Professional Documents
Culture Documents
الصراط
الصراط
-1الطريق ،وذلك في قولهَ :و َال َت ْق ُع ُدوْا ِبُك ِّل ِص َر اٍط [ األعراف .]86 :يعني بكل طريق.
-2الدين وذلك في قوله :اهِد َن ا الِّص َر اَط الُم سَت ِقيَم [ الفاتحة ]6 :يعني الدين المستقيم.
ومدحضة أي :محل ميل الشخص ،وهما بفتح الميم ومعناهما متقاربان.
قوله :خطاطيف جمع خطاف بالضم وهو الحديدة المعوجة كالكلوب يختطف بها الشيء،
قوله :كالليب جمع كلوب بفتح الكاف وهو حديدة معطوفة الرأس يعلق عليها اللحم
وقوله :حسكة :بفتحات وهي شوكة صلبة معروفة وقال صاحب التهذيب .الحسك نبات له ثمر خشن يتعلق بأصواف الغنم,
وربما اتخذ مثله من حديد وهو من آالت الحرب.
عقيفاء :معوجة
قال الزين بن المنير( :تشبيه الكالليب بشوك السعدان خاص بسرعة اختطافها وكثرة االنتشاب فيها مع التحرز والتصون
تمثيًال لهم بما عرفوه في الدنيا وألفوه بالمباشرة ).اهـ .ذكره الحافظ في (الفتح)(.)11/453
الصراط مثل حد الموسى أو حد السيف :قلت :كما في حديث سلمان رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم:
((ويوضح الصراط مثل حد الموسى ،فتقول المالئكة :من يجيز على هذا؟ فيقول :من شئت من خلقي :فيقولون :ما عبدناك
حق عبادتك)
ونؤمن بالصراط ،وهو جسر على جهنم ،إذا انتهى الناس بعد مفارقتهم الموقف إلى الظلمة التي دون الصراط ،كما قالت
عائشة رضي هللا عنها(( :إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم سئل :أين الناس يوم تبدل األرض غير األرض والسماوات؟
فقال :هم في الظلمة دون الجسر)
كيفية المرور
يعطي هللا كل إنسان نورًا على قدر عمله يتبعه على الصراط
انطفاء نور المنافقين :في هذا الموقف الرهيب حيث تجد أن الذعر والخوف قد استحوذ على الناس ،كلهم يريد النجاة
بحشاشة نفسه من الكالليب ,والخطاطيف ,فإذا نور المنافقين يطفأ كما في حديث جابر عند مسلم ((( )5ويعطى كل إنسان
منهم منافق أو مؤمن نورًا .ثم يتبعونه وعلى جسر جهنم كالليب وحسك تأخذ من شاء هللا ,ثم يطفأ نور المنافقين .ثم ينجو
المؤمنون)).
اختالف سرعة الناس في المرور على الصراط :تختلف سرعة الناس في المرور على الصراط وذلك باختالف قوة النور
الذي يعطى لهم على قدر أعمالهم
المبحث الخامس :الذين يمُّر ون على الّص راط هم المؤمنون دون المشركين
دلت األحاديث التي سقناها على أن األمم الكافرة تتبع ما كانت تعبد من آلهة باطلة ،فتسير تلك اآللهة بالعابدين ،حتى تهوي
بهم في النار ،ثم يبقى بعد ذلك المؤمنون وفيهم المنافقون ،وعصاة المؤمنين ،وهؤالء هم الذين ينصب لهم الصراط .ولم
أر في كتب أهل العلم من تنبه إلى ما قررناه من أن الصراط إنما يكون للمؤمنين دون غيرهم من الكفرة المشركين
والملحدين غير ابن رجب الحنبلي رحمه هللا تعالى ،فإنه قال :في كتابه (التخويف من النار) :واعلم أن الناس منقسمون إلى
مؤمن يعبد هللا وحده ال يشرك به شيئًا ،ومشرك يعبد مع هللا غيره ،فأما المشركون ،فإنهم ال يمرون على الصراط ،وإنما
يقعون في النار قبل وضع الصراط.
الرسول صلى هللا عليه وسلم ثم أمته أول من يجيز الصراط :يدل على ذلك حديث أبي هريرة رضي هللا عنه المتفق عليه
الذي فيه يقول النبي صلى هللا عليه وسلم(( :ويضرب السراط بين ظهري جهنم ,فأكون أنا وأمتي أول من يجيزها)) (
( . )1وهذا لفظ البخاري).
قلت :ورواية أبي هريرة رضي هللا عنه عند مسلم توضح مكان النبي صلى هللا عليه وسلم إلى أن تمر أمته كلها – وهو
على الصراط صلى هللا عليه وسلم وذلك لقوله صلى هللا عليه وسلم فيها بعد أن ذكر صفات الذين يمرون على الصراط:
((ونبيكم قائم على الصراط يقول :رب سلم سلم)) (. )3
ال ابن أبي جمرة معلقًا على حديث البخاري( :يؤخذ منه أن المارين على الصراط ثالثة أصناف -1 :ناج بال خدش-2 .
وهالك من أول وهلة -3 .ومتوسط بينهما يصاب ثم ينجو .وكل قسم منها ينقسم أقسامًا تعرف بقوله( :بقدر أعمالهم))
اهـ (. )4
والمؤمنون يتفاضلون في المرور على الصراط ،وهم في ذلك ثالثة أصناف كما أخبر النبي صلى هللا عليه وسلم(( :فناج
مسلم ,وناج مخدوش ،ومكدوس في نار جهنم)) (. )1
-2مطروحون ساقطون في جهنم ال يتمون المرور على الصراط ،فإذا عوقبوا على معاصيهم أخرجوا من النار إلى
الجنة ،وقد ورد إجمالهم في هذين الصنفين عن النبي صلى هللا عليه وسلم في رواية إذ قال(( :فمنهم من يوبق بعمله,
ومنهم من يخردل ثم ينجو)
لقنطرة تطلق في اللغة على الجسر كما قال صاحب اللسان ،وقد ذكر العيني في شرح البخاري عند الكالم على حديث
البخاري السابق أن ابن التين قال :القنطرة كل شيء ينصب على عين أو واد ،وذكر أن القرطبي سماها الصراط الثاني.
وقال ابن حجر في الفتح :الذي يظهر أنها طرف الصراط مما يلي الجنة ،ويحتمل أن تكون في غيره بين الصراط والجنة.
الذي يقتضي الدليل رجحانه أن القنطرة جسر بين الجنة والنار ال عالقة له بالصراط كما هو ظاهر حديث أبي سعيد
الخدري رضي هللا عنه ،وظاهره يدل أيضًا على أن المؤمنين خلصوا أي فرغوا وانتهوا من المرور على الصراط كما
قال الحافظ( :قوله(( :إذا خلص المؤمنون من النار)) :أي نجوا من السقوط فيها بعد ما جازوا على الصراط)
قلت :فهذا الحديث نص صريح في أن معنى خلصوا هو انتهاء الناس من المرور على الصراط ،وبذلك نعلم أن القنطرة
ليست تتمة للصراط ،والعلم عند هللا تعالى)9( .
ترتيب ما يحصل يوم القيامة كالتالي :
- 1إذا ُبعث الناس وقاموا من قبورهم ذهبوا إلى أرض المحشر ،ثم يقومون في أرض المحشر قيامًا طويال ،تشتد معه
حالهم وظمُؤ ُهم ،ويخافون في ذلك خوفًا شديدًا ؛ ألجل طول المقام ،ويقينهم بالحساب ،وما سُيجري هللا -عز وجل –
عليهم .
- 2فإذا طال الُمقام َر َف َع هللا -عز وجل -لنبيه صلى هللا عليه وسلم أوًال حوضه المورود ،فيكون حوض النبي صلى هللا
عليه وسلم في عرصات القيامة ،إذا اشتد قيامهم لرب العالمين ،في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة .
فمن مات على سّنته ،غير ًمَغ ِّي ٍر وال ُمْح ِدٍث وال ُم َب ِّدْل َ :و َر َد عليه الحوض ،وُس ِقَي منه ،فيكوُن أول األمان له أن يكون
َم ْس ِقَي ًا من حوض نبينا صلى هللا عليه وسلم ،ثم بعدها ُيْر َف ُع لكل نبي حوضه ،فُيْس َق ى منه صالح أمته .
- 3ثم يقوم الناس ُمقامًا طويًال ،ثم تكون الشفاعة العظمى -شفاعة النبي صلى هللا عليه وسلم -بأن ُيَع ِّج َل هللا -عز وجل
-حساب الخالئق ،في الحديث الطويل المعروف :أنهم يسألونها آدم ثم نوحًا ثم إبراهيم ،إلى آخره ،فيأتون إلى النبي
صلى هللا عليه وسلم ويقولون له :يا محمد ،ويِص ُفوَن له الحال ،وأن يقي الناس الشدة بسرعة الحساب ،فيقول صلى هللا
عليه وسلم بعد طلبهم اشفع لنا عند ربك ،يقول ( أنا لها ،أنا لها ) ،فيأتي عند العرش ،فيخر فيحمد هللا -عز وجل -
بمحامد يفتحها هللا -عز وجل -عليه ،ثم يقال :يا محمد ارفع رأسك ،وسل ُتْع َط واْش َف ْع ُتَشَّفْع ،فتكون شفاعته العظمى في
تعجيل الحساب .
- 6وبعد الحساب األول تتطاير الصحف ،والحساب األول من ضمن العرض ؛ ألنه فيه جدال ومعاذير ُ ،ثَّم بعد ذلك
تتطاير الصحف ،وُيْؤ َت ى أهل اليمين كتابهم باليمين ،وأهل الشمال كتابهم بشمالهم ،فيكون قراءة الكتاب .
- 7ثم بعد قراءة الكتاب :يكون هناك حساب أيضًا لقطع المعذرة ،وقيام الحجة بقراءة ما في الكتب .
- 9ثم بعد الميزان ينقسم الناس إلى طوائف وأزواج ؛ أزواج بمعنى كل شكل إلى شكله ،وُتَقاْم األلوية -ألوية األنبياء-
لواء محمد صلى هللا عليه وسلم ،ولواء إبراهيم ،ولواء موسى إلى آخره ،ويتنوع الناس تحت اللواء بحسب أصنافهم ،
كل َش ْك ٍل إلى شكله .
والظالمون والكفرة أيضًا ُ :يْح َش ُروَن أزواجًا ،يعني متشابهين كما قال ( :اْح ُشُروا اَّلِذيَن َظ َلُموا َو َأْز َو اَج ُهْم َو َم ا َك اُنوا
َي ْع ُبُدوَن * ِمْن ُدوِن ِهَّللا ) الصافات 23-22/؛ يعني بأزواجهم :أشكالهم وُنَظ َر اَء ُه ْم ،فُيْح َش ْر علماء المشركين مع علماء
المشركين ،وُيْح َش ْر الظلمة مع الظلمة ،وُيْح َش ْر منكرو البعث مع منكري البعث ،وهكذا .
ُ - 10ثَّم بعد هذا َي ْض ِر ُب هللا -عز وجل -الُّظ لمة قبل جهنم والعياذ باهلل ،فيسير الناس بما ُيْع َط وَن من األنوار ،فتسير
هذه األمة وفيهم المنافقون ُ ،ثَّم إذا ساروا على أنوارهم ُض ِر َب الُّس ور المعروف ( َف ُض ِر َب َب ْي َن ُهْم ِبُسوٍر َلُه َب اٌب َباِط ُنُه ِفيِه
الَّر ْح َم ُة َو َظ اِهُرُه ِمْن ِقَبِلِه اْلَع َذ اُب * ُيَناُد وَن ُهْم َأَلْم َن ُك ْن َمَع ُك ْم َق اُلوا َب َلى ) الحديد .14-13/اآليات ؛ فُيْع ِط ْي هللا -عز وجل -
المؤمنين النور ،فُيْبِص ُرون طريق الصراط ،وأما المنافقون فال ُيْع َط ون النور ،بل يكونون مع الكافرين يتهافتون في
النار ،يمشون وأمامهم جهنم والعياذ باهلل .
- 11ثم يأتي النبي صلى هللا عليه وسلم أوًال ويكون على الصراط ،ويسأل هللا -عز وجل -له وألمته فيقول ( :اللهم
سّلم سلم ،اللهم سّلم سلم ) ؛ َف َي ُمْر صلى هللا عليه وسلم ،وَت ُمُّر أمته على الصراط ُ ،ك ٌل يمر بقدر عمله ،ومعه نور أيضًا
بقدر عمله ،فيمضي َم ْن َغ َف َر هللا -عز وجل -له ،ويسقط في النار ،في طبقة الموّح دين ،من شاء هللا -عز وجل -أن
ُيَع ذبه .
ثم إذا انتهوا من النار :اجتمعوا في َع َر َص ات الجنة ،يعني في الّساحات التي أعدها هللا -عز وجل -ألن يْق َت َّص أهل
اإليمان بعضهم من بعض ،وُيْن َف ى الغل حتى يدخلوا الجنة وليس في قلوبهم غل .
- 12فيدخل الجنة أول األمر ،بعد النبي صلى هللا عليه وسلم :فقراء المهاجرين ،فقراء األنصار ،ثم فقراء األمة ،
وُيَؤ َّخ ر األغنياء ألجل الحساب الذي بينهم وبين الخلق ،وألجل محاسبتهم على ذلك " .
قوله إذا خلص المؤمنون من النار أي نجوا من السقوط فيها بعدما جازوا على الصراط
وخرج من هذا صنفان من المؤمنين من دخل الجنة بغير حساب ; ومن أوبقه عمله
والناجي قد يكون عليه تبعات وله حسنات توازيها أو تزيد عليها فيؤخذ من حسناته ما يعدل تبعاته
فيخلص منها
قوله حتى إذا هذبوا ونقوا بضم الهاء وبضم النون وهما بمعنى التمييز والتخليص من التبعات
أما المراد بالحوض في الشرع :فهو ما جاء به الخبر ،من أن لنبينا محمد حوضا ،ترد عليه أمته يوم القيام ة ،جعل ه هللا غياث ا لهم،
( )1
وإكراما لنبينا محمد صلى هللا عليه وسلم .
األحاديث الواردة في الحوض متواترة ،ال شك في تواترها عند أهل العلم بأحاديث
الرسول صلى هللا عليه وسلم ،وقد رواها عن الرسول صلى هللا عليه وسلم أكثر من
خمسين صحابيًا،
حوض النبي صلى هللا عليه وسلم مسيرة شهر بالراكب المسرع كما بين أيلة في
الشام وصنعاء في اليمن ,وعرضه كطوله يعنى مربعًا.
-1فعن حارثة بن وهب رضي هللا عنه قال :سمعت النبي صلى هللا عليه وسلم
وذكر الحوض فقال(( :كما بين المدينة وصنعاء))
( )1
قلت :يعني طول الحوض كما بين المدينة المنورة وصنعاء التي في اليمن.
فعن عبدهللا بن عمرو بن العاص رضي هللا عنهما أن النبي صلى هللا عليه وسلم
قال(( :حوضي مسيرة شهر ،ماؤه أبيض من اللبن ،وريحه أطيب من المسك)) ما
( )1
أجمل ماءه ،وما أطيب ريحه ،وكيف ال؟ وقد أعده هللا تبارك وتعالى لحبيبه محمد
صلى هللا عليه وسلم.
ولكن ما طعم هذا الماء الذي أعده هللا لنبيه صلى هللا عليه وسلم ؟
-2فعن أبي ذر رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال(( :ماؤه أشد بياضًا
من اللبن ,وأحلى من العسل)) .
( )2
-3وعن أبي هريرة رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال(( :إن
حوضي أبعد من أيلة إلى عدن ،لهو أشد بياضًا من الثلج ,وأحلى من العسل باللبن,
وآلنيته كيزانه كنجوم السماء :يعني في الكثرة وقيل في اللون يعني تضئ وتلمع
كنجوم السماء.أكثر من عدد النجوم
ومن مجموع تلك األحاديث يتبين لنا أن الحوض فيه كيزان كنج وم الس ماء ,وفي ه آني ة كنج وم الس ماء ,وفي ه أب اريق كع دد نج وم
السماء ,وفيه أكواب كنجوم السماء ,كل هذا في حوض نبين ا ص لى هللا علي ه وس لم ,أعط اه هللا إي اه فض ًال من ه ونعم ة وش رفًا ل ه
( )9
وكرامة
فإن لكل نبي حوض كما في الحديث(( :إن لكل نبي حوضًا ،وأنهم يتباهون أيهم
أكثر واردة ،وإني ألرجو أن أكون أكثرهم واردة)) .
( )1
وأحواض األنبياء متفاضلة ،وأفضلها حوض النبي صلى هللا عليه وسلم فهو أكثرهم
واردًا ،وقد جاء في صفته أنه مسيرة شهر ,وأن زواياه سواء ,وأن ماءه أبيض من
اللبن ,وريحه أطيب من المسك ،وكيزانه كنجوم الماء من شرب منه لم يظمأ أبدًا
(
.وماء حوض نبيًا صلى هللا عليه وسلم ((يشخب فيه ميزابان من الجنة)) )2
يطلق الكوثر في اللغة على عدة معان دائرة حول الكثرة و االتساع ،و من تعريفات
أهل اللغة له ما قاله األزهري :الكوثر فوعل من الكثرة ،و معناه الخير الكثير .
( )1
نهر في الجنة ،أعطاه هللا نبيه محمد صلى هللا عليه وسلم زيادة في إكرامه ولطفه به
وبأمته .وهو متصل بالحوض الذي هو في الموقف
فسر الرسول صلى هللا عليه وسلم الكوثر بأنه :نهر في الجنة من أنهارها ،وأخبر
عن الحوض بما يدل على أنه في الموقف في عرصات القيامة ،و أخبر عن وجه
االتصال بينهما بأن ذلك يتم بواسطة ميزابين يجريان من الكوثر إلى الحوض
( إني فرط لكم ) الفرط هو الذي يتقدم ويسبق القوم ليرتاد لهم الماء ,ويهيئ لهم الدالء واألرشية .