعية إضافة إلى اإلشارة إلى الطبيعة الخاصة التي يتميز بها‬

‫الدستور كونه أساس الحياة الدستورية وعمادها فقد أدرك القضاء الدستوري المصري هذا السمو‬

‫وجسده في هذا التعريف حتى يعد ملزماً للكافة‪.‬‬

‫(‪ )1‬الموسى‪ ،‬نوفل عبد الحميد‪ ،‬االلتزامات الدستورية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪431‬‬
‫(‪ )2‬موسوعة أحكام المحكمة الدستورية العليا المصرية‪ ،‬الجزء الخامس‪ ،‬ص‪ ،2910-2908‬بواسطة السعيد‪ ،‬كامل‬
‫(‪ .)2017‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪-‬دراسة تحليلية تأصيلية توصيفيه توجيهية مقارنة‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.33‬‬
‫‪46‬‬

‫بطبيعة الحال فان الدستور يتميز بطبيعة خاصة حيث تجعله يتفرد بصفة السمو والسيادة‬

‫والرفعة كونه يعتبر حامي الحريات والحقوق وعماداً للحياة الدستورية‪ ،‬وبالتالي اصبحت قواعده تتبوأ‬

‫قمة البناء القانوني للدول‪ ،‬كما ان لقواعده الصدارة باعتبارها أسمى القواعد االمرة في النظام‬

‫القانوني التي من الواجب على الدولة ان تحترمها وتلتزم بها سواء في تشريعاتها وقضائها وحتى ما‬

‫(‪)1‬‬
‫تأتي بيه السلطات التنفيذية من اعمل ونشاطات هي بصدد مباشرتها الختصاصاتها‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق فان القواعد الدستورية تعد األسمى كونها المنظمة لجميع مفاصل الدولة‪،‬‬

‫والذي على أساسه يمكن تحديد مضمونها حيث تتعلق بنظام الحكم في الدولة كونها التي تبين‬

‫التنظيم االجتماعي والسياسي إضافة إلى توضيح االسس الفكرية والفلسفية التي يقوم عليها نظام‬

‫الدولة‪ ،‬إضافة إلى تحديد السلطات األساسية (التشريعية‪ ،‬التنفيذية‪ ،‬القضائية) وتوضيح‬

‫اختصاصات كل واحدة من هذه السلطات الثالث والكيفية التي تمارس بها مهامها ومسؤولياتها‪،‬‬

‫(‪)2‬‬
‫كذلك ينظم الدستور الحقوق وحريات األفراد واهم الضمانات التي تصون هذه الحقوق‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة هنا إلى ان هناك نوعين رئيسيين من الدساتير‪:‬‬

‫‪ -‬الدستورإالجامد‪ :‬وهي تلك الدساتير التي يتطلب تعديلها اجراءات معقدة وأكثر حزماً من‬

‫تلك المطلوبة بتعديل احاكم القوانين العادية‪ ،‬ويتم ذكر هذه اإلجراءات في الدستور‪ ،‬ويمتاز جمود‬

‫(‪)3‬‬
‫ومن الدول التي تكون دساتيرها جامدة (األردن‪،‬‬ ‫الدستور بطابع الثبات والسمو واالستقرار‪.‬‬

‫لبنان‪ ،‬ألمانيا‪ ،‬العراق)‪.‬‬

‫(‪ )1‬السعيد‪ ،‬كامل‪ ،‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫(‪ )2‬النسور‪ ،‬أبو العثم (‪ .)2016‬القضاء الدستوري‪ ،‬بين النظرية والتطبيق‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫ص‪.79‬‬
‫(‪ )3‬الخطيب‪ ،‬نعمان (‪ .)1993‬مبادئ القانون الدستوري‪ ،‬ص‪509‬؛ والحياري‪ ،‬عادل (‪ .)1972‬مبادئ القانون الدستوري‪،‬‬
‫ص‪195‬؛ والنسور‪ ،‬فهد أبو العثم (‪ .)2016‬القضاء الدستوري بين النظرية والتطبيق‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.72‬‬
‫‪47‬‬

‫‪ -‬إالدستور إالمرن‪ :‬وهو الدستور الذي باإلمكان تغير وتعديل نصوصه وذلك بأتباع ذات‬

‫االجراءات المتخذة لتعديل نصوص القانون العادي‪ ،‬ويتميز هذا النوع من الدساتير بسهولة التغير‬

‫(‪)1‬‬
‫وكما وتجدر اإلشارة‬ ‫ما يجعله مواكب لحركة تطور ظروف المجتمعات التي يختص بتنظيمها‪.‬‬

‫إلى ان الدساتير المرنة قد تكون مكتوبة مثل دستور ايطاليا لسنة ‪ 1848‬أو غير مكتوبة كالدستور‬

‫االنجليزي‪.‬‬

‫من وجهة نظر الباحث المتواضعة فان الدساتير سواء اكانت جامدة ام مرنة مدونة ام غير‬

‫مدونة احتاجت إلى إجراءات معقدة أو ميسرة للتغير في نصوصها فهذا ال يجعلنا نحكم على ثبات‬

‫واستقرار الدساتير من خالل هذه التعاريف‪ ،‬فنحن نالحظ ومن خالل الواقع العملي الذي يفرض‬

‫نفسه ان هناك دول ذات دساتير مرنة أكثر استق ار ار من دول دساتيرها جامدة‪ .‬فالعبرة ليست بمرونة‬

‫الدستور أو جموده بل تكمن العبرة من خالل تحقيق األهداف وااللتزامات الدستورية بشكل سليم واذا‬

‫وجب التغير بالدستور فيكون من خالل حفظ الحقوق المكتسبة والمحافظة على الحقوق والحريات‬

‫فنحن في تطور مستمر وتظهر كل يوم قضايا جديدة في المجتمعات وعلى جميع األصعدة‬

‫السياسية واالجتماعية واالقتصادية تحتاج إلى تنظيم دستوري لها‪ ،‬حيث يصبح التعديل بالدساتير‬

‫مطلباً أساسياً لمواكبة حالة التطور الدائمة‪.‬‬

‫البد أخي اًر من اإلشارة إلى السمو الموضوعي والسمو الشكلي اللذان يعتبران وجها مبدأ سمو‬

‫الدستور األساسيين‪.‬‬

‫(‪ )1‬كرم‪ ،‬غازي (‪ .)2009‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬مكتبة الجامعة‪ ،‬الشارقة‪ ،‬اثراء للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫ص‪267‬؛ واحمد‪ ،‬عصام سعيد عبد (‪ .)2013‬الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬شركة المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫ص‪.185‬‬
‫‪48‬‬

‫‪ -‬إالسمو إالموضوعي‪ :‬ويقصد به مضمون المواضيع التي تتناولها القواعد الدستورية إضافة‬

‫إلى الموضوعات التي يبحث بها الدستور وينظمها بشكل مباشر (‪ ،)1‬ان العلو الموضوعي للدستور‬

‫يعتبر مبدأ عام واساسي تقوم عليه الدولة القانونية ويأخذ بالنسبة لجمع انواع الدساتير المكتوبة‬

‫(‪)2‬‬
‫والعرفية سواء اكانت جامدة أو مرنه كونه يمس المسائل التي ينظمها الدستور‪.‬‬

‫(‪)3‬‬
‫وعليه فان السمو الموضوعي يتحقق من خالل طبيعة واهداف ومضمون القواعد الدستورية‬

‫حيث يجب ان تستند كل أنشطة الدولة القانونية وأعمالها على النصوص الدستورية واال عدت‬

‫مجردة من أي قيمة قانونية لها وبالتالي باطلة‪.‬‬

‫وبما ان الموضوعات التي يتناولها الدستور تتميز بالخطورة واألهمية المطلقة في آن واحد فإن‬

‫السمو الموضوعي أساسه يعود إلى كون الدستور يعد مصد اًر أساسياً لجميع النشاطات القانونية‬

‫التي تصدر عن الدولة ويتجلى ذلك من خالل جانبين‪:‬‬

‫‪ -‬الجانبإاألول‪:‬إتحديدإوانشاءإالهيئاتإالدستوريةإاألساسية‬

‫بما ان الدستور هو الذي اعطى للسلطات الثالث (التشريعية‪ ،‬التنفيذية‪ ،‬القضائية) سندها‬

‫الشرعي وقام بإنشائها وحدد اختصاصات كل واحدة منها‪ ،‬لهذا يطلق عليها مصطلح المؤسسات‬

‫الدستورية‪ ،‬ويكون عليها االلتزام بما جاء في الدستور وتراعي توافق ما يصدر عنها من أعمال‬

‫(‪ )1‬العبودي‪ ،‬محسن (‪ .)2008‬المبادئ الدستورية العامة وتطور االنظمة الدستورية المصرية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫ص‪76‬؛ والحسيني‪ ،‬محمد طه حسين (‪ .)2016‬مبادئ القانون الدستوري‪ ،‬منشورات زين الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫ص‪.116‬‬
‫(‪ )2‬الحلو‪ ،‬ماجد راغب (‪ .)2014‬دستورية القوانين‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬ص‪57‬؛ وشنطاوي‪ ،‬علي خطار (‪.)2013‬‬
‫االنظمة السياسية والقانون الدستوري األردني والمقارن‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ص‪.164‬‬
‫(‪ )3‬سلمان‪ ،‬عبد العزيز محمد (‪ .)1995‬الرقابة على دستورية القوانين في مصر‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫‪49‬‬

‫وتصرفات مع أحكامه ومبادئه‪ ،‬وبالتالي فأن أي مخالفة لقواعد الدستور تصدر عن هذه السلطات‬

‫(‪)1‬‬
‫تفقد موجبها سندها الشرعي‪.‬‬

‫هذا ما يعطي السمو والمكانة الرفيعة للدستور ما يجعله يتبوأ قمة البناء القانوني فهو المنشأ‬

‫لكل نظام الحكم في الدولة والمحدد األساسي لكل سلطاتها والحامي االول لكل الحقوق والحريات‬

‫وكافلها‪ ،‬لذا فان محاوالت التغاضي عن هذا السمو من خالل عدم االلتزام والمخالفات المتكررة‬

‫للدستور وأحكامه تفقد الشرعية الي سلطة‪.‬‬

‫الجانبإالثاني‪:‬إتحديدإعقيدةإالنظامإالسياسيإوالتوجهإالفلسفيإوالقانونيإللدولة‬

‫ويحدد هذا الجانب التوجهات واالفكار السائدة والفلسفة القانونية التي تتميز بها الدولة والتي‬

‫تحدد من خالل الرؤيا (االجتماعية والسياسية واالقتصادية) والتي من المهم ان تصدر أنشطة‬

‫الدولة متطابقة معها سواء كانت أنشطة حكومية أم فردية واال عدت باطلة‪ ،‬إال ان ذلك ال يعني‬

‫احتكار التوجهات الفلسفية والقانونية للدولة‪ ،‬وانكار التوجهات والعقائد الفلسفية المختلفة والمناقضة‬

‫لتلك الدساتير فمثال الدساتير في بعض النظم الديمقراطية اعطت حق االعتراض للمعارضة وذلك‬

‫باستخدام كافة الوسائل السلمية للتعبير عن رأيها (‪ .)2‬حيث علينا ان نالحظ ان الدستور وجد لخلق‬

‫حالة من التناغم في الدولة فهو ال يمنع أو يقضي على التوجهات أو الفلسفات المتعارضة معه‪،‬‬

‫خصوصاً في االنظمة الديمقراطية التي تسمح بوجود وجهات نظر مغايرة ومعارضة قد ال تتفق‬

‫تماما مع ما جاء في دستورها أو انظمتها التي تعتمدها‪ .‬مما يساهم وبشكل فعال في دفع عجلة‬

‫التطوير في مجال القانون الدستوري‪.‬‬

‫(‪ )1‬بسيوني‪ ،‬عبد الغني (‪ .)1998‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ص‪.406‬‬
‫(‪ )2‬الجرف‪ ،‬طعيمة (‪ .)2001‬النظرية العامة للقانون الدستوري‪ ،‬ط‪ ،3‬دار النهضة العربية‪ ،‬ص‪137‬؛ وسلمان‪ ،‬عبد العزيز‬
‫محمد (‪ .)1995‬رقابة دستورية القوانين في مصر‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫‪50‬‬

‫وال بد من اإلشارة إلى أهم نتائج السمو الموضوعي للدستور ومنها التأكيد والدعم لمبدأ‬

‫المشروعية من خالل توسيع نطاق العمل به ورفع تدرج القواعد القانونية المتمثل بالقواعد الدستورية‬

‫حيث تشكل قمة األحكام القانونية فمن الطبيعي خضوع الحكام قبل المحكومين ألحكامها لتحقيق‬

‫مبدأ سيادة القانون‪ ،‬عليه يعتبر مبدأ سمو الدستور الضمانة لمبدأ المشروعية من خالل اعتبار كل‬

‫عمل أو تصرف أو نشاط صادر عن مؤسسات الدولة شابه مخالفة للدستور يعتبر عمال فاقدا الي‬

‫قيمة قانونية وبالتالي باطال الفتقاره السند الشرعي (‪ .)1‬وهذا يؤدي بنا إلى القول بان كلما كانت‬

‫القاعدة القانونية ملتزمة بالحدود المقررة بالقواعد االعلى منها كانت محصنة ضد الطعن بعدم‬

‫(‪)2‬‬
‫مشروعيتها‪.‬‬

‫ومن نتائج السمو الموضوعي هو عدم اجازة تفويض االختصاصات التي منحها الدستور‪ ،‬كون‬

‫هذه االختصاصات منحت بموجب نص دستوري وتفويضها بدون النص على اجازة هذا التفويض‬

‫من قبل الدستور بمثابة هدر لمبدأ الفصل بين السلطات والذي بدوره يعتبر ضمانة ديمقراطية‬

‫(‪)3‬‬
‫لحماية سيادة القانون وحقوق األفراد في ان واحد‪.‬‬

‫(‪ )1‬متولي‪ ،‬عبد الحميد (‪ .)1959‬الوجيز في النظريات واالنظمة السياسية ومبادئها الدستورية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪292‬؛ وشكري‪،‬‬
‫علي يوسف (‪ .)2011‬مبادئ القانون الدستوري‪ ،‬مؤسسة دار الصادق الثقافية‪ ،‬العراق‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.305‬‬
‫(‪ )2‬الخطيب‪ ،‬نعمان (‪ .)2010‬الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬االصدار السادس‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫(‪ )3‬عبد الوهاب‪ ،‬محمد رفعت (‪ .)2008‬رقابة دستورية القوانين (المبادئ النظرية والتطبيقات الجوهرية)‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪18‬؛ والخالدي‪ ،‬احمد عبد الحميد (‪ .)2011‬المبادئ الدستورية العامة للقانون الدستوري‪ ،‬دار الكتب‬
‫القانونية‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪90‬؛ ومتولي‪ ،‬عبد الحميد‪ ،‬الوجيز في النظريات السياسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.291‬‬
‫‪51‬‬

‫بما ان االصل يقضي بان السلطات ال تمتلك هذه االختصاصات وال تعد حقاً ذاتيا وانما هي‬

‫وظيفة بإجازة الدستور‪ ،‬لذا من واجبها اداء مهامها في الحدود المرسومة لها وحسب القانون وبالتالي‬

‫(‪)1‬‬
‫ال يجوز تفويض اختصاصاتها اال ضمن اجازة النص الدستور بذلك‪.‬‬

‫ونشير بهذا الصدد عدم اجازة منح اختصاصات البرلمان وخاصة التشريعية منها إلى جهات‬

‫اخرى متمثلة برئيس الدولة أو رئيس الوزراء اال في حالة اجازة ذلك بنص دستوري‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‬

‫اتفاق الفقه الفرنسي على عدم دستورية تفويض البرلمان لجهات حكومية اصدار مراسيم تكون‬

‫بمثابة قانون وذلك في دستور ‪ ،1875‬حيث كان محدد من حيث المدة والموضوع‪ ،‬رغم أري جانب‬

‫آخر من الفقه الفرنسي بأن طبيعة الحال في بعض األوقات تفرض ضرورة هكذا تفويض مع‬

‫(‪)2‬‬
‫االلتزام بالشروط‪.‬‬

‫كما أن هناك بعض الدساتير أجازت بنصوص صريحة وواضحة التفويض مثال ذلك الدستور‬

‫األردني في المادة (‪ )94‬الذي اعطى حق تفويض لمجلس الوزراء بوضع قوانين مؤقتة بعد موافقة‬

‫الملك في حال حدوث حالة طوارئ أو حالة حرب أو حتى نفقات مهمة ومستعجلة على ان تطرح‬

‫(‪)3‬‬
‫على مجلس االمة في اول جلسة له‪.‬‬

‫ان النتائج المترتبة عن السمو الموضوعي ال تحقق حماية حقيقية وكافية للدستور كونها ال‬

‫ترتب أي جزاء قانوني تحمي بموجبه نصوص الدستور في حال مخالفتها أو الخروج عنها الي‬

‫(‪ )1‬بسيوني‪ ،‬عبد الغني (‪ .)1997‬رقابة دستورية القوانين‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ص‪406‬؛ والشوابكة‪ ،‬محمد عبد اهلل‬
‫(‪ .)2006‬رقابة االمتناع على دستورية القوانين دراسة مقارنة بين الواليات المتحدة االمريكية ومصر واألردن‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه‪ ،‬جامعة عمان العربية‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫(‪ )2‬الغزالي‪ ،‬ستار عبد اهلل (‪ .)2017‬الرقابة على دستورية القوانين واللوائح‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪33‬؛ ومتولي‪،‬‬
‫عبد الحميد (‪ .)1959‬الوجيز في النظريات واالنظمة السياسية ومبادئها الدستورية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪292‬؛ والحلو‪ ،‬ماجد‬
‫راغب (‪ .)1986‬دستورية القوانين‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ص‪.85‬‬
‫(‪ )3‬العضايلة‪ ،‬امين سالمة (‪ .)2012‬الوجيز في النظام الدستوري‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ص‪.136‬‬
‫‪52‬‬

‫سبب من األسباب (‪ ،)1‬لذا يثور تساؤل مهم هنا كيف ممكن ان نحمي الدستور من التالعب به أو‬

‫التجاوز عليه؟‬

‫يكمن الجواب بتنظيم الوسيلة الفعالة في الرقابة وهو ما أبدع به الفكر الدستوري حين اوجد‬

‫مبدأ الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬وهذا المبدأ الذي يتطلب للدستور إلى جانب السمو الموضوعي‬

‫سمواً شكلياً حتى يصبح له طابعاً ملزماً ويوفر له الحماية القصوى في حال المخالفة والخروج عن‬

‫نصوصه سواء أكان مخالفة صريحة أم انحرافاً عن روحه ومبادئه‪ )2( .‬إ‬

‫السموإالشكليإللدستور‪ :‬يتفق الفقه على تعريف السمو الشكلي للدستور بانه مجموعة القواعد‬

‫التي توضع من هيئة خاصة تسمى الهيئة التأسيسية والتي تختلف باختالف الدساتير‪ ،‬وتكون‬

‫اإلجراءات المتبعة في وضع هذه النصوص وتعديلها تختلف تماماً عن اإلجراءات المتبعة بتعديل‬

‫(‪)3‬‬
‫ويظهر ذلك جليا من خالل ما يتطلبه الدستور من‬ ‫القوانين العادية من حيث الصعوبة والتعقيد‪.‬‬

‫اجراءات وشروط صارمة من أجل تعديله أو الغائه تختلف وبشكل كبير عن االجراءات المتبعة في‬

‫(‪)4‬‬
‫تعديل القوانين العادية أو إلغائها‪.‬‬

‫(‪ )1‬الخطيب‪ ،‬نعمان احمد‪ ،‬الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.536‬‬
‫(‪ )2‬صليبا‪ ،‬امين عاطف‪ ،‬مرجع سابق ص‪80‬؛ وبسيوني‪ ،‬عبد الغني (‪ .)1998‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬منشاة‬
‫المعارف‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ص‪405‬؛ والعبودي‪ ،‬محسن (‪ .)2008‬المبادئ الدستورية العامة وتطور األنظمة الدستورية‬
‫المصرية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ص‪.78‬‬
‫(‪ )3‬الشاعر‪ ،‬رمزي (‪ .)1978‬النظرية العامة للقانون الدستوري‪ ،‬مطبعة عين شمس‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.269‬‬
‫(‪ )4‬الجرف‪ ،‬طعيمة‪ ،‬النظرية العامة للقانون الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪140‬؛ والنسور‪ ،‬فهد أبو العثم‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.82‬‬
‫‪53‬‬

‫ويتوضح السمو الشكلي للقواعد الدستورية بكونها تحتل قمة سلم التدرج القانوني في الدولة‬

‫وذلك نظ ار لعلو السلطة التي تضعه وصعوبة االجراءات المعتمدة في تعديله‪ ،‬بالتالي أي تعارض‬

‫(‪)1‬‬
‫يحصل من القواعد االدنى في سلم التدرج القانوني يفقد الدستور قيمته ومضمونه‪.‬‬

‫كما أن السمو الشكلي يسري على كافة النصوص الدستورية أي كانت مضمونها أو‬

‫(‪)2‬‬
‫وكمثال على ما تقدم ما أشار إليه الدستور االمريكي في مادته (‪ )2/1‬الشروط الواجب‬ ‫_‬ ‫طبيعتها‬

‫توفرها في الفرد حتى يرشح لعضوية مجلس النواب والمادة (‪ )8/1‬التي خولت الكونغرس الحق‬

‫بإصدار القوانين التي تضمن الحق للمؤلفين في كتاباتهم‪ ،‬والحق للمخترعين في براءات اختراعاتهم‬

‫والمادة (‪ )6/2‬والتي أوضحت شروط الترشح للرئاسة في الواليات المتحدة االمريكية‪ ،‬سنالحظ من‬

‫النصوص آنفة الذكر أنها تختلف فيما بينها من حيث أهمية كل واحدة منها لكنها تتفق في طريقة‬

‫تعديلها حيث يتم تعديلها بنفس الشروط واالجراءات الخاصة بالتعديل نصوص الدستور حسب‬

‫(‪)3‬‬
‫المادة (‪ )5‬من الدستور االمريكي‪.‬‬

‫(‪ )1‬قنديل‪ ،‬رائد صالح احمد (‪ .)2010‬الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫(‪ )2‬الشكري‪ ،‬علي يوسف‪ ،‬مبادئ القانون الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.309‬‬
‫(‪ )3‬المادة (‪ )5‬من الدستور االمريكي تعديل الدستور‪ :‬يقترح الكونغرس‪ ،‬كلما رأى ثلثا أعضاء المجلسين ضرورة لذلك‪،‬‬
‫تعديالت لهذا الدستور‪ ،‬أو يدعو‪ ،‬بناء على طلب الهيئات التشريعية لثلثي مختلف الواليات‪ ،‬إلى عقد مؤتمر القتراح‬
‫تعديالت‪ ،‬تصبح في كلتا الحالتين‪ ،‬قانونية من حيث جميع المقاصد والغايات‪ ،‬كجزء من هذا الدستور‪ ،‬عندما تصادق‬
‫عليها الهيئات التشريعية لثالثة أرباع مختلف الواليات‪ ،‬أو مؤتمرات تعقد في ثالثة أرباع الواليات أيا كانت وسيلة‬
‫المصادقة التي يقترحها الكونغرس من بين هاتين‪ ،‬شرط (أال يؤثر أي تعديل يتم ويقر قبل سنة ألف وثمانمائة وثمانية‬
‫‪ 1808‬في أية صورة كانت على العبارتين األولى والرابعة من الفقرة التاسعة من المادة األولى‪ )،‬وأال تحرم أية والية‪ ،‬دون‬
‫رضاها‪ ،‬من حق تساوي األصوات في مجلس الشيوخ‪http://hrlibrary.umn.edu/arabic/us-con.html .‬‬
‫‪54‬‬

‫ويترتب على السمو الشكلي نتيجة اساسية تترتب عنها نتائج فرعية مهمة اال وهي التمايز ما‬

‫بين القواعد الدستورية والقواعد القانونين العادية (‪ ،)1‬ويتوضح هذا االختالف الملموس عند المقارنة‬

‫(‪)2‬‬
‫ما بين مواضيع كال القواعد وايضاً من ناحية الشكل فلقواعد الدستورية تتسم‪:‬‬

‫أ‪ :‬ثبات القواعد الدستورية مقارنة بالقواعد القانونية العادية‪.‬‬

‫ب‪ :‬القواعد الدستورية تعدل بواسطة قوانين دستورية تطابقها‪.‬‬

‫ج‪ :‬القواعد الدستورية أساس وجود القوانين العادية‪.‬‬

‫من جانب اخر من المهم اإلشارة إلى ان السمو الشكلي محدد بالدساتير الجامدة عكس السمو‬

‫(‪)3‬‬
‫الموضعي الذي يشمل جميع انواع الدساتير الجامدة منها والمرنة باعتباره مبدأ عاماً‪.‬‬

‫ويتم الحفاظ على العلو الشكلي عن طريق تحقيق الرقابة الدستورية على ما يصدر عن‬

‫البرلمان من تشريعات والسلطة التنفيذية من انظمة‪ ،‬ففي حال كشف أي مخالفة دستورية قبل‬

‫اصدار القانون تمتنع عن اصداره‪ ،‬وفي حال كان نافذًا فيحول عبر اإلجراءات المنصوص عليها‬

‫قانونا إلى الجهة المختصة للطعن في القانون باعتباره مخالفاً للدستور أو تمتنع المحاكم عن العمل‬

‫(‪)4‬‬
‫به كونه خالف قاعدة التدرج القانوني وخالف القاعدة االعلى المتمثلة بالقواعد الدستورية‪.‬‬

‫وبعد تناول معظم الجوانب المهمة عن مبدأ سمو الدستور ومن وجهة نظر الباحث التي تتفق‬

‫مع ما جاء بيه اغلب فقهاء القانون الدستوري‪ ،‬ان مبدأ سمو الدستور يعتبر منهجاً دستوريا في‬

‫(‪ )1‬صليبا‪ ،‬امين عاطف (‪ .)2002‬دور القضاء الدستوري في ارساء دولة القانون دراسة مقارنة‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬ص‪ 81‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )2‬شيحا‪ ،‬إبراهيم (‪ .)1998‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪.528‬‬
‫(‪ )3‬الشاوي‪ ،‬منذر (‪ .)1972‬القانون الدستوري نظرية الدستور‪ ،‬ج‪ ،2‬مطبعة شفيق‪ ،‬بغداد‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫(‪ )4‬خالد‪ ،‬حميد حنون(‪ ،)2013‬مبادئ القانون الدستوري وتطور النظام السياسي في العراق‪ ،‬مكتبة السنهوري‪ ،‬بغداد‪ ،‬ص‬
‫‪ 150‬والحلو‪ ،‬ماجد راغب‪ ،‬دستورية القوانين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.62‬‬
‫‪55‬‬

‫رحلة حماية الحريات والحقوق اي ان له االثر االكبر واالهم على صعيد ضمان مبدأ المشروعية‬

‫وتحقيق وجوده والتوسع فيه‪ ،‬لكن ما تجدر اإلشارة إليه هنا ان هذا لمبدأ السامي سيغدو عديم القيمة‬

‫إذا لم يتحدد له جزاء قانوني في حال مخالفته‪ ،‬وتكمن ضمانته من خالل الرقابة على دستورية‬

‫القوانين‪ ،‬حيث نصت عدد من الدساتير على ضرورة االخذ بهذه الرقابة لما لها من دور في ضمان‬

‫علو الدستور (‪ ،)1‬كما ان رقابة االنحراف التشريعي ذات اهمية قصوى كوننا امام احدى اخطر‬

‫االنحرافات التشريعية الصامتة التي ممكن ان تصيب التشريع وتؤدي إلى ضياع قيمة الدستور‬

‫وبالتالي تهدد مبدأ المشروعية وما له من اثر بهدر الحقوق والحريات‪.‬‬

‫‪-‬إمبدأإالفصلإبينإالسلطات‬

‫برز مبدأ الفصل بين السلطات كنظرية دستورية في اواخر القرن الثامن عشر‪ ،‬وعلى الرغم من‬

‫االختالفات في النظرة القانونية لهذا المبدأ وعدم االتفاق على مفاهيم اساسية توضح معالمه اال ان‬

‫الجوهر متفق عليه من اغلب فقهاء القانون‪.‬‬

‫فكما هو معروف ان هدف هذا المبدأ يكمن في ايجاد بديل للحكم المطلق المتعسف والتحول‬

‫إلى حكم بديل اساسه صيانة السيادة وحفظ الحقوق والحريات‪ ،‬وتدريجياً ومع تطور العصور اخذ‬

‫هذا المبدأ مكانته وحقق هدفه وتبلور ليصبح في الوقت الحالي معيا اًر مهما وواقعياً لتحديد عمل‬

‫السلطات األساسية الثالث (تشريعية‪ ،‬تنفيذية‪ ،‬قضائية)‪.‬‬

‫من المهم توضيح ما المقصود بمبدأ الفصل بين السلطات كونه مبدأ دستوري هام وأحد‬

‫مقاومات مبدأ المشروعية‪ ،‬ولقد اجمع الفقه على االخذ بتعريف الفقيه الفرنسي (مونتسيكيو) حيث‬

‫(‪ )1‬الدستور األردني المادة ‪ 58‬و‪ 59‬وتعديالته لسنة‪ ،2022‬الدستور الفرنسي لعام ‪ ،1958‬الدستور المصري لعام ‪2014‬‬
‫المادة ‪ 191‬و‪ 192‬وتعديالته لسنة ‪2019‬‬
‫‪56‬‬

‫ينسب إليه بلورة واخراج مبدأ الفصل بين السلطات إلى مجال التطبيق العملي (‪" ،)1‬هو مبدأ وجد‬

‫بقصد توزيع السلطات بين هيئات الدولة في محاولة لخلق حالة من التوازن والضمان فيما بينها‬

‫وبشكل منفصل ومتساوي بحيث تستقل كل منها عن األخرى في االختصاصات واألعمال التي‬

‫(‪)2‬‬
‫تتوالها "‪.‬‬

‫وبالتأمل في التعريف نجد ان الفقيه الفرنسي قد اوجد عدة تساؤالت اراد من خاللها ايجاد فكرة‬

‫بحيث تكون هذه الفكرة قيداً على جميع أعمال السلطة وهي‪ :‬كيف بإمكان حماية الحرية‪ ،‬وكيف‬

‫ممكن السيطرة على التعسف واساءة استعمال السلطة‪ ،‬وأخي اًر هل يمكن تحقيق الموازنة واالعتدال‬

‫بين حفظ الحقوق والحفاظ على النظام‪ ،‬فمن اجل ضمان الحريات والحقوق ولكي تحافظ الدولة‬

‫على النظام العام فيها‪ ،‬يرى الفقيه عدم تركيز السلطات بيد جهة واحدة وانما تتوزع بين هيئات‬

‫متعددة رئيسية أي بمعنى اخر السلطات الثالث بحيث تعمل منفصلة عن بعضها البعض وضمن‬

‫اختصاصاتها مع التأكيد على حالة االنسجام والتعاون حتى تستطيع ان تراقب بعضها البعض ومن‬

‫خالل هذه المراقبة ممكن ان نمنع اساءة استعمال السلطة‪.‬‬

‫وتأسيساً على ذلك فإن جوهر مبدأ الفصل بين السلطات يتوضح في انه لكي تكون امور‬

‫الدولة ومصالحها تسير بشكل منتظم وحتى تكون حقوق وحريات المواطنين مصانة من أي تعسف‬

‫(‪ )1‬الجمل‪ ،‬يحيى‪ ،‬االنظمة السياسية المعاصرة‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة النشر‪ ،‬بيروت‪ ،1990 ،‬ص‪ 127‬والعبيدي‪،‬‬
‫بشرى‪ ،‬مبدأ الفصل بين السلطات مفهومه ومركزه في الدستور العراقي‪ ،‬مجلة المواطنة والتعايش‪ ،‬العدد الخامس‪،2007،‬‬
‫ص‪.9‬‬
‫(‪ )2‬عبد الحميد‪ ،‬عبد العظيم عبد السالم (‪ .)2006‬تطور االنظمة الدستورية دراسة مقارنة التطور الدستوري الفرنسي التطور‬
‫الدستوري المصري‪ ،‬الكتاب االول‪ ،‬ط‪ ،1‬دار النهضة العربية‪ ،‬ص‪231‬؛ وعبد الرحمن‪ ،‬راجع (‪ .)2020‬رسالة ماجستير‬
‫بعنوان الضمانات القانونية لمبدأ سمو الدستور‪ ،‬المركز الجامعي مغنية‪ ،‬معهد الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪،‬‬
‫ص‪.24‬‬
‫‪57‬‬

‫أو استبداد‪ ،‬كان من الضروري ان ال تكون السلطات كلها متركزة بيد هيئة واحدة أو فرد واحد بل‬

‫(‪)1‬‬
‫من المهم وتحقيقاً للتوازن ان تتوزع هذا السلطات بين هيئات متعددة في الدولة‪.‬‬

‫واستناداً لما سبق اعتبر هذا المبدأ أحد الركائز المهمة التي تسند فكرة الدولة القانونية‪ ،‬حيث‬

‫قسم مبدأ الفصل بين السلطات الوظائف والسلطات األساسية التي تقع على عاتق الدولة ووزعها‬

‫بكل بساطة إلى ثالث سلطات رئيسية السلطة التشريعية اختصاصها تشريع القوانين‪ ،‬وسلطة‬

‫تنفيذية تنفرد بها الحكومة وتباشر تنفيذ القوانين وأخي اًر سلطة قضائية تمارسها وتختص بها المحاكم‬

‫(‪)2‬‬
‫مهمتها تطبيق القوانين على كل المنازعات التي تطرح أمامها‪.‬‬

‫يثور هنا تساؤل مهم هل هذا الفصل يكون بشكل مطلق ام ان هناك قد ار من التعاون بين‬

‫السلطات؟‬

‫ان مبدأ الفصل بين السلطات يقصد به توزيع السلطات في الدولة بقصد حفظ الحقوق ومنع‬

‫االستبداد‪ ،‬يعتبر االخذ بهذا المبدأ في دساتير الدول ضمانة حقيقة للحقوق والحريات (‪ ،)3‬وال يقصد‬

‫به الفصل التام المطلق وانما فصالً عضوياً قائماً على المساواة‪ ،‬حدد المبدأ العالقة القائمة بين‬

‫السلطات واقامة نوع من االنسجام والتعاون والرقابة الذي بالتالي منع طغيان احدى السلطات على‬

‫األخرى وجعل هناك قد ار من الشراكة في ممارسة الوظائف لتحقيق الغاية المرجوة من مبدأ الفصل‬

‫بين السلطات‪.‬‬

‫(‪ )1‬الطماوي‪ ،‬سليمان (‪ .)1986‬السلطات الثالث في الدساتير العربية المعاصرة والفكر السياسي االسالمي دراسة مقارنة‪،‬‬
‫مطبعة جامعة عين شمس‪ ،‬ط‪ ،5‬ص‪518‬؛ والكاظم‪ ،‬صالح جواد والعاني‪ ،‬علي غالب (‪ .)2007‬االنظمة السياسية‪،‬‬
‫الناشر العاتك لصناعة الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬توزيع المكتبة القانونية‪ ،‬بغداد‪ ،‬ط‪ ،2‬ص‪.65-64‬‬
‫(‪ )2‬محفوظ‪ ،‬زكريا محمد حميد (‪ .)1966‬حالة الطوارئ في القانون المقارن‪ ،‬ط‪ ،1‬منشأة المعارف‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ص‪ 62‬نقالً‬
‫عن الزبيدي‪ ،‬هشام جليل إبراهيم (‪ .)2012‬رسالة ماجستير‪ ،‬مبدأ الفصل بين السلطات وعالقته باستقالل القضاء‪ ،‬جامعة‬
‫النهرين‪ ،‬العراق‪ ،‬بغداد‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )3‬بدوي‪ ،‬ثروت (‪ .)1986‬النظم السياسية‪ ،‬دار النهضة العربية للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪58‬‬

‫تجدر اإلشارة أخي اًر إلى ان مبدأ الفصل بين السلطات ينقسم إلى نوعين االول الفصل المرن‬

‫هو الفصل الذي يخلق فضاء واسعا من الشراكة بين السلطات والرقابة المتبادلة والثاني الفصل‬

‫(‪)1‬‬
‫الجامد أو المطلق فهو الذي ال يقيم للتعاون بين السلطات أي اعتبار وال حتى من ناحية الرقابة‪.‬‬

‫وقد وجه الفقهاء عدد من االنتقادات لمبدأ الفصل بين السلطات جميعها كانت بسبب الفهم‬

‫الخطأ لهذا المبدأ السامي‪ ،‬حيث كان الفقهاء يعتقون ان المقصود به هو الفصل المطلق الذي‬

‫بنظرهم ال يخدم النظام الدستوري في الدولة ويعقد سير الحياة ويزيد االعباء ويضر بمصالح الدولة‬

‫بإضافة إلى تعذر أداء الواجبات الوظيفية لكون الوظائف ترتبط مع بعضها البعض والفصل‬

‫(‪)2‬‬
‫المطلق سيعرقل سيرها وانتظامها‪.‬‬

‫يذهب الباحث إلى تأييد ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من ان الفهم الخاطئ لمبدأ الفصل بين‬

‫السلطات والنظر إليه على انه فصل مطلق جعل وجهات النظر تتباين حوله وتنتقده‪ ،‬ولكن في‬

‫الحقيقة ان مبدأ الفصل بين السلطات مبدأ مهم اساسي يدعم قيام الدولة القانونية من خالل تعاون‬

‫سلطاتها فيما بينها وخصوصا من ناحية الرقابة ويحفظ الحقوق والحريات‪.‬‬

‫ويرى الباحث ضرورة التساؤل عن مدى تأثر مبدا الفصل بين السلطات في حالة تكرار تشريع‬

‫قوانين ذات انحرافات تشريعية وهل يوثر عليه االنحراف بالتشريع وكيف؟‬

‫من خالل البحث سنالحظ ان النظم السياسية الحديثة ال تفصل فصال واضحا بين السلطة‬

‫التشريعية والسلطة التنفيذية‪ ،‬فكما هو متعارف عليه في النظم التعددية فان رئيس السلطة التنفيذية‬

‫(‪ )1‬بوزيان‪ ،‬عليان‪ ،‬دولة المشروعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪589‬؛ والنسور‪ ،‬فهد أبو العثم‪ ،‬القضاء الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.99‬‬
‫(‪ )2‬علي‪ ،‬سعيد السيد (‪ .)2006‬المبادئ األساسية للنظم السياسية وانظمة الحكم المعاصرة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتاب الحديث‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬ص‪.138‬‬
‫‪59‬‬

‫هو نفسه قد يكون رئيس حزب االغلبية البرلمانية‪ ،‬حيث ستكون معظم التشريعات صادرة بتوجيه‬

‫واقتراحات السلطة التنفيذية‪ ،‬هذه السيطرة التي قد تؤدي إلى ايجاد قوانين تنحرف عن غاية‬

‫المصلحة العامة وتحقق منهاج الحزب الفائز على سبيل المثال‪ ،‬كل ذلك يهدر مبدأ الفصل بين‬

‫السلطات من خالل الخلط بين االختصاصات أو منح صالحيات ال يجوز لجهة معينة ان تتمتع‬

‫بها‪ ،‬وخطورة األمر تكمن في تعطيل وشل حركة البرلمانات مثال وتقييد اختصاصها االصيل في‬

‫التشريع‪ ،‬وهذا ما سنسلط الضوء عليه ونوضحه في الفصول القادمة‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأإتدرجإالقواعدإالقانونية‬

‫يقصد بمبدأ تدرج القاعدة القانونية هو ان يكون النظام القانوني للدولة قائم على أساس متسلسل‬

‫ومنظم تنظيما تكون فيه القواعد القانونية متدرجة من القاعدة االعلى إلى القاعدة االدنى ويربط فيما‬

‫(‪)1‬‬
‫يبنها التبعية والتدرج‪.‬‬

‫يوصف مبدأ تدرج القاعدة القانونية بأنه إليه وطريقة فعالة اللتزام السلطات العامة باحترام‬

‫القانون بالمعنى الواسع‪ ،‬وملخص هذا المبدأ هو أن تتواجد القواعد القانونية بشكل متسلسل وبمراتب‬

‫متدرجة ومتتالية حيث تعلو بعضها على االخر حسب قوة االلزام لكل منها‪ ،‬على هذا االساس فان‬

‫أي مخالفة لهذا التنظيم اعتبر القانون غير مشروع وبذلك فإن القاعدة القانونية االدنى تعتمد وجوداً‬
‫(‪)2‬‬
‫أو عدما على عدم مخالفة القاعدة التي تعلوها مرتبة في سلم التدرج القانوني‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى ان كل ما سبق ذكره ما هو إال النظرية الخالصة للفقيه "هانز كلسن" فقد‬

‫اوضح ان أي نظام قانوني هو اساسا عبارة عن شكل هرمي يكون الدستور فيه في اعلى قمته على‬

‫(‪ )1‬البياتي‪ ،‬منير حميد (‪ .)2003‬النظام السياسي االسالمي مقارناً بالدولة القانونية دراسة دستورية شرعية وقانونية مقارنة‪،‬‬
‫دار االوائل‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.81‬‬
‫(‪ )2‬جمال الدين‪ ،‬سامي (‪ .)2000‬مبدأ تدرج القواعد القانونية ومبادئ الشرعية االسالمية‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬ص‪.18-17‬‬
‫‪60‬‬

‫أساس ان السلطة التي اقرته هي السلطة التأسيسية‪ ،‬ثم يليه القوانين العادية الصادرة عن البرلمان‪،‬‬

‫وبعدها تأتي الق اررات التنظيمية الصادرة عن السلطة التنفيذية‪ ،‬وأخي اًر تقع الق اررات الفردية التي‬

‫تصدر عن السلطة اإلدارية في قاعدة الهرم‪ ،‬من هنا يتضح تدرج القوة االلزامية من القواعد‬

‫(‪)1‬‬
‫الدستورية وصوال إلى الق اررات الفردية‪.‬‬

‫من المهم ان نوضح أهم خصائص مبدأ تدرج القاعدة القانونية لتتوضح اهميته في بناء الدولة‬

‫الحديثة وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ -1‬حل مشكلة التعارض القانوني حيث ُعد مبدأ تدرج القاعدة القانونية آلية قانونية لحل مسألة‬

‫التعارض القائمة بين القوانين‪ ،‬فأصبحت هناك قواعد قانونية عليا تسمو وتحدد صحة القواعد التي‬

‫تليها مرتبة من حيث الشكل والموضوع أي بصدورها من السلطة المحددة وبإجراءات المنصوص‬

‫(‪)2‬‬
‫عليها ومتفقة في المضمون مع القاعدة العليا‪.‬‬

‫‪ -2‬مبدأ تدرج القواعد القانونية مقوم مهم من مقومات الدولة القانونية ويتحقق ذلك بتقييد‬

‫االكراه المادي للدولة من خالل القانون وتدرجه الذي يحفظ عدم المس بالحقوق والحريات في غير‬

‫(‪)3‬‬
‫مناسبة‪.‬‬

‫‪ -3‬يتحقق السمو الدستوري شكال وموضوعاً من خالل مبدأ تدرج القواعد القانونية حيث تتبوأ‬

‫القواعد الدستورية اعلى قمة الهرم القانوني والذي يحقق بالتالي مشروعية الدولة بتدرج قوانينها‬

‫(‪ )1‬عاطف‪ ،‬البنا محمود (‪ .)2001‬الوسيط في النظم السياسية‪ ،‬دار النشر للجامعات‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬ص‪.135‬‬
‫(‪ )2‬الجرف‪ ،‬طعيمة (‪ .)1976‬مبدأ المشروعية وضوابط خضوع االدارة العامة للقانون‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط‪ ،3‬ص‪.62‬‬
‫(‪ )3‬فطة‪ ،‬نبالي (د‪.‬ت)‪ .‬المجلس الدستوري وتدرج القواعد القانونية‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬ع‪ ،3‬ص‪.7‬‬
‫‪61‬‬

‫وأعمالها كون الدستور هو صاحب السيادة والقانون األساسي الذي ال يجوز الي قاعدة أدنى منه‬

‫(‪)1‬‬
‫مخالفته واال عدت باطلة‪.‬‬

‫و تجدر اإلشارة إلى ان لمبدأ تدرج القواعد القانونية تدرجين‪:‬‬

‫‪ -‬تدرج موضوعي‪ :‬هو التدرج الذي يعتمد على القوة االلزامية للقاعدة القانونية فكما اتصفت‬

‫القاعدة القانونية بأكبر قدر من العمومية والتجريد تبوأت مكانة عليا ويبدأ األمر ينحسر بالمراتب‬

‫(‪)2‬‬
‫أي ان التدرج الموضوعي يعتمد على جوهر ومضمون‬ ‫االدنى وصوال إلى الق اررات الفردية‪.‬‬

‫القواعد القانونية إضافة إلى االثار المترتبة عليها‪.‬‬

‫‪ -‬تدرج شكلي‪ :‬يعتمد على مرتبة وقوة السلطة التي صدرت عنها القواعد القانونية واإلجراءات‬

‫المتبعة فيها‪ .‬ونتيجة هذا التدرج تتوضح من خالل التزام القاعدة االدنى بما جاء في القاعدة التي‬

‫تعلوها مرتبة فتأتي متناسبة مع االجراءات التي تتطلبها القاعدة االعلى من حيث سبب اصدارها‬

‫(‪)3‬‬
‫واالثار التي تترتب عليها‪.‬‬

‫من وجهة نظر الباحث ان اهمية مبدأ التدرج القانوني تبرز من خالل ما يحققه من تناغم‬

‫وعدم تعارض القوانين مما يخلق وحدة للنظام القانوني في الدولة وبالتالي ان عدم وجود قواعد‬

‫متعارضة يحقق مبدأ المشروعية ويحمي الحقوق والحريات ويحقق المصالح االقتصادية والسياسية‪.‬‬

‫ومن المهم حماية هذا المبدأ الن التجاوز عليه سيخلق حالة من الفوضى والتعارض بين القوانين‬

‫ووجود حاالت انحرف تشريعي ستؤثر بشكل مباشر على مضمونه كون االنحراف عن روح‬

‫(‪ )1‬عبد الرحمن‪ ،‬راجع‪ ،‬الضمانات القانونية لمبدأ سمو الدستور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.35‬‬
‫(‪ )2‬بدوي‪ ،‬ثروت (‪ .)2007‬تدرج الق اررات االدارية ومبدأ الشرعية‪ ،‬دار النهضة العربية للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.76‬‬
‫(‪ )3‬توفيق‪ ،‬سمير خيري‪ ،‬المشروعية في النظام االشتراكي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.120‬‬
‫‪62‬‬

‫الدستور يمس بشكل مباشر مبدأ التدرج فيجرده من هيبته واحترامه كون العطل أصاب قمته‬

‫المتمثلة بالقواعد الدستورية السامية التي ال يجوز مخالفتها‪.‬‬

‫المطلبإالثالث‪ :‬إ‬
‫أهميةإمبدأإالمشروعيةإكأساسإلدولةإالقانون‬

‫تمتاز الدول الحديثة في وقتنا الحالي بسمة اساسية اال وهي كونها دول قانونية تعتمد على‬

‫فرض قواعد القانون على الجميع (سلطات عامة‪ ،‬افراد) لتنظيم كافة العالقات والروابط‪ ،‬فهي كما‬

‫(‪)1‬‬
‫وصفها أحد الفقهاء "دولة القانون ليست كلمة تقال وال شعا اًر يرفع‪ ،‬وانما حياة تعاش"‪.‬‬

‫لذا من المهم توضيح ما المقصود بدولة القانون لنكون امام تصور اوضح ألهمية المشروعية‬

‫بالنسبة لها‪:‬‬

‫اوالً‪ -‬إدولةإالقانون‪ :‬ابتداءا علينا ان نوضح ما المقصود بدولة القانون بالمعنى الواسع وكيف‬

‫تناول الفقهاء هذا المصطلح بالتعريف والتوضيح لنتمكن من فهم المقصود منه واهم عناصره‬

‫األساسية‪ .‬حيث يرى جانب من الفقهاء ان المقصود بالدولة القانونية "هي التي تخضع للقانون‪،‬‬

‫فيخضع الحاكم أو الحكام للقوانين الموضوعة مقدما والتي تملي على صاحب السيادة القرار الذي‬

‫(‪)2‬‬
‫يجب عليه اتخاذه‪ ،‬وذلك ما دامت هذه القوانين بمعناه الواسع موجودة "‪.‬‬

‫(‪ )1‬الشاوي‪ ،‬منذر (‪ .)2013‬دولة القانون‪ ،‬الذاكرة للنشر والتوزيع‪ ،‬بغداد‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.5‬‬
‫(‪ )2‬الطماوي‪ ،‬سليمان محمد (‪ .)1988‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ص‪.62‬‬
‫‪63‬‬

‫كما يرى أحد الفقهاء "ان الدولة القانونية هي التي يخضع كل من فيها حكام ومحكومين‪،‬‬

‫سلطات وافراد للقانون‪ ،‬بحيث تدور تصرفاتهم في دائرة النظام القانوني للدولة وضمن حدوده سواء‬

‫(‪)1‬‬
‫اكانت تصرفات سلبية أو ايجابية "‬

‫من خالل هذا التعاريف سنالحظ ان الفقه يرى ان التزام األفراد بالقانون في عالقاتهم الخاصة‬

‫وحده ال يكفي‪ ،‬حيث ان هذا من االمور البديهية‪ ،‬ولكن من الضروري والمهم جداً ان تنصاع له‬

‫سلطات الدولة بالشكل الذي تسبغ على أعمالها ونشاطاتها االنسجام والتوافق مع قواعد القانون‪ ،‬وان‬

‫هذين االمرين أي التزام سلطات الدولة وأفراد المجتمع بالخضوع للقانون يعتبر أساس للمشروعية‬

‫أي ان نشاطات واألعمال التي تباشرها السلطة الحاكمة تستمد شرعيتها من مبدأ خضوع الحكام‬

‫والمحكومين لسيادة القانون‪ ،‬وبهذا المعنى فان سيادة القانون ليس بالخضوع له فقط بل عندما يسمو‬

‫ويعلو على الدولة وهذا يستوجب ان تكون السيادة لقواعد القانون ذاته ال فقط االلتزام بأوامره‬

‫وأحكامه ونواهيه بل يجب ان يضمن القانون ويتكفل بحماية حريات وحقوق األفراد‪ ،‬ففي هذه‬

‫المرحلة الراهنة من تطور المجتمعات اصبحت من أهم سماتها رعاية االنسان وحماية حقوقه‬

‫وحرياته أي ان األفراد مهما علو في سلم السلطة فان اراداتهم محكومة ألنها خاضعة لسيادة‬

‫(‪)2‬‬
‫القانون‪.‬‬

‫من وجهة نظر الباحث ان هناك فكرة جوهرية مفادها ان قيام دولة القانون والمؤسسات شرط‬

‫من أهم الشروط األساسية لتنفيذ االلتزامات الدستورية إذا ان المبادئ الواردة في الدساتير في‬

‫الغالب االعم ليست فيما تتضمنه من أفكار وتضمه من قواعد‪ ،‬بل يكون المغزى دائما في ان تأخذ‬

‫(‪ )1‬جمال الدين‪ ،‬سامي (‪ .)2013‬تدرج القواعد القانونية ومبادئ الشريعة االسالمية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬االسكندرية‪،‬‬
‫ص‪.8‬‬
‫(‪ )2‬مرسي‪ ،‬حسام (‪ .)2014‬القانون الدستوري –المقومات األساسية تطبيقاً على الدستور المعاصر‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ص‪.134‬‬
‫‪64‬‬

‫هذه القواعد مجالها الحيوي في التطبيق الواقعي‪ ،‬عليه فمن الصعوبة ان نتخيل تطبيق االفكار‬

‫المشرع الدستوري في صلب الوثيقة الدستورية بغير وجود كيان حقيقي للدولة‬
‫ّ‬ ‫والمبادئ التي وضعها‬

‫القانونية‪ ،‬أي ان هناك عالقة تخادميه ومتبادلة للقانون بين قادة السلطة وأفراد الشعب والتي تشكل‬

‫طبيعة وشكل العالقة بينهما حيث يتحقق مبدأ المشروعية برضا األفراد بالسلطة وما تصدر من‬

‫قواعد قانونية تنضم شؤنهم وكذلك التزام السلطة بذات القوانين التي تصدرها وفي ختام األمر تتحقق‬

‫دولة القانون والمشروعية‪.‬‬

‫ثانيإا‪-‬إمبدأإالمشروعيةإأحدإأهمإعناصرإدولةإالقانون‬

‫ان العالقة المباشرة بين مبدا المشروعية ودولة القانون سمح بان تكون جل أنشطة الدولة‬

‫خاضعة للقانون‪ ،‬فالسلطات الثالث (التشريعية – التنفيذية – القضائية) يتحتم عليها احترام‬

‫المشروعية القانونية والخضوع لها وذلك من خالل التزام السلطة التشريعية بالخضوع للدستور‬

‫وتتحدد بحدوده عند سن القوانين‪ ،‬والسلطة التنفيذية تحترم حدود القانون وتلتزم به‪ ،‬وكذلك السلطة‬

‫(‪)1‬‬
‫القضائية التي بدورها تطبق القانون‪ ،‬وهوما يعطي المعنى الشامل لمبدأ المشروعية‪.‬‬

‫ان مبدأ المشروعية يكرس مبدأ سمو الدستور هذا المبدأ الذي يعد عماد الدول القانونية‪،‬‬

‫فوجود الدستور هو الضمانة األساسية واالولى للوجود القانوني للسلطة ويحيط بجميع نشاطاتها‪،‬‬

‫فهو بمثابة حجر االساس في بناء الدولة‪ ،‬فهو الذي ينظم ويؤسس هيئاتها وينظم سلطاتها العامة‪،‬‬

‫فالدستور يقيد السلطة ضمن إطار نصوصه كونه أسمى من الحاكم فهو الذي يحدد طرق اختيار‬

‫الحكام وسلطاتهم ويمنحهم الشرعية‪ ،‬وهو الذي يبين ويحمي الحقوق والحريات الفردية ويحدد‬

‫(‪ )1‬علوش‪ ،‬فريد (‪ .)2010‬اليات حماية القاعدة القانونية الدستورية في الجزائر‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ص‪.104‬‬
‫‪65‬‬

‫ضماناتها في مواجهة السلطة (‪ .)1‬بالنتيجة سيكون لنصوص الدستور االثر االكبر لبناء نظام‬

‫قانوني متين يقوم على مبدأ المشروعية في تنظيم العالقات بين السلطات واألفراد‪ ،‬وضمانة حقوق‬

‫وحريات األفراد بالشكل الذي على اساسه يلغى أي تشريع أو عمل صادر عن السلطات العامة في‬

‫حال كان مخالفاً للدستور‪ ،‬وهوما يعزز ويضمن تكريس المشروعية في الدولة وبالتالي توصف‬

‫بكونها دولة قانون‪.‬‬

‫وقد نصت بعض دساتير الدول على سمو الدستور بشكل مباشر منها الدستور العراقي ‪2005‬‬

‫ضمن المادة (‪ )13‬حيث نصت على منع سن قوانين ال تتوافق مع نصوص الدستور اعتماداً على‬

‫تبوء الدستور قمة القوانين (‪ ،)2‬وكذلك الدستور االمريكي لسنة ‪ 1787‬حيث عبر في المادة‬

‫(‪/6‬ثانياً) على اعتبار الدستور والقوانين الصادرة بموجبه هي األسمى (‪ ،)3‬وكذلك ذهب دستور‬

‫(‪)4‬‬
‫المانيا ‪ 1968‬ودستور إيطاليا ‪.1947‬‬

‫ومن المتعارف عليه ان القاعدة القانونية في أي نظام قانوني متدرجة‪ ،‬حيث ال تكون ضمن‬

‫مرتبة واحدة فهي تتدرج على أساس القيمة والقوة القانونية ‪،‬بما ان الدستور هو أساس قانونية‬

‫الدولة‪ ،‬لذا يكون على كل السلطات االلتزام به كونه القاعدة االعلى في حال قيامها بإصدار قواعد‬

‫(‪ )1‬بدوي‪ ،‬ثروت (‪ .)1999‬النظم السياسية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪156‬؛ وسالمان‪ ،‬عبد العزيز محمد‪ ،‬الدولة‬
‫القانونية ورقابة دستورية القوانين‪ ،‬مجلة الدستوري‪http://hccourt.gov.eg/index.asp ،‬‬
‫(‪ )2‬المادة (‪ )13‬من دستور جمهورية العراق " أوالً‪-‬يعد هذا الدستور القانون األسمى واالعلى في العراق ويكون ملزماً في‬
‫انحاءه كافة وبدون استثناء‪ .‬ثاني ًا‪-‬ال يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور‪ ،‬ويعد باطالً كل نص يرد في دساتير‬
‫االقاليم‪ ،‬أو أي نص قانوني آخر يتعارض معه"‪.‬‬
‫(‪ )3‬المادة (‪ / 6‬ثانياً) من دستور الواليات المتحدة االمريكية" هذا الدستور‪ ،‬وقوانين الواليات المتحدة التي تصدر تبعاً له‪،‬‬
‫وجميع المعاهدات المعقودة أو التي تعقد تحت سلطة الواليات المتحدة‪ ،‬تكون القانون األعلى للبالد‪ .‬ويكون القضاة في‬
‫جميع الواليات ملزمين به‪ ،‬وال يعتد بأي نص في دستور أو قوانين أية والية يكون مخالفاً لذلك"‬
‫‪http://hrlibrary.umn.edu‬‬
‫(‪ )4‬احمد‪ ،‬سنبل عبد الجبار (‪ .)2017‬مبدأ سمو الدستور وكفالة احترامه دراسة تحليليه مقارنة‪ ،‬بحث منشور‬
‫في مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة كركوك‪ ،‬مج ‪ ،6‬ع ‪ ،21‬ص‪294-293‬‬
‫‪https://www.iasj.net/iasj/download/e419749f614d3c66‬‬
‫‪66‬‬

‫قانونية أو االتيان بنشاطات معينة‪ ،‬فال يجوز للقاعدة االدنى ان تعدل أو حتى تلغي قاعدة تعلوها‬

‫مرتبة واال شابها مخالفة لمبدأ المشروعية‪ ،‬وفي حالة التعارض تكون الغلبة للقاعدة األعلى (‪،)1‬ان‬

‫اتباع هذا التسلسل في اتفاق القاعدة األدنى درجة مع القاعدة األعلى ما هو اال اعتراف بالمساواة‬

‫امام القانون وقواعده االمرة فال فرق بين فرد وسلطة‪ ،‬والذي بالتالي يعزز وجود دولة القانون‪،‬‬

‫وبخالفه أي في حال ورد االستثناءات لن يكون لتدرج القاعدة القانونية أي اهمية‪.‬‬

‫ونبني على ما تقدم‪ ،‬الدولة التي ال تلتزم قمة هرمها بالمبادئ الدستورية فإنها ال يمكن ان‬

‫تفرض تطبيقه على الشعب‪ ،‬وهذا يعتبر من أهم االركان األساسية لتفشي الفساد االداري والسياسي‬

‫والقضائي في غالبية الدول التي ال تحكمها قواعد القانون والدستور‪.‬‬

‫ان الدولة ذات السيادة الدستورية والتي تراعي مبدأ المشروعية االولوية فيها تعطى لعملية ردع‬

‫السلطة وحرمانها من التجاوز على الحقوق األساسية للمواطنين أو المساس بمبدأ المساواة امام‬

‫القانون‪ ،‬مستنداً بذلك إلى كون االنسان هو غاية الدساتير والقوانين ووسيلتها ومهما كان وضعه‬

‫االجتماعي أو مبدئه السياسي أو معتقده هو قيمة في حد ذاته وانشاء السلطة لم تكن غاية في‬

‫ذاتها‪ ،‬بل وسيلة لتوفير الحريات والعدالة والمساواة مع االخرين سواء كانوا مواطنين عاديين أو‬

‫متنفذين سياسيين أو اداريين مهما علت منزلتهم‪ ،‬من هنا كان االفتراض ان المشروعية هو تكريس‬

‫لمبدأ المساواة أمام القضاء‪ ،‬ال اختالف بين الشعب مهما اختلفت مكوناتهم وانتماءاتهم ومكاناتهم‬

‫االجتماعية بحيث يكون لكل فرد حق االعتراض على القوانين التي يراها غير متوافقة مع القوانين‬

‫(‪ )1‬جمال الدين‪ ،‬سامي‪ ،‬تدرج القاعدة القانونية ومبادئ الشريعة االسالمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪67‬‬

‫االعلى منها مرتبة التزاماً بمبدأ المشروعية (‪ ،)1‬كون الحفاظ على مبدأ المشروعية من خالل مبدأ‬

‫تدرج القاعدة القانونية نتيجته ستكون حفظ الحقوق والحريات من العبث أو المساس‪.‬‬

‫إضافة إلى ما تقدم ان لمبدأ الفصل بين السلطات االثر االكبر في الحيلولة دون حدوث أي‬

‫تعارض أو اعتداء على أعمال السلطات (التشريعية‪ ،‬التنفيذية‪ ،‬القضائية)‪ ،‬أو التدخل في‬

‫اختصاصات بعضها البعض اال ضمن الحدود المرخصة دستورياً‪ ،‬وهوما يعد ضماناً أساسياً لحفظ‬

‫الحقوق وصون الحريات ورادعاً لتعسف السلطات (‪ ،)2‬مما ال يجعل مجاالً للشك في مدى تدعيمه‬

‫ودفاعه عن حقوق االنسان‪ ،‬كونه رسم لكل سلطة حدوداً دستورية وصالحيات انشأت لها من قبل‬

‫المشرع الدستوري‪ ،‬ففي حال تجاوز احدى السلطات على صالحيات غيرها جاز ايقافها من قبل‬
‫ّ‬
‫(‪)3‬‬
‫السلطة األخرى وهو بالتالي يحقق مبدأ المشروعية ويدعم دولة القانون‪.‬‬

‫وقد تضمنت عدد من الدساتير اإلشارة لمبدأ الفصل بين السلطات ضمناً أو بصورة مباشرة‬

‫ومنها الدستور المصري لسنة ‪ 2014‬في المادة (‪ )5‬منه الذي اشارة وبشكل مباشرة العتماده لمبدأ‬

‫التوزان بين السلطات وخلق فضاء من التعاون فيما بينها (‪ .)4‬وكذلك دستور العراق لسنة ‪2005‬‬

‫المادة (‪ ،)47‬واشارت كل من المانيا وفرنسا إليه ضمنيا حيث أقروا بتوزيع االختصاصات على‬

‫السلطات (تشريعية وتنفيذية وقضائية) مع االخذ بالتعاون فيما بينها‪.‬‬

‫التالي‪:‬‬ ‫الموقع‬ ‫على‬ ‫منشور‬ ‫مقال‬ ‫المتمدن‪،‬‬ ‫الحوار‬ ‫القانون‪،‬‬ ‫دولة‬ ‫حول‬ ‫هايل‪،‬‬ ‫نصر‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=68128‬‬
‫(‪ )2‬صليبا‪ ،‬امين عاطف (‪ .)2002‬دور القضاء الدستوري في ارساء دولة القانون دراسة مقارنة‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪،‬‬
‫طرابلس‪ ،‬ص‪.101‬‬
‫(‪ )3‬الطماوي‪ ،‬سليمان (‪ .)1996‬السلطات الثالث في الدساتير العربية والمعاصرة وفي الفكر السياسي واالسالمي‪ ،‬دار الفكر‬
‫العربي‪ ،‬ص‪452‬؛ وجمال الدين (‪ .)2010‬النظم السياسية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ص‪.296‬‬
‫(‪ )4‬المادة (‪ )5‬من دستور الجمهورية المصرية "يقوم النظام السياسي على أساس التعددية السياسية والحزبية‪ ،‬والتداول السلمي‬
‫للسلطة‪ ،‬والفصل بين السلطات والتوازن بينها‪ ،‬وتالزم المسئولية مع السلطة‪ ،‬واحترام حقوق اإلنسان وحرياته‪ ،‬على الوجه‬
‫المبين في الدستور"‪.‬‬
‫‪68‬‬

‫يظهر جلياً ان مبدأ المشروعية يكرس مبدأ سمو الدستور ومبدأ تدرج القواعد القانونية ومبدأ‬

‫الفصل بين السلطات‪ ،‬هذه المبادئ التي تعد عماد الدول القانونية ويعني ذلك ان الشرعية الدستورية‬

‫والتي تتشكل الحكومة من خاللها تلزمها في انتهاج السياسات والممارسات العامة وبالمبادئ الواردة‬

‫في الدستور مع االلتزام بعدم التعارض بين القوانين من خالل مبدأ تدرج القاعدة القانونية والتي تقوم‬

‫في دولة القانون باالطار الذي يضمن عدم خروج الحكومة عن نطاقها المرسوم في الدستور وميلها‬

‫(‪)1‬‬
‫وانحرافها نحو التفرد والحكم المطلق وذلك من خالل مبدأ الفصل بين السلطات‪.‬‬

‫من المهم ان يشير الباحث هنا إلى ان مبدأ المشروعية ليس مطلقاً في جميع االحوال ففي‬

‫بعض الدول النامية ومنها دولنا العربية بالرغم من وجود محاوالت حثيثة الرتقاء بعض هذه الدول‬

‫بنظامها السياسي للوصول لمرحلة الشرعية الدستورية ودولة المشروعية‪ ،‬لكن اغلبها تعتبر دوالً‬

‫مبنية على أساس قوة السلطة وليس على أساس قوة الدولة الشرعية وبعضها االخر اكثر قربا إلى‬

‫الدول القائمة على العشائرية وسيطرة الحزب الواحد اكثر منها دولة المؤسسات حيث تسودها هيمنة‬

‫(‪)2‬‬
‫الزعماء والوالءات الشخصية على حساب دولة الموضوعية القانونية وسيادة الدستور‪.‬‬

‫يتفق الباحث مع االتجاه الذي يذهب إلى ان مصدر قوة مبدأ المشروعية تنبع من قيام الدولة‬

‫وتأسيس السلطة فيها يكون مرهون بأراده األفراد وموافقتهم ونيل رضاهم أي شرعية السلطة حيث ال‬

‫يكفي وجود أي سلطة يخضع لها األفراد للداللة على وجود دولة المشروعية بل ال بد لهذه السلطة‬

‫ان تحوز على اعترف اغلبية األف ارد وقبولهم وبالتالي يكون انصياعهم للقانون من أهم معالم الدولة‬

‫(‪)3‬‬
‫القانونية التي يسعى اليها االنسان المعاصر‪.‬‬

‫(‪ )1‬خضر‪ ،‬خضر (د‪.‬ت)‪ .‬مدخل إلى الحريات العامة وحقوق االنسان‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬طرابلس‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.145‬‬
‫(‪ )2‬بوزيان‪ ،‬عليان‪ ،‬دولة المشروعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.310‬‬
‫(‪ )3‬عبيد‪ ،‬محمد كامل (‪ .)2011‬نظرية الدولة‪ ،‬أكاديمية شرط دبي‪ ،‬ط‪ ،4‬دبي‪ ،‬ص‪.247‬‬
‫‪69‬‬

‫ولعل من أهم سمات مبدأ المشروعية التزام كافة تسلسالت هيكلية الدولة من االعلى إلى‬

‫االدنى لحكم القانون‪ ،‬وان من االختالفات الجوهرية التي تميز كيان الدولة الحديثة عن الدولة‬

‫القديمة هو سيادة القانون حيث نالحظ ان الدول العصور السابقة كان يتحكم بكل مفاصلها‬

‫شخصية الحاكم فقط بينما اصبحت الدول الحديثة تكون قائمة على الهيكلية المؤسساتية التي‬

‫(‪)1‬‬
‫تحكمها قواعد القانون وهذا من أهم مقاييس التطور الدستوري على االطالق‪.‬‬

‫يحقق مبدأ المشروعية عند تطبيقه بشكل سليم ومنهجي على توفير الظروف والمناخ المناسب‬

‫لمواطني الدولة لكي يمارسوا حقوقهم وحرياتهم ويحقق كذلك الظروف المناسبة لتحقيق مبدأ التمثيل‬

‫النيابي السليم أي ان تكون الدولة ومؤسساتها وباألخص الهيئة التشريعية منها الممثلة الحقيقية‬

‫إلرادة الشعب وحريته وذلك بتأسيس نظام الحكم الذي يعتقد انه االفضل له‪ ،‬وفي المحصلة مبدأ‬

‫المشروعية يحقق العدالة ويوفر للفرد ما هو حق له إضافة إلى التزامه بما هو واجب عليه دون ام‬

‫يمس ذلك ما هو متعلق بحقوق االخرين‪.‬‬

‫تأسيسا على ذلك يجب أن تصبح كل تصرفات السلطات في الدولة متفقة مع األحكام‬

‫الدستورية والقانونية مما يجعل تصرفاتها ونشاطاتها تسعى لتحقيق العدالة من خالل خضوع الحكام‬

‫والمحكومين للقانون بالمعنى الواسع‪ ،‬فالقانون الذي يصدر بموجب مبدأ المشروعية يجب ان يكون‬

‫(‪)2‬‬
‫متناسقاً مع الدستور ومراعيا للتدرج القانوني وصاد اًر من هيئة مختصة حددها الدستور‪.‬‬

‫(‪ )1‬قرني‪ ،‬عمار‪ ،‬دولة القانون والمؤسسات‪ ،‬مقالة على االنترنت نقالً عن عليان بوزيان‪ ،‬دولة المشروعية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫(‪ )2‬الطائي‪ ،‬محمود صالح حميد‪ ،‬انحراف البرلمان في استعمال سلطته التشريعية‪ ،‬ج‪ ،2‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫‪70‬‬

‫مما ال شك فيه ان لمبدأ المشروعية من األهمية ما يجعله الكافل االول لحماية حقوق األفراد‬

‫األساسية في مواجهة السلطات العامة وقد أحدث قد اًر كبي اًر من التوزان بين مفهوم الحريات العامة‬

‫(‪)1‬‬
‫للمواطنين وبين حق السلطة في حفظ النظام‪.‬‬

‫واستناداً لما سبق فكلما كانت الدولة تراعي مبدأ المشروعية كلما امتازت بثبات قوانينها وبحفظ‬

‫حقوق مواطنيها وصيانة سلطاتها وارساء النظام العام وتحقيق التوزان المطلوب وبالتالي ثبات‬

‫نضامها القانوني‪ ،‬ففي حال خرق مبدأ المشروعية يحق لمن يسمه األمر باللجوء إلى القضاء‬

‫المختص واالعتراض وطلب االلغاء أو التعويض‪ ،‬وكل ما سبق ذكره من سمات الدولة القانونية‬

‫التي تأخذ بالضمانات المناسبة لتحقق مبادئ العدل واالنصاف وخلق مجتمعات قادرة على االبداع‬

‫(‪)2‬‬
‫والتطور‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة أخي اًر إلى ان كل ما تم تفصيله عن اهمية مبدأ المشروعية ال يتعدى كونه قد‬

‫ذكر على سبيل المثال وليس الحصر فمن وجهة نظر الباحث انه مبدأ واسع متطور بتطور الفكر‬

‫القانوني وتطور المجتمعات واتساع نطاق احتياجاتها ويدخل في حيثيات اساسية تخص تهذيب‬

‫عمل السلطات باعتباره صمام امان للحقوق والحريات وبوجوده تتحقق دولة القانون‪.‬‬

‫(‪ )1‬بطيخ‪ ،‬رمضان محمد (‪ .)2008‬مبدأ المشروعية وضمانات احترامه‪ ،‬بحث منشور في موقع دار المنظومة‪ ،‬الناشر‬
‫المنظمة العربية للتنمية االدارية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪http://search.mandumah.com/Record/125157 .172‬‬
‫(‪ )2‬الشرقاوي‪ ،‬سعاد (‪ .)1981‬الوجيز في القضاء االداري‪ ،‬مبدأ المشروعية مجلس الدولة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫ص‪.40‬‬
‫‪71‬‬

‫الفصلإالثالث‪ :‬إ‬
‫اسبابإالنحرافإالتشريعيإوصوره‬

‫مما ال شك فيه ان النظم الديمقراطية التي تؤمن بمبدأ الفصل بين السلطات ومبادئ العدالة‬

‫والمساواة سينبثق عنها سلطة تشريعية ضمن السياقات المعمول بها دستوريا ولها من الضمانات ما‬

‫يحمي استقالليتها وكيانها ويعزز دورها المهم‪ ،‬كونها تعد من أهم أسس وأعمدة النظام الديمقراطي‬

‫المعبر عن ضمير الشعب ورأيه من خالل ممثليها المنتخبين ضمن أطار قوانين انتخاب رصينة‬

‫مؤهلين بشكل كامل للعمل البرلماني وبكل نزاهة واخالص‪ ،‬ويتحملون مسؤولياتهم تجاه الشعب‬

‫والوطن بما يملكونه من آليات دستورية تتجلى من خالل قيام السلطة التشريعية بـتأطير امال‬

‫الشعب بإصدار تشريعات واقعية تعكس جوهر المصلحة العامة‪.‬‬

‫وتتجلى أهمية السلطة التشريعية في حياة الشعوب من خالل الدور الذي يلعبه ممثليهم في‬

‫مواجهة التحديات والضغوطات واالزمات التي تواجههم عند ممارستهم لعملهم التشريعي‪ ،‬واستوجب‬

‫المشرعين من سطوة األحزاب السياسية وجماعات الضغط وتنامي نفوذ‬


‫ّ‬ ‫ذلك وجود قوانين تحمي‬

‫السلطة التنفيذية لتحقيق مكاسب خاصة وهوما فتح األبواب للتدخل في أعمال السلطة التشريعية‬

‫من الجهات السابقة الذكر‪ ،‬حيث يعد كل ما ذكر أنفاً من األسباب التي قد تؤدي إلى االنحراف‬

‫بالتشريع ومخالفة روح الدستور وعدم تحقيق المصلحة العامة‪.‬‬

‫لبيان أسباب االنحراف التشريعي وصوره قام الباحث بتقسيم هذا الفصل إلى مبحثين‪ ،‬المبحث‬

‫االول سيكون عن األسباب التي تؤدي بانحراف التشريع عن الصالح العام من خالل توضيح‬

‫األسباب الفنية فتناولنا على سبيل المثال وليس الحصر الغاية كأحد األسباب الفنية لالنحراف‬

‫بالسلطة التشريعية وايضا العمومية والتجريد كأهم مبدأ يجب ان تمتاز به نصوص التشريعات‬
‫‪72‬‬

‫والذي قد يتم التالعب به من قبل أصحاب المصالح المتضاربة كإصدار تشريعات تأخذ شكل قرار‬

‫فردي ال تنطبق اال على حالة واحدة‪ ،‬وايضاً تناول الباحث األسباب الواقعية من خالل تسليط‬

‫الضوء على األحزاب السياسية لما لها من دور كبير في التأثير على التشريعات التي تصدر عن‬

‫السلطة التشريعية إضافة إلى هيمنة السلطة التنفيذية على أعمال البرلمان وترابط األسباب فيما‬

‫بينها مما يؤدي بالنتيجة إلى انحراف التشريع عن تحقيق الصالح العام‪.‬‬

‫أما المبحث الثاني فسيكون عن صور االنحراف الذي يتوضح عن طريق مجانبة المصلحة‬

‫العامة والخروج عن قاعدة تخصيص األهداف حيث سنوضح المقصود بالمصلحة العامة واهميتها‬

‫‪ ،‬إضافة إلى توضيح كيفية مجانبة المصلحة العامة من خالل استخدام السلطة التشريعية لسلطتها‬

‫واصدار تشريعات تتسم باالنتقام تارة أو لتحقق منافع شخصية تارة اخرى وأخي اًر عندما تتغيا تحقيق‬

‫مصالح سياسية كل ذلك تحت غطاء تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬وأخي اًر توضيح خرق قاعدة‬

‫تخصيص األهداف كإحدى صور االنحراف التشريعي من خالل الوقوف على االتجاهات الفقيه‬

‫المتباينة بما يخص الخروج عن قاعدة تخصيص األهداف هل هي انحراف تشريعي أو مخالفة‬

‫مباشرة للدستور؟‬

‫المبحثإاألول‪ :‬إ‬
‫أسبابإالنحرافإالتشريعي‬

‫ان االلتزامات الدستورية الملقاة على عاتق السلطات ومن اهمها السلطة التشريعية هو ان‬

‫نشاطات هذه السلطة تعتبر من أهم االلتزامات الدستورية‪ ،‬إذ أن الشعب هو صاحب المصلحة‬

‫الحقيقة فيها ألنها تمس حياته الحاضرة ومستقبله‪ ،‬عليه فان انحراف السلطة التشريعية واساءة‬

‫استعمال هذه السلطة بقصد أو بدون قصد من اخطر المساوئ التي تالزم العملية التشريعية‪ ،‬ومرد‬
‫‪73‬‬

‫ذلك ان االنحراف التشريعي عيب خفي بخالف العيوب الدستورية األخرى حيث انه يمس غاية‬

‫المشرع‬
‫ّ‬ ‫المشرع الدستوري والذي منح‬
‫ّ‬ ‫المشرع وينحرف بها عن المصلحة العامة التي هي هدف‬
‫ّ‬

‫العادي سلطة تقديرية لتمكنه من تحقيق المصلحة العامة‪.‬‬

‫مع العرض بان هناك أسباب متعددة ومتنوعة النحراف التشريع منها ما هوفني وآخر واقعي‪،‬‬

‫مع مالحظة بان هذه النظرية في طور التطوير المستمر لتواكب عصرنا المتسارع وهذا ما قد يطرح‬

‫اشكاال وانماطاً اخرى ألسباب االنحراف التشريعي مستقبالً بما يعزز ويغني هذه النظرية ويجعلها‬

‫أكثر رسوخاً في الفقه القانوني وثباتاً في الممارسة العملية‪.‬‬

‫واستناداً لما تقدم قسمنا هذا المبحث إلى مطلبين سيكون المطلب االول عن األسباب الفنية‬

‫لالنحراف التشريعي أما المطلب الثاني سنوضح فيه األسباب الواقعية وكل ما سيتم ذكره سيكون‬

‫على سبيل المثال وليس الحصر‪.‬‬

‫المطلبإاألول‪ :‬إ‬
‫إاألسبابإالفنيةإلالنحرافإالتشريعي إ‬

‫ان االسس الفنية تتعلق بشكل مباشر بركن الغاية أي الغاية من وضع التشريع وبمعنى اخر‬

‫المشرع بتحقيق مصالح فئوية أو فردية أو‬


‫ّ‬ ‫اتصال الغاية بتحقيق المصلحة العامة‪ ،‬ففي حالة قيام‬

‫سياسية يصبح تشريعه مشوب بعيب االنحراف بالسلطة التشريعية‪.‬‬


‫‪74‬‬

‫إضافة إلى ذلك ان من المسلمات ان تكون التشريعات متصفة بالعمومية والتجريد هذه الصفة‬

‫التي تمتزج مع طبيعة القانون وبما يتحقق من خالله المصلحة العامة التي هي بالتالي غاية أي‬

‫(‪)1‬‬
‫تشريع يصدر عن السلطة التشريعية فالعبرة هنا بعموم الصفة وال بخصوصية الذات‪.‬‬

‫وسنتناول األسباب الفنية لالنحراف التشريعي على سبيل المثال وليس الحصر وفقاً لما يلي‪:‬‬

‫اولا‪:‬إالغايةإمنإالتشريعإكأحدإاألسبابإالفنيةإلالنحرافإالتشريعي‬

‫ان صياغة القواعد القانونية تستوجب االلتزام بأمور ومعايير معينة‪ ،‬فنصوصها يجب ان تكون‬

‫مستوفيه لمعياري الشكل والمضمون وهو تعبير عن الجانب الفني للنصوص القانونية‪ ،‬فالسياسة‬

‫التشريعية تهدف إلى وضع أكثر ادوات الفن التشريعي مالئمة وذلك الستيعاب المعطيات والحاجات‬

‫والغايات االجتماعية‪ ،‬الن القانون من العلوم االنسانية المعيارية التي تقوم على فكرة الغاية ألنها‬

‫تحد من االثار السلبية لسلوك االنسان وحمايته‪ ،‬ومن جانب اخر فان غاية القانون في النهاية هو‬

‫(‪)2‬‬
‫تحقيق العدالة وضبط المجتمع االنساني وسلوك األفراد‪.‬‬

‫على ضوء ما تقدم فإننا نستطيع ان نلخص اهداف التشريعات والتي تقوم على مبدئين‬

‫اساسيين هما غاية استقرار المجتمع وغاية تحقيق المساواة والعدل في المجتمع‪ ،‬ولكن في بعض‬

‫االحيان ليس من الضرورة ان يتحقق هذين المبدئين فتارة يشتركان وتارة اخرى يفترقان أو يغطي‬

‫احدهما على االخر نظ ارً الختالف النظم القانونية‪ ،‬وفي العصور الحديثة تبنت بعض النظم‬

‫المتطورة هدف سامي وهو انجاز عملية التطور والتقدم االجتماعي فالتزمت بالموازنة بين صراع‬

‫(‪ )1‬زهران‪ ،‬همام محمد محمود وابو عمرو‪ ،‬مصطفى احمد (‪ .)2010‬مبادئ القانون االصول العامة للقاعدة القانونية والحق‬
‫وااللتزام‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪.10-9‬‬
‫(‪ )2‬عباس‪ ،‬علي احمد (‪ .)2007‬الصياغة التشريعية وأثرها في تطبيق القانون‪ ،‬بحث منشور في مجلة دراسات قانونية‪ ،‬بيت‬
‫الحكمة‪ ،‬بغداد‪ ،‬العدد ‪ ،21‬ص‪.55‬‬
‫‪75‬‬

‫المصالح التي تسود المجتمع بين حرية الفرد ومصلحة الجماعة‪ ،‬وبذلك فان التشريعات قد تضحي‬

‫بالمصالح الخاصة من اجل المصلحة العامة‪ ،‬وبذلك فان مسالة مراعاة وتنظيم المصالح‬

‫(‪)1‬‬
‫المتعارضة من أهم االعتبارات التي من المهم ان تلتزم بها التشريعات‪.‬‬

‫ويتفق الباحث مع الراي الفقهي الذي يؤكد على ان تحقيق التوزان بين المصالح المتعارضة من‬

‫أهم األهداف التي يجب ان تأخذ بنظر االعتبار عند سن التشريعات واثبت مسار التاريخ ان‬

‫التشريعات التي يختل فيها توازن المصالح بين فئات الشعب ويظهر فيه التمايز والتحيز جلياً وغير‬

‫مبرر لفئة من المجتمع يعتبر من أهم عوامل عدم االستقرار وبالتالي اختالل في بنية التركيب‬

‫(‪)2‬‬
‫االجتماعي والتي تؤجج الصراعات وتصبح سبباً الندالع االنتفاضات والثورات عبر التاريخ‪.‬‬

‫عليه فان التوزان بين مصلحة الفرد والجماعة وصوال إلى التوزان بين مصلحة السلطة والمواطن‬

‫وبالتالي يحقق غاية االمن والرفاه والتقدم للمجتمع ككل‪.‬‬

‫ولعل مفهوم القواعد القانونية بمجملها مبنية على توجهات فلسفية وسياسية تهدف بالدرجة‬

‫االساس إلى استقرار االمن والسلم االجتماعي وحماية الحقوق وترسيخ مفهوم العدالة إضافة إلى‬

‫تحقيق المصلحة العامة ودعم وتطوير حركة النشاط االنساني في المجتمع‪ ،‬وهي مبنية اساسا على‬

‫معطيات الواقع االجتماعي والتاريخي وتطور العقل البشري والتي تعطي لهذه القواعد نطاقها‬

‫(‪)3‬‬
‫ومحتواها وتفاصيلها بحيث تكون متطابقة مع الوقائع التي فرضت تلك القواعد‪.‬‬

‫(‪ )1‬الوكيل‪ ،‬شمس الدين (‪ .)1966‬دروس في القانون‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪11‬؛ وبنفس المعنى شحاته‪،‬‬
‫شحاته أبو زيد (‪ .)2001‬مبدأ المساواة في الدساتير العربية في دائرة الحقوق والواجبات العامة وتطبيقاته القضائية‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.644‬‬
‫(‪ )2‬الوكيل‪ ،‬شمس الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 11‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )3‬مبارك‪ ،‬سعيد (‪ .)1992‬اصول القانون‪ ،‬دار الكتب للطباعة والنشر‪ ،‬جامعة الموصل‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪76‬‬

‫ومن الجدير بالذكر هنا ان نؤكد على ان القانون علم من العلوم االنسانية المهمة وقائم اساسا‬

‫على فكرة الغاية التي تهدف إلى حماية افراد المجتمع وضبط سلوكهم وبالتالي تحقيق امن ومصلحة‬

‫المجتمع ‪ ،‬وبسبب اعطاء هذه األهمية للقانون واعتباره علم انساني معياري كما ذكرنا في بداية‬

‫الموضوع‪ ،‬فانه يهدف إلى تحديد ما يجب ان يكون عليه سلوك االنسان في حاالت معينة قد‬

‫يتعرض لها في تعامالته اليومية مما يستوجب معه ان تكون القواعد القانونية عامة مجردة‬

‫وموضوعة سلفاً وتقوم السلطة العامة بفرض العقوبات المناسبة لدى مخالفتها (‪ .)1‬وبغياب القواعد‬

‫القانونية وتطبيقها في المجتمعات االنسانية تتحول هذه المجتمعات إلى فوضى‪.‬‬

‫وفي مجال تحديد غاية القانون اختلف فقهاء القانون في تشخيص مضمون وتركيبة هذه الغاية‬

‫التي تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬ومن جانب اخر فان لتلك القواعد القانونية غايات قد‬

‫تكون خاصة أو ذات طابع عام وتأتي تعبي ار عن تطلعات والمناهج الفكرية لتلك المجتمعات وبشكل‬

‫(‪)2‬‬
‫محدد وحسب الظروف‪.‬‬

‫من هنا نستنتج ان في كثير من األحيان تكون الغاية من التشريع إصدار قانون متسم‬

‫بالعمومية والتجريد لكن في حقيقته هو ستار إلخفاء االنحراف بالتشريع وتأكيدا على ذلك فان غالباً‬

‫ما نجد القاضي الدستوري يصل إلى هذه الغاية الغير مشروعة‪ ،‬ولكنه في الختام ال يرجع بطالن‬

‫التشريع إلى توفر االنحراف ولكنه يقوم بأبطال التشريع بذريعة وجود مخالفة مباشرة للدستور‪ ،‬حيث‬

‫(‪ )1‬عباس‪ ،‬على احمد (‪ .)2007‬الصياغة التشريعية وأثرها في تطبيق القانون‪ ،‬بحث منشور في مجلة الدراسات قانونية‪،‬‬
‫مجلة فصلية تصدر عن بيت الحكمة‪ ،‬العدد ‪ ،21‬بغداد‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫(‪ )2‬الجبوري‪ ،‬ساجر ناصر (‪ .)1998‬التشريع االسالمي والغزو القانوني الغربي للبالد االسالمية‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية العلوم‬
‫االسالمية‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬ص‪.164‬‬
‫‪77‬‬

‫سنجد ان وصوله لهذه النتيجة كان اساسه البحث عن غاية مصدر التشريع واالثار المرتبة على‬

‫)‪(1‬‬
‫تطبيق القانون‪.‬‬

‫فكما هو معروف ان البحث في هدف وغاية مصدر القانون ال يعد من اختصاص القاضي‬

‫الدستوري مع العلم بانه هو السبب بالتوصل إلى انحراف القانون وهذا البحث هو المجال الطبيعي‬

‫لفكرة االنحراف التشريعي ولكن في ذات الوقت القاضي الدستوري يرجع هذه النتيجة إلى صالحيته‬

‫(‪)2‬‬
‫واجتهاده في تفسير القانون‪.‬‬

‫من المهم هنا في معرض طرحنا ان نذكر ثالث امثلة عملية حول انتفاء المصلحة العامة‬

‫المشرعة والمتسمة باالنحراف التشريعي من فرنسا ومصر والعراق وحسب تسلسلها‬


‫ّ‬ ‫لبعض القوانين‬

‫الزمني من القديم إلى الحديث ثم المعاصر وكاالتي‪:‬‬

‫‪ -‬فرنسا‬

‫أورد الفقيه السنهوري مثاالً مهماً حول اهمية الغاية من التشريع (غاية مصدر القانون) والتي‬

‫تحدد طبيعته وهو القانون الصادر بحق الضابط (بيكار ‪ )Piequart‬فقد قامت الهيئة التشريعية‬

‫الفرنسية في )‪ (13‬يوليو سنة ‪ 1906‬حوالي منذ قرناً من االن‪ ،‬بإصدار تشريع يقضي بعودة احد‬

‫ضباط الجيش الفرنسي واسمه بيكار إلى الخدمة وترقيته بعدما احيل إلى االستيداع وكذلك اصدار‬

‫تشريع اخر في نفس الوقت يقضي بترقية الضابط (درايفوس ‪ )Dreyfus‬وذلك استثناء من أحكام‬

‫المادة (‪ )4‬من قانون ‪ 10‬مارس سنة ‪ ،1880‬ومن المالحظ ان هذين التشريعين ال يمثالن اال‬

‫ق ارران فرديان ال يمتان للمصلحة العامة بصلة وانما لتكريم اشخاص لذواتهم (‪ .)3‬ومن وجهة نظر‬

‫(‪ )1‬ابو العينين‪ ،‬محمد ماهر‪ ،‬االنحراف التشريعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.305‬‬
‫(‪ )2‬ابو العينين‪ ،‬ماهر‪ ،‬االنحراف التشريعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.405-304‬‬
‫(‪ )3‬السنهوري‪ ،‬عبد الرزاق‪ ،‬مقالة مخالفة التشريع للدستور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪78‬‬

‫الباحث ان الغاية من اصدار هذا التشريع كان لغرض تحقيق مصلحة شخصية وال يحقق المصلحة‬

‫العامة‪.‬‬

‫‪ -‬مصر إ‬

‫ففي مصر تم استهداف نائب في مجلس الشعب وهو السيد (كمال الدين حسين وهو احد‬

‫الضباط االحرار المشتركين في تغيير نظام الحكم في مصر في ‪ 25‬يوليو‪ )1952‬من خالل تعديل‬

‫قانون رقم (‪ )14‬لسنة ‪ 1977‬بإضافة الفقرة (‪ )6‬إلى المادة المذكورة واصبحت تق ار كاآلتي‪ " :‬أال‬

‫ان تكون قد اسقطت عضويته بقرار من مجلس الشعب أو مجلس الشورى بسبب فقد الثقة واالعتبار‬

‫أو بسبب اإلخالل بواجبات العضوية بالتطبيق ألحكام المادة (‪ )96‬من الدستور " كما تضمن‬

‫القانون عبارة أحكام هذا القانون تسري بأثر رجعي ولتوضيح هذه الواقعة ومالبساتها حيث كان‬

‫رئيس الجمهورية الراحل أنور السادات على خالف مع زميله عضو مجلس الشعب كمال الدين‬

‫حسين والذي رفع برقيه للرئيس السادات منتقداً فيه أدارته للدولة‪ ،‬مما أدى إلى غضب األخير‬

‫وأحال برقيه زميله إلى مجلس الشعب وثبت مالحظاته الرئاسية مؤكداً فيها‪ ،‬انها تحمل مفردات‬

‫وعبارات تمسه وتمس مركز رئيس الجمهورية مطالبا في نفس الوقت أسقاط عضويته‪ ،‬مما دفع‬

‫مجلس الشعب إلى اصدار قانون (‪ )14‬لسنة ‪ 1977‬الذي حرم بموجبه حق الترشح لعضوية‬

‫(‪)1‬‬
‫مجلس الشعب لكل من اسقطت عضويته بأثر رجعي‪.‬‬

‫من المثال السابق يتأكد لدينا ان تشريع هكذا قانون لم تكن الغاية منه تحقيق مصلحة عامة‬

‫وانما غايته االنتقام وألغراض شخصية وبالتحديد االنتقام من شخص السيد كمال الدين حسين‪،‬‬

‫(‪ )1‬ابو العينين‪ ،‬ماهر‪ ،‬االنحراف التشريعي‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬كتاب ‪ ،1‬ص‪.794‬‬
‫‪79‬‬

‫كونه الحالة الوحيدة التي يطبق عليها هذا القانون ‪ ،‬والقانون هنا أقرب إلى قرار أداري فردي يمس‬

‫(‪)1‬‬
‫حالة واحدة بعينها وليس قانونا عاماً مجرداً‪.‬‬

‫ومن وجهة نظر الباحث ولكل ما تقدم وبما أن تشريع هذا القانون لم يكن ليطبق اال بشأن‬

‫المشرع بدالً من ان يمارس‬


‫ّ‬ ‫حالة واحدة فقط وكانت واضحة أمام مجلس الشعب مسبقاً حيث أن‬

‫سلطاته التقديرية الممنوحة له بموجب الدستور بهدف تحقيق المصلحة العامة استخدمها للوصل‬

‫لغاية شخصية بحته وهو بهدف االنتقام عن طريق عقوبة مقنعة بصيغة قانون من عضو في‬

‫مجلسه (كمال الدين حسين) ارضاء لرغبات رئيس الجهورية آنذاك‪ .‬وهذا يثبت لنا ان اصدار‬

‫القانون رقم (‪ )14‬لسنة ‪ 1977‬كان موصوفاً باالنحراف في استعمال السلطة التشريعية بشكل جلي‬

‫وواضح وال لبس فيه‪.‬‬

‫‪ -‬العراق‬

‫وفي هذا المقام تم تشريع قانون يحدد والية رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس‬

‫(‪)2‬‬
‫هذا القانون يعتبر من القوانين التي رسخت مفهوم فكرة‬ ‫مجلس الوزراء رقم (‪ )8‬لسنة ‪2013‬‬

‫االنحراف التشريعي واحدثت لغطاً في االوساط السياسية والشعبية بشان األسباب التي تقف وراء‬

‫صدوره ‪ ،‬موجز مضمون القانون هو التجديد لوالية ثالثة للرئاسات الثالث( الجمهورية ‪،‬مجلس‬

‫النواب ‪ ،‬مجلس الوزراء)‪.‬حيث جاءت المادة "‪/3‬اوال ‪ -:‬تنتهي مدة والية رئيس مجلس الوزراء‬

‫بانتهاء الدورة االنتخابية لمجلس النواب التي منح فيها الثقة لرئاسة مجلس الوزراء من قبل المجلس‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابو العينين‪ ،‬ماهر‪ ،‬االنحراف التشريعي‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬كتاب ‪ ،1‬ص‪ 794‬إلى ‪.807‬‬
‫(‪ )2‬جريدة الوقائع العراقية‪ ،‬العدد ‪ 4273‬في ‪ ،2013/4/8‬صادر عن و ازرة العدل العراقية‪.‬‬
‫‪80‬‬

‫ثانياً‪ :‬ال يجوز تولي منصب رئيس مجلس الوزراء من قبل نفس الشخص ألكثر من واليتين‬

‫متتاليتين أو غير متتاليتين وسواء كان ذلك قبل نفاذ هذه القانون أو بعده‪")1( .‬‬

‫المشرع لم يتعدى نطاق قاعدة العمومية‬


‫ّ‬ ‫ان من يتمعن جيداً في أحكام هذا القانون يجد ان‬

‫والتجريد‪ ،‬حيث ان نطاقه غير مقيد بطائفه معينة أو شخص معين وأحكامه لم تفرق بين مواطن‬

‫واخر اوبين واقعة واخرى فهو عام ومجرد ضمن نطاق االشخاص المشمولين بأحكامه وتحديدا كل‬

‫من يشغل منصب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء دون ان يخاطب‬

‫شخص محدد بالذات ولعل ما يثير االستغراب ان والية رئيس الجهورية منظمة اساسا وفق الدستور‬

‫المادة (‪/72‬اوالً) (‪ ،)2‬كما ان تنظيم والية رئيس مجلس النواب كان دون الحاجة فلدستور اورده‬

‫بصورة مطلقة وحسب المادة (‪ ،)3( )55‬مما يجعل ادراج مناصب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس‬

‫النواب كنوع من التمويه ولعدم اثارة الشكوك‪.‬‬

‫كما ان الهيئة التشريعية قد اوردت في األسباب الموجبة للقانون بان هذا التشريع يهدف إلى‬

‫(تكريس النظام الديمقراطي في العراق وضمان التداول السلمي للسلطة) (‪ ،)4‬ولكن واقع الحال فرض‬

‫االتي ان هذا القانون اساساً لم يكن هدفه اال ان يكون تطبيقه على شخص محدد بالذات ومعروف‬

‫مسبقاً لدى السلطة التشريعية وهو رئيس مجلس الوزراء آنذاك‪ ،‬وان الغاية الحقيقية للمشرع لم تكن‬

‫تحقيق المصلحة العامة وانما حجب الترشح لوالية ثالثة لمنصب رئيس مجلس الوزراء في العراق‬

‫المتمثل بشخص رئيس مجلس الوزراء العراقي السابق‪.‬‬

‫(‪ )1‬جريدة الوقائع العراقية‪ ،‬العدد ‪ 4273‬في ‪ ،2013/4/8‬صادر عن و ازرة العدل العراقية‪.‬‬
‫(‪ )2‬المادة (‪/72‬اوالً) من الدستور العراقي " تحدد والية رئيس الجمهورية بأربع سنوات ويجوز اعادة انتخابه لوالية ثانية"‪.‬‬
‫(‪ )3‬المادة (‪ )55‬من الدستور العراقي "ينتخب مجلس النواب في اول جلسة له رئيسا‪ ،‬ثم نائباً أول ونائب ًا ثانياً‪ ،‬باألغلبية‬
‫المطلقة لعدد أعضاء المجلس‪ ،‬باالنتخاب السري المباشر"‪.‬‬
‫(‪ )4‬رمضان عيسى احمد‪ ،‬االنحراف التشريعي العراق نموذجاً‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪81‬‬

‫وفي الختام يتبين لنا من االمثلة السابق ذكرها بان قيام الهيئة التشريعية باستخدام سلطاتها‬

‫التقديرية لتحقيق غايات خاصة وشخصية ومأرب سياسية مقصودة بشخص معين وطائفة محددة أو‬

‫هيئات بعينها يعتبر من أخطر األسلحة بيد السلطة التشريعية ‪ ،‬وعليه يتوصل الباحث إلى نتيجة‬

‫مفادها ان الغاية ام اًر أساسياً سواء بالنسبة لكيان الدولة ومشروعية نشاطات سلطاتها كافة‪ ،‬وبالتالي‬

‫ال وجود لدولة بدون غاية واضحة وهي خدمة مبادئها والصالح العام‪ ،‬وفي هذه النقطة فأن متابعة‬

‫تطبيق القانون للغاية المقررة لكافة أعمال الهيئات ومؤسسات الدولة تحقيقاً للصالح العام رقابة‬

‫مهمة وضرورية‪ ،‬وان القانون يكتسب مشروعيته من خالل تحقيق الصالح العام وبعكسه فان عدم‬

‫التزام بهذا الهدف يؤدي إلى فقدان القانون لمشروعيته في واحدة من أهم أساساته وأركانه وهي‬

‫الغاية‪ ،‬ويؤيد الباحث ما جاء بيه الفقهاء من ان تحقيق الرقابة الموضوعية للتأكد من انجاز القانون‬

‫للصالح العام غير ممكنة على وجه تام في اطار القانون الدستوري نظ اًر للسلطة التقديرية الواسعة‬

‫للمشرع في ركن الوقائع في القانون لذا ستكون الرقابة الذاتية هي السبيل الوحيد لرقابة االنحراف‬

‫(‪)1‬‬
‫بالتشريع‪.‬‬

‫ثاني ا‪:‬إمخالفةإركنيإالعموميةإوالتجريدإكأحدإاألسبابإالفنيةإلالنحرافإالتشريعي‪ .‬إ‬

‫ان القانون كما هو معروف يتكون من مجموعة قواعد اساسية عامة من المهم ان تتصف‬

‫بصفتين أساسيتين هما العمومية والتجريد لتحقيق العدل بين المشمولين بها‪ ،‬هذه القواعد ال تتعلق‬

‫بفئة بعينها أو شخص معين‪ ،‬بل تسري وتعتمد على كافة افراد الشعب‪ ،‬أو ممكن ان تتعلق ببعض‬

‫الطوائف المجتمعية بحسب الصفة وليس الذوات الخاصة‪ ،‬وهذا يجعلنا نقف عند نقطة مهمة اال‬

‫وهي أ ن عمومية القاعدة القانونية وتجريدها قد ال تعني في بعض االحيان انطباقها على جميع‬

‫(‪ )1‬ابو العينين‪ ،‬ماهر محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.308-307‬‬


‫‪82‬‬

‫األفراد أو تخاطبهم بصفة جماعية‪ ،‬بل هي تطبق على كل الحاالت والوقائع التي قد تشملها والتي‬

‫تكون متماثلة معها بغض النظر عن األفراد كونها ضمن نطاق تطبيقها وجاءت تنظيماً لها (‪.)1‬‬

‫تظهر أهمية صفتي التجريد والعمومية في صياغة القواعد القانونية من خالل النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬ان صفتي العمومية والتجريد تحققان مبدأ سيادة القانون ومبدأ المساواة أمام أحكامه(‪،)2‬‬

‫فهاتين الصفتين اللتين تتسمان بهما القواعد القانونية قد ساهمتا بشكل مؤثر وفعال في اضفاء‬

‫الصفة الشرعية على المؤسسة التشريعية بحسبانها ممثلة للشعب ‪ ،‬وبالنتيجة تعبر عن المصلحة‬

‫العامة من جانب‪ ،‬وترسخ سمو المكانة التي تتسم بها القاعدة القانونية من جانب اخرى‪ ،‬حيث ان‬

‫تلك المساهمة كانت وال زالت مسالة حساسة ومهمة خاصة وان القواعد القانونية في فترة العهود‬

‫االستبدادية السابقة كانت تتحكم فيها اعتبارات ذاتية وانانية وانتهازية‪ ،‬حيث ان توفر هاتين‬

‫الصفتين تهدفان إلى تطبيق أحكام القانون على الجميع دون تفرقة أو تمييز‪ ،‬وتظهر أهميتها‬

‫المشرعين حيث يترتب عليها وجوب اتخاذ السلطات العامة في الدولة ق ارراتها‬
‫ّ‬ ‫بصورة أوضح لدى‬

‫بناء على قواعد قانونية موضوعة سلفاً وواحدة بالنسبة لجميع أفراد المجتمع‪ ،‬وهذا ما يسمى (بمبدأ‬

‫المشروعية) مما يحول دون الخوف من أن يعمل القانون لمصلحة شخص معين أو لإلضرار به‪،‬‬

‫(‪)3‬‬
‫فتسود بالتالي الطمأنينة بين الناس وتتحقق المساواة فيما بينهم‪...‬‬

‫‪ -2‬التجريد والعموم في القاعدة القانونية ال يقتصر على تنظيم سلوك األفراد ومعامالتهم وانما‬

‫يمتد إلى السلطات العامة في الدولة مما يقتضي إخضاعها ألحكام القانون‪ .‬فصفة العمومية‬

‫في القاعدة القانونية تقتضي سريان أحكامها على الجميع حكاماً ومحكومين‪ ،‬فتكون السيادة‬

‫(‪ )1‬الطائي‪ ،‬محمود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.198‬‬


‫(‪ )2‬بسيوني‪ ،‬عبد الغني‪ ،‬النظم السياسة والقانون الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.797‬‬
‫‪(3( Szrankiewicz, R. et Bouineau, J: Histoire, des institutions. 1750-1914. 4e edition, Paris,‬‬
‫‪Litec, 1998. 1989, P.22 ets.‬‬
‫‪83‬‬

‫للقانون‪ ،‬حيث يحكم القانون كل تصرف أو إجراء تصدره أية سلطة داخل الدولة‪ .‬ويمنع‬

‫(‪)1‬‬
‫التحيز لمصلحة شخص أو فئة أو االضرار بهم‪.‬‬

‫‪ -3‬وتظهر أهمية العمومية والتجريد كذلك بالنظر إلى االعتبارات العملية التي تكمن وراءها‪،‬‬

‫حيث يستحيل حصر كل ما قد يعرض من فروض وحاالت فردية ووضع قاعدة لكل حالة على‬

‫حدة‪ ،‬لذا تصدر القاعدة القانونية عامة ومجردة بما يسمح بتطبيقها على عدد غير محدد وال متناهي‬

‫من األشخاص والوقائع والحاالت فيتكرر تطبيقها كلما توفرت في شخص أوفي واقعة شروط‬

‫(‪)2‬‬
‫تطبيقها‪_.‬‬

‫ومن الجدير بالذكر ان صفتي العمومية والتجريد كانا من أبرز مظاهر الصراع الدائر بين‬

‫الفكر الليبرالي (الدولة الحارسة) والفكر االشتراكي (الدولة التدخلية) وحيث ينظر االول إلى القاعدة‬

‫القانونية بانها عامة مجردة‪ ،‬أما الفكر الدستوري االشتراكي فيرى ان القواعد التشريعية ال يجب‬

‫(‪)3‬‬
‫حصرها فقط بالعمومية والتجريد وانما من الضروري منحها بعدا شخصيا وفرديا‪.‬‬

‫فمسألة العمومية والتجريد طرحت اشكالية عند المباشرة بتعريف القاعدة القانونية وهي تحديد‬

‫المعيارين الموضوعي والمادي‪ ،‬حيث ان المعيار الموضوعي يقوم على أساس التركيز على‬

‫مضمون العمل واالهتمام بطبيعته الذاتية‪ ،‬من بدون اعارة األهمية إلى الجهة التي اصدرته‬

‫واجراءاتها حيث يكون التركيز فقط على العمومية والتجريد للقاعدة القانونية‪ ،‬ومن المهم ان نشير‬

‫هنا إلى ان فقهاء القانون العام في فرنسا قد رجحوا المعيار المادي لتعريف القاعدة القانونية (الطرح‬

‫(‪ )1‬محمود‪ ،‬همام محمد (‪ .)2010‬المدخل إلى نظرية القانون (نظرية القانون)‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫(‪ )2‬البدراوي (‪ .)1962‬المدخل للعلوم القانونية‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪. 18‬‬
‫(‪ )3‬الطائي‪ ،‬محمود صالح حميد‪ ،‬انحراف البرلمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.198‬‬
‫‪84‬‬

‫الليبرالي الذي يؤيد وضع حد لتدخالت الدولة) (‪ ،)1‬فهذا الفكر يذهب إلى ان كل تدخل من قبل‬

‫الدولة في تفاصيل شؤون مواطنيها يضر بالمصالح العامة‪.‬‬

‫وبالرغم مما تقدم فان اكتساب التشريع صفتي العمومية والتجريد قد ال يؤثر على ان تكون‬

‫القاعدة القانونية محددة بمدة معينة أو يستوجب تطبيقها في نطاق جغرافي محدد‪ ،‬مثال ذلك‬

‫التشريعات التي تصاغ ضمن قواعد قانونية لمواجهة ظروف استثنائية كالحرب والكوارث‪ ،‬أو لوضع‬

‫(‪)2‬‬
‫قواعد سلوك ونظام قانوني لتنظيم وضع سكان بعض المناطق النائية أو المتاخمة للحدود‪.‬‬

‫كما ان هناك حاالت تجعل من التشريع ال يتصف بالعمومية والتجريد بحيث يفضل فئة على‬

‫اخرى ويمنحها امتيازات خاصة ‪،‬بالرغم من اتحاد مراكزهم القانونية او قد يحرمهم من حرية معينة‬

‫أو يجردهم من حق معين وهذا ما يبرز اشكالية االنحراف بالتشريع في القواعد القانونية من خالل‬

‫عدم اتسامها بالعمومية والتجريد‪ ،‬وكمثال على ما تقدم ذكره ما قضت به المحكمة الدستورية العليا‬

‫المصرية بصدد عدم دستورية تمييز ابناء طائفة معينة ومنحهم استثناءات خاصة لاللتحاق‬

‫بجامعات معينة‪ ،‬ان هذا االستثناء يمثل اخالالً جسيماً بمبدأ مهم من مبادئ العمومية والتجريد وهو‬

‫(‪)3‬‬
‫حق تكافئ الفرص والمساواة امام القانون‪.‬‬

‫يرى الباحث ان من الضروري في هذا المجال ان نورد واحد من ابرز االمثلة التي وردت في‬

‫المقالة المشهورة عن االنحراف التشريعي والمتعلقة بالتشريع الصادر في فرنسا يوليو سنة ‪1907‬‬

‫والذي يقضي بتسريح مجندي ‪ 1903‬قبل الميعاد القانوني باستثناء مجندي الفرقة (‪ )17‬من فرق‬

‫المشاة الذين لم يلتزمون باألوامر التي صدرت لهم في‪ 21‬يونيه ‪1907‬م من منتصف الليل إلى‬

‫(‪ )1‬رمضان‪ ،‬شعبان احمد (‪ .)2000‬ضوابط واثار الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫(‪ )2‬عبد اهلل‪ ،‬عبد الغني بسيوني‪ ،‬النظم السياسة والقانون الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.798‬‬
‫(‪ )3‬حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية‪ ،‬القضية رقم ‪ 106‬لسنة ‪ 6‬ق دستورية جلسة ‪ 29‬يونيه ‪ ،1985‬موسوعة أحكام‬
‫المحكمة الدستورية العليا المصرية‪.‬‬
‫‪85‬‬

‫ظهر ذلك اليوم‪ ،‬حيث تمت اإلشارة في المقال‪ ،‬إلى ان هذا التشريع هو تشريع عاماً مجرداً بالرغم‬

‫من استثنائه أعضاء الفقرة ‪ 17‬من هذا القانون وان هذا االستثناء ال يميز بين مجند واخر في‬

‫(‪)1‬‬
‫التطبيق وال يقصد شخصا معينا منهم بالذات‪.‬‬

‫ويتفق الباحث مع الراي الفقهي الذي يرى انه وان كان هناك نوع من االتفاق مع الفقيه‬

‫السنهوري بتأييده ان هذا القانون اتصف بالعمومية والتجريد‪ ،‬لكن يختلف الباحث معه من ناحية‬

‫استثناء الفرقة ‪ 17‬من هذا التسريح بحجه عدم إطاعة األوامر بسبب حادثة سابقة (‪ ،)2‬أي انه فرق‬

‫وبشكل واضح بين المخاطبين بيه فأنتفت عنه صفة العمومية كونه استثنى عدد من االشخاص في‬

‫حدود االشخاص المخاطبين بقانون واحد‪ ،‬فوجوب عدم التمييز بين المخاطبين بقانون ما من أهم‬

‫المعيار التي اوردها السنهوري (‪ ،)3‬ومن وجهة نظر الباحث أيضاً ان القانون جاء بصيغة عقوبة‬

‫مخفية بهدف االنتقام وحرمان الفرقة ‪ 17‬من التسريح المبكر‪ ،‬حيث كان من االجدى معاقبتهم‬

‫ضمن القوانين العسكرية ومن قبل قيادتهم العسكريين‪ ،‬بدال من استثنائهم ضمن تشريع عام‪ ،‬فكما‬

‫هو معروف كثرة االستثناءات في القوانين تضعفها من ناحية اتسامها بالعمومية والتجريد‪.‬‬

‫(‪ )1‬السنهوري‪ ،‬عبد الرزاق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.44‬‬


‫(‪ )2‬حدثت هذه الواقعة حينما قام سكان مدنية فرنسية بالتظاهر بسبب ازمة حلت بيهم للمطالبة بحقوقهم‪ ،‬تصدى على اثريه‬
‫جنود سالح الفرسان لهم‪ ،‬وعند وصل هذه االخبار إلى مجندو الفرقة السابعة عشر مشاة (وهم من سكان نفس المدنية) ان‬
‫عائالتهم وأهلهم وأصحابهم معرضين لخطر القتل‪ ،‬تركو اماكنهم وذهبوا للدفاع عن مدينتهم وسكانها‪ ،‬على الرغم من‬
‫صدور اوامر عسكرية تأمرهم بعدم ترك مواقعهم‪ ،‬استمر تعسكر جنود الفرقة ‪ 17‬بكامل عدتهم العسكرية في مدينتهم‪ ،‬إلى‬
‫حين اصدار العفو من قبل رئيس الوزراء حيث اعفى عن جميع الجنود ولم يعاقبوا وعادوا بعدها إلى ثكناتهم العسكرية في‬
‫مدينة ‪ Agde‬قبل ظهر يوم‪ 21‬يونية ‪ ،1907‬فلقد كانت مدة التمرد ال تتعدى اليوم الكامل‪ ،‬بعدها بمدة من الزمن تم تقديم‬
‫مشروع قانون من قبل الحكومة إلى البرلمان يتضمن التسريح المبكر لجنود سنة ‪ 1903‬واستثنى اعضاء الفرقة‬
‫(‪ )17‬الذين عصوا وتمردوا على أوامر السلطة العسكرية‪ ،‬وعليه تعد الحكومة الفرنسية قد لجئت إلى اصدار قانون لمعاقبة‬
‫مجندي الفرقة ‪ 17‬مشاة بغطاء من النصوص العامة المجردة وبأنه قانون يخدم المصلحة العامة‪.‬‬
‫‪ Barthelemy Joseph‬نقالً عن احمد‪ ،‬رمضان عيسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.216‬‬
‫(‪ )3‬ابو العينين‪ ،‬ماهر‪ ،‬االنحراف التشريعي‪ ،‬ص‪.184‬‬
‫‪86‬‬

‫ونستخلص مما تم شرحه آنفاً ان اتصاف القاعدة القانونية بالعمومية والتجريد يفضي بالنهاية‬

‫إلى ان يكون جميع افراد المجتمع متساوين في المزايا والحقوق واألعباء والمسؤوليات أمام القانون‪،‬‬

‫وبالنتيجة تتحقق العدالة فيما بينهم وال تمييز في ذلك بين محكوم وحاكم‪ ،‬وهذا بحد ذاته تطبيق‬

‫عملي لمبدأ سيادة القانون وتحقيقاً لمبدأ المشروعية‪ ،‬وتتجلى أهمية هذا القاعدة من خالل انطباقها‬

‫على األفراد الذين تتوافر فيهم شروط انطباقها‪ ،‬ومثال على ذلك القانون الجنائي يطبق على من قام‬

‫بارتكاب فعل جنائي معاقب عليه وفق هذا القانون‪ ،‬والقانون التجاري يطبق على فئة من افراد‬

‫المجتمع من يمارسون األعمال الحرة والتجارة وتداول رؤوس االموال‪ ،‬ومع ذلك فإن قواعد هذه‬

‫القوانين عامة ألنها تشمل كل من تتوافر فيهم وفي نشاطهم شروط انطباقها دون تميز بين شخص‬

‫(‪)1‬‬
‫واخر ودون تخصيص‪ .‬وهذا ما ذهب إليه اغلب فقهاء القانون‪.‬‬

‫المطلبإالثاني‪ :‬إ‬
‫األسبابإالواقعيةإلالنحرافإالتشريعي‬

‫بعد استكمال شرح األسباب الفنية لنظرية االنحراف التشريعي‪ ،‬كان من الضروري ان نشرح‬

‫عملياً األسباب الواقعية التي تؤدي إلى وجود االنحراف بالتشريع‪ ،‬فلهيئة التشريعية ممكن ان تصبح‬

‫تحت ضغط ظروف محددة ينتج عنها انحراف في تشريعاتها‪ ،‬حيث توجد عوامل عدة تؤثر من‬

‫خاللها على اداء الهيئة التشريعية وتدفعها نحو االنحراف من خالل التأثير والتدخل في صالحياتها‬

‫وأعمالها التشريعية‪.‬‬

‫وتخول دساتير الدول عادة السلطة التنفيذية الحق في أن تتدخل في سير العمل البرلماني‪،‬‬

‫وذلك من خالل طرق ووسائل متعددة‪ ،‬الغرض منها تحقيق التعاون المتبادل فيما بين السلطتين‬

‫(‪ )1‬السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 49‬وما بعدها؛ وابو العينين‪ ،‬ماهر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪233‬؛ والبدراوي‪ ،‬عبد المنعم‪،‬‬
‫المدخل إلى للعلوم القانونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 18‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪87‬‬

‫التشريعية والتنفيذية‪ ،‬ولكن قد يكون هناك تسلط وتدخل مباشر في االختصاصات البرلمانية مما‬

‫يؤدي إلى االنحراف بالتشريع‪ ،‬وتتجلى هذه األسباب الواقعية في (هيمنة السلطة التنفيذية على‬

‫أعمال السلطة التشريعية سيادة مشروعات القوانين المقدمة من الحكومة وصوالً إلى تدخل الحكومة‬

‫بعمل وتكوين السلطة التشريعية إضافة إلى األحزاب السياسية واللجان البرلمانية وجماعات‬

‫الضغط)‪.‬‬

‫وبناء على ما تقدم؛ سنذكر أهم وأبرز األسباب الواقعية لالنحراف التشريعي‪ ،‬وسوف يتم تناول‬

‫تلك األسباب على سبيل المثال وليس الحصر وعلى النحو االتي‪:‬‬

‫وتكوينهلاإودورإهيئلةإالنلاخبينإواألحلزابإالسياسليةإكأحلدإ‬
‫إ‬ ‫اولا‪:‬إطريقةإتأسيسإالسللطةإالتشلريعية‬
‫األسبابإالواقعيةإلالنحرافإبالتشريع‪ :‬إ‬
‫ان من أهم سمات المجتمعات المتطورة هو قيامها بتأسيس هيئات ومؤسسات إلدارة شؤونها‬

‫بشكل منظم ومنها تكوين هيئة تشريعية تسمى السلطة التشريعية‪ ،‬والطريقة المثلى لذلك هو انتخاب‬

‫هيئة مستقلة تتكون من أعضاء مختارين ويمثلون الشعب‪ ،‬وتختص بواجبين اساسيين هما سن‬

‫القوانين ومراقبة اداء تنفيذ هذه القوانين من قبل السلطة التنفيذية والتي لها أيضاً اصدار لوائح أو‬

‫انظمة لتسهيل تطبيق القوانين التي وضعتها السلطة التشريعية وبالتالي تنظم حياة المجتمع في‬

‫(‪)1‬‬
‫الدولة‪.‬‬

‫وهناك عدة وسائل متبعة لتأسيس السلطة التشريعية منها طريقة االنتخاب المباشر من الشعب‪،‬‬

‫وهي الطريقة المثلى للتعبير عن ارادة الشعب النتخاب ممثليه‪ ،‬أو طريقة التعيين‪ ،‬حيث يعين بعض‬

‫(‪ )1‬عبد اللطيف‪ ،‬حسن صبحي احمد (‪ .)1977‬السلطة التشريعية في االسالم‪ ،‬بحث منشور في مجلة الحقوق والشريعة‬
‫جامعة الكويت‪ ،‬ص‪107‬؛ وناصف‪ ،‬عبد اهلل إبراهيم (‪ .)1981‬مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية في الدولة‬
‫الحديثة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جمعة القاهرة‪ ،‬ص‪222‬؛ وعبد الحميد‪ ،‬عبد العظيم عبد السالم (‪ .)1988‬العالقة بين القانون‬
‫والالئحة دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪88‬‬

‫أعضاء السلطة التشريعية عن طريق السلطة التنفيذية اوقد تأخذ بعض الدساتير بالطريقتين معا‬

‫(االنتخاب‪ ،‬التعيين) وقد تتكون السلطة التشريعية من مجلسين كما هو الحال في فرنسا (الجمعية‬

‫الوطنية ومجلس الشيوخ) وأمريكا (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) واألردن (مجلس االعيان‪ ،‬مجلس‬

‫(‪)1‬‬
‫النواب)‪.‬‬

‫ان اختصاص السلطة التشريعية بسن القوانين حص اًر ال يعني حرية مطلقة في التشريع دون‬

‫(‪)2‬‬
‫مطابقة هذه التشريعات لنصوص الدستور والذي هو العماد األساسي لبنيان الدولة‪.‬‬

‫وللدور الحساس الذي تقوم به السلطة التشريعية كان التدخل في آلية انشائها وتكوينها من أهم‬

‫األسباب التي تؤدي إلى انحرافها‪ ،‬وهذا األمر يعود بنا إلى المقومات الخاصة بتكوين الهيئة‬

‫التشريعية (البرلمان) والتي يجب ان تقوم على نظام انتخابي مجرد من جميع التأثيرات التي‬

‫تتجاذبها المصالح المتناقضة للفئات السياسية واالجتماعية في الدولة‪ ،‬إضافة إلى مرونة النظام‬

‫السياسي المطبق والمتعلق بالتداول السلمي للسلطة من عدمه‪ ،‬ومن جهة اخرى مع سالمة اداء‬

‫هيئة الناخبين في تأسيس السلطة التشريعية ‪،‬وهذا يعتمد على قانون انتخابي نزيه وهيئة انتخابية‬

‫رصينة بما يتيح اختيار األكفأ للقيام بأعباء العملية التشريعية هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة اخرى مراقبة‬

‫اداء السلطة التنفيذية ومحاسبة المقصرين‪ ،‬وسوف نتناولها بالتوضيح وكالتالي‪:‬‬

‫‪ -1‬هيئةإالناخبين‪ :‬وهي الهيئة التي تمثل الشعب وتنوب عنه الختيار ممثليه وفق الدستور‪،‬‬

‫وهذا يتطلب وجود قانون انتخابي سليم وعادل ومنسجم مع الواقع الحقيقي للمجتمع‪ ،‬وبالتالي يفضي‬

‫النتخاب أعضاء برلمان يمثلون امال وتطلعات الشعب الذي يمثله‪ ،‬وبما ان هيئة الناخبين كمثلها‬

‫(‪ )1‬عبد العال‪ ،‬محمد حسنين (‪ .)1992‬القانون الدستوري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫(‪ )2‬الجمل‪ ،‬يحيى (‪ .)2007‬رقابة دستورية القوانين دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪89‬‬

‫باقي المؤسسات الدولة هي من صنع االنسان فهي أما ان تؤسس بشكل صحيح بحيث تعكس‬

‫(‪)1‬‬
‫طموح الشعب أو تؤسس بطريقة غير صحيحة تنتج عنها اثار سلبية‪.‬‬

‫وبحكم التطورات الدستورية اضحى اجراء االنتخابات النيابية مناط بهيئة مستقلة يكون على‬

‫عاتقها تولي المتابعة واالشراف على العملية االنتخابية بجميع تفاصيلها‪ ،‬لضمان عدم التدخل في‬

‫أعمالها ونزاهتها وحيادها‪ ،‬وهناك عدة انظمة انتهجت هذا النهج حيث نص الدستور األردني على‬

‫ذلك في المادة (‪ )2/67‬منه" تنشأ بقانون هيئة مستقلة تشرف على العملية االنتخابية النيابية‬

‫وتديرها في كل مراحلها‪ ،‬كما وتشرف على أي انتخابات اخرى يقررها مجلس الوزراء"‬

‫المشرع الدستوري األردني قد منح الهيئة المستقلة‬


‫ّ‬ ‫ومن مالحظة النص اعاله سنجد ان‬

‫لالنتخابات استقالالً ادارياً ومالياً‪ ،‬كما حدد صالحياتها ومهامها‪ ،‬إضافة إلى منحها الشخصية‬

‫االعتبارية ما يعزز استقاللها ألداء دورها بشكل فعال وبكل نزاهة عند مباشرة االشراف على العملية‬

‫(‪)2‬‬
‫االنتخابية‪.‬‬

‫يتفق الباحث مع ما ذهب إليه بعض الفقهاء بانه يوجد في أعضاء البرلمانات ممن ال‬

‫يصلحون للقيام بأعباء ابسط الوظائف الحكومية‪ ،‬ولعل من أهم ما اثبته علماء النفس بان‬

‫النشاطات ذات الطبيعة السياسية تستوجب توفر درجة من الذكاء تؤهل صاحبها ألداء مثل هذه‬

‫الوظيفة الحساسة‪ ،‬وهذا يثبت لنا مدى ضرورة توفر الثقافة السياسية التي يجب ان يتسم بها الناخب‬

‫ليكون اختياره للمرشحين على درجة كبيرة من الصحة والصواب‪ ،‬وكمثال على ما تقدم ففي فرنسا‬

‫(‪ )1‬بيردو (‪ .)1968‬مطول علوم السياسية‪ ،‬ص‪ 198‬نقالً عن ابو العنين‪ ،‬ماهر‪ ،‬االنحراف التشريعي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.323‬‬
‫(‪ )2‬كنعان‪ ،‬نواف (‪ .)2013‬مبادئ القانون الدستوري والنظام الدستوري األردني‪ ،‬اثراء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ص‪.181‬‬
‫‪90‬‬

‫مثالً ما أشار إليه االستاذ (بارتملي) عن تدني مستوى الهيئات االنتخابية الذي بالنتيجة أدى لدخول‬

‫(‪)1‬‬
‫البرلمان الفرنسي أعضاء ليسوا بمستوى موظف صغير في اصغر المقاطعات الفرنسية‪.‬‬

‫ومن وجهة نظر الباحث فان من الضروري ان تتكون هيئة الناخبين من أعضاء على قدر من‬

‫الكفاءة والنزاهة واالختصاص والخبرة‪ ،‬وبالتالي تصبح مؤهلة النتقاء االفضل من بين المرشحين‬

‫الذين تنطبق عليهم شروط الترشيح للبرلمان حسب قانون انتخابات كل دولة‪ ،‬إضافة إلى تهيئة‬

‫الناخبين وتثقيفهم سياسياً حتى يصبحوا أكثر إلماماً بالمرشحين المقدمين‪ ،‬وبالتالي اكثر حرصا على‬

‫اختيار االنسب فيهم ليمثلهم وينوب عنهم ويدافع عن مصالحهم في البرلمان‪ ،‬وبخالفه سنكون امام‬

‫مشكلة تؤدي إلى قله الوعي بموضوع االنتخابات مما يوصل غير الكفؤين ليصبحوا أعضاء في‬

‫السلطة التشريعية‪ ،‬قد ال يلتزمون بتحقيق الصالح العام وهذا ما يمهد لالنحراف في التشريعات‪.‬‬

‫واستناداً لما تقدم واشارة إلى استطالعات الراي العام العالمي‪ ،‬ان هناك ظاهرة عالمية حول‬

‫االنصراف عن االنتخابات‪ ،‬بسبب عدم الثقة بقدرة البرلمانات على اصدار ق اررات سياسية موزونة‬

‫وسليمة‪ ،‬وذلك ألنها قد تضم أعضاء ليسوا بالمستوى المطلوب من حيث االلمام الكافي والمعرفة‬

‫العلمية والتخصص الفني الالزم للتصدي لتعقيدات الحياة المعاصرة‪ ،‬وكذلك عدم وثوق المجتمع‬

‫بهيئة الناخبين وال بالمرشحين المقدمين من خاللها الذين قد ال يمثلونهم بشكل حقيقي وحتى قلة‬

‫الثقة المطروحة بانتخابات حقيقية حرة (‪ .)2‬وبالنتيجة سيكون لدينا سلطة تشريعه ضعيفة االداء‬

‫ويشوب تشريعاتها مخالفات متكررة للدستور قد ال تحمد عقباها‪.‬‬

‫(‪ )1‬متولي‪ ،‬عبد الحميد‪ ،‬محاضرات في اصالح نظام االنتخاب في مصر‪ ،‬ص‪18‬؛ وابو العينين‪ ،‬ماهر‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.324‬‬
‫(‪ )2‬ناصف‪ ،‬عبد اهلل (‪ .)1981‬مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية في الدلة الحديثة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة القاهر‪ ،‬ص‪.230‬‬
‫‪91‬‬

‫واذا أردنا ان نشخص بدقة واستناداً إلى الواقع العملي المؤثرات التي تؤدي بهيئة الناخبين‬

‫وبالناخبين النتخاب أعضاء البرلمانات ليسوا بالمستوى المطلوب من حيث الكفاءة وبالتالي تتأثر‬

‫تركيبة البرلمان والعمل البرلماني خصوصا من ناحية التشريعية‪ ،‬فان األحزاب السياسية هي من‬

‫ضمن العوامل المؤثرة وكما سنوضحه تالياً‪.‬‬

‫‪-2‬إاألحزابإالسياسية إ‬

‫يقصد باألحزاب السياسية‪ :‬مجموعة من افراد الشعب الذين تجمعهم افكار واهداف ووسائل‬

‫مشتركة وفق منهاج ونظام داخلي معين‪ ،‬بغية كسب التأييد الشعبي للوصول إلى السلطة لتنفيذ‬

‫(‪)1‬‬
‫سياساتها التي تعبر عن عقيدتها الفكرية والتي تهدف إلى تحقيق الصالح العام‪.‬‬

‫ان األحزاب السياسية تعد من أهم المؤسسات المدنية‪ ،‬فالمجتمع المدني يتكون من عدة‬

‫منظمات ومؤسسات مدنية ال حكومية‪ ،‬وتعتبر األحزاب السياسية من مستلزمات االنظمة‬

‫الديمقراطية البرلمانية‪ ،‬فعن طريق الدخول في المنافسة االنتخابية تصل على السلطة‪ ،‬ومن اجل‬

‫ابتداء ان قادة األحزاب‬


‫ً‬ ‫توضيح الية عمل األحزاب السياسية وكيفية اختيار مرشحيه‪ ،‬علينا ان نبين‬

‫وهم غالبا من أصحاب النفوذ الممسكين بمفصل الحزب وهيكليه التنظيمي‪ ،‬حيث يقوم هؤالء‬

‫بتسمية مرشحي الحزب في االنتخابات البرلمانية العامة‪ ،‬وبذلك يضمن هذا المرشح تأييد قواعد‬

‫حزبه‪ ،‬إضافة إلى الناخبين العاديين‪ ،‬ومن هنا فإن الحزب السياسي الذي يخوض مرشحيه‬

‫االنتخابات سوف يسعى للتأثير على ارادات الناخبين وكسب تأييدهم من اجل االستحواذ على اكبر‬

‫قدر من اصواتهم للحصول على عدد اكبر من مقاعد البرلمان بما يضمن له الفوز ووصوله‬

‫(‪ )1‬الشرقاوي‪ ،‬سعاد (‪ .)2007‬النظم السياسية في العالم المعاصر‪ ،‬مركز جامعة القاهرة للتعليم المفتوح‪ ،‬ص‪.193‬‬
‫‪92‬‬

‫للسلطة التشريعية عن طرق طرح برنامج واقعي وعملي‪ ،‬بالتالي يضمن له التأثير على التشريعيات‬

‫(‪)1‬‬
‫وتشكيل السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫أما من جانب اخر وفيما يخص دراستنا‪ ،‬حيث يثور تساؤل عن مدى تأثير األحزاب السياسية‬

‫على العملية التشريعية من خالل نوابها المنتخبين؟ وهل من الممكن ان تنحرف السلطة التشريعية‬

‫بسبب األحزاب عن غاية وجودها لتحقيق اهداف ذات طابع شخصي وحزبي ضيق وتبتعد عن‬

‫تحقيق المصلحة العامة؟‬

‫تكمن االجابة على السؤال انف الذكر من خالل التمعن في واقع البرلمانات الحالية‪ ،‬حيث‬

‫يتبين بان النائب الذي يصل إلى البرلمان عن طريق دعم ومساندة حزبه‪ ،‬ليس له ادنى قدر من‬

‫االستقاللية وال الحرية للقيام بعملية كنائب عن الشعب وال يمكنه التعبير عن آرائه ‪،‬بل ان مجمل‬

‫أعضاء البرلمان المنتخبين والمنتمين ألحزاب محددة يعملون وفق توجيهات وسياسات الحزب الذي‬

‫رشحهم (‪ ،)2‬ويعود ذلك إلى أسباب عدة منها خوف النائب من إذا ما خالف توجهات الحزب والذي‬

‫يؤدي بالتالي لفقدان عضويته في البرلمان وعدم اعادة ترشيحه ودعمه مرة اخرى من قبل حزبه‬

‫وبالتالي فقدانه لكل االمتيازات البرلمانية (‪ ،)3‬ومن ذلك نستنتج ان التصويت على أي مشروعات‬

‫قوانين من قبل النواب المنتمين لألحزاب يتحدد وحسب ارتباطاتهم الحزبية‪ ،‬وليس على أساس‬

‫كونهم ممثلين للشعب‪ ،‬فاذا كان الحزب نفسه يوافق على مشروع القانون فيتم بذلك التصويت له‪،‬‬

‫(‪)4‬‬
‫وهو ما ذهب البعض لتسميه هذه الظاهرة في بعض البرلمانات بالمهنة البرلمانية‪.‬‬

‫(‪ )1‬متولي‪ ،‬عبد الحميد‪ ،‬ازمة االنظمة الديمقراطية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫(‪ )2‬الخطيب‪ ،‬نعمان احمد (‪ .)1983‬االحزاب السياسية ودورها في انظمة الحكم المعاصرة‪ ،‬اطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة عين‬
‫شمس‪ ،‬ص‪.86‬‬
‫(‪ )3‬احمد‪ ،‬رمضان عيسى‪ ،‬االنحراف التشريعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.176‬‬
‫(‪ )4‬الخطيب‪ ،‬نعمان احمد‪ ،‬االحزاب السياسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.87‬‬
‫‪93‬‬

‫يتفق الباحث مع اآلراء الفقيه انفه الذكر‪ ،‬لكنه يرى من الضروري تسليط الضوء على ان ما‬

‫تم ذكره ال يعتبر قاعدة مطلقة وال ينفي اعتزاز بعض النواب باستقاللية آرائهم ومواقفهم ازاء تحقيق‬

‫المصلحة العامة‪ ،‬ووقوفهم بالضد من مواقف احزابهم تجاه بعض التشريعات‪ ،‬مما يدفع بالحزب إلى‬

‫اتخاذ اجراءات بحق النواب الذين يعترضون على سياسية الحزب أو توجهاته‪ ،‬ونورد مثاال واقعيا‬

‫عن هيمنة األحزاب السياسية على اعضائها في السلطة التشريعية‪ ،‬حيث تسلبهم حريتهم واستقاللهم‬

‫كمعبرين عن ارادة الشعب‪ ،‬فبتاريخ ‪ 2016/4/16‬اعلنت حركة التغيير في البرلمان العراقي من‬

‫خالل بيان لها عن ابعاد النائبة (تافكة احمد) عن صفوف الحركة وعن كتلتها النيابية ‪،‬مبيناً ان‬

‫القرار جاء لخروجها عن االجماع الكردي لمجلس النواب العراقي وعن اجندة وسياسات الحركة‬

‫وعدم التزامها بتوجيهاتها ومواقفها (‪ .)1‬حقيقة األمر ان النائبة المذكورة اختلفت مع حزبها على‬

‫أساس انحيازها للصالح العام وليس مع مصالح حزبها‪ ،‬مما ادى إلى سحب عضويتها الحزبية‪،‬‬

‫ولكنها استمرت بعملها عضوة في مجلس النواب العراقي‪ ،‬هذا ما يؤكد لنا ترجيح األحزاب السياسية‬

‫لمصالحها الخاصة على حساب الصالح العام مما يؤدي بالتالي إلمكانية تأثيرها على مشروعات‬

‫القوانين وتؤدي بها لالنحراف عن جادة الصالح العام‪.‬‬

‫ان تأثير األحزاب السياسية على مشروعات القوانين يتجلى من خالل ان مشروع القانون قد‬

‫يكون في االصل هو من افكار الحزب ومقترحه‪ ،‬الذي في نفس الوقت يستحوذ على االغلبية التي‬

‫تشكل الحكومة‪ ،‬ويقدم مشاريع تلك القوانين عن طريقها‪ ،‬ويتم بعد ذلك مناقشة مشروع القانون من‬

‫قبل أنصار نفس الحزب الذي يتمتع باألغلبية في السلطة التشريعية‪ ،‬والتي يتم الموافقة عليه استناداً‬

‫إلى قرار سابق من الحزب الذي ينتمون إليه‪ ،‬أي ان النائب المنتمي لحزب االغلبية‪ ،‬انما هو في‬

‫(‪ )1‬ينظر الموقع ‪.www.aliraqnet.net‬‬


‫‪94‬‬

‫الحقيقة يؤيد ما يقرره قادة الحزب (‪ .)1‬وهوما يؤكد لنا امكانية حدوث االنحراف التشريعي فسالمة‬

‫التشريع من الناحية الدستورية ال ينفي كونه يبتعد عن تحقيق الصالح العام‪.‬‬

‫من المهم تسليط الضوء على ما قد يكون لألحزاب السياسية من دور ايجابي مهم في تقليص‬

‫والحد من االنحراف التشريعي والحافظ على مبدا المشروعية وصيانة حقوق األفراد وحرياتهم‪،‬‬

‫فبحسب اراء بعض الفقهاء‪ ،‬ان لألحزاب السياسية دو اًر ومساهمة فعالة في توعية الراي العام لكي‬

‫يكون ملماً بقضاياه ومصالحه‪ ،‬وشؤون المجتمع واحتياجاته العامة في المجاالت السياسية‬

‫والمعيشية واالجتماعية والشؤون المصيرية واالقتصادية‪ ،‬وذلك عن طريق اطالع عامة الشعب على‬

‫تفاصيل مشكالتهم والتي تمس حياتهم‪ ،‬والتي ال تعرضها الحكومات تفادياً إلضعاف دور األحزاب‬

‫(‪)2‬‬
‫الحاكمة‪.‬‬

‫يضاف إلى ذلك الدور الرقابي الذي تقوم به األحزاب السياسية‪ ،‬وذلك عن طريق الرقابة على‬

‫نشاطات السلطة التنفيذية وخاصة حينما تكون تلك األحزاب السياسية خارج السلطة التنفيذية‪ ،‬لكنها‬

‫مشاركة في السلطة التشريعية (المعارضة) عن طريق ممثليها‪ ،‬اذ ان األحزاب السياسية حينما‬

‫تمسك بزمام السلطة والمسؤولية تكون ملزمة بتطبيق برنامجها السياسي الذي عرضته على افراد‬

‫الشعب قبيل االنتخابات‪ ،‬كما ان االضطالع بدور الرقيب عندما يكون الحزب السياسي من‬

‫األحزاب المعارضة في االنظمة الديمقراطية حيث تقوم تلك األحزاب المعارضة بمناقشة السياسيات‬

‫الحكومية العامة وانتقادها وتشخيص المشاكل التي يتعرض لها المواطن وطريقة معالجتها‬

‫(‪ )1‬ابو العينين‪ ،‬ك ‪ ،1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.337‬‬


‫(‪ )2‬بسيوني‪ ،‬عبد الغني‪ ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.554‬‬
‫‪95‬‬

‫(‪)1‬‬
‫من خالل هذا الرقابة تتمكن األحزاب السياسية من كشف‬ ‫والمساهمة في ايجاد الحلول لها‪.‬‬

‫حاالت انحراف التشريع وتحافظ على مبدأ المشروعية‪.‬‬

‫وكخالصة لكل ما تقدم؛ يظهر جلياً لما لتكوين السلطة التشريعية من اثر مباشر وقوي‬

‫لحدوث حاالت االنحراف التشريعي‪ ،‬كوننا سلطنا الضوء على الدور المهم الذي تلعبه هيئة‬

‫الناخبين‪ ،‬في حالة عدم تمكنها من االلتزام بأعباء عملها وتهيئة االرض الخصبة من ناخبين لديهم‬

‫قدر من الوعي السياسي بالمرشحين المشاركين في االنتخابات‪ ،‬وقبول ترشيح من لهم من الكفاءة‬

‫ليكونوا ممثلين عن الشعب‪ ،‬فسنكون امام مشكلة وصول من ال يكون مؤهال للعمل التشريعي‪،‬‬

‫إضافة إلى تدخل األحزاب السياسة في تكوين السلطة التشريعية عند طريق ترشيح اشخاص ال‬

‫يكونوا على قدر من الكفاءة واستعمال وسائل الضغط على هيئة الناخبين لقبول ترشيحهم هنا‬

‫سيكون النائب عن الشعب ممثال لحزبه وتبع اوامره ويوافق على التشريعات التي يرغب بها الحزب‬

‫حتى لو كانت ال تحقق الصالح العام‪ ،‬لذا فان تكوين السلطة التشريعية له االثر االكبر بوصول‬

‫تشريعات تتسم باالنحراف التشريعي كون صياغتها ومناقشتها وحتى التصويت عليها تمت من‬

‫خالل الحزب صاحب االغلبية عن طريق نوابه‪.‬‬

‫ثاني ا‪:‬إتدخلإالسلطةإالتنفيذيةإفيإاختصاصإالسلطةإالتشريعيةإكأحلدإاألسلبابإالواقعيلةإلالنحلرافإ‬
‫التشريعي‪ :‬إ‬

‫نظ اًر لهيمنة السلطة التنفيذية على الحياة العامة في الدولة ونشاطاتها اليومية فقد تغيرت‬

‫الواجبات الرئيسية للبرلمانات في مختلف النظم السياسية المعاصرة‪ ،‬بحيث تقلص دورها التشريعي‬

‫الذاتي إلى المصادقة على مشروعات القوانين التي تقدمها السلطة التنفيذية‪ ،‬ويعود ذلك في الدرجة‬

‫(‪ )1‬المسلماني‪ ،‬محمد احمد إبراهيم (‪ .)2015‬القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ص‪.602‬‬
‫‪96‬‬

‫االساس إلى خلل في تركيبة أعضاء البرلمانات وعدم تخصصهم بالمعارف الفنية الالزمة لفهم‬

‫القوانين المتعلقة بكافة نواحي الحياة‪ ،‬حيث ان التركيبة المعقدة والتخصصية في مهام السلطة‬

‫التنفيذية خاصة في حياتنا الحالية يستوجب توفر كفاءات تقنية وفنية في مجاالت النشاط الحكومي‬

‫لمواكبة التشريعات التي تتعلق بتخصصات السلطة التنفيذية خاصة بعد التطورات العلمية‬

‫والتكنولوجية المستمرة‪ ،‬ومثال على ذلك التطور السريع في مجال ثورة المعلومات واالتصاالت‪،‬‬

‫ونتيجة لذلك اصبح من الضروري اصدار تشريعات مالئمة وقواعد قانونية مناسبة تح ُكمها (‪.)1‬‬

‫وهذا ما يمنحها ميزة على السلطة التشريعية‪ ،‬وبالتالي اضحى لها موقع الريادة في اقتراح مشاريع‬

‫القوانين التي تلبي حاجات المجتمع وتخدم مصالحهم‪.‬‬

‫ونتيجة لكل ما تقدم تشعبت السلطة التنفيذية في جميع اوجه نشاطات الدولة‪ ،‬وأضحى من‬

‫أبرز مظاهر هذا التشعب‪ ،‬هو تأثيرها على أعمال السلطة التشريعية‪ ،‬وفي أهم اختصاص اال وهو‬

‫اعداد التشريعات‪ ،‬وذلك عن طريق تقديم ما تراه مناسباً من مقترحات القوانين للسلطة التشريعية ليتم‬

‫بحثها والتصويت عليها وأخي اًر المصادقة عليها من قبل رئيس الدولة‪ ،‬إضافة إلى تأثير االغلبية‬

‫البرلمانية المكون للحكومة الذي من خالله يتم تمرير مختلف التشريعات ‪،‬ولبيان التأثير المباشر‬

‫للسلطة التنفيذية على تخصصات السلطة التشريعية ارتأى الباحث تناول الموضوع من جانبين‬

‫وكالتالي‪:‬‬

‫‪-1‬إطرحإمشروعاتإالقوانين إ‬

‫ان طرح مشروعات القوانين وبكافة مراحلها يدخل في االصل باختصاص السلطة التشريعية‪،‬‬

‫ولكن وألسباب عديدة فقد لجأت اكثر الدساتير الحديثة إلى اتباع نهج مستحدث يخول السلطة‬

‫(‪ )1‬دسوقي‪ ،‬رأفت (‪ .)2006‬هيمنة السلطة التنفيذية على اعمال البرلمان‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص‪.225‬‬
‫‪97‬‬

‫التنفيذية المشاركة الفعالة في عملية اقتراح مشروعات القوانين‪ ،‬وهذا االمتياز الذي حصلت عليه‬

‫السلطة التنفيذية جاء نتيجة كونها في تماس مباشر مع حاجات المجتمع ومشاكله‪ ،‬وجاء توسع‬

‫مسؤولياتها في ادارة المرافق العامة‪ ،‬مما منح كادر السلطة التنفيذية خبرة في تشخيص المعوقات‬

‫التي تعتري مفاصل الدولة وايجاد انسب الحلول لها‪ ،‬مما يستوجب طرح مشاريع قوانين لمعالجة‬

‫(‪)1‬‬
‫هذه االشكاالت في الحياة اليومية أو تالفي النقص في التشريعات القائمة‪.‬‬

‫وعلى اساسه فقدت السلطة التشريعية مبادراتها لتقديم مشاريع القوانين وانحسر دورها بالتصويت‬

‫على مشاريع القوانين المقدمة من السلطة التنفيذية‪ ،‬وبالنتيجة اصبحت المشاريع المقدمة من‬

‫الحكومة في زيادة كبيرة مقارنة بالمشاريع المطروحة من قبل السلطة التشريعية (‪ .)2‬ومن وجهة نظر‬

‫الباحث ان هذه النتيجة من أكثر االمور السلبية التي أضحت متحكمة ومسيطرة على اختصاص‬

‫السلطة التشريعية وشل عملها التشريعي بشكل واضح‪.‬‬

‫يتفق الباحث مع الراي الفقهي الذي يرى ان انحسار دور السلطة التشريعية بأداء مهامها في‬

‫اقتراح مشاريع القوانين انعكس سلبياً على رقابتها على أعمال السلطة التنفيذية وافقدها حالة التوازن‬

‫المطلوب بين السلطتين (التشريعية والتنفيذية)‪ ،‬وهذا االختالل في التوازن بين السلطتين ناشئ عن‬

‫ان تشكيل السلطة التنفيذية (الحكومة) جاء منبثقاً عن االغلبية البرلمانية ‪ ،‬وبالنتيجة فهما متفقان‬

‫على تسيير جلسات المجلس بما يهيئ لها أجواء مناسبة تتفق مع توجهات السلطة التنفيذية بتقديم‬

‫(‪)3‬‬
‫من الممكن تصور ان هذه االغلبية البرلمانية ستقوم‬ ‫مشروعات قوانينها إلى الهيئة التشريعية‪.‬‬

‫(‪ )1‬بدوي‪ ،‬ثروت (‪ .)1970‬النظم السياسية‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ص‪.311‬‬


‫(‪ )2‬ناصف‪ ،‬عبد اهلل إبراهيم (‪ .)1981‬مدى توازن السلطة السياسية مع مسؤولية الدولة الحديثة‪ ،‬اطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة‬
‫القاهرة‪ ،‬ص‪.219‬‬
‫(‪ )3‬الطماوي‪ ،‬سليمان (‪ .)1968‬السلطات الثالث في الدساتير العربية المعاصرة وفي الفر السياسي االسالمي‪ ،‬مطبعة‬
‫جامعة عين شمس‪ ،‬ط‪ ،5‬ص‪.180-179‬‬
‫‪98‬‬

‫بتعطيل اداء البرلمان في تقديم مشروعات القوانين التي قد تكون ال تنسجم واهداف السلطة‬

‫التنفيذية‪ ،‬وسنسلط الضوء أكثر على تأثير االغلبية البرلمانية خالل دراستنا‪.‬‬

‫وهنا يرد إلى الذهن تساؤل مهم حول كيفية خلق االنسجام والتوافق والتوازن بين اداء السلطة‬

‫التشريعية واداء السلطة التنفيذية ورفع مستوى السلطة التشريعية وكفاءة عملها إلى مستوى اداء‬

‫السلطة التنفيذية لنشاطها المعاصر نظ ار للفرق الشاسع بين األداءين؟‬

‫ويكمن الجواب على هذا التساؤل من خالل رفد الهيئات التشريعية بكفاءات مهنية وحرفية‬

‫وقانونية متميزة كال في مجال اختصاصه‪ ،‬إضافة إلى مراكز دراسات وابحاث لمعرفة اثار‬

‫التشريعات قبل سنها وبعده بالتعاون مع جميع مؤسسات الدولة واعداد بحوث وبرنامج للوقوف على‬

‫حاجات المجتمع وفهمها‪ ،‬حتى تقوم تلك الهيئات بواجباتها بشكل يتناسب مع أداء السلطة التنفيذية‪،‬‬

‫وهنا نكون منحنا الهيئة التشريعية دورها التشريعي والرقابي على نشاطات السلطة التنفيذية وذلك‬

‫بإصدار تشريعات منسجمة ومالئمة وبمستوى اداء السلطة التنفيذية ومتابعة اختصاصاتها بما‬

‫يضمن خلق توازن بين السلطتين‪.‬‬

‫ففي انكلت ار مثالً قد نجد ان نسبة التشريعات التي تصدر عن البرلمان االنكليزي هي (‪)%90‬‬

‫اقتراحات حكومية‪ ،‬ذلك يثبت من الناحية العملية ان السلطة التنفيذية ممسكة بزمام العملية‬

‫التشريعية‪ ،‬وبذلك ال يكون للبرلمان ان يضع مشروعات القوانين‪ ،‬وانما اقتصر عمله على الموافقة‬

‫على نصوص معدة مسبقاً من قبل لجان حكومية فنية تمتلك من الخبرة العملية في صياغة قوانين‬

‫(‪)1‬‬
‫تتناول عرض المشاكل والحلول المناسبة لها‪.‬‬

‫(‪ )1‬الجمل‪ ،‬يحيى (‪ .)1976‬االنظمة السياسية المعاصرة‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪114‬؛ والشاعر‪ ،‬رمزي طه (‪.)1988‬‬
‫األيدولوجيات وأثرها في االنظمة السياسية المعاصرة‪ ،‬مطبعة جامعة عين شمس‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.217‬‬
‫‪99‬‬

‫والدستور العراقي لسنة (‪ )2005‬من الدساتير التي اعطت الحق للسلطة التنفيذية بالسيطرة‬

‫على العملية التشريعية في الدولة‪ ،‬وقلصت من االختصاص التشريعي للبرلمان العراقي‪ ،‬فأعطى‬

‫الحق باقتراح القوانين وحصر تقديم مشرعات القوانين بيد الحكومة بمفصليها رئيس الجمهورية‬

‫ورئاسة الوزراء‪ ،‬وحسب ما نصت عليه المادة (‪ )60‬من الدستور " أوالً‪ :‬مشروعات القوانين تقدم‬

‫من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫ثانياً‪ :‬مقترحات القوانين تقدم من عشرة من أعضاء مجلس النواب‪ ،‬او احد لجانه المختصة"‪.‬‬

‫وبالتمعن في النص الدستوري سنالحظ حصر مسالة تقديم مشروعات القوانين بالسلطة‬

‫التنفيذية‪ ،‬أما مقترحات القوانين فتقدم من لجان البرلمان أو اعضائها‪ ،‬وهنا سنالحظ التمييز بين‬

‫(‪)2‬‬
‫وفسرت المحكمة االتحادية العليا‬ ‫المشرع الدستوري ذلك‬
‫ّ‬ ‫مصطلحي (مشروع ومقترح) حيث قصد‬

‫العراقية هذا التمييز‪ ،‬موضحا أن المقترح عبارة عن فكرة إلصدار تشريع يخص موضوع معين مع‬

‫ذكر جوهر وأسباب القانون‪ ،‬أما المشروع فيأتي بمعنى ان الفكرة قد تم اعداد صياغة قانونية‬

‫واضحة وصريحة لها من قبل مختصين في التشريعات (‪ ،)3‬ان هذا التمييز ليس عادال وتفسيره بهذا‬

‫الشكل الهدف منه سلبي يذهب إلى سلب السلطة التشريعية أهم اختصاص انيط بها اال وهو تشريع‬

‫القوانين ‪،‬فكان اولى ان يتوضح هذا التمييز على اعتبار الجنبة المالية بحيث يكون على السلطة‬

‫التشريعية وفي حال شروعها بتقديم مشروعات تدخل فيها تكاليف أو أعباء مالية على الحكومة ‪،‬ان‬

‫تنال موافقة السلطة التنفيذية اوالً‪ ،‬وال يكون بشكل عام ويشمل جميع القوانين ‪،‬عليه يصبح تقديم‬

‫(‪ )1‬دستور جمهورية العراق لسنة ‪.2005‬‬


‫(‪ )2‬احمد‪ ،‬رمضان عيسى‪ ،‬االنحراف التشريعي العراق أنموذجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪164‬‬
‫(‪ )3‬قرار رقم ‪/43‬اتحادية‪ 2010/‬الصادر ‪ 2010/7/12‬وبنفس المعنى ينظر القرار رقم ‪/44‬اتحادية‪ 2010/‬الصادر‬
‫‪ ،2010/7/12‬موقع المحكمة االتحادية العليا العراقية ‪https://www.iraqfsc.iq/ethadai.php‬‬
‫‪100‬‬

‫مشاريع القوانين حص اًر من قبل السلطة التنفيذية‪ ،‬وهو ما يؤكد لنا سيطرة السلطة التنفيذية في‬

‫العراق على العملية التشريعية‪.‬‬

‫ومن وجهة نظر الباحث فأن هذا من اخطر ما قد يواجه مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ‬

‫المشروعية ‪،‬حيث انحسرت سلطة التشريع والرقابة التي يمتاز بها البرلمان بحيث أصبحت االداء‬

‫معكوسا فبدال من ان تقوم الهيئة التشريعية بعملها التشريعي والرقابي والتوجيهي عن طريق‬

‫مشروعات القوانين اصبحت تحت هيمنة السلطة التنفيذية ومسخرة لتحقيق اهداف االغلبية التي‬

‫تمثلها‪ ،‬حيث يمكن تصور انحراف توجهات السلطة التنفيذية من خالل ايصالها مشروعات قوانين‬

‫إلى السلطة التشريعية هدفها تحقيق مصالح حزبية أو فئوية‪ ،‬وبما ان السلطة التشريعية تركت‬

‫مهمتها التشريعية األساسية واصبحت اداة بيد الحكومة للتصويت على مقترحات القوانين التي‬

‫وضعتها لجان وهيئات (وهم بشر يتأثرون بالمصالح الجهات الحكومية التي يمثلونها) ‪،‬فال نستبعد‬

‫وجود انحرافاً تشريعياً يشوب هذه المشاريع‪.‬‬

‫‪-2‬تاثيرإالغلبيةإالبرلمانية‬

‫ان تأثير السلطة التنفيذية وسيطرتها على التشريعات قد ال تأخذ شكلها الكامل بمجرد السيطرة‬

‫على أساس التشريعات من بدايتها‪ ،‬كون السلطة التشريعية لها ان تقرر في صالحية التشريع‬

‫الحكومي من عدمه‪ ،‬فان رأته مناسباً قد يمرر‪ ،‬ومن الممكن ان يحصل عليه تعديالت أو حذف‬

‫وحتى اعادة صياغة بالكامل أو لبعض فقراته‪ ،‬أثناء مناقشته داخل مجلس النواب وحسب ما قد تراه‬

‫السلطة التشريعية مناسباً‪ ،‬وقد يعترض عليه وال يتم تمرريه لكونه ال ينسجم مع آراء وتوجهات‬

‫(‪)1‬‬
‫األحزاب السياسية‪.‬‬

‫(‪ )1‬شبر‪ ،‬رافع خضر صالح (‪ .)2016‬فصل السلطتين التنفيذية والتشريعية في النظام البرلماني‪ ،‬دار السنهوري‪ ،‬بغداد‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫ص‪.158‬‬
‫‪101‬‬

‫لذا تلجئ السلطة التنفيذية لتحريك االغلبية البرلمانية التي تعد يدها الفعلية في البرلمان كون‬

‫هذه االغلبية هي نفسها التي انبثقت عنها الحكومة‪ ،‬لتحيط بالعملية التشريعية بشكل أكثر دقة‪.‬‬

‫أما فيما يخص تأثير االغلبية البرلمانية على عمل السلطة التشريعية‪ ،‬والتي تأتي نتيجة فوز‬

‫احد األحزاب أو الكتل السياسية وحصولهم على االغلبية المطلقة في االنتخابات العامة‪ ،‬فأن هذه‬

‫الجهة السياسية الفائزة تقوم بترشيح الشخصية التي تكلف بتشكيل الحكومة‪ ،‬وبطبيعة الحال يكون‬

‫رئيس وأعضاء الحكومة من أعضاء الحزب الفائز هم أكثرية السلطة التنفيذية بحكم زعامتهم‬

‫لألغلبية البرلمانية‪ ،‬وبذلك يعتبرون من المؤثرين والموجهين الحقيقين لها‪ ،‬وبالتالي تهيمن السلطة‬

‫التنفيذية على السلطة التشريعية بواسطة اكثريتها البرلمانية‪ ،‬وتتمكن عن طريق هذه االكثرية من‬

‫(‪)1‬‬
‫اقتراح واصدار ما تشاء من القوانين‪.‬‬

‫وبذلك تسيطر االغلبية الفائزة وتهيمن على السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية‪ ،‬وخطورة هذه‬

‫الهيمنة تتجلى بصورة واضحة عن طريق هذه االغلبية وبما يتيح لها سن القوانين التي قد ال يتوفر‬

‫فيها غاية المصلحة العامة وانما تحقيق امتيازات ومصالح وتوجهات خاصة بذلك الحزب أو تلك‬

‫)‪(2‬‬
‫الجهة السياسية الحزبية المهيمنة على الحكومة والبرلمان‪.‬‬

‫ومن أخطر االمثلة على ذلك قيام حزب االغلبية التي تشكلت من اعضائه السطلتين التنفيذية‬

‫والتشريعية‪ ،‬بصياغة قانون انتخابي بطريقة معينة تسمح له بالنجاح والفوز في االنتخابات القادمة‬

‫وضمان الوصول إلى أغلبية المقاعد النيابية‪ ،‬التي تستطيع بها تشكيل الحكومة منفردة مما يؤدي‬

‫بالتالي الهيمنة على البرلمان حتى لو توفرت معارضة ألنها لـن تستـطيـع التصـدي لمش ـاريع القـوانيـن‬

‫(‪ )1‬الشاعر‪ ،‬رمزي طه‪ ،‬األيدولوجيات وأثرها في االنظمة السياسية المعاصرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫(‪ )2‬الشاعر‪ ،‬رمزي طه‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫‪102‬‬

‫(‪)1‬‬
‫التي تروم األغلبية اصدارها‪.‬‬

‫الري الذي يعلل تزايد تأثير سلطة الحكومة التي تشكلت من األغلبية‬
‫يتفق الباحث مع أ‬

‫البرلمانية‪ ،‬هو لغياب وتحجيم دور المعارضة السياسية‪ ،‬حيث ألقى بظالله وبشكل واضح على‬

‫وضع التشريعات‪ ،‬كون المعارضة قليلة التمثيل في اللجان البرلمانية‪ ،‬ولغياب صوت المعارضة‬

‫سواء خارج السلطة التشريعية أو داخله‪ ،‬فسح المجال للسلطة التنفيذية بالتغول واصدار ما تراه‬

‫يخدمها من تشريعات عن طريق ما تملكه في البرلمان من أغلبية ممثلة في اللجان أو رئاساتها‪،‬‬

‫(‪)2‬‬
‫وهو ما يؤدي بالنتيجة بالتأثير على التداول السلمي للسلطة‪.‬‬

‫لما تقدم؛ يمكن توقع ان يتسم نشاط السلطة التشريعية باالنح ارف وذلك لتوفر عنصر المصالح‬

‫الشخصية في الهيئات التشريعية وكذلك ألفراد تلك الهيئات‪ ،‬إضافة إلى رأي األغلبية المسيطر في‬

‫التشريع‪ ،‬وأصبح من المتصور ان تسيطر القلة التي تتركز بيدها السلطة والنفوذ من رؤساء‬

‫األحزاب ورؤساء اللجان وأعضاء اللجان البرلمانية والمختارين أساساً من االغلبية البرلمانية على‬

‫(‪)3‬‬
‫عملية تشريع القوانين بصورة عامة‪.‬‬

‫وأخي اًر نستنتج مما تقدم ولكون الحكومة ورئيسها واالكثرية البرلمانية يتنمون إلى نفس الجهة‬

‫السياسية‪ ،‬فال نستبعد ان تكون اإلصدارات التشريعية في هذه الحالة مشوبة بعيب االنحراف‬

‫(‪)4‬‬
‫التشريعي وما دام التشريع البرلماني قد جاء استجابة للتشريع الحكومي‪.‬‬

‫(‪ )1‬شرف‪ ،‬عبد المنعم عبد الحميد إبراهيم (‪ .)2001‬المعالجة القضائية والسياسية لالنحراف التشريعي‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫(‪ )2‬شرف‪ ،‬عبد المنعم عبد الحميد ابراهيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫(‪ )3‬بدر الدين‪ ،‬احمد (‪ .)1988‬الرأي العام طبيعته وتكوينه وقياسه ودوره في السياسة العامة‪ ،‬الدار العربية للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫ص‪.297‬‬
‫‪(4) Favoreu Louis: La Politique Saisie Par le droit ‘OP. Cit. P.67.‬‬
‫نقال عن الطائي‪ ،‬محمود صالح حميد (‪ .)1958‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 286‬وميل‪ ،‬جون ستيورات‪ ،‬الحكومات البرلمانية‪ ،‬ترجمة‬
‫أميل الغوري‪ ،‬دار اليقظة العربية‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫‪103‬‬

‫المبحثإالثاني‪ :‬إ‬
‫صورإالنحرافإالتشريعي إ‬

‫المشرع بتحقيق غاية سامية وهي الصالح‬


‫ّ‬ ‫مما ال شك فيه ان نصوص القواعد الدستورية تلزم‬

‫العام وحمايته ضمن نشاطه التشريعي‪ ،‬وبالتالي تكون المصلحة العامة هي الهدف األسمى والملزم‬

‫للعملية التشريعية‪ ،‬علماً بان هذا القيد السامي ال يمنع الهيئة التشريعية (البرلمان) من ان تنحرف‬

‫عن تحقيق هذه الغاية ‪،‬حيث انها قد تلجئ في بعض االحيان إلى تحقيق غايات ال تهدف إلى‬

‫تحقيق الصالح العام‪ ،‬وفي حاالت اخرى تقوم الهيئة التشريعية باستخدام سلطتها التشريعية للوصول‬

‫إلى غايات غير تلك التي خصصتها النصوص الدستورية إال انها في نفس الوقت تدخل ضمن‬

‫اطار مفهوم تحقيق المصلحة العامة‪.‬‬

‫ومن المهم هنا ان نؤكد ان لمفهوم المصلحة العامة تعاريف مترادفة حسب اختالف المجتمعات‬

‫والدول‪ ،‬فمنها من يسميه بالمنفعة العامة وهناك من يطلق عليه المصلحة الوطنية ومنها من يذهب‬

‫إلى استخدام تعابير المصالح االجتماعية أو االقتصادية أو السياسية لكنها جميعاً في النهاية تهدف‬

‫إلى تحقيق هدف واحد وهو مصلحة المجتمع االنساني وتنظيم اموره بشكل عام مهما اختلفت‬

‫المشرع يسعى دائما لتحقيق مرامي واهداف المجتمع الذي اناط به تحقيق‬
‫ّ‬ ‫المسميات‪ ،‬حيث ان‬

‫(‪)1‬‬
‫المصلحة العامة وهو نتيجة التشريع المعبر عن االرادة العامة وسيادة الشعب‪.‬‬

‫ولالطالع على صور من االنحراف التشريعي وجد الباحث من المهم تقسيم هذا المبحث إلى‬

‫مطلبين يكون االول عن مجانبة المصلحة العامة والمطلب الثاني سيكون عن خرق قاعدة‬

‫تخصيص األهداف‪.‬‬

‫(‪ )1‬شرف‪ ،‬عبد المنعم عبد الحميد‪ ،‬المعالجة القضائية والسياسية لالنحراف التشريعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.164‬‬
‫‪104‬‬

‫المطلبإاألإول‪ :‬إ‬
‫مجانبةإالمصلحةإالعامة إ‬
‫ان الدولة هي المسؤولة عن تحديد نطاق فكرة المصلحة العامة‪ ،‬كونها هي القائمة على اختيار‬

‫بين المصالح المتباينة وبما يحقق العدالة في المجتمعات‪ ،‬عليه فان السلطة التقديرية للمشرع تحدد‬

‫المصلحة العامة على ضوء اتجاهات الدولة‪ ،‬وهو ما دعا جانب من الفقهاء إلى اعتبار ان‬

‫(‪)1‬‬
‫المصلحة العامة قد تكون ذات طابع سياسي‪.‬‬

‫على ضوء ما تقدم؛ بما ان غاية القانون هي تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬فان القاعدة التي يلتزم‬

‫المشرع‪ ،‬هي ان كل انشطته يجب ان تحقيق المصلحة العامة وتلتزم بها‪ ،‬لكن في بعض‬
‫ّ‬ ‫بها‬

‫المشرع عن غايته األساسية‪ ،‬ويجعل من تشريع قانون‬


‫ّ‬ ‫االحيان وتحت ظروف معين قد ينحرف‬

‫معين ذا اهداف انتقامية اوقد تكون لتحقيق منفعة شخصية أو سياسية تكون بعيدة كل البعد عن‬

‫المصلحة العامة‪ ،‬لكن بطريقة تجعل المتلقي ينظر للتشريع بانه يحقق الصالح العام‪.‬‬

‫قبل التطرق لشرح حاالت االنحراف بالتشريع‪ ،‬علينا أوالً ان نحدد مفهوم المصلحة العامة وما‬

‫يقصد منه وأهميته‪:‬‬

‫أول‪:‬إمفهومإالمصلحةإالعامة إ‬
‫اإ‬

‫نود ابتدأ ان نبين ان ال يوجد تعريف صريح ومطلق لمفهوم المصلحة العامة‪ ،‬إذا ان جميع‬

‫التشريعيات تؤكد على تحقيق المصلحة العامة وحماية حقوق المجتمع ولكنها تشير إلى روح هذه‬

‫المصلحة العامة بشكل مباشر بدون ان تضع تعريف واضح وشامل لهذا المفهوم أو حتى وضع‬

‫إطار لمجمل صورها‪ ،‬فالـتشريـعـات تخـلـو دائـماً مـن وضـع تـعـرف لـمـفـهـوم المـص ـلحة العـامـة‪ ،‬ولـكـنـه‬

‫(‪ )1‬الطائي‪ ،‬محمود صالح حميد‪ ،‬انحراف البرلمان في استعمال سلطته التشريعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.208‬‬
‫‪105‬‬

‫(‪)1‬‬
‫يلجئ إلى استخدام هذا المفهوم بشكل شامل واضح وصريح‪.‬‬

‫يؤيد الباحث راي الفقهاء بان عدم التوصل إلى تعريف واضح ومباشر لمفهوم المصلحة العامة‬

‫يعود إلى تغير مضمونها حسب ظروف الزمان والمكان‪ ،‬فبعد الحرب العالمية االولى كان مفهوم‬

‫المصلحة العامة يتجسد في الحفاظ على النظم التقليدية السائدة في ذلك الوقت‪ ،‬وبالتدريج تغير هذا‬

‫المفهوم بزيادة المسؤوليات التي تقع على عاتق الدولة وتوسع نشاطاتها‪ ،‬مما استوجب معها تطور‬

‫مقتضيات مفهوم المصلحة العامة وأساليب تحقيقها حتى يتالءم مع مجمل التطورات الحضارية‬

‫(‪)2‬‬
‫الحاصلة لمواكبة اوجه نشاطات ومسؤوليات الدولة الجديدة‪.‬‬

‫ومن المهم ان نؤكد ان مفهوم المصلحة العامة لتصافها بالشمولية بحيث تهيمن بظاللها على‬

‫جميع نواحي الحياة وتحكم جميع العالقات القانونية فهي تضم المثل العليا وقيم المجتمعات‬

‫وميراث تاريخها الحضاري بحيث تجعلها من المتعذر ان يتم حصرها واقتصارها على نمط معين‬

‫من تلك القيم والمبادئ والموروث االجتماعي‪ ،‬ولعل من محاسن عدم تحديد هذا المفهوم انها تغطي‬

‫احتياجات كل من يهدف إلى تحقيق طموحه وتلبية حاجاته االنسانية‪ ،‬حيث يتبلور فيها مجمل‬

‫اآلمال والرغبات المختلفة ألفراد المجتمع‪ ،‬وتضم الدعوة إلى المساواة ونبذ الظلم وتؤكد على منع‬

‫التمييز بسبب الدين أو االنتماء أو اللون ‪...‬الخ‪ ،‬وتتمسك بتحقيق العدالة بكل تفاصيلها‪ ،‬عليه‬

‫نستنتج ان مفهوم المصلحة العامة تجسيد لفكرة شاملة يدركها كل افراد المجتمع كل حسب طبيعة‬

‫أعماله وتركيبته وانتماءاته ومجمل توجهاته‪ ،‬بحيث يصبح من المستحيل تحديد مفهوم المصلحة‬

‫(‪ )1‬فودة‪ ،‬رأفت (‪ .)1994‬مصادر المشروعية اإلدارية ومنحنياتها دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.159‬‬
‫(‪ )2‬بن عياش‪ ،‬رشيد‪ ،‬مفهوم المصلحة العامة‪ ،‬بحث منشور ‪.www.m.ahewar.org‬‬
‫‪106‬‬

‫العامة ألنها تعمم النفع لمجموعة كبيرة من األفراد وشريحة واسعة منهم ال تقتصر على فئة أو‬

‫(‪)1‬‬
‫طائفة معينة ‪.‬‬

‫هناك عدد من الباحثين الذين يرون ان المصلحة العامة ماهي اال نتيجة للنظام العام على‬

‫اعتبار األخير حالة‪ ،‬حتى لو كانا على صلة وثيقة‪ ،‬ففي رأيهم ان المصلحة العامة غاية يرغب‬

‫(‪)2‬‬
‫النظام العام للوصول اليها‪.‬‬

‫ال يتفق الباحث مع الراي انف الذكر‪ ،‬الن فكرة المصلحة العامة اشمل وأعم وينضوي معها‬

‫النظام العام‪ ،‬فمنح السلطات لإلدارة (الضبط اإلداري) خصوصا في حاالت الطوارئ والظروف‬

‫االستثنائية غايته هي الحافظ على النظام العام‪ ،‬وبالتالي تحقيق المصلحة العامة وحمايتها‪.‬‬

‫لقد كرست معظم دساتير الدول غاية المصلحة العامة كأساس لجميع اوجه انشطتها حتى لو‬

‫لم تشر أو تضع تعريف لها بشكل مباشر وعلى سبيل المثال‪ ،‬نص دستور المملكة األردنية‬

‫الهاشمية في المادة (‪ "" )1/6‬األردنيون أمام القانون سواء ال تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان‬

‫اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين " المادة (‪ "")3/6‬وتكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود‬

‫(‪)3‬‬
‫امكانياتها وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع األردنيين ""‪.‬‬

‫(‪ )1‬الفياض‪ ،‬إبراهيم (‪ .)1988‬القانون االداري‪ ،‬مكتبة الفالح للنشر والتوزيع‪ ،‬الكويت‪ ،‬ص‪37‬؛ وفودة‪ ،‬رأفت‪ ،‬مصادر‬
‫المشروعية اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪174‬؛ والسنيدي‪ ،‬عبد اهلل‪ ،‬حماية المصلحة العامة‪ ،‬مقال منشور على‬
‫‪.www.alriyadh.com‬‬
‫(‪ )2‬جويعد‪ ،‬ايد خلف محمد (‪ .)2010‬المسؤولية عن افشاء السرية المصرفية‪ ،‬بحث منشور في مجلة كلية بغداد للعلوم‬
‫االقتصادية‪ ،‬العدد ‪ ،23‬ص‪.24‬‬
‫(‪ )3‬دستور المملكة األردنية الهاشمية ‪ 1952‬المعدل‪.‬‬
‫‪107‬‬

‫ونصت المادة (‪ )14‬من دستور جمهورية العراق لسنة ‪"" 2005‬العراقيون متساوون امام‬

‫القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو األصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو‬

‫(‪)1‬‬
‫المعتقد أو الراي أو الوضع االقتصادي أو االجتماعي"‪.‬‬

‫أما دستور جمهورية مصر العربية لسنة ‪ 2014‬فقد نصت المادة (‪ )27‬منه على "يهدف‬

‫النظام االقتصادي إلى تحقيق الرخاء في البالد من خالل التنمية المستدامة والعدالة االجتماعية‪،‬‬

‫بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقي لالقتصاد القومي‪ ،‬ورفع مستوى المعيشة‪ ،‬وزيادة فرص العمل‬

‫(‪)2‬‬
‫وتقليل معدالت البطالة‪ ،‬والقضاء على الفقر‪ ...‬الخ‪."".‬‬

‫المشرع‬
‫ّ‬ ‫من استقراء النصوص اعاله والتي اوردها الباحث على سبيل المثال‪ ،‬سنالحظ ان‬

‫الدستوري في الدول انفة الذكر لم يأخذ بمصطلح المصلحة العامة ويورده بشكل مباشر‪ ،‬ولم يضع‬

‫تعريف له أو يحدد مفهوم له‪ ،‬بل اوضح بعض الجواب والصور التي تظهر بها المصلحة العامة‬

‫كفكرة‪ ،‬وبما ان فكرة المصلحة العامة في حالة تجدد وتطور مستمر ولكونها فكرة مرنة اساسا فان‬

‫المشرع العادي بذلك التحديد‪ ،‬والذي سيؤدي‬


‫ّ‬ ‫المشرع الدستوري يؤدي إلى الزام‬
‫ّ‬ ‫تحدديها من قبل‬

‫بالتالي إلى حصرها ضمن صورة معينة ونطاق ضيق يتنافى مع التطورات المجتمعية وعلى جميع‬

‫المشرع العادي بااللتزام بالعمل‬


‫ّ‬ ‫االصعدة‪ ،‬كما ان النصوص الدستورية المذكورة وغيرها الكثير تلزم‬

‫ضمن نطاق المصلحة العامة حتى لو امتلك سلطة تقديرية واسعة بهذا الشأن فان جميع النصوص‬

‫اكدت على حماية المصلحة العامة‪ ،‬من خالل التأكيد وااللتزام بمبدأ المساواة امام القانون وتحقيق‬

‫العدالة وتكافئ الفرص وهو الذي يوصلنا إلى تحقيق المصلحة العامة‪.‬‬

‫(‪ )1‬دستور الجمهورية العراقية لسنة ‪.2005‬‬


‫(‪ )2‬دستور جمهورية مصر العربية لسنة ‪.2014‬‬
‫‪108‬‬

‫ثانيا‪/‬إاستخدامإالسلطةإالتشريعيةإألغراضإالنتقامإ إوتحقيقإمنافعإشخصيةإكإحدىإصورإمجانبلةإ‬
‫المصلحةإالعامة إ‬

‫المشرع إضافة إلى عوامل قد تمس بشكل مباشر حريته في‬


‫ّ‬ ‫ان الضغوطات التي يتعرض لها‬

‫اتخاذ ق ارراته‪ ،‬ممكن ان تدفع به إلى اصدار تشريعات ال تخدم الصالح العام وانما تكون ذات‬

‫طابع يتسم باالنتقام من طائفة أو شخص معين ويأخذ شكل قانون عام ومجرد ومتوافق مع الدستور‬

‫ظاهرياً‪ ،‬لكن بالتمعن والدقيق سنالحظ الغرض األساسي الذي شرع ألجله والذي يجانب المصلحة‬

‫العامة وال يحققها ‪،‬خصوصا عندما تكون السلطات التشريعية والتنفيذية منبثقة من ذات الحزب‬

‫المسيطر صاحب االغلبية‪ ،‬أو تكون السلطة بيد حاكم واحد‪ ،‬عندها سنكون امام تشريعات ذات‬

‫المشرع سلطته التقديرية للكيد أو حتى‬


‫ّ‬ ‫طابع حكومي ال برلماني‪ ،‬لذا ال يعد مستغرباً ان يستخدم‬

‫(‪)1‬‬
‫االنتقام متأث اًر بتوجيهات رئيس السلطة التنفيذية على سبيل المثال‪.‬‬

‫مثال ذلك ما حدث في مصر‪ ،‬في واقعة اعتبرت مهمة جدا حيث أصدر مجلس الشعب‬

‫القانون رقم (‪ )17‬لسنة ‪ 2012‬المعدل لقانون رقم (‪ )73‬لسنة ‪( 1956‬قانون مباشرة الحقوق‬

‫السياسية)‪ ،‬حيث كان غرض الرئيسي إلصدار القانون استبعاد ومنع مرشحين محددين من الخوض‬

‫فـي االنتخـابـات الرئـاسيـة آنـذاك‪ ،‬حـيـث لـم تـتـردد حـيـنـها المـحكمة الدستـوريـة العـلـيـا المصـرية فـي أن‬

‫(‪ )1‬شرف‪ ،‬عبد المنعم عبد الحميد ابراهيم‪ ،‬المعالجة القضائية والسياسية لالنح ارف التشريعي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪170‬؛ ‪ Favoreu (Louis) :la politiquesaisie par le droit. Economic,1988,p67‬بواسطة الطائي‪،‬‬
‫محمود‪ ،‬صالح حميد‪ ،‬انحراف البرلمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪109‬‬

‫تحكم صراحة بعدم دستورية المادة األولى من التشريع المطعون فيه وفق توافر عيب االنحراف‬

‫(‪)1‬‬
‫التشريعي‪.‬‬

‫حيث جاء نص حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية "ولئن كانت كل مخالفة دستورية‬

‫اعتورت ذلك النص على نحو ما تقدم‪ ،‬تكفي بذاتها إلبطاله‪ ،‬اال ان اجتماع تلك المثالب الدستورية‪،‬‬

‫مع عدم خفاء امرها على أعضاء المجلس التشريعي‪ ،‬على ما كشفت عنه مضابط مجلس الشعب‬

‫ذات الصلة واتجاه المجلس في غالبيته‪ ،‬لتجاهلها‪ ،‬واق ارره لمشروع القانون‪ ،‬ما يجافي‪-‬عن قصد‪-‬‬

‫االغراض التي كان يجب ان يتوخاها التشريع‪ ،‬وهو األمر الذي يفقده عموميته وتجريده ويوصمه‬

‫(‪)2‬‬
‫بالتالي بعيب النحراف التشريعي"‪.‬‬

‫وبهذا تكون المحكمة الدستورية العليا المصرية قد استخدمت وألول مرة في أحكامها مصطلح‬

‫(االنحراف التشريعي) لتؤكد على ان التشريع لم تكن غايته المصلحة العامة كما تم االعالن عنه‪،‬‬

‫قانونيا ألشخاص معينين بغرض‬


‫بل كانت الغاية الحقيقة هي المساس بالحقوق المكفولة دستوريا و ً‬

‫(‪ )1‬في‪ 30‬مارس (اذار) ‪2011‬م قام المجلس االعلى للقوات المسلحة المصرية بإصدار اعالن دستوري (نشر في الجريدة‬
‫الرسمية بالعدد ‪ 12‬مكرر(ب) سنة ‪ )2011‬وحيث حددت المواد (‪ 26‬لغاية ‪ )28‬األحكام التي ينتخب على اساسها رئيس‬
‫الجمهورية‪ ،‬وكفل المشرع الدستوري حرصا منه على الحقوق السياسية لكافة المواطنين‪ ،‬إضافة إلى الحق المدني المهم‬
‫والسامي وهو معاملته المواطنين بمبدأ المساواة وحظر أي نوع من انواع التمييز بينهم المواد(‪ 7‬لغاية ‪ ،)17‬بعد انتخاب‬
‫البرلمان المصري (اول برلمان بعد ثورة ‪ 25‬يناير) وبعد فتح التشريح النتخاب رئيس الجمهورية تقدم اثنان من ممن‬
‫يعتبرون من رموز النظام السابق وهما السيدان (احمد شفيق رئيس وزراء في عهد الرئيس مبارك‪ ،‬وعمر سليمان رئيس‬
‫المخابرات المصرية ونائب رئيس الجمهورية في عهد الرئيس مبارك) هو ما ادى إلى تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية‬
‫لمنع األسماء المذكورة من التشريح لمنصب رئيس جمهورية مصر وتم اصدار قانون رقم ‪ 17‬لسنة ‪ 2012‬حيث نصت‬
‫المادة االولى على "تقف مباشرة الحقوق السياسية بالنسبة لألشخاص االتي ذكرهم‪ -4...‬كل من عمل خالل السنوات‬
‫العشر السابقة إلى ‪ 11‬فبراير سنة ‪ 2011‬رئيساً للجمهورية أو نائباً لرئيس الجمهورية أو رئيساً للوزراء أو رئيساً للحزب‬
‫الوطني الديمقراطي المنحل أو اميناً عاماً له‪ ،‬أو كان عضواً بمكتبه السياسي‪ ،‬أو أمانته العامة وذلك لمدة عشر سنوات‬
‫ابتداء من التاريخ المشار إليه"(نشر القانون رقم ‪ 17‬لسنة ‪ 2012‬بالجريدة الرسمية‪ ،‬العدد‪ 16‬مكرر(أ)‪ 23 ،‬ابريل‬
‫ً‬
‫‪.)2012‬‬
‫(‪ )2‬قرار حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية‪ ،‬القضية رقم ‪ 57‬لسنة ‪ ،34‬ق‪-‬دستورية في ‪ 14‬يونيه ‪ ،2012‬المنشور في‬
‫الجريدة المصرية‪ ،‬العدد ‪ 24‬تابع (أ) في ‪ 14‬يونيه ‪.2012‬‬
‫‪110‬‬

‫الكيد بيهم وعزلهم وابعادهم عن الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية وهما السيدان (احمد شفيق‬

‫وعمر سليمان) اللذين تنطبق عليهما نص المادة االولى من قانون ‪ 17‬لسنة ‪.2012‬‬

‫المشرع ومن خالل سلطته قادر على اصدار تشريعات قد تهدف إلى‬
‫ّ‬ ‫إذا كان من المتصور ان‬

‫المشرع سلطته في‬


‫ّ‬ ‫االنتقام أو حتى االضرار بأشخاص أو فئات محددة‪ ،‬فمن الممكن ان يستخدم‬

‫(‪)1‬‬
‫كتحقيق منافع مالية لفئة معينة بحد ذاتها‪ ،‬بصورة‬ ‫اصدار تشريعات تهدف إلى اعطاء منفعة‬

‫تشريع يظهر وكأن هدفه وغايته تحقيق المصلحة العامة ولكن في الحقيقة هو يجانبها ال أكثر‪.‬‬

‫ومثال على ما تقدم؛ ففي الجمهورية اللبنانية‪ ،‬أصدر البرلمان اللبناني قانون عفو عام رقم‬

‫(‪ )678‬لسنة ‪ 2005‬وبموجب مادة واحدة فقط منحت العفو العام للموقوفين في جرائم الضنية‬

‫ومجدل عنجر‪ ،‬واسقطت التهم كافة وعللت ذلك بان هذا القانون سيحقق العدل واالنصاف (‪ .)2‬لكن‬

‫واقع الحال اثبت العكس تماماً فالقانون واجه اعتراضاً من النواب اثناء المداوالت واعتبروا موضوعه‬

‫اساسا ال يمت بصلة للمصلحة العامة وماهي اال صفقة أو تسوية سياسية لتحقيق منافع شخصية‪،‬‬

‫فال تشمل أحكامه سوى اشخاص محددين ومعروفين مسبقاً‪ ،‬مما يجعله مشوب بعيب االنحراف‬

‫السلطة التشريعية (‪ ،)3‬وأخي اًر ومن مالحظة نص المادة الوحيدة لهذا القانون ان نصه جاء مفتق اًر‬

‫(‪ )1‬الطائي‪ ،‬محمود صالح حميد‪ ،‬انحراف البرلمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.132‬‬
‫(‪ )2‬نص المادة الوحيدة لقانون العفو رقم (‪ )678‬لسنة ‪"2005‬يمنح عفو عام عن الجرائم المحالة على المجلس العدلي‬
‫بموجب المرسوم رقم ‪ 2081‬تاريخ ‪ 2000/1/5‬و المتعلقة بملف احداث ضنية ومجدل عنجر وكل القضايا المتعلقة بها‪،‬‬
‫وكلك القضايا المحالة امام القضاء العسكري بموجب القرار االتهامي رقم (‪ )1‬تاريخ ‪،2005/1/3‬وتسقط دعاوي الحق‬
‫العام و المالحقات والمحاكمات والتحقيقات العالقة‪ ،‬وال يجوز احالة أي من القضايا أو الدعاوي المشمولة بالعفو المذكور‬
‫اعاله على مرجع قضائي اخر‪ ،‬وتنتفي حكماً صالحية جميع المحاكم بإعادة المحاكمة أو الطعن في دعاوي القضايا‬
‫المحددة اعاله‪ ،‬ويطلق سراح الموقوفين في القضايا المذكورة فو اًر‪ ،‬و تعتبر النيابة العامة التمييزية المرجع الصالح لتطبيق‬
‫أحكام هذا القانون" يسمي هذا القانون اعالمياً بقانون سيمر جعجع بواسطة احمد‪ ،‬رمضان عيسى‪ ،‬االنحراف التشريعي‪،‬‬
‫مرجع سابق‪،‬ص‪225‬‬
‫(‪ )3‬حسون‪ ،‬علي يحيى‪ ،‬االنحراف بالتشريع في لبنان‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة بيروت العربية‪،2008 ،‬‬
‫ص‪101‬‬
‫‪111‬‬

‫ألبسط شروط القاعدة القانونية وهي قاعدة العمومية والتجريد‪ ،‬وذلك يؤكد في الحقيقة استهدافه‬

‫لشخص واحد فقط وهو السيد (سمير جعجع) وقضية محددة بالذات وهي قضية الضنية ومجدل‬

‫عنجر‪ ،‬فلم يلتزم القانون بمبدأ المساواة كونه لم يشمل قضايا اخرى أو مدانين اخرين‪ ،‬مما اسبغه‬

‫عليه االنحراف التشريعي‪.‬‬

‫وكذلك فيما يخص امتيازات البرلمانية التي تخص أعضاء مجلس النواب فقد اقرت بعض‬

‫الدساتير ان يكون للنواب ضمانات دستورية لضمان استقاللهم وتوفير حياة كريمة مناسبة لهم وتليق‬

‫بمكانتهم ليمارسوا أعمالهم بكل حيده وبدون تدخالت أو ضغوطات خارجية أو داخلية قد تؤثر‬

‫(‪)1‬‬
‫عليهم وعلى ق ارراتهم‪.‬‬

‫المشرع الدستوري هو توفير بيئة عمل مناسبة للنواب للقيام بواجباتهم بكل امانة‬
‫ّ‬ ‫كان غرض‬

‫مما يحد من االنحراف في أداء العمل التشريعي‪ ،‬لكن نجد أن هناك حاالت كثيرة استغلت فيه‬

‫السلطة التشريعية ذلك وتوسعت في منح االمتيازات المبالغ بها إضافة إلى التقاعد الذي قد يشمل‬

‫الورثة وغيرها الكثير وحققت منافع شخصية بحته ال تمت للمصلحة العامة بصلة‪.‬‬

‫مثال ذلك قانون مجلس النواب العراقي رقم (‪ )50‬لسنة ‪ 2007‬المعدل والذي ال يزال ساري‬

‫المفعول مع بعض التعديالت الطفيفة اثر المظاهرات واالعتراض الشعبي‪,،‬وقانون التقاعد المدني‬

‫رقم (‪ )10‬لسنة ‪ 2010‬األردني والذي يشمل أعضاء مجلس االمة براتب تقاعدي‪ ،‬ونركز على‬

‫موضوع الراتب التقاعدي ألعضاء مجلس النواب العراقي ومجلس االمة األردني‪ ،‬فبحسب القوانين‬

‫(‪)2‬‬
‫بمجرد اتمام الدورة االنتخابية‬ ‫المعمول بها ان عضو مجلس النواب العراقي يتمتع براتب تقاعدي‬

‫(‪ )1‬دمج‪ ،‬كمال عبد الرحمن (‪ .)2009‬الحقوق والضمانات الدستورية ألعضاء البرلمان في فرنسا ولبنان‪ ،‬اطروحة دكتوراه‪،‬‬
‫كليه الحقوق‪ ،‬الجامعة االسالمية‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫(‪ )2‬احمد‪ ،‬رمضان عيسى‪ ،‬االنحراف التشريعي‪ ،‬ص‪ 228‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪112‬‬

‫أو حتى عند حالة االصابة والعجز عن اداء المهمة التشريعية‪ ،‬كما ويكون لورثته حق التمتع‬

‫بالراتب التقاعدي في حالة الوفاة‪ ،‬ورغم تصدي المحكمة االتحادية العليا العراقية لهذه القوانين‬

‫واقرت بعدم دستوريتها‪ ،‬اال ان القانون معمول بيه ولحد االن ‪،‬ونفس الحال ينطبق على مجلس‬

‫االمة األردني حينما صوت على قانون التقاعد المدني للنواب والذي تصدت له اإلرادة الملكية‬

‫(‪)1‬‬
‫باإليقاف الفوري خدمة للصالح العام‪.‬‬

‫ان القوانين اعاله توجهت لتحقيق مصلحة خاصة تخدم فئة محددة على حساب المصلحة‬

‫العامة‪ ،‬فالسلطة التشريعية عند اقرارها قوانين تمنح بموجبها اعضائها امتيازات وحقوق تقاعدية‬

‫أعباء مالية على ميزانية الدولة وال تراعي مبدأ المساواة مما‬
‫ً‬ ‫بدون مراعاة المصلحة العامة وتحمل‬

‫سينتج عنه هوة كبيرة بين مخصصات النواب ورواتب الموظفين‪ ،‬وتحت غطاء قانوني مما يجعل‬

‫هذه القوانين مشوبة باالنحراف التشريعي وانحراف السلطة عن الصالح العام‪ .‬كون النائب مكلف‬

‫بخدمة عامة وليس موظفاً‪ ،‬وعليه ال يمكن ام يشمل بالنظام القاعدي‪ ،‬كما ان لرجعية نصوص‬

‫القانونين وسريانها على الماضي احدى أهم البراهين التي تثبت توجهه لتحقيق نفع خاص‪ ،‬حيث‬

‫يرى فقهاء القانون ان االسراف والمبالغة باشتمال النص على أثر رجعي يعد انحرفاً في استعمال‬

‫السلطة التشريعية‪.‬‬

‫ثالثإا‪:‬إاستخدامإالسلطةإالتشريعيةإلتحقيقإغاياتإومنافعإذاتإطابعإسياسيإ إ‬

‫بناء على سلطته التقديرية المخولة له من‬


‫المشرع االول ً‬
‫ّ‬ ‫ان المصلحة العامة هي هدف‬

‫ستار يبتغي من خاللها‬


‫اً‬ ‫الدستور‪ ،‬اذ يجب عليه وهو يسعى لتقديرها ان ال يستخدمها غطا ًء أو‬

‫(‪ )1‬القبيالت‪ ،‬حمدي‪ ،‬بحث منشور على االنترنت‪ /https://legal-agenda.com ،‬ومقال منشور على صفحة عمون‬
‫‪https://www.ammonnews.net/article/137209‬‬
‫‪113‬‬

‫تحقيق اغراض ذات بعد سياسي‪ ،‬واال عد منحرفاً في استعمال سلطته وتشريعه مشوب بعيب‬

‫(‪)1‬‬
‫االنحراف التشريعي‪.‬‬

‫ففي مصر على سبيل المثال تم استهداف حزب الوفد الجديد وذلك من خالل قانون يحرم على‬

‫قادته من اداء حقوقهم السياسية‪ ،‬من خالل اقرار تشريع من قبل مجلس الشعب رقم (‪ )33‬لسنة‬

‫‪ ،1978‬نصت المادة (‪ " )4‬ال يجوز االنتماء إلى األحزاب السياسية‪ ،‬أو مباشرة الحقوق واالنشطة‬

‫السياسية لكل من تسبب في افساد الحياة السياسية قبل ثورة ‪ 23‬يوليو‪1952‬م سواء اكان ذلك‬

‫باشتراك في تقليد المناصب الو ازرية منتمياً إلى األحزاب السياسية التي تولت الحكم قبل ثورة ‪23‬‬

‫يوليو أو باالشتراك في قيادة األحزاب أو ادارتها وذلك كله فيما عدا الحزب الوطني والحزب‬

‫(‪)2‬‬
‫االشتراكي – مصر الفتاة‪...... -‬الخ"‪.‬‬

‫يتفق الباحث مع ما يراه الفقه بخصوص هذا القانون‪ ،‬بانه ال يراعي قاعدة العمومية والتجريد‪،‬‬

‫باعتباره لم يكن مجرداً عندما استهدف حالة فردية بالذات ويظهر ذلك واضحاً كونه استثنى (الحزب‬

‫االشتراكي والحزب الوطني) وأيضاً لم يلتزم بالعمومية حيث ميز بين الحاالت التي تدخل في نطاقه‬

‫المركز القانونية المتماثلة بحرمان افراد حزب معيين من التمتع بحقوقهم السياسية‪ ،‬وان‬
‫ولم يراعي ا‬

‫المشرع لم يبتغي غاية المصلحة العامة من القانون بل هدفه‬


‫ّ‬ ‫دل ذلك على شيء فيدل على ان‬

‫(‪)3‬‬
‫حرمان حزب معين حرماناً ذو صفة مطلقة من المشاركة في الحياة السياسية‪.‬‬

‫‪(1) Escarras Jean-Claude: Le juge constitutionnel, le legislateur et les juges ordinaires, A.I.J.C.,‬‬
‫بواسطة الطائي‪ ،‬محمود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪II.1988, P.27 214‬‬
‫(‪ )2‬شرف‪ ،‬عبد المنعم عبد الحميد ابراهيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪174‬؛ والطائي‪ ،‬محمود صالح حميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-215‬‬
‫‪.216‬‬
‫(‪ )3‬ابو العينين‪ ،‬ك ‪ ،1‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪820‬؛ والبنا‪ ،‬عاطف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫‪114‬‬

‫(‪)1‬‬
‫من المشاركة في‬ ‫وكانت الغاية األساسية من هذا القانون استبعاد قادة حزب الوفد الجديد‬

‫العمل السياسي وممارسة حقوقهم السياسية‪ ،‬وهو ما جعل الهدف من القانون تحقيق غاية ذات‬

‫طابع سياسي ويجانب المصلحة العامة وبالتالي يجعله مشوب بعيب االنحراف التشريعي‪.‬‬

‫المطلبإالثاني‪ :‬إ‬
‫خرقإقاعدةإتخصيصإاألهداف‬

‫ان قاعدة تخصيص األهداف متفق عليها من قبل القضاء والفقه كونها تمثل أحد صور‬

‫االنحراف االداري‪ ،‬حيث يعد عيباً يصيب القرار االداري في ركن الغاية وبالتالي يصبح معرضاً‬
‫(‪)2‬‬
‫لإللغاء من قبل القاضي اإلداري‪.‬‬

‫المشرع بالهدف المحدد للتشريع وفق نصوص‬


‫ّ‬ ‫لكن هناك خالفاً فقهياً فيما يخص عدم التزام‬

‫الدستور وخروجه عنه‪ ،‬حيث أصبح هناك اتجاهين بخصوص هذا الموضوع يذهب االتجاه االول‬

‫إلى اعتبار الخروج عن قاعدة تخصيص األهداف ما هو اال مخالفة مباشرة للدستور‪ ،‬بينما الثاني‬

‫فهو اتجاه فقهي معارض ويعتبر ان الخروج عن قاعدة تخصيص األهداف هو انحراف تشريعي‬

‫واضح‪ ،‬وسنبحث فيما يلي االتجاهين‪:‬‬

‫التجاهإالفقهيإاألول‪:‬إالخروجإعنإقاعدةإتخصيصإاألهدافإباعتبارهاإمخالفةإمباشرةإللدستور إ‬

‫ان الراي الفقهي المؤيد لهذا االتجاه يرى ان ال يمكن تصور قيام الدستور بتخصيص اغراضاً‬

‫المشرع وعلى وجه التحديد والدقة‪ ،‬بل ان كل ما يقوم بفرضه‬


‫ّ‬ ‫محددة للتشريع بحيث يلتزم بها‬

‫المشرع بغاية تحقيق المصلحة العامة من خالل تشريعه‪ ،‬وقد ترك‬


‫ّ‬ ‫الدستور هو وجوب التزام‬

‫(‪ )1‬ان هناك تصريح لرئيس الجمهورية انور السادات أكد فيه ان القانون كان يهدف إلى جعل من قادة حزب الوفد القدامى‬
‫مستبعدين من العمل السياسي‪ .‬جريدة مايو في ‪ 4‬مايو ‪.1981‬‬
‫(‪ )2‬فرحات‪ ،‬فوزت (‪ .)2004‬القانون االداري العام‪ ،‬مكتبة الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ك ‪ ،2‬ط‪ ،1‬ص‪.151‬‬
‫‪115‬‬

‫الدستور للمشرع على أساس ذلك سلطة تقديرية اتاحت له حرية تحديد ورسم صورة هذه المصلحة‬

‫(‪)1‬‬
‫العامة إضافة إلى الخيارات التشريعية التي تتوافق معها‪.‬‬

‫ويرى هذا االتجاه ان تخصيص اهداف محددة للتشريع وتعمد تحديد المصلحة العامة بنمط‬

‫وصورة معينة بذاتها ال تحقق الغاية المرجو منها‪ ،‬كما ان حرية السلطة التشريعية في وضع‬

‫التشريعات ال يمكن قياسها بحرية االدارة في التنفيذ‪ ،‬ففي مجال االدارة يكون الهدف المخصص‬

‫موضح ومحدد العناصر بكل صراحة‪ ،‬بحيث ال يترك مجاالً لوضع أي تفسيرات اخرى أو حتى‬

‫(‪)2‬‬
‫اجتهادات‪.‬‬

‫يرى بعض الفقهاء انه وفي حاالت معينة وضيقة يجوز فيها للمشرع الدستوري ان يخصص‬

‫للمشرع العادي اهدافاً محددة بالذات إضافة إلى التزام التشريع بتحقيق المصلحة العامة‪ ،‬لكن وفي‬

‫المشرع باألهداف المخصصة ال يمكن اعتبار ذلك انحرافاً تشريعياً‪ ،‬بل خروجا‬
‫ّ‬ ‫حالة عدم التزام‬

‫(‪)3‬‬
‫على الهدف المخصص في النص الدستوري‪ ،‬وعليه فتعتبر مخالفة صريحة مباشرة للدستور‪.‬‬

‫يتفق الباحث مع راي الفقهاء الذي يرى ان تعليل ذلك يعود إلى انه وفي حال وضع الدستور‬

‫هدف مخصص للقانون اعتبر ذلك شرط من الشروط األساسية لصحة القانون نفسه‪ ،‬فال يمكن‬

‫تصور مخالفة هذا الهدف‪ ،‬على اساسه وفي حال وجود مخالفة‪ ،‬يصبح بموجبها العمل التشريعي‬

‫المشرع وجعلها‬
‫ّ‬ ‫يشويه مخالفة موضوعية للنص الدستوري وليس انحرافاً تشريعياً‪ ،‬فتحديد سلطة‬

‫(‪ )1‬عصفور‪ ،‬محمد (‪ .)1957‬مذاهب المحكمة اإلدارية العليا في الرقابة والتفسير واالبتداع‪ ،‬دون مكان نشر‪ ،‬دون ناشر‪،‬‬
‫ص‪.140‬‬
‫(‪ )2‬الطماوي سليمان‪ ،‬النظرية العامة للق اررات االدارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫(‪ )3‬شرف‪ ،‬عبد المنعم عبد الحمي ابراهيم‪ ،‬المعالجة القضائية والسياسية لالنحراف التشريعي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫‪116‬‬

‫سلطة مقيدة ال يمكن عليه تصور االنحراف التشريعي في هذه الحالة‪ ،‬كون منطقة االنحراف‬

‫(‪)1‬‬
‫التشريعي هي السلطة التقديرية للمشرع‪.‬‬

‫من المهم التفرقة من وجهة نظر الفقهاء بين حالتين‪:‬‬

‫االولى‪/‬مخالفة التشريع للغرض المخصص له‪ :‬هذه الحالة تعني ان التشريع قد خالف الغرض‬

‫المخصص من حيث الموضوع والمضمون وذهب لتحقيق غرض اخر بعيداً عنه ومغاير له‪ ،‬وعليه‬

‫المشرع لم يلتزم بحدود السلطة المقيدة وخرج عنها‪.‬‬


‫ّ‬ ‫فالتشريع شابه مخالفة دستورية مباشرة كون‬

‫المشرع وهو بصدد ممارسته‬


‫ّ‬ ‫والثانية ‪ /‬تجاوز التشريع حدود الغرض المخصص له‪ :‬أي ان‬

‫لنشاطه التشريعي قد ادخل في موضوع التشريع اغراضاً أو اهدافاً وحاالت ما ليس مخصص له‬

‫المشرع منحرفاً في‬


‫ّ‬ ‫وبذلك يعد متجاوز على التشريع من حيث الغرض المخصص وعليه يعد‬

‫استعمال سلطته‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى ان السلطة التقديرية للمشرع تبقى قائمة في حالة األهداف‬

‫المشرع على اساسه مضمون واوجه الغرض المخصص‪ ،‬فمثال النظام العام‬
‫ّ‬ ‫المخصصة حيث يحدد‬

‫واآلداب العامة وحماية النظام االجتماعي ال تحدد الغايات بل تترك للسلطة التقديرية للمشرع‪.‬‬

‫نجد في دستور المملكة األردنية الهاشمية في المادة (‪ " )14‬تحمي الدولة حرية القيام بشعائر‬

‫األديان والعقائد طبقاً للعادات المرعية في المملكة ما لم تكن مخلة بالنظام العام أو منافية لآلداب"‬

‫والمادة (‪ )38‬من دستور جمهورية العراق "تكفل الدولة بما ال يخل بالنظام العام واآلداب‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل‬

‫ثانياً‪ :‬حرية الصحافة والطباعة واالعالن واالعالم والنشر‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬حرية االجتماع والتظاهر السلمي‪ ،‬وتنظم بقانون‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابو المجد‪ ،‬احمد كمال (‪ .)1960‬الرقابة على دستورية القوانين في الواليات المتحدة االمريكية واالقليم المصري‪ ،‬مكتبة‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪594‬؛ وابو العينين‪ ،‬ماهر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ك ‪ ،1‬ص‪228-227‬؛ ومتولي‪ ،‬عبد الحميد‪،‬‬
‫الوسيط في القانون الدستوري (‪ .)1956‬دار الطالب لنشر الثقافة الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص‪.669‬‬
‫‪117‬‬

‫لو تمعنا النظر في النصوص اعاله‪ ،‬سنالحظ ان جميع الحريات المذكورة مكفولة وواجبة النفاذ‬

‫بحق الجميع بدون استثناء وفقاً لنصوص الدستور‪ ،‬كما ان تنظيم هذه الحريات في قانون مقيد بقيد‬

‫واحد فقط وهو صيانة اآلداب العامة والنظام العام وال يجوز تجاوزها وهي شرط من شروط سالمة‬

‫المشرع في هذه الحالة هي سلطة مقيدة حتى لوكان له تقدير مدى المصلحة‬
‫ّ‬ ‫القانون‪ ،‬كما ان سلطة‬

‫العامة واآلداب والنظام العاميين كون هذه المصطلحات ذات مفهوم واسع وفضفاض‪ ،‬بما ان‬

‫الدستور قد عهد إليه تحقيق غاية مخصصة أو موضوع معين ورسم له اطار العمل بصورة واضحة‬

‫المشرع موجهة‬
‫ّ‬ ‫ال يقبل معه تجاوزها وحدد الطريقة التي يتدخل بها لتنظيم هذه الحالة تكون سلطة‬

‫المشرع الدستوري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فقط لتحقيق الغرض المخصص من قبل‬

‫المشرع العادي سواء‬


‫ّ‬ ‫فمن وجهة نظر الباحث إذا ما تم تجاوز هذا التخصيص من قبل‬

‫استهدف بها صالح عام ام ال اعتبر متجاو اًز ومخالفاً للدستور مخالفة واضحة وصريحة‪.‬‬

‫المشرع‪ ،‬كون هذا األمر سيجعل‬


‫ّ‬ ‫إضافة إلى انه ال يمكن تصور حالة التقييد المطلق لسلطة‬

‫المشرع بشكل يومي‪ ،‬وفكرة‬


‫ّ‬ ‫من العمل التشريعي عمل آلي وينهي االفكار التطورية التي تواجه‬

‫المشرع والقواعد الدستورية قليل الحدوث‪ ،‬حيث يكون للمشرع قدر من الحرية‬
‫ّ‬ ‫التبعية المطلقة بين‬

‫في تقدير األمور وتظل طريقة معالجة الحالة التشريعية وطريقة تنظيمها بيده‪.‬‬

‫التجاهإالفقهيإالثاني‪:‬إالخروجإعنإقاعدةإتخصيصإاألهدافإباعتبارهاإانحرافاإتشريعياإ إ‬

‫ان من اوائل الفقهاء الذين تطرقوا لفكرة تخصيص األهداف ضمن نطاق التشريع كان الفقيه‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬حيث اقر بعدم وجود الكثير من التطبيقات لهذه الفكرة‪ ،‬كون الدستور قلما‬

‫المشرع له سلطة تقديرية واسعة لتنظيم كافة‬


‫ّ‬ ‫يضع اهدافا مخصصة للمشرع العادي‪ ،‬واالصل ان‬

‫امور الدولة والمجتمع الداخلية منها والخارجية‪ ،‬حيث تعد المصلحة العامة هي القيد االهم الذي‬
‫‪118‬‬

‫المشرع بتحقيقه‪ ،‬ورغم التسليم بذلك اال انه يرى وضمن حاالت على نطاق ضيق وقليلة نسبياً‬
‫ّ‬ ‫يلتزم‬

‫(‪)1‬‬
‫المشرع واجب بتحقيقه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫قد يحدد الدستور على اساسها هدفاً محدداً يكون على‬

‫ونورد مثال يوضح لحالة تخصيص هدف معين للتشريع‪ ،‬وهو صون االمن والنظام العام في‬

‫تشريعات األحكام العرفية‪ ،‬فعند البحث في األحكام العرفية سنالحظ ان الدستور قد خصص لها‬

‫المشرع العادي بإدراجه ضمن أي‬


‫ّ‬ ‫هدف محدد وهو حفظ االمن والنظام العام‪ ،‬وهذا الهدف يلزم‬

‫تشريع ينظم فيه حالة األحكام العرفية وحتى في التعديالت التي تط أر عليه فال يجوز له تجاوز‬

‫األهداف المخصصة لتحقيق اهداف اخرى ولو كانت تلك األهداف تحقق المصلحة العامة‪ ،‬تجدر‬

‫اإلشارة هنا إلى ان تحديد نطاق دائرة االمن والنظام العام تعتمد على السلطة التقديرية للمشرع حيث‬

‫يمكنه إضافة عدة حاالت قد ال تكون ضمن األهداف المخصصة من قبل الدستور‪ ،‬مثال ذلك‬

‫اباحة القاء القبض على اشخاص قد ال يكونوا ارتكبوا افعاالً تندرج تحت االضرار باألمن والنظام‬

‫العام‪ ،‬ففي هكذا وضع يعد التشريع متجاو اًز للهدف المخصصة له ومن ثم مشوباً بعيب االنحراف‬

‫التشريعي‪ ،‬وتعليل ذلك يكون بأن السماح بسجن متهمين بجرائم ذات صفة معينة قد يكون داخل‬

‫ضمن نطاق تحقيق المصلحة العامة وكأجراء احترازي ربما‪ ،‬ولكن انحرف التشريع عن الغاية أو‬

‫(‪)2‬‬
‫الهدف المخصص له دستو ًار‪.‬‬

‫من وجهة نظر الباحث ان األحكام العرفية وهي حالة خاصة واستثنائية ال ينبغي القياس عليها‬

‫وفقاً لقاعدة تخصيص األهداف‪ ،‬ألنها محكومة بظرف الزمان والمكان وهي مؤقتة في كل االحوال‪،‬‬

‫وتهدف إلى مواكبة االحداث االستثنائية المالزمة لتلك الحالة الطارئة التي قد تأخذ شكل سريع‬

‫للدستور‪.‬‬
‫ً‬ ‫ومتواتر‪ ،‬وعليه فان الخروج عنها أقرب لفكرة المخالفة المباشرة‬

‫(‪ )1‬السنهوري‪ ،‬مخالفة التشريع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.71‬‬


‫(‪ )2‬السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.37-27‬‬
‫‪119‬‬

‫تجدر اإلشارة أخي اًر إلى ان المؤيدين التجاه اعتبار الخروج عن قاعدة تخصيص األهداف هي‬

‫حالة انحراف تشريعي‪ ،‬يرون انه من المهم السماح للمشرع الدستوري بفرض غايات واهداف محددة‬

‫للمشرع العادي مع الغاية األساسية (المصلحة العامة) ويلزمه بتحقيقها عند المباشرة بالتشريع‪ ،‬أسوة‬

‫بالمجال اإلداري الذي يكون فيه للمشرع تحديد اهدافاً معينة للسلطة اإلدارية بل وايضاً يكون على‬

‫)‪(1‬‬
‫االدارة اتباع اجراءات معينة عند المباشرة بالتنفيذ‪.‬‬

‫الباحثين الذين ايدوا هذا االتجاه في مصر‪ ،‬اقرو بنفس الوقت صعوبة ايجاد تطبيقات عملية‬

‫واضحة المعالم لمجانية الهدف المخصص في المجال التشريعي‪ ،‬كون هكذا تحديد قد يحد من‬

‫(‪)2‬‬
‫المشرع التقديرية لذا فمن النادر ما يحدد الدستور اهدافاً أو غايات خاصة للقانون‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سلطة‬

‫إ‬

‫(‪ )1‬سكران‪ ،‬راغب جبريل خميس (‪ .)2011‬الصراع بين حرية الفرد وسلطة الدولة‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬االسكندرية‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬ص‪.428-427‬‬
‫(‪ )2‬قنديل‪ ،‬أشرف عبد القادر (‪ .)2013‬الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ص‪145‬؛ والحلو‪،‬‬
‫ماجد راغب (‪ .)2014‬دستورية القوانين‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ص‪.300‬‬
‫‪120‬‬

‫الفصلإالرابع‪ :‬إ‬
‫آثارإالنحرافإالتشريعيإوضماناتإالمصلحةإالعامة إ‬
‫أولت دساتير الدول اهمية كبيرة لفكرة حماية النظام القانوني فيها‪ ،‬مما استوجب معه وضع‬

‫ضمانات قانونية كافية لحماية المبادئ األساسية التي تقوم عليها ومنها (مبدأ سمو الدستور‪ ،‬مبدأ‬

‫تدرج القاعدة القانونية‪ ،‬مبدا الفصل بين السلطات‪ ،‬مبدأ الشرعية‪ ،‬مبدأ المشروعية‪...‬الخ)‪ ،‬وقد‬

‫اوضحنا في الفصول السابقة لما لهذه المبادئ من اهمية كونها حجر االساس الذي تبنى عليه‬

‫انظمة الدول باختالف توجهاتها‪ ،‬فعن طريقها ممكن خلق حالة من التوزان بين المصالح الخاصة‬

‫والمصالح العامة‪ .‬واذا افترضنا اإلخالل بهذه المبادئ وعدم االلتزام بها واالنحراف عنها‪ ،‬فان ذلك‬

‫يترك اثاره على النظام القانوني باسره ويعرضه لالنهيار تدريجياً‪ ،‬وسيكون لهذا االنهيار اثاره السلبية‬

‫الواضحة على المدى البعيد على الدولة وعلى جميع االصعدة الداخلية منها بشكل خاص‬

‫والخارجية بشكل عام‪.‬‬

‫وانطالقاً مما سبق فقد أصبح من المهم طرح سؤال‪ ،...‬هل من المهم ايجاد حل من قبل الفقه‬

‫(‪)1‬‬
‫الدستوري لضمان عدم التوسع في السلطة التقديرية للمشرع؟‬

‫عليه فقد اقرت الرقابة القضائية على أعمال السلطة التشريعية حماية للدستور وسمو قواعده‬

‫وهوما سنبحث به في هذا الفصل‪ ،‬إضافة إلى عدة ضمانات اخرى ضمن اختصاصات تعاون‬

‫وتوازن السلطات وراقبتها على بعضها البعض‪ ،‬إضافة إلى ضمانات اخرى سابقة على اقرار‬

‫التشريعات في حال العمل بها‪ ،‬والتي قد تجنب اصدار تشريعات ال تهدف لتحقيق الصالح العام‬

‫وبالتالي معيبة بعيب االنحراف التشريعي‪ ،‬إضافة إلى غيره من العيوب التي تصيب التشريعات‪.‬‬

‫(‪ )1‬احمد‪ ،‬رمضان عيسى‪ ،‬االنحراف التشريعي العراق أنموذجاً‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.256‬‬
‫‪121‬‬

‫وعلى ضوء ما سبق ولبيان اثار االنحراف التشريعي وضمانات حماية المصلحة العامة قام‬

‫الباحث بتقسيم هذا الفصل إلى مبحثين‪ ،‬المبحث االول سيكون عن اآلثار التي تنتج عن االنحراف‬

‫بالتشريع حيث تناول الباحث اثر االنحراف التشريعي على الحقوق والحريات الدستورية من خالل‬

‫تناول مفهوم الحقوق والحريات الدستورية بالشرح والتوضيح ومن ثم توضيح آثاره على النواحي‬

‫السياسية االجتماعية واالقتصادية بشكل عام وعلى الحقوق والحريات الدستورية بشكل خاص‪ ،‬أما‬

‫المبحث الثاني فسيكون عن ضمانات حماية المصلحة العامة حيث سنسلط الضوء على الرقابة‬

‫الدستورية على المصلحة العامة بين معارض ومؤيد‪ ،‬وأخي اًر سنتناول بالشرح والتوضيح طريقة قياس‬

‫االثر التشريعي من خالل شرح المصطلح والوقوف على أهم جوانبه النظرية والعملية واهميته للحد‬

‫من انحراف السلطة التشريعية عن المصلحة العامة‪ ،‬كونه يعطي نظرة شاملة للتشريعات قبل رفعها‬

‫للقراءة والتصويت‪.‬‬
‫‪122‬‬

‫المبحثإاألول‪ :‬إ‬
‫آثارإالنحرافإالتشريعيإعلىإالحقوقإوالحرياتإالدستورية إ‬

‫ان الدستور وكما هو معروف الكافل االول للحقوق والحريات‪ ،‬فمن خالل نصوص الدستور أو‬

‫كما يعبر عنه أحياناً (الكتلة الدستورية للحقوق والحريات) يتم التأثير على كافة فروع القانون‬

‫األخرى بإلزامها بمضمون الحقوق والحريات الدستورية فال يجوز لها طمس أوجهها أو تقليل من‬

‫حركتها وفاعليتها بل بالمقابل يجب كفالة توظيفها بشكل سليم لتحقيق الغاية المرجوة منها مع‬

‫احاطتها بكامل الضمانات ألجل احترامها‪ ،‬وهذا التأثير له نتيجة مهمة في توجيه النظام القانوني‬

‫(‪)1‬‬
‫وانسجامه توحيد منهجه‪.‬‬

‫كما ان الدولة من واجبها فرض حالة من التجانس والتوزان بين الحقوق والحريات فيما بينها‬

‫من جهة‪ ،‬ومن جهة اخرى كفالة عدم تنافرها مع الواجبات العامة والصالح العام وخلق حالة من‬

‫التكامل بينها‪ .‬حرصاً منه على تمتع الجميع بما جاء في مضمونها‪.‬‬

‫وبطبيعة الحال فان نطاق دراستنا يجعل من المهم البحث في تأثيرات االنحراف التشريعي التي‬

‫قد تمس جميع اوجه النشاطات الخاصة والعامة في الدولة‪ ،‬لكن ارتأينا ان نبحث تأثيره على‬

‫الحقوق والحريات الدستورية كون مبدأ المشروعية هو المبدأ الي يؤسس لحفظ حقوق األفراد‬

‫وحرياتهم العامة‪ ،‬وهو محل دراستنا األساسية‪ .‬إ‬

‫واستناداً لما تقدم قسمنا هذا المبحث إلى مطلبين سيكون المطلب االول عن مفهوم الحقوق‬

‫والحريات الدستورية أما المطلب الثاني سنوضح فيه أثر االنحراف التشريعي على الحقوق والحريات‬

‫األساسية‪.‬‬

‫(‪ )1‬سرور‪ ،‬احمد فتحي (‪ .)2000‬الحماية الدستورية للحقوق والحريات‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬ط ‪ ،2‬القاهرة‪ ،‬ص‪.6-5‬‬
‫‪123‬‬

‫المطلبإاألول‪ :‬إ‬
‫مفهومإالحقوقإوالحرياتإالدستورية إ‬

‫ان حقوق االنسان وكما هو معروف تعد من المسائل ذات األهمية القصوى خصوصا في‬

‫عصرنا الحالي‪ ،‬بعد ان تدرجت عبر االزمنة لتصل لتضمينها في دساتير الدول ‪ ،‬متأثرة بركيزتين‬

‫أساسيتين وهما االعالن الفرنسي لحقوق االنسان والمواطن سنة ‪ 1789‬وكذلك االعالن العالمي‬

‫لحقوق االنسان الصادر عن جمعية االمم المتحدة سنة ‪، 1948‬حيث اصبحت الشغل الشاغل‬

‫لفقهاء وعلماء القانون‪ ،‬إضافة إلى المجتمع الدولي‪ ،‬كون غالبية الدول تتناول الحقوق والحريات في‬

‫(‪)1‬‬
‫هوما يؤدي إلى ضياع قيمتها وقوتها القانونية‬ ‫دساتيرها بشكل نظري دون التطبيق واقعياً‬

‫وتضحى حب ار على ورق‪.‬‬

‫وهذا االهتمام جاء ليؤكد افكار الفالسفة امثال (جون ستيورات مل‪ ،‬جان جاك روسو وغيرهم)‪،‬‬

‫حيث بدأت هذه األفكار تتوضح بداية القرن العشرين وتنتقل بشكل تدريجي نحو التوسع‪ ،‬خصوصاً‬

‫بعد ما عاشه العالم بسبب مأسي الحربين العالميتين االولى والثانية ‪،‬حيث اضحت الجرائم المرتكبة‬

‫ضد المدنيين وخصوصا االقليات حاف اًز مهماً لبدأ عهد جديد لتدوين حقوق االنسان وتقنينها من‬

‫(‪)2‬‬
‫وهوما ساهم في تحديد كل من الحقوق والحريات التي يجب ان تشتملها‬ ‫طرف المجتمع الدولي ‪.‬‬

‫الشرعية الدستورية إضافة إلى الضمانات التي تكفل حمايتها تجاه أي عمل سلبي يصدر عن‬

‫سلطات الدولة‪ ،‬وهي الضمانة القضائية‪.‬‬

‫(‪ )1‬خوشناو‪ ،‬دلير صابر إبراهيم (‪ .)2015‬دور الدستور في ارساء دولة القانون‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫ص‪148‬؛ وسرور‪ ،‬احمد فتحي‪ ،‬الحماية الدستورية للحقوق والحريات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫(‪ )2‬خبابة‪ ،‬أميرة (‪ .)2005‬ضمانات حقوق االنسان في ظل الدساتير الجزائرية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة االسكندرية‪،‬‬
‫ص‪.31‬‬
‫‪124‬‬

‫ان التحديد الدستوري لكل من الحقوق والحريات تتضح كيفيته من خالل ما يسمى بمنهج‬

‫الوضعية القانونية‪ ،‬وحسب المفهوم الدستوري الذي تتبناه الدول‪ ،‬فعلى سبيل المثال الدستور‬

‫(‪)1‬‬
‫بدالً من‬ ‫االيطالي استخدم تعبير (حقوق االنسان غير القابلة للمساس) في المادة الثانية منه‬

‫الحقوق والحريات األساسية‪ ،‬في حين ان الدستور النمساوي لم يتطرق إلى تعريف الحقوق األساسية‬

‫كتعبير ذو داللة واضحة بل ادخل ضمن اختصاصات المحكمة الدستورية صالحية النظر في‬

‫(‪)2‬‬
‫انتهاك الحقوق والحريات التي تضمنها الدستور‪.‬‬

‫للوقوف على ماهية الحقوق والحريات ارتأى الباحث تناول كل منهما بشكل منفصل وبشي من‬

‫الشرح والتوضيح وكما يلي‪:‬‬

‫اولا‪:‬إالحقوق إ‬

‫تنبع الحقوق األساسية من االفكار التي جاءت بها حقوق االنسان وما تبعها من اعالنات‬

‫تخص هذا المجال‪ ،‬كما تستند على أساس من الديمقراطية وقوة الدولة القانونية وسيادة القانون‬

‫فيها‪ ،‬وتمتاز بقيمة عالية سواء تم ذكرها صراحة اوتم استخالصها بشكل ضمني من نصوص‬

‫(‪)3‬‬
‫إإ‬ ‫الدستور‪ ،‬هكذا تكون كافة الحقوق متمتعة بحماية دستورية‪.‬‬

‫ان الحقوق كما يصفها بعض استاذة القانون الدستوري بانها "في جوهرها خدمات مهمة يكون‬

‫الفرد بحاجه لها وال يمكنه مباشرتها اال ضمن كفالة الدولة من خالل القوانين لتنظيمها‪ ،‬لذا استوجب‬

‫(‪)4‬‬
‫تعيين نصوص دستورية أو تشريعية تقررها"‪.‬‬

‫(‪ )1‬المادة (‪ )2‬من الدستوري اإليطالي (على ان الجمهورية تعترف وتكفل حقوق االنسان غير القابلة للمساس بها سواء‬
‫بصفته فرداً أو عضواً في المجتمع أو ممارسة شخصية)‪.‬‬
‫(‪ )2‬سرور‪ ،‬احمد فتحي‪ ،‬الحماية الدستورية للحقوق والحريات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫(‪ )3‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫(‪ )4‬جمال الدين‪ ،‬سامي (‪ .)2005‬القانون الدستوري والشرعية الدستورية على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا‪ ،‬منشأة‬
‫المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص‪.341‬‬
‫‪125‬‬

‫من وجهة نظر الباحث ان وصف الحقوق بالخدمات لم يكن موفقاً كون فكرة الحق أعمق‬

‫بكثير من مجرد خدمات تقدم من الدولة‪ ،‬فالحق حالة قائمة بذاتها ال يمكن اعتبار الحق بالحياة‬

‫مثال خدمة تقدم من الدولة بل هو واجب عليها حماية هذا الحق األساسي الذي تمتع بها االنسان‬

‫منذ بدا الخليقة‪ ،‬أما ذكر الحقوق ضمن نصوص الدستور وتنظيمها ضمن تشريعات رصينة هوما‬

‫يعطيها قوتها والزاميتها في مواجهة الدولة في حال تعسفها في استخدام سلطاتها‪.‬‬

‫تثور مسألة صعوبة تحديد منهج لما يمكن تصنيفه حقوقاً اساسية بالمعنى القانوني‪ ،‬لكن هذا‬

‫األمر ممكن ان يتوضح من خالل الحماية الدستورية لمجمل الحقوق المأخوذة عن اعالنات حقوق‬

‫االنسان والتي تكشف كونها اساسية بطابعها‪ ،‬فقيمة الحقوق تصبح اعلى منزلة في حال توفر لها‬

‫حماية دستورية وبالتالي تربعها قمة النظام القانوني‪ ،‬فعلى سبيل المثال قامت الواليات المتحدة‬

‫االمريكية بتضمين مجموعة من الحقوق والحريات في دستورها‪ ،‬واشترط التعديل الرابع عشر‬

‫للدستور ع لى استعمال الطرق القانونية الستيعاب كل ما لم يرد بشكل صريح من حقوق ضمن‬

‫النصوص الدستورية ‪،‬وهوما اعطى الحق للمحكمة العليا االمريكية في استخالص واستنباط هذه‬

‫)‪(1‬‬
‫الحقوق‪.‬‬

‫يتفق الباحث مع فكرة ان كل حماية توجه للحفاظ على القيم االنسانية المشتركة سواء من‬

‫الناحية النفسية (االعتقاد‪ ،‬الخصوصية‪ ،‬الفكر‪ ،‬التعبير‪...‬الخ) أو العضوي (السالمة البدنية‪ ،‬حرية‬

‫االنتقال‪ ،‬االمن‪...‬الخ) فهو جوهر الحقوق االنسانية‪ ،‬فكل حق يعد ضرورياً للهيكلية الالزمة‬

‫)‪(2‬‬
‫للمجتمعات‪ ،‬اعتبر حقاً أساسياً ومتمتعا بالقيمة الدستورية‪.‬‬

‫(‪ )1‬سرور‪ ،‬احمد فتحي‪ ،‬الحماية لدستورية للحقوق والحريات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫‪(2) Alain Seriaux,Laurent sermet et DominiqueVirlot-Barrial,Droits et Libertes fonda-mentaux,‬‬
‫نقال عن سرور‪ ،‬احمد فتحي‪ ،‬الحماية الدستورية للحقوق والحريات‪ ،‬مرجع سابق‪ellipses, 1998, pp.13 et 14 ،‬‬
‫ص‪50‬‬
‫‪126‬‬

‫ثاني ا‪ :‬الحريات‬

‫ان الحرية في مفهومها العام منحة ربانية وهبها الخالق تبارك وتعالى لإلنسان‪ ،‬ومن دونها‬

‫يتعرض البشر للرق والذل وضياع جوهر انسانيته‪ ،‬لذا ال يجوز المساس بها تحت أي ذريعة كونها‬

‫ذات قدسية‪ ،‬وعلى هذا االساس تحظى الحرية باألهمية ذاتها التي تحظى بها الحقوق في كافة‬

‫(‪)1‬‬
‫الدساتير العالمية‪.‬‬

‫لم تُعرف الحرية بشكل واضح وصريح بل يعتبر من المتعذر وضع تعريف لها كونها واسعة‬

‫المعنى وغامضة الداللة‪ ،‬لكن تم وضع توضيح لمفهومها تنص على ان" الحرية مصطلح متصل‬

‫بسلوك الفرد‪ ،‬فال يكون هناك حاجه لتدخل من القانون أو الدولة كأصل عام‪ ،‬وان كان لتدخل‬

‫الدولة أهمية في كفالة تنظيمها ومباشرتها بالنسبة للكافة ومن دون أدنى تمييز وبالقدر المعقول‬

‫(‪)2‬‬
‫لذلك"‪.‬‬

‫حيث ان الحرية من وجهة نظر القانون هي المقدرة واالمكانية على ان يفعل الفرد إما يراه‬

‫مناسباً‪ ،‬مع خلق حالة توزان فال تكون الحرية مطلقة وانما نسبية‪ ،‬وأبرز الواقع العملي ذلك‬

‫خصوصا في مجال العالقات القائمة بين الفرد والسلطة‪ ،‬فلألخيرة حق تنظيم ممارسة الحريات من‬

‫منطلق مراعاة الحق العام والحق الخاص‪ ،‬وهو ما حذا بالباحثين في شؤن الحرية والقانون بوصفها‬

‫(‪)3‬‬
‫"إطالق اإلرادة الخاصة باتجاه تحقيق غايات محددة ضمن إطار النظام العام"‪.‬‬

‫(‪ )1‬كشاكش‪ ،‬كريم يوسف (‪ .)1987‬الحريات العامة في االنظمة السياسية المعاصرة‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫(‪ )2‬جمال الدين سامي‪ ،‬القانون الدستوري والشرعية الدستورية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.341‬‬
‫(‪ )3‬عبد العظيم‪ ،‬ايهاب طارق (‪ .)2003‬عالقة الفرد بالسلطة في ظل الظروف االستثنائية‪-‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪،‬‬
‫جامعة الزقازيق‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪14‬؛ والشرقاوي‪ ،‬سعاد (‪ .)1998‬النظم السياسية في العالم المعاصر‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫ص‪.295‬‬
‫‪127‬‬

‫ومع عرضنا لكل من الحقوق والحريات كال على حده‪ ،‬نتوصل إلى نتيجة مفادها ان غالب‬

‫الفقه يتفق على ان التفرقة بين المصطلحين ماهي إال تفرقة شكلية‪ ،‬واعتبر استخدام مصطلحي‬

‫الحق والحرية كمترادفين هو األنسب‪ ،‬حيث يعد كالهما ذو طبيعة واحدة‪ ،‬كون بإمكان الفرد‬

‫ممارسة أي نشاط يدخل ضمن نصوص القانون‪ ،‬فتمتع الفرد بحرية ما تجعل له الحق في ممارستها‬

‫)‪(1‬‬
‫من عديمه‪.‬‬

‫يتفق الباحث مع راي الفقهي سالف الذكر‪ ،‬كون ان كل حق له جانب من حرية االختيار‪ ،‬لهذا‬

‫اتصفت الحقوق بالتنوع والتعددية وحسب مضمونها‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال ان حق التعليم من الحقوق المكفولة دستورياً حيث تلتزم الدولة به‪ ،‬أما‬

‫مضمون الحق فمترك لصاحبه الحرية التامة في االختيار ما بين المتاح من انواع التعليم إضافة‬

‫(‪)2‬‬
‫إلى المؤسسة التعليمة التي يروم تلقي تعليمه فيها‪.‬‬

‫ثالث ا‪:‬إتقسيماتإالحقوقإإوالحرياتإالدستورية إ‬

‫هناك عدة انواع ممكن ان تقسم على اساسها الحقوق والحريات وبحسب الكيفية التي يراها‬

‫الدستور الخاص بكل دولة‪ ،‬لكن بصورة عامة ذهبت اعالنات حقوق االنسان والمعاهدات وحتى‬

‫الدساتير إلى عدة تقسيمات ارتأى الباحث ذكر األساسي والعام منها وكما يلي‪:‬‬

‫أ‪-‬إالحقوقإإوالحرياتإذاتإالطابعإالشخصي‪ :‬وهي التي تهدف إلى توفير الحماية للفرد وتشتمل‬

‫على جانبين جانب مادي وهي الحقوق المرتبطة بأمن الفرد وسالمة حياته من االعتداء عليه سواء‬

‫(‪ )1‬خليل‪ ،‬عبد الوهاب محمد عبده (‪ .)2004‬الصراع بين السلطة والحرية‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬ص‪.48‬‬
‫(‪ )2‬سرور‪ ،‬احمد فتحي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫‪128‬‬

‫بتفتيشه أو حبسه أو حتى القاء القبض عليه اال بموجب القانون‪ ،‬يضاف إلى ذلك حرمة الحياة‬

‫(‪)1‬‬
‫الخاصة والمسكن والحرية الجسمانية وحرية التنقل واالقامة‪.‬‬

‫أما الجانب المعنوي فنعني بها الحقوق والحريات التي تتعلق بأنشطة الفرد الذهنية والفكرية‬

‫والتي تحدد ارتباطه مع المحيط المجتمعي‪ ،‬وتضم هذه الحريات حرية التعبير والرأي على اختالف‬

‫صورها إضافة إلى حرية العبادة والفكر والعقيدة وكذلك الحق في التعليم واالجتماع‪ ،‬وتكوين‬

‫(‪)2‬‬
‫النقابات أو الجمعيات وحتى االنضمام اليها‪.‬‬

‫ب‪ -‬الحقوقإإوالحرياتإالسياسية‪ :‬يقصد بها تلك الحقوق التي يكون الهدف منها اشراك الفرد‬

‫في ادارة شؤون بالده‪ ،‬من حيث كونه ناخباً أو مرشحاً‪ ،‬ولهذه الحريات المساهمة الفعالة في تثقيف‬

‫األفراد سياسياً‪ ،‬لم يتفق الفقه على وضع اوجه محددة لهذه الحقوق والحريات‪ ،‬فهي تدور بين حقوق‬

‫األفراد في االنتخابات بين ترشيح ومرشح إضافة إلى تولي المناصب العامة وحق المساواة وحق‬

‫(‪)3‬‬
‫انشاء األحزاب‪.‬‬

‫ج‪ -‬الحقوق إإوالحريات إالجتماعية إإوالقتصادية‪ :‬وهي تنقسم ما بين الحريات االقتصادية والتي‬

‫تعني تمتع الفرد بالحق والحرية التامة في امتالك ما يشاء من أموال منقولة وغير منقولة‪ ،‬ال يحق‬

‫للدولة مصادرة أو وضع يدها أو االتيان باي نشاط من شانه المس بحق الملكية اال بحكم القانون‬

‫مع امكانية التعويض وحسب الحالة‪ ،‬إضافة إلى الحق في ممارسة االنشطة التجارية منها‬

‫(‪ )1‬جمال الدين‪ ،‬سامي‪ ،‬القانون الدستوري والشرعية الدستورية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.344‬‬
‫(‪ )2‬خوشناو‪ ،‬دلير صابر ابراهيم‪ ،‬دور الدستور في ارساء دولة القانون‪ ،‬ص‪162‬؛ وبنفس المعنى جمال الدين سامي‪ ،‬القانون‬
‫الدستوري والشرعية الدستورية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.346‬‬
‫(‪ )3‬عكوش‪ ،‬حميد موحان وجويعد‪ ،‬اياد خلف محمد (‪ .)2013‬الديمقراطية والحريات العامة‪ ،‬مكتبة السنهوري‪ ،‬بغداد‪،‬‬
‫ص‪189‬؛ وفريد‪ ،‬فاال (‪ .)2009‬حماية الحقوق والحريات الدستورية في ضوء المسؤولية السياسية والجنائية للسلطة‬
‫التنفيذية النظام البرلماني نموذجاً‪ ،‬مطبعة شهاب‪ ،‬اربيل‪ ،‬ص‪.120‬‬
‫‪129‬‬

‫والصناعية‪ ،‬وتتلخص في حق العمل والحق في التملك إضافة إلى الحرية في التجارة والصناعة‪.‬‬

‫(‪)1‬‬

‫أما عن الحقوق والحريات االجتماعية فهي تعني حماية حق الفرد بالتمتع بالصحة والتعليم‬

‫وضمان الشيخوخة والرعاية االجتماعية والحياة الكريمة بصورة عامة وغيرها الكثير كون الحماية‬

‫(‪)2‬‬
‫الدستورية لهذه الحقوق والحريات تأخذ مدى واسع اثناء التطبيق في المجال العملي‪.‬‬

‫المطلبإالثاني‪ :‬إ‬
‫آثارإالنحرافإالتشريعيإعلىإالحقوقإوالحرياتإاألساسية إ‬

‫بعد استكمال شرح مفهوم الحقوق والحريات وأهم تقسيماتها‪ ،‬كان من الضروري ان نوضح‬

‫مدى تأثير االنحراف التشريعي محل دراستنا على هذه الحقوق والحريات‪ ،‬باعتبار االنحراف‬

‫التشريعي من السلبيات الخطيرة التي تمس مصالح العليا للمجتمع وبذلك تكون آثاره وعواقبه كبيرة‪.‬‬

‫فهي ليست قضية تشريعية بحته بل لها اثارها البعيدة المدى كما ذكرنا ومن جميع النواحي‬

‫(السياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬االجتماعية ‪ ...‬الخ)‪ ،‬وفي النهاية تؤثر على كيان الدولة وأدائها وعلى‬

‫مبادئها األساسية التي ُبنيت عليه أركانها‪ ،‬وكما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬االنحراف التشريعي يهدر القيمة الدستورية للحقوق والحريات‪ ،‬فعند اصدار تشريع غرضه تقييد‬

‫حريه أو انتهاك حق فلن يتبقى لهذه الحقوق أي قيمة وال أي صيانة ‪ .‬مثال ذلك منع التملك لفئة‬

‫(‪)3‬‬
‫معينة من المواطنين وبدون وجهة حق ومن خالل قانون عام ومجرد‪.‬‬

‫(‪ )1‬خليل‪ ،‬عبد الوهاب محمد عبده (‪ .)2004‬الصراع بين السلطة والحرية‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.258‬‬
‫(‪ )2‬خوشناو‪ ،‬دلير صابر إبراهيم‪ ،‬دور الدستور في ارساء دولة القانون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.169‬‬
‫(‪ )3‬ابراهيم‪ ،‬نوال طارق‪ ،‬تأثير الفساد على تمتع االنسان بحقوقه األساسية‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬ص‪ 2‬بحث منشور على الموقع‪:‬‬
‫‪https://www.rolacc.qa/wp-content/uploads/2019/06/Dr.-Nawal.pdf‬‬
‫‪130‬‬

‫‪ -2‬اصدار تشريعات تهدف إلى اعاقة استخدام موارد الدولة فيما يخدم الشؤون العامة‪ ،‬وهوما‬

‫ينتج عنه حكومة منهكة وعاجزة عن االيفاء بواجباتها والتزاماتها في جميع المجاالت (االجتماعية‪،‬‬

‫السياسية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬المالية‪ ،‬الخدمية‪.....‬الخ)‪ .‬وبالتالي تعطيل وارباك نمو المجتمع‪ ،‬كعدم قدرة‬

‫الدولة على توزيع ثرواتها وبشكل عادل على مواطنيها بسبب سياستها التشريعية التي يشوبها‬

‫االنحراف واالستغالل وبالتالي تتركز المقدرة المالية لدى عدد محدد من األفراد وبالتالي تزيد حدة‬

‫(‪)1‬‬
‫ويمس ذلك حياة وكرامة وكبرياء المواطن وحقه األساسي بالحياة الحرة‬ ‫االنقسامات الطبقية‪،‬‬

‫الكريمة‪.‬‬

‫‪ -3‬الحماية واالحترام والوفاء ابرز االلتزامات الدستورية التي تقع على عاتق الدولة تجاه‬

‫مواطنيها‪ ،‬واالنحراف التشريعي يلقي بضالله على هذه االلتزامات ويلغي وجودها‪ ،‬كإصدار قانون‬

‫يمنح حق التعليم في الجامعات الحكومية لفئة معينة من المواطنين دون سواهم ومن دون احترام‬

‫أو مراعاة مبدأ المساوة وتكافئ الفرص‪.‬‬

‫‪ -4‬االنحراف التشريعي يؤدي إلى خرق مبدأ المشروعية ‪ ،‬التي يمس كيان الدولة بحيث يذهب‬

‫إلى حد عدم االعتراف بالحقوق والحريات الدستورية واحترامها (‪ ،)2‬وهي من أهم الضمانات التي‬

‫تصون الحقوق والحريات لذا وبمجرد خرقها نكون امام هدم الحد اعمدة الدولة القانونية واهم ركن‬

‫فيها‪.‬‬

‫(‪ )1‬عبود‪ ،‬سالم محمد (‪ .)2011‬ظاهرة الفساد االداري والمالي مدخل استراتيجي للمكافحة‪ ،‬دار الدكتور للعلوم اإلدارية‬
‫واإلقتصادية والعلوم األخرى‪ ،‬بغداد‪ ،‬ط‪ ،2‬ص‪73‬؛ وابراهيم‪ ،‬نوال طارق‪ ،‬تأثير الفساد على تمتع االنسان بحقوقه‬
‫األساسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫(‪ )2‬حنان‪ ،‬مفتاح (‪ .)2010‬أثر الفساد على مبدأي الشرعية والمشروعية‪ ،‬مجلة الباحث للدراسات االكاديمية‪ ،‬المجلد ‪ ،2‬العدد‬
‫‪ ،1‬ص‪834‬؛ ودباش‪ ،‬عبد الرؤوف واسماء‪ ،‬قطاف تمام (‪ .)2016‬ظاهرة الفساد في الدول المغاربية دراسة في أهم‬
‫اسباب الظاهرة وانعكاساتها‪ ،‬مجلة الحقوق والحريات‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬العدد ‪ ،2‬مارس ‪ ،2016‬ص‪.171‬‬
‫‪131‬‬

‫أولا‪:‬إالثارإالسياسيةإلالنحرافإالتشريعيإ إ‬

‫مما ال شك فيه ان النتائج التي تترتب على االنحراف التشريعي تترك آثا اًر وتداعيات سلبية على‬

‫كيان الدولة والنظام السياسي بمجمله‪ ،‬من حيث مساسه بشرعيتها واستقرارها وسمعتها وكما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬يقوض االنحراف التشريعي مبدأ الشرعية وبالتالي يضعف االستقرار السياسي‪ ،‬تضعف‬

‫الثقة بمؤسسات الدولة (التشريعية‪ ،‬التنفيذية‪ ،‬القضائية) وبالفئة الحاكمة بصورة عامة النتشار‬

‫الوالءات الحزبية وغياب الرقابة ونقص الكفاءة (‪ ،)1‬والذي بالتالي يفقد السلطة شرعيتها وقد يؤدي‬

‫إلى حاالت من التذمر والفوضى والعصيان مما يؤثر على االستقرار العام في البالد‪.‬‬

‫‪ -2‬من أهم النتائج المترتبة على االنحراف التشريعي هو ضعف الثقة بالمؤسسة التشريعية‬

‫والشك في قدرتها على خدمة المواطن وتمثيلها الحقيقي له‪ ،‬وهذا يؤدي بالتالي إلى فقدان الثقة‬

‫بالسلطة التشريعية كونها تعجز عن التخطيط لتشريع قوانين مالئمة لحل المشاكل التي تواجه‬

‫المجتمع‪ ،‬وبالمحصلة النهائية تفقد هيبتها وما تمثله من رمزية جوهرية باعتبارها ممثلة ألفراد‬

‫الشعب‪ ،‬ونتيجة لذلك يضعف المشاركة في االنتخابات والتي هي الركيزة األساسية للنظام‬

‫الديمقراطي‪.‬‬

‫‪ -3‬كما ان تكرار عملية االنحراف التشريعي وبما انه عيب عمدي يصيب التشريع فهو يؤثر‬

‫في مدى نزاهة األعمال الصادرة عن السلطات والهيئات كافة‪ ،‬فهو يؤدي إلى خلق مجموعات‬

‫تربطها مصالح وأعمال ال تعد مشروعة‪ ،‬وعملها يصب ضد تحقيق المصلحة العامة بحيث‬

‫(‪ )1‬عبد المجيد‪ ،‬عبد المجيد محمود (‪ .)2014‬الفساد تعرفيه وصوره وعالقته باألنشطة االجرامية األخرى‪ ،‬دار النهضة‪،‬‬
‫الجيزة‪ ،‬مصر‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.52‬‬
‫‪132‬‬

‫أصبحت التشريعات يتم اعادة تشكليها بما يتالءم منع مصالح الطبقة المسيطرة أو الحزب المسيطر‬

‫(‪)1‬‬
‫لتحقيق اكبر قدر من االستفادة‪.‬‬

‫‪ -4‬خلق حالة من الفساد السياسي واستغالل السلطة لتحقيق اهداف غير مشروعة تصب في‬

‫مصلحة الفئة الحاكمة دون أي اعتبار للحقوق والحريات األساسية الوارد في الدستور‪ ،‬ومن‬

‫مظاهرها االعتداء على العمومية والمساواة في العالقة التي تربط الناخب بالمرشح‪ ،‬وتصل إلى حد‬

‫اصدار تشريعات تكرس الهيمنة تحافظ على مكانتها وسيطرتها على السلطة‪.‬‬

‫‪ -5‬التأثير على النظام القضائي واضعافه والتأثير على استقالليته‪ ،‬فلتحقيق المصالح الخاصة‬

‫يتم التدخل في عمل الهيئات القضائية من خالل الضغط عليهم بشتى الطرق إضافة إلى التدخل‬

‫(‪)2‬‬
‫لتضمن الفئة الحاكمة الوالء وبالتالي االفالت من العقاب‪.‬‬ ‫في تعيينهم‬

‫ثانيا‪:‬إالثارإالقانونيةإلالنحرافإالتشريعي إ‬

‫‪ -1‬من االثار الخطيرة لالنحراف التشريعي تأثيرها المباشر على غياب االمن القانوني‪،‬‬

‫فالمقصود باألمن القانوني هو قيام السلطات العامة بضرورة االلتزام بتحقيق أدنى حد من االستقرار‬

‫بالنسبة للمراكز القانونية لألفراد على اختالفها‪ ،‬إضافة إلى تحقيق القدر الالزم من الثبات في‬

‫العالقات والتعامالت القانونية‪ ،‬كل ذلك هدفه استقرار التعامالت واشاعة الطمأنينة واالمن بين‬

‫األفراد‪ ،‬ففي حالة حدوث انحرافات تشريعية سيؤدي ذلك إلى زعزعة هذا االمن واالستقرار الذي‬

‫يسود التعامالت القانونية على اختالف أنواعها وشخوصها ويعصف باالستقرار الذي من الواجب‬

‫توافره في التعامالت القانونية‪ ،‬مثال ذلك االثر الرجعي كأن تقرر احدى السلطات االخذ بقواعد‬

‫(‪ )1‬شعيب‪ ،‬شنوف (‪ .)2010‬الممكن وغير الممكن في معالجة ظاهرة الفساد‪ ،‬المؤتمر السنوي العام الحادي عشر‪ ،‬نحو‬
‫استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد‪ ،‬منشورات المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫(‪ )2‬الجوعاني‪ ،‬حيدر جمال تيل (‪ .)2014‬مكافحة الفساد في ضوء القانون الدولي‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬كلية‬
‫القانون‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪133‬‬

‫تشريعية جديدة وتردها إلى الماضي‪ ،‬مما يؤدي إلى المساس المباشر بالحقوق المكتسبة لألفراد‬

‫أصحاب العالقة الذين اكتسبوا هذه الحقوق بالطرق المشروعة والتي تقع ضمن الحقوق والحريات‬

‫(‪)1‬‬
‫مما يعد انتهاك لهذه‬ ‫الدستورية مثل الحق في التامين االجتماعي أو حتى الحق في الملكية‪.‬‬

‫الحقوق والحريات‪.‬‬

‫‪ -2‬ان االرباك الذي يسببه االنحراف التشريعي يؤدي بالقوانين إلى الغموض والتضارب بينها‪،‬‬

‫بسبب عدم اتقان الصياغة القانونية البتعاد النص عن الوضوح في غايته في بعض االحيان‪،‬‬

‫وهوما يؤدي بالنتيجة إلى اللجوء إلى تفسيره بشكل قد يتعارض كلياً مع المصلحة العامة ربما‬

‫(‪)2‬‬
‫للحصول على منافع مادية أو شخصية ‪ ،‬إضافة إلى تلكأ يصل لحد عدم تنفيذ القانون ‪.‬‬

‫‪ -3‬من االثار السلبية لالنحراف التشريعي خلق فجوة وحالة من ضعف الثقة بين المواطنين‬

‫واجهزة الدولة‪ ،‬ويعود ذلك لضعف في هيبة القانون الذي يستغل ويشل حركته ويعطله لتحقيق منافع‬

‫(‪)3‬‬
‫خاصة‪ ،‬حيث يكون التجاوز على القانون بمثابة االصل واما احترامه فيعد استثناءاً‪.‬‬

‫‪ -4‬الفراغ التشريعي هو احد االثار المحتملة التي تنجم عن انحراف التشريع عن الصالح‬

‫العام‪ ،‬ويقصد به النقص في القوانين (كقانون كامل تم الغاءه بسبب انحرافه عن مبادئ وروح‬

‫الدستور من قبل السلطة المخولة بذلك) أو نصوص بعض القوانين والذي من الممكن ان يستغل‬

‫بطرق سلبية (اختالس االموال‪ ،‬الرشوة‪ ،‬منح حقوق لغير مستحقيها)‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابو العينين‪ ،‬ماهر‪ ،‬االنحراف التشريعي‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.694‬‬
‫(‪ )2‬مطر‪ ،‬عصام عبد الفتاح (‪ .)2011‬الفساد االداري ماهيته اسبابه مظاهره الوثائق العالمية والوطنية المعنية بمكافحته دور‬
‫الهيئات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية في مواجهة الفساد‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ص‪340‬؛ وعبد‬
‫المجيد‪ ،‬عبد المجيد محمود‪ ،‬الفساد تعرفيه وصوره وعالقته باألنشطة االجرامية األخرى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫(‪ )3‬مطر‪ ،‬عصام عبد الفتاح‪ ،‬الفساد اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.342‬‬
‫‪134‬‬

‫وكذلك االختالف التشريعي هو حدوث حالة تعارض بين القوانين وكثرة التشريعات الغير‬

‫مدروسة بشكل جيد بسبب االستعجال بإقرارها ولتحقيق منافع توصف بالخاصة أو فئوية أو حزبية‬

‫على حساب وحدة التشريع ورصانته مما يسبب حالة من الفوضى التشريعية وعلى المستويات كافة‬

‫(‪)1‬‬
‫(قوانين مركزية أو على مستوى االقاليم)‪.‬‬

‫‪ -5‬االستثناءات القانونية وكثرتها التي قد ترد على بعض القوانين مما يضعف القانون كونه‬

‫ال يراعي مبدأ المساواة وتكافئ الفرص‪ ،‬فكما هو معروف تلجأ السلطة التشريعية في حالة انحرافها‬

‫إلى وضع استثناءات على بعض التشريعات لتحقيق مكاسب أو غايات ال تخدم الصالح العام‬

‫(‪)2‬‬
‫كقوانين الضرائب أو قانون العفو‪.‬‬

‫درج‬
‫المشرع إ ا‬
‫ّ‬ ‫‪ -6‬االثر الرجعي للقوانين من االمور التي تبرز حالة االنحراف ‪،‬حيث قد يتعمد‬

‫االثر الرجعي لغاية قد تكون عقوبة مقنعة أو الحصول على منفعة معينة‪ ،‬مثالها التشريعات‬

‫الضريبية ‪،‬التي قد تقر زيادة االيرادات الضريبية على الدخل مثال وباثر رجعي‪ ،‬والذي سيؤثر على‬

‫أصحاب الدخل المحدود وبشكل تعسفي‪ .‬إ‬

‫ثالثا‪:‬إاآلثارإالجتماعيةإلالنحرافإالتشريعي‬

‫الفقر وانعدام‬ ‫‪ -1‬ان من االثار المباشرة لالنحراف التشريعي على المجتمع ارتفاع معدالت‬

‫العدالة االجتماعية واختفاء مبدأ التكافؤ االجتماعي والمعاشي وتضرر طبقات عده من المجتمع‬

‫نتيجة حصر الثروات بيد فئة قليلة التي تستحوذ على السلطات والمال على حساب االكثرية من‬

‫افراد الشعب وهوما ينتج عنه المساس بالقيم والمبادئ التي يتحلى بها المجتمع نتيجة شيوع ظاهرة‬

‫(‪ )1‬الدويبي‪ ،‬عبد السالم بشير (‪ .)2005‬االبعاد السلبية لظاهرة الفساد‪ ،‬بحث منشور في مجلة دراسات تصدر عن المركز‬
‫العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب االخضر‪ ،‬العدد ‪ ،21‬السنة ‪ ،6،2005‬ص‪.28‬‬
‫(‪ )2‬معابرة‪ ،‬محمود محمد (‪ .)2011‬الفساد اإلداري وعالجه في الشريعة االسالمية دراسة مقارنة بالقانون اإلداري‪ ،‬دار الثقافة‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.117‬‬
‫‪135‬‬

‫االستحواذ على المال العام لدى الموظفين العموميين بسبب تفشي حاالت الرشوة والفساد والتهاون‬
‫(‪)1‬‬
‫في محاسبة المتجاوزين على المال العام‪.‬‬

‫‪ -2‬ان االنحراف التشريعي من اثاره الخطيرة اجتماعيا هو تراجع وانحسار مهمات ومسؤوليات‬

‫أعمال الوظيفة العامة والدور الرقابي واالجهزة الرقابية وفي النهاية تنعدم تدريجياً كل حرص وامانة‬

‫على المال العام والحق العام‪.‬‬

‫إضافة إلى ما تقدم ومن وجهة نظر الباحث فان من أهم اثار االنحراف التشريعي على مستوى‬

‫المبادئ األساسية التي تقوم عليها الدولة القانونية‪ ،‬اهدار مبدأ المشروعية بكل تفاصليه‪ ،‬منها‬

‫سيضحى سمو الدستور مجرد حب اًر على ورق خالي من أي قيمة ملزمة مفرغاً من محتواه‪ ،‬ويصبح‬

‫اداة بيد السلطة لتحقيق مكاسبها الخاصة‪ ،‬فإصدار تشريعات تهدف باألساس لتقييد أو االلتفاف‬

‫على حرية أو حق مكفولة دستورياً لتحقيق اغراض اخرى كاإلثراء على حساب الشعب أو حتى‬

‫اإلفالت من عقاب بسبب ارتكاب جرائم‪ ،‬وكذلك توظيف التشريعات لتصبح مجرد وسيلة تستعملها‬

‫السلطة التشريعية للنكاية بأفراد معينين ضمن قوانين عامة مجردة يفقد تلك القوانين جوهر وجودها‬

‫كما ذكرنا‪ ،‬كذلك هدر مبدأ تدرج القاعدة القانونية فصبح هذا المبدأ منتهك ومتجاوز عليه كلياً‪.‬‬

‫(‪ )1‬نائف‪ ،‬محمد ونايف‪ ،‬فارس جار اهلل (‪ .)2011‬السيطرة على الفسادـ‪ ،‬دراسة في االقتصاد العراقي والدول المجاورة‪ ،‬مجلة‬
‫دراسات اقليمية‪ ،‬مركز الدراسات اإلقليمية‪ ،‬جامعة الموصل‪ ،‬العدد ‪ ،23‬ص‪.249‬‬
‫‪136‬‬

‫المبحثإالثاني‪ :‬إ‬
‫ضماناتإحمايةإالمصلحةإالعامةإ إ‬

‫إاستناداً إلى ما تقدم من بحثنا تبين لنا ان المصلحة العامة تعد أحد االسس الجوهرية للحفاظ‬

‫على كيان المجتمع وتحقيق اهدافه‪ ،‬حيث يجب ان تكون غاية التشريعات ككل مخصصة لتحقيق‬

‫تلك الغاية (المصلحة العامة) لذا كان لزاماً على الجهة التشريعية التي تمثل هيئة أري مصغرة‬

‫للشعب عموماً ان تتمسك وتلتزم بتحقيق هذه الغاية‪.‬‬

‫المشرع في تشريعاته للمصلحة العامة وفق‬


‫ّ‬ ‫وما يهمنا في بحثنا هذا ان نركز على عدم مراعاة‬

‫سلطته التقديرية‪ ،‬فتحت غطاء هذه السلطة يتم استغالل وتحقيق مرام وغايات ال تمت بصلة‬

‫للمصلحة العامة‪ ،‬بحيث تصل درجة التمويه وااللتفاف على السلطة التقديرية لتصل بالتشريع إلى‬

‫المخالفة المباشرة أو المبطنة للدستور (االنحراف التشريعي)‪ ،‬وذلك بسرد جملة من المبررات في‬

‫األسباب الموجبة للتشريع‪ ،‬التي توضح في ظاهرها انها تحقق المصلحة العامة‪.‬‬

‫لذا ال بد من ايجاد وسائل ومعالجات دستورية لردع مثل هذا االنحرافات التي تصيب التشريع‪،‬‬

‫وان من أهم وسائل صيانة المصلحة العامة وسالمة التشريعات هو اناطة الرقابة على دستورية‬

‫القوانين إلى الهيئات القضائية العليا (المحاكم الدستورية) في االنظمة الديمقراطية‪ .‬إ‬

‫واستناداً لما تقدم قسمنا هذا المبحث إلى مطلبين سيكون المطلب االول عن الرقابة الدستورية‬

‫والمصلحة العامة أما المطلب الثاني سنوضح فيه قياس أثر التشريع‪.‬‬
‫‪137‬‬

‫المطلبإاألول‪ :‬إ‬
‫الرقابةإالدستوريةإوالمصلحةإالعامة إ‬

‫ان من أهم الوسائل الرقابية الدستورية والتي تعد ضمانة اساسية لحماية القواعد الدستورية‬

‫ونفاذها هي رقابة دستورية القوانين‪ ،‬وقد استقرت اغلبية الدساتير على اعتماد الرقابة الدستورية‬

‫على اختالف آلية تنظيم عملها وتباين طبيعة الجهة المخولة بهذه الرقابة وحدودها على اختالف‬

‫االنظمة السياسية‪.‬‬

‫كما ان من مزايا الرقابة القضائية هو تصديها للمشكلة المطروحة عند التنازع كونها مشكلة‬

‫قانونية‪ ،‬فهي في جوهرها تعمد إلى حل هذا التنازع بين قاعدتين أو أكثر أحدها يسمو على غيرها‬

‫من القواعد في سلم تدرج القواعد القانونية‪ ،‬ولكونها ذات طابع قانوني فهي تتعلق بشكل مباشر‬

‫بعمل القضاة فمن خالل خبرتهم القانونية في مجال تطبيق وتفسير القوانين فهم االقدر على‬

‫(‪)1‬‬
‫مالحظة مدى تطابق القانون من عدمه مع مبادئ النصوص الدستورية‪.‬‬

‫بما ان القوانين غايتها األساسية يجب ان تكون تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬فمجال درستنا يحتم‬

‫علينا البحث في امكانية الرقابة القضائية على مدى تحقق هذه الغاية‪ ،‬فهل تصل رقابة القضاء‬

‫المشرع بتحقيق غاية المصلحة العامة؟ عليه‬


‫ّ‬ ‫وخصوصا رقابة القاضي الدستوري على مدى التزام‬

‫انقسم الفقه في هذا الشأن بين مؤيد ومعارض لرقابة المصلحة العامة وسنتناول كذا االتجاهين وكما‬

‫يلي‪:‬‬

‫(‪ )1‬عبد العال‪ ،‬محمد حسنين (‪ .)1998‬القانون الدستوري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ص‪.142‬‬
‫‪138‬‬

‫اولا‪:‬إموقفإالفقهإالمعارضإلرقابةإالمصلحةإالعامة إ‬

‫وهو الموقف الذي ينتهجه غالبية الفقه‪ ،‬والذي يدعو إلى رفض رقابة القاضي الدستوري على‬

‫المصلحة العامة اي على غاية التشريع (‪ ،)1‬وقد استندوا بذلك على عدد من الحجج القانونية‬

‫نوضحها وحسب االتي‪:‬‬

‫‪ -1‬انصار هذا االتجاه يرون بان القاضي الدستوري تقتصر وظيفته في مراقبة مشروعية القانونين‬

‫أي مدى اختالف أو تطابق النصوص القانونية مع نصوص الدستور وكما ذكرنا سابقاً تعد هذه‬

‫الرقابة ذات وصف فني قانوني‪ ،‬وهذا يعني ان عمل القاضي الدستوري محدد بالمسائل التي تمس‬

‫الشرعية الدستورية‪ ،‬عليه ال يمكنه مراقبة مدى مالئمة التشريع أو بواعثه أو حتى ضرورة التشريع‪،‬‬

‫سنوضح بإيجاز المقصود بكل منها وكما يلي‪:‬‬

‫المشرع وحريته في‬


‫ّ‬ ‫أ‪ -‬القضاء إالدستوري إل إيراقب إمالئمة إالتشريع‪ :‬ويقصد بها صالحية‬

‫اختيار ما يراه مناسباً ومنسجماً ومحققاً للمصلحة العامة من بين عدة خيارات متاحة ومتعددة ومن‬

‫اكثرها تلبية لمتطلبات المجتمع ومحققاً لتطلعاته وبذلك يكون قد اختار احد الحلول من بين عدة‬

‫حلول اخرى بغير ان يكون محدداً بسلوك اسلوب معيناً بالذات أو منصاعاً الي توجيه محدد بعينه‬

‫إضافة إلى ما يمنحه ذلك من خيار مالئمة التشريع وصالحيته تبعاً للظروف السياسية واالجتماعية‬

‫واالقتصادية التي تمر بها الدولة إضافة إلى ما تمنحه من سلطة صالحيات واسعة في تقدير حاجة‬

‫(‪ )1‬ابو المجد‪ ،‬احمد كمال‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين في الواليات المتحدة االمريكية واالقليم المصري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪461‬؛ والباز‪ ،‬علي السيد (‪ .)1978‬الرقابة على دستورية القوانين في مصر‪ ،‬دار الجامعات المصرية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫ص‪610-608‬؛ ومتولي‪ ،‬عبد الحميد (‪ .)1956‬الوسيط في القانون الدستوري‪ ،‬دار الطالب لنشر الثقافة الجامعية‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬ص‪670‬؛ وعصفور‪ ،‬محمد (‪ .)1957‬مذاهب المحكمة االدارية العليا في الرقابة والتفسير واالبتداع‪ ،‬دون‬
‫مكان نشر‪ ،‬دون ناشر‪ ،‬ص‪.138‬‬
‫‪139‬‬

‫المجتمع إلى تدخله إلقرار تشريع أو تعديله أو الغائه ‪،‬بحيث يكون متاحاً له ان يحدد التوقيت الذي‬

‫(‪)1‬‬
‫يجده مالئماً إلصداره‪.‬‬

‫ان مالئمة التوقيت المناسب إلصدار التشريع وحرية االختيار في ايجاد الحل الذي يحقق المصلحة‬

‫المشرع وسلطته التقديرية بغير ان يكون خاضع‬


‫ّ‬ ‫العامة يعد من أهم الخصائص المالزمة لعمل‬

‫لرقابة القضاء الدستوري‪.‬‬

‫ب‪ -‬القضاء إالدستوري إل إيراقب إبواعث إالتشريع‪ :‬ان القضاء الدستوري غير ملزم بالخوض‬

‫والبحث عن دوافع التشريع خصوصاً إذا كان التشريع مستوفياً في ظاهره لجميع شروط صحة‬

‫القانون وعدم تعارضه مع نصوص الدستور‪ ،‬فكل ما يتعلق ببواعث التشريع واألسباب التي دفعت‬

‫بالسلطة التشريعية إلصدار تشريعات معينة بوقت معين ولمعالجات محددة تدخل ضمن صميم‬

‫(‪)2‬‬
‫العمل التشريعي المحدد دستورياً‪.‬‬

‫ج‪ -‬القضاءإالدستوريإلإيراقبإضرورةإالتشريع‪ :‬من المسلم به ان التشريعات القانونية تأتي لتلبية‬

‫حاجات المجتمع ومتطلباته‪ ،‬وهذا من صميم اختصاصات الهيئات التشريعية‪ ،‬ويكاد يكون من أهم‬

‫مستلزمات وضرورات وجود السلطات التشريعية في الدولة الن هذه السلطة باعتبارها ممثلة للشعب‬

‫وبالتالي هي التي تقيم ضرورة اصدار تشريع معين وضرورته لحاجات المجتمع بحيث ال تكون من‬

‫الضرورة ان تكون خاضعة لمتابعة ورقابة القضاء الدستوري‪ ،‬وبخالفه فان التدخل في العملية‬

‫(‪)3‬‬
‫التشريعية مناقض لحالة التوازن والفصل بين السلطات‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابو المجد‪ ،‬كمال‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪463‬؛ والشمري‪ ،‬سعد محمود نايف (‪ .)2006‬الرقابة‬
‫القضائية على دستورية القوانين واللوائح‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬طنطا‪ ،‬ص‪.170‬‬
‫(‪ )2‬السناري‪ ،‬محمد (‪ .)1986‬الشرعية االسالمية وضوابط رقابة دستورية القوانين في مصر‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.258‬‬
‫(‪ )3‬ابو المجد‪ ،‬احمد كمال‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪461‬؛ والبارز‪ ،‬علي السيد (‪ .)1978‬الرقابة‬
‫على دستورية القوانين في مصر‪ ،‬دار الجامعات المصرية‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.609‬‬
‫‪140‬‬

‫‪ -2‬ان انصار هذا الجانب يذهب إلى ان اقرار الرقابة الدستورية على غاية التشريع سيؤدي‬

‫المشرع وتقديراته‪ ،‬وهوما يؤدي على حصول‬


‫ّ‬ ‫بالنتيجة إلى احالل ارادة القاضي الدستوري محل ارادة‬

‫حالة تداخل بين االختصاصات‪ ،‬بحيث تؤدي هذه الرقابة إلى مسائلة الهيئات التشريعية عما يجول‬

‫في تفكيرهم ويتوارد إلى اذهانهم في لحظة سن التشريع مما يعد خرقا لطبيعة الوظيفة التشريعية‪،‬‬

‫حيث ان النواب بالمحصلة النهائية يمثلون هيئة الناخبين ويعكسون آرائهم في مواقفهم ضمن‬

‫المؤسسة التشريعية لذا ال يمكن مسائلتهم عنها وال الغوص في دوافعهم وبواعثهم من اصدار‬

‫التشريع عليه فان مراقبة االنحراف التشريعي يمثل سلباً الهم صالحيات السلطة التشريعية وتجاوز‬

‫(‪)1‬‬
‫ألننا في حالة االقرار برقابة القاضي الدستوري وتوسيع‬ ‫صريح على مبدأ الفصل بين السلطات‬

‫واليته لتشمل السلطة التقديرية للمشرع بهدف الحد من حاالت االنحراف والتجاوز في ممارسة‬

‫السلطة التشريعية سيكون بالتالي نتيجته خرق النظام القانوني ككل وزعزعة استقرار االختصاصات‬

‫ويتحول األمر من اختصاصات دستورية تنص عليها وثيقة الدستور للسلطتين التشريعية والقضائية‬

‫(‪)2‬‬
‫إلى عملية تقييم التقديرات على عمل السلطات‪.‬‬

‫‪ -3‬بما ان السلطة التشريعية هي ممثلة للشعب باعتبار ان اعضائها منتخبين من الشعب‬

‫ومعبرين عن راي الناخبين واحتياجاتهم واهتماماتهم في كافة المجاالت‪ ،‬وبما ان اعداد النواب كبيرة‬

‫نوعا ما فال يمكن تصورهم موحدين جميعاً على غايات أو بواعث غير مشروعة وتؤدي بيهم إلى‬

‫االنحراف في استخدام السلطة ولعل من أهم ادوات الرقابة على هؤالء األعضاء هو إجراء‬

‫االنتخابات النيابية وبصفة دورية والذين يتم انتخابهم من ابناء الشعب بشكل مباشر بحيث تكون‬

‫االنتخابات بحد ذاتها وسيلة رقابية يمنع أعضاء السلطة التشريعية من االنحراف عن غايات‬

‫(‪ )1‬سالمان‪ ،‬عبد العزيز محمد (‪ .)2011‬ضوابط وقيود الرقابة الدستورية‪ ،‬سعد سمك للمطبوعات القانونية‪ ،‬ص‪.135‬‬
‫(‪ )2‬الباز‪ ،‬الرقابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.618‬‬
‫‪141‬‬

‫المصلحة العامة عند استعمل سلطتها وألنها تمثل االرادة العامة التي من المفروض ان تحقق‬

‫(‪)1‬‬
‫المصلحة العامة لذا ال يمكن السماح للقضاء الدستوري بمتابعة وبمراقبة نشاطاتها وأعمالها‪.‬‬

‫ذهب القضاء الدستوري في كل من مصر وفرنسا إلى ان رقابته ال تشمل (بواعث‪ ،‬ومالئمة‪،‬‬

‫وضرورة) التشريعات مبر اًر ذلك بانها تدخل في جوهر اختصاصات وسياسات الهيئات التشريعية‬

‫وهي من أهم صفات السلطة التقديرية الممنوحة للمشرع‪ ،‬حيث ان تدخل القاضي الدستوري بأشراف‬

‫والرقابة على غاية التشريع حيث انه بذلك يكون قد تجاوز صالحيته القضائية ومهامه المحددة‬

‫(‪)2‬‬
‫دستورياً بحيث أصبح هذا التدخل يشكل تجاو اًز ورسماً ومشاركاً في السياسية التشريعية للدولة‪.‬‬

‫ثانيإا‪ :‬موقفإالفقهإالمؤيدإلرقابةإالمصلحةإالعامة إ‬

‫ان مؤيدي رقابة القضاء الدستوري على الهيئة التشريعية من كافة نواحيه‪ ،‬وصوالً إلى مجال‬

‫سلطتها التقديرية لتدقيق مدى التزام هذه السلطة بأحكام الدستور وتحقيقها للمصلحة العامة وهو‬

‫هدف التشريع يذهب إلى مدى اوسع من ذلك حيث يرى ضرورة هيمنة الرقابة الدستورية على‬

‫االنحراف التشريعي الذي يمس ركن الهدف من التشريع كل ذلك نابع من مصدر اساسي كون‬

‫القضاء ملتزم بحماية أحكام الدستور بمعناه الشامل‪ ،‬ويعتمد أصحاب هذا االتجاه على جملة من‬

‫االسانيد الواقعية والقانونية التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬ان االنحراف التشريعي محل دراسة بحثنا والذي من المتوقع حصوله في ظل التأثير المباشر‬

‫للسلطة التنفيذية على وظيفة التشريع وهو األمر الذي يفتح افاق واسعة لحصول االنحراف‬

‫التشريعي والميل بهدف التشريع (المصلحة العامة ) نحو غايات خاصة بتلك السلطة ويتأتى ذلك‬

‫(‪ )1‬خطاب‪ ،‬اكرامي بسيوني (‪ .)2011‬القضاء الدستوري دراسة تحليلية نقدية مقارنة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫ص‪.46‬‬
‫(‪ )2‬البارز‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين في مصر‪ ،‬مرجع سابق‪.612 ،‬‬
‫‪142‬‬

‫من كون أعضاء السلطة التشريعية هم افراد معروض للخطأ ويتأثرون بواقع مجتمعاتهم وبيئاتهم‬

‫سلباً وايجاباً وبالضرورة فان ليس كل أعمالهم تهدف إلى المصلحة العامة (‪ ،)1‬وتأكيدا لما تقدم فان‬

‫القانون ليس من الضرورة ان يأتي معب اًر تعبي اًر دقيقاً عن االرادة العامة لالمة ومحققاً لمصلحتها‬

‫وبالتالي استثنائها من الرقابة القضائية على هذه القوانين‪ ،‬وذلك بسبب نفوذ وتأثير عدد قليل من‬

‫قيادات األحزاب والمجموعات السياسية وبعض رؤساء اللجان إضافة إلى عدم وجود معايير دقيقة‬

‫الختيار أعضاء البرلمان الذين من المهم ان يتسموا بأعلى درجات الكفاءة والثقافة العالية في‬

‫فهمهم لواقعهم المجتمعي والسياسي‪ ،‬وبالنتيجة يؤدي إلى ضعف رقابتهم وفهمهم لمضمون القوانين‬

‫التي تخدم المصلحة العامة التي يقرونها وبحيث من الممكن االلتفاف عليهم وايهامهم بتحقق‬

‫المصالح العامة مما يؤدي إلى سن تشريعات متسمة باالنحراف التشريعي وذلك لتحقيق غايات‬

‫(‪)2‬‬
‫ومصالح خاصة لمقدميها تحت غطاء خدمة الصالح العام‪.‬‬

‫‪ -2‬ان الخالف الفقهي القائم بين مؤيدي ومعارضي الرقابة الدستورية على المصلحة العامة‬

‫ان معارضي هذه الرقابة وكما ذكرنا سابقاً يذهبون إلى ان القاضي الدستوري يمارس رقابته على‬

‫المشرع وهذا مما‬


‫ّ‬ ‫دستورية القوانين بإحالل ارادته الشخصية وتقديره الشخصي محل ارادة وتقدير‬

‫يخالف صميم اختصاصه القضائي خاصة إذا من علمنا ان اختصاصه ينحصر في امرين وهما‬

‫أما ان يقر بدستورية القانون محل الطعن أو يحكم بعدم دستوريته إذا كان يناقض أحكام الدستور‬

‫من الناحية الشكلية والموضوعية دون ان تكون له سلطه تقديرية في تصحيح القانون أو تعديله‬

‫ليكون منسجم مع أحكام الدستور (‪ .)3‬لما تقدم فان الرقابة الدستورية ال يمكن ان تقف عند حدود‬

‫(‪ )1‬ابو المجد‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬ص‪594‬؛ واحمد‪ ،‬ثروت عبد العال (‪ .)1999‬حدود رقابة المشروعية في‬
‫قضاء الدستورية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.85‬‬
‫(‪ )2‬احمد‪ ،‬رمضان عيسى‪ ،‬االنحراف التشريعي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.286‬‬
‫(‪ )3‬ابو العينين‪ ،‬ماهر‪ ،‬االنحراف التشريعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.239‬‬
‫‪143‬‬

‫الرقابة القضائية على الدستور من مجرد المطابقة الظاهرية بين نصوص الدستور والقوانين‬

‫المشرع ة وانما يلزمه واجبه القضائي ان يتجاوز القاضي الدستوري المطابقة الحرفية إلى الخوض‬
‫ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫المشرع ونواياه وبالتالي الوصول إلى الهدف الحقيقي من وراء اقرار هذا التشريع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫في هدف‬

‫‪ -3‬ان المنظومة التشريعية بحاجة ماسة إلى رقابة دقيقة ليس من الشكلية فقط لكن من الناحية‬

‫المشرع لذا اصبح لزاماً ان يلتزم القضاء الدستوري‬


‫ّ‬ ‫الجوهرية لحماية التشريع من تجاوزات وانحرافات‬

‫المشرع‪ ،‬عليه‬
‫ّ‬ ‫في رقابته على التحقق من غاية التشريع وعدم الركون إلى الهدف والغاية التي يعلنها‬

‫فان المقياس الدقيق والحقيقي بعدم دستورية أي قانون وانحرافه عن تحقيق المصلحة العامة هو‬

‫المقياس األساسي للحكم بذلك‪ ،‬وبعكس ذلك يكون عدم التقيد بهذا المقياس يجعل الحقوق الدستورية‬

‫(‪)2‬‬
‫المشرع المستتر على تلك التشريعات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سليبة ومعرضة لتجاوزات وتطاول‬

‫لما تقدم فان المقارنة بين البدائل المختلفة واقرار احدى تلك البدائل يجب ان يخضع للرقابة‬

‫المشرع وقياس مدى‬


‫ّ‬ ‫الدستورية للتأكد من مدى تطابق الحل مع المصلحة العامة الذي ذهب إليه‬

‫ايفاءه بمستلزمات التي تقتضيها تحقيق تلك المصلحة العامة المتعلقة بالموضوع الذي أصدر‬

‫(‪)3‬‬
‫التشريع من اجله‪.‬‬

‫وبالنتيجة وتأكيداً لما ذكر أعاله فان اشراف القضاء الدستوري ورقابته على السلطة التقديرية‬

‫المشرع وانما يبرز وبشكل واضح مدى االنسجام والتوافق الكامل بين‬
‫ّ‬ ‫يمس من سلطة‬
‫للمشرع ال ّ‬

‫(‪ )1‬قنديل‪ ،‬رائد صالح احمد (‪ .)2010‬الرقابة على دستورية القوانين دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.160‬‬
‫(‪ )2‬عبد احمد‪ ،‬عصام سعيد (‪ .)2013‬الرقابة على دستورية القوانين دراسة مقارنة‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ص‪.592‬‬
‫(‪ )3‬النجار‪ ،‬زكي محمد (‪ .)1997‬فكرة الغلط البين في التقدير في القضاء الدستوري دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫‪144‬‬

‫التمتع بالسلطة التقديرية وممارستها ضمن نطاقها الدستوري يحقق الهدف المتوخاة من منح هذه‬

‫(‪)1‬‬
‫السلطة التقديرية‪.‬‬

‫المشرع قوتها من ثقة الناخبين فهي ليست سلطة حاكمة‬


‫ّ‬ ‫‪ -4‬تستمد السلطة التقديرية التي يتمتع بها‬

‫المشرع بل هي في الحقيقة ممارسة لصالحية قانونية للمشرع الهدف منها‬


‫ّ‬ ‫ومطلقة وخاضعة ألهواء‬

‫منحه مساحة الختيار البدائل المتاحة امامه وايجاد السبل الكفيلة لوضع الحلول المناسبة التي تحقق‬

‫المصلحة العامة في اوسع نطاق لها‪ ،‬بحيث يتطابق العنصران المتميزان للتشريع من حيث الباعث‬

‫والغاية لكون الباعث هو سبب التشريع والغاية تعد النتيجة من تشريع القانون بالرغم من استقاللهما‬

‫عن بعضهما رغم الصالت الوثيقة بين غاية التشريع وبواعثه‪ ،‬فعلى سبيل المثال فان الهدف من‬

‫سن تشريع ما لحماية االمن العام فانه يجمع الباعث والغاية معاً (‪ ،)2‬فان البواعث التي يهدف‬

‫المشرع اليها من سن تشريع ما وفي توقيت معين من االمور التي منحت للمشرع وال تخضع‬
‫ّ‬

‫للرقابة‪ ،‬وهذا بخالف الغاية من سن التشريع حيث تكون تحت سلطة الرقابة الدستورية في حالة‬

‫(‪)3‬‬
‫تحقق االنحراف وميله عن المصلحة العامة‪.‬‬

‫‪ -5‬نستنتج من كل ما تقدم ان عدم تحقيق المصلحة العامة وممارسة السلطة التقديرية لتحقيقها‬

‫فإ ن هذا يدل على ان استخدام السلطة التقديرية الممنوحة للمشرع لم يتم استخدامها بشكل سليم‬

‫ووفق السياقات الدستورية كذلك لم يتم االيفاء بغرضها لذا أصبح لزاماً وضرورياً ان يمتد سلطة‬

‫القضاء الدستوري في إشرافه ورقابته على السلطة التقديرية للمشرع بحيث ال يمنع وال يعيق على‬

‫(‪ )1‬ابو العينين‪ ،‬االنحراف التشريعي‪ ،‬الكتاب ‪ ،2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.243‬‬


‫(‪ )2‬ابو العينين‪ ،‬االنحراف التشريعي‪ ،‬الكتاب ‪ ،2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 261‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )3‬الشوابكة‪ ،‬محمد عبد اهلل (‪ .)2012‬رقابة االمتناع على دستورية القوانين‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫‪145‬‬

‫القضاء الدستوري ممارسة رقابته على تلك السلطة وهو بحد ذاته يحد من نطاق االنحراف‬

‫(‪)1‬‬
‫التشريعي‪.‬‬

‫ثالثا‪:‬إتباينإمواقفإالقضاءإالدستوريإالمقارنةإبشأنإالرقابةإعلىإالمصلحةإالعامة‪ .‬إ‬

‫ال بد ان نورد ادناه امثلة لمواقف القضاء الدستوري المقارن وكما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬موقف إالقضاء إالدستوري إالفرنسي‪ :‬اقرت الجمعية الوطنية الفرنسية بتاريخ ‪ 29‬اغسطس‬

‫‪ 1984‬قانوناً خاصاً بتحديد سن التقاعد للموظفين الذين يشغلون وظائف العامة والقطاع العام‪ ،‬وقد‬

‫ورد في القانون تبايناً في تحديد سن التقاعد لفئات معينة من الموظفين حيث خفضت سن التقاعد‬

‫لشريحة من الموظفين (بسن ‪ )65‬في حين ابقى على شريحة اخرى ضمن (سن ‪ )68‬المعمول به‬

‫سابقاً‪ ،‬ال بل استثنى مجموعة ثالثة من القانون بحيث ابقى سن االحالة إلى التقاعد (بسن ‪،)70‬‬

‫إضافة إلى ان القانون نفسه استثنى رئيس مجلس الدولة ونائبيه كذلك المراقب العام لديوان‬

‫المحاسبات من االحالة للتقاعد مع التأكيد على انهم متساوون مع باقي اقرانهم في هاتين الهيئتين‬

‫من حيث مراكزهم القانونية‪ ،‬وقد بررت الحكومة هذا التمايز فيما ذكر اعاله بان ما يهدف إليه‬

‫التجديد فيما‬
‫ً‬ ‫القانون هو فسح المجال امام ترقية الموظفين االصغر عم اًر إضافة إلى عمل حالة من‬

‫يخص نشاط القطاع العام والوظيفة العامة‪ ،‬إال أن المعارضة لم تقتنع بتلك الغايات والمبررات التي‬

‫(‪)2‬‬
‫صاحبت تشريع القانون من انها تحقق المصلحة العامة‪.‬‬

‫وبناء على ما تقدم تم الطعن بالقانون امام المجلس الدستوري الفرنسي على أساس وجود‬

‫االنحراف التشريعي حيث بينوا ان األهداف الحقيقية الكامنة وراء اصدار هذا التشريع هي ازاحة‬

‫(‪ )1‬جمال الدين‪ ،‬سامي (‪ .)2005‬القانون الدستوري والشرعية الدستورية‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ط‪ ،2‬ص‪ 168‬وما‬
‫بعدها؛ وابو العينين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.240‬‬
‫(‪ )2‬شرف‪ ،‬عبد المنعم عبد الحميد ابراهيم‪ ،‬المعالجة القضائية والسياسة لالنحراف التشريعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.429‬‬
‫‪146‬‬

‫أعضاء مجلس الدولة إضافة إلى أعضاء ديوان المحاسبة المعارضين للحكومة وتتخلص منهم‪،‬‬

‫(‪)1‬‬
‫متسائلين اين تكمن المصلحة العامة من هكذا قانون‪.‬‬

‫وقد قام المجلس الدستوري برفض الطعن متالفياً رأي المعارضين من توفر عنصر االنحراف في‬

‫القانون وقرر بناء عليه ان طعنهم واقع في االساس على مالئمة التشريع (‪ ،)2‬لذا فقد تمسك‬

‫المجلس الدستوري بصياغة النص التشريعي وظاهره ولم يتحرى عن الغاية الحقيقية للمشرع من‬

‫حيث سعيه إلى تحقيق مصالح فئوية أو شخصية أو يروم تحقيق المصلحة العامة‪.‬‬

‫ان القضاء الدستوري الفرنسي يتحاشى االخذ بنظرية االنحراف التشريعي ويمتنع بشكل صريح‬

‫عن ممارسة رقابته على الهدف من التشريع بقصد تشخيص المصلحة المقصودة من التشريع‬

‫ومقاصده فيما إذا كان يرغب بتحقيق المصلحة العامة من عدمه‪.‬‬

‫ب‪ -‬موقفإالقضاءإالدستوريإالمريكي‪:‬إال تأخذ المحكمة العليا االمريكية بشكل جاد موضوع‬

‫الرقابة على بواعث ومقاصد التشريع (المصلحة العامة) وقد استقرت على ذلك‪ ،‬ولم تسعى لوضع‬

‫قاعدة محددة وثابته بشان حل مشكلة االنحراف التشريعي كونها ال تتعرض لهذا العيب وال تبحث‬

‫به حتى تجعل منه نظرية أساساً‪ ،‬لكنها بنفس الوقت حسمت موضوع التحايل أو االلتفاف على‬

‫المشرع واعتبرته بطالناً للتشريع‪ ،‬بل وأكدت بان من اولى مهامها وواجباتها هوان‬
‫ّ‬ ‫الدستور من قبل‬

‫(‪ ) 1‬لقد كانت الغاية الحقيقة من تشريع هذ القانون هو احالة رئيس شركة االذاعة الثانية للتلفزيون والراديو للتقاعد‪ ،‬كونه كان‬
‫يتمتع بقدر كبير من االستقالل والحرية بطرح اآلراء ولم تكن الحكومة متوافقة مع ما يتم طرحه من آراء سياسية عبر هذه‬
‫الشركة‪ ،‬لذا عمدت الحكومة على تعطيل هذه الحرية وهذا االستقالل‪.‬‬
‫‪(2) Genevois Bruno (1988). La jurisprudence du conseil constitutionnel, principes directeurs, p.294 .‬‬
‫بواسطة الطائي‪ ،‬محمود صالح حميد‪ ،‬انحراف البرلمان في استعمال سلطته التشريعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫‪147‬‬

‫تمتنع عن االلتزام باي قاعدة قانونية تتستر بالقانون إذا تبين انه ال يدخل في اختصاصاتإ‬

‫الكونغرس أو واجباته‪ )1( .‬إ‬

‫ومن الوقائع الشهيرة التي وقعت في الواليات المتحدة االمريكية عام ‪ 1946‬وتتلخص القضية‬

‫بان الكونغرس قد قرر القيام بأجراء تحقيقات خاصة‪ ،‬بمواجبها قامت بتوجيه اتهامات لمجموعة من‬

‫موظفي السلطة التنفيذية متهمة اياهم بالشيوعية وخلصت إلى نتيجة مفادها انهم غير مؤهلين لتبوء‬

‫مواقعهم ولكن الجهات التنفيذية العليا التي يعملون تحت إدارتها امتنعت عن تنفيذ القرار واالنصياع‬

‫له إضافة إلى عدم رضوخها لقرار إنهاء خدمتهم لثقتها بوالئهم واخالصهم لوطنهم وهذا مما دفع‬

‫الكونغرس إلى االلتفاف على موقف االدارة من رفضها لقرارهم بإضافة فقرة في ملحق احد‬

‫التشريعات المالية الهامة حيث حرم هؤالء الموظفين المشمولين بالقرار من حقوقهم المالية التي‬

‫شملها القانون‪ ،‬على اثره قام المشمولين بالقرار بالطعن به أمام المحكمة مطالبين بحقهم وعليه‬

‫قررت المحكمة ان قرار حرمان الموظفين المذكورين يخالف نصوص قواعد الدستور االمريكي لسنة‬

‫(‪)2‬‬
‫‪.1787‬‬

‫لذا فأن قرار المحكمة جاء واضحاً وال يحتمل اللبس كونه تحاشا الحكم ببطالن التشريع على أساس‬

‫االنحراف التشريعي وعدم تحقيقه للمصلحة العامة وانما لجأ إلى الحكم بعدم دستوريته الظاهرية‪.‬‬

‫ج‪ -‬موقف إالقضاء إالدستوري إالمصري‪ :‬استقر القضاء الدستوري المصري بعد ثورة ‪ 25‬يناير‬

‫‪ 2011‬بالرقابة على غاية التشريع إضافة إلى توسيع سلطاتها فشملت رقابة السلطة التقديرية‬

‫للمشرع واخذت بمبدأ التحري عن اهداف التشريع األساسية وصيانة المصلحة العامة التي اصبحت‬

‫(‪ )1‬ابو المجد‪ ،‬احمد كمال‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين في الواليات المتحدة االمريكية واالقليم المصري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪478‬؛ والشاعر‪ ،‬رمزي‪ ،‬النظرية العامة للقانون الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.517‬‬
‫(‪ )2‬ابو المجد‪ ،‬احمد كمال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.477-469‬‬
‫‪148‬‬

‫من اولوياتها الرئيسية وواحداً من أهم أسباب الحكم ببطالن القانون وعدم دستوريته‪ ،‬واخذت بنظرية‬

‫االنحراف التشريعي واعتبرته واحداً من األسباب المهمة لممارسة رقابتها على دستورية القوانين‬

‫المشرع على ما يسنها‬


‫ّ‬ ‫وبشكل جلي وصريح وواضح بحث انها لم تأخذ بالتوصيفات التي يسردها‬

‫المشرع تحقيقها وصوالً‬


‫ّ‬ ‫من قوانين بحيث اصبحت تتعمق في الوصول للغاية الحقيقية التي يروم‬

‫بالنهاية إلى تحديد غاية التشريع ومن ثم نقض التشريع وابطاله لكونه مخالفاً للدستور مخالفة‬

‫خفية‪ ،‬وخير مثال على ذلك اقرارها بوجود انحراف تشريعي في قانون تعديل قانون رقم (‪ )17‬سنة‬

‫‪ 2012‬والمتعلق بالتمتع بالحقوق السياسية (قانون مباشرة الحقوق السياسية) والذي ذكرناه سابقاً‬
‫(‪)1‬‬
‫بالتفصل‪.‬‬

‫د‪ -‬إموقفإالمحكمةإالتحاديةإالعلياإالعراقية‪ :‬لقد اناطت الرقابة على التشريعات ودستوريتها‬

‫إلى المحكمة االتحادية العليا وفق الدستور العراقي النافذ لسنة ‪ 2005‬والزمت المحكمة بالتمسك‬

‫باختصاصاتها استناداً إلى النصوص الدستورية حص اًر ‪ ،‬كما من المهم ان نؤكد هنا على ان الرقابة‬

‫الدستورية على التشريعات المناطة بالمحكمة االتحادية العليا هي رقابة حالية والحقة أي انها‬

‫تمارس هذه الرقابة القضائية على جميع التشريعات المنشورة في الجريدة الرسمية أعماال لحكم‬

‫المادة (‪/93‬اوال ) من الدستور (‪ ،)2‬حيث ذهبت المحكمة االتحادية إلى رد دعوى احد المدعين‬

‫المنصبة على الطعن بالقوانين واالنظمة غير النافذة والتي يجب ان تنشر في الجريدة الرسمية وفي‬

‫قرار اخر لها اتخذت المحكمة ق ار اًر يؤكد على ان ال يجوز الطعن بدستورية أي قانون لم يتم نشره‬

‫في الجريدة الرسمية للدولة في وقت سابق إلقامة دعوى الطعن الن هذا التشريع لم يكن معموالً به‬

‫(‪ )1‬الشاعر‪ ،‬رمزي طه‪ ،‬رقابة دستورية القوانين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪741‬؛ والطائي‪ ،‬محود صالح حميد‪ ،‬انحراف البرلمان‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.174-167‬‬
‫(‪ )2‬المادة (‪/93‬اوالً)‪ " ،‬الرقابة على دستورية القوانين واالنظمة النافذة "‪.‬‬
‫‪149‬‬

‫ونافذاً بتاريخ اقامة دعوى الطعن الن المحكمة من صميم اختصاصاتها الرقابة على مدى دستورية‬

‫القوانين وان مثالنا السابق يتناول رقابة المحكمة االتحادية العليا على شرعية القوانين حيث تعد‬

‫رقابتها الحقة على صدور القوانين‪.‬‬

‫ان المحكمة االتحادية العليا لم تتناول عيب االنحراف التشريعي في ق ارراتها وتحددت‬

‫اختصاصاتها بالنظر في مشروعية القوانين ومدى التزامها بنصوص الدستور من عدمه‪ ،‬إضافة‬

‫إلى تجنبها البحث في الغاية التي تهدف اليها التشريعات فيما إذا كانت تحقق المصلحة العامة أم‬

‫ال‪.‬‬

‫وخير مثال على ذلك قانون امتيازات رئيس وأعضاء البرلمان والذي كان الطعن بشأنه على‬

‫أساس االنحراف التشريعي وعدم اتسام غاية القانون بتحقيق مصلحة عامة‪ ،‬إال ان المحكمة اهملت‬

‫األخذ بفكرة االنحراف التشريعي الذي اثاره مقدم الطعن واستندت في قرار حكمها إلى ان المادتين‬

‫(‪ )3‬و(‪ )4‬من قانون رقم (‪ )50‬لسنة ‪ 2007‬غير دستوري لمخالفتهما الدستور مخالفة مباشرة‪،‬‬

‫(‪)1‬‬
‫كونها ترتب امتيازات تقاعدية لرئيس مجلس النواب وأعضاءه‪.‬‬

‫وبعد تدقيق قرار المحكمة االتحادية ومن وجهة نظر الباحث نجد انه القانون معيب باالنحراف‬

‫التشريعي الن القانون رتب حقوق وامتيازات لفئة معينة دون غيرها ومخالً بمبدأي المساواة والعدالة‬

‫حيث ميز أعضاء السلطة التشريعية عن بقية اقرانهم المكلفين بخدمة عامة وللموظفين العمومين‬

‫وهوما تم تناوله سابقاً بالتفصيل‪.‬‬

‫(‪ )1‬قرار المحكمة االتحادية العليا رقم ‪/79‬اتحادية‪ 2013/‬في ‪ ،2013/10/23‬اصدارات مجلة التشريع والقضاء‪ ،‬مجلد ‪،6‬‬
‫بغداد‪ 2014 ،‬ص‪.221‬‬
‫‪150‬‬

‫ولكل ما تقدم ومن وجهة نظر الباحث التي تتفق مع الراي الفقهي المؤيد لتفعيل الرقابة‬

‫القضائية على توفر عنصر المصلحة العامة في التشريعات والشروع بتطبيق رقابة االنحراف‬

‫التشريعي على اعتباره من أهم الضمانات الدستورية المهمة جدا لمنع حاالت خرق الدستوري وتحت‬

‫أي ظرف كان‪ ،‬كون الجهات التي يصدر عنها التشريع ورغم كونها ممثلة لإلرادة العامة للشعب ال‬

‫يمكن الجزم بشكل قطعي بحيادتيها بسبب كثرة التدخالت الخارجية والضغوطات بشكل عام ومن‬

‫عدة اطراف كما بينا في الفصول السابقة‪ ،‬حيث اثبتت التجارب الكثيرة والتطبيقات الواقعية‬

‫للتشريعات بعد نفاذها ان التشريع قد ال يخدم بأي شكل من االشكال المصلحة العامة‪ ،‬لذا ولتحقق‬

‫شرعية القوانين وسالميتها الدستورية فأن من شروطها ان تكون غايتها محققة للمصلحة العامة‪،‬‬

‫فبحث القضاء الدستوري عن توفر حاالت انحراف تشريعي ال يعد خروجاً عن اختصاصه وال‬

‫المشرع التقديرية كما يفهم منها للوهلة االولى‪ ،‬فمطابقة مقاصد التشريع مع‬
‫ّ‬ ‫تدخالً في سلطة‬

‫نصوص الدستور ال يعد ام اًر خارجاً عن اختصاصات القاضي الدستوري بل على العكس تماماً‪،‬‬

‫وهذا ال يعني باي حال من االحوال بان القاضي الدستوري يقوم بأمالء مفاهيمه وقناعاته الشخصية‬

‫المشرع‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وموقفه الخاص عن المصلحة العامة ( التي تعد ذات معنى واسع كما هو معروف ) على‬

‫لذا كان عملية اخضاع غاية التشريع للرقابة القضائية هو الضمان الحقيقي لقطع الطريق امام‬

‫السلطة التشريعية لخرق أحكام الدستور بشكل مستتر ويضع سو اًر محدداً للتشريعات المتسمة‬

‫باالنحراف التشريعي ومغطى بغطاء المصلحة العامة‪.‬‬


‫‪151‬‬

‫المطلبإالثاني‪ :‬إ‬
‫قياسإأثرإالتشريع إ‬

‫ان التشريع كفكرة له اساسه الذي يتجلى من خالله فهوال يأتي من فراغ بل يكون اصداره طبقاً‬

‫لحاجات الدولة والمجتمع‪ ،‬حيث من المهم ان يأتي التشريع متطلعاً لتحقيق مصلحة عامة‪ ،‬على‬

‫المشرع في صياغة هذا التشريع ضمن قواعد قانونية وفنية ولغوية لتتجسد بصيغة‬
‫ّ‬ ‫أثره يبدأ عمل‬

‫مشروع قانون متكامل‪.‬‬

‫هناك توجه اعتمدته الدول المتقدمة عند وضع مسودات مشروعات قوانين‪ ،‬هذا التوجه يعتمد‬

‫على آلية الدراسات المعمقة للتشريع المقدم من حيث التعرف على ابعاده واإلحاطة بأهدافه‬

‫وبتأثيراته المتوقعة عند التطبيق قبل وضعه اساساً موضع التنفيذ والبحث في جميع جوانبه بشكل‬

‫شامل من حيث التكاليف والمزايا االيجابية والسلبية‪ ،‬وكل ما ذكر يطلق عليه قياس أثر التشريع‬

‫(‪)1‬‬
‫(‪ )Regulatory Impact Assessment‬والذي تطبقه معظم التشريعات الحديثة‪.‬‬

‫من وجهة نظر الباحث فان تسليط الضوء على موضوع قياس اثر التشريع والذي من نتائجه‬

‫توضيح اهداف التشريع وغاياته أمر مهم جداً‪ ،‬لكشف حاالت االنحراف بالتشريع‪ ،‬كون الغاية من‬

‫التشريع هي مجال االنحراف التشريعي كما ذكرنا سابقاً‪ ،‬فمعرفة غاية وأسباب التشريع التي قد‬

‫يشوبها انحرافات وبشكل مبك اًر قد يجنب السلطة التشريعية اصدار تشريعات تتسم باالنحراف‬

‫التشريعي‪ ،‬إضافة إلى انه قد يعد احد االدلة التي قد يثبت بها القاضي الدستوري انحراف التشريع‬

‫محل الطعن عن تحقيق غاية المصلحة العامة مثلما يعتمد على ادلة اخرى غير تقليدية مثل‬

‫(محاضر االجتماعات الخاصة باللجان التحضرية‪ ،‬تصريحات النواب الصحفية ‪ ...‬الخ)‪.‬‬

‫_‪(1(https://strathprints.strath.ac.uk/41173/1/Radaelli_De_Francesco_OUP_2015_Regulatory_impact‬‬
‫‪assessment.pdf‬‬
‫‪152‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى ان المصادر التي تبحث في موضوع قياس اثر التشريع شحيحة وغير‬

‫متوفرة بسبب حداثة الموضوع وان االسس النظرية لقياس االثر غير متكاملة والذي يعود تطبيقاته‬

‫إلى السنوات االربعين الماضية فقط‪ ،‬حيث بحث مزايا واهداف هذا التطبيق (أي قياس اثر لتشريع)‬

‫واهميته لجميع السلطات التشريعية بمواجهة السلطات التنفيذية إضافة إلى اظهارها لكفاءة واحترافية‬

‫الهيئات التشريعية‪ ،‬لذا اعتمد الباحث على ما متوفر من بحوث ومحاضر مؤتمرات وورش عمل‬

‫ومواقع الكترونية بحثت في هذا الموضوع لتوضيح الفكرة والوقوف على أهم جوانبها التي تخدم‬

‫دراستنا وكما يلي‪:‬‬

‫اول‪ :‬إمفه إوم إقياس إأثر إالتشريع‪ :‬نشأة فكرة قياس اثر التشريع في السبعينات من القرن‬

‫الماضي في الواليات المتحدة االمريكية‪ ،‬كون ان التشريع وجودته تتأثر بشكل كبير بمدى كفاءة‬

‫الدراسات التي تعد له والبحث في األثار التي قد تنتج عنه عند التطبيق إضافة إلى وضع البدائل‬

‫الممكنة ومناقشتها‪ ،‬حيث يتم اصدار أمر رئاسي بتطبيقه‪ ،‬فقد تم تأسيس مكتب متخصص بالشؤون‬

‫التشريعية والمعلومات مهمتها قياس االثر التشريعي‪ ،‬وقامت العديد من الدول المتقدمة بإصدار‬

‫تشريعات تقنن اثر التشريع وقياسه وعلى سبيل المثال فان جمهوريات مثل (الشيك‪ ،‬المكسيك‪ ،‬كوريا‬

‫الجنوبية) اصدرت قوانين جعلت من قياس اثر التشريع من االسس المهمة للتشريع وفي مالحق‬

‫قانونية مرفقة‪ ،‬إضافة إلى دول عديدة منها (فرنسا‪ ،‬ايطاليا‪ ،‬النمسا‪ ،‬هولندا) حيث تقوم ووفقاً‬

‫لمبادئ واوامر توجيهية صادرة من مجالس الوزراء بتطبيق قياس االثر التشريعي‪ ،‬في حين قام‬

‫مجلس الوزراء الدنماركي بتأسيس مكتب متخصص يعمل بين الحكومة والبرلمان مهمته االساس‬
‫‪153‬‬

‫(‪)1‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى قيام مجلس النواب العراقي باستحداث قسم متخصص‬ ‫قياس اقر التشريعات‪.‬‬

‫بقياس أثر التشريعات تأكيداً ألهميته وضرورته في تطوير العمل التشريعي وللوقوف على مدى‬

‫التزام التشريعات وتحقيقها لمتطلبات التطور المجتمعي والمصلحة العامة (‪ ،)2‬حيث ان هذا األمر ال‬

‫يمكن تحقيقه اال بقياس االثر من التشريعات سواء كان القياس سابق أم الحق للتشريع‪.‬‬

‫ولتوضيح ما المقصود بقياس االثر التشريع من المهم ذكر التعريفات التي توضح مفهومه‬

‫ومنها " آلية سياسية متطورة ومنظمة تستخدم كوسيلة لدراسة وقياس احتماالت ان تحقق التشريعات‬

‫)‪(3‬‬
‫فوائد وعوائد وتكاليف وآثار حصيلة لتشريع قائم بالفعل أو معدل أو جديد"‪.‬‬

‫وفي تعريف آخر " انه طريقه يمكن من خاللها التعرف على االثار المتوقعة للتشريعات قبل‬

‫بناء على تشخيص المشكلة التي تم سن التشريع ألجلها‪،‬‬


‫نفاذها وذلك لإللمام بأبعاده إلماماً شامالً ً‬

‫والقيام بالتحليل والتباحث ومناقشة نصوص التشريع وتحليله من الناحية القانونية وتحديد كلفته ومن‬

‫(‪)4‬‬
‫ثمة تصنيف سلبياته وايجابياته المحتملة وصوالً إلى الخيارات أو البدائل المتاحة"‪.‬‬

‫ويالحظ الباحث ان التعريف الثاني أوضح المفهوم الذي يقوم عليه قياس االثر التشريعي بشكل‬

‫اكثر دقة وشمولية من خالل ايضاح اهميته كونه يحدد المشكلة األساسية التي يقوم عليها التشريع‬

‫والبدائل المتاحة إضافة إلى االعتماد وبشكل اساسي على االدلة العلمية والبيانات‪ ،‬واحداث حالة‬

‫من التوازن بين فوائد التشريع وتكاليفه الذي على اساسه يوسع من نطاق الشفافية ويحد من الفساد‬

‫(‪ )1‬الركابي‪ ،‬هاتف المحسن (‪ .)2018‬قياس أثر التشريع (دراسات تطبيقية جريت في العراق في قياس وتقييم االثر التشريعي‬
‫لبعض القوانين النافذة ومشروعات ومقترحا القوانين)‪ ،‬دار السنهوري‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪23-22‬؛ والصاوري‪ ،‬علي (‪.)2014‬‬
‫بحث في قياس أثر التشريع‪ ،‬ورشة عمل‪ ،‬المعهد البريطاني‪ ،‬اربيل‪ ،‬دائرة البحوث مجلس النواب العراقي‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫(‪ )2‬موقع مجلس النواب العراقي ‪https://iq.parliament.iq‬‬
‫‪(3) Building an Institonal Framework for Regulatory Impact Analysas (RIA) (2008). Guidance‬‬
‫‪for Policy Makers, OECD, Paris, P.12 https://www.oecd.org/gov/regulatory-‬‬
‫‪policy/40984990.pdf‬‬
‫(‪ )4‬الركابي‪ ،‬هاتف المحسن‪ ،‬قياس أثر التشريع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪154‬‬

‫وممارساته والمسائلة وأخي اًر تقييم كافة المشروعات والمقترحات وتعديلها سواء كانت مقدمة من‬

‫الحكومة أو البرلمان‪ ،‬عليه يكون الغرض من قياس االثر للتشريعات هو تدقيق القوانين من حيث‬

‫كونها تحقق االغراض التي شرعت من اجلها ام ال‪ ،‬كون نجاح أي تشريع في الحياة الواقعية يقاس‬

‫بمدى تحقيق المصلحة العامة المرجوة منه وتوفير اقصى استفادة للشمولين بيه‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬إقياسإأثرإالتشريعإأهميتهإواهدافهإ‬

‫ان مفهوم قياس أثر التشريع يتمحور بين البساطة والتعقيد معاً‪ ،‬فهومن البساطة بمكان‬

‫الستناده على جملة من االوصاف واألسباب الموجبة الداعية إلى اصدار تشريع جديد أو تعديل‬

‫القائم منها‪ ،‬ويتسم بالتعقيد ألنه يتطلب القيام بجملة خطوات قائمة على المنهج العلمي وتحليلي‬

‫للوصول إلى بلورة القرار الحاسم بشأن تشريع جديد أو اجراء التعديالت على القائم منها (‪ .)1‬حيث‬

‫تهدف هذه المنهجية لالطالع على مستوى نجاح االجراءات والسياسيات الحكومية وتنفيذ الغايات‬

‫التي يستهدفها التشريع إضافة إلى اعتبارها وسيلة لمتابعة ومساءلة الحكومة وأدائها إضافة إلى‬

‫تفعيل االداء البرلماني الرقابي على السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫ان النائب البرلماني يجب ان يكون ملماً بفلسفة التشريع ومبادئه وكذلك اللجان البرلمانية‪ ،‬ألنها‬

‫تعد من االركان المهمة اساسيات العمل البرلماني‪ ،‬ويظهر ذلك من خالل الكشف عن الغاية‬

‫الحقيقة لمشروعات القوانين التي تقدم من السلطة التنفيذية إلى البرلمان‪ ،‬اومن خالل قيام النائب‬

‫هيبة نصوص‬ ‫باالسترشاد بفلسفة القانون عند اعداده أو اقتراحه للقانون حيث عليه مراعاة‬

‫(‪ )1‬عبد الرزاق‪ ،‬كريم السيد (‪ .)2012‬قياس أثر التشريعات‪ ،‬النهضة‪ ،‬المجلد الثالث عشر‪ ،‬العدد االول‪ ،‬يناير ‪،2012‬‬
‫ص‪https://platform.almanhal.com/Files/2/8546 :7‬‬
‫‪155‬‬

‫الدستورية وسموها إضافة لتفعيل الوظيفة الرقابة للبرلمان حيث عليه مراقبة اداء السلطة التنفيذية‬

‫(‪)1‬‬
‫ومدى تحقيق االوامر التنظيمية لغاية القانون والتي صدرت تنفيذا له‪.‬‬

‫المشرع ان يأخذ بنظر االعتبار عند تشريعه النصوص القانونية ان‬


‫ّ‬ ‫ومن جهة أخرى فإن على‬

‫يتوخى الحذر أثناء صياغته للنصوص‪ ،‬من حيث تجنب االنحراف عن فلسفة التشريع وبخالفه‬

‫فإن تلك التشريعات تؤدي إلى صياغة نصوص قانونية ال تفي بمتطلبات واحتياجات المجتمع ال بل‬

‫وفي حاالت اكثر سلبية قد يكون موجه ألهداف اخرى كان تكون اهدافاً سياسية أو اقتصادية أو‬

‫المشرع ان يأخذ‬
‫ّ‬ ‫اجتماعية أو وسيلة للمساس بمقومات األساسية لكيان المجتمع ويجب أيضاً على‬

‫بنظر االعتبار عملية التدرج الزمني لألهداف العامة كأمن القانوني والمنفعة العامة والمساواة‬

‫(‪)2‬‬
‫والعدالة وكذلك مراعاة األهداف الخاصة حسب اقسام التشريع‪.‬‬

‫وفي الختام يجب ان نؤكد حقيقة جوهرية تمس عموم التشريعات اذ من المهم التمييز بين‬

‫علميتي التقييم القياس‪ ،‬فلتقييم هو موقف سياسي للتشريع مستنداً على عقيدة السياسيين ومبادئهم‬

‫التي يؤمنون بها في الحكومة والبرلمان‪ ،‬أما القياس فانه فأنه يعتمد الوسائل الموضوعية العلمية‬

‫التي تضعها الهيئة التشريعية من خالل نخبة من الخبراء والمستشارين وذوي الخبرة المتراكمة من‬

‫ذوي االختصاصات الفنية والقانونية والباحثين للوقوف على معرفة مدى اثر التشريع‪ ،‬حيث تهدف‬

‫الهيئة التشريعية (ممثلة الشعب) إلى تقليص الفجوة بين التقييم كموقف سياسي وبين قياس أثر‬

‫التشريع المستند على الجانب العملي المدعوم بالحقائق‪ ،‬حيث هناك اعتبارات كثيرة لقياس اثر‬

‫التشريع بعضها كمي كالتكاليف واالخر نوعي كدرجة رضا األفراد‪ ،‬حيث يتم بصورة شاملة ومستقلة‬

‫(‪ )1‬درمان‪ ،‬رشيد (‪ .)2016‬منظمة الشركاء الدوليين‪ ،‬بحث في تقييم أثر التشريع‪ ،‬المؤتمر االقليمي الخامس لمؤسسة‬
‫الشركات الدوليين لتحسين أثر التشريعات‪ ،‬األردن‪ ،‬البحر الميت‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫(‪ )2‬عبد الهادي‪ ،‬احمد (‪ .)2013‬فلسفة التشريع وانعكاسها على وظيفة البرلمان‪ ،‬المؤتمر االول للتطوير البرلماني‪ ،‬مجلس‬
‫الشعب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.3-2‬‬
‫‪156‬‬

‫قياس االثر التشريعي بعيداً عن أي تأثير من األحزاب السياسية أو جماعات الضغط‪ ،‬حيث يتم‬

‫(‪)1‬‬
‫بذلك تحديد وقياس جميع االثار المحتملة للتشريع‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫ونستخلص مما تقدم اهمية قياس االثر التشريعي وكما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬يسهم في فهم غاية التشريعات المقترحة من الحكومة والمشكلة المطروحة والحلول التي رسمت‬

‫لها ومدى فاعليتها من عدمه‪.‬‬

‫‪ -2‬يعد قياس اثر التشريعات وثيقة يتحدد من خاللها تاريخ السياسات المتبعة من قبل السلطة‬

‫التشريعية‬

‫‪ -3‬افادة البرلمانين عند الشروع في تعديل قانون أو تقييمه سواء اكان مقدم من الحكومة اومن‬

‫النواب‪ ،‬حتى بعد صيرورته ودخوله حيز النفاذ‪ ،‬للتأكد من افادته للشريحة التي يستهدفها‪.‬‬

‫‪ -4‬اعتماد على االدلة والبراهين ال تخاذ أي قرار أو سن أي تشريع على اختالف السياسات العامة‬

‫حيث يكون التركيز على األهداف والمزايا والمنافع ككل ومدى تحقيقها للصالح العام من خالل‬

‫تجانس القوانين والسياسات إضافة إلى طرح االثار السلبية من اجل العمل على تالفيها أو التقليل‬

‫منها‪.‬‬

‫‪ -5‬خلق حالة من الرقابة والشفافية وذلك من خالل توضيح كافة السياسيات التي تنتهجها الحكومة‬

‫إضافة إلى تقديم كافة المعلومات وبطريقة علمية مدروسة واضحة ومباشرة يسهل على المتلقي‬

‫فهمها واستيعابها (حتى لو لم يكن برلمانياً أو ذو خبرة(‪.‬‬

‫ثالثإا‪ :‬آليةإقياسإالثرإالتشريع‪ :‬هناك منهجية أو آلية عامة ممكن اتباعها عند المباشرة بقياس‬

‫أثر تشريع معين وذلك حسب ما يلي‪:‬‬

‫(‪ )1‬الركبي‪ ،‬هاتف المحسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬


‫(‪ )2‬داود‪ ،‬اصيل سلمان (‪ .)2016‬بحث قياس أثر التشريع‪ ،‬دائرة البحوث‪ ،‬مجلس النواب العراقي؛ والصاوي‪ ،‬علي (‪.)2014‬‬
‫بحث‪ ،‬المعهد البريطاني‪ ،‬اربيل‪ ،‬دائرة البحوث مجلس النواب‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪157‬‬

‫‪ -1‬إالتعرف إعلى إالمشكلة‪ :‬ويكون ذلك من خالل الوقوف على االغراض الرئيسية التي يتوخى‬

‫المشرع بوضع نصوص قانونية‬


‫ّ‬ ‫التشريع تحقيقها واألهداف التي يروم الوصول إليها‪ ،‬فعندما يقوم‬

‫لحل مشكلة ما وهوما يستوجب الوقوف على أساس المشكلة حيث يكون عليه التعرف على جوهر‬

‫المشكلة بشكل معمق ودقيق وتوقيت ظهورها وأسبابها والحيز الذي تشمله تلك المشكلة وأخي اًر‬

‫البحث عن التداعيات واالثار الناتجة عن ذلك‪ ،‬مع االخذ بنظر االعتبار وجود نصوص تشريعات‬

‫مشابه أو سابقة أو أية اوامر تنظيمه قد صدرت سابقاً بشأنها لمعاجلة بعض جوانب المشكلة‬

‫(‪)1‬‬
‫لتالفي التضارب أو تعددية التشريعات لموضوع واحد والذي يخلق حالة من الفوضى‪.‬‬

‫‪ -2‬تحديدإاألهداف‪ :‬من المهم ان تكون األهداف محددة بشكل واضح ال لبس فيه‪ ،‬وعدم اللجوء‬

‫إلى وضع اهداف واسعة فضفاضة غير مفهومة‪ ،‬حيث ان من اساسيات القياس الناجح ان تكون‬

‫األهداف حقيقية واقعية ومحددة مسبقاً حتى تكون قابلة للقياس ومن ثم التحقق عن المباشرة بتنفيذ‬

‫(‪)2‬‬
‫القانون‪.‬‬

‫‪-2‬إتوفرإالساسإالدستوريإللتشريع‪ :‬وهوما يعرف أيضاً بالتحليل القانوني ويبحث في مدى‬

‫تطابق النصوص التشريعية المقترحة مع بنود الدستور‪ ،‬ومن ناحية حفاظه على المبادئ الدستورية‬

‫العامة (الفصل بين السلطات‪ ،‬مبدأ المشروعية والشرعية‪ ،‬حماية حقوق االنسان‪ ،‬مبدأ تدرج القاعدة‬

‫القانونية)‪ ،‬إضافة إلى انسجامه مع ق اررات المحاكم الدستورية مع التأكيد على ان يكون هدف‬

‫القانون واضحاً ‪.‬مع تجنب ومتى ما كان ضرورياً قدر االمكان ان يكون مقترح التشريع ال يتناقض‬

‫مع االتفاقيات والتدابير القانونية القائمة االخر وذلك حينما يطبق‪ ،‬على ان يكون التشريع ذو‬

‫(‪ )1‬عالونة‪ ،‬محمود وحماد‪ ،‬االء والبرغوثي‪ ،‬رزان (‪ .)2017‬دليل تقييم االثر التنظيمي للتشريعات والتدخالت الحكومية‪،‬‬
‫معهد الحقوق‪ ،‬جامعة بيرزيت‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫(‪ )2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫‪158‬‬

‫نصوص واضحة ومفهومة ووضع تعريفات لجميع المصطلحات المبهمة‪ ،‬وبعد التطبيق من‬

‫الضروري مراجعة مدى تلبية هذا القانون لألهداف التي شرع من اجلها مع تحديد آلية المراجعات‬

‫من حيث التوقيت واالسلوب (القياس الالحق للتشريع) مع توفير البيانات السنوية والمنتظمة‬

‫(‪)1‬‬
‫للمشرعين‪.‬‬

‫ان توافر ما تم ذكره اعاله يؤدي إلى عدم الوقوع في اشكالية االخطاء الموضوعية والشكلية‬

‫ويوفر اعلى درجات الدقة في نصوص القواعد القانونية المقترحة وعدم تناقضها في القانون األسمى‬

‫(الدستور)‪ ،‬حتى مع القوانين النافذة إضافة إلى تحديد نطاق السريان لتالفي االرباك القانوني في‬

‫الصياغة التشريعية‪.‬‬

‫‪ -3‬الجهاتإذاتإالصلةإبالتشريع‪ :‬ويقصد به تحديد جميع االطراف التي قد تتأثر بالتشريع بصورة‬

‫مباشرة أو غير مباشرة (جهات حكومية أو مدنية) والتشاور معهم وسماع وجهات نظرهم‪ ،‬كون هذا‬

‫االجراء له دو اًر فعالياً لتكامل القانون من النواحي كافة سواء كانت تكامل الصياغة أو تأكيد‬

‫المضمون واالثار كونهم سيوفرون معلومات تفيد التشريع المقترح وتحدد الفوائد منه وهوما يسهم في‬

‫(‪)2‬‬
‫اتسام القانون بسمة االستمرار والديمومة‪.‬‬

‫‪ -4‬تحديد إالثار إ(المحاسن إوالضرار)‪ :‬وتقاس بمدى تأثير التشريعات التي تم اقتراحها على‬

‫الحقوق المكتسبة والمنافع واالمتيازات سلباً أو ايجاباً على (الدولة والمواطن) إضافة إلى معرفة‬

‫مدى نجاح الحلول والمعالجات التي اتى بها التشريع لحل مشكلة معينة‪ ،‬ومدى توفر حماية‬

‫للحريات والحقوق من عدمه وتحديد الـتـعـويضـات لـهـا فـي ح ـالـة الـمسـاس بهـا‪ ،‬وهذه اآلثار قـد تـكـون‬

‫(‪ )1‬المحسن‪ ،‬هاتف‪ ،‬قياس أثر التشريع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31-30‬‬


‫(‪ )2‬نعيم‪ ،‬وائل‪ ،‬سبعة خطوات اساسية لعملية تقييم أثر االنحراف‪ ،‬مقال منشور على االنترنت‬
‫‪https://www.albayan.ae/across-the-uae/news-and-reports/2016-11-02-1.2750181‬‬
‫‪159‬‬

‫(اثار اجتماعية‪ ،‬اثار اقتصادية‪ ،‬اثار قانونية‪ ،‬اثار مالية‪ ،‬إضافة إلى االثار البيئية واالنسانية‬
‫(‪)1‬‬
‫‪...‬الخ)‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة هنا إلى ان لقياس االثر نوعان االول سابق للتشريع يسمى (قياس اثر‬

‫التشريع) وهوما يوضحه الباحث في هذا المبحث‪ ،‬أما القياس الالحق للتشريع (تقييم اثر التشريع)‬

‫فيقصد بيه قيام السلطة التشريعية بعملية متابعة وبحث التشريعات بعد نفاذها وذلك للتأكد من تحقق‬

‫النتائج ( الغاية ) التي كانت سبباً لتشريعه وكما مخططاً لها وهوما يوفر فرصة لتطوير جودة‬

‫التشريعات المقدمة للمواطنين من قبل النواب‪ ،‬ومن المهم ان يكون التقييم التالي لنفاذ التشريع مبني‬
‫(‪)2‬‬
‫على االدلة في حالة عدم عادلة القانون أو ينتج عنه اضرار ومعوقات عند التطبيق‪.‬‬

‫‪ -5‬البدائل‪ :‬وهي تتخلص في البديل (صفر) أي ابقاء الحالة بدون أي تشريع والبديل التشريعي أي‬

‫االستمرار بمراحل تشريع القانون المقترح أو (تعديله أو الغاءه) وأخي اًر البديل االجرائي وهو الخيار‬

‫وقررات‬
‫الثاني الذي يقترح بعد اجراء القياس ويتمثل بأخذ إجراءات مناسبة أو اصدار تعليمات ا‬
‫)‪(3‬‬
‫بإمكانها حل المشكلة المطروحة‪.‬‬

‫‪ -6‬التكاليفإإوالعباءإالمادية‪ :‬أي احتساب ما قد يتطلبه التشريع المقترح من نفقات مالية وتوازن‬

‫هذه النفقات مع عوائد الناتجة عن التشريع وتثبيت الموفقات على هذه النفقات في حالة توفرها في‬

‫الموازنة ام ان التمويل من مصادر متعددة‪ ،‬إضافة إلى اهمية كون هذا النفقات مدرجة بشكل‬
‫)‪(4‬‬
‫واضح ال لبس فيه لجميع االطراف المعنية بالتشريع المقترح‪.‬‬

‫(‪ )1‬المحسن‪ ،‬هاتف (‪ .)2019‬دليل قياس أثر التشريع‪ ،‬دار اوراق‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.59‬‬
‫(‪ )2‬مون‪ ،‬ميغ (‪ .)2016‬تقييم أثر التشريعات‪ ،‬المؤتمر االقليمي الخامس لمؤسسة الشركاء الدوليين لتحسين أثر التشريعات‪،‬‬
‫األردن‪ ،‬البحر الميت‪ ،‬نقالً عن المركابي‪ ،‬هاتف محسن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪55‬؛ وأريج‪ ،‬خليل‪ ،‬دور االدعاء العام في‬
‫قياس اثر التشريعي للقوانين النافذة ‪/https://www.hjc.iq/view.67359‬‬
‫(‪ )3‬عبد الرزاق‪ ،‬كريم‪ ،‬قياس أثر التشريعات‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫(‪ )4‬الفتالوي‪ ،‬احمد شنان بحر (‪ .)2016‬قياس الكلفة المالية للتشريعات‪ ،‬بحث‪ ،‬دائرة البحوث‪ ،‬مجلس النواب العراقي‪،‬‬
‫ص‪ 10‬وعالونة‪ ،‬محمود وحماد‪ ،‬آالء والبرغوثي‪ ،‬رزان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪160‬‬

‫الفصلإالخامس‪ :‬إ‬
‫الخاتمة‪،‬إالنتائجإالتوصيات إ‬

‫أولا‪:‬إالخاتمة إ‬

‫يمس غايات ومبادئ العامة‬


‫ان االنحراف التشريعي يكتسب أهميته وخطورته من أنه عيب ّ‬

‫للدستور باعتباره عيب يصيب غاية التشريع وبشكل خفي له من اآلثار السلبية التي تعكس بظاللها‬

‫على مبدأ المشروعية‪ ،‬فتهدر الحقوق والحريات التي كفلها الدستور ويضر بعمل الهيئات‬

‫والمؤسسات الحكومية ويسبب تعطل مبدأ سمو الدستور ويشل قاعدة تدرج القوانين‪ ،‬مما يؤدي إلى‬

‫زعزعة النظام القانوني العام للدولة‪ ،‬يعود ذلك لتوظيف التشريعات بما يخدم مصالح الطبقة الحاكمة‬

‫والفئات ذات النفوذ واألحزاب السياسية أصحاب القرار وليس لتحقيق المصلحة العامة والغايات‬

‫األساسية ذات النفع العام‪ ،‬ومن الوسائل التي يمكن بواسطتها الوصول إلى تشخيص واثبات حدوث‬

‫عيب االنحراف التشريعي ومنها مراجعة محاضر اجتماعات اللجان والمناقشات الحوارية مع ذوي‬

‫الكفاءات من أصحاب الشأن والمشمولين بالتشريع ومساهمات ومداخالت النواب إضافة‬

‫تصريحاتهم في وسائل االعالم‪.‬‬

‫ان من اهم الضمانات التي تحد من االنحراف التشريعي‪ ،‬هو رقابة القضاء الدستوري على‬

‫تحقق المصلحة العامة في التشريعات‪ ،‬هذه الرقابة سيكون لها إسهام في تطوير نظرية االنحراف‬

‫التش ريعي والرقابة عليه والحد من اثاره وتخرجه من دائرة العيب االحتياطي إلى اعتباره أحد العيوب‬

‫األساسي ة التي يبحث بها القاضي الدستوري فيستقر معياره ومحدداته وتتوضح طرق اثباته وكما‬

‫يمكن إدخال طرق مبتكرة جديدة تسهل من كشف واثبات انحراف التشريع عن غاية المصلحة‬

‫العامة‪.‬‬
‫‪161‬‬

‫ثانيا‪:‬إالنتائج إ‬

‫‪ .1‬لحداثة نظرية االنحراف التشريعي هناك اختالف فقهي يدور بين مؤيد للمعيار الذاتي وآخر‬

‫المشرع هي التي‬
‫ّ‬ ‫مؤيد للمعيار الموضوعي‪ ،‬فمؤيدي المعيار الذاتي يرون ان البحث في نية‬

‫توصل بالنتيجة إلى كشف توافر عيب االنحراف في التشريعات؛ وفريق اخر يرى ان االنحراف‬

‫التشريعي ذو معيار موضوعي يتخذ من المصلحة العامة أساساً‪ ،‬وال يحبذ الغوص في نوايا‬

‫المشرع كمعيار لصعوبة اثباتها وما تسببه من ارباك لعمل القاضي الدستوري الذي ال يبحث‬
‫ّ‬

‫المشرع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫في نوايا‬

‫‪ .2‬رقابة عيب االنحراف التشريعي مثار جدل فقهي دستوري لكونه يمس تحديداً السلطة التقديرية‬

‫للمشرع ويوسمها بالفساد وعدم ابتغاء المصلحة العامة في حالة تم اثباته‪ ، ،‬كما ان القضاء‬

‫الدستوري يتحاشى البحث في االنحراف التشريعي لصعوبة اثباته و لمساسه بكيان السلطة‬

‫التشريعية مما أبقى على احتياطية هذا العيب‪.‬‬

‫‪ .3‬لم يحدد الفقه القانوني وال القضاء الدستوري بصورة عامة تعريفاً واضحاً لمصطلح االنحراف‬

‫التشريعي وال لمبدأ المشروعية وهو االمر الذي قد يسبب الكثير من اللغط وسوء فهم‬

‫للمصطلحات بالنسبة للمهتمين والباحثين في الشأن القانوني‪.‬‬

‫المشرع الدستوري العراقي إلى التمييز بين التشريعات على اساس مقترح قانون مقدم من‬
‫ّ‬ ‫‪ .4‬ذهب‬

‫السلطة التشريعية ومشروع قانون مقدم من السلطة التنفيذية هذا التمييز ادى إلى ضعف في‬

‫اداء التشريعي للسلطة التشريعية وبالتالي هيمنة التشريعات الحكومية وما عزز من ذلك تأكيد‬

‫المحكمة االتحادية العليا العراقية على ذات المعنى بأنه ال يجوز سن قانون دون عرضه مسبقاً‬
‫‪162‬‬

‫على السلطة التنفيذية بحجة وجود جنبة مالية وضرورة أخذها بنظر االعتبار عند إعداد‬

‫الميزانية العامة للدولة‪.‬‬

‫‪ .5‬يمس االنحراف التشريعي مبدأ المشروعية بشكل مباشر ويعطله‪ ،‬مسبباً إخالالً جسيماً بسمو‬

‫الدستور وتجاو اًز على نصوصه وروحه والذي يؤثر بالنتيجة على قاعدة تدرج القوانين التي‬

‫ستصبح بال فائدة وال أهمية بسبب عدم االلتزام بتطبيقها‪ ،‬وهذا ما سيجعل من مبدأ الفصل بين‬

‫تعدي السلطات على‬


‫السلطات مجرد مبدأ عام وفضاض خال من المضمون بسبب ّ‬

‫اختصاصات بعضها البعض‪.‬‬

‫‪ .6‬هناك العديد من العوامل التي تسبب االنحراف بالتشريع ومن اهمها آلية تكوين السلطة‬

‫التشريعية والتي تؤثر بشكل مباشر على ق ارراتها‪ ،‬إضافة إلى الضغط الناتج عن تدخالت‬

‫السلطة التنفيذية في أعمال السلطة التشريعية‪ ،‬نتيجة لسيطرة األحزاب السياسية وتشكيالتها‬

‫ذات االغلبية البرلمانية وهو ما يضعف من األداء التشريعي نتيجة للخالفات والصراعات التي‬

‫تؤدي بالنتيجة إلى خروقات تشريعية جمة بسبب تضارب المصالح وسرعة االنجاز وعدم‬

‫المراجعة الدقيقة لحيثيات مشروع القانون مما يؤدي بالتالي إلى إصدار تشريعات تتسم‬

‫باالنحراف التشريعي والمخالفات المباشرة للدستور‪.‬‬

‫‪ .7‬ان قياس اثر التشريع (القياس السابق والقياس الحق)‪ ،‬والتي تعتمد منهجيته على البحث في‬

‫غاية التشريع واهدافه واثاره‪ ،‬بما يمنح السلطتين التشريعية والتنفيذية االطالع الشامل على‬

‫التشريع المقترح كونه يهيئ دراسة تبحث في جميع حيثيات التشريع لتقدم صورة شاملة عن‬

‫جميع اهدافه وغاياته واثاره وحتى تكاليفه المالية ومدى تحقيقه للمصلحة العامة والنفع العام‪،‬‬

‫من خالل منهجية شاملة مدروسة قد يعتبر إضافة لو تم التعمق في بحثه ليصبح ذو فائدة‬

‫وآلية مهمة قد تحد من إصدار تشريعات تشوبها المخالفات سواء كانت مخالفات مباشرة‬
‫‪163‬‬

‫للدستور أو مخالفات مستترة (االنحراف التشريعي)‪ ،‬وحتى اعتماده كأحد االدلة التي يلجأ اليها‬

‫القاضي الدستوري لتشخيص حاالت االنحراف‪.‬‬

‫ثالثا‪:‬إالتوصيات إ‬

‫‪ .1‬توصي الدراسة باعتماد معيار مدى تحقق المصلحة العامة والنفع العام من التشريع عند‬

‫البحث عن توافر عيب انحراف تشريعي‪ ،‬كونه يسهل عمل القاضي الدستوري عند البحث في‬

‫المشرع وخفاياها‪ ،‬ومن جهة اخرى يعد‬


‫ّ‬ ‫تشريع موضوع محل الطعن وال يدخله في متاهات نوايا‬

‫معيا اًر ثابتاً ويعطي رسوخاً وثباتاً لنظرية االنحراف التشريعي ‪.‬‬

‫‪ .2‬توصي الدراسة بضرورة الرقابة الدستورية على عيب االنحراف التشريعي وادراج هذه الرقابة‬

‫في التشريعات الخاصة التي تنظم عمل المحاكم الدستورية لجميع االنظمة الدستورية بصورة‬

‫المشرع‬
‫عامة حماية لمبدأ المشروعية والحقوق والحريات الواردة في الدستور‪ ،‬لذا نهيب ب ّ‬

‫العراقي بصورة خاصة تنظيم هذه الرقابة اسوة بمصر خدمة للصالح العام‪ ،‬واعتباره عيبا‬

‫اساسيا ال يمكن التغاضي عنه‪،‬‬

‫‪ .3‬من المهم ان يضع الفقه والقضاء تعريفات واضحة لكل من مصطلح االنحراف التشريعي‬

‫ومصطلح مبدأ المشروعية لتعزيز فهم المصطلحين لدراسي القانون والباحثين‪ ،‬منعاً للبس وعدم‬

‫القدرة على التمييز المقصود منهما للوصول إلى معاني واضحة الداللة تخدم تطور علم‬

‫القانون‪.‬‬

‫المشرع الدستوري العراقي بتوحيد رؤيته بشأن طرح مشاريع القوانين أو اقتراحها‬
‫ّ‬ ‫‪ .4‬توصي الدراسة‬

‫بحيث ال يسلب السلطة التشريعية واحدة من أهم اختصاصاتها وهي التشريع‪ ،‬ويمكن تالفي‬

‫االلتباس الحاصل في صياغة النص الدستوري الوارد في المادة (‪ )60‬من الدستور بإعادة‬
‫‪164‬‬

‫صياغتها بما يحفظ للسلطة التشريعية اختصاصها األساسي بحث تق أر كالتالي " حق تقديم‬

‫مشروعات القوانين مكفول للسلطتين التشريعية و التنفيذية "‪.‬‬

‫‪ .5‬من الضروري جداً تفعيل الرقابة الذاتية للسلطة التشريعية لحماية مبدأ المشروعية وذلك بأن‬

‫تتكون الهيئة التشريعية من مجلسين االول تشريعي والثاني رقابي برلماني والمتكون من نخبة‬

‫متميزة من أهل الخبرة واالختصاص في كافة المجاالت تقوم بمهمة الرقابة البرلمانية على‬

‫التشريعات قبل اق ارراها‪ ،‬فيما يخص العراق فمن المهم اإلسراع بتشكيل مجلس االتحاد الواردة‬

‫في المادة (‪ )48‬من الدستور‪.‬‬

‫‪ .6‬توصي الدراسة االخذ بنظر االعتبار عملية قياس أثر التشريع كمنهجية معتمدة ترفق بجميع‬

‫التشريعات لمواكبة التطور الحاصل في الدول المتقدمة في مجال التشريعات أوالً ولفهم أكثر‬

‫دقة لجميع جوانب التشريع ثانياً‪ ،‬وال يقف األمر على مسألة دراسة القانون المقترح وانما‬

‫التعمق بالبحث فيه ودراسة جميع آثاره بعد تمريره ونفاذة‪ ،‬وذلك من خالل تشكيل هيئة‬

‫متخصصة بقياس أثر التشريع والتي يمكن إنشائها في السلطتين التشريعية والتنفيذية ليكون‬

‫عملها تكميلي واستجابة لمتطلبات المصلحة العامة‪.‬‬


‫‪165‬‬

‫قائمةإالمراجع إ‬

‫أول‪:‬إالكتبإالمتخصصة إ‬

‫ابو العينين‪ ،‬محمد ماهر (‪ .)2013‬االنحراف التشريعي والرقابة على دستورية‪ ،‬الكتاب الثاني‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬المركز القومي لإلصدارات القانونية‪.‬‬

‫ابو المجد‪ ،‬احمد كمال (‪ .)1960‬الرقابة على دستورية القوانين في الواليات المتحدة االمريكية‬
‫واالقليم المصري‪ ،‬مكتبة النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫احمد‪ ،‬ثروت عبد العال (‪ .)1999‬حدود رقابة المشروعية في قضاء الدستورية‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫احمد‪ ،‬عصام سعيد عبد (‪ .)2013‬الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬شركة المؤسسة الحديثة للكتاب‪،‬‬
‫لبنان‪.‬‬

‫البارز‪ ،‬علي السيد (‪ .)1978‬الرقابة على دستورية القوانين في مصر‪ ،‬دار الجامعات المصرية‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.‬‬

‫بدر الدين‪ ،‬احمد (‪ .)1988‬الرأي العام طبيعته وتكوينه وقياسه ودوره في السياسة العامة‪ ،‬الدار‬
‫العربية للنشر والتوزيع‪.‬‬

‫البدراوي (‪ .)1962‬المدخل للعلوم القانونية‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫بدوري‪ ،‬ثروت (‪ .)1999‬النظم السياسية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫بدوي‪ ،‬ثروت (‪ .)1970‬النظم السياسية‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬

‫بدوي‪ ،‬ثروت (‪ .)1972‬النظم السياسية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫بدوي‪ ،‬ثروت (‪ .)1986‬النظم السياسية‪ ،‬دار النهضة العربية للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫بدوي‪ ،‬ثروت (‪ .)2007‬تدرج الق اررات االدارية ومبدأ الشرعية‪ ،‬دار النهضة العربية للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫القاهرة‪.‬‬

‫بسيوني‪ ،‬عبد الغني (‪ .)1997‬رقابة دستورية القوانين‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬


‫‪166‬‬

‫بسيوني‪ ،‬عبد الغني (‪ .)1998‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬منشاة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬

‫البنا‪ ،‬محمود عاطف (‪ .)1991‬الوسيط في القضاء االداري‪ ،‬دار الفكر العربي‪.‬‬

‫بواسطة السعيد‪ ،‬كامل (‪ .)2017‬النظرية العامة للقضاء الدستوري‪-‬دراسة تحليلية تأصيلية‬


‫توصيفيه توجيهية مقارنة‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫بوزيان‪ ،‬عليان (‪ .)2009‬دولة المشروعية بين النظرية والتطبيق دراسة مقارنة بين الشريعة‬
‫والقانون‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫بوزيان‪ ،‬عليان (‪ .)2009‬دولة المشروعية بين النظرية والتطبيق دراسة مقارنة بين الشريعة‬
‫والقانون‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪.‬‬

‫البياتي‪ ،‬منير حميد (‪ .)2003‬النظام السياسي االسالمي مقارناً بالدولة القانونية دراسة دستورية‬
‫شرعية وقانونية مقارنة‪ ،‬دار االوائل‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫الجرف‪ ،‬طعيمة (‪ .)1963‬مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون‪ ،‬مكتبة القاهرة الحديثة‪،‬‬
‫القاهرة‪.‬‬

‫الجرف‪ ،‬طعيمة (‪ .)1976‬مبدأ المشروعية وضوابط خضوع االدارة العامة للقانون‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬ط‪.3‬‬

‫الجرف‪ ،‬طعيمة (‪ .)2001‬النظرية العامة للقانون الدستوري‪ ،‬ط‪ ،3‬دار النهضة العربية‪.‬‬

‫جعفر‪ ،‬محمد أنس قاسم (‪ .)1987‬الوسيط في القانون العام القضاء االداري مبدأ المشروعية‬
‫مجلس الدولة دعوى االلغاء‪ ،‬دار النهضة العربية‪.‬‬

‫جعفر‪ ،‬محمد انيس قاسم (‪ .)1999‬الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬دراسة مقارنة تطبيقية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫جمال الدين (‪ .)2010‬النظم السياسية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬

‫جمال الدين‪ ،‬سامي (‪ .)2000‬مبدأ تدرج القواعد القانونية ومبادئ الشرعية االسالمية‪ ،‬منشأة‬
‫المعارف‪.‬‬

‫جمال الدين‪ ،‬سامي (‪ .)2005‬القانون الدستوري والشرعية الدستورية على ضوء قضاء المحكمة‬
‫الدستورية العليا‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬
‫‪167‬‬

‫جمال الدين‪ ،‬سامي (‪ .)2013‬تدرج القواعد القانونية ومبادئ الشريعة االسالمية‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬

‫الجمل‪ ،‬يحيى (‪ .)1976‬االنظمة السياسية المعاصرة‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫الجمل‪ ،‬يحيى (‪ .)2007‬رقابة دستورية القوانين دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫الجمل‪ ،‬يحيى‪ ،‬االنظمة السياسية المعاصرة (‪ .)1990‬دار النهضة العربية للطباعة النشر‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫الحافظ‪ ،‬صفاء (‪ .)1976‬نظرية القانون االشتراكي وبعض تصنيفاتها التشريعية‪ ،‬بغداد‪ ،‬بدون دار‬
‫نشر‪.‬‬

‫حافظ‪ ،‬محمود‪ ،‬القضاء اإلداري (د‪.‬ت)‪ .‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫الحسيني‪ ،‬محمد طه حسين (‪ .)2014‬مبادئ القانون الدستوري‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة دار السالم القانونية‪،‬‬
‫النجف األشرف‪.‬‬

‫الحسيني‪ ،‬محمد طه حسين (‪ .)2016‬مبادئ القانون الدستوري‪ ،‬منشورات زين الحقوقية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪.‬‬

‫الحلو‪ ،‬ماجد راغب (‪ .)1977‬القضاء االداري‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫الحلو‪ ،‬ماجد راغب (‪ .)1986‬دستورية القوانين‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬

‫حلو‪ ،‬ماجد راغب (‪ .)2000‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬

‫الحلو‪ ،‬ماجد راغب (‪ .)2005‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬ط‪ ،2‬منشأة المعارف‬
‫باإلسكندرية‪.‬‬

‫الحلو‪ ،‬ماجد راغب (‪ .)2014‬دستورية القوانين‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬

‫الحياري‪ ،‬عادل (‪ .)1972‬مبادئ القانون الدستوري‪.‬‬

‫خالد‪ ،‬حميد حنون (‪ .)2013‬مبادئ القانون الدستوري وتطور النظام السياسي في العراق‪ ،‬مكتبة‬
‫السنهوري‪ ،‬بغداد‪.‬‬

‫الخالدي‪ ،‬احمد عبد الحميد (‪ .)2011‬المبادئ الدستورية العامة للقانون الدستوري‪ ،‬دار الكتب‬
‫القانونية‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪168‬‬

‫خضر‪ ،‬خضر (د‪.‬ت)‪ .‬مدخل إلى الحريات العامة وحقوق االنسان‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪،‬‬
‫طرابلس‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫خطاب‪ ،‬اكرامي بسيوني (‪ .)2011‬القضاء الدستوري دراسة تحليلية نقدية مقارنة‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫الخطيب‪ ،‬نعمان (‪ .)1993‬مبادئ القانون الدستوري‪.‬‬

‫الخطيب‪ ،‬نعمان (‪ .)2010‬الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬دار الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬االصدار السادس‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪.‬‬

‫الخطيب‪ ،‬نعمان احمد (‪ .)2014‬الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬ط‪ ،10‬عمان‪،‬‬
‫دار الثقافة للنشر والتوزيع‪.‬‬

‫خميس‪ ،‬راغب جبريل (‪ .)2009‬الصراع بين حرية الفرد والسلطة الدولية‪ ،‬المكتب الجامعي‬
‫الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬

‫خوشناو‪ ،‬دلير صابر إبراهيم (‪ .)2015‬دور الدستور في ارساء دولة القانون‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬
‫االسكندرية‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫دسوقي‪ ،‬رأفت (‪ .)2006‬هيمنة السلطة التنفيذية على اعمال البرلمان‪ ،‬منشأة المعارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.‬‬

‫الركابي‪ ،‬هاتف المحسن (‪ .)2018‬قياس أثر التشريع (دراسات تطبيقية جريت في العراق في قياس‬
‫وتقييم االثر التشريعي لبعض القوانين النافذة ومشروعات ومقترحا القوانين)‪ ،‬دار السنهوري‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬

‫رمضان‪ ،‬شعبان احمد (‪ .)2000‬ضوابط واثار الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪.‬‬

‫زهران‪ ،‬همام محمد محمود وابو عمرو‪ ،‬مصطفى احمد (‪ .)2010‬مبادئ القانون االصول العامة‬
‫للقاعدة القانونية والحق وااللتزام‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫سالمان‪ ،‬عبد العزيز محمد (‪ .)2011‬ضوابط وقيود الرقابة الدستورية‪ ،‬سعد سمك للمطبوعات‬
‫القانونية‪.‬‬
‫‪169‬‬

‫السبع‪ ،‬ناجي هادي محمد (‪ .)2021‬مشروعية القضاء الدستوري تفعيل لمبدأ الرقابة الدستورية‬
‫الذي يجربه المحكمة االتحادية العليا في العراق‪ ،‬مكتبة القانون المقارن‪ ،‬العراق‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫سرور‪ ،‬احمد فتحي (‪ .)2000‬الحماية الدستورية للحقوق والحريات‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬ط ‪ ،2‬القاهرة‪.‬‬

‫سكران‪ ،‬راغب جبريل خميس (‪ .)2011‬الصراع بين حرية الفرد وسلطة الدولة‪ ،‬المكتب الجامعي‬
‫الحديث‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ط‪.2‬‬

‫سلمان‪ ،‬عبد العزيز محمد (‪ .)1995‬الرقابة على دستورية القوانين في مصر‪ ،‬دار الفكر العربي‪.‬‬

‫سليم‪ ،‬عبد المجيد إبراهيم (‪ .)2010‬السلطة التقديرية للمشرع‪-‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.‬‬

‫السناري‪ ،‬محمد (‪ .)1986‬الشرعية االسالمية وضوابط رقابة دستورية القوانين في مصر‪ ،‬عالم‬
‫الكتب‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫السناري‪ ،‬محمد (‪ .)2006‬القانون الدستوري ونظرية الدولة والحكومة‪ ،‬دار النهضة العربية النشر‪.‬‬

‫السيد‪ ،‬محمد صالح عبد البديع (‪ .)2010‬قضاء الدستورية في مصر في ضوء قانون وأحكام‬
‫المحكمة الدستورية العليا‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫الشاعر‪ ،‬رمزي (‪ .)1978‬النظرية العامة للقانون الدستوري‪ ،‬مطبعة عين شمس‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫الشاعر‪ ،‬رمزي (‪ .)1982‬القضاء االداري ورقابته على اعمال االدارة‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪.‬‬

‫الشاعر‪ ،‬رمزي طه (‪ .)1988‬األيدولوجيات وأثرها في االنظمة السياسية المعاصرة‪ ،‬مطبعة جامعة‬


‫عين شمس‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫الشاعر‪ ،‬رمزي طه (‪ .)2004‬رقابة دستورية القوانين‪-‬دراسة مقارنة مع دراسة تحليلية للقضاء‬


‫الدستوري في مصر‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫الشاوي‪ ،‬منذر (‪ .)1972‬القانون الدستوري نظرية الدستور‪ ،‬ج‪ ،2‬مطبعة شفيق‪ ،‬بغداد‪.‬‬

‫الشاوي‪ ،‬منذر (‪ .)2012‬فلسلفة الدولة‪ ،‬دار ورد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬

‫الشاوي‪ ،‬منذر (‪ .)2013‬دولة القانون‪ ،‬ط‪ ،1‬الذاكرة للنشر والتوزيع‪ ،‬بغداد‪.‬‬


‫‪170‬‬

‫الشاوي‪ ،‬منذر (‪ .)2015‬فلسفة الحياة السياسية‪ ،‬الذاكرة للنشر والتوزيع‪ ،‬العراق‪ ،‬بغداد‪.‬‬

‫شبر‪ ،‬رافع خضر صالح (‪ .)2016‬فصل السلطتين التنفيذية والتشريعية في النظام البرلماني‪ ،‬دار‬
‫السنهوري‪ ،‬بغداد‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫شحاته‪ ،‬شحاته أبو زيد (‪ .)2001‬مبدأ المساواة في الدساتير العربية في دائرة الحقوق والواجبات‬
‫العامة وتطبيقاته القضائية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫الشرفاني‪ ،‬ابراهيم احمد صالح (‪ .)2016‬رقابة المحكمة الدستورية على السلطة التقديرية للمشرع‪،‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫الشرقاوي‪ ،‬سعاد (‪ .)1981‬الوجيز في القضاء االداري‪ ،‬مبدأ المشروعية مجلس الدولة‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫الشرقاوي‪ ،‬سعاد (‪ .)1998‬النظم السياسية في العالم المعاصر‪ ،‬دار النهضة العربية‪.‬‬

‫الشرقاوي‪ ،‬سعاد (‪ .)2007‬النظم السياسية في العالم المعاصر‪ ،‬مركز جامعة القاهرة للتعليم‬
‫المفتوح‪.‬‬

‫شعيب‪ ،‬شنوف (‪ .)2010‬الممكن وغير الممكن في معالجة ظاهرة الفساد‪ ،‬المؤتمر السنوي العام‬
‫الحادي عشر‪ ،‬نحو استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد‪ ،‬منشورات المنظمة العربية للتنمية‬
‫اإلدارية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫شكري‪ ،‬علي يوسف (‪ .)2011‬مبادئ القانون الدستوري‪ ،‬مؤسسة دار الصادق الثقافية‪ ،‬العراق‪،‬‬
‫ط‪.1‬‬

‫شنطاوي‪ ،‬علي خطار (‪ .)2013‬االنظمة السياسية والقانون الدستوري األردني والمقارن‪ ،‬دار وائل‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.‬‬

‫الشوابكة‪ ،‬محمد عبد اهلل (‪ .)2012‬رقابة االمتناع على دستورية القوانين‪ ،‬دار الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬

‫شيحا‪ ،‬إبراهيم (‪ .)1998‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫صليبا‪ ،‬عاطف (‪ .)2002‬دور القضاء الدستوري في ارساء دولة القانون دراسة مقارنة‪ ،‬المؤسسة‬
‫الحديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪171‬‬

‫صيام‪ ،‬سري محمود (‪ .)2015‬صناعة التشريع‪ ،‬ك ‪ ،1‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫الطائي‪ ،‬محمود صالح حميد (‪ .)2018‬انحراف البرلمان في استعمال السلطة التشريعية‪ ،‬المصدر‬
‫القومي لإلصدارات القانونية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫الطماوي‪ ،‬سليمان (‪ .)1976‬النظريات العامة للق اررات االدارية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.4‬‬

‫الطماوي‪ ،‬سليمان (‪ .)1976‬النظرية العامة للق اررات االدارية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫الطماوي‪ ،‬سليمان (‪ .)1986‬السلطات الثالث في الدساتير العربية المعاصرة والفكر السياسي‬


‫االسالمي دراسة مقارنة‪ ،‬مطبعة جامعة عين شمس‪.‬‬

‫الطماوي‪ ،‬سليمان (‪ .)1996‬السلطات الثالث في الدساتير العربية والمعاصرة وفي الفكر السياسي‬
‫واالسالمي‪ ،‬دار الفكر العربي‪.‬‬

‫الطماوي‪ ،‬سليمان محمد (‪ .)1988‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬دراسة مقارنة‪.‬‬

‫عاطف‪ ،‬البنا محمود (‪ .)2001‬الوسيط في النظم السياسية‪ ،‬دار النشر للجامعات‪ ،‬جامعة القاهرة‪.‬‬

‫عبد احمد‪ ،‬عصام سعيد (‪ .)2013‬الرقابة على دستورية القوانين دراسة مقارنة‪ ،‬المؤسسة الحديثة‬
‫للكتاب‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫عبد الحميد‪ ،‬عبد العظيم عبد السالم (‪ .)2006‬تطور االنظمة الدستورية دراسة مقارنة التطور‬
‫الدستوري الفرنسي التطور الدستوري المصري‪ ،‬الكتاب االول‪ ،‬ط‪ ،1‬دار النهضة العربية‪.‬‬

‫عبد العال‪ ،‬محمد حسنين (‪ .)1992‬القانون الدستوري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫عبد العال‪ ،‬محمد حسنين (‪ .)1998‬القانون الدستوري‪ ،‬دار النهضة العربية‪.‬‬

‫عبد اهلل‪ ،‬عبد الغني بسيوني (‪ .)2000‬القضاء االداري اللبناني‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬

‫عبد المجيد‪ ،‬عبد المجيد محمود (‪ .)2014‬الفساد تعرفيه وصوره وعالقته باألنشطة االجرامية‬
‫األخرى‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬ط‪ .1‬دار النهضة‪ ،‬الجيزة‪ ،‬مصر‪.‬‬

‫عبد الوهاب‪ ،‬محمد رفعت (‪ .)2008‬رقابة دستورية القوانين (المبادئ النظرية والتطبيقات‬
‫الجوهرية)‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪172‬‬

‫عبود‪ ،‬سالم محمد (‪ .)2011‬ظاهرة الفساد االداري والمالي مدخل استراتيجي للمكافحة‪ ،‬دار‬
‫الدكتور للعلوم اإلدارية واإلقتصادية والعلوم األخرى‪ ،‬بغداد‪ ،‬ط‪.2‬‬

‫العبودي‪ ،‬محسن (‪ .)2008‬المبادئ الدستورية العامة وتطور االنظمة الدستورية المصرية‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫عبيد‪ ،‬محمد كامل (‪ .)2011‬نظرية الدولة‪ ،‬أكاديمية شرط دبي‪ ،‬ط‪ ،4‬دبي‪.‬‬

‫عصفور‪ ،‬محمد (‪ .)1957‬مذاهب المحكمة االدارية العليا في الرقابة والتفسير واالبتداع‪ ،‬دون‬
‫مكان نشر‪ ،‬دون ناشر‪.‬‬

‫العضايلة‪ ،‬امين سالمة (‪ .)2012‬الوجيز في النظام الدستوري‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬

‫عكوش‪ ،‬حميد موحان وجويعد‪ ،‬اياد خلف محمد (‪ .)2013‬الديمقراطية والحريات العامة‪ ،‬مكتبة‬
‫السنهوري‪ ،‬بغداد‪.‬‬

‫علوش‪ ،‬فريد (‪ .)2010‬اليات حماية القاعدة القانونية الدستورية في الجزائر‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.‬‬

‫علي‪ ،‬سعيد السيد (‪ .)2006‬المبادئ األساسية للنظم السياسية وانظمة الحكم المعاصرة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫الكتاب الحديث‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫الغزالي‪ ،‬ستار عبد اهلل (‪ .)2017‬الرقابة على دستورية القوانين واللوائح‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪.‬‬

‫فرحات‪ ،‬فوزت (‪ .)2004‬القانون االداري العام‪ ،‬مكتبة الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ك ‪ ،2‬ط‪.1‬‬

‫فريد‪ ،‬فاال (‪ .)2009‬حماية الحقوق والحريات الدستورية في ضوء المسؤولية السياسية والجنائية‬
‫للسلطة التنفيذية النظام البرلماني نموذجاً‪ ،‬مطبعة شهاب‪ ،‬أربيل‪.‬‬

‫فودة‪ ،‬رأفت (‪ .)1994‬مصادر المشروعية اإلدارية ومنحنياتها دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪.‬‬

‫الفياض‪ ،‬إبراهيم (‪ .)1988‬القانون االداري‪ ،‬مكتبة الفالح للنشر والتوزيع‪ ،‬الكويت‪.‬‬

‫قنديل‪ ،‬أشرف عبد القادر (‪ .)2013‬الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.‬‬
‫‪173‬‬

‫قنديل‪ ،‬رائد صالح احمد (‪ .)2010‬الرقابة على دستورية القوانين دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫الكاظم‪ ،‬صالح جواد والعاني‪ ،‬علي غالب (‪ .)2007‬االنظمة السياسية‪ ،‬العاتك لصناعة الكتب‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬توزيع المكتبة القانونية‪ ،‬بغداد‪ ،‬ط‪.2‬‬

‫كحيل‪ ،‬عبد الرحمن أسامة (‪ .)2019‬االنحراف التشريعي بين القانون الوضعي والفقه االسالمي‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.‬‬

‫كرم‪ ،‬غازي (‪ .)2009‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬مكتبة الجامعة‪ ،‬الشارقة‪ ،‬اثراء للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬األردن‪.‬‬

‫كشاكش‪ ،‬كريم يوسف (‪ .)1987‬الحريات العامة في االنظمة السياسية المعاصرة‪ ،‬منشأة المعارف‪.‬‬

‫كنعان‪ ،‬نواف (‪ .)2013‬مبادئ القانون الدستوري والنظام الدستوري األردني‪ ،‬اثراء للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪.‬‬

‫مبارك‪ ،‬سعيد (‪ .)1992‬اصول القانون‪ ،‬دار الكتب للطباعة والنشر‪ ،‬جامعة الموصل‪.‬‬

‫متولي‪ ،‬عبد الحميد (‪ .)1956‬الوسيط في القانون الدستوري‪ ،‬دار الطالب لنشر الثقافة الجامعية‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.‬‬

‫متولي‪ ،‬عبد الحميد (‪ .)1959‬الوجيز في النظريات واالنظمة السياسية ومبادئها الدستورية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫متولي‪ ،‬عبد الحميد (‪ .)1975‬الحريات العامة نظريات في تطورها وضماناتها ومستقبلها‪ ،‬منشأة‬
‫المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬

‫المجذوب‪ ،‬محمد (‪ .)2002‬القانون الدستوري والنظام السياسي‪ ،‬ط‪ ،4‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬

‫المحسن‪ ،‬هاتف (‪ .)2019‬دليل قياس أثر التشريع‪ ،‬دار اوراق‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫محفوظ‪ ،‬زكريا محمد حميد (‪ .)1966‬حالة الطوارئ في القانون المقارن‪ ،‬ط‪ ،1‬منشأة المعارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.‬‬

‫محمود‪ ،‬همام محمد (‪ .)2010‬المدخل إلى نظرية القانون (نظرية القانون)‪ ،‬منشورات الحلبي‬
‫الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪174‬‬

‫المر‪ ،‬عوض (‪ .)2003‬الرقابة على دستورية القوانين في مالمحها الرئيسية‪ ،‬مركز رينيه‪ ،‬جان‬
‫دبوي للقانون والتنمية‪.‬‬

‫مرسي‪ ،‬حسام (‪ .)2014‬القانون الدستوري –المقومات األساسية تطبيقاً على الدستور المعاصر‪،‬‬
‫دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬

‫المسلماني‪ ،‬محمد احمد إبراهيم (‪ .)2015‬القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.‬‬

‫مطر‪ ،‬عصام عبد الفتاح (‪ .)2011‬الفساد االداري ماهيته أسبابه مظاهره الوثائق العالمية والوطنية‬
‫المعنية بمكافحته دور الهيئات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية في مواجهة الفساد‪ ،‬دار‬
‫الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬

‫معابرة‪ ،‬محمود محمد (‪ .)2011‬الفساد اإلداري وعالجه في الشريعة االسالمية دراسة مقارنة‬
‫بالقانون اإلداري‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫الموسى‪ ،‬نوفل عبد الحميد (‪ .)2020‬االلتزامات الدستورية على الدولة وضمانات الوفاء بها‪،‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫ميل‪ ،‬جون ستيورات‪ ،‬الحكومات البرلمانية‪ ،‬ترجمة أميل الغوري‪ ،‬دار اليقظة العربية‪.‬‬

‫النجار‪ ،‬زكي محمد (‪ .)1997‬فكرة الغلط البين في التقدير في القضاء الدستوري دراسة مقارنة‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫النسور‪ ،‬فهد أبو العثم (‪ .)2016‬القضاء الدستوري بين النظرية والتطبيق‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪.‬‬

‫وصفي‪ ،‬مصطفى كمال (‪ .)1998‬مصنفة النظم االسالمية‪ ،‬مكتبة وهبة للطباعة والنشر‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫والنظام الدستوري في االسالم مقارناً بالنظم المعاصرة‪ ،‬مكتبة وهبة للطباعة والنشر‪.1994 ،‬‬

‫الوكيل‪ ،‬شمس الدين (‪ .)1966‬دروس في القانون‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬ط‪ ،1‬اإلسكندرية‪.‬‬

‫إ‬
‫‪175‬‬

‫ثانيإا‪:‬إالرسائلإواألبحاث إ‬

‫احمد‪ ،‬ثروت عبد العال (‪ .)1992‬الرقابة القضائية على مالئمة الق اررات االدارية‪ ،‬رسالة دكتوراه‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة أسيوط‪.‬‬

‫احمد‪ ،‬رمضان عيسى (‪ .)2018‬االنحراف بالتشريع (العراق أنموذجا)‪ ،‬اطروحة دكتوراه‪ ،‬الجامعة‬
‫االسالمية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬قسم القانون العام‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫احمد‪ ،‬سنبل عبد الجبار (‪ .)2017‬مبدأ سمو الدستور وكفالة احترامه دراسة تحليليه مقارنة‪ ،‬بحث‬
‫منشور في مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة كركوك‪ ،‬مج ‪ ،6‬ع ‪،21‬‬
‫‪https://www.iasj.net/iasj/download/e419749f614d3c66‬‬

‫النافذة‬ ‫للقوانين‬ ‫التشريعي‬ ‫أثر‬ ‫قياس‬ ‫في‬ ‫العام‬ ‫االدعاء‬ ‫دور‬ ‫خليل‪،‬‬ ‫أريج‪،‬‬
‫‪/https://www.hjc.iq/view.67359‬‬

‫اسبايطي‪ ،‬رشدي (‪ .)2015‬مبدأ المشروعية محاولة لتحديد ابعاد المفهوم‪ ،‬دار المنظومة‪ ،‬المصدر‬
‫المجلة المحلية المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد (‪،)123،122‬‬

‫بارة‪ ،‬عدنان فاضل (‪ .)2017‬عيب االنحراف التشريعي وتطبيقاته في التشريعات المالية‬


‫واالقتصادية في العراق‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة النهرين‪.‬‬

‫بطيخ‪ ،‬رمضان محمد (‪ .)2008‬مبدأ المشروعية وضمانات احترامه‪ ،‬بحث منشور في موقع دار‬
‫القاهرة‪،‬‬ ‫االدارية‪،‬‬ ‫للتنمية‬ ‫العربية‬ ‫المنظمة‬ ‫الناشر‬ ‫المنظومة‪،‬‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/125157‬‬

‫بن عياش‪ ،‬رشيد‪ ،‬مفهوم المصلحة العامة‪ ،‬بحث منشور ‪.www.m.ahewar.org‬‬

‫البوشي‪ ،‬شريف حسن (‪ .)2019‬المشروعية الدستورية والتحول الديمقراطي‪ ،‬المعهد المصري‬


‫للدراسات‪www.eipss-eg.org ،‬‬

‫توفيق‪ ،‬سمير خيري (‪ .)1981‬المشروعية في النظام االشتراكي‪ ،‬كلية القانون والسياسة‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه‪ ،‬جامعة بغداد‪.‬‬

‫الجبل‪ ،‬جورج (‪ .)2004‬العوامل واآلثار في النمو االقتصادي والتنمية‪ ،‬دراسة منشورة في الفساد‬
‫والحكم الصالح في البالد العربية‪ ،‬بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية بالتعاون مع المعهد السويدي باإلسكندرية‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪.‬‬
‫‪176‬‬

‫الجبوري‪ ،‬ساجر ناصر (‪ .)1998‬التشريع االسالمي والغزو القانوني الغربي للبالد االسالمية‪،‬‬
‫رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية العلوم االسالمية‪ ،‬جامعة بغداد‪.‬‬

‫الجبوري‪ ،‬ماجد نجم عيدان والشواني‪ ،‬رزكار جرجيس عبد اهلل (‪ .)2016‬دور القضاء العراقي في‬
‫ضمان الشرعية الدستورية‪ ،‬مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‪ ،،‬عدد ‪ 19‬الجزء‬
‫االول‪ ،‬المجلد رقم ‪.5‬‬

‫جريدة الوقائع العراقية‪ ،‬العدد ‪ 4273‬في ‪ ،2013/4/8‬صادر عن و ازرة العدل العراقية‪.‬‬

‫الجوعاني‪ ،‬حيدر جمال تيل (‪ .)2014‬مكافحة الفساد في ضوء القانون الدولي‪ ،‬رسالة ماجستير‪،‬‬
‫جامعة بغداد‪ ،‬كلية القانون‪.‬‬

‫جويعد‪ ،‬ايد خلف محمد (‪ .)2010‬المسؤولية عن افشاء السرية المصرفية‪ ،‬مجلة كلية بغداد للعلوم‬
‫االقتصادية‪ ،‬العدد ‪.23‬‬

‫حجازي‪ ،‬المرسي السيد (‪ .)2001‬التكاليف االجتماعية للفساد‪ ،‬مجلة المستقبل العربي‪ ،‬مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬العدد ‪.266‬‬

‫حسون‪ ،‬علي يحيى (‪ .)2008‬االنحراف بالتشريع في لبنان‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫بيروت العربية‪.‬‬

‫الحسيني‪ ،‬محمد طه حسين (‪ .)2019‬ماهية الشرعية والمشروعية‪ ،‬مجلة العلوم القانونية‪ ،‬كلية‬
‫القانون جامعة بغداد‪ ،‬العدد االول‪.‬‬

‫حنان‪ ،‬مفتاح (‪ .)2010‬أثر الفساد على مبدأي الشرعية والمشروعية‪ ،‬مجلة الباحث للدراسات‬
‫االكاديمية‪ ،‬المجلد ‪ ،2‬العدد ‪.1‬‬

‫خبابة‪ ،‬أميرة (‪ .)2005‬ضمانات حقوق االنسان في ظل الدساتير الجزائرية‪ ،‬رسالة ماجستير‪،‬‬


‫جامعة اإلسكندرية‪.‬‬

‫الخطيب‪ ،‬نعمان احمد (‪ .)1983‬االحزاب السياسية ودورها في انظمة الحكم المعاصرة‪ ،‬اطروحة‬
‫دكتوراه‪ ،‬جامعة عين شمس‪.‬‬

‫خليل‪ ،‬عبد الوهاب محمد عبده (‪ .)2004‬الصراع بين السلطة والحرية‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫‪177‬‬

‫داود‪ ،‬اصيل سلمان (‪ .)2016‬بحث قياس أثر التشريع‪ ،‬دائرة البحوث‪ ،‬مجلس النواب العراقي‪.‬‬

‫دباش‪ ،‬عبد الرؤوف واسماء‪ ،‬قطاف تمام (‪ .)2016‬ظاهرة الفساد في الدول المغاربية دراسة في‬
‫أهم أسباب الظاهرة وانعكاساتها‪ ،‬مجلة الحقوق والحريات‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬العدد ‪.2‬‬

‫درمان‪ ،‬رشيد (‪ .)2016‬منظمة الشركاء الدوليين‪ ،‬بحث في تقييم أثر التشريع‪ ،‬المؤتمر االقليمي‬
‫الخامس لمؤسسة الشركات الدوليين لتحسين أثر التشريعات‪ ،‬األردن‪ ،‬البحر الميت‪.‬‬

‫دمج‪ ،‬كمال عبد الرحمن (‪ .)2009‬الحقوق والضمانات الدستورية ألعضاء البرلمان في فرنسا‬
‫ولبنان‪ ،‬اطروحة دكتوراه‪ ،‬كليه الحقوق‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪.‬‬

‫الدويبي‪ ،‬عبد السالم بشير (‪ .)2005‬االبعاد السلبية لظاهرة الفساد‪ ،‬مجلة دراسات تصدر عن‬
‫المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب االخضر‪ ،‬العدد ‪.21‬‬

‫الزبيدي‪ ،‬هشام جليل إبراهيم (‪ .)2012‬رسالة ماجستير‪ ،‬مبدأ الفصل بين السلطات وعالقته‬
‫باستقالل القضاء‪ ،‬جامعة النهرين‪ ،‬العراق‪ ،‬بغداد‪.‬‬

‫سالمان‪ ،‬عبد العزيز محمد‪ ،‬الدولة القانونية ورقابة دستورية القوانين‪ ،‬مجلة الدستوري‪،‬‬
‫‪http://hccourt.gov.eg/index.asp‬‬

‫سميع‪ ،‬صالح حسن (‪ .)1989‬ازمة الحرية السياسية في الوطن العربي‪ ،‬رسالة دكتوراه‪.‬‬

‫السنهوري‪ ،‬عبد الرزاق (‪ .)1951‬مخالفة التشريع للدستور واالنحراف في استعمال السلطة‬


‫التشريعية‪ ،‬مجلة مجلس الدولة المصري‪.‬‬

‫السنيدي‪ ،‬عبد اهلل‪ ،‬حماية المصلحة العامة‪ ،‬مقال منشور على ‪.www.alriyadh.com‬‬

‫الشاوي‪ ،‬منذر (‪ .)1979‬الدولة والقانون في مرحلة البناء االشتراكي‪ ،‬مجلة العدالة‪ ،‬العدد ‪ ،1‬السنة‬
‫الخامسة‪.‬‬

‫شرف‪ ،‬عادل عمر (‪ .)1988‬قضاء الدستورية –القضاء الدستوري في مصر‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة عين شمس‪.‬‬

‫شرف‪ ،‬عبد المنعم عبد الحميد إبراهيم (‪ .)2001‬المعالجة القضائية والسياسية لالنحراف التشريعي‪،‬‬
‫رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة القاهرة‪.‬‬
‫‪178‬‬

‫الشمري‪ ،‬سعد محمود نايف (‪ .)2006‬الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬طنطا‪.‬‬

‫الشوابكة‪ ،‬محمد عبد اهلل (‪ .)2006‬رقابة االمتناع على دستورية القوانين دراسة مقارنة بين الواليات‬
‫المتحدة االمريكية ومصر واألردن‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة عمان العربية‪ ،‬عمان‪.‬‬

‫الصاوري‪ ،‬علي (‪ .)2014‬قياس أثر التشريع‪ ،‬ورشة عمل‪ ،‬المعهد البريطاني‪ ،‬اربيل‪ ،‬دائرة البحوث‬
‫مجلس النواب العراقي‪.‬‬

‫عباس‪ ،‬علي احمد (‪ .)2007‬الصياغة التشريعية وأثرها في تطبيق القانون‪ ،‬مجلة دراسات قانونية‪،‬‬
‫بيت الحكمة‪ ،‬بغداد‪ ،‬العدد ‪.21‬‬

‫عبد الحميد‪ ،‬عبد العظيم عبد السالم (‪ .)1988‬العالقة بين القانون والالئحة دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه‪ ،‬جامعة عين شمس‪.‬‬

‫عبد الرحمن‪ ،‬راجع (‪ .)2020‬رسالة ماجستير بعنوان الضمانات القانونية لمبدأ سمو الدستور‪،‬‬
‫المركز الجامعي مغنية‪ ،‬معهد الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪.‬‬

‫عبد الرزاق‪ ،‬كريم السيد (‪ .)2012‬قياس أثر التشريعات‪ ،‬النهضة‪ ،‬المجلد الثالث عشر‪ ،‬العدد‬
‫االول‪ ،‬يناير ‪https://platform.almanhal.com/Files/2/8546 :،2012‬‬

‫عبد العال‪ ،‬محمد حسنين (‪ .)1971‬فكرة السبب في القرار االداري ودعوى االلغاء‪ ،‬رسالة دكتوراه‪،‬‬
‫جامعة القاهرة‪.‬‬

‫عبد العظيم‪ ،‬ايهاب طارق (‪ .)2003‬عالقة الفرد بالسلطة في ظل الظروف االستثنائية‪-‬دراسة‬


‫مقارنة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة الزقازيق‪ ،‬مصر‪.‬‬

‫عبد اللطيف‪ ،‬حسن صبحي احمد (‪ .)1977‬السلطة التشريعية في االسالم‪ ،‬مجلة الحقوق والشريعة‬
‫جامعة الكويت‪.‬‬

‫عبد الهادي‪ ،‬احمد (‪ .)2013‬فلسفة التشريع وانعكاسها على وظيفة البرلمان‪ ،‬المؤتمر االول‬
‫للتطوير البرلماني‪ ،‬مجلس الشعب‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫العبيدي‪ ،‬بشرى (‪ .)2007‬مبدأ الفصل بين السلطات مفهومه ومركزه في الدستور العراقي‪ ،‬مجلة‬
‫المواطنة والتعايش‪ ،‬العدد الخامس‪.‬‬
‫‪179‬‬

‫عالونة‪ ،‬محمود وحماد‪ ،‬االء والبرغوثي‪ ،‬رزان (‪ .)2017‬دليل تقييم االثر التنظيمي للتشريعات‬
‫والتدخالت الحكومية‪ ،‬معهد الحقوق‪ ،‬جامعة بيرزيت‪.‬‬

‫العنبكي‪ ،‬طه حميد (‪ .)2013‬النظم السياسية والدستورية أسسها وتطبيقاتها‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز حمورابي‬
‫للبحوث والدراسات االستراتيجية‪ ،‬بغداد‪.‬‬

‫الفتالوي‪ ،‬احمد شنان بحر (‪ .)2016‬قياس الكلفة المالية للتشريعات‪ ،‬بحث‪ ،‬دائرة البحوث‪ ،‬مجلس‬
‫النواب العراقي‪.‬‬

‫فطة‪ ،‬نبالي (د‪.‬ت)‪ .‬المجلس الدستوري وتدرج القواعد القانونية‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم القانونية‬
‫واالقتصادية والسياسية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬ع‪.3‬‬

‫القبيالت‪ ،‬حمدي‪ ،‬بحث منشور على االنترنت‪ /https://legal-agenda.com ،‬ومقال منشور‬


‫على صفحة عمون ‪https://www.ammonnews.net/article/137209‬‬

‫متولي‪ ،‬عبد الحميد‪ ،‬مبدأ المشروعية ومشكلة المبادئ العليا غير المدونة في الدستور‪ ،‬مجلة كلية‬
‫الحقوق للبحوث القانونية واالقتصادية‪ ،‬جامعة االسكندرية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬العدد س‪ ،8‬ص‪،3‬‬
‫رابط‪:‬‬ ‫اإللكتروني‬ ‫المنظومة‬ ‫دار‬ ‫موقع‬ ‫في‬ ‫منشور‬ ‫بحث‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/2114‬‬

‫مون‪ ،‬ميغ (‪ .)2016‬تقييم أثر التشريعات‪ ،‬المؤتمر االقليمي الخامس لمؤسسة الشركاء الدوليين‬
‫لتحسين أثر التشريعات‪ ،‬األردن‪ ،‬البحر الميت‪.‬‬

‫ناصف‪ ،‬عبد اهلل إبراهيم (‪ .)1981‬مدى توازن السلطة السياسية مع مسؤولية الدولة الحديثة‪،‬‬
‫اطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة القاهرة‪.‬‬

‫نائف‪ ،‬محمد ونايف‪ ،‬فارس جار اهلل (‪ .)2011‬السيطرة على الفسادـ‪ ،‬دراسة في االقتصاد العراقي‬
‫والدول المجاورة‪ ،‬مجلة دراسات اقليمية‪ ،‬مركز الدراسات اإلقليمية‪ ،‬جامعة الموصل‪ ،‬العدد‬
‫‪.23‬‬

‫نصر‪ ،‬هايل‪ ،‬حول دولة القانون‪ ،‬الحوار المتمدن‪ ،‬مقال منشور على الموقع التالي‪:‬‬
‫‪https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=68128‬‬

‫اليساري‪ ،‬حسين علي محمد (‪ .)2020‬قواعد وضوابط اثبات االنحراف التشريعي‪-‬دراسة مقارنة‪،‬‬
‫رسالة ماجستير‪ ،‬الجامعة االسالمية في لبنان‪.‬‬
180

‫إالمراجعإاألجنبية إ‬:‫ثالث ا‬

Alain Seriaux,Laurent sermet et DominiqueVirlot-Barrial,Droits et Libertes fonda-


mentaux, ellipses, 1998, pp.13 et 14.

Barthelemy Joseph:de la derogation aux lois par le pouvoirlegislatif-et plus


specialement du pouvoir pou le parlement de faire des penales specials applicables
retroactvement a certaines infractions detetminees, R.D.P, 1907, P, 472-480.

Building an Institonal Framework for Regulatory Impact Analysas (RIA) (2008).


Guidance for Policy Makers, OECD, Paris, P.12
https://www.oecd.org/gov/regulatory-policy/40984990.pdf

Escarras Jean-Claude: Le juge constitutionnel, le legislateur et les juges ordinaires,


A.I.J.C., II.1988, P.27.

Favoreu Louis: La Politique Saisie Par le droit ‘OP. Cit. P.67.

Genevois Bruno (1988). La jurisprudence du conseil constitutionnel, principes


directeurs, p.294.

Szrankiewicz, R. et Bouineau, J: Histoire, des institutions. 1750-1914. 4e edition, Paris,


Litec, 1998. 1989, P.22 ets

‫إالمواقعإاللكترونية إ‬:‫رابع ا‬

http://www.sccourt.gov.eg
https://iq.parliament.iq
www.aliraqnet.net.
https://www.iraqfsc.iq/ethadai.php
https://strathprints.strath.ac.uk/41173/1/Radaelli_De_Francesco_OUP_2015_Regulator
y_impact_assessment.pdf

You might also like