Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 2

‫مجزوءة األخالق‬ ‫مجزوءة السياسة‬ ‫مجزوءة المعرفة‬ ‫اإلنسان‬

‫تعد األخالق من التوجيهات و الوصايا و القواعد‬ ‫يعد مفهوم السياسة من الموضوعات التي اهتمت‬ ‫إن كل عملية فكرية تستوجب وجود ذات عارفة‬ ‫يعتبر موضوع اإلنسان محور اهتمام الفلسفة‪ ،‬إذ‬
‫التي تهدف إلى تقويم اعوجاج السلوك اإلنساني و‬ ‫بها الفلسفة لكونها تتناول التنظيم االجتماعي‬ ‫متصفة بالوعي و العقل و في المقابل موضوع‬ ‫تناولت مند بدايتها مع اإلغريق‪ ،‬و تنوعت طرق‬
‫تنظيم الحياة االجتماعية‪ ،‬ولقد اهتمت الفلسفة‬ ‫ووضع ضوابط للسلوك اإلنساني‪ ،‬إنها المجال الذي‬ ‫معرفة‪ ،‬و المعرفة تحتم على العالم أن يلتزم الحياد‬ ‫دراسته و مجال بحثه‪ ،‬يمكن تحديد الظروف‬
‫بموضوع األخالق مند العصور القديمة خاصة مع‬ ‫يرتبط بامتالك السلطة و ممارستها من خالل‬ ‫في بنائه للمعارف حتى تكون موضوعية و لذا‬ ‫المتدخلة في تحديد حقيقة اإلنسان إلى ُبعدين‪،‬‬
‫"سقراط" و "أرسطو"‪ ،‬إذ انصب اهتمام‬ ‫مؤسسات تهدف إلى تدبير الشأن العام‪ ،‬ويمكن‬ ‫ينبغي التخلي عن وجهته الخاصة و شعوره الخاص‬ ‫أولهما بعد موضوعي و يتجلى في مجموعة من‬
‫الباحثين في مجال األخالق إلى جعل السلوك‬ ‫تقسيم االهتمام بالسياسة إلى مجالين مختلفين‬ ‫في تعامله مع موضوع الدراسة‪ ،‬فالمعرفة ليست‬ ‫اإلكراهات و الحتميات و الضغوطات التي تفرض‬
‫متأسسا على الفضائل و تنظيم السلوكات الغريزية‬ ‫يتمثل األول في المجال الفلسفي الذي يتناول‬ ‫معطيات جاهزة و تلقائية بل هي نتاج لمجهود‬ ‫على اإلنسان‪ ،‬و منها خضوعه لقوانين الطبيعة ثم‬
‫و التخلص من الشهوات و األهواء العشوائية التي‬ ‫موضوع السياسة من ناحية نظرية يهدف من‬ ‫إنساني تتدخل في إنشائه عوامل ووسائل متعددة‪،‬‬ ‫سيادة قوانين المجتمع و أعرافه و تقاليده عليه ثم‬
‫تقود إلى الفوضى‪ ،‬إن الهدف األسمى الذي تتوخى‬ ‫خاللها إلى تحديد ما ينبغي أن يكون‪ ،‬لذلك فان‬ ‫فسواء تعلق األمر بمعرفة الطبيعة أو معرفة‬ ‫كونه كائن فان‪ .‬أما البعد الثاني فهو ذاتي يرتبط‬
‫األخالق بلوغه هو تحقيق السعادة‪ ،‬و ذلك بضمان‬ ‫معظم النظريات الفلسفية في السياسة اتصفت‬ ‫اإلنسان ذاته‪،‬و ينبغي على اإلنسان احترام مناهج‬ ‫أساسا بجانب الحرية و التفكير اللذين يتمتع بهما‬
‫الحرات الضرورية لتحقيق الحاجيات دون اإلخالل‬ ‫بالمثالية و توخت التنظير لدولة مثالية‪ ،‬و انتقاد ما‬ ‫تؤهله إلى إثبات الحقيقة و توصله إلى معرفة ذات‬ ‫اإلنسان‪ ،‬و من خاللهما يستطيع اإلنسان أن يختار‬
‫بالواجبات‪ ،‬غير إن التفكير في األخالق يطرح عدة‬ ‫هو قائم في الواقع‪ ،‬أما المجال الثاني فيتجلى في‬ ‫قيمة موضوعية‪ ،‬إن التقييم العلمي و المعرفي‬ ‫سلوكاته و يغير من وجوده‪ ،‬وما دام اإلنسان يوجد‬
‫إشكاليات من بينها ‪:‬هل األخالق مطلقة و شاملة و‬ ‫الممارسة التطبيقية للسياسة في الواقع من قبل‬ ‫لإلنسان أتاح له فرصة السيطرة على العالم م مكنه‬ ‫داخل مجتمع فينبغي أوال تحديد حقيقة هذا اإلنسان‬
‫موحدة بين جميع الناس‪ ،‬أم أن لكل مجتمع أخالقه‬ ‫رجل السياسة و تعتمد عدة مؤسسات تتحدد‬ ‫من فهم ألغازه‪ ،‬فابتداء من القرن‪ 17‬عرف العالم‬ ‫و توضيح األساس الذي تنبني عليه‪ ،‬كما ينبغي‬
‫و بذلك تكون نسبية؟ و هل يعتمد تطبيق األخالق‬ ‫مهمتها في الحفاظ على حقوق الناس و إقامة‬ ‫ثورات علمية بفضل اعتماد المنهج التجريبي‪ ،‬كانت‬ ‫تحديد عالقة األنا بالغير على مستوى المعرفة و‬
‫على اإللزام أم االلتزام؟‬ ‫العدل و القضاء على العنف‪.‬‬ ‫لهذه الثورات اثر واضح في تقدم اإلنسانية‪ .‬غير أن‬ ‫الوجود‪ ،‬و أخيرا ينبغي تحديد تصور اإلنسان‬
‫هذه العلوم تطرح إشكاالت فيما يتعلق بطريقة‬ ‫للتاريخ و مراجعة المعارف التاريخية و األسس‬
‫الواجب‬ ‫الدولة‬ ‫إنشائها أو التأكد من صدقها‪ ،‬ويتجسد ذلك خصوصا‬ ‫التي تنبني عليها بهدف تكوين معرفة حقيقية‪.‬‬
‫يشير الواجب إلى ما ينبغي على الفرد القيام به‪ ،‬و‬ ‫يتربع مفهوم الدولة عرش الفلسفة السياسية‪ ،‬لما‬ ‫من خالل إشكال بناء النظرية العلمية و اعتماد‬
‫لكن ما يجب على اإلنسان قد يقوم به بشكل حر و‬ ‫يحمله من أهمية قصوى سواء اعتبرناه كيانا‬ ‫التجارب إلثبات صدقها‪ ،‬كما ُيطرح إشكال آخر‬ ‫الشخص‬
‫إرادي ملتزما بأدائه وعيا منه لما يحققه له ولغيره‬ ‫بشريا ذو خصائص تاريخية‪ ،‬جغرافية‪ ،‬لغوية‪ ،‬أو‬ ‫يتعلق بعلمية العلوم اإلنسانية إلى جانب إشكال‬ ‫يعتبر مفهوم الشخص من المفاهيم التي حضية‬
‫من نفع‪ ،‬و قد تتدخل سلطة خارجية تلزم اإلنسان‬ ‫ثقافية مشتركة؛ أو مجموعة من األجهزة المكلفة‬ ‫تحديد مفهوم الحقيقة ضمن مجال البحث العلمي‪.‬‬ ‫باهتمام العديد من الفالسفة و المفكرين و العلماء‬
‫وتكرهه على الخضوع له‪ ،‬لكن احترام الواجب‬ ‫بتدبير الشأن العام للمجتمع‪ .‬وتعد الدولة مدافعة‬ ‫من مجاالت معرفية متعددة منها ‪ :‬علم النفس‪ ،‬علم‬
‫يستوجب نوعا من الوعي األخالقي سواء كان‬ ‫عن حقوق اإلنسان ومنظمة للعالقات االجتماعية‬ ‫النظرية العلمية‬ ‫االجتماع‪ ،‬القانون‪ ،‬األخالق‪ ،‬الفلسفة‪...‬لذلك يطرح‬
‫أصل هذا الوعي فطريا أم مكتسبا‪ ،‬إلى جانب تدخل‬ ‫وضامنة لألمن‪ ،‬و لكنها في نفس الوقت تمارس‬ ‫تطرح عالقة النظرية بالتجربة إشكاال يتمثل في‬ ‫إشكاالت صعبة مرتبطة بحقيقة اإلنسان و ما يتعلق‬
‫المجتمع في مراقبة أفراده‪.‬‬ ‫سلطات على اإلنسان و تحد من حرياته‪ .‬فإن دل‬ ‫تحديد األساس الذي ينبغي اعتماده لفهم العالم إذ‬ ‫بها من قيمته و مصيره و حريته‪.‬‬
‫الواجب و اإلكراه‪:‬‬ ‫االعتبار الثاني على شيء فإنما يدل على كون‬ ‫نجد عددا من الفالسفة و المفكرين يعتبرون أن‬ ‫"باسكال" التأمل العقلي بمثابة الوسيلة الوحيدة‬
‫هل يكون اإلنسان ملزما بالقيام بالواجب تحت‬ ‫الدولة سيف على رقاب المواطنين وعلى هؤالء‬ ‫للعقل القدرة الكاملة على فهم قوانين العالم و‬ ‫التي يمكن اعتمادها في معرفة حقيقة اإلنسان‪.‬‬
‫إكراه سلطة خارجية‪ ،‬أم أن الواجب ينبع من التزام‬ ‫االمتثال واالنصياع‪،‬‬ ‫اكتشاف أسراره وذلك عن طريق التأمل النظري‬ ‫الشخص والهوية‬
‫ذاتي و خضوع إرادي ؟‬ ‫ألن العقل يمتلك أفكارا فطرية تؤهله لفهم كل ما في‬ ‫"جون لوك" إن اإلدراك الحسي أساسي في‬
‫"كانط" رقابة العقل هي التي تفرض على اإلنسان‬ ‫"أرسطو"‪ :‬ال يمكن لإلنسان أن يعيش منعزال ما‬ ‫الوجود‪ ،‬بينما نجد عددا من الفالسفة و العلماء‬ ‫الوصول إلى حقيقة الشخص‪ ،‬وبالتالي شخص‬
‫االلتزام بالواجب‪ ،‬وينبغي أن يتأسس الواجب على‬ ‫دام يحتاج لآلخرين‪ ،‬لذلك وجب الخضوع لتنظيم‬ ‫يعتبرون أن المعرفة ينبغي أن ُتستمد من الواقع‬ ‫اإلنسان وهويته تنبني على مسألة الشعور‪.‬‬
‫اإلرادة الطيبة وتوخي الخير في كل سلوك‪،‬‬ ‫يهدف إلى خدمة المصالح العامة‪ ،‬وتظل الدولة أهم‬ ‫وذلك من خالل اعتماد التجربة و الحواس‪ ،‬غير أن‬ ‫"شوبنهاور" إن هوية الشخص تتأسس على‬
‫"ج‪.‬ماري غويل" الواجب نابع من الحياة‬ ‫من الفرد‪.‬‬ ‫هذا االختالف الموجود بين التصورين يفضي إلى‬ ‫اإلرادة‪ ،‬واختالف الناس يرجع أساسا إلى اختالف‬
‫وقوانينها ويرتبط بقدرة اإلنسان وشعوره بما‬ ‫مشروعية الدولة وغاياتها‪:‬‬ ‫نمطين من البحث يكون أحدهما بحث عقالني بينما‬ ‫إراداتهم‪.‬‬
‫يستطيع القيام به دون أي إكراه‪ ،‬وكل قدرة تنتج‬ ‫من أين تستمد الدولة مشروعيتها؟ و ما هي‬ ‫يكون اآلخر بحث تجريبي‪.‬‬ ‫الشخص بوصفه قيمة‬
‫واجبا‪.‬‬ ‫غاياتها؟‬ ‫التجربة و التجريب‬ ‫"كانط" يعتبر أن قيمة الشخص تنبع من امتالكه‬
‫الوعي األخالقي‪:‬‬ ‫"اسبينوزا" ليس الهدف من الدولة االستبداد‬ ‫"كلود برنارد" يركز على دور التجربة والمالحظة‬ ‫للعقل هذا األخير الذي يعطي لإلنسان كرامته‬
‫كيف يتكون لدى اإلنسان الوعي بالواجبات؟ وما‬ ‫واإلخضاع‪ ،‬بل هدفها ضمان حقوق الناس وتوفير‬ ‫لبناء المعرفة العلمية مع االلتزام بخطوات المنهج‬ ‫ويسمو به‪ ،‬إنه ُيشرع مبدأ الواجب األخالقي‪.‬‬
‫مصدر اإلحساس بضرورة احترام الواجب؟‬ ‫حرياتهم‪ ،‬شريطة أال يتصرفوا ضد سلطتها‪.‬‬ ‫التجريبي(المالحظة ثم الفرضية فالتجربة)‪.‬‬ ‫"غوسدورف" قيمة الشخص تتحدد داخل المجتمع‬
‫"ج‪.‬ج‪ .‬روسو" اإلحساس بضرورة احترام‬ ‫"هيغل" تقوم الدولة بخدمة األفراد وبشكل‬ ‫"روني طوم" التجربة تحتاج إلى العقل والخيال‪،‬‬ ‫ال خارجه‪،‬فالشخص األخالقي ال يتحقق بالعزلة‬
‫الواجبات فطري في اإلنسان‪ ،‬إن اإلنسان يعرف‬ ‫تنظيمي توفر لهم حقوقهم‪ ،‬وتبقى أهم من الفرد‬ ‫ويتجلى دور العقل في بناء المعرفة من خالل‬ ‫والتعارض مع اآلخرين بل العكس‪.‬‬
‫الخير بشكل فطري وال يحتاج للدين والمجتمع‬ ‫باعتبارها أفضل وجود لإلنسان‪.‬‬ ‫صياغة الفرضية‪ ،‬مع إمكانية القيام بتجارب ذهنية‪.‬‬ ‫الشخص بين الضرورة والحرية‬
‫والثقافة ليتعلم ما هو خير‪.‬‬ ‫طبيعة السلطة الذاتية‪:‬‬ ‫العقالنية العلمية‬ ‫"ج‪ .‬ب‪ .‬سارتر" حقيقة اإلنسان تنبني أساسا على‬
‫"نيتشه" الوعي األخالقي باحترام الواجب مصدره‬ ‫كيف ينبغي للحاكم أن يتعامل مع شعبه؟ هل يجب‬ ‫"ألبير انشتاين" العقل مصدر المعرفة العلمية وذلك‬ ‫الحرية‪ ،‬فحقيقة اإلنسان بمثابة مشروع يعمل كل‬
‫العالقات االجتماعية فبين الدائن و المدين (في‬ ‫أن يقوم بكل ما يضمن له السلطة و االستمرارية‪،‬‬ ‫ألنه ينتج مبادئ وأفكار‪ ،‬وتبقى التجربة بمثابة أداة‬ ‫فرد على تجديده من خالل تجاربه واختياراته و‬
‫القرض) يحضر تأنيب الضمير الذي يلزم الفرد‬ ‫أم ينبغي أن يكون قدوة لشعبه؟‬ ‫مساعدة إلثبات صدق النظرية‪.‬‬ ‫سلوكاته وعالقاته باآلخرين‪.‬‬
‫بإرجاع ما أخذه من الغير‪.‬‬ ‫"ماكيافيلي" على الحاكم أن يستخدم كل الوسائل‬ ‫"غاستون باشالر" تعد المعرفة العلمية نتيجة‬ ‫"إمانويل مونيي" حرية اإلنسان ليست مطلقة‪،‬‬
‫الواجب والمجتمع‪:‬‬ ‫للتغلب على خصومه وبلوغ غايته‪ ،‬وعليه أن‬ ‫تكامل عمل كل من العقل والتجربة‪ ،‬العقل ينتج‬ ‫وشرط التحرر من الضغوطات هو تحقيق وعي‬
‫هل احترام الواجب نابع من سلطة المجتمع‪ ،‬أم‬ ‫يعرف كيف يخضع الناس لسلطته بالقانون والقوة‬ ‫أفكارا وتصورات‪ ،‬تعمل التجربة على استخالص‬ ‫بالوضعية‪ ،‬والعمل قدر اإلمكان على التحرر من‬
‫ينبغي على اإلنسان االلتزام بواجبات تجاه‬ ‫معا‪.‬‬ ‫المعطيات الحسية‪.‬‬ ‫الضغوطات‪.‬‬
‫اإلنسانية جمعاء؟ هل الواجب يرتبط بكل مجتمع و‬ ‫"ابن خلدون" على الحاكم أن يكون القدوة لشعبه‬ ‫معايير علمية النظرية العلمية‬
‫يختلف من مجتمع آلخر‪ ،‬أم انه مرتبط باإلنسان‬ ‫يحترم األخالق الفاضلة ويدافع عن الحق‪ ،‬وعليه‬ ‫"بيير تويلي" تعدد التجارب واالختبارات في‬ ‫الغير‬
‫عموما؟‬ ‫أن يتعامل بحكمة واعتدال مع شعبه‪.‬‬ ‫وضعيات مختلفة‪ ،‬يضفي االنسجام على النظرية كما‬ ‫إن مفهوم الغير اتخذ في التمثل الشائع معنى‬
‫"إميل دور كايم" احترام الواجب مصدره سلطة‬ ‫الدولة بين الحق والعنف‪:‬‬ ‫ينبغي على النظرية أن تخضع لمبدأ التماسك‬ ‫تنحصر داللته في اآلخر المتميز عن األنا الفردية‬
‫المجتمع‪ ،‬بمعنى أن المجتمع يفرض رقابته على‬ ‫من أين تستمد الدولة مشروعيتها‪ ،‬هل من الدفاع‬ ‫المنطقي‪.‬‬ ‫أو الجماعية (نحن)‪ .‬ولعل أسباب هذا التميز إما‬
‫األفراد لكي يقوموا بالواجبات‪.‬‬ ‫عن الحقوق أم من اللجوء إلى العنف؟ و كيف يتم‬ ‫"كارل بوبر" لكي تكون النظرية علمية ينبغي أن‬ ‫مادية جسمية‪ ،‬وإما أثنية (عرقية) أو حضارية‪ ،‬أو‬
‫"برغسون" ال بد من توفر سلطة المجتمع من‬ ‫تدبير العنف داخل الدولة؟ أليس االعتماد على‬ ‫تخضع لمعيار القابلية للتكذيب وذلك بوضع‬ ‫فروقا اجتماعية أو طبقية‪ ،‬ومن هذا المنطلق‪،‬‬
‫اجل احترام الواجب‪ ،‬وال بد من االنفتاح على‬ ‫العنف دليل على عدم مشروعية الدولة؟‬ ‫افتراضات تبين مجال النقص في النظرية‪.‬‬ ‫ندرك أن مفهوم الغير في االصطالح الشائع يتحدد‬
‫الواجبات الكونية التي تتجاوز انغالق المجتمع‪.‬‬ ‫"ماكس فيبر" الدولة وحدها من تمتلك حق‬ ‫بالسلب‪ ،‬ألنه يشير إلى ذلك الغير الذي يختلف عن‬
‫ممارسة العنف وذلك إلخضاع الناس للقانون ومن‬ ‫العلوم اإلنسانية‬ ‫األنا ويتميز عنها‪ ،‬ومن ثمة يمكن أن تتخذ منه‬
‫السعادة‬ ‫هنا فإن العنف الذي تمارسه الدولة يعتبر‬ ‫لق‪€€‬د ك‪€€‬ان ظه‪€€‬ور العل‪€€‬وم اإلنس‪€€‬انية خالل ق‪ 19 .‬ج‪€€‬د‬ ‫الذات مواقف‪ ،‬بعضها إيجابي كالتآخي‪ ،‬والصداقة‬
‫تعتبر السعادة هدفا أسمى يتوخى كل إنسان‬ ‫مشروعا‪.‬‬ ‫متأخر بالمقارنة مع العل‪€€‬وم التجريبي‪€€‬ة‪ ،‬له‪€€‬ذا الزالت‬ ‫وما إلى ذلك‪ ،‬وأخرى سلبية كالالمباالة‪ ،‬والعداء‪...‬‬
‫الوصول إليه‪ ،‬وتعمل األخالق والدين والسياسة‬ ‫"عبد هللا العروي" كل دولة تعمل على إخضاع‬ ‫تع‪€€‬اني من ص‪€€‬عوبات في تحدي‪€€‬د موض‪€€‬وع دراس‪€€‬تها‬ ‫تطرح معرفة الغير إشكاالت فلسفية اختلفت إجابات‬
‫على توفير الظروف المناسبة للسعادة وعلى‬ ‫الشعب لسلطاتها بالقوة والعنف وال يجمع عليها‬ ‫وفي اختي‪€€‬ار المنهج المناس‪€€‬ب للبحث‪ ،‬غ‪€€‬ير أن أهم‬ ‫الفالسفة فيها‪ ،‬و من أهم هذه اإلشكاالت سنقف‬
‫توجيه اإلنسان إلى الطريق المؤدي إليها‪ ،‬غير أن‬ ‫الناس وال يكون الحاكم مختارا من طرف الشعب ال‬ ‫اإلشكاالت ال‪€€‬تي تطرحه‪€€‬ا ‪ :‬تتمث‪€€‬ل في تحدي‪€€‬د عالق‪€€‬ة‬ ‫عند إمكانية معرفة الغير كذات واعية‪ .‬و هو إشكال‬
‫مفهوم السعادة يختلف تحديده من فرد إلى آخر‪،‬‬ ‫تعتبر دولة شرعية‪ ،‬والعكس صحيح‪.‬‬ ‫الذات بالموضوع ما دام اإلنسان ه‪€€‬و ال‪€€‬ذات الباحث‪€€‬ة‬ ‫يتعلق أساسا بإعطاء قيمة لهذا اإلنسان الذي‬
‫فهناك من يركز على السعادة المادية‪ ،‬وآخر على‬ ‫و في نفس الوقت هو موضوع البحث‪ .‬و يترتب عن‬ ‫نحاول معرفته‪ ،‬أما اإلشكال الثاني فيتعلق بمنهجية‬
‫السعادة الروحية بينما يركز آخر على السعادة‬ ‫العنف‬ ‫ذل‪€€‬ك تحدي‪€€‬د قيم‪€€‬ة المعرف‪€€‬ة ال‪€€‬تي تنتجه‪€€‬ا العل‪€€‬وم‬ ‫التعرف على الغير‪.‬‬
‫العقلية (المعرفية)‪ ،‬ولقد اهتمت الفلسفة بالسعادة‬ ‫يعتبر العنف بمثابة إفراط في استخدام القوة بشكل‬ ‫اإلنسانية إذا ما قورنت بما تنتجه العل‪€‬وم التجريبي‪€‬ة‪.‬‬ ‫وجود الغير‪:‬‬
‫منذ العصور القديمة فأنتجت تصورات مختلفة‬ ‫يخالف القانون ويؤدي إلى إلحاق الضرر سواء‬ ‫هل يمكن التعامل مع اإلنسان باعتباره موض‪€€‬وعا أو‬ ‫"مارتن هايدغر" وجود الغير مه‪€€‬دد لوج‪€€‬ود ال‪€€‬ذات‬
‫بطرق تحصيل السعادة الفردية و الجماعية‪.‬‬ ‫بالطبيعة أو اإلنسان‪ ،‬غير أنه ال يمكن حصر العنف‬ ‫ش‪€€‬يئا؟ م‪€€‬ا قيم‪€€‬ة المعرف‪€€‬ة ال‪€€‬تي تص‪€€‬ل إليه‪€€‬ا العل‪€€‬وم‬ ‫م‪€€‬ا دام يحرمه‪€€‬ا من خصوص‪€€‬ياتها‪ ،‬والغ‪€€‬ير مفه‪€€‬وم‬
‫في نموذج واحد من السلوكات بل يتخذ أشكاال‬ ‫اإلنسانية؟ ه‪€€‬ل يمكن تط‪€€‬بيق المن‪€€‬اهج التجريبي‪€€‬ة في‬ ‫قابل لكي يطلق على كل إنسان‪.‬‬
‫"الفارابي" السعادة هي أعظم الخيرات‪ ،‬إن‬ ‫متعددة مادية ومعنوية‪ ،‬ويأتي االهتمام بالعنف في‬ ‫دراسة الظاهرة اإلنسانية؟‬ ‫"ج‪ .‬ب‪ .‬سارتر" وجود الغير يهدد ال‪€€‬ذات من جه‪€€‬ة‬
‫اإلنسان ال يحقق سعادته إال باالجتماع والتعاون‬ ‫إطار فهم طبيعة اإلنسان وتنظيم عالقته بالغير قد‬ ‫موضعة الظاهرة اإلنسانية‪:‬‬ ‫وضروري لها من جهة أخرى‪ ،‬إن نظرة الغير إلين‪€€‬ا‬
‫والتكامل وااللتزام باألخالق الفاضلة‪.‬‬ ‫كان اهتمام الفالسفة بالعنف منذ العصور القديمة‪،‬‬ ‫"جون بياجي" يواجه الب‪€‬احث في العل‪€‬وم اإلنس‪€‬انية‬ ‫تحرمن‪€€‬ا من ه‪€€‬ذه الحري‪€€‬ة وتجعلن‪€€‬ا مج‪€€‬رد ش‪€€‬يء أو‬
‫تمثالت السعادة‪:‬‬ ‫غير أن العصور الراهنة جعلت البحث في مجال‬ ‫مش‪€€‬كل تحدي‪€€‬د المنهج المناس‪€€‬ب إلى ج‪€€‬انب التخلص‬ ‫َعْبٍد‪.‬‬
‫ما هي السعادة؟ و كيف يمكن تحقيقها؟‬ ‫العنف يتشعب ويتسع‪ ،‬إذ أصبح ينظر إلى العنف‬ ‫من الذاتي‪€€€‬ة‪ ،‬و ينتج عن ه‪€€€‬ذا الوض‪€€€‬ع المت‪€€€‬داخل‬ ‫معرفة الغير‪:‬‬
‫"أرسطو" السعادة خير نسعى إليه من أجل ذاته‪،‬‬ ‫على أنه مشكل يهدد استقرار المجتمع غير أن‬ ‫صعوبة تحقيق الموضوعية‪.‬‬ ‫"إدموند هوسرل" معرفة الغير ممكنة ما دام جزءا‬
‫وتتحقق سعادة الفرد بالتزامه باألخالق الفاضلة‪،‬‬ ‫العنف تنبع أصوله من رغبات اإلنسان و متجدر‬ ‫"فرانسوا باستيان" يؤكد على ضرورة الفص‪€€‬ل بين‬ ‫من العالم الذي أعيش فيه‪ ،‬وما أعرفه من الغير هو‬
‫ثم إن السعادة حسب تنبني على االجتهاد والجد و‬ ‫في الطبيعة‪.‬‬ ‫ال‪€€‬ذات والموض‪€€‬وع واالل‪€€‬تزام بالحي‪€€‬اد‪ ،‬وذل‪€€‬ك بتأم‪€€‬ل‬ ‫المستوى الذي يشاركني و يشابهني فيه‪.‬‬
‫ليس اللهو‪.‬‬ ‫الظ‪€€€€‬واهر باعتباره‪€€€€‬ا أش‪€€€€‬ياء ويقت‪€€€€‬دي ب‪€€€€‬العلوم‬ ‫"غاستون بيرجي" تتأسس حقيقة اإلنسان على‬
‫"كانط" السعادة تصور كامل مجرد بينما حياة‬ ‫" ج‪ .‬ج‪ .‬روسو" العالقات االجتماعية تتصف‬ ‫التجريبية‪.‬‬ ‫تجربته وعلى إحساساته الداخلية‪ ،‬إن هناك فاصال‬
‫اإلنسان تنبني على كل ما هو جزي و تجريبي‪ ،‬إذن‬ ‫بممارسات كثيرة للعنف‪ ،‬و مصدر العنف هو‬ ‫التفسير و الفهم في العلوم اإلنسانية‪:‬‬ ‫بين الذات والغير يستحيل معه التعرف على حقيقة‬
‫السعادة بمثابة مثال للخيال ال يمكن تحقيقه‪.‬‬ ‫الدفاع عن الملكية الخاصة‪.‬‬ ‫هل يمكن اعتماد الفهم والتفس‪€€‬ير في دراس‪€€‬ة العل‪€€‬وم‬ ‫هذا الغير‪.‬‬
‫البحث عن السعادة‪:‬‬ ‫أشكال العنف‪:‬‬ ‫اإلنسانية؟ و كيف يس‪€€‬اهم التفس‪€€‬ير و الفهم في بن‪€€‬اء‬ ‫العالقة مع الغير‪:‬‬
‫هل التقدم اإلنساني يؤدي إلى تحقيق السعادة‪ ،‬أم‬ ‫ما هي أشكال العنف؟ هل العنف طبيعي أم ثقافي؟‬ ‫المعرفة ضمن العلوم اإلنسانية؟‬ ‫"إمانويل كانط" الصداقة هي النموذج المثالي‬
‫إلى االبتعاد عنها؟‬ ‫" لورنتز" يشترك اإلنسان مع الحيوان في‬ ‫"ك‪ .‬ل‪ .‬س‪€€€€€‬تراوس" البحث في مج‪€€€€€‬ال العل‪€€€€€‬وم‬ ‫للعالقة مع الغير‪ ،‬و مبدأ الواجب األخالقي يفرض‬
‫"ج‪.‬ج‪ .‬روسو" أدى االنتقال من حالة الطبيعة إلى‬ ‫الجوانب العدوانية‪ ،‬ويتصف الحيوان بامتالك‬ ‫اإلنس‪€€‬انية ال يس‪€€‬تطيع أن يص‪€€‬ل إلى تفس‪€€‬ير دقي‪€€‬ق‬ ‫على اإلنسان االلتزام بمبادئ فاضلة وتوجيه إرادته‬
‫حالة المجتمع‪ ،‬فقدان اإلنسان سعادته وتحول‬ ‫كوابح طبيعية عصبية‪ ،‬أما كوابح اإلنسان فهي‬ ‫للظواهر‪ ،‬كما ال يستطيع أن يص‪€€‬ل إلى تنب‪€€‬ؤ ص‪€€‬حيح‬ ‫نحو الخير دائما‪.‬‬
‫البحث عنها إلى شقاء دائم‪.‬‬ ‫ثقافية‪.‬‬ ‫بما ستكون عليه‪.‬‬ ‫"أوغست كونت" إن الغيرية باعتبارها نكران‬
‫"هيوم" تتحقق السعادة من خالل تنمية الدوق‬ ‫" كلوزفتش" الحرب هي ممارسة العنف اتجاه‬ ‫"فلهلم دلتاي" يرفض تقلي‪€€‬د العل‪€€‬وم التجريبي‪€€‬ة كم‪€€‬ا‬ ‫للذات وتضحية من أجل األخر هي الكفيلة بتثبيت‬
‫والسمو بمشاعر اإلنسان وعواطفه واالهتمام‬ ‫الغير بهدف إخضاعه إلرادة الذات‪ ،‬الحرب سلوك‬ ‫ي‪€€€‬رفض اعتم‪€€€‬اد التفس‪€€€‬ير في دراس‪€€€‬ة الظ‪€€€‬واهر‬ ‫مشاعر التعاطف و المحبة بين الناس‪.‬‬
‫بالمتعة الجمالية مع ظهور الفنون الجميلة‬ ‫عدواني يقتصر على اإلنسان فقط‪.‬‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬و يؤكد على ض‪€€‬رورة بن‪€€‬اء منهج يناس‪€€‬ب‬
‫وتطورها‪.‬‬ ‫العنف في التاريخ‪:‬‬ ‫الظواهر اإلنسانية‪.‬‬ ‫التاريخ‬
‫السعادة والواجب‪:‬‬ ‫هل يتراجع العنف مع تقدم التاريخ‪ ،‬أم العكس؟ و‬ ‫نموذجية العلوم التجريبية‪:‬‬ ‫يعتبر مفهوم التاريخ من الموضوعات التي تهتم‬
‫هل القيام بالواجب يساهم في تحقيق السعادة أم‬ ‫ما هو نوع العنف المتحكم في التاريخ؟‬ ‫ه‪€€‬ل تعت‪€€‬بر العل‪€€‬وم اإلنس‪€€‬انية بمثاب‪€€‬ة نم‪€€‬وذج ينبغي‬ ‫باإلنسان وذلك بهدف تخليد تجاربه و معارفه‪ ،‬و‬
‫يعيق الوصول إليها؟‬ ‫" انغلز" هناك عنف سياسي وعنف اقتصادي‬ ‫لب‪€€‬اقي العل‪€€‬وم أن تقت‪€€‬دي ب‪€€‬ه؟ كي‪€€‬ف يمكن للعل‪€€‬وم‬ ‫لقد بدأ االهتمام بكتابة التاريخ منذ العصور القديمة‪.‬‬
‫"راسل" ال تتجلى السعادة إال ضمن العالقات‬ ‫هدفه اإلنتاج وامتالك وسائل اإلنتاج‪ ،‬وغالبا ما‬ ‫اإلنسانية أن تتخلص من حضور الذاتية في النتائج؟‬ ‫غير أن البحث في مجال التاريخ يطرح إشكاالت‬
‫االجتماعية التي تجعل الذات تهتم بالغير وتتعاطف‬ ‫يحدد الثاني األول ما دام العنصر االقتصادي اساس‬ ‫"ورنيي ‪ -‬طولرا" إن العلوم اإلنسانية ال يمكنه‪€‬ا أن‬ ‫متعددة‪ ،‬يتعلق أولها بالوصول إلى المعرفة‬
‫معه‪ ،‬وينبغي استشعار الواجب في التعامل مع‬ ‫التطور‪.‬‬ ‫تصل إلى معرفة حقيقية للظواهر اإلنس‪€€‬انية إال به‪€€‬ذا‬ ‫التاريخية من خالل اعتماد مناهج دقيقة و محاولة‬
‫اآلخرين‪.‬‬ ‫" فرويد" السلطة الناتجة عن اتحاد واتفاق‬ ‫التداخل بين الذات و الموض‪€€‬وع‪ ،‬فال ينبغي أال تطغى‬ ‫تحري الصدق و الوصول إلى اليقين‪ ،‬غير أن‬
‫"االن" السعادة واجب على اإلنسان تجاه ذاته‬ ‫الجماعة هي مصدر الحق والقانون‪ ،‬والقانون‬ ‫ه‪€€‬ذه الذاتي‪€€‬ة على البحث فتغ‪€€‬ير من نتائج‪€€‬ه و ت‪€€‬أول‬ ‫الحقيقة اليقينية في المعرفة التاريخية يصعب‬
‫وهي غاية يمكن بلوغها‪ ،‬وهي كذلك واجب نحو‬ ‫بمثابة عنف جماعي يوجه ضد المتمردين بهدف‬ ‫داللته‪.‬‬ ‫الوصول إليها‪ ،‬وذلك بسب(تدخل ذاتية المؤرخ‪،‬‬
‫الغير بإسعاده وإبعاد كل أشكال القلق واالستياء‬ ‫الحفاظ على الحقوق‪.‬‬ ‫"م‪ .‬ميرولو بون‪€€‬تي" ك‪€€‬ل إنس‪€€‬ان ينطل‪€€‬ق من وجه‪€€‬ة‬ ‫وقلة اآلثار والوثائق المعتمدة وكون الواقعة‬
‫والشقاء والملل‪...‬‬ ‫العنف والمشروعية‪:‬‬ ‫نظره الخاصة ومن فهمه الخاص إن حض‪€€‬ور ال‪€€‬ذات‬ ‫التاريخية غير قابلة للتكرار)‪ ،‬أما اإلشكال الثاني‬
‫هل هناك عنف مشروط أم إن كل إشكال العنف‬ ‫مركزي في تكوين كل معارف اإلنسان‪.‬‬ ‫فيتعلق بدور اإلنسان في التاريخ‪ ،‬ويتجلى اإلشكال‬
‫الحرية‬ ‫مرفوضة؟ من يمتلك حق ممارسة العنف؟ هل يحق‬ ‫الثالث في تحديد أهمية المعرفة التاريخية الماضية‬
‫يدل مفهوم الحرية في معناه الفلسفي على قدرة‬ ‫للشعب مواجهة عنف الدولة بعنف مضاد(الثورة)؟‬ ‫الحقيقة‬ ‫بالنسبة للحاضر و المستقبل‪.‬‬
‫الفرد اختيار غاياته و السلوك وفق إرادته‬ ‫" كانط" تمرد الشعب واستخدامه للعنف يؤدي إلى‬ ‫تعت‪€€‬بر الحقيق‪€€‬ة ه‪€€‬دفا لك‪€€‬ل بحث علمي ولك‪€€‬ل تأم‪€€‬ل‬ ‫المعرفة التاريخية‬
‫الخاصة‪ ،‬دون تدخل عوامل توثر في تلك اإلرادة‪،‬‬ ‫الفوضى وتضيع معها كل الحقوق‪ ،‬إن الحاكم وحده‬ ‫فلسفي‪ ,‬إنها الغاية التي ينشدها كل إنسان سواء في‬ ‫"بول ريكور" كتابة التاريخ مسالة صعبة‪،‬‬
‫إن الحرية بهذا المعنى تقتصر على اإلنسان وحده‪،‬‬ ‫من يملك حق استخدام العنف‪.‬‬ ‫عالق‪€€‬ات اجتماعي‪€€‬ة أو في حيات‪€€‬ه الشخص‪€€‬ية أو في‬ ‫فمعرفتنا بالتاريخ ال تعد حقيقة مطلقة بل هي‬
‫غير أن هذه الحرية التي تضع اإلنسان فوق باقي‬ ‫" فايل" العنف سلوك حيواني عدواني يحط من‬ ‫عالقت‪€€‬ه ب‪€€‬الوجود‪ .‬غ‪€€‬ير أن مفه‪€€‬وم الحقيق‪€€‬ة يتص‪€€‬ف‬ ‫معرفة نسبية غير أنها ومع ذلك تعد معرفة علمية‬
‫الكائنات الطبيعية تبدو متعارضة مع مبدأ الحتمية‬ ‫قدر اإلنسان‪ ،‬انه مشكل أمام الفلسفة‪ ،‬إذ تعد‬ ‫بن‪€€‬وع من الغم‪€€‬وض س‪€€‬ببه تع‪€€‬دد الحق‪€€‬ائق‪ ،‬و تع‪€€‬دد‬ ‫موضوعية‪.‬‬
‫الذي تخضع له كل واقعة‬ ‫الفلسفة صراع فكري ال جسدي‪.‬‬ ‫مصادر المعرفة كم‪€‬ا تط‪€‬رح ص‪€‬عوبة تمي‪€‬يز الحقيق‪€‬ة‬ ‫"ريمون ارون" معرفة اإلنسان بالتاريخ عملية‬
‫عن أض‪€€‬دادها نتيج‪€€‬ة ت‪€€‬داخلهم‪ ،‬وه‪€€‬و م‪€€‬ا يس‪€€‬توجب‬ ‫صعبة ما دامت تعتمد على استخراج داللة الوثائق‬
‫"اليبنتز" يعد لفظ الحرية صعب التحديد إذ يتداخل‬ ‫الحق و العدالة‬ ‫وض‪€€‬ع مفه‪€€‬وم الحقيق‪€€‬ة موض‪€€‬ع س‪€€‬ؤال‪ .‬إذ يقتض‪€€‬ي‬ ‫والمعطيات واآلثار المنتسبة إلى الماضي‪ ،‬فالمؤرخ‬
‫فيه الجانب النظري مع الجانب العملي و لذلك‬ ‫الحق يندرج ضمن عالقات اجتماعية ال ينبغي أن‬ ‫األمر في البداية معرفة الحقيقة و تحديد داللتها ‪ ،‬ثم‬ ‫مطالب بالتزام الموضوعية وأن يعيش على‬
‫يصبح مفهوما غامضا و ملتبسا‪ ،‬إذ نجد حاالت‬ ‫يكون مطلقا بل يستوجب استحضار الواجب‪،‬‬ ‫إبراز الوسائل المعتم‪€‬دة للوص‪€‬ول إلى الحقيق‪€‬ة (ه‪€‬ل‬ ‫المستوى الذهني في اللحظة التاريخية التي يريد أن‬
‫ُينظر عادة إليها بأنها تناقض الحرية و مع دلك‬ ‫والحق منهجية ووصايا تحدد للسلوك طريقا‬ ‫هو العقل أم الحواس)‪ ,‬و أخيرا تحديد معيار التمي‪€€‬يز‬ ‫يدرسها‪.‬‬
‫نجد اإلنسان حرًا في ظلها و بالمقابل نجد حاالت‬ ‫لألخالق الفاضلة‪ ،‬والحديث عن الحق يستوجب‬ ‫بين الحقيقة و الالحقيقة‪.‬‬ ‫التاريخ و فكرة التقدم‬
‫يعتقد أنها تعبر عن الحرية ورغم ذلك ال تخلو من‬ ‫استحضار مفهوم العدالة باعتباره قانونا يضمن‬ ‫الرأي والحقيقة‪:‬‬ ‫"ك‪ .‬ماركس" يتقدم التاريخ نحو األفضل بفعل‬
‫إكراه‪ ،‬و قد تكون عوائق الحرية طبيعية كما قد‬ ‫لألفراد التمتع بحقوقهم وسلطة تلزمهم باحترام‬ ‫"بليز باس‪€‬كال" هن‪€‬اك حق‪€‬ائق مص‪€‬درها العق‪€‬ل ويتم‬ ‫التناقض بين اإلنتاج وعالقات اإلنتاج‪ ،‬وينتهي هذا‬
‫تكون اجتماعية‪.‬‬ ‫واجبات اآلخرين‪ ،‬ويعتبر مفهوم الحق من المفاهيم‬ ‫البره‪€€€‬ان عليه‪€€€‬ا‪ ،‬وحق‪€€€‬ائق مص‪€€€‬درها القلب ويتم‬ ‫التناقض بميالد مجتمع جديد وبالتالي تاريخ جديد‪.‬‬
‫الحرية و الحتمية‪:‬‬ ‫النبيلة إذ تلتقي مع قيم الواجب والحرية‬ ‫اإليمان أو التسليم بها‪ ،‬إن العق‪€‬ل يحت‪€‬اج إلى حق‪€‬ائق‬ ‫"م‪.‬م‪ .‬بونتي " تسلسل أحداث التاريخ يجعلها‬
‫هل اإلنسان مخير أم مسير؟ هل حرية اإلنسان‬ ‫واإلنصاف‪.‬‬ ‫القلب لينطلق منها بوصفها حقائق أولى‪.‬‬ ‫خاضعة لمنطق يتصف بكونه منفتحا على احتماالت‬
‫مطلقة أم نسبية؟‬ ‫الحق بين الطبيعي و الوضعي‪:‬‬ ‫"غاس‪€€‬تون باش‪€€‬الر" ال‪€€‬رأي ع‪€€‬ائق مع‪€€‬رفي يمن‪€€‬ع‬ ‫جديدة‪ ،‬ولهذا ال يمكن الحكم على التاريخ ألنه‬
‫"ابن رشد" الفعل اإلنساني يتصف بحرية جزئية‬ ‫هل أصل الحق طبيعي تماسس على القوة‪ ،‬أم أن‬ ‫الباحث من الوصول إلى الحقيقة ال‪€€‬تي يتوخاه‪€€‬ا‪ ،‬إن‬ ‫خاضع لمبدأ السببية الحتمية‪.‬‬
‫مصدرها القدرة التي يتمتع بها على القيام بأفعاله‪،‬‬ ‫مصدره ثقافي مستمد من القوانين و تشريعات‬ ‫الحقيق‪€€€‬ة العلمي‪€€€‬ة تنب‪€€€‬ني على بحث علمي خاض‪€€€‬ع‬ ‫دور التاريخ في التقدم‬
‫لكن هناك عوامل تحد من حرية اإلنسان و تتمثل‬ ‫المجتمع؟‬ ‫لمنهجية دقيقة تسمو به فوق‪.‬‬ ‫"ف‪ .‬هيغل" ليس االنسان سوى وسيلة في يد‬
‫في النظام الذي تخضع له الطبيعة‪.‬‬ ‫"هوبز" كان اإلنسان قبل تكوين الدولة والمجتمع‬ ‫معايير الحقيقة‪:‬‬ ‫التاريخ‪ ،‬إن التاريخ بمكره يوهمه أنه صانع التاريخ‬
‫"موريس ميرلوبونتي" ال يتمتع المرء بحرية‬ ‫يتمتع بحق طبيعي يخوله استخدام القوة للوصول‬ ‫" ديك‪€€€‬ارت" الح‪€€€‬دس واالس‪€€€‬تنباط أساس‪€€€‬ا المنهج‬ ‫غير انه ال ينفد سوى ارادة التاريخ وفق مسار‬
‫مطلقة وال يخضع بشكل كلي للضرورة‪ ،‬فكل إعالن‬ ‫إلى ما يستطيع الحصول عليه‪ ،‬بسبب هذه‬ ‫الم‪€€€‬ؤدي إلى الحقيق‪€€€‬ة‪ ،‬الح‪€€€‬دس نفهم ب‪€€€‬ه حقيق‪€€€‬ة‬ ‫الروح المطلق ‪.‬‬
‫لحرية مطلقة هو مجرد وهم‪ ،‬وكل نفي التام‬ ‫الفوضى فضل اإلنسان االنتقال إلى حالة المجتمع‬ ‫االش‪€€‬ياء بش‪€€‬كل مباش‪€€‬ر واالس‪€€‬تنباط ه‪€€‬و اس‪€€‬تخراج‬ ‫"ج‪.‬ب‪ .‬سارتر" اإلنسان صانع التاريخ بفضل ما‬
‫للحرية يظل كذلك خاطئ‪.‬‬ ‫من خالل تعاقد اجتماعي‪،‬‬ ‫معرفة من معرفة سابقة نعلمها‪.‬‬ ‫يتمتع به من الحرية والوعي و القدرة على‬
‫حرية اإلرادة‪:‬‬ ‫"ج‪.‬ج‪.‬روسو" كان اإلنسان يتمتع بحقوقه في‬ ‫"اسبينوزا" الحقيقة معيار لذاتها إذ بفضل معرفتها‬ ‫االختيار بين إمكانات متعددة‪ ،‬وصناعة التاريخ‬
‫ما هو المجال الذي تكون فيه إرادة اإلنسان حرة؟‬ ‫حالة الطبيعة‪ ،‬ومع تغير األحداث جاء المجتمع‬ ‫نستطيع تجنب الخطأ والوهم‪ ،‬فش‪€€‬رط معرف‪€€‬ة نقيض‬ ‫تستوجب استحضار الوعي و المسؤولية ‪.‬‬
‫هل تكون إرادة اإلنسان حرة في المجال المعرفي‬ ‫فكان التعاقد االجتماعي مصدرا لحقوق ثقافية‪.‬‬ ‫الشيء هو معرفة الشيء ذاته‪.‬‬
‫أم في المجال األخالقي؟‬ ‫العدالة أساس الحق‪:‬‬ ‫الحقيقة بوصفها قيمة‪:‬‬
‫'إم‪ .‬كانط" كل كائن عاقل هو كائن يتمتع بحرية‬ ‫"اسبينوزا" العدالة هي تجسيد للحق وتحقيق له‬ ‫"مارتن هايدغر" ك‪€‬ل انح‪€€‬راف على الحقيق‪€€‬ة يجع‪€‬ل‬
‫اإلرادة والقدرة على القيام بالفعل األخالقي‪ ،‬وال‬ ‫فال توجد حقوق خارج إطار القوانين‪ ،‬ولهذا ُيمنع‬ ‫اإلنسان يتيه ويضل عن الفهم السليم لألشياء وينتج‬
‫معنى للفعل األخالقي في غياب الحرية واالرادة‪.‬‬ ‫على الحاكم خرق القانون ألنه هو من يسهر على‬ ‫التيه بسبب اعتماد اإلنسان على األفكار المسبقة في‬
‫"نيتشه" إن اإلرادة الحقيقية تتمثل هي إرادة‬ ‫تطبيقه‪.‬‬ ‫فهمه لألشياء‪.‬‬
‫الحياة و تنبني على تلبية الرغبات و الشهوات‬ ‫"آالن" أساس التمتع بالحقوق هي العدالة‪،‬‬ ‫"فايل" نقيض الحقيقة التي يهددها ليس الخط‪€€‬أ ب‪€€‬ل‬
‫الغريزية و إعادة االعتبار للجانب الجسدي في‬ ‫والعدالة هي القوانين التي يتساوى أمامها كل‬ ‫العن‪€€‬ف ال‪€€‬ذي ي‪€€‬ؤدي إلى رفض اآلخ‪€€‬ر وال‪€€‬دخول في‬
‫اإلنسان‪.‬‬ ‫األفراد بغض النظر على اختالفاتهم‪.‬‬ ‫صراع معه وإيقاف التفكير واالستبداد بالرأي‪،‬‬
‫الحرية والقانون‪:‬‬ ‫العدالة بين اإلنصاف والمساواة‪:‬‬ ‫‪By Skybibou‬‬
‫هل يعتبر القانون مساعدا على تحقيق الحرية أم‬ ‫هل يكفي تطبيق القانون والعدالة لينال كل فرد‬
‫عائقا أمام وجودها؟ هل هناك وجود لحرية في‬ ‫حقه؟ أم البد من استحضار اإلنصاف؟ وهل ينبغي‬
‫غياب قانون يدافع عنها؟‬ ‫تطبيق القانون بشكل حرفي‪ ،‬أم البد من اتخاذ‬
‫"مونتيسكيو" ليست الحرية هي القيام بكل ما‬ ‫خصوصية كل حالة؟‬
‫يريده اإلنسان‪ ،‬بل الحرية هي القيام بما تسمح به‬ ‫"أرسطو" العدالة ينبغي أن تتجه نحو اإلنصاف‬
‫القوانين‪ ،‬فالقانون ال يعارض الحرية بل ينظمها‪.‬‬ ‫ومعنى ذلك أن يتم تطبيق القانون وفق فهم سليم‬
‫"حنا أرندت" السياسة و الحياة االجتماعية هي‬ ‫مع مراعاة ظروف اإلنسان دائما وحسب الحالة‬
‫مجال ممارسة الحرية الفعلية‪ ،‬و في غياب تنظيم‬ ‫الخاصة‪.‬‬
‫سياسي ال يمكن الحديث عن حضور للحرية‪.‬‬ ‫"راولس" تتأسس العدالة على مبادئ أخالقية‬
‫منها مبدأ الواجب الذي يلزم اإلنسان االتصاف‬
‫بالعدل‪ ،‬والعدالة حسب هي المساواة النابعة من‬
‫أساس طبيعي‪ ،‬ومستندة على اتفاق يتم بموجبه‬
‫صياغة قوانين تتوخى اإلنصاف‪ ،‬وتنبني العدالة‬
‫على مبدأين المساواة في الحقوق و الواجبات‪.‬‬

‫‪By skybibou‬‬

You might also like