Professional Documents
Culture Documents
113573174 2
113573174 2
113573174 2
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
مناهج األصويلني يف االستدالل
دراسة وصفية مقارنة
إعداد:
مشاري عبد الرحمن عبد الله الدليمي
باحث دكتوراه بقسم الشريعة اإلسالمية
كلية دار العلوم – جامعة القاهرة
ﭑﭒﭓ
المقدمة:
الحمد هلل ،وان كان يتضاءل مع حق جالله حمد الحامدين ،وأشهد أن ال إله
إال هللا إله األولين واآلخرين ،وأشهد أن نبينا محمدا أشرف األنبياء والمرسلين،
صلى هللا ،وسلم ،وبارك عليه ،وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا إلى يوم الدين،
أما بعد:
فإن االستدالل عند األصوليين يطلق على كل ما يستدل به من غير
الكتاب ،والسنة ،واإلجماع ،وقياس العلة ،واألصوليون قد ذكروا أنواع هذا الدليل،
وفصلوا القول فيها ،وهي على أنواع متعددة ،منها ما يرتبط باالستدالل المنطقي،
ومنها ما يرتبط باالستدالل بالقياس غير قياس العلة ،ومنها ما يرتبط باألدلة
التبعية ،أو األدلة المختلف فيها ،وغير ذلك ،وفي هذا البحث أبين مناهج العلماء
الكبرى في دراسة هذا الدليل ،وكيفية االستدالل به ،ببيان أركانه ،ومراحله التي
تسير عملية االستدالل بها ،وما هو داخل فيه على وجه التحقيق ،وما هو خارج
منه.
-559-
العدد ()100 مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية
وهللا العلي األعلى أسأل أن يعصم هذا العمل عن الزلل ،والنية من الرياء
والخلل ،على هدي الرسول الكريم ﷺ على صراط مستقيم.
والحمدهلل رب العالمين ،وصلى هللا ،وسلم ،وبارك على نبينا محمد ،وعلى آله
وأصحابه أجمعين.
-١نبذة عن الموضوع.
االستدالل عند األصوليين يطلق بمفهوم خاص على نوع دليل من جملة
األدلة المفيدة لألحكام عندهم ،فهو األصل الخامس من أصول الفقه بعد الكتاب،
والسنة ،واإلجماع ،والقياس ،وهو أصل من األصول المتفق عليها في الجملة ،لكن
العلماء مختلفون في تشخيص هذا األصل ،فبعضهم يجعله االستصحاب ،وبعضهم
يجعله االستحسان ،وبعضهم يجعله االستصالح ،وغير ذلك مما هو متقرر في
كتبهم.
اتخذ األصوليون هذا األصل الخامس من أصول الفقه باجتهاد اجتهده كل
منهم بحسب مذهبه؛ ولذلك تجد أن أنظارهم قد اختلفت في اعتماد بعض أنواع هذا
األصل ورد بعضها اآلخر ،فليس ثمة دليل قاطع يدل على حجية أنواع االستدالل
كما دلت القواطع على حجية األصول األربعة المتفق عليها.
وكما اختلفت المذاهب في تشخيص هذا الدليل ،اختلف أصحاب المذهب
الواحد في تحديد المراد من هذا الدليل ،وما يدخل فيه ،وما يخرج منه مع اتفاقهم
في وجوده واالعتماد عليه ،وسبب ذلك هو دخول علم المنطق على علم أصول
الفقه بهذا الوسيط المصطلح عليه االستدالل ،فتجد بعضهم فرق بين ما أخذ من
المنطق وبين ما هو مقرر موجود في أصول الفقه ،فجعل كل واحد منهما شيئا
مغاي ار لآلخر ،ورفض استظاللهما تحت ظل واحد.
-٢سبب اختيار الموضوع.
مصطلح االستدالل اكتنفه غموض عبر التاريخ ،بل لم يزل معناه غامضا
غير متضح ،مع بعض المحاوالت في تفسيره ،التي حددت أهم معالمه ،لكنها لم
-560-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
تصل إلى حقيقته ،فجاء هذا البحث رغبة في توضيح المراد بهذا المصطلح بالنظر
إلى أنواعه ،وكيفية بحث األصوليين له ،فالعلماء اختلفوا اختالفا كبي ار في أنواعه
كثرة وقلة ،هذا االختالف الواسع بينهم حتّم على طلبة العلم أن يبحثوا المراد به ،ثم
الفحص عن كنه هذا الدليل ،بما يخدم عملية االجتهاد في النوازل المعاصرة.
-٣مشكلة الدراسة:
مشكلة هذا البحث تكمن في هذه التساؤالت:
ما أنواع االستدالل عند األصوليين؟ •
ما وجه االرتباط بين االستدالل عند المناطقة وعند األصوليين؟ •
ما وجه االرتباط بين االستدالل األصولي المذكور في كتب الجدل •
وبين االستدالل المذكور في كتب أصول الفقه؟
ما مناهج العلماء في دراسة موضوع االستدالل وأنواعه؟ •
-٤أهمية الدراسة:
تكمن أهمية هذه الدراسة في أمرين:
األول :معالجة المشكلة البحثية.
الثاني :الثمرة التي ستقدمها هذه الدراسة.
أما معالجة المشكلة البحثية ،فمشكلة هذه الدراسة الكبرى أنواع االستدالل،
ومناهج العلماء في دراستها ،فيهدف هذا البحث لبيان أنواع االستدالل ببيان
المناهج فيه.
أما ثمرة هذه الدراسة فهي تنبيه األصوليين المعاصرين إلى االلتفات إلى هذا
الدليل الذي تواطأت كتبهم على إغفاله وعدم التطرق إليه مع شدة الحاجة إليه؛
ولعل من أسباب إهمالهم لهذا الدليل غموضه ،وعمق الكالم فيه ،وتشتت مباحثه
في ثنايا كتب األصول.
-٥منهج البحث:
أ -في صلب البحث:
-561-
العدد ()100 مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية
-562-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
درس الباحث فيها أنواع االستدالل عند كل عالم أصولي بحسبه ،ولكنه لم
يدرس المناهج العامة الكبرى في دراسة هذا الدليل ،ولذا جاءت هذه الدراسة لبيان
ما لم يذكر في الدراسة السابقة.
-٧خطة البحث:
المقدمة:
-١نبذة عن الموضوع.
-٢سبب اختيار الموضوع.
-٣مشكلة الدراسة.
-٤أهمية الدراسة.
-٥منهج البحث.
-٦الدراسات السابقة.
-٧خطة البحث.
المبحث األول :أركان االستدالل ومراحله.
المطلب األول :أركان االستدالل وأحكامها.
المطلب الثاني :مراحل االستدالل وضوابطها.
المبحث الثاني :مناهج األصوليين في أنواع االستدالل.
المطلب األول :المناهج األصولية في تشخيص موضوع االستدالل.
المطلب الثاني :منهج المكثرين في األخذ باالستدالالت المنطقية.
المطلب الثالث :منهج المتوسطين في األخذ باالستدالالت المنطقية.
المطلب الرابع :منهج المقتصدين في األخذ باالستدالالت المنطقية.
الخاتمة وأهم النتائج والتوصيات.
فهرس المصادر والمراجع.
-563-
العدد ()100 مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية
المبحث األول
أركان االستدالل ومراحله
المطلب األول :أركان االستدالل وأحكامها:
الركن هو :ما ال وجود للشيء إال به()١؛ لذا الكالم في أركان االستدالل
يتطلب إدراك حقيقته إدراكا صحيحا ،واالستدالل كما سبق له معنيان عند
األصوليين :معنى عام ،ومعنى خاص ،والخاص مندرج في العام ،فلن تختلف
أركانهما ،إنما الذي سيختلف أحكام أركان االستدالل بالمعنى الخاص ،والتصور
الصحيح لالستدالل بمعناه الخاص -الذي هو موضوع بحثنا -عند التأمل في
حقيقته هو أنه بذل الفقيه وسعه إلدراك حكم الشرع بإلحاق جزئي بكليه التشريعي
المعنوي ،فالنظر في أركان االستدالل سيكون على اعتبارات ثالثة:
أركان االستدالل من حيث كونه عملية إلحاق. •
أركان االستدالل من حيث كونه برهانا(.)٢ •
أركان االستدالل من حيث ذاته. •
والواقع أن هذا النظر وهذا التفصيل إنما هو لتقريب الصورة إلى الفهم ،واال
فهذه االعتبارات تعود إلى اعتبار واحد وهو االعتبار الثالث ،وسأبين ذلك في نهاية
هذا المطلب على شكل خارطة ذهنية ،إنما الهدف اآلن تفصيل الكالم على أركان
االستدالل بهذه االعتبارات الثالثة.
ومما سيعين على إدراك هذه األركان باعتباراتها ذكر مثال لالستدالل
نستخرج منه أركانه ،وليكن مثالنا هو قول الجمهور للحنفية" :الوتر تؤدى على
الراحلة ،وكل ما يؤدى على الراحلة فهو نفل؛ فالوتر نفل" ،فأقول اعتبارات أركان
االستدالل ثالثة:
-564-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
االعتبار األول :أركان االستدالل من حيث كونه عملية إلحاق (الفرع -الكلي
التشريعي -مسلك اإللحاق -حكم الفرع):
الفرع( :حكم صالة الوتر) ،وهو المسألة الفرعية الفقهية التي نبحث عن حكم .١
شرعي فيها.
الكلي التشريعي( :نفلية ما يؤدى على الراحلة) ،فهذا الحكم الكلي هو الذي .٢
أفادنا في معرفة حكم الفرع بإلحاقه به.
مسلك اإللحاق( :تحقيق مناط الحكم الكلي على الفرع) ،وأقصد بمسلك .٣
اإللحاق طريق بناء الفرع على الكلي التشريعي ،فإن إلحاق الفرع بكليه
التشريعي ،يتطلب إثبات كون هذا الكلي المدعى في اإللحاق حاكما على
هذا الجزئي ،وأنه أحد أفراده ،واال ما استقامت عملية اإللحاق؛ الحتمال
خروج هذا الفرع عن هذا الكلي.
حكم الفرع( :استحباب صالة الوتر) ،حكم الفرع هو النتيجة التي تعرف من .٤
عملية اإللحاق ،وال بد أن يكون الحكم شرعيا عمليا ،سواء كان تكليفيا ،أو
وضعيا ،وقد يمكن أن يكون حكم االستدالل قاعدة كلية ،أو ضابطا فقهيا،
أو نحو ذلك.
تنبيه :وضع حكم الفرع ركنا من أركان االستدالل قد ينازع فيه منازع ،يقول
اآلمدي" :أما ثمرته –أي :القياس -فحكم الفرع ،وليس حكم الفرع من أركان
القياس؛ إذ الحكم في الفرع متوقف على صحة القياس ،فلو كان ركنا منه لتوقف
على نفسه وهو محال"( ،)١وهذا النقل مع كون الكالم فيه عن أركان القياس إال أن
موطن الشاهد فيه عدم تسليمه بأن حكم الفرع من األركان؛ ألنه ثمرة ال يتوقف
عليه الشيء ،وما قاله صحيح في الجملة ،إال أني ذكرت حكم الفرع ووضعته في
أركان االستدالل لفوائد ،أهمها تقريب أركان االستدالل إلى األذهان ،وللتفريق بين
( )١تنبيه :ال يقصد بالبرهان القياس المنطقي الذي مقدماته يقينة ،إنما يقصد به الدليل بالمعنى
اللغوي والشرعي ،ولكنه دليل مخصوص يذكر على هيئة مقدمات موصلة لنتائج.
( )٢مفتاح الوصول ،التلمساني ،ص ،٧٧٥بتصرف (هذا الكتاب عبارة عن كتابين مفتاح الوصول،
ومثارات الغلط في األدلة ،وهذا النقل من مثارات الغلط).
( )٣الموافقات ،الشاطبي ،ج/٥ص.٤١٨
( )٤معيار العلم ،الغزالي ،ص.١٧٤
-566-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
االستدالل مع اتحاد المادة ،ولن تجد تغي ار مؤثرا ،فالمادة هي ركن االستدالل
الركين ،لكن التركيب تنبغي مراعاته؛ ألنه ضابط للمادة.
-الصور التي يمكن أن يصور بها االستدالل إجماال ثالث -١ :التالزم :وهو
الشرطي المتصل -٢ .التعاند :وهو الشرطي المنفصل -٣ .القياس االقتراني
المركب من الحمليات ،وعلى الفقيه اختيار أقرب الطرق الموصولة لمطلوبه ،فإن
أراد النفي استعمل صيغه ،وان أراد اإلثبات استعمل صيغه ،وهلم جرا.
المادة :وهي القضايا الواردة في الصورة ،التي إذا ركبت على هيئة معينة - .٢
وهذه الهيئة هي التأليف القياسي -أنتجت بمجموعها حكما ،وكل قضية تذكر
في االستدالل تسمى مقدمة ،سوى قضية النتيجة ،والقضية هي القول الذي
يتطرق إليه الصدق والكذب لذاته( ،)١كقولك :الوتر نفل ،فيصدق على هذه
القضية أن تكون كاذبة ،فيكون الوتر فرضا مثال ،ويصدق عليها أن تكون
صادقة ،والقضايا يقسمها المناطقة إلى حملية وشرطية ،فالحملية ما تركبت
من موضوع ومحمول ،والشرطية ما تركب من مقدم وتال ،وأقل ما يتركب
منه االستدالل مقدمتان ،أي :قضيتان يلزم من التسليم بهما التسليم بقضية،
هي نتيجة االستدالل ،وتوضيح ذلك فيما يلي:
المقدمة األولى (المقدمة الصغرى)" :الوتر يؤدى على الراحلة".
القضية الثانية (المقدمة الكبرى)" :كل ما يؤدى على الراحلة نفل".
النتيجة" :الوتر نفل " ،وهي القضية التي تلزم من صدق تلك المقدمتين.
أحكام البرهان الجدلي االستداللي:
-العناصر الثالثة ال يشترط فيها الترتيب ،فقد تتقدم النتيجة على
المقدمتين ،المهم أن تتوافر جميع هذه األركان.
-568-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
( )١قواطع األدلة ،السمعاني ،ج/١ص ،٣٣التلخيص في أصول الفقه ،الجويني ،ج/١ص،١١٨
الحدود في األصول ،الباجي ،العدة في أصول الفقه ،القاضي ،أبو يعلى ،ج/١ص ،١٣١شرح
الكوكب المنير ،ابن النجار الفتوحي ،ج/١ص.٥٦
( )٢ويطلق على طالب الدليل بحسب المقصود؛ ألن االستفعال يدل على الطلب ،واالتخاذ ،وذكر
الدليل.
( )٣ويطلق على الحكم الشرعي ،من جهة أنه المراد في االستدالل ،فقد استدل المجتهد ألجل أن
ينتج الحكم الشرعي.
( )٤ويطلق على الخصم والمناظر باالشتراك.
( )٥قواطع األدلة ،السمعاني ،ج/١ص ،٣٣التلخيص في أصول الفقه ،الجويني ،ج/١ص،١١٨
الحدود في األصول ،الباجي ،العدة في أصول الفقه ،القاضي أبو يعلى ،ج/١ص ،١٣١شرح
الكوكب المنير ،ابن النجار الفتوحي ،ج/١ص.٥٦
([ )٦البقرة.]١١٠ :
-569-
العدد ()100 مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية
تنبيهان:
األ ول :يتبين جليا بالتفصيل الذي ذكرت أن ما يذكره األصوليون من األقيسة
المنطقية في أنواع االستدالل ،إن أرادوا به أنه يمكن أن يستدل بصورتها دون
مادتها فليس بصواب ،وان أرادوا مادتها استعانة بصورتها فذلك صحيح.
-570-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
الثاني :قد يحاول محاول أن يعيد االستدالل إلى قياس علة بذكر مقيس عليه وعلة
لألصل ،وأنه ال فرق بينهما ،لكن الصواب أن القياس يفترق عن االستدالل -وقد
تقدم ،وما يتوهم أن القياس هو االستدالل فيرده أن األدلة قد تتضافر على مدلول
واحد ،فقد يدل القياس واالستدالل على مسألة واحدة ،وقد يمكن إرجاع االستدالل
إلى قياس علة ،لكن شروط القياس وشروط أركانه قد تحول عائقا في كثير من
صور االستدالل ،والمحاوالت إلرجاع االستدالل إلى القياس قديمة ،والنقاش فيه
قديم كذلك ،يقول الجصاص عند انتهائه من الكالم عن ضروب االستدالل" :فهذا
ونظائره ضروب من االستدالل باألصول على األحكام من غير ذكر علة وال
قياس ،يكتفى فيه بذكر وجه الداللة من األصل المتفق عليه على الحكم ،وهو
ضرب من ضروب االجتهاد في االستدالل على حكم الحادثة باألصول ،وقد يمكن
في أكثرها أن يحمل على وجه القياس بعلة يجمع بينها وبين األصل ،ويكون أقطع
للشغب ،واالكتفاء بما ذكرناه من وجه الداللة سائغ ،وان خالفك فيه مخالف طالبك
بحمله على محض القياس كان لك أن ال تجيبه إليه" ،يظهر مما قاله الجصاص -
رحمه هللا -أن رد القياس إلى االستدالل يكون على سبيل التكلف ،أما الخطب في
االستدالل فأخف ،ال يقيده شروط القياس وال شروط أركانه.
الخارطة الذهنية ألركان االستدالل
-571-
العدد ()100 مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية
-572-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
فهذا المعنى الذي هو ارتباط العمومات المعنوية باألدلة التبعية -التي هي
من أنواع االستدالل -لم يختلف عليه المحققون في الجملة ،وكالم العلماء في هذا
أكثر من أن يحصر ،فمن بلغ به فهمه إلى هذه الرتبة العالية من رتب االجتهاد
فأدلة الشرع عنده ال يتصور تعارضها.
قال الشـاطبي -رحمه هللا" :كل من تحقق بأصول الشريعة فأدلتها عنده ال
تكاد تتعارض ،كما أن كل من حقق مناط المسائل فال يكاد يقف في متشابه؛ ألن
الشريعة ال تعارض فيها ألبتة ،ولذلك ال تجد ألبتة دليلين أجمع المسلمون على
تعارضهما ،بحيث وجب عليهم الوقوف ،لكن لما كان أفراد المجتهدين غير
معصومين من الخطأ ،أمكن التعارض بين األدلة عندهم"(.)١
ولما كان االجتهاد بالرأي قد يئول إلى مخالفة الشرع بأن ال يعود إلى
عموماته المعنوية لخلل معين راجع إلى ضوابط االستدالل أو مراحله؛ وجب أن
يكون على مراحل منضبطة بضوابط تصيره موافقا للشرع ،فالشرع هو الذي جعل
االجتهاد بالرأي من مصادر التشريع لكن بقيود شرعية ،وفي ذلك يقول الشاطبي:
"إذا تعاضد النقل والعقل على المسائل الشرعية فعلى شرط أن يتقدم النقل فيكون
متبوعا ،ويتأخر العقل فيكون تابعا ،فال يسرح العقل في مجال النظر إال بقدر ما
يسرحه النقل"(.)٢
ويقول أيضا" :األدلة العقلية إذا استعملت في هذا العلم فإنما تستعمل مركبة
على األدلة السمعية ،أو معينة في طريقها ،أو محققة لمناطها ،أو ما أشبه ذلك ،ال
مستقلة بالداللة؛ ألن النظر فيها نظر في أمر شرعي ،والعقل ليس بشارع"(.)٣
واذا تقرر هذا علمنا أن االستدالل له ضوابط تتعلق بمراحله ،إن عمل بها
المجتهد جانبته القول في دين هللا بالرأي المذموم ،والرأي -كما تقرر آنفا -له
-574-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
أحوال ثالث :إما موافق للشرع ،أو معارض له ،واما أن ال يوافق وال يعارض ،فإن
وافق الشرع فنعما هو ،وان عارض فهو الرأي المردود ،وان لم يوافقه ولم يعارضه
فالحال فيه إما أن يكون أقرب لموافقة الشرع ،أو أقرب إلى معارضته.
والمجتهد( )١الذي ارتوى من علوم الغايات وعلوم الوسائل ما ِّ
يمكنه من
التصدي لهذه الوقائع المتجددة هو المطالب بالتحقيق عن مدى قرب أو بعد
استدالله من الشرع ال غيره ،مستعينا بالسير على مراحل االستدالل ،منضبطا
بضوابطها ،ويشترط فيه حتى يعد من المجتهدين شروطا كثيرة معلومة ،يعود
مجملها إلى معرفته التامة بالشريعة أصولها وفروعها ،وألفاظها ،ومعانيها،
وأسرارها ،ومقاصدها ،وتتأكد من الشروط هنا معرفته التامة بطرق المقاييس وأنواع
االستدالالت والفرق بينها ،ولهذا على الفقيه أن يحذر من الكالم في الدين بالخرص
والظن مع التقصير في معرفة النصوص وفهمها ،واستنباط األحكام منها؛ لئال يقع
في الرأي المذموم(.)٢
وهل يشترط أن يعرف المنطق؛ لما قررنا من حاجته للبرهنة على استدالله؟
()٣
والبيضاوي ومن تابعهما اشترطا ذلك في كل العلوم ،ومنها فيه خالف :فالغزالي
أصول الفقه ،وعلى النقيض لم يشترطه النووي وابن الصالح ،بل حرماه( ،)٤ونْقد
ِ
ابن تيمية للمنطق معلوم من كتبه( ،)٥والخالف ما زال مستم ار( ،)٦حتى عند
( )١االجتهاد في النوازل ،د .محمد حسين الجيزاني ،ص ،١١مجلة العدل العدد التاسع عشر.
( )٢إعالم الموقعين ،ابن القيم ،ج/٢ص.١٢٥
( )٣المستصفى ،الغزالي ،ج/١ص.١٠
( )٤السلم المنورق ،األخضري ،بيت رقم ،١٥إيضاح المبهم ،الدمنهوري ،ص.٣٩
( )٥مجموع الفتاوى ،ابن القيم ،ج/٩ص.٦
( )٦طرق االستدالل ومقدماتها عند المناطقة واألصوليين ،د .يعقوب الباحسين ،ص.١٥
-575-
العدد ()100 مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية
()١
-وفقه هللا -اختار عدم اشتراطه على المعاصرين ،فالدكتور يوسف القرضاوي
المجتهد ،وهو القول الذي أميل إليه؛ ألن سالمة القريحة مغنية عنه.
وال يشترط في المجتهد أن يكون مجتهدا بالفعل ،ال بالقوة القريبة()٢؛ ألن القوة
تحل محل الفعل ،واالستدالل من أغمض أنواع االجتهاد ،وقد تعسر بلوغ تلك الرتبة
على كثير من الناس بالفعل ،فجاز بالقوة.
وقبل أن يشرع الفقيه في االجتهاد باالستدالل ينبغي له أن يستعين المجتهد
باهلل ،ويكثر االستغفار ،ويتقي هللا بإرادة الحق والصواب( ،)٣ويحذر من اتباع هواه
وتأثير الطبائع والعادات ،ويلتجئ هلل في روم الحق ،ويحذر من تحريم ما أحل هللا،
كما يحذر من إباحة ما حرم هللا؛ لقوله –تعالى :ﱡﭐ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ
ﲚﲜﲝﲞ ﲟﲠﱠ(.)٤
ﲛ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕﲖ ﲗ ﲘﲙ
ويحرص على الوسطية واالعتدال والتيسير على عباد هللا ما أمكنه ذلك،
يقول النبي ﷺ(( :فإنما بعثتم ميسرين ،ولم تبعثوا معسرين))( ،)٥ويقول الشاطبي
مؤكدا على هذا المعنى" :المفتي البالغ ذروة الدرجة هو الذي يحمل الناس على
المعهود الوسط فيما يليق بالجمهور؛ فال يذهب بهم مذهب الشدة ،وال يميل بهم إلى
طرف االنحالل"(.)٦
-576-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
وهذا القدر في المسألة األولى كاف لبيان أهمية وضع ضوابط لالستدالل،
وقد آن أوان الـكالم عن المسألة الثانية ،وسنستعين بمثال واحد في الشرح لتقريب
الفكرة ،وهو حكم ضمان ما تلف بيد األجير المشترك.
المسألة الثانية :مراحل االستدالل وضوابطها:
مراحل االستدالل أربع:
مرحلة التصوير:
ويقصد بهذه المرحلة تصور الواقعة في الذهن تصو ار متكامال( ،)١والتصور
الذي ال بد منه ثالثة أمور:
األول :الواقعة :فالواقعة ال بد من تحقق وقوعها بالمكلف ،أو ظن وقوعها به ،فال
ينبغي في االستدالل تصور المسـائل االفتراضية التي ال يظن وقوعها على
المكلف( ،)٢والقدر الواجب في تصوره الواقعة هو معرفة كل وصف مؤثر في الحكم
على الواقعة ،ففي مثالنا حكم ضمان ما تلف بيد األجير المشترك ،فال بد من
معرفة معنى األجير المشترك ،والفرق بينه وبين األجير الخاص ،ومعرفة معنى يد
الضمان واألمان ،ومعرفة كيفية تحقيق مناط التلف ،وهل هو متعلق بالتعدي
والتفريط أو بمطلق اإلتالف؟ ومعرفة ما يتعلق بأحكام رد المتلفات المثلية أو
القيمية ،ومعرفة معنى اإلجارة بأنها عقد معاوضة ،ويفرق بينه وبين عقد اإلرفاق،
أو التوثيق ،وهكذا ،فكل وصف من هذه األوصاف قد يؤثر في عملية اإللحاق.
الثاني :الواقع المحيط بالواقعة :من الزمان ،والمكان ،واألشخاص ،واألحوال،
فالزمان هل األصل فيه أمانة الناس أو عدم أمانتهم؟ والمكان كبالد الحرب وبالد
السلم ،أو مكان عمل األجير المشترك ،فمن عمل في محله اختلف عمن عمل في
محل المستأجر ،واألشخاص إن كانوا مكلفين أو غير مكلفين ،أو تربطهما عالقة
( )١إعالم الموقعين ،ابن القيم ،ج/٢ص ،١٦٥إعالم الموقعين ،ابن القيم ،ج/٦ص ،١٥١االجتهاد
في النوازل ،الجيزاني ،ص.٢٠
( )٢جامع بيان العلم وفضله ،ابن عبدالبر ،ج/٢ص ،١٠٥٤إعالم الموقعين ،ج/٢ص.١٢٨
-577-
العدد ()100 مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية
أبوة وبنوة أو زوجية ،ونحو ذلك ،واألحوال ،كقوة القانون في ضبط تعامالت الناس
في األسواق بما يقلل فرص اإلتالف ،أو العكس ،أو وجود نظام تأمين معين في رد
المتلفات -كما في بعض الدول ،وهكذا يتم تصور الواقع والعرف المحيط بالواقعة،
فهذا بال شك إن تم على وجهه الصحيح أعان الفقيه على الوصول إلى حكم
الواقعة ،ولذلك فقد نقل عن علي -رضي هللا عنه" :أنه كان يضمن الصباغ
والصواغ ،وقال :ال يصلح الناس إال ذلك"( ،)١وما حمله على ذلك إال إدراك الواقع.
الثالث :مآالت األفعال :فينظر المجتهد هل تضمين األجير المشترك يئول إلى
العزوف عن قضاء حوائج الناس خوفا من الضمان؟ أو ترك تضمينهم يسبب
ويقدر أي المآالت أكثر خطورة ،أو أكثر تحققا،
تهاونا في إتالف أموال الناس؟ ّ
ويوازن بالتقليل من الضرر ما أمكن ،وكذلك من اعتبار مآالت الفعل ،هل في فتواه
تضييق على الناس في تعامالتهم أو توسع ال يأذن الشرع بمثله عادة؟ وهكذا،
الخلل من حيث قصر في
ُ ومتى ما قصر المجتهد في هذه المرحلة سيدخل اجتهاده
إدراك الواقعة(.)٢
مرحلة اإللحاق:
ويقصد به عملية إلحاق الفرع بكليه التشريعي ،ويتحقق بأمور ثالثة:
األول :النظر في األدلة الشرعية مرتبة :يشرع المجتهد بالبحث في األدلة مرتبة،
وأول ما يبدأ به كتاب هللا باحثا عن األدلة التفصيلية المباشرة على حكم المسألة ،ال
عن المعاني والحكم واألسرار()٣؛ ألن هذه األخيرة متعلقة باالستدالل ،فيبحث عن
حكم ضمان ما تلف بيد األجير المشترك من األدلة التفصيلية ،فإن لم يجد دليال
في القرآن ،نظر في السنة على نحو نظره في القرآن –أعني :النظر التفصيلي ،فإن
لم يجد بحث في ما أجمع عليه المسلمون ،هل يجد اتفاقا على تضمين األجير
-578-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
المشترك؟ فإن لم يجد نظر في تلك األدلة الثالثة بحث هل من مسألة ُنص على
حكمها يمكن قياس ضمان األجير المشترك عليها ،فيلحق النظير بنظيره ،فإن لم
يجد عدل إلى البحث في االستدالل بما سوى ذلك من أنواعه المعتبرة عند كل
مجتهد بحسبه ،ويراعي الوظائف التشريعية لالستدالل ،بدءا بالوظيفة التفسيرية في
حال وجود أدلة تفصيلية ظنية الداللة ،كحديث النبي -صلى هللا عليه وسلم" :ال
ضمان على مؤتمن"( ،)١فينظر في تفسيره على ما يوافق الكليات التشريعية ذات
الصلة بالمسألة ،فإن تعذرت الوظيفة التفسيرية استعمل الوظيفة اإلنشائية ،فينظر
في أنواع االستدالل أيها أرجى في اإللحاق ،مستعينا بالنظر في الكليات التشريعية،
وعند نظره في أنواع االستدالل يراعي ترتيب هذه األنواع بأقواها عنده ،فمن يقدم
المصلحة المرسلة على االستصحاب قدمه في النظر ،ومن يرى تقديم االستحسان
على االستصحاب قدمه ،وهكذا ،ويجب عليه أن يراعي الضوابط والشروط المعتبرة
()٢
من استحسان، في كل دليل بحسبه ،فيختار بعد ذلك نوع استدالل يناسب مسألته
أو استصالح ،أو استصحاب ،أو نحوها من األدلة التبعية ،لكن ال يقطع به حتى
يبحث عن المعارض الراجح ،وقد يمكنه أن يستدل على مسألته بأكثر من نوع
استدالل ،وهو ما يسمى بتوارد األدلة على مدلول واحد ،يقول الطوفي" :واعلم أن
هذه قواعد عامة في االستدالل ،نستعمل كل واحدة منها في كثير من المسائل،
وتجتمع جميعها أو بعضها في المسألة الواحدة"(.)٣
الثاني :إلحاق الواقعة بالكلي التشريعي المناسب بمسلك من المسالك اإللحاقية:
بعد أن انتهى المجتهد من سبر األدلة األصلية والتبعية ،وبحث فيها عن حكم
( )١رواه البيهقي في السنن الكبرى ،كتاب الوديعة ،باب ال ضمان على مؤتمن ،ج٦ص ،٤٧٣رقم
الحديث .١٢٧٠٠
( )٢االجتهاد في النوازل ،د .محمد الجيزاني ،ص .١١هذا الضابط ذكره الجيزاني ولكنه عمم أنواع
األدلة ،ونحن نقصرها على االستدالل.
( )٣علم الجذل في علم الجدل ،الطوفي ،ص.٩٠
-579-
العدد ()100 مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية
مسألته صار أمره مستق ار على إلحاق الفرع باألدلة التبعية ال األصلية؛ لعدم وجدانه
الدليل فيها ،لكن مجرد اإللحاق بدليل من األدلة التبعية ليس كافيا ،فاألمر يحتاج
إلى مزيد اجتهاد بنظر دقيق ،وذلك النظر يكتمل ويتحقق إن استعمل مسلكا من
المسالك اإللحاقية ،فهذه المسالك تعتبر كاألدوات المعينة في اإللحاق ،وهي
متفاوتة بعضها أقوى من بعض ،وخالصة عملها هي النظر في االرتباطات العقلية
بين الحكم واألوصاف المؤثرة فيه ،مثل الدوران ،والسبر والتقسيم ،والتالزم،
واالستقراء ،وتحقيق المناط ،وغير ذلك ،فلو الحظ المجتهد الحكم في مسألتنا ،وهو
ضمان األجير المشترك وجد يد الضمان تدور مع المعاوضة ،فالمعاوضات يغلب
فيها جانب التضمين ،ويمكن للفقيه أن يؤكد هذا الدوران باستقراء عقود
المعاوضات ،فيجدها مضمونة( ،)١وكذا الحال لو أراد أن يستعمل تحقيق المناط،
فسيجد أن األجير المشترك ليس مؤتمنا على مال المستأجر؛ ألن وصف األمانة
ليس متحققا فيه؛ لفساد ذمم الناس ،فإن تحقق هذا المناط فسيؤثر ذلك في عملية
اإللحاق ،فلو اختار المجتهد أن ال ُيض ِّمن األجير المشترك بدليل استصحاب
البراءة األصلية ،فإن تحقيق مناط اإلتالف ،والدوران بين المعاوضة والضمان،
واستقراء الضمان في عقود المعاوضات سيحول بينه وبين ذلك؛ فإن تحقيق مناط
اإلتالف مناقض للبراءة األصلية ،وفي الدوران تجد الضمان يطرد مع المعاوضات
وما في حكمها وينعكس مع التبرعات وما في حكمها ،واإلتالف في المعاوضات
يكون بالتعدي والتفريط ،ويكون بغير التعدي والتفريط ،وان أردنا أن نستدل للدوران
بين المعاوضة والضمان يمكننا استعمال االستقراء كأداة ،وكذلك لو حققنا مناط
عدم أمانة األجراء المشتركين كان االنصراف عن إلحاق المسألة باالستصحاب هو
األولى في النظر ،ويجتهد في إلحاق المسألة بأدلة أخرى ،وهكذا يكون العمل في
ممارسة االجتهاد بهذه الطرائق العقلية.
-580-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
تنبيهان:
األول :ال يعتمد في عملية التخريج اإللحاق على استدالل آخر ،فيرد الفروع
والنوازل بعضها على بعض استدالال دون ردها إلى أصولها( ،)١فهذا من مظان
الغلط ،والثاني :إذا وجد لفرعه حكما مستمدا من كلي تشريعي معين يجب أن ال
يكون حكمه حكما غريبا ليس جاريا على معهود الشرع ومقاصده ،قال أبو عمر
ابن عبد البر" :االجتهاد ال يكون إال على أصول يضاف إليها التحليل والتحريم،
وأنه ال يجتهد إال عالم بها ،ومن أشكل عليه شيء لزمه الوقوف ،ولم يجز له أن
يحيل على هللا قوال في دينه ال نظير له من أصل ،وال هو في معنى أصل ،وهذا
الذي ال خالف فيه بين أئمة األمصار قديما وحديثا ،فتدبره"(.)٢
الثالث :البحث عن المعارض الراجح :الكالم هنا في االستدالل الذي لم تظهر
موافقته الشرع ولم تظهر معارضته ،فهو كالمشتبه بالنسبة إلى المجتهد يحاول
تقريبه إلى موافقة الشرع ،فالفقيه بعد أن ينجح في إلحاقه الواقعة بنوعها المناسب
من أنواع االستدالل بقي أن يفتش عن المعارض الراجح ،فإن وجد معارضا أتت
الوظيفة الترجيحية لالستدالل ،ويرى بعد ذلك أي ضرب من ضربي التعارض
يواجه الفقيه ،هل مما يمكن فيه الجمع أو ال؟ وان كان التعارض بين استدالل
واستدالل آخر فدفع التعارض أرشدنا إليه اإلمام اآلمدي في اإلحكام بمقولة محررة
موجزة قال فيها" :ال يخفى الترجيح المتعلق باالستدالالت المتعارضة بالنظر إلى
ذواتها وطرق إثباتها"( ،)٣وقصد بذات االستدالل أنواعه ،مثل االستصحاب،
واالستصالح ،واالستحسان ،وقصد بطرق اإلثبات صورة االستدالل ومادته ،كقولنا:
األجير المشترك ليس مؤتمنا ،وكل من ليس مؤتمنا ضامن ،فاألجير المشترك
ضامن ،أو قصد حجية هذه األنواع من حيث أدلتها ،فإن كانت حجة أخذ بها ،واال
تركها ،وكال التفسيرين محتمل ومفيد ،ففي مثالنا لو تعارض إلحاقه بالمصلحة
المرسلة مع االستصحاب قدم نوع االستدالل األقوى عنده من حيث حجيته ،فهذا
خالصة الكالم في إعادة ترتيب األدلة إذا وجد المجتهد معارضا راجحا الستدالله،
وقد يتمكن المجتهد من دفع تعارضه دون الحاجة إلى إعادة ترتيب األدلة بطرق،
منها :اعتبار الجزئيات بالكليات والعكس( ،)١ومنها محاولة العمل بالدليلين بطريق
من طرق الجمع ،فذلك أولى من إهمالهما أو إهمال أحدهما( ،)٢واال يقدر على دفع
التعارض رجح بكثرة األدلة( ،)٣فما تضافرت األدلة أو االستدالالت على صحته
فهو أولى ،وان عجز المجتهد عن أي من الخطوات الثالث استشار أهل العلم(،)٤
فإن اطمأن إلى قولهم ،واال توقف ،وان اجتهد فوصل إلى الحكم وسلم استدالله من
التعارض ابتداء أو بدفعه فيمكنه بعد ذلك أن يشرع في بيان حكمه.
مرحلة بيان الحكم:
والمطلوب هنا لبيان الحكم بيانا وافيا أمور:
الحكم لنفسه واجتهاده :إن توصل المجتهد إلى حكم َ نسبة المجتهد •
برأيه في االستدالل فال ينسبه هلل()٥؛ ألنه محض اجتهاد منه ،وليس عنده ما يقطع
بكونه حكم هللا ،وليقتد باإلمام مالك -رحمه هللا -الذي نقل( )٦عنه أنه قلما ُس ِمع
مفتيا بشيء إال تال هذه اآلية :ﱡﭐ ﳫ ﳬ ﳭ ﳮ ﳯ ﳰ ﳱ ﱠ ( ،)٧إال إن بلغ
المجتهد بظنه منزلة تقرب من اليقين ،بأن يكون رأيه ملحقا بدليل شرعي قطعي،
-582-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
وما ألحق بدليل قطعي استمد قطعيته منه ،يقول الشاطبي" :كل دليل شرعي ،إما
أن يكون قطعيا أو ظنيا ،فإن كان قطعيا ،فال إشكال في اعتباره ،كأدلة وجوب
الطهارة من الحدث ،والصالة ،والزكاة ،والصيام ،والحج ،واألمر بالمعروف ،والنهي
عن المنكر ،واجتماع الكلمة ،والعدل ،وأشباه ذلك ،وان كان ظنيا فإما أن يرجع إلى
أصل قطعي أو ال ،فإن رجع إلى قطعي فهو معتبر أيضا ،وان لم يرجع وجب
التثبت فيه ،ولم يصح إطالق القول بقبوله"( ،)١واألولى في كل األحوال أن ال
ينسب الحكم هلل.
صيغة االستدالل ومادتهُ :يذكر االستدالل لمن ُيستدل عليه ،كالمكلف، •
ويصاغ على هيئة مقدمات موصلة إلى نتائج - أو السائل ،أو المناظر ،ونحوهمُ ،
كما تقدم( -)٢سواء بطريق األقيسة المنطقية ،أو بمقتضى سالمة القريحة ،ويجب
أن تشمل هذه المقدمات جميع أركان االستدالل ،سواء كثرت المقدمات أو قلت،
فيذكر في هذه المقدمات ما يحتاجه لتوضيح الحكم وما يستند إليه ،ال سيما إن
كانت الفتوى تصدر من جهات مختصة ،كدور اإلفتاء والمؤتمرات الفقهية ،ونحوها،
واألولى ترك اختصار أو إضمار مقدمات االستدالل في البرهان ،فإن رام
االختصار ذكر أقوى األدلة؛ ألن المفتي إنما ي ِ
ستدل لفتواه ،ال بفتواه ُيستدل ،وان
رام اإلضمار فيمنع منه إن قصد به تدليسا أو تشويشا ،أما إن أضمر إحدى
المقدمات الشتهارها أو لالتفاق عليها فذلك سائغ ،وله أن يبين حكمه دون استعمال
البرهان بمقدماته ،بأن يكتفي بتوضيح أدلة الحكم والطريق الذي أدى إليه ،وعليه
الحذر من أن يدخل الغلط على برهانه ،فإن ثار الغلط في استدالله تمكن منه غيره
بنقضه ،ورد اجتهاده عليه بعدم موافقته الصواب ،والغلط قد يدخل االستدالل من
جهات كثيرة ،مجملها يعود إلى ضعف في مبناه أو معناه ،يعني في صيغة
االستدالل ،أو في مادته ،وقد تناول ذلك اإلمام التلمساني -رحمه هللا -في كتابه
مثارات الغلط ،فليراجع لالستزادة.
عدم اإلنكار :إن استدل المجتهد على الواقعة مع استكمال آلته مراعيا •
مراحله وضوابطه لم يجز اإلنكار عليه()١؛ ألنه ال إنكار في مسائل االجتهاد،
ومراعاة هذه المراحل والضوابط إن صدرت من أهلها هي االجتهاد بمعناه الدقيق،
فلم يجز إنكار وال تشنيع ،فإن أصاب فهو مأجور وان أخطأ فهو مأجور ،وعدم
اإلنكار مطلوب لمن يبين لهم الحكم من المستدل عليهم ،كالسائل والمناظر
والخصم ونحوهم ،وال يفهم أن المقصود به المجتهد.
تنبيه :تختلف مرحلة بيان الحكم عن مرحلة الفتوى التي تليها ،وذلك أن بيان
الحكم ال يختلف باختالف األحوال األربعة الفردية التي تتعلق بآحاد المكلفين،
وبيان الحكم يعتبر آخر مراحل اإللحاق ،أما الفتوى فهي مرحلة تنزيل الحكم على
المكلف؛ ولذلك روعيت فيها األحوال األربعة(.)٢
وعلى سبيل التمثيل يكون بيان الحكم كنحو هذا :يضمن األجير المشترك ما
تلف بيده إن تعدى أو فرط ،سواء عمل في محله أو محل المستأجر ،لدليل
المصلحة وسد الذريعة()٣؛ حفاظا على أموال الناس من اإلتالف والهالك ،ومع
كون األجراء مؤتمنين بالدليل النصي ،إال أن االستحسان بالمصلحة يعمل به في
هذا الموضع( ،)٤وألن اإلتالف سبب في الضمان وقد وجدت فيوجد الحكم ،ولعموم
قاعدة ال ضرر وال ضرار ،وهكذا يذكر الحكم كامال مع أقوى أدلته أو كلها ،خاصة
إن كانت الفتوى عامة ،كالفتاوى التي تصدر من المؤتمرات ودور اإلفتاء.
-584-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
وان أراد بيان حكمه مختص ار بطريق البرهان قال :األجير المشترك ليس
مؤتمنا ،وكل من ليس مؤتمنا ضامن ،فاألجير المشترك ضامن.
مرحلة اإلفتاء:
وهذه هي المرحلة األخيرة من مراحل االستدالل ،وهي مرحلة تنزيل الحكم
على المكلفين بالفتوى ،وهي الوظيفة الرابعة من وظائف االستدالل ،وظيفة الفتوى،
وتنزيل الحكم بالمكلف يراعى فيه األحوال األربع من الزمان ،والمكان ،واألشخاص،
واألحوال ،فهذه وان روعيت في عملية اإللحاق فإنها عند التنزيل تتأكد في التفريق
بين األحوال الفردية الخاصة؛ إذ قد يكون حكم الفرع في اإللحاق مختلفا عن حكمه
عند الفتوى بسبب تأثير األحوال ،فقد يفتى لفالن بخالف ما يفتى آلخر بالنظر إلى
حاله التي تخصه ،ولذلك يشترط األصوليون في المجتهد أن يكون خبي ار بظروف
الناس ،عارفا بأحوالهم ،ولكون منزلة فتوى الفقيه على العامي كمنزلة الدليل على
المجتهد فهو ملزم للعمل ،قال الشاطبي" :فتاوى المجتهدين بالنسبة إلى العوام
كاألدلة الشرعية بالنسبة إلى المجتهدين"( ،)١ويشترط في مقدمات البرهان الذي
تصاغ به الفتوى أن يكون أحدها تحقيق المناط في هذه المرحلة ،قال الشاطبي:
"كل دليل شرعي فمبنى على مقدمتين :إحداهما راجعة إلى تحقيق مناط الحكم،
واألخرى ترجع إلى نفس الحكم الشرعي ،فاألولى نظرية ،وأعني بالنظرية هنا ما
سوى النقلية ،والثانية نقلية ،وبيان ذلك ظاهر في كل مطلب شرعي ،فإذا قلت :إن
كل مسكر حرام ،وشرع مكلف في تناول خمر مثال ،قيل له أهذا خمر أو ال؟ فال بد
من النظر في كونه خم ار أو غير خمر ،وهو معنى تحقيق المناط ،فإذا وجد فيه
أمارة الخمر أو حقيقتها بنظر معتبر ،قال نعم ،هذا خمر ،فيقال له :كل خمر حرام
االستعمال ،فيجتنبه"( ،)١وليس هذا شرطا في مرحلة بيان الحكم؛ للفرق بين التنظير
والتنزيل.
-586-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
المبحث الثاني
مناهج األصوليين في أنواع االستدالل
المطلب األول :المناهج األصولية في تشخيص موضوع االستدالل:
اتفق األصوليون على حجية االستدالل كأصل من أصول الفقه الخمسة(،)١
لكن مناهجهم اختلفت في تشخيص موضوعاته التي تذكر فيه ،ولم تغن تعريفاتهم
المجملة عن بيان موضوع هذا الدليل ،فكل طائفة من العلماء بينت إجمال هذا
التعريف بيانا مختلفا عن غيرها ،قال المرداوي -رحمه هللا" :وليس في التعريف
إفصاح عن كل ما دخل فيه ،وانما ذكر ذلك إجماال ،ويتبين فيه بالتفصيل"(،)٢
وذلك بسبب ترددهم في موضوعات كتاب االستدالل ما الذي يجب أن يدرج فيه
وما الذي يجب أن يخرج منه ،وكانت مناهجهم في تشخيص موضوع االستدالل
على ثالثة مناهج ،المنهج السائد منها اتفق على إدراج أربعة موضوعات في كتاب
االستدالل:
االستدالالت المنطقية :من األقيسة االقترانية واالستثنائية وغيرهما. .١
األدلة التبعية أو المختلف فيها :كاالستصحاب ،واالستحسان ،وقول .٢
الصحابي ...إلخ.
االستدالل باألسباب والشروط والموانع :كقولهم وجد السبب فيوجد الحكم، .٣
ونحو ذلك.
األقيسة الشرعية غير العلية :كقياس العكس ،والداللة ،والشبه ،والقياس في .٤
معنى األصل.
أما بقية المناهج تفاوتت في وضع هذه الموضوعات األربعة في كتاب
االستدالل إما بحسب الكثرة والقلة ،واما بحسب إدراجها أو إخراجها ،وسبب هذا
-588-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
-589-
العدد ()100 مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية
األدلة التبعية أو المختلف فيها :ال يتوسع أهل هذا المنهج بذكر األدلة .١
المختلف فيها ،كما هو مالحظ في الجدول ،إنما يذكرون من األدلة المختلف فيها
الدليل النافي بأنواعه ،وبعض أنواع االستصحاب من التي تستخدم في المناظرات،
كاستصحاب حكم اإلجماع في محل الخالف ،والدليل النافي في حقيقته عائد إلى
االستصحاب( ،)١مما يعني أن االستصحاب وما في حكمه هو ما اعتمدوه من
األدلة المختلف فيها في تشخيص االستدالل باإلضافة إلى غيره من الموضوعات،
بخالف ابن حزم منهم ،فلم يجعل األدلة المختلف فيها من موضوعات االستدالل،
فال يمكن عند أصحاب هذا المنهج اعتبار كتاب االستدالل كتابا لألدلة المختلف
فيها عندهم ،ولو كان االستدالل عندهم محال لبحث األدلة المختلف فيها لذكروا
غيره كاالستحسان وقول الصحابي ،ولعل السبب في تركهم ذلك اهتمامهم باألنواع
الجدلية لالستدالل ،أما ابن حزم فلم يذكر شيئا من األدلة المختلف فيها ،وعليه ال
يعتبر موضوع األدلة المختلف فيها وال القواعد الفقهية من موضوعات االستدالل
في هذا المنهج ،مما أدى إلى وجود مساحة كبيرة لبقية الموضوعات ،ال سيما
االستدالالت المنطقية لتشخيص االستدالل ،وصنيعهم هذا فيه مخالفة لمن قال من
المتوسطين إن االستدالل عبارة عن مبحث لدراسة األدلة المختلف فيها()٢؛ إذ ليس
ذلك بمسلم عند هذا الفريق لما رأيت.
-590-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
معاندة بينهما ،وكيفما تنوعت االستدالالت رجعت إلى أحذ هذين الضابطين"(،)١
ويقول الطوفي" :إن االستدالل مطلقا في أي حكم كان ال يخرج عن الشكل الحملي
واالستثنائي المقررة أحكامهما في المنطق"( ،)٢وصنيعهم في تفريق ما حقه الجمع
داعيه التأليف في علم الجدل األصولي فليس بمنتقد؛ ليتدرب الفقيه على استعمال
كل نوع على حدة في المناظرة ،لذا تجدهم يعتنون بطرق االعتراض ودفعها على
أنواع االستدالل ،والخالصة أن اإلكثار من األخذ باالستدالالت المنطقية جعل
طابع هذا الدليل منطقيا جدليا ،وهم شخصوه على هذا النحو لكثرة ما يستعمله
الفقهاء في جدالهم ومناظراتهم ،يقول ابن الجوزي" :وأما االستدالل فهو الذي يكثر
فقهاء هذا العصر التمسك به في محافل نظرهم ،ويوفرون على التفنن في أنواعه
حقائق فكرهم"( ،)٣ومن اإلضافات الحقيقية التي أضافها أصحاب هذا المنهج تسمية
االستدالالت المنطقية بطريق إيراد الدليل أو طريق ذكر الدليل ،ويقولون إن
االستدالالت المنطقية عبارة عن أحد طريقي إيراد الدليل ،وقد يمكن أن يورد الدليل
على طريقة أخرى ليست هي طريقة المناطقة إنما هي طريقة الفقهاء ،يقول ابن
الجوزي" :ولك في إثبات المالزمة أن تصرح بالفقه وتكشف عن ماهية مستند
المالزمة في تقريرها ،ولك أن توري عن متن الطريق وتأخذ بأطراف الكالم متمسكا
بظواهر القواعد الحملية ،وتطالب بتخريج األمور على وفق األصول"( ،)٤ويقصد
بمستند المالزمة األدلة الشرعية ،سواء كانت نصا ،أو قياسا ،أو إجماعا ،أو غيرها
في بيان أن الشيء الفالني مع الشيء الفالني متالزمان.
ما يتعلق بالسبب والشرط والمانع :هذا الموضوع عبارة عن أربعة أنواع .٣
استدالل ،وهي قولهم :أ -وجد السبب فيوجد الحكم .ب -عدم السبب فال حكم.
-592-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
جـ -عدم الشرط فال حكم .د -وجد المانع فال حكم .وأصحاب هذا المنهج يدرجونها
كلها في أنواع االستدالل سوى ابن حزم( ،)١ويفيضون في شرحها وطرق االعتراض
عليها ،فهم يقولون إن هذه األنواع منتجة في االستدالل على األحكام ،ولو من
مقدمة واحدة؛ ألن لها مقدمة أضمرت لشهرتها ،هي :كل سبب إذا وجد فيوجد معه
الحكم ،ويقسمون الشرط إلى شرط سبب ،والى شرط حكم( ،)٢والمانع كذلك( ،)٣فهم
على الحقيقة من أكثر المناهج عناية بهذا الموضوع من موضوعات االستدالل ،وال
غرابة؛ إذ هذا النوع من أكثر األنواع استعماال في الجدل ،وهم قد شخصوا
االستدالل بموضوعات االستدالل المنطقي الجدلية ،وكما سبق يشكل عليهم تفريق
هذا النوع من االستدالل عن االستدالل المنطقي؛ ألنه في حقيقته راجع إلى القياس
االقتراني الحملي من حيث الصورة ،والى التالزم من حيث المادة ،فالسبب يعرف
على أنه ما يلزم من وجوده وجود الحكم ومن انتفائه انتفاؤه( ،)٤وهذا هو التالزم
بعينه ،والذي حملهم على ذلك تدريب الفقيه على استعمال كل نوع على حدة.
العلية :لم يذكر ابن حزم أنواع األقيسة؛ ألنه ال يرى
األقيسة الشرعية غير َّ .٤
القياس دليال( ،)٥أما الطوفي فقد ذكر أن قياس الداللة من أنواع االستدالل( ،)٦وكذا
()٧
في قوله :االستدالل بحكم على حكم فهذا حقيقته قياس داللة ،وذك ار ابن الجوزي
من األنواع نفي الفارق ،وهو المسمى القياس في معنى األصل ،بهذا يعتبر هذا
الموضوع من الموضوعات التي يشخص بها االستدالل عندهم ،ولعل سبب
وضعهم لهذين القياسين في أنواع االستدالل أن القياس واالستدالل كثي ار التداخل،
والفرق بينهما ال يكاد يعرف إال عند من طال تأمله فيهما ،وألن قياس العلة يغاير
موضوع االستدالل باتفاق من كتب في االستدالل ،وهذه األقيسة –أعني :الداللة
ونفي الفارق -ليست من قبيل قياس العلة ،فال مانع من إدراجها فيه.
خالصة تشخيص موضوع االستدالل عند هذا المنهج :أنه دليل يستعمل في
الحجاج والجدل الفقهي ،واختاروا من أنواع االستدالل ما يناسب هذا التشخيص من
األنواع المنطقية والجدلية األصولية ،مع عدم إغفالهم أنماط التعاند والتالزم اللذين
صرح ابن الجوزي أن جميع أنواع االستدالل راجعة إليهما(.)١
معرفة هذا المنهج لها فوائد:
العالقة القوية بين االستدالل والجدل؛ إذ من خالله يدافع الفقيه عن استدالله •
الذي توصل إليه.
أهمية دليلي التالزم والتعاند من األدلة العقلية في بناء األحكام الشرعية. •
االستدالل ليس محال لدراسة األدلة المختلف فيها. •
الدليل على المسائل الفقهية لك إيراده على أحد طريقين :إما على طريقة •
المناطقة ،واما على طريقة الفقهاء(.)٢
الفرق بين برهان االستدالل واالستدالل نفسه ،فبرهان االستدالل هو طريقة •
إيراد الدليل على المخالفين ،أما االستدالل فهو ذكر الدليل وعملية اإللحاق،
ومنه نأخذ الفرق بين صيغة االستدالل ومادته.
االستدالالت المنطقية -إن استعملت على وجهها الصحيح -مفيدة في •
االستدالل الشرعي ،ويمكن معرفة الحكم عن طريقها؛ ألن حاصلها إدراج
-594-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
خصوص مغفول عنه في عموم لم يغفل عنه ،ومع كونها مفيدة في معرفة
الحكم إال أنه يمكن استعمالها استعماال صوريا أجوف المادة أو هزيلها،
فتكون بمثابة القوالب التي يؤطر بها الدليل ،ال االستدالل نفسه ،ولن تفيد
في معرفة الحكم في هذه الحالة.
القياس واالستدالل يتداخالن كثيرا ،لكن الفرق بينهما أن القياس حمل جزئي •
على جزئي ،واالستدالل حمل جزئي على كلي ،وعليه فإن ذكرت علة الحكم
في القياس دون ذكر المقيس عليه أصبح استدالال ال قياسا ،كقولك :النبيذ
مسكر ،وكل مسكر حرام ،فالنبيذ حرام ،فهذا استدالل ال قياس؛ ألنه إدراج
خصوص في عموم ،أما إن قلت :النبيذ خمر ،وكل خمر حرام؛ فالنبيذ حرام،
فهذا هو القياس ،فالمقيس عليه ال بد من وجوده؛ ألنه ركن من أركان
القياس ،والفرق هذا في الواقع لم يقبل به بعض العلماء فابن تيمية مثال ذكر
أن الفرق بينهما عند العقالء غير مقبول()١؛ ألن محك نظر القياس بالجزئي
على الجزئي وجود العلة الجامعة بين األصل والفرع ،أو نفي الفارق بينهما،
وهذان –أعني :العلة أو نفي الفارق -هما العمومان اللذان يشمالن المقيس
والمقيس عليه ،فآل األمر إلى إلحاق خصوص في عموم ،وهذه هي حقيقة
االستدالل( ،)٢وكذلك المقتصدون لم يفرقوا بين االستدالل والقياس لشدة
تشابههما.
المطلب الثالث :منهج المتوسطين في األخذ باالستدالالت المنطقية:
النموذج الثاني( اآلمدي )في كتابه اإلحكام)
استصحاب الحال
شرع من قبلنا
األدلة المختلف فيها
االستحسان
مذهب الصحابي
المصالح المرسلة
األدلة التبعية أو المختلف فيها :يعتبر موضوع األدلة المختلف فيها عند .١
هذا المنهج أكبر موضوعات كتاب االستدالل ،ولم ينفك أحد ممن كتب على هذه
الطريقة من ذكر األدلة المختلف فيها ،بل صرح بعضهم أن كتاب االستدالل هو
كتاب األدلة المختلف فيها ،كالبرماوي( ،)١والمرداوي( ،)٢والسبكي( ،)٣وغيرهم(،)٤
-596-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
ولذلك تتم دراستها عندهم كما تدرس في كتاب األدلة المختلف فيها عند من لم يسم
هذا الكتاب باالستدالل ،كالرازي ،والبيضاوي ،وغيرهما( ،)١والذي حملهم على هذا
هو تعريفهم لالستدالل بأنه ما سوى األربعة ،فدخل فيه ما بقي من األدلة الشرعية،
وعادة صنيع هذا الفريق أن يقسموا االستدالل إلى مقبول ،ومردود ،تأسيا بكتاب
األدلة المختلف فيها ،ومهما يكن فاالستدالل عندهم يشمل األدلة المختلف فيها
وغيرها من الموضوعات األربعة ،والواقع أن ثمة فرقا بين مبحث األدلة المختلف
فيها ومبحث االستدالل ،وهو أن األدلة المختلف فيها عادة يقتصر موضوعها
عليها دون بقية موضوعات االستدالل ،بعكس االستدالل ،فتشملها وغيرها ،ومن
()٢
كالتالزم ،والتعاند ،ولهذا إطالق الترادف أنواع االستدالل كذلك ما هو متفق عليه
فيه نظر ،وقد تميز هذا المنهج بإضافة القواعد الفقهية ضمن موضوعات
االستدالل على يد ابن السبكي في جمع الجوامع( ،)٣وهذه بحق إضافة تدل على
علو كعب ابن السبكي-رحمه هللا ،فقد فهم أن ثمة روابط تربط بين االستدالل
والقواعد الفقهية ،وهي االعتماد على كليات الشريعة ،وأنها قواعد شابهت األدلة؛
فحق لها أن تعمل كعملها ،وقد تابع ابن السبكي بعض أصحاب هذا المنهج،
كالمرداوي( ،)٤والبرماوي( ،)٥والشنقيطي( ،)٦وسبب إدراج القواعد الفقيهة في
االستدالل أن مضمون هذه القواعد ثبت بالدليل ،فصارت كاألدلة يقضى بها على
الفروع(.)٧
( )١المحصول ،الرازي ،ج/٦ص ،٩٥شاملة ،منهاج الوصول ،البيضاوي ،ص ،٢٢٥جودريدر.
( )٢االستدالل عند األصوليين ،د .أسعد الكفراوي ،ص.٥١
( )٣جمع الجوامع ،السبكي ،ص.١١١
( )٤التحبير شرح التحرير ،المرداوي ،ص.٣٧٣٩
( )٥الفوائد السنية في شرح األلفية ،البرماوي ،ص.٢١٣٠
( )٦مراقي السعود ،الشنقيطي ،ص ٤٨آخر كتاب االستدالل.
( )٧التحبير شرح التحرير ،المرداوي ،ص.٣٧٣٩
-597-
العدد ()100 مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية
االستدالالت المنطقية :يصدر بها شرح االستدالل عند هذا المنهج ،ويعتبر .٢
من الموضوعات الثابتة عندهم ،لكنهم بعكس المنهج األول يجمعون أنواع
االستدالل المنطقية بقولهم :القياس االقتراني واالستثنائي ،ويشرحونهما كما يشرحان
في كتب المنطق بذكر أشكال األقيسة وضروبها المنتجة وغير المنتجة ،وال
يدخلون في التفاصيل ،وال يتناولونها بالطرائق الجدلية كما يتناولها المكثرون؛ فلذا
ال تجدهم يهتمون كثي ار بطرق دفع االعتراض عليها ،وهذا المنهج يختلف أصحابه
في األخذ بجميع أنواع االستدالل المنطقية ،أو باألخذ ببعضها ،فمنهم من أخذ بها
كلها ،كاآلمدي ،والسبكي( ،)١ومنهم من أخذ بالتالزم منها فقط ،كابن الحاجب(،)٢
واالستدالالت المنطقية عندهم استدالل مطلقا ،سواء كانت مادتها من األدلة
األربعة المتفق عليها أو ال؛ ألنهم يقولون دليل المسألة الفقهية إما أن يكون نصا
من قرآن ،أو سنة ،أو إجماع ،أو قياس ،فإن لم تكن هذه األربعة فهو استدالل من
أي نوع كان ،واالستدالل المنطقي ليس من األربعة؛ فصح أن يكون استدالال ،ولو
كان جاريا في هذه األربعة كما تقول :هذا حكم دل عليه القياس ،وكل ما دل عليه
القياس فهو حكم شرعي( ،)٣ومن اإلضافات الجيدة عندهم قول اآلمدي" :وال يخفى
ما يرد عليها -أنواع االستدالل المنطقية -من االعتراضات من منع المقدمات
والقوادح في األدلة الدالة عليها على اختالف أنواعها ،وكذلك الجواب عنها"(،)٤
فقوله األدلة الدالة عليها يفيد أن تلك المقدمات لها أدلة ومستندات تدل عليها ،ومن
اإلضافات الجيدة تفريقهم بين االستدالل والقياس واالستقراء ،فاالستدالل الذي
يسميه المناطقة قياس الشمول حمل جزئي على كلي ،والقياس الذي يسميه
المناطقة قياس التمثيل حمل جزئي على جزئي ،واالستقراء حمل كلي على جزئي.
-598-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
-600-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
كما سبق :فريق الشيرازي ومن وافقه في عدم التفريق بين القياس واالستدالل(،)١
والقرافي ومن وافقه في التفريق بين القياس واالستدالل ،ولنعرض من كل فريق
نموذجا.
( )١المنهاج في ترتيب الحجاج ،الباجي ،ص ،٢٠٨إحكام الفصول ،الباجي ،ص ،٥٤٩شفاء
الغليل ،الغزالي ،ص ،٤٣٥العدة ،القاضي أبو يعلى ،ص ،٧٢الواضح في أصول الفقه ،أبو الوفاء
ابن عقيل ،ج١ص٦٢
-601-
العدد ()100 مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية
-602-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
المناهج من حيث عدد أنواع االستدالل ،فحقيقة أنواع االستدالل عندهم إنما هما
التالزم والتعاند ،وكما أن المكثرين اهتموا بالجدل ،فالمقتصدون هم كبار مؤلفي
كتب الجدل( ،)١ولعنايتهم بالجدل تجد اهتماما تاما بطرق االعتراض ،كما هي
الحال في المنهج األول ،ومع عنايتهم باالستدالالت المنطقية ،إال أنهم يحرصون
على عدم االلتزام بمصطلحات المناطقة ،وفي ذلك يقول البروي" :وفيما ذكرنا غنية
عن مصطلحات لغير الفقهاء ،فلكل فن نظر ،ولكل قوم مصطلح ،فحق الناظر أن
ال يتعدى اصطالحات أهله ،وال يعّد ِ
الخْلط بين المتنافرات من غ ازرة فضله"(،)٢ ُ
وسبب عنايتهم باألدلة المنطقية اتحاد الموضوع والغاية بين االستدالل األصولي
والمنطقي.
االستدالل باألسباب والشروط والموانع :لم يدرجوها ضمن موضوعات .٣
االستدالل ،ولعل كالمهم التالزم مغن عنه ،فالسبب يعرف بأنه ما يلزم من وجوده
وجود الحكم ،والشرط ما يا يلزم من عدمه عدم الحكم فهذه استدالالت بالتالزم.
العلية :هذا من موضوعات االستدالل عندهم
َّ األقيسة الشرعية غير .٤
بالتأكيد؛ ألن االستدالل عندهم نفس القياس ،والقياس في حقيقته حمل جزئي على
جزئي ،والتالزم والتعاند قد يستعمالن في حمل جزئي على جزئي ،وقد يستعمالن
في حمل جزئي على كلي ،وهنا يظهر الفرق قليال بين الفريق األول والفريق الثاني
من أصحاب هذا المنهج –أعني :المقتصدين ،فالفريق الثاني يستعمل التالزم
والتعاند في حمل الجزئي على الجزئي أو على الكلي ،والفريق األول لما أطلق
مصطلح القياس على االستدالل فهم منه أنه اختار حمل الجزئي على الجزئي
فقط ،لكنهم في ذكر األمثلة على التالزم والتعاند يحملون الجزئي على الكلي وال
يذكرون الجزئي المقيس عليه ،وقد يدل فعلهم هذا على التسامح في إطالق
( )١فالشيرازي له المعونة في الجدل ،وله التلخيص ،والغزالي له المنتخل في الجدل ،والباجي له
المنهاج في ترتيب الحجاج.
( )٢المقترح في المصطلح ،للبروي ،ص.٤٥١
-603-
العدد ()100 مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية
المصطلحات ،وقد يدل على اشتهار المقيس عليه عن ذكره ،وكال األمرين محتمل،
ومن األمور التي تميز هذا المنهج بذكرها البراهين الثالثة :برهان االعتالل ،وبرهان
االستدالل ،وبرهان الخلف ،للتفريق بين عملية اإللحاق وعملية االحتجاج ،ففي
االحتجاج يستعملون البراهين ،أما في االستنباط فيستعملون أركان القياس األربعة:
األصل ،والفرع ،والعلة ،والحكم ،وهذه فائدة عظيمة منهم للتفريق بين المقامين،
فلكل مقام مقال ،ولكل مقام أركانه التي تخصه كما سبق في األركان.
خالصة تشخيص موضوع االستدالل عندهم:
االستدالل عبارة عن دليل عقلي ،يوصل إلى الحكم الشرعي بالنظر في
المتالزمات والمتعاندات ،والتالزم والتعاند جنسان كبيران يحويان أنواعا كثيرة ،فكل
من الفريقين اتخذ منهما ما رآه مناسبا ،وال إشكال إن كان مستند التالزم أو التعاند
من األدلة المتفق عليها أو غيرها ،إنما المطلوب أن يكونا الجانب األقوى في
الدليل.
معرفة هذا المنهج لها فوائد:
• برهان االعتالل ،وبرهان االستدالل اللذان يسميان برهان اإلن وبرهان اللم هما
قياس العلة ،وقياس الداللة ،فإن ذكر فيهما المقيس عليه صا ار من قبيل القياس،
وان لم يذكر فيهما المقيس عليه واكتفي بالعلة صا ار استدالال.
• االستدالل إما أن يكون استدالال مستقيما ،واما أن يكون استدالل خلف ،فالمستقيم
الذي يفضي إلى عين مطلوبه( ،)١والخلف هو الذي يفضي إلى مطلوبه عن طريق
إبطال قول الخصم(.)٢
• ينبغي الحرص ما أمكن على أصالة المصطلحات األصولية ،وعلى النأي
بالمصطلحات المنطقية ،ولنا في القياس تجربة ناجحة ،فالقياس الذي عند
األصوليين يسميه المناطقة تمثيال ،وله مصطلحاته التي تخصه عند المناطقة ،لكن
-604-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
األصوليين أجمعين لم يلتزموا تلك المصطلحات ،ولم يثنهم ذلك عن استعماله على
وجهه الصحيح ،بل الواقع شاهد أنهم هم من خدم المنطق ال العكس ،بنقضهم ما
ادعاه المناطقة أن التمثيل إنما يورث الظن ال القطع ،فقياس األولى قطعي.
• برهان الخلف قد يمكن إرجاعه إلى المستقيم ،وبذلك تعود قوة الحد األوسط إما
إلى العلة أو دليل العلة ،فال يكون الحد األوسط في الخلف خارجا عنهما.
• عدم التفريق بين القياس واالستدالل يدل على أن أركانهما يجب أن تتحد،
ويتسامح في عدم وجود مقيس عليه ،ال سيما في الحجاج.
• االستدالل يستعمل ألحد غرضين إثبات الحكم أو نفيه ،ولكل وسائله(.)١
• أهمية حسن الترتيب عند شرح االستدالل ،وهذا الفريق هو أميز ِ
الفرق في شرح
االستدالل.
• التلمساني ذكر فرقا مهما لم يسبقه إليه أحد ،لكن لعله يفيد في إعادة تشكيل
النظرية عند من يريد موافقته ،وهو مغايرة حكم األصل لحكم الفرع ،ال مناقضة وال
موافقة ،فالمناقضة مختصة بقياس الحكم ،والموافقة في قياس الطرد.
الخاتمة
الحمد هلل ،والصالة والسالم على رسول هللا ،وعلى آله ،وصحبه ،ومن اتبع
هداه.
وبعد:
فقد عمدت في هذا البحث إلى دراسة مناهج األصوليين في دراسة األصل
الخامس من أصول الفقه المسمى باالستدالل ،وبينت مناهجهم به بعد استقراء
كتبهم التي تناولت االستدالل ،معتمدا بذلك على ما قرروه من أنواع فيه ،وربط كل
نوع بجنسه القريب ،وقد توصلت في هذا البحث إلى عدة نتائج:
أن مناهج األصوليين في االستدالل ثالثة. -
بعض ما ذكره األصوليون من أنواع في االستدالل ،ليست منه على -
التحقيق.
السبب في تعدد المناهج األصولية تأثر كل منهج منها بعلمي المنطق -
والجدل.
تأثر مصطلح االستدالل عند األصوليين بمصطلح االستدالل عند -
المنطقيين.
أحد أهم أسباب تعدد المناهج األصولية في االستدالل غموض المراد به -
كمصطلح.
كان للمنطق آثار إيجابية في تركيب االستدالل األصولي ،وأخرى سلبية. -
ومن خالل هذه النتائج والممارسة البحثية يوصي الباحث بعدد من
التوصيات:
دراسة كيفية استعمال األنواع االستداللية في الفقه اإلسالمي. -
دراسة كيفية استعمال األنواع االستداللية في األنظمة القضائية. -
-606-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
دراسة مفهوم االستدالل ،وأنواعه ،وكيفية استعماله في فقه اإلمام بن تيمية؛ -
ألنه كان يكثر من استعماله.
هذا ،وهللا أسأل أن أن يتقبل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم ،وأن ينفع به
الباحثين ،هو ولي ذلك والقادر عليه ،والحمد هلل رب العالمين.
-607-
العدد ()100 مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية
-608-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
)٨أصول الشاشي المؤلف :نظام الدين أبو علي أحمد بن محمد بن إسحاق
الشاشي ،المتوفى 344هـ الناشر :دار الكتاب العربي -بيروت سنة النشر :
عدد األج ازء.١
يه َجهَل ُه المؤلف :عياض بن نامي بن عوضفقه الذي ال يسع ال َف ِق ِ
)٩أصول ِال ِ
ََ ُ ُ ُ
السلمي الناشر :دار التدمرية ،الرياض -المملكة العربية السعودية الطبعة :
األولى1426 ،هـ - 2005م عدد األجزاء.
)١٠أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف :محمد األمين بن محمد
المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى : 1393هـ )الناشر :دار
الفكر للطباعة و النشر و التوزيع بيروت -لبنان عام النشر 1415هـ -
1995مـ.
)١١اإلنصاف فيما يجب اعتقاده وال يجوز الجهل به ،أبو بكر بن الطيب
الباقالني البصري ت،٤٠٣وتعليق تحقيق الكوثري زاهد محمد ،المكتبة
األزهرية للتراث ،الطبعة الثانية ١٤٢١هـ٢٠٠٠-م.
)١٢البحر المحيط في أصول الفقه المؤلف :أبو عبد هللا بدر الدين محمد بن
عبد هللا بن بهادر الزركشي المتوفى 794هـ )الناشر :دار الكتبي الطبعة :
األولى1414 ،هـ - 1994م عدد األجزاء.8
)١٣البرهان في أصول الفقه المؤلف :عبد الملك بن عبد هللا بن يوسف بن
محمد الجويني ،أبو المعالي ،ركن الدين ،الملقب بإمام الحرمين ( المتوفى :
478هـ )المحقق :صالح بن محمد بن عويضة الناشر :دار الكتب العلمية
بيروت -لبنان الطبعة :الطبعة األولى 1418هـ - 1997م عدد األجزاء :
.2
)١٤التحبير شرح التحرير في أصول الفقه المؤلف :عالء الدين أبو الحسن علي
ابن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي الحنبلي المتوفى: 885هـ )المحقق :
د .عبد الرحمن الجبرين ،د .عوض القرني ،د .أحمد السراح الناشر :مكتبة
-609-
العدد ()100 مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية
-610-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
الناشر :دار الكتب العلمية ،بيروت -لبنان الطبعة :األولى1424 ،هـ -
2003م عدد األجزاء.: 1.
)١٩التقرير والتحبير المؤلف :أبو عبد هللا ،شمس الدين محمد بن محمد بن
محمد المعروا بابن أمير حاج ويقال له ابن الموقت الحنفي (المتوفى :
879هـ )الناشر :دار الكتب العلمية الطبعة :الثانية1403 ،هـ - 1983م
عدد األجزاء.: 3
)٢٠تهذيب اللغة المؤلف :محمد بن أحمد بن األزهري الهروي ،أبو منصور
(المتوفى: 370هـ )المحقق :محمد عوض مرعب الناشر :دار إحياء التراث
العربي -بيروت الطبعة :األولى2001 ،م عدد األجزاء. : 8.
)٢١جمع الجوامع في أصول الفقه ،تاج الدين عبدالوهاب بن علي السبكي
ت ،٧٧١إبراهيم خليل عبدالمنعم تعليق ،نشر دار الكتب العلمية الطبعة
الثانية ٢٠٠٣م١٤٢٤-هـ. ،لبنان بيروت .
)٢٢حلي التراقي من مكنون جواهر المراقي (الشرح الكبير على مراقي السعود)،
الشنقيطي العلوي محمد ،األولى الطبعة المغرب الرباط األمان دار نشر
-١٤٣٨هـ.٢٠١٧لبنان
)٢٣الرسالة المؤلف :الشافعي أبو عبد هللا محمد بن إدريس بن العباس بن
عثمان بن شافع بن عبد المطلب بن عبد مناا المطلبي القرشي المكي (
المتوفى: 204هـ )المحقق :أحمد شاكر الناشر :مكتبه الحلبي ،مصر
الطبعة :األولى1358 ،هـ/1940م.
)٢٤رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب ،تاج الدين عبدالوهاب بن علي بن
عبدالكافي السبكي ت ،٧٧١ودراسة وتعليق تحقيق :علي محمد معوض،
عادل أحمد عبدالموجود ،نشر عالم الكتب الطبعة األولى ١٤١٩هـ-
١٩٩٩م. ،لبنان بيروت
-611-
العدد ()100 مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية
-612-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
489هـ )المحقق :محمد حسن محمد حسن اسماعيل الشافعي الناشر :دار
الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان الطبعة :األولى1418 ،هـ/1999م عدد
األجزاء: 2.
)٣٩كتاب اإليضاح لقوانين االصطالح في الجدل والمناظرة ،محيي الدين يوسف
بن عبدالرحمن بن الجوزي ت ،٦٥٦الدغيم السيد محمد بن محمود تحقيق،
مدبولي مكتبة نشرالطبعة األولى ١٤١٥هـ.١٩٩٥-مصر القاهرة م
)٤٠كتاب التعريفات المؤلف :علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني
(المتوفى: 816هـ )المحقق :ضبطه وصححه جماعة من العلماء بإشراا
الناشر الناشر :دار الكتب العلمية بيروت -لبنان الطبعة :األولى 1403هـ -
1983م عدد األجزاء: 1.
)٤١كشف األسرار شرح أصول البزدوي المؤلف :عبد العزيز بن أحمد بن محمد،
عالء الدين البخاري الحنفي (المتوفى: 730هـ )الناشر :دار الكتاب
اإلسالمي الطبعة :بدون طبعة وبدون تاريخ عدد األجزاء: 4.
)٤٢لسان العرب المؤلف :محمد بن مكرم بن على ،أبو الفضل ،جمال الدين ابن
منظور األنصاري الرويفعى اإلفريقى (المتوفى: 711هـ )الناشر :دار صادر
-بيروت الطبعة :الثالثة - 1414هـ عدد األجزاء: 15.
)٤٣المحصول المؤلف :أبو عبد هللا محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين
التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (المتوفى: 606هـ )
دراسة وتحقيق :الدكتور طه جابر فياض العلواني الناشر :مؤسسة الرسالة
الطبعة :الثالثة1418 ،هـ - 1997م.
)٤٤المستصفى المؤلف :أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى :
505هـ )تحقيق :محمد عبد السالم عبد الشافي الناشر :دار الكتب العلمية
الطبعة :األولى1413 ،هـ - 1993م عدد األجزاء:1.
-614-
مناهج األصوليين في االستدالل
مشاري عبد الرحمن عبد هللا الدليمي دراسة وصفية مقارنة أبحاث
-615-
العدد ()100 مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية
حسن هيتو الناشر :دار الفكر المعاصر -بيروت لبنان ،دار الفكر دمشق -
سورية الطبعة :الثالثة1419 ،هـ - 1998م عدد األجزاء: 1.
)٥٢الموافقات المؤلف :إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير
بالشاطبي (المتوفى: 790هـ )المحقق :أبو عبيدة مشهور بن حسن آل
سلمان الناشر :دار ابن عفان الطبعة :الطبعة األولى 1417هـ/ 1997م
عدد األجزاء: 7.
)٥٣نهاية الوصول في دراية األصول المؤلف :صفي الدين محمد بن عبد الرحيم
األرموي الهندي (715هـ )المحقق :د .صالح بن سليمان اليوسف -د .
سعد بن سالم السويح أصل الكتاب :رسالتا دكتوراة بجامعة اإلمام بالرياض
الناشر :المكتبة التجارية بمكة المكرمة الطبعة :األولى1416 ،هـ - 1996
م عدد األجزاء: 9.
الفقه المؤلف :أبو الوفاء ،علي بن عقيل بن محمد بنول ِ
اضح في أص ِ )٥٤الو ِ
ُ َ
عقيل البغدادي الظفري( ،المتوفى: 513هـ )المحقق :الدكتور َعبد هللا بن
المحسن التركي الناشر :مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع،
َعبد ُ
بيروت -لبنان الطبعة :األولى1420 ،هـ - 1999م عدد األجزاء: 5.
)٥٥الوصف المناسب لشرع الحكم المؤلف :أحمد بن محمود بن عبد الوهاب
الشنقيطي الناشر :عمادة البحث العلمي ،بالجامعة اإلسالمية ،بالمدينة
المنورة الطبعة :األولى1415 ،هـ عدد األجزاء: 1.
-616-