Professional Documents
Culture Documents
كتاب الشيخ السعدي
كتاب الشيخ السعدي
تأليف الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر السعدي
الحديث األول
يقول" :إنما األعمال بالنيات .وإنما لكل امرئ ما نوى عن عمر بن الخطاب رضي هللا عنه قال :سمعت رسول هللا
فمن كانت هجرته إلى هللا ورسوله فهجرته إلى هللا ورسوله .ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها .فهجرته إلى ما هاجر
متفق عليه. إليه"
النية :فهي القصد للعمل تقرباً إلى هللا ،وطلباً لمرضاته والتلفظ بها بدعه وتكون محلها القلب.
أقسام النيه
-2نيه مستحبه -1نيه مفروضه (الواجبه)
لتحصيل األجر والثواب ،يغفل عنها بعض الناس ،وهي استحضار
وال تصح العباده اال بها كالصالة الصيام والوضوء والحج
النية في المباحات ،كأن يأكل ويشرب وينام بنية التقوي على الطاعة
قيس. سبب ورود الحديث :أن رجالً هاجر من مكة إلى المدينة ليتزوج امرأة يقال لها :أم قيس ،ال يريد بذلك فضيلة الهجرة فكان يقال له :مهاجر أم
الحديث الثاني (حفظ)*
عن عائشة رضي هللا عنها قالت :قال رسول هللا
:
"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه – وفي رواية :من عمل عمالً ليس عليه أمرنا – فهو رد" متفق عليه.
هذان الحديثان العظيمان يدخل فيهما الدين كله ،أصوله وفروعه ،ظاهره وباطنه .فحديث عمر ميزان لألعمال الباطنة ،وحديث عائشة ميزان األعمال الظاهرة.
ففيهما اإلخالص للمعبود ،والمتابعة للرسو ووول اللذان هما لو وورل لكل قول وعمل ،ظاهر وباطن .فمن أخلص أعماله هلل متبعاً في ذلك رسو ووول هللا فهذا الذي عمله مقبول .ومن فقد األمرين أو أحدهما
َح َسو و ُن ِد ًينا َِم َّم ْن أَ ْسو وَل َهلل َو ْج َه ُه هلل َو ُه َو ُم ْح ِسو ون} 2اآلية َ{بَلى َم ْن أَ ْسو وَل َهلل
{و َم ْن أ ْ
ٍ ِ ِ
{وَقد ْم َنا ِإَلى َما َعملُوا م ْن َع َمل َف َج َعْل َناهُ َهَباء َّمنثُ ً
ورا} والجامع للوصو ووفين داخل في قوله تعالىَ :
1 فعمله مردود ،داخل في قول هللا تعالىِ :
َ
ِ ِِ
ون} .َج ُرهُ ِع َند َرَبِه َوالَ َخ ْوف َعَل ْي ِه ْهلل َوالَ ُه ْهلل َي ْح َزُن َ ِ
َو ْج َه ُه َلِل َو ُه َو ُم ْحسن َفَل ُه أ ْ
3
أما النية :فهي القصد للعمل تقرباً إلى هللا ،وطلباً لمرضاته وثوابه .فيدخل في هذا :نية العمل ،ونية المعمول له.
أما نية العمل :فال تصو ووط الطهارة بأنواعها ،وال الصو ووالة والزكاة والصو وووع والحا وجميع الصبادات إال بقصو وودها ونيتها ،فينوي تلك الصبادة المعينة .وإذا كانت الصبادة تحتوي على أجناس وأنواع ،كالصو ووالة،
فال بد مع نية الصالة أن ينوي ذلك المعين .وهكذا بقية الصبادات. منها الفرض ،والنفل المعين ،والنفل المطلق .فالمطلق منه يكفي فيه أن ينوي الصالة .وأما المعين من فرض أو نفل معين – كوتر أو راتبة –
وال بد أيض واً أن يميز العادة عن الصبادة .فمثالً االاتس ووال يقع نظافة أو تبرداً ،ويقع عن الحدث األعبر ،وعن اس وول الميت ،وللجمعة ونحوها ،فال بد أن ينوي فيه رفع الحدث أو ذلك الغس وول المس ووتحب.
وكذلك يخرج اإلنسان الدراههلل مثالً للزكاة ،أو للكفارة ،أو للنذر ،أو للصدقة المستحبة ،أو هدية .فالعبرة في ذلك كله على النية.
ومن هذا :حيل المعامالت إذا عامل معاملة ظاهرها وصو ووورتها الصو ووحة ،ولكنه يقصو وود بها التوسو وول إلى معاملة ربوية ،أو يقصو وود بها إسو ووقال واجب ،أو توس و والً إلى محرع .فين العبرة بنيته وقصو وودهن ال
بظاهر لفظه؛ فينما األعمال بالنيات .وذلك بأن يضهلل إلى أحد المعوضين ما ليس بمقصود ،أو يضهلل إلى العقد عقداً اير مقصود .قاله ليخ اإلسالع.
وكذلك لرل هللا في الرجعة وفي الوصية :أال يقصد العبد فيهما المضارة.
ويدخل في ذلك جميع الوسائل التي يتوسل بها إلى مقاصدها؛ فين الوسائل لها أحكاع المقاصد ،صالحة أو فاسدة .وهللا يعلهلل المصلط من المفسد.
1
سورة الفرقان – آية .23
2
سورة النساء – آية .125
3
سورة البقرة – آية .112
ص}.5 ِ ِِ ِ ِ ُمروا ِإال لِيعبدوا َّ ِ ِ
ِ
ين اْل َخال ُ
الد ُ
ين} وقال{ :أَال َّلِل َ
الد َ
ين َل ُه َ
َّللاَ ُم ْخلص َ {و َما أ ُ
وأما نية المعمول له :فهو اإلخالص هلل في كل ما يأتي العبد وما يذر ،وفي كل ما يقول ويفعل .قال تعالىَ :
4
َ ْ ُُ
وذلك أن على العبد أن ينوي نية كلية لو وواملة ألموره كلها ،مقصو وووداً بها وجه هللا ،والتقرب إليه ،وطلب ثوابه ،واحتسو وواب أجره ،والخوف من عقابه .ثهلل يسو ووتصو ووحب هذه النية في كل فرد من أفراد أعماله
وأقواله ،وجميع أحواله ،حريص واً فيه على تحقيق اإلخالص وتكميله ،ودفع كل ما يضوواده :من الرياء والسوومعة ،وقصوود المحمدة عند الخلق ،ورجاء تعظيمههلل ،بل إن حصوول لوويء من ذلك فال يجعله العبد قصووده،
وااية مراده ،بل يكون القص وود األص وويل منه :وجه هللا ،وطلب ثوابه من اير التفات للخلق ،وال رجاء لنفعههلل أو مدحههلل .فين حص وول ل وويء نهلل ذلك من دون قص وود من العبد لهلل يض وره ل ووي اً ،بل قد يكون من عاجل
بشرى المؤمن.
" :إنما األعمال بالنيات" أي :إنها ال تحصو و وول وال تكون إال بالنية ،وأن مدارها على النية .ثهلل قال" :وإنما لكل امرئ ما نوى" أي :إنها تكون بحسو و ووب نية العبد صو و ووحتها أو فسو و ووادها ،كمالها أو فقوله
فله من الثواب والجزاء الجزاء الكامل األوفى .ومن نقصوت نيته وقصوده نقص ثوابه .ومن توجهت نيته إلى اير هذا المقصود نقصوانها ،فمن نوى فعل الخير وقصود به المقاصود العليا – وهي ما يقرب إلى هللا –
مثاالً ليقاس عليه جميع األمور ،فقال" :فمن كانت هجرته إلى هللا ورسوووله فهجرته إلى هللا ورسوووله" أي :حصوول له الجليل فاته الخير ،وحصوول على ما نوى من المقاصوود الدني ة الناقصووة .ولهذا ضوورب النبي
موا نوى ،ووقع أجره على هللا "ومن كوانوت هجرتوه لودنيوا يصو و و و و و وويبهوا أو امرأة ينكحهوا فهجرتوه إلى موا هواجر إليوه" خص فيوه المرأة التي يتزوجهوا بعود موا عهلل جميع األمور الودنيويوة لبيوان أن جميع ذلوك اوايوات دني وة،
"أي ذلك في سوبيل هللاف" فقال" :من قاتل لتكون كلمة هللا هي العليا فهو في سوبيل هللا" وقال تعالى ومقاصود اير نافعة ،وكذلك حين سو ل عن الرجل يقاتل لوجاعة ،أو حمية ،أو ُلي َرى مقامه في صوا القتال ذ
الِلِ َوالَ ِباْلَي ْو ِع اآل ِخ ِر} 7وهكذا جميع
ون ِب َ
اس َوالَ ُي ْؤ ِمُن َ
الن ِ ين ُي ِنفُق َ
ون أ َْم َواَل ُه ْهلل ِرَئو و و و و و و وواء َّ ات َّللاِ وتَ ْثِبيتًا ِمن أَنُف ِسو ِههلل َكمَث ِل جَّن ٍة ِبربوٍة} 6وقالِ َّ :
{والذ ََ ْ َ َ َ َْ َْ َ َ
ون أَمواَلههلل ابِت َغاء مرضو ِ
َْ َ
ِ
ين ُينفُق َ ْ َ ُ ُ ْ
َّ ِ
{و َمَث ُل الذ َ
في اختالف النفقة بحسوب النيات َ
األعمال..
يلتحق صو وواحبها واألعمال إنما تتفاضو وول ويعظهلل ثوابها بحسو ووب ما يقوع بقلب العامل من اإليمان واإلخالص ،حتى إن صو وواحب النية الصو ووادقة – وخصو وووص و واً إذا اقترن بها ما يقدر عليه من العمل –
َّللاِ}
َج ُرهُ َعلى َ
8 ِ بالعامل .قال تعالى{ :ومن يخرج ِمن بيِت ِه مها ِج ار ِإَلى ِ
َّللا َوَرُسولِه ثُ َّهلل ُي ْد ِرْك ُه اْل َم ْو ُت َفَق ْد َوَق َع أ ْ
َ َْ ُ َ ً َ َ َ ُْ ْ
وفي الصوحيط مرفوعاً "إذا مرض العبد أو سوافر كتب له ما كان يعمل صوحيحاً مقيماً"" ،إن بالمدينة أقواماً ما ِسو ْرتُهلل مسوي اًر ،وال قطعتهلل وادياً إلى كانوا معكهلل – أي :في نياتههلل وقلوبههلل وثوابههلل – حبسوههلل
يرالعذر" وإذا ههلل العبد بالخير ثهلل لهلل يقدر له العمل كتبت ِه َّمته ونيته له حس و وونة كاملة .واإلحس و ووان إلى الخلق بالمال والقول والفعل خير وأجر وثواب عند هللا .ولكنه يعظهلل ثوابه بالنية .قال تعالى{ :الَّ َخ ْي َر ِفي َكِث ٍ
ِ ِ ات ِ اس} 9أي :فينه خير ،ثهلل قال{ :ومن يْفعل َذِلك ابتَ َغاء مرض و ِ ٍ ٍ اههلل ِإالَّ م ْن أ ِ ِ
يما} 10فرتب األجر العظيهلل على فعل ذلك ابتغاء مرضوواته. ف ُن ْؤِتيه أ ْ
َج ًار َعظ ً َّللا َف َس و ْو َ
َ َْ َ ََ َ َْ َ ْ الن ِ
ص والَ ٍ َب ْي َن َّ ِ
ص و َد َقة أ َْو َم ْع ُروف أ َْو إ ْ
َم َر ب َ
َ َ َمن َّن ْج َو ُ ْ
أداءها َّأداها هللا عنه .ومن أخذها يريد إتالفها أتلفه هللا" فانظر كيف جعل النية الصالحة سبباً قوياً للرزق وأداء هللا عنه ،وجعل النية السي ة سبباً للتلا واإلتالف. وفي البخاري مرفوعاً "من أخذ أموال الناس يريد َ
4
سورة البينة – آية .5
5
سورة الزمر – آية .3
6
سورة البقرة – آية .265
7
سورة النساء – آية .38
8
سورة النساء – آية .100
9
سورة النساء – آية .114
10
سورة النساء – آية .114
وكذلك تجري النية في المباحات واألمور الدنيوية .فين من قصود بكسوبه وأعماله الدنيوية والعادية االسوتعانة بذلك على القياع بحق هللا وييامه بالواجبات والمسوتحبات ،واسوتصوحب هذه النية الصوالحة في
أعله ولوربه ونومه وراحاته ومكاسوبه :انقلبت عاداته ابادات ،وبارهللا هللا للعبد في أعماله ،وفتط له من أبواب الخير والرزق أمو اًر ال يحتسوبها وال تخطر له على بال .ومن فاتته هذه النية الصوالحة لجهله أو تهاونه
فال يلومن إال نفسه .وفي الصحيط عنه أنه قال "إنك لن تعمل عمالً تبتغي به وجه هللا إال أجرت عليه ،حتى ما تجعله في في امرِأتك".
َ
فعلهلل بهذا :أن هذا الحديث جامع ألمور الخير كلها .فحقيق بالمؤمن الذي يريد نجاة نفسه ونفعها أن يفههلل معنى هذا الحديث ،وأن يكون العمل به نصيب عينيه في جميع أحواله وأوقاته.
أو من عمل عمالً ليس عليه أمرنا فهو رد" فيدل بالمنطوق وبالمفهوع. وأما حديث عائشة :فين قوله " : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد –
أما منطوقه :فينه يدل على أن كل بدعة أحدثت في الدين ليس لها أصو و و و وول في الكتاب وال في السو و و و وونة ،سو و و و وواء كانت من البدع القولية الكالمية ،كالتجههلل والرفض واالعتزال وايرها ،أو نهلل البدع العملية
عالتعبد هلل بصبادات لهلل يشورعها هللا وال رسووله .فين ذلك كله مردود على أصوحابه .وأهله مذمومون بحسوب بدعههلل ُ
وبعدها عن الدين .فمن أخبر بغير ما أخبر هللا به ورسووله ،أو تعبد بشويء لهلل يأذن لهلل يأذن هللا به
ورسوله ولهلل يشرعه :فهو مبتدع .ومن حرَّع المباحات ،أو تعبد بغير الشرايات :فهو مبتدع.
وهو التعبد هلل بالعقائد الصحيحة ،واألعمال الصالحة :من واجب ومستحب :فعمله مقبول ،وسصيه مشكور. وأما مفهوع هذا الحديث :فين من عمل عمالً ،عليه أمر هللا ورسوله –
ويستدل بهذا الحديث على أن كل ابادة فعلت على وجه منهي عنه فينها فاسدة؛ ألنه ليس عليها أمر الشارع ،وأن النهي يقتضي الفساد .وكل معاملة نهى الشارع عنها فينها الغية ال يعتد بها.
الحديث الثالث*
" :الدين النصيحة ،الدين النصيحة ،الدين النصيحة .قالوا :لمن يا رسول هللاف عن تميهلل الداري رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
رواه مسلهلل. قال :هلل ،ولكتابه ،ولرسوله ،وألئمة المسلمين وعامتههلل"
منحصر في النصيحة. عرر النبي هذه الكلمة اهتماماً للمقاع ،وإرلاداً لألمة أن يعلموا حق العلهلل أن الدين كله – ظاهره وباطنه –
ومعنى الدين النصيحه( :وهي أن الدين له حقوق وواجبات يجب أن تؤدى)
فالنصويحة هلل :االعتراف بوحدانية هللا .وتفرده بصوفات الكمال على وجه ال يشواركه فيها مشوارهللا بوجه من الوجوه ،والقياع بعبوديته ظاه اًر وباطناً ،واإلنابة إليه كل وقت بالعبودية ،والطلب رغبة ورهبة مع
التوبة واالستغفار الدائهلل؛ ألن العبد ال بد له من التقصير من ليء نهلل واجبات هللا ،أو التجرؤ على بعض المحرمات .وبالتوبة المالزمة واالستغفار الدائهلل ينجبر نقصه ،ويتهلل عمله وقوله.
وأما النصيحة لكتاب هللا :فبحفظه وتدبره ،وتعلهلل ألفاظه ومعانيه واالجتهاد في العمل به في نفسه وفي ايره.
وأما النصيحة للرسول :فهي اإليمان به ومحبته ،وتقديمه فيها على النفس والمال والولد ،واتبا عه في أصول الدين وفروعه ،وتقديهلل قوله على قول كل أحد ،واالجتهاد في االهتداء بهديه ،والنصر لدينه.
وههلل والتها ،من اإلماع األعظهلل إلى األمراء والقضوواة إلى جميع من لههلل والية عامة أو خاصووة :-فباعتقاد واليتههلل ،والسوومع والطاعة لههلل ،وحث الناس على ذلك ،وبذل وأما النصوويحة ألئمة المسوولمين –
ما يستطيعه من إرلادههلل ،وتنبيهههلل إلى كل ما ينفعههلل وينفع الناس ،وإلى القياع بواجبههلل.
-1السمع والطاعة لههلل
-2نصحههلل اذا كانوا على خطأ
وأما النصيحة لعامة المسلمين :فبأن يحب لههلل ما يحب لنفسه ويكره لههلل ما يكره لنفسه ،ويسعى في ذلك بحسب اإلمكان ،فين من أحب لي اً سعى له ،واجتهد في تحقيقه وتكميله.
فسور النصويحة بهذه األمور الخمسوة التي تشومل القياع بحقوق هللا ،وحقوق كتابه ،وحقوق رسووله ،وحقوق جميع المسولمين على اختالف أحوالههلل وطبقاتههلل .فشومل ذلك الدين كله ،ولهلل يبق منه فالنبي
ليء إال دخل في هذا الكالع الجامع المحيط .وهللا أعلهلل.
الحديث الرابع
ِ
عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال "أتى أعرابي النبي ، فقالُ :دَّلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة .قال :تعبد هللا وال تشرهللا به لي اً ،وتقيهلل الصالة المكتوبة ،وتُ َ
ؤدي
ص منه .فلما َوَّلى ،قال النبي : الزكاة المفروضة ،وتصوع رمضان .قال :والذي نفسي بيده ،ال أزيد على هذا لي اً وال ْأنُق ُ
م ْن س َّره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا" متفق عليه.
َ َ
دل عليه الحديث .ومدلولها كلها متفق أو متقارب على أن من أدى ما فرض هللا عليه بحسب الفروض المشتركة والفروض المختصة باألسباب التي قد وردت أحاديث كثيرة في هذا األصل الكبير الذي َ
من وجدت فيه وجبت عليه .فمن أدى الفرائض واجتنب المحرمات اسوتحق دخول الجنة ،والنجاة من النار .ومن اتصوا بهذا الوصوا فقد اسوتحق اسوهلل اإلسوالع واإليمان ،وصوار من المتقين المفلحين ،وممن سولك
الصرال المستقيهلل.
معاني الكلمات:
دَلني /أرلدني
وَلى /ذهب
سره /أحبه أو أعجبه
َ
-1هذا الحديث فيه بشاره لمن َأدى الواجبات بدخول الجنه.
-2أقسهلل بالِل الذي روجه بيده على أال يزيد على الفرائض بشي من النوافل وال يترهللا لي من الواجبات.
الحديث الخامس*
رواه مسلهلل. عن سفيان بن عبد هللا الثَّقفي قال :قلت "يا رسول هللا ،قل لي في اإلسالع قوالً ال أسأل عنه أحداً بعدهللا .قال :قل :آمنت بالِل ،ثهلل استقهلل"
11
سورة فصلت – آية .30
12
األعضاء.
الحديث السادس*
متفق عليه. عن عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما قال :قال رسول هللا ": المسلهلل من سلهلل المسلمون من لسانه ويده ،والمهاجر من هجر ما نهى هللا عنه"
وزاد الترمذي والنسائي" :والمؤمن من ِ
أمَنه الناس على دمائههلل وأموالههلل"
وزاد البيهقي" :والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة هللا".
من هاجر /أي من ترهللا
دماء /االنفس
ذكر في هذا الحديث كمال هذه األسو ووماء الجليلة ،التي رتب هللا ورسو وووله عليها سو ووعادة الدنيا واآلخرة .وهي اإلسو ووالع واإليمان ،والهجرة والجهاد .وذكر حدودها بكالع جامع لو ووامل ،وأن المسو وولهلل من سو وولهلل
المسلمون من لسانه ويده.
وذلك أن اإلسووالع الحقيقي :هو االسووتالع هلل ،وتكميل عبوديته والقياع بحقوقه ،وحقوق المسوولمين .وال يتهلل اإلسووالع حتى يحب للمسوولمين ما يحب لنفسووه .وال يتحقق ذلك إال بسووالمتههلل من لوور لسووانه ولوور
يده .فين هذا أص و وول هذا الفرض الذي عليه للمس و وولمين .فمن لهلل يس و وولهلل المس و وولمون من لس و ووانه أو يده كيف يكون قائماً بالفرض الذي عليه إلخوانه المس و وولمينف فس و ووالمتههلل من ل و وره القولي والفعلي عنوان على كمال
إسالمه.
وفس و و وور المؤمن بأنه الذي يأمنه الناس على دمائههلل وأموالههلل؛ فين اإليمان إذا دار في القلب وامتأل به ،أوجب لص و و وواحبه القياع بحقوق اإليمان التي من أهمها :رعاية األمانات ،والص و و وودق في المعامالت،
والورع عن ظلهلل الناس في دمائههلل وأموالههلل .ومن كان كذلك عرف الناس هذا منه ،وأمنوه على دمائههلل وأموالههلل .ووثقوا به ،لما يعلمون منه من مراعاة األمانات ،فين رعاية األمانة من أخص واجبات اإليمان ،كما
" :ال إيمان لمن ال أمانة له". قال
الهجرة التي هي فرض عين على كل مسلهلل بأنها هجرة الذنوب والمعاصي .وهذا الفرض ال يسقط عن كل مكلا في كل حال من أحواله؛ فين هللا حرع على اباده انتهاهللا المحرمات ،واإلقداع وفسر
على المعاصي .والهجرة الخاصة التي هي االنتقال من بلد الكفر أو البدع إلى بلد اإلسالع ،والسنة جزء من هذه الهجرة ،وليست واجبة على كل أحد ،وإنما تجب بوجود أسبابها المعروفة.
وفسو وور المجاهد بأنه الذي جاهد نفسو ووه على طاعة هللا؛ فين النفس َميَّالة إلى الكسو وول عن الخيرات ،أمارة بالسو وووء ،س و وريعة التأثر عند المصو ووائب ،وتحتاج إلى صو ووبر وجهاد في إلزامها طاعة هللا ،وثباتها
عليها ،ومجاهدتها عن معاصي هللا ،وردعها عنها ،وجهادها على الصبر عند المصائب .وهذه هي الطاعات :امتثال المأمور ،واجتناب المحظور ،والصبر على المقدور.
فالمجاهد حقيقة :من جاهدها على هذه األمور؛ لتقوع بواجبها ووظيفتها.
ومن ألرف هذا النوع وأجَِله :مجاهدتُها على قتال األعداء ،ومجاهدتههلل بالقول والفعل؛ فين الجهاد في سبيل هللا ذروة سناع الدين.
دل عليه فقد قاع بالدين كله" :من سو و وولهلل المسو و وولمون من لسو و ووانه ويده ،وأمنه الناس على دمائههلل وأموالههلل ،وهجر ما نهى هللا عنه ،وجاهد نفسو و ووه على طاعة هللا" ،فينه لهلل يبق من
فهذا الحديث من قاع بما َ
الخير الديني والدنيوي الظاهري والباطني لي اً إال فعله ،وال من الشر لي اً إال فعله ،وال من الشر لي اً إال تركه .وهللا الموفق وحده.
الحديث السابع*
عن عبد هللا بن عمرو رضي هللا عنهما قال :قال رسول هللا " : أربع من ُك َّن فيه كان منافقاً خالصاً .ومن كانت فيه َخصلة منهن كانت فيه خصلة
من النفاق حتى يدعها :إذا ائتُ ِم َن خان ،وإذا َ
حدث كذب ،وإذا عاهد ادر ،وإذا خاصهلل فجر" متفق عليه.
َ
النفاق أس و وواس الش و وور .وهو أن يظهر الخير ،ويبطن الش و وور .هذا الح ذد يدخل فيه النفاق األعبر االعتقادي ،الذي يظهر ص و وواحبه اإلس و ووالع ويبطن الكفر .وهذا النوع ُمخرج من الدين بالكلية ،وص و وواحبه في
َّ
الد ْرهللا األسو ووفل من النار .وقد وصو ووا هللا هؤالء المنافقين بصو ووفات الشو وور كلها :من الكفر ،وعدع اإليمان ،واالسو ووتهزاء بالدين وأهله ،والسو وخرية منههلل ،والميل بالكلية إلى أعداء الدين؛ لمشو وواركتههلل لههلل في عداوة دين
اإلسالع .وههلل موجودون في كل زمان ،وال سيما في هذا الزمان الذي طغت فيه المادية واإللحاد واإلباحية.
فين دهليز الكفر ،ومن اجتمعت فيه هذه الخصووال األربع فقد اجتمع فيه والمقصووود هنا :القسووهلل الثاني من النفاق الذي ذكر في هذا الحديث فهذا النفاق العملي – وإن كان ال يخرج من الدين بالكلية –
الشوور ،وخلصووت فيه نعوت المنافقين ،فين الصوودق ،والقياع باألمانات ،والوفاء بالعهود ،والورع عن حقوق الخلق هي جماع الخير ،ومن أخص أوصوواف المؤمنين .فمن فقد واحدة منها فقد هدع فرض واً من فروض
اإلسالع واإليمان ،فكيف بجميعهاف
يش و وومل الحديث عما يخبر به من َّللاِ اْل َك ِذ َب}
13
ظَل ُهلل ِم َّم ِن ا ْفتََرى َعَلى َّ
فالكذب في الحديث يش و وومل الحديث عن هللا والحديث عن رسو و وول هللا الذي من كذب عليه معتمداً فليتبوأ مقعده من النار { َو َم ْن أَ ْ
الوقائع الكلية والجزئية .فمن كان هذا لو و ووأنه فقد لو و ووارهللا المنافقين في أخص صو و ووفاتههلل ،وهي الكذب الذي قال فيه النبي " : إياعهلل والكذب ،فين الكذب يهدي إلى الفجور ،وإن الفجور يهدي إلى النار .وال يزال
ويتحرى الكذب حتى يكتب عند هللا كذاباً" ومن كان إذا ائتمن على األموال والحقوق واألس و ورار خانها ،ولهلل يقهلل بأمانته ،فأين إيمانهف وأين حقيقة إسو ووالمهف وكذلك من ينكث العهود التي بينه وبين هللا،
َ الرجل يكذب
والعهود التي بينه وبين الخلق متصوا بصوفة خبيثة من صوفات المنافقين .وكذلك من ال يتورع عن أموال الخلق وحقوقههلل ،ويغتنهلل فرصوها ،ويخاصوهلل فيها بالباطل ليثبت باطالً ،أو يدفع حقاً .فهذه الصوفات ال تكاد
تجتمع في لخص ومعه من اإليمان ما يجزي أو يكفي ،فينها تنافي اإليمان ألد المنافاة.
واعلهلل أن من أصوول أهل السونة والجماعة :أنه قد يجتمع في العبد خصوال خير وخصوال لور ،وخصوال إيمان وخصوال كفر أو نفاق .ويسوتحق من الثواب والعقاب بحسوب ما قاع به من موجبات ذلك وقد
دل على هذا األصل نصوص كثيرة من الكتاب والسنة .فيجب العمل بكل النصوص ،وتصديقها كلها .وعلينا أن نتب أر من مذهب الخوارج الذين يدفعون ما جاءت به النصوص :من بقاء اإليمان وبقاء الدين ،ولو َ
فعل اإلنسوان من المعاصوي ما فعل ،إذا لهلل يفعل لوي اً من المنكرات التي تخرج صواحبها من اإليمان .فالخوارج يدفعون ذلك كله ،ويرون من فعل لوي اً من الكبائر ومن خصوال الكفر أو خصوال النفاق خارجاً من
الدين ،مخلداً في النار .وهذا مذهب باطل بالكتاب والسنة ،وإجماع سلا األمة.
13
سورة الصف – آية .7
الحديث الثامن*
" :يأتي الشيطان أحدكهلل فيقول :من خلق كذاف من خلق كذاف حتى يقول :من خلق هللاف فيذا عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
بلغه فليستعذ بالِلَ ،وْلَي ْنتَ ِه" .وفي لفظ "فليقل :آمنت بالِل ورسله" متفق عليه .وفي لفظ "ال يزال الناس يتساءلون حتى يقولون :من خلق هللاف".
احتوى هذا الحديث على أنه ال بد أن يلقي الش وويطان هذا اإليراد الباطل :إما وس وووس ووة محض ووة ،أو على لس ووان ل ووياطين اإلنس ومالحدتههلل .وقد وقع كما أخبر ،فين األمرين وقعا ،ال يزال الش وويطان يدفع
إلى قلوب من ليست لههلل بصيرة هذا السؤال الباطل ،وال يزال أهل اإللحاد يلقون هذه الشبهة التي هي أبطل الشبه ،ويتكلمون عن العلل وعن مواد العلهلل بكالع سخيف معروف.
وقد أرلد النبي
في هذا الحديث العظيهلل إلى دفع هذا السؤال بأمور ثالثة :باالنتهاء )التوقا عن التفكير والسؤال) ،والتعوذ من الشيطان ،وباإليمان.
أما االنتهاء – وهو األمر األول :-فين هللا تعالى جعل لألفكار والعقول حداً تنتهي إليه ،وال تتجاوزه .ويسووتحيل لو حاولت مجاوزته أن تسووتطيع ،ألنه محال ،ومحاولة المحال من الباطل والسووفه ،ومن
أمحل المحال التسوولسوول في المؤثرين والفاعلين .فين المخلوقات لها ابتداء ،ولها انتهاء .وقد تتسوولسوول في كثير من أمورها حتى تنتهي إلى هللا الذي أوجدها وأوجد ما فيها من الصووفات والمواد والعناصوور { َوأ َّ
َن إلى
فأوليته تعالى ال مبتدأ لها مهما فرض و و ووت األزمان واألحوال .وهو الذي أوجدالم ْنتَ َهى} فيذا وص و و وولت العقول إلى هللا تعالى وقفت وانتهت ،فينه األول الذي ليس قبله ل و و وويء ،واآلخر الذي ليس بعده ل و و وويءَ .
14
ِك َُرَب َ
األزمان واألحوال والعقول التي هي بعض قوى اإلنسان .فكيف يحاول العقل أن يتشبث في إيراد هذا السؤال الباطل .فالفرض عليه المحتهلل في هذه الحال :الوقوف ،واالنتهاء.
األمر الثاني :التعوذ بالِل من الش وويطان .فين هذا من وس ووا وس ووه وإلقائه في القلوب؛ ليش ووكك الناس في اإليمان بربههلل .فعلى العبد إذا وجد ذلك :أن يس ووتعيذ بالِل منه ،فمن تعوذ بالِل بص وودق وقوة أعاذه هللا
وطرد عنه الشيطان ،واضمحلت وساوسه الباطلة.
األمر الثالث :أن يدفعه بما يضاده من اإليمان بالِل ورسله ،فين هللا ورسله أخبروا ب أنه تعالى األول الذي ليس قبله ليء ،وأنه تعالى المتفرد بالوحدانية ،وبالخلق واإليجاد للموجودات السابقة والالحقة.
فهذا اإليمان الصحيط الصادق اليقيني يدفع جميع ما يضاده من الشبه المنافية له ،فين الحق يدفع الباطل .والشكوهللا ال تعارض اليقين.
تبطل هذه الشو و ووبه التي ال تزال على ألسو و وونة المالحدة ،يلقونها بصبارات متنوعة .فأمر باالنتهاء الذي يبطل التسو و وولسو و وول الباطل ،وبالتعوذ من الشو و وويطان الذي هو فهذه األمور الثالثة التي ذكرها النبي
الملقي لهذه الشوبهة ،وباإليمان الصوحيط الذي يدفع كل ما يضواده من الباطل .والحمد هلل فباالنتهاء :قطع ا لشور مبالورة .وباالسوتعاذة :قطع السوبب الداعي إلى الشور .وباإليمان اللجأ واالعتصواع باالعتقاد الصوحيط
اليقيني الذي يدفع كل معارض.
وهذه األمور الثالثة هي جماع األس و ووباب الدافعة لكل ل و ووبهة تعارض اإليمان .فينبغي العناية بها في كل ما عرض لبيمان من ل و ووبهة وال و ووتباه يدفعه العبد مبالو و ورة بالبراهين الدالة على إبطاله ،وبيثبات
ضوده وهو الحق الذي ليس بعده إال الضوالل ،وبالتعوذ بالِل من الشويطان الذي يدفع إلى القلوب فتن الشوبهات ،وفتن الشوهوات ،ليزلزل إيمانههلل ،ويوقعههلل بأنواع المعاصوي .فبالصوبر واليقين :ينال العبد السوالمة من
فتن الشهوات ،ومن فتن الشبهات .وهللا هو الموفق الحافظ.
14
سورة النجم – آية .42
الحديث التاسع
رواه مسلهلل. الك ْيس"
الع ْجز و َ
بقدر حتى َ
"عل ليء َ عن عبد هللا بن عمرو قال :قال رسول هللا
العجز /الضعا والكسل
الكيس /الذكاء والنشال
ليختبرههلل
هذا الحديث متضومن ألصول عظيهلل من أصوول اإليمان السوتة .وهو اإليمان بالقدر خيره ولوره ،حلوه ومره ،عامه وخاصوه ،سوابقه والحقه ،بأن يعترف العبد أن علهلل هللا محيط
َّللاَ َي ْعَلهلل ما ِفي ال َّس و وماء واأل َْر ِ
ض ِإ َّن َذلِ َك بكل ل و وويء ،وأنه علهلل أعمال الصباد خيرها ول و وورها ،وعلهلل جميع أمورههلل وأحوالههلل ،وكتب ذلك في اللو المحفو .كما قال تعالى {أََل ْهلل تَ ْعَل ْهلل أ َّ
َ َ َن َّ ُ َ
َّللاِ َي ِس وير} 15ثهلل إن هللا ينفذ هذه األقدار في أوقاتها بحسووب ما تقتضوويه حكمته ومشووي ته ،الشوواملتان لكل ما كان وما يكون ،الشوواملتان للخلق واألمر ،وأنه مع ِفي ِكتَ ٍ
اب ِإ َّن َذلِ َك َعَلى َّ
ذلك ،ومع خلقه للصباد وأفعالههلل وص و ووفاتههلل ،فقد أعطاههلل قدرة وإرادة تقع بها أفعالههلل بحس و ووب اختيارههلل ،لهلل يجبرههلل عليها .وهو الذي خلق قدرتههلل ومش و ووي تههلل .وخالق الس و ووبب التاع خالق
للمسبب .فأفعالههلل وأقوالههلل تقع بقدرتههلل ومشي تههلل اللتين خلقهما هللا فيههلل ،كما خلق بقية قواههلل الظاهرة والباطنة .ولكنه تعالى َي َّس َر كالً لما خلق له.
وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان ،وجعله من الرالدين ،فتمت عليه نعهلل هللا من كل وجه. فمن َو َّجه وجهه وقصده لربه :حبب إليه اإليمان وزينه في قلبهَ ،
ض و و و َّل واوى وليس له على ربه حجة ،فين هللا َّ
وجه وجهه لغير هللا ،بل تولى عدوه الشو و وويطان :لهلل ييس و و وره لهذه األمور ،بل َواله هللا ما تولى ،وخذله ،ووكله إلى نفسو و ووه ،ف َ ومن َ
ِ
ض والََل ُة ِإَّن ُه ُهلل اتَّ َخ ُذوا ال َّش و َياط َ
ين أعطاه جميع األسووباب التي يقدر بها على الهداية ،ولكنه اختار الضوواللة على الهدى ،فال يلومن إال نفسووه .قال تعالىَ{ :ف ِريًقا َه َدى َوَف ِريًقا َح َّق َعَل ْي ِه ُهلل ال َّ
ال ذم ْسو وتَ ِقي ٍهلل} 17وهذا القدر يأتي على جميع أحوال صو ور ٍ
ِ ات ِإَلى الذن ِ ِ ِ ِ أَولِياء ِمن دو ِن َّللاِ} 16وقال{ :يه ِدي ِب ِه َّللا م ِن اتَّبع ِرضو ووانه سو وبل ال َّسو والَ ِع وي ْخ ِرجههلل ِم ِن ذ
الظلُم ِ
ور ِبِي ْذنه َوَي ْهدي ِه ْهلل ِإَلى َ َ َُ ُُ َ َُ َ َ َ ْ َ َ ُ ُ ُ َ َْ َ ُ َْ
العبد وأفعاله وصو و ووفاته ،حتى العجز والكيس .وهما الوصو و ووفان المتضو و ووادان الذي ينال باألول منهما – وهو العجز :-الخيبة والخسو و وران ،وبالثاني – وهو الكيس :-الجد في طاعة
الرحمن .والمراد هنا :العجز الذي يالع عليه العبد ،وهو عدع اإلرادة ،وهو الكسل ،ال العجز الذي هو عدع القدرة .وهذا هو معنى الحديث اآلخر "اعلموا؛ فكل ُم َي َّسر لما ُخلِق له".
أما أهل السعادة :فييسرون لعلهلل السعادة ،وذلك بكيسههلل وتوفيقههلل ولطا هللا بههلل .والكيس والعاجز هما المذكوران في قوله " : الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت،
والعاجز من أتبع نفسه هواها ،وتمنى على هللا األماني".
15
سورة احلج – آية .70
16
سورة األعراف – آية .30
17
سورة املائدة – آية .16
الحديث العالر*
عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا " : من دعا إلى ُه َدى كان له من األجر مثل أجور من تبعه ،ال ينقص ذلك من أجورههلل لي اً.
ومن دعا إلى ضاللة كان عليه من اإلثهلل مثل آثاع من تبعه ،ال ينقص ذلك من آثامههلل لي اً" رواه مسلهلل.
حث
من دعى :من أرلد أو من نصط أو َ
والهدى :هو العلهلل النافع ،والعمل الصالط.
ضالله :المعصيه
فيه :الحث على الدعوة إلى الهدى والخير ،وفضو و و و و وول الداعي ،والتحذير من الدعاء إلى الضو و و و و وواللة والغي ،وعظهلل جرع الداعي هذا الحديث – وما ألو و و و و ووبهه من األحاديث –
َ
وعقوبته.
فكل من علهلل علماً لو َو َّجه المتعلمين إلى سلوهللا طريقة يحصل لههلل فيها علهلل :فهو داع إلى الهدى.
وكل من دعاء إلى عمل صالط يتعلق بحق هللا ،أو بحقوق الخلق العامة والخاصة :فهو داع إلى الهدى.
وكل من أبدى نصيحة دينية أو دنيوية يتوسل بها إلى الدين :فهو داع إلى الهدى.
وكل من اهتدى في علمه أو عمله ،فاقتدى به ايره :فهو داع إلى الهدى.
وكل من تقدع ايره بعمل خيري ،أو مشروع عاع النفع :فهو داخل في هذا النص.
وعكس ذلك كله :الداعي إلى الضاللة.
فالداعون إلى الهدى :ههلل أئمة المتقين ،وخيار المؤمنين.
والداعون إلى الضاللة :ههلل األئمة الذين يدعون إلى النار.
وكل من عاون ايره على البر والتقوى :فهو من الداعين إلى الهدى.
وكل من أعان ايره على اإلثهلل والعدوان :فهو من الداعين إلى الضاللة.
الحديث الحادي عشر "حفظ"*
متفق عليه. " :من يرد هللا به خي اًر يفقهه في الدين" عن معاوية رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
هذا الحديث من أعظهلل فضائل العلهلل ،وفيه :أن العلهلل النافع عالمة على سعادة العبد ،وأن هللا أراد به خي اًر.
والفقه في الدين يشوومل الفقه في أصووول اإليمان ،ولورائع اإلسووالع واألحكاع ،وحقائق اإلحسووان .فين الدين يشوومل الثالثة كلها ،كما في حديث جبريل لما
بحدودها .ففسر اإليمان بأصوله الستة .وفسر اإلسالع بقواعده الخمس .وفسر اإلحسان ب و "أن تعبد سأل النبي عن اإليمان واإلسالع واإلحسان ،وأجابه
هللا كأنك تراه ،فين لهلل تكن تراه فينه يراهللا" فيدخل في ذلك التفقه في العقائد ،ومعرفة مذهب السو و وولا فيها ،والتحقق به ظاه اًر وباطناً ،ومعرفة مذاهب المخالفين،
وبيان مخالفتها للكتاب والسنة.
ودخل في ذلك :علهلل الفقه ،أصوله وفروعه ،أحكاع الصبادات والمعامالت ،والجنايات وايرها.
ودخل في ذلك :التفقه بحقائق اإليمان ،ومعرفة السير والسلوهللا إلى هللا ،الموافقة لما دل عليه الكتاب والسنة.
وكذلك يدخل في هذا :ذ
تعلهلل جميع الوسائل المعينة على الفقه في الدين كعلوع العربية بأنواعها.
فمن أراد هللا به خي اًر فقهه في هذه األمور ،ووفقه لها.
ودل مفهوع الحديث على أن من أعرض عن هذه العلوع بالكلية فين هللا لهلل يرد به خي اًر ،لحرمانه األسباب التي تنال بها الخيرات ،وتكتسب بها السعادة.
َ
الحديث الثاني عشر*
ٍ
كل خير .احرص على ما عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا " : المؤمن القوي خير ،وأحب إلى هللا من المؤمن الضصيف ،وفي َ
ينفعك ،واستعن بالِل وال تَ ْع َجز .وإن أصابك ليء فال تَُقل :لو أني فعلت كذا ،كان كذا وكذا ،ولكن قلَّ :
قدر هللا ،وما لاء فعل ،فين َل ْو تفتط عمل الشيطان"
رواه مسلهلل.
المؤمن القوي /أشد عزيمة في األمر بالمعروف ،والنهي عن المنكر ،والصبر على األذى وأرغب في الصالة ،والصوم ،واألذكار ،وسائر العبادات ،وأنشط طلبًا لها،
ومحافظةً عليها.
وفي كل خير /ألن المؤمن وإن كان ضصيفاً في بدنه ،أو عاج اًز فينه ال يخلو من خير
احرص على ما ينفعك /أي( :تمسك أو االهتماع) على األسباب التي تنفعك في أمور الدين وأمور الدنيا.
استعن بالِل /توكل على هللا مع فعل األسباب
ال تعجز /ال تكسل أو تضعا أو تحزن
الذين اقتصروا على القياع بالواجبات وترهللا المحظورات .ثهلل الظالمون ألنفسههلل ،الذين خلطوا عمالً صالحاً وآخر َِ
سي اً.
وقوله " : احرص على ما ينفعك واستعن بالِل" كالع جامع نافع ،م ِح ٍ
تو على سعادة الدنيا واآلخرة. ُ
واألمور النافعة قس وومان :أمور دينية ،وأمور دنيوية .والعبد محتاج إلى الدنيوية كما أنه محتاج إلى الدينية .فمدار س ووعادته وتوفيقه على الحرص واالجتهاد في األمور النافعة
منهما ،مع االسووتعانة بالِل تعالى ،فمتى حرص العبد على األمور النافعة واجتهد فيها ،وسوولك أسووبابها وطرقها ،واسووتعان بربه في حصووولها وتكميلها :كان ذلك كماله ،وعنوان فالحه.
ومتى فاته واحد من هذه األمور الثالثة :فاته من الخير بحسو و ووبها ،فمن لهلل يكن حريص و و واً على األمور النافعة ،بل كان كسو و ووالناً لهلل يدرهللا لو و ووي اً .فالكسو و وول هو أصو و وول الخيبة والفشو و وول.
فالكسو و ووالن ال يدرهللا خي اًر ،وال ينال مكرمة ،وال يحظى بدين وال دنيا ،ومتى كان حريصو و واً ،ولكن على اير األمور النافعة :إما على أمور ضو و ووارة ،أو مفوتة للكمال كان ثمرة حرصو و ووه
الخيبة ،وفوات الخير ،وحصول الشر والضرر ،فكهلل من حريص على سلوهللا طرق وأحوال اير نافعة لهلل يستفد من حرصه إال التعب والعناء والشقاء.
ثهلل إذا سولك العبد الطرق النافعة ،وحرص عليها ،واجتهد فيها :لهلل تتهلل له إال بصودق اللجأ إلى هللا ،واالسوتعانة به على إدراعها وتكميلها وأال يتكل على نفسوه َ
وح ْوله وقوته ،بل
يكون اعتماده التاع بباطنه وظاهره على ربه .فبذلك تهون عليه المص و وواعب ،وتتيس و وور له األحوال محتاج – بل مض و ووطر ااية االض و ووطرار – إلى معرفة األمور التي ينبغي الحرص
عليها ،والجد في طلبها.
فاألمور النافعة في الدين ترجع إلى أمرين :علهلل نافع ،وعمل صالط.
من حديث وتفس و و و ووير وفقه ،وما يعين على ذلك من علوع العربية ،المثمر لس و و و ووعادة الدارين .وهو ما جاء به الرس و و و ووول أما العلهلل النافع :فهو العلهلل المزكي للقلوب واألروا
بحسوب حالة الوقت والموضوع الذي فيه اإلنسوان ،وتعيين ذلك يختلا باختالف األحوال .والحالة التقريبية :أن يجتهد طالب العلهلل في حفظ مختصور من مختصورات الفن الذي يشوتغل
فيه .فين تعذر أو تعس وور عليه حفظه لفظاً ،فليكرره كثي اًر ،متدب اًر لمعانيه ،حتى ترس ووخ معانيه في قلبه .ثهلل تكون باقي كتب هذا الفن كالتفس ووير والتوض وويط والتفريع لذلك األص وول الذي
عرفه وأدركه ،فين اإلنسان إذا حفظ األصول وصار له ملكة تامة في معرفتها هانت عليه كتب الفن كلها :صغارها وكبارها .ومن ضيع األصول حرع الوصول.
فمن حرص على هذا الذي ذكرناه ،واستعان بالِل :أعانه هللا ،وبارهللا في علمه ،وطريقه الذي سلكه.
18
سورة األحقاف – آية .19
ومن س و وولك في طلب العلهلل اير هذه الطريقة النافعة :فاتت عليه األوقات ،ولهلل يدرهللا إال العناء ،كما هو معروف بالتجربة .والواقع يش و ووهد به ،فين يس و وور هللا له معلماً يحس و وون
طريقة التعليهلل ،ومسالك التفهيهلل :تهلل له السبب الموصل إلى العلهلل.
وهو العمل الصووالط :-فهو الذي جمع اإلخالص هلل ،والمتابعة للرسووول ،وهو التقرب إلى هللا :باعتقاد ما يجب هلل من صووفات الكمال ،وما يسووتحقه وأما األمر الثاني –
على اباده من العبودية ،وتنزيهه عما ال يليق بجالله ،وتصو ووديقه وتصو ووديق رسو وووله في كل خبر أخب ار به عما مضو ووى ،وعما يسو ووتقبل عن الرسو وول ،والكتب والمالئكة ،وأحول اآلخرة،
والجنة والنار ،والثواب والعقاب واير ذلك ثهلل يسووعى في أداء ما فرضووه هللا على اباده :من حقوق هللا ،وحقوق خلقه ويكمل ذلك بالنوافل والتطوعات ،خصوووص واً المؤكدة في أوقاتها،
مسوتعيناً بالِل على فعلها ،وعلى تحقيقها وتكميلها ،وفعلها على وجه اإلخالص الذي ال يشووبه ارض من األاراض النفسوية .وكذلك يتقرب إلى هللا بترهللا المحرمات ،وخصووصواً التي
تدعو إليها النفوس ،وتميل إليها .فيتقرب إلى ربه بتركها هلل ،كما يتقرب إليه بفعل المأمورات ،فمتى وَفق العبد بسو و و و وولوهللا هذا الطريق في العمل ،واسو و و و ووتعان هللا على ذلك أفلط ونجط.
وكان كماله بحسب ما قاع به من هذه األمور ،ونقصه بحسب ما فاته منها.
وأما األمور النافعة في الدنيا :فالعبد ال بد له من طلب الرزق .فينبغي أن يس وولك أنفع األس ووباب الدنيوية الالئقة بحاله .وذلك يختلا باختالف الناس ،ويقص وود بكس ووبه وس ووصيه
القياع بواجب نفس ووه ،وواجب من يعوله ومن يقوع بمؤنته ،وينوي الكفاف واالس ووتغناء بطلبه عن الخلق .وكذلك ينوي بس ووصيه وكس ووبه تحص وويل ما تقوع به العبوديات المالية :من الزكاة
والصو و وودقة ،والنفقات الخيرية الخاصو و ووة والعامة مما يتوقا على المال ،ويقصو و وود المكاسو و ووب الطيبة ،متجنباً للمكاسو و ووب الخبيثة المحرمة .فمتى كان طلب العبد وسو و ووصيه في الدنيا لهذه
المقاصوود الجليلة ،وسوولك أنفع طريق يراه مناسووباً لحاله كانت حركاته وسووصيه قربة يتقرب إلى هللا بها .ومن تماع ذلك :أال يتكل العبد على حوله وقوته وذكائه ومعرفته ،وحذقه بمعرفة
األسوباب وإدارتها ،بل يسوتعين بربه متوكالً عليه ،راجياً منه أن ييسوره أليسور األمور وأنجحها ،وأقربها تحصويالً لمراده .ويسوأل ربه أن يبارهللا له في رزقه ،فأول بركة الرزق :أن يكون
مؤسو وسو واً على التقوى والنية الصو ووالحة .ومن بركة الرزق :أن يوفق العبد لوضو ووعه في مواضو ووعه الواجبة والمسو ووتحبة ،ومن بركة الرزق :أال ينسو ووى العبد الفضو وول في المعاملة ،كما قال
19
بالتيسير على الموسرين ،وإنظار المعسرين ،والمحاباة عند البيع والشراء ،بما تيسر من قليل أو كثير .فبذلك ينال العبد خي اًر كثي اًر. ض َل َب ْي َن ُك ْهلل}
نس ُوْا اْلَف ْ
{والَ تَ َ
تعالىَ :
فين قيل :أي المكاسب أولى وأفضلف
قيل :قد اختلا أهل العلهلل في ذلك .فمنههلل من فضوول الزراعة والحراثة .ومنههلل من فضوول البيع والش وراء .ومنههلل من فضوول القياع بالصووناعات والحرف ونحوها .وكل منههلل أدلى
قال" :احرص على ما ينفعك ،واس ووتعن بالِل" والنافع من ذلك معلوع أنه يختلا باختالف األحوال واألل ووخاص .فمنههلل من بحجته .ولكن هذا الحديث هو الفاص وول للنزاع ،وهو أنه
تكون الحراثة والزراعة أفضل في حقه ،ومنههلل من يكون البيع والشراء والقياع بالصناعة التي يحسنها أفضل في حقه .فاألفضل من ذلك وايره األنفع.
فصلوات هللا وسالمه على من أعطي جوامع الكلهلل ونوافعها.
19
سورة البقرة – آية .237
حض على الرضا بقضاء هللا وقدره ،بعد بذل الجهد ،واستفراغ الوسع في الحرص على النافع .فيذا أصاب العبد ما يكرهه فال ينسب ذلك إلى ترهللا بعض األسباب ثهلل إنه َ
التي يظن نفعها لو فعلها ،بل يسووكن إلى قضوواء هللا وقدره ليزداد إيمانه ،ويسووكن قلبه وتسووتريط نفسووه؛ فين " لو " في هذه الحال تفتط عمل الشوويطان بنقص إيمانه بالقدر ،واعت ارضووه
هي أعظهلل الطرق لراحة القلب ،وأدعى لحص و ووول القناعة والحياة الطيبة ،وهو الحرص على عليه ،وفتط أبواب الههلل والحزن والمض و ووعا للقلب .وهذه الحال التي أرل و وود إليها النبي
األمور النافعة ،واالجتهاد في تحصيلها ،واالستعانة بالِل عليها ،ولكر هللا على ما يسره منها ،والرضى عنه بما فات ،ولهلل يحصل منها.
واعلهلل أن اسو ووتعمال " لو " يختلا باختالف ما قصو وود بها .فين اسو ووتعملت في هذه الحال التي ال يمكن اسو ووتدراهللا الفائت فيها فينها تفتط على العبد عمل الشو وويطان ،كما تقدع.
وكذلك لو استعملت في تمني الشر والمعاصي فينها مذمومة ،وصاحبها آثهلل ،ولو لهلل يبالر المعصية .فينه تمنى حصولها.
يشمل استعماله واألمر به في األمور وهذا األصل الذي ذكره النبي - وهو األمر بالحرص على األمور النافعة ،ومن الزمه اجتناب األمور الضارة مع االستعانة بالِل –
الجزئية المختصو و ووة بالعبد ومتعلقاته ،ويشو و وومل األمور الكلية المتعلقة بعموع األمة .فعليههلل جميعاً أن يحرص و و ووا على األمور النافعة .وهي المصو و ووالط الكلية واالسو و ووتعداد ألعدائههلل بكل
مسو ووتطاع مما يناسو ووب الوقت ،من القوة المعنوية والمادية ،ويبذلوا ااية مقدورههلل في ذلك ،مسو ووتعينين بالِل على تحقيقه وتكميله ،ودفع جميع ما يضو وواد ذلك .ولو وور هذه الجملة يطول
وتفاصيلها معروفة.
دل عليهما الكتاب والسوونة في مواضووع كثيرة .وال يتهلل الدين إال
وقد جميع النبي في هذا الحديث بين اإليمان بالقضوواء والقدر ،والعمل باألسووباب النافعة ،وهذان األصووالن َ
بهموا .بول ال تتهلل األمور المقصو و و و و و ووودة كلهوا إال بهموا ،ألن قولوه "احرص على موا ينفعوك" أمر بكول سو و و و و و وبوب ديني ودنيوي ،بول أمر بوالجود واالجتهواد فيوه والحرص لصيوه ،نيوة وهموة ،فعالً
وتدبي اًر.
وقوله" :واس ووتعن بالِل" إيمان بالقض وواء والقدر ،وأمر بالتوكل على هللا الذي هو االعتماد التاع على حوله وقوته تعالى في جلب المص ووالط ودفع المض ووار ،مع الثقة التامة بالِل
يتعين عليه أن يتوكل على هللا في أمر دينه ودنياه ،وأن يقوع بكل سبب نافع بحسب قدرته وعلمه ومعرفته وهللا المستعان. ذلك .فالمتبع للرسول في نجا
الحديث الثالث عشر*حفظ
الحث منه على مراعاة هذا األصو و و و و وول .وأن يكونوا إخواناً متراحمين متحابين
َ هذا حديث عظيهلل ،فيه الخبر من النبي عن المؤمنين أنههلل على هذا الوصو و و و و ووا .ويتضو و و و و وومن
متعاطفين ،يحب كل منههلل لآلخر ما يحب لنفسووه ،ويسووعى في ذلك ،وأن عليههلل مراعاة المصووالط الكلية الجامعة لمصووالحههلل كلههلل ،وأن يكونوا على هذا الوصووا فين البنيان المجموع
من أس وواس ووات وحيطان محيطة كلية وحيطان تحيط بالمنازل المختص ووة ،وما تتض وومنه من س ووقوف وأبواب ومص ووالط ومنافع .كل نوع من ذلك ال يقوع بمفرده حتى ينض ووهلل بعض ووها إلى
يقوع ذلك ويقويه ،ويزيل موانعه وعوارضه. بعض .كذلك المسلمون يجب أن يكونوا كذلك .فيراعوا يياع دينههلل ولرائعه وما َِ
فالفروض العينية :يقوع بها كل مكلا ،ال يسو و ووع مكلفاً قاد اًر تركها أو اإلخالل بها .وفروض الكفايات :يجعل في كل فرض منها من يقوع به من المسو و وولمين ،بحيث تحصو و وول
ين َولِ ُين ِوذ ُروْا َق ْو َم ُه ْهلل} ،20وقوال ان اْل ُم ْؤ ِم ُنو َن لِ َي ِنف ُروْا َكوةَّفو ًة َفَل ْوالَ َنَف َر ِمن ُكو َِل ِف ْرَقو ٍة َِم ْن ُه ْهلل َ
طو ِةئَفوة َلِ َيتََفَّق ُهوْا ِفي ال َِود ِ بههلل الكفوايوة ،ويتهلل بههلل المقصو و و و و و ووود المطلوب .قوال تعوالى في الجهوادَ { :و َموا َكو َ
نك ِر} 21وأمر تعالى بالتعاون على البر والتقوى فالمسوولمون قصوودههلل ومطلوبههلل واحد ،وهو يياع مصووالط ُمة ي ْدعو َن ِإَلى اْلخي ِر ويأْمرو َن ِباْلمعر ِ
وف َوَي ْن َه ْو َن َع ِن اْل ُم َ تعالىَ { :وْلتَ ُكن َِم ُ
َ ُْ َ ْ َ َ ُُ نك ْهلل أ َّ َ ُ
دينههلل ودنياههلل التي ال يتهلل الدين إال بها .وكل طائفة تسووعى في تحقيق مهمتها بحسووب ما يناسووبها ويناسووب الوقت والحال .وال يتهلل لههلل ذلك إال بعقد المشوواورات والبحث عن المصووالط
الكلية .وبأي وسو و وويلة تدرهللا ،وكيفية الطرق إلى سو و وولوكها ،وإعانة كل طائفة لألخرى في رأيها وقولها وفعلها وفي دفع المعارضو و ووات والمعوقات عنها ،فمنههلل طائفة تتعلهلل .وطائفة تعلهلل،
ومنههلل طائفة تخرج إلى الجهاد بعد تعلمها لفنون الحرب .ومنههلل طائفة ترابط ،وتحافظ على الثغور ،22ومسوالك األعداء .ومنههلل طائفة تشوتغل بالصوناعات المخرجة لألسولحة المناسوبة
20
سورة التوبة – آية . 122
21
سورة آل عمران – آية . 104
22
حدود األعداء لتمنع هجومهم على بالد اإلسالم.
لكل زمان بحسووبه .ومنههلل طائفة تشووتغل بالحراثة والزراعة والتجارة والمكاسووب المتنوعة ،والسووعي في األسووباب االقتصووادية ،ومنههلل طائفة تشووتغل بدرس السووياسووة وأمور الحرب والسوولهلل،
وما ينبغي عمله مع األعداء مما يعود إلى مص وولحة اإلس ووالع والمس وولمين ،وترجيط أعلى المص ووالط على أدناها ،ودفع أعلى المض ووار بالنزول إلى أدناها ،والموازنة بين األمور ،معرفة
حقيقة المصالط والمضار ومراتبها.
وبالجملة ،يسعون كلههلل لتحقيق مصالط دينههلل ودنياههلل ،متساعدين متساندين ،يرون الغاية واحدة ،وإن تباينت الطرق ،والمقصود واحد ،وإن تعددت الوسائل إليه.
فما أنفع العمل بهذا الحديث العظيهلل الذين أرلود فيه هذا النبي الكريهلل أمته إلى أن يكونوا كالبنيان يشود بعضوه بعضواً ،وكالجسود الواحد إذا الوتكى منه عضوو تداعى له سوائر
الجسو و وود بالحمى والسو و ووهر .ولهذا حث الشو و ووارع على لك ما يقوي هذا األمر ،وما يوجب المحبة بين المؤمنين ،وما به يتهلل التعاون على المنافع ،ونهى عن التفرق والتعادي ،وتشو و ووتيت
الكلمة في نصوص كثيرة حتى عد هذا أصالً عظيماً من أصول الدين تجب مراعاته واعتباره وترجيحه على ايره والسعي إليه بكل ممكن.
فنسأل هللا تعالى أن يحقق للمسلمين هذا األصل ويؤلا بين قلوبههلل ،ويجعلههلل يداً واحدة على من ناوأههلل وعاداههلل ..إنه كريهلل.
الحديث الرابع عشر* حفظ
كان إذا أتاه سائل أو طالب حاجة ،قال" :الفعوا فلتؤجروا ،ويقضي هللا على لسان رسوله ما لاء" عن أبي موسى رضي هللا عنه "أن النبي
متفق عليه.
الشفاعه /هي التوسط في جلب منفعه او دفع ضر
وهذا الحديث متضمن ألصل كبير ،وفائدة عظيمة ،وهو أنه ينبغي للعبد أن يسعى في أمور الخير سواء أثمرت مقاصدها ونتائجها أو حصل بعضها ،أو لهلل يتهلل منها ليء.
فيفوت على نفسوه خي اًر كثي اًر
وذلك كالشوفاعة ألصوحاب الحاجات عند الملوهللا والكبراء ،ومن تعلقت حاجاتههلل بههلل فين كثي اًر من الناس يمتنع من السوعي فيها إذا لهلل يعلهلل قبول لوفاعتهَ .
من هللا ،ومعروفاً عند أخيه المسو وولهلل .فلهذا أمر النبي أصو ووحابه أن يسو وواعدوا أصو ووحاب الحاجة بالشو ووفاعة لههلل عنده ليتعجلوا األجر عند هللا ،لقوله" :الو ووفعوا تؤجروا" فين الشو ووفاعة
صو ويب َِم ْن َها} 23ومع تعجله لألجر الحاض وور فينه أيضو واً يتعجل اإلحس ووان وفعل المعروف مع أخيه، الحس وونة محبوبة هلل ،ومرض ووية له .قال تعالَّ { :من ي ْشو وَفع َلو وَفاع ًة حسو ون ًة ي ُكن َّله ن ِ
َُ َ ََ َ َ َ ْ
ويكون له بذلك عنده يد.
وأيض واً ،فلعل لووفاعته تكون سووبباً لتحصوويل مراده من المشووفوع له أو لبعضووه ،ما هو الواقع .فالسووعي في أمور الخير والمعروف التي يحتمل أن تحصوول أو ال تحصوول خير
عاجل ،وتعويد للنفوس على اإلعانة على الخير ،وتمهيد للقياع بالشفاعات التي يتحقق أو ُيظن قبولها.
وفيه من الفوائد :السو و ووعي في كل ما يزيل اليأس ،فين الطلب والسو و ووعي عنوان على الرجاء والطمع في حصو و ووول المراد ،وضو و ووده بضو و ووده ،وفي الحديث دليل على الترايب في
توجيه الناس إلى فعل الخير ،وأن الشووفاعة ال يجب على المشووفوع عنده قبولها إال أن يشووفع في إيصووال الحقوق الواجبة ،فين الحق الواجب يجب أداؤه وإيصوواله إلى مسووتحقه ،ولو لهلل
يشفع فيه .ويتأعد ذلك مع الشفاعة.
،فين جميع الخير والمنافع العامة والخاصة لهلل وفيه أيضاً :رحمة النبي في حصول الخير ألمته بكل طريق .وهذا فرد من آالف مؤلفة تدل على كمال رحمته ورأفته
تنلها األمة إلى على يده وبوسواطته وتعليمه وإرلواده ،كما أنه أرلودههلل لدفع الشورور واألضورار العامة والخاصوة بكل طريق .فلقد َّبل و َّأدى األمانة ،ونصوط األمة صولوات هللا وسوالمه
وبركته عليه وعلى آله وصحبه.
قوله" :ويقضو ووي هللا على لسو ووان نبيه ما لو وواء" قضو وواؤه تعالى نوعان :قضو وواء قدري ،يشو وومل الخير والشو وور والطاعات والمعاصو ووي ،بل يشو وومل جميع ما كان وما يكون ،وجميع
عبد رس ووول ،قدأخص منه القض وواء القدري الديني الذي يختص بما يحبه هللا ويرض وواه ،وهذا الذي يقض ووي على لس ووان نبيه من القس ووهلل الثاني؛ إذ هو
الحوادث الس ووابقة والالحقة .و َ
وفى مقاع العبودية ،وكمل مراتب الرس و و ووالة ،فكل أقواله وأفعاله وهديه وأخالقه عبودية هلل متعلقة بمحبوبات هللا تعالى .ولهلل يكن في حقه ل و و وويء مبا محض ال ثواب فيه وال أجرَّ
فضالً عما ليس بمأمور .وهذا لأن العبد الرسول الذي اختار هذه المرتبة التي هي أعلى المراتب حين خير بين أن يكون رسوالً ملكاً ،أو عبداً رسوالً.
23
سورة النساء – آية .85
الحديث الخامس عشر
رواه أبو داود. قال" :أنزلوا الناس منازلههلل" عن عائشة رضي هللا عنها :أن النبي
منازلههلل /أي مكانتههلل
الحق العاع /لجميع الناس بأن يحب لههلل ما يحب لنفسه ويكره لههلل ما يكره لنفسه
يا له من حديث حكيهلل .فيه الحث ألمته على مراعاة الحكمة .فين الحكمة وضو ووع األلو ووياء مواضو ووعها ،وتنزيلها منازلها .وهللا تعالى حكيهلل في خلقه وتقديره ،وحكيهلل في لو وورعه
وإرلاداته كلها تدور على الحكمة. وأمره ونهيه وقد أمر اباده بالحكمة ومراعاتها في كل ليء وأوامر النبي
فمنها :هذا الحديث الجامع ،إذ أمر أن ننزل الناس منازلههلل .وذلك في جميع المعامالت ،وجميع المخاطبات .والتعلهلل والتعليهلل.
فمن ذلك :أن الناس قسمان :قسهلل لههلل حق خاص ،كالوالدين واألوالد واألقارب ،والجيران واألصحاب والعلماء ،والمحسنين بحسب إحسانههلل العاع والخاص .فهذا القسهلل تنزيلههلل
منازلههلل :القياع بحقوقههلل المعروفة لرعاً وعرفاً ،من البر والصلة واإلحسان والتوقير والوفاء والمواساة ،وجميع ما لههلل من الحقوق ،فهؤالء يميزون عن ايرههلل بهذه الحقوق الخاصة.
وقسووهلل ليس لههلل مزية اختصوواص بحق خاص ،وإنما لههلل حق اإلسووالع وحق اإلنسووانية (الحق العاع) .فهؤالء حقههلل المشووترهللا :أن تمنع عنههلل األذى والضوورر بقول أو فعل ،وأن
تحب للمسلمين ما تحب لنفسك من الخير وتكره لههلل ما تكره لها من الشر .بل يجب منع األذى عن جميع نوع اإلنسان وإيصال ما تقدر عليه لههلل من اإلحسان.
ومما يدخل في هذا :أن يعالوور الخلق بحسووب منازلههلل .فالكبير له التوقير واالحتراع .والصووغير يعامله بالرحمة والرقة المناسووب لحاله ،والنظير يعامله بهلل يحب أن يعامله به.
ولألع حق خاص بها ،وللزوجة حق آخر ،ويعامل من ُيدل عليه ويثق به ،ويتوسووع معه ،ما ال يعامل به من ال يثق به وال يدل عليه .ويتكلهلل مع الملوهللا وأرباب الرئاسووة بالكالع اللين
ط َغىَ ،فُقوَال َل ُه َق ْوالً َّلَِي ًنا َّل َعَّل ُه َيتَ َذ َّع ُر أ َْو َي ْخ َشو و وى} 24ويعامل العلماء بالتوقير واإلجالل والتعلهلل ،والتواضو و ووع
المناسو و ووب لمراتبههلل .ولهذا قال تعالى لموسو و ووى وهارون{ :ا ْذ َه َبا ِإَلى ِف ْرَع ْو َن ِإَّن ُه َ
لههلل ،وإظهار االفتقار والحاجة إلى علمههلل النافع ،وكثرة الدعاء لههلل ،خصوصاً وقت تعليمههلل وفتواههلل الخاصة والعامة.
ومن ذلك :أمر الصو ووغار بالخير ،ونهيههلل عن الشو وور بالرفق والترايب ،وبذل ما يناسو ووب من الدنيا لتنشو وويطههلل وتوجيهههلل إلى الخير ،واجتناب العنا القولي والفعلي .ولهذا قال
ما يحصول به التأليف ،ويترتب عليه "ُ : مروا أوالدكهلل بالصوالة لسوبع سونين ،واضوربوههلل عليها لعشور" وكذلك سولك رسوول هللا مع المؤلفة قلوبههلل – من العطاء الدنيوي الكثير –
من المصالط .ولهلل يفعل ذلك مع من هو معروف باإليمان الصادق تنزيالً للناس منازلههلل.
وكذلك مخاطبة الزوجة واألوالد الصغار بالخطاب الالئق بههلل الذي فيه بسطههلل ،وإدخال السرور عليههلل.
24
سورة طه – اآليتان .44 ،43
وكوذلوك من تنزيول النواس منوازلههلل :أن تجعول الوظوائا الودينيوة والودنيويوة والممتزجوة منهموا لألعفواء المتميزين ،الوذين يفضو و و و و و وولون ايرههلل في واليوة تلوك الوظيفوة .فمعلوع أن واليوة
مشو و وواورة أهل الحل والعقد في تولية نهلل يصو و وولط لها ممن جميع بين القوة والشو و ووجاعة والحلهلل ،ومعرفة السو و ووياسو و ووة الداخلية الملك :أن الواجب فيها خصو و وووص و و واً – وفي ايرها عموماً –
والخارجية ،ومن له القوة الكافية لتنفيذ العدل ،وإيصال الحقوق إلى أهلها ،وردع الظلمة والمجرمين ،واير ذلك مما يدخل في الوالية.
وكذلك والية القضاء :يختار لها األعلهلل بالشرع وبالواقع ،األفضل ي دينه وعقله وصفاته الحميدة.
وكوذلوك واليوة ييوادة الجيوخ :يختوار لهوا أهول القوة وكوذلوك واليوة اإلمواموة في المسو و و و و و وواجود في الجمعوة والجمواعوة :يختوار لهوا األعلهلل بوأحكواع الصبوادات األتقى ،ثهلل األمثول فوالمثول –
والش و و و و و ووجاعة والرأي والنص و و و و و ووط ،والمعرفة لفنون الحرب وأدواتها ،وما يتبع ذلك مما تتوقا عليه هذه الوظيفة المهمة التي هي من أههلل الوظائا وأخطرها ،إلى اير ذلك من الواليات
َهلِ َهوا} 25وهوذه الواليوات من أعظهلل األموانوات .فيتعين أن تؤدى إلى أهلهوا ،وأن يوظا فيهوا أهل ِ
ْم ُرُع ْهلل أَن تُؤذدوْا األَ َموا َنوات ِإَلى أ ْ الكبوار والصو و و و و و وغوار .فوينهوا داخلوة في قولوه تعوالىِ{ :إ َّن َ
َّللاَ َيوأ ُ
الكفاءة بها .وكل وظيفة لها أعفاء مختصون .وهو داخل في هذا الحديث الشريف.
وكذلك يدخل في ذلك معاملة العصواة والمجرمين .فمن رتب الشوارع على جرمه عقوبة من َح ٍَد ونحوه تعين ما عينه الشوارع ،ألنه هو عين المصولحة العامة الشواملة .ومن لهلل
يعين له عقوبة ُع َِزر بحسب حاله ومقامه .فمنههلل من يكفيه التوبيخ والكالع المناسب لفعلته ،ومنههلل من ال يردعه إال العقوبة البليغة.
العْيلة بعد المغني. َّ
وكذلك في الصو و و و وودقة والهدية ،ليس عطية الطواف الذي يدور على الناس فتكفيه التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان كعطية الفقير المتعفا الذي أصو و و و ووابته َ
وفي األثر (ارحموا عزيز قوع ذل).
وكذلك يميز من له آثار وسوابق واناء ونفع للمسلمين على من ليس كذلك.
فهذه األمور وما ألبهها داخلة في هذا الكالع الجامع الذي تواطأ عليه الشرع والعقل .وما رآه المسلمون حسناً فهو عند هللا حسن.
25
سورة النساء – آية .58
الحديث السادس عشر
شاق ي َشا َّق هللا عليه " رواه الترمذي وابن ماجه.
ضار ضار هللا به ومن ي َّ
" :من َّ عن أبي ِ
ص ْرَم َة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
الضرر /األذى
المشَقه /التعسير أو أعلا المسلهلل فوق طاقته
دل على أصلين من أصول الشريعة:هذا الحديث َ
أحدهما :أن الجزاء من جنس العمل في الخير والشر .وهذا من حكمة هللا التي يحمد عليها .فكما أن من عمل ما يحبه هللا أحبه هللا .ومن عمل ما يبغضه أبغضه هللا ،ومن
فرج هللا عنه كربة من كرب يوع القيامة .وهللا في حاجة العبد ما كان العبد في حاجة
فرج عن مؤمن كرب من كرب الدنيا َ
يس و و وور على مس و و وولهلل يس و و وور هللا عليه في الدنيا واآلخرة .ومن َ
أخيه ،كذلك من ضار مسلماً ضره هللا ،ومن َم َكر به مكر هللا به ،ومن لق عليه لق هللا عليه ،إلى اير ذلك من األمثلة الداخلة في هذا األصل.
األصل الثاني :منع الضرر والمضارة ،وأنه "ال ضرر وال ضرار" .وهذا يشمل أنواع الضرر كله.
والضوورر يرجع إلى أحد أمرين :إما تفويت مصوولحة ،أو حصووول مض ورة بوجه من الوجوه .فالضوورر اير المسووتحق ال يحل إيصوواله وعمله مع الناس ،بل يجب على اإلنسووان
أن يمنع ضرره وأذاه عنههلل من جميع الوجوه.
فيدخل في ذلك :التدليس والغش في المعامالت وكتهلل العيوب فيها ،والمكر والخداع والنجش ،وتلقي الركبان وبيع المسوولهلل على بيع أخيه والشوراء على لورائه ،ومثله اإلجارات،
طبة الوظائا التي فيها أهل لها قائهلل بها .فكل هذا من المضارة المنهي عنها. طبة أخيهِ ،
وخ ْ طبة على ِخ ْ وجميع المعامالت ،و ِ
الخ ْ
ترحل عنه الخير ،وتوجه إليه الشر ،وذلك بما كسبت يداه.
ضاره هللا ،ومن ضاره هللا َ
ضار مسلماً َ
وكل معاملة من هذا النوع فين هللا ال يبارهللا فيها ،ألنه من َّ
ويدخل في ذلك :مضارة الشريك لشريكه ،والجار لجاره ،بقول أو فعل ،حتى إنه ال يحل له أن يحدث بملكه ما يضر بجاره ،فضالً عن مبالرة اإلضرار به.
ويدخل في ذلك :مضوارة الغريهلل لغريمه ،وسوصيه في المعامالت التي تضور بغريمه ،حتى إنه ال يحل له أن يتصودق ويترهللا ما وجب عليه من الدين إال بيذن اريمه ،أو برهن
موجوداته أحد ارمائه دون الباقين ،أو يقا ،أو يعتق ما يضر بغريمه ،أو ينفق أعثر من الالزع بغير إذنه.
ِ ِ ٍ ِ
ةر} 26بأن يخص أحد ورثته بأعثر مما له ،أو ينقص الوارث ،أو يوصي لغير وارثه وصى ِب َهة أ َْو َد ْي ٍن َا ْي َر ُم َ
ض ٍَ عذلك الضرر في الوصايا :كما قال تعالى{ :من َب ْعد َوصيَّة ُي َ
بقصد اإلضرار بالورثة.
وكذلك ال يحل إض و ورار الزوج بزوجته من وجوه كثيرة ،إما أن يعضو وولها (يمنعها من الزواج) ظلماً لتفتدى منه ،أو يراجعها لقصو وود اإلض و ورار ،أو يميل إلى إحدى زوجتيه ميالً
يضر باألخرى ،ويجعلها كالمعلقة.
َ
26
سرة النساء – آية .12
ومن ذلك :الحيف(التراجع) في األحكاع والش ووهادات والقس وومة وايرها على أحد الش ووخص ووين لنفع اآلخر .فكل هذا داخل في المض ورة .وفاعله مس ووتحق للعقوبة ،وأن يض ووار هللا
به.
وألو و و و و و وود من ذلوك :الوييعوة في النواس عنود الوالة واألمراء ،ليغريههلل بعقوبتوه أو أخوذ موا لوه ،أو منعوه من حق هو لوه ،فوين من عمول هوذا العمول فوينوه بوا ٍغ ،فليتوقع العقوبوة العواجلوة
واآلجلة.
ص َط" لما في ذلك من الضرر. ومن هذا :نهى النبي " أن يورد مم ِرض على م ِ
ُ ُْ
احتَ َملُوا ُب ْهتَوا ًنوا َوإِ ْث ًموا ذمِبي ًنوا} ِ ِ ِ َّ ِ
ين َواْل ُم ْؤ ِم َنوات ِب َغ ْي ِر َموا ا ْعتَ َسو و و و و و و ُبوا َفَقود ْ
ين ُي ْؤُذو َن اْل ُم ْؤ ِمن َ
27
وكوذلوك نهى الجو ْذ َمى ونحوههلل عن مخوالطوة النواس ،وهوذا وايره داخول في قولوه تعوالىَ { :والوذ َ
ونهى عن ترويع المسلهلل ،ولو على وجه المز .
ومن هذا السخرية بالخلق ،واالستهزاء بههلل ،والوييعة في أعراضههلل ،والتحريش بينههلل .فكله داخل في المضارة والمشاقة الموجب للعقوبة.
يدل على :أن من أزال الضوورر والمشووقة عن المسوولهلل فين هللا يجلب له الخير ،ويدفع عنه
وق عليه ،فين مفهومه َ
وار ولوواق ضو َّوره هللا ولو َّ
وكما يدل الحديث بمنطوقه :أن من ضو َ
الضرر والمشاق ،جزاء وفاقاً ،سواء كان متعلقاً بنفسه أو بغيره.
27
سورة األحزاب – آية .58
: عن أبي ذر الغفاري رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
رواه اإلماع أحمد والترمذي. " اتق هللا حيثما كنت .وأتبع السي ة الحسنة تمحها ،وخالق الناس بخلق حسن"
اتق /التقوى هي اإلتباع والترهللا والخوف
حيثما كنت /في أي مكان
وأتبع /ألحق
تمحها /تزيلها
وخالق /عامل
حق تُقاته .فيتَقوا سخطه وعذابه باجتناب المنهيات وأداء الواجبات. فحق هللا على اباده :أن يتقوه َ هذا حديث عظيهلل جمع فيه رسول هللا بين حق هللا وحقوق الصبادَ .
وهذه الوصية هي وصية هللا لألولين واآلخرين ،ووصية كل رسول لقومه أن يقول" :اعبدوا هللا واتقوه".
ال النِبَِي َ
اب َو َّآلئ َك ِة واْل ِكتَ ِ ِق واْلم ْغ ِر ِب وَل و و و و و ِوك َّن اْلِب َّر م ْن آمن ِبالِلِ واْليو ِع ِ
اآلخ ِر واْلم ِ ِ ِ ذ َّ
وقد ذكر هللا خصال التقوى في قوله تعالى{ :ل ْي َس اْلِب َّر أَن تَُولوْا ُو ُج َ
ين َوآتَى اْل َم َ َ َ َ َ َ َ َ َ َْ َ وه ُك ْهلل قَب َل اْل َم ْشر َ َ
ين اْل َبأ ِ ِ ين ِفي اْل َب ْأ َسو واء وال َّ
صو واِب ِر َ
ِِ
اة َواْل ُموُفو َن ِب َع ْهده ْهلل ِإ َذا َع َ الة وآتَى َّ ين وِفي َِ ِ ِِ ِ ِ ِ ِِ ِ
ْس ضو و َّراء َوح َ اه ُدوْا َوال َّ الزَع َ صو و َ َ اع ال َّ الرَقاب َوأََق َ ين َو ْاب َن ال َّسو وبيل َوال َّسو وةئل َ َ َعَلى ُحَبه َذوي اْلُق ْرَبى َواْل َيتَ َ
امى َواْل َم َسو واع َ
ين ُي ِنفُقو َن َّ ِ ِ ِ ِ ٍ ص َدُقوا َوأُوَل و و و وِ َك ُههلل اْل ُمتَُّقو َن} 28وفي قولهَ { :و َس ِ
ار ُعوْا ِإَلى َم ْغ ِف َرٍة َِمن َّرَب ُ ِ َّ ِ
ين} ثهلل ذكر خصال التقوى فقال{ :الذ َ ض أُع َّد ْت لْل ُمتَّق َ ِك ْهلل َو َجَّنة َع ْر ُ
29
ات َواأل َْر ُالس َم َاو ُ
ض َها َّ ُ ين َأُوَل و و و و َك الذ َ
ين}.30 ِِ ِ الن ِين َع ِن َّ ِ ِِ ِفي َّ
الس َّراء َو َّ
َّللاُ ُيح ذب اْل ُم ْحسن َ اس َو َ ظ َواْل َعاف َ
ين اْل َغ ْي َ
الض َّراء َواْل َكاظم َ
فوصوا المتقين باإليمان بأصووله وعقائده وأعماله الظاهرة والباطنة وبأداء الصبادات البدنية والصبادات المالية ،والصوبر في البأسواء والضوراء وحين البأس ،وبالعفو عن الناس،
ووص ووى بمالزمة التقوى حيثما كان العبد في كل وقت وكل مكان ،وكل واحتمال أذاههلل ،واإلحس ووان إليههلل ،وبمبادرتههلل إذا فعلوا فاحش ووة أو ظلموا أنفس ووههلل باالس ووتغفار والتوبة ،فأمر
حالة من أحواله ،ألنه مضطر إلى التقوى ااية االضطرار ،ال يستغني عنها في كل حالة من أحواله.
بما يدفع ذلك ويمحوه .وهو أن يتبع الحسنة السي ة "والحسنة" اسهلل جامع لكل ما يقرب إلى ثهلل لما كان العبد ال بد أن يحصل منه تقصير في حقوق التقوى وواجباتها أمر
هللا تعالى :وأعظهلل الحس و وونات الدافعة للس و ووي ات التوبة النص و ووو واالس و ووتغفار واإلنابة إلى هللا بذكره وحبه ،وخوفه ورجائه ،والطمع فيه وفي فض و ووله كل وقت .ومن ذلك الكفارات المالية
والبدنية التي حددها الشارع.
28
سورة البقرة – آية .177
29
سورة آل عمران – آية .133
30
سورة آل عمران – آية .134
ومن الحسو وونات التي تدفع السو ووي ات :العفو عن الناس ،واإلحسو ووان إلى الخلق من اآلدميين وايرههلل ،وتفريا الكربات ،والتيسو ووير على المعس و ورين ،وإزالة الضو وورر والمشو ووقة عن
السو و ِوي َ ِ ِ ِ
ات} 31وقال " : الصلوات الخمس ،والجمعة إلى الجمعة ،ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر" وكهلل جميع العالمين .قال تعالىِ{ :إ َّن اْل َح َس َنات ُي ْذه ْب َن َّ َ
في النصوص من ترتيب المغفرة على كثير من الطاعات.
ومما يكفر هللا به الخطايا :المص و و و ووائب؛ فينه ال يص و و و وويب المؤمن من َه ٍَهلل وال اهلل وال أذى ،حتى الش و و و وووكة يش و و و وواعها ،إال كفر هللا عنه بها خطاياه .وهي إما فوات محبوب ،أو
حصول مكروه بدني أو قلبي ،أو مالي ،داخلي أو خارجي ،لكن المصائب بغير فعل العبد .فلهذا أمره بما هو من فعله ،وهو أن يتبع السي ة الحسنة.
قال "وخالق الناس بخلق حسن". ثهلل لما ذكر حق هللا – وهو الوصية بالتقوى الجامعة لعقائد الدين وأعماله الباطنة والظاهرة –
وأول الخلق الحسن :أن تكا عنههلل أذاهللا من كل وجه ،وتعفو عن مساوئههلل وأذيتههلل لك ،ثهلل تعاملههلل باإلحسان القولي واإلحسان الفعلي وأخص ما يكون بالخلق الحسن :سعة
الحلهلل على الناس ،والصووبر عليههلل ،وعدع الضووجر منههلل ،وبشووالووة الوجه ،ولطا الكالع والقول الجميل المؤنس للجليس ،المدخل عليه السوورور ،المزيل لوحشووته ومشووقة حشوومته .وقد
يحسن المز أحياناً إذا كان فيه مصلحة ،لكن ال ينبغي اإلعثار منه وإنما المز في الكالع كالملط في الطعاع ،إن عدع أو زاد على الحد فهو مذموع.
ومن الخلق الحسن :أن تعامل كل أحد بما يليق به ،ويناسب حاله من صغير وكبير ،وعاقل وأحمق ،وعالهلل وجاهل.
فمن اتقى هللا ،وحقق تقواه ،وخالق الناس على اختالف طبقاتههلل بالخلق الحس وون فقد حاز الخير كله؛ ألنه قاع بحق هللا وحقوق الصباد وألنه كان من المحس وونين في ابادة هللا،
المحسنين إلى اباد هللا.
31
سورة هود – آية .114
الحديث الثامن عشر
متفق عليه. " :الظلهلل ظلمات يوع القيامة" عن عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما قال :قال رسول هللا
الظلهلل ضده العدل ،وهو وضع الشيء في غير محله ،ومجاوزة الحق والتعدي على اآلخرين في أموالهم أو أعراضهم
ِ ِ 32
ْم ُر َم َر َرَبِي ِباْلق ْسو وط} ِ{ ،إ َّن َ
َّللاَ َيأ ُ هذا الحديث فيه التحذير من الظلهلل ،والحث على ض ووده وهو العدل .والشو وريعة كلها عدل ،آمرة بالعدل ،ناهية عن الظلهلل .قال تعالىُ{ :ق ْل أ َ
ظْل ٍهلل أ ُْوَلو و و و و و و وِ َك َل ُه ُهلل األ َْم ُن َو ُههلل ذم ْهتَ ُدو َن} 34فين اإليمان – أصووله وفروعه ،باطنه وظاهره – كله عدل ،وضوده ظلهلل .فأعدل العدل وأصوله: ِ َّ 33
يم َان ُههلل ِب ُ ِ ِ
آم ُنوْا َوَل ْهلل َيْلب ُسووْا إ َ ِباْل َع ْد ِل} { ،الذ َ
ين َ
ظْلهلل َع ِظيهلل} 35وذلك االعتراف وإخالص التوحيد هلل ،واإليمان بص ووفاته وأس وومائه الحس وونى ،وإخالص الدين والصبادة له .وأعظهلل الظلهلل ،وأل ووده الش ورهللا بالِل ،كما قال تعالىِ{ :إ َّن ال َِش و ْر َهللا َل ُ
أن العدل وضوع الشويء في موضوعه ،والقياع بالحقوق الواجبة .والظلهلل عكسوه فأعظهلل الحقوق .وأوجبها :حق هللا على اباده :أن يعرفوه ويعبدوه ،وال يشوركوا به لوي اً ،ثهلل القياع بأصوول
اإليمان ،ولرائع اإلسالع من إقاع الصالة وإيتاء الزكاة وصياع رمضان ،وحا البيت الحراع ،والجهاد في سبيل هللا قوالً وفعالً ،والتواصي بالحق ،والتواصي بالصبر.
من اإليمان به ومحبته ،وتقديمها على محبة الخلق كلههلل ،وطاعته وتوقيره وتبجيله ،وتقديهلل ومن الظلهلل :اإلخالل بشو و وويء من ذلك ،كما أن من العدل :القياع بحقوق النبي
أمره وقوله على أمر ايره وقوله.
الذي هو أولى بالمؤمنين من أنفس و ووههلل ،وأرحهلل بههلل وأرأف بههلل من كل أحد من الخلق ،وهو الذي لهلل يص و وول إلى ومن الظلهلل العظيهلل :أن يخل العبد بش و وويء من حقوق النبي
أحد خير إال على يديه.
ومن العدل :بر الوالدين ،وصلة األرحاع ،وأداء حقوق األصحاب والمعاملين .ومن الظلهلل :اإلخالل بذلك.
ومن العدل :يياع كل من الزوجين بحق اآلخر .ومن أخل بذلك منهما فهو ظالهلل.
في خطبته في حجة الوداع" :إن دماءعهلل وأموالكهلل وأعراضكهلل عليكهلل حراع كحرمة يومكهلل هذا في لهركهلل هذا في بلدكهلل هذا". وظلهلل الناس أنواع كثيرة ،يجمعها قوله
فالظلهلل كله بأنواعه ظلمات يوع القيامة ،يعاقب أهلها على قدر ظلمههلل ،ويجازى المظلومون من حس و و و و وونات الظالمين .فين لهلل يكن لههلل حس و و و و وونات أو فنيت ،أخذ من س و و و و ووي اتههلل
فطرحت على الظالمين.
32
سورة األعراف – آية .29
33
سورة النحل – آية .90
34
سورة األنعام – آية .82
35
سورة لقمان – آية .13
ورُههلل َب ْي َن أ َْي ِدي ِه ْهلل َوبِأ َْي َم ِان ِههلل ُب ْش َر ُ
اع ُهلل اْل َي ْوَع َجَّنات تَ ْج ِري ِمن تَ ْحِت َها األ َْن َه ُار} ِ
ين َواْل ُم ْؤ ِم َنات َي ْس َعى ُن ُ
ِ
والعدل كله نور يوع القيامة { َي ْوَع تَ َرى اْل ُم ْؤ ِمن َ
36
حرع الظلهلل على نفسوه ،وجعله بين اباده محرماً .فالِل تعالى على صورال مسوتقيهلل في أقواله وأفعاله وجزائه .وهو العدل .وقد نصوب لصباده الصورال المسوتقيهلل الذي وهللا تعالى َ
يرجع إلى العدل ،ومن عدل عنه عدل إلى الظلهلل والجور الموصل إلى الجحيهلل.
والظلهلل ثالثة أنواع:
َّللاَ الَ َي ْغ ِف ُر أَن ُي ْش َر َهللا ِب ِه}
37
نوع ال يغفره هللا ،وهو الشرهللا بالِل {ِإ َّن َ
ونوع ال يترهللا هللا منه لي اً ،وهو ظلهلل الصباد بعضههلل لبعض .فمن كمال عدله :أن يقص الخلق بعضههلل من بعض بقدر مظالمههلل.
ونوع تحت مشي ة هللا :إن لاء عاقب عليه ،وإن لاء عفا عن أهله .وهو الذنوب التي بين الصباد وبين ربههلل فيما دون الشرهللا.
36
سورة احلديد – آية .12
37
سورة النساء – آية .48
الحديث التاسع عشر
: عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
متفق عليه. "انظروا إلى من هو أسفل منكهلل .وال تنظروا إلى من هو فوقكهلل؛ فهو أجدر أن ال تَ ْزدروا نعمة هللا عليكهلل"
أسفل /أقل
فوقكهلل /أفضل أو أعثر
أجدر /أفضل
اإلزدراء /اإلستحقار واإلستهزاء والتنقيص من النعهلل.
يا لها من وص ووية نافعة ،وكلمة ل ووافية وافية .فهذا يدل على الحث على ل ووكر هللا باالعتراف بنعمه ،والتحدث بها ،واالس ووتعانة بها على طاعة المنعهلل ،وفعل جميع األس ووباب
المعينة على الشو و ووكر .فين الشو و ووكر هلل هو رأس الصبادة ،وأصو و وول الخير ،و ْأو َج ُبه على الصباد؛ فينه ما بالصباد من نعمة ظاهرة وال باطنة ،خاصو و ووة أو عامة إال من هللا .وهو الذي يأتي
بالخير والحسنات ،ويدفع السوء والسي ات .فيستحق أن يبذل له الصباد من الشكر ما تصل إليه قواههلل ،وعلى العبد أن يسعى بكل وسيلة توصله وتعينه على الشكر.
إلى هذا الدواء العجيب ،والس ووبب القوي لش ووكر نعهلل هللا .وهو أن يلحظ العبد في كل وقت من هو دونه في العقل والنس ووب والمال وأص ووناف النعهلل .فمتى اس ووتداع وقد أرلوود
هذا النظر اض ووطره إلى كثرة ل ووكر ربه والثناء عليه .فينه ال يزال يرى خلقاً كثي اًر دونه بدرجات في هذه األوص وواف ،ويتمنى كثير منههلل أن يص وول إلى قريب مما أوتيه من عافية ومال
علي وفضلني على كثير ممن خلق تفضيالً. وخُلق ،فيحمد هللا على ذلك حمداً كثي اًر ،ويقول :الحمد هلل الذي أنعهلل َّ وخْلق ُورزقَ ،
ينظر إلى خلق كثير ممن س وولبوا عقولههلل ،فيحمد ربه على كمال العقل ،ويش وواهد عالماً كثي اًر ليس لههلل قوت مدخر ،وال مس وواعن يأوون إليها ،وهو مطم ن في مس ووكنه ،موس ووع
عليه رزقه.
ابتلوا ببالء أفظع من ذلك ،بانحراف الدين ،والوقوع ويرى خلقاً كثي اًر قد ُ
ابتلُوا بأنواع األمراض ،وأصووناف األسووقاع وهو ُمعافى من ذلكُ ،م َسو ْربل بالعافية .ويشوواهد خلقاً كثي اًر قد ُ
في قاذورات المعاصي .وهللا قد حفظه منها أو من كثير منها.
ويتأمل أناسواً كثيرين قد اسوتولى عليههلل الههلل ،وملكههلل الحزن والوسواوس ،وضويق الصودر ،ثهلل ينظر إلى عافيته من هذا الداء ،ومنة هللا عليه براحة القلب ،حتى ربما كان فقي اًر
كثي اًر من األانياء. يفوق بهذه النعمة – نعمة القناعة وراحة القلب –
ثهلل من ابتلي بشو وويء من هذه األمور يجد عالماً كثي اًر أعظهلل منه وألو وود مصو وويبة ،فيحمد هللا على وجود العافية وعلى تخفيف البالء ،فينه ما من مكروه إال ويوجد مكروه أعظهلل
منه.
لهلل يزل ل ووكره في قوة ونمو ،ولهلل تزل نعهلل هللا عليه تترى وتتوالى .ومن عكس القض ووية فارتفع نظره وص ووار ينظر إلى فمن وفق لالهتداء بهذا الهدي الذي أرل وود إليه النبي
من هو فوقه في العافية والمال والرزق وتوابع ذلك ،فينه ال بد أن يزدري نعمة هللا ،ويفقد لوكره .ومتى فقد الشوكر ترحلت عنه النعهلل وتسوابقت إليه النقهلل ،وامتحن بالغهلل المالزع ،والحزع
الدائهلل ،والتسخط لما هو فيه من الخير ،وعدع الرضى بالِل رباً ومدب اًر .وذلك ضرر في الدين والدنا وخسران مبين.
واعلهلل أن من تفكر في كثرة نعهلل هللا ،وتفطن آلالء 38هللا الظاهرة والباطنة ،وأنه ال وسو و و وويلة إليها إال محض فضو و و وول هللا وإحسو و و ووانه ،وأن جنسو و و واً من نعهلل هللا ال يقدر العبد على
إحصائه وتعداده ،فضالً عن جميع األجناس ،فضالً عن لكرها .فينه يضطر إلى االعتراف التاع بالنعهلل ،وكثرة الثناء على هللا ،ويستحي من ربه أن يستعين بشيء من نعمه على ما
ال يحبه ويرضاه ،وأوجب له الحياء من ربه الذي هو من أفضل لعب اإليمان فاستحيى من ربه أن يراه حيث نهاه ،أو يفقده حيث أمره.
لمعاذ بن جبل" :إني أحبك ،فال تدعن أن تقول دبر كل ص ووالة مكتوبة :اللههلل أعني على ذكرهللا ول ووكرهللا وحس وون ابادتك" ولما كان على الش ووكر مدار الخير وعنوانه قال
لكا اًر ،لك َذ َّعا اًر .اللههلل اجعلني أعظهلل لكرهللا ،وأعثر ذكرهللا ،وأتبع نصحك ،وأحفظ وصيتك".
وكان يقول" :اللههلل اجعلني لك َّ
" :ال أحصي ثناء عليك ،أنت كما أثنيت على نفسك" وهللا أعلهلل. وقد اعترف أعظهلل الشاعرين بالعجز عن لكر نعهلل هللا ،فقال
38
نعمه.
الحديث العشرون حفظ*
متفق عليه. حتى يتوضأ" عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا " : ال يقبل هللا صالة أحدكهلل – إذا أحدث –
أحدث /أتى بشيء من نواقض الوضوء
مبطالت الوضوء
الحدث األصغر (الوضوء) الحدث األعبر (اإلاتسال)
النوع المستغرق الحيض
قضاء الحاجه ولمس الفرج النفاس
لحهلل اإلبل الجماع
زوال عقل اإلنسان من إاماء أو سكر
سيالن الدع الكثير
يدل الحديث بمنطوقه :أن من لهلل يتوض و و ووأ إذا أحدث فص و و ووالته اير مقبولة :أي اير ص و و ووحيحة ،وال مجزئة ،وبمفهومه :أن من توض و و ووأ قبلت ص و و ووالته :أي مع بقية ما يجب
ويشوترل للصوالة؛ ألن الشوارع يعلق كثي اًر من األحكاع على أمور معينة ال تكفي وحدها لترتب الحكهلل ،حتى ينظهلل إليها بقية الشورول ،وحتى تنتفي الموانع .وهذا األصول الشورعي متفق
ال يش ووترل أن تجمع أحكامها في كالع الش ووارع في موض ووع واحد ،بل يجمع جميع ما ورد فيها من عليه بين أهل العلهلل؛ ألن الصبادة التي تحتوي على أمور كثيرة – كالص ووالة مثالً –
األحكاع ،فيؤخذ مجموع أحكامها من نصووص متعددة .وهذا من أعبر األسوباب لوضوع الفقهاء علوع الفقه واألحكاع ،وترتيبها وتبويبها ،وضوهلل األجناس واألنواع بعضوها لبعض للتقريب
على ايرههلل .فلههلل في ذلك اليد البيضاء فجزاههلل هللا عن اإلسالع والمسلمين خير الجزاء.
وهذا األصل ينبغي أن تعتبره في كل موضع .وهو أن األحكاع ال تتهلل إال باجتماع لروطها ولوازمها ،وانتفاء موانعها.
والحديث يشو وومل جميع نواقض الوضو وووء .فيدخل فيه الخارج من السو ووبيلين ،والنوع الناقض للوضو وووء ،والخارج الفاحش من بقية البدن إذا كان نجس و واً ،وأعل لحهلل اإلبل ،ولمس
المرأة لشهوة ،ولمس الفرج باليد .وفي بعضها خالف.
فكل من وجه منه لويء من هذه النواقض لهلل تصوط صوالته ،حتى يتوضوأ الوضووء الشورعي .فيغسول األعضواء التي نص هللا عليها في سوورة المائدة ،مع الترتيب والمواالة ،أو
يتطهر بالتراب بدل الماء عند تعذر استعمال الماء :إما لعدمه ،وإما لخوفه باستعماله الضرر.
وفي هذا دليل على أنه لو صو وولى ناسو ووياً أو جاهالً حدثه فعليه اإلعادة لعموع الحديث ،وهو متفق عليه .فهو وإن كان مثاباً على فعله صو ووورة الصو ووالة ما فيها من الصبادات،
لكن عليه اإلعادة إلبراء ذمته .وهذا بخالف من تطهر ونسو و ووي ما على بدنه أو ثوبه من النجاسو و ووة فينه ال إعادة عليه على الصو و ووحيط؛ ألن الطهارة من باب فعل األمور الذي ال تب أر
الذمة إال بفعله .وأما اجتناب النجاسة فينه من باب اجتناب المحظور الذي إذا فعل واإلنسان معذور ،فال إعادة عليه.
الحديث الحادي والعشرون
" :عشر من الفطرة :قص الشارب وإعفاء اللحية ،والسواهللا ،واستنشاق الماء ،وقص األظافر، عن عائشة رضي هللا عنها قالت :قال رسول هللا
رواه مسلهلل. واسل البراجهلل ،ونتا اإلبط ،وحلق العانة ،وانتقاص الماء ،يعني االستنجاء" قال الراوي :ونسيت العالرة إلى أن تكون المضمضة.
"الفطرة" هي الخلقة التي خلق هللا اباده عليها ،وجعلههلل مفطورين عليها :على محبة الخير وإيثاره ،وكراهة الش و و وور ودفعه ،وفطرههلل حنفاء مس و و ووتعدين ،لقبول الخير واإلخالص
هلل ،والتقرب إليه ،وجعل تعالى لرائع الفطرة نوعين.
َّللاِ َّالِتي َف َ
ط َر الَّنو َ
اس َعَل ْي َهوا َال ط َرَة َّ أحودهموا :يطهر القلوب والرو ،وهو اإليموان بوالِل وتوابعوه :من خوفوه ورجوائوه ،ومحبتوه واإلنوابوة إليوه .قوال تعوالىَ{ :فوأ َِق ْهلل َو ْج َهو َك لِل َِود ِ
ين َحِنيًفوا ِف ْ
ين} 39فهذه تزكي النفس ،وتطهر القلب وتنميه ،وتذهب عنه ِ
ونوا م َن اْل ُم ْشو و و و ِرِك َ
صو و و و َال َة َوَال تَ ُك ُ
يموا ال َّ ِ اس ال َي ْعَلمو َن ،مِنيِب َ ِ ِ َّ ين اْل َقَيِهلل َوَل ِك َّن أَ ْعثَ َر َّ
الن ِ ِ تب ِديل لِخْل ِق َّ ِ
َّللا َذلِ َك َ
ين إَل ْيه َواتُقوهُ َوأَي ُ ُ ُ ُ الد ُ َْ َ َ
اآلفات الرذيلة ،وتحليه باألخالق الجميلة ،وهي كلها ترجع إلى أصول اإليمان وأعمال القلوب.
والنوع الثاني :ما يعود إلى تطهير الظاهر ونظافته ،ودفع األوس و و وواا واألقذار عنه ،وهي هذه العش و و ورة ،وهي نهلل محاس و و وون الدين اإلس و و ووالمي؛ إذ هي كلها تنظيف لألعض و و وواء،
وتكميل لها ،لتتهلل صحتها وتكون مستعدة لكل ما يراد 40منها.
فأما المضوومضووة واالسووتنشوواق :فينهما مشووروعان في طهارة الحدث األصووغر واألعبر باالتفاق .وهما فرضووان فيهما من تطهير الفهلل واألنا وتنظيفهما ،ألن الفهلل واألنا يتوارد
عليهما كثير من األوس و وواا واألبخرة ونحوها .وهو مضو و و طر إلى ذلك وإزالته .وكذلك السو و وواهللا يطهر الفهلل .فهو "مطهرة للفهلل مرض و وواة للرب" ولهذا يش و وورع كل وقت ويتأعد عند الوض و وووء
والصالة واالنتباه من النوع ،وتغير الفهلل ،وصفرة األسنان ونحوها.
39
سورة الروم – اآليتان .31 ،30
40
يف األصل "يراه" والصحيح ما أثبتناه.
قص الشوارب أو َحذفه حتى تبدو ال َّشوَّفة ،فلما في ذلك من النظافة ،والتحرز مما يخرج من األنا ،فين لوعر الشوارب إذا تدلى على الشوفة بالور به ما يتناوله من مأعول وأما َ
ومش ووروب ،مع تش ووويه الخلقة بوفرته ،وإن اس ووتحس وونه من ال يصبأ به .وهذا بخالف اللحية ،فين هللا جعلها وقا اًر للرجل وجماالً به .ولهذا يبقى جماله في حال كبره بوجود ل ووعر اللحية.
واعتبر ذلك بمن يعصوي الرسووول فيحلقها ،كيف يبقى وجهه مشوووهاً قد ذهب محاسوونه ،وخصوووصواً وقت الكبر .فيكون كالمرأة العجوز إذا وصوولت إلى هذا السوون ذهبت محاسوونها،
ولو كانت في صباها من أجمل النساء .وهذا محسوس ،ولكن العوائد والتقليد األعمى يوجب استحسان القبيط ،واستقبا الحسن.
فلها من التنظيف وإزالة المؤذيات ما ال يمكن جحده ،وكذلك حلق العانة. وأما قص األظافر ونتا اإلبط ،واسل البراجهلل ،وهي مطاوي البدن التي تجتمع فيها األوساا –
وأما االستنجاء – وهو إزالة الخارج من السبيلين بماء أو حجر – فهو الزع ولرل من لرول الطهارة.
فعلمت أن هذه األلياء كلها ،تكمل ظاهر اإلنسان وتطهره وتنظفه ،وتدفع عنه األلياء الضارة والمستقبحة ،والنظافة من اإليمان.
والمقصود :أن الفطرة هي لاملة لجميع الشريعة ،باطنها وظاهرها؛ ألنها تنفي الباطن من األخالق الرذيلة ،وتحَليه باألخالق الجميلة التي ترجع إلى عقائد اإليمان والتوحيد،
طر اإليمان" وقال تعالىِ{ :إ َّن َ
َّللاَ واإلخالص هلل واإلنابة إليه ،وتنقي الظاهر من األنجاس واألوسواا وأسوبابها .وتطهره الطهارة الحسوية والطهارة المعنوية .ولهذا قال " : الطهور َلو ْ
ين َوُي ِح ذب اْل ُمتَ َ
ط َِه ِر َ
ين}.41 ِ
ُيح ذب التََّّواِب َ
فالشريعة كلها طهارة وزكاء وتنمية وتكميل ،وحث على معالي األمور ،ونهي عن سفسافها ،وهللا أعلهلل.
41
سورة البقرة – آية .222
الحديث الثاني والعشرون
رواه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي. " :الماء طهور ال ينجسه ليء". عن أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
أي جميع المياه النابعة من األرض ،والنازلة من السووماء البايية على خلقتها ،أو المتغيرة بمقرها أو ممرها ،أو هذا الحديث الصووحيط يدل على أصوول جامع ،وهو أن الماء –
بما يلقى فيها من الطاهرات ولو تغي اًر كثي اًر – طاهرة تس و و ووتعمل في الطهارة وايرها .وال يس و و ووتثنى من هذا الكالع الجامع إال الماء المتغير لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاس و و ووة ،كما في
بعض ألفا هذا الحديث.
وقد اتفق العلماء على نجاسو ووة الماء المتغير بالنجاسو ووة .واسو ووتدل عليه اإلماع أحمد رضو ووي هللا عنه وايره بقوله تعالىُ { :ح َِرَم ْت َعَل ْي ُكهلل اْل َم ْيتَ ُة َواْل َّدع َوَل ْحهلل اْل ِخ ْن ِز ِ
ير} 42إلى آخر ُ ُ ُ
اآلية .يعني :ومتى ظهرت أوصاف هذه األلياء المحرمة في الماء صار نجساً خبيثاً.
وهوذا الحوديوث وايره يودل على أن المواء المتغير بوالطواهرات طهور .وعلى أن موا خلوت بوه المرأة ال يمنع منوه مطلقواً .وعلى طهوريوة موا انغمسو و و و و و ووت فيوه يود القوائهلل من نوع الليول،
وإنما ينهى القائهلل من النوع عن امسها حتى يغسلها ثالثاً .وأما المنع من الماء فال يدل الحديث عليه.
والمقصود :أن هذا الحديث يدل على أن الماء قسمان :نجس ،وهو ما تغير أحد أوصافه بالنجاسة ،قليالً كان أو كثي اًر .وطهور ،وهو ما ليس كذلك .وأن إثبات نوع ثالث –
ال طهور وال نجس ،بل طاهر اير مطهر ،ليس عليه دليل لرعي ،فيبقى على أصل الطهورية.
ص ِع ًيدا َ
طَِي ًبا} ِ
43
ويؤيد هذا العموع قوله تعالى {َفَل ْهلل تَج ُدوْا َماء َفتََي َّم ُموْا َ
وهذا عاع في كل ماء ،ألنه نكرة في سياق النفي ،فيشمل كل ماء خرج منه الماء النجس لبجماع عليه.
ودل هذا الحديث أيضاً :أن األصل في المياه الطهارة .وكذلك في ايرها .فمتى حصل الشك في ليء منها :هل وجد فيه سبب التنجيس أع الف فاألصل الطهارة.
َ
42
سورة املائدة – آية .3
43
سورة املائدة – آية .6
الحديث الثالث والعشرون
تعد وال تحصى. هذا الحديث يدل على عظيهلل فضل هللا وكرمه بتفضيله هذه الصبادات الثالث العظيمة ،وأن لها عند هللا المنزلة العالية ،وثمراتها ال َ
فمن ثمراتها :أن هللا جعلها مكملة لدين العبد وإس و ووالمه ،وأنها منمية لبيمان ،مس و ووقية لش و ووجرته .فين هللا ارس ل و ووجرة اإليمان في قلوب المؤمنين بحس و ووب إيمانههلل ،وَق َّد َر من
ُعلها كل حين بيذن ربها ،وجعلها تنفي عنها اآلفات. ألطافه وفضله من الواجبات والسنن ما يسقي هذه الشجرة وينميها ،ويدفع عنها اآلفات حتى تكمل وتؤتي أ ُ
فالذنوب ضررها عظيهلل ،وتنقيصها لبيمان معلوع.
الس ِوي َ ِ ِ ِ
ات} 44كما أن هللا فهذه الفرائض الثالث إذا تجنب العبد كبائر الذنوب افر هللا بها الصغائر والخطي ات .وهي من أعظهلل ما يدخل في قوله تعالىِ{ :إ َّن اْل َح َس َنات ُي ْذه ْب َن َّ َ
ِ جعل من لطفه تجنب الكبائر سبباً لتفكير الصغائر .قال تعالىِ{ :إن تَجتَِنبوْا َكب ِةئر ما تُْنهون ع ْنه ن َكَِفر ع ُ ِ ِ
يما} 45أما الكبائر فال بد لها من توبة. نك ْهلل َسَي َات ُك ْهلل َونُ ْدخْل ُكهلل ذم ْد َخالً َك ِر ً ْ ُ َ َ َ َْ َ َ ُ ُ ْ َ
وعلهلل من هذا الحديث :أن كل نص جاء فيه تكفير بعض األعمال الصو و ووالحة لل سو و ووي ات ،فينما المراد به الصو و ووغائر؛ ألن هذه الصبادات الكبار إذا كانت ال تكفر بها الكبائر
فكيف بما دونهاف
والحديث صريط في أن الذنوب قسمان :كبائر ،وصغائر.
وقد كثر كالع الناس في الفرق بين الص ووغائر والكبائر .وأحس وون ما قيل :إن الكبيرة ما رتب عليه حد في الدنيا ،أو توعد عليه باآلخرة أو لعن ص وواحبه ،أو رتب عليه اض ووب
ونحوه ،والصغائر ما عدا ذلك.
أو يقال :الكبائر :ما كان تحريمه تحريهلل المقاص وود .والص ووغائر :ما حرع تحريهلل الوس ووائل ،فالوس ووائل :كالنظرة المحرمة مع الخلوة باألجنبية .والكبيرة :نفس الزنا ،وكربا الفض وول
مع ربا النسي ة ،ونحو ذلك .وهللا أعلهلل.
44
سورة هود – آية .114
45
سورة النساء – آية .31
فوائد الحديث:
-1فضل هذه الثالث العبادات العظيمة لما لها عند هللا من المنزلة العالية،
-2فضل الصلوات الخمس ،وأنها مكفرة للصغائر ،وأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر..
.3فضل الجمعة ،وأنها من أفضل أيام هللا ،وفيها ساعة ال يوفق عبد مسلم للدعاء فيها إال استجاب هللا له.
.4فضل شهر رمضان ،وأن هللا يكفر به ما صغر من الذنوب.
.5هذا الحديث يدل صراحة على أن الذنوب تنقسم إلى قسمين :صغائر وكبائر ،وأن المراد بتكفير هذه األعمال هو للصغائر فقط ،وأما الكبائر فال بد لها
من توبة خاصة ..وغير ذلك من صغائر الذنوب
الحديث الخامس والعشرون
" :صذولوا كما رأيتموني أصوَلي ،وإذا حضورت الصوالة فليؤذن لكهلل أحدكهلل ،وليؤمكهلل أعبركهلل" عن مالك بن الحويرث رضوي هللا عنه قال :قال رسوول هللا
متفق عليه.
هذا الحديث احتوى على ثالث جمل ،أولها أعظمها:
الجملة األولى :قوله "إذا حض و وورت الص و ووالة فليؤذن لكهلل أحدكهلل" فيه مش و وورواية األذان ووجوبه لألمر به ،وكونه بعد دخول الوقت .ويس و ووتثنى من ذلك ص و ووالة الفجر .فينه
قال" :إن بالالً يؤذن بليل ،فكلوا والو وربوا حتى يؤذن ابن أع مكتوع .فينه ال ينادى حتى يقال له :أص ووبحت ،أص ووبحت" وأن األذان فرض كفاية ،ال فرض عين؛ ألن األمر من الش ووارع
إن خوطب به كل لو ووخص مكلا وطلب حصو وووله منه ،فهو فرض عين .وإن طلب حصو وووله فقط ،بقطع النظر من األايان ،فهو فرض كفاية .وهنا قال" :فليؤذن لكهلل أحدكهلل" وألفا
األذان معروفة.
صَِيتاً أميناً ،عالماً بالوقت ،متحرياً له ،ألنه أعظهلل لحصول المقصود .ويكفي من يحصل به اإلعالع االباً.
وينبغي أن يكون المؤذنَ :
والحديث يدل على وجوب األذان في الحضر والسفر .واإلقامة من تماع األذان ،ألن األذان :اإلعالع بدخول الوقت للصالة ،واإلقامة :اإلعالع بالقياع إليها.
حي على الفال ) فيقول (ح َّي على الصوالةَّ ،وقد وردت النصووص الكثيرة بفضوله ،وكثرة ثوابه ،واسوتحباب إجابة المؤذن ،وأن يقول المجيب مثل ما يقول المؤذن إال إذا قالَ :
رب هذه الدعوة التامة والصو و ووالة
علمة االسو و ووتعانة بالِل على ما دعا إليه من الصو و ووالة والفال الذي هو الخير كله" :ال حول وال قوة إال بالِل" ثهلل يصو و وولي على النبي ويقول( :اللههلل َّ
القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة .وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته) ثهلل يدعو لنفسه؛ ألنه من مواطن اإلجابة التي ينبغي للداعي قصدها.
الجملة الثانية :قوله" :وليؤمكهلل أعبركهلل" فيه :وجوب صووالة الجماعة وأن أقلها إماع ومأموع ،وأن األولى باإلمامة أقومههلل بمقصووود اإلمامة ،كما ثبت في الصووحيط" :يؤع القوع
كان األولى منهما أقرؤههلل لكتاب هللا .فين كانوا في القراءة س و و وواء فأعلمههلل بال ذس و و وَنة .فين كانوا في الس و و وونة س و و وواء فأقدمههلل هجرة أو إس و و ووالماً" فين كانوا متقاربين – كما في الحديث –
"عَِب ْرَ ،كَِب ْر".
أعبرهما؛ فين تقديهلل األعبر مشروع في كل أمر طلب فيه الترتيب ،إذا لهلل يكن للصغير مزيد فضل؛ لقوله َ :
وإذا ترتبت الصو و ووالة بيماع ومأموع فينما جعل اإلماع ليؤتهلل به .فيذا كبرَ :كبَّر من وراءه .وإذا ركع ،وسو و ووجد ،ورفع :تبعه من بعده وينهى عن موافقته في أفعال الصو و ووالة .وأما
مسو و ووابقته اإلماع ،والتقدع عليه في ركوع أو سو و ووجود ،أو خفض أو رفع ،فين ذلك حراع ،مبطل للصو و ووالة .فيؤمر المأمومون باالقتداء بيمامههلل .وينهون عن الموافقة والمسو و ووابقة والتخلا
الكثير .فين كانوا اثنين فأعثر فاألفضو وول :أن يصو ووفوا خلفه .ويجوز عن يمينه ،أو عن جانبيه .والرجل الواحد يصو ووا عن يمين اإلماع .والمرأة خلا الرجل ،أو الرجل .وتقا وحدها،
إال إذا كان معها نساء َّ
فيكن كالرجال في وجوب المصاَفة .وإن وقا الرجل الواحد خلا اإلماع أو خلا الصا لغير عذر بطلت صالته.
وعلى اإلماع تحص و وويل مقص و ووود اإلمامة من الجهر بالتكبير في االنتقاالت والتس و ووميع ،ومن الجهر في القراءة الجهرية .وعليه مراعاة المأمومين في التقدع والتأخر ،والتخفيف
مع اإلتماع.
بالقول والفعل ،كما فعل ذلك في الحا ،حيث كان يقوع بأداء المناسوك الجملة الثالثة :وهي األولى في هذا الحديث – قوله" :صولوا كما رأيتموني أصولي" وهذا تعليهلل منه
ويقول للناس" :خذوا عني مناسو ووككهلل" وهذه الجملة تأتي على جميع ما كان يفعله ويقوله ويأمر به في الصو ووالة ،وذلك بأن يسو ووتكمل العبد جميع لو وورول الصو ووالة ،ثهلل يقوع إلى صو ووالته
من أنواع االسو و ووتفتاحات والتعوذات ،ويق أر "بسو و ووهلل هللا الرحمن الرحيهلل" ثهلل يق أر ويسو و ووتقبل القبلة ،ناوياً الصو و ووالة المعينة بقلبه .ويقول "هللا أعبر" ثهلل يسو و ووتفتط ،ويتعوذ بما ثبت عن النبي
الفاتحة ،وسورة طويلة في صالة الفجر ،وقصيرة في صالة المغرب ،وبين ذلك في بقية الصلوات ،ثهلل يركع كب اًر رافعاً يديه حذو منكبيه في ركوعه وفي رفعه منه في كل ركعة ،وعند
تكبيرة اإلحراع .وإذا قاع من التشو و ووهد األول إلى الصو و ووحيط في الصو و ووالة الربااية والثالثية ،ويقول" :سو و ووبحان ربي العظيهلل" مرة واجبة .وأقل الكمال :ثالث مرات ،فأعثر .وكذلك تسو و ووبيط
إماماً ومنفرداً " :-سو و وومع هللا لمن حمده ،ربنا ولك الحمد ،حمداً كثي اًر طيباً مباركاً فيه" وكذلك المأموع ،إال أنه ال يقول: السو و ووجود قول" :سو و ووبحان ربي األعلى" ثهلل يرفع أرسو و ووه قائالً –
"سمع هللا لمن حمده" ثهلل يكبر ويسجد على سبعة أعضاء:
القدمين ،والركبتين ،والكفين ،والجبهة .مع األنا ،ويمكنها من األرض ،ويجافيها ،وال يبسوط ذراايه انبسوال الكلب ،ثهلل يرفع مكب اًر ،ويجلس مفترلواً جالسواً على رجله اليسورى،
يتورهللا ،فيقعد على األرض ،ويخرج رجله اليسورى عن يمينه، ناصوباً رجله اليمنى ،موجهاً أصوابعها إلى القبلة .والصوالة جلوسوها كله افتراخ ،إال في التشوهد األخير .فينه ينبغي له أن َ
ويقول بين السو ووجدتين" :رب اافر لي وارحمني واهدني وارزقني واجبرني" ثهلل يسو ووجد الثانية كاألولى .وهكذا يفعل في كل ركعة ،وعليه أن يطم ن في كل رفع وخفض ،وركوع وسو ووجود
ويياع وقعود ،ثهلل يتشوهد فيقول" :التحيات هلل ،والصولوات والطيبات السوالع عليك أيها النبي ورحمة هللا وبركاته .السوالع علينا وعلى اباد هللا الصوالحين .ألوهد أن ال إله إال هللا ،وألوهد
أن محمداً عبده ورسوووله" هذا التشووهد األول ،ثهلل يقوع ،إن كانت ربااية أو ثالثية ،ويصوولي بقيتها بالفاتحة وحدها ،وإن كان في التشووهد الذي يليه السووالع قال" :اللههلل صو َول على محمد
وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيهلل ،إنك حميد مجيد ،وبارهللا على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيهلل ،إنك حميد مجيد ،اللههلل إني أعوذ بك من عذاب جهنهلل،
في الصو و و و ووالة من فعله وقوله ومن عذاب القبر ،ومن فتنة المحيا والممات ،ومن فتنة المسو و و و وويط الدجال" ويدعو بما أحب ،ثهلل يسو و و و و َولهلل ،ويذكر هللا بما ورد ،فجميع الوارد عن النبي
وتعليمه وإرلاده داخل في قوله" :صَلوا كما رأيتموني أصلي" وهو مأمور به ،أمر إيجاب أو استحباب بحسب الداللة.
فما كان من أجزائها ،ال يسو ووقط سو ووهواً وال جهالً ،وال عمداً قيل له :ركن ،كتكب يرة اإلحراع ،وقراءة الفاتحة ،والتشو ووهد األخير ،والسو ووالع ،وكالقياع ،والركوع ،والسو ووجود ،واالعتدال
عنهما.
وما كان يسووقط سووهواً ويجبره سووجود السووهو قيل له :واجب ،كالتشووهد األول ،والجلوس له ،والتكبيرات اير تكبيرة اإلحراع ،وقول" :سوومع هللا لمن حمده" لبماع والمنفر ،وقول:
مرة في الركوع ،و"سبحان ربي األعلى" مرة في السجود ،وقول" :ربي اافر لي" بين السجدتين.
مصل ،وقول" :سبحان ربي العظيهلل" َ
َ "ربنا ولك الحمد" لكل
وما س وووى ذلك فينه من مكمالتها ومس وتحباتها .وخص وووص واً رو الص ووالة ولُ ُبها ،وهو حض ووور القلب فيها ،وتدبر ما يقوله من قراءة ،وذكر ودعاء ،وما يفعله من يياع وقعود،
وركوع وسجود ،والخضوع هلل ،والخشوع فيها هلل.
في الصووالة :كالضووحك ،والكالع ،وكثرة الحركة المتتابعة لغير ضوورورة ،فين الصووالة ال تتهلل إال بوجود لووروطها وأركانها ومما يدخل في ذلك :تجنب ما نهى عنه الرسووول
وواجباتها ،وانتفاء مبطالتها التي ترجع إلى أمرين :إما إخالل بالزع ،أو فعل ممنوع فيها ،كالكالع ونحوه.
المستوى ثاني لرعي
الحديث السادس والعشرون
عن جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما قال :قال رسول هللا " : أعطيت خمساً لهلل يعطهن أحد من األنبياء قبلي:
وجعلت لي األرض كلها مسجداً وطهو اًر .فأيذما رجل من أمتي أدركته الصالة فليصل ،وأحَِلت لي الغنائهلل ،ولهلل تُ َحل ألحد نصرت ذ ِ
بالرعب مسيرة لهرُ .
قبلي .وأعطيت الشفاعة .وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة ،وبعثت إلى الناس عامة" متفق عليه.
ُ
ض ول نبينا محمد بفضووائل كثيرة فاق بها جميع األنبياء .فكل خصوولة حميدة ترجع إلى العلوع النافعة ،والمعارف الصووحيحة ،والعمل الصووالط .فلنبينا منها أعالها وأفضوولها وأعملها .ولهذا لما ذكر هللا ِ
ُف َ
اه ُهلل ا ْقتَِد ْه} 46وهداههلل :هو ما كانوا عليه من الفضائل الظاهرة والباطنة.
َّللاُ َفِب ُه َد ُ
ين َه َدى َ
ِ َّ ِ
أايان األنبياء الكراع قال لنبيه{ :أ ُْوَلو َك الذ َ
خص هللا نبينا بخصائص لما يشاركه فيها أحد من األنبياء ،منها :هذه الخمس التي عادت على أمته بكل خير وبركة ونفع. وقد تمهلل ما أمر به ،وفاق جميع الخلق ،ولذلك َ
إحداها :أنه نصوور بالرعب مسوويرة لووهر ،وهذا نصوور رباني ،وجند من السووماء يعين هللا به رسوووله وأمته المتبعين لهديه ،فمتى كان عدوه عنه مسووافة لووهر فأقل فينه مرعوب منه ،وإذا أراد هللا نصوور أحد
الِلِ َما َل ْهلل ُي َن َِزْل ِب ِه ُس و و وْل َ
ط ًانا} 47وألقى في قلوب المؤمنين من القوة والثبات والس و و ووكينة والطمأنينة ما هو أعظهلل أس و و ووباب ذع َب ِب َما أَ ْل و و و َرُعوْا ِب َ
ين َكَف ُروْا الرْ
ألقى في قلوب أعدائه الرعب ،قال تعالى{ :س و و ونْلِقي ِفي ُقُل ِ َّ ِ
وب الذ َ َ ُ
النصور ،فالِل تعالى وعد نبينا وأمته بالنصور العظيهلل ،وأن يعينههلل بأسوباب أرلودههلل إليها ،كاالجتماع واالئتالف ،والصوبر واالسوتعداد لألعداء بكل مسوتطاع من القوة إلى اير ذلك من اإلرلوادات الحكيمة ،وسواعدههلل
بهذا النصر ،وقد فعل تبارهللا وتعالى ،كما هو معروف من حال نبينا والمتبعين له من خلفائه الرالدين والملوهللا الصالحين ،تهلل لههلل من النصر و َ
العز العظيهلل في أسرع وقت ما لهلل يتهلل لغيرههلل.
الثانية :قوله" :وجعلت لي األرض كلها مس ووجداً وطهو اًر" وحقق ذلك بقوله" :فأينما أدركت أحداً من أمتي الص ووالة فعنده مس ووجده وطهوره" فجميع بقاع األرض مس ووجد يص وولى فيها من اير اس ووتثناء إال ما
نص الشارع على المنع منه .وقد ثبت النهي عن الصالة في المقبرة والحماع ،وأعطان اإلبل .وكذلك الموضع المغصوب والنجس اللترال الطهارة لبدن المصلي وثوبه وبقعته.
ص و ِع ًيدا
وكذلك من عدع الماء أو ض و َوره اس ووتعماله فله العدول إلى التيمهلل بجميع ما تص وواعد على وجه األرض ،س وواء التراب الذي له غبار أو ايره ،كما هو ص وريط هذا الحديث مع قوله تعالىَ{ :فتََي َّم ُموْا َ
يكهلل َِم ْن ُه} 48فين الصعيد :كل ما تصاعد على وجه األرض من جميع أجزائها. ام َس ُحوْا ِب ُو ُجو ِه ُك ْهلل َوأ َْي ِد ُ َِ
طَيًبا َف ْ
46
سورة األنعام – آية .90
47
سورة آل عمران – آية .151
48
سورة املائدة – آية .6
ويدل على أن التيمهلل على الوجه واليدين ينوب مناب طهارة الماء ،ويفعل به من الصالة والطواف ومس الصحا واير ذلك ما يفعل بطهارة الماء :والشارع أناب التراب مناب الماء عند تعذر استعماله. َ
فيدل ذلك على أنه إذا تطهر بالتراب ولهلل ينتقض وضوءه لهلل يبطل تيممه بخروج الوقت وال بدخوله ،وأنه إذا نوى التيمهلل للنفل استبا الفرض كطهارة الماء ،وأن حكمه حكهلل الماء في كل األحكاع في حالة التعذر.
الثالث :قوله" :وأحلت لي الغنائهلل ،ولهلل تحل ألحد قبلي" وذلك لكرامته على ربه ،وكرامة أمته وفضولههلل ،وكمال إخالصوههلل ،فأحلها لههلل ،ولهلل ينقص من أجر جهادههلل لوي اً .وحصول بها لهذه األمة من سوعة
ظل رمحي" أما من قبلنا من األمهلل ،فين جهادههلل قليل بالنسبة لهذه األمة ،وههلل دون هذه األمة
عده .ولهذا قال " : وجعل رزقي تحت َ األرزاق ،وكثرة الخيرات ،واالستعانة على أمور الدين والدنيا ليء ال يمكن َ
يخل بيخالصههلل .وهللا أعلهلل.
بقوة اإليمان واإلخالص .فمن رحمته بههلل أنه منعههلل من الغنائهلل؛ ل ال َ
الرابعة :قوله" :وأعطيت الشو و ووفاعة" وهي الشو و ووفاعة العظمى التي يعتذر عنها كبار الرسو و وول ،وينتدب لها خاتمههلل محمد . فيشو و وَفعه هللا في الخلق .ويحصو و وول له المقاع المحمود الذي يحمده فيه األولون
َّأت دعوتي لوفاعة واآلخرون ،وأهل السوماوات واألرض .وتنال أمته من هذه الشوفاعة الحظ األوفر ،والنصويب األعمل .ويشوفع لههلل لوفاعة خاصوة ،فيشوفعه هللا تعالى .وقد قال " : لكل نبي دعوة َّ
تعجَلها .وقد َخب ُ
من مات ال يشرهللا بالِل لي اً" ،وقال" :أسعد الناس بشفاعتي :من قال ال إله إال هللا خالصاً من قلبه". ألمتي ،فهي نائلة – إن لاء هللا –
-1الشفاعة العظمى ألهل الموقف ليريحهم هللا من هذا القيام.
-2شفاعته في جماعة من أمته أو ألهل الجنه أن يدخلوا الجنة بغير حساب.
-3وشفاعته لعمه أبي طالب أن يخفف عنه
وشفاعته :في أقوام تساوت حسناتهم وسيئاتهم ،فيشفع لهم فيدخلون الجنة.
الخامسةةة :قوله" :وكان النبي" أي :جنس األنبياء "يبعث إلى قومه خاص ووة ،وبعثت إلى الناس عامة" وذلك لكمال لو وريعته وعمومها وس ووعتها ،وال ووتمالها على الص ووال المطلق ،وأنها ص ووالحة لكل زمان
أسست للبشر أصوالً عظيمة ،متى اعتبروها صلحت لههلل دنياههلل كما صلط لههلل دينههلل.
ومكان .وال يتهلل الصال إال بها .وقد َ
الحديث السابع والعشرون
بثالث :صياع ثالثة أياع من كل لهر ،وركعتي الضحى ،وأن أوتر قبل أن أناع" متفق عليه. عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال" :أوصاني خليلي
وخطابه لواحد من أمته خطاب لألمة كلها ،ما لهلل يدل دليل على الخصوصية. وصيته
فهذه الوصايا الثالث ،من آعد نوافل الصالة والصياع.
أما ص ووياع ثالثة أياع من كل ل ووهر :فينه ورد أنه يعدل ص ووياع الس وونة؛ ألن الحس وونة بعش وور أمثالها .وص ووياع الثالث من كل ل ووهر يعدل ص ووياع الش ووهر كله .والش وريعة مبناها على اليس وور والس ووهولة .وجانب
الفضو وول فيها االب .وهذا العمل يسو ووير على من يسو وره هللا عليه ،ال يشو ووق على اإلنسو ووان وال يمنعه القياع بشو وويء من مهماته ،ومن ذلك ففيه هذا الفضو وول العظيهلل؛ ألن العمل كلما كان أطوع للرب وأنفع للعبد ،كان
الحث على تخصيص سنة من لوال ،وصياع يوع عرفة ،والتاسع والعالر من المحرع ،واالثنين والخميس. َ أفضل مما ليس كذلك .وقد ثبت
وأما صووالة الضووحى :فينه قد تكاثرت األحاديث الصووحيحة في فضوولها ،واختلا العلماء في اسووتحباب مداومتها ،أو أن يغب بها اإلنسووان .والصووحيط :أنه تسووتحب المداومة عليها لهذا الحديث وايره إال
"إنه يصوبط على كل آدمي كل يوع ثالثمائة وسوتون صودقة ،فكل تسوبيحة صودقة ،وكل تحميدة صودقة ،وكل تكبيرة صودقة ،وأمر لمن له عادة من صوالة الليل ،فيذا تركها أحياناً فال بأس .وقد أخبر رسوول هللا
بالمعروف صدقة ،ونهى عن المنكر صدقة .ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى"
قال العلماء :أقل صالة الضحى ركعتان ،وأعثرها ثمان ،ووقتها من ارتفاع الشمس ِق ْي َد رمط إلى قبيل الزوال.
حث عليه رسول هللا ، وداوع عليه حض اًر وسف اًر.
وأما الوتر :فينه سنة مؤكدةَ ،
لاء بثالث ،أو خمس ،أو سبع ،أو تسع ،أو إحدى عشر ركعة .وله أن يسردها بسالع واحد ،وأن يسلهلل من كل ركعتين. وأقله :ركعة واحدة ،وإن َ
ووقت الوتر من صالة العشاء اآلخرة إلى طلوع الفجر واألفضل آخر الليل لمن طمع أن يقوع آخره ،وإال أوترأوله كما في هذا الحديث.
الحديث الثامن والعشرون
: عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
بالغ ْدوة والروحة ،وليء من ال ذدَلجة" شاد الدين أحد إال البهِ ،
"إن الدين ُي ْسر ،ولن َي َّ
متفق عليه فس َددوا وقاربوا وأبشروا ،واستعينوا ُ
َ َ
القصد تَْبلُغوا".
َ القصد
وفي لفظ "و َ
ولن يشاد /كل من يشدد أو يصعب أو يظهر
التسديد/التوسيط يفعل العبد من العمل قدر ما يستطيع
وقاربوا /أي اجعلوها اقرب الى الكمال سيبشر باالجر
ما أعظهلل هذا الحديث ،وأجمعه للخير والوصووايا النافعة ،واألصووول الجامعة .فقد أُ َس وس في أوله هذا األصوول الكبير .فقال" :إن الدين يسوور" أي ميسوور مسووهل في عقائده وأخالقه وأعماله ،وفي أفعاله
أجل ااية وأفضو وول مطلوب وأخالقهِ ِ
صو ول مقتديها إلى َ وتُروكه .فين عقائده التي ترجع إلى اإليمان بالِل ومالئكته وكتبه ورسو ووله واليوع اآلخر والَق َدر خيره ولو وره :هي العقائد الصو ووحيحة التي تطم ن لها القلوب ،وتو َ
وأعماله أعمل األخالق ،وأصو وولط األعمال ،بها صو ووال الدين والدنيا واآلخرة .وبفواتها يفوت الصو ووال كله .وهي كلها ميس و ورة مسو ووهلة ،كل مكلا يرى نفسو ووه قاد اًر عليها ال تشو ووق عليه ،وال تكلفه ،عقائده صو ووحيحة
بسيطة .تقبلها العقول السليمة ،والفطر المستقيمة .وفرائضه أسهل ليء.
أما الصو و و و و وولوات الخمس :فينها تتكرر كل يوع وليلة خمس مرات في أوقات مناسو و و و و ووبة لها .وتمهلل اللطيف الخبير سو و و و و ووهولتها بييجاب الجماعة واالجتماع لها؛ فين االجتماع في الصبادات من المنشو و و و و ووطات
والمسهالت لها ورتب عليها من خير الدين وصال اإليمان ،وثواب هللا العاجل واآلجل ما يوجب للمؤمن أن يستحليها ،ويحمد هللا على فرضه لها على الصباد؛ إذ ال انى لههلل عنها.
وأما الزكاة :فينها ال تجب على فقير ليس عنده نصاب زكوي .وإنما تجب على األانياء تتميماً لدينههلل وإسالمههلل ،وتنمية ألموالههلل ،وأخالقههلل ،ودفعاً لآلفات عنههلل وعن أموالههلل ،وتطهي اًر لههلل من السي ات،
ومواساة لمحاويجههلل ،ويياماً لمصالحههلل الكلية .وهي مع ذلك جزء يسير جداً بالنسبة إلى ما أعطاههلل هللا من المال والرزق.
ويعوضوههلل هللا على ذلك من فضوله وإحسوانه – في النهار – من طعاع ولوراب ونكا وأما الصوياع :فين المفروض لوهر واحد من كل عاع ،يجتمع فيه المسولمون كلههلل ،فيتركن فيه لوهواتههلل األصولية –
تتميهلل دينههلل وإيمانههلل ،وزيادة كمالههلل ،وأجره العظيهلل ،وبره العميهلل ،واير ذلك مما رتبه على الصياع من الخير الكثير ،ويكون سبباً لحصول التقوى التي ترجع إلى فعل الخيرات كلها ،وترهللا المنكرات.
محل آخر .قال تعالى:
وأما الحا :فين هللا لهلل يفرض و و ووه إال على المس و و ووتطيع ،وفي العمر مرة واحدة .وفيه من المنافع الكثيرة الدينية والدنيوية ما ال يمكن تعداده .وقد فص و و وولنا مص و و ووالط الحا ومنافعه في َ
{لِ َي ْش َه ُدوا َم َن ِاف َع َل ُه ْهلل} 49أي :دينية ودنيوية.
يد ِب ُك ُهلل اْل ُع ْس و َر} 50ومع ذلك إذا عرض للعبد
َّللاُ ِب ُك ُهلل اْلُي ْس و َر َوالَ ُي ِر ُ
يد َ{ي ِر ُ
ثهلل بعد ذلك بقية ل ورائع اإلس ووالع التي هي في ااية الس ووهولة الراجعة ألداء حق هللا وحق اباده .فهي في نفس ووها ميس ورة .قال تعالى ُ
عارض مرض أو سفر أو ايرهما ،رتب على ذلك من التخفيفات ،وسقول بعض الواجبات ،أو صفاتها وهي تها ما هو معروف.
49
سورة احلج – آية .28
50
سورة البقرة – آية .85
رأى ذلك اير ل وواق ثهلل إذا نظر العبد إلى األعمال الموظفة على الصباد في اليوع والليلة المتنوعة من فرض ونفل ،وص ووالة وص ووياع وص وودقة وايرها ،وأراد أن يقتدي فيها بأعمل الخلق وإمامههلل محمد
حق على اإلنسووان برفق وسووهولة ،وأما من لوودد على نفسووه فلهلل يكتا كل من له َ وحق َوحق األهل واألصووحابَ ،وحق النفسَ ، حق هللاَ ،عليه ،وال مانع له عن مصووالط دنياه ،بل يتمكن معه من أداء الحقوق كلهاَ :
َّ
بما اعتفى به النبي ، وال بما علمه لألمة وأرل و و و وودههلل إليه ،بل اال ،وأوال في الصبادات :فين الدين يغلبه ،وآخر أمره العجز واالنقطاع ،ولهذا قال" :ولن َيش و و و و َ
واد الدي َن أحد إال البه" فمن قاوع هذا الدين بش و و و وودة
وحث عليه .فقال" :والقصد القصد تبلغوا". والو ،ولهلل يقتصد :البه الدين ،واستحسر ورجع القهقرى .ولهذا أمر
بالقصدَ ،
ثهلل وصوى بالتسوديد والمقاربة ،وتقوية النفوس بالبشوارة بالخير ،وعدع اليأس فالتسوديد :أن يقول اإلنسوان القول السوديد ،ويعمل العمل السوديد ،ويسولك الطريق الرلويد ،وهو اإلصوابة في أقواله وأفعاله من
عل وجه .فين لهلل يدرهللا السداد من كل وجه فليتق هللا م ا استطاع ،وليقارب الغرض .فمن لهلل يدرهللا الصواب كله فليكتا بالمقاربة .ومن عجز عن العمل كله فليعمل منه ما يستطيعه.
" :إذا أمرتكهلل بأمر فائتوا منه ما اس ووتطعتهلل" والمس ووائل المبنية على هذا األص وول ال تنحص وور .وفي حديث آخر دل عليه أيضوواً قوله تعالىَ{ :فاتَُّقوا ََّّللاَ َما ا ْسووتَ َط ْعتُ ْهلل} 51وقوله
ويؤخذ من هذا أص وول نافع َ
وب َِشروا وال تنفروا". ِ
"يسروا ،وال تعسرواَ .
َ
ثهلل ختهلل الحديث بوصووية خفيفة على النفوس ،وهي في ااية النفع .فقال" :واسووتعينوا بالغدوة والروحة ،ولوويء من ال ذدلجة" وهذه األوقات الثالثة كما أنها السووبب الوحيد لقطع المسووافات القريبة والبعيدة في
األسووفار الح َِس وية ،مع راحة المسووافر ،وراحة راحلته ،وصوووله براحة وسووهولة ،فهي السووبب الوحيد لقطع السووفر األخروي ،وسوولوهللا الص ورال المسووتقيهلل ،والسووير إلى هللا سووي اًر جميالً .فمتى أخذ العامل نفسووه ،ولووغلها
بالخير واألعمال الصوالحة المناسوبة لوقته – َأول نهاره وآخر نهاره ولوي اً من ليله ،وخصووصواً آخر الليل – حصول له من الخير ومن الباييات الصوالحات أعمل حظ ،وأوفر نصويب .ونال السوعادة والفوز والفال
وتهلل له النجا في راحة وطمأنينة ،مع حص ووول مقاص ووده الدنيوية ،وأا ارض ووه النفس ووية .وهذا من أعبر األدلة على رحمة هللا بصباده بهذا الدين الذي هو مادة الس ووعادة األبدية؛ إذ نص ووبه لصباده ،وأوض ووحه على ألس وونة
رسله ،وجعله ميس اًر مسهالً ،وأعان عليه من كل وجه .ولطا بالعاملين ،وحفظههلل من القواطع والعوائق.
فعلمت بهذا :أنه يؤخذ من هذا الحديث العظيهلل عدة قواعد:
القاعدة األولى :التيسير الشامل للشريعة على وجه العموع.
القاعدة الثانية :المشقة تجلب التيسير وقت حصولها.
القاعدة الثالثة :إذا أمرتكهلل بأمر فائتوا منه ما استطعتهلل.
القاعدة الرابعة :تنشيط أهل األعمال ،وتبشيرههلل بالخير والثواب المرتب على األعمال.
القاعدة الخامس :الوصية الجامعة في كيفية السير والسلوهللا إلى هللا ،التي تغني عن كل ليء وال يغني عنها ليء.
51
سورة التغابن – آية .16
الحديث التاسع والعشرون
هن يا رسول هللاف قال :إذا لقيته فسَلهلل عليه. عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا " : حق المسلهلل على المسلهلل ست :قيل :وما َ
فاتَبعه" رواه مسلهلل.
فع ْده ،وإذا مات ْ وإذا دعاهللا فأجبه ،وإذا استنصحك فانصط له ،وإذا عطس فحمد هللا َ ِ
فش َمته .وإذا مرض ُ
حق /واجب
اذا طلب نصيحتك فكن صاد َقا معه.
التشميت /ان يقول يرحمك هللا
ايادة المريض /أي زيارته
حق المسلمين كان ييامه بغيرها أولى .وحصل له أداء هذه الواجبات والحقوق التي فيها الخير الكثير واألجر العظيهلل من هللا.
هذه الحقوق الستة من قاع بها في َ
األولى" :إذا لقيته فسو وَلهلل عليه" فين الس ووالع س ووبب للمحبة التي توجب اإليمان الذي يوجب دخول الجنة ،كما قال " : والذي نفس ووي بيده ،ال تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا .وال تؤمنوا حتى تحابوا .أفال أدلكهلل
على ل وويء إذا فعلتموه تحاببتهللف أفشو ووا الس ووالع بينكهلل" والس ووالع من محاس وون اإلس ووالع؛ فين كل واحد من المتالقيين يدعو لآلخر بالس ووالمة من الش وورور ،وبالرحمة والبركة الجالبة لكل خير ،ويتبع ذلك من البش ووال ووة
وألفا التحية المناسبة ما يوجب التةلا والمحبة ،ويزيل الوحشة والتقاطع.
رد التحية بمثلها أو أحسن منها ،وخير الناس من بدأههلل بالسالع. َّ
المسلهلل عليه َ حق للمسلهلل .وعلى
فالسالع َ
الثانية" :إذا دعاهللا فأجبه" أي :دعاهللا لدعوة طعاع ولراب فاجبر خاطر أخيك الذي أدلى إليك وأعرمك بالدعوة ،وأجبه لذلك إال أن يكون لك عذر.
الثالثة :قوله" :وإذا اس ووتنص ووحك فانص ووط له" أي :إذا اس ووتش ووارهللا في عمل من األعمال :هل يعمله أع الف فانص ووط له بما تحبه لنفس ووك .فين كان العمل نافعاً من كل وجه فحثه على فعله ،وإن كان مض و اًر
فحذره منه وإن احتوى على نفع وضوورر فالوور له ذلك ،ووازن بين المصووالط والمفاسوود .وكذلك إذا لوواورهللا على معاملة أحد من الناس أو تزويجه أو التزوج منه فابذل له محض نصوويحتك ،وأعمل له من الرأي ما
تعمله لنفس ،وإياهللا أن تغشه في ليء من ذلك .فمن عش المسلمين فليس منههلل ،وقد ترهللا واجب النصيحة.
وهذه النصيحة واجبة مطلقاً ،ولكنها تتأعد إذا استنصحك وطلب منك الرأي النافع .ولهذا قيده في هذه الحالة التي تتأعد .وقد تقدع لر الحديث "الدين النصيحة" بما يغني عن إعادة الكالع.
الرابعة :قوله" :وإذا عطس فحمد هللا فش وومته" وذلك أن العطاس نعمة من هللا؛ لخروج هذه الريط المحتقنة في أجزاء بدن اإلنس ووان ،يس وور هللا لها منفذاً تخرج منه فيس ووتريط العاطس .فش وورع له أن يحمد هللا
فوت على نفسو ووه النعمتين :نعمة
على هذه النعمة .ولو وورع ألخيه أن يقول له" :يرحمك هللا" وأمره أن يجيبه بقوله" :يهديكهلل هللا ويصو وولط بالكهلل" فمن لهلل يحمد هللا لهلل يسو ووتحق التشو ووميت ،وال يلومن إال نفسو ووه .فهو الذي َ
الحمد هلل ،ونعمة دعاء أخيه له المرتب على الحمد.
الخامسةة :قوله "وإذا مرض فعده" ايادة المريض من حقوق المسولهلل ،وخصووصواً من له حق عليك متأعد ،كالقريب والصواحب ونحوهما .وهي من أفضول األعمال الصوالحة .ومن عاد أخاه المسولهلل لهلل يزل
يخوض الرحمة ،فيذا جلس عنده امرت الرحمة .ومن عاده أول النهار صولت عليه المالئكة حتى يمسوي .ومن عاده آخر النهار صولت عليه المالئكة حتى يصوبط ،وينبغي للعائد أن يدعو له بالشوفاء ،وينفس له،
ويشر خاطره بالبشارة بالعافية ،ويذكره التوبة واإلنابة إلى هللا والوصية النافعة .وال يطيل عنده الجلوس ،بل بمقدار الصيادة ،إال أن يؤثر المريض كثرة تردده وكثرة جلوسه عنده ،فلكل مقاع مقال.
السادسة :قوله" :وإذا مات فا ْتبعه" فين من تبع جنازة حتى يصلى عليها فله قيرال من األجر( .)1فين تبعها حتى تدفن فله قيراطان .واتباع الجنازة فيه حق هلل ،وحق للميت ،وحق ألقاربه األحياء.
()1
أي نصيب من الثواب.
الحديث الثالثون حفظ
: عن أبي موسى األلعري رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
رواه البخاري. "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً"
هذا من أعبر ِمنن هللا على اباده المؤمنين :أن أعمالههلل المس و و و و و ووتمرة المعتادة إذا قطعههلل عنها مرض أو س و و و و و ووفر كتبت لههلل كلها كاملة؛ ألن هللا يعلهلل منههلل أنه لوال ذلك المانع
لفعلوها ،فيعطيههلل تعالى بنياتههلل مثل أجور العاملين مع أجر المرض الخاص ،ومع ما يحصو و وول به من القياع بوظيفة الصو و ووبر ،أو ما هو أعمل من ذلك من الرضو و ووى والشو و ووكر ،ومن
الخضو وووع هلل واالنكسو ووار له .ومع ما يفعله المسو ووافر من أعمال ربما ال يفعلها في الحضو وور :من تعليهلل ،أو نصو وويحة ،أو إرلو وواد إلى مصو وولحة دينية أو دنيوية وخصو وووصو واً في األسو ووفار
الخيرية ،كالجهاد ،والحا والعمرة ،ونحوها.
ويودخول في هوذا الحوديوث :أن من فعول الصبوادة على وجوه نواقص وهو يعجز عن فعلهوا على الوجوه األعمول ،فوين هللا يكمول لوه بنيتوه موا كوان يفعلوه لو قودر عليوه؛ فوين العجز عن
مكمالت الصبادات نوع مرض .وهللا أعلهلل.
ومن كان من نيته عمل خير ،ولكنه التغل بعمل آخر أفضل منه ،وال يمكنه الجمع بين األمرين :فهو أولى أن يكتب له ذلك العمل الذي منعه منه عمل أفضل منه ،بل لو
التغل بنظيره .وفضل هللا تعالى عظيهلل.
الحديث الحادي والثالثون
" :أسرعوا بالجنازة .فين تك صالحة فخير تقدمونها إليه .وإن تك اير ذلك فشر تضعونه عن عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
متفق عليه. رقابكهلل"
ٍ
محتو على مسائل أصولية وفرواية. هذا الحديث
" :أس وورعوا بالجنازة" -1يش وومل اإلس وراع بتغس وويلها وتكفينها وحملها ودفنها ،وجميع متعلقات التجهيز .ولهذا كانت هذه األمور من فروض الكفاية .ويس ووتثنى من هذا فقوله
اإلسراع إذا كان التأخير فيه مصلحة راجحة ،كأن يموت بغتة ،فيتعين تأخيره حتى يتحقق موته :ل ال يكون قد أصابته سكتة.
تأخيره لكثرة الجمع ،أو لحض و و و ووور من له حق عليه من قريب ونحوه .وقد علل ذلك بمنفعة الميت لتقديمه لما هو خير له من النصيهلل ،أو لمص و و و وولحة الحي وينبغي أيضو و و و واً –
بالسرعة في اإلبعاد عن الشر.
وإذا كان هذا مأمو اًر به في أمور تجهيزه ،فمن باب أولى -2اإلسراع في إبراء ذمته من ديون وحقوق عليه ،فينه إلى ذلك أحوج.
وفيه :الحث على االهتماع بشوأن أخيك المسولهلل حياً وميتاً ،وباإلسوراع إلى ما فيه خير له في دينه ودنياه .كما أن فيه :الحق على البعد عن أسوباب الشور ،ومباعدة المجرمين،
حتى في الحالة التي يبتلى اإلنسان فيها بمبالرته.
( )1
وعذابه .وقد تواترت بذلك األحاديث عن النبي ،وأن مبتدأ ذلك وضو و ووعه في قبره إذا تهلل دفنه ،ولهذا يشو و وورع في هذه الحال الوقوف وفي هذا الحديث :إثبات نصيهلل البرزا
على قبره والدعاء له ،واالستغفار ،وسؤال هللا له الثبات.
وفي هذا أيضو واً :التنبيه على أس ووباب نصيهلل البرزا وعذابه ،وأن أس ووباب النصيهلل الص ووال ؛ لقوله" :فين كانت ص ووالط" والص ووال كلمة جامعة تحتوي على تص ووديق هللا ورس وووله،
وطاعة هللا ورس و وووله .فهو تص و ووديق الخبر ،وامتثال األمر ،واجتناب النهي ،وأن العذاب س و ووببه اإلخالل بالص و ووال :إما لش و ووك في الدين ،أو اجت ارء على المحارع ،أو لترهللا ل و وويء من
ص َال َها ِإال األ َْلَقىَّ ،ال ِذي َك َّذ َب َوتََوَّلى}( )2كذب الخبر ،وتولى عن األمر.
الواجبات والفرائض .وجميع األسباب المفصلة في األحاديث واآلثار ترجع إلى ذلك .ولذلك قال تعالى{ :ال َي ْ
()1
الربزخ :هو ما بني اإلنسان وبعثه للحساب.
()2
سورة الليل – اآليتان .16 ، 15
الحديث الثاني والثالثون
الورِق صدقة .وليس ٍ
" :ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة .وليس فيما دون خمس أواق من َ عن أبي سعيد الخدري قال :قال رسول هللا
فيما دون خمس َذوٍد صدقة" متفق عليه.
ْ
التمل هذا الحديث على تحديد أنصبة األموال الزكوية الغالية ،والتي تجب فيه الزكاة :الحبوب ،والثمار ،والموالي من األنعاع الثالثة والنقود ،وما يتفرع عنها من عروض التجارة.
الو ْسوق :سوتون صواعاً بصواع النبي .فتكون الخمسوة األوسوق ثالثمائة صواع .فمن بلغت حبوب
أما زكاة الحبوب والثمار :فين نص هذا الحديث أن نصوابها خمسوة أوسوق .فما دون ذلك ال زكاة فيه .و َ
زرعه أو َم َغ َّل ثمره هذا المقدار فأعثر :فعليه زكاته فيما ُسقي بمؤونة نصا العشر ،وفيما سقي بغير مؤونة العشر.
وأما زكاة الموالي :فليس فيما دون خمس من اإلبل ليء .فيذا بلغت خمساً :ففيها لاة .ثهلل في كل خمس لاة ،إلى خمس وعشرين :فتجب فيها بنت مخاض ،وهي التي تهلل لها سنة ،وفي ست وثالثين:
بنت لبون ،لها سوونتان .وفي سووت وأربعينِ :حَّقة ،لها ثالث سوونين .وفي إحدى وسووتينَ :ج َذعة ،لها أربع سوونين .وفي سووت وسووبعين :بنتا لبون ،وفي إحدى وتسووعين :حقتان .فيذا زادت على عشورين ومائة :ففي كل
أربعين بنت لبون ،وفي كل خمسين حقة.
وأما نصاب البقر :فالثالثون فيها تبيع أو تبيعة ،له سنة .وفي أربعين ُم ِسَّنة ،لها سنتان .ثهلل في كل ثالثين تبيع .وفي كل أربعين مسنة.
وأما نصواب الغنهلل :فأقله أربعون ،فيها لواة .وفي إحدى وعشورين ومائة :لواتان .وفي مائتين وواحدة :ثالث لوياه .ثهلل في كل مائة :لواة ،وما بين الفرضوين يقال له"َ :وْقص" في الموالوي خاصوة ،ال لويء
فيه ،بل هو عفو.
وأما بقية الحيوانات ،كالخيل والبغال والحمير وايرها :فليس فيه زكاة ،إال إذا أعد للبيع والشراء.
أعد للبيع والشوراء وأما نصوواب النقود من الفضووة :فأقله خمس أواق .واألويية أربعون درهماً .فمتى بلغت عنده مائتي درههلل :ففيه ربع العشوور .وكذلك ما تفرع عن النقدين من عروض التجارة .وهو كل ما َ
فيَقَّوع إذا حال الحول بقيمة النقود ،ويخرج عنه ربع العش وور .وال بد في جميعها من تماع الحول إال الحبوب والثمار ،فينها تخرج زكاتها وقت الحص وواد والجذاذ( ،)1قال تعالىَ { :وآتُوْا َحَّق ُه َي ْوَع ألجل المكس ووب والربطُ ،
ص ِادِه}( .)2فهذه أصناف األموال التي تجب فيها الزكاة.
َح َ
يل َف ِريض ًة ِمن ِ َّللاِ َو ْاب ِن َّ
السِب ِ ين وِفي سِب ِ وبههلل وِفي َِ ِ َّ ِ ِِ الصدَقات لِْلُفَقراء واْلمس ِ
َّللاُ
َّللا َو ََ ََ َ يل َ ِ
الرَقاب َواْل َغ ِارم َ َ َ ين َعَل ْي َها َواْل ُم َؤلَفة ُقلُ ُ ُ ْ َ اع ِ
ين َواْل َعامل َ َ َ ََ وأما مصرفها :فلألصناف الثمانية المذكورين في قوله تعالىِ{ :إَّن َما َّ َ ُ
َعلِيهلل َح ِكيهلل}(.)3
()1
احلصار للزرع وجذاذ الثمر.
()2
سورة األنعام – آية . 141
()3
سورة التوبة – آية . 60
نصاب الزكاة في اإلبل
91من اإلبل 76من اإلبل 61من اإلبل 46من اإلبل 36من اإلبل 25من اإلبل 5من اإلبل
حقتان بنتا لبون جذعه ( أربع سنني ) حقه ( ثالث سنني ) بنت لبون ( سنتان ) بنت خماض ( سنه ) شاه
( األنثى من الغنم )
المقامات في الدنيا واآلخرة .وعدههلل النص وور ،وأن ييس وورههلل لليس وورى ويجنبههلل ُ
العس وورى .ووعدههلل بالس ووعادة والفال والنجا ،وأن يوفيههلل أجرههلل بغير حس وواب ،وأن يخلا عليههلل في الدنيا
أعثر مما أخذ منههلل من محبوباتههلل ،وأحسون ،يعوضوههلل عن وقوع المكروهات عوضواً عاجالً يقابل أضوعاف أضوعاف ما وقع عليههلل من كريهة ومصويبة .وهو في ابتدائه صوعب لوديد.
وفي انتهائه سهل حميد العواقب كما قيل:
لكن عوايبه أحلى من العسل والصبر مثل اسمه ُمٌّر مذاقته
()1
سورة البقرة – آية . 45
()1
سورة الرعد – اآليتان . 24 ، 23
()2
سورة الفرقان – آية . 75
الحديث الرابع والثالثون
" :ما نقصت صدقة من مال ،وما زاد هللا عبداً بعفو إال ع اًز .وما تواضع أحد هلل إال رفعه هللا" عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
رواه مسلهلل.
العفو /السما
هذا الحديث احتوى على فضول الصودقة ،والعفو والتواضوع ،وبيان ثمراتها العاجلة واآلجلة ،وأن كل ما يتوهمه المتوههلل من نقص الصودقة للمال ،ومنافاة العفو للعز ،والتواضوع
للرفعة .وههلل االط ،وظن كاذب.
فالص و و و وودقة ال تنقص المال؛ ألنه لو فرض أنه نقص من جهة ،فقد زاد من جهات أُخر؛ فين الص و و و وودقة تبارهللا المال ،وتدفع عنه اآلفات وتنميه ،وتفتط للمتص و و و وودق من أبواب
الرزق وأسباب الزيادة أمو اًر ما تفتط على ايره .فهل يقابل ذلك النقص بعض هذه الثمرات الجليلةف
،وبالمش وواهدات والتجربات المعلومة .هذا كله س وووى ما لص وواحبها عند هللا :من الثواب الجزيل، فالص وودقة هلل التي في محلها ال تنفد المال قطعاً ،وال تنقص ووه بنص النبي
والخير والرفعة.
وأما العفو عن جنايات المسي ين بأقوالههلل وأفعالههلل :فال يتوههلل منه الذل ،بل هذا عين العز ،فين العز هو الرفعة عند هللا وعند خلقه ،مع القدرة على قهر الخصوع واألعداء.
ومعلوع ما يحصل للعافي من الخير والثناء عند الخلق وانقالب العدو صديقاً ،وانقالب الناس مع العافي ،ونصرتههلل له بالقول والفعل على خصمه ،ومعاملة هللا له من جنس
ٍ ( )1
ين أُوتُوا اْل ِعْل َهلل َد َر َجات} َّللا َّال ِذين آمنوا ِم ُ َّ ِ
نك ْهلل َوالذ َ عمله ،فين من عفا عن اباد هللا عفا هللا عنه .وكذلك المتواضع هلل ولصباده ويرفعه هللا درجات؛ فين هللا ذكر الرفعة في قولهَ { :ي ْرَف ِع َّ ُ َ َ ُ
أجل ثمرات العلهلل واإليمان :التواضع؛ فينه االنقياد الكامل للحق ،والخضوع ألمر هللا ورسوله؛ امتثاالً لألمر ،واجتناباً للنهي ،مع التواضع لصباد هللا ،وخفض الجنا لههلل ،ومراعاة فمن َ
الصغير والكبير ،والشريف والوضيع .وضد ذلك التكبر؛ فهو امط الحق ،واحتقار الناس.
وهذه الثالث المذكورات في هذا الحديث :مقدمات صوفات المحسونين .فهذا محسون في ماله ،ودفع حاجة المحتاجين .وهذا محسون بالعفو عن جنايات المسوي ين .وهذا محسون
إليههلل بحلمه وتواض و ووعه ،وح س و وون خلقه مع الناس أجمعين .وهؤالء قد وس و ووعوا الناس بأخالقههلل وإحس و ووانههلل ورفعههلل هللا فص و ووار لههلل المحل األل و وورف بين الصباد ،مع ما يدخر هللا لههلل من
الثواب.
" :وما تواضووع أحد هلل" تنبيه على حسوون القصوود واإلخالص هلل في تواضووعه؛ ألن كثي اًر من الناس قد يظهر التواضووع لألانياء ليصوويب من دنياههلل ،أو للرؤسوواء وفي قوله
لينال بسووببههلل مطلوبه .وقد يظهر التواضووع رياء وسوومعة .وكل هذه أاراض فاسوودة .ال ينفع العبد إال التواضووع هلل تقرباً إليه .وطلباً لثوابه ،وإحسوواناً إلى الخلق؛ فكمال اإلحسووان وروحه
اإلخالص هلل.
()1
سورة اجملادلة – آية . 11
التواضع /عدم التكبر والتعالي على الناس
وكان خلق التواضع من األخالق التي اتصف بها صلى هللا عليه وسلم ،فكان خافض الجناح للكبير
والصغير ،والقريب والبعيد ،واألهل واألصحاب ،والرجل والمرأة ،والصبي والصغير ،والعبد والجارية،
والمسلم وغير المسلم ،فالكل في نظره سواء ،ال فضل ألحد على آخر إال بالعمل الصالح.
وكان صلى هللا عليه وسلم إذا دخل عليهم الداخل ال يميزه من بين أصحابه ألنه يلبس كما يلبسون ويجلس
بينهم فال يميز نفسه عنهم.
وفي غزوة الخندق حمل التراب أثناء حفر الخندق وقام بنقله مع صحابته بال كلل أو تأفف.
ومن تواضع الصحابة أنَّه قبل أن يُستخلف أبو بكررضي هللا عنه على المسلمين بعد موت رسول هللا صلّى
هللا عليه وسلّم وكان يحلب لبعض القوم أغنامهم فقالوا بعد أن أصبح خليفة :اآلن أبو بكر لن يحلب لنا ،فقال
ألحلبن لكم وأرجو َّأال يُغيرني ما أنا دخلت فيه".
َّ أبو بكر" :بلى
الحديث الخامس والثالثون
عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا " : عل عمل ابن آدع يضاعا :الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعا .قال هللا تعالى :إال
الصوع .فينه لي ،وأنا أجزي به؛ يدع لهوته وطعامه من أجلي .للصائهلل فرحتان :فرحة عند ِفطره ،وفرحة عند لقاء ربه .وَل َخُلوف فهلل الصائهلل أطيب عند هللا
متفق عليه. من ريط المسك .والصوع ُجَّنة .وإذا كان يوع صوع أحدكهلل فال يرفث وال يصخب ،فين سابَّه أحد أو قاتله ،فليقل :إني امرؤ صائهلل"
ما أعظهلل هذا الحديث؛ فينه ذكر األعمال عموماً ،ثهلل الصو ووياع خصو وووص و واً وذكر فضو ووله وخواصو ووه ،وثوابه العاجل واآلجل ،وبيان حكمته ،والمقصو ووود منه ،وما ينبغي فيه من
اآلداب الفاضلة .كلها احتوى عليها هذا الحديث.
مضوواعفة من عشوور إلى سووبعمائة فبين هذا األصوول الجامع ،وأن جميع األعمال الصووالحة – من أقوال وأفعال ،ظاهرة أو باطنة ،س وواء تعلقت بحق هللا ،أو بحقوق الصباد –
ضعا ،إلى أضعاف كثيرة.
وهذا من أعظهلل ما يدل على سعة فضل هللا ،وإحسانه على اباده المؤمنين؛ إذ جعل جناياتههلل ومخالفتههلل الواحدة بجزاء واحد ،ومغفرة هللا تعالى فوق ذلك.
وأما الحسنة :فأقل التضيف أو الواحدة بعشر .وقد تزيد على ذلك بأسباب.
منها :قوة إيمان العامل ،وكمال إخالصه .فكلما قوي اإليمان واإلخالص تضاعا ثواب العمل.
في قص و و و ووة ومنها :أن يكون للعمل موقع كبير ،كالنفقة في الجهاد والعلهلل ،والمش و و و وواريع الدينية العامة ،وكالعمل الذي قوي بحس و و و وونه وقوته ودفعه المعارض و و و ووات ،كما ذكره
الب ِغ ِي التي سوقت الكلب ،فشوكر هللا لها وافر لها .ومثل العمل الذي يثمر أعماالً أُخر ،ويقتدي به ايره ،أو يشواركه فيه مشوارهللا ،وكدفع الضورورات العظيمة، أصوحاب الغار ،وقصوة
َ َ
وحصول المبرات الكبيرة ،وكالمضاعفة لفضل الزمان أو المكان ،أو العامل عند هللا.
فهذه المضاعفات كلها لاملة لكل عمل.
واسوتثنى في هذا الحديث الصوياع ،وأضوافه إليه ،وأنه الذي يجزى به بمحض فضوله وكرمه ،من اير مقابلة للعمل بالتضوصيف المذكور الذي تشوترهللا فيه األعمال .وهذا لويء
َجرُههلل ِب َغ ْي ِر ِحس ٍ ال يمكن التعبير عنه ،بل يجازيههلل بما ال عين رأت ،وال أُذن سمعت ،وال خطر على قلب بشر .قال تعالىِ( :إَّن َما ُي َوَّفى َّ
اب) َ الصاِب ُرو َن أ ْ َ
وفي الحديث كالتنبيه على حكمة هذا التخص وويص ،وأن الص ووائهلل لما ترهللا محبوبات النفس التي طبعت على محبتها ،وتقديمها على ايرها ،وأنها من األمور الض وورورية ،فقدع
الصووائهلل عليها محبة ربه ،فتركها هلل في حالة ال يطلع عليها إال هللا ،وصووارت محبته هلل مقدمة وقاهرة لكل محبة نفسووية ،وطلب رضوواه وثوابه مقدماً على تحصوويل األاراض النفسووية.
وخص أولياءه منها بالحظ
َ فلهذا اختص و ووه هللا لنفس و ووه ،وجعل ثواب الص و ووائهلل عنده .فما ظنك بأجر وجزاء تكفل به الرحمن الرحيهلل الكريهلل المنان ،الذي عمت مواهبه جميع الموجودات،
األوفر ،والنص و وويب األعمل ،وقدر لههلل من األس و ووباب واأللطاف التي ينالون بها ما عنده على أمور ال تخطر له بالبال .وال تدور في الخيالف فما ظنك أن يفعل هللا بهؤالء الص و ووائمين
المخلصينف
وهنا يقا القلهلل ،ويس ووبط قلب الص ووائهلل فرحاً وطرباً بعمل اختص ووه هللا لنفس ووه ،وجعل جزاءه من فض ووله المحض ،وإحس ووانه الص وورف .وذلك فض وول هللا يؤتيه من يش وواء ،وهللا ذو
الفضل العظيهلل.
ودل الحديث على أن الصووياع الكامل هو الذي يدع العبد فيه لووي ين :المفطرات الحسووية ،من طعاع ول وراب ونكا وتوابعها .والمنقصووات العملية ،فال يرفث وال يصووخب ،وال َ
يعمل عمالً محرماً ،وال يتكلهلل بكالع محرع .بل يجتنب جميع المعاصو و و و ووي ،وجميع المخاصو و و و وومات والمنازعات المحدثة للشو و و و ووحناء .ولهذا قال" :فال يرفث" أي :ال يتكلهلل بكالع قبيط "وال
يصخب" بالكالع المحدث للفتن والمخاصمات .كما قال في الحديث اآلخر" :من لهلل يدع قول الزور والعمل به فليس هلل حاجة في أن يدع طعامه ولرابه".
فمن حقق األمرين :ترهللا المفطرات ،وترهللا المنهيات ،تهلل له أجر الصائمين .ومن لهلل يفعل ذلك فال يلومن إال نفسه.
ثهلل أرلد الصائهلل إذا عرض له أحد يريد مخاصمته ومشاتمته أن يقول له بلسانه" :إني صائهلل".
وفائدة ذلك :أن يريد كأنه يقول :اعلهلل أنه ليس بي عجز عن مقابلتك على ما تقول ،ولكني صوائهلل ،أحترع صويامي وأراعي كماله ،وأمر هللا ورسووله .واعلهلل أن الصوياع يدعوني
إلى ترهللا المقابلة ،ويحثذني على الصبر .فما عملته أنا خير وأعلى مما ملته معي أيها المخاصهلل.
وفيه :العناية باألعمال كلها من صو ووياع وايره ،ومراعاة تكميلها ،والبعد عن جميع المنقصو ووات لها ،وتذكر مقتضو وويات العمل ،وما يوجبه على العامل وقت حصو ووول األسو ووباب
الجارحة للعمل.
وقوله" :الصياع ُجَّنة" أي :وقاية يجنبنا يتقي بها العبد الذنوب في الدنيا ويتمرن به على الخير ،ووقاية من العذاب.
ين ِمن َقْبلِ ُك ْهلل َل َعَّل ُك ْهلل تَتَُّقو َن}( )1فكون الصوووع جنة، َّ ِ ِ ِ ِ فهذا من أعظهلل حكهلل الشووارع من فوائد الصووياع ،وذلك لقوله تعالى{ :يا أَي َّ ِ
اع َك َما ُكت َب َعَلى الذ َ
ص و َي ُ
آم ُنوْا ُكت َب َعَل ْي ُك ُهلل ال َ
ين َ
ذها الذ َ
َ َ
وسبب لحصول التقوى :هو مجموع الحكهلل التي فصلت في حكمة الصياع وفوائده فينه يمنع من المحرمات أو يخففها ،ويحث على كثير من الطاعات.
" :للصائهلل فرحتان :فرحة عند فطره ،وفرحة عند لقاء ربه". وقوله
هذا ثوابان :عاجل ،وآجل.
فالعاجل :مشاهد إذا أفطر الصائهلل فر بنعمة هللا عليه بتكميل الصياع .وفر بنيل لهواته التي منع منها في النهار.
واآلجل :فرحه عند لقاء ربه برضوانه وكرامته .وهذا الفر المعجل نموذج ذلك الفر المؤجل ،وأن هللا سيجمعهما للصائهلل.
()1
سورة البقرة – آية . 183
وفيه :اإلل ووارة إلى أن الص ووائهلل إذا قارب فطره ،وحص وولت له هذه الفرحة ،فينها تقابل ما مر عليها في نهاره من مش ووقة ترهللا الش ووهوات .فهي من باب التنش وويط ،وإنهاض الهمهلل
على الخير.
وقوله" :ولخلوف فهلل الصائهلل أطيب عند هللا من ريط المسك".
الخلوف :هو األثر الذي يكون في الفهلل من رائحة الجوف عند خلوه من الطعاع وتص و و وواعد األبخرة .فهو وإن كان كريهاً للنفوس ،فال تحزن أيها الص و و ووائهلل؛ فينه أطيب عند هللا
من ريط المسك ،فينه متأثر عن ابادته والتقرب إليه .وكل ما تأثر عن الصبادات من المشقات والكريهات فهو محبوب هلل .ومحبوب هللا عند المؤمن مقدع على كل ليء.
الحديث السادس والثالثون
إلي مما عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا " : إن هللا قال :من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب .وما تقرب إل َي عبدي بشيء أحب َّ
ش بهاِ ،
ور ْجُله طُ
بالنوافل حتى أحبه .فيذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ،وبصره الذي يبصر به ،ويده التي يب ُ إلي َّ
يتقرب َّ
افترضت عليه .وما يزال عبدي َّ
ترد َدت عن ليء أنا فاعله ترددي عن َي ْب ِ ِ
ض نفس المؤمن :يكره (يجَنبه) .وما َ التي يمشي بها .ول ن سألني(الطلب) ألُعط َّينه ،ول ن استعاذني ألُعيذنه َ
الموت ،وأعره مساءته .وال ب َد له منه" رواه البخاري.
ُ
هذا حديث جليل ،ألرف حديث في أوصاف األولياء ،وفضلههلل ومقاماتههلل.
فأخبر أن معاداة أوليائه معاداة له ومحاربة له .ومن كان متصدياً لعداوة الرب ومحاربة مالك الملك فهو مخذول .ومن تكفل هللا َّ
بالذ َِب عنه فهو منصور .وذلك لكمال موافقة
أولياء هللا هلل في محابه؛ فأحبههلل وقاع بكفايتههلل ،وكفاههلل ما أهمههلل.
ثهلل ذكر ص ووفة األولياء الص ووفة الكاملة ،وأن أولياء هللا ههلل الذين تقربوا إلى هللا بأداء الفرائض أوالً :من ص ووالة وص ووياع وزكاة وحا وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر ،وجهاد،
ويياع بحقوقه وحقوق اباده الواجبة.
ثهلل انتقلوا من هذه الدرجة إلى التقرب إليه بالنوافل ،فين كل جنس من الصبادات الواجبة مشروع من جنسه نوافل فيها فضائل عظيمة تكمل الفرائض ،وتكمل ثوابها.
. فأولياء هللا قاموا بالفرائض والنوافل ،فتوالههلل وأحبههلل وسوهل لههلل كل طريق يوصولههلل إلى رضواه .ووفقههلل وسوددههلل في جميع حركاتههلل ،فين سومعوا سومعوا بالِل .وإن أبصوروا
وإن بطشوا أو مشوا ففي طاعة هللا.
ومع تسديده لههلل في حركاتههلل جعلههلل مجابي الدعوة :إن سألوه أعطاههلل مصالط دينههلل ودنياههلل ،وإن استعاذوه من الشرور أعاذههلل.
ومع ذلك لطا بههلل في كل أحوالههلل ،ولوال أنه قضووى على اباده بالموت لسوولهلل منه أولياءه؛ ألنههلل يكرهونه لمشووقته وعظمته .وهللا يكره مسوواءتههلل ،ولكن لما كان القضوواء نافذاً
عان ال بد لههلل منه.
فبين في هذا الحديث :ص و ووفة األولياء ،وفض و ووائلههلل المتنوعة ،وحص و ووول محبة هللا لههلل التي هي أعظهلل ما تنافس فيه المتنافس و ووون ،وأنه معههلل وناصو و ورههلل ،ومؤيدههلل ومس و ووددههلل،
ومجيب دعواتههلل.
ويدل هذا الحديث على :إثبات محبة هللا ،وتفاوتها ألوليائه بحسب مقاماتههلل.
َّ ِ ألولياء هللا بأداء الفرائض واإلعثار من النوافل ،مطابق لوصا هللا لههلل باإليمان والتقوى في قوله{ :أَال ِإ َّن أَولِياء ِ
َّللا الَ َخ ْوف َعَل ْي ِه ْهلل َوالَ ُه ْهلل َي ْح َزُنو َن ،الذ َ
ين َْ َ ووصا النبي
آم ُنوْا َوَك ُانوْا َيتَُّقو َن}
( )1
َ
فكل من كان مؤمناً تقياً كان هلل ولياً؛ ألن اإليمان يشمل العقائد ،وأعمال القلوب والجوار .والتقوى ترهللا جميع المحرمات.
أحب إلي مما افترضوت عليه" ،وأنه عند
ويدل على أصول عظيهلل :وهو أن الفرائض مقدمة على النوافل ،وأحب إلى هللا وأعثر أج اًر وثواباً .لقوله" :وما تقرب إلي عبدي بشويء َ
التزاحهلل يتعين تقديهلل الفروض على النوافل.
()1
سورة يونس – آية . 63 , 62
الحديث السابع والثالثون
عن حكيهلل بن حزاع رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا َِ " :
البيعان بالخيار ما لهلل يتفرقا .فين صدقا وبيَّنا :بورهللا لهما في بيعهما .وإن كذبا وكتما:
محقت بركة بيعهما" متفق عليه.
البيعان (البائع والمشتري) مخيران بين الفسخ (عدع إتماع البيع) أو اإلمضاء في البيع طالما أنهما في محل التبايع.
بيَّنا واضط ال يخفي من العيب
الكتمان /اإلخفاء
البيان/الوضو
هذا الحديث أصل في بيان المعامالت النافعة ،والمعامالت الضارة وأن الفاصل بين النوعين :الصدق والبيان.
فمن ص و و وودق في معاملته ،وبين جميع ما تتوقا عليه المعاملة من األوص و و وواف المقص و و ووودة ،ومن العيوب والنقص .فهذه معاملة نافعة في العاجل بامتثال أمر هللا ورس و و وووله،
والسالمة من اإلثهلل ،وبنزول البركة في معاملته .وفي اآلجلة بحصول الثواب ،والسالمة من العقاب.
ومن كذب وكتهلل العيوب ،وما في العقود عليه من الصفات فهو مع إثمه معاملته ممحوقة البركة .متى نزعت البركة من المعاملة خسر صاحبها دنياه وأُخراه.
ويسوتدل بهذا األصول على تحريهلل التدليس ،وإخفاء العيوب ،وتحريهلل الغش ،والبخس في الموازين والمكاييل والذرع وايرها؛ فينها من الكذب والكتمان .وكذلك تحريهلل النجش(،)1
والخداع في المعامالت وتلقي الجلب ليبيعههلل ،أو يشتري منههلل.
ويدخل فيه :الكذب في مقدار الثمن والمثمن ،وفي وصا المعقود عليه ،واير ذلك.
وضابط ذلك :أن كل ليء تكره أن يعاملك فيه أخوهللا المسلهلل أو ايره وال يخبرهللا به ،فينه من باب الكذب واإلخفاء والغش.
ويدخل في هذا :البيع بأنواعه ،واإلجارات ،والمشاركات وجميع المعاوضات ،وآجالها ووثائقها .فكلها يتعين على العبد فيها ،الصدق والبيان ،وال يحل له الكذب والكتمان.
تفرقا ثبت البيع
وفي هذا الحديث :إثبات خيار المجلس في البيع ،وأن لكل واحد من المتبايعين الخيار بين اإلمضو و وواء(االسو و ووتمرار) أو الفسو و ووخ ،ما داما في محل التبايع .فيذا َ
ووجب ،وليس لواحد منهما بعد ذلك الخيار إال بسبب يوجب الفسخ ،كخيار لرل ،أو عيب يجده قد أخفى عليه ،أو تدليس أو تعذر معرفة ثمن ،أو مثمن.
والحكمة في إثبات خيار المجلس :أن البيع يقع كثي اًر جداً ،وكثي اًر ما يندع اإلنسو ووان على بيعه أو ل و ورائه؛ فجعل له الشو ووارع الخيار؛ كي يتروى وينظر حاله :هل يمضو ووي ،أو
يفسخف وهللا أعلهلل.
()1
هو حنو زايدة يف الثمن على قيمة احلاجة من غري ربة يف الشراء ليخدع املزاودين اآلخرين.
الحديث الثامن والثالثون*
رواه مسلهلل. الغرر"
عن بيع الحصاة ،وعن بيع َ عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال" :نهى رسول هللا
الحصاة /الحجارة
بيع الغرر /بيع المجهول أو ال يمكن تسليمه
وكذلك الترطوا :العلهلل باألجل ،إذا كان الثمن أو بعضه ،أو المبيع في السلهلل مؤجالً؛ ألن جهالة األجل َِ
تصير العقد ار اًر.
الغرر الذي يتفقان عليه .فمن باب أولى أن يدخل فيه التغرير ،وتدليس أحدهما على اآلخر لو و و و ووي اً من أمور المعاملة :من معقود به،
ُ وكما يدخل في النهي عن بيع الغرر،
أو عليه ،أو ليء من صفاته.
والغش كله داخل في التغرير ،وأفراد الغش وتفاصيله ،ال يمكن ضبطها .وهي معروفة بين الناس.
الحبلة ،والسنين ،أو بيع المعجوز عنه ،كاآلبق ونحوه ،أو بيع المجهول المطلق في ذاته ،أو جنسه ،أو صفاته.
كحبل َ
وحاصل بيع الغرر يرجع إلى بيع المعدوعَ ،
الحديث التاسع والثالثون
قال" :الصلط جائز بين المسلمين ،إال صلحاً حرع حالالً ،أو أحل حراماً .والمسلمون على عن عمرو بن عوف المزني رضي هللا عنه عن النبي
رواه أهل السنن إال النسائي. لروطههلل ،إال لرطاً حرع حالالً ،أو أحل حراماً"
الصلط /تزيل ما كان بينههلل من عداوه وخصومه
بكالع يشمل من أنواع العلهلل وأفراده ما ال يحصى ،بحد واضط َِبين. جمع في هذا الحديث الشريف بين أنواع الصلط والشرول – صحيحها وفاسدها –
فأخبر أن األصل في الصلط :أنه جائز ال بأس به ،إال إذا حرع الحالل ،أو أحل الحراع .وهذا كلهلل محيط ،يدخل فيه جميع أقساع الصلط .والصلط خير؛
لما فيه من حسهلل النزاع ،وسالمة القلوب ،وبراءة الذمهلل.
يقر له بدين ،أو عين ،أو حق ،فيصالحه عنه ببعضه أو بغيره.
فيدخل فيه :الصلط في األمور في اإلقرار ،بأن َّ
وصلط اإلنكار ،بأن يدعي عليه حقاً من دين ،أو عين ،فينكر .ثهلل يتفقان على المصالحة على هذا بعين أو دين ،أو منفعة أو إبراء ،أو ايره :فكل ذلك جائز.
وكذلك الصو و وولط عن الحقوق المجهولة ،كأن يكون بين اثنين معاملة طويلة ،الو و ووتبه فيها ُ
ثبوت الحق على أحدهما أو عليهما ،أو الو و ووتبه مقداره ،فيتصو و ووالحان على ما يتفقان
عليه ،ويتحريان العدل.
وتماع ذلك :أن يحل كل منهما اآلخر ،أو يكون بين اثنين مشاركة في ميراث أو وقا ،أو وصية أو مال آخر :من ديون ،أو أايان ،ثهلل يتصالحان عن ذلك بما يريانه أقرب
إلى العدل والصواب.
وكذلك يدخل في ذلك :المصالحة بين الزوجين في حق من حقوق الزوجية :من نفقة أو كسوة أو مسكن أو ايرها ،ماضية أو حاضرة ،وإن اقتضت الحال أن يغض أحدهما
صو ولِ َحا َب ْي َن ُه َما ِ
عن بعض حقه :السو ووتيفاء بقيته ،أو لبقاء الزوجية ،أو لزوال الفضو وول ،أو لغير ذلك من المقاصو وود ،فكل ذلك حسو وون .كما قال تعالى في حقهماَ{ :فالَ ُج َن ْا َ َعَل ْيه َما أَن ُي ْ
الصْل ُط َخ ْير}(.)1
صْل ًحا َو ذ
ُ
وكذلك الص وولط عن القص وواص في النفوس ،أو األطراف بمال يتفقان عليه ،أو المعاوض ووة عن ديات النفوس واألطراف والجرو أو يص وولط الحاعهلل بين الخص وووع بما تقتض وويه
الحال ،متحرياً في ذلك مصلحتهما جميعاً.
" :الصلط جائز بين المسلمين". فكل هذا داخل في قوله
()1
سورة النساء – آية . 128
فين تضو وومن الصو وولط تحريهلل الحالل ،أو تحليل الحراع ،فهو فاسو وود بنص هذا الحديث ،كالصو وولط على رق األحرار ،أو إباحة الفروج المحرمة ،أو الصو وولط الذي فيه ظلهلل .ولهذا
( )2
ين} ِ ِ َصلِ ُحوا َب ْي َن ُه َما ِباْل َع ْد ِل َوأَ ْق ِس ُ
طوا ِإ َّن َّ ِ
َّللاَ ُيح ذب اْل ُمْقسط َ قيده هللا بقوله تعالىَ{ :فأ ْ
أو صلط اضطرار كالمكره ،وكالم أرة إذا عضلها زوجها ظلماً لتفتدي منه ،وكالصلط على حق الغير بغير إذنه وما ألبه ذلك ،فهذا النوع صلط محرع اير صحيط.
وأما الش وورول :فأخبر في هذا الحديث أن المس وولمين على ل ووروطههلل ،إال ل وورطاً أحل حراماً أو حرع حالالً ،وهذا أص وول كبير .فين الش وورول هي التي يش ووترطها أحد المتعاقدين
على اآلخر مما له فيه حظ ومصلحة ،فذلك جائز .وهو الزع إذا وافقه اآلخر عليه ،واعترف به.
وذلك مثل إذا ال ووترل المش ووتري في المبيع وص ووفاً مقص وووداً ،كش وورل العبد كاتباً ،أو يحس وون العمل الفالني ،أو الدابة همالجة أو لبوناً ،أو الجار ص وويوداً ،أو الجارية بك اًر أو
جميلة أو فيها الوصا الفالني المقصود.
ومثل أن يشوترل المشوتري :أن الثمن أو بعضوه مؤجل بأجل مسومى ،أو يبيع الشويء ويشوترل البائع :أن ينتفع به مدة معلومة ،كما باع جابر بن عبد هللا األنصواري رضوي هللا
جمله ،والترل ظهره إلى المدينة. عنهما للنبي
ومثل أن يشترل سكنى البيت ،أو الدكان مدة معلومة ،أو يستعمل اإلناء مدة معلومة ،وما ألبه ذلك.
وكذلك لرول الرهن والضمان والكفالة هي من الشرول الصحيحة الالزمة.
ومثل الشوورول التي يشووترطها المتشوواركان في مضوواربة ،أو لووركة عنان ،أو وجوه أو أبدان ،أو مسوواقاة ،أو مزارعة :فكلها صووحيحة ،إال لووروطاً تحلل الحراع ،وعكسووه ،كالتي
تعود إلى الجهالة والغرر.
ومثل لرول الواقفين والموصين في أوقافههلل ووصاياههلل من الشرول المقصودة :فكلها صحيحة ،ما لهلل تدخل في محرع.
وكذلك الشرول بين الزوجين ،كأن تشترل دارها أو بلدها ،أو نفقة معينة أو نحوها .فين أحق الشرول أن يوفى به هذا النوع.
()2
سورة احلجرات – آية . 9
الحديث األربعون
ِ
متفق عليه. الغني ظلهلل .وإذا أ ُْتبع أحدكهلل على َمل ٍئ َ
فلي ْتبع" ِ
َ
طل
َ " :م ْ عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
مريهلل(مليء) فاطمه ساره
الشخص الغني الذي لجأت إليه ساره من أعطت المال لساره وتريدها ان تسدده في طلبت دين بمبل 100
وقت معين
المماطلة /التأخير
المليئ /الغني
تضمن هذا الحديث األمر بحسن الوفاء ،وحسن االستيفاء والنهي عما يضاد األمرين أو أحدهما.
فقوله" :مطل الغني ظلهلل" أي :المعاسورة في أداء الواجب ظلهلل؛ ألنه ترهللا لواجب العدل؛ إذ على القادر المبادرة إلى أداء ما عليه ،من اير أن يحوج صوواحب الحق إلى طلب
وإلحا ،أو لكاية .فمن فعل ذلك مع قدرته على الوفاء فهو ظالهلل.
"والغني" هو الذي عنده موجودات مالية يقدر بها على الوفاء.
ومفهوع الحديث :أن المعسر ال حرج عليه في التأخير .وقد أوجب هللا على صاحب الحق إنظاره إلى الميسرة.
ونفههلل من هذا الحديث :أن الظلهلل المالي ال يختص بأخذ مال الغير بغير حق ،بل يدخل في كل اعتداء على مال الغير ،أو عل حقه بأي وجه يكون.
فمن اص ووب مال الغير ،أو سو ورقه ،أو جحد حقاً عنده للغير ،أو بعض ووه ،أو ادعى عليه ما ليس له من أص وول الحق أو وص ووفه ،أو ماطله بحقه من وقت إلى آخر ،أو أدى
فكل هؤالء ظالمون بحسب أحوالههلل .والظلهلل ظلمات يوع القيامة على أهله. إليه أقل مما وجب له في ذمته – وصفاً أو قد اًر –
ثهلل ذكر في الجملة األخرى حس وون االس ووتيفاء ،وأن من له الحق عليه أن َي ْت َبع ص وواحبه بمعروف وتيس ووير ،ال بيزعاج وال تعس ووير ،وال يرهقه من أمره عسو و اًر ،وال يمتنع عليه إذا
فليحتل عليه؛ فين هذا من حسن االسيتفاء والسماحة. وجهه إلى جهة ليس عليه فيها مضرة وال نقص .فيذا أحاله بحقه على ملئ – أي :قادر على الوفاء اير مماطل وال ممانع –
وف َوأ ََداء ِإَل ْي ِه ِبِي ْح َسو و و و و و ٍ
ان}( )1فأمر ص و و و و وواحب الحق أن يتبع من عليه الحق بالمعروف، َ ُْ َ
َخ ِ
يه َلو و و و و ويء َف ِاتَباع ِباْلمعر ِ ولهذا ذكر هللا تعالى األمرين في قولهَ{ :فم ْن ع ِفي َله ِم ْن أ ِ
َ ُ َ ُ
ْ
والمستحسن عرفاً وعقالً ،وأن يؤدي من عليه الحق بيحسان.
لمن اتصا بهذا الوصا الجميل ،فقال" :رحهلل هللا عبداً َس ْمحاً إذا باع ،سمحاً إذا الترى ،سمحاً إذا قضى ،سمحاً إذا اقتضى". وقد دعا
()1
سورة البقرة – آية . 178
فالسماحة في مبالرة المعاملة ،وفي القضاء ،واالقتضاء ،يرجى لصاحبها كل خير :ديني ودنيوي ،لدخوله تحت هذه الدعوة المباركة التي ال بد من قبولها.
وب عليه الرزق صووباً ،وأنزل عليه البركة .وعكسووه صوواحب المعاس ورة والتعسووير ،وإرهاق المعاملين.
وقد لوووهد ذلك اياناً .فينك ال تجد تاج اًر بهذا الوصووا إال رأيت هللا قد صو َ
والجزاء من جنس العمل .فجزاء التيسير التيسير.
وإذا كان مطل الغني ظلماً :وجب إلزامه بأداء الحق إذا لووكاه اريمه .فين أدى وإال ُعزر حتى يؤدي ،أو يسوومط اريمه .ومتى تسووبب في تغريهلل اريمه بسووبب لووكايته :فعليه
الغرع لما أخذ من ماله ،ألنه هو السبب ،وذلك بغير حق .وكذلك كل من تسبب لتغريهلل ايره ظلماً فعليه الضمان.
وهذا الحديث أصل في باب الحوالة ،وأمن ُحَِو َل بحقه على مليء فعليه أن يتحول ،وليس له أن يمتنع.
ومفهومه :أنه إذا أحيل على اير مليء فليس عليه التحول ،لما فيه من الضرر عليه.
والحق الذي يتحول به :هي الديون الثابتة بالذمهلل ،من قرض أو ثمن مبيع ،أو ايرهما.
وتحول حق الغريهلل إلى من ُحَِو َل عليه .وهللا أعلهلل.
وإذا حوله على المليء فاتبعه :برئت ذمة المحيلَّ ،
الحديث الحادي واألربعون*
ِ
تؤد َيه"
رواه أهل السنن إال النسائي. " :على اليد ما أخذت ،حتى َ عن سمرة بن ُج ْندب رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
حتى تؤديه /أي تعيده أو ترجعه
وهذا لامل لما أخذته من أموال الناس بغير حق كالغضب ونحوه ،وما أخذته بحق ،كرهن وإجارة.
يقول" :من اصو ووب قيد لو ووبر من أما القسو ووهلل األول :فهو الغصو ووب (بالقوه) .وهو أخذ مال الغير بغير حق بغير رضو وواه .وهو من أعظهلل الظلهلل والمحرمات؛ فين رسو ووول هللا
طَِوقه يوع القيامة من سبع أرضين".
األرض ُ
وعلى الغاصوب أن يرد ما أخذه ،ولو َا َرع على رده أضوعاف ييمته ،ولو صوار عليه ضورر في رده ،ألنه هو الذي أدخل الضورر على نفسوه .فين نقص َّ
رده مع أرخ نقصوه.
وعليه أجرته مدة بقائه بيده ،وإن تلا ضمنه.
وأما إذا كانت اليد أخذت مالك الغير برضوى (بالموافقه) صواحبه ،بيجارة ،أو رهن ،أو مضواربة ،أو مسواقاة ،أو مزارعة ،أو ايرها :فصواحب اليد أمين؛ ألن صواحب العين قد
ٍ
تعد عليها :ض و و و وومنها ومتى انقض و و و ووى الغرض منها ردها إلى ٍ
تعد (قص و و و وود) وال تفريط (اهمال) :فال ض و و و وومان عليه .وإن تلفت بتفريط في حفظها أو َ
ائتمنه ،فين تلفت وهي بيده ،بغير َ
صاحبها.
ودخل في هذا الحديث "على اليد ما أخذت حتى تؤديه".
*وكذلك العارية على المستعير أن يردها إلى صاحبها بانقضاء الغرض منها ،أو طلب ربها؛ ألن العارية عقد جائز ال الزع.
ض َّمنه ،كما هو المشهور من مذهب اإلماع أحمد .ومنههلل من لهلل يضمنه كسائر األمناء.
فين تلفت العارية بغير تعد وال تفريط .فمن العلماء من َ
فصل :فين لرل ضمانها ِ
ضم َنها ،وإال فال .وهو أحسن األقوال الثالثة. *ومنههلل من َّ
َ ََ
تعد وال تفريط :فينه محسن ،وما على المحسنين من سبيل. *ولكن لو وجد المال بيد مجنون ،أو سفيه ،أو صغير ،فأخذه ليحفظه ،فتلا بيده بغير َ
*ولو أخذ اللقطة التي يجوز التقاطها ،فعليه تعريفها عاماً كامالً .فين لهلل تعرف :فهي لواجدها .فين وجد صواحبها بعد ذلك ووصوفها :سولمها إليه إن كانت موجودة ،وضومنها
إن كان قد أتلفها باستعمال أو ايره .وإن تلفت في حول التعريف بغير تفريط وال تعد :فال ضمان على الملتقط؛ ألنه من جملة األمناء ،وهي حين ذ لهلل تدخل في ملكه .وهللا أعلهلل.
الحديث الثاني واألربعون
وصرفت الطرق ،فال لفعة"
بالشفعة في كل ما لهلل يقسهلل .فيذا وقعت الحدودُ ، عن جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما قال" :قضى رسول هللا
رواه البخاري.
قهر
الشفعة :استحقاق تملك حصة الشريك َا
قطعة األرض
يؤخذ من هذا الحديث :أحكاع الشفعة كلها ،وما فيه لفعة ،وما ال لفعة فيه.
محمد أحمد
والشفعة إنما هي في األموال المشتركة .وهي قسمان :عقار وايره.
ودل على أن اير العقار ال لو و و ووفعة فيه ،فالشو و و ووركة في الحيوانات ،واألثاثات ،والنقود ،وجميع المنقوالت ال لو و و ووفعة فيها ،إذا باع
فأثبت في هذا الحديث الشو و و ووفعة في العقارَ .
أحدهما نصيبه منها.
وأما العقارات :فيذا أفرزت وحددت الحدود ،وصورفت الطرق واختار كل من الشوريكين نصويبه فال لوفعة فيها ،كما هو نص الحديث ألنه يصوير حين ذ جا اًر ،والجار ال لوفعة
له على جاره.
وأما إذا لهلل تحد الحدود ولهلل تصرف الطرق ،ثهلل باع أحدههلل نصيبه :فللشريك أو الشركاء الباقين الشفعة ،بأن يأخذوه بالثمن الذي وقع عليه العقدُ ،ك ٍَل على قدر ملكه.
وظاهر الحديث :أنه ال فرق بين العقار الذي تمكن قس و وومته والذي ال تمكن وهذا هو الص و ووحيط؛ ألن الحكمة في الش و ووفعة – وهي إزالة الض و وورر عن الشو و وريك – موجودة في
النوعين .والحديث عاع.
وأما ما استدل به على التفريق بين النوعين :فضصيف.
واختلا العلماء في لفعة الجار على جاره ،إذا كان بينهما حق من حقوق الملكين ،كطريق مشترهللا ،أو ب ر أو نحوهما.
فمنههلل :من أوجب الشو و ووفعة في هذا النوع ،وقال :إن هذا االلو و ووتراهللا في هذا الحق نظير االلو و ووتراهللا في جميع الملك ،والضو و وورر في هذا كالضو و وورر هناهللا .وهو الذي تدل عليه
األدلة.
ومنههلل :من لهلل يثبت فيه لفعة ،كما هو المشهور من مذهب اإلماع أحمد.
ومنههلل :من أثبت الشفعة للجار مطلقاً .وهذه الصورة عنده من باب أولى ،كما هو مذهب اإلماع أبي حنيفة.
والنبي أثبت للشريك الشفعة :إن لاء أخذ ،وإن لاء لهلل يأخذ ،وهو من جملة الحقوق ،التي ال تسقط إال بيسقاطها صريحاً ،أو بما يدل على اإلسقال.
وأما الترال المبادرة جداً إلى األخذ بها ،من اير أن يكون له فرصة في هذا الحق المتفق عليه :فهذا قول ال دليل عليه.
ليء. وما استدلوا به من الحديثين اللذين أوردهما" :الشفعة كحل العقال"" ،الشفعة لمن واثبها"( )1فلهلل يصلط منهما عن النبي
فالصحيط :أن هذا الحق كغيره من الحقوق من خيار الشرل ،أو العيب أو نحوها الحق ثابت إال إن أسقطه صاحبه بقول أو فعل وهللا أعلهلل.
()1
طلبها حني علم ابلبيع ومل يرتاخ يف طلبها.
الحديث الثالث واألربعون
" :يقول هللا تعالى :أنا ثالث الشريكين ،ما لهلل َي ُخن أحدهما صاحبه .فين خانه خرجت من بينهما" عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
رواه أبو داود.
يدل هذا الحديث بعمومه على جواز أنواع الشركات كلها :لركة العنان ،واألبدان ،والوجوه ،والمضاربة ،والمفاوضة وايرها من أنواع الشركات التي يتفق عليها المتشاركان.
ومن منع لي اً منها فعليه الدليل الدال على المنع ،وإال فاألصل الجواز ،لهذا الحديث ،ولموله .وألن األصل الجواز في كل المعامالت.
ويدل الحديث على فض و وول الش و ووركات وبركتها ،إذا بنيت على الص و وودق واألمانة .فين من كان هللا معه بارهللا له في رزقه ،ويس و وور له األس و ووباب التي ينال بها الرزق ،رزقه من
حيث ال يحتسب ،وأعانه وسدده.
وذلك :ألن الشركات يحصل فيها التعاون بين الشركاء في رأيههلل وفي أعمالههلل .وقد تكون أعماالً ال يقدر عليها كل واحد بمفرده ،وباجتماع األعمال واألموال يمكن إدراعها.
والشركات أيضاً يمكن تفريعها وتوسيعها في المكان واألعمال وايرها.
وأيضو و و واً :فين الغالب أنها يحصو و و وول بها من الراحة ما ال يحصو و و وول بتفرد اإلنسو و و ووان بعلمه .وقد يجري ويدير أحدهما العمل مع راحة اآلخر ،أو ذهابه لبعض مهماته ،أو وقت
مرضه.
وهذا كله مع الصو و وودق واألمانة .فيذا دخلتها الخيانة ونوى أحدهما أو كالهما خيانة اآلخر ،وإخفاء ما يتمكن منه خرج هللا من بينهما .وذهبت البركة .ولهلل تتيسو و وور األسو و ووباب.
والتجربة والمشاهدة تشهد لهذا الحديث .وهللا أعلهلل.
ال ِعنان ،عقد يتم بين اثنين في قدر معين من المال ،يدفع كل واحد منها قدرا ً معينا ً ويتاجرا فيه ،على أن يكون الربح بينهما بقدر معلوم والخسااارة عليها بنساابة معلومة أيض اا ً
بقدر ما دفع كال منهما ،وال يشترط فيها التساوي في المال
األبدان ،وهي أن يتراضى اثنين أو أكثر من أصحاب الحرف والصنائع الذين يُجيدون حرفة ُمعينة أو صناعة ما ،وذلك من أجل القيام بعمل من األعمال مع اشتراكهم في األجر
المضاربة ،هي أن يدفع أح ٌد المال إلى غيره ليتصرف فيه ويكون الربح بينهما على ما اشترطا عليه
المفاوضة المساواة وهي شركة تقوم على أساس التساوي بين كافة الشركاء في رأس المال والتصرف والدين والربح
الحديث الرابع واألربعون حفظ*
: عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
رواه مسلهلل. "إذا مات العبد انقطع عمله إال من ثالث :صدقة جارية ،أو علهلل ينتفع به ،أو ولد صالط يدعو له"
دار الودنيوا جعلهوا هللا دار عمول ،يتزود منهوا الصبواد من الخير ،أو الشو و و و و و وور ،للودار األخرى ،وهي دار الجزاء .وسو و و و و و ووينودع المفرطون إذا انتقلوا من هوذه الودار ،ولهلل يتزودوا منهوا
آلخرتههلل ما يس ووعدههلل ،وحين ذ ال يمكن االس ووتدراهللا .وال يتمكن العبد أن يزيد حس ووناته مثقال ذرة ،وال يمحو من س ووي اته كذلك .وانقطع عمل العبد عنه إال هذه األعمال الثالثة التي هي
من آثار عمله.
الصةةد ة الجاة ة (المسةةرمر :أي :المسو ووتمر نفعها .وذلك كالوقا للعقارات التي ينتفع بمغَلِها ،أو األواني التي ينتفع باسو ووتعمالها ،أو الحيوانات التي ينتفع بركوبها األول –
ومنافعها ،أو الكتب والمصاحا التي ينتفع باستعمالها واالنتفاع بها ،أو المساجد والمدارس والبيوت وايرها التي ينتفع بها.
فكلها أجرها ٍ
جار على العبد ما داع ينتفع بش و وويء منها .وهذا من أعظهلل فض و ووائل الوقا .وخص و وووصو و واً األوقاف التي فيها اإلعانة على األمور الدينية ،كالعلهلل والجهاد ،والتفرغ
للصبادة ،ونحو ذلك.
ولهذا الترل العلماء في الوقا :أن يكون مصرفه على جهة بر وقربة.
العلهلل الذي ينتفع به من بعده :كالعلهلل الذي علمه الطلبة المستعدين للعلهلل ،والعلهلل الذي نشره بين الناس ،والكتب التي صنفها في أصناف العلوع النافعة. الثاني –
وهكذا كل ما تسلسل االنتفاع بتعليمه مبالرة ،أو كتابة ،فين أجره جار عليه .فكهلل من علماء هداة ماتوا من م ات من السنين ،وكتبههلل مستعملة ،وتالميذههلل قد تسلسل خيرههلل.
وذلك فضل هللا.
ينتفع والده بص و ووالحه ودعائه .فهو في كل وقت يدعو لوالديه بالمغفرة والرحمة ،ورفع الدرجات، الثالث – الولد الص و ووالط :ولد ص و وولب ،أو ولد ابن ،أو بنت ،ذكر أو أنثى –
وحصول المثوبات.
وهذه المذكورة في هذا الحديث هي مضمون قوله تعالىِ{ :إَّنا َن ْح ُن ُن ْحِيي اْل َم ْوتَى َوَن ْكتُ ُب َما َق َّد ُموا َوآثَ َارُه ْهلل}(.)1
فما قدموا :هو ما بالروه من األعمال الحسنة أو السي ة.
()1
سورة يس – آية . 12
وآثارههلل ما ترتب على أعمالههلل ،مما عمله ايرههلل ،أو انتفع به ايرههلل.
وجميع ما يصل إلى العبد من آثار عمله ثالثة:
األول :أمور عمل بها الغير بسببه وبدعايته وتوجيهه.
أي نفع كان ،على حسب ذلك النفع باقتدائه به في الخير. الثاني :أمور انتفع بها الغير َ
الثالث :أمور عملها الغير وأهداها إليه ،أو صودقة تصودق بها عنه أو دعا له ،سوواء أعان من أوالده الحسويين أو من أوالده الروحيين الذين تخرجوا بتعليمه ،وهدايته وإرلواده،
أو من أقاربه وأصوحابه المحبين ،أو من عموع المسولمين ،بحسوب مقاماته في الدين ،وبحسوب ما أوصول إلى الصباد من الخير ،أو تسوبب به .وبحسوب ما جعل هللا له في قلوب الصباد
من الود الذي ال بد أن تترتب عليه آثاره الكثيرة التي منها :دعاؤههلل ،واستغفارههلل له.
وكلها تدخل في هذا الحديث الشريف.
وقد يجتمع للعبد في ليء واحد عدة منافع .كالولد الصالط العالهلل الذي سعى أبوه في تعليمه ،وكالكتب التي يقفها أو يهبها لمن ينتفع بها.
ويس ووتدل بهذا الحديث على الترايب في التزوج الذي من ثمراته حص ووول األوالد الص ووالحين ،وايرها من المص ووالط ،كص ووال الزوجة وتعليمها ما تنتفع به ،وتنفع ايرها .وهللا
أعلهلل.
الحديث الخامس واألربعون حفظ*
قال" :من سبق إلى ما لهلل يسبق إليه مسلهلل فهو له" رواه أبو داود. عن أسمر بن مضرس :أن رسول هللا
المقصود بالسباق من يصل أوًال
يدخل في هذا الحديث :السبق إلى جميع المباحات التي ليست ملكاً ألحد ،وال باختصاص أحد.
فيدخل فيه :السبق إلى إحياء األرض الموات .فمن سبق إليها باستخراج ماء ،أو إجرائه عليها ،أو ببناءَ :مَلكها .وال يملكها بدون اإلحياء.
لكن لو أقطعه اإلماع أو نائبه ،أو تحجر مواتاً من دون إحيائه :فهو أحق به ،وال يملكه .فين وجد متشوف لبحياء قيل له :إما أن تعمرها ،وإما أن ترفع يدهللا عنها.
ويدخل في ذلك:
السبق إلى صيد البر ،والبحر ،وإلى المعادن اير الظاهرة ،واير الجارية.
والسبق إلى أخذ حطب أو حشيش أو منبوذ رغبة عنه.
الرُبط إن لهلل يتوقا ذلك على ناظر جعل له الترتيب والتعيين ،فيرجع فيه إلى نص الواقفين والموصين.
والسبق إلى الجلوس في المساجد والمدارس واألسواق و ذ
فمن سبق إلى ليء من المباحات التي ال مالك لها :فهو أحق بها .والملك فيها مقصور على القدر المأخوذ.
وكذلك من سبق إلى األعمال في الجعاالت التي يقول فيها صاحبها :من عمل لي هذا العمل فله كذا :فهو المستحق للتقديهلل والجعل.
وكذلك من سبق إلى التقال اللقطة واللقيط ،وايرها فكله داخل في هذا الحديث .وهللا أعلهلل.
تكون مثل الدين على صاحبه
الحديث السادس واألربعون
متفق عليه. ألولى رجل ذكر"
ألحقوا الفرائض بأهلها .فما بقى فهو ْ
َ ": عن ابن اباس رضي هللا عنهما قال :قال رسول هللا
ألحقوا /أعطوا
الزوجَّ ،
والزوجة ،واألب ،واأل ّم ،والج ّد الصااحيح ،والجدّة الصااحيحة ،واالبنة ،وابنة االبن ،واألت ألم ،واألخت الشااقيقة ،واألخت ألب، الفرائض /هم اثنا عشاار شا ً
اخص ااو َّ
واألخت ألم
بأهلها /المستحقين للورثه
ما بقي /اذا بقي لي من الورثه
ألولى رجل ذكر /أقرب رجل من الميت أوال من ناحية القرابه /من الناحية المنزله.
الحديث السابع واألربعون
رواه أبو داود والترمذي وابن يقول" :إن هللا قد أعطى كل ذي حق َّ
حقه ،فال وص و ووية لوارث" عن أبي أمامة الباهلي رض و ووي هللا عنه قال :س و وومعت رس و ووول هللا
ماجة.
االورثه /كيفية قسمة الميراث على مستحقيها
وصية لوارث /توصي بشي محدد أو بأعثر ألهل الورثه
العصبه /الذين يكون لهم نصيب من التركه أو الورثه ,وهو كل ذكر قريب للمتوفي
الثلث
أن يلحق ص ول أحكاع المواريث تفصوويالً تاماً واضووحاً ،وأعطى كل ذي حق حقه .وأمر
جل أحكاع المواريث ،وأحكاع الوصووايا فين هللا تعالى ف َّ
هذان الحديثان الووتمال على َ
ألولى رجل ذكر .وههلل العصبة من الفروع الذكور ،واألصول الذكور ،وفروع األصول الذكور ،والوالء. الفرائض بأهلها ،فيقدمون على العصبات .فما بقي فهو ْ
فيقودع من هوذه الجهوات إذا اجتمع عواصو و و و و و وبوان فوأعثر :األقرب جهوة .فوين كوانوا في جهوة واحودة قودع األقرب منزلوة .فيقودع االبن على ابن االبن ،والعهلل مثالً على ابن العهلل .فوين
وهو الشقيق -على الذي ألب. عانوا في منزلة واحدة ،وتميز أحدههلل بقوة القرابة وال يتصور ذلك إال في فروع األصول ،كاإلخوة واألعماع مطلقاً وبنيههلل :قدع األقوى –
وهذا هو المراد بقوله " : ألولى رجل ذكر" أي :أقربههلل جهة ،أو منزلة ،أو قوة ،على حسب هذا الترتيب.
وعلهلل من هذا :أن صواحب الفرض مقدع على العاصوب في البداءة ،وأنه إن اسوتغرقت الفروض التركة سوقط العاصوب في جميع مسوائل الفرائض ،حتى في ِ
الح َم ِاريَّة ،وهي ما
إذا َخَّلفت زوجاً ،وأ َّ
ُماً ،وإخوة ألع وإخوة ألقاء :فللزوج النصا ،ولألع السدس؛ ولبخوة ألع الثلث.
فهؤالء أهل فروض ألحقنا بههلل فروضههلل ،وسقط األلقاء؛ ألنههلل عصبات .وهذا هو الصحيط ألدلة كثيرة .هذا أوضحها.
ويستدل بقوله " : ألحقوا الفرائض بأهلها" على أن الفروض إذا كثرة تزاحمت ولهلل يحجب بعضها بعضاً ،فينه يعول لههلل ،وتنقص فروضههلل بحسب ما عالت به كالديون إذا
أدلت على موجودات الغريهلل التي ال تكفي لدينههلل؛ فينههلل يعطون بقدر ديونههلل وهذا من العدل.
فكل مشتركين في استحقاق ليء ال يمكن أن يكمل لكل واحد منههلل ،وليس لواحد منههلل مزية تقديهلل :فينههلل ينقصون على قدر استحقاقههلل ،وذلك في الهبات والوصايا واألوقاف
وايرها ،كما أن الزائد لههلل بقدر أمالعههلل واستحقاقههلل.
ويدل الحديث أنه إذا لهلل يوجد صاحب فرض ،فالمال كله للعصبات على حسب الترتيب السابق.
يدل على أنه إذا لهلل يوجد إال أص ووحاب الفروض ،ولهلل يوجد عاص ووب ،فينه يرد عليههلل على قدر فروض ووههلل ،كما تعالى عليههلل؛ ألن من حكمة فرض الفروض وتقديرها:
وكذلك َ
أن تبقى البقية للعاصب .فيذا لهلل يوجد ُرَّد على المستحقين لعدع المزاحهلل.
ويدل الحديث على ص ووحة الوص ووية لغير الوارث .ولكن في ذلك تفص وويل :إن كان الموص ووي انياً ويدع ورثته أانياء ،اس ووتحبت .وإن كان فقي اًر وورثته يحتاجون جميع ميراثه،
لفقرههلل أو كثرتههلل :فاألولى له أال يوصى ،بل يدع ماله لورثته.
" :إن هللا قد أعطى كل ذي حق حقه ،فال وصية لوارث". دل على منعها .وعلل ذلك بقوله
وأما الوصية للوارث :فالحديث َ
فمن أوص ووى لوارث فقد تعدى حدود هللا ،وفض وول بعض الورثة على بعض .وسو وواء وقع ذلك على وجه الوص ووية أو الهبة للوارث ،كما هو اتفاق العلماء ،أو على وجه الوقا
لثلثه على بعض ورثته.
ٍ
مناف للفظ الحديث ومعناه. ولذ بعضههلل في هذه المسألة ،فأجازها .وهو
وأما الوصية لألجنبي ،أو للجهات الدينية ،فتجوز بالثلث فأقل .وما زاد على الثلث :يتوقا على إجازة الورثة.
الحديث الثامن واألربعون
العفاف ،والمجاهد في سبيل
المكاتب يريد األداء ،والمتزوج يريد َ
حق على هللا َع ْوُنههللُ :
" :ثالثة ٌّ عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
هللا" رواه أهل السنن إال النسائي.
()1
سورة النور – آية . 33
()2
سورة النور – آية . 33
()3
سورة التوبة – آية . 60
أعهلل من هذا ،فقال" :من أخذ أموال الناس يريد أداءها َّأداها هللا عنه ،ومن أخذها يريد إتالفها أتلفه هللا" رواه البخاري.
وقد ثبت عن النبي ما هو َ
وأما النكا :فقد أمر هللا به ورسوله .ورتب عليه من الفوائد لي اً كثي اًر :عون هللا ،وامتثال أمر هللا ورسوله ،وأنه من سنن المرسلين.
وفيه :تحص ووين الفرج ،واض البص وور ،وتحص وويل النس وول ،واإلنفاق على الزوجة واألوالد؛ فين العبد إذا أنفق على أهله نفقة يحتس ووبها كانت له أج اًر ،وحس وونات عند هللا ،سو وواء
عانت مأعوالً أو مشروباً أو ملبوساً أو مستعمالً في الحوائا كلها .كله خير للعبد ،وحسنات جارية .وهو أفضل من نوافل الصبادات القاصرة.
اب َل ُكهلل َِم َن َِ
الن َس و و و واء}( )1وقال " : تنكط ط َ
وفيه :التذكر لنعهلل هللا على العبد ،والتفرغ لصبادته ،وتعاون الزوجين على مصو و و ووالط دينهما ودنياهما ،وقد قال تعالىَ{ :ف ِ
انك ُحوْا َما َ
المرأة ألربع :لمالها ،وجمالها ،وحسو ووبها ،ودينها :فاظفر بذات الدين تَ ِرَب ْت يمينك" لما فيها من صو ووال األحوال والبيت واألوالد ،وسو ووكون قلب الزوج وطمأنينته ،فين حصو وول مع الدين
َّللاُ}(.)2
ظ َ ات َق ِانتَات َح ِاف َ
ظات َِلْل َغ ْي ِب ِب َما َح ِف َ الصالِ َح ُ
ايره فذاهللا ،وإال فالدين أعظهلل الصفات المقصودة ،قال تعالىَ{ :ف َّ
وعلى الزوجة :القياع بحق هللا ،وحق َب ْعلها ،وتقديهلل حق البعل على حقوق الخلق كلههلل.
إلى النظر إلى المرأة زوجته ،وفعل جميع األسوباب التي تتهلل بها المالءمة بينهما ،فين المالءمة هي المقصوود األعظهلل .ولهذا ندب النبي وعلى الزوج :السوعي في إصوال
التي يريد خطبتها؛ ليكون على بصيرة من أمره وهللا أعلهلل.
()1
سورة النساء – آية . 3
()2
سورة النساء – آية . 34
الحديث التاسع واألربعون
متفق عليه. الرضاعة ما يحرع من الوالدة"
يحرع من َّ
ُ ": عن عائشة رضي هللا عنها قالت :قال رسول هللا
حرم هللا تعالى على الرجال الزواج من عد ٍد من النساء تحريما ً أبدياً ،ويقع التحريم المؤبد بإحدى ثالثو إ ّما من جهة النسب ،أو من جهة المصاهرة ،أو من جهة اإلرضاع.
ّ
-1المحرمات بالنسب )القرابه):
وهن سبع ذكرهن هللا -تعالى -بقوله في سورة النساء :قال تعالى (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخاالتكم وبنات األت وبنات األخت وأمهاتكم الالتي
أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة) النساء ()23
-1األمهات :يدخل فيهن :األم ،والجدات سواء كن من جهة األب أم من جهة األم.
-2البنات :يدخل فيهن :بنات الصلب وبنات األبناء وبنات البنات (وان نزلن).
-3األخوات :يدخل فيهن األخوات الشقيقات واألخوات من األب واألخوات من األم
-4العمات :يدخل فيهن :عمات الرجل وعمات أبيه وعمات أمه وعمات جداته وأجداده.
-5الخاالت :يدخل فيهن :خاالت الرجل وخاالت أبيه وخاالت أمه وخاالت جداته وأجداده.
-6بنات األت :يدخل فيهن بنات األت الشقيق وبنات األت من األب وبنات األت من األم وبنات أبنائهم وبنات بناتهم (وان نزلن)
-7بنات األخت :يدخل فيهن :بنات األخت الشقيقة وبنات األخت من األب وبنات األخت من األم وبنات أبنائهن وبنات بناتهن (وان نزلن).
فجميع القرابات حرام ،إال بنات األعمام ،وبنات العمات ،وبنات األخوال ،وبنات الخاالت.
وهذه السبع محرمات في الرضاع من جهة المرضعة ،وصاحب اللبن ،إذا كان الرضاع خمس رضعات فأكثر ،في الحولين.
وأما من جهة أقارب الراضع :فإن التحريم يختص بذرية الراضع .وأما أبوه من النسب وأمه وأصولهم وفروعهم ،فال تعلق لهم بالتحريم.
وكذلك يحرم الجمع بين األختين ،وبين المرأة وعمتها ،أو خالتها في النسب .ومثل ذلك في الرضاع.
-2المحرماات باالصاااااهر وكاذلاك تحرم أمهاات الزوجاة ،وإن علون ،وبنااتهاا ،وإن نزلن ،إذا كاان قاد دخال بزوجتاه ،وزوجاات اآلبااء ،وإن علوا ،وزوجاات األبنااء وإن نزلوا من كال
جهة.
ومسائل تحريم الجمع والصهر في الرضاع فيه خالف .ولكن مذهب جمهور العلماء واألئمة األربعة ،تحريم ذلك للعمومات.
-3المحرمات بالرضاع
خاالتها
عماتها األخوات
أحمد رضع
من زينب
بنات األت والدته
بنات
بناتها
األخت
الحديث الخمسون
رواه مسلهلل. " :ال َيْف ِرهللا مؤمن مؤمن ًة؛ إن كره منها ُخلقاً رضي منها آخر" عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
ال يفرهللا /ال يبغض أو يكره
،للزوج في معالورة زوجته من أعبر األسووباب والدواعي إلى حسوون العشورة بالمعروف ،فنهى المؤمن عن سوووء عشورته لزوجته .والنهي عن الشوويء هذا اإلرلوواد من النبي
أمر بضو و ووده .وأمره أن يلحظ ما فيها من األخالق الجميلة ،واألمور التي تناسو و ووبه ،وأن يجعلها في مقابلة ما كره من أخالقها؛ فين الزوج إذا تأمل ما في زوجته من األخالق الجميلة،
والمحاسوون التي يحبها ،ونظر إلى السووبب الذي دعاه إلى التضووجر منها وسوووء عشورتها ،رآه لووي اً واحداً أو اثنين مثالً ،وما فيها مما يحب أعثر .فيذا كان منصووفاً اض عن مسوواوئها
الضمحاللها في محاسنها.
وتؤدى الحقوق الواجبة والمستحبة وربما أن ما كره منها تسعى بتعديله أو تبديله.
وبهذا :تدوع الصحبةَ ،
وأما من اض عن المحاسن ،ولحظ المساوئ ولو كانت قليلة .فهذا من عدع اإلنصاف .وال يكاد يصفو مع زوجته.
والناس في هذا ثالثة أقساع:
أعالههلل :من لحظ األخالق الجميلة والمحاسن ،واض عن المساوئ بالكلية وتناساها.
وأقلههلل توفيقاً وإيماناً وأخالقاً جميلة :من عكس القض ووية ،فأهدر المحاس وون مهما كانت ،وجعل المس وواوئ نص ووب عينيه .وربما مددها وبس ووطها وفسو ورها بظنون وتأويالت تجعل
القليل كثي اًر ،كما هو الواقع.
والقسهلل الثالث :من لحظ األمرين ،ووازن بينهما ،وعامل الزوجة بمقتضى كل واحد منها .وهذا منصا .ولكنه قد حرع الكمال.
،ينبغي س وولوكه واس ووتعماله مع جميع المعالو ورين والمعاملين؛ فين نفعه الديني والدنيوي كثير وص وواحبه قد س ووعى في راحة قلبه .وفي الس ووبب وهذا األدب الذي أرل وود إليه
الذي يدرهللا به القياع بالحقوق الواجبة والمسو و ووتحبة؛ ألن الكمال في الناس متعذر .وحسو و ووب الفاضو و وول أن َّ
تعد معايبه .وتوطين النفس على ما يجيء من المعال و و ورين مما يخالا رغبة
اإلنسان يسهل عليه حسن الخلق ،وفعل المعروف واإلحسان مع الناس .وهللا الموفق.
ثالث لرعي
الحديث الحادي والخمسون
: عن عبد الرحمن بن سمرة رضي هللا عنه قال :قال لي رسول هللا
"يا عبد الرحمن بن سمرة ،ال تسأل اإلمارة ،فينك إن أوتيتها عن مسألة وَِكلت إليها ،وإن أوتيتها عن اير مسألة أ ِ
ُع ْن َت عليها .وإذا حلفت على يمين
فرأيت ايرها خي اًر منها ،فا ْئ ِ
ت الذي هو خير ،وكَِفر عن يمينك" متفق عليه.
جميعا)
ً ال تسأل /ال تطلب (خطاب النبي صلى هللا عليه وسلهلل خطاب لألمه
حاعما
ً ئيسا أو البماره /أن تكون ًا
أمير أو ر ً
وكلت إليها /وَِكلت من ِ
اإلتَكال وهو اإلعتماد أي أنك ستعتمد على نفسك ولن يساعدهللا أحد
أعنت عليها /العون :المساعده
وهناهللا استثناءات:
هذا الحديث احتوى على جملتين عظيمتين:
إحداهما :أن اإلمارة وايرها من الواليات على الخلق ،ال ينبغي للعبد أن يسو و ووألها ،ويتعرض لها .بل يسو و ووأل هللا العافية والسو و ووالمة ،فينه ال يدري ،هل تكون الوالية خي اًر له أو
ل اًرف وال يدري ،هل يستطيع القياع بها ،أع الف
فيذا سألها وحرص عليهاُ ،وَِك َل إلى نفسه .ومتى ُوَِك َل العبد إلى نفسه لهلل يوفق ،ولهلل يسدد في أموره ،ولهلل ُي َعن عليها؛ ألن سؤالها ينبئ عن محذورين:
األول :الحرص على الدنيا والرئاسة ،والحرص يحمل على الريبة في التخوض في مال هللا ،والعلو على اباد هللا.
الثاني :فيه نوع اتكال على النفس ،وانقطاع عن االستعانة بالِل .ولهذا قال" :وكلت إليها".
وأما من لهلل يحرص عليها ولهلل يتش وووف لها ،بل أتته من اير مس ووألة ورأى من نفس ووه عدع قدرته عليها ،فين هللا يعينه عليها ،وال يكله إلى نفس ووه؛ ألنه لهلل يتعرض للبالء ،ومن
جاءه البالء بغير اختياره حمل عنه ،ووفق للقياع بوظيفته .وفي هذه الحال يقوى توكله على هللا تعالى ،ومتى قاع العبد بالسبب متوكالً على هللا نجط.
" :أعنوت عليهوا" دل يول على أن اإلموارة وايرهوا من الواليوات الودنيويوة جوامعوة لألمرين ،للودين ،والودنيوا؛ فوين المقصو و و و و و ووود من الواليوات كلهوا :إصو و و و و و ووال دين النواس وفي قولوه
ودنياههلل.
ولهذا :يتعلق بها األمر والنهي ،واإللزاع بالواجبات ،والردع عن المحرمات ،واإللزاع بأداء الحقوق .وكذلك أمور السووياسووة والجهاد ،فهي لمن أخلص فيها هلل وقاع بالواجب من
أفضل الصبادات ،ولمن لهلل يكن كذلك من أعظهلل األخطار.
ولهذا كانت من فروض الكفايات؛ لتوقا كثير من الواجبات عليها.
{اج َعْلِني َعَلى َخ َزِآئ ِن األ َْر ِ
ض}(.)1 فين قيل :كيف طلب يوسا ِ والي َة الخزائن المالية في قولهْ :
قيل :الجواب عنه قوله تعالىِ{ :إَِني َح ِفيظ َعلِيهلل}( )2فهو إنما طلبها لهذه المص و و و و و وولحة التي ال يقوع بها ايره :من الحفظ الكامل ،والعلهلل بجميع الجهات المتعلقة بهذه الخزائن.
من حسون االسوتخراج ،وحسون التصوريف ،وإقامة العدل الكامل .فهو لما رأى الملك اسوتخلصوه لنفسوه وجعله مقدماً عليه ،وفي المحل العالي وجب عليه أيضواً النصويحة التامة ،للملك
والراية .وهي متعينة في واليته.
ولهذا :لما تولى خزائن األرض س ووعى في تقوية الزراعة جداً .فلهلل يبق موض ووع في الديار المصو ورية من أقص وواها إلى أقص وواها يص وولط للزراعة إال زرع في مدة س ووبع س وونين .ثهلل
حص وونه وحفظه ذلك الحفظ العجيب .ثهلل لما جاءت الس وونون الجدب ،واض ووطر الناس إلى األرزاق س ووعى في الكيل للناس بالعدل ،فمنع التجار من لو وراء الطعاع خوف التض ووييق على
المحتاجين ،وحصل بذلك من المصالط والمنافع ليء ال يعد وال يحصى ،كما هو معروف.
الجملة الثانية :قوله " : وإذا حلفت على يمين ،فرأيت ايرها خي اًر منها فائت الذي هو خير ،وكفر عن يمينك".
يشمل من حلا على ترهللا واجب ،أو ترهللا مسنون؛ فينه يكفر عن يمينه ،ويفعل ذلك الواجب والمسنون الذي حلا على تركه.
ويشمل من حلا على فعل محرع ،أو فعل مكروه فينه يؤمر بترهللا ذلك المحرع والمكروه ،ويكفر عن يمينه.
فاألقساع األربعة داخلة في قوله " : فائت الذي هو خير" ألن فعل المأمور مطلقاً ،وترهللا المنهي مطلقاً :من الخير.
ص و و و و و ولِ ُحوْا َب ْي َن َّ
الن ِ
اس}( )1أي :ال تجعلوا اليمين عذ اًر لكهلل وعرضو و و و و ووة ومانعاً لكهلل من فعل البر َّ ِ ِ
ض و و و و و و ًة َألَْي َمان ُك ْهلل أَن تََب ذروْا َوتَتُقوْا َوتُ ْ
َّللاَ ُع ْر َ
{والَ تَ ْج َعُلوْا َ
وهذا هو معنى قوله تعالىَ :
والتقوى ،والصلط بين الناس إذا حلفتهلل على ترهللا هذه األمور ،بل كفروا أيمانكهلل ،وافعلوا البر والتقوى ،والصلط بين الناس.
خير
ويؤخذ من هذا الحديث :أن حفظ اليمين في اير هذه األمور أولى ،لكن إن كانت اليمين على فعل مأمور ،أو ترهللا منهي ،لهلل يكن له أن يحنث .وإن كانت في المبا َ ،
بين األمرين .وحفظها أولى.
واعلهلل أن َّ
الكفارة ال تجب إال في اليمين المنعقدة على مسو ووتقبل إذا حلا وحنث .وهي على التخيير بين العتق ،أو إطعاع عش و ورة مسو وواعين ،أو كسو وووتههلل .فمن لهلل يجد فصو ووياع
ثالثة أياع.
وأما اليمين على األمور الماضية أو لغو اليمين ،كقول اإلنسان :ال وهللا ،وبلى وهللا في عرض حديثه :فال كفارة فيها .وهللا أعلهلل.
()1
سورة يوسف – آية . 55
()2
سورة يوسف – آية . 55
()1
سورة البقرة – آية . 224
حفظ الحديث الثاني والخمسون
: عن عائشة رضي هللا عنها قالت :قال رسول هللا
رواه البخاري. "من نذر أن يطيع هللا فليطعه .ومن نذر أن يعص هللا فال يعصه".
في هذا الحديث .وكما وهذا الحديث لووامل للطاعات كلها .فمن نذر طاعة واجبة ومسووتحبة وجب عليه الوفاء بالنذر ،وليس عنه كفارة .بل يتعين الوفاء ،كما أمره النبي
أثنى هللا على الموفين بنذرههلل في قولهُ { :يوُفو َن ِب َّ
الن ْذ ِر}( )1مع أن عقد النذر مكروه ،كما نهى عن النذر .وقال" :إنه ال يأتي بخير ،وإنما يستخرج به من البخيل".
وأما نذر المعصية ،فيتعين على العبد أن يترهللا معصية هللا ولو نذرها.
وبقية أقساع النذر ،كنذر المعصية ،والنذر المبا ،ونذر اللجاج ،والغضب ،حكمها حكهلل اليمين في الحنث ،فيها كفارة يمين لمشاركتها في المعنى لليمين .وهللا أعلهلل.
مسائل في النذر
النذر هو :إلزام الشخص نفسه بعبادة هلل غير واجبة عليه سواء كان بسبب أو بغير سبب.
مثال :أن يقول :هلل علي أن أصوم ثالثة أيام .فهنا ألزم نفسه بالصيام ،وهو ليس بواجب عليه أصالً.
وقد يقول :إن نجحتُ في االمتحان هللف علي صوم يومان .فمتى ت ّم له مطلوبه وجب عليه الوفاء.
حكم النذر
مكروه ،وبعض العلماء يرى تحريمه لما ورد في النهي عنه ،فقد " نهى النبي صلى هللا عليه وسلم عن النذر "متفق عليه.
ومن نذر فيجب عليه الوفاء إن كان قادراً ،وهذا الوفاء مما جاء الثناء عليه ،قال تعالى عن عباده الصالحين " يوفون بالنذر "
صيغ النذر
ليس له صيغة معينة ،ومنها :هلل علي ،عهد علي ،هلل نذر.
النذر أنواع:
-١نذر الطاعة
كأن يقول :هلل علي صوم يوم ،فيجب الوفاء به وال كفارة عليه لحديث " من نذر أن يطيع هللا فليطعه " رواه البخاري.
-2نذر المعصية
كأن يقول :هلل علي أن أفعل تلك المعصية .فيحرم الوفاء به ويكفرعنه كفارة اليمين .لحديث " النذر في معصية هللا " رواه مسلم
س ّميت كفارة اليمين :ألنها تكفر الذنب وتمحوه وتستره.
ُ
وكفارة اليمين على التخيير :إطعام عشرة مساكين .أو كسوتهم .أو تحرير رقبة .فمن لم يجد فليصم ثالثة أيام ،واألفضل أن تكون متتابعة.
()1
سورة اإلنسان – آية . 7
-3النذر المباح
كأن يقول :هلل علي أن أركب تلك السيارة.
فهنا اليجب عليه ذلك ،فهو مخير بين فعله وتركه ،وإن تركه فعليه كفارة يمين .لحديث " كفارة النذر كفارة يمين " رواه مسلم.
-4نذر ماال يملك
كأن يقول :هلل علي أن أتصدق بمال فالن .فهنا نذر بما ال يملك ،واليجوز الوفاء به ،وعليه كفارة يمين.
-5نذر اللجاج والغضب.
كأن يقول في وقت غضبه :هلل علي أن أفعل كذا .فيخير بين فعله وتركه ،وبين كفارة اليمين.
-6إذا نذر ذبيحة
وكانت نيته أن يأكل منها ويعزم عليها فيجوز له األكل منها.
وأما إن نذر ذبيحة من باب الشكر هلل وكانت نيته التصدق بها ،فاليجوز له األكل منها ،بل يعطيها للفقراء.
الحديث الثالث والخمسون
" :المسلمون تتكافأ دماؤههلل ،ويسعى بذمتههلل أدناههلل .ويرد عليههلل أقصاههلل .وههلل َيد عن علي رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
رواه أبو داود والنسائي .ورواه ابن ماجه عن ابن اباس. على من سواههلل .أال ،ال يقتل مسلهلل بكافر ،وال ذو َع ْهد في عهده"
" :وكونوا اباد هللا إخوانا". هذا الحديث كالتفصيل لقوله تعالىِ{ :إَّن َما اْل ُم ْؤ ِمُنو َن ِإ ْخَوة}( )1وقوله
فعلى المؤمنين :أن يكونوا متحابين ،متصوافين اير متبااضوين وال متعادين .يسوعون جميعاً لمصوالحههلل الكلية التي بها قواع دينههلل ودنياههلل ،ال يتكبر لوريف على وضويع ،وال
يحتقر أحد منههلل أحداً .فدماؤههلل تتكافأ؛ فينه ال يشو و و ووترل في القصو و و وواص إال المكافأة في الدين .فال يقتل المسو و و وولهلل بالكافر ،كما في هذا الحديث ،والمكافأة في الحرية ،فال يقتل الحرب
بالعبد.
وأما بقية األوصواف ،فالمسولمون كلههلل على حد سوواء .فمن قتل أو قطع طرفاً متعمداً عدواناً ،فلههلل أن يقتصووا منه بشورل المماثلة في العضوو ،ال فرق بين الصوغير بالكبير،
وبالعكس ،والذكر واألنثى وبالعكس ،والعالهلل بالجاهل ،والشريف بالوضيع ،والكامل بالناقص كالعكس في هذه األمور.
()1
سورة احلجرات – آية . 10
َحد َِم َن
قوله " : ويسو و و و ووعى بذمتههلل أدناههلل" يعني :أن ذمة المسو و و و وولمين واحدة .فمتى اسو و و و ووتجار الكافر بأحد من المسو و و و وولمين وجب على بقيتههلل تأمينه ،كما قال تعالىَ { :وإِ ْن أ َ
ْم َن ُه}( )2فال فرق في هذا بين إجارة الشريف الرئيس ،وبين آحاد الناس. ِ اْلم ْش ِرِكين استجارهللا َفأَ ِجره حتَّى يسمع َكالَع ِ
َّللا ثُ َّهلل أَْبل ْغ ُه َمأ َ
ُْ َ َ ْ َ َ َ َ َ ََْ َ َ ُ
ِ
وقوله " : ويرد عليههلل أقص وواههلل" أي :في التأمين .وكذلك ال ووتراهللا الجيوخ مع س وراياه التي تذهب فتُغير أو تحرس ،فمتى انهلل الجيش ،أو انهلل أحد الس ورايا التابعة للجيش،
الترهللا الجميع في المغنهلل .وال يختص بها المبالر؛ ألنههلل كلههلل متعاونون على مهمتههلل.
وقوله " : وههلل َيد على من سوواههلل" أي :يجب على جميع المسوولمين في جميع أنحاء األرض أن يكونوا يداً على أعدائههلل من الكفار ،بالقول والفعل ،والمسوواعدات والمعاونة
في األمور الحربية ،واألمور االقتصادية ،والمدافعة بكل وسيلة.
فعلى المسلمين :أن يقوموا بهذه الواجبات بحسب استطاعتههلل؛ لينصرههلل هللا ويعزههلل ،ويدفع عنههلل بالقياع بواجبات اإليمان عدوان األعداء .فنسأله تعالى أن يوفقههلل لذلك.
" :وال ذو عهد في عهده" أي :ال يحل قتل من له عهد من الكفار بذمة أو أمان أو هدنة؛ فينه لما قال" :ال يقتل مس و و و و وولهلل بكافر" احترز بذلك البيان عن تحريهلل قتل وقوله
المعاهد؛ ل ال يظن الظان جوازه .وهللا أعلهلل.
()2
سورة التوبة – آية . 6
حفظ الحديث الرابع والخمسون
قال: عن عمرو بن لعيب عن أبيه عن جده :أن رسول هللا
رواه أبو داود والنسائي. "من تطبَّب ولهلل ُيعلهلل منه ِط ٌّب ،فهو ضامن"
من تطبب /من مارس مهنة الطب وأخذ بعالج ومداواة الناس
ضامن /اصال ما أفسد أو تقاع عليه العقوبه.
يدل بلفظه وفحواه على :أنه ال يحل ألحد أن يتعاطى ص و ووناعة من الص و ووناعات وهو ال يحس و وونها ،سو و وواء كان طباً أو ايره ،وأن من تج أر على ذلك :فهو آثهلل .وما ترتب على عمله من تلا
هذا الحديث َ
نفس أو عضوو أو نحوهما :فهو ضوامن له .وما أخذه من المال في مقابلة تلك الصوناعة التي ال يحسونها :فهو مردود على باذله؛ ألنه لهلل يبذله إال بتغريره وإيهامه أنه يحسون ،وهو ال يحسون ،فيدخل في الغش .و
"من اشنا فليس منا".
نصب نفسه لذلك ،موهماً أنه يحسن الصنعة ،وهو كاذب. ومثل هذا َّ
البناء والنجار والحداد والخراز والنساج ونحوههلل ممن َ
ومفهوع الحديث :أن الطبيب الحاذق ونحوه إذا بال وور ولهلل تجن يده وترتب على ذلك تلا ،فليس بض ووامن؛ ألنه مأذون فيه ،من المكلا أو وليه .فكل ما ترتب على المأذون فيه فهو اير مض وومون ،وما
ترتب على اير ذلك المأذون فيه ،فينه مضمون.
ويستدل بهذا على :أن صناعة الطب من العلوع النافعة المطلوبة لرعاً وعقالً .وهللا أعلهلل.
الحديث الخامس والخمسون
: عن عائشة رضي هللا عنها قالت :قال رسول هللا
دود عن المسلمين ما استطعتهلل ،فين كان له مخرج ،فخلوا سبيله .فين اإلماع أن يخطئ في العفو،
الح َ
" ْاد َرُءوا ُ
خير من أن يخطئ في العقوبة" رواه الترمذي مرفوعاً وموقوفاً.
ادرؤوا /اجتنبوا
اجتنبوا إيقاع العقوبات على المسلمين قدر ماستطعتهلل
فخلوا سبيله /اطلقوا سراحه
الحدود /العقوبات
اإلماع /القاضي
الشبهات /األدله
يدل على أن الحدود تد أر بالش و ووبهات .فيذا ال و ووتبه أمر اإلنس و ووان وأل و ووكل علينا حاله ،ووقعت االحتماالت :هل فعل موجب الحد أع الف وهل هو عالهلل أو جاهلف
هذا الحديثَ :
وهل هو متأول معتقد حَله أع الف وهل له عذر عقد أو اعتقادف :درأت عنه العقوبة؛ ألننا لهلل نتحقق موجبها يقيناً.
ولو تردد األمر بين األمرين ،فالخطأ في درء العقوبة عن فاعل س ووببها ،أهون من الخطأ في إيقاع العقوبة على من لهلل يفعل س ووببها ،فين رحمة هللا س ووبقت اض ووبه ،ولو وريعته
مبنية على اليسر والسهولة.
واألصل في دماء المعصومين وأبدانههلل وأموالههلل التحريهلل ،حتى نتحقق ما يبيط لنا ليء من هذا*.
وقد ذكر العلماء على هذا األصل في أبواب الحدود أمثلة كثيرة ،وأعثرها موافق لهذا الحديث.
ومنها :أمثلة فيها نظر .فين االحتمال الذي يشبه الوههلل والخيال ،ال عبرة به .والميزان لفظ هذا الحديث .فين وجدتهلل له ،أو فين كان له مخرج ،فخلو سبيله.
وفي هذا الحديث :دليل على أصل .وهو :أنه إذا تعارض مفسدتان تحقيقاً أو احتماالً :راعينا المفسدة الكبرى ،فدفعناها تخفيفاً للشر .وهللا أعلهلل.
الحديث السادس والخمسون حفظ
: عن علي رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
متفق عليه. "ال طاعة في معصية .إنما الطاعة في المعروف"
يٍ،
أربع مئ ِة ُجند ّ ِ يش ،فيما ال َيزي ُد عن سريَّةً ،وهي أق ُّل ع َددًا ِمن ال َج ِ ث َ ي صلَّى هللاُ عليه وسلَّ َم ب َع َ أن النَّب َّ
ضي هللاُ عنه َّ ب َر َ بن أبي طال ٍ ي ُعل ُّ
َيحْ كي َ
ضبوه في األمير ،أو أ ْغ َ
ُ ب هذاغض َ أن ِ سفَ ِرهم ْ ث ْأثنا َء َ عتِه.وح َد َزام طا َ أميرا ،وأ َم َرهم صلَّى هللاُ عليه وسلَّ َم ْ
بالتِ ِ صار ً جال ِمنَ األ ْن ِ وعيَّن عليهم َر ً
ار ،ففَعَلوا ،ث ُ َّم أ َم َرهم أن َيجْ َمعوا َح َ
طبًا ،ويُش ِعلوا فيه النَّ َ بأن تُطيعوني؟ قالوا :بَلى ،فأ َم َرهم ْ ي صلَّى هللاُ عليه وسلَّ َم ْ شَيءٍ ،فقال لهم :ألَ َ
يس أ َم َرك ُم النَّب ُّ
ضهم عض ،وج َع َل بع ُ ضهم إلى بَ ٍ ظ َر بع ُأميرهم ،ث َّم ن َ هللا عليه وسلَّ َم لهم بطاع ِة ِ ي ِ صلَّى ُ أن يَد ُخلوهاو تَنفي ًذا ِ
ألمر النَّب ّ صدوا ْ ار ،فقَ َأن يَ ْد ُخلوا هذه النَّ َ
ْ
اآلخرةِو فكيف يُؤ َمرونَ نار ِ ومن ِ ب هللاِِ ،عذا ِ ار ،أي :إنَّهم أ ْسلَموا ليَ ِف ُّروا ِمن َ ي ِ صلَّى هللاُ عليه وسلَّ َم ِمنَ النَّ ِ عض ،وقالوا :فَ َر ْرنا إلى النَّب ّ يُم ِسكُ ب َب ٍ
فأخ َب َر صلَّى ثْ ، ي صلَّى هللاُ عليه وسلَّ َم ما ح َد َ األمير ،فبلَ َغ النَّب َّ
ِ ب هذا ض ُس َكنَ غ َ ار ،ف َ ت النَّ ُ طفأ ِ بدُخو ِلها في ال ُّد ْنيا؟! فما زالوا على ذلك الحا ِل حتَّى ا ْن َ
خرجوا منها ومن ث َ َّم ْ
فلن يَ ُ يوم القيام ِةو أل َّنهم س َيموتونَ بهاِ ، ألميرهم ،ما خ ََرجوا منها إلى ِ ِ ار الَّتي ْأوقَدوها طاعةً هللاُ عليه وسلَّ َم أنَّهم لو َدخَلوا النَّ َ
أن طاعةَ األ ُ ِ
مراء ارت َ َكبوا ما نُهوا عنه ِمن َقت ِل أنفُ ِسهم ُمست َِحلِّينَ لذلك ،ظانِّينَ َّ اآلخر ِةو ألنَّه ُم ْ نار ِ لل ُّد ْنيا ثانيةً ،أ ِو ال َمعنى :لو َدخَلوها ما خ ََرجوا ِمن ِ
تُبي ُح فِع َل ال َم ْعصي ِة،
الحديث السابع والخمسون
: عن عبد هللا بن عمرو ،وأبي هريرة رضي هللا عنهما قاال :قال رسول هللا
" إذا حكهلل الحاعهلل ،فاجتهد وأصاب ،فله أجران .وإذا حكهلل ،فاجتهد فأخطأ ،فله أجر واحد"
متفق عليه.
المراد بالحاعهلل :هو الذي عنده من العلهلل ما يؤهله للقضوواء .وقد ذكر أهل العلهلل لوورول القاضووي .فبعضووههلل بال فيها ،وبعضووههلل اقتصوور على العلهلل الذي يصوولط به للفتى .وهو
األولى.
ففي هذا الحديث :أن الجاهل لو حكهلل وأصاب الحكهلل :فينه ظالهلل آثهلل؛ ألنه ال يحل له اإلقداع على الحكهلل ،وهو جاهل.
ودل على :أنه ال بد للحاعهلل من االجتهاد .وهو نوعان: َ
-1اجتهاد في إدخال القض ووية التي وقع فيها التحاعهلل باألحكاع الش ووراية -2.واجتهاد في تنفيذ ذلك الحق على القريب والص ووديق وض وودهما ،بحيث يكون الناس عنده في هذا
الباب واحداً.
ال يفض و و و و وول أحداً على أحد ،وال يميله الهوى ،فمتى كان كذلك فهو مأجور على كل حال :إن أص و و و و وواب فله أجران .وإن أخطأ فله أجر واحد ،وخطؤه معفو عنه ،ألنه بغير
استطاعته .والعدل كغيره معلق باالستطاعة.
والفرق بين الحاعهلل المجتهد ،وبين صواحب الهوى :أن صواحب الحق قد فعل ما أمر به من حسون القصود واالجتهاد .وهو مأمور في الظاهر باعتقاد ما قاع عنده عليه دليله،
بخالف صاحب الهوى ،فينه يتكلهلل بغير علهلل ،وبغير قصد للحق .قاله ليخ اإلسالع.
وفي هذا :فضيلة الحاعهلل الذي على هذا الوصا ،وأنه يغنهلل األجر والثواب في كل قضية يحكهلل بها.
ولهذا :كان القضاء من أعظهلل فروض الكفايات؛ ألن الحقوق بين الخلق كلها مضطرة للقاضي عند التنازع أو االلتباه.
وعليه :أنه يجاهد نفسه على تحقيق هذا االجتهاد الذي تب أر به ذمته ،وينال به الخير ،واألجر العظيهلل .وهللا أعلهلل.
الحديث الثامن والخمسون
عن ابن اباس رضي هللا عنهما قال:
دماء قوع وأموالههلل .ولكن اليمين على المدعى عليه" َّ
رواه مسلهلل.
الناس َبد ْعواههلل الدعى رجال َ
" :لو ُيعطى ُ قال رسول هللا
المدعي ،واليمين على من أنكر". ِ
وفي لفظ عند البيهقي" :البينة على َ
ًّ
المدعي /هو الذي يوقع التهمته
الدماء /األنفس أو األروا
البينه /الدليل
َ
المدعى عليه)
َ ( ومحمد أحمد(المدعي)
َ
هذا الحديث عظيهلل القدر .وهو أص وول كبير من أص ووول القض ووايا واألحكاع؛ فين القض وواء بين الناس إنما يكون عند التنازع :هذا َيدعي على هذا حقاً من الحقوق ،فينكره ،وهذا
يدعي براءته من الحق الذي كان ثابتاً عليه.
أصالً يفض نزاعههلل ،ويتضط به المحق من المبطل. فبين
فمن ادعى عيناً من األايان ،أو ديناً ،أو حقاً من الحقوق وتوابعها على ايره ،وأنكره ذلك الغير :فاألصل مع المنكر.
وحكهلل له به وإن لهلل يأت ببينة :فليس له على اآلخر إال اليمين.
فهذا المدعي إن أتى ببينة تثبت ذلك الحق :ثبت لهُ ،
وكذلك من ادعى براءته من الحق الذي عليه ،وأنكر صو و و و وواحب الحق ذلك ،وقال :إنه باق في ذمته ،فين لهلل يأت مدعي الوفاء والبراءة ببينة ،وإال حكهلل ببقاء الحق في ذمته؛
ألنه األصل .ولكن على صاحب الحق اليمين ببقائه.
وكذلك دعوى العيوب ،والشرول ،واآلجال ،والوثائق :كلها من هذا الباب.
فعلهلل أن هذا الحديث تضطر إليه القضاة في مسائل القضاء كلها؛ ألن البينة اسهلل للمبين الحق .وهي تتفاوت بتفاوت الحقوق .وقد فصلها أهل العلهلل رحمههلل هللا.
في هذا الحديث الحكهلل ،وبين الحكمة في هذه الش و وريعة الكلية ،وأنها عين ص و ووال الصباد في دينههلل ودنياههلل ،وأنه لو يعطى الناس بدعواههلل لكثر الش و وور والفس و وواد، وقد بين
الدعى رجال دماء قوع وأموالههلل.
وَ
فعلهلل أن لوريعة اإلسوالع بها صوال البشور .وإذا أردت أن تعرف ذلك ،فقابل بين كل لوريعة من لورائعه الكلية وبين ضودها ،تجد الفرق العظيهلل ،وتشوهد أن الذي لورعها حكيهلل
عليهلل ،رحيهلل بالصباد؛ اللتمالها على الحكمة والعدل ،والرحمة ،ونصر المظلوع ،وردع الظالهلل.
وقد قال بعض المحققين :إن الشريعة جعلت اليمين في أقوى جنبتي المدعين .ومن تتبع ذلك عرفه .وهللا أعلهلل.
الحديث التاسع والخمسون
حداً ،وال ذي امر على أخيه ،وال ظنين في والء وال قرابة ،وال
"ال تجوز لهادة خائن وال خائنة ،وال مجلود َ عن عائشة رضي هللا عنها – مرفوعاً –
القانع من أهل البيت" رواه الترمذي.
وهي الخبر الصادق إلثبات أو نفي حق م ّعين لطرف من األطراف ،وتكون في المحكمة أمام القاضي ،وصيغتها" :أشهد" ،وال يجزئ قول غيرها من الصيغ مثل
"شهدتُ "
هذا حديث مشتمل على األمور القادحة في الشهادة.
وذلك :أن هللا أمر بيلهاد العدول المرضيين.
وأهل العلهلل الترطوا في الشاهد في الحقوق بين الناس :أن يكون عدالً ظاه اًر .وذكروا صفات العدالة.
ضو ْو َن ِم َن ال ذشو َه َداء}( )1فقال :كل مرضوى عند الناس يطم نون لقوله ولوهادته .فهو مقبول .وهذا أحسون الحدود .وال يسوع ِ
وح َّدها بعضوههلل بحد مأخوذ من قوله تعالى{ :م َّمن تَ ْر َ
َ
الناس العمل بغيره.
واأللياء التي تقد في الشهادة ترجع إلى التهمة أو إلى مظنتها.
فينه لخيانته فمن الناس من ال تقبل لو و و ووهادته مطلقاً على جميع األمور التي تعتبر فيها الشو و و ووهادة ،كالخائن والخائنة ،والذي أتى حداً – أي :معصو و و ووية كبيرة لهلل يتب منها –
وفسقه مفقود العدالة ،فال تقبل لهادته.
ومن الناس نهلل هو موص و وووف بالعدالة ،لكن فيه وص و ووا يخش و ووى أن يميل معه ،فيش و ووهد بخالف الحق وذلك كاألص و ووول والفروع ،والمولى والقانع ألهل البيت .فهؤالء ال تقبل
لهادتههلل للمذكورين؛ ألنه محل التهمة .وتقبل عليههلل.
ومثل ذلك الزوجان ،والسيد مع مكاتبه أو عتيقه.
على أخيه فهذا إن ل و ووهد له ،قبلت ل و ووهادته .وإن ل و ووهد على عدوه :لهلل تقبل؛ ألن العداوة تحمل كالع ُدَو الذي في قلبه امر – أيِ :ا ٌّل –
ومن الناس من هو بعكس هؤالءَ ،
االباً على اإلضرار بالعدو وهللا أعلهلل.
()1
سورة البقرة – آية . 282
الحديث الستون
عن رافع بن خديا رضي هللا عنه قال "قلت يا رسول هللاَّ ،إنا الَُقوا َّ
العدو ادا ،وليس معنا ُم َدى .أفنذبط بالقصبف قال :ما أنهر الدع ،وُذعر اسهلل هللا
فمدى الحبشة .وأصبنا نهب إبل وانهلل َفنَّد منها بعير ،فرماه رجل بسههلل فحبسه. السن و َّ
الظْف َر ،وسأحدثك عنه أما ذ فك ْل ،ليس َّ
السن فعظهلل .وأما الظفر َ عليه ُ
ُمَدى أسلحه من سكاعين او سيوف متفق عليه. فقال رسول هللا :إن لهذه َأواِب َد كأوابد الوحش ،فيذا البكهلل منها ليء فافعلوا به هكذا".
القصب نوع من أنواع النباتات
نَّد هرب
أوابد تصرفات أو أفعال من حديد ،أو نحاس قوله " : ما أنهر الدع – إلى آخره" كالع جامع يدخل فيه جميع ما ي ْن ِهر الدع – أيِ :
يسفكه – ُ
أو صفر ،أو قصب ،أو خشب ،أو حطب ،أو حصى محدد ،أو ايرها ،وما له نفوذ كالرصاص في البارود؛ ألنه ينهر بنفوذه ،ال بثقله.
ودخل في ذلك :ما صيد بالسهاع ،والكالع المعلمة ،والطيور إذا ذكر اسهلل هللا على جميع ذلك.
كان أولى. الود َجين – وهما العرقان المكتنفان الحلقوع –
وأما محل الذبط :فينه الحلقوع والمريء .إذا قطعهما كفى .فين حصل معهما قطع َ
وأما الصيد :فيكفي جرحه في أي موضع كان من بدنه؛ للحاجة إلى ذلك.
كفى ،كما أن الص وويد إذا ُقدر عليه – ومثل ذلك إذا َّند البعير أو البقرة أو الش وواة وعجز عن إدراعه :فينه يكون بمنزلة الص وويد ،كما في الحديث .ففي أي محل من بدنه ُجر
فال بد من ذكاته. وهو حي –
فالحكهلل يدور مع علته ،المعجوز عنه بمنزلة الصيد ،ولو من الحيوانات اإلنسية .والمقدور عليه ال بد من ذبحه ،ولو من الحيوانات الوحشية.
ال يحل الذبط بها. فدل على أن جميع العظاع – وإن أنهرت الدع –
واستثنى النبي من ذلك السن ،وعلله بأنه عظهللَ .
وقيل :إن العلة مجموع األمرين :كونه سنا ،وكونه عظما .فيختص بالسن .والصحيط األول.
وكذلك الظفر ال يحل الذبط بها ،ال طير وال ايره.
فالحاصل :أن لرول الذبط :إنهار الدع في محل الذبط ،مع كون الذابط مسلماً ،أو كتابياً ،وأن يذكر اسهلل هللا عليها.
وأما الص وويد :فهو أوس ووع من الذبط .كما تقدع أنه في أي موض ووع يكون من بدن الص وويد ،وأنه يبا ص وويد الجوار من الطيور والكالب إذا كانت ُم َعَّلمة ،وُذعر اس ووهلل هللا عليها
عند إرسالها على الصيد .وهللا أعلهلل.
الحديث الحادي والستون
فأح ِسنوا القتلة وإذا ذبحتهلل فأحسنوا الذبحة.
قال" :إن هللا كتب اإلحسان على كل ليء .فيذا قتلتهلل ْ لداد بن ْأوس رضي هللا عنه :أن رسول هللا
عن َ
رواه مسلهلل. وليحد أحدكهلل لفرته وْل ُي ِر ْ ذبيحته"
َ
عتب /أوجب
اإلحسان /إتقان العمل (فعله بالشكل الصحيط) والرحمة
القتل /القصاص
لفرته /السكين
اإلحسووان نوعان :إحسووان في ابادة الخالق ،بأن يعبد هللا كأنه يراه فين لهلل يكن يراه فين هللا يراه .وهو الجد في القياع بحقوق هللا على وجه النصووط ،والتكميل لها .وإحسووان في
حقوق الخلق.
وأص و وول اإلحس و ووان الواجب ،أن تقوع بحقوقههلل الواجبة ،كالقياع ببر الوالدين ،وص و وولة األرحاع ،واإلنص و وواف في جميع المعامالت ،بيعطاء جميع ما عليك من الحقوق ،كما أنك
نب واب ِن ال َّسوِب ِ ار اْلج ُن ِب وال َّ ِ ِ ين واْلج ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِِ
يل َو َما الج ِ َ ْ صواحب ِب َ ار ذي اْلُق ْرَبى َواْل َج ِ ُ َ امى َواْل َم َسواع ِ َ َ
َّللاَ َوالَ تُ ْشو ِرُكوْا به َلو ْي ًا َوبِاْل َوال َد ْي ِن إ ْح َسو ًانا َوبِذي اْلُق ْرَبى َواْل َيتَ َ
اع ُب ُدوْا َ
تأخذ مالك وافياً ،قال تعالىَ { :و ْ
َمَل َك ْت أ َْي َم ُان ُك ْهلل}( )1فأمر باإلحسان إلى جميع هؤالء.
ويدخل في ذلك اإلحسان إلى جميع نوع اإلنسان ،واإلحسان إلى البهائهلل ،حتى في الحالة التي تزهق فيها نفوسها ،ولهذا قال " : فيذا قتلتهلل فأحسنوا ِ
الق ْتلة".
فمن استحق القتل لموجب قتل يضرب عنقه بالسيف ،من دون تعزير وال تمثيل.
ولي ِح َّد أحدكهلل َلو و وفرته" أي :سو و ووكينه" :ولير ذبيحته" فيذا كان العبد مأمو اًر باإلحسو و ووان إلى من
وقوله " : إذا ذبحتهلل فأحسو و وونوا الذبحة" أي :هي ة الذبط وصو و ووفته .ولهذا قالُ " :
استحق القتل من اآلدميين ،وبيحسان ذبحة ما يراد ذبحه من الحيوان .فكيف بغير هذه الحالةف
واعلهلل أن اإلحسان المأمور به نوعان:
أحدهما :واجب ،وهو اإلنصاف ،والقياع بما يجب عليك للخلق بحسب ما توجه عليك من الحقوق.
والثاني :إحس و و ووان مس و و ووتحب .وهو ما زاد على ذلك من بذل نفع بدني ،أو مالي ،أو علمي ،أو توجيه لخير ديني ،أو مص و و وولحة دنيوية ،فكل معروف ص و و وودقة ،وكل ما أدخل
السرور على الخلق صدقة وإحسان .وكل ما أزال عنههلل ما يكرهون .ودفع عنههلل ما ال يرتضون من قليل أو كثير ،فهو صدقة وإحسان.
()1
سورة النساء – آية . 36
" :إن لنا في البهائهلل أج اًر قال :في كل البغي التي سووقت الكلب الشووديد العطش بخفيها من الب ر ،وأن هللا لووكر لها وافر لها .قالوا لرسووول هللا ولما ذكر النبي قصووة
َ
عبد َح َّرى أجر".
فاإلحسوان هو بذل جميع المنافع من أي نوع كان ،ألي مخلوق يكون ،ولكنه يتفاوت بتفاوت المح َسون إليههلل ،وحقههلل ومقامههلل ،وبحسوب اإلحسوان ،وعظهلل موقعه ،وعظيهلل نفعه،
وبحسب إيمان المحسن وإخالصه ،والسبب الداعي له إلى ذلك.
َّ ِ ِ َّ ِ َِّ ِ ومن ِ
ين َح َس و و ُن َفِي َذا الذي َب ْي َن َك َوَب ْي َن ُه َع َد َاوة َكأََّن ُه َولِ ٌّي َحميهلل َ ،و َما ُيَلَّق َ
اها ِإال الذ َ أج َل أنواع اإلحسو ووان :اإلحسو ووان إلى من أسو وواء إليك بقول أو فعل .قال تعالىْ { :ادَف ْع ِبالتي ه َي أ ْ َ
( )1
ظ َع ِظي ٍهلل}
اها ِإال ُذو َح ٍَ
ص َب ُروا َو َما ُيَلَّق َ
َ
ِِ ِ ِ ِ ِِ َِّ ِ َِّ ِ
َّللا َق ِريب َم َن اْل ُم ْحسون َ َح َسو ُنوْا في َهذه ال ذد ْن َيا َح َسو َنة} ِ{ ،إ َّن َر ْح َم َت َ َح َسو ُنوْا اْل ُح ْسو َنى َوِزَي َادة} َ{ ،للذ َ ان ِإال ِ { َه ْل َج َزاء ِ
اإل ْح َسو ِ
( )5 ) ( ) ( ) (
ين} أي :المحسوونين في 4
ين أ ْ
3
ين أ ْ
ان} َ{ ،للذ َ
2
اإل ْح َسو ُ
ابادة هللا ،المحسنين إلى اباد هللا.
( )1
أي :اجعلوا للفضو و وول واإلحسو و ووان ضو و و َل َب ْي َن ُك ْهلل}
{والَ تَن َسو و و ُوْا اْلَف ْ
وهللا تعالى يوجب على اباده العدل من اإلحسو و ووان ،ويندبههلل إلى زيادة الفضو و وول منه .وقال تعالى في المعاملةَ :
موض ووعاً من معامالتكهلل .وال تس ووتقصو ووا في جميع الحقوق ،بل َي َِسو وروا وال تعس ووروا ،وتس ووامحوا في البيع والشو وراء ،والقض وواء واالقتض وواء .ومن ألزع نفس ووه هذا المعروف ،نال خي اًر كثي اًر،
وإحساناً كبي اًر .وهللا أعلهلل.
()1
سورة فصلت – اآليتان .35 ، 34
()2
سورة الرمحن – آية . 60
()3
سورة يونس – آية . 26
()4
سورة الزمر – آية . 10
()5
سورة األعراف – آية . 56
()1
سورة البقرة – آية . 237
الحديث الثاني والستون
وكل ذي مخلب
وكل ذي ناب من السباعَّ ،
حوع البغالَّ ،
حرع رسول هللا يوع خيبر الحمر اإلنسية ،ولُ َ
عن جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما قالَ " :
من الطير" رواه الترمذي.
الحل؛ فين هللا أحل لصباده ما أخرجته األرض من حبوب وثمار ونبات متنوع ،وأحل لحهلل حيوانات البحر كلها :حيها وميتها.
األصل في جميع األطعمة َ
وأما حيوانات البر :فأبا منها جميع الطيبات ،كاألنعاع الثمانية وايرها ،والصيود الوحشية من طيور وايرها.
وإنما حرع من هذا النوع الخبائث ،وجعل لذلك حداً وفاصالً .وربما عين بعض المحرمات ،كما عين في هذا الحديث الحمر األهلية ،والبغال وحرمها .وقال" :إنها ِر ْجس".
وأما الحمر الوحشووية :فينه حالل ،وكذلك حرع ذوات األنياب من السووباع ،كالذئب والسوود والنمر والثعلب والكلب ونحوها ،وكل ذي مخلب من الطير يصوويد بمخلبه ،كالصووقر
صو و ورد ،أو أمر بقتله كالغراب ونحوها :فينها محرمة .وما كان خبيثاً ،كالحيات والعقارب والف ران وأنواع الحشو و ورات وكذلك ما مات حتا أنفه
والبال و ووق ونحوهما .وما نهى عن قتله كال ذ
من الحيوانات المباحة ،أو ذ َِكي ذكاة اير لراية :فينه محرع .وهللا أعلهلل.
الحديث الثالث والستون
رواه البخاري. :لعن هللا المتشبهين من الرجال بالنساء ،والمتشبهات من النساء بالرجال" عن ابن اباس رضي هللا عنهما قال :قال رسول هللا
التشبه /التقليد أو يفعل مثلههلل في األمور الخاصة.
األصوول في جميع األمور العادية اإلباحة ،فال يحرع منها إال ما حرمه هللا ورسوووله ،إما لذاته كالمغصوووب ،وما خبث مكسووبه في حق الرجال والنسوواء .وإما لتخصوويص الحل
بأحد الصنفين ،كما أبا الشارع لباس الذهب والفضة والحرير للنساء ،وحرمه على الرجال.
وأما تحريهلل الشارع تشبذه الرجال بالنساء ،والنساء بالرجال ،فهو عاع في اللباس ،والكالع ،وجميع األحوال.
فاألمور ثالثة أقساع:
قسهلل مشترهللا بين الرجال والنساء من أصناف اللباس وايره ،فهذا جائز للنوعين؛ ألن األصل اإلباحة .وال تشبه فيه.
وقسهلل مختص بالرجال ،فال يحل للنساء .وقسهلل مختص بالنساء ،فال يحل للرجال.
ومن الحكمة في النهي عن التشووبه :أن هللا تعالى جعل للرجال على النسوواء درجة ،وجعلههلل َقَوامين على النسوواء ،وميزههلل بأمور َق َدرية ،وأمور لووراية فقياع هذا التمييز وثبوت
فضيلة الرجال على النساء ،مقصود لرعاً وعقالً .فتشبذه الرجال بالنساء يهبط بههلل عن هذه الدرجة الرفيعة .وتشبه النساء بالرجال يبطل التمييز.
وأيضو واً ،فتشو وبه الرجال بالنسو وواء بالكالع واللباس ونحو ذلك :من أسو ووباب التخنث ،وسو ووقول األخالق ،ورغبة المتشو ووبه بالنسو وواء في االختالل بهن ،الذي يخشو ووى منه المحذور.
وكذلك بالعكس.
وهذه المعاني الشراية ،وحفظ مراتب الرجال ومراتب النساء ،وتنزيل كل منههلل منزلته التي أنزله هللا بها ،مستحسن عقالً ،كما أنه مستحسن لرعاً.
وإذا أردت أن تعرف ضو وورر التشو ووبه التاع ،وعدع اعتبار المنازل ،فانظر في هذا العصو وور إلى االختالل السو وواقط الذي ذهبت معه الغيرة الدينية ،والمروءة اإلنسو ووانية ،واألخالق
وح َّل محله ضد ذلك من كل خلق رذيل. الحميدةَ ،
قال" :من تشووبه بقوع فهو منههلل" فين التشووبه الظاهر يدعو إلى التشووبه الباطن، ويشووبه هذا – أو هو ألوود منه – تشووبه المسوولمين بالكفار في أمورههلل المختصووة بههلل .فينه
الوسائل والذرائع إلى الشرور قصد الشارع َح ْسمها من كل وجه.
و ُ
الحديث الرابع والستون "حفظ"
رواه البخاري. لفاء"
اء إال أنزل له ً
" :ما أنزل هللا َد ً عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
معاني الكلمات
التقدير اإلنزال
المرض داء
العالج لفاء
()1
سورة األعراف – آية . 31
الحديث الخامس والستون
ِ
حدث به إال من
أحدعهلل ما يحب فال ُي َ
الحْلهلل من الشيطان .فيذا رأى ُ و ُ " :الرؤيا الصالحة من هللا. عن أبي قتادة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
ِ
حدث بها أحداً ،فينها لن تضره" متفق عليه.
ثالثاً ،وال ُي َ فليتعوذ بالِل من لرها ومن لر الشيطان .وْلَي ْتُف ْل
َّ يحب .وإذا رأى ما يكره
في هذا الحديث :أن الرؤيا الصوالحة من هللا ،أي :السوالمة من تخليط الشويطان وتشوويشوه .وذلك ألن اإلنسوان إذا ناع خرجت روحه .وحصول لها بعض التجرد الذي أخبر
تتهيأ به لكثير من العلوع والمعارف .وتلطفت مع ما يلهمها هللا ،ويلقيه إليها الملك في منامها .فتتنبه وقد تجلت لها أمور كانت قبل ذلك مجهولة ،أو ذكرت أمو اًر قد افلت عنها ،أو
تنبهت ألحوال ينفعها معرفتها ،أو العمل بها ،أو َح ِذ َر ْت مض و ووار دينية أو دنيوية لهلل تكن لها على بال ،أو اتعظت ورابت ورهبت عن أعمال قد تلبس و ووت بها ،أو هي بص و وودد ذلك ،أو
انتبهت لبعض األايان الجزئية إلدخالها في األحكاع الشراية.
فكل هذه األمور عالمة على الرؤيا الصالحة ،التي هي جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة .وما كان من النبوة فهو ال يكذب.
ير َّلَف ِشْلتُهلل وَلتَن َازعتُهلل ِفي األَم ِر وَل و و و و و ِوك َّن َّللا سَّلهلل ِإَّنه علِيهلل ِب َذ ِ
اع ُه ْهلل َكِث ًا يكههلل َّللا ِفي من ِ
ام َك َقلِيالً َوَل ْو أَ َر َ
ور}( )1كما حصل الص ُد ِات ذ ََ َ َ ُ َ ْ َ ْ َ َ ْ ْ ََ فانظر إلى رؤيا النبي في قوله تعالىِ{ :إ ْذ ُي ِر َ ُ ُ َ ُ
بها من منافع واندفع من مضار.
ين ال تَ َخاُفو َن َف َعلِ َهلل َما َل ْهلل تَ ْعَل ُموا َف َج َع َل ِمن ُدو ِن َذلِ َك ِ ِِ الرؤيا ِباْلح ِق َلتَدخلُ َّن اْلمسو ِجد اْلحراع ِإن َلواء َّ ِ ِ
صو ِر َ ين ُرُؤو َسو ُك ْهلل َو ُمَق َ
ين ُم َحَلق َ
َّللاُ آمن َ َ ْ َ ََ َ َّللاُ َرُسووَل ُه ذ ْ َ َ َ ْ ُ صو َد َق َّ
وكذلك قوله تعالى {َلَق ْد َ
َف ْت ًحا َق ِر ًيبا}( )2كهلل حصل بها من زيادة إيمان .وتهلل بها من كمال إيقان .وكانت من آيات هللا العظيمة.
تولى التأويل فقد والَّه هللا ما احتوت عليه من التدبير .فحص و وول بذلك خيرات كثيرة ،ونعهلل ازيرة ،واندفع بها وانظر إلى رؤيا ملك مص و وور ،وتأويل يوس و ووا الص و ووديق لها ،وكما َّ
ضرورات وحاجات .ورفع هللا بها يوسا فوق الصباد درجات.
وتأمل رؤيا عبد هللا بن زيد وعمر بن الخطاب رضي هللا عنهما األذان واإلقامة ،وكيف صارت سبباً لشرع هذه الشعيرة العظيمة التي هي من أعظهلل الشعائر الدينية.
معروفة مشهورة ،ال يحصى ما التملت عليه من المنافع المهمة والثمرات الطيبة .وهي من جملة نعهلل ومرائي األنبياء واألولياء والصالحين – بل وعموع المؤمنين وايرههلل –
هللا على اباده ،ومن بشارات المؤمنين ،وتنبيهات الغافلين ،وتذكيره للمعرضين ،وإقامة الحجة على المعاندين.
وأما الحلهلل الذي هو أضووغاث أحالع ،فينما هو من تخليط الشوويطان على رو اإلنسووان ،وتشووويشووه عليها وإفزاعها ،وجلب األمور التي تكسووبها الههلل والغهلل ،أو توجب لها الفر
والمر والبطر ،أو تزعجها للشر والفساد والحرص الضار.
()1
سورة األنفال – آية . 43
()2
سورة الفتح – آية . 27
فأمر النبي عند ذلك أن يأخذ العبد في األسوباب التي تدفع لوره بأن ال يحدث به أحداً .فين ذلك سوبب لبطالنه واضومحالله ،وأن َي ْتُفل عن لوماله ثالث مرات .وأن يتعوذ
بالِل من الشيطان الرجيهلل ،الذي هو سبب هذا الحلهلل والدافع له ،وليطم ن قلبه عند ذلك أنه ال يضره ،مصداقاً لقول رسوله ،وثقة بنجا األسباب الدافعة له.
وأما الرؤيا الصو ووالحة ،فينبغي أن يحمد هللا عليها ،ويسو ووأله تحقيقها ،ويحدث بها من يحب ويعلهلل منه المودةُ ،ليسو و َور لسو ووروره ،ويدعو له في ذلك .وال يحدث بها من ال يحب،
ل ال يشوخ عليه بتأويل يوافق هواه ،أو يسعى – حسداً منه – في إزالة النعمة عنه.
نس ِ
ان طَ ِِ
ان لب َ الش ْي َ اهللا َعَلى ِإ ْخ َوِت َك َف َي ِك ُ
يدوْا َل َك َك ْي ًدا ِإ َّن َّ ص ُرْؤَي َ
ص ْ
ولهذا لما رأى يوسا الشمس والقمر والكواعب األحد عشر ساجدين له .وحدث بها أباه قال لهَ { :يا ُب َن َّي الَ تَْق ُ
( )1
َع ُدٌّو ذمِبين}
أولى ،إال إذا كان في ذلك مصلحة راجحة. ولهذا كان َك ْتهلل النعهلل عن األعداء – مع اإلمكان –
واعلهلل أن الرؤيا الصو و و ووادقة تارة يراها العبد على صو و و ووورتها الخارجية ،كما في رؤيا األذان وايرها ،وتارة يضو و و وورب له فيها أمثال محسو و و وووسو و و ووة ،ليعتبر بها األمور المعقولة ،أو
المحسوسة التي تشبهها ،كرؤيا ملك مصر ونحوها .وهي تختلا باختالف الرائي والوقت والعادة ،وتنوع األحوال.
()1
سورة يوسف – آية .5
الحديث السادس والستون حفظ
رواه مالك وأحمد .ورواه ابن ماجه عن أبي هريرة ،ورواه الترمذي عن " :من ُح ْسن إسالع المرء تَ ْرُعه ما ال َيعنيه" عن علي بن الحسين رحمه هللا قال :قال رسول هللا
علي بن الحسين وعن أبي هريرة.
من حسن اإلسالع /أي من كمال اسالع المرء أو صحته
ما ال يعنيك /ماال يفيدهللا
يدخل فيه اإليمان ،واإلحس و ووان .وهو ل و ورائع الدين الظاهرة والباطنة .والمس و وولمون منقس و وومون في اإلس و ووالع إلى قس و وومين ،كما َ
دل عليه فحوى هذا اإلس و ووالع – عند اإلطالق –
الحديث.
فمنههلل :المحسن في إسالمه .ومنههلل :المسيء.
يهلل َخلِيالً}(.)1 اهيهلل حِن ًيفا واتَّخ َذ ِ ِ
ِ ِ َّ ِ ِ ِ
َح َس ُن د ًينا َم َّم ْن أ َْسَل َهلل َو ْج َه ُه هلل َو ُه َو ُم ْحسن واتََّب َع مل َة ِإ ْب َر َ َ َ َ َ
َّللاُ إ ْب َراه َ فمن قاع باإلسالع ظاه اًر وباطناً فهو المحسن { َو َم ْن أ ْ
فيشوتغل هذا المحسون بما يعنيه ،مما يجب عليه تركه من المعاصوي والسوي ات ،ومما ينبغي له تركه ،المكروهات وفضوول المباحات التي ال مصولحة له فيها ،بل تفوت عليه
الخير.
" :من حسن إسالع المرء تركه ما ال يعنيه" يعهلل ما ذكرنا. فقوله
ومفهوع الحديث :أن من لهلل يترهللا ما ال يعنيه :فينه مسيء في إسالمه .وذلك لامل لألقوال واألفعال ،المنهي عنها نهي تحريهلل أو نهي كراهة.
عد من الكلمات الجامعة .ألنها قسومت هذا التقسويهلل الحاصور ،وبينت األسوباب التي يتهلل بها حسون اإلسوالع ،وهو االلوتغال بما يعني ،وترهللا ما ال يعني من قول
فهذا الحديث ُي َ
وفعل .واألسباب التي يكون بها العبد مسي اً .وهي ضد هذه الحال .وهللا أعلهلل.
()1
سورة النساء – آية . 125
الحديث السابع والستون
قال: عن أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده :أن رسول هللا
رواه الترمذي. حسن"
نحل أفضل من أدب َولده من ْ
"ما َنحل والد َ
نحل /الهديه
الدهللا؛ فينههلل أمانات جعلههلل هللا عندهللا ،ووص و وواهللا بتربيتههلل تربية ص و ووالحة ألبدانههلل وقلوبههلل ،وكل ما فعلته معههلل من هذه األمور ،دييقها أولى الناس َِ
ببرهللا ،وأحقههلل بمعروفك :أو ُ
وجليلها ،فينه من أداء الواجب عليك ،ومن أفضو و و وول ما يقربك إلى هللا ،فاجتهد في ذلك ،واحتسو و و ووبه عند هللا ،فكما أنك إذا أطعمتههلل وكسو و و وووتههلل وقمت بتربية أبدانههلل ،فأنت قائهلل بالحق
إذا قمت بتربية قلوبههلل وأرواحههلل بالعلوع النافعة ،والمعارف الصادقة ،والتوجيه لألخالق الحميدة ،والتحذير من ضدها. مأجور .فكذلك – بل أعظهلل من ذلك –
و "النحل" :هي العطايا واإلحسو و ووان .فاآلداب الحسو و وونة خير لألوالد حاالً ومةالً من إعطائههلل الذهب والفضو و ووة ،وأنواع المتاع الدنيوي ألن باآلداب الحسو و وونة ،واألخالق الجميلة،
يرتفعون ،وبها يسعدون ،وبها يؤدون ما عليههلل من حقوق هللا وحقوق الصباد ،وبها يجتنبون أنواع المضار ،وبها يتهلل برههلل لوالديههلل.
نميته ،حتى اس ووتتمت أل ووجاره ،وأينعت ثماره ،وتزخرفت زروعه وأزهاره .ثهلل أهملته فلهلل تحفظه ،ولهلل أما إهمال األوالد :فض وورره كبير ،وخطره خطير .أرأيت لو كان لك بس ووتان َف َّ
للنمو في كل األوقات ،أليس هذا من أعظهلل الجهول والحمقف فكيف تهمول أوالدهللا الذين ههلل ِفلوذة كبودهللا ،وثمرة فؤادهللا ،ونسو و و و و و وخوة روحك ،والقوائمون تَسو و و و و و و ِقوه ولهلل تَُنَِقوه من اآلفات ،وتعوده َِ
اب}(.)1 مقامك حياً وميتاً ،الذين بسعادتههلل تتهلل سعادتك ،وبفالحههلل ونجاحههلل تدرهللا به خي اًر كثي اًر {وما َي َّذ َّعر ِإالَّ أُوُلوْا األَْل َب ِ
ْ ُ ََ َ
()1
سورة آل عمران – آية . 7
الحديث الثامن والستون
" :مثل الجليس الصالط والسوء :كحامل المسك ،ونافخ ِ
الكير .فحامل المسك :إما أن عن أبي موسى األلعري رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
متفق عليه. َي ْح ِذ َيك ،وإما أن تبتاع منه ،وإما أن تجد منه ريحاً طيبة .ونافخ الكير :إما أن يحرق ثيابك ،وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة"
التمل هذا الحديث على الحث على اختيار األصحاب الصالحين ،والتحذير من ضدههلل.
َّ
ومثل النبي بهذين المثالين ،مبيناً أن الجليس الص و ووالط :جميع أحوالك معه وأنت في مغنهلل وخير ،كحامل المس و ووك الذي تنتفع بما معه من المس و ووك :إما بهبة ،أو بعوض.
وأقل ذلك :مدة جلوسك معه ،وأنت قرير النفس برائحة المسك.
فالخير الذي يصوويبه العبد من جليسووه الصووالط أبل وأفضوول من المسووك األذفر ،فينه إما أن يعلمك ما ينفعك في دينك ودنياهللا ،أو يهدي لك نصوويحة ،أو يحذرهللا من اإلقامة
على ما يض و ورهللا .فيحثك على طاعة هللا ،وبر الوالدين ،وصو وولة األرحاع ،ويبص و ورهللا بعيوب نفسو ووك ،ويدعوهللا إلى مكارع األخالق ومحاسو وونها ،بقوله وفعله وحاله .فين اإلنسو ووان مجبول
على االقتداء بصاحبه وجليسه ،والطباع واألروا جنود مجندة ،يقود بعضها بعضاً إلى الخير ،أو إلى ضده.
أن تكا بسووببه عن السووي ات والمعاصووي ،رعاية للصووحبة ،ومنافسووة في الخير ،وترفعاً عن الشوور ،وأن وأقل ما تسووتفيده من الجليس الصووالط – وهي فائدة ال يسووتهان بها –
يحفظك في حضرتك ومغيبك ،وأن تنفعك محبته ودعاؤه في حال حياتك وبعد مماتك ،وأن يدافع عنك بسبب اتصاله بك ،ومحبته لك.
وتلك أمور ال تبالر أنت مدافعتها ،كما أنه قد يصلك بألخاص وأعمال ينفعك اتصالك بههلل.
وفوائد األصحاب الصالحين ال تعد وال تحصى .وحسب المرء أن يعتبر بقرينه ،وأن يكون على دين خليله.
وأما مصواحبة األلورار :فينها بضود جميع ما ذكرنا .وههلل مضورة من جميع الوجوه على من صواحبههلل ،ولور على من خالطههلل .فكهلل هلك بسوببههلل أقواع .وكهلل قادوا أصوحابههلل إلى
المهالك من حيث يشعرون ومن حيث ال يشعرون.
ولهذا كان من أعظهلل نعهلل هللا على العبد المؤمن ،أن يوفقه لصحبة األخيار .ومن عقوبته لعبده ،أن يبتليه بصحبة األلرار.
صحبة األخيار توصل العبد إلى أعلى عليين ،وصحبة األلرار توصله إلى أسفل سافلين.
ول َيا َل ْيتَِني اتَّ َخ ْذ ُت َم َع ِ َّ ِ
ض الظال ُهلل َعَلى َي َد ْيه َيُق ُ
{وَي ْوَع َي َع ذ
صوحبة األخيار توجب له العلوع النافعة ،واألخالق الفاضولة واألعمال الصوالحة ،وصوحبة األلورار :تحرمه ذلك أجمع َ
طُ ِِ ان َّ ِ ِ ول سِبيالً 27يا ويَلتَى َليتَِني َلهلل أَتَّ ِخ ْذ ُفالنا خلِيالً َ 28لَقد أ َِّ
َّ ِ
نس ِ َضلني َع ِن ال َذ ْع ِر َب ْع َد ِإ ْذ َجاءني َوَك َ
( )1
ان َخ ُذوالً} ان لب َ الش ْي َ ْ َ ً َ ْ ْ َ َْ الرُس َ
()1
سورة الفرقان – اآلايت . 29 – 27
الحديث التاسع والستون "حفظ"
" :ال يْلدغ المؤمن من جح ٍر و ٍ
احد مرتين" عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
متفق عليه.
ُْ َُ
معاني المفردات
بيت أو جحر
(اَللدغ) هو اللسع للحيوانات السامه كالثعابين والعقارب وايرها ُيلدغ
بيوت الحيوانات المفترسه ُج ْحر
:لبيان كمال احتراز المؤمن ويقظته ،وأن المؤمن يمنعه من اقتراف السو ووي ات التي تضو وره مقارفتها ،وأنه متى وقع في لو وويء منها ،فينه في الحال هذا مثل ضو وربه النبي
يبادر إلى الندع والتوبة واإلنابة.
ومن تماع توبته :أن يحذر ااية الحذر من ذلك السو و ووبب الذي أوقعه في الذنب ،كحال من أدخل يده في ُجحر فلداته َحيَّة .فينه بعد ذلك ال يكاد يدخل يده في ذلك الجحر،
لما أصابه فيه أول مرة.
وكما أن اإليمان يحمل صوواحبه على فعل الطاعات .ويرغبه فيها .ويحزنه لفواتها .فكذلك يزجره عن مقارفة السووي ات ،وإن وقعت بادر إلى النزوع عنها .ولهلل يعد إلى مثل ما
وقع فيه.
الك ْيس في جميع األمور .ومن لوازع ذلك :تعرف األسباب النافعة ليقوع بها ،واألسباب الضارة ليتجنبها. وفي هذا الحديث :الحث على الحزع و َ
الريب التي يخشى من مقاربتها الوقوع في الشر. الحث على تجنب أسباب َِ َ ويدل على
ِ ِِ ِِ وعلى أن الذرائع معتبرة .وقد حذر هللا المؤمنين من العود إلى ما زينه الشو و و وويطان من الوقوع في المعاصو و و ووي ،فقال { َي ِع ُ
ودوا لم ْثله أ ََب ًدا ِإن ُكنتُهلل ذم ْؤ ِمن َ
ين}( )1ولهذا َّللاُ أَن تَ ُع ُ
ظ ُك ُهلل َّ
فين من ذاق الشر من التائبين تكون كراهته له أعظهلل ،وتحذيره وحذره عنه أبل ؛ ألنه عرف بالتجربة آثاره القبيحة.
وفي الحديث" :األناة من هللا ،والعجلة من الشيطان ،وال حليهلل إال ذو عثرة ،وال حكيهلل إال ذو تجربة" وهللا أعلهلل.
()1
سورة النور – آية . 17
الحديث السبعون*
: عن أبي ذر ِ
الغفاري رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
رواه البيهقي في لعب اإليمان. كح ْسن الخلق"
كالكا ،وال َح َس َب ُ
َ "يا أبا َذ ٍَر ،ال عقل كالتدبير ،وال َوَرع
إذا رأى سبباً فتط له به باب رزق فليلزمه وليثابر عليهُ ،
ولي ْجمل في الطلب .ففي هذا بركة مجربة.
ثهلل يدبر تدبي اًر آخر .وهو التدبير في التص و و و و وريف واإلنفاق ،فال ينفق في طرق محرمة ،أو طرق اير نافعة ،أو يسو و و و وورف في النفقات المباحة ،أو ُيَق َت ِهر .وميزان ذلك :قوله
ِ ين ِإ َذا أ َ تعالى في مد األخيار َّ ِ
اما}(.)1 َنفُقوا َل ْهلل ُي ْس ِرُفوا َوَل ْهلل َيْقتُُروا َوَك َ
ان َب ْي َن َذل َك َق َو ً {والذ ََ
فحسن التدبير في كسب األرزاق ،وحسن التدبير في اإلنفاق ،والتصريف ،والحفظ ،وتوابع ذلك :دليل على كمال عقل اإلنسان ورزانته ورلده.
وضد ذلك :دليل على نقصان عقله ،وفساد لَُِبه.
"ال ورع كالكا". الجملة الثانية :قوله
يكا نفسوه ،وقلبه ولسوانه ،وجميع جوارحه عن األمور المحرمة الضوارة .فكل ما قاله أهل العلهلل في
:أن الورع الحقيقي هو الذي ذ فهذا ٌّ
حد جامع للورعَ .بين به رسوول هللا
تفسير الورع ،فينه يرجع إلى هذا التفسير الواضط الجامع.
فمن حفظ قلبه عن الشو ووكوهللا والشو ووبهات ،وعن الشو ووهوات المحرمة و ِ
الغ ذل والحقد ،وعن سو ووائر مسو وواوئ األخالق وحفظ لسو ووانه عن الغيبة والنميمة والكذب والشو ووتهلل ،وعن كل إثهلل
وأذى ،وكالع محرع ،وحفظ فرجه وبصره عن الحراع ،وحفظ بطنه عن أعل الحراع ،وجوارحه عن كسب اآلثاع فهذا هو الورع حقيقة.
ومن ضيع لي اً من ذلك نقص من ورعه بقدر ذلك ،ولهذا قال ليخ اإلسالع( :الورع ترهللا ما يخشى ضرره في اآلخرة).
الجملة الثالثة :قوله " : وال َح َس َب كحسن الخلق".
وذلك أن الحسب مرتبة عالية عند الخلق .وصاحب الحسب له اعتبار ولرف بحسب ذلك .وهو نوعان:
النوع األول :حس ووب يتعلق بنس ووب اإلنس ووان ول وورف بيته .وهذا النوع إنما هو مد ؛ ألنه مظنة أن يكون ص وواحبه عامالً بمقتض ووى حس ووبه ،مترفعاً عن الدنايا ،متحَِلياً بالمكارع.
فهو مقصود لغيره.
وأما النوع الثاني :فهو الحس و ووب الحقيقي الذي هو وص و ووا للعبد ،وجمال له وزينة ،وخير في الدنيا والدين ،وهو حس و وون الخلق المحتوي على الحلهلل الواس و ووع ،والص و ووبر والعفو،
وبذل المعروف واإلحسان ،واحتمال اإلساءة واألذى ،ومخالقة طبقات الناس بخلق حسن.
وإن لو ت فقل حسون الخلق نوعان :األول :حسون الخلق مع هللا ،وهو أن تتلقى أحكامه الشوراية والقدرية بالرضوى والتسوليهلل لحكمه ،واالنقياد لشورعه ،بطمأنينة ورضوى ،ولوكر
هلل على ما أنعهلل به :من األمر والتوفيق ،والصبر على أقداره المؤلمة والرضى بها.
()1
سورة الفرقان – آية . 67
ِِ ِ الثاني :حس وون الخلق مع الخلق ،وهو بذل الندى ،واحتمال األذى ،وكف األذى ،كما قال تعالىِ :
{وال تَ ْسو وتَ ِوي اْل َح َسو و َن ُة وال ض َع ِن اْل َجاهل َ ْم ْر ِباْل ُع ْرف َوأ ْ
َع ِر ْ
( )1
ين} َ ، {خذ اْل َعْف َو َوأ ُ
ُ َ
ظ َع ِظيهللٍ} .فمن قاع بحسو وون الخلق مع هللا ومع الخلق: ( )2
اها ِإال ُذو َح ٍَ ص و و َب ُروا َو َما ُيَلَّق َ
ين َ
َّ ِ ِ َّ ِ
َح َس و و ُن َفِي َذا الذي َب ْي َن َك َوَب ْي َن ُه َع َد َاوة َكأََّن ُه َوِل ٌّي َحميهلل َ ،و َما ُيَلَّق َ
اها ِإال الذ َ
َِّ ِ
ال َّس و وَِي َ ُة ْادَف ْع ِبالتي ه َي أ ْ
فقد نال الخير والفال .وهللا أعلهلل.
()1
سورة األعراف – آية . 199
()2
سورة فصلت – اآليتان . 35 ، 34
الحديث الحادي والسبعون
رواه البخاري. عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال "جاء رجل ،فقال :يا رسول هللا ،أوصني .فقال :ال تغضب .ثهلل َّ
رد َد م ار اًر .فقال :ال تغضب"
الوصيه /نصيحه فيها خير الدنيا واآلخره
عرف أن هذا كالع جامع .وهو كذلك؛ فين قوله" :ال هذا الرجل ظن أنها وصية بأمر جزئي .وهو يريد أن يوصيه النبي بكالع كلي .ولهذا ردد .فلما أعاد عليه النبي
تغضب" يتضمن أمرين عظيمين:
أحدهما :األمر بفعل األس و ووباب ،والتمرن على حس و وون الخلق ،والحلهلل والص و ووبر ،وتوطين النفس على ما يص و وويب اإلنس و ووان من الخلق ،من األذى القولي والفعلي .فيذا وَِفق لها
العبد ،وورد عليه وارد الغض ووب احتمله بحس وون خلقه ،وتلقاه بحلمه وص ووبره ،ومعرفته بحس وون عوايبه؛ فين األمر بالش وويء أمر به ،وبما ال يتهلل إال به .والنهي عن الش وويء أمر بض ووده.
وأمر بفعل األسباب التي تعين العبد على اجتناب المنهي عنه .وهذا منه.
أن ال ينفذ اضوبه؛ فين الغضوب االباً ال يتمكن اإلنسوان من دفعه ورده ،ولكنه يتمكن من عدع تنفيذه .فعليه إذا اضوب أن يمنع نفسوه من الثاني :األمر – بعد الغضوب –
األقوال واألفعال والمحرمة التي يقتضيها الغضب.
صورعة ،إنما
" :ليس الشوديد بال ذ فمتى منع نفسوه من فعل آثار الغضوب الضوارة ،فكأنه في الحقيقة لهلل يغضوب .وبهذا يكون العبد كامل القوة العقلية ،والقوة القلبية ،كما قال
الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" .الشديد /القوي
فكمال قوة العبد :أن يمتنع من أن تؤثر فيه قوة الشهوة ،وقوة الغضب اآلثار السي ة ،بل يصرف هاتين القوتين إلى تناول ما ينفع في الدين والدنيا ،وإلى دفع ما يضر فيهما.
،واضبه ومدافعته في نصر الحق على الباطل. فخير الناس :من كانت لهوته وهواه تبعاً لما جاء به الرسول
ولر الناس :من كان صريع لهوته واضبه .وال حول وال قوة إال بالِل.
الحديث الثاني والسبعون
عن عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا " : ال يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال َذ َّرة من ِك ْبر .فقال رجل :إن الرجل يحب أن
وامط الناس" رواه مسلهلل.
طر الحقْ َ ، يكون ثوبه حسناً ،ونعله حسناًف فقال :إن هللا جميل يحب الجمالْ .
الكبرَ :ب ْ
التكبر /ضده التواضع
الذره /لي صغير ال يرى بالعين
َ
بطر الحق /عدع قبول النصط
امط الناس /استحقارههلل واالستهزاء بههلل
قد أخبر هللا تعوالى :أن النوار مثوى المتكبرين .وفي هذا الحوديث أنه "ال يدخل الجنوة من كان في قلبوه مثقوال ذرة من كبر" َ
فدل على أن الكبر موجب لدخول النوار ،ومانع من
دخول الجنة.
يتضط هذا المعنى ااية االتضا ؛ فينه جعل الكبر نوعين: وبهذا التفسير الجامع الذي ذكره النبي
عبر النوع األول :على الحق ،وهو رده وعدع قبوله .فكل من رد الحق فينه مسوتكبر عنه بحسوب ما رد من الحق .وذلك أنه فرض على الصباد أن يخضوعوا للحق الذي أرسول
هللا به رسله ،وأنزل به كتبه.
فالمتكبرون عن االنقياد للرسل بالكلية كفار مخلدون في النار؛ فينه جاءههلل الحق على أيدي الرسل مؤيداً باآليات والبراهين .فقاع الكبر في قلوبههلل مانعاً ،فردوه.
ورِههلل ِإال ِكبر َّما ههلل ِبب ِال ِغ ِ ان أَتَ ِ ِ َّللاِ ِب َغ ْي ِر ُسْل َ قال تعالىِ{ :إ َّن َّال ِذين يج ِادُلون ِفي آي ِ
يه} ُ َ ْ ص ُد ِ ْ طٍ ُ
اه ْهلل إن في ُ ات َّ َ َ َُ َ
فينه ليس الغنى عن كثرة العرض ،إنما الغنى انى القلب ،فكهلل من صاحب ثروة وقلبه فقير متحسر ،وكهلل من فقير ذات اليد ،وقلبه اني راض ،قانع برزق هللا.
فالحازع إذا ضو و وواقت عليه الدنيا لهلل يجمع على نفسو و ووه بين ضو و وويقها وفقرها ،وبين فقر القلب وحسو و ورته وحزنه ،بل كما يسو و ووعى لتحصو و وويل الرزق فليسو و ووع لراحة القلب ،وسو و ووكونه
وطمأنينته .وهللا أعلهلل.
الحديث الثالث والسبعون
رواه مسلهلل. ورزق كفافاًَ ،
وقنعه هللا بما آتاه عبد هللا بن عمرو رضى هللا عنهما :أن رسول هللا ﷺ قال :قد أفلط من أسلهللُ ،
أفلط /فاز
من أسلهلل /من نال اإلسالع
يادة وال يريد ان يطلب الناس.
الكفاف /االعتفاء بما عنده ال يريد ز َ
الحديث الرابع والسبعون*
،فقال :يا رسول هللاِ ،ع ْ
ظني وأوجز .فقال :إذا قمت في صالتك فصل صالة عن أبي أيوب األنصاري رضي هللا عنه قال" :جاء رجل إلى النبي
ِ
مودع ،وال تَ َكلهلل بكالع تعذر منه اداً ،واجمع اليأس مما في أيدي الناس"
رواه أحمد. َ
الموعظة :األمر والنهي
أوجز :من اإليجاز يعني اإلختصار
واجمع اليأس مما في أيدي الناس ال يتعلق قلبك بما عند الناس فليتعلق قلبك فيما عند هللا
هذه الوصايا الثالث يا لها من وصايا ،إذا أخذ بها العبد :تمت أموره وأفلط.
فالوصوية األولى :تتضومن تكميل الصوالة ،واالجتهاد في إيقاعها على أحسون األحوال .وذلك بأن يحاسوب نفسوه على كل صوالة يصوليها ،وأنه سويتهلل جميع ما فيها :من واجب،
وفروض ،وسونة ،وأن يتحقق بمقاع اإلحسوان الذي هو أعلى المقامات .وذلك بأن يقوع إليها مسوتحضو اًر وقوفه بين يدي ربه ،وأنه يناجيه بما يقوله ،من قراءة وذكر ودعاء ويخضوع له
في ييامه وركوعه ،وسجوده وخفضه ورفعه.
مودع ،كأنه ال يصلي ايرها.ِ
ويعينه على هذا المقصد الجليل :توطين نفسه على ذلك من اير تردد وال كسل قلبي ،ويستحضر في كل صالة أنها صالة َ
ومعلوع أن المودع ،يجتهد اجتهاداً يبذل فيه كل وسعه .وال يزال مستصحباً لهذه المعاني النافعة ،واألسباب القوية ،حتى يسهل عليه األمر ،ويتعود ذلك.
والصو و ووالة على هذا الوجه :تنهى صو و وواحبها عن كل خلق رذيل ،وتحثه على كل خلق جميل؛ لما تؤثره في نفسو و ووه من زيادة اإليمان ،ونور القلب وسو و ووروره ،ورابته التامة في
الخير.
وأما الوصو ووية الثانية :فهي حفظ اللسو ووان ومراقبته؛ فين حفظ اللسو ووان عليه المدار ،وهو ِمالهللا أمر العبد .فمتى ملك العبد لسو ووانه ملك جميع أعضو ووائه .ومتى ملكه لسو ووانه فلهلل
يصونه عن الكالع الضوار ،فين أمره يختل في دينه ودنياه .فال يتكلهلل بكالع ،إال قد عرف نفعه في دينه أو دنياه .وكل كالع يحتمل أن يكون فيه انتقاد أو اعتذار فليدعه ،فينه إذا تكلهلل
به ملكه الكالع ،وصار أسي اًر له .وربما أحدث عليه ضر اًر ال يتمكن من تالفيه.
وأما الوصوية الثالثة :فهي توطين النفس على التعلق بالِل وحده ،في أمور معالوه ومعاده ،فال يسوأل إال هللا ،وال يطمع إال في فضوله .ويوطن نفسوه على اليأس مما في أيدي
الناس؛ فين اليأس عصومة .ومن أيس من لويء اسوتغنى عنه .فكما أنه ال يسوأل بلسوانه إال هللا ،فال يعلق قلبه إال بالِل .فيبقى عبداً هلل حقيقة ،سوالماً من عبودية الخلق .قد تحرر من
رَِقههلل ،واعتسب بذلك العز والشرف؛ فين المتعلق بالخلق يكتسب الذل والسقول بحسب تعلقه بههلل .وهللا أعلهلل.
رواه مسلهلل. ورزق كفافاًَ ،
وقنعه هللا بما آتاه عبد هللا بن عمرو رضى هللا عنهما :أن رسول هللا ﷺ قال :قد أفلط من أسلهللُ ،
أفلط /فاز
من أسلهلل /من نال اإلسالع
يادة وال يريد ان يطلب الناس.
الكفاف /االعتفاء بما عنده ال يريد ز َ
فهذا الحديث فيه :أنه ال ينبغي لألقوياء القادرين أن يستهينوا بالضعفاء العاجزين ،ال في أمور الجهاد والنصرة ،وال في أمور الرزق وعجزههلل.
الضعفاء /الفقير والمسكين -كبير السن – األطفال – المريض – األعمى – النساء -اير المسلمين من الضعاف – العاجز -العبد.
بمساعدتههلل بقدر استطاعتههلل أو أقلها بالدعاء لههلل.
النصر /الجهاد في سبيل هللا واالنتصار في الحرب.
الرزق /البيع والشراء
مستوى رابع لرعي
الحديث السادس والسبعون*
عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلهلل“ :يضحك هللا الى رجلين يقتل احدهما االخر يدخالن الجنه .قالوا كيف يا
متفق عليه. رسول هللاف فقال يقاتل في سبيل هللا فيقتل ،ثهلل يتوب هللا على القاتل (الكافر) فيسلهلل فيستشهد".
هذا الحديث يدل على تنوع كرع الكريهلل ،وأن كرمه وفضله متنوع من وجوه ال تعد وال تحصى ،وال يدخل في عقول الخلق وخواطرههلل.
فهذان الرجالن اللذان قتل أحدهما اآلخر ييض هللا لكل منهما من فضله وكرمه سبباً أوصله إلى الجنة.
بالشو ووهادة التي هي أعلى المراتب ،بعد مرتبة الصو ووديقين ،وارضو ووه في جهاده إعالء كلمة هللا ،والتقرب إلى ربه بذلك. فاألول :قاتل في سو ووبيله ،وأعرمه هللا على يد الرجل اآلخر – الذي لهلل يسو وولهلل بعد –
فأجره على هللا .وليس له على القاتل حق ،فثبت أجره على هللا.
َس َرُفوا ِ ِ َّ ِ
ين أ ْ
وأما اآلخر :فين هللا تعالى جعل باب التوبة مفتوحاً لكل من أراد التوبة باإلسالع وما دونه ،ولهلل يجعل ذنباً من الذنوب مانعاً من قبول التوبة ،كما قال تعالى في حق التائبينُ{ :ق ْل َيا اَباد َي الذ َ
َّللا ي ْغِفر ال ذ ُنوب ج ِميعا ِإَّنه هو اْل َغُفور َّ ِ طوا ِمن رَّحم ِة َّ ِ
َعَلى أَنُف ِس ِه ْهلل ال تَْق َن ُ
يهلل}
الرح ُ ُ َ َ ً ُ َُ َّللا ِإ َّن َّ َ َ ُ َْ
من عليه بالشهادة ،فدخل الجنة ،كأخيه الذي قتله وأعرمه على يده ،ولهلل يهنه على يد أخيه بقتله ،وهو كافر. فلما أسلهلل وتاب محا هللا عنه الكفر وآثاره ،ثهلل َّ
فهذا الضحك من الباري يدل على ااية كرمه وجوده ،وتنوع بره.
وهذا الضو ووحك الوارد في هذا الحديث وفي ايره من النصو وووص كغيره من صو ووفات هللا .على المؤمن أن يعترف بذلك ويؤمن به ،وأنه حق على حقيقته ،وأن صو ووفاته صو ووفات كمال ،ليس له فيها مثل ،وال
لبه وال ند.
فكما أن هلل ذاتاً ال تش ووبهها الذوات فله تعالى ص ووفات ال تش ووبهها الص ووفات ،وكلها ص ووفات حمد ومجد وتعظيهلل ،وجالل وجمال وكمال .فنؤمن بما جاء به الكتاب والس وونة من ص ووفات ربنا ،ونعلهلل أنه ال يتهلل
اإليمان والتوحيد إال بيثباتها على وجه يليق بعظمة هللا وكبريائه ومجده.
وهذا الحديث من جملة األحاديث المرغبة في الدخول في اإلسو ووالع وفتط أبواب التوبة بكل وسو وويلة؛ فين اإلسو ووالع َي ُج ذب ما قبله ،وما عمله اإلنسو ووان في حال كفره ،وقد أسو وولهلل على ما أسو وولا ،حتى الرقاب
التي قتلها نص اًر لباطله ،واألموال التي استولى عليها من أجل ذلك .كل ذلك معفو عنه بعد اإلسالع.
وقولنا" :من أجل ذلك" احتراز ن الحقوق التي اقتضووتها المعامالت بين المسوولمين والكفار؛ فين الكافر إذا أسوولهلل وعليه حقوق وديون وأايان أخذها وحصوولت له بسووبب المعاملة ،فين اإلسووالع ال يسووقطها؛
إذا حصول الحرب ،وترتب عليه قتل وأخذ مال ،ال يرد إال طوعاً ،وتبرعاً ألنها معامالت مشوتركة بين الناس ،برههلل وفاجرههلل ،مسولمههلل وكافرههلل .بخالف القسوهلل األول .فين كالع من الطرفين – المسولمين والكفار –
ممن وصل إليه .وهللا أعلهلل.
ويشووبه هذا من بعض الوجوه ،قتال أهل البغي ألهل العدل ،حيث لهلل يضوومنههلل العلماء ما أتلفوه حال الحرب ،من نفوس وأموال للتأويل ،كما أجمع على ذلك الصووحابة رضووي هللا عنههلل حين وقعت الفتنة،
فأجمعوا على أن ما تلا من نفوس ،وأتلا من أموال ،ليس فيه ضمان من الطرفين.
وفي قوله" :ثهلل يتوب هللا على اآلخر فيسو و و وولهلل" دليل على أن توبة هللا على من أسو و و وولهلل أو تاب من ذنوبه متقدمة على توبة العبد؛ فينه تعالى أذن بتوبته وقدرها ،ولطا به ،إذ ييض له األسو و و ووباب الموجبة
فتوبة العبد محفوفة بتوبتين ،تفضوول بهما عليه ربه :إذنه له وتقديره وتيسوويره للتوبة حتى تاب ،ثهلل قبول توبته لتوبته ،فتاب العبد ،ثهلل تاب هللا عليه بعد ذلك ،بأن محا عنه ما سووبق من الجرائهلل – الكفر فما دونه –
ومحو زلته .فهو تعالى التواب الرحيهلل.
أجل الطاعات وأعظمها فهذا الحكهلل ثابت في جميع الطاعات كلها .يوفق هللا لها العبد أو ال ،وييسوور له أسووبابها ،ويسووهل له طرقها .ثهلل إذا فعلها المطيع قبلها ،وكتب له بها رض ووانه ،وثوابه، والتوبة من َ
فما أوسع فضل الكريهلل .وما أازر كرمه المتنوع العميهلل .وهللا أعلهلل.
الحديث السابع والسبعون*
" :ال يتمنين أحدكهلل الموت لضرر أصابه .فين كان ال بد فاعالً ،فليقل: عن أنس رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
متفق عليه. اللههلل أحيني ما كانت الحياة خي اًر لي ،وتوفني إذا كانت الوفاة خي اًر لي"
لضرر أصابه /لمرض أو ألهلل يصيبه
هذا نهي عن تمني الموت للضر الذي ينزل بالعبد ،من مرض أو فقر أو خوف ،أو وقوع في لدة ومهلكة ،أو نحوها من األلياء .فين في تمني الموت لذلك مفاسد.
منها :أنه يؤذن بالتسخط والتضجر من الحالة التي أصيب بها ،وهو مأمور بالصبر والقياع بوظيفته.
ومعلوع أن تمني الموت ينافي ذلك.
الخ َور والكس وول .ويوقع في اليأس ،والمطلوب من العبد مقاومة هذه األمور ،والس ووعي في إض ووعافها وتخفيفها بحس ووب اقتداره ،وأن يكون معه من قوة القلب وقوة الطمع
ومنها :أنه ُيض ووعا النفس ،ويحدث َ
في زوال ما نزل به .وذلك موجب ألمرين :اللطا اإللهي لمن أتى باألسباب المأمور بها ،والسعي النافع الذي يوجبه قوة القلب ورجاؤه.
ومنها :أن تمنى الموت جهل وحمق؛ فينه ال يدري ما يكون بعد الموت ،فربما كان كالمستجير من الضر إلى ما هو أفظع منه ،من عذاب البرزا وأهواله.
عملَّ ،
الذرةُ منه خير من الدنيا وما عليها. ومنها :أن الموت يقطع على العبد األعمال الصالحة التي هو بصدد فعلها والقياع بها ،وبقية عمر المؤمن ال ييمة له .فكيف يتمنى انقطاع ٍ
وأخص من هذا العموع :ييامه بالصبر على الضر الذي أصبه .فين هللا يوفي الصابرين أجرههلل بغير حساب.
ولهذا قال في آخر الحديث" :فين كان ال بد فاعالُ فليقلك اللههلل أحيني إذا كانت الحياة خي اًر لي ،وتوفني إذا كانت الوفاة خي اًر لي" فيجعل العبد األمر مفوضو و واً إلى ربه الذي يعلهلل ما فيه الخير والص و ووال
له ،الذي يعلهلل من مصالط عبده ما ال يعلهلل العبد ،ويريد له من الخير ما ال يريده ،ويلطا به في بالئه كما يلطا به في نعمائه.
" :ال يقل أحدكهلل :اللههلل اافر لي إن ل و و و و و ت .اللههلل ارحمني إن ل و و و و و ت .ولكن ليعزع المسو و و و ووألة؛ فين هللا ال مكره له" :أن المذكور في هذا الحديث الذي فيه التعليق بعلهلل هللا والفرق بين هذا وبين قوله
المعينة التي ال يدري العبد من عاقبتها ومصلحتها.
َ وإرادته :هو في األمور
وأما المذكور في الحديث اآلخر :فهي األمور التي يعلهلل مص وولحتها بل ض وورورتها وحاجة كل عبد إليها .وهي مغفرة هللا ورحمته ونحوها .فين العبد يس ووألها ويطلبها من ربه طلباً جازماً ،ال معلقاً بالمش ووي ة
وايرها؛ ألنه مأمور ومحتهلل عليه السعي فيها ،وفي جميع ما يتوسل به إليها.
وهذا كالفرق بين فعل الواجبات والمس و و ووتحبات الثابت األمر بها؛ فين العبد يؤمر بفعلها أمر إيجاب أو اس و و ووتحباب ،وبعض األمور المعينة التي ال يدري العبد من حقيقتها ومص و و وولحتها ،فينه يتوقا حتى
يتضط له األمر فيها.
كما اس ووتثنى بعض ووههلل تمني الموت ل وووقاً إلى هللا .وجعلوا ()1
{يا َل ْيتَِني ِم ذت َقْب َل َه َذا}
واس ووتثنى كثير من أهل العلهلل من هذا ،جواز تمني الموت خوفاً من الفتنة .وجعلوا من هذا قول مريهلل رض ووي هللا عنهاَ :
َنت ولِِيي ِفي ال ذد ُنيا واآل ِخ ِرة تَوَّفِني مسلِما وأَْل ِحْقِني ِب َّ ِ ِ
ين}(.)1
الصالح َ ُْ ً َ َ َ َ َ منه قول يوسا { : أ َ َ َ
لهلل يتمن الموت .وإنما سأل هللا الثبات على اإلسالع ،حتى يتوفاه مسلماً ،كما يسأل العبد ربه حسن الخاتمة .وهللا أعلهلل. وفي هذا نظر؛ فين يوسا
()1
سورة مرمي – آية . 23
()1
سورة يوسف – آية . 101
الحديث الثامن والسبعون
" :إن الدنيا حلوة خ ِ
ضرة .وإن هللا مستخلفكهلل فيها ،فينظر كيف تعملون عن أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
َ
رواه مسلهلل. فاتقوا الدنيا ،واتقوا النساء؛ فين أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء"
االتقاء /الحذر واالجتناب
مستخلفكهلل فيها /أي أناس خلا أناس لصبادته
في هذا الحديث بحال الدنيا وما هي عليه من الوصا الذي يروق الناظرين والذائقين .ثهلل أخبر أن هللا جعلها محنة وابتالء للصباد .ثهلل أمر بفعل األسباب ،التي تقي من الوقوع في فتنتها. أخبر
فيخباره بأنها حلوة خضرة يعهلل أوصافها التي هي عليها .فهي حلوة في مذاقها وطعمها ،ولذاتها ولهواتها ،خضرة في رونقها وحسنها الظاهر،
ض ِة َواْل َخْي ِل اْل ُم َسَّو َم ِة َواأل َْن َعا ِع َواْل َح ْرث}
ِ ()2 ط ِرة ِمن َّ
الذ َه ِب َواْلِف َّ النساء واْلبِنين واْلَقن ِ
اط ِ
ير اْل ُمَقن َ َ َ الش َه َوات م َن َ َ َ َ َ َ َ
اس ح ذب َّ ِ ِ ِ عما قال تعالىُ { :زي ِ
ِن ل َّلن ِ ُ ََ
َّ ِ وقال تعالىِ{ :إَّنا َج َعْل َنا ما َعَلى األ َْر ِ
َح َس ُن َع َمالً} . ض ِز َين ًة ل َها ل َنْبُل َو ُه ْهلل أَي ُ
ذه ْهلل أ ْ
()3
َ
فهذه اللذات المنوعة فيها ،والمناظر البهيجة ،جعلها هللا ابتالء منه وامتحاناً ،واستخلا فيها الصباد لينظر كيف يعملونف
فمن تناولها من حلها ،ووضعها في حقها ،واستعان بها على ما خلق له من القياع بعبودية هللا ،كانت زاداً له وراحلة إلى دار ألرف منها وأبقى ،وتمت له السعادة الدنيوية واألخروية.
يؤت منها إال ما كتب له .وكان مةله بعد ذلك إلى الشقاء ،ولهلل يهنأ بلذاتها وال لهواتها إال مدة قليلة .فكانت لذاته قليلة .وأحزانه طويلة.
ومن جعلها أعبر همه ،وااية علمه ومراده ،لهلل َ
وكل نوع من لذاتها فيه هذه الفتنة واالختبار .ولكن أبل ما يكون وألوود فتنة :النسوواء؛ فين فتنتهن عظيمة ،والوقوع فيها خطير وضووررها كبير؛ فينهن مصووائد الشوويطان وحبائله ،كما صوواد بهن من ُمعافى
فأصووبط أسووير لووهوته ،رهين ذنبه ،قد َع َّز عليه الخالص ،والذنب ذنبه فينه الذي لهلل يحترز من هذه البلية ،وإال فلو تحرز منها ،ولهلل يدخل مداخل التههلل ،وال تعرض للبالء ،واسووتعان باعتصووامه بالمولى ،لنجا من
هذه الفتنة ،وخلص من هذه المحنة.
في هذا الحديث منها على الخصوص .وأخبر بما َجرَّت على من قبلنا من األمهلل؛ فين في ذلك عبرة للمعتبرين ،وموعظة للمتقين .وهللا أعلهلل. ولهذا حذر النبي
()2
سورة آل عمران – آية . 14
()3
سورة الكهف – آية . 7
الحديث التاسع والسبعون* حفظ
ُلصبة ،أعالها :قول :ال إله إال هللا .وأدناها :إماطة األذى عن عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا " : اإليمان بضع وسبعون – أو بضع وستون –
متفق عليه. الطريق .والحياء لصبة من اإليمان"
هذا حديث عظيهلل .تضمن من عظمة الباري ما ال تحيط به العقول وال تعبر عنه األلسن.
فيه :أن جميع الخلق سويكلمههلل هللا مبالورة من دون ترجمان وال واسوطة .ويسوألههلل عن جميع أعمالههلل :خيرها ولورها ،دييقها وجليلها ،سوابقها والحقها ،ما علمه الصباد أخبر
وما نسو وووه منها .وذلك أنه لعظمته وكبريائه كما يخلقها ويرزقههلل في سو وواعة واحدة ،ويبعثههلل في سو وواعة واحدة ،فينه يحاس و وبه جميعههلل في سو وواعة واحدة .فتبارهللا من له العظمة والمجد،
والملك العظيهلل والجالل.
وفي هذه الحالة التي يحاسبههلل فيها ليس مع العبد أنصار وال أعوان وال أوالد وال أموال .قد جاءه فرداً كما خلقه أول مرة .قد أحاطت به أعماله تطلب الجزاء بالخير أو الشر،
عن يمينه ولماله ،وأمامه النار البد له من ورودها .فهل إلى صدوره منها سبيلف ال سبيل إلى ذلك إال برحمة هللا ،وبما قدمت يداه من األعمال المنجية منها.
أمته على اتقاء النار ولو بالشيء اليسير ،كشق تمرة ،فمن لهلل يجد فبكلمة طيبة. ولهذا حث النبي
وفي هذا الحديث :أن من أعظهلل المنجيات من النار ،اإلحس و و و و ووان إلى الخلق بالمال واألقوال ،وأن العبد ال ينبغي له أن يحتقر من المعروف ولو ل و و و و ووي اً قليالً ،والكلمة الطيبة
تشمل النصيحة للخلق بتعليمههلل ما يجهلون ،وإرلادههلل إلى مصالحههلل الدينية والدنيوية.
وتشمل الكالع المسر للقلوب ،الشار للصدور ،المقارن للبشالة والبشر.
وتشمل الذكر هلل والثناء عليه ،وذكر أحكامه ولرائعه.
الصالِ ُط َي ْرَف ُع ُه}(،)1 فكل كالع يقرب إلى هللا ويحصل به النفع لصباد هللا .فهو داخل في الكلمة الطيبة .قال تعالىِ{ :إَلي ِه يصعد اْل َكلِهلل َّ
الطَِي ُب َواْل َع َم ُل َّ ْ َ ْ َُ ُ
ِ ِ
الصالِ َح ُ
( )2
َمالً} وهللا أعلهلل. ِك ثََو ًابا َو َخ ْير أ َ
ات} [وهي كل عمل وقول يقرب إلى هللا ،ويحصل به النفع لخلقه] { َخ ْير ع َند َرَب َ ات َّ
وقال تعالىَ { :واْل َباي َي ُ
()1
سورة فاطر – آية . 10
()2
سورة الكهف – آية . 46
الحديث الحادي والثمانون*حفظ
عن أبي هريرة رضي هللا عنه عن النبي قال" :دعوني ما تركتكهلل؛ فينما أهلك من كان قبلكهلل كثرةُ سؤالههلل ،واختالفههلل على أنبيائههلل .فيذا نهيتكهلل عن
ليء فاجتنبوه ،وإذا أمرتكهلل بأمر فائتوا منه ما استطعتهلل" متفق عليه.
()1
سورة املائدة – آية . 101
()2
سورة األنبياء – آية . 7
()3
صورة الزخرف – آية . 45
في هذا الحديث أصلين عظيمين: ثهلل ذكر
من األقوال واألفعال الظاهرة والباطنة :وجب تركه ،والكا عنه؛ امتثاالً وطاعة هلل ورسوله. أحدهما :قوله " : فيذا نهيتكهلل عنه فاجتنبوه" فكل ما نهى عنه النبي
ولهلل يقل في النهي :ما اس ووتطعتهلل ألن النهي طلب كف النفس ،وهو مقدور لكل أحد ،فكل أحد يقدر على ترهللا جميع ما نهى هللا عنه ورس وووله .ولهلل يض ووطر الصباد إلى ل وويء
من المحرمات المطلقة؛ فين الحالل واسع ،يسع جميع الخلق في اباداتههلل ومعامالتههلل ،وجميع تصرفاتههلل.
وأما إباحة الميتة والدع ولحهلل الخنزير للمض ووطر ،فينه في هذه الحالة الملج ة إليه قد ص ووار من جنس الحالل؛ فين الض وورورات تبيط المحظورات ،فتص وويرها الض وورورة مباحة؛
قدمت هذه على تلك رحمة من ألنه تعالى إنما حرع المحرمات حفظاً لصباده ،وص وويانة لههلل عن الش وورور والمفاس وود ،ومص وولحة لههلل فيذا قاوع ذلك مص وولحة أعظهلل – وهو بقاء النفس –
هللا وإحساناً.
وليسوت األدوية من هذا الباب ،فين الدواء ال يدخل في باب الضورورات ،فين هللا تعالى يشوفي المبتلى بأسوباب متنوعة ،ال تتعين في الدواء .وإن كان الدواء يغلب على الظن
الشفاء به ،فينه ال يحل التداوي بالمحرمات ،كالخمر وألبان الحمر األهلية ،وأصناف المحرمات ،بخالف المضطر إلى أعل الميتة ،فينه يتيقن أنه إذا لهلل يأعل منها يموت.
ط ْعتُ ْهلل}(.)1
استَ َ دل عليه أيضاً قوله تعالىَ{ :فاتَُّقوا َّ
َّللاَ َما ْ األصل الثاني :قوله " : وإذا أمرتكهلل بأمر فائتوا منه ما استطعتهلل" وهذا أصل كبيرَ ،
وجب – فأوامر الش وريعة كلها معلقة بقدرة العبد واس ووتطاعته ،فيذا لهلل يقدر على واجب من الواجبات بالكلية ،س ووقط عنه وجوبه .وإذا قدر على بعض ووه – وذلك البعض ابادة
ما يقدر عليه منه ،وسقط عنه ما يعجز عنه.
ويدخل في هذا من مسائل الفقه واألحكاع ما ال يعد وال يحصى .فيصلي المريض قائماً ،فين لهلل يستطع صلى قاعداً ،فين لهلل يستطع صلى على جنبه .فين لهلل يستطع اإليماء
برأسه أومأ بطرفه .ويصوع العبد ما داع قاد اًر عليه .فين أعجزه مرض ال ُي ْرجى زواله ،أطعهلل عنه كل يوع مسكين .وإن كان مرضاً يرجى زواله :أفطر ،وقضى عدته من أياع أخر.
ومن ذلك ،من عجز عن سترة الصالة الواجبة ،أو عن االستقبال ،أو توَِقي النجاسة :سقط عنه ما عجز عنه .وكذلك بقية لرول الصالة وأركانها ،ولرول الطهارة.
ومن تعذرت عليه الطهارة بالماء للعدع ،أو للضرر في جميع الطهارة ،أو بعضها :عدل إلى طهارة التيمهلل.
والمعضوب في الحا ،عليه أن يستنيب من يحا عنه ،إذا كان قاد اًر على ذلك بماله.
واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،يجب على من قدر عليه باليد ،ثهلل باللسان ،ثهلل بالقلب.
وليس على األعمى واألعرج والمريض حرج في ترهللا الصبادات التي يعجزون عنها ،أو تشق عليههلل مشقة اير محتملة.
ومن عليه نفقة واجبة ،وعجز عن جميعها ،بدأ بزوجته ،فرفيقه ،فالولد ،فالوالدين ،فاألقرب ثهلل األقرب .وكذلك الفطرة.
()1
سورة التغابن – آية . 16
وهكذا جميع ما أمر به العبد أمر إيجاب أو اسو و ووتحباب ،إذا قدر على بعضو و ووه ،وعجز عن باييه ،وجب عليه ما يقدر عليه ،وسو و ووقط عنه ما عجز عنه .وكلها داخلة في هذا
الحديث.
ومسو و ووائل القرعة لها دخول في هذا األصو و وول؛ ألن األمور إذا الو و ووتبهت :لمن هي ،ومن أحق بهاف رجعنا إلى المرجحات .فين تعذر الترجيط من كل وجه ،سو و ووقط هذا الواجب
للعجز عنه ،وعدل إلى القرعة التي هي ااية ما يمكن .وهي مسائل كثيرة معروفة في كتب الفقه.
تدخل تحت هذا األصول؛ فين كل والية يجب فيها تولية المتصوا باألوصواف التي يحصول بها مقصوود الوالية .فين تعذرت كلها ،وجب والواليات كلها – صوغارها وكبارها –
فيها تولية األمثل فاألمثل.
َّللاُ َنْف ًسوا ِ
ا َ وكما يسووتدل على هذا األصوول بتلك اآلية وذلك الحديث ،فينه يسووتدل عليها باآليات واألحاديث التي نفى هللا ورسوووله فيها الحرج عن األمة ،كقوله تعالى{ :الَ ُي َكَل ُ
َّللاُ ِل َي ْج َع َل
يد َ ين م ْن َح َرٍج} َ { ،ما ُي ِر ُ
( )3 ِ
الد ِ ِ
اها} َ { ،و َما َج َع َل َعَل ْي ُك ْهلل ِفي َ
( )2
َّللاُ َنْف ًسو و وا ِإال َما آتَ َ
ا َّ ِ ِإالَّ ُو ْسو و و َع َها}({ ،)1لِ ُي ِنف ْق ُذو َسو و و َع ٍة َِمن َسو و و َعِت ِه َو َمن ُق ِد َر َعَل ْي ِه ِرْزُق ُه َفْل ُي ِنف ْق ِم َّما آتَاهُ َّ
َّللاُ ال ُي َكَل ُ
ِ ِ
نك ْهلل}(.)6 يد ِب ُك ُهلل اْل ُع ْس َر} ُ { ،ي ِر ُ َّللاُ ِب ُك ُهلل اْل ُي ْس َر َوالَ ُي ِر ُ َعَل ْي ُكهلل َم ْن َح َرٍج} ُ { ،ي ِر ُ
( )5 ( )4
ا َع ُ َّللاُ أَن ُي َخَف َ
يد َ يد َ
فالتخفيفات الش و و ووراية في الصبادات وايرها بجميع أنواعها داخلة في هذا األص و و وول ،مع ما يس و و ووتدل على هذا بما هلل تعالى من األس و و ووماء والص و و ووفات المقتض و و ووية لذلك ،كالحمد
والحكمة ،والرحمة الواسعة ،واللطا والكرع واالمتنان .فين آثار هذه األسماء الجليلة الجميلة كما هي سابغة وافرة واسعة في المخلوقات والتدبيرات ،فهي كذلك في الشرائع ،بل أعظهلل؛
ألنها هي الغاية في الخلق .وهي الوسيلة العظمى للسعادة األبدية.
َّللاُ
يد َ{ َما ُي ِر ُ فالِل تعالى خلق المكلفين ليقوموا بعبوديته .وجعل عبوديته والقياع بش و و و وورعه طريقاً إلى نيل رض و و و وواه وكرامته .كما قال تعالى – بعد ما ل و و و وورع الطهارة بأنواعها –
ط َّه َرُع ْهلل َولِ ُيِت َّهلل ِن ْع َمتَ ُه َعَل ْي ُك ْهلل َل َعَّل ُك ْهلل تَ ْش ُك ُرو َن} ِ
لِ َي ْج َع َل َعَل ْي ُكهلل َم ْن َح َرٍج َوَل ِوكن ُي ِر ُ
يد لِ ُي َ
أتهلل الحمد وأعاله ،وأوفر الش ووكر والثناء وأااله ،وااية الحب والتعظيهلل ومنتهاه.
فظهرت آثار رحمته ونعمته في الش وورايات والمباحات ،كما ظهرت في الموجودات .فله تعالى َ
وبالِل التوفيق.
()1
سورة البقرة – آية . 286
()2
سورة الطالق – آية . 7
()3
سورة احلج – آية . 78
()4
سورة املائدة – آية . 6
()5
سورة البقرة – آية . 185
()6
سورة النساء – آية . 28
الحديث الثاني والثمانون حفظ*
متفق عليه. " :من ال يرحهلل الناس :ال يرحمه هللا" عن جرير بن عبد هللا رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
يدل هذا الحديث بمنطوقه على أن من ال يرحهلل الناس ال يرحمه هللا ،وبمفهومه على أن من يرحهلل الناس يرحمه هللا،
في الحديث اآلخر" :الراحمون يرحمههلل الرحمن .ارحموا من في األرض؛ يرحمكهلل من في السماء". عما قال
فرحمة العبد للخلق من أعبر األس و و و و ووباب التي تنال بها رحمة هللا ،التي من آثارها خيرات الدنيا ،وخيرات اآلخرة ،وفقدها من أعبر القواطع والموانع لرحمة هللا ،والعبد في ااية
الضرورة واالفتقار إلى رحمة هللا ،ال يستغني عنها طرفة عين ،وكل ما هو فيه من النعهلل واندفاع النقهلل ،من رحمة هللا.
وههلل المحسوونون في ( )1
ين} ِِ
اْل ُم ْحس ون َ َّللاِ َق ِريب َِم َن
فمتى أراد أن يسووتبقيها ويسووتزيد منها ،فليعمل جميع األسووباب التي تنال بها رحمته ،وتجتمع كلها في قوله تعالىِ{ :إ َّن َر ْح َم َت َ
ابادة هللا ،المحسنون إلى اباد هللا .واإلحسان إلى الخلق أثر من آثار رحمة العبد بههلل.
والرحمة التي يتصا بها العبد نوعان:
النوع األول :رحموة اريزيوة ،قود جبول هللا بعض الصبواد عليهوا ،وجعول في قلوبههلل ال أرفوة والرحموة والحنوان على الخلق ،ففعلوا بمقتضو و و و و و ووى هوذه الرحموة جميع موا يقودرون عليوه من
نفعههلل ،بحسب استطاعتههلل .فههلل محمودون مثابون على ما قاموا به ،معذورون على ما عجزوا عنه ،وربما كتب هللا لههلل بنياتههلل الصادقة ما عجزت عنه قواههلل.
ِ
أجل مكارع األخالق وأعملها ،فيجاهد
والنوع الثاني :رحمة يكتسبها (يتعلمها) العبد بسلوكه كل طريق ووسيلة ،تجعل قلبه على هذا الوصا ،فيعلهلل العبد أن هذا الوصا من َ
نفسوه على االتصواف به ،ويعلهلل ما رتب هللا عليه من الثواب ،وما في فواته من حرمان الثواب؛ فيراب في فضول ربه ،ويسوعى بالسوبب الذي ينال به ذلك .ويعلهلل أن الجزاء من جنس
العمول .ويعلهلل أن األخوة الودينيوة والمحبوة اإليموانيوة ،قود عقودهوا هللا وربطهوا بين المؤمنين ،وأمرههلل أن يكونوا إخوانواً متحوابين ،وأن ينبوذوا كول موا ينوافي ذلوك :من البغضو و و و و و وواء ،والعوداوات،
والتدابر.
فال يزال العبد يتعرف األسباب التي يدرهللا بها هذا الوصا الجليل ويجتهد في التحقق به ،حتى يمتلئ قلبه من الرحمة ،والحنان على الخلق.
ويا حبذا هذا الخلق الفاضل ،والوصا الجليل الكامل.
وهذه الرحمة التي في القلوب ،تظهر آثارها على الجوار واللسان ،في السعي في إيصال البر والخير والمنافع إلى الناس ،وإزالة األضرار والمكاره عنههلل.
وعالمة الرحمة الموجودة في قلب العبد ،أن يكون محباً لوص ووول الخير لكافة الخلق عموماً ،وللمؤمنين خص وووصو واً ،كارهاً حص ووول الش وور والض وورر عليههلل .فبقدر هذه المحبة
والكراهة تكون رحمته.
()1
سورة املائدة – آية . 6
لما بكى لموت ولد ابنته ،قال له سووعد" :ما ومن أصوويب حبيبه بموت أو ايره من المصووائب ،فين كان حزنه عليه لرحمة ،فهو محمود ،وال ينافي الصووبر والرضووى؛ ألنه
هذا يا رسوول هللاف" فأتبع ذلك بعبرة أخرى ،وقال" :هذه رحمة يجعلها هللا في قلوب اباده ،وإنما يرحهلل هللا من اباده الرحماء" وقال عند موت ابنه إبراهيهلل" :القلب يحزن ،والعين تدمع،
وال نقول إال ما يرضي ربنا .و َّإنا لفراقك يا إبراهيهلل لمحزونون".
وكذلك رحمة األطفال الصوغار والرقة عليههلل ،وإدخال السورور عليههلل من الرحمة ،وأما عدع المباالة بههلل ،وعدع الرقة عليههلل ،فمن الجفاء والغلظة والقسووة ،كما قال بعض ُجفاة
" :أو أملك لك لووي اً أن نزع هللا من األعراب حين رأى النبي وأصووحابه يقبلون أوالدههلل الصووغار ،فقال ذلك األعرابيَ :إن لي عش ورة من الولد ما قبلت واحداً منههلل ،فقال النبي
قلبك الرحمةف".
ومن الرحمة :رحمة المرأة البغي حين سقت الكلب ،الذي كان يأعل الثرى من العطش .فغفر هللا لها بسبب تلك الرحمة.
وضدها :تعذيب المرأة التي ربطت الهرة ،ال هي أطعمتها وسقتها ،وال هي تركتها تأعل من خشاخ األرض( ،)1حتى ماتت.
ومن ذلك ما هو مش وواهد مجرب ،أن من أحس وون إلى بهائمه باإلطعاع والس ووقي والمالحظة النافعة ،أن هللا يبارهللا له فيها .ومن أس وواء إليها :عوقب في الدنيا قبل اآلخرة ،وقال
يعا}( )2وذلك لما في قلب ِ
اس َجم ً َح َيا َّ
الن َ اها َف َكأََّن َما أ ْ
َح َي َ
يعا َو َم ْن أ ْ
ِ
اس َجم ً س أ َْو َفسو و ٍاد ِفي األَْر ِ
ض َف َكأََّن َما َق َت َل َّ
الن َ يل أََّن ُه من َق َت َل َنْفسو وا ِب َغ ْي ِر َنْف ٍ ِ ِ
َجل َذل َك َكتَ ْب َنا َعَلى َبني ِإ ْسو و َرائ َ
ْ
تعالىِ :
{م ْن أ ِ ِ
َ ً َ
األول من القس و وووة والغلظة والش و وور ،وما في قلب اآلخر من الرحمة والرقة والرأفة؛ إذ هو بص و وودد إحياء كل من له قدرة على إحيائه من الناس ،كما أن ما في قلب األول من القس و وووة،
مستعد لقتل النفوس كلها.
فنس و ووأل هللا أن يجعل ف ي قلوبنا رحمة توجب لنا س و وولوهللا كل باب من أبواب رحمة هللا ،ونحنوا بها على جميع خلق هللا ،وأن يجعلها موص و وولة لنا إلى رحمته وكرامته ،إنه جواد
عريهلل.
()1
حشراهتا وهوامها.
()2
سورة املائدة – آية . 32
الحديث الثالث والثمانون "حفظ"*
متفق عليه. أحب أن يبسط له في رزقه ،وينسأ له في أثَره ،فلي ِ
ص ْل رحمه" " :من َّ عن أنس بن مالك رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
َ ُ ُ
هذا الحديث فيه :الحث على ص و وولة الرحهلل ،وبيان أنها كما أنها موجبة لرض و ووى هللا وثوابه في اآلخرة ،فينها موجبة للثواب العاجل ،بحص و ووول أحب األمور للعبد ،وأنها س و ووبب
لبسط الرزق وتوسيعه .وسبب لطول العمر .وذلك حق على حقيقته؛ فينه تعالى هو الخالق لألسباب ومسبباتها.
وقد جعل هللا لكل مطلوب سو ووبباً وطريقاً ُينال به .وهذا جار على األصو وول الكبير ،وأنه من حكمته وحمده ،جعل الجزاء من جنس العمل ،فكما وصو وول رحمه بالبر واإلحسو ووان
المتنوع ،وأدخل على قلوبههلل السرور ،وصل هللا عمره ،ووصل رزق ،وفتط له من أبواب الرزق وبركاته ،ما ال يحصل له بدون هذا السبب الجليل.
وكما أن الص ووحة وطيب الهواء وطيب الغذاء ،واس ووتعمال األمور المقوية لألبدان والقلوب ،من أس ووباب طول العمر .فكذلك ص وولة الرحهلل جعلها هللا س ووبباً ربانياً ،فين األس ووباب
وم ْن جميع األسوباب التي تحصول بها المحبوبات الدنيوية قسومان :أمور محسووسوة ،تدخل في إدراهللا الحواس ،ومدارهللا العقول .وأمور ربانية إلهية َق َّدرها َم ْن هو على كل لويء قديرَ ،
َّللاَ َي ْج َعل َّل ُه َم ْخ َر ًجاَ ،وَي ْرُزْق ُه ِم ْن َح ْي ُث ال َي ْحتَ ِسو و و ُب
وم ْن تكفل بالكفاية للمتوكلين ،ووعد بالرزق والخروج من المضو و ووائق للمتقين .قال تعالىَ { :و َمن َيتَّ ِق َّ
وأمور العالهلل منقادة لمشو و ووي تهَ ،
( )1
َّللاِ َف ُه َو َح ْس ُب ُه}
َو َمن َيتََوَّك ْل َعَلى َّ
وإذا كان النبي يقول" :ما نقصت صدقة من مال" بل تزيده .فكيف بالصدقة والهدية على أقاربه وأرحامهف
وفي هذا الحديث دليل :على أن قصو و وود العامل ،ما يترتب على عمله من ثواب الدنيا ال يض و و وره إذا كان القصو و وود وجه هللا والدار اآلخرة .فين هللا بحكمته ورحمته رتب الثواب
العاجل واآلجل .ووعد بذلك العاملين؛ ألن األمل واسو و و و ووتثمار ذلك ينشو و و و ووط العاملين ،ويبعث هممههلل على الخير .كما أن الوعيد على الجرائهلل ،وذكر عقوباتها مما َِ
يخوف هللا به اباده
ويبعثههلل على ترهللا الذنوب والجرائهلل.
فالمؤمن الصادق يكون في فعله وتركه مخلصاً هلل ،مستعيناً بما في األعمال من المرغبات المتنوعة على هذا المقصد األعلى .وهللا الموفق.
()1
سورة الطالق – اآليتان . 3 ، 2
الحديث الرابع والثمانون* حفظ
متفق عليه. " :المرء مع من أحب" عن أبي موسى األلعري رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
هذا الحديث فيه :الحث على قوة محبة الرسول واتباعههلل بحسوب مراتبههلل ،والتحذير من محبة ضودههلل؛ فين المحبة دليل على قوة اتصوال المحب بمن يحبه ،ومناسوبته ألخالقه،
واقتدائه به .فهي دليل على وجود ذلك .وهي أيضاً باعثة على ذلك.
وأيض واً من أحب هلل تعالى ،فين نفس محبته من أعظهلل ما يقربه إلى هللا؛ فين هللا تعالى لووكور ،يعطي المتقرب أعظهلل – بأضووعاف مضوواعفة – مما بذل .ومن لووكره تعالى:
ين َو َح ُس َن أُوَلوِ َك َرِفيًقا}(.)1 الشه َداء و َّ ِ ِ
الصالح َ الص َِد ِيق َ ذ ِ َّللاُ َعَل ْي ِههلل َِم َن َّ
النِبَِي َ
َّ ِ ِ ِ
ين َو َ َ ين َو َ ين أ َْن َع َهلل َ
ول َفأ ُْوَلو َك َم َع الذ َ
الرُس ََّللاَ َو َّ
أن يلحقه بمن أحب ،وإن قصر عمله .قال تعالىَ { :و َمن ُيط ِع َ
ولهذا قال أنس" :ما فرحنا بشيء فرحنا بقوله " : المرء مع من أحب .قال :فأنا أحب رسول هللا ، وأبا بكر ،وعمر ،فأرجو أن أعون معههلل".
ِ ()3 َّ ِ ِ ِ ِ
ان أَْل َحْق َنا ِب ِه ْهلل ُذَِريَّتَ ُه ْهلل َو َما أََل ْت َن ُ
يم ٍ ِِ َّ
آم ُنوا َوات َب َع ْت ُه ْهلل ُذَِريَّتُ ُههلل بي َ ص و و و و و وَل َط م ْن َآبائ ِه ْهلل َوأ َْزَوا ِج ِه ْهلل َوُذَِريَّات ِه ْهلل} وقال سو و و و و ووبحانهَ { :والذ َ ات َع ْد ٍن َي ْد ُخلُ َ
وقال تعالىَ { :جَّن ُ
( )2
اههلل َم ْن ين َ ون َها َو َم ْن َ
َع َملِ ِههلل َِمن َلي ٍء}(.)4
ْ
وهذا مشاهد مجرب إذا أحب العبد أهل الخير رأيته منضماً إليههلل ،حريصاً على أن يكون مثلههلل .وإذا أحب أهل الشر انضهلل إليههلل ،وعمل بأعمالههلل.
وقال " : المرء على دين خليله ،فلينظر أحدكهلل من يخالل"" ،ومثل الجليس الصو و ووالط ،كحامل المسو و ووك :إما أن َي ْحذيك وإما أن يبيعك ،وإما أن تجد منه رائحة طيبة ،ومثل
الجليس السوء كنافخ ِ
الك ْير :إما أن يحرق ثيابك ،وإما أن تجد منه رائحة خبيثة".
وإذا كان هذا في محبة الخلق فيما بينههلل ،فكيف بمن أحب هللاَّ ،
وقدع محبته وخش و و وويته على كل ل و و وويءف فينه مع هللا ،وقد حص و و وول له القرب الكامل منه .وهو قرب المحبين،
ين ُههلل ذم ْح ِس ُنو َن}. َّ ِ َّ ِ
ين اتََّقوْا َّوالذ َ وكان هللا معه .فو{ِإ َّن َ
َّللاَ َم َع الذ َ
وأعلى أنواع اإلحسان محبة الرحيهلل الكريهلل الرحمن ،محبة مقرونة بمعرفته.
يقرب إلى حبه؛ إنه جواد كريهلل .وبالِل التوفيق.
فنسأل هللا أن يرزقنا حبه ،وحب من يحبه ،وحب العمل الذي َ
()1
سورة النساء – آية . 69
()2
سورة الرعد – آية . 23
()3
نقصناهم .
()4
سورة الطور – آية . 21
الحديث الخامس والثمانون*
سخر لنا هذا عن عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما" :أن رسول هللا كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر :كبر ثالثاً ،ثهلل قال :سبحان الذي َّ
وما كنا له مْقرنين ،وإنا إلى ربنا لمنقلبون .اللههلل إنا نسألك في سفرنا هذا الِبَّر والتقوى ،ومن العمل ما ترضى .اللههلل َهَِون علينا سفرنا هذا ،و ِ
اطو َعَّنا ُبعده. ُ
اللههلل أنت الصاحب في السفر ،والخليفة في األهل .اللههلل إني أعوذ بك من َو ْعثاء السفر ،وكةبة المنظر ،وسوء المنقلب ،في المال واألهل والولد.
رواه مسلهلل. وإذا رجع قالهن ،وزاد فيهن :آيبون ،تائبون ،عابدون ،لربنا حامدون"
استوى /جلس
مقرنين /نستطيع – لنقدر
لمنقلبون /عائدون
نسألك /نطلبك
التقوى /الوقاية أو اإلجتناب
هوِن /التيسير
َ
الطي /التقصير
َ
الخليفة في االهل /ما تركناه خلفنا من األهل
سوء المنقلب /ان نعود ألهلنا أو منازلنا وقد فقدنا لي ًا منها
آيبون /عائدون
عابدون /نعبد هللا عزوجل في كل وقت
حامدون /نحمد هللا عزوجل
هذا الحديث فيه فوائد عظيمة تتعلق بالسفر.
ومص ووالط الدنيا ،وعلى حص ووول المحاب ،ودفع المكاره والمض ووار وعلى وقد ال ووتملت هذه األداية على طلب مص ووالط الدين – التي هي أههلل األمور –
لكر نعهلل هللا ،والتذكر آلالئه وكرمه ،والتمال السفر على طاعة هللا ،وما يقرب إليه.
فقوله" :عان إذا استوى على راحلته خارجاً إلى سفر :كبر ثالثاً" هو افتتا لسفره بتكبير هللا ،والثناء عليه ،كما كان يختهلل بذلك.
وقوله " : سو و ووبحان الذي سو و ووخر لنا هذا ،وما كنا له مقرنين( ،)1وإنا إلى ربنا لمنقلبون"( )2فيه الثناء على هللا بتسو و ووخيره للمركوبات ،التي تحمل األثقال
والنفوس إلى البالد النائبة ،واألقطار الشاسعة ،واعتراف بنعمة هللا بالمركوبات.
وهذا يدخل فيه المركوبات :من اإلبل ،ومن السفن البحرية ،والبرية ،والهوائية .فكلها تدخل في هذا.
اها} ولهذا قال نو للراعبين معه في السفينة{ :ارَعبوْا ِفيها ِبس ِهلل ِ
اها َو ُم ْرَس َ
َّللا َم ْج َر َ
()3
ْ ُ َ ْ َ
فهذه المراعب ،كلها وأسبابها ،وما به تتهلل وتكمل ،كله من نعهلل هللا وتسخيره .يجب على الصباد االعتراف هلل بنعمته فيها ،وخصوصاً وقت مبالرتها.
لكنا أضو و ووعا لو و وويء وفيه :تذكر الحالة التي لوال الباري لما حصو و وولت وذللت في قوله" :وما كنا له مقرنين" أي مطيقين ،لو َرَّد األمر إلى حولنا وقوتناَّ ،
ص و ْن َع َة وعلهلل اإلنسووان صوونعة المركوبات ،كما امتن هللا في تيسووير صووناعة الدروع الواقصية في قولهَّ : علماً ،وقدرة وإرادة ،ولكنه تعالى سووخر الحيوانات َّ
{و َعل ْمَناهُ َ
َ
صَن ُكهلل ِمن بأ ِْس ُكهلل(َ )5فهل أَنتُهلل َل ِ
اع ُرو َن}(.)6 وس(َّ )4ل ُكهلل لِتُح ِ
َل ُب ٍ
َْ ْ َ َ ْ ْ ْ
فعلى الخلق أن يشو و ووكروا هللا ،إذ علمههلل صو و ووناعة اللباس السو و وواتر للعورات ،ولباس الرياخ ،ولباس الحرب وآالت الحرب .وعلمههلل صو و وونعة الفلك البحرية
والبرية والهوائية ،وصو وونعة كل ما يحتاجون إلى االنتفاع به ،وأنزل الحديد فيه بأس لو ووديد ومنافع للناس متنوعة .ولكن أعثر الخلق في افلة عن لو ووكر هللا ،بل
في عتو واستكبار على هللا ،وتجبر بهذه النعهلل على الصباد.
الح َِس وي لسووفر اآلخرة المعنوي؛ لقوله" :وإنا إلى ربنا لمنقلبون" فكما بدأ الخلق فهو يعيدههلل ليجزي الذين أسوواءوا بما
وفي هذا الحديث التذكر بسووفر الدنيا ِ
عملوا ،ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى.
وقوله" :اللههلل إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ،ومن العمل ما ترضى".
()1
مطيقني تذليله وتسخريه .
()2
راجعون يوم القيامة .
()3
سورة هود – آية . 41
()4
درع تلبسوهنا وقت احلرب .
()5
حربكم وشدكم وقوتكم .
()6
سورة األنبياء – آية . 80
سوأل هللا أن يكون السوفر موصووفاً بهذا الوصوا الجليل ،محتوياً على أعمال البر كلها المتعلقة بحق هللا والمتعلقة بحقوق الخلق ،وعلى التقوى التي هي
اتقاء سخط هللا ،بترهللا جميع ما يكرهه هللا من األعمال ،واألقوال ،الظاهرة والباطنة ،كما سأله العمل بما يرضاه هللا.
وهذا يشمل جميع الطاعات والقربات .ومتى كان السفر على هذا الوصا ،فهو السفر الرابط ،وهو السفر المبارهللا.
كلها محتوية لهذه المعاني الجليلة. وقد كانت أسفاره
ط َّي بعيده.ط ِو َعَّنا بعده" ألن السوفر قطعة من العذاب .فسوأل تهوينه ،و َ
ثهلل سوأل هللا اإلعانة ،وتهوين مشواق السوفر ،فقال" :اللههلل هون علينا سوفرنا هذا ،وا َ
ويقيض له من األسووباب المريحة في السووفر أمو اًر كثيرة،
وذلك بتخفيف الهموع والمشوواق ،وبالبركة في السووير ،حتى يقطع المسووافات البعيدة ،وهو اير مكترثَ ،
مثل راحة القلب ،ومناسبة الرفقة ،وتيسير السير ،وأمن الطريق من المخاوف ،واير ذلك من األسباب.
فكهلل من س و ووفر امتد أياماً كثيرة ،لكن هللا هونه ،ويسو و وره على أهله .وكهلل من س و ووفر قص و ووير ص و ووار أص و ووعب من كل ص و ووعب .فما ثَ َّهلل إال تيس و ووير هللا ولطفه
ومعونته.
ولهذا قال في تحقيق تهوين السووفر" :اللههلل إني أعوذ بك من وعثاء السووفر" أي :مشووقته وصووعوبته "وكةبة المنظر" أي :الحزن المالزع والههلل الدائهلل "وسوووء
المنقلب ،في المال واألهل الوالد" أي :يا رب نسو و و و ووألك أن تحفظ علينا كل ما خَلفناه وراءنا ،وفارقناه بسو و و و ووفرنا من أهل وولد ومال ،وأن ننقلب إليههلل مسو و و و وورورين
بالسالمة ،والنعهلل المتواترة علينا وعليههلل؛ فبذلك تتهلل النعمة ،ويكمل السرور.
وكذلك يقول هذا في رجوعه ،وعوده من سو و و ووفره .ويزيد" :آيبون تائبون عابدون ،لربنا حامدون" أي :نسو و و ووألك اللههلل أن تجعلنا في إيابنا ورجوعنا مالزمين
للتوبة لك ،وابادتك وحمدهللا ،وأن تختهلل سفرنا بطاعتك ،كما ابتدأته بالتوفيق لها.
طانا َّن ِ ِ ِ َّ ِ صد ٍق وأ ْ ِ ِ ِ ِِ
ير}
ص ًا نك ُسْل َ ً َخ ِر ْجني ُم ْخ َرَج ص ْد ٍق َو ْ
اج َعل َلي من ل ُد َ ولهذا قال تعالى َ { :وُقل َّر َب أ َْدخْلني ُم ْد َخ َل ْ َ
()1
ومدخل الص و وودق ومخرجه ،أن تكون أس و ووفار العبد ومداخله ومخارجه كلها تحتوي على الص و وودق والحق ،واالل و ووتغال بما يحبه هللا ،مقرونة بالتوكل على
هللا ،ومصحوبة بمعونته.
وفيه اعتراف بنعمته آخ اًر ،كما اعترف بها أوالً ،في قوله" :لربنا حامدون".
()1
سورة اإلسراء – آية . 80
فكما أن على العبد أن يحمد هللا على التوفيق لفعل الصبادة والش و و و و ووروع في الحاجة فعليه أن يحمد هللا على تكميلها وتمامها ،والفراغ منها؛ فين الفض و و و و وول
فضله ،والخير خيره ،واألسباب أسبابه .وهللا ذو الفضل العظيهلل.
الحديث السادس والثمانون*
رواه أحمد ومسلهلل والنسائي. " :خذوا عني مناسككهلل" عن جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما :أن النبي
في هذا كالع جامع .اسو و ووتدل به أهل العلهلل على مشو و وورواية جميع ما فعله النبي ،وما قاله في حجة وجوباً في الواجبات ،ومسو و ووتحباً في المسو و ووتحبات ،وهو نظير قوله
الصالة" :صلوا كما رأيتموني أصلي" فكما أن ذلك يشمل جزئيات الصالة كلها .فهذا يشمل جزئيات المناسك كلها.
.ذكره في القواعد النورانية .فقال قدس هللا روحه ورضي عنه: ولشيخ اإلسالع ابن تيمية كالع حسن جداً في خالصة حا النبي
وقد ثبت بالنقل المتواتر عند الخاصة من علماء الحديث من وجوه كثيرة في الصحيحين وايرهما:
أنه لما حا حجة الوداع أحرع هو والمسوولمون من ذي الحليفة .فقال" :من لوواء أن يهل( )1بعمرة فليفعل .ومن لوواء أن يهل بحجة فليفعل .ومن لوواء أن يهل بعمرة وحجة
ذب ُط ِ
وي َ
اله ْد ُي :اسهلل لما ُيهدى ُ
فليفعل" فلما قدموا وطافوا بالبيت وبين الصفا والمروة أمر جميع المسلمين الذين حجوا معه أن يحلوا من إحرامههلل ويجعلوها عمرة ،إال من ساق الهدي .و َ
الهدي َم ِحَّله( ،)2فراجعه بعضو و و ووههلل في ذلك .فغضو و و ووب ،وقال" :انظروا ما أمرتكهلل به فافعلوه" .وكان هو قد سو و و وواق الم ْع ِز ،فينه ال ُيحل حتى َيْبل في الحرِع ِمن ِ
اإلبل والبَق ِر و َ
ُ الغن ِهلل و َ َ
الهدي ،فلهلل يحل من إحرامه .ولما رأى كراهة بعضووههلل لبحالل قال" :لو اسووتقبلت من أمري ما اسووتدبرت لما سووقت الهدي .ولجعلتها عمرة ،ولوال أن معي الهدي ألحللت"( .لو علمت
من جواز العمرة في ألو و ووهر الحا (ما سو و ووقت الهدي) ما أتيت بالهدي الذي يمنعني من التحلل) وقال أيضو و واً" :إني َلَِب ْد ُت أرسو و ووي وقلدت هديي ،فال أحل حتى أنحر" .فحل المسو و وولمون
جميعههلل إال النفر الذين ساقوا الهدي ،منههلل :رسول هللا ،وعلي بن أبي طالب ،وطلحة بن عبيد هللا.
الم ِحَلون بالحا ،وههلل ذاهبون إلى منى .فبات بههلل تلك الليلة بمنى .وص وولى بههلل فيها الظهر والعص وور والمغرب والعش وواء والفجر .قص وور دون الجمع فلما كان يوع التروية أحرع ُ
ض و و ٍَب ،ونمرة خارجة من عرفة ،من يمانيها واربيها ،ليسو ووت من الحرع ،وال من عرفة .فنصو ووبت له القبة بنمرة .وهناهللا كان ينزل خلفاؤه ال ارلو وودون ثهلل سو ووار بههلل إلى نمرة ،على طريق َ
بعده ،وبها األسواق ،وقضاء الحاجة ،واألعل ،ونحو ذلك .فلما زالت الشمس ركب هو ومن ركب معه وسار المسلمون إلى المصلى ببطن ُعرَن َة ،حيث قد بنى المسجد وليس هو من
الحرع ،وال من َع َرَفة .وإنما هو برزا بين المش و و و ووعرين :الحالل والحراع هناهللا ،بينه وبين الموقا نحو ميل .فخطب فيههلل خطبة الحا على راحلته .وكان يوع الجمعة ،ثهلل نزل فص و و و وولى
إلى الموقا بعرفة عند الجبل المعروف بجبل الرحمة .واس وومه "إالل" على وزن هالل .وهو الذي تس ووميه بههلل الظهر والعص وور مقص ووورتين مجموعتين .ثهلل س ووار – والمس وولمون معه –
العامة عرفة .فلهلل يزل هو والمسلمون في الذكر والدعاء إلى أن اربت الشمس .فدفع بههلل إلى مزدلفة ،فصلى المغرب والعشاء بعد مغيب الشفق قبل حط الرحال ،حين نزلوا بمزدلفة،
وبات بها حتى طلع الفجر ،فصو وولى بالمسو وولمين الفجر في أول وقتها ،مغلسو واً بها زيادة على كل يوع ،ثهلل وقا عند ُق َز ،وهو جبل مزدلفة الذي يسو وومى المشو ووعر الحراع .فلهلل يزل واقفاً
بالمسلمين إلى أن أسفر جداً.
علياً فنحر الباقي.
ثهلل دفع بههلل حتى قدع منى ،فاس ووتفتحها برمي جمرة العقبة ،ثهلل رجع إلى منزله بمنى ،ثهلل أتى المنحر ونحر ثالثاً وس ووتين َب َدنة من الهدي الذي س وواقه .وأمر َ
وكان مائة بدنة ثهلل حلق رأسه .ثهلل أفاض إلى مكة ،فطاف طواف اإلفاضة.
()1
هو رفع الصوت ابلتلبية ،واملراد هنا مع النية .
()2
مكان ذحبه يف احلرم .
ضو َعفة أهله من مزدلفة قبل طلوع الفجر ،فرموا الجمرة بليل .ثهلل أقاع بالمسوولمين أياع منى الثالث ،يصوولي بههلل الصوولوات الخمس مقصووورة اير مجموعة ،يرمي
وكان قد َع َّجل َ
عل يوع الجمرات الثالث بعد زوال الش وومس يس ووتفتط بالجمرة األولى – وهي الص ووغرى ،وهي الدنيا إلى مني – والقص وووى من مكة .ويختتهلل بجمرة العقبة ،ويقا بين الجمرتين :األولى
والثوانيوة ،وبين الثوانيوة والثوالثوة وقوفواً طويالً بقودر سو و و و و و ووورة البقرة ،يوذكر هللا ويودعو؛ فوين المواقا ثالث :عرفوة ومزدلفوة ،ومنى .ثهلل أفواض آخر أيواع التشو و و و و و وريق بعود رمي الجمرات هو
صوب ،عند خيف بني كنانة ،فبات هو والمسولمون ليلة األربعاء .وبعث تلك الليلة عائشوة مع أخيها عبد الرحمن؛ لتعتمر من التنصيهلل ،وهو أقرب أطراف الحرع والمسولمون ،فنزل بالمح َّ
من أصوحابه أحد قط إال عائشوة؛ ألجل أنها كانت قد إلى مكة ،من طريق أهل المدينة .وقد ُبني بعده هناهللا مسوجد سوماه الناس مسوجد عائشوة؛ ألنه لهلل يعتمر بعد الحا مع النبي
حاضت لما قدمت وكانت معتمرة .فلهلل تطا قبل الوقوف بالبيت ،وال بين الصفا والمروة
ودع البيت هو والمس وولمون ورجعوا إلى المدينة .ولهلل يقهلل بعد أياع التشو وريق ،وال
" :اقض ووي ما يقض ووي الحاج ،اير أن ال تطوفي بالبيت ،وال بين الص ووفا والمروة" ثهلل َ وقال لها النبي
بسونته في ذلك كله ،إلى آخر ما قال اعتمر أحد قط على عهده عمرة يخرج فيها من الحرع إلى الحل إال عائشوة – رضوي هللا عنها – وحدها فأخذ فقهاء الحديث – كأحمد وايره –
رحمه هللا ورضي عنه .وهللا أعلهلل.
()1
سورة الرمحن – آية . 29
فهو الغني بوذاتوه ،وجميع الكوائنوات فقيرة إليوه بوذاتههلل ،في إيجوادههلل وإعودادههلل وإمودادههلل بكول موا ههلل محتواجون إليوه من جميع الوجوه .ليس ألحود منهوا اني عنوه مثقوال ذرة ،في
عل حالة من أحوالها.
فالص وومد :هو المص وومود إليه ،المقص ووود في كل ل وويء؛ لكماله وكرمه وجوده وإحس ووانه .ولذلك (لهلل يلد ولهلل يولد) فين المخلوقات كلها متولد بعض ووها من بعض ،وبعض ووها والد
بعض ،وبعضها مولود وكل مخلوق فينه مخلوق من مادة ،وأما الرب جل جالله ،فينه منزه عن مماثلتها في هذا الوصا ،كما هو منزه عن مماثلتها في كل صفة نقص.
َحد} أي :ليس له نظير وال مكافئ وال مثيل ،ال في أس وومائه ،وال في ص ووفاته ،وال في أفعاله ،وال في جميع َّ
ولهذا حقق ذلك التنزيه ،وتمهلل ذلك الكمال بقولهَ { :وَل ْهلل َي ُكن ل ُه ُكُف ًوا أ َ
حقوقه التي اختص بها.
فحقه الخاص أمران :التفرد بالكمال كله من جميع الوجوه ،والعبودية الخالصة من جميع الخلق.
فحق لسوورة تتضومن هذه الجمل العظيمة :أن تعادل ثلث القرآن .فين جميع ما في القرآن من األسوماء الحسونى ،ومن الصوفات العظيمة العليا ،ومن أفعال هللا وأحكاع صوفاته،
تفاصيل لهذه األسماء التي ذكرت في هذه السورة ،بل كان ما في القرآن من العبوديات الظاهرة والباطنة ،وأصنافها وتفاصيلها ،تفصيل لمضمون هذه السورة .وهللا أعلهلل.
الحديث الثامن والثمانون*
" :ال حسد إال في اثنتين :رجل آتاه هللا ماالًَّ ،
فسلطه على هلكته في الحق .ورجل آتاه عن عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
متفق عليه. هللا الحكمة ،فهو يقضي بها ،ويعلمها"
الغبطه المحموده :/أال يتمنى زوال نعمة هللا عن الغير ،ولكن يتمنى حصول مثلها له
الحسد المذموع /يتمنى زوال نعمة هللا عن الغير ويريدها لنفسه
فسلطه َ /
سخره
الحكمة /الذكاء والعلهلل والفطنة
وسو و وواء أحب ذلك محبة اس و ووتقرت في قلبه ،ولهلل يجاهد نفس و ووه الحس و وود نوعان :نوع محرع مذموع على كل حال ،وهو أن يتمنى زوال نعمة هللا عن العبد – دينية أو دنيوية –
عنها ،أو سعى مع ذلك في إزالتها وإخفائها :وهذا أيبط؛ فينه ظلهلل متكرر.
وهذا النوع هو الذي يأعل الحسنات كما تأعل النار الحطب.
والنوع الثاني :أال يتمنى زوال نعمة هللا عن الغير ،ولكن يتمنى حصول مثلها له ،أو فوقها أو دونها.
وهذا نوعان :محمود واير محمود.
فالمحمود من ذلك :أن يرى نعمة هللا الدينية على عبده ،فيتمنى أن يكون له مثلها .فهذا من باب تمني الخير .فين قارن ذلك س و و و و ووعى وعمل لتحص و و و و وويل ذلك ،فهو نور على
نور.
وأعظهلل من يغبط :من كان عنده مال قد حصو وول له من ِحَّله ،ثهلل ُس و وَلط ووفق على إنفاقه في الحق ،في الحقوق الواجبة والمسو ووتحبة؛ فين هذا من أعظهلل البرهان على اإليمان،
ومن أعظهلل أنواع اإلحسان.
ومن كان عنده علهلل وحكمة علمه هللا إياها ،فوفق لبذلها في التعليهلل والحكهلل بين الناس .فهذان النوعان من اإلحسان ال يعادلهما ليء.
األول :ينفع الخلق بماله ،ويدفع حاجاتههلل ،وينفق في المشاريع الخيرية ،فتقوع ويتسلسل نفعها ،ويعظهلل وقعها.
والثاني :ينفع الناس بعلمه ،وينشر بينههلل الدين والعلهلل الذي يهتدي به الصباد في جميع أمورههلل :من ابادات ومعامالت وايرها.
ثهلل بعد هذين االثنين :تكون الغبطة على الخير ،بحسو و ووب حاله ودرجاته عند هللا .ولهذا أمر هللا تعالى بالفر واالسو و ووتبشو و ووار بحصو و ووول هذا الخير ،وإنه ال يوفق لذلك إال أهل
َح َس و ُن َفِي َذا َّال ِذي َب ْي َن َك َِّ ِ ِ ِِ ِ ِ الحظو العظيمة العالية .قال تعالىُ{ :قل ِبَفض و ِل ِ
{وال تَ ْس وتَ ِوي اْل َح َس و َن ُة َوال ال َّس وَِي َ ُة ْادَف ْع ِبالتي ه َي أ ْ
َّللا َوبِ َر ْح َمته َفب َذل َك َفْل َيْف َر ُحوْا ُه َو َخ ْير َم َّما َي ْج َم ُعو َن} .وقالَ :
( )1
َ ْ ْ
ظ َع ِظيهللٍ}(.)2 اها ِإال ُذو َح ٍَ ص َب ُروا َو َما ُيَلَّق َين َ
َّ ِ ِ
َوَب ْي َن ُه َع َد َاوة َكأََّن ُه َولِ ٌّي َحميهلل َ ،و َما ُيَلَّق َ
اها ِإال الذ َ
وقد يكون من تمنى ل و و و ووي اً من هذه الخيرات ،له مثل أجر الفاعل إذا ص و و و وودقت نيته ،وص و و و وومهلل عن عزيمته أن لو قدر على ذلك العملَ ،ل َع ِم َل مثله ،كما ثبت بذلك الحديث.
وخصوصاً إذا لرع وسعى بعض السعي.
{يا َل ْي َت َل َنا ِم ْث َل َما أُوِتي وأما الغبطة التي هي اير محمودة ،فهي تمني حص و و ووول مطالب الدنيا ألجل اللذات ،وتناول الش و و ووهوات ،كما قال هللا تعالى حكاية عن قوع قارونَ :
َ
ظ َع ِظيهللٍ}( )3فين تمني مثل حالة من يعمل السي ات فهو بنيته ،ووزرهما سواء. َق ُارو ُن ِإَّن ُه َل ُذو َح ٍَ
فهذا التفصيل يتضط الحسد المذموع في كل حال .والحسد الذي هو الغبطة ،الذي يحمد في حال ،ويذع في حال .وهللا أعلهلل.
()1
سورة يونس – آية . 58
()2
سورة فصلت – اآليتان . 35 ، 34
()3
سورة القصص – آية . 79
الحديث التاسع والثمانون*
رواه مسلهلل. كان يدعو ،فيقول :اللههلل إني أسألك الهدى والتقى ،والعفاف والغنى" عن عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه" :أن النبي
السؤال /الطلب
التقوى /الوقاية أو االجتناب
العفاف /المنع
الغنى /اإلستغناء واللجوء الى هللا عزوجل
هذا الدعاء من أجمع األداية وأنفعها .وهو يتض و وومن سو و وؤال خير الدين وخير الدنيا؛ فين "الهدى" هو العلهلل النافع .و"التقى" العمل الص و ووالط ،وترهللا ما نهى هللا ورس و وووله عنه.
وبذلك يصلط الدين .فين الدين علوع نافعة ،ومعارف صادقة .فهي الهدى ،ويياع بطاعة هللا ورسوله :فهو التقى.
و"العفاف والغنى" يتض و و وومن العفاف عن الخلق ،وعدع تعليق القلب بههلل .والغنى بالِل وبرزقه ،والقناعة بما فيه ،وحص و و ووول ما يطم ن به القلب من الكفاية .وبذلك تتهلل س و و ووعادة
الحياة الدنيا ،والراحة القلبية ،وهي الحياة الطيبة.
فمن رزق الهدى والتقى ،والعفاف والغنى ،نال السعادتين ،وحصل له كل مطلوب .ونجا من كل مرهوب .وهللا أعلهلل.
الحديث التسعون *
" :من أحب أن يزحز عن النار ،ويدخل الجنة :فلتأته منيته وهو يؤمن بالِل واليوع عن عبد هللا بن عمرو رضي هللا عنهما قال :قال رسول هللا
رواه مسلهلل. اآلخر .وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه"
يزحز /أن يبتعد
منيته /الموت
في هذا الحديث لها سو و ووببين ،ترجع إليهما جميع الشو و ووعب ال لو و ووك أن من زحز عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ،وأن هذه ااية يسو و ووعى إليها جميع المؤمنين .فذكر النبي
( )1
الِلِ – اآلية}
آمَّنا ِب َ
والفروع :اإليمان بالِل واليوع اآلخر ،المتضمن لبيمان باألصول التي ذكرها هللا بقولهُ{ :قوُلوْا َ
ومتضومن للعمل لآلخرة واالسوتعداد لها؛ ألن اإليمان الصوحيط يقتضوي ذلك ويسوتلزمه .واإلحسوان إلى الناس ،ون يصول إليههلل منه من القول والفعل والمال والمعاملة ما يحب
أن يعاملوه به.
فهذا هو الميزان الصوحيط لبحسوان وللنصوط ،فكل أمر ألوكل عليك مما تعامل به الناس فانظر هل تحب أن يعاملوهللا بتلك المعاملة أع الف فين كنت تحب ذلك ،كنت محباً
لههلل ما تحب لنفسك ،وإن كنت ال تحب أن يعاملوهللا بتلك العاملة :فقد ضيعت هذا الواجب العظيهلل.
فالجملة األولى :فيها القياع بحق هللا .والجملة الثانية فيها القياع بحق الخلق .وهللا أعلهلل.
()1
سورة البقرة – آي . 136
الحديث الحادي والتسعون*
" :إن هللا يرضو ووى لكهلل ثالثاً ،ويكره لكهلل ثالثاً .فيرضو ووى لكهلل أن تعبدوه وال تشو ووركوا به لو ووي اً ،وأن عن أبي هريرة رضو ووي هللا عنه قال :قال رسو ووول هللا
رواه مسلهلل. تعتصموا بحبل هللا جميعاً ،وال تفرقوا .ويكره لكهلل ،قيل وقال ،وكثرة السؤال ،وإضاعة المال"
فيه إثبات الرض ووى هلل ،وذكر متعلقاته ،وإثبات الكراهة منه .وذكر متعلقاتها؛ فين هللا جل جالله من كرمه على اباده ،يرض ووى لههلل ما فيه مص وولحتههلل ،وس ووعادتههلل في العاجل
واآلجل.
وذلك بالقياع بصبادة هللا وحده ال ل و وريك له ،وإخالص الدين له بأن يقوع الناس بعقائد اإليمان وأص و وووله ،ولو وورائع اإلس و ووالع الظاهرة والباطنة ،وباألعمال الص و ووالحة ،واألخالق
الزاعية .كل ذلك خالص و واً هلل موافقاً لمرض و وواته .على س و وونة نبيه .ويعتص و ووموا بحبل هللا ،وهو دينه الذي هو الوص و وولة بينه وبين اباده .فيقوموا به مجتمعين متعاونين على البر والتقوى
"المسلهلل أخو المسلهلل ،ال يظلمه ،وال يخذله ،وال يكذبه ،وال يحقره" بل يكون محباً له مصافياً ،وأخاً معاوناً.
وبهذا األص وول والذي قبله يكمل الدين ،وتتهلل النعمة على المس وولمين ،ويعزههلل هللا بذلك وينص وورههلل ،لقيامههلل بجميع الوس ووائل التي أمرههلل هللا بها والتي تكفل لمن قاع بها بالنص وور
والتمكين ،وبالفال والنجا العاجل واآلجل.
ثهلل ذكر ما كره هللا لصباده ،مما ينافي هذه األمور التي يحبها وينقض ووها .فمنها :كثرة القيل والقال؛ فين ذلك من دواعي الكذب ،وعدع التثبت ،واعتقاد اير الحق .ومن أس ووباب
وقل أن يسلهلل أحد من ليء من ذلك ،إذا كانت رابته في القيل والقال.
وقوع الفتن ،وتنافر القلوب .ومن االلتغال باألمور الضارة عن األمور النافعةَّ .
وأما قوله" :وكثرة الس وؤال" فهذا هو الس وؤال المذموع ،كس وؤال الدنيا من اير حاجة وضوورورة ،والس وؤال على وجه التعنت واإلعنات ،وعن األمور التي يخشووى من ضووررها ،أو
( )1
َل َياء ِإن تُْب َد َل ُك ْهلل تَ ُس ْؤُك ْهلل}
آم ُنوْا الَ تَ ْسأَلُوْا َع ْن أ ْ عن األمور التي ال نفع فيها ،الداخلة في قوله تعالى{ :يا أَي َّ ِ
ين َ
ذها الذ َ
َ َ
وأما السؤال عن العلوع النافعة على وجه االسترلاد أو اإلرلاد فهذا محمود مأمور به.
وقوله" :وإضو و وواعة المال" وذلك إما بترهللا حفظه حتى يضو و وويع ،أو يكون عرضو و ووة للسو و و َّوراق والضو و ووياع ،وإما بيهمال عمارة عقاره ،أو اإلنفاق على حيوانه ،وإما بينفاق المال في
األمور الضوارة ،أو الغير النافعة .فكل هذا داخل في إضواعة المال .وإما بتولي ناقصوي العقول لها ،كالصوغار والسوفهاء والمجانين ونحوههلل؛ ألن هللا تعالى جعل األموال يياماً للناس،
بها تقوع مصالحههلل الدينية والدنيوية .فتماع النعمة فيها أن تصرف فيما خلقت له :من المنافع ،واألمور الشراية ،والمنافع الدنيوية.
()1
سورة املائدة – آية . 101
وما كرهه هللا لصباده ،فهو يحب منههلل ضودها ،يحب منههلل أن يكونوا متثبتين في جميع ما يقولونه ،وأن ال ينقلوا كل ما سومعوه ،وأن يكونوا متحرين للصودق ،وأن ال يسوألوا إال
َّللاُ َل ُك ْهلل َِّ
{والَ تُ ْؤتُوْا ال ذس و و و وَف َهاء أ َْم َواَل ُك ُهلل التي َج َع َل َ
عما ينفع ،وأن يحفظوا أموالههلل ويدبروها ،ويتص و و و ورفوا فيها التص و و و ورفات النافعة ،ويص و و و ورفوها في المص و و و ووارف النافعة .ولهذا قال تعالىَ :
ِي َياماً}(.)1
()1
سورة النساء – آية . 5
الحديث الثاني والتسعون توقفنا هنا
فقالت :يا رسول هللا ،إن أبا سفيان رجل لحيط ،ال عن عائشة رضي هللا عنها قالت" :دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول هللا
:خذي من ماله بالمعروف ف فقال رسول هللا علي في ذلك من جنابني ،إال ما أخذته من ماله بغير علمه ..فهل َّ
يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي َّ
ما يكفيك ويكفي بنيك" متفق عليه.
أخذ العلماء من هذا الحديث فقهاً كثي اًر .سألير إلى ما يحضرني.
منه ،أن المسووتفتى والمتظلهلل يجوز أن يتكلهلل بالصوودق فيمن تعلق به االسووتفتاء والتظلهلل ،وليس من الغيبة المحرمة ،وهو أحد المواضووع المسووتثنيات من الغيبة .ويجمع الجميع،
جاز ذلك الحاجة إلى التكلهلل في الغير؛ فين الغيبة المحرمة ذكرهللا أخاهللا بما يكره .فين احتيا إلى ذلك – كما ذكرنا وكما في النصوويحة الخاصووة ،أو العامة ،أو ال يعرف إال بلقبه –
بمقدار ما يحصل به المقصود.
ومنه :أن نفقة األوالد واجبة على األب ،وأنه يختص بها ،ال تشاركه األع فيها وال ايره.
وكذلك فيه :وجوب نفقة الزوجة ،وأن مقدار ذلك الكفاية؛ لقوله " :خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك" وأن الكفاية معتبرة بالعرف بحس و و و ووب أحوال الناس :في
وط عن النفقة أص والً أو تكميالً ،فلمن له النفقة أو يبالوور اإلنفاق أن يأخذ من ماله ،ولو بغير علمه .وذلك ألن السووبب
زمانههلل ومكانههلل ،ويسوورههلل وعسوورههلل ،وأن المنفق إذا امتنع أو لو َّ
" :ال تخن من خانك". ظاهر .وال ينسب في هذه الحالة إلى خيانة .فال يدخل في قوله
وهذا هو القول الوسو ووط الصو ووحيط في مسو ووألة األخذ من مال من له حق عليه بغير علمه بمقدار حقه .وهو المشو ووهور من مذهب اإلماع أحمد ،أنه ال يجوز ذلك ،إال إذا كان
السبب ظاه اًر ،كالنفقة على الزوجة واألوالد والمماليك ونحوههلل .وكحق الضيف.
ومنه أن المتولي أم اًر من األمور يحتاج فيه إلى تقدير مالي ،يقبل قوله في التقدير؛ ألنه مؤتمن ،له الوالية على ذلك الشيء.
ومنه :أن المسوتفتى فتوى لها تعلق بالغير إذا الب على ظن المسوؤول صودقه :ال يحتاج إلى إحضوار ذلك الغير .وخصووصواً إذا كان في ذلك مفسودة ،كما في هذه القضوية؛
فينه لو أحضر أبا سفيان لهذه الشكاية لهلل يؤمن أن يقع بينه وبين زوجه ما ال ينبغي.
وليس في هذا داللة على الحكهلل على الغائب؛ فين هذا ليس بحكهلل .وإنما هو استفتاء . .وهللا أعلهلل.
الحديث الثالث والتسعون
متفق عليه. يقول" :ال يحكهلل أحد بين اثنين وهو اضبان" عن أبي بكرة رضي هللا عنه قال :سمعت رسول هللا
القاضي
هذا الحديث يدل على أمور:
أحدها :نهي الحاعهلل بين الناس أن يحكهلل في كل قضوية معينة بين اثنين وهو اضوبان ،سوواء كان ذلك في القضوايا الدينية أو الدنيوية .وذلك لما في الغضوب من تغير الفكر
وانحرافه .وهذا االنحراف للفكر يضر في استحضاره للحق .ويضر أيضاً في قصده الحق .والغرض األصلي للحاعهلل وايره :قصد الحق علماً وعمالً.
الثاني :يدل على أنه ينبغي أن يجتهد في األخذ باألسوباب التي تصورف(تُذهب) الغضوب ،أو تخففه :من التخلق بالحلهلل والصوبر ،وتوطين النفس على ما يصويبه ،وما يسومعه
من الخصوع؛ فين هذا عون كبير على دفع الغضب ،أو تخفيفه.
الثالث :يؤخذ من هذا التعليل :أن كل ما منع اإلنسو و ووان من معرفة الحق أو قصو و ووده ،فحكمه حكهلل الغضو و ووب .وذلك كالههلل الشو و ووديد ،والجوع والعطش ،وكونه حاقناً أو حايباً أو
نحوها ،مما يشغل الفكر مثل أو أعثر من الغضب.
الرابع :أن النهي عن الحكهلل في حال الغض و ووب ونحوه مقص و ووود لغيره .وهو أنه ينبغي للحاعهلل أال يحكهلل حتى يحيط علماً بالحكهلل الش و وورعي الكلي ،وبالقض و ووية الجزئية من جميع
أطرافها ،ويحسن كيف يطبقها على الحكهلل الشرعي.
فين الحاعهلل محتاج إلى هذه األمور الثالثة*:
األول :العلهلل بالطرق الشراية ،التي وضعها الشارع لفصل الخصومات والحكهلل بين الناس.
الثاني :أن يفههلل ما بين الخص وومين من الخص ووومة ،ويتص ووورها تص ووو اًر تاماً ،ويدع كل واحد منهما يدلي بحجته ،ويش وور قض وويته ل وورحاً تاماً .ثهلل إذا تحقق ذلك وأحال به علماً
احتاج إلى األمر الثالث.
وهو ص و ووفة تطبيقها وإدخالها في األحكاع الش و ووراية ،فمتى وفق لهذه األمور الثالثة ،وقص و وود العدل ،وفق له ،وهدي إليه ،ومتى فاته واحد منها ،حص و وول الغلط ،واختل الحكهلل.
وهللا أعلهلل.
الحديث الرابع والتسعون
رواه أحمد وأبو داود .وعلقه البخاري. الب ْس وتصدق ،من اير َس َرف وال َمخيلة"
ُ " :ع ْل والرب ،و َ عن عمرو بن لعيب عن أبيه عن جده قال :قال رسول هللا
المخيله /البخل
االسراف /التبذير (لراء فوق حاجة اإلنسان)
هذا الحديث مشووتمل على اسووتعمال المال في األمور النافعة في الدين والدنيا ،وتجنب األمور الضووارة .وذلك أن هللا تعالى جعل المال قواماً للصباد ،به تقوع أحوالههلل الخاصووة
والعامة ،الدينية والدنيوية .وقد أرلد هللا ورسوله فيه – استخراجاً واستعماالً ،وتدبي اًر وتصريفاً – إلى أحسن الطرق وأنفعها ،وأحسنها عايبة :حاالً ومةالً.
أرل وود فيه إلى الس ووعي في تحص وويله باألس ووباب المباحة والنافعة ،وأن يكون الطلب جميالً ،ال كس وول معه وال فتور ،وال انهماهللا في تحص وويله ان ِهماعاً َ
يخل بحالة اإلنس ووان ،وأن
يتجنب من المكاسووب المحرمة والردي ة ثهلل إذا تحصوول سووعي اإلنسووان في حفظه واسووتعماله بالمعروف ،باألعل والشوورب واللباس ،واألمور المحتاج إليها ،هو ومن يتصوول به من زوجة
وأوالد وايرههلل ،من اير تقتير وال تبذير.
وكوذلوك إذا أخرجوه للغير فيخرجوه في الطرق التي تنفعوه ،ويبقى لوه ثوابهوا وخيرهوا ،كوالصو و و و و و وودقوة على المحتواج من األقوارب والجيران ونحوههلل ،وكواإلهوداء والودعوات التي جرى
العرف بها.
ِ ين ِإ َذا أ َ َّ ِ
َنفُقوا َل ْهلل ُي ْس ِرُفوا َوَل ْهلل َيْقتُُروا َوَك َ
( )1
اما}
ان َب ْي َن َذل َك َق َو ً وكل ذلك معلق بعدع اإلسراف ،وقصد الفخر والخيالء ،كما قيده في هذا الحديث ،وكما في قوله تعالىَ { :والذ َ
فهذا هو العدل في تدبير المال :أن يكون قواماً( )2بين رتبتي البخل والتبذير .وبذلك تقوع األمور وتتهلل .وما سوى هذا فيثهلل وضرر ،ونقص في العقل والحال .وهللا أعلهلل.
()1
سورة الفرقان – آية . 67
()2
وسطاً .
الحديث الخامس والتسعون
الناس عليهف عن أبي ٍَذر رضي هللا عنه قال" :قيل :يا رسول هللا ،أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ،ويحمده – أو يحبه –
رواه مسلهلل. قال :تلك عاجل بشرى المؤمن"
()1
سورة مرمي – آية . 96
ومن البشرى أن يقدر هللا على العبد تقدي اًر يحبه أو يكرهه .ويجعل ذلك التقدير وسيلة إلى إصال دينه ،وسالمته من الشر.
وأنواع ألطاف الباري سبحانه وتعالى ال َ
تعد وال تحصى ،وال تخطر بالبال ،وال تدور في الخيال .وهللا أعلهلل.
الحديث السادس والتسعون حفظ*
" :رضى هللا في رضى الوالدين .وسخط هللا في سخط الوالدين" عن عبد هللا بن عمرو رضي هللا عنهما قال :قال رسول هللا
أخرجه الترمذي .وصححه ابن حبان والحاعهلل.
الرضى المحبه
السخط الغضب
هذا الحديث دليل على فضل َبر الوالدين ووجوبه ،وأنه سبب لرضى هللا تعالى .وعلى التحذير عن عقوق الوالدين وتحريمه ،وأنه سبب لسخط هللا.
وال ل و ووك أن هذا نهلل رحمة هللا بالوالدين واألوالد؛ إذ بين الوالدين وأوالدههلل من االتص و ووال ما ال يش و ووبهه ل و وويء من الص و ووالت واالرتبال الوثيق ،واإلحس و ووان من الوالدين الذي ال
يسوواويه إحسووان أحد من الخلق .والتربية المتنوعة وحاجة األوالد ،الدينية والدنيوية إلى القياع بهذا الحق المتأعد؛ وفاء بالحق ،واعتسواباً للثواب ،وتعليماً لذريتههلل أن يعاملوههلل بما عاملوا
به والديههلل.
هذه األسباب وما يتفرع عنها موجب لجعل رضاههلل مقروناً برضا هللا ،وضده بضده.
وإذا قيل :فما هو البر الذي أمر هللا به ورسولهف
قيل :قد َح َّده هللا ورس وووله بحد معروف ،وتفس ووير يفهمه كل أحد .فالِل تعالى أطلق األمر باإلحس ووان إليهما .وذكر بعض األمثلة التي هي أنموذج من اإلحس ووان .فكل إحس ووان
قولي أو فعلي أو بدني ،بحسب أحوال الوالدين واألوالد والوقت والمكان ،فين هذا هو البر.
وفي هذا الحديث :ذكر ااية البر ونهايته التي هي رضو و ووي الوالدين؛ فاإلحسو و ووان موجب وسو و ووبب ،والرضو و ووى أثر ومسو و ووبب .فكل ما أرض الوالدين من جميع أنواع المعامالت
العرفية ،وسولوهللا كل طريق ووسويلة ترضويهما ،فينه داخل في البر ،كما أن العقوق ،كل ما يسوخطهما من قول أو فعل .ولكن ذلك مقيد بالطاعة ال بالمعصوية .فمتى تعذر على الولد
إرضاء والديه إال بيسخال هللا ،وجب تقديهلل محبة هللا على محبة الوالدين .وكان اللوع والجناية من الوالدين ،فال يلومان إال أنفسهما.
وفي هذا الحديث :إثبات صووفة الرضووى والسووخط هلل ،وأن ذلك متعلق بمحابه وم ارضوويه .فالِل تعالى يحب أولياءه وأصووفياءه .ويحب من قاع بطاعته وطاعة رسوووله .وهذا من
عماله وحكمته وحمده ،ورحمته ورضاه وسخطه ،من صفاته المتعلقة بمشي ته وقدرته.
والعصمة في ذلك :أنه يجب على المؤمن أن يثبت ما أثبته هللا لنفسه ،وأثبته له رسوله من صفات الكمال الذاتية والفعلية ،على وجه يليق بعظمة هللا وكبريائه ومجده .ويعلهلل
أن هللا ليس له ِنٌّد ،وال كفو ،وال مثيل في ذاته وأسمائه ،وصفاته وأفعاله .وهللا أعلهلل.
الحديث السابع والتسعون*
عن أنس بن مالك رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا " : ثالث ال َي ُغ ذل عليهن قلب مسلهلل :إخالص العمل هلل ،ومناصحة والة األمور ،ولزوع
جماعة المسلمين؛ فين دعوتههلل تحيط من ورائههلل" رواه مسلهلل.
قال الشو و و وويخ لو و و وومس الدين ابن القيهلل رحمه هللا :أي ال يبقى في القلب ال وال يحمل الغل مع هذه الثالثة ،بل تنفي عنه اله ،وتنقيه منه ،وتخرجه منه؛ فين القلب يغل على
الشو و و و ورهللا أعظهلل ال .وكذلك يغل على الغش ،وعلى خروجه عن جماعة المس و و و وولمين بالبدعة والض و و و ووالل .فهذه الثالثة تملؤه االً وداالً .ودواء هذا الغل واس و و و ووتخراج أخالطه ،بتجريد
اإلخالص والنصط ،ومتابعة السنة .انتهى.
أي فمن أخلص أعماله كلها هلل ،ونصووط في أموره كلها لصباد هللا ،ولزع الجماعة باالئتالف ،وعدع االختالف .وصووار قلبه صووافياً نقياً ،صووار هلل ولياً .ومن كان بخالف ذلك
امتأل قلبه من كل آفة ولر .وهللا أعلهلل.
الحديث الثامن والتسعون حقظ*
متفق عليه. " :إنما الناس كاإلبل المائة .ال تكاد تجد فيها راحلة" عن عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما قال :قال رسول هللا
()1
سورة التوبة – . 122
()2
سورة التغابن – آية . 16
الحديث التاسع والتسعون
رواه الترمذي. " :يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر" عن أنس بن مالك رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا
()1
سورة الطالق – اآلايت . 4 ، 3 ، 2
التوبة
هي اعتراف الشخص بالذنب وترك الذنوب على أكمل الوجوه وأبلغها ،وهي من ُحسن اإلسالم وكمال الدين ،والتوبة النصوح تعني الرجوع هلل تعالى ،والقيام بحقوقه ،وقال
الر ِحي ُم) َّللا يَ ْغ ِف ُر الذُّنُ َ
وب َج ِميعًا ِإنَّهُ ُه َو ا ْلغَفُ ُ
ور َّ َّللا ِإنَّ َّ َ
طوا ِمن َّرحْ َم ِة َّ ِ علَ ٰى أَنفُ ِ
س ِه ْم ََل ت َ ْقنَ ُ ِين أ َ ْ
س َرفُوا َ تعالى( :قُ ْل يَا ِعبَاد َ
ِي الَّذ َ
يُك َِف َر سى َربُّ ُك ْم أَن ع َصو ًحا ََّللا تَ ْوبَةً نَّ ُ
واإلنسان يحتاج إلى التوبة دائ ًما ألن هللا قد أمر بتوبة مخصوصة وهي التوبة النصوح ،وقال هللا تعالى( :يَا أَيُّهَا الَّ ِذينَ آ َمنُوا تُوبُوا إِلَى َّ ِ
علَى َ ِيه ْم َوبِأ َ ْي َمانِ ِه ْم يَقُولُونَ َربَّنَا أَتْ ِم ْم لَنَا نُ َ
ورنَا َوا ْغ ِف ْر لَنَا إِنَّكَ سعَى بَ ْينَ أَ ْيد ِ ي َوالَّ ِذينَ آ َمنُوا َمعَهُ نُ ُ
ور ُه ْم يَ ْ َّللاُ النَّبِ َّ جْرى ِمن تَحْ تِهَا األ َ ْنه ُ
َار يَ ْو َم َلَ يُ ْخ ِزى َّ سيِئَاتِ ُك ْم َويُد ِْخلَ ُك ْم َجنَّا ٍ
ت تَ ِ عَن ُك ْم َ
َ
ش ْيءٍ قدِير) ك ُِل َ
فضل التوبة
التوبة إلى هللا تعالى لها فضائل عديدةٌ ،منها:
الذنوب جميعًا ،فاستغفروني أغف ُر
َ والنهار ،وأنا أغف ُر
ِ يحب التوابين .للحديث القدسي عن هللا تعالى( :يا عبادي ،إنكم تُخطئون باللي ِل
ّ سبب لمحبة هللا ّ
عز وجلّ؛ فإنّ هللا ٌ -1
لكم)
سبب للعفو عن السيئات وقبول األعمال. ٌ -2
سبب للنجاة من النار ودخول الجنة. ٌ -3
سبب لنيل رحمة هللا ومغفرته.
ٌ -4
سبب في كسب الحسنات بعد السيئات. ٌ -5
صالة التوبة
َّللا -صلى هللا عليه وسلم -يَقُو ُلَ « :ما ِم ْن َر ُج ٍل سو َل َّ ِ س ِمعْتُ َر ُ َ
علمنا رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -صالة التوبة؛ فقد روى الترمذي عن أبي بَك ٍْر رضي هللا عنه ،قالََ :
ستَ ْغفَ ُروا ِلذُنُو ِب ِه ْم» َ
َّللا فا ْ َ َ َ ً
احشَة أ ْو َ
ظلَ ُموا أ ْنفُ َ
س ُه ْم ذك َُروا َّ َ َّللاُ لَهُ .ث ُ َّم قَ َرأَ َه ِذ ِه اآليَةََ « :والَّ ِذينَ ِإذَا فَعَلُوا فَ ِ َّللاِ ،إَل َ
غفَ َر َّ ط َّه ُر ،ث ُ َّم يُص َِلي ،ث ُ َّم يَ ْ
ست َ ْغ ِف ُر َّ َ يُ ْذنِ ُ
ب َذ ْنبًا ،ث ُ َّم يَقُو ُم فَيَت َ َ
(آل عمران.)135 :
ومن اآليات الدالة على فضل هللا عز وجل وتكرمه بغفران الذنوب ،وتكفير السيئات قوله عز وجل:
ما» (سورة النساء ،اآلية.)110 : ورا َر ِحي ً غف ُ ً َّللا ََّللا يَ ِج ِد َّ َ سهُ ث ُ َّم يَ ْ
ستَ ْغ ِف ِر َّ َ سو ًءا أَ ْو يَ ْظ ِل ْم نَ ْف َ« َو َم ْن يَ ْع َم ْل ُ
األمر الرابع
غ ِف َر لَهُ َما تَقَ َّد َم ِم ْن ذَ ْن ِب ِه» سا ًبا ُ سلَّ َمَ « :م ْن صَا َم َر َمضَانَ ِإي َمانًا َواحْ تِ َ علَ ْي ِه َو َ صلَّى َّ
َّللاُ َ َّللا َ
سو ُل َّ ِ الصيام سواء كان صوم تطوع ،أو رمضان ،ف َع ْن أَ ِبي ُه َري َْرةَ قَا َل قَا َل َر ُ
س ْب ِعينَ َخ ِريفًا». َّللاُ َوجْ َههُ ع َْن النَّ ِار َ َّللا َب َّع َد َّ
س ِبي ِل َّ ِ َّللا صلى هللا عليه وسلمَ « :م ْن صَا َم َي ْو ًما ِفي َ سو ُل َّ ِ س ِعي ٍد ا ْل ُخد ِْري ِ رضي هللا عنه قَالَ :قَا َل َر ُ وع َْن أَ ِبي َ
األمر الخامس
حيم» (التغابن.)14 : غفُور َّر ِ صفَ ُحوا َوتَ ْغ ِف ُروا فَ ِإنَّ َّ َ
َّللا َ التسامح والعفو ،فقال تعالىَ « :و ِإن تَ ْعفُوا َوتَ ْ
األمر السادس
سقْ َر َج َع َك َما َولَ َدتْهُ أ ُ ُّمهُ». سلَّ َمَ « :م ْن َح َّج فَلَ ْم َي ْرفُ ْث َولَ ْم َي ْف ُ علَ ْي ِه َو َ صلَّى َّ
َّللاُ َ َّللا َسو ُل َّ ِ الحج .ع َْن أَ ِبي ُه َري َْرةَ رضي هللا عنه قَالَ :قَا َل َر ُ
األمر السابع
ْ ً
س عَن ُم ْؤ ِم ٍن ك ُْربَة ِمن ك َُر ِ
ب ْ َّ َ ْ
سل َمَ :من نف َ َّ عل ْي ِه َو ََ َّللاُ َ
صلى َّ َّ َّللا َ سو ُل َّ ِ َ َ َ َ ْ
تفريج كربة عن مؤمن ،وعون الضعيف لها أجر كبير عند هللا ،فعَن أبِي ُه َري َْرة رضي هللا عنه قالَ :قا َل َر ُ
ْ
َّللاُ فِي ع َْو ِن العَ ْب ِد َما ْ ْ
َّللاُ فِي ال ُّدنيَا َواآل ِخ َر ِةَ ،و َّ ست َرهُ َّ َ س ِل ًما َست َر ُم ْ َ علَ ْي ِه فِي ال ُّد ْنيَا َو ْاآل ِخ َر ِةَ ،و َم ْن َ َّللاُ َس َر َّس ٍر يَ َّ علَى ُم ْع ِ س َر َ ب يَ ْو ِم ا ْل ِقيَا َم ِةَ ،و َم ْن يَ َّ ع ْنهُ ك ُْربَةً ِم ْن ك َُر ِ َّللاُ َ
س َّ ال ُّد ْنيَا نَفَّ َ
سونَهُ بَ ْينَ ُه ْم ،إِ ََّل نَ َزلَتْ َّللا َويَتَد َ
َار ُ اب َّ ِ َّللا يَتْلُونَ ِكتَ َ
ت َّ ِ ت ِم ْن بُيُو ِ ط ِريقًا إِلَى ا ْل َجنَّ ِةَ ،و َما اجْ تَ َم َع قَ ْوم فِي بَ ْي ٍ َّللاُ لَهُ بِ ِه َ س فِي ِه ِع ْل ًما َ
س َّه َل َّ ط ِريقًا يَ ْلتَ ِم ُسلَكَ َ كَانَ ا ْلعَ ْب ُد فِي ع َْو ِن أَ ِخي ِهَ ،و َم ْن َ
سبُهُ» (رواه مسلم). س ِر ْع بِ ِه نَ َ طأ َ بِ ِه َ
ع َملُهُ لَ ْم يُ ْ َّللاُ فِي َم ْن ِع ْن َدهَُ ،و َم ْن بَ َّ الرحْ َمةَُ ،و َحفَّتْ ُه ُم ا ْل َم َالئِكَةَُ ،وذَك ََر ُه ُم َّ شيَتْ ُه ُم َّ غ ِ س ِكينَةَُ ،و َعلَي ِْه ُم ال ََّ
األمر الثامن
سلَّ َم قالََ « :ما يُ ِص ُ
يب َ علَ ْي ِه َو َ صلَّى هللاُ َ َ َ
ب» (الزمر َ ،)10وع َْن أبِي ُه َري َْرة :ع َِن النَّبِي ِ َ سا ٍ َ
صابِ ُرونَ أجْ َر ُه ْم بِغَي ِْر ِح َ َّ
س ِعي ٍد ال ُخد ِْريِ ،فقال تعالى« :إِنَّ َما يُ َوفى ال َّ عن أبِي َ َ الصبر على الشدائد ْ
َ
َّللاُ بِهَا ِم ْن َخطايَاهُ». ش ْو َك ِة يُشَا ُكهَا ،إِ ََّل َكفَّ َر َّ َ ً َ
بَ ،وَلَ َه ٍم َوَلَ ُح ْز ٍن َوَلَ أذى َوَلَ غ ٍمَ ،حتَّى ال َّ ص ٍ ب َوَلَ َو َ ص ٍ س ِل َمِ ،م ْن نَ َ
ال ُم ْ
األمر التاسع
سلَّ َم« :أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا ،وقال بإصبعيه السبابة والوسطى» علَ ْي ِه َو َ صلَّى َّ
َّللاُ َ َّللا َ
سو ُل َّ ِ كفالة اليتيم :فقَا َل َر ُ
األمر العاشر
َ
ت أ ْظفَ ِار ِه»ج ِم ْن تَحْ ِ س ِد ِه َحتَّى تَ ْخ ُر َطايَاهُ ِم ْن َج َ سنَ ا ْل ُوضُو َء َخ َر َجتْ َخ َ َ َ
ضأ فأحْ ََ علَ ْي ِه َو َ
سلَّ َمَ « :م ْن تَ َو َّ صلَّى َّ
َّللاُ َ َّللا َ
سو ُل َّ ِ عفَّانَ قَا َل قَا َل َر ُعثْ َمانَ ب ِْن َبر الوالدين :فعَ ْن ُ
الحادي عشر
ار ْ سنَا ِ
ت َك َما تَأ ُك ُل النَّ ُ ْ
س ُد يَأ ُك ُل ا ْل َح َ
ارَ ،وا ْل َح َئ ا ْل َما ُء النَّ َ َ ُ
ص َدقَة ت ُ ْط ِف ُ
ئ ا ْل َخ ِطيئَة َك َما يُ ْط ِف ُ صالةُ نُورَ ،و ِ
الصيَا ُم ُجنَّةَ ،وال َّ سلَّ َم ،قَالَ« :ال َّعلَ ْي ِه َو َ صلَّى َّ
َّللاُ َ َّللا َ
سو َل َّ ِ الصدقةُ عن أنَ ٍس ،أنَّ َر ُ
َ َ
ب». ا ْل َح َ
ط َ