ملخصات السنة الثانية باك

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 7

‫الــــــــــــــشـــــــــــــــــــخـــــــــــــــــــــص‬

‫المحور الثالث ‪ :‬الشخص بين الضرورة و الحرية‬ ‫المحور الثاني ‪ :‬الشخص بوصفه قيمة‬ ‫المحور األول ‪ :‬الشخص و الهوية‬
‫المفارقة ‪ :‬يبدو أن مدار الحديث عن مفهوم الشخص كذات عاقلة و حرة تنسب‬ ‫المفارقة ‪ :‬ال يختلف اثنان على أن اإلنسان كائن مميز بين كل الكائنات األخرى ‪،‬فهو‬ ‫المفارقة ‪ :‬بالرغم من أن اإلنسان يلحقه من التغيرات على المستوى الجسدي و المعنوي‬
‫إليها مسؤولية أفعالها‪ ،‬ينحصر في قضيتين‪ :‬الكرامة و المسؤولية‪ .‬هاته‬ ‫الكائن األكثر جدال وميزته تكمن في مدى بعده القيمي الذي حظي به وهذا ما يجعله‬ ‫الكثير فإن وعيه بذاته يتميز بالثبات‪ ،‬ورغم أن الذات تصدر عنها أفعال و تصرفات متعددة فإن‬
‫االزدواجية تجعل الشخص أمام مفارقة الحرية و الضرورة‪.‬‬ ‫امام قيمة تكمن في اعتباره غاية تارة و تارة أخرى في اعتباره وسيلة ‪.‬‬ ‫االنسان يعمل دوما على ارجاعها الى الذات الواحدة فتارة تكون الهوية ثابتة وواحدة محدد‬
‫في عنصر واحد و تارة أخرى متغيرة و متعددة‬
‫اإلشكاالت ‪ :‬هل الشخص ذات حرة أم أنه كيان خاضع إلشراطات وحتميات؟ بأي‬ ‫اإلشكاالت ‪ :‬كيف تتحدد قيمة الشخص األخالقية و المعنوية ‪:‬هل في النظر إليه كغاية‬ ‫اإلشكاالت ‪ :‬ما الشخص ؟ ما الهوية ؟ كيف تتحدد هوية الشخص ؟ هل تنبني على أساس‬
‫معنى يكون الشخص‪ ،‬باعتباره حرية وفاعلية ومشروعا‪ ،‬قادر على التعالي على‬ ‫في ذاته أم كوسيلة لتحقيق غايات أسمى منه؟ وما هي طبيعة االحترام الموجه‬ ‫مقومات تتميز بالتعدد والتغير واالختالف؟ أم تنبني على أساس مقومات تتميز بالوحدة والثبات‬
‫كل االشراطات والضرورات المحيطة به وتجاوزها؟‬ ‫للشخص‪ :‬هل هو احترام مطلق وغير مشروط أم أنه احترام نسبي ومشروط بمحددات‬ ‫والتطابق؟ كيف تتشكل الهوية الشخصية‪ :‬هل هي معطى فطري وأصلي في الشخص أم أنها‬
‫خارجية؟‬ ‫معطى مكتسب ؟ هل تتشكل في نطاق االنعزال واالستقالل عن العالم واآلخرين أم في نطاق‬
‫االنفتاح الدائم عليهم؟‬
‫سارتر‬ ‫س فرويد‬ ‫اسبينوزا‬ ‫غوسدورف‬ ‫ط ريغان‬ ‫كانط‬ ‫تصور ج الشولي‬ ‫تصور ج لوك‬ ‫تصور ديكارت‬
‫ينتقد التصور العامي نفسية اإلنسان تتحدد ينطلق سارتر من تقرير‬ ‫قيمة الشخص األخالقي ال‬ ‫إن طوم ريغان يعتبر‬ ‫يذهب كانط إلى تأكيد‬ ‫المحدد الرئيسي للشخص‬ ‫يرى ج لوك أن أساس‬ ‫يؤكد أن الفكر هو ما يمثل‬
‫الذي بشكل حاسم في مرحلة أن ماهية اإلنسان ال‬ ‫والميتافيزيقي‬ ‫تتحقق إال من خالل‬ ‫التأسيس الكانطي لقيمة‬ ‫أهمية الشخص كذات لعقل‬ ‫هو هويته‪ ،‬أي تطابقه مع‬ ‫هوية الشخص هو‬ ‫هوية الشخص‪ ،‬فالتفكير‬
‫يعتبر اإلنسان حرا في الطفولة‪ ،‬كما أن سلوكاته تتحدد قبل وجوده‪ ،‬بل‬ ‫مشاركته للغير واالنفتاح‬ ‫الشخص غير كاف‪ ،‬وحجته‬ ‫أخالقي عملي‪ ،‬يعامل‬ ‫ذاته وتميزه عن غيره‪،‬‬ ‫التجربة الحسية‪ ،‬و هذا ما‬ ‫خاصية مالزمة للذات من‬
‫اختياراته‪ ،‬وفاعال وفق تقف وراءها نزوعات يوجد أوال ثم بعد ذلك‬ ‫عليه‪ ،‬فمنذ البدايات‬ ‫في ذلك أننا ملزمون باحترام‬ ‫اآلخرين ال كوسائل يحقق‬ ‫وأساس هوية الشخص‬ ‫نجده في كتابه محاولة‬ ‫خالل ممارسة جملة من‬
‫القيمة المطلقة لكائنات‬
‫مشيئته‪ ،‬فهذا ما هو إال الشعورية توجه حياته يصنع بنفسه ما يشاء‪،‬‬ ‫األولى للوجود البشري‬ ‫بشرية غير عاقلة مثل‬
‫من ورائها أغراضه‬ ‫وحدته النفسية في الزمان‬ ‫فلسفية في الفهم البشري‬ ‫العمليات الذهنية ‪ ،‬مثل‬
‫وهم شائع عن وعي دون أن يشعر‪ .‬هكذا يبدو فاإلنسان في نظره‬ ‫واإلنسان يعيش مع اآلخر‬ ‫األطفال وكذا الذين يعانون‬ ‫الخاصة‪ ،‬وإنما كغايات‬ ‫أي عبر مراحل حياته رغم‬ ‫حيث يعرف الشخص بأنه‬ ‫الشك و النفي واإلثبات…‬
‫بأفعالهم أن الالوعي هو الموجه مشروع يتميز بالتعالي‬ ‫الناس‬ ‫ضمن أشكال من التعايش‬ ‫من عاهات عقلية جسيمة‪.‬‬ ‫بذاتها‪ .‬فاإلنسان يتميز‬ ‫مظاهر التحول والتغير‪.‬‬ ‫ذات مفكرة ‪ ،‬غير أن الفكر‬ ‫وهي عمليات ال تنفصل‬
‫وجهلهم الرسمي والمتحكم في على وضعيته ال بانغالقه‬ ‫ورغباتهم‪،‬‬ ‫والتضامن التي سمحت‬ ‫وعليه فإن الخاصية الحاسمة‬ ‫داخل نظام الطبيعة عن‬ ‫وهي ليست نتاجا تلقائيا‪،‬‬ ‫بالنسبة إليه ال ينفصل عن‬ ‫عنها بل إنها دليل على‬
‫الحقيقية الوعي لدى الشخص‪ ،‬على كينونته‪ ،‬بل ينفتح‬ ‫باألسباب‬ ‫للفكر األخالقي وغيره أن‬ ‫والمشتركة بين الكائنات‬ ‫باقي الكائنات األخرى‬ ‫بقدر ما هي وحدة قائمة‬ ‫اإلحساس ‪ ،‬و اإلحساس‬ ‫وجودها الوجود اليقيني‬
‫ألفعالهم؛ وبالتالي ال يمكن اعتبار على العالم وعلى‬ ‫المحددة‬ ‫يتشكل على أرض الواقع‪.‬‬ ‫البشرية ليست هي العقل‪ ،‬بل‬ ‫بامتالكه لملكة الفهم‪ ،‬وقد‬ ‫على آلية وحدة الطبع أو‬ ‫عنده نوعان‪ :‬خارجي من‬ ‫الذي ال يطاله الشك‪ ،‬وهذا‬
‫بالتصرف األنا بما هو ذات واعية اآلخرين‪.‬فان ذل هذا‬ ‫فاالعتقاد‬ ‫من هنا فالكمال األخالقي‬ ‫كونهم كائنات حاسة واعية‬ ‫استطاع أن يرسم لذاته‬ ‫السمة العامة للشخصية‬ ‫خالل الحواس ‪ ،‬و داخلي‬ ‫ما نجد له صدى في عبارة‬
‫الحر وفق ما تمليه سيد نفسه ولو في عقر فإنما يذل عن مدى‬ ‫للشخص ال يكون إال في‬ ‫أي كائنات حية تستشعر‬ ‫غايات وأهدافا مشروطة‬ ‫(المزاج) وفي مواقفها‬ ‫من خالل التأمل أو‬ ‫الكوجيطو الشهيرة ” أنا‬
‫النفس هو في الواقع منزله‪ ،‬بل هو خادم ألسياد قدرته على موضعة ذاته‬ ‫إطار الوجود االجتماعي‪،‬‬ ‫حياتها‪ ،‬بما لديها من‬ ‫بنداء الواجب األخالقي‬ ‫وردود أفعالها‪ ،‬وآلية‬ ‫االستبطان‪ ،‬وإن العقل عند‬ ‫أفكر إذن أنا موجود ”‬
‫معتقدات وتوقعات ورغبات‬
‫‪.‬في المستقبل‬ ‫وعي بالشهوات وجهل ثالثة تتحدد في ألهو و‬ ‫وفي أشكال المشاركة‬ ‫ومشاعر مندمجة ضمن‬
‫‪.‬فيمكنه أن يتخذ من‬ ‫الذاكرة التي تربط حاضر‬ ‫لوك صفحة بيضاء‪ ،‬و‬ ‫ومتى ما انقطعت الذات‬
‫األنا األعلى والواقع أو فماهية اإلنسان التتحدد‬ ‫بالحتميات‪.‬‬ ‫‪.‬والتعايش مع الناس‬ ‫وحدة سيكلوجية مستمرة في‬ ‫األشياء وسائل يستخدمها‬ ‫الشخص بماضيه القريب‬ ‫اإلنسان يحصل على‬ ‫عن التفكير انقطعت عن‬
‫العالم الخارجي‪ ،‬مما يجعل حسب سارتر إال من‬ ‫الماضي عبر التذكر ومنفتحة‬ ‫لتحقيق أغراضه لكن ليس‬ ‫أو البعيد‪.‬‬ ‫األفكار فقط عندما يتكون‬ ‫الوجود‪.‬‬
‫الشخص غير حر في خالل وجوده وحياته‬ ‫على المستقبل من خالل‬ ‫من حقه أن يعامل‬ ‫اإلدراك‬ ‫لديه‬
‫واختياراته‬ ‫حياته النفسية و سلوكاته وأفعاله‬ ‫الرغبة والتوقع‪ ،...‬مما يجعل‬ ‫األشخاص كوسائل ذاتية‬ ‫الحسي…باإلضافة الى‬
‫خاضعا وعالقاته‪ ،‬يوجد أوال‬ ‫يصبح‬ ‫بل‬ ‫حياتها واقعة يعنيها أمرها‪،‬‬ ‫نفعية‪ ،‬ألن اإلنسان أو‬ ‫الذاكرة وهكذا فهوية‬
‫لمتطلبات ألهو وأوامر ويالقي ذاته وهو غير‬ ‫بمعنى ان ما يحدث لها‪ ،‬من‬ ‫الذات البشرية هي غاية‬ ‫الشخص ثابتة في التجربة‬
‫األنا األعلى ومقتضيات حامل ألية صفات أو‬ ‫مسرة تنشدها أو تعاسة‬ ‫في ذاتها وليست وسيلة‬ ‫الحسية و الذاكرة ‪.‬‬
‫تتجنبها‪ ،‬يعنيها بالدرجة‬
‫العالم الخارجي‪ .‬لذلك ماهية قبلية‪ .‬إنه شخص‬ ‫لتحقيق أغراض اآلخرين‪،‬‬
‫األولى بغض النظر عما إذا‬
‫يعمل األنا على التوفيق حر ومسؤول عن أفعاله‬ ‫‪ ".‬كان يعني شخصا آخر أم ال‬
‫وهذا ما يمنحه قيمة‬
‫بين هذه األطراف الثالثة واختياراته‪ ،‬فهو حر‬ ‫داخلية مطلقة ويكسبه‬
‫مخافة أن يتعرض لمخاطر حرية مطلقة غير مقيدة‬ ‫احتراما لذاته ويمتلك بذلك‬
‫‪.‬بموانع وإكراهات‬ ‫من قبلها‬ ‫كرامته اإلنسانية‪.‬‬
‫لقد غدا من الثابت اذن أن المواقف وتتعارض بصدد إشكالية حرية الشخص أو‬ ‫أن الحديث عن قيمة من نوع خاص للكائن البشري لن يتأتى لنا‪ ،‬ما لم تكن لهذا الكائن‬ ‫خالصة القول أن البحث عن الثابت في الشخص هو إشكالية عميقة تتعدد جوانب‬
‫خضوعه للضرورة‪ .‬والواضح أن الشخص يعيش هذا التعارض على مستوى‬ ‫الرغبة في السمو عن باقي الكائنات األخرى‪ ،‬و ذلك بتجاوز كل مظاهر اإلكراه‬ ‫البحث فيها‪ ،‬لكن‪ ،‬هل تحديد الهوية الشخصية يقتضي بالضرورة تجاوز مظاهر‬
‫الفكر‪ ،‬كما يعيشه على مستوى الواقع‪ .‬فهو‪ ،‬وإن كان يستشعر الحرية الداخلية‪،‬‬ ‫االجتماعي و النفسي و البيولوجي‪.‬‬ ‫الشخص الخارجية؟ وما الذي ستمنحه هذه الهوية للشخص في حالة تحديدها؟‪.‬‬
‫فإنه يخضع لضرورات الوجود والعيش المرتبطة بما هو بيولوجي من جهة‬
‫واجتماعي من جهة أخرى‪ .‬إال أنه في كل األحوال يظل قادرا على االختيار بمحض‬
‫إرادته‪ ،‬بناء على وعيه بطبيعة اختياراته‪ ،‬وتحمله مسؤولية ذلك‪.‬‬
‫الــــــــــــــغــــــــــــــيــــــــــــــــــــر‬
‫المحور الثالث ‪ :‬العالقة مع الغير‬ ‫المحور الثاني ‪ :‬معرفة الغير‬ ‫المحور األول ‪ :‬وجود الغير‬
‫المفارقة ‪ :‬إن التفكير فلسفيا في مفهوم الغير‪ ،‬بما هو داللة على الذات األخرى‪ ،‬وداللة‬ ‫المفارقة ‪ :‬ان طبيعة الوجود المشترك بين األنا والغير ضمن وضعية واحدة‪ ،‬فرضت على‬ ‫المفارقة ‪ :‬تتحدد الوضعية األنطولوجية لإلنسان في بعد الوجود الفردي‪ ،‬حيث يوجد كذات فردية‬
‫على األنا التي ليست أنا ‪ ،‬إن التفكير فيه ال يقتضي منا التساؤل عن أهمية وجود الغير‬ ‫كليهما الدخول في عالقات تفاعلية مباشرة تضفي على الوضع البشري دينامية خاصة ومتميزة‪،‬‬ ‫(شخص) حاملة لوعي خاص ومتفرّ د‪ .‬وبعد الوجود التفاعلي‪ ،‬حيث تتقاسم هذه الذات وضعها الوجودي‬
‫بالنسبة للذات‪ ،‬والتساؤل عن مدى إمكانية معرفته فقط‪ ،‬وإنما يقتضي منا البحث أيضا في‬ ‫تأخذ طابعا إشكاليا عندما يتعلق األمر بمحاولة كل طرف إقامة معرفة باآلخر‪ .‬وإذا كانت المعرفة‪،‬‬ ‫مع ذوات أخرى لها نفس الخصائص‪ ،‬يُنظر إليها من موقع األنا كغير‪ .‬هذا الوجود المشترك بين األنا‬
‫طبيعة العالقة بينه وبين الذات ‪ ،‬وخاصة إن كانت العالقة القائمة بين الغير والذات عالقة‬ ‫بشكل عام‪ ،‬تقتضي ثنائية الذات في مقابل الموضوع كشرط للتحقق‪ ،‬فليس األمر بالهين بين‬ ‫والغير‪ ،‬طرح العديد من القضايا اإلشكالية لعل أبرزها قضية وجود الغير في عالقته بوجود األنا؛ فتارة نجد‬
‫األنا من حيث هي ذات لها القدرة على الوعي بذاتها وإدراك بنيات وجودها في معزل عن الغير و تارة‬
‫قائمة الصداقة والود‪ ،‬أم أنها عالقة قائمة على الصراع والتشييء‪،‬‬ ‫ذات وذات (أنا وغير)فتارة تكون المعرفة ممكنة وتارة غير ممكنة‬
‫أخرى الغير هو شرط أساسي لوجودها واستمرار وجودها‬
‫اإلشكاالت ‪ :‬ما طبيعة العالقة القائمة بين الذات والغير؟ هل هي عالقة قائمة على الصداقة والود‬ ‫اإلشكاالت ‪ :‬كيف تتحدد العالقة المعرفية بين األنا والغير ؟ هل معرفة الغير ممكنة‬ ‫اإلشكاالت ‪ :‬كيف تتحدد العالقة الوجودية بين األنا والغير؟هل وجود الغير ضروري لوجود‬
‫أم أنها عالقة قائمة على الصراع والتشييء؟ وأال يمكن القول أن العالقة بين الذات والغير قد تجمع‬ ‫أم مستحيلة ؟ هل يمكن يمكن أن تكون البنية المركبة للغير عائقا أمام حصول المعرفة‬ ‫األنا أم هو وجود افتراضي ومحتمل؟ ما الذي يمكن أن يجعل من وجود الغير يكتسي طابع‬
‫بين الصداقة من جهة والصراع والتشييء من جهة أخرى؟ وهل التعالق مع الغير يحفظ للذات وجودها‬ ‫الضرورة ؟ وهل يستطيع الفرد أن يحيا منعزال ؟ وهل بإمكان األنا أن تحقق وعيها دونما حاجة‬
‫نحوه أم أن هذه البنية نفسها هي شرط حصول المعرفة ؟‬
‫الذاتي‪ ،‬بما هي ذات واعية ولها هويتها‪ ،‬أم أن التعالق معه يفقدها وجودها الخالص؟ ومنه يمكن أن‬ ‫الى الغير ؟ ما هي األبعاد والرهانات الكبرى إلشكالية وجود الغير ؟‬
‫نتساءل‪ :‬هل العالقة مع الغير يجب تتأسس تقول على االتصال أم على االنفصال أم أنها يجب أن تجمع‬
‫بينهما؟‬
‫كرستيفا‬ ‫كوجيف‬ ‫ارسطو‬ ‫ميرلوبنتي‬ ‫سارتر‬ ‫ماليبرانش‬ ‫تصور سارتر‬ ‫تصور هيغل‬ ‫تصور ديكارت‬
‫تتجاوز هذا التصور القائم‬ ‫إن أساس العالقة الرابطة‬ ‫يعتبر أرسطو أن الصداقة‬ ‫ينتقد ميرلوبونتي تصور‬ ‫إلن الغير حسب سارتر‬ ‫ينطلق هدا الفيلسوف‬ ‫حسب التصور الوجودي‬ ‫يرى هيجل فوجود الغير‬ ‫ان الكوجيطو الديكارتي‬
‫على الصراع‪ ،‬ألن الغريب‬ ‫إحساس فطري في قلب‬ ‫سارتر و يؤكد في المقابل أن‬ ‫الذي يمثله الفيلسوف‬
‫بين األنا والغير‪ ،‬ال‬ ‫يجعل الذات من خالل‬ ‫الراهب من القاعدة‬ ‫ضروري فأنا ليست معرفة‬ ‫"أنا أفكر إذن أنا موجود"‬
‫في نظرها‪ ،‬ليس هو ذلك‬ ‫اإلنسان‪ ،‬ال يمكن االستغناء‬ ‫معرفة الغير ليست مستحيلة‬ ‫الفرنسي جون بول سارتر‬
‫تتأسس أو تقوم على مبدأ‬ ‫عنها‪ .‬إذ يعجز الفرد لوحده أن‬ ‫نظرته موضوعا و ينزلها‬ ‫الكالسيكية‬ ‫العقالنية‬ ‫جاهزة فمعرفته لذاته ال‬ ‫أقصى مفهوم الغير‪،‬‬
‫األجنبي القادم من الخارج‬ ‫الصداقة أو التضحية‪ ،‬بل‬ ‫و ال تتطلب تحويله إلى‬ ‫إلى مرتبة األشياء ‪ ،‬ومن‬ ‫القائلة بأن المعرفة ينبغي‬ ‫فإن وجود الغير إلى جانب‬ ‫تتحقق إال من خالل الغير‬ ‫ف"الذات الفردية" قادرة‬
‫يكفي ذاته بذاته‪ ،‬لذلك فهو‬
‫الجماعة‪ ،‬الذي يهدد‬ ‫يدخل في صداقات مع‬ ‫موضوع و يقول في هذا‬ ‫األنا وجود مزدوج‪:‬‬
‫وحدتها وانسجامها‪ ،‬ذلك‬
‫على الهيمنة والتحكم‬ ‫الصدد ‪ " :‬و الواقع أن نظرة‬
‫هنا صرخته " الجحيم هم‬ ‫أن تكون واضحة و‬ ‫وجود سلبي ‪ :‬فالغير يحد‬
‫وتجاوز‬ ‫عبر االنفتاح‬ ‫على معرفة ذاتها بصورة‬
‫اآلخرين‪ ،‬ويقسمها أرسطو‬
‫أن كل جماعة تحمل في‬ ‫والصراع ‪ ،‬حيث يسعى كل‬ ‫الغير ال تحولني إلى موضوع‬ ‫اآلخرون "ومن ثم فإن‬ ‫متميزة كما هو الشأن‬ ‫من حرية األنا ومن عفويتها‬ ‫العزلة واالنغالق فاألنا‬ ‫مباشرة وبدون تدخل‬
‫إلى ثالثة أنواع ‪:‬صداقة‬
‫ذاتها بحكم اختالفاتها‬ ‫انتزاع‬ ‫إلى‬ ‫طرف‬ ‫المتعة وصداقة المنفعة‬ ‫‪ ،‬كما أن نظرتي ال تحوله إلى‬ ‫كذات‬ ‫الغير‬ ‫معرفة‬ ‫بالنسبة للرياضيات مثال ‪،‬‬ ‫ويولد الخجل من خالل النظرة‬ ‫تغادر انغالقها وتتجاوز‬ ‫الغير‪ ،‬وذلك لكونها ذات‬
‫الداخلية‬ ‫وتناقضاتها‬ ‫االعتراف بذاته من‬ ‫وكالهما مجرد وسيلة لتحقيق‬ ‫موضوع إال إذا انسحب كل‬ ‫مستحيلة ألنها ستجرده‬ ‫و بما أن معرفة الغير هي‬ ‫التشيئية‪ ,‬فقبل أن يدخل الغير‬ ‫لتنفتح على الغير لتنتزع‬ ‫مفكرة‪ ،‬واعية‪ ،‬فاعلة‪،‬‬
‫غريبها الخاص‪ ،‬وهذا ما‬ ‫الطرف األخر‪ ،‬وهذا‬ ‫المتعة أو المنفعة مما يجعل‬ ‫منا و قبع داخل طبيعته‬ ‫من أدميته و عفويته و‬ ‫معرفة تتأثر باالنفعاالت و‬ ‫إلى المجال اإلدراكي لألنا‬ ‫منه االعتراف بها كذات‬ ‫وحرة‪ .‬وقد وضع ديكارت‬
‫تعبر عنه كريستيفا بقولها‬ ‫هذا النوع من الصداقة‪،‬‬ ‫المفكرة أو جعلنا نظرة بعضنا‬ ‫يكون تصرف هذا األخير‬
‫االعتراف ال يمنح بشكل‬ ‫حريته‪ ,‬وتنظر إليه‬ ‫الخاضعة‬ ‫األحاسيس‬ ‫واعية حرة‪ .‬إال أنها‬ ‫"الذات المفكرة" التي ال‬
‫صداقة زائفة زائلة‪ ،‬فهي‬
‫« إن الغريب يسكننا على‬ ‫سلمي إنما ينتزع عبر‬ ‫إلى بعض الإنسانية " أي أن‬ ‫كموضوع‪ ،‬مزيلة عنه‬ ‫للتغير و التبدل ‪ ،‬فال يمكن‬ ‫مطبوع بالحرية و التلقائية‪,‬‬ ‫تصطدم برغبة الغير الذي‬ ‫شك في وجوها مقابل‬
‫تزول بزوال المتعة والمنفعة‪.‬‬
‫نحو غريب »‪.‬إذا كان‬ ‫صراع يخاطر فيه الطرفان‬ ‫أما النوع الثالث فهي صداقة‬ ‫التشييء يحدث عندما يغيب‬ ‫ماهيته اإلنسانية وبالتالي‬ ‫من ثم اعتبارها معرفة‬ ‫إنه مركز عالمه الداخلي‪ .‬و‬ ‫يرغب في نفس الرغبة‬ ‫األخر القابل للشك بل‬
‫األمر كذلك‪ ،‬فإن الموقف‬ ‫معا بحياتهما حتى الموت‪،‬‬ ‫الفضيلة‪ ،‬وهي الصداقة‬ ‫التواصل‪ ،‬و هكذا تكون‬ ‫فمعرفة الغير ممكنة فقط‬ ‫يقينية و حاسمة ‪ ،‬وأقصى‬ ‫ما أن يحس األنا بوجود الغير‬ ‫مما يؤدي إلى إن يغامر كل‬ ‫والمشكوك في وجوده‬
‫الطبيعي الذي ينبغي أن‬ ‫الحقيقية ألنها غاية في حد‬ ‫معرفة الغير ممكنة من خالل‬ ‫من خالل نظرته حتى تتجمد‬
‫يتخذ من الغير البعيد‬
‫ولكن الموت الفعلي من‬ ‫التواصل‪ ،‬و يقدم ميرلوبونتي‬
‫باعتباره موضوعا ‪ /‬جسدا‬ ‫ما يمكن الوصول إليه من‬ ‫حريته و عفويته (التوتر‪-‬‬
‫منها بحياته في عملية‬ ‫أصال‪ .‬ومن ثمة فالحقيقة‬
‫ذاتها ‪-‬صداقة من أجل‬
‫المهاجر‪،‬‬ ‫(األجنبي‪،‬‬ ‫منظور "كوجيف" ال‬ ‫الصداقة‪ -‬فهي تؤسس على‬ ‫مثال حضور الغير الغريب‬ ‫غير أن الغير ليس جسدا‬ ‫خاللها هو معرفة تخمينية‬ ‫االرتباك)‪ .‬فالغير يؤول‬ ‫صراع ينتهي تنازل احد‬ ‫اليقينية الوحيدة التي ال‬
‫الجنس اآلخر… ) ليس‬ ‫يحقق هذا االعتراف‪.‬‬ ‫محبة اآلخر لذاته‪ ،‬مما يجعلها‬ ‫أمام الذات ‪ ،‬فعندما يغيب‬ ‫بل ذاتا و من هنا يمكن‬ ‫و افتراضية و قابلة للشك‪.‬‬ ‫سلوكي ويعطيه معنى قد ال‬ ‫الطرفين عن حريته‬ ‫تقبل الشك وتفرض نفسها‬
‫هو موقف النبذ واإلقصاء‬ ‫وإنما يحققه استسالم أحد‬ ‫صداقة مبنية على المحبة‬ ‫التواصل يحضر التشييء ‪،‬‬ ‫القول أن معرفة الغير‬ ‫إن مالبرانش ال يخرج هنا‬ ‫يكون هو المعنى نفسه الذي‬ ‫وإرادته حتى الموت حفاظا‬ ‫بشكل بديهي هي "األنا‬
‫والوفاء‪ ،‬وهي صداقة دائمة‬
‫والعداء… بل هو موقف‬ ‫الطرفين‪ ،‬فيبقي المنتصر‬ ‫لكن بمجرد الدخول في عالقة‬ ‫مستحيلة‪.".‬‬ ‫عن التفكير العقالني‬ ‫أقصده و بذلك أسقط تحت‬ ‫على حياته غير إن‬ ‫أفكر" أما وجود الغير‬
‫مستمرة‪ .‬ومن خاللها يمكن‬
‫والتسامح‬ ‫الحوار‬ ‫على حياة المنهزم لينتزع‬ ‫أن تتحقق المنفعة والمتعة‪،‬‬ ‫تواصلية ينكشف عالمه و‬ ‫الكالسيكي و خاصة تفكير‬ ‫رحمته و سلطته ‪.‬‬ ‫المنتصرون على حياة‬ ‫فمشكوك فيه‪ .‬إذن استطيع‬
‫واالحترام… هذا الموقف‬ ‫اعترافه‪ ،‬ويفضل المنهزم‬ ‫ولكن ليس كغاية في حد ذاتها‪،‬‬ ‫تستطيع الذات إدراك عالمه‬ ‫أستاذه ديكارت ‪ ،‬هدا‬ ‫ووجود إيجابي‪ :‬يكمن في‬ ‫المنهزم ألن موته ال يحقق‬ ‫ان أدرك األشياء انطالقا‬
‫الذي تدعو إليه كريستيفا‪،‬‬ ‫أن يظل في خدمة المنتصر‬ ‫وإنما كنتيجة ضرورية لهذا‬ ‫الذاتي و أفكاره و عواطفه و‬ ‫التفكير الذي ينتقص من‬ ‫كون الغير يمكن األنا من‬ ‫له أي اعتراف فيصبح‬ ‫من التفكير وال احتاج إلى‬
‫الدراسات‬ ‫تؤكده‬ ‫بدل الموت‪ ،‬وبذلك تنشأ‬ ‫الصنف النادر من الصداقة‪،‬‬ ‫حتى عندما يغيب التواصل‬ ‫قيمة اإلحساس و الخيال‬ ‫إدراك وجوده‪ ,‬فهو بمثابة‬ ‫المنتصر سيدا والمنهزم‬ ‫أحد أخر‪ ،‬وأثبت وجودي‬
‫االنتروبولوجية المعاصرة‬ ‫ويؤكد على أنه لو تحققت‬ ‫التكون المعرفة مستحيلة بل‬ ‫الوسيط الضروري بين األنا‬
‫التي أظهرت تنوع الثقافات‬
‫العالقة اإلنسانية األولى‬ ‫صداقة الفضيلة لما احتاج‬ ‫‪.‬فقط مؤجلة‬ ‫و األنا ذاته‪ ,‬فبين الغير و األنا‬
‫عبدا في جهة السيد نجد‬ ‫في غياب اآلخرين وان‬
‫‪.‬اإلنسانية وتكاملها‬ ‫"عالقة السيد بالعبد"‪،‬‬ ‫الناس إلى العدالة والقانون‪.‬‬ ‫صراع‪ ,‬و لكنه ضروري من‬ ‫وعيا لذاته مستقال زمن‬ ‫كانوا موجودين فوجودهم‬
‫فاالنتصار إذن يحول‬ ‫اجل أن تحقق األنا وعيا‬ ‫جهة العبد نجد وعيا لذاته‬ ‫افتراضي فقط‪.‬‬
‫أحدهما إلى سيد والهزيمة‬ ‫بذاتها باعتبارها ذاتا حرة‬ ‫تابعا لوعي أخر‬
‫‪.‬تحول اآلخر إلى عبد‬ ‫متعالية‪.‬‬

‫يتضح إذن العالقة مع الغير تتراوح بين مستويين ‪ :‬مستوى الغيرية و اإليثار‪،‬‬ ‫يبدو أن مثل هذا االختالف منبعه محاولة اختزال النظرة إلى الغير فيما هو معرفي‪ ،‬و‬ ‫خالصة القول ‪ ،‬إن وجود الغير ينطوي على أكثر من مفارقة‪ ،‬فهو الشبيه و المختلف‪،‬‬
‫تضع فيه الذات الغير فوق مستواها‪ ،‬فتضحي من أجله و تؤثره على نفسها‪،‬‬ ‫نحن نعلم أن العلوم اإلنسانية لم تجد بعد الشرعية الكافية لنتائجها ‪ ،‬فقط ألنها تحاول‬ ‫و هو الصديق و العدو‪ ،‬لكن ما يجب أن نؤكد عليه هو أن وجود الغير بجانب وجود‬
‫ومستوى الصداقة‪ ،‬كتبادل بين أنا و غير متساويين و أحدهما ند لآلخر ‪.‬و عليه‬ ‫دراسة هذا الكائن الزئبقي ‪ .‬فالنظرة إلى الغير هي أعمق من أن تختزل في نظرة‬ ‫األنا يشكل ضرورة تفرضها المعطيات الواقعية‪ ،‬أو كما قال ابن خلدون " االجتماع‬
‫فإذا كان اإلقرار بأن الغير يسكن الذات‪ ،‬و يتوسط بينها وبين نفسها‪ ،‬فالحكمة‬ ‫إبستيمية ‪/‬أو معرفية‪ /‬من أي نوع‪ .‬إن النظرة إلى الغير يمكن أن تكون نظرة‬ ‫ضروري للنوع اإلنساني و إال لم يكمل وجودهم‪ ،‬و ما أراده هللا من اعتمار العالم بهم‬
‫تقتضي أن تقوم العالقة بينهما على أساس من الحوار و التكامل و االحترام في‬ ‫أكسيولوجية قيمية تحكمها ضوابط أخالقية كاألنانية‪ ،‬والغيرية‪ ،‬والظلم‪ ،‬والتسامح‬ ‫و استخالفه إياهم ‪."..‬‬
‫ظل االختالف‪.‬‬ ‫‪...‬الخ‪.‬‬
‫الـــــــــــــنظرية و التجربة‬
‫المحور الثالث ‪ :‬معايير علمية النظرية العلمية‬ ‫المحور الثاني ‪ :‬العقالنية العلمية‬ ‫المحور األول ‪ :‬التجربة و التجريب‬
‫المفارقة ‪ :‬معلوم أن الفكر العلمي يعمل على بلوغ أقصى حد من الدقة والموضوعية‪ ،‬وأنه يسعى‬ ‫موضوعها‬ ‫في الوقت الذي يشكل فيه العقل مصدرا لبناء النظرية يؤسس الواقع‬ ‫المفارقة ‪:‬‬ ‫المفارقة ‪ :‬يفتحنا مبحث اإلبستمولوجيا كمبحث أساسي من مباحث التفكير الفلسفي‪ ،‬على قضية‬
‫إلى تمثل حقيقة الواقع في ذاته دون غاية أخرى‪ .‬لكن ذلك ال يتأتى بالوضوح الذي يمكن أن نتصوره‪،‬‬ ‫سيضعنا هذا الموضوع اما مجموعة من المفارقات فتارة نجد عقالنية تكفي ذاتها بذاتها في بناء العلم من‬ ‫النظرية والتجربة ودور كل من العقل والتجربة في بناء المعرفة العلمية‪ ،‬وإن كانت التجربة الخام قادرة‬
‫مما يفتح الباب على مصراعيه للتشكيك في النتائج العلمية‪ ،‬بل والضرب في مصداقيتها‪ .‬وهذا ما‬ ‫خالل مقوالت و مبادئ و مفاهيم العقل القبلية و أبنيته الرياضية المتعالية و تارة أخرى أ العقالنية العلمية‬ ‫على بناء المعرفة العلمية أم أن بناءها يعتمد على التجريب بما هو مساءلة للطبيعة‪ ،‬أيضا‪ ،‬فالبحث في‬
‫استدعى ضرورة البحث عن معايير إلثبات علمية النظريات‪ ،‬وإبعاد كل نظرية ال تتوفر فيها الشروط‬ ‫هي مجرد نزعة مثالية مادامت لم تنهل من الواقع حقائق و معطيات التجربة‬ ‫النظرية والتجربة هو بحث في أهمية العقل وآليات اشتغاله ودوره في بناءه معرفة علمية‪ ،‬وأيضا إن كان‬
‫العلمية الصارمة ‪ ،‬فتارة نجد المعيارمتمثل في البداهة و التماسك المنطقي و تارة في المعيارالتجريبي‬ ‫يمكن للتجربة أن تستغني عنه‪ .‬إن التساؤل هنا يرتبط بصفة جوهرية بمصادر المعرفة وخاصة المعرفة‬
‫الواقعي وتارة اخرفي قابليتها للتزيف او التكديب‬ ‫العلمية‪ ،‬وإن كانت هذه المعرفة تقوم على التجربة أم على العقل أم عليهما معا‬
‫اإلشكاالت ‪ :‬ما المعيار األنسب إلثبات علمية النظريات العلمية؟ هل يمكن اعتبار التحقق التجريبي‬ ‫اإلشكاالت ‪ :‬على اي اساس تقوم العقالنية العلمية؟ هل تقوم العقالنية العلمية على العقل أم على‬ ‫اإلشكاالت ‪ :‬هل التجربة قادرة على بناء المعرفة العلمية؟ أم أنه البد من العقل والتأطيرات النظرية‬
‫معيار و ما هي مقاييس صالحيتها؟ هل تعدد االختبارات أم التماسك المنطقي لبنائها أم ما تتميز به‬ ‫التجربة؟ أم عليهما معا؟ومن أجل بناء عقالنية علمية هل يجب االستناد على العقل فقط‪ ،‬والئيمان بأنه كاف‬ ‫لبنائها؟ وإن كانت التجربة قادرة على بناء المعرفة العلمية فهل المقصود بالتجربة هنا التجربة الخام أم‬
‫من قابلية للتكذيب و التفنيد؟ا حاسما لذك؟ أم أن التجربة ال تكفي إلثبات علمية النظرية؟‬ ‫لبناء معرفة علمية؟ أم وجب االنطالق من التجربة لبناء هذه العقالنية؟ أم أن بناء المعرفة العلمية يقتضي‬ ‫التجريب كاستنطاق وكمساءلة للواقع؟ وبأي معنى يكون للعقل دور في بناء المعرفة العلمية؟‬
‫التعاون ما بين العقل والتجربة؟‬
‫كارل بوبر‬ ‫انشطاين‬ ‫دوهيم‬ ‫باشالر‬ ‫انشطاين‬ ‫رايشنباخ‬ ‫تصور كويري‬ ‫تصور روني طوم‬ ‫تصور كلود برنارد‬
‫يرى أن الوقائع ال تفرز‬ ‫أكد أينشتاين أن النظريات‬ ‫ينتقد التصور العامي‬ ‫الفيزياء المعاصرة في نظره‬ ‫يؤكد على أن النسق النظري‬ ‫يعتبر هانز رايشنباخ‬ ‫ينطلق ألكساندر كويري‬ ‫يرى أنه ال يمكن الحديث عن‬ ‫إن إحاطة العالم بمبادئ المنهج‬
‫النظريات بل تحد من عددها‪،‬‬ ‫العلمية المعاصرة فرضت‬ ‫تتأسس على يقين مزدوج‪:‬‬ ‫للعلم المعاصر يتكون من‬ ‫فرضية علمية غير مؤسسة‬ ‫التجريبي‪ ،‬التي من شأنها أن‬
‫الذي‬ ‫والميتافيزيقي‬ ‫أن المصدر الوحيد‬ ‫من أطروحة مفادها أن‬
‫أي تكشف زيف النظريات‬ ‫العقل‬ ‫بمعيار‬ ‫عِلميتها‬ ‫األول يتمثل في أن الواقع‬ ‫مفاهيم ومبادئ هي إبداعات‬ ‫على نظرية سابقة‪ .‬فكل‬ ‫تجعله يصل إلى الحقيقة العلمية‪،‬‬
‫الخاطئة أكثر مما تكشف‬ ‫يعتبر اإلنسان حرا في‬ ‫التجربة الخام والمالحظة‬ ‫تتطلب منه االلتزام بشرطين‬
‫‪.‬صحة النظريات الصحيحة‬
‫والتماسك المنطقي‪ ،‬إذ العقل‬ ‫اختياراته‪ ،‬وفاعال وفق‬ ‫العلمي ليس واقعا معطى عن‬ ‫حرة للعقل البشري‪ ،‬فالنظرية‬ ‫للمعرفة العلمية هو‬ ‫العامية لم تلعب أي دور‬ ‫نظرية تتضمن في نظره‬
‫أساسيين‪ :‬األول يتمثل في توفره‬
‫وحده كاف في التحقق من‬ ‫طريق الحواس‪ ،‬بل هو واقع‬ ‫العلمية تبنى بناءا عقليا‬ ‫فالعقل‬ ‫التجربة‪.‬‬ ‫كيانات خيالية يتم التسليم‬ ‫على فكرة يعمل على فحصها‬
‫لذلك فمعيار علمية النطرية‬
‫صدقية النظريات التي‬
‫مشيئته‪ ،‬فهذا ما هو إال‬ ‫مبني بناءا عقليا ورياضيا‪،‬‬ ‫خالصا‪ ،‬أما المعطيات‬
‫في نشأة العلم الكالسيكي‪،‬‬ ‫بوجودها‪ ،‬مما يعني أن‬
‫ليس هو قابليتها للتحقق‬ ‫بمفرده قاصر و عاجز‬ ‫انطالقا من وقائع صحيحة‬
‫يستعصي عرضها على‬ ‫وهم شائع عن وعي‬ ‫وهو ما يعني أن الواقع يوجد‬ ‫التجريبية فهي مطالبة بأن‬ ‫إال دور العائق؛ في حين‬ ‫لعنصر الخيال العقلي دور‬
‫التجريبي بل هو قابليها‬ ‫ومنظمة‪ ،‬أما الثاني فيتمثل في‬
‫للتكذيب ومرد ذلك إلى أن كل‬ ‫االختبار التجريبي‪ ،‬فهو الذي‬ ‫بأفعالهم‬ ‫الناس‬ ‫في قبضة العقل‪ .‬أما اليقين‬ ‫تكون مطابقة للقضايا الناتجة‬ ‫في نظره عن إنتاج‬ ‫أن التجريب كمساءلة‬ ‫كبير في التجريب العلمي‪ .‬و‬ ‫ضرورة استخدام العالم كل‬
‫تعميم علمي (تجريبي) –‬ ‫يمنح النسَق العلمي بِنيَته‪.‬‬ ‫وجهلهم‬ ‫ورغباتهم‪،‬‬ ‫الثاني فيتمثل في القول بأن‬ ‫‪.‬عن النظرية وتابعة لها‬ ‫أي معرفة بالواقع‬ ‫منهجية للطبيعة‪ ،‬هو‬ ‫عليه اعتبر أنه من الوهم‬ ‫األدوات التي من شأنها أن تمكنه‬
‫فرضا كان أو نظرية أو نسقا‪-‬‬ ‫وحُجة اينشتاين هي أن‬ ‫الحقيقية‬ ‫باألسباب‬ ‫بناءات العقل وبراهينه ال تتم‬ ‫كما يؤكد على الدور الذي‬ ‫عملية منهجية موجهة‬ ‫االعتقاد مع أنصار النزعة‬ ‫من مالحظة الظاهرة المدروسة‬
‫يعتمد على استقراءات ناقصة‬ ‫المفاهيم والمبادئ التي‬ ‫ألفعالهم؛‬ ‫المحددة‬ ‫بمعزل عن االختبارات‬ ‫أصبح يلعبه العقل الرياضي‬
‫الفيزيائي‪ .‬و هو ال‬ ‫بأسئلة وفروض ونظرية‬ ‫التجريبية التقليدية بأن‬ ‫مالحظة كاملة وشاملة‪.‬‬
‫غير تامة‪ ،‬فيكون قابال‬ ‫يتكون منها النسق النظري‬ ‫بالتصرف‬ ‫فاالعتقاد‬ ‫‪.‬والتجارب العلمية‬ ‫في الكشف عن النظريات‬ ‫ينفذ إلى هذا الواقع إال‬ ‫تحيط بمختلف شروط‬ ‫التجربة هي وحدها التي‬ ‫انطالقا من كل هذا يحدد خطوات‬
‫للتكذيب من حيث المبدأ ‪،‬‬ ‫المنهج التجريبي التي تجمع بين‬
‫طالما أنه من الممكن منطقيا ‪،‬‬
‫للعلم (فيزياء‪ ،‬رياضيات‪،‬‬ ‫الحر وفق ما تمليه‬ ‫فالعقل العلمي المعاصر‬ ‫العلمية ابتداءا ودون أية‬ ‫عبر التجربة و‬ ‫إنجاز التجربة العلمية‪.‬‬ ‫تمكننا من فهم العالقات‬ ‫الفكر النظري والممارسة‬
‫منطق‪ )...‬هي إبداعات حرة‬ ‫النفس هو في الواقع‬ ‫مشروط بطبيعة الموضوعات‬ ‫تجارب سابقة‪ .‬فالبناء‬ ‫على هذا األساس يتضح‬ ‫الظواهر‬ ‫بين‬ ‫السببية‬
‫وجود قضية أو عدة قضايا‬
‫للعقل الرياضي المجرد‪ ،‬وهي‬ ‫التي يريد معرفتها‪ ،‬فهو ليس‬ ‫الرياضي الخالص يمكننا من‬
‫بواسطتها‪ .‬و بهذا‬ ‫الطبيعية‪ .‬فالتجريب ال يكفي‬
‫التجريبية‪ ،‬حيث تأتي المالحظة‬
‫تجريبية ‪ ،‬تنأى عن ذلك‬ ‫وعي بالشهوات وجهل‬ ‫أنه ال يمكن ‪-‬حسب كويري‬ ‫في بداية هذا المنهج لكي تتبعها‬
‫التعميم أو ال تكون مواتية له‬ ‫التي تشكل الجزء األساس‬ ‫عقال منغلقا ثابتا بل منفتحا‬ ‫اكتشاف المفاهيم والقوانين‬ ‫فالمعرفة‬ ‫المعنى‬ ‫وحده لفهم الظواهر الطبيعية‬ ‫فكرة عقلية منبثقة عنها‪ ،‬هذه‬
‫من النظرية العلمية‪ ،‬لتبقى‬ ‫بالحتميات‪.‬‬ ‫على الواقع العلمي الجديد‬ ‫‪ -‬تصور تجريب علمي‬ ‫وأسبابها‪ ،‬بل ال بد من إقحام‬
‫‪ ،‬بحيث لو صدقت الستلزم‬ ‫التي تعتبر مفتاحا لفهم‬ ‫العلمية هي‪ ،‬في‬ ‫من‬ ‫االنطالق‬ ‫دون‬
‫الفكرة التي يتم االستدالل عليها‬
‫ذلك كذب التعميم‪ .‬وطالما أن‬ ‫التجربة بمثابة مرشد في‬ ‫الذي يتناوله‪ .‬من هنا ينعت‬ ‫الظواهر الطبيعية‪ .‬وهذا ما‬ ‫عنصر الخيال العقلي الذي‬ ‫انطالقا من التجربة‪ .‬هكذا يبدو‬
‫النظريات العلمية هي من‬ ‫وضع بعض الفرضيات وفي‬ ‫باشالر فلسفته بالعقالنية‬ ‫يجعل العقل الرياضي هو‬
‫المقام األول‪ ،‬معرفة‬ ‫تأطيرات نظرية مسبقة‬ ‫يعتبر تجربة ذهنية مكملة‬ ‫ان التجربة (كمالحظة)هي‬
‫صنف التعميمات الكلية‪ ،‬فال‬ ‫تطبيقها تجريبيا‪ .‬يقول‬ ‫المنفتحة وأيضا المطبقة‪،‬‬ ‫المبدأ الخالق في العلم‪ ،‬كما‬ ‫تجريبية‪.‬‬ ‫للتجربة التي تتم بواسطة‬ ‫منطلق المعرفة العلمية وهي‬
‫يمكن منطقيا البرهنة على‬ ‫منتهاها كذلك‪.‬‬
‫صحتها‪ ،‬ولكن يمكن فقط‬
‫صاحب نظرية النسبية‪" :‬ال‬ ‫والتي تتم داخل وعي غير‬ ‫يجعل من العقالنية العلمية‬ ‫األدوات العلمية في المختبر‪.‬‬
‫‪.‬إظهار أنها كاذبة‬ ‫يمكن استنتاج القاعدة‬ ‫معزول عن الواقع‪ .‬لكن‬ ‫‪.‬المعاصرة عقالنية مبدعة‬
‫األكسيومية للفيزياء النظرية‬ ‫الواقع العلمي نفسه هو واقع‬
‫انطالقا من التجربة‪ ،‬إذ يجب‬ ‫متحول و مبنى بناءا نظريا‬
‫أن تكون إبداعا حرا"‪ .‬أي‬ ‫‪..‬وعقليا‬
‫بإمكان الفيزياء المعاصرة أن‬
‫‪. -‬تستغني عن التجربة‬
‫يتضح إذن أن معايير العلمية يتراوح بين تعدد االختبارات و معيار التناسق و‬ ‫يتبين أن العقالنية التي شكلت إلحدى السمات المميزة للفكر األوروبي إن لم تكن أهمها‪ -‬قد‬ ‫يتضح إذن إن مسار تطور العلوم جعل من النظريات العلمية ذلك الحوار المتبادل بين‬
‫االنسجام المنطقي من جهة و قابلية النظرية للتكذيب من جهة ثانية‪ ،‬و أن التركيز‬ ‫واكبت الفكر العلمي بتطوراته و أزماته‪ ،‬حيث انتقلت من تصور مغلق يقوم على النظر إلى‬ ‫ما هو نشاط عقلي رياضي حر و بين ما هو واقعي اختباري وهو ما يطرح مسألة‬
‫على مقياس دون أخر ليس سوى انعكاسا الختالف نظري أو ابستمولوجي أفرزته‬ ‫العقل كبنية قبلية مكتملة البناء‪ ،‬وهو تصور يعكس المناخ العلمي الذي تميز آنذاك بهيمنة‬ ‫طبيعة العقالنية العلمية‪ ،‬خصائصها و حدودها و معايير صالحيتها‬
‫طبيعة التطور الذي و سم المعرفة العلمية عبر تاريخها‪.‬‬ ‫النسق النيوتوني في الفيزياء‪ ..‬إلى تصور يعتبر العقل بنية دينامية تتجدد بتجدد المعارف من‬
‫جهة‪ ،‬و يمثل عنصرا فعاال في بناء المعرفة العلمية‪ ،‬دون الوقوع في مثالية الذات و العقل‪ ،‬ألن‬
‫العقل يظل مرتبطا بالتجربة بدرجات مختلفة‪ ،‬وهو تصور تبلور في خضم التطورات العلمية‬
‫المعاصرة‪.‬‬
‫الـــــــــــــحـــــــــقـــــــــــــــيــــــــــقــــــــــــــــة‬
‫المحور الثالث ‪ :‬الحقيقة بوصفها قيمة‬ ‫المحور الثاني ‪ :‬معايير الحقيقة‬ ‫المحور األول ‪ :‬الحقيقة و الرأي‬
‫المفارقة ‪ :‬كل امرئ يدَّعي أنه صادق و ُمحِق فيما يقول ويفعل حتى حينما يكون كاذبا أو على‬ ‫المفارقة ‪ :‬المعيار معجميا هو نموذج أو مقياس مادي أو معنوي لما ينبغي أن يكون عليه شيء‬ ‫المفارقة ‪ :‬إذا كان الرأي انطباع شخصي يكونه الفرد بناء على إدراكه الحسي المباشر‪ ،‬ومن ثم فهو‬
‫باطل‪ .‬فالحقيقة مطلب لكل الناس‪ ،‬إذ يُن َظر إليها كنوع من الخير الذي يرغب فيه كل الناس ‪ ،‬و‬ ‫ما(المعير و المقيس)‪ .‬فهو النموذج المثالي الذي نعير أو نقيس به المحسوسات أو المعقوالت بهدف إصدار‬ ‫يعكس التجربة العامية والمشتركة بين الناس‪ .‬فإن الحقيقة تحيل اجماال على مطابقة الفكر لموضوعه‪ ،‬و‬
‫الحقيقة مطلب كل إنسان‪ ،‬والهدف األساس من وراء كل معرفة‪ ،‬فإن ال احد يحاجج او يجادل في كون‬ ‫حكم معياري–قيمي عليها حسب مدى مشاركتها فيه أو قربها منه‪ .‬لذلك يطرح موضوع معيار الحقيقة‬ ‫قد يكون هذا الموضوع هو الفكر ذاته او قد يكون هو الواقع‪ .‬لكن رغم ما يبدو من تعارض ظاهري بين‬
‫السعي وراء الحقيقة يعتبر فضيلة وغاية‪ ،‬رغم كونه سعيا مشروطا أحيانا‪ .‬وهذا إن دل على شيء‪،‬‬ ‫مشكالت فلسفية مرتبطة بماهية المعيار المناسب للحكم على خطاب ما أو معرفة ما بانها تمثل الحقيقة‬ ‫المفهومين فإن كثير من اآلراء أكدت نفسها كحقائق‪،‬لذا فيمكن ان يرقى الى مستوى الحقيقة تارة وتارة‬
‫فإنما يدل على أن الحقيقة هي قيمة بالدرجة األولى‬ ‫فتارة يتحدد المعيار في ماهة صوري و تارة أخرى معيار واقعي مادي و تارة يتم الجمع بين ماهو صوري‬ ‫أخرى الراي عائق يحول دون الوصول الى الحقيقة‬
‫ومادي واقعي‬
‫اإلشكاالت ‪ :‬فمن الذي يمنح الحقيقة قيمة ويجعلها شيئا مرغوبا فيه من طرف الجميع ؟ هل‬ ‫اإلشكاالت ‪ :‬ما معيار الحقيقة؟ هل معيار الحقيقة هو التطابق مع الواقع أم التطابق مع الفكر؟ أم أن‬ ‫اإلشكاالت ‪ :‬ما عالقة الرأي بالحقيقة؟ هل هي عالقة تالزم أم عالقة تعارض؟ وهل يمكن اعتماد الرأي‬
‫لكونها مطلوبة لذاتها أم لكونها وسيلة لتحقيق غايات عملية أي ما يخدم الحياة اإلنسانية؟ بمعنى‬ ‫معيار الحقيقة يتجاوز ذلك إلى ما هو مرتبط بحياة واإلنسان وبما هو نفعي؟‬ ‫في بناء الحقيقة؟ وهل الحقيقة معطاة أم مبناة؟‬
‫آخر‪ ،‬كيف تتحدد الحقيقة بالنظر إليها كقيمة ؟ هل تتحقق بما هو أخالقي أم بما هو عملي؟‬
‫كيركجاد‬ ‫وليام جيمس‬ ‫كانط‬ ‫كانط‬ ‫ج لوك‬ ‫ديكارت‬ ‫تصور اليبنز‬ ‫تصور باشالر‬ ‫تصور ديكارت‬
‫الحقيقة ليست مجرد‬ ‫يصور الحقيقة من منظور‬ ‫الحقيقة كقيمة أخالقية‬ ‫ال يوجد معيار كوني مادي‬ ‫يرفض معيار البداهة الذي‬ ‫يحدد للحقيقة معيارين‬ ‫إذا كان ديكارت فد أبدى‬ ‫يميز بين الحقيقة العلمية‬
‫نجد ديكارت يرفض‬
‫معرفة مرسومة كغاية‬ ‫نفعي براغماتي‪ ،‬فاألفكار‬ ‫هي غاية في ذاتها‪،‬‬ ‫للحقيقة‪ ،‬ألن هذا المعيار‬ ‫الفالسفة‬ ‫به‬ ‫قال‬ ‫رئيسيين هما‪ :‬الحدس‬ ‫تحفظا في إشارته إلى‬ ‫و الرأي و يقر بتعارضهما‬
‫تأسيس الحقيقة على‬
‫الخطوات‬ ‫لبعض‬ ‫الحقيقية ال تحمل في ذاتها‬ ‫بمعنى أن القول الصادق‬ ‫إن كان يصلح لكل‬ ‫العقالنيون كديكارت و‬ ‫واالستنباط‪ .‬فالحدس عنده‬ ‫اآلراء ‪ ،‬فألن ليبنتز يراهن‬ ‫‪،‬إذ يعتبر الرأي عائقا‬
‫الحواس ألن الحواس في‬
‫المنهجية والمنطقية‪،‬‬ ‫أية قيمة خاصة‪ ،‬بل تستمد‬ ‫يكون لذاته‪ ،‬وليس‬ ‫موضوع‪ ،‬فيلزم أال يقبل‬ ‫اسبينوزا‪ ،‬وهذا نابع من‬ ‫هو إدراك عقلي خالص‬ ‫عليها كثيرا في بناء‬ ‫إبستمولوجيا يحول دون‬‫نظره تخدعنا و تقدم لنا‬
‫فهي تنتقل إلى اإلنسان‬ ‫قيمتها من صالحيتها‬ ‫ألغراض عملية نفعية‬ ‫بالتمييز بين الموضوعات‬ ‫رفضه لوجود أفكار أولية‬ ‫ومباشر‪ ،‬ينصب على‬ ‫المعارف ‪ .‬فالرأي له‬ ‫الوصول إلى المعرفة‬ ‫حقائق ظنية ينبغي تالفيها‬
‫من الخارج ليس‬ ‫الخارجية‪ ،‬بمعنى أن‬ ‫او اعتبارات مصلحية‬ ‫لتحديد تطابق المعارف مع‬ ‫وفطرية في العقل‪ .‬فهذا‬ ‫أفكار بديهية ومتميزة في‬ ‫القدرة على القيام بدور‬ ‫العلمية الصحيحة ‪ ،‬ألنه ال‬
‫رغم أنه ال ينكر وجود‬
‫بوصفها تعلما‪ ،‬بل هي‬ ‫كقيمة تقاس‬ ‫الحقيقة‬ ‫شخصية‪ ،‬فقول الحقيقة‬ ‫هذه الموضوعات؛ فمن‬ ‫األخير صفحة بيضاء و‬ ‫الذهن بحيث ال تحتاج إلى‬ ‫ثوري في تاريخ األفكار‬ ‫يفكر فهو دائما على خطأ‬
‫العالم الحسي إال أنه ال‬
‫موجودة فيه أصال‪،‬‬ ‫بمدى تأثيرها في الواقع‪،‬‬ ‫هو واجب أخالقي مطلق‬ ‫العبث أن نشرط وجودا‬ ‫التجربة هي التي تمده‬ ‫استدالالت عقلية؛ كأن‬ ‫وتطور العقل البشري‪،‬‬ ‫مادام غير قابل للتبرير‬
‫يعتبره منطلقا مضمونا‬
‫وهي بهذا المعنى ليست‬ ‫ومدى ما يمكن أن تحققه‬ ‫يتعين النطق به والعمل‬ ‫ماديا وكونيا للحقيقة‬ ‫بالمعارف واألفكار‪ .‬من‬ ‫أدرك أنني موجود أو أن‬ ‫وهنا يدلل ليبنتز بكوبرنيك‬ ‫النظري العلمي‪ ،‬و مادام‬
‫الكتشاف الحقيقة ‪ ،‬ألنها‬
‫قضية معرفية‪ ،‬وليست‬ ‫من منافع وفوائد انطالقا‬ ‫به في جميع الظروف‬ ‫يتجاوز كل اختالف بين‬ ‫هنا اعتبر أن التجربة هي‬ ‫المثلث هو شكل ذو ثالثة‬ ‫الذي كان وحيدا في رأيه ‪.‬‬ ‫مرتبط بالحاجات و المنافع‬
‫في نظره من شأن العقل‬
‫غاية بعيدة عن شرط‬ ‫من النشاط اإلنساني الذي‬ ‫واألحوال‪ ،‬ومهما كانت‬ ‫الموضوعات؛ ومن ثم‬ ‫المعيار األساسي والوحيد‬ ‫أضالع‪ .‬أما االستنباط فهو‬ ‫إشادة ليبنتز بالرأي الذي‬ ‫المباشرة‪ ،‬و يعتمد على‬
‫وحده وهو ما يقبله العقل‬
‫وجود اإلنسان‪ .‬إنها‬ ‫يقوم على تبني أفكارها‪( ،‬‬ ‫النتائج والدوافع‪ ( .‬إن‬ ‫فالمعيار الكوني السوي‬ ‫للحقيقة‪ .‬فالحواس تمدنا‬ ‫مباشر‬ ‫غير‬ ‫إدراك‬ ‫يفضي إلى االحتمال ربما‬ ‫التلقائية و العفوية في‬
‫تلقائيا دونما حاجة إلى‬
‫قيمة أخالقية تجسد‬ ‫تكتسب الفكرة حقيقتها من‬ ‫قول الحقيقة واجب‬ ‫المتطابق مع مبادئ العقل‬ ‫باألفكار البسيطة كاالمتداد‬ ‫للحقيقة‪ ،‬بموجبه يتم‬ ‫له ما يبرره ‪ ،‬فداخل‬ ‫تناوله لألمور‪ ،‬لدى وجب‬
‫برهان فالحقيقة في األصل‬
‫بالمعنى‬ ‫الفضيلة‬ ‫خالل العمل الذي تنجزه‪،‬‬ ‫يتعين اعتباره بمثابة‬ ‫وقوانين الفهم‪ ،‬هو الذي‬ ‫والشكل والحركة‪ ،‬ثم يعمل‬ ‫استخالص حقائق جديدة‬ ‫الفلسفية‬ ‫التيارات‬ ‫هدمه‪ ،‬فهو أول عائق يلزم‬
‫ليست واقعا بل أفكارا في‬
‫السقراطي‪ ( .‬الفضيلة‬ ‫أي العمل الذي يقتضي أن‬ ‫أساس وقاعدة لكل |‬ ‫ينبغي أن يكون‪ ،‬ألن‬ ‫العقل على التأليف بينها‬ ‫من الحقائق البديهية‬ ‫المعاصرة قد تم تجاوز‬ ‫العالم تخطيه ‪ .‬فالفكر‬
‫العقل ولما كانت الحدود‬
‫بدورها تتحدد باعتبارها‬ ‫تتحقق من نفسها بنفسهاء‬ ‫الواجبات التي يتعين‬ ‫الحقيقة الصورية تكمن‬ ‫إلنتاج األفكار المركبة‬ ‫األولية على نحو منطقي‬ ‫مبدأ الوحدة و الذي طالما‬ ‫العلمي ال يتناول سوى‬‫بين الصادق والكاذب من‬
‫‪ )..‬معرفة‬ ‫ويكون هدفها ونتيجتها‬ ‫تأسيسها وإقامتها على‬ ‫في مطابقة المعرفة‬ ‫كفكرة الجوهر والعلية و‬ ‫صارم‪ .‬ولذلك فالحقائق‬ ‫شكل قطب الرحى للفلسفة‬ ‫القضايا التي يستطيع‬ ‫األفكار ليست بينة منذ‬
‫‪).‬التحقق الذاتي‬ ‫عقد قانوني‪.).‬‬ ‫لذاتها‪ ،‬بغض النظر عن‬ ‫الالمتناهي‪ .‬فكل أفكارنا‬ ‫التي يتوصل إليها عن‬ ‫المثالية وعوض بمبدأ‬ ‫البرهنة عليها‪ ،‬كما انه ال‬
‫البداية فإن الطريق إلى‬
‫‪.-‬‬ ‫الموضوعات وعن أي‬ ‫حسي‪،‬‬ ‫أصل‬ ‫ذات‬ ‫طريق االستنباط ال تقل‬ ‫الكثرة الذي يقول بتعدد‬ ‫يطرح سوى األسئلة التي‬
‫الحقيقة في نظر ديكارت‬
‫اختالف بينها‪« .‬المعايير‬ ‫والحواس هي التي تمنح‬ ‫أهمية ويقينية عن‬ ‫وتجاوز‬ ‫التفاسير‬ ‫يمكنه اإلجابة عليها‪ .‬و‬
‫هو الشك المنهجي ‪،‬‬
‫والكونية‬ ‫الصورية‬ ‫ألفكارنا الصدق والحقيقة‪.‬‬ ‫الحقائق الحدسية األولية‪،‬‬ ‫اإلطالقية ‪ ،‬أي نسبية‬ ‫هذا ما يجعل الحقيقة‬ ‫والشك ال يتطلب خروج‬
‫للحقيقة ليس شيئا آخر‬ ‫وإذا تعذر إرجاع فكرة ما‬ ‫ما دامت صادرة عنها‬ ‫الحقيقة ومرونتها وتعدد‬ ‫العلمية مبنية و مؤسسة‬
‫العقل من ذاته إلى العالم‬
‫سوى المعايير المنطقية‬ ‫الحسي‬ ‫أصلها‬ ‫إلى‬ ‫بواسطة حركة فكرية‬ ‫أوجهها ‪.‬‬ ‫على قواعد العقل العلمي‪،‬‬
‫الخارجي بل يشترط فقط‬
‫والكونية‪ ،‬التي تقوم عليها‬ ‫التجريبي‪ ،‬فهي فكرة‬ ‫مترابطة ومتصلة تفضي‬ ‫في حين يسمح الرأي‬ ‫العودة إلى الذات إلعادة‬
‫المطابقة بين المعرفة‬ ‫‪..‬وهمية وباطلة‬ ‫إلى نتائج ضرورية‪.‬‬ ‫لنفسه باالعتقاد في كل‬
‫النظر ‪-‬مسح الطاولة‪ -‬في‬
‫وذاتها‪ ،‬أو لنقل هي‬ ‫القضايا و طرح كل‬ ‫كل ما لديه من أفكار‬
‫القوانين الكونية للفهم‬ ‫المسائل‪ ،‬حتى تلك التي ال‬
‫بواسطة الشك المنهجي ‪.‬و‬
‫والعقل‪»..‬‬ ‫يستطيع اإلجابة عنها أو‬
‫عملية الشك تنتهي إلى‬
‫التدليل عليها‪.‬‬
‫أفكار ال تقبل الشك أال‬
‫وهي األفكار البسيطة‬
‫الفطرية في العقل‬
‫يتبين أن قيمة الحقيقة حتى و إن كانت غاية في ذاتها مع كانط فإنها تظل ترخي‬ ‫يتضح إذن أن البحث في معايير الحقيقة ينطوي على اختالف ال يمكن جمع عناصره إال إذا‬ ‫صحيح ان الرأي ال يفكر و غير قابل للتبرير النظري و العقلي‪ ،‬لكن هذا ال ينفي‬
‫بضاللها على العالم من خالل رغبة كل من يبحث عنها في جعلها نبراسا لعالم‬ ‫استطعنا معرفة قيمة هذه الحقيقة التي يسعى وراءها الجميع‪،‬و هو ما يدفعنا إلى طرح اإلشكال‬ ‫قوته‪،‬خصوصا إذا ما حصل على االجماع‪ ،‬أليست كثير من الحقائق العلمية تاسست‬
‫تسوده القيم النبيلة و السالم الدائم‪.‬‬ ‫اآلتي‪ ،‬ما الذي يجعل الحقيقة مرغوبا فيها و غاية و هدفا للجهد اإلنساني؟‪ .‬و بعبارة أخرى هل‬ ‫على الرأي وسادت و عالجت الكثير من االشكاالت قبل ان يظهر خطؤها‪.‬‬
‫تمتلك الحقيقة قيمة ما؟‪.‬‬
‫الـــــــــــــــــــــدولـــــــــــــــــة‬
‫المحور الثالث ‪ :‬الدولة بين الحق و العنف‬ ‫المحور الثاني ‪ :‬طبيعة السلطة السياسية‬ ‫المحور األول ‪ :‬مشروعية الدولة و غايتها‬
‫المفارقة ‪ :‬يعود مفهوم السلطة إلى الفعل الالتيني (‪ ، )Augere‬التي تشير إلى المفارقة ‪ :‬يحدد كانط الحق باعتباره يحيل إلى "مجموع الشروط التي تسمح‬ ‫المفارقة ‪ - :‬مشروعية الدولة‪ ،‬تشير إلى مجموع التبريرات والدعائم التي ترتكز‬
‫القدرة على الحصول على الطاعة دون اللجوء إلى القهر بالقوة‪.‬تارة وتارة لحرية كل فرد بأن تنسجم مع حرية اآلخرين‪ ".‬العنف هو "اللجوء إلى القوة‬ ‫عليها الدولة من أجل ممارسة سلطتها على مواطنيه و‪.‬الغاية تدل على "ما ألجله‬
‫من أجل إخضاع أحد من الناس ضد إرادته‪ ،‬وهو ممارسة القوة ضد القانون‬ ‫أخرى تتجلى هذه السلطة في القانون و الدمقراطية و الفصل بين السلط‬ ‫إقدام الفاعل على فعله‪ ،‬وهي ثابتة لكل فاعل فعل بالقصد واالختيار‪ ،‬فال توجد‬
‫أو الحق"‪.‬فتارة نجد الدولة تمارس سلطتها بالعنف و تارة أخرى بالالعنف‬ ‫الغاية في األفعال غير االختيارية"‪.‬فنارة نجد الغاية كوسيلة و تارة غاية في‬
‫ذاتها‬
‫اإلشكاالت ‪ :‬ما الدولة ؟ من أين تستمد الدولة مشروعيتها؟ وماهي غاياتها؟ هل اإلشكاالت ‪ :‬ما طبيعة السلطة السياسية؟ وهل تقوم على القوة والمكر والخداع اإلشكاالت ‪ :‬هل تمارس الدولة سلطتها بالقوة أو بالقانون‪ ،‬بالحق أم‬
‫أم على الرفق والتوسط واالعتدال؟ أم على مفهوم الديموقراطية ؟ هل هي بالعنف؟ أال يمكن الحديث عن عنف مشروع تحتكره الدولة؟ وهل دولة‬ ‫الدولة غاية في ذاتها ام وسيلة ؟‬
‫الحق دولة عنف؟ وما هي أسس قيام الدولة الحديثة؟‬ ‫متعالية ؟ ام محايثة للمجال الذي تمارس فيه ؟‬
‫جاكلين روس‬ ‫فيبر‬ ‫ميكيافيل‬ ‫التوسير‬ ‫مونتيسكيو‬ ‫هيغل‬ ‫اسبينوزا هوبز‬ ‫ماكس فيبر‬
‫ضدا على أطروحة شرعنة‬ ‫يعتبر السياسة مجال تحيل السياسة بشكل‬ ‫األجهزة‬ ‫من‬ ‫نوعين‬ ‫بين‬ ‫يميز‬ ‫التمييز‬ ‫ضرورة‬ ‫إلى‬ ‫يدعو‬ ‫الدولة‬ ‫تستمد‬ ‫مشروعية الدولة تكمن في تستمد الدولة مشروعيتها ال‬
‫العنف وتبريره فإن جاكلين‬ ‫االعتماد على أحد السلط من االلتزام بمبادئ التعاقد مشروعيتها من التحالفات بين ثالث سلط أساسية للدولة التي َتح ُكم بها الدولة للصراع المستمر الذي أساسي على مفهوم‬
‫روس تعتبر دولة الحق‬ ‫االجتماعي المبرم بين القائمة بين األفراد‪ ،‬بل وهي‪" :‬السلطة التشريعية ‪ -‬وتمارس سلطتها األجهزة يستهدف امتالك السلطة‬ ‫التالية‪:‬‬
‫األفراد ككائنات عاقلة تستمد من مبادئ عقلية السلطة التنفيذية ‪ -‬السلطة القمعية‪ :‬وهي مؤسسات والمحافظة عليها باللجوء الدولة كقيادة سياسية تتمسك بكرامة الفرد ضد كل‬
‫لتجمع بشري في‬ ‫والعادات‬ ‫التقاليد‬ ‫سلطة‬ ‫‪-‬‬
‫أنواع العنف والتخويف‪.‬‬ ‫القضائية"‪ .‬فاألولى متمثلة قمعية عنيفة‪ ،‬تستخدم القمع‬
‫من‬ ‫التي‬ ‫الوسائل‬ ‫كل‬ ‫إلى‬ ‫تتأسس‬ ‫وموضوعية‬ ‫هي‬ ‫فغايتها‬ ‫لذلك‬ ‫وحرة‪،‬‬ ‫لصالحيتها‬ ‫تكرست‬ ‫التي‬
‫وتمثل دولة الحق نموذجا‬ ‫جغرافية معينة‪.‬لكن‬ ‫في (البرلمان) وتختص بسن والعنف بأشكاله المختلفة‪،‬‬
‫للدولة المعاصرة والتي‬ ‫واالحترام المتجذر الذي تحرير األفراد من الخوف‪ ،‬عليها الدولة بشكل حتمي القوانين والمراسيم في جميع كأدوات من أجل الهيمنة شأنها تحقيق هذه الغاية‬
‫‪،‬سواء كانت هذه الوسائل كيف يمكن للدولة أن‬
‫حددتها بقولها " إنها دولة‬ ‫وإتاحة الفرصة لعقولهم يتجاوز اإلرادات الفردية مرافق الحياة االجتماعية والسيطرة وفرض األمن‬ ‫تحظى به‪.‬‬
‫فيها حق وقانون يخضعان‬
‫غير تسوس أمور الشعب‬ ‫أو‬ ‫والسياسية واالستقرار‪ .‬وتتشكل من مشروعة‬ ‫الشخصية لكي تفكر بحرية وتؤدي ذاتها‪ ،‬مما يجعل غاية واالقتصادية‬ ‫‪-‬سلطة‬
‫معا لمبدأ احترام الشخص‪،‬‬ ‫الشرطة‪ ،‬مشروعة‪ ،‬ألن "الغاية ووفق أي أدوات ؟‪.‬‬ ‫الكاريزمية أي الخصال وظائفها بالشكل المطلوب الدولة ال تكمن في أية والحقوقية‪ ،‬أما الثانية (الحكومة‪،‬‬
‫والمميزات التي يتمتع بها دون استخدام لدوافع غاية خارجية‪ ،‬وإنما تتمثل فتتجسد في الحكومة‪ ،‬المكلفة المحاكم‪ ،‬السجون‪ ،‬الجيش)‪ ،‬تبرر الوسيلة"‪ ،‬فالسلطة أن وسيلة الدولة وهي صيغة قانونية تضمن‬
‫السياسية مكر وخداع‪ ،‬المثلى هي العنف الحريات الفردية وتتمسك‬ ‫األجهزة‬ ‫هذه‬ ‫الشهوة من حقد وغضب في غاية باطنية؛ فالدولة بتنفيذ القوانين‪ .،‬بينما وتتميز‬
‫شخص ما‪ ،‬ويعترف له‬
‫وانتمائها لذلك نجد في نصائحه كضامن وحيد لهيمنة بالكرامة اإلنسانية وذلك ضد‬ ‫غاية في ذاتها من حيث السلطة القضائية‪ ،‬فيتجلى باستقالليتها‬ ‫بها الناس وينخرطون وخداع‪.‬‬
‫كل أنواع العنف والقوة‬ ‫العمومي لألمير يؤكد على ضرورة‬ ‫إنها تمثل روح وإرادة دورها في الحرص على للقطاع‬
‫الدولة‪.‬غير أن هذا والتخويف" فدولة الحق‬ ‫(الدولة)‪.‬األجهزة‬ ‫تطبيق القانون‪ ،‬والفصل في‬ ‫بسبب ذلك في القضايا‬
‫العنف وإن كان ليس تؤدي إلى ممارسة معقلنة‬
‫ووعي أمة من األمم‪ ،‬المنازعات التي تقع بين اإليديولوجية‪ :‬مجموعة من المزج بين قوة األسد‬ ‫التي يدافع عنها‪.‬‬
‫المتخصصة‪ ،‬ومكر الثعلب لضمان وسيلة الدولة الوحيدة للسلطة مما يجعلها عملية‬ ‫وتعتبر تجسيدا للعقل األفراد أو المؤسسات ‪.‬لهذا المؤسسات‬ ‫‪ -‬سلطة الشرعية‪ :‬أي‬
‫‪ ،‬إال أنه أكثر أسلحتها إبداع دائم للحرية وفضاء‬ ‫يؤكد على ضرورة الفصل والتي ينتمي أغلبها إلى التغلب على الخصوم‪.‬‬ ‫األخالقي الموضوعي‪.‬‬ ‫االعتقاد في صالحية نظام‬
‫الحترام الشخص ومعاملته‬ ‫بين هذه السلط‪ ،‬تجنبا لطغيان القطاع الخاص (كالجهاز‬ ‫مشروع اعتمادا على‬
‫كغاية ال كوسيلة إن دولة‬
‫نجاعة في قيادة‬ ‫سلطة الدولة‪ ،‬وإهدار حقوق الديني‪ ،‬العائلي‪ ،‬المدرسي‪،‬‬ ‫قواعد وأحكام عقالنية‪.‬‬
‫وممارسة الحق ال تقوم على العنف وال‬ ‫المجتمع‬ ‫المواطنين وسلب حرياتهم‪ ،‬القانوني‪ ،‬السياسي‪ ،‬النقابي‪،‬‬
‫السلطة‪ ،‬وهو ما يجعل تشرعن القوة وال تسمح‬ ‫في‬ ‫وهذا الفصل بينهما ال يعني اإلعالمي‪،)...‬نخلص‬
‫من الدولة هي المالك بمصادرة الحرية‪ ،‬وإنما هي‬ ‫االنفصال التام والمطلق‪ ،‬بل النهاية إال أن سلطة الدولة‬
‫الوحيد لحق ممارسة دولة يخضع عملها لقواعد‬ ‫هو في الحقيقة تعاون تتخذ مظاهر مختلفة‪ ،‬سلطة‬
‫سليمة وصريحة وتتشبث‬ ‫وتعاضد فيما بينها‪ ،‬حيث مباشرة وتتجلى في أجهزة‬
‫العنف داخل تجمع بالقانون والحق واحترام‬ ‫الدولة‪ ،‬وسلطة غير مباشرة‪،‬‬ ‫تكمل كل منهما األخرى‪.‬‬
‫سياسي معين لكونها الحريات وتفصل بين السلط‬ ‫تظهر من خالل المؤسسات‬
‫تمتلك وسائل متعددة باعتباره اآللية الفعالة لحماية‬ ‫والدينية‬ ‫التعليمية‬
‫‪.‬الحقوق ومنع العنف‬ ‫لممارسة السلطة‪.‬‬ ‫‪.‬واإلعالمية‬
‫إن اختالف أشكال الدول عبر التاريخ البشري هو ما يجعل مشروعية و غاية الدولة يبدو أن السلطة السياسة للدولة تتحدد في طبيعة العالقة الممكنة بين الحاكم إذا كانت الدولة ترتبط بالحق والعنف‪ ،‬فإن هذه العالقة تبدو رهينة‬
‫مختلف بشأنها‪ .‬لكن سواء استمدت الدولة شرعيتها ووجودها من توفير الحرية و و رعيته و التي من شأنها أن تتراوح بين المهارة و الدهاء و بين الرفق و بطبيعة األنظمة السياسية من حيث أنها قد تقوم على توازن يجعل‬
‫األمن ألفرادها‪ ،‬أو كانت إرادة عامة عقلية و حرة كلية‪ ،‬فإن حضورها يرتبط بالسلطة‬
‫باعتبارها المكانزم الذي تنظم به العالقات االجتماعية‪ ،‬و هو ما يطرح مسألة طبيعة االعتدال و الحكمة‪ ،‬لكن المالحظ هو أن الدولة تكون في كثيرا من ممارساتها العنف مشروعا في إطار تقنين و عقلنة للسلطة السياسية كما يتحقق‬
‫ضد مصلحة المواطنين تمارس عليهم التسلط و القوة و العنف مما يدفعنا إلى ذلك في دولة الحق‪ ،‬و قد تكون عالقة مختلة تتسع فيها دائرة العنف‬ ‫السلطة السياسية للتداول و البحث‪.‬‬
‫تساؤل حول كيفية ممارسة الدولة لوظائفها‪ ،‬هل تمارسها بالقوة أم بالقانون‪ ،‬على حساب الحق كما يتجسد ذلك في حالة الدولة العربية التي لم‬
‫بالحق أم بالعنف؟‪.‬‬
‫تتخلص من اإلرث السلطاني ولم تستكمل شروط المجتمع السياسي‬
‫الذي تمثله دولة الحق‪.‬‬
‫الـــــــــحــــــــــــــق و الـــــــــــعــــــــــدالــــــــــــــــــــة‬
‫المحور الثالث ‪ :‬العدالة بين االنصاف و المساواة‬ ‫المحور الثاني ‪ :‬العدالة كأساس للحق‬ ‫المحور األول ‪ :‬الحق الطبيعي و الحق الوضعي‬
‫المفارقة ‪ :‬يحيل جوهر العدالة إلى التوزيع المتكافئ للحقوق‪ ،‬بشكل ال‬ ‫المفارقة ‪ :‬يقتضي الحق الطبيعي السلوك وفق اإلمكانات الطبيعية الخاصة بكل‬ ‫المفارقة ‪ :‬إذا كان الحق الطبيعي هو مجموع االمتيازات التي تمنحها الطبيعة‬
‫يتفاضل وفقه األفراد بالنظر إلى مكانتهم االجتماعية أو انتمائهم العرقي أو‬
‫فرد‪ ،‬لحيازة امتيازات تساوي في قيمتها مقدار هذه اإلمكانات‪ ،‬مما يضع هذا‬ ‫للفرد‪ ،‬والتي تتناسب مع قوته وقدرته في الحصول عليها‪ ،‬وإذا كان الحق‬
‫سلطتهم أو غيرها مما قد يدعو إلى التمييز بينهم‪ .‬لكن المساواة المطلقة بين‬
‫الحق الذي ال يستفيد منه إال القوي موضع تساؤل‪ .‬وبذلك ال يمكن النظر إلى‬ ‫الوضعي هو ما يمنحه القانون للفرد‪ ،‬وفق التعاقد الذي تتم فيه مراعاة حقوق‬
‫أفراد غير متساوين قد ال تفضي إلى تحقيق العدالة‬‫الحق إال من خالل عالقته بالعدالة‪ ،‬وهذه العالقة تضعنا هي األخرى أمام‬ ‫اآلخرين فالعدالة تارة ترتبط بالحق الطبيعي و تارة أخرى بالحق الوضعي‬
‫إشكالية متعلقة بالمرجع الذي يضمن العدالة في تأسيس الحق فتارة القانون هو‬
‫وسيلة لتحقيق العدالة و تارة القانون هو نفسه غير عادل‬
‫اإلشكاالت ‪ :‬بأي معنى يمكن الحديث عن تحقيق العدالة باعتبارها شرطا الزما اإلشكاالت ‪ :‬ما السبيل لتجاوز عمومية العدالة؟ أال يمكن اعتبار اإلنصاف‬ ‫اإلشكاالت ‪ :‬ما هو األساس الذي يجب أن يقوم عليه الحق؟ هل أساسه ما هو طبيعي‬
‫للحق هل يمكن اعتبار القوانين الوضعية سبيال لضمان تأسيس الحق على حال إلعادة ما نحرف من العدالة؟‪.‬فما اإلنصاف؟ وما الفرق بينه وبين‬ ‫أم ما هو ثقافي وضعي؟‪ .‬فهل الحق طبيعي أم وضعي؟ هل للفرد حقوق طبيعية ثابتة‬
‫المساواة؟ وأيهما أقرب إلى العدالة؟ و هل العدالة تتجسد في المساواة ام‬ ‫العدالة؟ أم أن القوانين ليست عادلة بالضرورة؟‬ ‫وسابقة على القوانين الوضعية أم أن الحق وضعي يستمد أساسه من المجتمع‬
‫االنصاف ؟‬ ‫وخصوصياته الثقافية‬
‫ج راولز‬ ‫االن‬ ‫شيلر‬ ‫شيشرون‬ ‫اسبينوزا‬ ‫ارسطو‬ ‫هانز كيلسن‬ ‫ج ج روسو‬ ‫طوماس هوبس‬
‫يعني اإلنصاف بالنسبة‬ ‫ان الحق ال يمكن الحديث عنه‬ ‫إن العدالة ال تتمثل في‬ ‫المؤسسات والقوانين ال‬ ‫هناك مبدأ تقوم عليه الدولة‬ ‫تحدد العدالة حسب‬ ‫يرفض تأسيس الحق على أية‬ ‫يميز جان جاك روسو بين‬ ‫يذهب إلى كون الحق‬
‫لراولز إعطاء كل فرد‬ ‫إال في إطار المساواة بين‬ ‫بالمساواة‬ ‫المطالبة‬ ‫يمكن أن تكون أساسا‬ ‫الديمقراطية‪ ،‬وهو تحقيق‬ ‫أرسطو بالتقابل مع الظلم‪.‬‬ ‫ميتافيزيقية‬ ‫اعتبارات‬ ‫حالة الطبيعة التي يخضع‬ ‫الطبيعي‪ ،‬يتجلى في‬
‫في المجتمع حق‬ ‫الناس‪ ،‬باعتبارها (المساواة)‬ ‫المطلقة بين الناس؛‬ ‫للحق‪ ،‬مادام أن هناك‬ ‫األمن والسالم لألفراد عن‬ ‫فالسلوك العادل‪ ،‬هو‬ ‫وطبيعية‪ ،‬ويؤسسه‘ بخالف‬ ‫فيها األفراد ألهوائهم و‬ ‫الحرية التي يتمتع بها كل‬
‫االستفادة بالتساوي من‬ ‫ذلك الفعل العادل الذي يعامل‬ ‫ألنها ستكون مساواة‬ ‫قوانين يضعها الطغاة‬ ‫طريق وضع قوانين عقلية‬ ‫السلوك المشروع الموافق‬ ‫ذلك‘ على اعتبارات واقعية‬ ‫رغباتهم بحيث تطغى‬ ‫إنسان‪ ،‬ومادام كل إنسان‬
‫الناس بالتساوي بغض النظر‬ ‫تمكن من تجاوز قوانين‬ ‫وثقافية‪ .‬هكذا يرى أنه ال‬
‫األساسية‬ ‫الحقوق‬ ‫عن التفاوتات القائمة بينهم‪.‬‬
‫جائرة ما دامت ال‬ ‫لخدمة مصالحهم الخاصة‬ ‫الشهوة التي هي المصدر‬
‫للقوانين و الذي يكفل لكل‬ ‫وجود لحق غير الحق‬
‫عليهم األنانية و الذاتية و‬ ‫يهدف إلى تحقيق مصالحه‬
‫واعتبر أن الالمساواة‬ ‫وهنا يتحدث عن السعر‬ ‫تراعي الفروق بين‬ ‫وتهضم حقوق بقية‬ ‫كراهية‬ ‫لكل‬ ‫األساسي‬ ‫ذي حق حقه تبعا لتناسب‬ ‫الوضعي الفعلي الذي يتحدد‬ ‫يحتكمون إلى قوتهم ‪ ،‬و‬ ‫وأهدافه فإن النتيجة‬
‫مقبولة عقليا على‬ ‫العادل ويميزه عن سعر‬ ‫األفراد فيما يخص‬ ‫الناس‪ .‬لذلك وجب تأسيس‬ ‫وفوضى ‪.‬‬ ‫الرياضي في حين أن الفعل‬ ‫انطالقا من اعتبارات واقعية‪،‬‬ ‫بين حالة التمدن التي‬ ‫المترتبة عن ذلك هي‬
‫أرضية تكافؤ الفرص‬ ‫الفرصة؛ بحيث أن األول هو‬ ‫الطبائع والمؤهالت التي‬ ‫الحق والعدالة تأسيسا‬ ‫ومنه يرى أنه ال يمكن تصور‬ ‫الفعل‬ ‫هو‬ ‫الجائر‬ ‫القوى‬ ‫موازين‬ ‫ومن‬ ‫األفراد‬ ‫فيها‬ ‫يمتثل‬ ‫نشوب حرب الجميع ضد‬
‫التي تسمح لألفراد بلوغ‬ ‫المعلن داخل السوق والذي‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫يتوفرون‬ ‫عقليا؛ إذ أن الحق الوحيد‬ ‫عدالة خارج إطار مبادئ‬ ‫المنافي‬ ‫الالمشروع‬ ‫المتصارعة على أرض‬ ‫و‬ ‫العقل‬ ‫لتوجيهات‬ ‫الجميع‬
‫مراتب ووظائف عليا‬ ‫يخضع له الجميع بالتساوي‪،‬‬ ‫فالعدالة المنصفة هي‬ ‫هو الذي يؤسسه قانون‬ ‫العقل المجسدة في القانون‬ ‫للمساواة و الذي يقوم‬ ‫الواقع‪ .‬وهذا ما يضفي على‬ ‫يحتكمون إلى القوانين و‬
‫في المجتمع‪ ،‬فالعدالة‬ ‫بينما الثاني هو سعر يغيب‬ ‫التي تراعي اختالف‬ ‫واحد مبني على قواعد‬ ‫المدني الذي تتكفل الدولة‬ ‫على عدم التناسب و عدم‬ ‫الحق طابع النسبية والتغير‪،‬‬ ‫التشريعات في إطارغقد‬
‫حسب راولز‪ ،‬هي‬ ‫فيه التكافؤ بين الطرفين؛ كأن‬ ‫الناس وتمايز طبائعهم‬ ‫العقل السليم الذي يشرع‬ ‫بتطبيقه‪ ،‬كما ال يمكن تصور‬ ‫التوسط بين اإلفراط و‬ ‫ويجعل من غير الممكن‬ ‫اجتماعي يساهم الفرد في‬
‫الكفيلة على تجاوز‬ ‫يكون أحدهما مخمورا‬ ‫ومؤهالتهم‪ .‬ومن الظلم‬ ‫ما يجب فعله وما يجب‬ ‫تمتع للناس بحقوقهم خارج‬ ‫التفريط‬ ‫الحديث عنه خارج إطار‬ ‫تأسيسه و يلتزم باحترامه‬
‫واآلخر واعيا‪ ،‬أو يكون‬ ‫قوانين العدالة‪ .‬فالعدالة‬ ‫القوانين المتجسدة في‬
‫االختالل الناتج عن‬ ‫أحدهما عالما بقيمة المنتوج‬
‫أن نطالب بالمساواة‬ ‫‪.‬اجتنابه‬ ‫القضائية‬ ‫المؤسسات‬
‫و طاعته و يمارس حريته‬
‫والحالة هاته‪ ،‬هي تجسيد‬
‫"فائض الحرية‬ ‫‪.‬واآلخر جاهال بذلك‬ ‫المطلقة بين جميع‬ ‫لذلك يرى أنه" لن توجد‬ ‫للحق وتحقيق له؛ إذ ال يوجد‬ ‫والتنفيذية التي تفرضه في‬ ‫في ظله‪.‬‬
‫هكذا فالمساواة لن تتحقق‬ ‫الناس؛ ذلك أن وراء‬ ‫عدالة ما لم توجد طبيعة‬ ‫حق خارج عدالة قوانين‬ ‫الواقع‪.‬‬
‫إال إذا عرض الباعة لكل‬ ‫هذه المطالبة بالمساواة‬ ‫صانعة للعدالة"‪ ،‬وهذه‬ ‫الدولة‪ .‬أما خارج هذه‬ ‫وفضال عن هذا‪ ،‬يرى أن‬
‫الناس نفس السلع وبثمن‬ ‫كراهية وحقد على القيم‬ ‫هي الطبيعة الخيرة التي‬ ‫القوانين التي يضعها العقل‪،‬‬ ‫هناك اختالف في المرجعيات‬
‫موحد‪ .‬و معنى ذلك أن العدالة‬ ‫السامية‪ ،‬ورغبة دفينة‬ ‫تتمثل في ميلنا إلى حب‬ ‫فإننا نكون بإزاء العودة إلى‬ ‫السيكولوجية واالجتماعية‬
‫لن تتحقق إال إذا كانت‬ ‫في خفض مستوى‬ ‫الناس الذي هو أساس‬ ‫عدالة الطبيعة التي استحال‬ ‫والثقافية بين الناس‪ ،‬مما‬
‫القوانين الجاري بها العمل‬ ‫األشخاص المتميزين‬ ‫الحق‪ .‬و " طالما لم يقم‬ ‫فيها تمتع الجميع بحقوقهم‬ ‫ينعكس على تصورهم‬
‫تعامل الناس بالمساواة التي‬ ‫إلى مستوى األشخاص‬ ‫المشروعة في الحرية واألمن‬ ‫ألساس الحق‪ ،‬ويجعل هذا‬
‫الحق على الطبيعة فإن‬
‫‪.‬هي أساس إحقاق الحق‬ ‫واالستقرار‪.‬‬ ‫األخير يختلف باختالف‬
‫الذين هم في أسفل‬ ‫الفضائل‬ ‫جميع‬ ‫المبادئ التي يرتكز عليها‪.‬‬
‫السلم‪.‬‬ ‫ستتالشى"‪.‬‬
‫إن العالقة التي تربط الحق بالعدالة تظل عالقة ملتبسة مادام االنسان هو من يتضح أن قيمة العدالة‪ ،‬باعتبارها فضيلة أخالقية‪ ،‬تتحدد في‬ ‫يتضح إذن أن تأسيس الحق نابع من تصور محدد للطبيعة اإلنسانية‪ ،‬فإذا كان اإلنسان‬
‫يضع القوانين وهو في نفس الوقت من يسهر على تطبيقها‪ ،‬مما يجعل القوانين تطبيقاتها العملية‪ ،‬و إال ظلت مجرد فكرة أو حلم بعيد التحقق‪ .‬لذا‬ ‫شرير بطبعه‪ ،‬يكون من الالزم أن يؤسس الحق على القوة (هوبز)‪ .‬لكن لهانز كيلسن‬
‫مطبوعة بذاتيته‪ ،‬فتكون صالحة للبعض دون الكل‪.‬‬ ‫رأي اخر برى فيه أن الحق يطبع بالنسبية‪ ،‬فهو خاضع لموازين القوى المتصارعة‬
‫يجب توفر شرطي المساواة و اإلنصاف‪ ،‬لتنتقل العدالة من مستوى‬ ‫على أرض الواقع‪ .‬لذلك يكون من غير الممكن الحديث عنه خارج إطار القوانين‬
‫ما ينبغي أن يكون(أي الفكرة) إلى مستوى ما هو كائن(أي الواقع)‪.‬‬ ‫المتجسدة في المؤسسات القضائية والتنفيذية التي تفرضه في الواقع‪ .‬و هذا ما سيثير‬
‫إشكال العالقة بين الحق و العدالة‪.‬‬
‫تقديم عام لمجزوءات مقرر الفلسفة السنة الثانية باكالوريا‬
‫مجزوءة السياسة‬ ‫مجزوءة المعرفة‬ ‫مجزوءة الوضع البشري‬
‫يعيش الناس ضمن مجتمعات‪ ،‬و هو ما يطرح مسألة تنظيم‬ ‫الحديث عن المعرفة هو حديث عن مكون أساسي يميز الوضع‬ ‫لقد كان القول السقراطي‪" :‬أيها اإلنسان اعرف نفسك بنفسك"‪ ،‬دعوة‬
‫البشري مادامت المعرفة هي ضرورة رافقت اإلنسان في تساؤله و جودهم في مجال خاص يوفق بين أفعالهم و تصرفاتهم‬ ‫لفهم اإلنسان لذاته ولوجوده أو وضعه اإلنساني‪ ،‬ويعتبر سؤال الوجود‬
‫عن كينونته الفردية وعن الوجود بغية فهم مختلف اإلشكاالت‬ ‫أو الوضع البشري من أهم األسئلة الفلسفية‪ ،‬وذلك لكونه ينهد إلى فهم‬
‫بحيث تبدو كأنها صادرة عن الجماعة‪ .‬و يعتبر هذا المجال‬ ‫هذا الوجود‪ ،‬والبحث في أبعاده األساسية‪ ،‬وأهمها‪ :‬البعد الذاتي الفردي‪،‬‬
‫سياسيا بالمعنى الواسع لكلمة سياسة‪ ،‬إذ يفترض هذا‬ ‫المعرفة‬ ‫المطروحة بصدد الطبيعة والمجتمع‪ ،‬وتلك هي وظيفة‬
‫وذلك من خالل النظر إلى اإلنسان باعتباره األنا أو الشخص‪ ،‬أي بغض‬
‫كترتيب للحوادث بواسطة الفكر وكتخطيط نظري للفعل والعمل‬
‫المجال الحفاظ على األمن داخل المجتمع الذي يخلق لهذا‬ ‫النظر عن عالقاته الممكنة مع أي شيء آخر‪ .‬وأما الثاني فهو البعد‬
‫من أجل تسخيرها لفائدة اإلنسان فردا كان أو جماعة‪ .‬ولعل هذا‬ ‫االجتماعي الخارجي‪ ،‬وذلك عبر تجاوز ما هو ذاتي واالنفتاح على‬
‫الغرض تنظيمات و مؤسسات تعمل على توزيع السلطة في‬ ‫ما يفسر االهتمام العلمي و االبستمولوجي بطبيعة المعرفة‬
‫الحاصلة لدى اإلنسان وكيفية بلوغها وشروطها سواء من حيث الوقت الذي تؤسس فيه مشروعيتها كذلك‪ .‬لقد تطورت هذه‬ ‫اإلنسان من خالل النظر إليه كعالقة مع الغير‪ ،‬ما دام اإلنسان ال يستطيع‬
‫العيش في عزلة عن الغير… ثم من جهة ثالثة هنالك البعد الزماني‪،‬‬
‫األشكال التنظيمية و أفضت إلى ظهور الدولة الحديثة‬ ‫األسس والمبادئ أو المفاهيم والمناهج‪ ،‬وما رافق كل ذلك من‬ ‫ذلك أن اإلنسان ال يوجد كذات‪ /‬شخص فقط‪ ،‬كما ال يوجد من خالل‬
‫باعتبارها سيرورة معقلنة تقوم على" عالقة الهيمنة التي‬ ‫إشكاالت ابستيمولوجية خاصة أمام تنوع وتعدد الموضوعات‬ ‫العالقة مع الغير‪ ،‬بل إن وجوده يتحدد كتاريخ‪ ،‬له بداية وله نهاية‪،‬‬
‫العلمية وتمايزها (رياضيات‪،‬فيزياء‪،‬بيولوجيا) ونوعية المناهج يمارسها اإلنسان على اإلنسان بناء على وسيلة العنف‬ ‫فاإلنسان يولد وينمو ويتطور‪ ...‬ومن هنا أهمية التاريخ في فهم الوضع‬
‫المشروع" كما ذهب إلى ذلك عالم االجتماع األلماني ماكس‬ ‫العلمية المعتمدة في بناء النظريات العلمية وعالقتها بمفهوم‬ ‫البشري‪ .‬و يقذف اإلنسان في هذا العالم بحسب كيرغارد دون أن‬
‫فيبر‪ .‬فهل ستكون الدولة في هذه الحالة عامل تحرر أم عامل‬ ‫الحقيقة‪.‬‬ ‫يستشار ومادام هو كذلك‪ ،‬فإنه يجد نفسه محاطا بجملة من الظروف‬
‫وعليه يمكن القول أننا في مجال المعرفة إزاء ثالث إشكاالت‬ ‫واإلكراهات التي تتحكم فيه وفي اتجاهه نحو المستقبل‪ .‬وما يستأثر‬
‫قمع؟ و إذا لم تجد الدولة سندها الشرعي في القمع‪ ،‬فهل‬ ‫االهتمام هنا‪ ،‬كون الوضع البشري يتضمن معنيين متناقضين‪:‬‬
‫ستجده في المقدس مثال‪ ،‬أم في الفصل بين السلط؟‪.‬‬ ‫أساسية‪:‬‬
‫يتمثل األول في كون اإلنسان كائنا مع اآلخر‪ ،‬أي يعيش ضمن مجتمع‬
‫أمام استحالة استئصال العنف من المجتمع و من التاريخ‪،‬‬ ‫ومحاط بإكراهات وقيود ذاك المجتمع‪ ،‬ومعرض إلى أن يفقد وجوده‬
‫تبدو وضعية األفراد و عالقتهم ببعضهم البعض‪ ،‬و كذا‬ ‫‪ -1‬إشكالية النظرية العلمية وطبيعة مصادرها وبنائها ؟ هل‬ ‫األصيل في تعامله مع اآلخر‪ ،‬بمعنى عرضة لالستالب من طرف اآلخر‪.‬‬
‫تقوم على جمع المعطيات الحسية وتنظيمها وفق معطيات عالقتهم بالدولة وضعية ملتبسة‪ ،‬فكل شخص يدعي أن لديه‬ ‫كما أنه معرض ليفقد وجوده ال األنطلوجي فقط وإنما حتى البيولوجي‬
‫تجريبية خالصة أم أنها نسق بنائي عقلي رياضي ؟ما‬ ‫وذلك في لحظات المرض أو في لحظة الموت‪ .‬ومن هنا يمكن وسمه‬
‫الحق فيما يفعل و ما يقول‪ ،‬و كذلك الشأن بالنسبة لعالقة‬ ‫بالكائن الهش‪.‬‬
‫الدول و الشعوب فيما بينها‪ .‬إذ كل نزاع أو حرب أو سوء‬ ‫وعلمية‬ ‫طبيعة العقالنية العلمية وما هي معايير صالحية‬
‫النظريات العلمية وكيف تتيح تفسير الواقع ؟‪.‬‬ ‫يتجلى المعنى الثاني‪ ،‬في كون اإلنسان قادرا على أن يضع مسافة بينه‬
‫تفاهم يجد مبرراته و يعلن مسوغاته و ذرائعه من خالل‬ ‫وبين هاته اإلكراهات والشروط التي تحيط به وتنمطه وذلك اعتمادا‬
‫ادعاء كل طرف أن الحق بجانبه‪ ،‬و أنه سنده الشرعي‬ ‫على إرادته ووعيه‪ .‬إنه دائما في رهان نحو تطوير قدراته وكفاءاته‬
‫لتحقيق مطالبه‪ ،‬سواء كانت عادلة أم غير عادلة‪.‬‬ ‫‪ -2‬إشكالية الحقيقة باعتبارها غاية كل معرفة – علمية أو‬ ‫وتطويع محيطه‪ .‬إنه كائن مشارك ومتعايش مع اآلخرين‪ .‬وفي هذا فهو‬
‫يمكن‬ ‫إنسانية – هل هي حقيقة معطاة أم أنها بناء وكيف‬ ‫كائن مفاوض يعمل من جهة ببصمة ذاته بتأثيرات المجتمع واآلخرين‬
‫إن العدالة تعني في جوهرها احترام قاعدة التحكيم التي‬ ‫عليه ويعمل كذلك على ترك بصماته على اآلخرين‪ .‬يتحدد وجود اإلنسان‬
‫أن نتعرف على الحقيقة إذا كنا ال نعرف ماهية الحقيقة ؟‬
‫يفترض أن تقوم على المساواة‪ ،‬و من ثم تحقيق اإلنصاف‪.‬‬ ‫إذن من زاويتين‪:‬‬
‫ما هي معاييرها وعالماتها هل هو المعيار العقلي المنطقي‬
‫فما الحق الذي يطالب به الجميع‪ :‬هل هو حق يقوم على‬ ‫أم المادي التجريبي وهل باإلمكان إيجاد معيار كوني‬ ‫األولى موضوعية والتي تتمثل في كوننا نشترك مع اآلخرين في جملة‬
‫أساس طبيعي( القوة)؟ أم يقوم على أساس ثقافي‬ ‫شمولي للحقيقة؟ وإذا كانت الحقيقة مطلبا إنسانيا فمن أين‬
‫من السمات الكونية والتي نجملها في كوننا موجودين في العالم مع‬
‫وضعي(العقل)؟و بالتالي ما عالقته بالعدالة و إلى أي حد‬ ‫اآلخرين وكوننا كائنات فانية‪.‬‬
‫تستمد قيمتها ‪ :‬من المعرفة ؟ لنفعها الحيوي ولضرورة‬ ‫الثانية ذاتية والمتمثلة في المشروع الشخصي الذي يحمله كل واحد منا‬
‫تتطابق العدالة مع الحق‪ ،‬أم تراها مجرد شعور‬ ‫الحياة؟ أم من األخالقية؟‪.‬‬ ‫بصفته شخصية أخالقية وحقوقية‪ .‬وذلك في أفق إما تقبل اإلكراهات‬
‫‪.‬باإلنصاف؟‬ ‫المحيط به واالستسالم لها أو تجاوزها أو تطويعها وتعديلها‬

You might also like