113573174 2

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 58

‫مناهج األصوليين في االستدالل‬

‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬
‫مناهج األصويلني يف االستدالل‬
‫دراسة وصفية مقارنة‬

‫إعداد‪:‬‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد الله الدليمي‬
‫باحث دكتوراه بقسم الشريعة اإلسالمية‬
‫كلية دار العلوم – جامعة القاهرة‬

‫ﭑﭒﭓ‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫الحمد هلل‪ ،‬وان كان يتضاءل مع حق جالله حمد الحامدين‪ ،‬وأشهد أن ال إله‬
‫إال هللا إله األولين واآلخرين‪ ،‬وأشهد أن نبينا محمدا أشرف األنبياء والمرسلين‪،‬‬
‫صلى هللا‪ ،‬وسلم‪ ،‬وبارك عليه‪ ،‬وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا إلى يوم الدين‪،‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن االستدالل عند األصوليين يطلق على كل ما يستدل به من غير‬
‫الكتاب‪ ،‬والسنة‪ ،‬واإلجماع‪ ،‬وقياس العلة‪ ،‬واألصوليون قد ذكروا أنواع هذا الدليل‪،‬‬
‫وفصلوا القول فيها‪ ،‬وهي على أنواع متعددة‪ ،‬منها ما يرتبط باالستدالل المنطقي‪،‬‬
‫ومنها ما يرتبط باالستدالل بالقياس غير قياس العلة‪ ،‬ومنها ما يرتبط باألدلة‬
‫التبعية‪ ،‬أو األدلة المختلف فيها‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬وفي هذا البحث أبين مناهج العلماء‬
‫الكبرى في دراسة هذا الدليل‪ ،‬وكيفية االستدالل به‪ ،‬ببيان أركانه‪ ،‬ومراحله التي‬
‫تسير عملية االستدالل بها‪ ،‬وما هو داخل فيه على وجه التحقيق‪ ،‬وما هو خارج‬
‫منه‪.‬‬

‫‪-559-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫وهللا العلي األعلى أسأل أن يعصم هذا العمل عن الزلل‪ ،‬والنية من الرياء‬
‫والخلل‪ ،‬على هدي الرسول الكريم ﷺ على صراط مستقيم‪.‬‬
‫والحمدهلل رب العالمين‪ ،‬وصلى هللا‪ ،‬وسلم‪ ،‬وبارك على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله‬
‫وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫‪ -١‬نبذة عن الموضوع‪.‬‬
‫االستدالل عند األصوليين يطلق بمفهوم خاص على نوع دليل من جملة‬
‫األدلة المفيدة لألحكام عندهم‪ ،‬فهو األصل الخامس من أصول الفقه بعد الكتاب‪،‬‬
‫والسنة‪ ،‬واإلجماع‪ ،‬والقياس‪ ،‬وهو أصل من األصول المتفق عليها في الجملة‪ ،‬لكن‬
‫العلماء مختلفون في تشخيص هذا األصل‪ ،‬فبعضهم يجعله االستصحاب‪ ،‬وبعضهم‬
‫يجعله االستحسان‪ ،‬وبعضهم يجعله االستصالح‪ ،‬وغير ذلك مما هو متقرر في‬
‫كتبهم‪.‬‬
‫اتخذ األصوليون هذا األصل الخامس من أصول الفقه باجتهاد اجتهده كل‬
‫منهم بحسب مذهبه؛ ولذلك تجد أن أنظارهم قد اختلفت في اعتماد بعض أنواع هذا‬
‫األصل ورد بعضها اآلخر‪ ،‬فليس ثمة دليل قاطع يدل على حجية أنواع االستدالل‬
‫كما دلت القواطع على حجية األصول األربعة المتفق عليها‪.‬‬
‫وكما اختلفت المذاهب في تشخيص هذا الدليل‪ ،‬اختلف أصحاب المذهب‬
‫الواحد في تحديد المراد من هذا الدليل‪ ،‬وما يدخل فيه‪ ،‬وما يخرج منه مع اتفاقهم‬
‫في وجوده واالعتماد عليه‪ ،‬وسبب ذلك هو دخول علم المنطق على علم أصول‬
‫الفقه بهذا الوسيط المصطلح عليه االستدالل‪ ،‬فتجد بعضهم فرق بين ما أخذ من‬
‫المنطق وبين ما هو مقرر موجود في أصول الفقه‪ ،‬فجعل كل واحد منهما شيئا‬
‫مغاي ار لآلخر‪ ،‬ورفض استظاللهما تحت ظل واحد‪.‬‬
‫‪ -٢‬سبب اختيار الموضوع‪.‬‬
‫مصطلح االستدالل اكتنفه غموض عبر التاريخ‪ ،‬بل لم يزل معناه غامضا‬
‫غير متضح‪ ،‬مع بعض المحاوالت في تفسيره‪ ،‬التي حددت أهم معالمه‪ ،‬لكنها لم‬

‫‪-560-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫تصل إلى حقيقته‪ ،‬فجاء هذا البحث رغبة في توضيح المراد بهذا المصطلح بالنظر‬
‫إلى أنواعه‪ ،‬وكيفية بحث األصوليين له‪ ،‬فالعلماء اختلفوا اختالفا كبي ار في أنواعه‬
‫كثرة وقلة‪ ،‬هذا االختالف الواسع بينهم حتّم على طلبة العلم أن يبحثوا المراد به‪ ،‬ثم‬
‫الفحص عن كنه هذا الدليل‪ ،‬بما يخدم عملية االجتهاد في النوازل المعاصرة‪.‬‬
‫‪ -٣‬مشكلة الدراسة‪:‬‬
‫مشكلة هذا البحث تكمن في هذه التساؤالت‪:‬‬
‫ما أنواع االستدالل عند األصوليين؟‬ ‫•‬
‫ما وجه االرتباط بين االستدالل عند المناطقة وعند األصوليين؟‬ ‫•‬
‫ما وجه االرتباط بين االستدالل األصولي المذكور في كتب الجدل‬ ‫•‬
‫وبين االستدالل المذكور في كتب أصول الفقه؟‬
‫ما مناهج العلماء في دراسة موضوع االستدالل وأنواعه؟‬ ‫•‬
‫‪ -٤‬أهمية الدراسة‪:‬‬
‫تكمن أهمية هذه الدراسة في أمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬معالجة المشكلة البحثية‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الثمرة التي ستقدمها هذه الدراسة‪.‬‬
‫أما معالجة المشكلة البحثية‪ ،‬فمشكلة هذه الدراسة الكبرى أنواع االستدالل‪،‬‬
‫ومناهج العلماء في دراستها‪ ،‬فيهدف هذا البحث لبيان أنواع االستدالل ببيان‬
‫المناهج فيه‪.‬‬
‫أما ثمرة هذه الدراسة فهي تنبيه األصوليين المعاصرين إلى االلتفات إلى هذا‬
‫الدليل الذي تواطأت كتبهم على إغفاله وعدم التطرق إليه مع شدة الحاجة إليه؛‬
‫ولعل من أسباب إهمالهم لهذا الدليل غموضه‪ ،‬وعمق الكالم فيه‪ ،‬وتشتت مباحثه‬
‫في ثنايا كتب األصول‪.‬‬
‫‪ -٥‬منهج البحث‪:‬‬
‫أ‪ -‬في صلب البحث‪:‬‬
‫‪-561-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫أستفيد من الدراسات السابقة بالعزو إليها‪.‬‬ ‫•‬


‫أعرض األقوال بحيادية وموضوعية‪.‬‬ ‫•‬
‫أناقش األقوال دون تجريح مع احترام للرأي اآلخر‪.‬‬ ‫•‬
‫أذكر األدلة والمناقشات في المسائل المشكلة المؤثرة‪.‬‬ ‫•‬
‫أرجح بالنظر إلى أقوى األدلة واالعتراضات‪.‬‬ ‫•‬
‫إذا كان الدليل نصا أذكره مع وجه الداللة‪.‬‬ ‫•‬
‫إذا كان الدليل استدالال أبين وجهه‪.‬‬ ‫•‬
‫أعزو األقوال ألصحابها‪.‬‬ ‫•‬
‫أعتمد اعتمادا كليا على ما ذكره المتقدمون‪ ،‬وأنظر فيما كتبه المعاصرون بعين‬ ‫•‬
‫الفاحص‪.‬‬
‫تركت الكالم عن المصطلحات المنطقية إال ما دعت الحاجة إليه‪.‬‬ ‫•‬
‫ب‪ -‬حواشي البحث‪:‬‬
‫أعزو اآليات إلى سورها مرقمة‪.‬‬ ‫•‬
‫أخرج األحاديث من مصادرها بذكر الكتاب‪ ،‬والباب‪ ،‬ورقم الجزء والصفحة‪،‬‬ ‫•‬
‫ورقم الحديث‪ ،‬وأكتفي بالصحيحين إن كان الحديث فيهما واال أرجع إلى‬
‫غيرهما‪.‬‬
‫في حالة النقل من مصدر أذكر اسمه‪ ،‬ورقم الجزء والصفحة‪ ،‬وبقية بياناته‬ ‫•‬
‫أجعلها في قائمة المراجع‪.‬‬
‫ال أترجم لألعالم المشهورين‪ ،‬كأمثال الجويني‪ ،‬والغزالي‪ ،‬واآلمدي‪ ،‬والسبكي‪،‬‬ ‫•‬
‫ونحوهم‪.‬‬
‫‪ -٦‬الدراسات السابقة‪:‬‬
‫رسالة دكتواة بعنوان االستدالل عند األصوليين‪ ،‬د‪ .‬أسعد بن عبدالغني‬
‫الكفراوي‪ ،‬أطروحته في الدكتو اره في األزهر الشريف‪.‬‬

‫‪-562-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫درس الباحث فيها أنواع االستدالل عند كل عالم أصولي بحسبه‪ ،‬ولكنه لم‬
‫يدرس المناهج العامة الكبرى في دراسة هذا الدليل‪ ،‬ولذا جاءت هذه الدراسة لبيان‬
‫ما لم يذكر في الدراسة السابقة‪.‬‬
‫‪ -٧‬خطة البحث‪:‬‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫‪ -١‬نبذة عن الموضوع‪.‬‬
‫‪ -٢‬سبب اختيار الموضوع‪.‬‬
‫‪ -٣‬مشكلة الدراسة‪.‬‬
‫‪ -٤‬أهمية الدراسة‪.‬‬
‫‪ -٥‬منهج البحث‪.‬‬
‫‪ -٦‬الدراسات السابقة‪.‬‬
‫‪ -٧‬خطة البحث‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أركان االستدالل ومراحله‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أركان االستدالل وأحكامها‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مراحل االستدالل وضوابطها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مناهج األصوليين في أنواع االستدالل‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المناهج األصولية في تشخيص موضوع االستدالل‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬منهج المكثرين في األخذ باالستدالالت المنطقية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬منهج المتوسطين في األخذ باالستدالالت المنطقية‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬منهج المقتصدين في األخذ باالستدالالت المنطقية‪.‬‬
‫الخاتمة وأهم النتائج والتوصيات‪.‬‬
‫فهرس المصادر والمراجع‪.‬‬

‫‪-563-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫المبحث األول‬
‫أركان االستدالل ومراحله‬
‫المطلب األول‪ :‬أركان االستدالل وأحكامها‪:‬‬
‫الركن هو‪ :‬ما ال وجود للشيء إال به(‪)١‬؛ لذا الكالم في أركان االستدالل‬
‫يتطلب إدراك حقيقته إدراكا صحيحا‪ ،‬واالستدالل كما سبق له معنيان عند‬
‫األصوليين‪ :‬معنى عام‪ ،‬ومعنى خاص‪ ،‬والخاص مندرج في العام‪ ،‬فلن تختلف‬
‫أركانهما‪ ،‬إنما الذي سيختلف أحكام أركان االستدالل بالمعنى الخاص‪ ،‬والتصور‬
‫الصحيح لالستدالل بمعناه الخاص ‪-‬الذي هو موضوع بحثنا‪ -‬عند التأمل في‬
‫حقيقته هو أنه بذل الفقيه وسعه إلدراك حكم الشرع بإلحاق جزئي بكليه التشريعي‬
‫المعنوي‪ ،‬فالنظر في أركان االستدالل سيكون على اعتبارات ثالثة‪:‬‬
‫أركان االستدالل من حيث كونه عملية إلحاق‪.‬‬ ‫•‬
‫أركان االستدالل من حيث كونه برهانا(‪.)٢‬‬ ‫•‬
‫أركان االستدالل من حيث ذاته‪.‬‬ ‫•‬
‫والواقع أن هذا النظر وهذا التفصيل إنما هو لتقريب الصورة إلى الفهم‪ ،‬واال‬
‫فهذه االعتبارات تعود إلى اعتبار واحد وهو االعتبار الثالث‪ ،‬وسأبين ذلك في نهاية‬
‫هذا المطلب على شكل خارطة ذهنية‪ ،‬إنما الهدف اآلن تفصيل الكالم على أركان‬
‫االستدالل بهذه االعتبارات الثالثة‪.‬‬
‫ومما سيعين على إدراك هذه األركان باعتباراتها ذكر مثال لالستدالل‬
‫نستخرج منه أركانه‪ ،‬وليكن مثالنا هو قول الجمهور للحنفية‪" :‬الوتر تؤدى على‬
‫الراحلة‪ ،‬وكل ما يؤدى على الراحلة فهو نفل؛ فالوتر نفل"‪ ،‬فأقول اعتبارات أركان‬
‫االستدالل ثالثة‪:‬‬

‫(‪ )١‬كشف األسرار‪ ،‬للبخاري‪ ،‬ج‪/٣‬ص‪.٣٤٤‬‬


‫(‪ )٢‬هذا إنما بحثناه لما درسه األصوليون من األنواع الجدلية لالستدالل‪.‬‬

‫‪-564-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫االعتبار األول‪ :‬أركان االستدالل من حيث كونه عملية إلحاق (الفرع‪ -‬الكلي‬
‫التشريعي‪ -‬مسلك اإللحاق‪ -‬حكم الفرع)‪:‬‬
‫الفرع‪( :‬حكم صالة الوتر)‪ ،‬وهو المسألة الفرعية الفقهية التي نبحث عن حكم‬ ‫‪.١‬‬
‫شرعي فيها‪.‬‬
‫الكلي التشريعي‪( :‬نفلية ما يؤدى على الراحلة)‪ ،‬فهذا الحكم الكلي هو الذي‬ ‫‪.٢‬‬
‫أفادنا في معرفة حكم الفرع بإلحاقه به‪.‬‬
‫مسلك اإللحاق‪( :‬تحقيق مناط الحكم الكلي على الفرع)‪ ،‬وأقصد بمسلك‬ ‫‪.٣‬‬
‫اإللحاق طريق بناء الفرع على الكلي التشريعي‪ ،‬فإن إلحاق الفرع بكليه‬
‫التشريعي‪ ،‬يتطلب إثبات كون هذا الكلي المدعى في اإللحاق حاكما على‬
‫هذا الجزئي‪ ،‬وأنه أحد أفراده‪ ،‬واال ما استقامت عملية اإللحاق؛ الحتمال‬
‫خروج هذا الفرع عن هذا الكلي‪.‬‬
‫حكم الفرع‪( :‬استحباب صالة الوتر)‪ ،‬حكم الفرع هو النتيجة التي تعرف من‬ ‫‪.٤‬‬
‫عملية اإللحاق‪ ،‬وال بد أن يكون الحكم شرعيا عمليا‪ ،‬سواء كان تكليفيا‪ ،‬أو‬
‫وضعيا‪ ،‬وقد يمكن أن يكون حكم االستدالل قاعدة كلية‪ ،‬أو ضابطا فقهيا‪،‬‬
‫أو نحو ذلك‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬وضع حكم الفرع ركنا من أركان االستدالل قد ينازع فيه منازع‪ ،‬يقول‬
‫اآلمدي‪" :‬أما ثمرته –أي‪ :‬القياس‪ -‬فحكم الفرع‪ ،‬وليس حكم الفرع من أركان‬
‫القياس؛ إذ الحكم في الفرع متوقف على صحة القياس‪ ،‬فلو كان ركنا منه لتوقف‬
‫على نفسه وهو محال"(‪ ،)١‬وهذا النقل مع كون الكالم فيه عن أركان القياس إال أن‬
‫موطن الشاهد فيه عدم تسليمه بأن حكم الفرع من األركان؛ ألنه ثمرة ال يتوقف‬
‫عليه الشيء‪ ،‬وما قاله صحيح في الجملة‪ ،‬إال أني ذكرت حكم الفرع ووضعته في‬
‫أركان االستدالل لفوائد‪ ،‬أهمها تقريب أركان االستدالل إلى األذهان‪ ،‬وللتفريق بين‬

‫(‪ )١‬اإلحكام‪ ،‬اآلمدي‪ ،‬ج‪/٣‬ص‪.١٩٣‬‬


‫‪-565-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫الحكم في القياس والحكم في االستدالل‪ ،‬فالحكم في القياس حكم األصل‪ ،‬وأما‬


‫االستدالل فالحكم فيه حكم الفرع‪ ،‬وألن حكم الفرع يذكر نتيجة مقدمات االستدالل‪،‬‬
‫زد على ذلك أن حكم األصل في القياس مغن عن ذكر حكم الفرع فهما مستويان‪.‬‬
‫(‪)١‬‬
‫(الصورة‪ -‬المادة)‪:‬‬ ‫االعتبار الثاني‪ :‬أركان االستدالل من حيث كونه برهانا‬
‫قال التلمساني‪" :‬إن كل دليـل وحجة فهو ذو مادة وصورة‪ ،‬أما مادتـه فهي‬
‫المقدمات‪ ،‬وأما صورته فهي التأليف القياسي"(‪.)٢‬‬
‫الصورة‪ :‬وهي الشكل الذي يذكر فيه االستدالل‪ ،‬بتركيب مقدمتين أو أكثر‬ ‫‪.١‬‬
‫ليتوصل بها إلى النتيجة التي هي الحكم الشرعي‪ ،‬والصورة في مثالنا هي‬
‫هذا التركيب كله‪ ،‬وهو "الوتر يؤدى على الراحلة‪ ،‬وكل ما يؤدى على الراحلة‬
‫فهو نفل؛ فالوتر نفل"‪ ،‬وتسمى الصيغة‪ ،‬أو الشكل‪ ،‬أو الهيئة‪ ،‬أو طريقة إيراد‬
‫الدليل‪ ،‬أو التأليف القياسي‪.‬‬
‫أحكام صورة البرهان الجدلي االستداللي‪:‬‬
‫‪ -‬ينبغي أن يصاغ االستدالل على هيئة األقيسة المنطقية االقترانية واالستثنائية‪،‬‬
‫وليس تكلف إيراد االستدالل بهذه األقيسة الزما؛ ألن مآل غير هذه األقيسة إليها‪،‬‬
‫فهي جارية على وفقها في الحقيقة(‪ ،)٣‬ولكن استعمالها يزيد االستدالل دقة‪.‬‬
‫‪ -‬صورة االستدالل من حيث ذاتها ال توصل للمطلوب ‪-‬وهو الحكم‪ -‬ما لم تكن‬
‫المادة صحيحة(‪ ،)٤‬وسأوضح ذلك بمثال في نهاية المطلب‪ ،‬أغير فيه صورة‬

‫(‪ )١‬تنبيه‪ :‬ال يقصد بالبرهان القياس المنطقي الذي مقدماته يقينة‪ ،‬إنما يقصد به الدليل بالمعنى‬
‫اللغوي والشرعي‪ ،‬ولكنه دليل مخصوص يذكر على هيئة مقدمات موصلة لنتائج‪.‬‬
‫(‪ )٢‬مفتاح الوصول‪ ،‬التلمساني‪ ،‬ص‪ ،٧٧٥‬بتصرف (هذا الكتاب عبارة عن كتابين مفتاح الوصول‪،‬‬
‫ومثارات الغلط في األدلة‪ ،‬وهذا النقل من مثارات الغلط)‪.‬‬
‫(‪ )٣‬الموافقات‪ ،‬الشاطبي‪ ،‬ج‪/٥‬ص‪.٤١٨‬‬
‫(‪ )٤‬معيار العلم‪ ،‬الغزالي‪ ،‬ص‪.١٧٤‬‬

‫‪-566-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫االستدالل مع اتحاد المادة‪ ،‬ولن تجد تغي ار مؤثرا‪ ،‬فالمادة هي ركن االستدالل‬
‫الركين‪ ،‬لكن التركيب تنبغي مراعاته؛ ألنه ضابط للمادة‪.‬‬
‫‪ -‬الصور التي يمكن أن يصور بها االستدالل إجماال ثالث‪ -١ :‬التالزم‪ :‬وهو‬
‫الشرطي المتصل‪ -٢ .‬التعاند‪ :‬وهو الشرطي المنفصل‪ -٣ .‬القياس االقتراني‬
‫المركب من الحمليات‪ ،‬وعلى الفقيه اختيار أقرب الطرق الموصولة لمطلوبه‪ ،‬فإن‬
‫أراد النفي استعمل صيغه‪ ،‬وان أراد اإلثبات استعمل صيغه‪ ،‬وهلم جرا‪.‬‬
‫المادة‪ :‬وهي القضايا الواردة في الصورة‪ ،‬التي إذا ركبت على هيئة معينة ‪-‬‬ ‫‪.٢‬‬
‫وهذه الهيئة هي التأليف القياسي‪ -‬أنتجت بمجموعها حكما‪ ،‬وكل قضية تذكر‬
‫في االستدالل تسمى مقدمة‪ ،‬سوى قضية النتيجة‪ ،‬والقضية هي القول الذي‬
‫يتطرق إليه الصدق والكذب لذاته(‪ ،)١‬كقولك‪ :‬الوتر نفل‪ ،‬فيصدق على هذه‬
‫القضية أن تكون كاذبة‪ ،‬فيكون الوتر فرضا مثال‪ ،‬ويصدق عليها أن تكون‬
‫صادقة‪ ،‬والقضايا يقسمها المناطقة إلى حملية وشرطية‪ ،‬فالحملية ما تركبت‬
‫من موضوع ومحمول‪ ،‬والشرطية ما تركب من مقدم وتال‪ ،‬وأقل ما يتركب‬
‫منه االستدالل مقدمتان‪ ،‬أي‪ :‬قضيتان يلزم من التسليم بهما التسليم بقضية‪،‬‬
‫هي نتيجة االستدالل‪ ،‬وتوضيح ذلك فيما يلي‪:‬‬
‫المقدمة األولى (المقدمة الصغرى)‪" :‬الوتر يؤدى على الراحلة"‪.‬‬
‫القضية الثانية (المقدمة الكبرى)‪" :‬كل ما يؤدى على الراحلة نفل"‪.‬‬
‫النتيجة‪" :‬الوتر نفل "‪ ،‬وهي القضية التي تلزم من صدق تلك المقدمتين‪.‬‬
‫أحكام البرهان الجدلي االستداللي‪:‬‬
‫‪ -‬العناصر الثالثة ال يشترط فيها الترتيب‪ ،‬فقد تتقدم النتيجة على‬
‫المقدمتين‪ ،‬المهم أن تتوافر جميع هذه األركان‪.‬‬

‫(‪ )١‬معيار العلم‪ ،‬الغزالي‪ ،‬ص‪.٨١‬‬


‫‪-567-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫‪ -‬قد يستعمل المجتهد في االستدالل أكثر من مقدمتين بحسب حاجته‬


‫لذلك(‪.)١‬‬
‫‪ -‬االستدالل الذي يتكون من مقدمة واحدة ال بد أنه سقطت منه مقدمة‬
‫أو أضمرت‪ ،‬وسبب ذلك راجع إلى اكتفاء الفقيه بأحد المقدمتين في اإلنتاج؛‬
‫لقوتها والتضاح غيرها‪.‬‬
‫‪ -‬قد تُضمر أحد مقدمات االستدالل ألغراض‪ ،‬منها ما هو فاسد‪،‬‬
‫كالتدليس‪ ،‬ومنها ما هو صحيح‪ ،‬كاشتهار المقدمة المضمرة أو االتفاق عليها‪،‬‬
‫فإن كان الغرض فاسدا لم يصح ذلك‪ ،‬وان كان صحيحا فال إشكال‪ ،‬وأيا ما‬
‫ض ِمر فال يضمر على اللبيب‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ -‬لكل قضية في االستدالل مستند تستند إليه‪ ،‬ففي مثالنا‪ ،‬مقدمة "كل ما‬
‫يؤدى على الراحلة فهو نفل" مستندها االستقراء‪ ،‬وأعني بالمستند ما تعتمد عليه‬
‫المقدمة من دليل‪ ،‬فلو سألك سائل‪ :‬ما دليلك على أن كل ما يؤدى على الراحلة‬
‫نفل؟ قلت‪ :‬االستقراء الذي يدل على عدم جواز أداء الفروض على الراحلة‪،‬‬
‫وفي المقدمة األولى "الوتر يؤدى على الراحلة" تقول الدليل اإلجماع‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫‪ -‬قال ابن تيمية‪" :‬كل ما أمكن أن يستدل به على صحة المقدمة الكبرى‬
‫أمكن أن يستدل به على كون الوصف المشترك علة للحكم في األصل‪ ،‬وكل ما‬
‫أمكن يستدل به على الصغرى‪ ،‬فإنه يستدل به على ثبوت الوصف في‬
‫الفرع"(‪ ،)٢‬ففي مثالنا دليل صحة المقدمة الكبرى هو االستقراء‪ ،‬فيمكن أن يستدل‬
‫باالستقراء على كون الكلي التشريعي حاكم على هذا الفرع‪ ،‬وفي المقدمة‬
‫الصغرى دليلها اإلجماع‪ ،‬فيستدل باإلجماع أيضا على اندراج هذا الفرع تحت‬
‫هذا الكلي التشريعي‪.‬‬

‫(‪ )١‬يسمى ذلك عند المناطقة بقياس التركيب‪.‬‬


‫‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬الرد على المنطقيين‪ ،‬ابن تيمية‪ ،‬ص‪٣٥٤‬‬

‫‪-568-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫االعتبار الثالث‪ :‬أركان االستدالل من حيث ذاته(‪:)١‬‬


‫‪ -١‬الم ِ‬
‫ستد ُّل‪ :‬ذاكر الدليل(‪ ،)٢‬أو الذي اتخذ الدليل‪ ،‬كالجمهور في مثالنا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫(‪)٣‬‬
‫ستَد ُّل له‪ :‬طالب الدليل ‪ ،‬سواء كان سائال‪ ،‬أو مناظرا‪ ،‬أو خصما‪ ،‬أو‬ ‫الم َ‬
‫‪ُ -٢‬‬
‫المكلف‪ ،‬الذي يذكر له الدليل‪ ،‬وهم الحنفية في مثالنا‪.‬‬
‫ستَد ُّل عليه‪ :‬الحكم الشرعي(‪ ،)٤‬وهو نفلية الوتر‪.‬‬
‫الم َ‬
‫‪ُ -٣‬‬
‫ستَد ُّل به‪ :‬الدليل‪ ،‬وهو في مثالنا دليل االستدالل بأركانه اآلنفة الذكر‪،‬‬
‫الم َ‬
‫‪ُ -٤‬‬
‫وتتفرع عن الدليل أركان أيضا‪ ،‬هي(‪:)٥‬‬
‫أ‪.‬الدال‪ :‬وهو هللا ‪-‬جل جالله‪ -‬الذي أرشدنا بنصب األدلة‪ ،‬وقد يطلق على ذاكر‬
‫الدليل‪ ،‬وعلى الدليل تجوزا‪.‬‬
‫ب‪ .‬المدلول‪ :‬المعنى المتلمس المأخوذ من الدليل‪ ،‬كوجوب الصالة المأخوذ من‬
‫الصال َة﴾(‪.)٦‬‬
‫َقيموا َّ‬
‫قوله ‪-‬تعالى ‪﴿ :‬أ ُ‬
‫ج‪ .‬المدلول له‪ :‬الحكم الشرعي‪ ،‬أو السائل باالشتراك‪ ،‬واألولى الحكم؛ الحتمال‬
‫إيراد دليل دون وجود السائل‪.‬‬

‫(‪ )١‬قواطع األدلة‪ ،‬السمعاني‪ ،‬ج‪/١‬ص‪ ،٣٣‬التلخيص في أصول الفقه‪ ،‬الجويني‪ ،‬ج‪/١‬ص‪،١١٨‬‬
‫الحدود في األصول‪ ،‬الباجي‪ ،‬العدة في أصول الفقه‪ ،‬القاضي‪ ،‬أبو يعلى‪ ،‬ج‪/١‬ص‪ ،١٣١‬شرح‬
‫الكوكب المنير‪ ،‬ابن النجار الفتوحي‪ ،‬ج‪/١‬ص‪.٥٦‬‬
‫(‪ )٢‬ويطلق على طالب الدليل بحسب المقصود؛ ألن االستفعال يدل على الطلب‪ ،‬واالتخاذ‪ ،‬وذكر‬
‫الدليل‪.‬‬
‫(‪ )٣‬ويطلق على الحكم الشرعي‪ ،‬من جهة أنه المراد في االستدالل‪ ،‬فقد استدل المجتهد ألجل أن‬
‫ينتج الحكم الشرعي‪.‬‬
‫(‪ )٤‬ويطلق على الخصم والمناظر باالشتراك‪.‬‬
‫(‪ )٥‬قواطع األدلة‪ ،‬السمعاني‪ ،‬ج‪/١‬ص‪ ،٣٣‬التلخيص في أصول الفقه‪ ،‬الجويني‪ ،‬ج‪/١‬ص‪،١١٨‬‬
‫الحدود في األصول‪ ،‬الباجي‪ ،‬العدة في أصول الفقه‪ ،‬القاضي أبو يعلى‪ ،‬ج‪/١‬ص‪ ،١٣١‬شرح‬
‫الكوكب المنير‪ ،‬ابن النجار الفتوحي‪ ،‬ج‪/١‬ص‪.٥٦‬‬
‫(‪[ )٦‬البقرة‪.]١١٠ :‬‬
‫‪-569-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫د‪ .‬الداللة‪ :‬الدليل نفسه‪ ،‬وهو ما يرشد إلى المطلوب(‪.)١‬‬


‫المستدل من جهته‪ :‬ذكر هذا الركن أبو الوفاء ابن عقيل على أنه ركن‬ ‫‪.٣‬‬
‫خامس(‪ ،)٢‬لكن هذا الركن في حقيقته عائد إلى المستدل‪ ،‬أو المستدل له‪،‬‬
‫بحسب من يبدأ السؤال؛ ألن االستدالل عنده عبارة عن طلب الدليل‪ ،‬فالذي‬
‫يطلبه يكون طالبا للدليل من جهة من يسأله‪ ،‬والمجيب هو الذي تم‬
‫االستدالل من جهته‪ ،‬والمسألة كما ترى عائدة إلى تعريف االستدالل لغة‪،‬‬
‫وقد اخترت أن له معاني متعددة ال يقتصر على أحدها‪ ،‬فالركن هذا ليس‬
‫ركنا أصيال؛ لكون المعنى اللغوي غير محتاج إليه‪ ،‬فاالستدالل هنا اتخاذ‬
‫الدليل‪ ،‬فاالتخاذ ال يكون طلبا من جهة وال جوابا من جهة‪.‬‬
‫وبعد تنظير األركان‪ ،‬آن األوان الجداول التوضيحية‪:‬‬
‫مثال لالستدالل‬
‫يقول الجمهور للحنفية‪ :‬الوتر يؤدى على الراحلة‪ ،‬وكل ما يؤدى على الراحلة نفل‪ ،‬الوتر نفل‪.‬‬

‫كل ما يؤدى على الراحلة‬


‫الوتر نفل‬ ‫الوتر يؤدى على الراحلة‬ ‫صورة القياس االقتراني‬
‫نفل‬

‫لكان يؤدى على الراحلة ‪،‬‬ ‫صورة القياس الشرطي‬


‫فيكون نفال‬ ‫لو كان الوتر نفال‬
‫لكنه يؤدى على الراحلة‬ ‫المتصل‬

‫إما أن يكون الوتر نفال‬ ‫صورة القياس الشرطي‬


‫فيكون نفال‬ ‫لكنه ليس فرضا‬
‫أو فرضا‬ ‫المنفصل‬

‫تنبيهان‪:‬‬
‫األ ول‪ :‬يتبين جليا بالتفصيل الذي ذكرت أن ما يذكره األصوليون من األقيسة‬
‫المنطقية في أنواع االستدالل‪ ،‬إن أرادوا به أنه يمكن أن يستدل بصورتها دون‬
‫مادتها فليس بصواب‪ ،‬وان أرادوا مادتها استعانة بصورتها فذلك صحيح‪.‬‬

‫(‪ )١‬التلخيص في أصول الفقه‪ ،‬للجويني‪ ،‬ج‪/١‬ص‪.١١٨‬‬


‫(‪ )٢‬الواضح في أصول الفقه‪ ،‬ألبي الوفاء ابن عقيل‪ ،‬ج‪١‬ص‪.٤٥٢‬‬

‫‪-570-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫الثاني‪ :‬قد يحاول محاول أن يعيد االستدالل إلى قياس علة بذكر مقيس عليه وعلة‬
‫لألصل‪ ،‬وأنه ال فرق بينهما‪ ،‬لكن الصواب أن القياس يفترق عن االستدالل ‪-‬وقد‬
‫تقدم‪ ،‬وما يتوهم أن القياس هو االستدالل فيرده أن األدلة قد تتضافر على مدلول‬
‫واحد‪ ،‬فقد يدل القياس واالستدالل على مسألة واحدة‪ ،‬وقد يمكن إرجاع االستدالل‬
‫إلى قياس علة‪ ،‬لكن شروط القياس وشروط أركانه قد تحول عائقا في كثير من‬
‫صور االستدالل‪ ،‬والمحاوالت إلرجاع االستدالل إلى القياس قديمة‪ ،‬والنقاش فيه‬
‫قديم كذلك‪ ،‬يقول الجصاص عند انتهائه من الكالم عن ضروب االستدالل‪" :‬فهذا‬
‫ونظائره ضروب من االستدالل باألصول على األحكام من غير ذكر علة وال‬
‫قياس‪ ،‬يكتفى فيه بذكر وجه الداللة من األصل المتفق عليه على الحكم‪ ،‬وهو‬
‫ضرب من ضروب االجتهاد في االستدالل على حكم الحادثة باألصول‪ ،‬وقد يمكن‬
‫في أكثرها أن يحمل على وجه القياس بعلة يجمع بينها وبين األصل‪ ،‬ويكون أقطع‬
‫للشغب‪ ،‬واالكتفاء بما ذكرناه من وجه الداللة سائغ‪ ،‬وان خالفك فيه مخالف طالبك‬
‫بحمله على محض القياس كان لك أن ال تجيبه إليه"‪ ،‬يظهر مما قاله الجصاص ‪-‬‬
‫رحمه هللا‪ -‬أن رد القياس إلى االستدالل يكون على سبيل التكلف‪ ،‬أما الخطب في‬
‫االستدالل فأخف‪ ،‬ال يقيده شروط القياس وال شروط أركانه‪.‬‬
‫الخارطة الذهنية ألركان االستدالل‬

‫‪-571-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫الخارطة الذهنية ألركان االستدالل بالمثال‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مراحل االستدالل وضوابطها‪:‬‬


‫هذا المطلب يتحقق النظر فيه بمسألتين‪:‬‬
‫المسألة األولى‪ :‬مدى حاجة االستدالل إلى مراحل وضوابط‪:‬‬
‫االستدالل دليل مميز من أدلة الشرع يعتمد على أمرين اثنين‪ :‬العقل‪ ،‬والنقل‪،‬‬
‫وما كان من األدلة على هذا النحو فهو من ضروب االجتهاد بالرأي‪ ،‬واالجتهاد‬
‫بالرأي في حقيقته راجع إلى استعمال العمومات المعنوية للنصوص وما يلحق بها‪.‬‬
‫يقول الشاطبي‪" :‬األدلة الشرعية ضربان‪ :‬أحدهما ما يرجع إلى النقل‬
‫المحض‪ ،‬والثاني ما يرجع إلى الرأي المحض‪ ،‬وهذه القسمة هي بالنسبة إلى أصول‬
‫األدلة‪ ،‬واال فكل واحد من الضربين مفتقر إلى اآلخر؛ ألن االستدالل بالمنقوالت ال‬
‫بد فيه من النظر‪ ،‬كما أن الرأي ال يعتبر شرعا إال إذا استند إلى النقل‪ ،‬فأما‬
‫الضرب األول فالكتاب والسنة‪ ،‬ويلحق بهما اإلجماع‪ ،‬وقول الصحابي‪ ،‬وشرع من‬
‫قبلنا‪ ،‬وأما الثاني فالقياس واالستدالل‪ ،‬ويلحق بهما االستحسان‪ ،‬والمصالح المرسلة‬
‫إن قلنا إنها راجعة إلى أمر نظري‪ ،‬وقد ترجع إلى الضرب األول إن شهدنا أنها‬
‫راجعة إلى العمومات المعنوية"(‪.)١‬‬
‫وقال ابن القيم‪" :‬النصوص محيطة بأحكام الحوادث‪ ،‬ولم يحلنا هللا وال رسوله‬
‫على رأي وال قياس‪ ،‬بل قد بين األحكام كلها‪ ،‬والنصوص كافية وافية بها‪ ،‬والقياس‬

‫(‪ )١‬الموافقات‪ ،‬الشاطبي‪ ،‬ج‪/٣‬ص‪.٢٢٨‬‬

‫‪-572-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫الصحيح حق مطابق للنصوص"(‪ ،)١‬ومعلوم أن إحاطة النصوص على أحكام‬


‫الحوادث إنما تتحقق بالعمومات المعنوية واللفظية‪.‬‬
‫يتحصل من هذا أن كل اجتهاد برأي عائد إلى العمومات المعنوية‬
‫للنصوص‪ ،‬كالعدل‪ ،‬واإلحسان‪ ،‬ورفع الحرج‪ ،‬وجلب المصالح‪ ،‬ودرء المفاسد‪ ،‬سالم‬
‫من المعارض الراجح فهو الرأي الصحيح‪ ،‬هذا ما يمكن أن تحمل عليه آثار‬
‫الصحابة والتابعين التي ذكرها ابن القيم في إعالم الموقعين في العمل بالرأي‪ ،‬فقد‬
‫نقل آثا ار كثيرة في نهي السلف وتحذيرهم من االجتهاد بالرأي‪ ،‬كما نقل أيضا آثا ار‬
‫كثيرة في استعمالهم الرأي‪.‬‬
‫وقد قسم ‪-‬رحمه هللا‪ -‬الرأي في الشرع إلى أقسام ثالثة(‪ :)٢‬رأي موافق للشرع‪،‬‬
‫ورأي مخالف‪ ،‬ورأي مشتبه ال يخالف وال يوافق‪ ،‬فالذي حذر منه سلفنا هو الرأي‬
‫المذموم‪ ،‬والذي استعملوه هو المحمود‪ ،‬ولهذا المعنى تجد المحققين من العلماء‬
‫يقولون‪" :‬ال يتحقق استحسان مختلف فيه"(‪ ،)٣‬وهذا القرافي يقول‪" :‬ينقل عن مذهبنا‬
‫–أي‪ :‬المالكية‪ -‬أن من خواصه اعتبار العوائد والمصلحة المرسلة وسد الذرائع‪،‬‬
‫وليس كذلك"(‪ ،)٤‬أي‪ :‬جميع المذاهب آخذة بهما‪.‬‬
‫وهذا ابن القيم يقول أيضا‪" :‬فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح‬
‫العباد في المعاش والمعاد‪ ،‬وهي عدل كلها‪ ،‬ورحمة كلها‪ ،‬ومصالح كلها‪ ،‬وحكمة‬
‫كلها‪ ،‬فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور‪ ،‬وعن الرحمة إلى ضدها‪ ،‬وعن‬
‫المصلحة إلى المفسدة‪ ،‬وعن الحكمة إلى العبث؛ فليست من الشريعة"(‪.)٥‬‬

‫(‪ )١‬إعالم الموقعين عن رب العالمين‪ ،‬ابن القيم‪ ،‬ج‪/١‬ص‪.٢٥٤‬‬


‫(‪ )٢‬إعالم الموقعين‪ ،‬ابن القيم‪ ،‬ج‪/١‬ص‪.٥٣‬‬
‫(‪ )٣‬تشنيف المسامع‪ ،‬الزركشي‪ ،‬ج‪/٣‬ص‪.٤٣٩‬‬
‫(‪ )٤‬شرح تنقيح الفصول‪ ،‬القرافي‪ ،‬ص‪.٤٤٨‬‬
‫(‪ )٥‬إعالم الموقعين‪ ،‬ابن القيم‪ ،‬ج‪/٣‬ص‪.١١‬‬
‫‪-573-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫فهذا المعنى الذي هو ارتباط العمومات المعنوية باألدلة التبعية ‪-‬التي هي‬
‫من أنواع االستدالل‪ -‬لم يختلف عليه المحققون في الجملة‪ ،‬وكالم العلماء في هذا‬
‫أكثر من أن يحصر‪ ،‬فمن بلغ به فهمه إلى هذه الرتبة العالية من رتب االجتهاد‬
‫فأدلة الشرع عنده ال يتصور تعارضها‪.‬‬
‫قال الشـاطبي ‪-‬رحمه هللا‪" :‬كل من تحقق بأصول الشريعة فأدلتها عنده ال‬
‫تكاد تتعارض‪ ،‬كما أن كل من حقق مناط المسائل فال يكاد يقف في متشابه؛ ألن‬
‫الشريعة ال تعارض فيها ألبتة‪ ،‬ولذلك ال تجد ألبتة دليلين أجمع المسلمون على‬
‫تعارضهما‪ ،‬بحيث وجب عليهم الوقوف‪ ،‬لكن لما كان أفراد المجتهدين غير‬
‫معصومين من الخطأ‪ ،‬أمكن التعارض بين األدلة عندهم"(‪.)١‬‬
‫ولما كان االجتهاد بالرأي قد يئول إلى مخالفة الشرع بأن ال يعود إلى‬
‫عموماته المعنوية لخلل معين راجع إلى ضوابط االستدالل أو مراحله؛ وجب أن‬
‫يكون على مراحل منضبطة بضوابط تصيره موافقا للشرع‪ ،‬فالشرع هو الذي جعل‬
‫االجتهاد بالرأي من مصادر التشريع لكن بقيود شرعية‪ ،‬وفي ذلك يقول الشاطبي‪:‬‬
‫"إذا تعاضد النقل والعقل على المسائل الشرعية فعلى شرط أن يتقدم النقل فيكون‬
‫متبوعا‪ ،‬ويتأخر العقل فيكون تابعا‪ ،‬فال يسرح العقل في مجال النظر إال بقدر ما‬
‫يسرحه النقل"(‪.)٢‬‬
‫ويقول أيضا‪" :‬األدلة العقلية إذا استعملت في هذا العلم فإنما تستعمل مركبة‬
‫على األدلة السمعية‪ ،‬أو معينة في طريقها‪ ،‬أو محققة لمناطها‪ ،‬أو ما أشبه ذلك‪ ،‬ال‬
‫مستقلة بالداللة؛ ألن النظر فيها نظر في أمر شرعي‪ ،‬والعقل ليس بشارع"(‪.)٣‬‬
‫واذا تقرر هذا علمنا أن االستدالل له ضوابط تتعلق بمراحله‪ ،‬إن عمل بها‬
‫المجتهد جانبته القول في دين هللا بالرأي المذموم‪ ،‬والرأي ‪-‬كما تقرر آنفا‪ -‬له‬

‫(‪ )١‬الموافقات‪ ،‬الشاطبي‪ ،‬ج‪/٥‬ص‪.٣٤١‬‬


‫(‪ )٢‬الموافقات‪ ،‬الشاطبي‪ ،‬ج‪١‬ص‪.١٢٥‬‬
‫(‪ )٣‬الموافقات‪ ،‬الشاطبي‪ ،‬ج‪١‬ص‪.٢٧‬‬

‫‪-574-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫أحوال ثالث‪ :‬إما موافق للشرع‪ ،‬أو معارض له‪ ،‬واما أن ال يوافق وال يعارض‪ ،‬فإن‬
‫وافق الشرع فنعما هو‪ ،‬وان عارض فهو الرأي المردود‪ ،‬وان لم يوافقه ولم يعارضه‬
‫فالحال فيه إما أن يكون أقرب لموافقة الشرع‪ ،‬أو أقرب إلى معارضته‪.‬‬
‫والمجتهد(‪ )١‬الذي ارتوى من علوم الغايات وعلوم الوسائل ما ِّ‬
‫يمكنه من‬
‫التصدي لهذه الوقائع المتجددة هو المطالب بالتحقيق عن مدى قرب أو بعد‬
‫استدالله من الشرع ال غيره‪ ،‬مستعينا بالسير على مراحل االستدالل‪ ،‬منضبطا‬
‫بضوابطها‪ ،‬ويشترط فيه حتى يعد من المجتهدين شروطا كثيرة معلومة‪ ،‬يعود‬
‫مجملها إلى معرفته التامة بالشريعة أصولها وفروعها‪ ،‬وألفاظها‪ ،‬ومعانيها‪،‬‬
‫وأسرارها‪ ،‬ومقاصدها‪ ،‬وتتأكد من الشروط هنا معرفته التامة بطرق المقاييس وأنواع‬
‫االستدالالت والفرق بينها‪ ،‬ولهذا على الفقيه أن يحذر من الكالم في الدين بالخرص‬
‫والظن مع التقصير في معرفة النصوص وفهمها‪ ،‬واستنباط األحكام منها؛ لئال يقع‬
‫في الرأي المذموم(‪.)٢‬‬
‫وهل يشترط أن يعرف المنطق؛ لما قررنا من حاجته للبرهنة على استدالله؟‬
‫(‪)٣‬‬
‫والبيضاوي ومن تابعهما اشترطا ذلك في كل العلوم‪ ،‬ومنها‬ ‫فيه خالف‪ :‬فالغزالي‬
‫أصول الفقه‪ ،‬وعلى النقيض لم يشترطه النووي وابن الصالح‪ ،‬بل حرماه(‪ ،)٤‬ونْقد‬
‫ِ‬
‫ابن تيمية للمنطق معلوم من كتبه(‪ ،)٥‬والخالف ما زال مستم ار(‪ ،)٦‬حتى عند‬

‫(‪ )١‬االجتهاد في النوازل‪ ،‬د‪ .‬محمد حسين الجيزاني‪ ،‬ص‪ ،١١‬مجلة العدل العدد التاسع عشر‪.‬‬
‫(‪ )٢‬إعالم الموقعين‪ ،‬ابن القيم‪ ،‬ج‪/٢‬ص‪.١٢٥‬‬
‫(‪ )٣‬المستصفى‪ ،‬الغزالي‪ ،‬ج‪/١‬ص‪.١٠‬‬
‫(‪ )٤‬السلم المنورق‪ ،‬األخضري‪ ،‬بيت رقم ‪ ،١٥‬إيضاح المبهم‪ ،‬الدمنهوري‪ ،‬ص‪.٣٩‬‬
‫(‪ )٥‬مجموع الفتاوى‪ ،‬ابن القيم‪ ،‬ج‪/٩‬ص‪.٦‬‬
‫(‪ )٦‬طرق االستدالل ومقدماتها عند المناطقة واألصوليين‪ ،‬د‪ .‬يعقوب الباحسين‪ ،‬ص‪.١٥‬‬
‫‪-575-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫(‪)١‬‬
‫‪-‬وفقه هللا‪ -‬اختار عدم اشتراطه على‬ ‫المعاصرين‪ ،‬فالدكتور يوسف القرضاوي‬
‫المجتهد‪ ،‬وهو القول الذي أميل إليه؛ ألن سالمة القريحة مغنية عنه‪.‬‬
‫وال يشترط في المجتهد أن يكون مجتهدا بالفعل‪ ،‬ال بالقوة القريبة(‪)٢‬؛ ألن القوة‬
‫تحل محل الفعل‪ ،‬واالستدالل من أغمض أنواع االجتهاد‪ ،‬وقد تعسر بلوغ تلك الرتبة‬
‫على كثير من الناس بالفعل‪ ،‬فجاز بالقوة‪.‬‬
‫وقبل أن يشرع الفقيه في االجتهاد باالستدالل ينبغي له أن يستعين المجتهد‬
‫باهلل‪ ،‬ويكثر االستغفار‪ ،‬ويتقي هللا بإرادة الحق والصواب(‪ ،)٣‬ويحذر من اتباع هواه‬
‫وتأثير الطبائع والعادات‪ ،‬ويلتجئ هلل في روم الحق‪ ،‬ويحذر من تحريم ما أحل هللا‪،‬‬
‫كما يحذر من إباحة ما حرم هللا؛ لقوله –تعالى‪ :‬ﱡﭐ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ‬
‫ﲚﲜﲝﲞ ﲟﲠﱠ(‪.)٤‬‬
‫ﲛ‬ ‫ﲒ ﲓ ﲔ ﲕﲖ ﲗ ﲘﲙ‬
‫ويحرص على الوسطية واالعتدال والتيسير على عباد هللا ما أمكنه ذلك‪،‬‬
‫يقول النبي ﷺ‪(( :‬فإنما بعثتم ميسرين‪ ،‬ولم تبعثوا معسرين))(‪ ،)٥‬ويقول الشاطبي‬
‫مؤكدا على هذا المعنى‪" :‬المفتي البالغ ذروة الدرجة هو الذي يحمل الناس على‬
‫المعهود الوسط فيما يليق بالجمهور؛ فال يذهب بهم مذهب الشدة‪ ،‬وال يميل بهم إلى‬
‫طرف االنحالل"(‪.)٦‬‬

‫(‪ )١‬االجتهاد في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬د‪ .‬يوسف القرضاوي‪ ،‬ص‪.٥٢‬‬


‫(‪ )٢‬ينظر الفتوى بين االنضباط والتسيب‪ ،‬د‪ .‬يوسف القرضاوي‪ ،‬ص‪.٣٢‬‬
‫(‪ )٣‬إعالم الموقعين‪ ،‬ابن القيم‪ ،‬ج‪/٢‬ص‪.١٤٣‬‬
‫(‪[ )٤‬يونس‪.]٥٩ :‬‬
‫(‪ )٥‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الوضوء‪ ،‬باب صب الماء على البول في المسجد‪ ،‬ج‪/١‬ص‪ ،٥٤‬رقم‬
‫الحديث‪.٢٢٠ :‬‬
‫(‪ )٦‬الموافقات‪ ،‬الشاطبي‪ ،‬ج‪/٥‬ص‪.٢٧٦‬‬

‫‪-576-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫وهذا القدر في المسألة األولى كاف لبيان أهمية وضع ضوابط لالستدالل‪،‬‬
‫وقد آن أوان الـكالم عن المسألة الثانية‪ ،‬وسنستعين بمثال واحد في الشرح لتقريب‬
‫الفكرة‪ ،‬وهو حكم ضمان ما تلف بيد األجير المشترك‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬مراحل االستدالل وضوابطها‪:‬‬
‫مراحل االستدالل أربع‪:‬‬
‫مرحلة التصوير‪:‬‬
‫ويقصد بهذه المرحلة تصور الواقعة في الذهن تصو ار متكامال(‪ ،)١‬والتصور‬
‫الذي ال بد منه ثالثة أمور‪:‬‬
‫األول‪ :‬الواقعة‪ :‬فالواقعة ال بد من تحقق وقوعها بالمكلف‪ ،‬أو ظن وقوعها به‪ ،‬فال‬
‫ينبغي في االستدالل تصور المسـائل االفتراضية التي ال يظن وقوعها على‬
‫المكلف(‪ ،)٢‬والقدر الواجب في تصوره الواقعة هو معرفة كل وصف مؤثر في الحكم‬
‫على الواقعة‪ ،‬ففي مثالنا حكم ضمان ما تلف بيد األجير المشترك‪ ،‬فال بد من‬
‫معرفة معنى األجير المشترك‪ ،‬والفرق بينه وبين األجير الخاص‪ ،‬ومعرفة معنى يد‬
‫الضمان واألمان‪ ،‬ومعرفة كيفية تحقيق مناط التلف‪ ،‬وهل هو متعلق بالتعدي‬
‫والتفريط أو بمطلق اإلتالف؟ ومعرفة ما يتعلق بأحكام رد المتلفات المثلية أو‬
‫القيمية‪ ،‬ومعرفة معنى اإلجارة بأنها عقد معاوضة‪ ،‬ويفرق بينه وبين عقد اإلرفاق‪،‬‬
‫أو التوثيق‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فكل وصف من هذه األوصاف قد يؤثر في عملية اإللحاق‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الواقع المحيط بالواقعة‪ :‬من الزمان‪ ،‬والمكان‪ ،‬واألشخاص‪ ،‬واألحوال‪،‬‬
‫فالزمان هل األصل فيه أمانة الناس أو عدم أمانتهم؟ والمكان كبالد الحرب وبالد‬
‫السلم‪ ،‬أو مكان عمل األجير المشترك‪ ،‬فمن عمل في محله اختلف عمن عمل في‬
‫محل المستأجر‪ ،‬واألشخاص إن كانوا مكلفين أو غير مكلفين‪ ،‬أو تربطهما عالقة‬

‫(‪ )١‬إعالم الموقعين‪ ،‬ابن القيم‪ ،‬ج‪/٢‬ص‪ ،١٦٥‬إعالم الموقعين‪ ،‬ابن القيم‪ ،‬ج‪/٦‬ص‪ ،١٥١‬االجتهاد‬
‫في النوازل‪ ،‬الجيزاني‪ ،‬ص‪.٢٠‬‬
‫(‪ )٢‬جامع بيان العلم وفضله‪ ،‬ابن عبدالبر‪ ،‬ج‪/٢‬ص‪ ،١٠٥٤‬إعالم الموقعين‪ ،‬ج‪/٢‬ص‪.١٢٨‬‬
‫‪-577-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫أبوة وبنوة أو زوجية‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬واألحوال‪ ،‬كقوة القانون في ضبط تعامالت الناس‬
‫في األسواق بما يقلل فرص اإلتالف‪ ،‬أو العكس‪ ،‬أو وجود نظام تأمين معين في رد‬
‫المتلفات ‪-‬كما في بعض الدول‪ ،‬وهكذا يتم تصور الواقع والعرف المحيط بالواقعة‪،‬‬
‫فهذا بال شك إن تم على وجهه الصحيح أعان الفقيه على الوصول إلى حكم‬
‫الواقعة‪ ،‬ولذلك فقد نقل عن علي ‪-‬رضي هللا عنه‪" :‬أنه كان يضمن الصباغ‬
‫والصواغ‪ ،‬وقال‪ :‬ال يصلح الناس إال ذلك"(‪ ،)١‬وما حمله على ذلك إال إدراك الواقع‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬مآالت األفعال‪ :‬فينظر المجتهد هل تضمين األجير المشترك يئول إلى‬
‫العزوف عن قضاء حوائج الناس خوفا من الضمان؟ أو ترك تضمينهم يسبب‬
‫ويقدر أي المآالت أكثر خطورة‪ ،‬أو أكثر تحققا‪،‬‬
‫تهاونا في إتالف أموال الناس؟ ّ‬
‫ويوازن بالتقليل من الضرر ما أمكن‪ ،‬وكذلك من اعتبار مآالت الفعل‪ ،‬هل في فتواه‬
‫تضييق على الناس في تعامالتهم أو توسع ال يأذن الشرع بمثله عادة؟ وهكذا‪،‬‬
‫الخلل من حيث قصر في‬
‫ُ‬ ‫ومتى ما قصر المجتهد في هذه المرحلة سيدخل اجتهاده‬
‫إدراك الواقعة(‪.)٢‬‬
‫مرحلة اإللحاق‪:‬‬
‫ويقصد به عملية إلحاق الفرع بكليه التشريعي‪ ،‬ويتحقق بأمور ثالثة‪:‬‬
‫األول‪ :‬النظر في األدلة الشرعية مرتبة‪ :‬يشرع المجتهد بالبحث في األدلة مرتبة‪،‬‬
‫وأول ما يبدأ به كتاب هللا باحثا عن األدلة التفصيلية المباشرة على حكم المسألة‪ ،‬ال‬
‫عن المعاني والحكم واألسرار(‪)٣‬؛ ألن هذه األخيرة متعلقة باالستدالل‪ ،‬فيبحث عن‬
‫حكم ضمان ما تلف بيد األجير المشترك من األدلة التفصيلية‪ ،‬فإن لم يجد دليال‬
‫في القرآن‪ ،‬نظر في السنة على نحو نظره في القرآن –أعني‪ :‬النظر التفصيلي‪ ،‬فإن‬
‫لم يجد بحث في ما أجمع عليه المسلمون‪ ،‬هل يجد اتفاقا على تضمين األجير‬

‫(‪ )١‬معرفة السنن واآلثار للبيهقي‪ ،‬ومصنف ابن أبي شيبة‪.‬‬


‫(‪ )٢‬االجتهاد في النوازل‪ ،‬د‪ .‬محمد حسين الجيزاني‪ ،‬ص‪ ،١١‬مجلة العدل العدد التاسع عشر‪.‬‬
‫(‪ )٣‬إعالم الموقعين‪ ،‬ابن القيم‪ ،‬ج‪/٢‬ص‪. ١٥٤‬‬

‫‪-578-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫المشترك؟ فإن لم يجد نظر في تلك األدلة الثالثة بحث هل من مسألة ُنص على‬
‫حكمها يمكن قياس ضمان األجير المشترك عليها‪ ،‬فيلحق النظير بنظيره‪ ،‬فإن لم‬
‫يجد عدل إلى البحث في االستدالل بما سوى ذلك من أنواعه المعتبرة عند كل‬
‫مجتهد بحسبه‪ ،‬ويراعي الوظائف التشريعية لالستدالل‪ ،‬بدءا بالوظيفة التفسيرية في‬
‫حال وجود أدلة تفصيلية ظنية الداللة‪ ،‬كحديث النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪" :‬ال‬
‫ضمان على مؤتمن"(‪ ،)١‬فينظر في تفسيره على ما يوافق الكليات التشريعية ذات‬
‫الصلة بالمسألة‪ ،‬فإن تعذرت الوظيفة التفسيرية استعمل الوظيفة اإلنشائية‪ ،‬فينظر‬
‫في أنواع االستدالل أيها أرجى في اإللحاق‪ ،‬مستعينا بالنظر في الكليات التشريعية‪،‬‬
‫وعند نظره في أنواع االستدالل يراعي ترتيب هذه األنواع بأقواها عنده‪ ،‬فمن يقدم‬
‫المصلحة المرسلة على االستصحاب قدمه في النظر‪ ،‬ومن يرى تقديم االستحسان‬
‫على االستصحاب قدمه‪ ،‬وهكذا‪ ،‬ويجب عليه أن يراعي الضوابط والشروط المعتبرة‬
‫(‪)٢‬‬
‫من استحسان‪،‬‬ ‫في كل دليل بحسبه‪ ،‬فيختار بعد ذلك نوع استدالل يناسب مسألته‬
‫أو استصالح‪ ،‬أو استصحاب‪ ،‬أو نحوها من األدلة التبعية‪ ،‬لكن ال يقطع به حتى‬
‫يبحث عن المعارض الراجح‪ ،‬وقد يمكنه أن يستدل على مسألته بأكثر من نوع‬
‫استدالل‪ ،‬وهو ما يسمى بتوارد األدلة على مدلول واحد‪ ،‬يقول الطوفي‪" :‬واعلم أن‬
‫هذه قواعد عامة في االستدالل‪ ،‬نستعمل كل واحدة منها في كثير من المسائل‪،‬‬
‫وتجتمع جميعها أو بعضها في المسألة الواحدة"(‪.)٣‬‬
‫الثاني‪ :‬إلحاق الواقعة بالكلي التشريعي المناسب بمسلك من المسالك اإللحاقية‪:‬‬
‫بعد أن انتهى المجتهد من سبر األدلة األصلية والتبعية‪ ،‬وبحث فيها عن حكم‬

‫(‪ )١‬رواه البيهقي في السنن الكبرى‪ ،‬كتاب الوديعة‪ ،‬باب ال ضمان على مؤتمن‪ ،‬ج‪٦‬ص‪ ،٤٧٣‬رقم‬
‫الحديث ‪.١٢٧٠٠‬‬
‫(‪ )٢‬االجتهاد في النوازل‪ ،‬د‪ .‬محمد الجيزاني‪ ،‬ص‪ .١١‬هذا الضابط ذكره الجيزاني ولكنه عمم أنواع‬
‫األدلة‪ ،‬ونحن نقصرها على االستدالل‪.‬‬
‫(‪ )٣‬علم الجذل في علم الجدل‪ ،‬الطوفي‪ ،‬ص‪.٩٠‬‬
‫‪-579-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫مسألته صار أمره مستق ار على إلحاق الفرع باألدلة التبعية ال األصلية؛ لعدم وجدانه‬
‫الدليل فيها‪ ،‬لكن مجرد اإللحاق بدليل من األدلة التبعية ليس كافيا‪ ،‬فاألمر يحتاج‬
‫إلى مزيد اجتهاد بنظر دقيق‪ ،‬وذلك النظر يكتمل ويتحقق إن استعمل مسلكا من‬
‫المسالك اإللحاقية‪ ،‬فهذه المسالك تعتبر كاألدوات المعينة في اإللحاق‪ ،‬وهي‬
‫متفاوتة بعضها أقوى من بعض‪ ،‬وخالصة عملها هي النظر في االرتباطات العقلية‬
‫بين الحكم واألوصاف المؤثرة فيه‪ ،‬مثل الدوران‪ ،‬والسبر والتقسيم‪ ،‬والتالزم‪،‬‬
‫واالستقراء‪ ،‬وتحقيق المناط‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬فلو الحظ المجتهد الحكم في مسألتنا‪ ،‬وهو‬
‫ضمان األجير المشترك وجد يد الضمان تدور مع المعاوضة‪ ،‬فالمعاوضات يغلب‬
‫فيها جانب التضمين‪ ،‬ويمكن للفقيه أن يؤكد هذا الدوران باستقراء عقود‬
‫المعاوضات‪ ،‬فيجدها مضمونة(‪ ،)١‬وكذا الحال لو أراد أن يستعمل تحقيق المناط‪،‬‬
‫فسيجد أن األجير المشترك ليس مؤتمنا على مال المستأجر؛ ألن وصف األمانة‬
‫ليس متحققا فيه؛ لفساد ذمم الناس‪ ،‬فإن تحقق هذا المناط فسيؤثر ذلك في عملية‬
‫اإللحاق‪ ،‬فلو اختار المجتهد أن ال ُيض ِّمن األجير المشترك بدليل استصحاب‬
‫البراءة األصلية‪ ،‬فإن تحقيق مناط اإلتالف‪ ،‬والدوران بين المعاوضة والضمان‪،‬‬
‫واستقراء الضمان في عقود المعاوضات سيحول بينه وبين ذلك؛ فإن تحقيق مناط‬
‫اإلتالف مناقض للبراءة األصلية‪ ،‬وفي الدوران تجد الضمان يطرد مع المعاوضات‬
‫وما في حكمها وينعكس مع التبرعات وما في حكمها‪ ،‬واإلتالف في المعاوضات‬
‫يكون بالتعدي والتفريط‪ ،‬ويكون بغير التعدي والتفريط‪ ،‬وان أردنا أن نستدل للدوران‬
‫بين المعاوضة والضمان يمكننا استعمال االستقراء كأداة‪ ،‬وكذلك لو حققنا مناط‬
‫عدم أمانة األجراء المشتركين كان االنصراف عن إلحاق المسألة باالستصحاب هو‬
‫األولى في النظر‪ ،‬ويجتهد في إلحاق المسألة بأدلة أخرى‪ ،‬وهكذا يكون العمل في‬
‫ممارسة االجتهاد بهذه الطرائق العقلية‪.‬‬

‫(‪ )١‬القواعد واألصول الجامعة‪ ،‬عبدالرحمن السعدي‪ ،‬ص‪.١٧٤‬‬

‫‪-580-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫تنبيهان‪:‬‬
‫األول‪ :‬ال يعتمد في عملية التخريج اإللحاق على استدالل آخر‪ ،‬فيرد الفروع‬
‫والنوازل بعضها على بعض استدالال دون ردها إلى أصولها(‪ ،)١‬فهذا من مظان‬
‫الغلط‪ ،‬والثاني‪ :‬إذا وجد لفرعه حكما مستمدا من كلي تشريعي معين يجب أن ال‬
‫يكون حكمه حكما غريبا ليس جاريا على معهود الشرع ومقاصده‪ ،‬قال أبو عمر‬
‫ابن عبد البر‪" :‬االجتهاد ال يكون إال على أصول يضاف إليها التحليل والتحريم‪،‬‬
‫وأنه ال يجتهد إال عالم بها‪ ،‬ومن أشكل عليه شيء لزمه الوقوف‪ ،‬ولم يجز له أن‬
‫يحيل على هللا قوال في دينه ال نظير له من أصل‪ ،‬وال هو في معنى أصل‪ ،‬وهذا‬
‫الذي ال خالف فيه بين أئمة األمصار قديما وحديثا‪ ،‬فتدبره"(‪.)٢‬‬
‫الثالث‪ :‬البحث عن المعارض الراجح‪ :‬الكالم هنا في االستدالل الذي لم تظهر‬
‫موافقته الشرع ولم تظهر معارضته‪ ،‬فهو كالمشتبه بالنسبة إلى المجتهد يحاول‬
‫تقريبه إلى موافقة الشرع‪ ،‬فالفقيه بعد أن ينجح في إلحاقه الواقعة بنوعها المناسب‬
‫من أنواع االستدالل بقي أن يفتش عن المعارض الراجح‪ ،‬فإن وجد معارضا أتت‬
‫الوظيفة الترجيحية لالستدالل‪ ،‬ويرى بعد ذلك أي ضرب من ضربي التعارض‬
‫يواجه الفقيه‪ ،‬هل مما يمكن فيه الجمع أو ال؟ وان كان التعارض بين استدالل‬
‫واستدالل آخر فدفع التعارض أرشدنا إليه اإلمام اآلمدي في اإلحكام بمقولة محررة‬
‫موجزة قال فيها‪" :‬ال يخفى الترجيح المتعلق باالستدالالت المتعارضة بالنظر إلى‬
‫ذواتها وطرق إثباتها"(‪ ،)٣‬وقصد بذات االستدالل أنواعه‪ ،‬مثل االستصحاب‪،‬‬
‫واالستصالح‪ ،‬واالستحسان‪ ،‬وقصد بطرق اإلثبات صورة االستدالل ومادته‪ ،‬كقولنا‪:‬‬
‫األجير المشترك ليس مؤتمنا‪ ،‬وكل من ليس مؤتمنا ضامن‪ ،‬فاألجير المشترك‬
‫ضامن‪ ،‬أو قصد حجية هذه األنواع من حيث أدلتها‪ ،‬فإن كانت حجة أخذ بها‪ ،‬واال‬

‫(‪ )١‬إعالم الموقعين ج‪/٢‬ص‪. ١٢٨‬‬


‫(‪ )٢‬جامع بيان العلم وفضله‪ ،‬ابن عبدالبر‪ ،‬ج‪/٢‬ص‪.٨٤٧‬‬
‫(‪ )٣‬اإلحكام‪ ،‬اآلمدي‪ ،‬ص‪.٣٤٥‬‬
‫‪-581-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫تركها‪ ،‬وكال التفسيرين محتمل ومفيد‪ ،‬ففي مثالنا لو تعارض إلحاقه بالمصلحة‬
‫المرسلة مع االستصحاب قدم نوع االستدالل األقوى عنده من حيث حجيته‪ ،‬فهذا‬
‫خالصة الكالم في إعادة ترتيب األدلة إذا وجد المجتهد معارضا راجحا الستدالله‪،‬‬
‫وقد يتمكن المجتهد من دفع تعارضه دون الحاجة إلى إعادة ترتيب األدلة بطرق‪،‬‬
‫منها‪ :‬اعتبار الجزئيات بالكليات والعكس(‪ ،)١‬ومنها محاولة العمل بالدليلين بطريق‬
‫من طرق الجمع‪ ،‬فذلك أولى من إهمالهما أو إهمال أحدهما(‪ ،)٢‬واال يقدر على دفع‬
‫التعارض رجح بكثرة األدلة(‪ ،)٣‬فما تضافرت األدلة أو االستدالالت على صحته‬
‫فهو أولى‪ ،‬وان عجز المجتهد عن أي من الخطوات الثالث استشار أهل العلم(‪،)٤‬‬
‫فإن اطمأن إلى قولهم‪ ،‬واال توقف‪ ،‬وان اجتهد فوصل إلى الحكم وسلم استدالله من‬
‫التعارض ابتداء أو بدفعه فيمكنه بعد ذلك أن يشرع في بيان حكمه‪.‬‬
‫مرحلة بيان الحكم‪:‬‬
‫والمطلوب هنا لبيان الحكم بيانا وافيا أمور‪:‬‬
‫الحكم لنفسه واجتهاده‪ :‬إن توصل المجتهد إلى حكم‬ ‫َ‬ ‫نسبة المجتهد‬ ‫•‬
‫برأيه في االستدالل فال ينسبه هلل(‪)٥‬؛ ألنه محض اجتهاد منه‪ ،‬وليس عنده ما يقطع‬
‫بكونه حكم هللا‪ ،‬وليقتد باإلمام مالك ‪-‬رحمه هللا‪ -‬الذي نقل(‪ )٦‬عنه أنه قلما ُس ِمع‬
‫مفتيا بشيء إال تال هذه اآلية‪ :‬ﱡﭐ ﳫ ﳬ ﳭ ﳮ ﳯ ﳰ ﳱ ﱠ (‪ ،)٧‬إال إن بلغ‬
‫المجتهد بظنه منزلة تقرب من اليقين‪ ،‬بأن يكون رأيه ملحقا بدليل شرعي قطعي‪،‬‬

‫(‪ )١‬الموافقات‪ ،‬الشاطبي‪ ،‬ج‪٤‬ص‪.١٠‬‬


‫(‪ )٢‬اإلبهاج‪ ،‬السبكي‪ ،‬ص‪.٢٧٢٩‬‬
‫(‪ )٣‬اإلبهاج‪ ،‬السبكي‪ ،‬ص‪.٢٧٤١‬‬
‫(‪ )٤‬إعالم الموقعين‪ ،‬ابن القيم‪ ،‬ج‪/٦‬ص‪.١٩٦‬‬
‫(‪ )٥‬إعالم الموقعين‪ ،‬ابن القيم‪ ،‬ج‪/٦‬ص‪.٧٢‬‬
‫(‪ )٦‬حلية األولياء‪ ،‬ألبي نعيم األصبهاني‪ ،‬ج‪/٦‬ص‪.٣٢٣‬‬
‫(‪[ )٧‬الجاثية‪.]٣٢ :‬‬

‫‪-582-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫وما ألحق بدليل قطعي استمد قطعيته منه‪ ،‬يقول الشاطبي‪" :‬كل دليل شرعي‪ ،‬إما‬
‫أن يكون قطعيا أو ظنيا‪ ،‬فإن كان قطعيا‪ ،‬فال إشكال في اعتباره‪ ،‬كأدلة وجوب‬
‫الطهارة من الحدث‪ ،‬والصالة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والصيام‪ ،‬والحج‪ ،‬واألمر بالمعروف‪ ،‬والنهي‬
‫عن المنكر‪ ،‬واجتماع الكلمة‪ ،‬والعدل‪ ،‬وأشباه ذلك‪ ،‬وان كان ظنيا فإما أن يرجع إلى‬
‫أصل قطعي أو ال‪ ،‬فإن رجع إلى قطعي فهو معتبر أيضا‪ ،‬وان لم يرجع وجب‬
‫التثبت فيه‪ ،‬ولم يصح إطالق القول بقبوله"(‪ ،)١‬واألولى في كل األحوال أن ال‬
‫ينسب الحكم هلل‪.‬‬
‫صيغة االستدالل ومادته‪ُ :‬يذكر االستدالل لمن ُيستدل عليه‪ ،‬كالمكلف‪،‬‬ ‫•‬
‫ويصاغ على هيئة مقدمات موصلة إلى نتائج ‪-‬‬ ‫أو السائل‪ ،‬أو المناظر‪ ،‬ونحوهم‪ُ ،‬‬
‫كما تقدم(‪ -)٢‬سواء بطريق األقيسة المنطقية‪ ،‬أو بمقتضى سالمة القريحة‪ ،‬ويجب‬
‫أن تشمل هذه المقدمات جميع أركان االستدالل‪ ،‬سواء كثرت المقدمات أو قلت‪،‬‬
‫فيذكر في هذه المقدمات ما يحتاجه لتوضيح الحكم وما يستند إليه‪ ،‬ال سيما إن‬
‫كانت الفتوى تصدر من جهات مختصة‪ ،‬كدور اإلفتاء والمؤتمرات الفقهية‪ ،‬ونحوها‪،‬‬
‫واألولى ترك اختصار أو إضمار مقدمات االستدالل في البرهان‪ ،‬فإن رام‬
‫االختصار ذكر أقوى األدلة؛ ألن المفتي إنما ي ِ‬
‫ستدل لفتواه‪ ،‬ال بفتواه ُيستدل‪ ،‬وان‬
‫رام اإلضمار فيمنع منه إن قصد به تدليسا أو تشويشا‪ ،‬أما إن أضمر إحدى‬
‫المقدمات الشتهارها أو لالتفاق عليها فذلك سائغ‪ ،‬وله أن يبين حكمه دون استعمال‬
‫البرهان بمقدماته‪ ،‬بأن يكتفي بتوضيح أدلة الحكم والطريق الذي أدى إليه‪ ،‬وعليه‬
‫الحذر من أن يدخل الغلط على برهانه‪ ،‬فإن ثار الغلط في استدالله تمكن منه غيره‬
‫بنقضه‪ ،‬ورد اجتهاده عليه بعدم موافقته الصواب‪ ،‬والغلط قد يدخل االستدالل من‬
‫جهات كثيرة‪ ،‬مجملها يعود إلى ضعف في مبناه أو معناه‪ ،‬يعني في صيغة‬

‫(‪ )١‬الموافقات‪ ،‬الشاطبي‪ ،‬ج‪/٣‬ص‪.١٨٤‬‬


‫(‪ )٢‬في أركان االستدالل‪ ،‬واالستدالل البرهاني‪.‬‬
‫‪-583-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫االستدالل‪ ،‬أو في مادته‪ ،‬وقد تناول ذلك اإلمام التلمساني ‪-‬رحمه هللا‪ -‬في كتابه‬
‫مثارات الغلط‪ ،‬فليراجع لالستزادة‪.‬‬
‫عدم اإلنكار‪ :‬إن استدل المجتهد على الواقعة مع استكمال آلته مراعيا‬ ‫•‬
‫مراحله وضوابطه لم يجز اإلنكار عليه(‪)١‬؛ ألنه ال إنكار في مسائل االجتهاد‪،‬‬
‫ومراعاة هذه المراحل والضوابط إن صدرت من أهلها هي االجتهاد بمعناه الدقيق‪،‬‬
‫فلم يجز إنكار وال تشنيع‪ ،‬فإن أصاب فهو مأجور وان أخطأ فهو مأجور‪ ،‬وعدم‬
‫اإلنكار مطلوب لمن يبين لهم الحكم من المستدل عليهم‪ ،‬كالسائل والمناظر‬
‫والخصم ونحوهم‪ ،‬وال يفهم أن المقصود به المجتهد‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬تختلف مرحلة بيان الحكم عن مرحلة الفتوى التي تليها‪ ،‬وذلك أن بيان‬
‫الحكم ال يختلف باختالف األحوال األربعة الفردية التي تتعلق بآحاد المكلفين‪،‬‬
‫وبيان الحكم يعتبر آخر مراحل اإللحاق‪ ،‬أما الفتوى فهي مرحلة تنزيل الحكم على‬
‫المكلف؛ ولذلك روعيت فيها األحوال األربعة(‪.)٢‬‬
‫وعلى سبيل التمثيل يكون بيان الحكم كنحو هذا‪ :‬يضمن األجير المشترك ما‬
‫تلف بيده إن تعدى أو فرط‪ ،‬سواء عمل في محله أو محل المستأجر‪ ،‬لدليل‬
‫المصلحة وسد الذريعة(‪)٣‬؛ حفاظا على أموال الناس من اإلتالف والهالك‪ ،‬ومع‬
‫كون األجراء مؤتمنين بالدليل النصي‪ ،‬إال أن االستحسان بالمصلحة يعمل به في‬
‫هذا الموضع(‪ ،)٤‬وألن اإلتالف سبب في الضمان وقد وجدت فيوجد الحكم‪ ،‬ولعموم‬
‫قاعدة ال ضرر وال ضرار‪ ،‬وهكذا يذكر الحكم كامال مع أقوى أدلته أو كلها‪ ،‬خاصة‬
‫إن كانت الفتوى عامة‪ ،‬كالفتاوى التي تصدر من المؤتمرات ودور اإلفتاء‪.‬‬

‫(‪ )١‬إعالم الموقعين‪ ،‬ابن القيم‪ ،‬ج‪/٢‬ص‪.١٤٧‬‬


‫(‪ )٢‬الزمان والمكان واألشخاص واألحوال‪.‬‬
‫(‪ )٣‬بداية المجتهد‪ ،‬ابن رشد‪ ،‬ج‪/٤‬ص‪.١٧‬‬
‫(‪ )٤‬االعتصام‪ ،‬الشاطبي‪ ،‬ج‪/٣‬ص‪.٥٢‬‬

‫‪-584-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫وان أراد بيان حكمه مختص ار بطريق البرهان قال‪ :‬األجير المشترك ليس‬
‫مؤتمنا‪ ،‬وكل من ليس مؤتمنا ضامن‪ ،‬فاألجير المشترك ضامن‪.‬‬
‫مرحلة اإلفتاء‪:‬‬
‫وهذه هي المرحلة األخيرة من مراحل االستدالل‪ ،‬وهي مرحلة تنزيل الحكم‬
‫على المكلفين بالفتوى‪ ،‬وهي الوظيفة الرابعة من وظائف االستدالل‪ ،‬وظيفة الفتوى‪،‬‬
‫وتنزيل الحكم بالمكلف يراعى فيه األحوال األربع من الزمان‪ ،‬والمكان‪ ،‬واألشخاص‪،‬‬
‫واألحوال‪ ،‬فهذه وان روعيت في عملية اإللحاق فإنها عند التنزيل تتأكد في التفريق‬
‫بين األحوال الفردية الخاصة؛ إذ قد يكون حكم الفرع في اإللحاق مختلفا عن حكمه‬
‫عند الفتوى بسبب تأثير األحوال‪ ،‬فقد يفتى لفالن بخالف ما يفتى آلخر بالنظر إلى‬
‫حاله التي تخصه‪ ،‬ولذلك يشترط األصوليون في المجتهد أن يكون خبي ار بظروف‬
‫الناس‪ ،‬عارفا بأحوالهم‪ ،‬ولكون منزلة فتوى الفقيه على العامي كمنزلة الدليل على‬
‫المجتهد فهو ملزم للعمل‪ ،‬قال الشاطبي‪" :‬فتاوى المجتهدين بالنسبة إلى العوام‬
‫كاألدلة الشرعية بالنسبة إلى المجتهدين"(‪ ،)١‬ويشترط في مقدمات البرهان الذي‬
‫تصاغ به الفتوى أن يكون أحدها تحقيق المناط في هذه المرحلة‪ ،‬قال الشاطبي‪:‬‬
‫"كل دليل شرعي فمبنى على مقدمتين‪ :‬إحداهما راجعة إلى تحقيق مناط الحكم‪،‬‬
‫واألخرى ترجع إلى نفس الحكم الشرعي‪ ،‬فاألولى نظرية‪ ،‬وأعني بالنظرية هنا ما‬
‫سوى النقلية‪ ،‬والثانية نقلية‪ ،‬وبيان ذلك ظاهر في كل مطلب شرعي‪ ،‬فإذا قلت‪ :‬إن‬
‫كل مسكر حرام‪ ،‬وشرع مكلف في تناول خمر مثال‪ ،‬قيل له أهذا خمر أو ال؟ فال بد‬
‫من النظر في كونه خم ار أو غير خمر‪ ،‬وهو معنى تحقيق المناط‪ ،‬فإذا وجد فيه‬
‫أمارة الخمر أو حقيقتها بنظر معتبر‪ ،‬قال نعم‪ ،‬هذا خمر‪ ،‬فيقال له‪ :‬كل خمر حرام‬

‫(‪ )١‬الموافقات‪ ،‬الشاطبي‪ ،‬ج‪/٥‬ص‪.٣٣٧‬‬


‫‪-585-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫االستعمال‪ ،‬فيجتنبه"(‪ ،)١‬وليس هذا شرطا في مرحلة بيان الحكم؛ للفرق بين التنظير‬
‫والتنزيل‪.‬‬

‫(‪ )١‬الموافقات‪ ،‬الشاطبي‪ ،‬ج‪/٣‬ص‪.٢٣٢‬‬

‫‪-586-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫المبحث الثاني‬
‫مناهج األصوليين في أنواع االستدالل‬
‫المطلب األول‪ :‬المناهج األصولية في تشخيص موضوع االستدالل‪:‬‬
‫اتفق األصوليون على حجية االستدالل كأصل من أصول الفقه الخمسة(‪،)١‬‬
‫لكن مناهجهم اختلفت في تشخيص موضوعاته التي تذكر فيه‪ ،‬ولم تغن تعريفاتهم‬
‫المجملة عن بيان موضوع هذا الدليل‪ ،‬فكل طائفة من العلماء بينت إجمال هذا‬
‫التعريف بيانا مختلفا عن غيرها‪ ،‬قال المرداوي ‪-‬رحمه هللا‪" :‬وليس في التعريف‬
‫إفصاح عن كل ما دخل فيه‪ ،‬وانما ذكر ذلك إجماال‪ ،‬ويتبين فيه بالتفصيل"(‪،)٢‬‬
‫وذلك بسبب ترددهم في موضوعات كتاب االستدالل ما الذي يجب أن يدرج فيه‬
‫وما الذي يجب أن يخرج منه‪ ،‬وكانت مناهجهم في تشخيص موضوع االستدالل‬
‫على ثالثة مناهج‪ ،‬المنهج السائد منها اتفق على إدراج أربعة موضوعات في كتاب‬
‫االستدالل‪:‬‬
‫االستدالالت المنطقية‪ :‬من األقيسة االقترانية واالستثنائية وغيرهما‪.‬‬ ‫‪.١‬‬
‫األدلة التبعية أو المختلف فيها‪ :‬كاالستصحاب‪ ،‬واالستحسان‪ ،‬وقول‬ ‫‪.٢‬‬
‫الصحابي ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫االستدالل باألسباب والشروط والموانع‪ :‬كقولهم وجد السبب فيوجد الحكم‪،‬‬ ‫‪.٣‬‬
‫ونحو ذلك‪.‬‬
‫األقيسة الشرعية غير العلية‪ :‬كقياس العكس‪ ،‬والداللة‪ ،‬والشبه‪ ،‬والقياس في‬ ‫‪.٤‬‬
‫معنى األصل‪.‬‬
‫أما بقية المناهج تفاوتت في وضع هذه الموضوعات األربعة في كتاب‬
‫االستدالل إما بحسب الكثرة والقلة‪ ،‬واما بحسب إدراجها أو إخراجها‪ ،‬وسبب هذا‬

‫(‪ )١‬انظر كتاب االستدالل‪ ،‬رفع الحاجب‪ ،‬السبكي‪.‬‬


‫(‪ )٢‬التحبير شرح التحرير‪ ،‬المرداوي‪ ،‬ص‪.٣٧٤٠‬‬
‫‪-587-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫التفاوت بينهم هو القدر الذي أدرجه كل فريق منهم من موضوعات االستدالل‬


‫المنطقي في االستدالل األصولي‪ ،‬فمنهم قبل كثي ار منها‪ ،‬ومنهم ما قبل منها إال‬
‫قليال‪ ،‬واالتجاه السائد توسط بينهما‪ ،‬فالمناهج ‪-‬إذن‪ -‬ثالثة‪:‬‬
‫منهج المكثرين في األخذ باالستدالالت المنطقية‪.‬‬ ‫•‬
‫منهج المتوسطين‪.‬‬ ‫•‬
‫منهج المقتصدين‪.‬‬ ‫•‬
‫وقد ارتضى كل منهج من هذه الثالثة عدد من العلماء األصوليين المبرزين‪،‬‬
‫فمن المكثرين ابن حزم‪ ،‬وابن الجوزي‪ ،‬والطوفي‪ ،‬ومن المتوسطين اآلمدي‪ ،‬وابن‬
‫الحاجب‪ ،‬والسبكي‪ ،‬والزركشي‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬أما المقتصدون فهم على الحقيقة فريقان‪:‬‬
‫األول‪ :‬من لم يفرق بين القياس واالستدالل‪ ،‬وهم كبار الشافعية‪ ،‬والحنابلة‬
‫المتقدمون كالبروي‪ ،‬والغزالي‪ ،‬والشيرازي‪ ،‬وأبي يعلى‪ ،‬وابن عقيل‪ ،‬وتابعهم من‬
‫المالكية اإلمام الباجي‪ ،‬والثاني‪ :‬من فرق بين القياس واالستدالل‪ ،‬وهم بعض‬
‫متأخري المالكية‪ ،‬كالقرافي‪ ،‬وابن جزي‪ ،‬والتلمساني‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫ولكل من هذه المناهج الثالثة رؤية خاصة في تشخيص موضوع دليل‬
‫االستدالل‪ ،‬وذا أوان تفصيل الكالم عن المناهج والمقارنة بينها‪ ،‬وسأتناول كل منهج‬
‫في مطلب من المطالب التالية‪ ،‬فأستعرض نموذج تشخيص لالستدالل من أحد‬
‫علماء ذلك المنهج‪ ،‬لتهتدي به إلى غيره من أصحاب منهجه‪ ،‬يعقبها مطلب في‬
‫المنهج الصحيح لتشخيص موضوع االستدالل‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬قد يختلف أصحاب المنهج الواحد في قبول أو رد بعض أنواع‬
‫االستدالل‪ ،‬بحسب اجتهادهم فيه‪ ،‬لكن معالم المنهج العامة لن تختلف‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬منهج المكثرين في األخذ باالستدالالت المنطقية‪.‬‬
‫النموذج األول( ابن الجوزي )في كتابه اإليضاح لقوانين االصطالح)‬

‫منهج المكثرين في األخذ باالستدالالت المنطقية‬

‫‪-588-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫النموذج األول( ابن الجوزي )في كتابه اإليضاح لقوانين االصطالح)‬

‫منهج المكثرين في األخذ باالستدالالت المنطقية‬

‫استصحاب اإلجماع في محل الخالف‬

‫التمسك بالدليل النافي‬ ‫األدلة المختلف فيها‬

‫حصر مدارك األدلة ونفيها‬

‫االستدالل بالشكل األول من الحملي‬

‫التمسك باستثناء عين المقدم من الشرطي المتصل‬


‫والمنفصل‬

‫التمسك باستثناء نقيض التالي من الشرطي المتصل‬

‫التمسك بالشرطي المنفصل‬


‫استدالالت المنطقية‬
‫االستدالل بوجود الملزوم على وجود الالزم‬

‫االستدالل بانتفاء الالزم على انتفاء الملزوم‬

‫التمسك بأن الشيء الفالني مع الشيء الفالني مما ال‬


‫يجتمعان (تعاند)‬

‫التمسك في مسألة طول الحرة بمنع نكاح األمة (تالزم)‬

‫وجد السبب فيوجد الحكم‬ ‫ما يتعلق بالسبب‬


‫عدم الشرط فال حكم‬ ‫والشرط‬

‫نفي الفارق (القياس في معنى األصل)‬ ‫أنواع القياس غير قياس‬

‫‪-589-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫النموذج األول( ابن الجوزي )في كتابه اإليضاح لقوانين االصطالح)‬

‫منهج المكثرين في األخذ باالستدالالت المنطقية‬

‫االستدالل بحكم على حكم (قياس داللة)‬ ‫العلة‬

‫األدلة التبعية أو المختلف فيها‪ :‬ال يتوسع أهل هذا المنهج بذكر األدلة‬ ‫‪.١‬‬
‫المختلف فيها‪ ،‬كما هو مالحظ في الجدول‪ ،‬إنما يذكرون من األدلة المختلف فيها‬
‫الدليل النافي بأنواعه‪ ،‬وبعض أنواع االستصحاب من التي تستخدم في المناظرات‪،‬‬
‫كاستصحاب حكم اإلجماع في محل الخالف‪ ،‬والدليل النافي في حقيقته عائد إلى‬
‫االستصحاب(‪ ،)١‬مما يعني أن االستصحاب وما في حكمه هو ما اعتمدوه من‬
‫األدلة المختلف فيها في تشخيص االستدالل باإلضافة إلى غيره من الموضوعات‪،‬‬
‫بخالف ابن حزم منهم‪ ،‬فلم يجعل األدلة المختلف فيها من موضوعات االستدالل‪،‬‬
‫فال يمكن عند أصحاب هذا المنهج اعتبار كتاب االستدالل كتابا لألدلة المختلف‬
‫فيها عندهم‪ ،‬ولو كان االستدالل عندهم محال لبحث األدلة المختلف فيها لذكروا‬
‫غيره كاالستحسان وقول الصحابي‪ ،‬ولعل السبب في تركهم ذلك اهتمامهم باألنواع‬
‫الجدلية لالستدالل‪ ،‬أما ابن حزم فلم يذكر شيئا من األدلة المختلف فيها‪ ،‬وعليه ال‬
‫يعتبر موضوع األدلة المختلف فيها وال القواعد الفقهية من موضوعات االستدالل‬
‫في هذا المنهج‪ ،‬مما أدى إلى وجود مساحة كبيرة لبقية الموضوعات‪ ،‬ال سيما‬
‫االستدالالت المنطقية لتشخيص االستدالل‪ ،‬وصنيعهم هذا فيه مخالفة لمن قال من‬
‫المتوسطين إن االستدالل عبارة عن مبحث لدراسة األدلة المختلف فيها(‪)٢‬؛ إذ ليس‬
‫ذلك بمسلم عند هذا الفريق لما رأيت‪.‬‬

‫(‪ )١‬المقترح في المصطلح‪ ،‬البروي‪ ،‬ص‪.٣٨٦‬‬


‫(‪ )٢‬التحبير شرح التحرير‪ ،‬للمرداوي‪ ،‬ج‪/٨‬ص‪.٣٨٣٦‬‬

‫‪-590-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫االستدالالت المنطقية‪ :‬هذا الموضوع أكبر موضوعات االستدالل عندهم‪،‬‬ ‫‪.٢‬‬


‫وعنايتهم باالستدالالت المنطقية كثّرت أنواع االستدالل‪ ،‬فكما ترى في هذا الجدول‬
‫تصل األنواع إلى خمسة عشر نوعا‪ ،‬ثمانية منها استدالالت منطقية‪ ،‬والسبعة‬
‫الباقية كثير منها يعود في حقيقته إلى االستدالل المنطقي‪ ،‬وأنت كما ترى من‬
‫أسباب زيادة عدد أنواع االستدالل أنهم يفرقون بين األنواع التي حقها الجمع‪ ،‬فكل‬
‫ما ذكروه من االستدالالت المنطقية يغني عنه لو قالوا االستدالل بالقياس االقتراني‬
‫أو القياس االستثنائي؛ ألن هذه كلها أنواع متفرعة عنهما‪ ،‬وتفريقهم لما حقه الجمع‬
‫يومئ من طرف خفي أن أفراد األنواع مختلفة عن أجناسها؛ ولذلك في هذه الجزئية‬
‫تجد تمي از عند منهج المقتصدين‪ ،‬كابن جزي الغرناطي مثال‪ ،‬فقد ذكر نوعي التالزم‬
‫والتعاند من أنواع االستدالل ليدخل فيه كل تفرق هنا(‪ ،)١‬وتالحظ أيضا أن‬
‫االستدالل المنطقي يذكر بأشكال متعددة‪ ،‬مثل قولهم‪ :‬وجد السبب فيوجد الحكم‪،‬‬
‫فهذا حقيقته راجع إلى القياس االقتراني الحملي من حيث صورة االستدالل‪ ،‬أما من‬
‫حيث مادته فمادته راجعة إلى التالزم بين السبب والمسبب(‪ ،)٢‬ومن ذلك أيضا قول‬
‫ابن الجوزي‪ :‬التمسك بطول الحرة في منع نكاح األمة‪ ،‬فهذا النوع من االستدالل‬
‫عائد إلى التالزم كذلك(‪ ،)٣‬وتفريقهم لما حقه الجمع ليس ادعاء أدعيه عليهم‪ ،‬بل‬
‫هم من نص على ذلك‪ ،‬يقول ابن الجوزي‪" :‬اعلم أن جميع أنواع االستدالالت‬
‫المعنوية لها ضابطان‪ ،‬وهما‪ :‬بيان مالزمة بين المتفق عليه والمختلف فيه‪ ،‬أو بيان‬

‫(‪ )١‬تقريب الوصول‪ ،‬ابن جزي‪ ،‬ص‪.١٩١‬‬


‫(‪ )٢‬ولوال أن أثقل المقام لحشدت أمثلة أكثر‪ ،‬لكن القليل منها يدل على الكثير ‪-‬إن شاء هللا‪ ،‬ومن‬
‫ذلك تفريق ابن حزم بين القياس المنطقي والقياس المركب المنطقي‪ ،‬والطوفي في في تفريقه بين‬
‫القياس المنطقي والمقدمات الكلية‪ .‬انظر‪ :‬علم الجذل‪ ،‬الطوفي‪ ،‬ص‪ ،٨٤‬النوع الخامس‪ ،‬اإلحكام‪،‬‬
‫ابن حزم‪ ،‬ج‪/٥‬ص‪ ،١٠٦‬النوع الخامس من أنواع الدليل‪.‬‬
‫(‪ )٣‬انظر اإليضاح البن الجوزي النوع الخامس عشر من أنواع االستدالل‪ ،‬ص‪.٢٠٠‬‬
‫‪-591-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫معاندة بينهما‪ ،‬وكيفما تنوعت االستدالالت رجعت إلى أحذ هذين الضابطين"(‪،)١‬‬
‫ويقول الطوفي‪" :‬إن االستدالل مطلقا في أي حكم كان ال يخرج عن الشكل الحملي‬
‫واالستثنائي المقررة أحكامهما في المنطق"(‪ ،)٢‬وصنيعهم في تفريق ما حقه الجمع‬
‫داعيه التأليف في علم الجدل األصولي فليس بمنتقد؛ ليتدرب الفقيه على استعمال‬
‫كل نوع على حدة في المناظرة‪ ،‬لذا تجدهم يعتنون بطرق االعتراض ودفعها على‬
‫أنواع االستدالل‪ ،‬والخالصة أن اإلكثار من األخذ باالستدالالت المنطقية جعل‬
‫طابع هذا الدليل منطقيا جدليا‪ ،‬وهم شخصوه على هذا النحو لكثرة ما يستعمله‬
‫الفقهاء في جدالهم ومناظراتهم‪ ،‬يقول ابن الجوزي‪" :‬وأما االستدالل فهو الذي يكثر‬
‫فقهاء هذا العصر التمسك به في محافل نظرهم‪ ،‬ويوفرون على التفنن في أنواعه‬
‫حقائق فكرهم"(‪ ،)٣‬ومن اإلضافات الحقيقية التي أضافها أصحاب هذا المنهج تسمية‬
‫االستدالالت المنطقية بطريق إيراد الدليل أو طريق ذكر الدليل‪ ،‬ويقولون إن‬
‫االستدالالت المنطقية عبارة عن أحد طريقي إيراد الدليل‪ ،‬وقد يمكن أن يورد الدليل‬
‫على طريقة أخرى ليست هي طريقة المناطقة إنما هي طريقة الفقهاء‪ ،‬يقول ابن‬
‫الجوزي‪" :‬ولك في إثبات المالزمة أن تصرح بالفقه وتكشف عن ماهية مستند‬
‫المالزمة في تقريرها‪ ،‬ولك أن توري عن متن الطريق وتأخذ بأطراف الكالم متمسكا‬
‫بظواهر القواعد الحملية‪ ،‬وتطالب بتخريج األمور على وفق األصول"(‪ ،)٤‬ويقصد‬
‫بمستند المالزمة األدلة الشرعية‪ ،‬سواء كانت نصا‪ ،‬أو قياسا‪ ،‬أو إجماعا‪ ،‬أو غيرها‬
‫في بيان أن الشيء الفالني مع الشيء الفالني متالزمان‪.‬‬
‫ما يتعلق بالسبب والشرط والمانع‪ :‬هذا الموضوع عبارة عن أربعة أنواع‬ ‫‪.٣‬‬
‫استدالل‪ ،‬وهي قولهم‪ :‬أ‪ -‬وجد السبب فيوجد الحكم‪ .‬ب‪ -‬عدم السبب فال حكم‪.‬‬

‫(‪ )١‬اإليضاح لقوانين االصطالح‪ ،‬ابن الجوزي‪ ،‬ص‪.٤٤٥‬‬


‫(‪ )٢‬علم الجذل‪ ،‬الطوفي‪ ،‬ص‪.٤١‬‬
‫(‪ )٣‬اإليضاح لقوانين االصطالح‪ ،‬البن الجوزي‪ ،‬ص‪.١٧٠‬‬
‫(‪ )٤‬اإليضاح لقوانين االصطالح‪ ،‬ابن الجوزي‪ ،‬ص‪ ،٤٤٦‬بتصرف‪.‬‬

‫‪-592-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫جـ‪ -‬عدم الشرط فال حكم‪ .‬د‪ -‬وجد المانع فال حكم‪ .‬وأصحاب هذا المنهج يدرجونها‬
‫كلها في أنواع االستدالل سوى ابن حزم(‪ ،)١‬ويفيضون في شرحها وطرق االعتراض‬
‫عليها‪ ،‬فهم يقولون إن هذه األنواع منتجة في االستدالل على األحكام‪ ،‬ولو من‬
‫مقدمة واحدة؛ ألن لها مقدمة أضمرت لشهرتها‪ ،‬هي‪ :‬كل سبب إذا وجد فيوجد معه‬
‫الحكم‪ ،‬ويقسمون الشرط إلى شرط سبب‪ ،‬والى شرط حكم(‪ ،)٢‬والمانع كذلك(‪ ،)٣‬فهم‬
‫على الحقيقة من أكثر المناهج عناية بهذا الموضوع من موضوعات االستدالل‪ ،‬وال‬
‫غرابة؛ إذ هذا النوع من أكثر األنواع استعماال في الجدل‪ ،‬وهم قد شخصوا‬
‫االستدالل بموضوعات االستدالل المنطقي الجدلية‪ ،‬وكما سبق يشكل عليهم تفريق‬
‫هذا النوع من االستدالل عن االستدالل المنطقي؛ ألنه في حقيقته راجع إلى القياس‬
‫االقتراني الحملي من حيث الصورة‪ ،‬والى التالزم من حيث المادة‪ ،‬فالسبب يعرف‬
‫على أنه ما يلزم من وجوده وجود الحكم ومن انتفائه انتفاؤه(‪ ،)٤‬وهذا هو التالزم‬
‫بعينه‪ ،‬والذي حملهم على ذلك تدريب الفقيه على استعمال كل نوع على حدة‪.‬‬
‫العلية‪ :‬لم يذكر ابن حزم أنواع األقيسة؛ ألنه ال يرى‬
‫األقيسة الشرعية غير َّ‬ ‫‪.٤‬‬
‫القياس دليال(‪ ،)٥‬أما الطوفي فقد ذكر أن قياس الداللة من أنواع االستدالل(‪ ،)٦‬وكذا‬
‫(‪)٧‬‬
‫في قوله‪ :‬االستدالل بحكم على حكم فهذا حقيقته قياس داللة‪ ،‬وذك ار‬ ‫ابن الجوزي‬

‫(‪ )١‬اإلحكام‪ ،‬ابن حزم‪ ،‬ج‪/٥‬ص‪.١٠٦‬‬


‫(‪ )٢‬لألمانة العلمية‪ :‬تقسيم الشرط لم ينص عليه ابن الجوزي‪ ،‬لكنه لما قسم المانع إلى مانع حكم‬
‫ومانع سبب ناسب ذكر تقسيم الشرط؛ ألنه عكسه‪ ،‬والذي نص على تقسيم الشرط إلى شرط حكم‪،‬‬
‫وشرط سبب هو القرافي في نفائس األصول شرح المحصول‪ ،‬ج‪/١‬ص‪ ،٣٠٦‬وابن النجار‪ ،‬في شرح‬
‫الكوكب المنير‪ ،‬ج‪/١‬ص‪ ،٤٥٤‬وغيرهما‪.‬‬
‫(‪ )٣‬اإليضاح لقوانين االصطالح‪ ،‬ابن الجوزي‪ ،‬ص‪.١٣١‬‬
‫(‪ )٤‬شرح الكوكب المنير‪ ،‬ابن النجار‪ ،‬ج‪/١‬ص‪.٤٤٥‬‬
‫(‪ )٥‬اإلحكام‪ ،‬ابن حزم‪ ،‬ج‪/٧‬ص‪.٥٣‬‬
‫(‪ )٦‬علم الجذل‪ ،‬الطوفي‪ ،‬ص‪.٨٥‬‬
‫(‪ )٧‬اإليضاح لقوانين االصطالح‪ ،‬ابن الجوزي‪ ،‬ص‪.١٨٤‬‬
‫‪-593-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫من األنواع نفي الفارق‪ ،‬وهو المسمى القياس في معنى األصل‪ ،‬بهذا يعتبر هذا‬
‫الموضوع من الموضوعات التي يشخص بها االستدالل عندهم‪ ،‬ولعل سبب‬
‫وضعهم لهذين القياسين في أنواع االستدالل أن القياس واالستدالل كثي ار التداخل‪،‬‬
‫والفرق بينهما ال يكاد يعرف إال عند من طال تأمله فيهما‪ ،‬وألن قياس العلة يغاير‬
‫موضوع االستدالل باتفاق من كتب في االستدالل‪ ،‬وهذه األقيسة –أعني‪ :‬الداللة‬
‫ونفي الفارق‪ -‬ليست من قبيل قياس العلة‪ ،‬فال مانع من إدراجها فيه‪.‬‬
‫خالصة تشخيص موضوع االستدالل عند هذا المنهج‪ :‬أنه دليل يستعمل في‬
‫الحجاج والجدل الفقهي‪ ،‬واختاروا من أنواع االستدالل ما يناسب هذا التشخيص من‬
‫األنواع المنطقية والجدلية األصولية‪ ،‬مع عدم إغفالهم أنماط التعاند والتالزم اللذين‬
‫صرح ابن الجوزي أن جميع أنواع االستدالل راجعة إليهما(‪.)١‬‬
‫معرفة هذا المنهج لها فوائد‪:‬‬
‫العالقة القوية بين االستدالل والجدل؛ إذ من خالله يدافع الفقيه عن استدالله‬ ‫•‬
‫الذي توصل إليه‪.‬‬
‫أهمية دليلي التالزم والتعاند من األدلة العقلية في بناء األحكام الشرعية‪.‬‬ ‫•‬
‫االستدالل ليس محال لدراسة األدلة المختلف فيها‪.‬‬ ‫•‬
‫الدليل على المسائل الفقهية لك إيراده على أحد طريقين‪ :‬إما على طريقة‬ ‫•‬
‫المناطقة‪ ،‬واما على طريقة الفقهاء(‪.)٢‬‬
‫الفرق بين برهان االستدالل واالستدالل نفسه‪ ،‬فبرهان االستدالل هو طريقة‬ ‫•‬
‫إيراد الدليل على المخالفين‪ ،‬أما االستدالل فهو ذكر الدليل وعملية اإللحاق‪،‬‬
‫ومنه نأخذ الفرق بين صيغة االستدالل ومادته‪.‬‬
‫االستدالالت المنطقية ‪-‬إن استعملت على وجهها الصحيح‪ -‬مفيدة في‬ ‫•‬
‫االستدالل الشرعي‪ ،‬ويمكن معرفة الحكم عن طريقها؛ ألن حاصلها إدراج‬

‫(‪ )١‬اإليضاح لقوانين االصطالح‪ ،‬ابن الجوزي‪ ،‬ص‪.٤٤٥‬‬


‫(‪ )٢‬اإليضاح لقوانين االصطالح‪ ،‬ابن الجوزي‪ ،‬ص‪.٤٤٦‬‬

‫‪-594-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫خصوص مغفول عنه في عموم لم يغفل عنه‪ ،‬ومع كونها مفيدة في معرفة‬
‫الحكم إال أنه يمكن استعمالها استعماال صوريا أجوف المادة أو هزيلها‪،‬‬
‫فتكون بمثابة القوالب التي يؤطر بها الدليل‪ ،‬ال االستدالل نفسه‪ ،‬ولن تفيد‬
‫في معرفة الحكم في هذه الحالة‪.‬‬
‫القياس واالستدالل يتداخالن كثيرا‪ ،‬لكن الفرق بينهما أن القياس حمل جزئي‬ ‫•‬
‫على جزئي‪ ،‬واالستدالل حمل جزئي على كلي‪ ،‬وعليه فإن ذكرت علة الحكم‬
‫في القياس دون ذكر المقيس عليه أصبح استدالال ال قياسا‪ ،‬كقولك‪ :‬النبيذ‬
‫مسكر‪ ،‬وكل مسكر حرام‪ ،‬فالنبيذ حرام‪ ،‬فهذا استدالل ال قياس؛ ألنه إدراج‬
‫خصوص في عموم‪ ،‬أما إن قلت‪ :‬النبيذ خمر‪ ،‬وكل خمر حرام؛ فالنبيذ حرام‪،‬‬
‫فهذا هو القياس‪ ،‬فالمقيس عليه ال بد من وجوده؛ ألنه ركن من أركان‬
‫القياس‪ ،‬والفرق هذا في الواقع لم يقبل به بعض العلماء فابن تيمية مثال ذكر‬
‫أن الفرق بينهما عند العقالء غير مقبول(‪)١‬؛ ألن محك نظر القياس بالجزئي‬
‫على الجزئي وجود العلة الجامعة بين األصل والفرع‪ ،‬أو نفي الفارق بينهما‪،‬‬
‫وهذان –أعني‪ :‬العلة أو نفي الفارق‪ -‬هما العمومان اللذان يشمالن المقيس‬
‫والمقيس عليه‪ ،‬فآل األمر إلى إلحاق خصوص في عموم‪ ،‬وهذه هي حقيقة‬
‫االستدالل(‪ ،)٢‬وكذلك المقتصدون لم يفرقوا بين االستدالل والقياس لشدة‬
‫تشابههما‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬منهج المتوسطين في األخذ باالستدالالت المنطقية‪:‬‬
‫النموذج الثاني( اآلمدي )في كتابه اإلحكام)‬

‫منهج المتوسطين في األخذ باالستدالالت المنطقية‬

‫(‪ )١‬الرد على المنطقيين‪ ،‬ابن تيمية‪ ،‬ص‪.١٥٩‬‬


‫(‪ )٢‬الرد على المنطقيين‪ ،‬ابن تيمية‪ ،‬ص‪ ،٢٠٤‬يتنبه أن المصطلح الذي استعمله ابن تيمية على‬
‫االستدالل هو مصطلح قياس الشمول‪ ،‬والقياس استعمل مصطلح قياس التمثيل‪.‬‬
‫‪-595-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫النموذج الثاني( اآلمدي )في كتابه اإلحكام)‬

‫منهج المتوسطين في األخذ باالستدالالت المنطقية‬

‫وجد السبب‪ ،‬فثبت الحكم‬ ‫ما يتعلق بالشرط والمانع‬


‫ووجد المانع‪ ،‬وفات الشرط‪ ،‬فينتفي الحكم‬ ‫والسبب‬

‫الدليل المؤلف من أقوال يلزم من تسليمها لذاتها‬


‫االستدالل المنطقي‬
‫تسليم قول آخر‬

‫استصحاب الحال‬

‫نفي الحكم النتفاء مداركه‬

‫شرع من قبلنا‬
‫األدلة المختلف فيها‬
‫االستحسان‬

‫مذهب الصحابي‬

‫المصالح المرسلة‬

‫األدلة التبعية أو المختلف فيها‪ :‬يعتبر موضوع األدلة المختلف فيها عند‬ ‫‪.١‬‬
‫هذا المنهج أكبر موضوعات كتاب االستدالل‪ ،‬ولم ينفك أحد ممن كتب على هذه‬
‫الطريقة من ذكر األدلة المختلف فيها‪ ،‬بل صرح بعضهم أن كتاب االستدالل هو‬
‫كتاب األدلة المختلف فيها‪ ،‬كالبرماوي(‪ ،)١‬والمرداوي(‪ ،)٢‬والسبكي(‪ ،)٣‬وغيرهم(‪،)٤‬‬

‫(‪ )١‬الفوائد السنية في شرح األلفية‪ ،‬البرماوي‪ ،‬ص‪.٢١٣٠‬‬


‫(‪ )٢‬التحبير شرح التحرير‪ ،‬المرداوي‪ ،‬ص‪.٣٨٣٥‬‬
‫(‪ )٣‬رفع الحاجب‪ ،‬ابن السبكي‪ ،‬ج‪/٤‬ص‪.٤٨٠‬‬
‫(‪ )٤‬تشنيف المسامع‪ ،‬الزركشي‪ ،‬ج‪/٣‬ص‪ ،٤٠٨‬الدرر اللوامع‪ ،‬الكوراني‪ ،‬ج‪/٥‬ص‪.٧‬‬

‫‪-596-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫ولذلك تتم دراستها عندهم كما تدرس في كتاب األدلة المختلف فيها عند من لم يسم‬
‫هذا الكتاب باالستدالل‪ ،‬كالرازي‪ ،‬والبيضاوي‪ ،‬وغيرهما(‪ ،)١‬والذي حملهم على هذا‬
‫هو تعريفهم لالستدالل بأنه ما سوى األربعة‪ ،‬فدخل فيه ما بقي من األدلة الشرعية‪،‬‬
‫وعادة صنيع هذا الفريق أن يقسموا االستدالل إلى مقبول‪ ،‬ومردود‪ ،‬تأسيا بكتاب‬
‫األدلة المختلف فيها‪ ،‬ومهما يكن فاالستدالل عندهم يشمل األدلة المختلف فيها‬
‫وغيرها من الموضوعات األربعة‪ ،‬والواقع أن ثمة فرقا بين مبحث األدلة المختلف‬
‫فيها ومبحث االستدالل‪ ،‬وهو أن األدلة المختلف فيها عادة يقتصر موضوعها‬
‫عليها دون بقية موضوعات االستدالل‪ ،‬بعكس االستدالل‪ ،‬فتشملها وغيرها‪ ،‬ومن‬
‫(‪)٢‬‬
‫كالتالزم‪ ،‬والتعاند‪ ،‬ولهذا إطالق الترادف‬ ‫أنواع االستدالل كذلك ما هو متفق عليه‬
‫فيه نظر‪ ،‬وقد تميز هذا المنهج بإضافة القواعد الفقهية ضمن موضوعات‬
‫االستدالل على يد ابن السبكي في جمع الجوامع(‪ ،)٣‬وهذه بحق إضافة تدل على‬
‫علو كعب ابن السبكي‪-‬رحمه هللا‪ ،‬فقد فهم أن ثمة روابط تربط بين االستدالل‬
‫والقواعد الفقهية‪ ،‬وهي االعتماد على كليات الشريعة‪ ،‬وأنها قواعد شابهت األدلة؛‬
‫فحق لها أن تعمل كعملها‪ ،‬وقد تابع ابن السبكي بعض أصحاب هذا المنهج‪،‬‬
‫كالمرداوي(‪ ،)٤‬والبرماوي(‪ ،)٥‬والشنقيطي(‪ ،)٦‬وسبب إدراج القواعد الفقيهة في‬
‫االستدالل أن مضمون هذه القواعد ثبت بالدليل‪ ،‬فصارت كاألدلة يقضى بها على‬
‫الفروع(‪.)٧‬‬

‫(‪ )١‬المحصول‪ ،‬الرازي‪ ،‬ج‪/٦‬ص‪ ،٩٥‬شاملة‪ ،‬منهاج الوصول‪ ،‬البيضاوي‪ ،‬ص‪ ،٢٢٥‬جودريدر‪.‬‬
‫(‪ )٢‬االستدالل عند األصوليين‪ ،‬د‪ .‬أسعد الكفراوي‪ ،‬ص‪.٥١‬‬
‫(‪ )٣‬جمع الجوامع‪ ،‬السبكي‪ ،‬ص‪.١١١‬‬
‫(‪ )٤‬التحبير شرح التحرير‪ ،‬المرداوي‪ ،‬ص‪.٣٧٣٩‬‬
‫(‪ )٥‬الفوائد السنية في شرح األلفية‪ ،‬البرماوي‪ ،‬ص‪.٢١٣٠‬‬
‫(‪ )٦‬مراقي السعود‪ ،‬الشنقيطي‪ ،‬ص‪ ٤٨‬آخر كتاب االستدالل‪.‬‬
‫(‪ )٧‬التحبير شرح التحرير‪ ،‬المرداوي‪ ،‬ص‪.٣٧٣٩‬‬
‫‪-597-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫االستدالالت المنطقية‪ :‬يصدر بها شرح االستدالل عند هذا المنهج‪ ،‬ويعتبر‬ ‫‪.٢‬‬
‫من الموضوعات الثابتة عندهم‪ ،‬لكنهم بعكس المنهج األول يجمعون أنواع‬
‫االستدالل المنطقية بقولهم‪ :‬القياس االقتراني واالستثنائي‪ ،‬ويشرحونهما كما يشرحان‬
‫في كتب المنطق بذكر أشكال األقيسة وضروبها المنتجة وغير المنتجة‪ ،‬وال‬
‫يدخلون في التفاصيل‪ ،‬وال يتناولونها بالطرائق الجدلية كما يتناولها المكثرون؛ فلذا‬
‫ال تجدهم يهتمون كثي ار بطرق دفع االعتراض عليها‪ ،‬وهذا المنهج يختلف أصحابه‬
‫في األخذ بجميع أنواع االستدالل المنطقية‪ ،‬أو باألخذ ببعضها‪ ،‬فمنهم من أخذ بها‬
‫كلها‪ ،‬كاآلمدي‪ ،‬والسبكي(‪ ،)١‬ومنهم من أخذ بالتالزم منها فقط‪ ،‬كابن الحاجب(‪،)٢‬‬
‫واالستدالالت المنطقية عندهم استدالل مطلقا‪ ،‬سواء كانت مادتها من األدلة‬
‫األربعة المتفق عليها أو ال؛ ألنهم يقولون دليل المسألة الفقهية إما أن يكون نصا‬
‫من قرآن‪ ،‬أو سنة‪ ،‬أو إجماع‪ ،‬أو قياس‪ ،‬فإن لم تكن هذه األربعة فهو استدالل من‬
‫أي نوع كان‪ ،‬واالستدالل المنطقي ليس من األربعة؛ فصح أن يكون استدالال‪ ،‬ولو‬
‫كان جاريا في هذه األربعة كما تقول‪ :‬هذا حكم دل عليه القياس‪ ،‬وكل ما دل عليه‬
‫القياس فهو حكم شرعي(‪ ،)٣‬ومن اإلضافات الجيدة عندهم قول اآلمدي‪" :‬وال يخفى‬
‫ما يرد عليها ‪-‬أنواع االستدالل المنطقية‪ -‬من االعتراضات من منع المقدمات‬
‫والقوادح في األدلة الدالة عليها على اختالف أنواعها‪ ،‬وكذلك الجواب عنها"(‪،)٤‬‬
‫فقوله األدلة الدالة عليها يفيد أن تلك المقدمات لها أدلة ومستندات تدل عليها‪ ،‬ومن‬
‫اإلضافات الجيدة تفريقهم بين االستدالل والقياس واالستقراء‪ ،‬فاالستدالل الذي‬
‫يسميه المناطقة قياس الشمول حمل جزئي على كلي‪ ،‬والقياس الذي يسميه‬
‫المناطقة قياس التمثيل حمل جزئي على جزئي‪ ،‬واالستقراء حمل كلي على جزئي‪.‬‬

‫(‪ )١‬اإلحكام‪ ،‬اآلمدي‪ ،‬ج‪/٤‬ص‪ ،١١٨‬جمع الجوامع‪ ،‬السبكي‪ ،‬ص‪.١٠٧‬‬


‫(‪ )٢‬رفع الحاجب‪ ،‬السبكي‪ ،‬ج‪/٤‬ص‪.٤٨٠‬‬
‫(‪ )٣‬الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع‪ ،‬الكوراني‪ ،‬ج‪/٤‬ص‪.٨‬‬
‫(‪ )٤‬اإلحكام‪ ،‬اآلمدي‪ ،‬ج‪/٤‬ص‪.١٥٥‬‬

‫‪-598-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫االستدال باألسباب والشروط والموانع‪ :‬من الموضوعات المهمة في‬ ‫‪.٣‬‬


‫االستدالل عندهم‪ ،‬ولكن طريقة عرضهم لها تختلف عن غيرهم(‪ ،)١‬فهم يذكرون‬
‫الخالف في كون هذه أدلة أو دعوى أدلة على قولين لهم‪ ،‬وعلى القول بأنها أدلة‬
‫هل تعتبر استدالال إن رجعت إلى األربعة‪ ،‬فهم على قولين أيضا‪ :‬أحدهما اعتبارها‬
‫استدالال ولو رجعت لألربعة‪ ،‬وثانيهما إن ثبتت بغير األربعة اعتبرت استدالال واال‬
‫فال‪ ،‬وعلى كل طريق بحثهم لها إنما هو بالنظر في حجيتها‪ ،‬واعتبارها استدالال‬
‫بخالف المنهج األول الذي بحثها مسلما حجيتها‪ ،‬وكونها استدالال‪ ،‬ومن أسباب‬
‫دراستهم لها كثرة استعمالها بين الفقهاء(‪.)٢‬‬
‫العلية‪ :‬اشتهر عند هذا المنهج تقييد القياس بقياس‬
‫األقيسة الشرعية غير َّ‬ ‫‪.٤‬‬
‫العلة في تعريف االستدالل‪ ،‬فهم يعرفونه بأنه دليل ليس بنص‪ ،‬وال إجماع‪ ،‬وال‬
‫(‪)٣‬‬
‫وقد كان قبل ذلك‬ ‫قياس علة‪ ،‬والذي قيد القياس بقياس العلة هو ابن الحاجب‬
‫مطلقا عند اإلمام اآلمدي(‪ ،)٤‬وانما وضع ابن الحاجب القيد لينبه أن القياس المغاير‬
‫لالستدالل إنما هو قياس العلة‪ ،‬ال بقية األقيسة‪ ،‬فيصح عنده أن تعتبر من‬
‫االستدالل‪ ،‬وقد ذكر فائدة القيد كثير من شراح مختصر ابن الحاجب(‪ ،)٥‬بأن القيد‬
‫وضع ليدخل في االستدالل قياس العكس‪ ،‬وقياس الداللة(‪ ،)٦‬والقياس في معنى‬
‫األصل‪ ،‬ولكنهم مع إدخالهم لهذه األقيسة في االستدالل إال أن شرحها آثروا أن‬
‫يجعلوه في كتاب القياس‪.‬‬

‫(‪ )١‬اإلحكام‪ ،‬اآلمدي‪ ،‬ج‪/٤‬ص‪ ،١١٨‬جمع الجوامع‪ ،‬السبكي‪ ،‬ص‪.١٠٧‬‬


‫(‪ )٢‬الدرر اللوامع‪ ،‬الكوراني‪ ،‬ج‪/٥‬ص‪.١١‬‬
‫(‪ )٣‬رفع الحاجب‪ ،‬السبكي‪ ،‬ج‪/٤‬ص‪.٤٨٢‬‬
‫(‪ )٤‬اإلحكام‪ ،‬اآلمدي‪ ،‬ج‪/٤‬ص‪.١٤٥‬‬
‫(‪ )٥‬رفع الحاجب‪ ،‬السبكي‪ ،‬ج‪/٤‬ص‪ ،٤٨٢‬بيان المختصر‪ ،‬أبو الثناء األصبهاني‪ ،‬ج‪/٣‬ص‪،٢٤٩‬‬
‫الردود والنقود‪ ،‬البابرتي‪ ،‬ج‪/٢‬ص‪.٦٤٩‬‬
‫(‪ )٦‬وهو الذي يسمونه قياس التالزم‪ ،‬الردود والنقود‪ ،‬البابرتي‪ ،‬ج‪/٢‬ص‪.٦٤٩‬‬
‫‪-599-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫خالصة تشخيص موضوع االستدالل عندهم‪ :‬دليل من أدلة الشرع يستعمل‬


‫على الفروع الفقهية‪ ،‬كما تستعمل بقية األدلة من القرآن‪ ،‬والسنة‪ ،‬واإلجماع‪،‬‬
‫والقياس‪ ،‬وهذا الدليل يشمل موضوعات االستدالل األربعة دون إخراج أي نوع‬
‫منها‪ ،‬وسواء كان االستدالل جنسا بنفسه له أنواع تخصه‪ ،‬كاالستصحاب‪ ،‬أو نوعا‬
‫لغيره كالقياس االقتراني بالنسبة لالستدالل المنطقي‪ ،‬وسواء ثبتت مقدمات‬
‫االستدالل باألدلة المتفق عليها‪ ،‬أو ثبتت بغيرها؛ فالثابت بالنص واإلجماع ليس‬
‫نصا وال إجماعا(‪ ،)١‬ويبقى نظر المجتهد في حجية أنواع االستدالل‪ ،‬فيختار منها ما‬
‫يراه حجة‪ ،‬ويترك ما رآه ليس حجة‪.‬‬
‫معرفة هذا المنهج لها فوائد‪:‬‬
‫موضوعات االستدالل األربعة يشخص بها هذا الدليل‪ ،‬وال إقصاء ألي منها‪.‬‬ ‫•‬
‫األدلة المختلف فيها من موضوعات االستدالل باتفاق أهل هذا المنهج‪.‬‬ ‫•‬
‫لكل مقدمة استدالل مستند تستند عليه من األدلة الشرعية‪.‬‬ ‫•‬
‫على طريقة المناطقة متداول بين‬ ‫التفرق بين التمثيل والقياس واالستقراء‬
‫(‪)٢‬‬
‫•‬
‫أهل هذا المنهج‪.‬‬
‫التفريق بين الدليل ودعوى الدليل خاصة في ما يتعلق بالسبب‪ ،‬والشرط‪،‬‬ ‫•‬
‫والمانع‪.‬‬
‫إضافة القواعد الفقهية ضمن موضوعات االستدالل باعتبارها قواعد ثبت‬ ‫•‬
‫مضمونها بالدليل‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬منهج المقتصدين في األخذ باالستدالالت المنطقية‪.‬‬
‫المقتصدون هم الذين أخذوا من االستدالالت المنطقية أخذ استحياء على قدر‬
‫الحاجة‪ ،‬وحاولوا قدر اإلمكان البعد عن مصطلحات المناطقة‪ ،‬وهم على فريقين ‪-‬‬

‫(‪ )١‬اإلحكام‪ ،‬اآلمدي‪ ،‬ج‪/٤‬ص‪١٤٦‬‬


‫(‪ )٢‬الدرر اللوامع‪ ،‬الكوراني‪ ،‬ج‪/٤‬ص‪١٤‬‬

‫‪-600-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫كما سبق‪ :‬فريق الشيرازي ومن وافقه في عدم التفريق بين القياس واالستدالل(‪،)١‬‬
‫والقرافي ومن وافقه في التفريق بين القياس واالستدالل‪ ،‬ولنعرض من كل فريق‬
‫نموذجا‪.‬‬

‫النموذج الثالث( الغزالي )في كتابه شفاء الغليل)‬

‫منهج المقتصدين في األخذ باالستدالالت المنطقية‬

‫االستدالل بخصيصة من خصائص‬


‫الشيء على الشيء‬
‫برهان االستدالل‬
‫االستدالل بالنظير على النظير‬

‫االستدالل بضرب من الشبه‬

‫إبطال بعض األقسام لتعين ما بقي منها‬


‫برهان الخلف‬
‫إبطال جميع األقسام إلبطال الجملة‬

‫النموذج الرابع( التلمساني )في كتابه مفتاح الوصول)‬

‫منهج المقتصدين في األخذ باالستدالالت المنطقية‬

‫االستدالل بالمعلول على العلة‬ ‫التالزم‬

‫االستدالل بالعلة على المعلول‬

‫(‪ )١‬المنهاج في ترتيب الحجاج‪ ،‬الباجي‪ ،‬ص‪ ،٢٠٨‬إحكام الفصول‪ ،‬الباجي‪ ،‬ص‪ ،٥٤٩‬شفاء‬
‫الغليل‪ ،‬الغزالي‪ ،‬ص‪ ،٤٣٥‬العدة‪ ،‬القاضي أبو يعلى‪ ،‬ص‪ ،٧٢‬الواضح في أصول الفقه‪ ،‬أبو الوفاء‬
‫ابن عقيل‪ ،‬ج‪١‬ص‪٦٢‬‬
‫‪-601-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫النموذج الرابع( التلمساني )في كتابه مفتاح الوصول)‬

‫منهج المقتصدين في األخذ باالستدالالت المنطقية‬

‫االستدالل بأحد المعلولين على اآلخر‬

‫تناف بين الحكمين وجودا وعدما‬ ‫التعاند‬

‫تناف بين حكمين وجودا فقط‬

‫تناف بين حكمين عدما فقط‬

‫األدلة التبعية أو المختلف فيها‪:‬‬ ‫‪.١‬‬


‫الفريق األول من المقتصدين‪ :‬ليست األدلة المختلف فيها من موضوعات‬ ‫‪-‬‬
‫االستدالل عندهم؛ ألنهم ال يفرقون بين القياس واالستدالل‪ ،‬والقياس دليل أصلي ال‬
‫تبعي‪ ،‬وذكرهم لالستحسان في أبواب القياس إنما هو للرد على من أخذ به‪ ،‬ال‬
‫لكونه أحد أنواع االستدالل‪ ،‬أو هو بمنزلة مسألة تخصيص العلة‪.‬‬
‫أما الفريق الثاني من المقتصدين‪ :‬فاالستدالل عندهم من األدلة المختلف‬ ‫‪-‬‬
‫فيها ال العكس؛ وذلك ألنهم يعدون األدلة التي اختلف عليها المجتهدون بنحو‬
‫عشرين دليال منها االستدالل(‪ ،)١‬وكال الفريقين ال يذكر القواعد الفقهية من‬
‫موضوعات االستدالل‪.‬‬
‫االستدالالت المنطقية‪ :‬هذا المنهج ال يختلف كثي ار عن منهج المكثرين‪ ،‬إال‬ ‫‪.٢‬‬
‫أنه أحسن ترتيبا وأبعد عن مصطلحات المناطقة‪ ،‬فلم يفرق ما حقه الجمع‪ ،‬فكل‬
‫األنواع التي ذكرها المكثرون داخلة فيما ذكره المقتصدون‪ ،‬ولذا هذا المنهج أقل‬

‫(‪ )١‬شرح تنقيح الفصول‪ ،‬القرافي‪ ،‬ص‪.٤٤٥‬‬

‫‪-602-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫المناهج من حيث عدد أنواع االستدالل‪ ،‬فحقيقة أنواع االستدالل عندهم إنما هما‬
‫التالزم والتعاند‪ ،‬وكما أن المكثرين اهتموا بالجدل‪ ،‬فالمقتصدون هم كبار مؤلفي‬
‫كتب الجدل(‪ ،)١‬ولعنايتهم بالجدل تجد اهتماما تاما بطرق االعتراض‪ ،‬كما هي‬
‫الحال في المنهج األول‪ ،‬ومع عنايتهم باالستدالالت المنطقية‪ ،‬إال أنهم يحرصون‬
‫على عدم االلتزام بمصطلحات المناطقة‪ ،‬وفي ذلك يقول البروي‪" :‬وفيما ذكرنا غنية‬
‫عن مصطلحات لغير الفقهاء‪ ،‬فلكل فن نظر‪ ،‬ولكل قوم مصطلح‪ ،‬فحق الناظر أن‬
‫ال يتعدى اصطالحات أهله‪ ،‬وال يعّد ِ‬
‫الخْلط بين المتنافرات من غ ازرة فضله"(‪،)٢‬‬ ‫ُ‬
‫وسبب عنايتهم باألدلة المنطقية اتحاد الموضوع والغاية بين االستدالل األصولي‬
‫والمنطقي‪.‬‬
‫االستدالل باألسباب والشروط والموانع‪ :‬لم يدرجوها ضمن موضوعات‬ ‫‪.٣‬‬
‫االستدالل‪ ،‬ولعل كالمهم التالزم مغن عنه‪ ،‬فالسبب يعرف بأنه ما يلزم من وجوده‬
‫وجود الحكم‪ ،‬والشرط ما يا يلزم من عدمه عدم الحكم فهذه استدالالت بالتالزم‪.‬‬
‫العلية‪ :‬هذا من موضوعات االستدالل عندهم‬
‫َّ‬ ‫األقيسة الشرعية غير‬ ‫‪.٤‬‬
‫بالتأكيد؛ ألن االستدالل عندهم نفس القياس‪ ،‬والقياس في حقيقته حمل جزئي على‬
‫جزئي‪ ،‬والتالزم والتعاند قد يستعمالن في حمل جزئي على جزئي‪ ،‬وقد يستعمالن‬
‫في حمل جزئي على كلي‪ ،‬وهنا يظهر الفرق قليال بين الفريق األول والفريق الثاني‬
‫من أصحاب هذا المنهج –أعني‪ :‬المقتصدين‪ ،‬فالفريق الثاني يستعمل التالزم‬
‫والتعاند في حمل الجزئي على الجزئي أو على الكلي‪ ،‬والفريق األول لما أطلق‬
‫مصطلح القياس على االستدالل فهم منه أنه اختار حمل الجزئي على الجزئي‬
‫فقط‪ ،‬لكنهم في ذكر األمثلة على التالزم والتعاند يحملون الجزئي على الكلي وال‬
‫يذكرون الجزئي المقيس عليه‪ ،‬وقد يدل فعلهم هذا على التسامح في إطالق‬

‫(‪ )١‬فالشيرازي له المعونة في الجدل‪ ،‬وله التلخيص‪ ،‬والغزالي له المنتخل في الجدل‪ ،‬والباجي له‬
‫المنهاج في ترتيب الحجاج‪.‬‬
‫(‪ )٢‬المقترح في المصطلح‪ ،‬للبروي‪ ،‬ص‪.٤٥١‬‬
‫‪-603-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫المصطلحات‪ ،‬وقد يدل على اشتهار المقيس عليه عن ذكره‪ ،‬وكال األمرين محتمل‪،‬‬
‫ومن األمور التي تميز هذا المنهج بذكرها البراهين الثالثة‪ :‬برهان االعتالل‪ ،‬وبرهان‬
‫االستدالل‪ ،‬وبرهان الخلف‪ ،‬للتفريق بين عملية اإللحاق وعملية االحتجاج‪ ،‬ففي‬
‫االحتجاج يستعملون البراهين‪ ،‬أما في االستنباط فيستعملون أركان القياس األربعة‪:‬‬
‫األصل‪ ،‬والفرع‪ ،‬والعلة‪ ،‬والحكم‪ ،‬وهذه فائدة عظيمة منهم للتفريق بين المقامين‪،‬‬
‫فلكل مقام مقال‪ ،‬ولكل مقام أركانه التي تخصه كما سبق في األركان‪.‬‬
‫خالصة تشخيص موضوع االستدالل عندهم‪:‬‬
‫االستدالل عبارة عن دليل عقلي‪ ،‬يوصل إلى الحكم الشرعي بالنظر في‬
‫المتالزمات والمتعاندات‪ ،‬والتالزم والتعاند جنسان كبيران يحويان أنواعا كثيرة‪ ،‬فكل‬
‫من الفريقين اتخذ منهما ما رآه مناسبا‪ ،‬وال إشكال إن كان مستند التالزم أو التعاند‬
‫من األدلة المتفق عليها أو غيرها‪ ،‬إنما المطلوب أن يكونا الجانب األقوى في‬
‫الدليل‪.‬‬
‫معرفة هذا المنهج لها فوائد‪:‬‬
‫• برهان االعتالل‪ ،‬وبرهان االستدالل اللذان يسميان برهان اإلن وبرهان اللم هما‬
‫قياس العلة‪ ،‬وقياس الداللة‪ ،‬فإن ذكر فيهما المقيس عليه صا ار من قبيل القياس‪،‬‬
‫وان لم يذكر فيهما المقيس عليه واكتفي بالعلة صا ار استدالال‪.‬‬
‫• االستدالل إما أن يكون استدالال مستقيما‪ ،‬واما أن يكون استدالل خلف‪ ،‬فالمستقيم‬
‫الذي يفضي إلى عين مطلوبه(‪ ،)١‬والخلف هو الذي يفضي إلى مطلوبه عن طريق‬
‫إبطال قول الخصم(‪.)٢‬‬
‫• ينبغي الحرص ما أمكن على أصالة المصطلحات األصولية‪ ،‬وعلى النأي‬
‫بالمصطلحات المنطقية‪ ،‬ولنا في القياس تجربة ناجحة‪ ،‬فالقياس الذي عند‬
‫األصوليين يسميه المناطقة تمثيال‪ ،‬وله مصطلحاته التي تخصه عند المناطقة‪ ،‬لكن‬

‫(‪ )١‬معيار العلم‪ ،‬الغزالي‪ ،‬ص‪ ،١٤٦‬جودريدر‪ ،‬البرهان‪ ،‬للجويني‪ ،‬ج‪/١‬ص‪.٣٦‬‬


‫(‪ )٢‬شفاء الغليل‪ ،‬الغزالي‪ ،‬ص‪.٤٥٠‬‬

‫‪-604-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫األصوليين أجمعين لم يلتزموا تلك المصطلحات‪ ،‬ولم يثنهم ذلك عن استعماله على‬
‫وجهه الصحيح‪ ،‬بل الواقع شاهد أنهم هم من خدم المنطق ال العكس‪ ،‬بنقضهم ما‬
‫ادعاه المناطقة أن التمثيل إنما يورث الظن ال القطع‪ ،‬فقياس األولى قطعي‪.‬‬
‫• برهان الخلف قد يمكن إرجاعه إلى المستقيم‪ ،‬وبذلك تعود قوة الحد األوسط إما‬
‫إلى العلة أو دليل العلة‪ ،‬فال يكون الحد األوسط في الخلف خارجا عنهما‪.‬‬
‫• عدم التفريق بين القياس واالستدالل يدل على أن أركانهما يجب أن تتحد‪،‬‬
‫ويتسامح في عدم وجود مقيس عليه‪ ،‬ال سيما في الحجاج‪.‬‬
‫• االستدالل يستعمل ألحد غرضين إثبات الحكم أو نفيه‪ ،‬ولكل وسائله(‪.)١‬‬
‫• أهمية حسن الترتيب عند شرح االستدالل‪ ،‬وهذا الفريق هو أميز ِ‬
‫الفرق في شرح‬
‫االستدالل‪.‬‬
‫• التلمساني ذكر فرقا مهما لم يسبقه إليه أحد‪ ،‬لكن لعله يفيد في إعادة تشكيل‬
‫النظرية عند من يريد موافقته‪ ،‬وهو مغايرة حكم األصل لحكم الفرع‪ ،‬ال مناقضة وال‬
‫موافقة‪ ،‬فالمناقضة مختصة بقياس الحكم‪ ،‬والموافقة في قياس الطرد‪.‬‬

‫(‪ )١‬المقترح في المصطلح‪ ،‬البروي‪ ،‬ص‪.١٢٠‬‬


‫‪-605-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫الخاتمة‬
‫الحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول هللا‪ ،‬وعلى آله‪ ،‬وصحبه‪ ،‬ومن اتبع‬
‫هداه‪.‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫فقد عمدت في هذا البحث إلى دراسة مناهج األصوليين في دراسة األصل‬
‫الخامس من أصول الفقه المسمى باالستدالل‪ ،‬وبينت مناهجهم به بعد استقراء‬
‫كتبهم التي تناولت االستدالل‪ ،‬معتمدا بذلك على ما قرروه من أنواع فيه‪ ،‬وربط كل‬
‫نوع بجنسه القريب‪ ،‬وقد توصلت في هذا البحث إلى عدة نتائج‪:‬‬
‫أن مناهج األصوليين في االستدالل ثالثة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫بعض ما ذكره األصوليون من أنواع في االستدالل‪ ،‬ليست منه على‬ ‫‪-‬‬
‫التحقيق‪.‬‬
‫السبب في تعدد المناهج األصولية تأثر كل منهج منها بعلمي المنطق‬ ‫‪-‬‬
‫والجدل‪.‬‬
‫تأثر مصطلح االستدالل عند األصوليين بمصطلح االستدالل عند‬ ‫‪-‬‬
‫المنطقيين‪.‬‬
‫أحد أهم أسباب تعدد المناهج األصولية في االستدالل غموض المراد به‬ ‫‪-‬‬
‫كمصطلح‪.‬‬
‫كان للمنطق آثار إيجابية في تركيب االستدالل األصولي‪ ،‬وأخرى سلبية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ومن خالل هذه النتائج والممارسة البحثية يوصي الباحث بعدد من‬
‫التوصيات‪:‬‬
‫دراسة كيفية استعمال األنواع االستداللية في الفقه اإلسالمي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫دراسة كيفية استعمال األنواع االستداللية في األنظمة القضائية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪-606-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫دراسة مفهوم االستدالل‪ ،‬وأنواعه‪ ،‬وكيفية استعماله في فقه اإلمام بن تيمية؛‬ ‫‪-‬‬
‫ألنه كان يكثر من استعماله‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وهللا أسأل أن أن يتقبل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم‪ ،‬وأن ينفع به‬
‫الباحثين‪ ،‬هو ولي ذلك والقادر عليه‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

‫‪-607-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫فهرس المصادر والمراجع‬


‫‪ )١‬اإلبهاج شرح المنهاج‪ ،‬تأليف ‪:‬علي بن عبد الكافي السبكي‪ ،‬وولده عبد‬
‫الوهاب بن علي تاج الدين‪ ،‬تحقيق د ‪.‬أحمد جمال الزمزمي‪ ،‬د ‪.‬نور الدين‬
‫عبدالجبار صغيري‪ ،‬نشر دار البحوث للدراسات اإلسالمية إحياء التراث دبي‬
‫اإلمارات العربية المتحدة‪.‬‬
‫‪ )٢‬االجتهاد بالرأي في عصر الخالفة الراشدة‪ ،‬د ‪.‬عبد الرحمن بن معمر‬
‫السنوسي‪ - ،‬الثقافية الشؤون ةاإلسالمي والشؤون األوقاا و ازرة‪ ،‬نشر مجلة‬
‫الوعي اإلسالمي ‪-‬الكويت الطبعة األولى ‪١٤٣٢‬هـ‪٢٠١١-‬م‪.‬‬
‫‪ )٣‬إحكام الفصول في أحكام األصول‪ ،‬أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي‬
‫ت‪ ،٤٧٤‬ودراسة تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبدهللا محمد الجبوري‪ ،‬نشر مؤسسة الرسالة‬
‫بيروت لبنان‪ ،‬الطبعة األولى ‪١٤٠٩‬هـ‪١٩٨٩-‬م‪.‬‬
‫‪ )٤‬آداب البحث والمناظرة‪ ،‬محمد األمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي‪،‬‬
‫تحقيق سعود بن عبدالعزيز العريفي‪ ،‬إشراا بكر بن عبدهللا أبو زيد‪ ،‬نشر دار‬
‫عالم الفوائد‪.‬‬
‫‪ )٥‬إرشاد الفحول إلي تحقيق الحق من علم األصول المؤلف ‪ :‬محمد بن علي‬
‫بن محمد بن عبد هللا الشوكاني اليمني (المتوفى‪ ) 1250‬المحقق ‪ :‬الشيخ‬
‫أحمد عزو عناية‪ ،‬دمشق ‪-‬كفر بطنا قدم له ‪:‬الشيخ خليل الميس والدكتور‬
‫ولي الدين صالح فرفور الناشر ‪ :‬دار الكتاب العربي الطبعة ‪:‬الطبعة األولى‬
‫‪1419‬هـ ‪- 1999‬م عدد األج ازء ‪.٢‬‬
‫‪ )٦‬االستدالل عند األصوليين‪ ،‬د ‪.‬أسعد عبدالغني الكفراوي‪ ،‬تقديم د ‪.‬علي جمعة‪،‬‬
‫نشر دار السالم الطبعة األولى ‪١٤٢٣‬هـ‪٢٠٠٢-‬م‪ ،‬مصر القاهرة‪.‬‬
‫‪ )٧‬االستدالل عند األصوليين‪ ،‬د ‪.‬علي بن عبدالعزيز العميريني‪ ،‬نشر مكتبة‬
‫التوبة الرياض المملكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة األولى ‪١٤١١‬هـ‪١٩٩٠-‬م‪.‬‬

‫‪-608-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫‪ )٨‬أصول الشاشي المؤلف ‪ :‬نظام الدين أبو علي أحمد بن محمد بن إسحاق‬
‫الشاشي‪ ،‬المتوفى‪ 344‬هـ الناشر ‪:‬دار الكتاب العربي ‪-‬بيروت سنة النشر ‪:‬‬
‫عدد األج ازء‪.١‬‬
‫يه َجهَل ُه المؤلف ‪ :‬عياض بن نامي بن عوض‬‫فقه الذي ال يسع ال َف ِق ِ‬
‫‪ )٩‬أصول ِال ِ‬
‫ََ ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫السلمي الناشر ‪ :‬دار التدمرية‪ ،‬الرياض ‪-‬المملكة العربية السعودية الطبعة ‪:‬‬
‫األولى‪1426 ،‬هـ ‪- 2005‬م عدد األجزاء‪.‬‬
‫‪ )١٠‬أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف ‪ :‬محمد األمين بن محمد‬
‫المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى ‪: 1393‬هـ )الناشر ‪:‬دار‬
‫الفكر للطباعة و النشر و التوزيع بيروت ‪-‬لبنان عام النشر ‪ 1415‬هـ ‪-‬‬
‫‪1995‬مـ‪.‬‬
‫‪ )١١‬اإلنصاف فيما يجب اعتقاده وال يجوز الجهل به ‪ ،‬أبو بكر بن الطيب‬
‫الباقالني البصري ت‪،٤٠٣‬وتعليق تحقيق الكوثري زاهد محمد‪ ،‬المكتبة‬
‫األزهرية للتراث‪ ،‬الطبعة الثانية ‪١٤٢١‬هـ‪٢٠٠٠-‬م‪.‬‬
‫‪ )١٢‬البحر المحيط في أصول الفقه المؤلف ‪ :‬أبو عبد هللا بدر الدين محمد بن‬
‫عبد هللا بن بهادر الزركشي المتوفى‪ 794‬هـ )الناشر ‪ :‬دار الكتبي الطبعة ‪:‬‬
‫األولى‪1414 ،‬هـ ‪- 1994‬م عدد األجزاء‪.8‬‬
‫‪ )١٣‬البرهان في أصول الفقه المؤلف ‪:‬عبد الملك بن عبد هللا بن يوسف بن‬
‫محمد الجويني‪ ،‬أبو المعالي‪ ،‬ركن الدين‪ ،‬الملقب بإمام الحرمين ( المتوفى ‪:‬‬
‫‪478‬هـ )المحقق ‪:‬صالح بن محمد بن عويضة الناشر ‪:‬دار الكتب العلمية‬
‫بيروت ‪-‬لبنان الطبعة ‪:‬الطبعة األولى ‪1418‬هـ ‪- 1997‬م عدد األجزاء ‪:‬‬
‫‪.2‬‬
‫‪ )١٤‬التحبير شرح التحرير في أصول الفقه المؤلف ‪:‬عالء الدين أبو الحسن علي‬
‫ابن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي الحنبلي المتوفى‪: 885‬هـ )المحقق ‪:‬‬
‫د ‪.‬عبد الرحمن الجبرين‪ ،‬د ‪.‬عوض القرني‪ ،‬د ‪.‬أحمد السراح الناشر ‪:‬مكتبة‬
‫‪-609-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫الرشد ‪-‬السعودية ‪/‬الرياض الطبعة ‪:‬األولى‪1421 ،‬هـ ‪- 2000‬م عدد‬


‫األجزاء‪: 8.‬‬
‫‪ )١٥‬تحفة المسؤول في شرح مختصر منتهى السول المؤلف ‪:‬أبو زكريا يحيى‬
‫بن موسى الرهوني (المتوفى ‪: 773‬هـ )المحقق ‪:‬جـ ‪2/ ،1‬الدكتور الهادي‬
‫بن الحسين شبيلي جـ ‪4/ ،3‬يوسف األخضر القيم الناشر ‪:‬دار البحوث‬
‫للدراسات اإلسالمية واحياء التراث ‪-‬دبي‪ ،‬اإلمارات الطبعة ‪:‬األولى‪1422 ،‬‬
‫هـ ‪- 2002‬م عدد األجزاء‪: 4.‬‬
‫‪ )١٦‬التحقيق والبيان في شرح البرهان في أصول الفقه المؤلف ‪:‬علي بن‬
‫إسماعيل األبياري (المتوفى ‪616‬هـ( )تنبيه ‪) /‬ورد على الغالا عام الوفاة‬
‫‪618‬لكن المحقق رجح في المقدمة أن الوفاة عام ‪616‬المحقق ‪:‬د ‪.‬علي‬
‫بن عبد الرحمن بسام الجزائري أصل التحقيق ‪ :‬أطروحة دكتو اره للمحقق‬
‫‪-‬الكويت (طبعة خاصة بو ازرة األوقاا والشؤون‬ ‫الناشر ‪:‬دار الضياء‬
‫‪- 2013‬م عدد‬ ‫‪1434‬هـ‬ ‫‪-‬دولة قطر )الطبعة ‪:‬األولى‪،‬‬ ‫اإلسالمية‬
‫األجزاء‪. 4‬‬
‫‪ )١٧‬تشنيف المسامع بجمع الجوامع لتاج الدين السبكي المؤلف ‪:‬أبو عبد هللا‬
‫بدر الدين محمد بن عبد هللا بن بهادر الزركشي الشافعي (المتوفى‪: 794‬هـ )‬
‫‪-‬د عبد هللا ربيع‪ ،‬المدرسان بكلية‬ ‫دراسة وتحقيق ‪:‬د سيد عبد العزيز‬
‫الدراسات اإلسالمية والعربية بجامعة األزهر الناشر ‪:‬مكتبة قرطبة للبحث‬
‫العلمي واحياء التراث ‪-‬توزيع المكتبة المكية الطبعة ‪:‬األولى‪1418 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪1998‬م عدد األجزاء‪. : 4.‬‬
‫‪ )١٨‬تقريب الوصول إلي علم األصول (مطبوع مع ‪:‬اإلشارة في أصول الفقه‬
‫المؤلف ‪:‬أبو القاسم‪ ،‬محمد بن أحمد بن محمد بن عبد هللا‪ ،‬ابن جزي الكلبي‬
‫الغرناطي (المتوفى ‪: 741‬هـ )المحقق ‪ :‬محمد حسن محمد حسن إسماعيل‬

‫‪-610-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫الناشر ‪:‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت ‪-‬لبنان الطبعة ‪:‬األولى‪1424 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪2003‬م عدد األجزاء‪.: 1.‬‬
‫‪ )١٩‬التقرير والتحبير المؤلف ‪:‬أبو عبد هللا‪ ،‬شمس الدين محمد بن محمد بن‬
‫محمد المعروا بابن أمير حاج ويقال له ابن الموقت الحنفي (المتوفى ‪:‬‬
‫‪879‬هـ )الناشر ‪:‬دار الكتب العلمية الطبعة ‪:‬الثانية‪1403 ،‬هـ ‪- 1983‬م‬
‫عدد األجزاء‪.: 3‬‬
‫‪ )٢٠‬تهذيب اللغة المؤلف ‪:‬محمد بن أحمد بن األزهري الهروي‪ ،‬أبو منصور‬
‫(المتوفى‪: 370‬هـ )المحقق ‪:‬محمد عوض مرعب الناشر ‪:‬دار إحياء التراث‬
‫العربي ‪-‬بيروت الطبعة ‪:‬األولى‪2001 ،‬م عدد األجزاء‪. : 8.‬‬
‫‪ )٢١‬جمع الجوامع في أصول الفقه‪ ،‬تاج الدين عبدالوهاب بن علي السبكي‬
‫ت‪ ،٧٧١‬إبراهيم خليل عبدالمنعم تعليق‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية الطبعة‬
‫الثانية ‪٢٠٠٣‬م‪١٤٢٤-‬هـ‪. ،‬لبنان بيروت ‪.‬‬
‫‪ )٢٢‬حلي التراقي من مكنون جواهر المراقي (الشرح الكبير على مراقي السعود)‪،‬‬
‫الشنقيطي العلوي محمد‪ ،‬األولى الطبعة المغرب الرباط األمان دار نشر‬
‫‪-١٤٣٨‬هـ‪.٢٠١٧‬لبنان‬
‫‪ )٢٣‬الرسالة المؤلف ‪:‬الشافعي أبو عبد هللا محمد بن إدريس بن العباس بن‬
‫عثمان بن شافع بن عبد المطلب بن عبد مناا المطلبي القرشي المكي (‬
‫المتوفى‪: 204‬هـ )المحقق ‪:‬أحمد شاكر الناشر ‪:‬مكتبه الحلبي‪ ،‬مصر‬
‫الطبعة ‪:‬األولى‪1358 ،‬هـ‪/1940‬م‪.‬‬
‫‪ )٢٤‬رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب‪ ،‬تاج الدين عبدالوهاب بن علي بن‬
‫عبدالكافي السبكي ت‪ ،٧٧١‬ودراسة وتعليق تحقيق ‪:‬علي محمد معوض‪،‬‬
‫عادل أحمد عبدالموجود‪ ،‬نشر عالم الكتب الطبعة األولى ‪١٤١٩‬هـ‪-‬‬
‫‪١٩٩٩‬م‪. ،‬لبنان بيروت‬

‫‪-611-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫هاب المؤلف ‪:‬أبو عبد هللا الحسين بن علي بن‬ ‫ِ‬


‫تنقيح الش ِ‬ ‫‪ )٢٥‬رْفع ِ‬
‫النَق ِ‬
‫اب َعن‬ ‫ُ‬
‫ثم الشوشاوي ِّ‬
‫الس ْماللي (المتوفى‪: 899‬هـ )المحقق ‪:‬د ‪.‬‬ ‫طلحة الرجراجي‬
‫السراح‪ ،‬د ‪.‬عبد الرحمن بن عبد هللا الجبرين أصل هذا‬ ‫محمد‬
‫َّ‬ ‫َح َمد بن‬
‫أْ‬
‫الكتاب ‪:‬رسالتي ماجستير الناشر ‪:‬مكتبة الرشد للنشر والتوزيع ‪،‬الرياض ‪-‬‬
‫‪- 2004‬م عدد‬ ‫‪1425‬هـ‬ ‫المملكة العربية السعودية الطبعة ‪:‬األولى‪،‬‬
‫األجزاء‪. : 6.‬‬
‫‪ )٢٦‬روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المؤلف ‪:‬شهاب‬
‫الدين محمود بن عبد هللا الحسيني األلوسي (المتوفى‪: 1270‬هـ )المحقق ‪:‬‬
‫‪-‬بيروت الطبعة ‪:‬‬ ‫علي عبد الباري عطية الناشر ‪:‬دار الكتب العلمية‬
‫األولى‪1415 ،‬هـ عدد األجزاء ‪: 16 (15‬ومجلد فهارس‪.‬‬
‫‪ )٢٧‬شرح العمد‪ ،‬ألبي الحسين البصري‪ ،‬تحقيق د ‪.‬عبدالحميد بن علي أبو زنيد‪،‬‬
‫دار المطبعة السلفية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى ‪١٤١٠‬هـ‪.‬‬
‫‪ )٢٨‬شرح اللمع‪ ،‬أبو إسحاق إبراهيم الشيرازي‪ ،‬تحقيق عبدالمجيد التركي‪ ،‬نشر‬
‫دار الغرب اإلسالمي بيروت لبنان الطبعة األولى ‪١٤٠٨‬هـ‪.١٩٨٨-‬هـ‬
‫‪ )٢٩‬شرح تنقيح الفصول المؤلف ‪:‬أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن‬
‫عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي (المتوفى‪: 684‬هـ )المحقق ‪:‬طه عبد‬
‫الرؤوا سعد الناشر ‪:‬شركة الطباعة الفنية المتحدة الطبعة ‪:‬األولى‪1393 ،‬‬
‫هـ ‪- 1973‬م عدد األجزاء‪: 1‬‬
‫‪ )٣٠‬شفاء الغليل في بيان الشبه والمخيل ومسالك التعليل المؤلف ‪:‬أبو حامد‬
‫محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى ‪: 505‬هـ )المحقق ‪:‬د ‪.‬حمد‬
‫‪-‬بغداد‬ ‫الكبيسي ‪.‬أصل الكتاب ‪:‬رسالة دكتوراة الناشر ‪:‬مطبعة اإلرشاد‬
‫الطبعة ‪:‬األولى‪1390 ،‬هـ ‪- 1971‬م ‪.‬عدد األجزاء‪: 1.‬‬
‫‪ )٣١‬الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كالمها المؤلف ‪:‬‬
‫أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي‪ ،‬أبو الحسين (المتوفى‪: 395‬هـ‬

‫‪-612-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫الناشر ‪:‬محمد علي بيضون الطبعة ‪:‬الطبعة األولى ‪1418‬هـ‪-1997‬م عدد‬


‫األجزاء‪: 1.‬‬
‫‪ )٣٢‬ضوابط المعرفة وأصول االستدالل والمناظرة‪ ،‬عبدالرحمن حسن حبنكة‬
‫الميداني‪ ،‬نشر دار القلم دمشق‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪١٤١٤‬هـ‪.١٩٩٣-‬م‬
‫‪ )٣٣‬طرق االستدالل ومقدماتها عند المناطقة واألصوليين ‪،‬د ‪.‬يعقوب بن‬
‫عبدالوهاب الباحسين ‪،‬نشر مكتبة الرشد بالرياض ‪،‬الطبعة الثانية ‪١٤٢٢‬هـ‪-‬‬
‫‪.٢٠٠١‬م ‪.‬‬
‫‪ )٣٤‬العدة في أصول الفقه المؤلف ‪:‬القاضي أبو يعلى ‪،‬محمد بن الحسين بن‬
‫محمد بن خلف ابن الفراء (المتوفى ‪: 458‬هـ )حققه وعلق عليه وخرج نصه‬
‫‪:‬د أحمد بن علي بن سير المباركي‪ ،‬األستاذ المشارك في كلية الشريعة‬
‫بالرياض ‪-‬جامعة الملك محمد بن سعود اإلسالمية الناشر ‪:‬بدون ناشر‬
‫الطبعة ‪:‬الثانية ‪1410‬هـ ‪- 1990‬م عدد األجزاء ‪: 5‬أجزاء‪.‬‬
‫‪ )٣٥‬علم الجذل في علم الجدل‪ ،‬نجم الدين الطوفي الحنبلي‪ ،‬تحقيق فولفهارت‬
‫هاينريسشس‪ ،‬دار النشر فرانز شتاينر بفيسبادن ‪١٤٠٨‬هـ‪.١٩٨٧-‬‬
‫‪ )٣٦‬الفصول في األصول المؤلف ‪:‬أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص‬
‫الحنفي (المتوفى‪: 370‬هـ )الناشر ‪:‬و ازرة األوقاا الكويتية الطبعة ‪:‬الثانية‪،‬‬
‫‪1414‬هـ ‪- 1994‬م عدد األجزاء‪:4.‬‬
‫‪ )٣٧‬القاموس المحيط‪ ،‬المؤلف ‪:‬مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب‬
‫الفيروزآبادى (المتوفى‪: 817‬هـ)‪: ،‬تحقيقمكتب تحقيق التراث في مؤسسة‬
‫قسوسي‪ ،‬الناشر ‪:‬مؤسسة الرسالة للطباعة‬
‫الرسالة بإشراا ‪:‬محمد نعيم العر ُ‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت ‪-‬لبنان الطبعة ‪:‬الثامنة‪1426 ،‬هـ ‪- 2005‬م‬
‫عدد األجزاء‪: 1.‬‬
‫‪ )٣٨‬قواطع األدلة في األصول المؤلف ‪:‬أبو المظفر‪ ،‬منصور بن محمد بن عبد‬
‫الجبار ابن أحمد المروزى السمعاني التميمي الحنفي ثم الشافعي (المتوفى ‪:‬‬
‫‪-613-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫‪489‬هـ )المحقق ‪:‬محمد حسن محمد حسن اسماعيل الشافعي الناشر ‪:‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان الطبعة ‪:‬األولى‪1418 ،‬هـ‪/1999‬م عدد‬
‫األجزاء‪: 2.‬‬
‫‪ )٣٩‬كتاب اإليضاح لقوانين االصطالح في الجدل والمناظرة‪ ،‬محيي الدين يوسف‬
‫بن عبدالرحمن بن الجوزي ت‪ ،٦٥٦‬الدغيم السيد محمد بن محمود تحقيق‪،‬‬
‫مدبولي مكتبة نشرالطبعة األولى ‪١٤١٥‬هـ‪.١٩٩٥-‬مصر القاهرة م‬
‫‪ )٤٠‬كتاب التعريفات المؤلف ‪:‬علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني‬
‫(المتوفى‪: 816‬هـ )المحقق ‪:‬ضبطه وصححه جماعة من العلماء بإشراا‬
‫الناشر الناشر ‪:‬دار الكتب العلمية بيروت ‪-‬لبنان الطبعة ‪:‬األولى ‪1403‬هـ ‪-‬‬
‫‪1983‬م عدد األجزاء‪: 1.‬‬
‫‪ )٤١‬كشف األسرار شرح أصول البزدوي المؤلف ‪:‬عبد العزيز بن أحمد بن محمد‪،‬‬
‫عالء الدين البخاري الحنفي (المتوفى‪: 730‬هـ )الناشر ‪:‬دار الكتاب‬
‫اإلسالمي الطبعة ‪:‬بدون طبعة وبدون تاريخ عدد األجزاء‪: 4.‬‬
‫‪ )٤٢‬لسان العرب المؤلف ‪:‬محمد بن مكرم بن على‪ ،‬أبو الفضل‪ ،‬جمال الدين ابن‬
‫منظور األنصاري الرويفعى اإلفريقى (المتوفى‪: 711‬هـ )الناشر ‪:‬دار صادر‬
‫‪-‬بيروت الطبعة ‪:‬الثالثة ‪- 1414‬هـ عدد األجزاء‪: 15.‬‬
‫‪ )٤٣‬المحصول المؤلف ‪:‬أبو عبد هللا محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين‬
‫التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (المتوفى‪: 606‬هـ )‬
‫دراسة وتحقيق ‪:‬الدكتور طه جابر فياض العلواني الناشر ‪:‬مؤسسة الرسالة‬
‫الطبعة ‪:‬الثالثة‪1418 ،‬هـ ‪- 1997‬م‪.‬‬
‫‪ )٤٤‬المستصفى المؤلف ‪:‬أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى ‪:‬‬
‫‪505‬هـ )تحقيق ‪:‬محمد عبد السالم عبد الشافي الناشر ‪:‬دار الكتب العلمية‬
‫الطبعة ‪:‬األولى‪1413 ،‬هـ ‪- 1993‬م عدد األجزاء‪:1.‬‬

‫‪-614-‬‬
‫مناهج األصوليين في االستدالل‬
‫مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي‬ ‫دراسة وصفية مقارنة‬ ‫أبحاث‬

‫‪ )٤٥‬مصادر التشريع اإلسالمي فيما ال نص فيه‪ ،‬د ‪.‬عبدالوهاب خالا‪ ،‬نشر‬


‫دار القلم للنشر والتوزيع الكويت‪ ،‬الطبعة السادسة ‪١٤١٤‬هـ‪.١٩٩٣-‬م‬
‫‪ )٤٦‬معالم التنزيل في تفسير القرآن =تفسير البغوي المؤلف ‪:‬محيي السنة ‪،‬‬
‫أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي (المتوفى ‪:‬‬
‫‪510‬هـ )المحقق ‪:‬عبد الرزاق المهدي الناشر ‪:‬دار إحياء التراث العربي ‪-‬‬
‫بيروت الطبعة ‪:‬األولى ‪1420 ،‬هـ عدد األجزاء ‪:5.‬‬
‫‪ )٤٧‬معجم الفروق اللغوية المؤلف ‪:‬أبو هالل الحسن بن عبد هللا بن سهل بن‬
‫سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى ‪:‬نحو ‪395‬هـ )المحقق ‪:‬الشيخ‬
‫بيت هللا بيات‪ ،‬ومؤسسة النشر اإلسالمي الناشر ‪:‬مؤسسة النشر اإلسالمي‬
‫التابعة لجماعة المدرسين بـ «قم »الطبعة ‪:‬األولى‪1412 ،‬هـ عدد األجزاء ‪:‬‬
‫‪1.‬‬
‫‪ )٤٨‬معجم مقاييس اللغة المؤلف ‪:‬أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي‪،‬‬
‫أبو الحسين (المتوفى‪: 395‬هـ )المحقق ‪:‬عبد السالم محمد هارون الناشر ‪:‬‬
‫دار الفكر عام النشر‪: 1399‬هـ ‪- 1979‬م ‪.‬عدد األجزاء‪: 6.‬‬
‫‪ )٤٩‬مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على األصول‪ ،‬ويليه كتاب مثارات الغلط‬
‫في األدلة‪ ،‬اإلمام الشريف أبو عبدهللا محمد بن أحمد الحسني التلمساني‪،‬‬
‫ت‪ ،٧٧١‬فركوس علي محمد تحقيق‪ ،‬المكية المكتبة‪ ،‬الريان مؤسسة نشر‬
‫لبنان بيروت‪ ،‬األولى الطبعة‪-١٤١٩‬هـ‪.١٩٩٨‬م‬
‫‪ )٥٠‬المقترح في المصطلح‪ ،‬محمد بن محمد البروي الشافعي ت‪. ،٥٦٧‬د تحقيق‬
‫‪.‬د إشرااعلي بن عبدالعزيز‬ ‫شريفة بنت علي بن سليمان الحوشاني‪،‬‬
‫العميريني‪ ،‬نشر دار الوراق الطبعة األولى ‪١٤٢٤‬هـ‪٢٠٠٤-‬م‬
‫‪ )٥١‬المنخول من تعليقات األصول المؤلف ‪:‬أبو حامد محمد بن محمد الغزالي‬
‫الطوسي (المتوفى‪: 505‬هـ )حققه وخرج نصه وعلق عليه ‪:‬الدكتور محمد‬

‫‪-615-‬‬
‫العدد (‪)100‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫حسن هيتو الناشر ‪:‬دار الفكر المعاصر ‪-‬بيروت لبنان‪ ،‬دار الفكر دمشق ‪-‬‬
‫سورية الطبعة ‪:‬الثالثة‪1419 ،‬هـ ‪- 1998‬م عدد األجزاء‪: 1.‬‬
‫‪ )٥٢‬الموافقات المؤلف ‪:‬إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير‬
‫بالشاطبي (المتوفى‪: 790‬هـ )المحقق ‪:‬أبو عبيدة مشهور بن حسن آل‬
‫سلمان الناشر ‪:‬دار ابن عفان الطبعة ‪:‬الطبعة األولى ‪1417‬هـ‪/ 1997‬م‬
‫عدد األجزاء‪: 7.‬‬
‫‪ )٥٣‬نهاية الوصول في دراية األصول المؤلف ‪:‬صفي الدين محمد بن عبد الرحيم‬
‫األرموي الهندي ‪(715‬هـ )المحقق ‪:‬د ‪.‬صالح بن سليمان اليوسف ‪-‬د ‪.‬‬
‫سعد بن سالم السويح أصل الكتاب ‪:‬رسالتا دكتوراة بجامعة اإلمام بالرياض‬
‫الناشر ‪:‬المكتبة التجارية بمكة المكرمة الطبعة ‪:‬األولى‪1416 ،‬هـ ‪- 1996‬‬
‫م عدد األجزاء‪: 9.‬‬
‫الفقه المؤلف ‪:‬أبو الوفاء‪ ،‬علي بن عقيل بن محمد بن‬‫ول ِ‬
‫اضح في أص ِ‬ ‫‪ )٥٤‬الو ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫عقيل البغدادي الظفري‪( ،‬المتوفى‪: 513‬هـ )المحقق ‪:‬الدكتور َعبد هللا بن‬
‫المحسن التركي الناشر ‪:‬مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫َعبد ُ‬
‫بيروت ‪-‬لبنان الطبعة ‪:‬األولى‪1420 ،‬هـ ‪- 1999‬م عدد األجزاء‪: 5.‬‬
‫‪ )٥٥‬الوصف المناسب لشرع الحكم المؤلف ‪:‬أحمد بن محمود بن عبد الوهاب‬
‫الشنقيطي الناشر ‪:‬عمادة البحث العلمي‪ ،‬بالجامعة اإلسالمية‪ ،‬بالمدينة‬
‫المنورة الطبعة ‪:‬األولى‪1415 ،‬هـ عدد األجزاء‪: 1.‬‬

‫‪-616-‬‬

You might also like