Professional Documents
Culture Documents
جريمة-الخيانة-الزوجية-في-التشريع-الجزائري-والمقارن
جريمة-الخيانة-الزوجية-في-التشريع-الجزائري-والمقارن
جريمة-الخيانة-الزوجية-في-التشريع-الجزائري-والمقارن
اتريخ النشر2024/04/01 : اتريخ القبول 2024 / 03 / 13 اتريخ االستالم2024/02/27 :
امللخص
موما خرقًا لاللتزامات الزوجية.
اخليانة الزوجية قضية قانونية معقدة يف التشريع اجلزائري واملقارن ،حيث يُعترب ع ً
أساسا للطالق ،مع تداول عواقب قانونية تؤثر يف الدعم الزوجي واتفاقيات حضانة تعترب القوانني اجلزائرية اخليانة ً
األطفال.
متنوعا على مستوى العامل ،حيث يُعامل يف بعض البلدان اخليانة كجرمية جنائية،
هنجا ًتظهر التشريعات املقارنة ً
بينما تركز البلدان األخرى على أتثريها يف املسائل املدنية مثل اتفاقيات الطالق .تسلط العواقب القانونية للخيانة
الزوجية الضوء على التفاصيل الثقافية والقانونية اليت تؤثر يف خمتلف السياقات القانونية.
الكلمات املفتاحية :جرمية اخليانة الزوجية ،جرمية اخليانة الزوجية يف التشريع اجلزائري ،جرميةاخليانة الزوجية يف
التشريع املصري ،جرمية اخليانة الزوجية يف التشريع اللبناين ،جرمية اخليانة الزوجية يف التشريع السعودي.
Abstract:
Marital infidelity is a complex legal issue in Algerian legislation, where it is
generally considered a breach of marital obligations. Algerian law views infidelity
as grounds for divorce, with legal consequences affecting spousal support and
custody arrangements. Comparative legislation reveals varying approaches globally,
with some countries treating infidelity as a criminal offense, while others focus on
its impact on civil matters like divorce settlements. The legal consequences of
marital infidelity highlight the cultural and legal nuances influencing different
jurisdictions
Keywords: the crime of marital infidelity, the crime of marital infidelity in
Algerian legislation, the crime of marital infidelity in Egyptian legislation, the crime
of marital infidelity in Lebanese legislation, the crime of marital infidelity in Saudi
legislation.
389
اخليانة الزوجية يف التشريع اجلزائري والتشريع املقارن
-1مقدمة
لقد كرم هللا سبحانه وتعاىل بين آدم على سائر الكائنات احلية األخرى ،ومن مظاهر التكرمي أن هللا خلقه ككائن حي
اجتماعي يعيش يف وسط اجتماعي يؤثر فيه ويتأثر به ،وتنشأ يف هذا الوسط عالقات وروابط اجتماعية بني الناس ،إذ
حيتاج كل الناس لبعضهم البعض ،وقد خلق هللا سبحانه وتعاىل آدم وخلق له زوجته حواء عليهما السالم لتكون أقدم
عالقة زوجية وركيزة أساسية يف تكوين الروابط األسرية األخرى ،ومبرور األايم والسنني طرأ على نظام الزواج بعض
التعديالت والتغريات إىل أن تصل اجلرمية إىل مرحلتها احلالية.
تُعترب جرمية اخليانة ،مثل غريها من اجلرائم ،واليت تتطلب توفر أركان اجلرمية وثبوهتا .يُفضل إثبات حالة الزان أو التلبس
أو أي دليل يؤكد وقوع اجلرمية ،كاحملاداثت اهلاتفية املسجلة اليت يكون فيها الكالم صريح وواضح .وعند التأكد من
وقوع اجلرمية ،ختتلف األحكام ،سواء كانت اخليانة قد وصلت إىل مرحلة الكالم واحملاداثت فقط ،أم أهنا وصلت إىل
حد الزان .ينص القانون على أن يتم إثبات جرمية الزان من خالل الضبط يف حالة التلبس أو االعتاف ،أو بتوفري دالئل
من واقع شهادات الشهود والفحص واملعاينة والتحليل.
ومن خالل هذا املقال نسلط الضوء على جرمية اخليانة الزوجية يف التشريع اجلزائري والتشريعات املقارنة:
والذي صغنا إشكاليته كالتايل :ماهي األليات العقابية اليت وظفها املشرع اجلزائري والتشريعات املقارنة ضد جرمية
اخليانة الزوجية؟.
390
مجلة القـانون والعلوم البينية
المجلد - 03 :الع ــدد ،)2024( 01 :ص 399 -389
e ISSN 0744 – 2992 – ISSN2830-9804
القانون يف حقيقة األمر مل حيدد تعري ًفا لـ "جرمية الزان" ،وإمنا حدده املشرع بعبارات وصيغ خمتلفة .وقد تساير املشرعان
اجلزائري واملصري يف تنظيم جرمية الزان يف قوانني العقوابت احلالية .يستمد الفكرة التشريعية من قانون العقوابت
الفرنسي قبل التعديل ،ومن خالل القانون الفرنسي ميكن أن نستنتج أن حمل احلماية اجلنائية يف اجلرمية ليس فقط
محاية الفضيلة يف ذاهتا كما يف الشريعة اإلسالمية.
وإمنا هو احملافظة على حقوق األطراف يف الرابطة الزوجية وصيانة نظام األسرة.
مل يعرف املشرع اجلزائري الزان على غرار غالبية التشريعات الوضعية اتركا تعريفه للفقه حسب ما جاء يف نص املادة
339من قانون العقوابت اجلزائري حمرما للزان و معاقبا عليه دون تعريف دقيق للفعل اإلجرامي ،وقد ذهب معظم
شراح قانون العقوابت اجلزائري إىل شرح نص املادة 339من:
-مجاع أو فعل جنسي غري شرعي اتم يقع بني رجل وامرأة كالمها أو أحدمها متزوج وبناءاعلى رغبتهما املشتكة
أو استنادا إىل رضائهما املتبادل دون غش أو إكراه.
-هذا يؤدي إىل القول أبن املشرع اجلزائري أخذ أحكام الزان من القانون الفرنسي مجلة وتفصياليف املواد من
336إىل 339من قانون العقوابت اجلزائري واليت كانت تعاقب على الزان إذا وقع منامرأة متزوجة أو من
رجل متزوج.
يتمثل فعل اخليانة الزوجية يف حدوث اتصال جنسي رضائي صحيح بني ذكر وأنثى ، 18و إال اعترب اغتصااب وفقا
للقوانني املغاربية ،فاالتصال اجلنسي أو املواقع أو الوطء الطبيعي؛ يعين إيالج العضو التناسلي الذكري يف املكان املعد
له طبيعيا يف جسم املرأة الفرج ،هذا الفعل أو النشاط هو الذي يقوم عليه الركن املادي للجرمية ،و ال عربة بعد ذلك
فيما إذا كان الرجل أو املرأة قد انل شهوته من اجلماع احملرم ،أم مل ينل شهوته منه ،كما أن االعتياد لقيام هذه اجلرمية
غري مطلوب ،بل يكفيلذلك عملية وطء واحدة.
391
اخليانة الزوجية يف التشريع اجلزائري والتشريع املقارن
تنص املادة رقم 276من قانون العقوابت املصري على عقوبة جرمية الزان ،حيث ُحيكم ابحلبس ملدة 6شهور للزوج
وسنتني للزوجة .يف حالة تنازل الزوج ،يُوقف تنفيذ العقوبة حىت لو كان احلكم هنائياً .يُشدد على أمهية وجود أدلة
دامغة وقرائن مباشرة إلثبات اجلرمية ،مثل ضبط الزوجة يف حالة تلبس يف منزل الزوج أو مكان اجلرمية.
.1تبادل الرسائل بني الرجل واملرأة حتتوي على عبارات تشري إىل وجود عالقة غري مشروعة.
.3وجود رجل يف مكان خمصص للسيدات يثبت وجود عالقة غري شرعية.
يُالحظ يف القانون املصري أنه ال حيق للمرأة رفع دعوى جنائية ضد زوجها يف حالة خيانته ما مل ُميارس الزان يف فراش
الزوجية.
ابلنسبة للمواطنني السعوديني :إذا استطاع أحد الزوجني اثبات خيانة اآلخر سواء كان رجل أو امرأة ،من
خالل الشهود أو االقرار أو مطالبة الزوج حبلف اليمني أمام احملكمة ،وأتكد للقاضي صحة دعواه ،فتكون
عقوبتهسواء كانرجل أو امراة عقوبة حدية منصوص عليها يف القرآن وهي الرجم حىت املوت ،مع مراعاة الشروط
الالزمة لذلك.
أما ابلنسبة للوافدين من األزواج :فال تنطبق عليهم العقوبة احلدية ألهنم وافدين وقانون دولتهم األم قدال ينص على
ذلك وخاصة وان كانو غري مسلمني ،فهناك شرط للعقوبة احلدية وهي أن تطبق على املواطنينالذين حيتكمو لقانون
اململكة ،لذا فقد حتكم احملكمة على الوافدين بعقوبة تعزيرية ،وهناك سوابق قضائية.
392
محام بلقاسم
يف احملاكم السعودية توضح عقوبة الوافد وهي تتاوح ما بني 70ل 100جلدة والسجن 6أشهر ،وتوصية ابلتحيل
من البالد.
ثبات اخليانة الزوجية يف القانون السعوديقد أوضحت احملاكم السعودية أن جيب ان يثبت املدعي يف احملكمة – زوج أو
زوجة – األدلة إماابستدعاء الشهودأو االقرار أي االعتاف ابلذنبأو املطالبة حبلف اليمني يف حالة النكول أو انكار
اخليانة.
ولكن مؤخرا قد اختذت احملاكم يف اململكة العربية السعودية قرارها بناء على اثبااتت الكتونيةمن خالل رسائل الواتس
آب أو صور السناب شات ،ومن خالل برامج تثبت لتجسس الزوجني على بعضهم.
وقد نعدها حاالت فردية ألن التجسس على الزوجني جمرم بنص قانون نظام اجلرائم املعلوماتية.
حيث نصت عن اجلرمية املادة 489والتيعدلت مبوجب 2014/293حيث بدأ اتريخ العمل به :
07/05/2014اتريخ انتهاء النفاذ : 30/12/2020
-1ال جيوز مالحقة فعل الزان إال بشكوى أحد الزوجني واختاذ مقدم الشكوى صفة املدعي الشخصي.
-2ال يالحق الشريك أو املتدخل اال والزاين معا.
-3ال تقبل الشكوى من الزوج الذي مت الزان برضاه.
-4ال تقبل الشكوى إبنقضاء ثالثة أشهر على اليوم الذي اتصل فيه اجلرم بعلم الشاكي.
-5إسقاط احلق عن الزوج أو الزوجة يسقط دعوى احلق العام والدعاوى الشخصية عن سائر اجملرمني.
-6إذا رضي املدعي ابستئناف احلياة املشتكة تسقط الشكوى.
أ -من أقدم بقصد إستيفائه احلقوق الزوجية يف اجلماع أو بسببه على ضرب زوجه أو إيذائه عوقب إبحدى
العقوابت املنصوص عليها يف املواد 554اىل 559من قانون العقوابت .يف حال معاودة الضرب واإليذاء،
تُشدد العقوبة وفقاً ألحكام املادة 257من قانون العقوابت.
إن تنازل الشاكي يسقط دعوى احلق العام يف الدعاوى اليت تطبق عليها املواد 554و 555من قانون
العقوابت .تبقى األحكام اليت ترعى حاالت التكرار وإعتياد اإلجرام انفذة يف حال توفر شروطها.
ب -من أقدم بقصد إستيفائه احلقوق الزوجية يف اجلماع أو بسببه على هتديد زوجه عوقب إبحدى
العقوابت املنصوص عنها يف املواد 573اىل 578من قانون العقوابت .يف حال معاودة التهديد تشدد
العقوبة وفقاً ألحكام املادة 257من قانون العقوابت.
393
اخليانة الزوجية يف التشريع اجلزائري والتشريع املقارن
إن تنازل الشاكي يسقط دعوى احلق العام يف الدعاوى اليت تطبق عليها املواد 577و 578من قانون العقوابت.
تبقى األحكام اليت ترعى حاالت التكرار واعتياد اإلجرام انفذة يف حال توفر شروطها.
تتطلب قيام جرمية اخليانة الزوجية توافر الشروط التالية :هي وقوع الوطء غري املشروعحال قيام الرابطة الزوجية،
مع توفر القصد اجلنائي.
يتمثل فعل اخليانة الزوجية يف حدوث اتصال جنسي رضائي صحيح بني ذكر وأنثى ،و إال اعترب اغتصااب وفقا
للقوانني العربية ،فاالتصال اجلنسي أو املواقعة أو الوطء الطبيعي؛ يعين إيالج العضو التناسلي الذكري يف
املكان املعد له طبيعيا يف جسم املرأة الفرج ،هذا الفعل أو النشاط هو الذي يقوم عليه الركن املادي للجرمية ،و
ال عربة بعد ذلك فيما إذا كان الرجل أو املرأة قد انل شهوهتمن اجلماع احملرم ،أم مل ينل شهوته منه ،كما أن
االعتياد لقيام هذه اجلرمية غري مطلوب ،بل يكفيلذلك عملية وطء واحدة .فإن مل حيدث اإليالج ،ال جمال
لقيام جرمية اخليانة الزوجية.
تتطلب قيام جرمية اخليانة الزوجية توافر الشروط التالية :هي وقوع الوطء غري املشروعحال قيام الرابطة الزوجية،
مع توفر القصد اجلنائي.
1.2الوطء
جرمية الزان يف القانون اجلنائي اجلزائري مع جناية هتك العرض يف هذا الشرط ،وتشتك هذه اجلرمية مع جرمية
الفساد يف الشرط ذاته يف القانون املغريب ،إذا مل حيدث اإليالج فال جمال للحديث عن اخليانة الزوجية؛ ألن
هذه األخرية ال تقوم أبفعال التحرش أو األفعال اليت هي دون اإليالج ،من أفعال الفاحشة األخرى ،اليت
يرتكبها أحد الزوجني مع غريه ،مثل القبالت واملالمسات اجلنسية ،وإتيان املرأة من الدبر ،إىل غري ذلك من
األفعال املنافية للحياء ،وهذا ما ذهب له القضاء التونسي يف القرار التعقييب عدد 3482املؤرخ يف 14
جانفي 1980قائال " :جمرد االتصال اجلنسي تتم به جرمية الزان ولو بوجود الدلك فال يشتط اإليالج.
خاصة إذا علمنا إن الشروع يف هذه اجلرمية غري معاقب عليه قانوان ؛ ألهنا جرمية ذات وصف جنحي،
والقاعدة تقول :أال عقاب على الشروع يف اجلنحدون وجود نص قانوين صريح.
394
محام بلقاسم
و انطالقا مما تقدم ال تقوم جرمية اخليانة الزوجية مبجرد حتقق اخللوة بني رجل وامرأةمتزوجة ،إذا مل تصاحب
هذه اخللوة وطء أو إيالج ،إضافة إىل ذلك ال يعد وطئا فض غشاء بكرة امرأة متزوجة بغري العضو التناسلي.
خاصة إذا كان الغرض من العقاب يف هذه اجلرمية هو صيانة احلرمة الزوجية ،وليس منع االختالط ابألنساب،
لذلك فإن جمرد الوطء؛ أي التحام ذكر وأنثى إذا كاانحدمها متزوجا وليس الوقاع الفعلي كاف لتكون الركن
املادي للجرمية.
ومنه ميكن حدوث هذه اجلرمية من شيخ أو صيب مل يبلغ احللم أو من عنني أو مع امرأة بلغتسن اليأس أو كانت
حالتها الصحية متنعها من احلمل أو كانت عقيما ،لذلك جند القضاء يف فرنسا قد قضي بقيام جرمية الزان
ابإليالج حىت وإن كان االتصال اجلنسي غري مكتمل ،ولقد ذهب القضاء التونسي إىل أبعد من ذلك حيث
تتم جرمية الزان مبجرد االتصال اجلنسي ولو بوجود حائل خفيف أوبدون انتشار.
يشتط وقوع الوطء أثناء قيام الرابطة الزوجية ،وهي العالقة اليت جتمع بني الزوجني ،وتلزم كل زوج ابإلخالص
للطرف اآلخر .ويعترب الطرفان الزوج والزوجة ،مقيدين ابإلخالص املتبادل فيما بينهما ابألمانة التامة من
اللحظة اليت مت فيها إبرام عقد الزواج ،سواء كان ذلك يف حضورمها أم فيغيبتهما.
هذا وقد قضت احملكمة العليا يف اجلزائر بقيام جرمية اخليانة الزوجية يف حق الزوجة اليت تزوجت ابلفاحتة مع
رجل آخر دون أن تنتظر الفصل يف القضية اليت كانت بينها وبني زوجها األول.
فالقانون اجلنائي اجلزائري و القانون اجلنائي التونسي عكس القانون اجلنائي املغريب ،ال يعقبان على الوطء
الذي يقع قبل الزواج حىت ولو محلت بسببه املرأة وحتقق وضعها منه بعد الزواج ،إضافة إىل أن املرأة اليت ختون
خطيبها يف مرحلة اخلطوبة ال تعاقب إذا ما فعلت ذلك قبل انعقاد العقد .ففي هذه احلالة ال يشتط أن يكون
الزوج قد دخل بزوجته ،ألن العالقة الزوجية ال تتوفر قانوان إال إذا مت العقد الصحيح ،و ،و ال يشتط أيضا
أن يكون العقد اثبتا يف ورقة رمسية ،بل يكفيالزواج العريف مىت أمكن إثبات وجوده
و أيضا ال تعاقب القوانني املغاربية السالفة الذكر ،على جرمية اخليانة الزوجية اليت وقعت أو مت التبليغ عنها بعد
الطالق ،لكن يف هذا املوضع جيب التفرقة بني الطالق الرجعي و الطالق البائن.
395
اخليانة الزوجية يف التشريع اجلزائري والتشريع املقارن
الطالق الرجعي هو الطالق الذي يقع لطلقة واحدة ،و ال يتتب عليه رفع أحكام الزوجية قبل مضي فتة
معينة من الزمن يطلق عليها يف الشريعة اإلسالمية ابلعدة ،وهذا الطالق ال يزيل العصمة الزوجية ،بل يبقى
الزواج قائما مادامت املرأة يف عدهتا؛ ألن الزوج يف هذه احلالة جيوز له مراجعتها وأن يردها إىل عصمته يف أي
وقت شاء من األوقات؛ لكن خالل العدة .وعليه فإن جرمية اخليانة الزوجية تقوم إذا وقعت من املرأة أثناء هذه
املدة .وهذا ما ذهب إليه القضاء اجلزائري من خالل القرار رقم 570املؤرخ يف 6جوان ،1989حيث
قضت احملكمة العليا بقيام الزان يف حق الزوجة اليت أبرمت عقد زواج مع رجل آخر قبل أن يصبح حكم
الطالق بينها وبني زوجها األول هنائيا.
كما سار على نفس املنوال القضاء التونسي ،يف قرار تعقييب له رقم 9522املؤرخ يف 25جانفي ،1975
قائال :إن إاثرة جرمية الزان من طرف الزوجة يعترب ممن هلا الصفة مادامت عالقة الزوجية قائمة عند وقوع اجلرمية،
و ال أتثري للطالق الواقع إثر ذلك على مشروعية قيام العالقة
الزوجية ،طبقا للمادة 236من اجمللة اجلنائية التونسية ،وأكد ذلك القرار التعقييب عدد 1323املؤرخ يف 4
جوان ،1977قائال :إذا استأنف الزوجان حكم الطالق استمرت الرابطة الزوجية فيما بينهما وأنقيام احدمها
ضد اآلخر ،بدعوى الزان صحيح ما دام احلكم مل يصبح ابات.
كما سار أيضا على نفس النهج القضاء اجلنائي املغريب ،يف قرار للمجلس األعلى عدد 7471املؤرخ يف 2
أكتوبر 1984قائال :أن املطلقة أثناء فتة العدة تظل يف حكم الزوجة ،ولذلك إذا ثبت اقتافها للفاحشة أثناء
هذهالعدة ،فإهنا تعترب مرتكبة جلرمية اخليانة الزوجية وليس جرمية الفساد.
أما الطالق البائن يف الشريعة اإلسالمية ،ينقسم إىل قسمني ،طالق ابئن بينونة صغرى ،وطالقبائن بينونة
كربى ،فالطالق األول إذا أنقضت العدة ،ال ميكن للزوج مراجعة زوجته إال بعقد وصداق جديدين؛ ألن
الطالق يف هذه احلالة يزيل العصمة الزوجية ،بينما إذا كان الطالق ابئن بينونة كربى ،ال جيوز للمطلق أن
يتزوج من طليقته حىت تتزوج رجل غريه ،أو حىت ميوت عنها ،أو يطلقها ،وبعدانتهاء عدهتا ،عند إذن ميكنه أو
ابألحرى جيوز له أن يتزوجها من جديد.
فإذا ارتكبت جرمية الزان من طرف احد الزوجني ،بعد الطالق البائن أاي كان نوعه ،ال تعترب جرمية اخليانة
الزوجية ،يف القوانني املغاربية ،حيث أكد ذلك القضاء التونسي يف القرار التعقييب عدد 507املؤرخ يف 12
396
محام بلقاسم
مارس 1976بقوله :صدور احلكم ابلطالق واتصال القضاء فيه تنفصم مبوجبه العالقة الزوجية ،و تبعا لذلك
تنتفي هتمة الزان إذا أثريت بعد.
كما سار على هذا النهج أيضا القضاء اجلنائي املغريب ،من خالل قرارا للمجلس األعلى رقم 478املؤرخ يف
16فرباير 1978ملا قال :ملا أبرزت احملكمة إن املتهم مل يكن متزوجا وقت فتح املتابعة ضده ،وإنه كان قد
طلقزوجته فإن إدانته واحلالة هذه جبرمية الفساد تكون مطابقة للقانون.
.3القصد اجلنائي.
إن القصد اجلنائي؛ يعين اجتاه إرادة اجلاين حنو ارتكاب الواقعة اإلجرامية ،مع العلم بتوافرأركاهنا القانونية .إذن
هو يتطلب ما يلي:
توجيه اإلرادة حنو ارتكاب الفعل اجملرم واملعاقب عليه قانوان ،سواء كان هذا الفعل سلبيا أواجيابيا ،إضافة إىل
توجيه أردته حنو حتقيق النتيجة املطلوبة ،إذا طلب القانون توفر نتيجة معينةللعقاب.
ويتطلب العلم بتوفر أركان اجلرمية ،خاصة إذا علمنا إن العلم هو إدراك األمور على النحو الصحيح ،املطابقة
للواقع ،فال بد للجاين أن يعلم بتوفر مجيع أركان الفعل اجملرم ،وأن يعلم أيضاإن القانون يعاقب على هذه
الوقائع اإلجرامية.
ومنه ينتفي القصد اجلنائي إما للجهل ابلقانون أو الغلط فيه ،وإما للجهل ابلواقع أو الغلط فيه.
إن جرمية اخليانة الزوجية من اجلرائم العمدية ،ال تقوم إال بوجود القصد اجلنائي ،والقصد املطلوب هنا هو
القصد العام ،ويعترب هذا القصد متوفرا يف حق الزوج املضرور ،مىت ارتكب الفعل عن علم وإرادة ،أبنه متزوج
يواقع شخص آخر غري زوجه.
ويتضح مما تقدم أال عقاب على الزوجة اليت وطئت إبكراه يف التشريعات املغاربية ،ويصدق نفس احلكم على
الزوج ،إذا كان ضحية إكراه ،أو غلط ،أو يف حالة سكر إجباري أو اضطراري ،أويف حالة جنون.
وتبعا لذلك ال تقوم هذه اجلرمية ،إذا ثبت إن الوطء ،قد حصل بدون رضا الزوج ،كأن يكره رجل على مواقعة
أنثى ضد إرادته فيكون الفعل حينئذ هتكا لعرضه من قبل املرأة اليت أكرهته على ذلك ،أو كما لو مت نتيجة
للخديعة أو املباغتة ،كأن يتسلل رجل إىل فراش امرأة ،فتسلم له نفسها ظنا منها أبهنزوجها.
لكن يثار التساؤل بشان الزوج الذي يتحجج بعدم معرفة ،إن كان ال يزال مقيدا بعقد الزواج أم ال ،خصوصا
إذا اعتقد أنه مطلق أو إن الزوج املفقود قد مات ،فهل يعتد هبذا اجلهل كسبب لالنتفاء القصداجلنائي؟
وابلتايل انتفاء الواقعة اإلجرامية ؟.
يف احلقيقة جيب أن يكون اجلواب ابلنفي لوجود مبدأ عام يف القانون أال و هو " :عدم جواز اجلهل ابلقانون
" .ذلك إن الرابطة الزوجية تظل قائمة ،ما مل تنحل بطالق هنائي ،يقيد على هامش عقد الزواج ،أو تنحل
الرابطة الزوجية قضائيا ،حبكم موت املفقود طبقا ملا هو مقرر يف إجراءات األحول الشخصية.
اخلامتة
هنجا
يظهر أن القوانني يف اجلزائر ومصر تتفق يف تنظيم جرمية الزان يف قوانني العقوابت احلالية .يتبىن املشرعان ً
يستمد فكرته من قانون العقوابت الفرنسي ،مع التكيز على محاية حقوق األطراف يف الرابطة الزوجية وصيانة
نظام األسرة.
يف اجلزائر ،يتم تعريف الزان بصورة غري دقيقة يف املادة 339من قانون العقوابت اجلزائري ،حيث يعاقب على
متزوجا .يظهر أن املشرع اجلزائري اعتمد على حتديد
ً مجاع غري شرعي بني رجل وامرأة ،إذا كان أحدمها
العقوابت بناءً على الزواج وتوريث بعض األحكام من القانون الفرنسي.
يف مصرُ ،حيدد املادة رقم 276من قانون العقوابت عقوبة جرمية الزان ،وتشمل احلبس للزوج والزوجة .يشدد
القانون على ضرورة وجود أدلة دامغة إلثبات اجلرمية ،مثل التلبس يف منزل الزوج أو مكان اجلرمية.
ابلنسبة للسعودية ،تُعاقب جرمية الزان بعقوابت حدية ،مبا يف ذلك الرجم حىت املوت .يتطلب ثبوت اخليانة
الزوجية يف احملكمة إما من خالل الشهود أو االعتاف أو حلف اليمني ،وقد بدأت احملاكم يف السعودية يف
االعتماد على دالئل إلكتونية مثل رسائل الواتس آب لتثبيت اجلرمية.
يف اخلتام ،يُظهر املقارنة بني هذه القوانني أهنا تستند مجيعها إىل مفاهيم مشتكة يف محاية الرابطة الزوجية
وصيانة النظام األسري ،ولكن ختتلف يف بعض التفاصيل والعقوابت احملددة.
398
محام بلقاسم
.قائمةاملراجع:
-جمد الدين حممد بن يعقوب الفريوز أابدي ،القاموس احمليط ،مؤسسة الرسالة ،لبنان، 2005 ،
ص.1292
-ابن منظور ،حممد بن مكرم مجال الدين ،لسان العرب ،ج ، 14دار بريوت للطباعة والنشر ،
ص.360
-عبد امللك السعدي ،العالقات اجلنسية غري الشرعية وعقوبتها يف الشريعة والقانون ،ط ، 1ج ، 1بغداد
،مطبعة االرشاد ، 1975 ،ص.54
-أمحد بن حممد بن أمحد الدردير ،أقرب املسالك ملذهب اإلمام مالك ،مكتبة أيوب ،كانو ،نيجرياي،
2000ص .139
-عالء الدين أيب بكر بن مسعود الكاساين احلنفي ،بدائع الصنائع يف ترتيب الشرائع ،اجلزء السابع ،ط ،2
دارالكتب العلمية ،لبنان ، 1986ص .3
-الكاساين ،عالء الدين ابن ايب بكر بن مسعود ،بدائع الصنائع يف ترتيب الشرائع ،ط ، 2ج ، 7لبنان ،
دار الكتب العلمية ، 1986 ،ص 33ـ . 36
-اخلرشي ،ابو عبد هللا حممد ،شرح اخلرشي على خمتصر خليل ،ط ، 1ج ، 8مطبعة بوالق 1317 ،هـ
،ص. 75
-الشريازي ،ابو اسحاق ابراهيم بن علي بن يوسف ،املهذب ،ط ، 2ج ، 2دار املعرفة للطباعة والنشر،
،1959ص. 266
-ابن ادريس منصور بن ادريس احلنبلي ،كشاف القناع على منت االقناع ،ط ، 1ج ، 4دار احياء التاث
العريب 1375 ،هـ ،ص . 250وانظر ايضاً ابن قدامة ،ابو حممد بن حممد ،املغين ،ج، 10دار الفكر للطباعة
والنشر ،ال تذكر سنة الطبع ،ص.151
-ابن حزم الظاهري ،ابو حممد علي بن امحد بن سعيد ،احمللى ،ج ، 11بريوت :دار اجلبل للطباعة
والنشر 1352 ،هـ ،ص.229
حممود أمحد طه ،احلماية اجلنائية للعالقة الزوجية ،الطبعة األوىل ،دار الفكر والقانون ،مصر ، 2015 ،ص2
399
400