Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 4

‫بيع الربا يف احلديد و الرصاص‬

‫‪ :‬سبب االختالف‬

‫‪:‬اختالف العلماء يف علة الربا يف الذهب والفضة‬

‫‪ :‬القول االول‬

‫العلة هي الوزن مع اجلنس‪ .‬فيجري الربا يف كل موزون من جنس‪ ،‬كاحلديد والرصاص‪ ،‬والزنك‪ ،‬والذهب‪ ،‬والفضة‪ ،‬واللحم‪ .‬وهذا مذهب‬
‫احلنفية‪ ،‬واحلنابلة‬

‫‪ :‬القول الثاين‬

‫‪.‬العلة هي غلبة الثمنية‪ ،‬أي كوهنما جنس األمثان غالًبا‪ ،‬وبعضهم يعرب جبوهرية األمثان‪ ،‬وهذه علة قاصرة ال تتعدامها‪ .‬وهذا مذهب مالك‪ ،‬والشافعي‬

‫‪ :‬القول الثالث‬

‫العلة مطلق الثمنية‪ ،‬فكل ما كان مثًنا فإنه جيري فيه الربا‪ ،‬وهو رواية عن مالك‪ ،‬وأمحد يف غري املشهور عنهما‬

‫‪:‬دليل من قال‪ :‬العلة اجلنس مع الوزن‬

‫‪:‬الدليل األول‬

‫‪.‬ما رواه البخاري‪ ،‬حدثنا عبد اهلل بن يوسف‪ ،‬أخربنا مالك‪ ،‬عن عبد اجمليد بن سهيل بن عبد الرمحن بن عوف‪ ،‬عن سعيد بن املسيب )ح‪(٧١٨-‬‬

‫عن أيب سعيد اخلدري وأيب هريرة ﵄‪ ،‬أن رسول اهلل ﷺ استعمل رجاًل على خيرب‪ ،‬فجاءهم بتمر جنيب‪ ،‬فقال‪ :‬أكل متر خيرب هكذا؟ فقال‪:‬‬
‫‪ 1.‬إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعني‪ ،‬والصاعني بالثالثة فقال‪ :‬ال تفعل‪ ،‬بع اجلمع بالدراهم‪ ،‬مث ابتع بالدراهم جنيًبا‪ ،‬وقال يف امليزان مثل ذلك‬

‫‪:‬وجه االستدالل‬

‫‪.2‬فقوله (وقال يف امليزان) يعين‪ :‬املوزون‪ ،‬ألن نفس امليزان ليس من أموال الربا‪ ،‬فهذا دليل على أن كل موزون جيري فيه الربا‬

‫‪ :‬وأجيب‬

‫‪:‬اجلواب االول‬

‫أن قوله (وكذلك امليزان) أي عند بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة فال بد من التساوي باملعيار الشرعي وهو امليزان‪ ،‬ال أن امليزان علة يف‬
‫احلكم‪ ،‬فإنه ملا ذكر التمر الرديء واجليد‪ ،‬وأنه ال بد يف املبادلة من التساوي بينهما باملعيار الشرعي‪ ،‬وهو الكيل‪ ،‬ناسب أن يذكر أن التساوي يف‬
‫‪.‬الذهب والفضة هو باملعيار الشرعي‪ ،‬وهو الوزن‪ ،‬ال أن الربا جيري يف كل موزون‬

‫‪.‬كما قال ﷺ‪ :‬ال تبيعوا الذهب بالذهب إال وزًنا بوزن‪ ،‬وال الفضة بالفضة إال وزًنا بوزن‪ .‬وليس الوزن علة يف احلكم‬

‫‪1‬‬
‫‪:‬صحيح البخاري» (‪«)77 /٣‬‬

‫‪2‬‬
‫‪:‬تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي» (‪«)86 /٤‬‬
‫‪:‬اجلواب الثاين‬

‫‪.‬قال البيهقي‪« :‬قوله (وكذلك امليزان) يف احلديث ‪ ...‬أنه من جهة أيب سعيد» ‪ .3‬أي موقوًفا عليه‬

‫‪:‬الدليل الثاين‬

‫‪:‬ما رواه احلاكم من طريق حيان بن عبيد اهلل العدوي‪ ،‬قال‪ :‬سألت أبا جملز عن الصرف‪ ،‬فقال )ح‪(٧١٩-‬‬

‫كان ابن عباس ال يرى به بأًس ا زماًنا من عمره‪ ،‬ما كان منه عيًنا‪ ،‬يعين يًد ا بيد‪ ،‬فكان يقول‪ :‬إمنا الربا يف النسيئة‪ ،‬فلقيه أبو سعيد اخلدري‪ ،‬فقال‬
‫له‪ :‬يا ابن عباس أال تتقي اهلل إىل مىت تؤكل الناس الربا‪ ،‬أما بلغك أن رسول اهلل ﷺ قال ذات يوم‪ ،‬وهو عند زوجته أم سلمة‪ :‬إين ألشتهي‬
‫متر عجوة‪ ،‬فبعثت صاعني من متر إىل رجل من األنصار فجاء بدل صاعني صاع من متر عجوة‪ ،‬فقامت فقدمته إىل رسول اهلل ﷺ فلما رآه‬
‫أعجبه‪ ،‬فتناول مترة‪ ،‬مث أمسك‪ ،‬فقال‪ :‬من أين لكم هذا؟ ‪ ....‬فأخربته أم سلمة‪ ،‬فقال‪ :‬فألقى التمرة بني يديه‪ ،‬فقال‪ :‬ردوه‪ ،‬ال حاجة يل فيه‪ ،‬التمر‬
‫بالتمر‪ ،‬واحلنطة باحلنطة‪ ،‬والشعري بالشعري‪ ،‬والذهب بالذهب‪ ،‬والفضة بالفضة يًد ا بيد‪ ،‬عيًنا بعني‪ ،‬مثاًل مبثل‪ ،‬من زاد فهو ربا‪ ،‬مث قال‪ :‬كذلك ما‬
‫‪4.‬يكال ويوزن ‪ ...‬احلديث‬

‫‪:‬وجه االستدالل‬

‫‪.5‬قوله (وكذلك ما يكال أو يوزن) فدل على أن كل ما يوزن جيري فيه الربا‬

‫‪] (٢).‬احلديث انفرد فيه حيان بن عبيد اهلل‪ ،‬عن أيب جملز‪ ،‬ويف حيان ضعف من قبل حفظه[‬

‫‪:‬دليل من قال‪ :‬العلة غلبة الثمنية‬

‫َأْخ َبَر َنا َم اِلٌك َعْن َناِفٍع َعْن َأيِب َس ِعيٍد اُخْلْد ِر ِّي ‪َ :‬أَّن َرُس وَل الَّلِه ﷺ َقاَل «اَل َتِبيُعوا الَّذ َه َب ِبالَّذ َه ِب ‪ ،‬إاَّل ِم ْثاًل ِمِبْثٍل ‪َ ،‬و اَل َتِبيُعوا ‪َ):‬قاَل الَّشاِفِعُّي (‬
‫َبْع َضَه ا َعَلى َبْعٍض ‪َ ،‬و اَل َتِبيُعوا اْلَو ِرَق ِباْلَو ِر ِق إاَّل ِم ْثاًل ِمِبْثٍل ‪َ ،‬و اَل َتِبيُعوا َبْع َضَه ا َعَلى َبْعٍض ‪َ ،‬و اَل َتِبيُعوا ِم ْنَه ا َغاِئًبا ِبَناِج ٍز »‪ (.‬األم )‬

‫ِلِه‬ ‫ِم ِل ِم‬ ‫ِد ِع ِتِه‬ ‫ِص ِة ِع ِت‬ ‫ِل‬


‫‪َ:‬و الَّد يُل َعَلى َّح َّل َنا َو َفَس ا َّل َمَع َم ا َقَّد ْم َنا َن الَّد يِل ْن َقْب‬
‫َأَّنُه َلْو َك اَن اْلَو ْز ُن يِف الَّذ َه ِب َو اْلِف َّضِة ِعَّلًة َيْثُبُت َهِبا الِّر َبا يِف َمْو ُز وِن الُّص ْف ِر َو الُّنَح اِس َلَو َجَب َأْن ْمَيَنَع ِم ْن ِإْس اَل ِم الَّذ َه ِب َو اْلِف َّضِة يِف الُّص ْف ِر َو الُّنَح اِس‬
‫ِف ِة ِم‬ ‫اِل ِق‬ ‫ِف ِة‬ ‫ِم‬ ‫ِع ِة‬ ‫اِل ِق‬
‫ِّتَف ا ِه َم ا يِف َّل الِّر َبا َك َم ا َم َنَع ْن ِإْس اَل ِم اْل َّض يِف الَّذ َه ِب ِّتَف ا ِه َم ا يِف علة الربا‪َ .‬فَلَّم ا َج اَز ِإْس اَل ُم الَّذ َه ِب َو اْل َّض َن الُّص ْف ِر َو الُّنَح اِس َو ْمَل ُجَيْز‬
‫‪ِ.‬إْس اَل ُم اْلِف َّضِة يِف الَّذ َه ِب َدَّل َعَلى اْفَرِتاٍق ِلْلُح ْك ِم َبَنْي اْلِف َّضِة َو الَّذ َه ِب َو َبَنْي الُّص ْف ِر َو الُّنَح اِس يِف ِعَّلِة الِّر َبا َفَبَطَل َأْن َيُك وَن اْلَو ْز ُن ِعَّلَة الِّر َبا‬

‫‌‪‌:‬ويناقش‬

‫َأَّنُه َلْو َج اَز َتْعِليُل الَّذ َه ِب َو اْلِف َّضِة ِبَك ْو ِهِنَم ا َمَثًنا َو َذِلَك َغْيُر ُمَتَعٍّد‪َ .‬جَلاَز َتْعِليُلُهَم ا ِبَك ْو ِهِنَم ا ِفَّض ًة َو َذَهًبا‪َ ،‬فَلَّم ا ْمَل ُجَيْز َأْن ُيَعَّلَل الذهب بكونه ذهبا وال‬
‫‪.‬فضة بكوهنا ِفَّض ًة ِلَعَد ِم الَّتَعِّدي ْمَل ُجَيْز َأْن ُيَعَّلاَل ِبَك ْو ِهِنَم ا َمَثًنا ِلَعَد ِم الَّتَعِّدي‬

‫‪3‬‬
‫سنن البيهقي (‪)٢٨٦ /٥‬‬
‫‪4‬‬
‫المستدرك (‪)٤٢ /٢‬‬
‫‪5‬‬
‫‪:‬العناية شرح الهداية ‪ -‬بهامش فتح القدير ط الحلبي» (‪«)122 /٧‬‬
‫ِم‬ ‫اِل ِت ِط ِل‬ ‫ِع‬ ‫اِل‬ ‫ِع ِل ِم ِه‬ ‫ِهِل ِب اِل‬
‫َو َأَّم ا اَجْلَو اُب َعْن َقْو ْم َأَّن ا ْس َم َلَّم ا ْمَل َيُك ْن َّلًة َعَد َتَعِّدي ‪َ .‬فُه َو َأَّن ا ْس َم ْمَل ُجَيْز َأْن َيُك وَن َّلًة َأِلَّنُه ُمْس َتَف اٌد َقْبَل ا ْس ْنَبا اَل َم ا َذَك َر ُه ْن‬
‫‪َ.6‬عَد ِم الَّتَعِّدي‪َ .‬و اْلِعَّلُة اْلَو اِقَفُة ُمْس َتَف اَدٌة َبْعَد ااِل ْس ِتْنَباِط َفَج اَز َأْن يكون علة َمَع َعَد ِم الَّتَعِّدي‬

‫‌‪‌:‬وجه من قال‪ :‬العلة مطلق الثمنية‬

‫‌‪‌:‬الوجه األول‬

‫احملافظة على استقرار األمثان يف السوق‪ ،‬حىت ال تضطرب قيم العمالت ارتفاًعا وهبوًطا مما يؤدي إىل كساد التجارة‪ ،‬وإفالس التجار‪ ،‬وفساد‬
‫‪.‬املعامالت‪ ،‬وانتشار الظلم‬

‫قال ابن تيمية‪" :‬التعليل بالثمنية تعليل بوصف مناسب فإن املقصود من األمثان أن تكون معياًر ا لألموال يتوصل هبا إىل معرفة مقادير األموال‪ ،‬وال‬
‫‪.‬يقصد االنتفاع هبا بعينها‪ ،‬فمىت بيع بعضها ببعض إىل أجل قصد هبا التجارة اليت تناقض مقصود الثمنية" (‪)٢‬‬

‫‌‪‌:‬الوجه الثاين‬

‫‪.‬أن األمثان إذا قصد هبا التجارة بأعياهنا‪ ،‬وصارت سلعة أدى ذلك إىل قلتها يف أيدي الناس‪ ،‬فيتضرر بذلك عموم الناس (‪)٢‬‬

‫‌‪‌:‬الوجه الثالث‬

‫إذا كانت األمثان ال ينبغي أن تكون سلًعا تعد للربح يباع بعضها ببعض إىل أجل‪ ،‬فإن هذا الوصف ينطبق على الدراهم والدنانري كما ينطبق على‬
‫األوراق النقدية والفلوس إذا راجت‪ ،‬وصارت معياًر ا يعرف به قيم األشياء؛ ألن حقيقة النقد‪ :‬هو كل شيء جيري اعتباره يف العادة‪ ،‬ويلقى قبواًل‬
‫‪،‬عاًم ا كوسيط للتبادل‬

‫‌‪‌:‬واعرتض‬

‫‪.‬بأن الربا جيري يف سبائك الذهب والفضة مع أهنما يف حال كوهنما سبائك ليسا مثًنا‪ ،‬وكذلك جيري الربا يف احللي‪ ،‬وهو ليس مثًنا (‪)٢‬‬

‫‌‪‌:‬وجياب‬

‫‪.‬أما جريان الربا يف احللي فهذه مسألة خالفية سيجري إن شاء اهلل تعاىل حترير اخلالف فيها‪ ،‬وأسأل اهلل وحده العون والتوفيق‬

‫وأما السبائك من الذهب والفضة فإنه جيري فيها الربا وإن مل تكن أمثاًنا؛ ألن الثمنية موغلة يف الذهب والفضة بدليل أن السبائك الذهبية كانت‬
‫‪.‬تستعمل نقًد ا قبل سكها نقودا‪ ،‬وقد كان تقدير مثنيتها بالوزن‬

‫عن أيب سعيد اخلدري وأيب هريرة ﵄‪ ،‬أن‬


‫رسول اهلل ﷺ استعمل رجاًل على‬
‫خيرب‪ ،‬فجاءهم بتمر جنيب‪ ،‬فقال‪ :‬أكل متر‬
‫خيرب هكذا؟ فقال‪ :‬إنا لنأخذ الصاع من‬ ‫العلة هي الوزن مع اجلنس‬ ‫القول االول‬
‫هذا بالصاعني‪ ،‬والصاعني بالثالثة فقال‪ :‬ال‬
‫تفعل‪ ،‬بع اجلمع بالدراهم‪ ،‬مث ابتع بالدراهم‬
‫جنيًبا‪ ،‬وقال يف امليزان مثل ذلك‬
‫َأ َنا اِلٌك َناِفٍع َأيِب ِعيٍد‬ ‫العلة هي غلبة الثمنية‬ ‫القول الثاين‬
‫َعْن َس‬ ‫ْخ َبَر َم َعْن‬
‫‪6‬‬
‫الحاوي الكبير» (‪«)91 /٥‬‬
‫اُخْلْد ِر ِّي ‪َ :‬أَّن َرُس وَل الَّلِه ﷺ َقاَل «اَل‬
‫َتِبيُعوا الَّذ َه َب ِبالَّذ َه ِب ‪ ،‬إاَّل ِم ْثاًل ِمِبْثٍل ‪َ ،‬و اَل‬
‫َتِبيُعوا َبْع َضَه ا َعَلى َبْعٍض ‪َ ،‬و اَل َتِبيُعوا اْلَو ِر َق‬
‫ِباْلَو ِر ِق إاَّل ِم ْثاًل ِمِبْثٍل ‪َ ،‬و اَل َتِبيُعوا َبْع َض َه ا‬
‫»َعَلى َبْعٍض ‪َ ،‬و اَل َتِبيُعوا ِم ْنَه ا َغاِئًبا ِبَناِج ٍز‬
‫العلة مطلق الثمنية‬ ‫القول الثالث‬

You might also like