‫المالحظ في عالقة بظاهرة الرشوة في تونس أن القوانين للتصدي للظاهرة موجودة وتصل فيها العقوبات إلى سنوات‬

‫‪.‬من السجن وغرامات مالية ثقيلة إال أن الجانب الردعي غائب وحاالت اإلفالت من العقاب تعد السمة الطاغية‬
‫كما تغيب اإلرادة السياسية الواضحة والقوية والفاعلة في معالجة ظاهرة الرشوة حيث ظلت كل التوصيات‬
‫واإلجراءات المطلوب القيام بها للتصدي للفساد والرشوة منقوصة ومنها تفعيل هياكل الرقابة ودعم نشاط التفقديات‬
‫‪.‬وتدعيم حماية المبلغين وإنهاء ثقافة اإلفالت من العقاب من خالل معاقبة كل من تثبت في شأنه تهم فساد‬
‫وفيما يلي تعريف بجريمة الرشوة وأركانها القانونية وكل ما يترتب عنها من عقوبات في حق الراشي والمرتشي كما‬
‫يحددها القانون التونسي والصادر بمجلة النصيحة القانونية‪" :‬تعرف الرشوة بأنها متاجرة الموظف العام في أعمال‬
‫وظيفته عن طريق الطلب أو األخذ أو قبوله لنفسه أو لغيره هديه من أجل عمل أو االمتناع عن عمل من أعماله‬
‫‪.‬الوظيفية أو اإلخالل بواجب من واجبات وظيفته‬
‫وجريمة الرشوة كما عرفها القانون هي اتفاق بين فردين يعرض أحدهما على اآلخر عطية أو فائدة ما فيتم القبول‬
‫‪.‬عليها ألداء عمل أو االمتناع عن عمل يدخل في إطار وظيفته أو مهامه‬
‫األركان القانونية لجريمة الرشوة‬
‫‪:‬األركان القانونية لهذه الجريمة تقوم على أركان ثالثة‬
‫‪.‬األول‪ :‬يرتبط بالجاني إذ يجب أن يكون موظفا عموميا أو شبهه‬
‫‪.‬الثاني‪ :‬يرتبط بالركن المادي وتتمثل في طلب الموظف لنفسه أو لغيره وعدا أو هدية أو منفعة‬
‫‪.‬الثالث‪ :‬يرتبط بالركن المعنوي ويتخذ وضع القصد الجنائي إذ ال تتم جريمة الرشوة إال عمدا‬
‫وحيث أن الركن األول ال يثير جدال لتحديد األفراد الذين تجري عليهم أحكام الرشوة‪ ،‬فان الركن المادي للجريمة‬
‫‪.‬والمرتبط بالوعد أو العطاء هو الذي عادة ما يسير على البحث واإلمعان لدى فقه القضاء وشرح القانون‬
‫ذلك أن غالبا ما يحدث االتفاق بين الراشي والموظف المرتشي على صورة معينة للرشوة كأن يكون وعدا للحصول‬
‫‪.‬على شيء ما أو إعطاء هدية ويوافق ذلك الموظف بهذا العرض‪ ،‬وبناء على ذلك تتحقق جريمة الرشوة‬
‫‪:‬تتكون الرشوة من جريمتين مستقلتين وهما‬
‫جريمة االرشاء‬
‫وهي ذلك الفعل الصادر من المتعامل مع اإلدارة من أجل الحصول على خدمة في وقت قياسي أو من أجل حرمان‬
‫‪.‬الغير من خدمة مشروعة ويدفع للموظف القائم على الخدمة أو لغيره مقابال على ذلك أو يعد به‬
‫جريمة االرتشاء‬
‫هي هدف الموظف العام في الحصول على فائدة له أو لغيره مقابل عمل أو االمتناع عنه‪ ،‬أو َقُبول منافع أو عروض‬
‫‪.‬مقابل تقديم الخدمة التي هي من صالحياته‬
‫عقوبة جريمة الرشوة في تونس‬
‫فصل النص الجنائي بين جريمتي اإلرشاء واالرتشاء فخصص المواد ‪ 83‬و‪ 84‬و‪ 85‬لجريمة االرتشاء وهي التي‬
‫‪:‬يرتكبها الموظف العام حيث ورد بالمواد السابقة ما يلي‬
‫المادة ‪": 83‬كل فرد تأكدت عليه صفة الموظف العمومي وفقا ألحكام هذا القانون ويوافق لنفسه أو لغيره دون حق فائدة‬
‫أو هدايا كيفما كانت طبيعتها لفعل أمر من اختصاص وظيفته‪ ،‬ولو كان ال يستوجب مقابال عليه أو لتسهيل عمل أمر ما‬
‫مرتبط بعمله أو لالمتناع عن إتمام أمر كان من الواجب القيام به تكون عقوبة جريمة الرشوة في تونس بالحبس لفترة‬
‫عشرة أعوام وبغرامة قدرها ضعف قيمة األشياء التي أخذها أو ما تم الوعد به على أاّل تقل الخطية عن عشرة آالف‬
‫‪".‬دينار‬
‫المادة ‪ ": 84‬إذا كان الموظف العام هو القائم على اإلرشاء فإن عقوبة جريمة الرشوة في تونس عليه بالمادة ‪ 83‬يزيد‬
‫‪".‬إلى ضعفه‬
 ‫المادة ‪" :85‬إذا وافق الموظف العمومي على هدايا أو منافع أو غير ذلك جزاء عما فعله من أمور من خصائص‬
‫وظيفته لكن ال يستدعي مقابال عليها أو عما امتنع عن فعله وكان من الواجب عليه عدم القيام به فتكون عقوبة جريمة‬
‫‪".‬الرشوة في تونس بالسجن لمدة خمس سنوات وبغرامة قدرها خمسة آالف دينار‬
‫كما خص المشرع جريمة اإلرشاء بأحكام جاءت بالمواد ‪ 91‬و ‪ 92‬و‪ : 93‬المادة ‪" :91‬تنص على أن تكون عقوبة‬
‫جريمة الرشوة في تونس بالسجن خمسة أعوام وبغرامة خمسة آالف دينار على الموظف‪ .‬ولو كان عمله لكن ال‬
‫يستدعي مقابال عليه أو لتسهيل أعمال أمر مرتبط بخصائص وظيفته أو لالمتناع عن أمر كان من الواجب القيام به"‪،‬‬
‫‪.‬وهذا العقاب يطبق على كل شخص توسط بين الراشي والمرتشي‬
‫ويزيد عقوبة جريمة الرشوة في تونس إلى الضعف إذا تم إجبار األفراد في النص ‪ 82‬على القيام باألفعال المذكورة‬
‫‪.‬تحت العنف أو التهديد عليهم أو على أسرتهم‬
‫المادة ‪":92‬تكون عقوبة جريمة الرشوة في تونس بالحبس ِح ْق َب ة عام وبغرامة قدرها ألف دينار إذا لم يتحقق فعال‬
‫‪.‬اإلرشاء‬
‫وتكون عقوبة جريمة الرشوة في تونس بالسجن مدة عامين وبغرامة قدرها ألفا دينار إذا لم يحصل من محاولة الضرب‬
‫‪".‬أو التهديد على نتيجة‬
‫‪".‬المادة ‪" : 93‬ال يتم تنفيذ عقوبة جريمة الرشوة في تونس على الوسيط الذي يعترف باالرتشاء ويأتي بما يؤكد ذلك‬
‫ويفهم من هذه النصوص أن القانون تدّر ج في عقوبة جريمة الرشوة في تونس من الجنحة إلى الجناية على حسب‬
‫الطرق المستخدمة فيها‪ ،‬إّال أنه في الوقت ذاته يهدي المرشي أو الواسطة التي يعترف من تلقاء نفسه عن تلقي‬
‫الموظف العام رشوة ويقدم إثباتا على ذلك بأن أعفاه من العقاب‪ .‬والهدف من ذلك هو تشجيع االعتراف على ارتكاب‬
‫‪.‬هذه الجرائم قبل المحاكمة‬
‫‪ :‬أما جريمة االرتشاء فقد خّصها المشرع بأحكام جاءت بها المواد ‪ 88‬و‪ 89‬و‪90‬‬
‫المادة ‪ ": 88‬تنص على عقوبة جريمة الرشوة في تونس بالحبس مدة عشرين عاما القاضي الذي يرتشي بموجب‬
‫جريمة تقتضي عقوبة مرتكبها باإلعدام أو بالحبس مدى الحياة سواء كان الحصول على الرشوة لمصلحة المتهم أو‬
‫‪".‬لألضرار به‬
‫المادة ‪":89‬إذا وقع بمقتضى ارتشاء القاضي تكون عقوبة جريمة الرشوة في تونس على الجاني بالحبس لمدة معينة‬
‫بعقاب أشد‪ ،‬فنفس العقاب يحكم به على ذلك القاضي على أاّل يقل العقاب المحكوم به على هذا القاضي عن عشرة‬
‫‪".‬أعوام سجنا‬
‫المادة ‪" : 90‬تنص على عقوبة جريمة الرشوة في تونس بالحبس مدة سنة كل قاض لم يجرح في نفسه فيما عدا الصور‬
‫المذكورة بالمادة ‪ 83‬وما بعده من هذه النصوص بعد موافقته عالنية أو خفية ممن هو طرفا في قضية معروضة لديه‬
‫‪".‬أشياء أو أي مبالغ مالية‬