‫جامعة بابل‪ /‬كمية التربية لمعموم االنسانية‬

‫قسم المغة العربية‪/‬الدراسات العميا‬

‫مفردات منيج مقرر الفصل الداسي االول ‪7102 - 7102‬‬ ‫المرحمة‪ :‬الدكتوراه‬
‫اسم المادة‪ :‬البنيوية وما قبميا‬
‫مدرس المادة‪ :‬أ‪.‬د ‪ .‬فرحان بدري كاظم‬

‫المحاضرة السادسة‪ :‬مدرسة براغ‪ ،‬مبادئيا وأفكارىا المغوية‪:‬‬

‫تقوم مدرسة براغ المسانية عمى عدة مبادئ أو مرتكزات أساسية في البحث المساني‪ ،‬ومن‬
‫أىميا ما يمي‪:‬‬

‫التركيز عمى الجانب الوظيفي في المغة ودراستيا‪ :‬يقوم منيج الدراسة المغوية في مدرسة‬
‫براغ عمى االىتمام بدراسة نظام المغة الكمي بمستوياتو المختمفة الصوتية‪ ،‬والتركيبية‪،‬‬
‫والصرفية والداللية دراسة وظيفية محضة‪ ،‬ومما الشك فيو أن االتجاه الوظيفي في المغة قد‬
‫بدأ يبرز إلى الوجود وتتكون مالمحو في حمقة براغ‪ ،‬التي استفادت و تأثرت بآراء دي‬
‫سوسير في ىذا المجال‪.‬‬

‫يقول جيفري سامبسون موضحا ىذه الحقيقة‪ :‬الصفة المميزة لمدرسة براغ‪ ،‬المغوية ىي أنيا‬
‫نظرت إلى المغة في جانبيا الوظيفي‪ ،‬أن أعضاء مدرسة براغ فقط فكروا أو نظروا إلى‬
‫المغة عمى أنيا تعمل ككل من أجل خدمة اليدف‪ ،‬وىي الحقيقة التي تميزىم عن غيرىم‬
‫ولكن ألنيم حمموا لغة معينة بصورة تبين الوظائف الخاصة التي تقوم بيا المكونات‬
‫البنيوية عند استعمال المغة الكمية‪.‬‬

‫وىذا ما أدى إلى تميز المدرسة الوظيفية (مدرسة براغ) عن المدارس المغوية األخرى‪،‬‬
‫نتيجة قوليا بالجانب الوظيفي في الدراسات المسانية‪ ،‬واذا كان دي سوسير قد ذىب إلى‬
‫القول بأن المغة نظام من العالمات فإن مدرسة براغ ترى أن لمغة نظام من الوظائف‪ ،‬وكل‬
‫وظيفة نظام من العالمات‪.‬‬

‫ومن المالحظ أيضا أن مدرسة براغ قد استفادت من اآلراء المسانية البنيوية لدي سوسير‬
‫بدايــة‪.‬‬

‫ومن ثم استغمت منطمقاتيا النظرية في أعماليا وكونت لنفسيا نظرية لسانية خاصة بيا‪،‬‬
‫ولعل النظرية الوظيفية أبرز دليل عمى ذلك‪ ،‬وىذا ما دفع بالعديد من الباحثين إلى نسب‬
‫ىذه المدرسة المسانية إلى منيجيا وتسميتيا بالتالي بالمدرسة الوظيفية‪ ،‬وأصبح التركيز –‬
‫منذ ذلك الوقت – عمى الجانب الوظيفي في الدراسات المسانية واحد من أبرز االتجاىات‬
‫الثابتة ليذه المدرسة‪ ،‬رغم التطورات الكبيرة التي شيدتيا‪ ،‬وعمى كل حال فقد شممت أعمال‬
‫ىذه المدرسة المجاالت التالية‪:‬‬

‫وظيفة المغة في المجتمع‪ ،‬والوظيفة الجمالية لمغة ودورىا في األدب والفن والمجتمع‬
‫واألسموبية المسانية الوظيفي ــة‪ ،‬وتصنيف التضاد الفونولوجي وغيرىا من النشاطات التي‬
‫تدخل في إطار الحياة العممية (النظرية) واالجتماعية‪ ،‬وىذا ما جعل لغويي براغ يتمتعون‬
‫بمكانة عالية‪ ،‬سواء في المجتمع التشيكي‪ ،‬أو في تأثيرىم عمى الحياة االجتماعية بعامة‪،‬‬
‫ولعل ذلك يعود بالدرجة األولى إلى عدم اقتصارىم عمى المشكالت المغوية ذات البعد‬
‫النظري العممي فقط‪ ،‬بل ركزوا عمى المشكالت المغوية ذات العالقة بالمستوى االجتماعي‪،‬‬
‫ومن أمثمة ذلك‪ :‬المغة المعيارية‪ ،‬والتخطيط المغوي‪ ،‬وعمل المعاجم األحادية المغة‪،‬‬
‫وناقشوا كذلك بيمة فائقة مشاكميم الخاصة المحمية‪ ،‬وطبقوا نتائجيم عمييا‪.‬‬

‫التمييز بين المنيجين التزامني والتاريخي في دراسة المغة‪ :‬من المعموم أن المسانيات‬
‫الوظيفية تندرج من التيار البنيوي المتولد عن موقف نقدي من النظرية التاريخية‪ ،‬ىذا‬
‫الموقف الذي يدعو إلى تبني المنيج الوصفي في الدراسات المسانية‪ ،‬فالمغة باعتبارىا‬
‫مؤسسة اجتماعية فيي تخضع لمتطور والتغير وكذلك باعتبارىا نظاما يتحرك بو األلسنة‬
‫بطريقة معينة لتتمكن من التواصل‪ ،‬فميذا السبب بالذات ينبغي أن يدرس ىذا النظام في‬
‫ذاتو ولذاتو‪ ،‬حتى يتم تحقيق ىذه الغاية في ظروف حسنة‪ ،‬وىذا ما جعل دي سوسير‬
‫يصطمح عمى المنيج الوصفي باآلنية‪ ،‬ألنو يمكن من دراسة المغة في زمن معين وىذا ما‬
‫يساعد عمى فيم نظاميا فيما جيدا‪ ،‬بعكس المنيج التاريخي الذي ال يعد وأن يطمعنا عمى‬
‫أكثر من تطور المغة و تغير شتات عناصرىا عبر التاريخ ‪.‬‬

‫ومن ثم فإن نظرة لسانيي براغ إلى المنيجين التزامني والتاريخي في الدراسات المغوية تقوم‬
‫عدة أسس‪ ،‬من أىميا‪:‬‬
‫عمى ّ‬

‫‪ -0‬االىتمام بالمنيج التزامني (الوصفي) في الدراسة المغوية‪ ،‬ألنو يمكننا من‬

‫التحميل العممي المنظم ألي لغة كانت‪ ،‬بدائية أم متحضرة‪.‬‬
‫‪ -7‬العمل عمى رصد الخصائص المغوية لكل لغة في مراحل مختمفة من تطورىا عمى‬
‫أساس تزامني‪.‬‬

‫‪ -3‬عند عمميات المقارنة المغوية بين المغات البد واالعتماد عمى أسموب المقارنة‬
‫التحميمية لمغات ذات النماذج المختمفة من دون إشارة إلى عالقاتيا التاريخية‪.‬‬

‫‪ -4‬وبالنسبة لمغات الحية‪ ،‬فإنو ينبغي العمل عمييا في المرحمة المعاصرة ألنيا‬
‫المرحمة الوحيدة التي تقدم لمباحث مادة واضحة كاممة‪.‬‬

‫‪ -5‬االىتمام بالدراسات الصوتية في ضوء المنيج التزامني‪ ،‬ومن أمثمة ىذه‬

‫االىتمامات دراسة الفونيم ضمن منيج المسانيات التاريخية من خالل اإلسيام في‬
‫تطوير ميم لنظرية النحاة المحدثين المتصمة بقوانين التطور الصوتي‪ ،‬تمك النظرية‬
‫التي لم يتجاوزوا فييا دراسة األصوات بوصفيا أجزاء صوتية مستقمة‪ ،‬ولما جاء‬
‫فونولوجيو براغ تنبيوا إلى أن التغيرات الصوتية ال تحدث تاريخيا (ال يؤثر السابق‬
‫في الالحق بمعزل عن النظام الكامن فيو‪ -‬أفقيا‪ -‬كل منيما) بل إنيا(أي التغيرات)‬
‫تتم من الوجية البنيوية‪ -‬في ظـ ـ ــل عالقــــات التأثر والتأثير داخل البنيـــة‬
‫المتكاممــة والمتوضعة في إطارىا التزامني‪ ،‬ومدرسة براغ قد سعت‪ -‬عموما‪ -‬إلى‬
‫توجيو الدراسة المسانية وجية وظيفية في ضوء المنيج التزامني‪.‬‬

‫التحميل الفونولوجي ونظرية الفونيم‪ :‬لقد تمتعت مدرسة براغ بقدر كبير من االستقاللية‬
‫من ناحية‪ ،‬وبقدر كبير من التفاعل الداخمي والخارجي من ناحية أخرى‪ ،‬وىذا ما مكنيا‬
‫من بناء نظريات لسانية ذات منيج عممي صارم جعميا تتبوأ مكانة ىامة ومتميزة في‬
‫الدراسات المسانية الحديثة‪ ،‬وأن تحظ بشيرة عالمية ربما لم تحظ بيا بقية المدارس المسانية‬
‫األخرى خارج إطار عمميا الزماني والمكاني‪ ،‬بيذا الدراسة الفونولوجية‪ ،‬فقد أطمق لغويو‬
‫براغ عمى منيجيم الخاص بالدراسات الصوتية اسم الصوتيات الوظيفية‪ ،‬فماذا تعني‬
‫الفونولوجيا وما عالقتيا بالمسانيات وبالبنيوية ؟‬