‫العدد ‪27‬‬ ‫األحد ‪ 14‬تموز ‪2002‬‬

‫احد اآلباء‬
‫القراءة اإلنجيلية اليوم جزء من العظة على الجبل كما وردت عند متى‪ 0‬ويستهلها بقول السيد لتالميذه‪" :‬انتم نور العالم"‪0‬‬
‫ال شك ان هذا النور مصدره المسيح نفسه كما ان نور القمر يأتي من الشمس‪ 0‬وقد قال الرب‪" :‬انا هو نور العالم" (يوحنا ‪12 :8‬‬
‫و ‪ 0)5 :9‬وفي العهد القديم سمي هللا نو ار وكذلك التوراة‪0‬‬

‫النور له وظيفة وهي ان يشع‪ 0‬لذلك يوضع على المنارة اي على مكان مرتفع في اية قاعة من البيت‪ 0‬وظيفة النور‬
‫الذي يضيء في قلوب التالميذ وعقولهم ان يحمل بسلوكهم وأقوالهم النور الى الناس‪ 0‬هذا شيء يحصل تلقائيا ألن الرسل لكونهم‬
‫حاملي الكلمة في حالة تواصل مع الناس‪ 0‬بهذا االحتكاك يرى الناس اعمال الرسل (ومن بعدهم المسيحيين) ولكن الغاية ليست‬
‫تمجيد الرسول كاهنا كان ام علمانيا ولكن ان يمجدوا اآلب‪ 0‬حامل اإلنجيل ال يدعو الى شخصه احدا‪ 0‬يدعو السامعين الى‬
‫المسيح‪0‬‬

‫آت ألحل لكن ألتم"‪ 0‬ظاهر هذا‬ ‫ثم ينتقل الى موضوع آخر بقوله‪" :‬ال تظنوا اني جئت ألحل الناموس واألنبياء‪ 0‬اني لم ِ‬
‫ّ‬
‫الكالم يعني ان يسوع يقبل كل ما أتت به ديانة العهد القديم‪ 0‬ومن الواضح ان السيد يؤمن بأن هذا الكتاب موحى به من هللا وانه‬
‫تاليا ال يلغي حرفا واحدا فيه‪ 0‬الكل يذكر بعد هذا المقطع قول يسوع‪" :‬قد سمعتم انه قيل للقدماء ال تقتل‪ ...‬واما انا فأقول لكم ان‬
‫كل من يغضب على اخيه باطال يكون مستوجب الحكم"‪ 0‬يسوع ال ينقض ولكن يعمق‪ 0‬يريد مكافحة الخطيئة من شروشها‪ 0‬كذلك‬
‫ما يتعلق بالزنى‪ 0‬الرب يريد ان يضربه من اصوله فيبين ان الشهوة منبع الخطيئة‪0‬‬

‫لقد قيلت اشياء كثيرة في اإلنجيل عن السبت وكيف مانع الفريسيون الرب من ان يشفي في السبوت‪ 0‬هو ما قال‪ :‬وصية‬
‫السبت غلط‪ 0‬قال ال تنطبق في حاالت الشفاء‪ ،‬فأنا ال أنقض السبت‪ ،‬ولكني اخفف الصرامة التي اوجدها العلماء فمنعوا حتى‬
‫الشفاء‪ 0‬بعد هذا‪ ،‬في الكنيسة‪ ،‬سقط السبت من ذاته‪0‬‬

‫عندما امتدت الكنيسة الى األمم الوثنية ظهر هذا السؤال‪ :‬هل يتهود هؤالء اوالً ثم ُيعمدون؟ مجمع الرسل في اورشليم قرر‬
‫ان الناموس ال ُيفرض على المسيحيين الجدد وظهر فهم روحي لنواميس العهد القديم‪ 0‬فالختان لم يعد ملزما اذ حلت المعمودية‬
‫محله‪ 0‬والذبائح الدموية أُبطلت بدم المسيح‪ 0‬ما قيل ان هذه كانت خطأ في ايام الوحي بها‪ 0‬قيل تجاوزناها الى ما هو روحي‪0‬‬

‫يبقى قول المعلم‪" :‬اما الذي يعمل ويعلم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السموات"‪ 0‬هنا يكشف يسوع ان التعليم ال يكفيك‬
‫وحده لتصير انت نو ار للعالم‪ 0‬ينبغي ان تعمل العمل الصالح الذي بينت المسيحية انه نابع من المحبة‪ 0‬فاذا كان التعليم يشير‬
‫الى ايمان صاحبه فالعمل يدل على ان هذا اإليمان حي ويحيي صاحبه وسامعيه‪ 0‬المسيحية هي إيمان ومحبة ال ينفصالن‪ 0‬هي‬
‫كلمة نتممها في واقع حياتنا‪0‬‬
‫والنور يشع كثي ار ان تعاونا في الكنيسة على تعليم اإليمان وعلى تنفيذه‪ ،‬مشتركين‪ ،‬بالعمل الصالح‪ 0‬وهكذا سلك آباؤنا‬
‫القديسون الذين نعيد لهم اليوم‪ 0‬كانوا الهوتيين واب ار ار معا‪0‬‬

‫جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)‬