Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 8

36 -02 ‫ ص‬،)2005(50:‫ الع ــدد‬/ 50 ‫المجلد‬ ‫مجلـة البحوث في العقود وقانون األعمال‬

The Journal of Research in Contracts and Business Law

‫المعارف التقليديـ ـ ــة و تأثره ـ ـ ـ ــا بالتطور التكنولوجي‬

Traditional knowledge and its impact on technological development


*
‫بوبترة طارق‬
boubetra.tarek@outlook.fr )‫(اجلزائر‬1‫جامعة األخوة منتوري قسنطينة‬
8181 /10/11:‫تاريخ النشر‬ 8181 /10/10 :‫تاريخ القبول‬ 8181/11/82 :‫تاريخ االستالم‬

:‫ملخص‬
‫ الذي ينب‬،‫تعترب املعارف التقليدية جزء من هوية الشعوب و هي جزء ال يتجزأ من الرتاث املوروث من الشعوب القدمية‬
‫ و غري خفي أن امتالك الدول النامية جلزء كبري من املعارف التقليدية نتيجة موقعها اجلغرايف جعلها حمل‬،‫هوية و أصالة ذلك الشعب‬
‫ و نتيجة للقيمة الكبرية هلا جعل الدول املتقدمة و على رأسها الشركات متعددة اجلنسيات من احلصول على براءات اخرتاع‬، ‫أطماع‬
.‫عليها وبالتايل منع الدول صاحبة املعارف من التمتع هبا خاصة يف ضل التطور التكنولوجي‬
:‫الكلمات المفتاحية‬
.‫املعارف التقليدية؛ الغداء؛ الدواء؛ التكنولوجيا املانعة‬
Abstract :
Traditional knowledge is considered part of the identity of peoples and it is an
integral part of the inherited traditions of ancient peoples, which build the identity
and authenticity of that people, and it is not hid dent hat developing countries own
a large part of traditional knowledge as a result of their geographical location
making it subject to greed, and as a result of great value It has the right to make
developed countries, led by multinational companies, obtain patents on them, and
thus prevent countries with knowledge from enjoying them, especially in the
shadow of technological development.
Key words:
Traditional knowledge ‫؛‬food‫ ؛‬drug‫ ؛‬antifouling technology..

.‫* المؤلف المرسل‬


92
‫المعارف التقليديـ ـ ــة و تأثره ـ ـ ـ ــا بالتطور التكنولوجي‪ /‬بوبترة طارق‬
‫المجلد ‪ / 50‬الع ــدد‪ ،)2005(50:‬ص ‪36-02‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫نتيجة لتطور احلضارة اإلنسانية خاصة يف العصر احلديث مما أحدث تطوراً جوهرياً يف مجيع ميادين احلياة املختلفةـ‬
‫ففي تسعينات القرن املاضي هتافتت الشركات على تكنولوجيا االتصاالت والفضاء و ثورة املعلومات والذكاء‬
‫االصطناعي مرورا بثورة النهضة الزراعية اخلضراء اليت نتج عنها اخرتاع اآلالت الزراعية املتنوعة وإنتاج البذور احملسنة‬
‫مما أدى إىل زيادة كبرية يف كمية احملصول وحتسني جودته‪ .‬واليوم نعيش ثورة التقنية احليوية واهلندسة الوراثية ‪ ،‬حيث‬
‫سخرت التقنية احليوية سهولة التعرف على الصفات املرغوبة يف احملاصيل احلقلية أو غريها وبالتايل أمكن نقلها‬
‫بصورة أكثر كفاءة و دقة إىل النبات املستهدف حيث حيوي النبات اجلديد خصائص جديدة مرغوبة و نتيجة‬
‫لكل ذلك و باملقارنة مع األهداف ال احد ينكر القيمة الكبرية للمعارف التقليدية باعتبارها مصدر التقنية احليوية‬
‫و كمصدر مهم لألغذية و األدوية يف العامل مما جعلها حمل تعديات كبرية‪.‬‬
‫و نتيجة ألمهية املوضوع تتجلى إشكالية البحث يف‪ :‬إىل أي مدى يظهر تأثر املعارف التقليدية بالتطور‬
‫التكنولوجي؟‪.‬‬
‫المحور األول‪ :‬ماهية المعارف التقليدية‬
‫املعارف التقليدية هي عبارة عن التطبيقات أو املمارسات اليت أعتاد السكان يف دولة معينة على القيام‬
‫هبا‪ ،‬مثال ذلك استخدام نوع من النبات وفق طرق معينة للعالج‪ ،‬وللمعرفة التقليدية مشولية كبرية هلذا مل يتم‬
‫التوصل إىل تعريف جامع هلا و ذلك بسبب تعدد جوانبها و جماالهتا‪.‬‬
‫أوال‪ :‬ماهية المعارف التقليدية‬
‫من خالل ما تقدم يتضح جليا أن املعارف التقليدية أصبحت من موضوعات امللكية الفكرية املتصلة‬
‫باملوارد الوراثية‪ ،‬واملعارف التقليدية‪ ،‬متثل قضية جوهرية كون هذه املوارد عنصر من العناصر املوجودة يف الطبيعة اليت‬
‫حتوز الدول النامية جلها‪ ،‬ونتيجة لكون هذه الدول كانت حتت وطأة االستعمار كانت حمل قرصنة و تأثرت بذلك‬
‫بقرصنة هذه املواد‪.‬‬
‫لذلك سنحاول بيان املعارف التقليدية و خصائصها‪:‬‬
‫‪ -0‬مفهوم المعارف التقليدية‬
‫غري خفي أن مصطلح املعارف التقليدية هو مصطلح ال يقصد به القدم و إمنا يستعمل لوصف جمموعة‬
‫املعارف و القيم اليت تبناها فريق من الناس و ألفها من خالل أجيال عاشت يف اتصال وثيق بالطبيعة‪ ،‬وهي نوع‬
‫كل األسس‪ ،‬والقواعد القانونية اليت تشكل‬
‫يضم ّ‬
‫مر السنني‪ ،‬وتتوارثه األجيال‪ ،‬وهو ّ‬ ‫من الرتاث الوطين يتكون على ّ‬
‫‪1‬‬
‫الرتاث الثقايف‪ ،‬والفين‪ ،‬واحلضاري‪ ،‬جملتمع معني و هو يشبه الفلكلور‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫المعارف التقليديـ ـ ــة و تأثره ـ ـ ـ ــا بالتطور التكنولوجي‪ /‬بوبترة طارق‬
‫المجلد ‪ / 50‬الع ــدد‪ ،)2005(50:‬ص ‪36 -02‬‬

‫باإلضافة كذلك ميكن تعريف املعارف التقليدية أيضا على ّأّنا تلك الرؤية من املعرفة‪ ،‬واليت تكونت‬
‫‪2‬‬
‫بواسطة جمموعة من الشعوب عرب أجيال عاشت يف صلة مقربة مع البيئة و الطبيعة‪ ،‬وميكن القول بأّنا ابتكارات‬
‫تعكس اهلوية الثقافية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬وإن كانت مل حتفظ يف شكل مكتوب‪ ،‬إال أن األجيال تناقلتها من جيل إىل‬
‫جيل‪ ،‬وهي ذات قيمة معنوية لتلك اجملتمعات‪.‬‬
‫وتستحوذ الدول النامية على النصيب العاملي األكرب من املعارف التقليدية‪ ،‬والثروات البيولوجية‪ ،‬وهلذا‪،‬‬
‫البد عليها من االستفادة منها‪ ،‬واستغالهلا على الوجه األمثل‪ ،‬من خالل إعمال القواعد الدولية املناسبة يف هذا‬
‫الشأن‪.3‬‬
‫و بذلك يتضح أن مفهوم املعارف التقليدية موضوع له مشولية كبرية ترتكز على القيم املنقولة و املتوارثة‬
‫من جيل إىل جيل إال أّنا تأثرت بالتطور التكنولوجي من خالل توسيع أفق االستثمار يف هذه املواد احليوية خاصة‬
‫و هي مسائل جوهرية و مهمة حلياة اإلنسان‪.‬‬ ‫أن املعارف التقليدية ترتكز أساسا على الغداء و الدواء‬
‫‪ -0‬خصائص المعارف التقليدية‬
‫نظرا لقيمة املعارف التقليدية جعلها تتميز جبملة من اخلصائص ميكن اإلشارة إليها يف النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ال تنتج املعارف التقليدية‪ ،‬عامة‪ ،‬بصفة آلية‪ ،‬ولكن‪ ،‬وفقا لتجاوب املبدعني سواء مجاعات‪ ،‬أو أفراد مع‬
‫حميطهم الثقايف وتفاعلهم معه‪ ،‬وهلذا السبب‪ ،‬قد ال تستجيب آليات امللكية الفكرية القائمة املهيأة للعمل يف‬
‫سياق التجارة بشكل كامل للطبيعة الثقافية اليت متيز أساسا املعارف التقليدية‪.‬‬
‫‪ -‬تنتقل معظم املعارف التقليدية شفهيا من جيل آلخر فهي عرفية ‪ ،‬ولذلك فهي تبقى غري موثقة بشكل‬
‫كبري نتيجة لطبيعتها‬
‫‪ -‬املعارف التقليدية هلا دور رائد يف التنظيم االقتصادي‪ ،‬واالجتماعي‪ ،‬للمجتمعات احمللية يف مجيع‬
‫البلد ان‪ ،‬ورمبا البلدان النامية‪ ،‬واألقل منوا على وجه اخلصوص‪ ،‬وإصباغ قيمة على تلك املعارف‪ ،‬وسيلة جمدية‬
‫لتعزيز الشعور باهلوية‪ ،‬والتمسك بالوطنية‪.‬‬
‫‪ -‬إن املعارف التقليدية ترمجة لنظام عقائدي‪ ،‬روحي‪ ،‬أو ديين لطائفة معينة‪ ،‬أو مجاعة معينة‪ ،‬تتناقلها‬
‫‪4‬‬
‫جيال بعد جيل باعتبارها ترمجة لعقائد‪ ،‬وعادات‪ ،‬وتقاليد هذه اجلماعة‪ ،‬أو هذه الطائفة‪.‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬أثر التطور التكنولوجي على المعارف التقليدية‬
‫يتضح جليا أن املعارف التقليدية و باعتبارها املادة اخلام لألدوية و األغذية على مستوى العامل تأثرت‬
‫بالتطور التكنولوجي احلاصل على مستوى براءات االخرتاع و حصول الشركات العاملة يف هذا اجملال على براءات‬
‫و عدم قدرة أصحاب هذه املعارف على جماهبة هذه اللولبيات و بالتايل أضحى هذا االعتداء يثري العديد من‬

‫‪31‬‬
‫المعارف التقليديـ ـ ــة و تأثره ـ ـ ـ ــا بالتطور التكنولوجي‪ /‬بوبترة طارق‬
‫المجلد ‪ / 50‬الع ــدد‪ ،)2005(50:‬ص ‪36-02‬‬

‫و االعتداءات احلاصلة على بعض األنواع من املعارف على غرار‬ ‫اإلشكاالت خاصة بالنسبة للتكنولوجيا املانعة‬
‫نبات النيم‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التكنولوجيا المانعة‬


‫وهو مصطلح حديث النشأة ظهر يف أواخر التسعينات و هنالك بعض املرادفات له على غرار‬
‫التكنولوجيا االنتحارية للنباتات أو التكنولوجيا املنهية‪ ،‬واليت أدى العمل هلذه التكنولوجيا إىل ظهور نزاعات بني‬
‫املزارعني الذين يعتمدون على التقاوي أي ختزين البدور إلعادة زراعتها العام املقبل إذ تسبب حاذه التقنية اجلديدة‬
‫حرمان املزارعني من زراعة‪ ،‬وختزين التقاوي غري املهجنة‪ ،‬وغري املعدلة وراثيا بواسطة الشركات املنتجة‪ ،‬بعد أن‬
‫توصلت شركة ‪ MONSANTO‬األمريكية إىل تكنولوجيا حيوية عرفت يف بادئ األمر بأّنا تتحكم يف‬
‫مسات اجلني النبايت‪ ،‬وحصلت مبوجبها على براءة اخرتاع تسمح ملالكها باحلصول على تراخيص إلنتاج بذور‬
‫عقيمة من خالل برجمة ‪ DNA‬لكي تقتل أجنتها‪ ،‬فإذا متّ ختزينها لزراعتها يف العام التايل فإّنا التنمو ألّنا‬
‫‪5‬‬
‫تقاوي ميتة‪.‬‬
‫و كانت أول مظاهر التكنولوجيا املنهية عام ‪ 1822‬عندما حصلت شركة على براءة اخرتاع متنح للشركة‬
‫املالكة حقوق براءة اخرتاع على نوع من البذور غري قادرة على اإلنتاج عن طريق التحكم يف ‪ DNA‬اخلاص‬
‫بالنبتة‪.‬‬
‫أو تلك‬ ‫يتم إنتاجها من نفس الفصائل النباتية‪،‬‬ ‫و بذلك متنع املزارعني من القيام حبفظ البذور اليت ّ‬
‫اليت يتم تلقيحها لزيادة خصوبتها‪ ،‬وأطلق علي هذه التقنية اإلحيائية اسم ‪ TERMINATOR‬وبذلك‬
‫كل عام للشركات اليت تنتج هذه البذور‪ ،‬ومن هنا‪ ،‬مل يعد املزارع مستقال بإنتاجه‪ ،‬بل‬ ‫يكون على املزارع أن يعود ّ‬
‫‪6‬‬
‫حق استخدام وحيد لبذرته‪.‬‬
‫هو يشرتي ّ‬
‫كل سنة بدالً من اقتطاع جزء من حصادهم‬ ‫و نتيجة هلذا صار على املزارعني أن يشرتوا بذورا جديدة ّ‬
‫كبذور حملصول عامهم املقبل‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬لعبت أسعار املنتجات املعدلة وراثيا واليت تتسم باالخنفاض نظراً‬
‫لوفرهتا يف كافة األوقات‪ ،‬ولو أّنا ذات طبيعة مجالية أكثر منها صحية‪ ،‬هذا سيؤدي حتما إىل اإلضرار باملنتجات‬
‫‪7‬‬
‫التقليدية‪ ،‬وبالضرورة إىل خسارة املزارعني املتمسكني بالتقنيات القدمية‪.‬‬
‫أو تطوير‬ ‫هناك أيضا براءات حتصلت عليها بعض الشركات الكربى ال تقتصر فقط على إجياد‬
‫فصيلة نباتية جديدة بل تشمل أيضا على براءة الكيماويات الزراعية اخلاصة هبا‪ ،‬وهذا سيجرب املزارع على شراء‬
‫النوع الن بايت اجلديد واملنتج الكيماوي اخلاص به من ذات الشركة املالكة للرباءة وفق األسعار اليت تقررها‪،8‬‬

‫‪32‬‬
‫المعارف التقليديـ ـ ــة و تأثره ـ ـ ـ ــا بالتطور التكنولوجي‪ /‬بوبترة طارق‬
‫المجلد ‪ / 50‬الع ــدد‪ ،)2005(50:‬ص ‪36 -02‬‬

‫وبالتايل‪ ،‬حصول عمالقة األغذية على كامل احلرية يف دخول أسواق حبوب الدول النامية‪ ،‬وامتالكها حقوق‬
‫امللكية الفكرية‪ ،‬وتدمري التنوع اإلحيائي‪ ،‬ونتيجة لتكتالت البيو تكنولوجيا يف العامل‪ ،‬جرى فرض بذور معدلة‬
‫وراثيا على املزارعني لتجديد اإلنتاج الزراعي بعد جفاف كبري لكن‪ ،‬تبني فيما بعد‪ ،‬أّنال ميكن إعادة زرع هذه‬
‫البذور دون دفع احلقوق وفيما بعد اكتشف املزارعون أن البذور لن تنبت إال باستعمال املواد الزراعية‪ ،‬أي األمسدة‬
‫اخلاصة‪ ،‬واليت تنتجها الشركات العمالقة‪ ،‬وهبذا‪ ،‬أصبح االقتصاد الزراعي كله بأيدي تكتالت الصناعة الغذائية‬
‫‪9‬‬
‫وحتطمت الدورة الزراعية اليت كانت تتيح للمزارعني ختزين البذور‪ ،‬إلعادة زرعها‪.‬‬
‫نستخلص أن التكنولوجيا املانعة‪ ،‬و اليت متنع املزارعني من زراعة احملاصيل نتيجة مرة أخرى نتيجة‬
‫حصوهلا على براءات اخرتاع متنع الغري من التعدي عليها‪ ،‬و أن كان هو الغرض من إنشاء نظام براءة االخرتاع‬
‫إال أن هاته التكنولوجيا هومجت من قبل العديد من الدول و منها اجلزائر من خالل إنشاء برتوكوالت امللحقة‬
‫باتفاقية التنوع البيولوجي من خالل فكرة التقاسم العادل باعتبار أن هلا أضرار أكثر ألّنا متس التنوع البيولوجي و‬
‫البيئة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬االعتداءات الواقعة على المعارف التقليدية‬
‫‪ -0‬نبات النيم ‪NEEM‬‬
‫النيم شجرة موجودة يف اهلند‪ ،‬وأماكن أخرى مثل جنوب إفريقيا‪ ،‬وشرق آسيا‪ ،‬وتزرع حاليا يف املناطق‬
‫االستوائية بالنظر إىل خصائصها كدواء طبيعي‪ ،‬وكمبيد حشرات‪ ،‬وكسماد‪ ،‬وتستعمل مستخرجات نبات النيم‬
‫ضد مئات من احلشرات‪ ،‬واألمراض الفطرية اليت تصيب حماصيل الطماطم‪ ،‬ويستخدم الزيت املستخرج من بذورها‬
‫‪10‬‬
‫لعالج الرشح‪ ،‬واألنفلونزا‪ ،‬وخيفف من أمراض اجللد‪.‬‬
‫يف عام ‪ 1881‬منح املكتب األورويب لتسجيل براءات االخرتاع براءة االخرتاع األوربية رقم ‪100834‬‬
‫للشركة األمريكية ‪ GRACE‬ووزارة الزراعة األمريكية من أجل أسلوب للتحكم بالفطر يف النباتات عن طريق‬
‫‪11‬‬
‫مستحضر مائي مستخرج من زيت شجرة النيم‪.‬‬
‫ويف عام ‪ ،1883‬رفعت جمموعة من املنظمات األهلية وممثلون عن مزارعني هنود قضية ضد براءة‬
‫االخرتاع‪ ،‬وأرجعوا تأسيسهم إىل أن اجلدة غري متوفرة‪ ،‬وبالتايل ال جيوز منج براءة اخرتاع علي مثل هذا األمر‪ ،‬كون‬
‫إبادة الفطر‪ ،‬واليت تتأتى من مستخرجات بذور شجرة النيم معروفة مند مئات السنني‪ ،‬ونتيجة لذلك ألغى املكتب‬
‫‪12‬‬
‫األورويب تسجيل براءة االخرتاع يف عام ‪.8111‬‬
‫وقد اهتمت الشركات األمريكية هبذه الشجرة وحصلت شركة ‪ WRGRACESCO‬األمريكية‬
‫على براءة اخرتاع رقم ‪ 1810021‬لسنة ‪ 1881‬البتكارها طريقة جديدة لتخزين مادة تسمى‬
‫‪ AZADIRACLRTIN‬واحلفاظ على خواصها‪ ،‬وهذه املادة تستخرج من شجرة النيم‪ ،‬وقد قامت‬
‫‪33‬‬
‫المعارف التقليديـ ـ ــة و تأثره ـ ـ ـ ــا بالتطور التكنولوجي‪ /‬بوبترة طارق‬
‫المجلد ‪ / 50‬الع ــدد‪ ،)2005(50:‬ص ‪36-02‬‬

‫احلكومة اهلندية برفع دعوى على هذه الشركة على اعتبار أّنا قد قامت بنقل براءة هندية إال أن الدعوى رفضت‪،‬‬
‫حيث رأت احملكمة أن الرباءة املمنوحة للشركة حتتوي على طريقة جديدة‪ ،‬ومبتكرة‪ ،‬وغري معروفة سلفا للحصول‬
‫‪13‬‬
‫على مادة ‪ AZADIRACLITIN‬من بذور النيم‪ ،‬وختزينها‪.‬‬
‫‪ -0‬الكركم ‪CURCUMA‬‬
‫هو نب ات من فصيلة الزجنبيل‪ ،‬ينتج مواد زعفرانية اللون تستعمل مبثابة هبار لتزكية الطعام اهلندي‪ ،‬ويتميز‬
‫أيضا خبصائص جتعله مقوما فعاال يف األدوية‪ ،‬ومستحضرات التجميل‪ ،‬وأصباغ التلوين‪ ،‬وهو يستعمل تقليدا‬
‫ملداواة اجلروح‪ ،‬والطفح اجللدي‪ ،‬ويف عام ‪ 1883‬مت منح مواطنني هنديني يف مركز املسيسيب الطيب براءة اخرتاع‬
‫الستعمال الكركم يف مداواة اجلروح‪ ،‬ولكن‪ ،‬طلب اجمللس اهلندي للعلوم‪ ،‬واألحباث الصناعية‪ ،‬من املكتب‬
‫األمريكي براءات االخرتاع أن يعيد النظر يف براءة االخرتاع‪ ،‬وقد برر اجمللس اهلندي بأن الكركم يستعمل منذ‬
‫آالف السنني يف مداواة ا جلروح‪ ،‬والطفح اجللدي‪ ،‬وبالتايل فإن استخدامه الطيب ليس أمرا جديدا‪ ،‬وعلى الرغم من‬
‫‪14‬‬
‫اعرتاض صاحيب الرباءة‪ ،‬أيد املكتب األمريكي اعرتاضات اجمللس اهلندي وألغى الرباءة‪.‬‬
‫‪ -3‬األرز بسمتي ‪BASMATI‬‬
‫وهو نوع من األرز برائحة‪ ،‬وطعم معينني‪ ،‬وهو يزرع يف اهلند‪ ،‬وباكستان‪ ،‬وقد قامت إحدى الشركات‬
‫األمريكية يف سبتمرب سنة ‪ 1884‬باحلصول على براءة اخرتاع من املكتب األمريكي وسجلت هذه الرباءة باسم‬
‫شركة ‪ RIC TECINC‬حتت رقم ‪ 3000121‬لنوع مبتكر من األرز البامسيت يتمتع عند طهيه بكل‬
‫خصائص األرز التقليدي‪ ،‬وقد قامت احلكومة اهلندية برفع دعوى استندت فيها إىل أن الثروة البيولوجية للهند‪،‬‬
‫وباكستان‪ ،‬قد مت االعتداء عليها‪ ،‬وسرقتها‪ ،‬وأن هذه الشركة تسرق السوق من املزارعني اهلنود‪ ،‬والباكستانيني‪ ،‬وأن‬
‫خسارة السوق اهلندية تقدر حبوايل ‪ 844‬مليون دوالر‪ ،‬وكذلك تقوم بغش املستهلك وتضليله‪ ،‬حيث أنه يقوم‬
‫بشراء هذا النوع على أنه يزرع يف اهلند‪ ،‬وليس يف الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬وقد رفضت احملكمة الدعوى على‬
‫اعتبار أن الرباءة منحت عن بذور جديدة تتمتع بنفس خصائص األرز بسميت التقليدي وبالتايل تتوافر يف الرباءة‬
‫‪15‬‬
‫شروط اجلدة واالبتكار‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫من خالل هذا الطرح يتضح جليا أن قيمة املعارف التقليدية كبرية من خالل أّنا خزان األغذية و األدوية‬
‫لذا البد من محايتها من خالل تفعيل اتفاقية التنوع البيولوجي و اتفاقية التقاسم العادل للمنافع و هي ضرورة‬
‫حتمية خاصة يف ضل احتكار الشركات متعددة اجلنسيات براءات االخرتاع املتأتية من حقول الدول النامية و‬

‫‪34‬‬
‫المعارف التقليديـ ـ ــة و تأثره ـ ـ ـ ــا بالتطور التكنولوجي‪ /‬بوبترة طارق‬
‫المجلد ‪ / 50‬الع ــدد‪ ،)2005(50:‬ص ‪36 -02‬‬

‫تسخري هذه التكنولوجيا لتحكم يف أسعار الغداء و الدواء يف العامل األمر الذي جيعل من الضرورة مبكان إجياد‬
‫حلول جذرية من خالل إدخال هذه املواد املوجودة يف الطبيعة أصال يف الطبيعة ضمن الرتاث العاملي‪.‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫منى جمال الدين محمد محمود‪:‬احلماية الدولية للرباءات االخرتاع‪ ،‬حبث للحصول على الدكتوراه يف احلقوق‪،‬‬
‫كلية احلقوق‪ ،‬جامعة القاهرة ‪8118‬‬
‫عيسى خليل‪ ،‬السالالت واألعراق‪ -‬النظام القانوين للمورثات اجلينية‪ -‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون‬
‫طبعة‪8113،‬‬
‫حسام الدين الصغير ورقة عمل مقدمة إيل ندوة الويبو الوطنية عن امللكية الفكرية للصحفيني بالتعاون مع وزراة‬
‫التجارة بعنوان ‪ :‬حقوق امللكية الفكرية‪ ,‬ماهي القضايا املطروحة؟ ‪ ،‬عمان‪ 88 ،‬مارس ‪8111‬‬
‫شاكر سعيدة‪ ،‬حقوق امللكية الفكرية من األدب اىل التكنولوجيا‪ ،‬مرييث للنظر‪ ,‬واملعلومات‪ ،‬القاهرة‪.،1888 ،‬‬
‫بوبترة طارق‪ ،‬اإلطار القانوين لرباءة االخرتاع يف اجملال البيو تكنولوجي‪ ،‬دكتوراه علوم‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة‬
‫اإلخوةمنتوري قسنطينة‪.8118،‬‬
‫عصام مالك العبسي‪ :‬مقتضيات املصلحة العامة بشأن براءة االخرتاع ىف تشريعات الدول العربية‪ ،‬الطبعة االوىل‪،‬‬
‫مكتبة الوفاء القانونية‪ ،‬اإلسكندرية‪.8111 ،‬ص ‪.108‬‬
‫عصام احمد البهجي‪ :‬حقوق امللكية الفكرية لألصناف املعدلة وراثيا‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار الفكر‬
‫اجلامعي‪،‬اإلسكندرية‪.8111،‬‬
‫عيسى خليل خير اهلل‪ :‬السالالت و األعراق – النظام القانوين للمورثات اجلينية ‪ ،-‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار الفكر‬
‫اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪Chassudovsky Michel, " La Mondialisation De La Pauvreté, " Revue‬‬
‫‪De Nouvelles Pratiques Sociales, Vol 12 N02 L’université De Québec,‬‬
‫‪Décembre .1888‬‬

‫‪ -1‬مىن مجال الدين حممد حممود‪ :‬احلماية الدولية للرباءات االخرتاع‪ ،‬حبث للحصول على الدكتوراه يف احلقوق‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة القاهرة ‪،8118‬ص‬
‫‪.144‬‬
‫‪-2‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.142‬‬
‫‪-3‬عصام امحد البهجي‪ :‬حقوق امللكية الفكرية لألصناف املعدلة وراثيا‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬دارالفكراجلامعي‪،‬اإلسكندرية‪.8111،‬‬
‫‪ -4‬عصام مالك العبسي‪ :‬مقتضيات املصلحة العامة بشأن براءة االخرتاع يف تشريعات الدول العربية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬مكتبة الوفاء القانونية‪،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.8111‬ص ‪.108‬‬
‫‪ -5‬حمياوي فاطمةـ مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.181‬‬
‫‪35‬‬
‫المعارف التقليديـ ـ ــة و تأثره ـ ـ ـ ــا بالتطور التكنولوجي‪ /‬بوبترة طارق‬
‫المجلد ‪ / 50‬الع ــدد‪ ،)2005(50:‬ص ‪36-02‬‬

‫‪ - 6‬عيسى خليل‪ ،‬السالالت واألعراق‪ -‬النظام القانوين للمورثات اجلينية‪ -‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون طبعة‪،8113،‬ص ‪.010‬‬
‫‪ -7‬بوبرتة طارق‪ ،‬اإلطار القانوين لرباءة االخرتاع يف اجملال البيو تكنولوجي‪ ،‬دكتوراه علوم‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة اإلخوة منتوري قسنطينة‪،8118،‬ص ‪.03‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -‬حنان كوثراين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪9‬‬
‫‪-Chassudovsky Michel, " La Mondialisation De La Pauvreté , " Revue De Nouvelles Pratiques‬‬
‫‪Sociales, Vol 12 N02 L’université De Québec, Décembre , 1999 P 07.‬‬
‫‪ -10‬شاكر سعيدة‪ ،‬حقوق امللكية الفكرية من األدب اىل التكنولوجيا‪ ،‬مرييث للنظر‪ ,‬واملعلومات‪ ،‬القاهرة‪ ،1888 ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪ .18 -11‬عيسى خليل خرياهلل‪ :‬السالالت واألعراق – النظام القانوين للمورثات اجلينية ‪،-‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪.8111 ،‬ص‬
‫‪.184‬‬
‫‪ - 12‬بوبرتة طارق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.184‬‬
‫‪ -13‬مىن مجال الدين حممد حممود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬
‫‪ -14‬بوبرتة طارق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.04‬‬
‫‪ -15‬مىن مجال الدين حممد حممود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬

‫‪36‬‬

You might also like