المحاضرة (6)-1

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 6

‫‪ -‬المحول الثاني‪ :‬تيارات أو مدارس علم النفس علم النفس‪.

‬‬
‫تتحدد معالم علم النفس في هذه المرحلة (القرن ‪ )20‬من تطوره في الدراسة العلمية لمختلف‬
‫أوجه النشاط اإلنساني سواء السلوكات الظاهرة أو الباطنية‪ ،‬الشعورية أو الالشعورية‪.‬‬
‫فالباحثون في الحقل السيكولوجي عملوا على تفسير السلوك اإلنساني باالعتماد على قوانين‬
‫ومبادئ عامة‪ ،‬فأصبح البحث السيكولوجي حاضرا في مجاالت أو ميادين الحياة وفي تقدم‬
‫مستمر تحت شعار البحث العلمي المنظم الذي يعتمد على المالحظة والتجربة حيث أخذت‬
‫تظهر بعض النظريات أو المدارس التي تختلف في نظرتها إلى بعض الظواهر السيكولوجية‬
‫وتنوعت آفاق ممارسة السيكولوجية فلم يبق ميدان من ميادين الحياة إال تناوله علم النفس‬
‫بالبحث والدراسة‪ ،‬حيث انتشر العاملون في مجال علم النفس في المؤسسات (األسرة‪،‬‬
‫المدرسة‪ ،‬والمصنع‪...،‬وغيرها) يبحثون ويدرسون المشكالت التي تواجه تلك المؤسسات‬
‫ويحاولون تحسين اإلنتاج والعمل فيها‪.‬‬
‫هكذا تميزت هذه المرحلة بظهور مجموعة من المدارس أو التيارات النظرية في علم النفس‬
‫من أبرزها‪ :‬التحليل النفسي‪ ،‬والمدرسة السلوكية والجشطلتية والمعرفية واالتجاه البيوعصبي‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬أوال‪ -‬مدرسة التحليل النفسي‪:‬‬
‫في نهاية القرن ‪ 20‬ظهرت مدرسة التحليل النفسي على يد الطبيب والعالم النمساوي سيجموند‬
‫فرويد ومجموعة من الباحثين مثل "أدلر وبونج وبروير"‪ ،‬قضى فرويد سنوات عديدة في بناء‬
‫التحليل النفسي على أسس علمية موضوعية‪ .‬ومن خالل أبحاثه ودراسته وممارسته‬
‫اإلكلينيكية‪ ،‬تمكن فرويد من اكتشاف مفهوم "الالشعور" الذي يعتبر قفزة نوعية في مجال‬
‫الدراسات النفسية‪ ،‬وبفضل هذا االكتشاف العلمي قام فرويد بتقديم مجموعة من االنتقادات‬
‫على المدرسة الشعورية التي كانت سائدة خالل نهاية القرن ‪ 19‬وبداية القرن ‪ 20‬حيث اعتبر‬
‫فرويد أن الشعور يمثل جزءا صغيرا من شخصية اإلنسان حيث شبه الحياة النفسية بجبل‬
‫جليد‪ ،‬فالشعور يمثل ا لجزء الصغير الذي يطفو على سطح الماء في حين يمثل الالشعور‬
‫الجزء األكبر الموجود في العماق‪ ،‬ولهذا تسمى مدرسة التحليل النفسي أحيانا بسيكولوجية‬
‫األعماق‪ .‬وفي هذه المنطقة من الالشعور توجد الدوافع األولية والرغبات والمشاعر المكبوثة‬
‫وهكذا انتهي س‪ .‬فرويد إلى القول أن االقتصار على الشعور غير كاف لفهم الدوافع الكامنة‬
‫وراء السلوك اإلنساني‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬أصبح تأثير التحليل النفسي واضحا في إعادة النظر في مفاهيم كثيرة مثل‪ :‬النفس‬
‫والعقل والوعي وغيرها‪ ،‬وكذلك أصبح حاضرا في مجاالت كثيرة‪ :‬التاريخ والسياسة واألدب‬
‫والفن وغيرها‪.‬‬
‫‪ -1‬العوامل التي أسهمت في ظهور التحليل النفسي‪:‬‬
‫أسهمت مجموعة من العوامل في ظهور مدرسة التحليل النفسي‪ ،‬من أهمها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1-1‬تطور علم البيولوجيا وظهور نظرية داروين في التطور‪:‬‬
‫لقد تميز القرن التاسع عشر بسيطرة الفلسفة الوضعية والفكر المادي وذلك بفعل تقدم العلوم‬
‫الطبيعية وخصوصا البيولوجيا والطب وظهور نظرية داروين في التطور وذلك بفعل التغير‬
‫الذي حدث حول مفهوم اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -2-1‬المدرسة الترابطية‪:‬‬
‫لقد تأثر التحليل النفسي باالتجاه الترابطي الذي كان سائدا خالل القرن الثامن والتاسع عشر‬
‫على يد مجموعة من المفكرين الفالسفة اإلنجليز مثل د‪.‬هيوم وبيركلي وهرتلي وغيرهم‪ ،‬حيث‬
‫قدمت السيكولوجيا الترابطية نسقا فكريا لفهم الحياة النفسية‪.‬‬
‫‪ -3-1‬التنويم المغناطيسي وتطور علم األعصاب‪:‬‬
‫التنويم المغناطيسي هو تقنية عالجية تستند إلى اإليحاء الشديد بالنوم‪ ،‬ويعتبر طبيب األعصاب‬
‫الفرنسي شاركو ‪ 1893-1825‬من أبرز األسماء التي اشتهرت بتطبيق التنويم المغناطيسي‬
‫في العالج النفسي وتعلم فرويد منه تقنية التنويم المغناطيسي‪.‬‬
‫كما تطور علم األعصاب وأصبحت الخطوط العريضة حول الجهاز العصبي معروفة لدى‬
‫الباحثين‪.‬‬
‫‪ -4-1‬تطور الطب العقلي والعصبي‪:‬‬
‫ساهمت الممارسة العالجية التي كان يقوم بها بعض أطباء األعصاب في مجال األمراض‬
‫النفسية وخصوصا الهيستيريا في ازدهار حركة العالج النفسي والطبي لألمراض العقلية‪.‬‬
‫وكانت هذه الحركة بمثابة اختبار وتأكيد لبعض معطيات التحليل النفسي الجديدة‪.‬‬
‫‪ -5-1‬اكتشاف طريقة التداعي الحر‪:‬‬
‫توصل فرويد إلى اكتشاف تقنية جديدة في العالج النفسي تسمى بالتداعي الحر أو الطليق‪،‬‬
‫وباستعمال هذه الوسيلة الجديدة توصل فرويد إلى شفاء كثير من الحاالت المرضية وإعادتها‬
‫إلى حالتها الطبيعية‪ .‬ومن خالل عالقة فرويد العلمية وتعاونه مع الطبيب النمساوي "جوزيف‬
‫بروير" اكتشف وسيلة أخرى للعالج عرفت بطريقة التحدث‪ .‬لقد توصل الباحثان معا إلى أن‬
‫بعض المرضى العقليين يشعرون بالراحة النفسية وتحسن حالتهم العقلية حينما يسمح لهم‬
‫بالتحدث عن مشاكلهم العاطفية وذكرياتهم المنسية‪ ،‬وكل ما يخطر ببالهم‪.‬‬
‫وهكذا عمل فرويد على تطوير هذه الطريقة التي أطلق عليها "التداعي الحر أو الطليق" وأخذ‬
‫يطبقها عوض تنويم المريض حيث يكتفي بمطالبة المضطرب أوالمريض باالضطجاع‬
‫واالسترخاء ثم الحديث عن متاعبه النفسية وكل ما يخطر بباله‪ .‬لقد كا فرويد يطلب من‬
‫المريض أن يذكر كل ما يخطر على باله دون تفكير أو تمعن‪ ،‬وغرض فرويد من هذه التقنية‬
‫هو أن يجعل المريض ثم يجعل المضطرب أوالمريض ال يفكر كثيرا ويترك المجال لذهنه‬
‫ووجدانه كي يتحرر من كل القيود التي تمنعه من التعبير عن رغباته المكبوتة وانفعاالته‬
‫المخزونة في الالشعور وبالتالي الوصول إلى الذكريات العميقة في الشعوره‪.‬‬
‫‪ -6-1‬تفسير الحالم وتأويلها‪:‬‬
‫استعان فرويد كذلك بتفسير األحالم (المضطرب أوالمريض) وتأويلها لدراسة الالشعور‬
‫والتعرف على أسباب المتاعب التي يحس بها الفرد كما أنها تعين على العودة إلى المرحلة‬
‫األولى من شخصيته‪ .‬وتحليل األحالم في نظر فرويد تقنية فعالة وسريعة في دراسة الالشعور‪،‬‬
‫لهذا أخذ يطلب من المرضى التحدث عن أحالمهم ثم يعمل على تحليلها والتعليق عليها‬
‫ومناقشتها‪ .‬ومن خالل تجربته اإلكلينيكية في تفسير األحالم وتطبيقاتها العملية مع المضطربين‬
‫أوالمرضى توصل فرويد إلى تأليف كتاب "تفسير األحالم" الذي نشر سنة ‪1900‬م‪ ،‬واألحالم‬
‫حسب فرويد هي عبارة عن تحقيق الرغبات المكبوتة‪ ،‬هذه الرغبات التي تعبر عن نفسها في‬
‫الحلم بشكل رمزي‪.‬‬
‫‪ -7-1‬االهتمام بفلتات اللسان وزالت القلم والنساين‪:‬‬
‫توصل فرويد إلى تقنية أخرى في العالج تعرف بفلتات اللسان والنسيان وغيرها من األمور‬
‫التي يتعرض لها الفرد في حياته اليومية والتي تبدو طبيعية أو عادية لكنها في حقيقة األمر‬
‫نتيجة دوافع أو رغبات الشعورية مكبوثة‪ .‬يرى فرويد أن كل سلوك يقوم به اإلنسان هو نتاج‬
‫عن سبب معين‪ ،‬فهفوات اللسان وزالت القلم والنسيان ال تحدث إلى في مناسبات معينة لها‬
‫معنى في حياة الفرد النفسية‪ ،‬فكل هفوة ترضي أمنية معينة بالنسبة لإلنسان‪.‬‬
‫‪ -2‬مراحل تطور التحليل النفسي‪:‬‬
‫يمكن النظر إلى تطور التحليل النفسي من خالل أربعة مراحل تاريخية‪:‬‬
‫‪ -2-1‬مرحلة اكتشاف العصاب وبداية ممارساته اإلكلينيكية من سنة ‪ 1886‬إلى ‪ ،1895‬حينما‬
‫أصدر فرويد دراسة حول الهيستيريا‪.‬‬
‫‪ -2-2‬مرحلة تحليل فرويد لذاته (نفسه) من سنة ‪ 1895‬إلى ‪1899‬م‪ .‬قام فرويد بتخصيص‬
‫نصف ساعة من كل يوم لتحليل نفسه‪ ،‬أسهم التحليل الذاتي في اكتشاف أسس التحليل النفسي‪.‬‬
‫‪ -3-2‬سيكولوجية الهو‪ :‬في هذه المرحلة بدأ فرويد في بناء نظريته في التحليل النفسي حيث‬
‫أصدر كتابين‪ :‬تفسير الحالم ‪ ،1900‬وكتاب ثالث نظريات في الجنس ‪ .1905‬وفي هذه‬
‫المرحلة تحدث فرويد عن الالشعور وعرض أفكاره حول "اللبيدو" والتحويل والمقاومة‬
‫كأساس للعالج النفسي‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ -4-2‬المرحلة الرابعة وتمتد من ‪ 1914‬إل وفاته ‪ :1939‬وفي هذه المرحلة تطورت نظرية‬
‫التحليل النفسي وخصوصا نظريته في "األنا"‪.‬‬
‫‪ -3‬األسس النظرية لمدرسة التحليل النفسي‪:‬‬
‫‪ -1-3‬الدافعية‪ :‬يعتبر الدافع الالشعوري السبب الرئيس في كل سلوك يسلكه اإلنسان في حياته‪،‬‬
‫ويمكن االستدالل عليه من خالل األحالم وفلتات اللسان ونسيان األفراد لبعض األمور‪.‬‬
‫‪ -2-3‬أهمية السنوات األولى في حياة اإلنسان الراشد‪ :‬أكدت مدرسة التحليل النفسي على‬
‫أهمية الطفولة المبكرة أو السنوات الخمس األولى من حياة الفرد وأثر هذه المرحلة في حياته‬
‫كلها ‪ ،‬وخاصة عالقة الطفل بوالديه وأثرها في تكوين شخصيته وتشكيل فكرته عن نفسه‬
‫وتشبعه بثقافة األسرة‪ .‬توصل فرويد من خالل تحليل بعض المصابات الهستيريا أن هناك‬
‫ذكريات منسية ناتجة عن صدمات عاطفية حدثت لهن في سن الطفولة‪ ،‬وهذه الذكريات هي‬
‫التي تسبب الضيق لهؤالء المضطربات‪.‬‬
‫‪ -3-3‬إعطاء أهمية كبيرة لمفهوم الغريزة الجنسية‪ :‬يعتقد فرويد بوجود نوعين من الغرائز‪:‬‬
‫غرائز الحياة وغرائز الموت‪ ،‬أولها غرضها الحفاظ على حياة الفرد وتكاثر الجنس البشري‬
‫(الجوع والعطش والجنس) ويطلق على صورة الطاقة التي تستخدمها غرائز الحياة في أداء‬
‫وظيفتها األساسية اسم "البيدو" وقد أعطى فرويد أهمية بالغة للغريزة الجنسية ( وهي حسب‬
‫فرويد لها معنى واسع يشمل تحقيق اللذة)‪ ،‬وعالقتها باالضطرابات السلوكية‪.‬‬
‫‪ -4-3‬التأكد على وحدة اإلنسان‪ :‬يؤكد فرويد أن حياة اإلنسان النفسية ينبغي أن تدرس كوحدة‬
‫غير قابلة للتجزئة‪ ،‬وفي هذا اإلطار حاول فرويد أن يدرس الشخصية ككل موحد وليس‬
‫كأجزاء‪ ،‬فالشخصية في نظره تتكون من أجزاء ثالثة‪ :‬الهو واألنا واألنا األعلى‪.‬‬
‫‪ -4-3‬الالشعور‪ :‬يتكون من الرغبات المكبوتة والذكريات والمشاعر التي ترجع إلى الطفولة‪،‬‬
‫ووظيفة التحليل النفسي هو سبر أغوار هذه المنطقة (الالشعور) وإخراج محتويات الالشعور‬
‫إلى حيز الشعور لكي يتعرف الفرد على حقيقة دوافعه ومشاعره وبذلك تنحل كثير من "العقد‬
‫النفسية" التي كانت تؤثر في سلوكه‪.‬‬
‫‪ -4‬مناقشة مدرسة التحليل النفسي‪:‬‬
‫تعرضت مدرسة التحليل النفسي لكثير من االنتقادات وواجهت هجومات عنيفة من طرف‬
‫مجموعة من العلماء والباحثين في مجال الدراسة النفسية من بينها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬عدم استخدام التحليل النفسي األساليب التجريبية أو المالحظة المضبوطة في دراساته‪.‬‬
‫‪ -‬المغاالة في االهتمام بالدافع الجنسي وجعه كأساس لسلوك اإلنسان وسبب في كثير من‬
‫االضطرابات النفسية‪.‬‬
‫‪ -‬االعتماد في حاالت مرضية أو منحرفة في استنتاج كثير من المبادئ النفسية التي يعممها‬
‫على األفراد اآلخرين‪.‬‬
‫‪ -‬عدم استخدام االختبارات النفسية أو صور من صور القياس لتصحيح بعض المفاهيم أو‬
‫تحقيق بعض اآلراء والمعتقدات والتأكد من صحتها‪.‬‬
‫‪ -6‬الرد على االنتقادات‪:‬‬
‫‪ -‬استعان فرويد بمنهج نقدي يسمى "منهج الثبات الداخلي" اصطنعه ليحل به المعطيات التي‬
‫يتوصل إليها عن طريق التداعي الحر أو األحالم أو غيره‪.‬‬
‫‪ -‬عمل فرويد على مراجعة آرائه مرات عديدة طبقا لدراسة حاالت متعددة وال يضع أي مبدأ‬
‫أو فكره إال بعد أن يتأكد من صدقها ووجودها في حاالت متعددة‪.‬‬
‫‪ -‬سبب اهتمام فرويد بالحاالت المرضية يرجع إلى تخصصه في طب األعصاب ومحاولة‬
‫تركيز جميع مجهوداته لتطوير عالج األمراض النفسية‪.‬‬
‫‪ -‬سبب تعميم فرويد النتائج المتوصل إليها من الحاالت المرضية على حاالت سوية يرجع‬
‫باألساس إلى أن هؤالء المرضى كانوا في يوم من أسوياء كما يمكن عودتهم إلى حالتهم‬
‫السوية بعد العالج‪.‬‬
‫‪ -‬يقصد فرويد بالجنس كل ما يحقق اللذة بصفة عامة وليس ما يتعلق بالعملية الجنسية التي‬
‫ليست سوى مظهر من مظاهر الجنس‪.‬‬

You might also like