Professional Documents
Culture Documents
12 mabhats
12 mabhats
12 mabhats
الذي يُسْلَكُ ،ومنهًاُ ُ ل ْ ي ِ ب ال هو آ .الطَّرَِّزيُْقَّ :ل
ْلَبْح َط ْي ًا َع َوَج
)1(أي س َبِيْل :ق ي ا ق ول الل هِ
َيْسُل لِلنَّجَاةِ مِنَ ِر َمْسَلَوْمُ ِف ُّل ِر
ْسُتلُكَرُهُُك الْقفِي الْبَحْرِ يَسْ
َقٌة في الإنسانُ
ْط كهُ ًا الْغَرَقِ .وعنه ا ي
فعُطُرٌق محمو كان أو ِعمذمُوم .وجمعُ الطريقِ (أ ) و
ٍك
( ٍل )ٍ ،دويؤنَّثُ ويذكَّرُ ،ويقالُ :طَرِيِرْقَةٌ،
وَطَرَائِقُ .وطريقةُ القومِ أماثِلَعَُّزهُمَوَجَّلوخُِكيَّنَارَُطَرهُمَقْ
:ا ا وأهلُ الرَّأيِ فيهم وفيهِ قولهُ
َددًا )2(أي فِرَقَّن ًا في ال رَّأْيِ مختلفِينِ .ئ
ُس
ِقوالطَّرِيْقَةُ ال ةُ والْمَذْهَبُ؛ وطريقةُ الرجُلِ
مذهبهُ في الرأي والفكْرِ والمعتقدِ ،قال الكسائيُّ:
(بِطَرِيْقَتِكُمْ ،بِسُنَّتِكُمْ وَسِمَتِكُمْ) وتقولُ
العربُ :فلانٌ على الطريقةِ الْمُثْلَى؛ يعنونَ على
هُدًى ُيمُسْتَقِيْمٍ .فالطريقُ في هذا المقامِ السبيلُ
والدِّينِ َّن َّم َّر
والمعتقد ُس الذي سلك في نَهْجِ الفكرُِس ُمَح
و ت في للوصول إلى هَدْ سيِّدنا ال و
ِه ٍد ِل الاستقامةِ بأمرِ ِيالإسلام(.)3
ب .أما الإِيْمَانُ :فهو من الأصلِ (أَمِنَ) ،والأمنُ
النَّفًةْسِ ًا وَزَوَالُ الْخَوْفِ، طُمَأْنِيْنَةُ
َّل
جاءَ َّز َّم
التي َوَجُمَحم للشَّنَّريعةِ َّص َع ويستعملُ الإيْمانُ تار اسْ
بِ َّنها َّلسَيِّدُنَا الر َّل
َن : قالَر اللهُ
َص َّسَُنول َه ُد ْادٌَو، َن َء َمُن ْا َو
()4
إ ا ي ا و ا ي ا و ال ا ى ُموالّرًا ا ي
ِبِئباللهِ ويوصفُ ِذ به كلِّ مَن ًةِذ دخلَ في شريعتهِ َّو
وبنب .ويستعملُ تار على سبيلِ الْمَدْحِِق ويرادُ به
ِتِه
(?) طـه .77 / 1
(?) ينظر :القرطبي :الجامع لأحكام القرآن:ج 11ص ،220ج 19 3
211
اْلَمَباِح ُث 212
صديقِ؛َّتْص ْيُقأو
إذعانًُا النفسِ للحقِّ على سبيلِ التَّ َو
: تأسِيس على سبيلِ التَّصديقِ بالتَّسليمِ ،ال
ِد
والمعتقد بعد منازعةٍ عقليَّة يقومُ َّت
قَبُولٌ للفكرِ َو ْس ْيُم
:قَبُولٌ للفكرِ والمعتقد لَها الدليلُ ،ال
ِل
والحكمِ والرَّأيِ من غيرِ منازعةٍ.
َضِةاْل ْب ُث (ْ :)2فُهو الَّنْه
ْسَتْنَهَضُه َق َم ُم ُّن َنَهَض َم َح
لأمرِ َأَق و(ا َوَن )
َضُتَك َبُن َأْنَهَضُهامَ،
يَنْهَضُ مِنْ ُه( ) بِمعنى
امه؛َن اَأْم َك :و ُم ْلَق لهُ .و
َوَخَدُمَك َمَعَك َأكذاَك أَمَّلَرََنهُ بال
َيْنَهُض َنو
ِه .ولم ا ا و و ِض ؛ ي ا ي
ُّسَّن
الدَّلالاتِ ِر ِب ِئ
في النَّهْضَةِ تِبَرِدْ ِذ لفظةُ
النَّصِّيَّةِ من خطابِ الشَّارعِ في الكتاب وال ةِ
على معنى اصطلاحيّ؛ وقد استعملَها الصحابةُ
والسَّلفُ من بعدِهم يستعملونَها في كلامِهم للدلالة
على مُرادِهم؛ وِفْقِ المعنى اللُّغويِّ ومعهودِهم في
الخطابِ بلسانِهم للتعبيرِ عن المقصود .وأما في العصرِ
الرَّاهنِ فقد استعملَتْ للدلالة على التغييرِ
الجماعيِّ ،المصحوبِ بضرورات فكريَّة وعقيديةٍ،
واستعملَها غيرُ المسلمينَ للدلالة على التغييرِ
الجماعيِّ في السُّلطةِ والدولة بدوافع زيادةِ تفوُّقِ
الفهمِ الماديِّ للعالَم؛ وذلك حسبَ وجهةِ نظرِهم في
عقيدةِ فَصْلِ الدَّدِّينِ عن الحياةِ ،أو عقيدةِ أنَّ
كل ما يأتِي من خلالِهم العالَم مادةٌ ،وا عوا أنَّ ًا
هو :من الأمورِ النَّاهضةِ حصر ،وخاصَّة ما كان ضدَّ
عاداتِ الأُمم وتقاليدِ الشُّعوبِ ،أو على وجهِ
الخصوصِ ضدَّ الدينِ ،أي ضدَّ الإيْمانِ بالله
للدلالة علىُل وشرائعهِ .ثم شاعَ استعمالُ َّيالكلمةِ
المعنى الجديدِ في إجرَاءِ أ تغييرٍ يَمي إليه
الناسُ في آرائِهم وعموم أعرافِهم ،بقصدِ الجديد مما
الكلمة
ًا يخترعونَهُ من قِيَمٍ وأفهامٍ؛ًا وليس لدلالةًِا
وِفْقَ هذا الإطلاق معنى محدد ينتجُ مفهوم واضح .
وإنَّما صارتِ الكلمةُ بحُكم الإطلاقات اللَّفظيةِ
المستعملة للتعبيرِ عن معانِي مُوَلَّدَةٍ يريدُها
213 اْلَمَباِح ُث
قائلُها.
وإذا أخذنَا بالفهمِ الذي ينسجمُ ولغةَ العربِ
ولسانِهم ،فإنَّ المعنى الذي يك ن دلالةً للكلمةِ؛
والاستعمال المعاصرِ لَها؛ هوِّ :و القيامُ بِمسؤولية
الأمرِ المعيَّن بقصدِ التغيير العامِّ أو الجزئيِّ؛
مما يوصلُ إلى التغييرِ ،أي مما يوصلُ إلى الإصلاحِ،
َأَرَأْيُتْمُ
كان الفساد أي َقْو وإلاَّ كان استمرارُ الواقعِ المنحطَقَِّل َي
َوَرَزَقى :اْنُه ْزا ًا ِمَحَس ًا َوَم
اللهَرُ تعالَ
قال ْن البطلانَُ ،ب َن
أو ُك ُت َعَل ْن
ن ْص َاَحا َّا َعْنُه ْن ُأ ُدقَأْنَه ُكْم ي
ُأ ُد نَأْن ُأَخى َفُكْم َل َم ي
ِر يَّبُب ل ال ل ا ِّي ٍة ِمى ا ِّب ا ِن ِم
ْسَتَطْعُت َمِإ ي
هذا كان المفهومُ الِإْمُحِرَ ِإ للنَِّإهضةِ ِ)1(ل ولِ ِإ ِرا ا
في نفوسِ الناس ،هو التغييرُ الجماعيُّ المصحوبُ
بدوافعِ الفكر والمعتقد الهادفِ ،أي تغييرُ المجتمعِ
من حالٍ في أفكارهِ ونُظُمِهِ إلى حالٍ أُخرى يرادُ
فيها التقدُّمًا وإنجازُ أعمالٍ لم يستطعِ المجتمعُ
إنجازَها سابق .ونَهضةُ الإنسانِ؛ بِهذا المعنى :هي
تغيُّرُ حالهِ مِن فكرٍ ورأي ومعتقدٍ إلى فكرٍ آخر
ورأي ومعتقدٍ.
ويحصلُ هذا للفردِ بسبب تكوينِ القناعات ،ويحصلُ
للمجتمعِ بسبب تغيُّرّيِ الرَّأيِ العامِّ والعُرْفِ،
وكِلاَ السَّببين فكر َّوٌ تحكمهُ دوافعُ الإيْمانِ في
مناخِ أجوائهِ التي كَ نَتْ القناعات ،من جهةِ إدراك
الصِّلةِ بالله أو أنَّها أهملَتْ هذه الصِّلة أو
أنكرَتْها.
والذي يبدُو لنا في استعمالِ كلمة النَّهضةِ ،هو
الاستعمالُ الذي يفرضهُ لسان العربِ للدلالة على
القيَامِ بِمسؤوليَّةِ العملِ بقصد الإنجازِ ،وتحقيق
الأهداف المرجوَّةِ .لِهذا كان التحديدُ الأمثلُ
لِمفهوم النَّهضةِ؛ هو الاستعمالُ المباحِ الدَّالِّ
على حقيقتِها في عُرْفِ اللغةِ ،ومقتضَى الدَّلائلِ
الأنعام.73 /
( )4الأعراف.54 / 2
3
اْلَمَباِح ُث 216
فنجدُ من دراسةِ دلالة لفظ الكونِ في َّزالنص َّل
ِّ َع َوَج
الحدثُ الذي أوجدَهُ اللهُ ْيَجقُرْآنِيِّ أنهَوَأْمُرُه الْ
فيها بأن تكونَ كما أمرَ ،وأن َيْظَهَرا الأشياءِ
ِبِإ ِدمنها هذا الوجودُ المحسوس من النَّسَقِ المخصوصِ
من َّن َّب َّز َّل
فذاكَ ُه بينَها ثم َّسالوضعُ المعيَّنُ َعَّتفيهَوَجَّي لَهاَّ.م َر ُكُم َّل
َأ ُ :ثِإ َّش ْسَتَو َعَل
الل والأمرِ َوقالَأْرَضاللهُ
َّن َمَو َخَلَقِ
الْخَلْق
َيْطُلُبُه َح اًا َو اْمَس َوى َقَمَرى الَه َر ي ا َعْري ُيْغ ال َّل ا
ْيَل
ٍم ِف ِس ِة ي َّخ ا ِت ِذُّن
ال َرَكَأْمال ا َأ َا َلُه ِثيثَخْلُق َوال َأْمُر َتَب َوال ُجِش َم ُّب ِشُمَس َر
ا ال ال َع ا َل َن ،ل ال ُه و َر
ال ا ي . ف الوجودُ ه و أث رُ الْخَل ْقِ ِرِه
ٍت ِب ()1
الل
والأمرِ ،فخًاَلَقَ اللهُ الأشياءَ بعينها فتميَّزت ِم
ًا
وجود عينيّ من بعدِ عدمٍ ،وأمرَ فيها أقواتَها
وخواصَّها بأن حَكَمَ فيها بأمرهِ فقضَى بقولِ كُنْ
فكانَ ،وظهرَ الوجودُ الكونِيُّ بِهذا النَّسَقِ
المخصوصِ في الأشياء على وضعِها المعيَّن المعروفِ
للإنسان وما يظهرُ منه للعقلاءِ باستمرار .فتميَّزَ
الوجودُ الكونِيُّ في السَّمواتِ والأرض في انتظامِ
الأمرِ المفروض عليها ،فالمادةُ المادة بنظامٍ وفْقَ ّي
محكومةٌ بقانون يس ِرُها ،وتَميَّزَ الوجودُ
الإنسانِيُّ بالبشرِ؛ وهو هذا الكائنُ الحيُّ الذي ّس
يح ُ ويشعر ويفكِّرُ ،وتَميَّزَ الوجودُ الحياتِيُّ
بِما يظهرُ في الوجودِ كله من النمُوِّ والحركة
والتكاثرِ في هذا النَّسقِ المخصوصِ وبالأوضاع
المعيَّنة المعروفة في الأشياءِ فتباركَ اللهُ أحسنُ
الخالقينَ.
اْلَم ْبَح ُث (ِ : )4في َد َالَلِة اْلِفْك ِر َع ِن اْلَحَياِة الُّد ْنَيا:
َي ُه َلُكُم َكَذ َك ُيَب ُن ُّد
الآ ا الل تعالىْ:نَي َّل قال َّك
اللهَنُ
تعالىِ:ت (ِّي)2
َر َلَع َّلُكْم َتَتَف ُرو ي ال ا ِل
َو
َّك اللهُ وقال
َوُقُع ِةًا َوَعَل ُجُن ْم الآ َن َيْذُكُرَّس َن ِف َه َي ًا
َوَيَتَف ُر َن
َّتىْف ُرو َو َّتَفُّك ُر و ِخ ود و َمَو الل َو َأْرام ا ي
َخْل
الِقْكَر )3(وينتج ال ي ِبِه ال ال اَّن ي ِذ
ِك ًا ْكَر
التأمُّلِ في حصولِ ال ِض هو تَمام ِقحتم ،لأ ِت ِفال
ِف ِ 2ف
(?) البقرة 219 /و.220
1
217 اْلَمَباِح ُث
المعنىُر في الذِّهنِ .وفي اللغة يطلقُ الفكرُ ويراد به َّت ُّك
َف
(ال ) أي التأمُّلُ وجَاْلَوَْكُرلانُ النَّظرِ والبحث عن
) وهو إعمالُ النظرِ َّص
في منه (
ِف المطلوبِ ،والاسمُْل ْكَرُة
) ويراد بِها القوَّةُ التي خَ الأشياء؛ وكذا (ا
الله بِها ذهنَ الإنسانِ لتحصيل العلمِ وتفسير ِف
المعلوم به ،وعلى هَذا؛ فإنَّ الفكرَ؛ والتفكُّرَ
بِمعنى واحدٍ؛ وهو جَوَلانُ تلك القوَّةِ الخاصَّة
معلومة لذهنِ الإنسان بحسب نظرِ العقل ًافي أمورٍ ًا
َبَأْسَمَافي َهُؤ َاعن
جهولُئ أو خ لتؤدِّي إلىتفسيرِ أمر كان مَ َأْن
ل َّا ا المتفَكِّرِ .قالَ اللهُ تعالى :و ي
ْنَّل ُكْنُتْم َّنَصا يَنَ ،قاُلوْاُ :سْبَحاَنَك لِبَا ِنْلَم َلَنا ِء ل َماِء
َك ِدِقَأْنَت ْلَع ُم ْلَح ُم َق َل ِع َي َدُم ِإَأْن ْئُهْم ِإَع ْمَتَن
ا ي ا ي ،ا :ا آ ا
ِّهنَأْس َما ِإْم )1(ف الفِكِْلرُ ج َوِكَلانُ العلمِ في ال ذ ِب
إلىَفُّكمعنى الخبرِ وفائدته ،وهذا ِئِه واقعٌ ليَصِلَ َّت
ُم ْكُر ِببِما له
في حقيقةِ أمر الدُّنيا الاس ل المعنى هو ال
ِل ِر ِف والآخرةِ.
ُر
ولِهذا كانَ الفك جَوَلان العلمِ في الذهن بِما
لهُّد واقعًٌا ،ولا يكونُ غيرَ ذلك ،فما ليس له واقعٌ لا
يع فكر ،ويتأتَّى جَوَلانُ الواقعِ في الذهن بقصدِ
إصدار الحكم عليه ،وبِما أُوْتِيَ الإنسانُ فيه من
علمٍ ،قال الراغبُ في المفرداتِ( :وَذَلِكَ
لِلإِنْسَانِ دُونَ الْحَيْوَانِ ،وَلاَ يُقَالُ إلاَّ
فِيْمَا يُمْكِنُ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ صُورَةٌ فِي
الْقَلْبِ) .أي لِما يُمكِنُ أن يتمثَّلَ في الذهنِ
فلا يصحُّ إطلاقُ الفكرِ على ما ليسَ له واقعٌ ،لأنه
خيالٌ .ولا فيما لا يدرَكُ واقعهُ؛ لأنه تخمينٌ أو
الأثرَتَفَِّكُرعنْا ابنَِذ عبَّاس قال[ : ولقد َاجاءَ في َو َا وَتَفََّكهُرْمْاٌ.
و يَف َّنآلُكْم َلْناللَتْق ُر لْا َلُه و ي ا الل ] وفي
ِه ِت ](ِ .)2ف ِه و ِء الأثرِ[ :ف
ِد ِإ
(?) آل عمران .191 / 3
(?) عن ابنِ عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال :قالَ رسولُ 2
اْلَمَباِح ُث 218
3
219 اْلَمَباِح ُث
3
اْلَم ْبَح ُث (ُ :)6مَو اَفَقُة ِفْك َر ِة الِّر َس اَلِة ِلِفْطَر ِة اِإل ْنَس اِن :
ًا
ُّ إنسانٍ على الفطرة سويّ ،ويتوجَّهُ يولدُ كلَّزًا
َّد َّل َّو
استجابة َوالوجدانَقِ َر أوَفَهَدآخر، َّل َّل
طبيعي َ،وَج بشكلٍ من َخَلَق َفَسَع للدينِ
()1
ى ى ا ي :ا ي قال اللهُ
والْهَُعدَّزَى َوَجهنا الاستقامةُ على الطريقةِ التي يريدُها
ِذ ِذ َّل
وأرسلَ بِها الرُّسلَ؛ وتتأتَّى بطريقةِ الله
التربية والتبليغِ ووسائلهما لتغييرِ ما في النَّفسِ
مما طرأَ عليها من الفسادِ أو الإفساد وإصلاحهما .لأن
الفسادَ والإفسادَ الطارئان هما الضَّلاَلُ الْمتأتِّي
بالجهلِ أو العناد ،فالضلالُ يقابل الْهُدَى بأن
يتخذَ الإنسانُ لنفسهِ ما يعيِّنُ له الحلالَ والحرام
لا على وفقِ هدَى الرسالة وطريقةِ الرسُلِ.
ومما يؤكدُ العاملَ التربويَّ من طريقة التغييرِ
على الفساد والإفساد ما جاء في الحديثِ أنَّ َّا
أبا َم ْن َمْوُل
و ل هريرةَ قال :قالَ رَسُولُ اللهِ [ :ا
ٍد ِإ ِم
(?) الأعلى.3-2/ 1
اْلَمَباِح ُث 224
ُّسَأْو َأْو ُيَن َر َفَأَبَو ُه ُيَه َد ْل ْطَر ُي َلُد َعَل
ا ا
ُتْنَتُج ْلَب َمُة َّت َب ِّو َمًةِنِه َجْمَع َء ِّصَهْل ِنِهُت َن ا ؛ ا َكَم ى ُيَمو َس
و ِة ِف
ِح َتْجَدُع؛ َنَه
ا ي َح يَأْنُتْم ا
ِه ِه َهِّج اِنِهْنَ ،جْدَعا َء
و ا ] .وفي ا ] وفي لفظ [ :ى يا
ِفكتابِ القدر في صحيح البخاريِّ :قَالَ رَجُلٌ :يَا ِم
َيْعَمُلَ َن قَبْلَ ذَلِكَ َأْعَلُمَأَيَمْتَ َك لُنَوْاْ مَات رَسُولَ اللهِ ُه! أَر
لفظٍ ُّم ُّل
ُك ِب اْنَس ا وَت ْدُه ُأ وُه ]َ.عَل وفيْل ْطَر ؟ قَالَ[ :الل
ىَف ْنا َك َن، َوُيَن َراٍن ِلُّم َوُيَم َس ُيَه َد[
سلمٍَ:بْعُدقالَ: َوَأَبَوُ ُه
لِم
ِة
ْيَطا ُنا َّش
ِف ا ؛ ِإ ُّل
َّا ِإ ِنِه ِّج ُمْس َمْيا َفُمْس ٌم ِّوَّاُك اِنِهْنَس َتِّص اْدُهِنِه ُأ ُه
يَلْكِزُهُ ال ا
َوُهَو ْبُنَه َمْرَيَم اِنَو !
َّت َّل ِل ِإ َعَليِل حُِنضْلْنَّلَيِل ،ل
لفظٍَ[ :ي ِإلَنَّا َعْنُه َعَل ا َه ا ] ْلوفي َح
َمْوُلِة ُي ىَلُد ِبي َعَل ىَلْيَس ْن ا ِه ] ِإ أو [ ِفَسىُنُه ا
ى ل ُنُه ِم و و ِذِه روايةَرٍ[ : ا ]ِم ِةوفي َّت
ِإ ا ِم ](ٍ .)1د َس َعْنُه ُيَع ْل ْطَر َح َه
ى ِل ا
علىٌن هذاِّ،ب فإنَّ ِل الإنسانَ في دلالة النصوصِ ِذِه ِف ِة
بناءً ُمَتَد
بطب ،بل هذا واقعهُ المحسوس والمدركُ الشرعية
منه حيث يظهرُ عليه أثر التديُّنِ بالتقديسِ والعبادة ِعِه ِّي
وممارسة الشعائرِ المعيَّنة في أفعالهِ .ولربَّما
يخفَى عليه شأنُ هذه الآثارِ الفطريَّة ،وهو لا يعرفُ
أنه يقومُ بفعلِ عبادة أو تقديسٍ ،لأنه يغفلُ حقيقةَ
هذه المشاعرِ النفسيَّة أو دوافعها الوجدانية من
اْلَم ْبَح ُث (ِ :)7في َأَّن اْلِفْك َر اْلُم ْسَتِنيَر ُهَو اِإل ْس َالُم :
الفكرُ المستنير على نوعينِ :منه ما هو عقيدةٌ
والأفكارُ المتعلِّقة بِها .ومنه ما هو أحكامٌ شرعية
والأفكارُ المتعلِّقة بِها ،والعقيدةُ أساسُ الفكرِ،
والأحكامُ الشرعية بُنْيَانُ هذا التَّأسيسِ بقصد
تنظيمِ الحياة بطريقةِ العقيدة .ويقابلُ الفكرَ
المستنير الفكرُ المنحطُّ؛ والفكرُ الضيِّقُ؛ والفكر
الروحيُّ الإشراقي بلا كسبٍ ولا علم؛ والفكرُ الروحي
بلا نظامٍ؛ والفكرُ الإلحاديُّ؛ وهكذا أجناسٌ من
الفكرِ الذي اعتنقَهُ الناسُ وكانوا على مذاهبَ شتَّى
فيه .وليس إطلاقُ الفكرِ المستنير إطلاقُ لفظٍ على
اصطلاحِ القوم حسبَ مذاهبهم ،وإنَّما يتميَّزُ الفكرُ
المستنير بأصالتهِ من حيث الإطلاقُ في اللُّغة
واللسانِ ،ثم استعمالهُ عندَ العقلاءِ وفي الْقُرْآنِ
الكريم ،ثم خصائصهُ التي تعيِّنُ حقيقتَهُ التي
(?) فتح الباري شرح صحيح البخاري :ج 3ص.319-318 1
231 اْلَمَباِح ُث
13
1
2
ُمَحََّملأُ
عن جابرِ بن عبدالله قال :قَالَ أَبُو جَهْلٍ وَالْم
دٍ مِنْ قُرَيْشٍ :لَقَدِ انْتًاَشَرَ عًَالَيْنَا أَمْرُ
فَلَوِ الْتَمَسْتُمْ رَجُل عَالِمْء َنبِالسِّحْرِ
وَالْكَهَانَةِ فَكَلِّمْهُ ثُمَّ ا ا بِبَيَانٍ مِنْ
أَمْرِهِ ،فَقَالَ عُتْبَةُ :لَقَدْ ِتسَمِعْتُ بِقَوْلِ
السَّحَرَةِ ًاوَالْكَهَانَةِ وَالشِّعْرِ ،وَعَلِمْتُ مِنْ
ذَلِكَ عِلْم وَمَا يَخْفَى عَلَيَّ إنْ كَانَ كَذَلِكَ؛
فُمَحََّمأَتَاهُ .فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ لَهُ عُتْبَةُ :يَا
دُ ! أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ هَاشِمُ ؟ أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ
عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ؟ أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ عَبْدَاللهِ ؟
فَلَمْ يُجِبْهُ .قَالَ :فِيْمَ تَشْتِمُ آلِهَتَنَا،
ًا وَتُضَلِّلُ آبَاءَنَا فَإِنْ كُنْتَ إنَّمَا بِكَ
الرِّئَاسَةُ عَقَدْنَا أَلْوِيَتَنَا لَكَ .فَكُنْتَ رَأْس
مَا بَقِيْتَ ،وَإنْ كَانَ بِكَ الْبَاءَةُ زَوَّجْنَاكَ
عَشْرَ نِسْوَةٍ تَخْتَارُ مِنْ أيِّ أَبْيَاتِ قُرَيْشٍ
شِئْتَ ،وَإنْ كَانَ بِكَ الْمَالُ جَمَعْنَا لَكَ مِنْ
أَمْوَالِنَا مَا تَسْتَغْنِي بِهَا أَنْتَ وَعَقِبَكَ مِنْ
َّر
بََّرعْدِكَ .وَرَسُولُ اللهَِّر سَاكَّرِتٌ لاَ يَْستَكَلَّمُْ ،حَم
الل ال فَلَْيمَّا فَرَغَ قَالَ رَسُولُ اللهِ :
حمَ .تنْ يٌل ْن ال ْحَم ال ي َ .تاٌب ِب ُفِم َلْت آِهَياُتُه ِن ال ًّ .ي
َأ َذْرُتُكْم َن َيْعَلُم َقْو ُقْر ًن َعَر
َوَثُمَ دفَِنقَرَأِحَ ِمحَتِكَّى بَِّصلَغَ ن
َص آِحَقًةاِم ْثَل اَص َق ِز َع ِم و
و فَأَمْسَكَ عُتْبَةُ عَلَى ِب اِل ٍم ا ا
فِِعيْهِ ِموَنَاشِعَدِةَهُ الرَّحِمَ أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ .وَلَمْ
ٍد
يَخْرُجْ إلَى أَهْلِهِ وَاحْتَبَسَ عَنْهُمْ ...ثُمَّ قَالَ
عُتْبَةُ لِلْمَلإ مِنْ قُرَيْشٍ :فَأَمْسَكْتُ بِفِيْهِ
ُمَحَّْمتًُاهُ الرَّحِمَ أَنْ ًايَكُفَّ ،وَقَدْ عَلِمْتُمْ وَنَاشَد
د إذَا قَالَ شَيْئ لَمْ يَكْذِبْ ،فَخِفْتُ أَنَّ
أَنْ يَنْزِلَ بِكُمُ الْعَذَابُ.
235 اْلَمَباِح ُث
ًا
بحقائقِ ًاالأمور ،فكان تفكيرهُ تفكير الصحيحة ويعرِّفه ًا ًا
عادي ؛ وليس تفكير سطحيّ ؛ لأنه عَلِمَ وَأَدْرَكَ،
ولكنه أخذَ الأمور في حدودٍ ضيِّقة لا بنظرٍ بعيد
ُكْنَتْ
يؤمِن َأْمَمَن َم هذا ل والدراسةُ،ر ًاولِ ْن َأْوَحْيَن َلْيَك َوَكَذِ َك البحث الغايةِ؛ عميق
َنْه ا ا َمْن وح
َم ُن ِإَوَل ْن َجَعْلَن ُه ِمُن ًا
ا قال تعالى:
َتْد َم ْل َت ُب َوِل َا
ي ِر ا ور َّن
ي ا ا ا ل ال يْ ا
َنَشِراُء َّم ْن َبِكا َنا َو َك ِإ َلَتْه ي َلِكى َرا ُمْسَت ي ِ)1(دِ .بِه
الرسالاتُ من َأ اِم اْلِعْكُر ِداْلُمْسَت ِإيُر ي اِدْلُقْرآِإ اْلَكِص ي ٍط :فهوِق ٍم
ّي ِن ًا
حصر ِ،ف وع َنَِن ذلكِر ِمربُّ العزَّةِ بقوله ِف
العالَ ُّممينِّ َت رب َا
َو
ي في آيتينِ من سورتَي الحجِّ8 / ا ل
اللهُ َ قال ولقمانِ/كٍ20بِ ،نوأنٍر الرسُلَ يأتون بالرسالةِ؛ُّز َّز
َو َت ُب َو َن َب ُرُسُلُهْم َءْتُهْم َج َوَج
ال ُّزُب َوال َتا َو َن َب ع ُم ل ا َع َّز َوَج َّل َج ُءال ا
اِب و ِّي الِت ا ِب الِر ِبالِك اِب الُْم ي )2(وقوله
ويعينِب هم ِتالأحكامَِر؛ ِك الْ ِني ِر)3(فجعلَ الكتابَ يبيِّنُِب لَ ِّي
َوَجَّلمسالك ُسّنالإنارةِ من َّز
الحياة؛ بِ َع لَهمِن ِرمناهجَ السيرِ في
ال ةَ بأنَّها الكتاب .وكذلك وصفَ اللهُ
تنيرُ للإنسانِ الطريقَ ،أي تبيِّنُ المرادَ في
قال
بالرسالةَِوُمَب ًا
َأْرَسْلَن َك َش ًا خاطبََّن الناسَ مقاصدِ َّز الش َّلَّارعُِّي حين َّن ُّي
َع َوَج َيَأ َه
ر ْذ ا َو َر اًا ُم ا ًاد الله ًا َوَد ًاَ ل ا ال َوَن
ولاير ِّ .)4(ش ِه اج ى الل ِب ِإ اي ير
تعبيرٍ عن ِنأنَّ الرسولَ دلالة النص ِهِّ ِبِإمن ِن ِه ِس يخفِذَى ما فيِع ِإ
للمؤمنينَ ًا مُبَلِّغٌ لأُمَّتهِ الإسلامَ ومبشِّرٌ
بالجنةِ ونذيرٌ للعصاةِ بالنار ،وجعلَهُ مب ن لهذا
كلِّه؛ فوصفَهُ بالسِّراجِ المنير وهي صفةِّيٌ تقومُ
بذاتِها من حيث الوجودُ ،فإنارتهُ مثل إنارةِ
َمَعُهِهذا جاءَ في الحديثِ وللأفكار ل
ْلُقْر َن َو ْثَلُه للأحكامِ القُرْآنِ ُأْو ُت
] .
()5
ي ا آ الصحيح [
ِم ِت
(?) الشورى .52 / 1
( ( )2آل عمران .184 / (?) فاطر .25 / 2
رسولُ ُت
قالَ :ا قال ُأْو الكندي
يكرب ْثَلُه
بن معدَت َب َو المقدام ُت (?) الحديث َأعنَا
5
َمَعُه َأ ُأ
َرُجٌل َيْنَث َشْبَعً ،ا ل َعَل يَأ َك ي ال ا ِإِّني َأ وَاِتي ُي َشُك
الله َنَ :و [ ْثَلُهل َمَعُه
ُقْر
ِت
ى ي ؛ ِإِّن ان ي ِم ِك ؛ ل و ال آ
ِر ِتِه ِن ِم
اْلَمَباِح ُث 236
6
( ( )2يونس .24 / (?) الأعراف .176 / 7
المبحث (َ :)8م ْبَح ٌث ِفي َد َالَلِة اِإل ْقَر اِر ِفي الُّرُّلَغ ِة َو الِّلَس اِن َو اْلِفْك ِر:
ُمْسَتَق َقَر ْقَر ُر ْن
من الأرض ،قالَّنْحفي (الْلَق ا ) وهو ال ال ا
الصحاح :ويوم َي (ا َن ) اليومُ الذي بعدَ يومِ ال ؛ ِر ُّر ِم ِإ
تون، مكثون ويثبُ ِر و ِّرفي منازلِهم؛ َّنأي يَ َّر
ُبُي ُك (َ )1وَق الناسَتَع َلِق َوَقْرَن َقلأنَلَّ ُه
ْلَبْرُد،
في مكانهِ ًاِفي وِت ْ، لُق ا ىً :ا ا الل
َوَمَثُلا َك َم؛ َتَع َل ) :وهو إذا ثَبَتَ ثُبوت جامد َقَ ،لوأصلهُهُ (ا
ِّر َّث
ُّكونَ؛ْجُت ْتا ْناللَفْو اَأْرىَ :مَ لَه ِل ٍةْن الس َث َكَشَجَري َخ
َخوهوَث يقتضِ
ا ا ال ي ا ي
لا ق رارَ علىِم وقي لِ :ض َقِبَرا ٍة )2(أي ٍة م ا ِب لٍَةه ا من ثب ِماتٍِ ،ق
زأرٍِر الأسد ،أي لا أمنَ ولا ثباتَ مع تردُّدِ
الراغبُ في المفردات: َّر الاضطرابِ من شدَّة الخوفِ .قال
َق
؛ كَاسْتَجَابَ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَى
ُّر َّز َّل وَأَجَابَ.
َوُن
َّ :ل َوَج َع ُر ْقَر
الله قال ِيء َّ الش ُ إثبات : ا وال
َأْرَح ا َم ا َنَش اُء َلى َأَج .)3(وجمل ة الأم رِ أن َّتُكِق ي ال ِإ
ْلُمْسَتَق ُي
ال ا . الإنسانٍُ،ل فليس ا ِإ ِفحال نقلِم عنها
حين ويتأتَّى الإقرارُ في الفكرِ والمعتقدِب بإثباتِّرِهما ِّم
يتجاوَبان مع حركةِ العقل في ًاذهنِ الإنسان وحركةِ
صدرِ الإنسان ،إثبات لدلالتهما؛ إمَّا القلب في ًا
ويظهرُ أثرًاُهما في اللِّسانًِ ،ا وإما بالعقلِ فكر ًا
بالقلبِ اطمئنان وقَبُول ؛ وإما بِهِما مع .مع
والمعتقد؛ ُّمُهوما يجرِي ُيَض ملاحظةِ أن الإقرارَ بالفكرِ
مجراهُما؛ لا يُغْنِي بالقلبِ ما لم ا الإعلانُ
( )2إبراهيم .26 / (?) الأحزاب .33 / 1
اْلَم ْبَح ُث (َ :)9م ْفُهوُمُّل اِإل ْد َر اِك في الُّلغِة واالْص ِط َالِح:
ُح ُق
َأْدَرَكَوََزَمابَُنهُ
َأْدَرَكُهالصِّحاح :قلتُ :ص الإدراك :ال َمَشو ؛َحَّتقال في َح ُق
َّل
ا ه. ،وعاش حتى ال ا ؛ يقال ى ى
َبَلَغَِ .وَن وأَدْرَكُتَ َّث
وأَدْرَُمكََ:بَلَغ بَغَلََةغَ أَبَقْصَوَى َمُرالشْيَّيْء
ضج .ودركا َّدَّر ُك أ
الغُلاَ َمَن ُل اي ْه ال ا؛ ال َّن
بالتشديد ،الكثيرُ َّر َّس ِّص
از أ ِلها .و(ال َح ا ٌس) َد ٌك ال ار،
ا . الإدراكِ؛ إلا أنَّهم قالوا :ا
ُة
به ٌّلالإحاط بالشيء ،أو َّتويطلقُ َّدالإدراكُ ويراد َل َق
ٌّل
ك بالآخر ،قال تعالى:
ِح()3
أمرهَِ ،همن َجباب ًع بلوغُ َذأقصَى َرُك َح
ى ا ا ا وا ي ا ي ا أي لَح ِقَ ك بالآخر.
وأدركَِإهُ ببصرهِِ ،ف أي رِمَآهُ ،بحصولِ الصُّورة في
الذهنِ بعد جولان الإحساسِ بالواقع المعيَّن لَها
(?) ينظ ر :اجلامع ألحك ام الق رآن :تفس ري اآلي ات املذكورة آنف ًا .وينظ ر :ت رتيب 2
القاموس احمليط ،واملفردات يف غريب القرآن ،أساس البالغة ،خمتار الصحاح :مادة
(قر) و(جحد) و(عرف) و(علم) .
(?) الأعراف .38 / 3
اْلَمَباِح ُث 250
َا ُتْد ُكُه َأْبَص ُر
ال ا )4(أي لا تراهُ فيهِ ،وقوله تعالى :ل
ِر
الحواسُّ الخمسُ؛ إذا حملنا البصرَ على الجارحةِ .أما
إذا حملنا الإدراكَ على البصيرةِ ،فيكون الإدراكُ
بِمعنى المعرفةِ ،وهي حصولُ المعنى في الذهنِ بُِّثما
يعبِّر عن الواقعِ ،فهي تقريرُ الفكرِ؛ ُّبأي تَم ل
المعنى في الذهنِ بعد تفكُّرٍ بواقعهِ وتد رٍ لأثره
مما
ًى ومعانيهِ .أي بأثَرِ جولان الفكرِ في الذهن
معن
ليؤلِّف َأْبَص ُر
المحسوس ُتْد ُكُه
َا يُلْحِقُ المعلومات بالواقعِ
ال ا بِهما .فيكون تفسيرُ قولهِ تعالى :ل
ِر
أي تعجزُ العقول عن معرفتهِ ،فهي عاجزةٌ عن معرفة
يقول
َمْنةَ .يُة والتفكيريَّ
َي كُنْهِهِ وذاتهِ بطاقاتِها الحسِّية؛
غا َمْعرٍَف الصِّدِّيْقُ ( :ا ِّدُنا ُقُصأبُُرو َعْنبَكْ سي َف
َمْع
) .لأن غايةَ معرفتهِ تعالى، َت ال و
فتعلمَ أنه ليس بشيءٍ منها ،ولا أنِر ِتِهعرِفَ الأشياءَ ِر ِتِه
ّي
بِمثلها ،وإنَّما تُم ِزُ من وجودِ الأشياء وجودَهُ،
تدركُ ذاتَهَُكْتُهولا تعرف كُنْهَهُ؛ فتعرفُ َّز َّل
ولا ُد ُك وجودهُ ،م
َع َوَج
العقولُ وتحيط به ما أدر و فاللهُ
الأبصارُ ،فالإدراكُ هو الإحاطة بالشيء بِما يك نُ ِّل ِج
الخبرَتَفَِّكُرعنْا رسولَِذ الله ِّو : معنىَتَف ُرفيْا الذهنَِ ،ا وجاء في َو َا
َّك
و ي ا الل ، َلْن َتْق يُر ْاآل الل ل [َف َّنُكْم و
ِه ِت ِف ِه ِف و ]ِ.ء
ّس ِد ِإ
وعلى هذا كان الإدراكُ على ضربين :ح ِيٌّ
ومعرفِيٌّ .والحسيُّ هو تَمثل الواقع في الذهن من
غيرِ حُكم عليه بنفيٍ أو إثبات ،أي لا يجرِي في
عملُ تفكُُّّورٍ ،ويطلقُ على هذا النَّمطِ
ُتْنَتَقُش من الذهن ْلْدَر
به ال ا ا :التص رُ؛ وهو بِهذا المعنى ما
في الذهنِ ويتميَّز به غيرِها؛ ويكفي فيه الأعيانُ ِحِّسِّي
ِإ ِك
الغريزيُّيِّ ،بِما يؤثرُ في أثرهُ في حركةِ الإحساسِ
ْدَر ُك ْلَمْع
يجرِي به إشباعِ الجوعات .أما الِإ ا ا ِرِف ،فهو ما ُت
لْحِقُ العقلُ في الذهن بعمليَّة تَفَكُّرٍ؛
التمثُّلَ للواقعِ المحسوس في ذهنِ الإنسان بالعلمِ
ا ل ْذ َر َها َوَيْض ُب اللُه الَأْمَثاَل َّث ي ُأُكَلَها ُك َّك َّل
َوَمَثُلِن َك َمِّب َخ َث ِر َكَشَجَر َخ َث َّل ْجُت ِلْت ِسْن َن ُر
ِحو ٍن ِبِإ َيَتَذ ُهْم َلَع
ا ي ي
وا َفْو الَأْر َّث َما َلَها ِلْن ٍةَقَراِبُّد ٍةُيَث ُت ٍةاللُهِب اٍة يَن ُّل آَمُنِم
ُه َر ِذَوُي ْنَي َو ْلَحَي ْلَقْو
الل َوَيْفَعُل ي اُه ِمَم ا َيَشالُءٍر ا ِّب ي الآ اَّظِق َنالِض ا
ِخ ِة ِض ِبِت ِفالل ا ِة ا ِ .)1(ف ِبال ا ِلي
ِلِم ْيَئُة
َف ْل
:هي طبيعةُ العلاقاتِ العامَّة التي يعيشُها ا
الإنسانُ في حيِّزِ الجماعةِ والمجتمع ،وما تكتنفهُ ِب
مشاعرٍ صالحةٍ أو فاسدةٍ ،وأفكارٍ متَّصلةٍ بالله من َّل َّز
َع َوَج
أو منقطعةٍ من إدراكِ هذه الصِّلة ،ومفاهيمٍ
صحيحة أو مغلوطةٍ ،وطبيعةِ النظام المجتمعيِّ الذي
يحكمُ سيرَ الجماعة والأفرادِ وما يحملهُ المنفِّذون
من إحسانِ تطبيقه أو إساءَةِ تطبيقهِ ،أو طبيعةِ
النظام ذاتِها وما فيها من عدالةِ تشريعٍ أو شقَاء
وظُلْمٍ.
اْلَم ْبَح ُث (َ :)11م ْفُهوُم اْلَعِقيَد ِة َو اِال ْع ِتَقاِد َو ُحِّج َّيُة الُّس َّنِة ِفيِهَم ا:
الأذهان: َّا ِ بعض على ِ ربَّما أشَكل َفْهُم هذه َّن
العبارة
َعْن َيْحُرُم َعَلْي َأْن َيْعَت َدُه َأ ْلَعَق َد َا ُتْؤَخُذ
ل ؛ ل ا ا ل (َي ْي
ِإ ٌّد ِئ
)؛ وخاصَّةً إذا تُكُلِّمَ بِها بين عامَّة ِق ِه
العلمِ ،فتقعُ وكأنَّها ر لحديثِ َّم ِق ٍن
الناسِ من غيرِ أهل ُمَح
دٍ الذي يأتِي عن طريقِ رسول اللهِ سيِّدنا
الآحاد ،أي يأتِي بسندٍ غير متواترٍ .وليست القضيةُ
العامةُ أو غيرُ المؤهَّلين بالعلمِ كما ظَنَّ َفْه
المسائلِ العميقة ،من مثلِ هذه المشرفِ على
تفهمََدُه العبارةُ على النحو ِم
المسألة .وكان المرادُ أنْ
الآتِيَ( :يْحُرُم َعَلْي َأْن َيْعَتَّن ) أي يَحرمُ علىَّا
َأ ِق ْلَعَق َد َا ُتْؤَخُذ المكلَّفِ الجزمُ ِه
ل بالظنِّ( .ل ا ا ل َعْن َي ْي
ِإ
الإسلامِ ) أي لأنَّ العقائدَ التي هي ِئأركانُ
ِق ٍن
الصحيح :كتاب الحج :باب المدينة تنفي شرارها :الحديث (
.)488/1382
(?) إبراهيم .27-24 / 1
اْلَمَباِح ُث 254
وجه الوجوبِ.
ُفأما ما لا يرتبطُ بسلامةِ إسلام المرء؛ ولا
يعر بالضرورةِ العقليَّة ُف أنه يلزمُ لذلك؛ أي مِن
بالضَّرورة الشرعيةِ ،أي خلال بحثِ واقعه؛ ولا يعر ًا
لم يجعلْهُ الشارعُ متعيِّن في بحثِ مطلوبٍ ،أو
نظرٍ في خطابهِ على وجه من لم يجعلْهُ موضوعَ ٌد
أوجهِ الخطاب أنه مرا أو مقصود لذاته؛ فلا يصحُّ
أن يجعلَهُ المسلمونَ موضوعَ جدلٍ بين الناس ،لا
على مستوَى الفكرِ والعلم ،ولا على مستوَى
الْمُحَاكَمَةِ العقيديَّة .وسيما نوعُ الخطابِ
لدينا معلوماتٌ كافية تتوفَّرْ ْلُمْخَتَز
المنقول الذي لم ْلُمْجَم
؛ فإن الشارعَ لم وا لتفسيرهِ وبيانه كا
ِل ِل
يجعلْهُ مناطَ نظرٍ ولا موضوعَ تفكُّرٍ كأخبارِ
الدَّجَّالِ وعذابِ القبر والدَّابَّةِّد وغيرِها مما
يُذْكَرُ في النُّبُؤَاتِ عند الْمُحَ ِثِيْنَ ،ثَُرم
لَم يطلُبْ منَّاَمَحَّلالشارعُ الإيْمانَ بهِ ولا النظ
فلا َميوضعَلْيَس َلَك البحث ْلٌموالعل ،لقولهِ تعالى: فيه؛َا َتْقُف
َو
وهذا من المباحثِِم ()1
ا ل
ِع ِبِه ّد
لا
التي ح َها العلماءَُّم بأنَّها من المتشابهِ الذي ًا
سبيلَ للعلمِ بهُمَح فلا يصحُّ أن يوضعَ محل
دُ بن أحمدَ السَّرْخَسِيِّ للجَدَلِ؛ قال
في(الْمُتَشَابِهُ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ) أنهُ:
(اسْمٌ لِمَا انْقَطَعَ رَجَاءُ مَعْرِفَةِ
الْمُرَادِ مِنْهُ لِمَنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ
فِيْهِ؛ وَأَنَّ الْحُكْمَ فِيْهِ اعْتِقَادُ
الْحَقِيْقَةِ وَالتَّسْلِيْمُ بِتَرْكِ الطَّلَبِ،
وَالاشْتِغَالُ بِالْوُقُوفِ عَلَى الْمُرَادِ
مِنْهُ فِي دَلاَلَةِ النَّصِّ بِمَا يُفِيْدُ
ُتْنَظُرَ ،لاَ ُة بِمَا يَعْجَزُ عَنْهُ الْعَمَلَ وَالْعِلْم
ُندلال ذكر في سياق الن ، الإدُْترَاكُ) .أي
ِّص َّن ِه
وإفاد ها للتشري ُف وبيا َر الوجه المقصود في المراد
يتكل النظ أكثر من ذلك .لأ هذا من ِع الشرع ،ولا
ِّي
(?) الإسراء .36 / 1
257 اْلَمَباِح ُث
( )4الأعراف / ( )3الحج .7 / (?) طه .15 / 2
.187 3
261
َّن َّي اْلَمَباَّسِح ُث
َع َأ َن ُمْرَس َه ُقْلَّس َم َّي ْلُمَه ْنَد َر
وقال
ِإَع اَأ ِع َن اَّنُمْرَسِع َه ِّب َم َّس َأْنَت ْن
()1
ي َيْسَأُل َنَك اَعْنا
ا ال ا
تعالى :و ِة
ُسا اَعْن ِفي َع َّمِمُقْل ال ا َيْسَأُلَك ا
َّي ِة َّنْكَر َه
ِةُمَح ا ال ا ال تعالى: ِذ َما ْلُمَه ْنَد
وقال ()2
ا
دٌ الل . وب ن سيِّدُنا الرسولُ ()3
ا ا
ِإ أنَّ قضيةَ الساعةِ ،قضيةُ عملٍ ،وليس قضيةَ انتظارٍ ِه ِع ِع
قضيةَ بحثٍ ونظر ،فقال لِمن سألَهُ وتوَاكُلَمٍ ولا
َأْعَدْدَت َلَه
ا] هذا لتوجيهِ تفكيره إلىأنَّ ()4
عنها [:ا
هذه الفكرةَ من مقتضياتِ العمل ودوافعهِ ،وليس من
عنها
مقتضياتِ الجدَلِ والمناظراتَِّس ،وقال لمن سألَهُ َم
أمورِ َنالدِّينِ وأساسيَّاتهِ [ ا باعتبارِهاَعْنَه من َأْعَلَم
ْلَمْسُؤ ُل
أي أنَّها ليست ()5
ال ا ] ا ا و
ِئِل ِم ِب 1
ال َي ِل ى َّسِهالَع ل ؛ ِلٍك ا ال ا ؟ َّس اِإ ى !َياَّم َرُسوَل ِسالل ِن
ُل َعْن َأْيَن ْنَقَضْت ِهَص َاُتُه َقِق َل َفَل ا ا َّر
َأْعَدْدَت اَلَه ؟ ِة]
َمِب ا ِإ ال ا ال
َّم َق َل ِة [ : ا !
ُجُل َّنَأَن َّرَي َرُس َل ل َفَق َل
ِةاَم ؟ ] اللِه ُث! َّاَقاِئ َلَ[ :ي ِقاُّبَرُسِمَل َفَكَأ ا اُجَل وْسَتَك َن ال : َق َلا َأَنُس
َوَرُس اَلُه اَأَّبُ :أا و َهالل َلَه َك َر الَص َا اَو َا اَصْو!، َأْعَدْدُت : ا
الل َمْن ِه و
َأْحَبْبَت. َوَأْنَت َمَع ي ل ؛
َاْلَمْرُء َمَع َمْن َأَح ل ل ي ا
َرَأْيُتوُل ِب
َفَق َل َرُس
] َفَرَحُهْمِح َهَذ ْلُمْس [ٍة َن َبْعَد ٍم ْسِإ َا ِّن، الل : َفَرَح َفَما
ا .رواه ال ل ي ِها ا
باب ما جاءِب أن المرء مع الزهدِ :م ِإ الترمذي في الجامعِ:لِمكتاب
من أحب :الحديث ( ،)2385والبخاري في الصحيح :كتاب
الأحكام :باب القضاء والفتيا :الحديث ( ،)7153ومسلم في
الصحيح :كتاب البر والصلة :باب المرء مع من أحب :الحديث (
َّن َّن ُّي .)161/2630وما بعده.
َب ًا َيْو ًا َك َن َعْن َأ ُهَرْيَرَة َق َل
ال َل ْ يَما ُنز َأْن مُتْؤ َن ل ا ، ا [ : ا َفَأَت ُه ي (?) 5
َوَم ،
اللِل ِس َرُجٌل َفقَاَلَ :ما ال ْيَماُن؟ َقا ِب :ال اِر ا ِب
َوُت َمِها ْلَبْع ِ .مَقاَلِ:ب ا
ُوُتْؤِإ َن
،
َو َق ِإ َوُرُس
، ا
َوُكُت َوَم َا َك
َأْن َتْعُبَدِلِه َه َو َا ُتْش َك ِبِلَاُم ِئِه َّصلْسِئَاُمِتِه َق َل ِبِه َّزْس
، ،
َوَتُص َمِملَرَمَضِب َن ِثَق َلَ ،وَم ي ْلَمْفُر َضَة َّنالل الِإ لَاَة ؟ َوُتْؤا :الِإ َك َة
ل
ِق
َتُكْن ا ِبِه ِر
َتْعُبَد ا َّس َهو َكَأَ ،ك َتَرو ُه َف اْن َ .لْم ا : ال ا
َتَر ُه الَّنلْحَس ُنَ ،ق ِتَلي َأْن
ا
ْلَمْسُؤ ُل َعْنَهَّب َأْعَلَم ، اَعُة َق َل َم الل َفالِإُه اَّسَيَر؟ َك اَقَ :ل َوَمَت
ِإ
َأْشَر ؟َه ا َ:ذ اَوَلَدا وَأَمُة َر اَتَه َوَسُأْخ ُرَك ىَعْن ال ا ا .ا: ِإَن
ال َخْم َاِبا، ا ا:
ُبْهِطَّن ُّي ِإ ْلُبْنَيَّن ِت َو ا . ا ال
ل ي ، ا ا ي ال َوَل ُرَعاُةِب الَّم ِمَو َذا َّنَتَطاِئِلَّا
ِن َهِف ْنَدُهٍس ْلُم ُه َّم ُث ِإِبِلَت َا َيْعَلُمُه
َيَرْو ِعَشْي ًا ِع َفَق َل َأْدَبَرل َفَقالِمَل ِفُرُّدُ ه َ:فَلْم الل الل ُث. َيُة ِإَّس َع ل
ا ئ .ا: .ا ِب و ِ .إ ال ا ِ إالآ .
ِة
اْلَمَباِح ُث 262
قال :قَمَصَالَعَ ٍأنس وعن جابرٍ قالُ( :أْو ي اْل ْق َواْلَخْي )(َّ )1ن
َي َص ُّدَبُه َاْلَمْعُروُف َلِر
رَُّسسُولُ اللهِ ِلِ [:ف ِه
ا
َأْهُل ْنَي ا ي ا ال ى
ال ا ِر ال و ؛ َوالآَفا اْلُمْه َكا ِ .إ ا ِسو ِق ي ِح
ْلَمْعُر َوَأْهُل
َرُس َلالله : الآ َر ]ِل(َّنِ )2ت وعنه أيضًاِ :ف
قال َيِفرسول ْلَمْعُرو ي ِت ا َّن ِء
ُهْم َم ْا ُل َق َن ْيَن َأْه
َأْهُل و :ن َوَخ َّصُتُها و الل ؟ ْلُقْرال اُهْم] اِخ ِة [ للِف ِف
ِه ](.)3 ا الل َقِإاَلِ [ :هُهْم ِل اِم آ ِس
َأْهُل
ِه ِن
في
النسبِ ُه وكانت َّنالشريعةُ حَكَمَتْ َّن برفعِ حُكم َق َل
والكافرَ،ص ا الل المسلمِ َعَمٌل َغْيُر
الأحكام ْن بينَأْه َك ُه كثيرٍ من ُه َلْيَس َتَع َل
ا هذا ()4
اًاى :
الشرعيَِّإة في الميراثِ ِلٍحوالقَصاص ِل فضل عن ِإالأحكامِ ِم
َفْه في الأهلِ والمعاملاتِ والمعاهدات .فصار الرابطُ
رابطةَ المعتقد والدينِ ،أو الرأيِ وال م المعيَّنين.
فالأهليَّةُ؛ مقدارُ الصلاحية لوجوبِ الحقوق المشروعةِ
له أو عليه؛ وهذا في اصطلاحِ الأصوُليِّين من
الفقهاءِ ،فيعرفُ الأهل بِما أضافوا أنفسَهم إليه،
فأهلُ الحقِّ الذين أضافوا أنفسَهم إلى ما هوُه الحقُّ
عندَّن ربِّهم بالْحُجَجِ والبراهينِ ،وقيلَ :م أهلُ ُس
ال ة والجماعةِ ،واشتهرَ القولُ .فصارَ يقابلُ أهلَ
السُّنة والجماعةِ ،أهلُ الأهواءِ .وصار يطلقُ (أَهْلُ
الأَهْوَاءُّسَّنِ) على أهلِ القِبلة الذين يخالفونَ آراءَ
أهلِ ال ة والجماعة؛ في الرأيِ مثل الجبريَّة،
والقدريَّة ،والروافضِ ،والخوارج ،أو يخالفونَهم
(?) رواه الحاكم في المستدرك :كتاب العلم :الحديث ( 1
في
جاء هذاُّي والترمذي في الجامع الصحيحَّ :مكتاب الأمثال :باب ما
ْلَح ُثوقالَ:أْشَع
والصدقة :الحديث (،)2863
ُمَح مثل الصلاة والصيام
د بن إسماعيل :ا ا ال حديث حسن صحيح غريب .قال
والطبراني ِرفي (راوي الحديث) له صحبة وله غير هذا الحديث؛ ِر
المعجم الكبير :الحديث ( 3427وما بعده)؛ والحاكم في
المستدرك :كتاب العلم :باب فيما يدل على أن إجماع العلماء
حجة :الحديث ( )406/115 ،405/116 ،404/115وقال :هذا
حديث صحيح على ما أصَّلناه في الصحابة؛ وأخرجه عبدالرزاق
في المصنف رقم (.)20709
اْلَمَباِح ُث ُّب 276
َوَم ُكْفَر َعَل ْيَم ْسَتَح ْا ْخَو َنُكْم َأْو َي َء َو
ن ىال ا َفُأْوَل َك ن ُهُما َّظ و ُم َنال َيَتَوَّلاُهْم ْنُكْم ا
اللهِ رسولُ ِن ال اَّي و )1(وقال ِإ ِإ ِل ِإ
َأْو َيْدُع ُعْصَب
َّي َيْغَضُب ِل َع َي َر َتْحَت َتَل َق َمْن
و ٌة َج ْتَلُتُه َف َل َفُق ُعْصَب ِّم َأْوا َيْنُصُر ِئ ا
ُعْصَبًة َ:ل [
] .وعن ()2 ٍة اِل ٍة ِم ٍة ى
ِإجابرِ بن عبدِالله قال :كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ فِي
ِهِل ِق ِت ٍة
اةٍ ،فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِيْنَ غُزَ ًا
رَجُل مِنَ الأَنْصَارِ ،فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ :يَا
يَمَا الْمُهَاجِرِيُّ: وَقَالَ لَلأَنْصَارِ!
َدْعَواجِرِيْنَ! .فَقَالَ رَسُولُ اللهِ [ :ا َّي َّج َبلَُللْمُهَ
] قَالُوا :يَا رَسُولَ ًا اللهِ! ى ال ا ا
َنٌةُل مِنَ َّن
كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الَْدُعمَُههَاجَِفرِيَهْنَ ُمْنرَج ِة ِهِل
] .وفي ()3
ا الأَنْصَارِ .فَقَالَ [ :و ا
الدعوةَِّل َّز ِت َّن ِإ َّس َّص
النهيِ َاُمالجازم عن َه َع َوَج َعَلْيَّي على َّجَاُة َّيَو الحديث الصَّريحِ
ُمْؤ َّنٌن الل َوَفْخَر [
ال ل : َة ال ل َأْذَهَب قولهُ
َعْنُكْم القومية
، الآبا ِإ ها ، ا ال ِه ٌّي َقْدٌّي
ِهِل ِةآَدَم َوآَدُم ْنِب ُتَرا ِءَّ،ن َلَيَدَعِم وا
َبُن
َت َ ،وَفا ٌر َش ِ،عِّب َأنتْم َّن
َم ُهْم َفْحٌم َّلْنِم َفْح ٍبَجَه َم َأْو َفْخَرُهْم ِقَأْقَو ْم رجاٌل َّن ِج ِق
،
ِمَتْدَفُع َأْن َه ْع ْل ا َن ، ا َعَل َأْهَوَن ُن َلَيُك
ا ِب ى ِمِهالل ِإ ا لا اِم تي َنَّنو
ِب ِف ِج ِن ِه ِم ال ت ](.)4
(?) أخرجه :الإمام أحمد في المسند :ج 2ص296؛ ومسلم في 2
(?) ينظر :كتاب الخصائص لابن جني :ج 3صً .245اوالحديث عن 3
(?) عن سالِم ًاعن أبيه :أنَّ عُمَرَ ؛ مَرَّ بِقَوْمٍ قَدْ 1
)3116وإسناده حسن.
اْلَمَباِح ُث َّث 284
َفَيْكُثُر َأْتَب ُعُهْم َن َّد َعَلْي َو َرَج ًء
ا ًا ، الل
ْلَغْوَغ ِم َو ْهَم َو اْلُمَتَلْثِف ُثْوَن ْم ِب َن
ا ال ي
ِه ()1 ِه
ا ا ال ا )ًا .قطع على أنْ ا
ِء ِء
لا يكونَ أمرُ هذه العشائرِ مجتمِع إلا على أساسِ ِم ِبِه ِل
الإسلاميةَ ،وَجَّلوبِما تتميَّزُ به كلُّ عشيرةٍ َّز
َع العقيدة
،ولِهذا كان أمرُها في حروبِ قُرْبَةً للهِ
يتميَّزُ كلٌّ بعشيرتهِ ،حتى وجهادْمِهمَو َه ْم المسلمين َجَل
ا ،ولا يصيبُ غيرَهم عارُ يَمتازوا
هزيْمتِهم أو ضعفُ شكيمتِهم في المواجهة الجهاديَّة؛ِدِه ِج ِدِه ِب
وهذا ضربٌ من التنظيمِ الشعبيِّ والترتيبِ الوسيليِّ
لخدمةِ دعوة الإسلام ورفعِ رايته.
ًء
بنا على ما تقدَّم ،فإنَّ الحرامَ في الدعوةِ
القومية ،هو التفاخرُ والعصبية ،وليس في الانتسابِ
إلى القومِ والعشيرة والقبيلةِ ،بل هذا النسبُ
ومعرفتهُ يعدُّ من ضروراتِ الواقع لتحقيقِ أحكام
بين
ًا الشَّرعِ حين صلةِ الأرحام .فيف قُ النابهُ
اعتبارِها مناط ِّر
الدعوةِ ًاإلى القومية لذاتِها ،وبين ُأ
اجتماعيّ بسببِ التَّكاثرِ من ذكرٍ و نثى يُنَظَّمُ
بنظامِ الإسلام فينفِّذُ أحكامَهُ ويقويِّ شوكتَهُ َّز
في َع َّل
مجالات العملِ وميادين التطبيقِ .بدليلِ أنَّ اللهَ َوَج
جعلَ أكرمَ الناسِ أتقاهُم ،وجعلَ لكلِّ قومٍ
مناقبُ في مجالاتِ هذه التَّقوَى ويكفِي للباحث أن
يدرسَ مناقبَ الناسِ على عهدِ رَسُولِ اللهِ ثم من
بعده في سيرةِ التاريخ ليعرفَ أنَّ لكلِّ قومٍ
مَنْقَبَةٌ أو مناقبُ تحسِنُها وترفعُ شأنَها أو
شأنِها ،وفي ذلك عبرةٌ لمن تُسِيئُها وتحطُّ من ٌب
تَفَكَّرَ وله قلبٌ مني .وهذا ما وَسِعَهُ الحالُ
والمقام هنا واللهُ أعلمُ.
اْلَم ْبَح ُث ( :)16اإلْس َالُم َأْفَك ُّلاٌر َو َأْح َك اٌم :
ُم ُك ُه َأْفَك ٌر َف َدٌة
ا ؛ حالَ كونِ الفكرة ما ا :الإسلا
يتوجَِّئهُ به الذهنُ من العلمِ تجاهَ المعلومِ من
(?) المقدمة لابن خلدون :باب في أن الدعوة الدينية من غير 1
اْلَم ْبَح ُث (َ :)17م ْفُهوُم اْلُحِّر َّيِة ِفي اْلِفْك ِر اِإل ْس َالِمِّي :
لم يستعملِ المسلمونَ لفظَ الحريةِ في عصر نَهضتهم
وريادتِهم ،إلاَّ في مجال دلالتِها اللُّغويةِ،
287
ٌّر اْلَمَباِح ُث
ُف ُح َّي
خلا
َّلُحْكُم : اللغة؛
َيْج الشريعةِ لَها .فيقالُ في ُة ْلَعْبرْفِ ُح وعُ
َتَتَم ْكُه ا َّشْي ؛ وال ْلُحنوعانِْ:لُح الأوَّلُ :مَن لمَمْن عليه ُّر
ِر َّش ِّرَّذ ِد
الُّد ِء؛َّي نحو ا َّي ِبَنا ُّدِّرْلْ ،ر والثَوَّانَِريَ :عَل لم ْلُمْقَتَنَي
ا ى ا ال ا الصفاتُ ال ميمة
ذلكَ ،من ِهغيرَّمِ ؛ وإلى هذاِت ال ْنَي ة .والُعُبو ُةِم ُتضا ِح ِص
ُمَح
َعْبُدَّسُولَُن دٌ ِرٍّق بقولهِ[ : نا الر َس َعْبُد أشارَْرَهسيِدِّدَتُ المعنِوَى َت َس
ال ي ا ](ً)1ا لِهذا قيلَ: ال ؛
اشتقاق لمعناها من العربِِ :ع أشرافُهم ِّد ِر الحريةُ من ِّد ِم ِع َّد
َّد
شأنه؛ الصعبِْشَتَّدمنَحُّرُهالأمرْسَتَحَّروتحمُّلِ َّر
واجتياز
ْلَقْتُل ْشَت ُّد ُظ الش َّرةِ ْسَتَح
فيقالُةُ :ا َج َرُةالقي :ا ْن َحَرَ،ر وا َتْع ُض ا :ا ؛ َح
ر فيها .فكأن ا تسو وال :ال ا
ينالهُ إلا من صعبًاٌ لا أمرٌ ٍة الحريةَ في ِحهذا التشبيهِِ،م َّد
ًا ُع
توفرت لهُ فيه الأهلية ،ف لَقب مميِّز لصاحبهِ،
َّم
بالعناية، مع أنه ًامن أصلِ فطرته ،ولكنه ،لأنه يتأتَّى َّد
َّم ُع
العربِ :أشرافُهم؛ وذ َب من ُ الحرية
ُمَح : َ فقيل شرف
دٌ طال الدُّنيا بِنَعْتِهِ سيِّدُنا الرَّسُولُ
إياه عبدَ الدرهمِ وعبدَ الدينارِ.
َّت
ُيْعَتَق ّرًا ْح ُر َج
من ر وال ي :عل الإنسان ح ،بأن
العبوديةِر واسترقاقِها ،أي عِتْقِ المملوكِ ،وله أحكامٌِّق
ُِّ ،مْؤوفيَن هذا المعنى قالَ الإسلامي الفقهِ في َّل مفصلة َّز
َرَقَب ُر َفَتْح َوَج َع
،)2(أو التحريرُ :ي اللهُ
ٍة ِم
بِمعنى :الإخلاصِ لله ر العالَمين بخلُوصِ العبادةِ، ٍة ِر
ِّب
َت َس
(?) الحديث عن أبِي هريرة قال :قال رسولُ اللهِ [ : 1
َعْبُد ال يَنا َوَعْبُد ال ْرَه َوَعْبُد اْلَخ يَص ْ :ن ُأْع َي َر َي َو ْن ِع
َعْب
ْنَتَكَسِمَ ،و َذا يَكِم َفلِةَا ِإاْنَتَعَشِ.طَّرُطوَبِضى ِإ
َلْم ُيْعَطِّد َس َطِرَ ،ت َس َوا ِّد
َقَدَم ِلُه ٍد ْن ِإ ِشَأْشَع َرْأُسُه ُمْغَب َس َنا ِخ َفَر ِع
، ا
ٍة َّف َكِإَن ؛ ، الل ي ي
ِخٍذ ِبِع ِنْل َر َسِسِه َكِف َن ِب ِل ْل َرِهَس َوٍثْن َك َن َكآ َن
السَُّيَشاقَْع ا ي ا ،
ُيْؤَذْن َلُهِإ َو ْن ِفَشَفَع َلْم ا ا ي
ْسَتْأَذَن َلْما ا ا ِف َق
ا ي
] ِة ، ِة ِح ِف ا ِة ِح
ي السَّا .
في الصحيح :كتاب الجهاد ِإوالسير :الحديث( البخاري ِإِن
ًا
ِة ِفرواه
)2887ومختصر الحديث ( )2886وفي كتاب الرقائق :الحديث
( .)6435والترمذي في الجامع :كتاب الزهد :الحديث (.)2375
وابن ماجه في السنن :الحديث (4135و.)4136
(?) النساء .92 / 2
اْلَمَباِح ُث 288
ُّي
النَّاسِ ؟ قَالََ [ :فُيا ُسُف ]َن فَقَالُواُ :نلََنيْسَ عَنْ
الل الل اب هَذَا نَسْأَلُكَ؟ قَالَ [ :و
ابُن َخ ي الل ] قَالُوا :لَيْسَ عَِبنْ هَذِهَاَّن نَسْأِبِّيَلُكَ؟ِه
َس َمَع َن ِل ِل َفَعْن ِهَّجَمَع َّي ْلَعَر َتْسَأُل َن َت ُد َن
و ؟ ْس ِجَا و َذال َفا ُه ْا َّداِدَوَت ُد َن ُرُهْم
ِب اِدِن اَّشَي ُرُهْم [
َّن
قَيَالَ:
وَأ ُ ،هْم َلُهو ا ي ال ل ا ي ال ا ا
ِج والإمرة)ِق ش الولاية ِم ِإ
ِإ ِخَخْيَر ال ِفا ي َهَذِهِلا ِةالِخ ْأ (أيِف
رواه البخاري ِنفي الصحيح :كتاب أحاديث الأنبياء: َكَرا َيًة]ِ .س ِف
الحديث( )3353وكتاب المناقب :الحديث ( .)3493ومسلم في ِه
الصحيح :كتاب فضائل الصحابة :الحديث ( )199/2526وفيه
زيادة [ وَتَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ فِي هَذَا
الأَمْرِ أَكْرَهُهُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ فِيْهِ،
وَتَجِدُونَ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ
الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاَءِ
بِوَجْهٍ ].
اْلَمَباِح ُث 290
(?) ينظر د .عمر فروخ :تاريخ الفكر العربي إلى أيام ابن 1
َثاِنيًا َ :الَّضُروَر ُة اْلَو اِقِع َّيُة ِلَتَبِّني اَألْح َك اِم َو اَألْفَك اِر :
أما الضرورةُ الواقعية لبحثِ التَّبَنِّي ،وهي
الضرورةُ التي يحتِّمُها منهجُ العقلِ عند العقلاءِ،
أن ما مِن إنسانٍ إلا وعندَهُ حاجاتٌ تفرضُ حركةَ
وجدانهِ بِمشاعر تجاه الواقعِ المحسوس ،فتنشأُ روابطُ
بين الناسِ لإشباع دوافع حاجاتِهم ،فتهيمنُ المنفعةُ
والمصلحة على اعتباراتِهم الوجدانيَّة ،بِما في
الشَّيء من مقدارٍ يؤدِّي إلى إشباعِ دوافعهم
الوجدانيَّة هذه ،فإن تركُوها لهذه الدوافعِ اضطربت
حياتُهم ،وإذا فكَّرُوا فيها وانتظَمُوا بنظامٍ من
عقولِهم سادَهُم الفكرُ المعيَّن والرأيُ الْمُبْتَنَى
عليهِ وَالْمُنْبَثِقُ عنهُ .وهذه السيادةُ للرأي
بحدِّ ذاتِها هي فكرٌ مُتَبَنَّى عندَ غالبِهم أو في
عُرفِهم العام ورأيهم العام .ويع رُ العُرْفُ العامُّ
والرأيُ العام عن قناعاتِهم ِّبفي الفكرِ والمعتقد
والدِّينِ .لِهذا كان التَّبَنِّي للرأيِ على مستوَى
الفردِ أو المجتمع حتميَّة واقعية وضرورة عقليَّة
بدهية.
أما الناحيةُ الواقعية لِلتَّبَنِّي علىمستوَى
الفكرةِ الإسلامية وطريقتها ،فتتأتَّى برابطةِ الإطار
العامِّ للفكر والمعتقدِ والفقه ،أي أنَّ مفهومَ
التَّبَنِّي يك نُ النسقَ الفكريَّ الحارسَ لقناعاتِ
الرأي العامِّ ِّوالإسلامي على مستوَى الفردِ والجماعة
والطائفة والدولة ،فيأتِي من التَّبَنِّي السلامةُ
الأمنية والحصانَةُ الذاتية على كافَّة المستوياتِ
لحماية العقيدة والمحافظةِ على الإسلام في حياةِ
الفرد والجماعةِ والمجتمع .ثم تنشيطُ فاعليَّة الدعوةِ
بالتبليغ والجهادِ ،والنصيحةِ والمحاسبة .سواءٌ في
الرَّأي العامِّ المحضِ أو في العُرْفِ العامِّ في
المجتمعِ؛ أي على مستوَى المشاعرِ الظاهرة في أعراف
الجماعةِ والأفكار والمفاهيمِ والنظام .ثم إن اتضاحَ
مفهومَ التَّبَنِّي يضبطُ نسقَ علاقاتِ الناس بضبطِ
اْلَمَباِح ُث 304
َّم
ُمَح
د فقد الحديث ( )138وقال :وأما حديث عبدالعزيز بن
أخرجه مسلمُ.مَحَّمووافقه الذهبي في التلخيص قال :هذا صحيح ،رواه
د. جماعة عن
اْلَمَباِح ُث 312
رواه مسلم
] ُحْبَلُة ا و ا وو ا ، [ ل
)12/2248وال :ثَمر الألفاظ :الحديث( ِع
ِك كتاب الصحيح في
ُظ
العضاة ،وال ضاة كل شجر يع م وله شوك.
ِع