Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 7

‫ِخ َتام شهر رمضان‬

‫لفضيلة الشيخ‪ :‬د‪.‬عبد الرحمن بن عبد العزيزالسديس ‪.‬‬


‫خطبة الجمعة ‪-‬مكة‪ -‬املسجد الحرام‪1440-9-26 :‬هـ املو افق‪2019-5-31 :‬م‬

‫َّ‬
‫ألقى فضيلة الشيخ‪ /‬عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس حفظه هللا خطبة الجمعة بعنوان‪ " :‬ختام شهر رمضان " ال ِتي‬
‫تحدث فيها عن بشرى املسلم بجزيل الثواب ملن صام وقام شهر رمضان الكريم‪ ،‬وأن فيه ليلة القدر ليلة شريفة عظيمة‬
‫َ‬
‫مباركة هي خير من ألف شهر‪ ،‬وأن َعلى املؤمن االجتهاد فيما بقي من هذا الشهر الكريم‪ ،‬وقد اجتمعت في هذه األيام املباركة‬
‫َ‬
‫قادة املسلمين في هذه البقعة املباركة لالعتصام بحبل هللا املتين واالئتالف والتآزر واإليالف‪ ،‬ونبذ الخالف‪ ،‬وأن َعلى املسلم‬
‫َ‬
‫أخراج زكاة عيد الفطر طيبة بها نفسه‪ ،‬ومن نعم هللا َعلى املعتمرين والحجاج ما تبذله هذه الدولة املباركة من توفير األمن‬
‫واألمان والراحة واالطمئنان لضيوف الرحمن‪.‬‬

‫الخطبة األولى‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫عشرا‪ ،‬وأجرى فيها من الخيرات‬ ‫ليال مباركات‬
‫إن الحمد هلل أولى عباده املؤمنين مننا تترا‪ ،‬أحمده تعالى وأشكره حبانا ٍ‬
‫جالل أو شكرنا آالءك الغامرات‪،‬‬ ‫بمداد من أبحر زاخرات ما أتينا بذرة من ٍ‬
‫ٍ‬ ‫شكر‬
‫ٍ‬ ‫والبركات ما أجرى‪ ،‬لو برينا األشجار أقالم‬
‫ً‬
‫محمدا عبد هللا‬
‫َ‬
‫وأجرا‪ ،‬وأشهد أن ن ِب ّينا وسيدنا‬
‫ً‬ ‫وأشهد أال إله إ َّال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬أعظم للصائمين القائمين ً‬
‫ثوابا‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫وصدرا‪ ،‬والتابعين ومن تبعهم‬ ‫وقدرا‪ ،‬صلى هللا وبارك عليه وعلى آله صحبه املوفقين وردا‬ ‫ورسوله‪ ،‬أزكى البرية محتدا‬
‫كثيرا‪.‬‬ ‫ً‬
‫تسليما ً‬ ‫ً‬
‫وذخرا‪ ،‬وسلم‬ ‫بإحسان يرجوا ًبرا‬

‫َ‬
‫أ َّما بعد‪... :‬‬

‫َ‬ ‫َ َ َ َّ َّ َ َ ّ ْ‬
‫َّللا ُيك ِف ْر َعن ُه َس ِّيئا ِت ِه‬ ‫فاتقوا هللا عباد هللا فمن اتقى مواله لم يزدد منه إ َّال ً‬
‫قربا وسمى ً‬
‫روحا ً‬
‫وقلبا‪ ،‬ومن يتق هللا ﴿ومن يت ِق‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬
‫َو ُي ْع ِظ ْم ل ُه أ ْج ًرا﴾[الطالق‪.]5/‬‬

‫‪-1 -‬‬
‫معاشر املسلمين وإذ تنعم أمتنا اإلسالمية بعبق شهرها الخالد‪ ،‬و أيامه الفيحاء التوالد‪ ،‬وتتفيء خيره الوراف املزدان بأسنى‬
‫َ ْ ٌ َ‬ ‫َّ‬
‫أيام َعلى األكف تعد‪ ،‬لقد مر كلمحة برق أو‬ ‫املطارف‪ ،‬لسرعان ما تبدى لنا آخره‪ ،‬وقد تصرم جله‪ ،‬ولم يبق ِإال نزره وقله؛ بل‬
‫ً‬
‫غمضة عين‪ ،‬فحي هال بمستزيد ال يرد‪ ،‬نسأل هللا قبول العمل‪ ،‬وبلوغ األمل في املفتتح واملختتم‪.‬‬

‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬


‫تكن في أفقنا نبراسا‬ ‫أولم‬ ‫لك تلفظ ُ األنفاسا‬ ‫رمضان ما‬

‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬


‫استئناسا‬ ‫بجاللك‬
‫ِ‬ ‫واستأنست‬ ‫لطفا رويدك بالقلوب فقد َس َمت‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫يا أ ُّي َها الصائمون القائمون بشراكم ويا نعماكم بهذه األيام املباركة القالئل ازدلفوا ِإلى ربكم بالفرائض والنو افل‬
‫واستدركوا ما فاتكم في شهركم من األعمال الجالئل‪ ،‬لنستدرك النفحات وندرج في ثنايا الرحمات‪ ،‬فال تزال الفرصة سانحة‬
‫وهذا دأب املؤمن الصادق الوجل إن ونى واجترح أو عن جواد الطاعات جنح تاب وآب و عف حوباته بالتوبة واالستغفار‬
‫وحسن املآب‪.‬‬

‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫الس ُب ُل‬
‫ُّ‬ ‫هللا َم ْن ضاقت به‬ ‫َ‬
‫فيرح ُم‬ ‫مكرمة‬ ‫العرش‬
‫ِ‬ ‫إله‬ ‫َح َب ُاه‬ ‫ش ْه ٌر‬

‫َ َّ‬ ‫ُ َ‬
‫ُ‬
‫الخجل‬ ‫ذل ُه‬ ‫بقلب‬ ‫ً‬
‫رحيما‬ ‫يدعو‬ ‫هو الرؤوف بنا‪ ،‬هل خاب ذو أ َم ٍل‬

‫ُْ‬
‫أمة الق ْرآن والصيام‪ ،‬وفي هذه العشر األواخر اختصكم الباري تبارك وتعالى بليلة عظيمة الشرف والقدر‪ ،‬مباركة الشأن‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ََ‬
‫وعلى تنزل الق ْرآن واملالئكة الكرام اشتملت‪ ،‬هي منكم َعلى طرف الثمام بإذن امللك‬ ‫والذكر‪ ،‬بالخير والرحمة والسالم اكتملت‬
‫ْ‬ ‫ف َش ْهر (‪َ )3‬ت َن َّز ُل ْاملَ َال ِئ َك ُة َو ُّ‬
‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫ََْ ُ ْ َ ْ َْ ّ ْ ْ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ ََْ ُ ْ َ ْ‬
‫وح ِف َيها ِب ِإذ ِن َرِّب ِهم ِّمن‬ ‫العالم‪ ،‬إنها ليلة القدر ﴿وما أد َراك ما ليلة القدر (‪ )2‬ليلة القد ِر خي ٌر ِمن أل ِ‬
‫َْ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ك ِ ّل أ ْمر(‪َ )4‬سال ٌم ِه َي َح َّتى َمطل ِع الف ْجر﴾[القدر‪.]5-4/‬‬

‫(‪)1‬‬ ‫َْ‬ ‫ََ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ْ َ َ ََْ َ َ‬


‫الق ْدرإ َيم ًانا َو ْ‬
‫اح ِت َس ًابا‪ ،‬غ ِف َرل ُه َما تق َّد َم ِم ْن ذن ِب ِه» متفق عليه ‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫يقول صلى هللا عليه وسلم‪« :‬من قام ليلة‬

‫(‪ )1‬متفق عليه‪ /‬أخرجه البخاري برقم‪ 1901 :‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم برقم‪.760 :‬‬

‫‪-2 -‬‬
‫الس َماء به إ َلى صبيحته لم تثنها العلل‪ ،‬فليلة القدر خير لو ظفرت بها من ألف شهر ٌ‬
‫وأجر ما له مثل‪،‬‬ ‫هللا أكبر شهر تنز ٌل أمالك َّ‬
‫ِ‬
‫(‪)1‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ْ ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َّ ْ َ ْ َ َ َ ْ‬
‫اخ ِر ِم ْن َر َمضان» متفق عليه ‪.‬‬ ‫وأما عن ميقاتها فقد قال صلى هللا عليه وسلم‪« :‬تحروا ليلة القد ِر ِفي ِ‬
‫الوت ِر‪ِ ،‬من العش ِراألو ِ‬

‫َّ‬ ‫ً‬
‫وقد روى البخاري من حديث ابن عمر رض ي هللا عنهما أن رجاال من أصحاب الن ِب ّي صلى هللا عليه وسلم أروا ليلة القدر في‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ ْ ََ‬ ‫ََ ُ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ ََ ْ‬
‫اخ ِر‪ ،‬ف َم ْن كان ُمت َح ِّرَي َها‬
‫املنام في السبع األواخر فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬أرى رؤياكم قد تواطأت ِفي العش ِر األو ِ‬
‫(‪)2‬‬ ‫ٌ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ ََ‬
‫متفق عليه ‪.‬‬ ‫فليتح َّرها ِمن العش ِراألو ِ‬
‫اخ ِر»‬

‫َ‬
‫وها هي يا رعاكم هللا بين أيديكم فاغتنموها في أشرف بقاع األرض‪ ،‬فمن حرص َعلى ش يء جد في طلبه وهان عليه ما يلقى من‬
‫َّ ُ ٌ‬
‫عظيم تعبه‪ِ ،‬إنه ليلة تجري فيها أقالم القضاء بإسعاد السعداء وشقاء األشقياء فيها يفرق كل ٍ‬
‫أمر حكيم‪ ،‬فيا رجال الليل‬
‫جدوا رب داع ال يرد‪ ،‬ال يقوم الليل إ َّال من له ٌ‬
‫عزم وجد‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫مغفورا لكم‪ ،‬ال تخرجوا منه ِإال وقد أعتقت رقابكم ولتكن هذه‬ ‫أ ُّي َها املؤمنون عليكم باالجتهاد أال تخرجوا من رمضان ِإال‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫زادا ومعينا لنا َعلى صدق االنتماء لديننا وأوطاننا‪ ،‬وبداية لعهد جديد نطفئ فيها لهيب الخالفات‬
‫النسمات الروحانية ً‬

‫والطائفية والنزاعات واالنهزامية والعنصرية والنعرات وننهي مظاهر الغلو والضالالت والعنف والتطرف واإلرهاب‪ ،‬وسعار‬
‫الرذيلة واملوبقات وخطاب التطرف واإلقصاء والكراهية‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ونؤكد الدعوة ِإلى تعزيز قيم الوسطية واالعتدال‪ ،‬والحوار والتسامح والتعايش والسالم‪ ،‬ونفيء ِإلى أنوار اإلسالم وهدايته‬
‫ََ‬
‫وعلى نصرة الدين‬ ‫الغامرة ليعيش بنو اإلسالم متوادين متآزرين متكافلين متصافين وضد املحن والخطوب متصافين‬
‫َ َّ‬
‫وقضاياه متو افين‪ ،‬لنطالع العالم بأعظم منهاج‪ ،‬به تسعد الشعوب واألمم وتساس؛ ألننا أمة الوسط والشهادة َعلى الناس‪،‬‬
‫َ َ َ َ َ َ ْ َ ُ ْ ُ َّ ً َ َ ً ّ َ ُ ُ ْ ُ َ َ َ َ َّ‬
‫اس﴾[البقرة‪.]143/‬‬‫﴿وكذ ِلك جعلناكم أمة وسطا ِلتكونوا شهداء على الن ِ‬

‫وذلك بما حبانا الباري من املقومات العقدية والسلوكية والفضائل األخالقية والتربوية‪ ،‬كيف وشرعة اإلسالم بوسطيته‬
‫واعتداله هي األنموذج الحق األفضل واملثال األشمل واألكمل لتطبيق العدل والوئام والسلم والسالم بين جميع األنام‬

‫‪1‬‬
‫( ) متفق عليه‪ /‬أخرجه البخاري برقم‪ 2017 :‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم برقم‪.1169 :‬‬
‫‪2‬‬
‫( ) متفق عليه‪/‬أخرجه البخاري برقم‪ 1158 :‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم برقم‪.1165 :‬‬

‫‪-3 -‬‬
‫ند ََّّللا َأ ْت َق ُاك ْم إ َّن َّ َ‬
‫َّللا َع ِل ٌ‬
‫يم‬ ‫وبا َو َق َبائ َل ل َت َع َ ُفوا إ َّن َأ ْك َر َم ُك ْم ع َ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ ُ‬
‫اس إ َّنا َخ َل ْق َن ُاكم ّمن َذ َكر َو ُأ َنثى َو َج َع ْل َن ُاك ْم ُش ُع ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ار ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫﴿ياأيها الن ِ‬
‫َ‬
‫خ ِبير﴾[الحجرات‪.]13/‬‬

‫ََ‬
‫وعلى ثرى مكة العامرة وفي ليالي العشر الزاهرة أثلجت صدور املؤمنين وقرة أعين‬ ‫أمة اإلسالم وفي هذه البقاع الطاهرة‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫الغيورين بالقمم اإلسالمية والعربية والخليجية؛ ال ِتي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين حفظه هللا‪ ،‬ال يزال بالتوفيق مكلال‬
‫َ َْ ُ ْ َْ ّ َ ً َََ ُ ْ‬ ‫ً‬
‫يعا َوال تف َّرقوا﴾[آل عمران‪.]103/‬‬ ‫َّللا ج ِم‬
‫عمال بقوله تعالى‪﴿ :‬واعت ِصموا ِبحب ِل ِ‬

‫وبقوله سبحانه‪﴿ :‬إ َّن َهذه ُأ َّم ُت ُك ْم ُأ َّم ًة َواح َد ًة َو َأ َنا َرُّب ُك ْم َف ْ‬
‫اع ُب ُدون﴾[األنبياء‪.]92/‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬

‫وقد تألقت قمم قادة األمة اإلسالمية وتأنقت بموضوعاتها الجسيمة فلله درهم وقد أشرق جمعهم وتألألت باملحبة‬
‫ليال غراء من ليالي هذا الشهر‬ ‫ً‬
‫صفوفهم‪ ،‬ومرحبا بهم وهم محط أنظار العالم في هذه الرحاب املباركة واأليام العابقة وفي ٍ‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫الكريم‪ ،‬اعتصموا بحبل هللا أجمعين‪ ،‬و اتحدوا َعلى الخير أكتعين‪ ،‬وكانوا قدوة لشعوبهم و أبناء أوطانهم وأمتهم في الوحدة‬
‫واالئتالف والتآزر واإليالف‪ ،‬واالعتصام ونبذ الخالف‪ ،‬فجزا هللا خادم الحرمين الشريفين امللك سلمان بن عبد العزيز وولي‬
‫َ‬
‫عهده األمين خيرالجزاء وأوفاه َعلى جهودهما املباركة في جمع كلمة املسلمين‪ ،‬وتوحيد صفوفهم ونصرة قضاياهم‪.‬‬

‫ً‬
‫يا قادة املسلمين‪ ،‬يا قادة املسلمين هنيئا لكم هذا االجتماع املبارك املتوج بشرف الزمان واملكان‪ ،‬تشرف بكم بالد الحرمين‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وشعبا‪ ،‬ضعوا أيديكم في يدي خادم الحرمين الشريفين لتحقيق األمن والسلم الدوليين‪،‬‬ ‫اململكة العربية السعودية قيادة‬
‫ومكافحة الغلو والتطرف واإلرهاب‪.‬‬

‫إن مؤتمركم هذا يعكس حجم الوجدان اإلسالمي نحو ثقله الديني‪ ،‬تحت مظلة قبلته الجامعة حيث املرجعية اإلسالمية‬
‫ً‬
‫وسياسيا في سياق شرف الخدمة والريادة الفذة لهذا البالد املباركة‪ ،‬و إننا من محراب املسجد الحرام ومنبره لنرفع‬ ‫ً‬
‫روحيا‬
‫َ‬
‫أكف الضراعة للمولى جل وعال أن يكلل هللا مؤتمركم بالتوفيق والنجاح‪ ،‬والصالح والفالح‪ ،‬كيف والعالم يتطلع ِإلى‬
‫مؤتمركم التأريخي وما يسفر عنه من آثار وثمار مباركة تصب في مصلحة اإلسالم واملسلمين؛ َب ْل واإلنسانية قاطبة ملواجهة‬
‫َ‬
‫التحديات الراهنة‪ ،‬أال فلزموا أ ُّي َها املسلمون طاعة أولي األمر في صالح األمور‪ ،‬وشدوا من أزرهم وعززوا من أمرهم وادعوا‬
‫لهم بالتوفيق و التسديد والتأييد وصالح العباد والبالد‪.‬‬

‫‪-4 -‬‬
‫وأسهموا معهم في إنجاح مؤتمراتهم املباركة وال تنصتوا لألبواق الناعقة أصحاب الوجوه البائقة واألفكار الهدامة النافقة‬
‫فسادا ويحسبون السراب ماء بقيعة بعد كدر الصنيعة لعلهم يفطمون أنفسهم عن مراضع الفتن‬ ‫ً‬ ‫الذين يسعون في األرض‬
‫ومراتع املحن واألفن والعفن‪ ،‬فما الشقاق بناة املجد مبدأكم وال النزاع وال اإلحجام عن قيم‪ ،‬فسارعوا سد ثغر الخلف‬
‫واعتصموا لو اعتصمنا بحل هللا لم نضم‪.‬‬

‫َّ‬
‫جميعا لصالح األقوال واألعمال ِإن ُه جواد كريم‪ ،‬أعوذ باهلل من‬ ‫ً‬ ‫سدد هللا الخطى وبارك الجهود وحقق اآلمال ووفقنا‬
‫ات َو ُأ ْو َلـئ َك َل ُه ْم َع َذ ٌ‬
‫اب َع ِظيم﴾[آل‬ ‫َ ْ َ َ ُ ُ ََّْ ُ‬ ‫َ َ َ ُ ُ ْ َ َّ َ َ َ ُ ْ ْ َ َ ُ ْ‬
‫ين تف َّرقوا َواختلفوا ِمن بع ِد ما جاءهم الب ِين‬‫الشيطان الرجيم ﴿وال تكونوا كال ِذ‬
‫ِ‬
‫عمران‪.]105/‬‬

‫ُْ‬
‫بارك هللا لي ولكم في الق ْرآن والسنة ونفعني و إياكم بما فيهما من اآليات والحكمة‪ ،‬أقول قولي هذا وأستغفر هللا العظيم‬
‫َّ‬
‫ً‬
‫غفورا‪.‬‬ ‫الجليل لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه ِإن ُه كان توا ًبا‬

‫الخطبة الثانية‬

‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫والصالة والسالم َعلى سيد األنام وآله وصحبه البررة الكرام والتابعين ومن تبعهم بإحسان‪.‬‬ ‫الحمد هلل عن التمام‪،‬‬

‫َ‬
‫أ َّما بعد‪... :‬‬

‫فاتقوا هللا عباد هللا حق التقوى واستمسكوا من اإلسالم بالعروة الوثقى‪ ،‬إخوة اإليمان هللا هللا بحسن الختام‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫ُ َ َّ ُ َ ْ ُ‬ ‫َ ُ ْ ُ ْ ْ َّ َ َ ُ َ ّ ُ ْ ّ َ َ‬
‫َّللا َعلى َما َه َداك ْم َول َعلك ْم تشك ُرون﴾[البقرة‪.]185/‬‬ ‫﴿و ِلتك ِملوا ال ِعدة و ِلتك ِبروا‬

‫ً‬
‫ولقد شرع هللا لكم في ختام شهركم إخراج زكاة الفطر فأخرجوها طيبة بها نفوسكم وهي صاع من غالب قوت البلد‪ ،‬في‬
‫َ َ‬ ‫هللا َع َل ْيه َو َس َّل َم َف َر َ‬
‫ض َز َك َاة الف ْطر َ‬ ‫الصحيحين من حديث ابن عمررض ي هللا عنهما قال‪َ « :‬أ َّن َر ُسو َل ََّّللا َ‬
‫ص َّلى ُ‬
‫اعا ِم ْن ت ْم ٍر‪ ،‬أ ْو‬
‫ص ً‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)1‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫متفق عليه ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫اعا ِم ْن ش ِع ٍير َعلى ك ِ ّل ُح ٍّر‪ ،‬أ ْو َع ْب ٍد ذك ٍرأ ْو أنثى ِم َن امل ْس ِل ِمين»‬
‫ص ً‬‫َ‬

‫‪1‬‬
‫( ) متفق عليه‪/‬أخرجه البخاري برقم‪1504 :‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم برقم‪.984 :‬‬

‫‪-5 -‬‬
‫عباد هللا وإن من التحدث بنعم هللا ما نعم وينعم به املعتمرون والزائرون في رحاب الحرمين الشريفين من منظومة‬
‫ُ‬
‫الخدمات املتكاملة املتوجة باألمن واألمان والراحة واالطمئنان‪ ،‬كل ذلك بفضل هللا تعالى ث َّم ما سخرته هذه الدولة املباركة‬
‫من جهود عظيمة لخدمة ضيوف الرحمن جعله هللا في موازين أعمالها الصالحة وال غرور‪ ،‬فقد اختصها هللا بهذا الشرف‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫العظيم نسأل هللا أن يثيبها ويعينها َعلى مواصلة هذه الشرف املؤثل واملجد املؤصل في خدمة الحرمين مكانا وزمانا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وقاصدهما كيانا و إنسانا‪.‬‬

‫َ َ َّ‬
‫عابد وصائم ومتهجد وقائم كما أمركم املولى العظيم في التنزيل الكريم‪،‬‬ ‫هذا وصلوا وسلموا رحمكم هللا على الن ِب ّي الخاتم خير ٍ‬
‫َّ َّ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ ُّ َن َ َ َّ ّ َ َ ُّ َ َّ َ ُ‬
‫ين َآمنوا‬‫فقال تعالى في محكم تنزيله وهو الصادق في قيله‪ :‬إن هللا ومالئكته ﴿ ِإن َّللا ومال ِئكته يصلو على الن ِب ِي ياأيها ال ِذ‬
‫يما﴾[األحزاب‪.]56/‬‬ ‫ص ُّلوا َع َل ْي ِه َو َس ِّل ُموا َت ْس ِل ً‬
‫َ‬

‫ً‬
‫يا رب صل عليه كلما ملعت كواكب في ظالم الليل والسحروآله وجميع الصحب قاطبة الحائزين بفضل أحسن السير‪ ،‬وارض‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫الص َح َابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان ِإلى يوم الدين‪،‬‬ ‫الل ُه َّم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن السائر َّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين‪ ،‬الل ُه َّم أعز اإلسالم واملسلمين‪ ،‬الل ُه َّم أعز اإلسالم واملسلمين‪ ،‬وسلم املعتمرين‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫والزائرين واحم حوزة الدين‪ ،‬واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بالد املسلمين‪ ،‬الل ُه َّم آمنا في أوطاننا‪ ،‬الل ُه َّم آمنا في‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫أوطاننا‪ ،‬الل ُه َّم آمنا في أوطاننا‪،‬وأصلح أئمتنا ووالة أمورنا‪ ،‬و أيد بالحق إمامنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين‪ ،‬الل ُه َّم‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫وفقه ملا تحب وترض ى‪ ،‬وخذ بناصيته للبروالتقوى وهيئ له البطانة الصالحة ال ِتي تدله َعلى الخيروتعينه عليه‪.‬‬

‫َ‬ ‫َّ‬
‫الل ُه َّم اجزه خير الجزاء َعلى ما قدم ويقدم للحرمين الشريفين وقاصديهما ونصرة قضايا اإلسالم واملسلمين في كل مكان‪،‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫الل ُه َّم اجمع به كلمة املسلمين َعلى الحق والهدى يا رب العاملين‪ ،‬الل ُه َّم اجزه خير الجزاء وأوفاه َعلى ما دعا لجمع كلمة‬
‫َّ‬
‫املسلمين ووحدة صفوفهم وتوحيد مو اقفهم ونصرة قضاياهم‪ ،‬الل ُه َّم اجعل ذلك في موازين أعمالهم الصالحة‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬


‫الل ُه َّم وفقه وولي عهده وأعوانهم ِإلى ما فيه عزاإلسالم وصالح املسلمين ِوإلى ما فهي الخيرللبالد والعباد‪.‬‬

‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الل ُه َّم وفق قادة املسلمين‪ ،‬الل ُه َّم وفق قادة املسلمين‪ ،‬واكتب لهم في مؤتمرهم هذا التوفيق و النجاح والتسديد و التأييد‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫والفالح‪ ،‬الل ُه َّم وفقهم ملا فيه خير شعوبهم وأوطانهم وأمتهم يا ذا الجالل واإلكرام‪ ،‬يا ذا الطول واإلنعام‪ ،‬الل ُه َّم أصلح أحوال‬
‫َّ‬
‫املسلمين في كل مكان‪ ،‬واحقن دماءهم و ابسط األمن واالستقرار والرخاء في ربوعهم يا ذا الجالل واإلكرام‪ ،‬الل ُه َّم احفظ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫مقدسات املسلمين‪ ،‬الل ُه َّم احفظ مقدسات املسلمين‪ ،‬الل ُه َّم أنقذ املسجد األقص ى من عدوان املعتدين‪ ،‬ومن كيد الكائدين‬

‫‪-6 -‬‬
‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫عزيزا ِإلى يوم الدين‪ ،‬الل ُه َّم أنج املستضعفين من املسلمين في كل مكان‪ ،‬يا حي يا قيوم يا‬ ‫ومكر املاكرين‪ ،‬الل ُه َّم اجعله شامخا‬
‫ذا الجالل واإلكرام‪.‬‬

‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ً َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬


‫وعلى سالمة املعتمرين‬ ‫خيرا َعلى ما قدموا للحافظ َعلى أمن هذه البالد املباركة‪،‬‬ ‫الل ُه َّم وفق رجال أمننا الل ُه َّم اجزهم‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫والزائرين‪ ،‬الل ُه َّم وفق رجال أمننا املرابطين َعلى ثغورنا وحدودنا‪ ،‬الل ُه َّم تقبل شهداءهم وثبت أقدامهم‪ ،‬الل ُه َّم سدد رميهم‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ورأيهم‪ ،‬الل ُه َّم اربط َعلى قلوبهم وعافي جرحاهم واشف مرضاهم وردهم ساملين غانمين منتصرين مظفرين يا ذا الجالل‬
‫واإلكرام‪.‬‬

‫َّ‬
‫ً‬
‫تدميرا عليه يا‬ ‫الل ُه َّم من أرادنا وأراد ديننا وبالدنا وبالد املسلمين بسوء فأشغله بنفسه ورد كيده ف ينحره واجعل تدبيره‬
‫َّ‬
‫سميع الدعاء‪ ،‬الل ُه َّم رد عنا شر األشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار‪ ،‬واحفظنا من كيد الكائدين وعدوان املعتدين‬
‫ًَ َ‬ ‫ُّ ْ َ َ َ َ ً َ‬ ‫َّ َ َ‬
‫اآلخ َر ِة َح َسنة َو ِقنا‬
‫حسبنا هللا ونعم الوكيل‪ ،‬حسبنا هللا ونعم الوكيل‪ ،‬حسبنا هللا ونعم الوكيل ﴿ َربنا آ ِتنا ِفي الدنيا حسنة و ِفي ِ‬
‫َ َ َ َّ‬
‫اب النار﴾[البقرة‪.]201/‬‬ ‫عذ‬

‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الل ُه َّم اختم لنا شهر رمضان برضوانك والعتق من نيرانك‪ ،‬والعتق من نيرانك‪ ،‬والعتق من نيرانك‪ ،‬الل ُه َّم أعد علينا شهر‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وسالمة وحياة سعيدة يا ذا الجالل واإلكرام‪ ،‬الل ُه َّم اكتبنا‬
‫ٍ‬ ‫وأمن‬
‫وصحة ٍ‬
‫ٍ‬ ‫أعواما عديدة وأزمنة مديدة ونحن في خير‬ ‫رمضان‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫من عتقائك من النار‪ ،‬الل ُه َّم أ عتق رقابنا من النار ووالدينا ووالة أمرنا وعلمائنا وأزواجنا وذرياتنا‪ ،‬وإخواننا ومن أحببناه‬
‫فيك‪ ،‬ومن أحبنا فيك‪ ،‬وسائراملسلمين يا رب العاملين‪.‬‬

‫ً َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫دائما َعلى الخير والهدى‪ ،‬واألمن‬ ‫الل ُه َّم تقبل منا صيامنا وقيامنا واختم لنا بخير واجعل عو اقب أمورنا ِإلى خير‪ ،‬واجمعنا‬
‫واألمان واالستقراروالسالمة يا ذا الجالل واإلكرام‪.‬‬

‫ْ َ َ‬ ‫َ ْ َ ْ ُ َّ‬ ‫َ َ َ ٌ ََ ُْ َ‬ ‫ُ ْ َ َ ّ َ ّ ْ َّ َ َ ُ‬
‫ّلِل َر ِ ّب الع ِ‬
‫املين﴾[الصافات‪.]182-180/‬‬ ‫﴿سبحان َرِبك َر ِب ال ِعز ِة ع َّما ي ِصفون (‪ )180‬وسالم على امل ْرس ِلين (‪ )181‬والحمد ِ ِ‬

‫‪-7 -‬‬

You might also like