Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 5

‫الصراط بالكسر‪ :‬الطريق السبيل الواضح جسر ممدود على منت جهنم‬

‫الصراط على وجهين‪:‬‬

‫‪ -1‬الطريق‪ ،‬وذلك في قوله‪َ :‬و َال َت ْق ُع ُدوْا ِبُك ِّل ِص َر اٍط [ األعراف‪ .]86 :‬يعني بكل طريق‪.‬‬

‫‪ -2‬الدين وذلك في قوله‪ :‬اهِد َن ا الِّص َر اَط الُم سَت ِقيَم [ الفاتحة‪ ]6 :‬يعني الدين المستقيم‪.‬‬

‫وقال في َو َأَّن َه َذ ا ِص َر اِط ي ُمْس َت ِقيًما‬

‫قوله‪ :‬مدحضة من دحضت رجله دحضا زلقت‪،‬‬

‫ودحضت الشمس عن كبد السماء زالت‪،‬‬

‫ودحضت حجته بطلت‪.‬‬

‫قوله‪ :‬مزلة من زلت األقدام سقطت‪.‬‬

‫معنى المزلقة‪ ،‬أي‪ :‬موضع تزلق فيه األقدام‪،‬‬

‫ومدحضة أي‪ :‬محل ميل الشخص‪ ،‬وهما بفتح الميم ومعناهما متقاربان‪.‬‬

‫قوله‪ :‬خطاطيف جمع خطاف بالضم وهو الحديدة المعوجة كالكلوب يختطف بها الشيء‪،‬‬

‫قوله‪ :‬كالليب جمع كلوب بفتح الكاف وهو حديدة معطوفة الرأس يعلق عليها اللحم‬

‫وقوله‪ :‬حسكة‪ :‬بفتحات وهي شوكة صلبة معروفة وقال صاحب التهذيب‪ .‬الحسك نبات له ثمر خشن يتعلق بأصواف الغنم‪,‬‬
‫وربما اتخذ مثله من حديد وهو من آالت الحرب‪.‬‬

‫مفلطحة‪ :‬أي عريضة‪.‬‬

‫عقيفاء‪ :‬معوجة‬

‫قال الزين بن المنير‪( :‬تشبيه الكالليب بشوك السعدان خاص بسرعة اختطافها وكثرة االنتشاب فيها مع التحرز والتصون‬
‫تمثيًال لهم بما عرفوه في الدنيا وألفوه بالمباشرة‪ ).‬اهـ‪ .‬ذكره الحافظ في (الفتح)(‪.)11/453‬‬

‫الصراط مثل حد الموسى أو حد السيف‪ :‬قلت‪ :‬كما في حديث سلمان رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬

‫((ويوضح الصراط مثل حد الموسى‪ ،‬فتقول المالئكة‪ :‬من يجيز على هذا؟ فيقول‪ :‬من شئت من خلقي‪ :‬فيقولون‪ :‬ما عبدناك‬
‫حق عبادتك)‬

‫ونؤمن بالصراط‪ ،‬وهو جسر على جهنم‪ ،‬إذا انتهى الناس بعد مفارقتهم الموقف إلى الظلمة التي دون الصراط‪ ،‬كما قالت‬
‫عائشة رضي هللا عنها‪(( :‬إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم سئل‪ :‬أين الناس يوم تبدل األرض غير األرض والسماوات؟‬
‫فقال‪ :‬هم في الظلمة دون الجسر)‬

‫كيفية المرور‬

‫يعطي هللا كل إنسان نورًا على قدر عمله يتبعه على الصراط‬

‫انطفاء نور المنافقين‪ :‬في هذا الموقف الرهيب حيث تجد أن الذعر والخوف قد استحوذ على الناس‪ ،‬كلهم يريد النجاة‬
‫بحشاشة نفسه من الكالليب‪ ,‬والخطاطيف‪ ,‬فإذا نور المنافقين يطفأ كما في حديث جابر عند مسلم (‪(( )5‬ويعطى كل إنسان‬
‫منهم منافق أو مؤمن نورًا‪ .‬ثم يتبعونه وعلى جسر جهنم كالليب وحسك تأخذ من شاء هللا‪ ,‬ثم يطفأ نور المنافقين‪ .‬ثم ينجو‬
‫المؤمنون))‪.‬‬
‫اختالف سرعة الناس في المرور على الصراط‪ :‬تختلف سرعة الناس في المرور على الصراط وذلك باختالف قوة النور‬
‫الذي يعطى لهم على قدر أعمالهم‬

‫المبحث الخامس‪ :‬الذين يمُّر ون على الّص راط هم المؤمنون دون المشركين‬

‫دلت األحاديث التي سقناها على أن األمم الكافرة تتبع ما كانت تعبد من آلهة باطلة‪ ،‬فتسير تلك اآللهة بالعابدين‪ ،‬حتى تهوي‬
‫بهم في النار‪ ،‬ثم يبقى بعد ذلك المؤمنون وفيهم المنافقون‪ ،‬وعصاة المؤمنين‪ ،‬وهؤالء هم الذين ينصب لهم الصراط‪ .‬ولم‬
‫أر في كتب أهل العلم من تنبه إلى ما قررناه من أن الصراط إنما يكون للمؤمنين دون غيرهم من الكفرة المشركين‬
‫والملحدين غير ابن رجب الحنبلي رحمه هللا تعالى‪ ،‬فإنه قال‪ :‬في كتابه (التخويف من النار)‪ :‬واعلم أن الناس منقسمون إلى‬
‫مؤمن يعبد هللا وحده ال يشرك به شيئًا‪ ،‬ومشرك يعبد مع هللا غيره‪ ،‬فأما المشركون‪ ،‬فإنهم ال يمرون على الصراط‪ ،‬وإنما‬
‫يقعون في النار قبل وضع الصراط‪.‬‬

‫لرسول صلى هللا عليه وسلم ثم أمته أول من يجيز الصراط‬

‫الرسول صلى هللا عليه وسلم ثم أمته أول من يجيز الصراط‪ :‬يدل على ذلك حديث أبي هريرة رضي هللا عنه المتفق عليه‬
‫الذي فيه يقول النبي صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬ويضرب السراط بين ظهري جهنم‪ ,‬فأكون أنا وأمتي أول من يجيزها)) (‬
‫‪( . )1‬وهذا لفظ البخاري)‪.‬‬

‫قلت‪ :‬ورواية أبي هريرة رضي هللا عنه عند مسلم توضح مكان النبي صلى هللا عليه وسلم إلى أن تمر أمته كلها – وهو‬
‫على الصراط صلى هللا عليه وسلم وذلك لقوله صلى هللا عليه وسلم فيها بعد أن ذكر صفات الذين يمرون على الصراط‪:‬‬
‫((ونبيكم قائم على الصراط يقول‪ :‬رب سلم سلم)) (‪. )3‬‬

‫ال ابن أبي جمرة معلقًا على حديث البخاري‪( :‬يؤخذ منه أن المارين على الصراط ثالثة أصناف‪ -1 :‬ناج بال خدش‪-2 .‬‬
‫وهالك من أول وهلة‪ -3 .‬ومتوسط بينهما يصاب ثم ينجو‪ .‬وكل قسم منها ينقسم أقسامًا تعرف بقوله‪( :‬بقدر أعمالهم))‬
‫اهـ (‪. )4‬‬

‫قلت‪ :‬وهناك قسم رابع وهو المحتبس به‬

‫والمؤمنون يتفاضلون في المرور على الصراط‪ ،‬وهم في ذلك ثالثة أصناف كما أخبر النبي صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬فناج‬
‫مسلم‪ ,‬وناج مخدوش‪ ،‬ومكدوس في نار جهنم)) (‪. )1‬‬

‫فهم في الجملة صنفان‪:‬‬

‫‪ -1‬ناجون سالمون من السقوط في جهنم يجوزون الصراط‪.‬‬

‫‪ -2‬مطروحون ساقطون في جهنم ال يتمون المرور على الصراط‪ ،‬فإذا عوقبوا على معاصيهم أخرجوا من النار إلى‬
‫الجنة‪ ،‬وقد ورد إجمالهم في هذين الصنفين عن النبي صلى هللا عليه وسلم في رواية إذ قال‪(( :‬فمنهم من يوبق بعمله‪,‬‬
‫ومنهم من يخردل ثم ينجو)‬

‫لقنطرة تطلق في اللغة على الجسر كما قال صاحب اللسان‪ ،‬وقد ذكر العيني في شرح البخاري عند الكالم على حديث‬
‫البخاري السابق أن ابن التين قال‪ :‬القنطرة كل شيء ينصب على عين أو واد‪ ،‬وذكر أن القرطبي سماها الصراط الثاني‪.‬‬

‫وقال ابن حجر في الفتح‪ :‬الذي يظهر أنها طرف الصراط مما يلي الجنة‪ ،‬ويحتمل أن تكون في غيره بين الصراط والجنة‪.‬‬

‫الذي يقتضي الدليل رجحانه أن القنطرة جسر بين الجنة والنار ال عالقة له بالصراط كما هو ظاهر حديث أبي سعيد‬
‫الخدري رضي هللا عنه‪ ،‬وظاهره يدل أيضًا على أن المؤمنين خلصوا أي فرغوا وانتهوا من المرور على الصراط كما‬
‫قال الحافظ‪( :‬قوله‪(( :‬إذا خلص المؤمنون من النار))‪ :‬أي نجوا من السقوط فيها بعد ما جازوا على الصراط)‬

‫قلت‪ :‬فهذا الحديث نص صريح في أن معنى خلصوا هو انتهاء الناس من المرور على الصراط‪ ،‬وبذلك نعلم أن القنطرة‬
‫ليست تتمة للصراط‪ ،‬والعلم عند هللا تعالى‪)9( .‬‬
‫ترتيب ما يحصل يوم القيامة كالتالي ‪:‬‬

‫‪ - 1‬إذا ُبعث الناس وقاموا من قبورهم ذهبوا إلى أرض المحشر ‪ ،‬ثم يقومون في أرض المحشر قيامًا طويال ‪ ،‬تشتد معه‬
‫حالهم وظمُؤ ُهم ‪ ،‬ويخافون في ذلك خوفًا شديدًا ؛ ألجل طول المقام ‪ ،‬ويقينهم بالحساب ‪ ،‬وما سُيجري هللا ‪ -‬عز وجل –‬
‫عليهم ‪.‬‬

‫‪ - 2‬فإذا طال الُمقام َر َف َع هللا ‪ -‬عز وجل ‪ -‬لنبيه صلى هللا عليه وسلم أوًال حوضه المورود ‪ ،‬فيكون حوض النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم في عرصات القيامة ‪ ،‬إذا اشتد قيامهم لرب العالمين ‪ ،‬في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ‪.‬‬

‫فمن مات على سّنته ‪ ،‬غير ًمَغ ِّي ٍر وال ُمْح ِدٍث وال ُم َب ِّدْل ‪َ :‬و َر َد عليه الحوض ‪ ،‬وُس ِقَي منه ‪ ،‬فيكوُن أول األمان له أن يكون‬
‫َم ْس ِقَي ًا من حوض نبينا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬ثم بعدها ُيْر َف ُع لكل نبي حوضه ‪ ،‬فُيْس َق ى منه صالح أمته ‪.‬‬

‫‪ - 3‬ثم يقوم الناس ُمقامًا طويًال ‪ ،‬ثم تكون الشفاعة العظمى ‪ -‬شفاعة النبي صلى هللا عليه وسلم‪ -‬بأن ُيَع ِّج َل هللا ‪ -‬عز وجل‬
‫‪ -‬حساب الخالئق ‪ ،‬في الحديث الطويل المعروف ‪ :‬أنهم يسألونها آدم ثم نوحًا ثم إبراهيم ‪ ،‬إلى آخره ‪ ،‬فيأتون إلى النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم ويقولون له ‪ :‬يا محمد ‪ ،‬ويِص ُفوَن له الحال ‪ ،‬وأن يقي الناس الشدة بسرعة الحساب ‪ ،‬فيقول صلى هللا‬
‫عليه وسلم بعد طلبهم اشفع لنا عند ربك ‪ ،‬يقول ( أنا لها ‪ ،‬أنا لها ) ‪ ،‬فيأتي عند العرش ‪ ،‬فيخر فيحمد هللا ‪ -‬عز وجل ‪-‬‬
‫بمحامد يفتحها هللا ‪ -‬عز وجل ‪ -‬عليه‪ ،‬ثم يقال ‪ :‬يا محمد ارفع رأسك ‪ ،‬وسل ُتْع َط واْش َف ْع ُتَشَّفْع ‪ ،‬فتكون شفاعته العظمى في‬
‫تعجيل الحساب ‪.‬‬

‫‪ - 4‬بعد ذلك يكون العرض ‪ -‬عرض األعمال ‪. -‬‬

‫‪ - 5‬ثم بعد العرض يكون الحساب ‪.‬‬

‫‪ - 6‬وبعد الحساب األول تتطاير الصحف ‪ ،‬والحساب األول من ضمن العرض ؛ ألنه فيه جدال ومعاذير ‪ُ ،‬ثَّم بعد ذلك‬
‫تتطاير الصحف ‪ ،‬وُيْؤ َت ى أهل اليمين كتابهم باليمين ‪ ،‬وأهل الشمال كتابهم بشمالهم ‪ ،‬فيكون قراءة الكتاب ‪.‬‬

‫‪ - 7‬ثم بعد قراءة الكتاب ‪ :‬يكون هناك حساب أيضًا لقطع المعذرة ‪ ،‬وقيام الحجة بقراءة ما في الكتب ‪.‬‬

‫‪ - 8‬ثم بعدها يكون الميزان ‪ ،‬فتوزن األشياء التي ذكرنا ‪.‬‬

‫‪ - 9‬ثم بعد الميزان ينقسم الناس إلى طوائف وأزواج ؛ أزواج بمعنى كل شكل إلى شكله ‪ ،‬وُتَقاْم األلوية ‪-‬ألوية األنبياء‪-‬‬
‫لواء محمد صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬ولواء إبراهيم ‪ ،‬ولواء موسى إلى آخره ‪ ،‬ويتنوع الناس تحت اللواء بحسب أصنافهم ‪،‬‬
‫كل َش ْك ٍل إلى شكله ‪.‬‬

‫والظالمون والكفرة أيضًا ‪ُ :‬يْح َش ُروَن أزواجًا ‪ ،‬يعني متشابهين كما قال ‪ ( :‬اْح ُشُروا اَّلِذيَن َظ َلُموا َو َأْز َو اَج ُهْم َو َم ا َك اُنوا‬
‫َي ْع ُبُدوَن * ِمْن ُدوِن ِهَّللا ) الصافات‪ 23-22/‬؛ يعني بأزواجهم ‪ :‬أشكالهم وُنَظ َر اَء ُه ْم ‪ ،‬فُيْح َش ْر علماء المشركين مع علماء‬
‫المشركين ‪ ،‬وُيْح َش ْر الظلمة مع الظلمة ‪ ،‬وُيْح َش ْر منكرو البعث مع منكري البعث ‪ ،‬وهكذا ‪.‬‬

‫‪ُ - 10‬ثَّم بعد هذا َي ْض ِر ُب هللا ‪ -‬عز وجل ‪ -‬الُّظ لمة قبل جهنم والعياذ باهلل ‪ ،‬فيسير الناس بما ُيْع َط وَن من األنوار ‪ ،‬فتسير‬
‫هذه األمة وفيهم المنافقون ‪ُ ،‬ثَّم إذا ساروا على أنوارهم ُض ِر َب الُّس ور المعروف ( َف ُض ِر َب َب ْي َن ُهْم ِبُسوٍر َلُه َب اٌب َباِط ُنُه ِفيِه‬
‫الَّر ْح َم ُة َو َظ اِهُرُه ِمْن ِقَبِلِه اْلَع َذ اُب * ُيَناُد وَن ُهْم َأَلْم َن ُك ْن َمَع ُك ْم َق اُلوا َب َلى ) الحديد‪ .14-13/‬اآليات ؛ فُيْع ِط ْي هللا ‪ -‬عز وجل ‪-‬‬
‫المؤمنين النور ‪ ،‬فُيْبِص ُرون طريق الصراط ‪ ،‬وأما المنافقون فال ُيْع َط ون النور ‪ ،‬بل يكونون مع الكافرين يتهافتون في‬
‫النار ‪ ،‬يمشون وأمامهم جهنم والعياذ باهلل ‪.‬‬

‫‪ - 11‬ثم يأتي النبي صلى هللا عليه وسلم أوًال ويكون على الصراط ‪ ،‬ويسأل هللا ‪ -‬عز وجل ‪ -‬له وألمته فيقول ‪ ( :‬اللهم‬
‫سّلم سلم ‪ ،‬اللهم سّلم سلم ) ؛ َف َي ُمْر صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وَت ُمُّر أمته على الصراط ‪ُ ،‬ك ٌل يمر بقدر عمله ‪ ،‬ومعه نور أيضًا‬
‫بقدر عمله ‪ ،‬فيمضي َم ْن َغ َف َر هللا ‪ -‬عز وجل ‪ -‬له‪ ،‬ويسقط في النار ‪ ،‬في طبقة الموّح دين ‪ ،‬من شاء هللا ‪ -‬عز وجل ‪ -‬أن‬
‫ُيَع ذبه ‪.‬‬

‫ثم إذا انتهوا من النار ‪ :‬اجتمعوا في َع َر َص ات الجنة ‪ ،‬يعني في الّساحات التي أعدها هللا ‪ -‬عز وجل ‪ -‬ألن يْق َت َّص أهل‬
‫اإليمان بعضهم من بعض ‪ ،‬وُيْن َف ى الغل حتى يدخلوا الجنة وليس في قلوبهم غل ‪.‬‬
‫‪ - 12‬فيدخل الجنة أول األمر ‪ ،‬بعد النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬فقراء المهاجرين ‪ ،‬فقراء األنصار ‪ ،‬ثم فقراء األمة ‪،‬‬
‫وُيَؤ َّخ ر األغنياء ألجل الحساب الذي بينهم وبين الخلق ‪ ،‬وألجل محاسبتهم على ذلك " ‪.‬‬

‫"شرح الطحاوية" (ص ‪ )542‬بترقيم الشاملة ‪ /‬للشيخ صالح آل الشيخ ‪ ،‬بتصرف يسير‪.‬‬

‫قوله إذا خلص المؤمنون من النار أي نجوا من السقوط فيها بعدما جازوا على الصراط‬

‫وخرج من هذا صنفان من المؤمنين من دخل الجنة بغير حساب ; ومن أوبقه عمله‬

‫والناجي قد يكون عليه تبعات وله حسنات توازيها أو تزيد عليها فيؤخذ من حسناته ما يعدل تبعاته‬

‫فيخلص منها‬

‫حقوق العباد و حقوق هلل‬

‫قوله حتى إذا هذبوا ونقوا بضم الهاء وبضم النون وهما بمعنى التمييز والتخليص من التبعات‬

‫ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين‬

‫الحوض في اللغة يطلق ويراد به‪ :‬مجمع الماء‬

‫أما المراد بالحوض في الشرع‪ :‬فهو ما جاء به الخبر‪ ،‬من أن لنبينا محمد حوضا‪ ،‬ترد عليه أمته يوم القيام ة‪ ،‬جعل ه هللا غياث ا لهم‪،‬‬

‫( ‪)1‬‬
‫وإكراما لنبينا محمد صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫األحاديث الواردة في الحوض متواترة‪ ،‬ال شك في تواترها عند أهل العلم بأحاديث‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وقد رواها عن الرسول صلى هللا عليه وسلم أكثر من‬
‫خمسين صحابيًا‪،‬‬
‫حوض النبي صلى هللا عليه وسلم مسيرة شهر بالراكب المسرع كما بين أيلة في‬
‫الشام وصنعاء في اليمن‪ ,‬وعرضه كطوله يعنى مربعًا‪.‬‬
‫‪ -1‬فعن حارثة بن وهب رضي هللا عنه قال‪ :‬سمعت النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫وذكر الحوض فقال‪(( :‬كما بين المدينة وصنعاء))‬
‫( ‪)1‬‬

‫قلت‪ :‬يعني طول الحوض كما بين المدينة المنورة وصنعاء التي في اليمن‪.‬‬
‫فعن عبدهللا بن عمرو بن العاص رضي هللا عنهما أن النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫قال‪(( :‬حوضي مسيرة شهر‪ ،‬ماؤه أبيض من اللبن‪ ،‬وريحه أطيب من المسك)) ما‬
‫( ‪)1‬‬

‫أجمل ماءه‪ ،‬وما أطيب ريحه‪ ،‬وكيف ال؟ وقد أعده هللا تبارك وتعالى لحبيبه محمد‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫ولكن ما طعم هذا الماء الذي أعده هللا لنبيه صلى هللا عليه وسلم ؟‬
‫‪ -2‬فعن أبي ذر رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪(( :‬ماؤه أشد بياضًا‬
‫من اللبن‪ ,‬وأحلى من العسل)) ‪.‬‬
‫( ‪)2‬‬

‫‪ -3‬وعن أبي هريرة رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪(( :‬إن‬
‫حوضي أبعد من أيلة إلى عدن‪ ،‬لهو أشد بياضًا من الثلج‪ ,‬وأحلى من العسل باللبن‪,‬‬
‫وآلنيته كيزانه كنجوم السماء‪ :‬يعني في الكثرة وقيل في اللون يعني تضئ وتلمع‬
‫كنجوم السماء‪.‬أكثر من عدد النجوم‬

‫ومن مجموع تلك األحاديث يتبين لنا أن الحوض فيه كيزان كنج وم الس ماء‪ ,‬وفي ه آني ة كنج وم الس ماء‪ ,‬وفي ه أب اريق كع دد نج وم‬

‫السماء‪ ,‬وفيه أكواب كنجوم السماء‪ ,‬كل هذا في حوض نبين ا ص لى هللا علي ه وس لم‪ ,‬أعط اه هللا إي اه فض ًال من ه ونعم ة وش رفًا ل ه‬

‫( ‪)9‬‬
‫وكرامة‬
‫فإن لكل نبي حوض كما في الحديث‪(( :‬إن لكل نبي حوضًا‪ ،‬وأنهم يتباهون أيهم‬
‫أكثر واردة‪ ،‬وإني ألرجو أن أكون أكثرهم واردة)) ‪.‬‬
‫( ‪)1‬‬

‫وأحواض األنبياء متفاضلة‪ ،‬وأفضلها حوض النبي صلى هللا عليه وسلم فهو أكثرهم‬
‫واردًا‪ ،‬وقد جاء في صفته أنه مسيرة شهر‪ ,‬وأن زواياه سواء‪ ,‬وأن ماءه أبيض من‬
‫اللبن‪ ,‬وريحه أطيب من المسك‪ ،‬وكيزانه كنجوم الماء من شرب منه لم يظمأ أبدًا‬
‫(‬

‫‪ .‬وماء حوض نبيًا صلى هللا عليه وسلم ((يشخب فيه ميزابان من الجنة))‬ ‫‪)2‬‬

‫يطلق الكوثر في اللغة على عدة معان دائرة حول الكثرة و االتساع‪ ،‬و من تعريفات‬
‫أهل اللغة له ما قاله األزهري‪ :‬الكوثر فوعل من الكثرة‪ ،‬و معناه الخير الكثير ‪.‬‬
‫( ‪)1‬‬

‫نهر في الجنة‪ ،‬أعطاه هللا نبيه محمد صلى هللا عليه وسلم زيادة في إكرامه ولطفه به‬
‫وبأمته‪ .‬وهو متصل بالحوض الذي هو في الموقف‬
‫فسر الرسول صلى هللا عليه وسلم الكوثر بأنه‪ :‬نهر في الجنة من أنهارها‪ ،‬وأخبر‬
‫عن الحوض بما يدل على أنه في الموقف في عرصات القيامة‪ ،‬و أخبر عن وجه‬
‫االتصال بينهما بأن ذلك يتم بواسطة ميزابين يجريان من الكوثر إلى الحوض‬
‫( إني فرط لكم ) الفرط هو الذي يتقدم ويسبق القوم ليرتاد لهم الماء ‪ ,‬ويهيئ لهم الدالء واألرشية ‪.‬‬

You might also like