Professional Documents
Culture Documents
المنظمة العالمية للتجارة ودورها في تنظيم المنافسة العادلة للتجارة الدولية
المنظمة العالمية للتجارة ودورها في تنظيم المنافسة العادلة للتجارة الدولية
بــوســتـة جــمال
139
ISSN:2335-1462 eISSN: 2600-609X
9702 70 70
مقدمــــة:
تعد المنافسة من أهم المبادئ األساسية القتصاديات الدول التي تؤمن بحرية
التجارة ،وأصبحت حمايتها أم اًر ضرورياً ومطلباً تسعى اليه أغلبية الدول سواء عن
طريق االتفاقات الثنائية والمتعددة األطراف ،كما تعد التطورات االقتصادية التي
شهدها العالم المتمثلة في التوقيع على اتفاقيات منظمة التجارة العالمية من أهم
أحداث القرنين العشرون والواحد والعشرون على االطالق ،وهذا لما أحدثته من آثار
اقتصادية وقانونية على الدول التي وقعت عليها ،بل امتد أثرها حتى على الدول التي
لم تنظم إليها بعد ،وتمثل هذه اإلتفاقيات نظاماً عالمياً تتولى من خالله منظمة
التجارة العالمية إدارة العالقات االقتصادية بين الدول األعضاء بهدف تحرير التجارة
الدولية.
واذا كان النظام الجديد للتجارة العالمية يهدف في جوهره إلى إطالق حرية
التجارة على مستوى عالمي من خالل فتح أسواق جميع الدول على مصراعيها وبال
تمييز ،مع تمكين جميع الدول على حد سواء من ضمانات النفاذ إلى األسواق
األجنبية ،فإنه من جهة أخرى يضع هذه الدول أمام حتمية أخرى ال مناص منها
وهي اقتحام المنافسة الدولية في كل قطاعات التجارة ،والتي تقوم على مبدأ حرية
المنافسة ،لذلك قد توصلت جهود المجتمع الدولي منذ وقت مبكر نسبياً لوضع قواعد
دولية تحكم سياسة المنافسة والتخاذ مواقف ايجابية ضد كل الممارسات المقيدة
للتجارة على المستوى العالمي ،والتي تمنع من تحقيق األهداف المنتظرة من تحرير
التجارة الخارجية ،ونظ اًر للعالقة الوثيقة بين التجارة والمنافسة ،إذ أصبح الموضوعان
وجهين لعملة واحدة تتمثل في زيادة التبادل التجاري والنشاط االقتصادي العالمي
لتحقيق المصلحة االقتصادية والرفاهية لجميع دول العالم.
لذلك فإن االشكالية التي يمكن معالجتها هي :إلى أي مدى وفقت منظمة
التجارة العالمية في تنظيم المنافسة العادلة بين أعضائها في مجال التجارة الدولية ؟
141
املنظمة العاملية للتجارة ودورها يف تنظيم املنافسة ....د .ســالمــــــي مــيلــود +د .بــوســتـة جــمال
ولإلجابة على هذا التساؤل ارتأينا أن تكون وفق الخطة اآلتية :إذ نتطرق في
المبحث األول إلى مبادئ تنظيم المنافسة في إطار منظمة التجارة العالمية ،أما
المبحث الثاني فنخصصه إلى دراسة جهود منظمة التجارة العالمية في تنظيم
المنافسة الدولية ،كما نقوم بدراسة هذا البحث وذلك بإتباع المنهج التحليلي باألساس
كونه األمثل لمثل هذه الدراسات ،وذلك من خالل تحليل النصوص القانونية واستنباط
المالحظات منها بهدف اإلجابة على اإلشكالية المطروحة التي تضمنتها الدراسة.
لم تكن منظمة التجارة العالمية إال نموذج لمنظمة دولية حكومية أريد لها أن
تكون منتدى عالمي للتعاون والحوار والتفاوض بشأن الموضوعات المتصلة بالتجارة
الدولية ،والتي نتجت عن تطور شامل التفاقية "الجات" بعد مفاوضات مستمرة دامت
()2
خمسون سنة( )1إلى أن توجت بدورة مراكش التي أسستها ،وقد عرفت المادة األولى
1خزار محمد وعايش كمال ،المنظ مة العالمية للتجارة ومتطلبات دخول الجزائر ،مجلة األحياء العدد
السابع ،الجزائر ،9113ص .09
2تنص المادة األولى من اتفاقية مراكش إلنشاء منظمة التجارة العالمية على أنه [تنشأ بمقتضى هذا
منظمة التجارة العالمية (المشار إليها باسم "المنظمة ")]
The world trade organization (hereinafter referred to as « the wto ») is
)hereby established
141
ISSN:2335-1462 eISSN: 2600-609X
9702 70 70
والثامنة من اتفاقية مراكش المنشئة لمنظمة التجارة المنظمة العالمية للتجارة على
أنها" :اتفاقية تدعى المنظمة العالمية للتجارة تتمتع بالشخصية القانونية ويتمتع
أعضاؤها باألهلية القانونية الضرورية لممارسة وظائفهم ،وتعد المنظمة اإلطار
المؤسساتي للعالقات التجارية بين أعضائها في المسائل المرتبطة بميدان تداخلها
واألدوات القانونية المرفقة لالتفاقية وكذلك االتفاقيات المسماة باالتفاقيات التجارية
المتعددة األطراف والتي تعتبر جزءا ال يتج أز من اتفاقية المنظمة العالمية للتجارة".
كما تعرف منظمة التجارة العالمية على أنها" :منظمة اقتصادية عالمية النشاط
ذات شخصية قانونية مستقلة ،تعمل ضمن منظومة النظام اإلقتصادي العالمي
الجديد على إدارة واقامة دعائم النظام التجاري الدولي وتقويته في مجال تحرير
التجارة الدولية وزيادة التبادل التجاري والنشاط اإلقتصادي العالمي ،وتقف على قدم
المساواة مع صندوق النقد الدولي والبنك العالمي في رسم وتوجيه السياسات
االقتصادية الدولية المؤثرة على األطراف المختلفة في العالم"(.)1
ويقع مقر المنظمة العالمية للتجارة في جنيف بسويس ار ويرأسها أمين عام
ينتخبه المجلس الوزاري للمنظمة ،وتضم المنظمة في عضويتها حالياً 039دولة،
وتتخذ المنظمة ق ارراتها بإجماع األعضاء مما يوفر فرض متكافئة لألعضاء في
اتخاذ الق اررات بغض النظر عن أحجامهم ،وأصبحت المنظمة بمثابة اإلطار
المؤسسي للنظام العالمي الجديد الذي نشط ليس في التجارة فقط ،وانما في المال
والخدمات واالستثمار وحقوق الملكية الفكرية(.)2
1ناصر دادي عدون ،انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة ،األهداف والعراقيل ،مجلة
الباحث ،العدد 13سنة ،9115ص .39
2وسام نعمت ابراهيم السعدي ،اآلفاق المستقبلية لمنظمة التجارة العالمية ،دار الفكر الجامعي
االسكندرية الطبعة األولى ،9105 ،ص .25
142
املنظمة العاملية للتجارة ودورها يف تنظيم املنافسة ....د .ســالمــــــي مــيلــود +د .بــوســتـة جــمال
يقصد بشرط الدولى األولى بالرعاية بأنه "إذا منحت دولة ما ميزة تنافسية لدولة
أخرى ،فإن ذلك يجري تلقائياً على جميع الدول األعضاء"( ،)2وهذا المبدأ يعني
المساواة في المعامالت التجارية بين جميع الدول األعضاء في المنظمة ،وفي هذا
اإلطار تؤكد محكمة العدل الدولية بأن الهدف االساسي من هذا الشرط هو ضمان
ومحافظة في كل وقت وبدون تمييز على المساواة األساسية بين الدول في المعامالت
التجارية( ،)3ويعتبر شرط الدولة األولى بالرعاية من أهم المسائل األساسية في
1محمد صافي يوسف ،النظام القانوني لشرط الدولة االولى بالرعاية في إطار اتفاقيات منظمة
التجارة العالمية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،9113 ،ص.01
2وسام نعمت إبراهيم السعدي ،مرجع سابق ،9105 ،ص.2
3براهمي جمال ،شرط الدولة االولى بالرعاية في العالقات التجارية الدولية ،رسالة ماجستير ،كلية
الحقوق ،جامعة تيزي وزو ،السنة الجامعي ، 9100-9101 ،ص.9
143
ISSN:2335-1462 eISSN: 2600-609X
9702 70 70
القانون الدولي العام فقد ولد مع نشأة التجارة الدولية( ،)1كما ال يمكن إنكار العالقة
الوطيدة التي توجد بين التجارة الدولية وشرط الدولة األولى بالرعاية( ،)2فإذا كان هذا
األخير يهدف الى تحقيق المساواة في المعاملة بين الدول المستفيدين من جهة،
والغير المفضل من جهة أخرى ،فإنه يمنح هاته الدول إمكانية التنافس فيما بينهم في
ظروف محايدة ومتشابهة مما يساهم في ازدهار التجارة الدولية.
وقد نصت اتفاقيات منظمة التجارة العالمية على هذا المبدأ في مادتها األولى
من اإلتفاقية العامة للتجارة في السلع( ،)3وفي المادة الثانية من اتفاقية التجارة في
الخدمات( ،)4وفي المادة الرابعة من اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة لحقوق الملكية
الفكرية( ،)5أما مجال تطبيق هذا المبدأ فقد نصت المادة الثالثة في الفقرتين الثانية
والرابعة من اتفاق الجات ،25على أن يطبق هذا الشرط في"الرسوم الجمركية وجميع
الضرائب األخرى أياً كانت طبيعتها والتي تحصل على الوردات أو الصادرات ،أو
بمناسبة االستيراد والتصدير والرسوم المفروضة على عمليات نقل االموال الدولية
التي تتم من أجل تسوية عمليات استيراد أو تصدير وطريقة تحصيل هذه الرسوم
والضرائب ومجموع التنظيمات الخاصة بالواردات أو الصادرات"( ،)6لذا فإن الغرض
الرئيسي من هذا المبدأ يتمثل في تهيئة فرص تنافسية متساوية بين البلدان االعضاء
دون تمييز(.)7
1جابر فهمي عمران ،االستثمارات االجنبية في ظل المنظمة العالمية للتجارة ،دار الجامعة الجديدة،
اإلسكندرية ،9103 ،ص. 11
2محمد صافي يوسف ،مرجع سابق ،ص.01
3انظر المادة األولى من اإلتفاقية العامة للسلع .
4ا نظر المادة الثانية من اتفاقية التجارة في الخدمات .
5انظر المادة الرابعة من اتفاقيات الجوانب المتصلة بالتجارة لحقوق الملكية الفكرية.
6انظر المادة الثالثة ،الفقرتين الثالثة والرابعة ،من اتفاقية إنشاء المنظمة العالمية للتجارة .
7عايشي كمال ،المنظمة العالمية للتجارة ومتطلبات دخول الجزائر ،مجلة االحياء ،العدد السابع،
ص .05
144
املنظمة العاملية للتجارة ودورها يف تنظيم املنافسة ....د .ســالمــــــي مــيلــود +د .بــوســتـة جــمال
ورغم عمومية وشمول هذا المبدأ لمعظم مجاالت التبادل التجاري الدولي بحيث
أصبح قاعدة ال تكاد تخلو اتفاقية دولية منها ،وهذا لما تحققه من المساواة القانونية
بين األطراف إال أن هذا المبدأ يرد عليه مجموعة من االستثناءات عامة وأخرى
خاصة( )1وهذا لما تتوفر أوضاع خاصة تستدعي ذلك وهي:
يأتي هذا المبدأ من أجل تحقيق المساواة في المعاملة بين المنتجات المستوردة
وتلك الوطنية المماثلة لها ،فالتمييز مرفوض في المعامالت التجارية الدولية،
1ابراهيم أحمد خليفة ،النظام القانوني للمنظمة العالمية للتجارة ،دار الجامعة الجديدة ،االسكندرية،
،9111ص .91
2انظر المادة الرابعة والعشرون من اتفاق الجات المتعلق باالتحادات الجمركية والمناطق الحرة.
3ا نظر المادة التاسعة الفقرة الثالثة ،من اتفاقية إنشاء المنظمة العالمية للتجارة.
145
ISSN:2335-1462 eISSN: 2600-609X
9702 70 70
والتنافس بين المنتجات البد أن تستند إلى مدى ما تتمتع به مزايا نسبية او تنافسية
حقيقية ،فالمنتجات المستوردة من الدول األخرى األعضاء في المنظمة تلقى ذات
المعاملة السارية والمطبقة على المنتجات الوطنية المماثلة( ،)1فال يتم فرض ضرائب
أو رسوم على المنتجات المستوردة من تلك المفروضة على المنتجات الوطنية،
وتتمتع المنتجات المستوردة بذات المعاملة المقررة للمنتجات المحلية في نطاق
القوانين واللوائح المؤثرة على البيع والنقل والتوزيع واالستخدام ونفس الرقابة الحكومية.
وقد ورد هذا المبدأ في المادة الثالثة من اتفاقية الجات 25ويقضي في جوهره
بعدم اللجوء إلى القيود غير التعريفية أو الرسوم أو القوانين أو االجراءات التنظيمية
األخرى كوسيلة لحماية المنتج المحلي( ،)2ومن ثم التمييز ضد المنتج المستورد،
فالدول المتعاقدة في المنظمة تلتزم بأن تعطي السلعة المستوردة معاملة ال تقل امتيا اًز
عن تلك التي تمنحها للسلعة المنتجة محليا(.)3
ونستخلص مما سبق تكون المنتجات المستوردة تعامل نفس المعاملة المحلية
البد من توفر ثالثة عناصر رئيسية وهي:
-أن المنتج المستورد يجب أن ال يخضع لضرائب وأعباء مالية داخلية بخالف تلك
التي يخضع لها المنتج المحلي المماثل؛
-أن المنتج المستورد يجب أن يمنح معاملة ال تقل تفضيالً عن تلك الممنوحة
للمنتج المحلي المماثل فيما يتعلق بقواعد ومتطلبات بيع أو شراء أو توزيع أو
استخدام المنتج؛
1مصطفى سالمة ،منظمة التجارة العالمية ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،االسكندرية ،الطبعة الثانية،
،9111ص .00
2ا نظر المادة الثالثة من اتفاقية إنشاء المنظمة العالمية للتجارة .
3سهيل حسين الفتالوي ،منظمة التجارة العالمية ،دار الثقافة عمان ،9112 ،ص . 91
146
املنظمة العاملية للتجارة ودورها يف تنظيم املنافسة ....د .ســالمــــــي مــيلــود +د .بــوســتـة جــمال
-ال تستطيع أية دولة عضو أن تقرر في لوائحها الخاصة استخدام المنتجات
وجوب استخدام مقادير أو نسب محددة من مصادر محلية؛
إن الغرض األساسي من هذا المبدأ إتاحة هذه الفرص بين االعضاء
المصدرين والمستوردين حتى تكون هناك منافسة حقيقية بين دول أعضاء المنظمة
العالمية للتجارة.
لتحقيق هدف تحرير التجارة الخارجية يجب على الدول األعضاء في المنظمة
أن يلتزموا بجميع القواعد المستهدفة خفض والغاء القيود التجارية أياً كان نوعها
تعريفية أو غير تعريفية ،وهذا ما عبرت عنه ديباجة اتفاقية المنظمة العالمية للتجارة
عندما نصت على أنه" :يجب على األعضاء الدخول في اتفاقات للمعاملة بالمثل
تنطوي على مزايا متبادلة ،لتحقيق خفض كبير للتعريفات وغيرها من الحواجز
والقضاء على المعاملة التمييزية في العالقات التجارية الدولية".
()1
للرسوم الجمركية والغاء كما أن حرص المنظمة على التخفيض المتوالي
()2
الحواجز التجارية لما له من أثر إيجابي على تحرير التجارة الدولية ،وهذا المبدأ
يقضي بضرورة قيام الدول االعضاء بتحرير التجارة الدولية من القيود أو على األقل
تخفيضها في إطار مفاوضات متعددة االطراف تقوم على اساس التبادلية؛ أي أن كل
تخفيض في الحواجز الجمركية أو غيرها في دولة ما يقابله تخفيض معادل في القيمة
من الجانب اآلخر حتى تتعادل الفوائد التي تتحصل عليها كل دولة ،وما تصل إليه
تلك المفاوضات يصبح ملزماً لكل الدول وال يجوز بعده إجراء أي تعديل جديد إال
147
ISSN:2335-1462 eISSN: 2600-609X
9702 70 70
بمفاوضات جديدة ،ويستثنى من ذلك حماية الصناعات الوليدة في الدول النامية إلى
الحد الذي يصل بها إلى القدرة على المنافسة الدولية(.)1
تعد القيود الكمية أي نظام الحصص من أخطر العقبات التي تمنع من إتمام
حرية التجارة الدولية ،فكم عانت التجارة الدولية من قيام الدول بفرض هذه القيود(،)2
لذا جاءت نص المادة الحادي عشر من اتفاق الجات لتفرض حظ اًر عاماً ومطلقاً
على اإللتجاء للقيود بالنسبة لكل من الواردات والصادرات ،غير أن ثمة مبررات قد
تدفع الدول لفرض هذه القيود وهي تكون ذات طبيعة اقتصادية وتتركز في مجال
الوردات كحماية فروع االنتاج الوطني من المنافسة وفي مجال الصادرات يفسح
المجال لتطبيق القيود الكمية إما لسبب اقتصادي لمواجهة النقص في السلعة
المصدرة.
ويرد على هذا المبدأ استثناءين اولهما في مجال الواردات وثانيهما في مجال
الصادرات(.)3
148
املنظمة العاملية للتجارة ودورها يف تنظيم املنافسة ....د .ســالمــــــي مــيلــود +د .بــوســتـة جــمال
غير أن هذه اإلستثناءات تمنح للبلدان النامية فيما يتصل بحماية صناعتها الوطنية
ومعالجة الخلل في موازين مدفوعاتها بفرض قيود كمية مالئمة ،كما أن اإلتفاق العام
للجات أوجب على البلدان النامية إخطار االجهزة المعنية في المنظمة بنية الطرف
المتعاقد على اتخاذ هذه االجراءات والدخول في مفاوضات تجارية مع األطراف
األخرى التي قد تتأثر بها(.)1
اتجهت معظم الدول في العقود األخيرة نحو نظام اقتصاد السوق الحر
وأصبحت حماية المنافسة من أهم المبادئ الحاكمة لالقتصاديات الدول التي تؤمن
بحرية التجارة( ،)2والتي تعمل على تطوير آليات السوق لتحقيق الكفاءة االقتصادية،
لذلك عملت معظم الدول على تحديد سياسة كفيلة بتنظيم المنافسة تمكن بواسطتها
حماية المنافسة من االعمال المنافية لها ،فالمنافسة إتاحة الحرية وافساح المجال
آلليات العرض والطلب لتمضي بسهولة بين المنتجين والمستهلكين ،وتشمل النهج
التنظيمي والقانوني واالقتصادي لضمان حسن سير آليات اقتصاد السوق التي تجسد
حرية األسعار وتكوينها وحرية النفاذ إلى السوق والتداول والتعامل بمقتضى النزاهة
والشفافية في المبادالت التجارية ،وبذلك تعد المنافسة من بين األسس التي يقوم
عليها اقتصاد السوق إذ بها يتم تطوير التجارة سواء كانت تجارة داخلية محلية أو
خارجية عالمية(.)3
1ا نظر المادة الثانية عشر من اتفاقية إنشاء المنظمة العالمية للتجارة .
2عدنان باقي لطيف ،التنظيم القانوني للمنافسة ومنع الممارسات االحتكارية ،دار الكتب القانونية،
مصر ،9109 ،ص .02
3خضراوي الهادي ،الوسائل القانونية لحماية مبدأ المنافسة في الجزائر ،الملتقى الوطني األول حول:
آليات تفعيل مبدأ المنافسة في التشريع الجزائري ،المنعقد في 02و 03ماي 9103بكلية الحقوق
جامعة باتنة ،ص .3
149
ISSN:2335-1462 eISSN: 2600-609X
9702 70 70
تنطوي الممارسات المقيدة للتجارة الخارجية على مخاطر جسيمة لها أبعاد
اقتصادية واجتماعية وسياسية على المستوى المحلي والدولي ،لذا كان من الضروري
التصدي لهذه الممارسات والحد منها ،وخاصة لما لها تأثير على سياسة تحرير
التجارة الخارجية ومن هذه الممارسات:
يشهد العالم المعاصر تغيرات مستمرة أفرزت شكل وطبيعة العالقات الدولية
حيث أصبح النظام العالمي يتميز بظهور التكتالت االقتصادية العالمية ،باإلضافة
إلى وجود الشركات متعددة الجنسيات إذ أصبحت معظم االسواق إن لم تكن جميعها
تتميز بالمنافسة غير الكاملة التي تأخذ أشكاالً مختلفة ،مثل المنافسة اإلحتكارية
واالتفاقات التواطئية نتيجة سيطرة هذه الشركات على هذه األسواق ،ومن هذه
األشكال للمنافسة غير كاملة الذي تمارسه هذه الشركات على هذه االسواق هو
1أمل محمد شلبي ،الحد من آليات االحتكار منع االغراق واالحتكار من الوجهة القانونية ،دار
الجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية ،9113 ،ص .01
151
املنظمة العاملية للتجارة ودورها يف تنظيم املنافسة ....د .ســالمــــــي مــيلــود +د .بــوســتـة جــمال
ويعرف اإلحتكار على أنه" :هو قدرة التاجر الهيمنة في السوق والوصول إلى
قوة احتكارية يتمكن من خاللها التحكم في األسعار والخدمات مما يؤدي إلى تقييد
المنافسة"( ،)2كما يعرف بأنه" :سيطرة شركة او مجموعة شركات على حصة ضخمة
من إنتاج سوق منتج معين تمكنها من فرض سيطرتها على إجمالي إنتاج هذا السوق
وبالتالي زيادة أرباحها من خالل تخفيض اإلنتاج وزيادة األسعار"(.)3
لالستثمارات االجنبية المباشرة ،المركز القومي 1رمضان علي عبد الكريم ،الحماية القانونية
لإلصدارات القانونية ،الطبعة االولى ،القاهرة ،9100 ،ص .30
2معين فندي الشناق ،االحتكار والممارسات المقيدة للمنافسة في ضوء قوانين المنافسة واالتفاقيات
الدولية ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،9101 ،ص .23
3أمل محمد شلبي ،المرجع السابق ،ص .1
4األمر 13-13المتعلق بالمنافسة الصادر بتاريخ 02يوليو ،9119الجريدة الرسمية ،العدد ،53
مؤرخة في 91جويلية ،9113 ،المعدل بالقانون ،12-01المؤرخ في 02أوت .9101
151
ISSN:2335-1462 eISSN: 2600-609X
9702 70 70
أما في واقع التجارة الدولية فإن الشركات متعددة الجنسيات تؤثر بال شك على
منظومة وهيكل التجارة الدولية ،وتستحوذ على نسبة كبيرة من حجم التجارة
الخارجية( ،)1من خالل ما تملكه من قدرات تكنولوجية عالية وامكانيات و موارد
()2
بأن الشركات متعددة الجنسيات تنمو بمعدل هائلة ،وتشير اإلحصائيات الرسمية
%011سنويا وهو ما يمثل أكثر من نمو التجارة العالمية بنسبة ،%51وأن هذا
النمو في تقدم مستمر إن هذه األرقام تدعو إلى التأمل لكي نعرف مستقبل التجارة
العالمية في ظل سيطرة هذه الشركات على معظم االسواق العالمية ،لذا كان من
الضروري التصدي لالحتكار والحد من آلياته باعتبار هذا السلوك والممارسات التي
تتبعه هذه الشركات مقيداً للتجارة الخارجية للدول.
1زينب محمد عبد السالم ،الشركات متعددة الجنسيات ومعايير السادة للدول ،المركز القانوني
لإلصدارات القانونية ،القاهرة ،الطبعة االولى ،9105 ،ص . 39
2أحمد سي علي ،النظام القانوني للشركات عبر الوطنية المعاصرة والقانون الدولي ،دار هومة
الجزائر ،9112 ،ص .52
3يعود استعمال مصطلح اإلغراق إبان حرب االستقالل األمريكية واستخدم كثي اًر عندما غزت
المنتجات االنجليزية السوق األمريكية ،حيث مارست انجلت ار اإلغراق كوسيلة فعالة إلعاقة نمو
الصناعات االمريكية الوليدة في ذلك الوقت .انظر :جابر فهمي عمران ،المنافسة في منظمة التجارة
العالمية ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،9100،ص .931
4
عاطف السيد ،الجات والعالم الثالث ،مجموعة النيل العربية ،اإلسكندرية ،ط ،9113 ،0ص .20
152
املنظمة العاملية للتجارة ودورها يف تنظيم املنافسة ....د .ســالمــــــي مــيلــود +د .بــوســتـة جــمال
ويترتب على هذه الممارسة أضرار متعددة تلحق بالصناعة المحلية في الدولة
المستوردة ،متمثلة في القضاء على المشروعات القائمة المنتجة للسلع المشابهة أو
منع المشروعات المحتملة من اإلنشاء ،حيث أنه عندما يقوم المغرق بممارسة
اإلغراق في سوق الدولة المستوردة؛ فإن المنتجين الوطنيين للسلعة المماثلة للسلعة
المغرقة يجدون أنفسهم أمام أمرين :إما البيع بالخسارة واإلستمرار في السوق .واما
اإلنسحاب منه ،وفي الغالب يفضلون الحل األخير ،وهو ما يترتب عليه اضرار
اجتماعية خطيرة متمثلة في فقد عمال وموظفي هذه المشروعات لمناصبهم نتيجة
لغلق هذه المشروعات(.)1
أما على مستوى التجارة الخارجية بين الدول فإن االغراق يتسبب في إلحاق
أض ارر بالمنافسين المصدرين األجانب لسوق الدولة المستوردة المغرق بالسلعة ،مما
يؤدي خروج المنافسين األجانب من هذا السوق ،وبالتالي القضاء على المنافسة،
األمر الذي يترتب عنه أضرار تلحق بالمستهلك المحلي على المدى البعيد ،والذي
يتمثل في ارتفاع السلعة وانخفاض جودتها ،نتيجة احتكار المصدر المغرق لسوق
هذه الدولة وطرد للمنافسين اآلخرين من هذه السوق( ،)2إن هذا العمل تقوم به الدول
من أجل الحفاظ على حصتها في السوق االجنبية ،والقضاء على المنافسين
الموجودين أو المحتملين في السوق التجارة العالمية ،ويزول هذا الفعل بمجرد تحقيق
الهدف ،وهو يعتبر من األساليب المنافية للمنافسة المشروعة في التجارة الدولية.
أما عن دور منظمة التجارة العالمية في مكافحة اإلغراق ،فإنها تسمح
للحكومات أن تفرض رسوما تعويضية على المنتجات المستوردة ،وهذا عندما يلجأ
الموردون األجانب الى ممارسات تجارية غير مشروعة تخل بالشروط التنافسية
للتجارة الدولية ،وهو نوعان(:)3
153
ISSN:2335-1462 eISSN: 2600-609X
9702 70 70
-النوع الول :هو إغراق االسواق االجنبية بالسلع ويكون سعر التصدير لهذا
المنتج أقل من سعر بيعه في السوق المحلي للبلد المصدر.
-النوع الثاني :هو المنافسة غير المشروعة والتي تنشأ عندما تبيع الشركات
األجنبية منتجاتها بأسعار تصدير أقل نظ اًر ألنها تلقت دعماً حكومياً.
كما أن اتفاق مكافحة اإلغراق يخول للبلدان المعنية فرض رسوم لمكافحة
اإلغراق على مثل هذه المنتجات وأسواقها المالية ضد المنافسة األجنبية ،وذلك من
خالل فرض الرسوم الجمركية التي هي عبارة عن فرض ضريبة على السلع التي
تعبر الحدود سواء كانت صادرات أو وردات( ،)1ففرض هذه الرسوم يؤدي إلى زيادة
تكاليفها مما ينتج عنه عدم قدرة منافسة هذه المنتجات للمنتوج المحلي ،وهذا
األسلوب الذي تنتهجه هذه الدول يعد من الممارسات المقيدة للمنافسة في مجال
التجارة الدولية.
تعد القيود على الكمية؛ أي نظام الحصص من األساليب الحمائية التي تلجأ
إليه الدول للحفاظ على توازنها االقتصادي ،وتستعمل هذه الدول هذا اإلجراء كحماية
لفروع اإلنتاج الوطني من المنافسة األجنبية فيما يخص اإلستيراد ،ويفرض أيضاً
على التصدير إذا كانت هناك نقص في السلعة المصدرة( ،)2إن هذين األسلوبين
ظه ار نتيجة حالة عدم تكافؤ بين المراكز اإلقتصادية والقدرة التنافسية للدول غير أنه
يعد من األفعال المقيدة للتجارة الخارجية.
1جابر فهمي عمران ،اإلستثمارات األجنبية في ظل المنظمة العالمية للتجارة ،المرجع السابق ،ص
.51
2جابر فهمي عمران ،المرجع نفسه ،ص .52
154
املنظمة العاملية للتجارة ودورها يف تنظيم املنافسة ....د .ســالمــــــي مــيلــود +د .بــوســتـة جــمال
155
ISSN:2335-1462 eISSN: 2600-609X
9702 70 70
إذا كان قانون المنافسة في أساسه يهدف إلى حماية المنافسة بين المتعاملين
االقتصاديين في نفس السوق من الممارسات المنافية والمقيدة لها ،بهدف زيادة
الفعالية االقتصادية وتحسين ظروف معيشة المستهلكين ،وهذا ما نصت عليه المادة
األولى من قانون المنافسة الجزائري(" :)1يهدف هذا األمر إلى تحديد شروط المنافسة
في السوق وتفادي كل ممارسات مقيدة للمنافسة ومراقبة التجميعات االقتصادية،
قصد زيادة الفعالية االقتصادية وتحسين ظروف معيشة المستهلكين" ،فإن منظمة
التجارة العالمية كان سبب قيامها هو تنظيم المنافسة الدولية في السوق العالمية بين
أطراف المجتمع الدولي بهدف تحرير التجارة الخارجية ،وهذا ما نصت عليه ديباجة
اتفاقية مراكش إلنشاء المنظمة العالمية للتجارة ،إذ نص االتفاق على ما يلي" :إن
هدف المنظمة من وراء تحرير التجارة الخارجية لدول أعضائها هو رفع مستوى
المعيشة وتحسين العمالة ،واستمرار الكبير في نمو حجم الدخل الحقيقي والطلب
الفعلي وزيادة االنتاج المتواصلة واالتجار في السلع والخدمات بما يتيح اإلستخدام
األمثل لموارد العالم".
1االمر 13-13المتعلق بالمنافسة الصادر بتاريخ 02يوليو ،9119الجريدة الرسمية ،العدد ،53
مؤرخة في 91جويلية ،9113 ،المعدل بالقانون ،12-01المؤرخ في 02أوت .9101
2تم انشاء المنظمة العالمية للتجارة 10جانفي ،0222وهي واحدة من اصغر المنظمات العالمية
عمرا ،وتـ ـعتبر خليفة االتفاقية العمة للتعريفات والتجارة (الجات) يقع مقـ ـ ـرها في جنيف في سوي ـ ـ ـسرا،
156
املنظمة العاملية للتجارة ودورها يف تنظيم املنافسة ....د .ســالمــــــي مــيلــود +د .بــوســتـة جــمال
-توفير مناخ دولي مالئم للمنافسة التجارية العالمية من خالل تحريرها وتنظيمها.
-خلق وضع تنافسي عالمي في التجارة الدولية يعتمد على الكفاءة االقتصادية في
تخصيص الموارد ،بهدف إيجاد نظام تجاري متعدد االطراف ،يعتمد على قوى
السوق من خالل إزالة العوائق بوجه تدفق حركة التجارة بين الدول ،وذلك من
خالل االتفاقات المتعلقة بالتجارة في السلع والخدمات ،والملكية الفكرية،
باإلضافة الى مراعاة التفاعالت بين سياسة المنافسة بين الدول المختلفة ،وقد
وضع هذا التقنين حد أدنى من المعايير الدولية للتطبيق أهمها(:)1
إن إجراءات تسوية النزاع بين حكومات الدول المتضررة والدول التي تسببت
في الضرر يكون وفقاً لتقنيين مكافحة اإلحتكار الدولي ،ويجب أن يخضع
إلجراءات النزاع بمنظمة التجارة العالمية.
كما أن جولة الثامنة لمنظمة التجارة العالمية وهي جولة األرغواي المنعقدة بين
( ،)0223-0213قد تبنت مفهوم القواعد ضد الممارسات التقييدية للشركات متعددة
الجنسيات ،كما أن عدداً من اتفاقات منظمة التجارة العالمية تتضمن أحكاماً تتعلق
تظم في عضويتها أغلب دول العالم ،تعمل على تنظيم وتحرير التجارة العالمية ،والجزائر ليست
عضو في هذه االتفاقية ،كونها ال تزال في مرحلة المفاوضات قصد االنضمام لمنظمة التجارة
العالمية.
1أمل محمد شلبي ،مرجع سابق ،ص .09
157
ISSN:2335-1462 eISSN: 2600-609X
9702 70 70
بسياسة التجارة الدولية ومكافحة السلوك غير التنافسي على نحو مباشر ،وأهم هذه
اإلتفاقات مكافحة اإلغراق ،واتفاق الدعم والتدابير التعويضية ،واتفاق الوقاية كما
تتضمن بعض اإلتفاقات أحكاماً وجهت ضد السلوك غير التنافسي وذلك على نحو
غير مباشر ،مثل المادة الثامنة من اإلتفاقية العامة للتجارة في الخدمات حيث الزمت
األطراف المتعاقدة بالسيطرة على احتكار المنتجين في أقاليمهم إلساءة استعمال
المركز اإلحتكاري ،وما نصت عليه أيضاً المادة الثامنة من اتفاقية الجوانب المتصلة
بالتجارة لحقوق الملكية الفكرية ،إذ أضافت إجراءات مسطرة ضد الممارسات غير
التنافسية في التراخيص اإلتفاقية(.)1
إضافة إلى ذلك فإن جهود المنظمة ما زالت تتواصل حيث تم ذلك في
مؤتمراتها الو ازرية من خالل:
والذي وضع إطار لتعزيز مساهمة سياسة المنافسة في التجارة والتنمية ،وقد تم
تشكيل مجموعة عمل لبحث طبيعة العالقة بين المنافسة والتجارة والذي تناول
المحاور التالية(:)2
-االعتراف باحتياجات الدول النامية واألقل نمواً إلى المزيد من الدعم والقدرات في
هذا المجال؛
-أحكام اإلحتكار؛
1محمد حسن هالل ،نتائج المؤتمر الوزاري األول سنغافورة ،الموقع االلكتروني،
www.wtoarab.orgتم اإلطالع يوم الخميس 93ديسمبر ،9109الساعة .05:31
2ياسين كيمو ،تعثر مفاوضات التجارة العالمية وانعكاساتها على تطور المبادالت التجارية الدولية
في القطاع الزراعي ،أطروحة دكتوراه ،كلية العلوم االقتصادية والتجارية والتسير ،جامعة بسكرة،
السنة الجامعية ،9103-9102بسكرة ،ص .011
159
ISSN:2335-1462 eISSN: 2600-609X
9702 70 70
-إزالة الدعم المرتبط بالتصدير في القطاع الزراعي ،مما يشكل في حد ذاته إنجا اًز
تاريخياً يعيد التورزن المطلوب بين القطاع الزراعي والصناعي فيما يتعلق بحضر
دعم الصادرات وتعزيز المنافسة بين القطاعين؛
-خفض أو إزالة الدعم الداخلي المشوه للتجارة وخفض الرسوم الجمركية على
المنتجات الزراعية لتعزيز التوازن في تحرير التجارة بين القطاعين الزراعي
والصناعي في جميع جوانبها المتعلقة على وجه الخصوص بالنفاذ الى االسواق
والدعم الداخلي المشوه للتجارة والمنافسة؛
-مطالبة ببذل جهود مكثفة في تفعيل المعاملة التفضيلية والمتميزة المتاحة لصالح
البلدان النامية بهدف االندماج الفعلي للدول النامية في النظام التجاري العالمي.
الخاتمــة:
مما الشك فيه أنه ال يمكن النظر إلى موضوع المنافسة وتأثيرها على تحرير
التجارة الدولية بمعزل عن النظام االقتصادي العالمي ،إذ أنه مع إنشاء منظمة
التجارة العالمية أصبحت األسواق العالمية مرتبطة ببعضها البعض وأصبح االقتصاد
161
املنظمة العاملية للتجارة ودورها يف تنظيم املنافسة ....د .ســالمــــــي مــيلــود +د .بــوســتـة جــمال
العالمي يتميز بالتداخل ،فلم تعد االسعار المحلية تحدد بمعزل عن األسعار العالمية
بسبب قدرة الشركات متعددة الجنسيات على النفاذ لألسواق األجنبية ،ونظ اًر لما تسببه
هذه الممارسات المقيدة للمنافسة من طرف هذه الشركات أول الدول من مخاطر
وآثار سيئة على التجارة الدولية ،فقد حاول المجتمع الدولي العمل على خلق نظام
دولي لمكافحة هذه الممارسات ،واستقرت هذه الجهود عن وضع بعض اإلتفاقات
والقواعد الدولية التي تتعلق بسياسة التجارة الدولية ومكافحة السلوك غير التنافسي في
إطار منظمة التجارة العالمية ،وذلك نظ اًر للعالقة الوثيقة بين التجارة والمنافسة،
فحرية التجارة هي حرية المنافسة ،وهذه االخيرة تتطلب العمل بكل الوسائل القانونية
لتحقيق الهدف األول.
إن تنظيم المنافسة التجارية ومنع الممارسات المقيدة لها تعتبر السبيل األمثل
لضمان حرية المتعاملين االقتصاديين في الوسط التجاري ،وجمهور المستهلكين
واإل قتصاد الوطني والعالمي على حد سواء ،فلقد عملت معظم الدول إما على وضع
أو تحسين قوانين المنافسة الموجودة لديها حتى تكون أكثر فعالية تتوافق مع
المتغيرات االقتصادية العالمية خاصة في ظل تحرير التجارة الدولية ،فالدول التي
توجد فيها قوانين وسياسات منافسة فعالة تكون ظاهرة انتشار األعمال والممارسات
المنافية للمنافسة قليلة مما يساهم قي تسهيل حرية التجارة سواء على المستوى
المحلي أو الدولي ،وما إصدار المشرع الجزائري لقوانين المنافسة وتعديلها إال دليل
على تهيئة مناخ المنافسة وفق ما تتطلبه شروط اإلنضمام إلى المنظمة العالمية
للتجارة.
غير أن واقع الحال يكشف سيطرة الدول الصناعية الكبرى على سياسة
المنافسة في منظمة التجارة العالمية ،ولعل أكبر دليل على ذلك هو اتفاقية جوانب
الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة TRIPSوالتي ال تستهدف تحرير األسواق ،وانما
لتأسيس احتكارات للصناعات ذات متطلبات تكنولوجية العالية كصناعة األدوية
وبذلك فهي تسيطر على أسواق الدواء في الدول النامية ،وذلك بفرض قيود صارمة
161
ISSN:2335-1462 eISSN: 2600-609X
9702 70 70
لمنع الدول النامية من تقليد أو التوصل إلى إنتاج السلعة في صورتها النهائية أو
تسرب المعرفة والتكنولوجيا التي تساعدها على ذلك ،ومن شأن ذلك استمرار تخلف
الدول النامية لعجزها عن مالحقة التطورات العملية والتكنولوجيا الحديثة وارتفاع تكلفة
البحث والتطوير وضآلة االستثمارات الموجهة في هذا المجال.
لذلك فإن مسؤولية تحقيق هدف المنافسة العادلة وتحرير التجارة الدولية
مسؤولية مشتركة بين المنظمة وأعضائها ،فمنظمة التجارة العالمية ملزمة
بالموضوعية والمساواة والتطبيق السليم لقواعدها القانونية الدولية في المجال التجاري
على جميع الدول دون تمييز ،أما الدول االعضاء فتلتزم بالشفافية وبتطبيق أحكام
اإلتفاقية ،األمر الذي يحقق الهدف األسمى الذي أنشأت ألجله منظمة التجارة
العالمية؛ أال وهو تحقيق المنافسة العادلة بين الدول لضمان تحرير التجارة الدولية.
نتائج الدراسة:
-ساهمت منظمة التجارة العالمية في تجسيد العولمة اإلقتصادية ،وذلك بأن جعلت
األسواق العالمية مرتبطة ببعضها البعض.
-رغم أن مبادئ المنظمة تهدف إلى المساواة بين الدول االعضاء ،إال أن التفوق
التكنولوجي للدول الكبرى ساهم بشكل كبير في سيطرتها على اإلقتصاد العالمي.
مقترحات الدراسة:
-لضمان المنافسة العادلة بين الدول يتوجب ضمان تحرير التجارة الخارجية،
وكذلك أن تلتزم الدول بالشفافية وتطبيق أحكام االتفاقية.
-إن مسؤولية تحقيق هدف المنافسة العادلة وتحرير التجارة الدولية مسؤولية
مشتركة بين المنظمة وأعضائها ،وذلك من خالل الحد من الممارسات المقيدة
للمنافسة التي تمارسها الشركات متعددة الجنسيات والتي لها مخاطر وآثار سيئة
على التجارة الدولية.
162
املنظمة العاملية للتجارة ودورها يف تنظيم املنافسة ....د .ســالمــــــي مــيلــود +د .بــوســتـة جــمال
قائمة المراجع:
ثانيا :الكتب.
-خزار محمد وعايش كمال ،المنظمة العالمية للتجارة ومتطلبات دخول الجزائر،
مجلة األحياء العدد السابع ،الجزائر . 9113
-وسام نعمت ابراهيم السعدي ،اآلفاق المستقبلية لمنظمة التجارة العالمية ،دار
الفكر الجامعي ،اإلسكندرية الطبعة األولى.9105 ،
-محمد صافي يوسف ،النظام القانوني لشرط الدولة األولى بالرعاية في إطار
اتفاقيات منظمة التجارة العالمية ،دار النهضة العربية ،القاهرة.9113 ،
-ابراهيم أحمد خليفة ،النظام القانوني للمنظمة العالمية للتجارة ،دار الجامعة
الجديدة ،االسكندرية.9111 ،
-سهيل حسين الفتالوي ،منظمة التجارة العالمية ،دار الثقافة ،عمان ،األردن،
.9112
163
ISSN:2335-1462 eISSN: 2600-609X
9702 70 70
-عدنان باقي لطيف ،التنظيم القانوني للمنافسة ومنع الممارسات االحتكارية ،دار
الكتب القانونية ،مصر.9109 ،
-أمل محمد شلبي ،الحد من آليات اإلحتكار :منع اإلغراق واإلحتكار من الوجهة
القانونية ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،االسكندرية.9113 ،
-زينب محمد عبد السالم ،الشركات متعددة الجنسيات ومعايير السادة للدول،
المركز القانوني لإلصدارات القانونية ،القاهرة ،الطبعة األولى.9105 ،
-جابر فهمي عمران ،المنافسة في منظمة التجارة العالمية ،دار الجامعة الجديدة،
اإلسكندرية.9100 ،
-عاطف السيد ،الجات والعالم الثالث ،مجموعة النيل العربية ،اإلسكندرية ،الطبعة
األولى.9113 ،
-ياسين كيمو ،تعثر مفاوضات التجارة العالمية وانعكاساتها على تطور المبادالت
التجارية الدولية في القطاع الزراعي ،أطروحة دكتوراه ،كلية العلوم االقتصادية
والتجارية والتسير ،جامعة بسكرة ،السنة الجامعية.9103-9102 ،
164
املنظمة العاملية للتجارة ودورها يف تنظيم املنافسة ....د .ســالمــــــي مــيلــود +د .بــوســتـة جــمال
-براهمي جمال ،شرط الدولة األولى بالرعاية في العالقات التجارية الدولية ،رسالة
ماجستير ،كلية الحقوق ،جامعة تيزي وزو ،السنة الجامعي.9100-9101 ،
-عايشي كمال ،المنظمة العالمية للتجارة ومتطلبات دخول الجزائر ،مجلة االحياء،
العدد السابع.
-ناصر دادي عدون ،انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة ،األهداف
والعراقيل ،مجلة الباحث العدد ،13سنة .9115
-محمد حسن هالل ،نتائج المؤتمر الوزاري األول :سنغافورة ،0223متاح عبر
الموقع االلكتروني التالي www.wtoarab.org :تم اإلطالع يوم :الخميس 02
ديسمبر ،9109الساعة.01: 11 :
165