Professional Documents
Culture Documents
الفصل الأول ، النظام الروماني الجرماني
الفصل الأول ، النظام الروماني الجرماني
الفصل الأول ، النظام الروماني الجرماني
ويسمى ىذا النظام أو الشريعة ،بالعائمة الرومانية الجرمانية ،ألنيا تضم مجموعتين من القوانين :المجموعة الالتينية
(الرومانية) وتتمثل في القانون المدني الفرنسي وغيره من القوانين واألنظمة المستمدة منو كما ىو الشأن في إسبانيا
والبرتغال وايطاليا ومستعمراتيا ،وغيرىا من الدول كالصين واليابان وبعض دول أمريكا الالتينية.
والمجموعة الجرمانية وتتمثل في القانون األلماني واألنظمة المستمدة منو كما ىو الشأن في النمسا والمجر .وسنتطرق
في ىذا الفصل إلى البناء القانوني لو ثم إلى مصادر القانون ثم إلى األيديولوجية التي يقوم عمييا النظام الروماني
يعد ىذا النظام القانوني الكبير األكثر انتشا ار من بين األنظمة القانونية الكبرى لميزاتو من حيث تكوينو التاريخي
إن التأسيس العممي لمقانون الروماني الجرماني كان بظيور حركة نيضة الجامعات ،التي حاولت إحياءه
معتمدة عمى طريقة الشرح عمى المتون والتي طورت فيما بعد من قبل المدرسة التي تعتمد طريقة الحواشي ( ،وتيتم
ىذه الطريقة بتفسير المعنى األساسي لمنص عن طريق وضع ىوامش (حواشي)) .
ثم أضيفت دراسات جديدة كالقانون التجاري والقانون الدولي الخاص ،حيث تأثر القانون الروماني بالقانون الكنيسي،
ومن بين األحكام التي استمدىا ىذا النظام ،من قانون الكنيسة حكم األخذ بالظروف المستجدة التي تجيز تعديل العقد،
ثم ظيرت مدرسة القانون الطبيعي في القرن السابع عشر والتي نادت إلى قانون عالمي مشترك ،مما ميد إلى ظيور
التشريع من خالل الدعوى إلى تقنين القانون النموذجي العقمي لمجامعات ،وبو بدأت مرحمة التشريع.
1
المطمب الثاني :الهيكل القانوني لمنظام الروماني الجرماني.
عمى الرغم من تطور القانون الروماني الجرماني بصورة مستقمة في كل دولة ،إال أنو ظمت والزالت المبادئ العامة
ليذا النظام الكبير مشتركة ومتشابية بين قوانين دول ىذه المجموعة ويمكن إجماليا فيما يمي:
تشترك وتتفق كل قوانين الدول المستمدة من ىذه الشريعة أو النظام ،في تقسيم القانون إلى قانون عام يضم
مجموعة من الفروع من بينيا القانون الدستوري دستوري ،الجنائي ،اإلداري ،وقانون خاص يضم كذلك مجموعة من
ويترتب عمى ىذا التقسيم الثنائي لمقوانين ،وجود نوعين من المحاكم محاكم عادية وأخرى إدارية ،كما تشترك
قوانين ىذه العائمة في األصول القانونية والتاريخية لممبادئ الكبرى كالنظرية العامة لاللتزامات ،حقوق التقاضي.
وفي الوقت نفسو توجد اختالفات بين قوانين ىذه الدول نظ ار لخصوصية وطبيعة عادات وتقاليد كل مجتمع ،كما
تتفق قوانين الدول المستمدة من ىذا النظام في المفاىيم ،خاصة مفيوم القانون ووظيفتو ،بأنو مجموعة قواعد قانونية
تنظم المجتمع ،ووظيفتو ىو ردع كل مخالف لمقانون ،كما أن القانون يكرس مبدأ مساواة الجميع أمام القانون.
تتميز القاعدة القانونية في ىذا النظام بأنيا تقوم عمى صفة التجريد والعموم وأنيا قاعدة سموك اجتماعي قبل
كل شيء ،وأنيا ممزمة وتقترن بجزاء وىي توضع مقدما لتطبيق عمى وقائع الحقة.
إن القاعدة القانونية في ىذه الشريعة ( النظام الروماني الجرماني) تربط بين الفكر النظري والتطبيق العممي لما
يمجأ إلييا القاضي ويستخمص التطبيق السميم لمقانون ،وتقسم القاعدة القانونية إلى أنواع كثيرة من بينيا القاعدة العامة
2
غير أن التقسيم األكثر شيوعا ىو الذي يرتبط بدرجة إلزام وقوة القاعدة القانونية وىو تقسيميا إلى قاعدة آمرة
وقاعدة مكممة ،وتكمن خصوصية القاعدة القانونية في تميزىا عن باقي القواعد األخرى ،في اقتران اإللزام فييا بالجزاء
ألنيا تتضمن نييا عن فعل يمنعو القانون أو تأمر بالقيام بفعل يوجبو القانون.
ومن خصائص القاعدة القانونية أيضا أنيا مرنة ألنيا قابمة لمتعديل والتغيير ،وأحيانا لإللغاء إذا كانت غير
قادرة عمى مواكبة التطور القانوني لممجتمع ،ويحكميا في ذلك مبدأ قانوني ىو "مبدأ تدرج القوانين" حيث أن القاعدة
القانونية األعمى تعدل وتمغى بقاعدة تماثميا ،والقاعدة األقل منيا درجة كذلك تعدل وتمغى بقاعد تماثميا أو قاعدة أعمى
كما أن تطبيق القاعدة القانونية يرتبط بنطاق القانون من حيث األشخاص والزمان والمكان.
تتعدد و تتنوع مصادر القانون في ىذا النظام وىي التشريع ،العرف والقضاء والفقو.
يقصد بالتشريع القاعدة القانونية المكتوبة الصادرة عن السمطة المختصة ويشمل بمعناه الواسع الدساتير،
القوانين ،المراسيم واألنظمة التي تصدرىا السمطة اإلدارية بتفويض من القانون ،يحتل التشريع الصدارة في ىرم
المصادر القانونية ويخضع لمبدأ سمو القوانين وسبب ىذه المكانة ىو حركة التقنين وضرورة تنظيم العالقات في
أما بالنسبة لمصياغة القانونية لمتشريع فيوجد اتجاىات في ىذا النظام ،األول يدعو لصياغة النصوص القانونية
بأسموب سيل بسيط وىذا ما تبناه المشرع الفرنسي والسويسري أما االتجاه الثاني يدعو لصياغة تشريعية فنية دقيقة،
3
المطمب الثاني :العرف.
إن أىمية العرف كقانون غير مكتوب تختمف داخل ىذه المجموعة من دولة إلى أخرى ،فالفقو األلماني يعطي لو أىمية
كبيرة تقترب من مكانة التشريع ،غير أ نو ال يحظى بنفس األىمية في الفقو الفرنسي الذي يعتبر دوره قد تراجع أو نقص
وعمى الرغم من ىذا الخالف الفقيي ما زال العرف يتمتع بمكانة ىامة ضمن مصادر القانون إذ يفرق بين
العرف المساعد لمتشريع والعرف المكمل لو والعرف المخالف لمتشريع ،وقد اعترفت القوانين العربية الحديثة بدور العرف
ضمن مصادر القانون مع اختالف في المكانة أي تقديم العرف عمى الشريعة اإلسالمية في بعض الدول.
يختمف مركز العرف باختالف القوانين بحيث يمثل دو ار ميما في القانون التجاري والقانون الدولي العام
ويتقمص دوره في قوانين أخرى كالقانون المدني وقانون األحوال الشخصية وينعدم دوره في القانون الجنائي.
االجتياد القضائي ىو مجموعة األحكام التي تصدرىا السمطة القضائية بمختمف محاكميا ،وحيث أن السمطة
القضائية مستقمة عن السمطة التشريعية فإن القاضي يقتصر دوره عمى تطبيق القانون وعميو يعد القضاء مصد ار ثانويا
غير أ نو أحيانا ونظ ار لغموض القاعدة القانونية وعجزىا عن تقديم الحل القانوني العادل يمجأ القاضي عمى
توسيع تفسيره لنطاق القاعدة القانونية فيل يعتبر ىذا إنشاء لقاعدة قانونية جديدة ليا نفس مرتبة وحجية لقاعدة
المشرع؟.
األول ،يعتبر أن ما يصدره القاضي من مبادئ وحمول قانونية ،وىو بصدد تفسير قاعدة قانونية غامضة يعتبر من
قبيل القواعد القانونية التي تجعل من القضاء مصد ار لمقانون ،ألن دور القاضي حسب اعتقادىم ليس تطبيق القانون
وتفسيره فقط بل يصل إلى درجة وضع القاعدة القانونية ،طالما أنو يقوم عمى التفسير الواسع الذي يستوعب حاالت
4
جديدة لم ينص عمييا المشرع ،وىذا الرأي لم يمق استحسانا كبي ار ألنو يمس بجوىر وظيفة القاصي وىو تطبيق القانون
وليس انشاؤه.
أما ال أري الثاني ،يرفض فكرة خمق القاضي لمقانون وىو الرأي الراجح ويبرر ذلك أن الوظيفة األساسية لمقاضي ىي
تطبيق القانون وأنو لما يفسر القانون ويوسع من تطبيقو فيو ال ينشأ بذلك قاعدة قانونية جديدة ،وانما يكشف عمى
القانون معتمدا عمى المبادئ العامة التي يعتمد عمييا النظام القانوني السائد.
وما يمكن قولو أنو ميما توسع القاضي في تفسير التشريع فإن دوره ال يرقى إلى دور المشرع في ىذا النظام
وبالتالي فالقاعدة التي يقرىا القاضي تختمف عن القاعدة التي يضعيا المشرع من ناحيتين:
-1أن قاعدة المشرع ذات طابع عام ومجرد أما قاعدة القاضي فتقتصر عمى واقعة معينة (حل خاص) لذلك فالقواعد
-2أن قاعدة المشرع إلزامية لمكافة أما قاعدة القاضي فال تمزم إال الطرفين المذين صدر الحكم بشأنيما.
إن القاضي في ىذا النظام ال يتقيد بالسابقة القضائية التي صدرت عنو أو عن غيره من القضاة ،فإن طبقيا فيكون
ذلك من باب التكرار ال من باب اإللزام إال في حالة واحدة عندما تنقض المحكمة العميا الحكم المطعون فيو وتعيده إلى
المحكمة التي أصدرتو لمحكم فيو من جديد ،وليذه المحكمة إما أن تتبع النقض أو تخالفو ،فإن خالفتو عادت القضية
مرة ثانية إلى المحكمة العميا وعندئذ تنعقد المحكمة بكل ىيئاتيا و ما تخمص إليو من رأي فيو ممزم لممحكمة التي
كما يمكن لممحكمة العميا أن تنعقد بكامل ىيئاتيا إذا أرادت إحدى الغرف أن تتراجع عن اجتياد سابق ليا.
واذا كانت غاية المحكمة العميا ىي توحيد االجتياد القضائي ،عمى األقل في المسائل المختمف فييا فإن جميع
السوابق تتمتع بحجية عامة عندما تعمل المحاكم الدنيا عمى إتباعيا من أجل أن تتوقى نقض بعض أحكاميا ،في
حين نجد بعض قوانين الدول التي تنتمي إلى ىذا النظام ،جعمت لمسوابق القضائية الصادرة عن المحكمة العميا قوى
ويخضع النظام القضائي في ىذه العائمة لفكرة التدرج القضائي (درجة التقاضي) حيث ىناك محاكم ومجالس
ومحاكم عميا عمى مستوى ال قضاء العادي وعمى مستوى القضاء اإلداري محاكم إدارية ومجالس الدولة والقاسم المشترك
بينيما محكمة التنازع ،وىمما مستقمين عن بعضيما البعض مثمما ىو الحال في فرنسا ،بولندا ،النمسا ،الجزائر ،وتعرف
دول أخرى نظام الغرف اإلدارية كسويس ار إسبانيا ،بمجيكا ،ودول أخرى تبنت أسموبا خاصا جعمت القضاء اإلداري
استثنائي تابعا لمقضاء العادي ومدرجا في القانون الخاص ،مثل الب ارزيل والدنمارك .
ومن حيث االختصاص القضائي يوجد العديد من التجارب ،مثل النمط الفرنسي الذي يأخذ بالفصل بين
االختصاص العادي واإلداري أما النمط البمجيكي يأخذ بالتوحيد من الناحية الشكمية وباالزدواجية في التطبيق.
و بالنسبة ألسموب صياغة األحكام القضائية يوجد أسموبان ،أما األسموب الفرنسي يكون الحكم متكون من
حيثيات عديدة ومنطوق موجز جدا كما ىو الحال في فرنسا الجزائر ،بمجيكا وغيرىا.
وأما األسموب األلماني فيو يمتاز بالتجريد المطول واإلنشائي ،حيث يتضمن الحكم مراجع وأحكام سابقة وشرح
بإسياب لتأسيس القرار وأسباب إصداره وىو سائد في إيطاليا ،سويس ار واليابان.
اعتبر الفقو لمدة طويمة في قوانين دول ىذا النظام مصد ار ميما لمقانون ،ولم يتقدم التشريع عنو إال مؤخ ار لما
سادت األفكار الديمقراطية وقامت حركة التقنين والتدوين ،السيما أن كل المبادئ القانونية مبنية في أساسيا عمى
النظريات الفقيية ،ويمثل الفقو دو ار كبي ار في تطوير القانون عن طريق شرح القواعد القانونية وتقييد النتائج المترتبة
عنيا من خالل مذىب التفسير النقدي ،مما يميد الطريق لممشرع إلى انشاء قواعد قانونية جديدة أو تعديل القوانين
مستعينا بالدراسات القانونية المقارنة ويعد الفقو كالقضاء مصد ار تفسيريا لمقانون.
6
المبحث الثالث :األيديولوجية التي يقوم عميها النظام الروماني الجرماني.
إن أيديولوجية دول ىذه العائمة تقوم عمى المذىب الفردي ،الذي يعتبر الفرد أساس المجتمع من خالل تكريس
مبادئ معينة "المبدأ القانوني حرية التعاقد" "الممكية الخاصة مبدأ قانوني واقتصادي" "حرية الصناعة والتجارة مبدأ
اقتصادي" كل ىذه الدعائم األساسية ،يرجع الفضل إلى القانون الروماني والقانون الطبيعي والنظام الرأسمالي وأفكار
الثورة الفرنسية وما أرست من حقوق اإلنسان والمواطن ،في تكريسيا من خالل تشجيع المبادرة الفردية في كل
المجاالت ،السيما المجال السياسي حيث يعد الفرد محور النظام السياسي وأن السمطة في خدمة الفرد عمى الرغم من
7