Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 84

‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫أحمد محمد النزال الشديفات‬

‫…‪…2‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬
‫اسم الكتاب‪ :‬أدب وصف أم معبد للرسول ‪ ‬كأنك تراه‬
‫اسم الكاتب‪ :‬د‪ .‬أمحد حممد النزال الشديفات‬
‫نـ ــوع الـعـمـل‪ :‬سرية نبوية‬
‫عدد الصفحــات‪84 :‬‬
‫الرقم الدويل ‪16-139-01-210813 :EBIN‬‬
‫الناشر‪ :‬دار بسمة للنشر اإللكرتوين‬
‫الطبعة الثانية‪2021 :‬م ‪1443 /‬ه‬

‫دار بسمة للنشر اإللكتروني‬

‫‪00212771814934‬‬

‫دار بسمة للنشر اإللكتروني (المغرب)‬

‫‪basma24design@gmail.com‬‬

‫المملكة المغربية‬

‫دار بسمة للنشر اإللكرتوين تقدم مجيع خدمات النشر‪ ،‬وال تتحمل أي مسؤولية جتاه احملتــو ‪،‬‬
‫ن الكاتب وحده هو املسؤول عن نتاج فكــره‪ ..‬كمــا ال أبــوص ري صــورة نشــر أو عــادة بــع أي‬
‫جــزم مــن ه ـكا الكتــاب أو اخت ـزان مادتــر بطريقــة االســرتجاع‪ ،‬أو نقلــر عل ـَ أي ــو ك ـان‪ ،‬أو ري‬
‫ريقة سوام كانت لكرتونية أو ابلتصوير أو خالف لك‪ ،‬ال مبوافقة خطية من الناشر‪© .‬‬

‫…‪…3‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫سرية نبوية‬

‫…‪…4‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫…‪…5‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫ىل كل حميب رسول هللا ‪‬‬


‫اي من نفديك رنفسنا و ريتنا‪ ،‬وآابئنا وأمهاتنا وأموالنا‪..‬‬

‫جزاك هللا خري ما جز نبيا عن أمتر‪..‬‬

‫‪‬‬

‫…‪…6‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫تعج ــز ريش ــة الفنـ ـان مهم ــا ك ــان أن تـ ـربص ص ــفات الرس ــول ص ــلَ هللا علي ــر‬
‫وسلم اخللقية واخللقية ومشائلر النبوية وصفاتر احملمدية‪...‬‬

‫وتقصــر ألفــاا البيــان دون وصــف مجالــر صــلَ هللا عليــر وســلم‪ ،‬يف حس ـن‬
‫الشكل واألخالق‪...‬‬

‫والشعرام واألدابم وأرابب اللغة قصرت مهمهم اإلحا ــة بكمالــر صــلَ هللا‬
‫علير وسلم‪ ،‬ومل يعطر حقر يف الوصف من البشر أحد أاي كان!!!‬

‫وقد وصفر رب العاملني يف حمكم التنزيل يف أمجل صورة وتكوين‪،‬‬

‫قال هللا تعاىل‪{ :‬و نك لعلَ خلق عظيم}(‪.)1‬‬

‫{فبمـا رمح ـة م ـن ان لنــت َل ـم ول ـو كنــت فظ ـا الـيب القلـب النف ـوا م ـن‬


‫حولك‪.)2(}...‬‬

‫(‪( )1‬القلم‪.)4 :‬‬


‫(‪( )2‬آل عمران‪.)159 :‬‬

‫…‪…7‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫وقال عمرو بن العاص ‪:‬‬

‫(وم ـا كن ـت أ يــق أن أم ـي عي ـه من ـر ج ـالال ل ـر‪ ،‬ول ـو س ـتلت أن أص ـفر م ـا‬


‫أ قت‪ ،‬ألين مل أكن أمي عيه منر)(‪.)1‬‬

‫وقال حسان بن اثبت رضي هللا عنر‪:‬‬

‫وأحس ــن من ــك مل ت ــر قـ ـ عي ــه ** وأمج ـ ـ ـل من ـ ـ ـك مل تل ـ ـ ـد النس ـ ـ ـام‬


‫خلق ـ ــت مـ ـ ـربأ م ـ ــن ك ـ ــل عيـ ـ ــب ** كأنـ ــك قـ ــد خلقـ ــت كمـ ــا تشـ ــام‬
‫كنت أسأل نفسي‪:‬‬

‫ملا ا كان العرب يبعثون روالدهم صغار السن ليعيشــوا يف أح ــان وكنــف‬
‫ص ـ ــحرام البادي ـ ــة را ـ ــم قس ـ ــو ا وجفو ـ ــا وقلـ ـ ـة موارده ـ ــا‪ ،‬وصايدة حـ ـ ـرارة‬
‫أجوائها؟!!‬

‫علَ خالف ما ــن عليــر اليــوم‪ ،‬فأدركــت لــك املغــز متــأخرا ولــو لشــيم‬
‫قليل!!!‬

‫أنر مل يكن ال لصقل مواهبهم‪ ،‬وسالســة ألســنتهم وفصــاحة لغــتهم وســالمة‬


‫فطر م‪ ،‬وخشونة أظفارهم وخفة أجسادهم!!!‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪.)121‬‬

‫…‪…8‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫ويف الباديــة مــو ن الفروســية وميــدان خــيلهم و بلهــم‪ ،‬فيهــا دما ــة أخالقهــم‬
‫وص ــفام أ ه ــاعم‪ ،‬وس ــعة م ــداركهم وصين ــة مـ ـرابعهم وحس ــن ص ــفا م منه ــا‪،‬‬
‫وفيها يرضعون لبان الشهامة والكرامة ويستنشقون هــوام الصــحة ويعملــون‬
‫علَ االستقامة‪ ...‬حيا م سهلة دون تعقيد!‬

‫في ــرت أبن ــا هم يف أح ــاعا فينش ــأ الول ــد فص ــيي اللس ــان‪ ،‬ق ــوي املـ ـرا ‪،‬‬
‫الباديــة ســاحة‬ ‫فــار الفرســان‪ ،‬بعيــدا عــن األم ـراو واألوبتــة واخلمــول‬
‫ومدرسة معروفة ابلطيــب والنقــام وقلـة الر وبــة وعكوبــة املــام وســالمة اللغــة‬
‫والغكام‪...‬‬

‫فهــكا الرشــاقة واخلف ـة ودقــة اخلص ـر وقلــة الس ـمن مــن صــفات أهــل الباديــة‬
‫فتجد جسمر قد رشيق‪...‬‬

‫وك ــل ص ــفة م ــن ه ــكه الص ــفات أع ــاله ه ــي عن ــوان َل ــم يف الك ــرم والطي ــب‬
‫فجمعوا بني‪:‬‬

‫اخليل والليل والبيدام‪ ...‬والسيف والقر ا والقلم‪...‬‬

‫فصااوا لغة البيان‪...‬‬

‫وهككا نزل عليهم عجاص القرآن‪...‬‬

‫…‪…9‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫يف ه ــكا الص ــفام والنق ــام و ه ــارة الث ــر وصرق ــة الس ــمام يف ومه ــا وقمره ــا‬
‫وايومها وبروجها‪...‬‬

‫ويف وض ــي النه ــار يف بي ــدام منقطع ــة النظ ــري ملتهب ــة اَلج ــري خي ــدعك فيه ــا‬
‫الس ـ ـراب مـ ــع حركـ ــة الكثبـ ــان الرمليـ ــة و رات ابـ ــار عواصـ ــف الصـ ــحرام‬
‫الرملية‪...‬‬

‫كانت بداية ريــق اَلجــرة النبويـة يف هــكا اَلجــري واملســافة املنقطعــة النظــري‬
‫مش ــيا عل ــَ األق ــدام ال م ــن راحل ــة واح ــدة‪ ،‬ودلي ــل واح ــد مش ــرك عـ ـرف‬
‫مسالك و ريق الصحرام فهي حبر جلي‪ ،‬ومطيــة وقلـة صاد وشــيم مــن املــام‪،‬‬
‫ومع سحابة نوره صلَ هللا علير وسلم نور سا ع وأشرق هداية تطــل علــَ‬
‫أرجام املدينة املنورة يسبقها شعاع وضيام هدايتر وقــد اطـَ أ ــام املعمــورة‬
‫كلها رمحة للعاملني كافة‪...‬‬

‫وحديثر صلَ هللا علير وسلم يرتدد صداه يف األفق‪:‬‬

‫{ليـ ـبـلغن ه ــكا األم ــر م ــا بل ــا اللي ــل والنه ــار‪ ،‬وال ي ــرتك هللا بي ــت م ـدر‪ ،‬وال‬
‫وبر‪ ،‬ال أدخلر هللا هكا الدين‪.)1(}...‬‬

‫(‪ )1‬صححر احلاكم‪.‬‬

‫… ‪… 10‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫ومــن بــني فجــاج جزيــرة صــحرام العــرب وشــوا تها الرمليــة يظهــر لــك مــن‬
‫بعيــد يف وســطها الفســيي خيمـة أم معبــد وحــدها يف لــك املكــان بــني مكـة‬
‫املكرمة واملدينة املنورة ابلقــرب يف قريــة قديــد تبعــد عــن مكـة مائــة ونيســني‬
‫كيل ــو تقريب ــا مش ــاال‪ ،‬حي ــن ن ـ ك ــل اري ــب أو ري ــد أو ع ــابر س ــبيل‬
‫انقطع بر الطريق ىل واحة أمان ليتــزود مــن تلــك اخليمــة ابلطعــام والشـراب‬
‫ن وجد ولو نزر قليل‪ ،‬ويستظل من حر اَلجري‪ ،‬ولو لشيم قليل‪...‬‬

‫ومــن هنــا كانــت ريــق هجــرة الرســول صــلَ هللا عليــر وســلم وبنزولــر ظلـت‬
‫اخليم ــة الربك ــة واش ــيتها الرمحـ ـة وتنزل ــت عل ــَ أركاع ــا السـ ـكينة ك ــل ل ــك‬
‫بقدوم احلبيب املصطفَ صلَ هللا علير وسلم!‬

‫وبــني هــكا و اك وعنــد الوصــول ســلم رســول األ م علــَ أهــل لــك املكــان‬
‫فأ ر حولر بنوره و هارتر الزمان واملكان‪...‬‬

‫مــن هــكه تلــك املـرأة الــأ ســيأخكك حــديثها املمتــع حــول صــفات الرســول‬
‫صلَ هللا علير وسلم بكل دقة وحكمة؟‬

‫فبانت من أ راف اخليمة امـرأة عفيفـة عاقلـة شـريفة يف ق ـوة وصـالبة جفــام‬
‫البيدام‪...‬‬ ‫البادية مالحمها مسرام لفحتها مش‬

‫وممشوقة كرمي يف كنانة أو سهم كعود اصن البان!‬

‫… ‪… 11‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫كـ ــل لـ ــك يـ ــدل علـ ــَ أعـ ـا متلـ ــك هنـ ـا صـ ــافيا كصـ ــفام مسـ ــام الصـ ــحرام‬
‫ونقائها‪...‬‬

‫ومــا أن رأت أنــوار وجــر النــيب حممــد عليــر الصــالة والســالم ت ـتيأل ال وقــد‬
‫تـفتـقت قرحيتها وسجلت يف اكر ا صورة األوصاف النبوية‪..‬‬

‫ف ـ ا ه ــي أديب ــة راوي ــة تع ــرف ابألنس ــاب واألحس ــاب والص ــفات‪ ،‬كي ــف ال‬
‫وهي عربية من أهل أصفَ أهل البادية وحاضر ا‪...‬‬

‫فهي متلك لسا يقطر شهد الفصاحة والبيان والرصــانة والرصانــة والراجحــة‬
‫يف العقل دون اخليال!‬

‫فرحبــت حاَلــا ومقاَلــا ابلرســول وصــحبر الكـرام‪ ،‬بكــل أدب وحشــمة وكــرم‬
‫أخالق ووقار واحرتام‬

‫قالت مرحبة بوفد الرسول صلَ هللا علير وسلم‪ :‬حللتم أهال وجتــتم ســهال‬
‫ضيفا كريا تسعك قلوبنا ومقلنا قبل خيمتنا املتواضعة!‬

‫هل تعرف من تكون هكه؟‬

‫أو مسعت هبا من قبل لك؟؟؟‬

‫بعا الكثري قرأ السرية النبوية فعلم من هي‪،‬‬

‫… ‪… 12‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫عا أم معبد اخلزاعية أخت الصحايب حبيش الكعيب رضي هللا عنر‪.‬‬

‫فقد اختارت خيمتها يف كبد الصحرام حمطة النزالم‪،‬‬

‫وه ـ ــي املعروف ـ ــة بص ـ ــاحبة الش ـ ــويهات العج ـ ــاف الل ـ ــوا أص ـ ــاهبن القح ـ ـ‬
‫واجلدب واَلزل من قلة الطعام يف سنة شهبام‪...‬‬

‫وقد حلت عليهن بركة الرسول صــلَ هللا عليــر وســلم فتفــتقن لبنــا شــبعا يف‬
‫اري وقتر وحينر‪....‬‬

‫{‪...‬ما هكه الشاة اي أم معبد؟‪}...‬‬

‫ويدور احلدين التــايل الطيــب الكــرم بــني الرســول املهــاجر صــلَ هللا عليــر‬
‫وسلم‪ ،‬وأم معبد اخلزاعية وهو حدين ريف خفيف لطيف كصاحبر‪.‬‬

‫ي ــر ص ــلَ هللا علي ــر وس ــلم يف صاوي ــة اخليم ــة تقب ــع ش ــاة ض ــعيفة هزيل ــة ق ــد‬
‫أعياها التعب واجلوع فأقعدها دون حراك‪ ،‬لفــت نظــره لــك‪ ،‬يف خيمــة قــد‬
‫خلــت مــن كــل مقومــات احليــاة ال مــن هــكه الشــاة العجفــام‪ ،‬الــأ ال تثــري‬
‫االهتمام من أحد ال منر علير الصالة والسالم!‬

‫يشاهدها الرسول صلَ هللا علير وسلم‪ ...‬وقد دقق فيها ويف حاَلا؟‬

‫فقال صلَ هللا علير وسلم‪« :‬ما هكه الشاة اي أم معبد؟»‬

‫… ‪… 13‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫سؤال مستفهم ومستغرب عن وجود شاة واحدة يف اخليمة!‬

‫قالت‪ :‬شاة خلفها اجلهد‪ ،‬عن الغنم‪...‬‬

‫جواب ودليل مقنع عن حالة الشاة ال عيفة وسبب ختلفها عن القطيع‪...‬‬

‫قال‪« :‬هل هبا من لَب؟»‬

‫قالت‪ :‬هي أجهد من لك‪...‬خمتصر مفيد‪ ،‬مقاَلا يفيد من أين َلا اللَب؟‬

‫قال‪« :‬أَت نني يل أن أحلبـها؟»‬

‫عليـ ــك الصـ ــالة والسـ ــالم اي رسـ ــول هللا كيـ ــف تعلمنـ ــا اسـ ــتتكان صـ ــاحب‬
‫احلاجة‪،‬‬

‫ســؤال لطيــف عــن حــال الشــاة الــأ قــد أقعــدها اجلهــد وال ــنك والتعــب‬
‫ابلل ــَب ل ــعف حاَل ــا وقلـ ـة حيلته ــا‪ ،‬امل ــا ال ل ــَب فيه ــا‬ ‫واَلـ ـزال وال ت ــب‬
‫َت نــني يل أن أحلبهــا بــرهن لكــل نســان أن بركــة الرســول قــد حلــت علــَ‬
‫هكه الشاة العجفام‪...‬‬

‫قالت‪" :‬ريب أنت وأمي‪ ،‬ن رأيت هبا حلبا فاحلبـها"‬

‫عرو يف استغراب وتعجب وعدم ممانعة بطريقة ممتعة‪.‬‬

‫… ‪… 14‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫اي ســالم مــا أحلــَ كالمهــا "ريب أنــت وأمــي" أفــديك هبمــا دعــوة مجيلــة ملــا‬
‫ملست من يب أخالقر‪،‬‬

‫فقال ــت‪ :‬أ ال أر هب ــا لبن ــا ال ن رأي ــت أن ــت هب ــا حلبـ ـا فاحلبه ــا ف ــاألمر‬
‫مرتوك لك‬

‫لنتابع وننظر اآلن ما ا سيفعل صلَ هللا علير وسلم‪...‬‬

‫‪ -‬فدعا هبا رسول ان صـلَ ان عليـر وسـلم ‪-‬أي قــرب الشــاة ليــر‪ -‬أول‬
‫الربكات القرب منر صلَ هللا علير وسلم‬

‫‪ -‬فمسي بيده ضرعها‬

‫متابعة حثيثة مع الرسول صلَ هللا عليــر وســلم وفعلــر فمســي ضــرعها بيــده‬
‫الش ـريفة املبارك ــة‪ ،‬ح ــرك علي ــر الص ــالة والس ــالم اس ــتعداد ال ــرع مل ــا ه ــو‬
‫مطلوب منر رمر هللا‪...‬‬

‫‪ -‬ومسَ ان تـعاىل‬

‫تص ــور أيه ـا املس ــلم ك ــم للتس ــمية م ــن أ ــر وبرك ــة ف ــال تنس ــَ ل ــك يف ك ــل‬
‫أحوالك وأقوالك و هابك و ايبك‪...‬‬

‫‪ -‬ودعا َلا يف شا ا‬

‫… ‪… 15‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫من قدم اخلري لك وأحسن فال تنسَ أن تشــكره وتــدعو لــر أقــل القليــل يف‬
‫أهلر ومالــر وولــده ومتاعــر حــل تعلــم أنـك أوفيتــر حقــر هــكا مــا أبلــب احملبــة‬
‫والسرور والبهجة والرضَ يف النفو ‪...‬تعاليم نبوية شريفة مرضية‪..‬‬

‫‪ -‬فـتـفاجت علير‬

‫تـفاجت أي فـتحت وابعدت بني رجليهــا اســتعدادا حللبهــا‪ ،‬أحســت الشــاة‬


‫بوجود اللَب يف ضرعها فتهيتة للحلب‪...‬‬

‫كــل هــكا الفعــل قــام بــر صــلَ هللا عليــر وســلم ومل يقــم بــر أحــد ســواه مــن‬
‫صـ ــحبر‪ ،‬وعلـ ــَ مـ ـرأ مـ ــنهم ومـ ــن وأم معبـ ــد وهـ ــي تتـ ــابع وتشـ ــاهد بكـ ــل‬
‫استغراب!‬

‫‪ -‬ودرت‪ ،‬فاجرتت‬

‫بداايت الربكة درت وامتي ال رع لبنا‪ ،‬وكأعا شاة مرعَ فدبت فيها حيــاة‬
‫االجرتار وهي عادة الطعام من كرش الشاة مل غر مــرة أخــر وهــو خــاص‬
‫ابلغنم واريها من األنعام‪ .‬وهكا أكرب دليــل علــَ الشــبع وحركــة احليــاة بعــد‬
‫جفاف جوفها وضرعها معا‪ ،‬وها هي أمامك جتــرت دلــيال آخــر علــَ عجــاص‬
‫الربكة‪...‬‬

‫… ‪… 16‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫اآلن اكتمل ــت ص ــورة احلي ــاة املبارك ــة و يت ــة الش ــاة للحلي ــب بربك ــة احلبي ــب‬
‫صلَ هللا علير وسلم والقوم ينظرون وينتظرون بركة السقيا‪...‬‬

‫الره‬ ‫‪ -‬فدعا ِب م يـرب‬

‫معن ــاه يس ــقي‬ ‫دع ــا ص ــلَ هللا علي ــر وس ــلم ِب م ي ــع احللي ــب في ــر‪ ،‬أرب ـ‬
‫الره حل يروهم‪ ،‬والره من الثال ة ىل التسعة‪ .‬وكان مع الرسول عليــر‬
‫الصالة والسالم‪ ،‬أبو بكر رضي ان عنر‪ ،‬وموىل أيب بكـر عـامر بـن فـهـرية‪،‬‬
‫ودليلهمـ ـا الليثـ ـي عبـ ـد ان بـ ـن أريقـ ـ وأم معب ــد وصوجه ــا‪ ...‬والغائ ــب أب ــو‬
‫معبد‪.‬‬

‫‪ -‬فحلب فير جا‪ ،‬حل عاله البـهام‬

‫فحلب فيــر جـا أي تــدفق وتتــابع نــزول اللــَب مــن ال ــرع ازيــرا كثــريا حــل‬
‫علتر الراوة البي ــام فهــو منظــر مجيــل ولــر صــوت خشيشــة لطيفــة خفيفــة‬
‫هي األمجل‪.‬‬

‫ويكفي أنـر قــد خالطتــر بركتــر صــلَ هللا عليــر وســلم فقــد أختلــف عــن اــريه‬
‫من اللَب فهو مبارك بربكة دعام الرسول صلَ هللا علير وسلم‬

‫‪ُ -‬ث سقاها حل رويت‬

‫… ‪… 17‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫ه ــا ه ــي األخ ــالق والرتبي ــة والتعل ــيم احلك ــيم تتجل ــَ س ــبحان هللا م ــا أحل ــَ‬
‫أدبر!‬

‫بدأ علير الصالة والسالم رم معبد صاحبة الشاة اَلزيلة لرييها قدرة هللا‪،‬‬

‫وتكوق عم اللَب مــن ضــرع شــا ا ال ــعيفة‪ ،‬أي تكــرم هــكا اي رســول هللا!‬
‫سقاها بداية حل رويت تكريا َلا ال كرم ال مثيل لر وال وصيف‪...‬‬

‫مل يشــرب علي ــر الص ــالة والس ــالم فق ــد ب ــدأ بغ ــريه‪ ،‬وه ــكا ه ــو رس ــول هللا اي‬
‫مسلمني يؤ ر علَ نفسر رام حاجتر حل ينالوا من بركتر!‬

‫‪ -‬وسقَ أصحابر حل رووا ‪..‬‬

‫مكرمة اثنية وهبة ومندوحة رفيعة سقَ أصحابر بعد أم معبد‪...‬‬

‫حل رووا اي رسول هللا نعم حيق لنا بعد هكا كلر واريه منك أن نفتيــر بــك‬
‫أننا من أتباع هكا النيب صلَ هللا علير وسلم‪،‬‬

‫أمل يــدعو علي ــر الص ــالة والســالم ألمت ــر؟ فف ــي احلــدين‪ ..." :‬فـرف ـع يدي ـر‬
‫وقال‪ :‬اللهم أمأ أمأ‪"...‬‬

‫هللا هللا كم لك علينا ف ل اي رسول هللا؟‬

‫‪ -‬وشرب آخرهم حل أراضوا‬

‫… ‪… 18‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬
‫أدب رفيع أن أ ر علَ نفسر صلَ هللا عليــر وســلم بــدأ رم معبــد ُث رفاقــر‬
‫وشرب عن آخرهم‪....‬‬

‫وكــرروا الشــرب مــرة تلــو املــرة حــل أراضــوا واكتفــوا‪ ،‬والــروو ال يســمَ‬
‫روضا ال ما كان فير مام وارتوام واكتفام وهككا كان ره الرسول أراضوا‬
‫مجيعا‪...‬‬

‫‪ُ -‬ث حلب فير الثانية علَ هدة حل مي اإل م‬

‫اريــب أن حل ـب مــرة اثنيــة صــلَ هللا عليــر وســلم الــرام مــن ارتــوام القــوم‬
‫واكتفائهم من شرب اللَب ‪...‬‬

‫هــكه احللبــة وصــفت أع ـا كانــت علــَ هــدة ومتهــل حــل مــي اإل م‪ ،‬مالئــر‬
‫ألهــل بيــت أم معبــد نظ ـرا لغيــاب ابــو معبــد لينــال حــال ح ــوره بركــة كــرم‬
‫النــيب صــلَ هللا عليــر وســلم الــأ ال توصــف فهــي ابقيــة دائمــة ألهــل تلــك‬
‫اخليمة‪...‬‬

‫لنتعلم من هكا الفعل‪ ،‬من أحسن ليك رد لر اجلميل والتكــرم ولــو بكلمــة‬
‫أو بشــيم بســي تشــعره ابلفرحــة حــل يثــه عليــك ابخلــري فتفرحــر وتــدخل‬
‫السرور علَ نفسر‪...‬هككا علمنا حبيبنا حممد صلَ هللا علير وسلم‬

‫وهكا ما دعت بر أم معبد عندما جامها صوجها من املرعَ ورأ الربكة‪،‬‬

‫… ‪… 19‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫قالت‪ " :‬ال أنر مر بنا رجل مبارك"‪.‬‬

‫‪ُ -‬ث اادره عندها‬

‫ها هي الــزايرة قربــت أن تنتهــي للييمــة الــأ حفتهــا الربكــة وأهلهــا وهــا هــو‬
‫علير الصالة والســالم يهــم ابلرحيــل واملغــادرة ــو املدينــة املنــورة‪ ،‬ومــا بقــي‬
‫ال االس ـ ــتعداد وال ب ـ ــد للمس ـ ــافر أن يغ ـ ــادر وي ـ ــرتك أ ـ ــرا يب ـ ـا يف نف ـ ــو‬
‫مستقبلير ومودعير ولو اببتسامة أو شارة حمبة‪ ،‬ويكفي بركتر عليــر الصــالة‬
‫والسالم الأ اطت املكان والزمان وأحيت املرعَ واحليوان‪...‬‬

‫‪ُ -‬ث ابيـعها‬

‫ابيعهــا الرســول صــلَ هللا عليــر وســلم علــَ الرســالة‪ ،‬الــأ هــاجر مــن أجلهــا‬
‫‪...‬‬

‫و ال علَ ما ا سيبايعها؟‬

‫فاملبايعــة ال تكــون ال علــَ االتبــاع لــدين هللا‪ ،‬فتوادعــا وافرتقــا علــَ لــك‬
‫وهللا أعلم‪...‬‬

‫‪ -‬وارَتلوا عنـها‬

‫… ‪… 20‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬
‫الرحيــل يــكان ابملغــادرة فقامــت القافلــة برفقــة قائــدها لتكمــل املســرية ــو‬
‫املدينة املنورة‪....‬‬

‫فقصة الشاة اَلزيلــة الــأ دبــت فيهــا احليــاة بربكــة رســول هللا صــلَ هللا عليــر‬
‫وس ــلم ممتع ــة ج ــد ا وم ــؤ رة ب ــكات الوق ــت وفيه ــا ع ــرب وتربي ــة وخل ــق وتعل ــيم‬
‫وحكمة وفائدة لك وملن راب ابالقتدام بر علير الصالة والسالم‪،‬‬

‫عجاص رابين أبرير هللا علَ يدي الرسول عليــر الصــالة والســالم‪ ،‬تتغــري فيــر‬
‫هكه الشاة اَلزيلة ال عيفة وتظهر حبالة ممتاصة خالف ما كانت علير!‬

‫كــل لــك بربكــة رســول هللا صــلَ هللا عليــر وســلم‪ ،‬فقــد دعــا ابلشــاة بلطفــر‬
‫ب ــر صـ ـلَ هللا علي ــر وس ــلم م ــن‬ ‫املعه ــود‪ ،‬وق ــد أنس ــت ل ــر‪ ،‬وم ــن ال نـ ـ‬
‫امليلوقـ ــات! ُث بلمسـ ــة حنـ ــان علـ ــَ ضـ ــرعها احلـ ــاف اجلـ ــاف‪ ،‬وابسـ ــم هللا‬
‫وقدرتر وكرامة لنبير دبت فيها احلياة وَترك اللَب ســائغا مــن بــني فــر ودم‬
‫لكة للشاربني‪ ،‬علَ الرام من جفاف ضرعها وقلة حيلتها‪.‬‬

‫هكه الربكة والتمكني من سيد ولد آدم علير الصالة والسالم هو لنــا تعلــيم‬
‫حســان فــيمن قــدم لــك نعمــة أو خدمــة حــل ولــو كانــت مــن تلــك‬ ‫ودر‬
‫العجماوات الأ سيرها لنا رب العاملني‪.‬‬

‫‪‬‬

‫… ‪… 21‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫كلنــا يعلــم مــا كانــت عليــر حــال أم معبــد مــن فقــر وعــوص وحاجــة وفاقــة يف‬
‫صحرام منقطعة ملتهبــة احلـرارة‪ ،‬وكــان هــكا املــرور املبــارك علــَ اــري ميعــاد‪،‬‬
‫ومـ ــا يف اخليمـ ــة ال أم معبـ ــد وحـ ــدها‪ ،‬وصوجهـ ــا يرعـ ــَ أعنـ ــزا َلمـ ــا يف كبـ ــد‬
‫الصحرام‪ .‬وعلَ حني ارة ويف اياب أبو معبد‪ ،‬نــزل هبــا ركــب النـيب صــلَ‬
‫هللا علير وسلم وصحبر‪:‬‬

‫"فس ـألوها حلم ـا ومت ـرا ليش ـرتوه منـه ـا فـل ـم يص ـيبوا عن ـدها ش ـيـتا م ـن ل ـك‪،‬‬
‫وكان القوم مرملني مسنتني"‪.‬‬

‫يظهــر علــَ حــاَلم اجلــوع وقل ـة ال ـزاد والعطــش وقــد نفــك مــن عنــدهم املــام‬
‫والزاد‪ ،‬وأ ـر فــيهم الســفر و ــول املســافة‪ ،‬وأعكهــم التعــب‪ ،‬ضــافة جلــدب‬
‫الصحرام وصعوبة حاَلا؟‬

‫فـ ا هبـكه اخليمــة البســيطة يف قلــب الصــحرام تعــد حمطــة تزويــد علــَ ريــق‬
‫مكة املكرمة واملدينة املنورة علَ الرام من قلة الب اعة وشدة احلاجة‪.‬‬

‫وبع ــد وص ــول الرك ــب املب ــارك وَتدي ــة واج ـب ال ــيافة م ــن أم معب ــد ارَت ــل‬
‫الرسول صلَ هللا علير وسلم فقد كان مقدمر خري وبركة علَ مرابعها‪.‬‬

‫… ‪… 22‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫"فـقل ما لبثت حل جامها صوجها أبو معبد"‬

‫أي ما لبثت أن انتهت من واجب ال يافة للرسول الكرم وأرَتــل مغــادرا‪،‬‬


‫حــل قــدم صوجهــا أبــو معبــد للتــو مــن لــب صــحرام شــهبام قاحلــة‪ .‬يعــه مل‬
‫يلتقيا الرسول وصحبر مع أبو معبد‪...‬‬

‫وكانت مهنة ومهمة أبو معبد الرعي "يسوق أعنـزا عجافا"‪ ،‬أعنــزا عجافـا‪:‬‬
‫يع ــه عموع ــة قليل ــة م ــن امل ــاعز ح ــاَلن ه ـزيالت ال حل ــم عل ــيهن وال ش ــحم‬
‫عبارة عن صورة وخيال دليل القح وقلـة الطعــام‪ .‬فمــا هــن رحســن حــال‬
‫من شاة اخليمة الأ كرت آنفا‪...‬‬

‫حاَلن " يـتساوكن هزاال‪...‬؟"‬

‫يتساوكن أي يتمايلن األعنز حبركة بطيتة من ال عف واَلزال والعجز‪...‬‬

‫خمهن قليل‪ "...‬ضعف عام ظاهر من سوم وقلة علف ومرعَ‪"...‬‬

‫هكه صفات أعنز أبو معبد من ال عف واَلزال الأ يرعاها فكيــف ابلشــاة‬
‫العاقبــة بــدون مرعــَ وال علــف الــأ حلبهــا صــلَ هللا عليــر وســلم؟ معجــزة‬
‫فقد درت وحلبت بقدرة هللا‪،‬‬

‫… ‪… 23‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫ن من حق أيب معبد حينما رأ اللَب يف بيتــر أن يســتغرب فلــم يعهــده أو‬


‫يتوقعر من شاة تركها يف اخليمة وقــد أقعــدها ال ــعف عــن املشــي للمرعــَ‪،‬‬
‫فمن ابب أوىل أال َتلب‪،‬‬

‫ن من أين كان هكا اللَب؟؟؟‬

‫"فـلما رأ أبو معبد اللَب أعجبر"‬

‫من حقــر أن يعجــب‪ ،‬مــن بعــد تعــب وجــوع أضــناه فــال عــام وال شـراب لــر‬
‫سواه‪ ،‬مفاجأة وبشر لر بربكة الرســول صــلَ هللا عليــر وســلم‪ ،‬وهــكا حــال‬
‫ك ــل نس ــان يفاج ــأ رم ــر م ــا مل يك ــن يتوقع ــر مبث ــل ه ــكا األم ــر‪ ،‬وه ــو رش ــد‬
‫احلاجة لير‪ ،‬ومنقك حياتر يف أرو خالية دوية‪...‬‬

‫وملا ال يعجبر لك اللَب املبارك‪.‬‬

‫فقال أبو معبد‪" :‬من أين لك هكا اللَب اي أم معبد؟"‬

‫تصور حالة نسان يسأل هكا السؤال‪ ،‬لوال احلاجة الشديدة ما سأل‪،‬‬

‫بقطــرة لــَب وال‬ ‫سؤال موجر منر ألم معبد مستغراب فير املا الشاة ال تنب‬
‫تكهب مرعَ فمن أين هكا اخلري كلر!!‬

‫وهو يعرف الشام عاصب حائل‪ ،‬وال حلوب يف البـيت؟‬

‫… ‪… 24‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬
‫اري هكه العاصب هي الأ مل ينزو عليها فحل وعــادة يكــون اللــَب علــَ أ ــر‬
‫احلمــل والــوالدة والشــاة عــاجزة‪ ،‬فكيــف َتلــب مــن كانــت هــكه صــفا ا؟!‬
‫فبقيت علَ حاَلا حائل اري حامل وهكه حاَلا كما هو معروف لــد أهــل‬
‫البادية‪...‬‬

‫فقالت أم معبد‪ :‬وأ أشــد منــك اســتغرااب وأعــرف شــا ال ولــد َلـا وعــاصب‬
‫حائل وال يوجد اريها يف اخليمة وما هو الكي تتصــوره أو تتوقعــر مــن تلــك‬
‫الشاة العاجز‪..‬‬

‫فالسر ما قالت ورأت أم معبد‪....‬‬

‫قالت‪:‬‬

‫"ال وان ال أنر مر بنا رجل مبارك من حالر ككا وككا"‪...‬‬

‫انكش ــف الس ــر أليب معب ــد فم ــا ا عس ــاه يق ــول ن؟‪ ،‬أو م ــا ا تتوق ــع أن‬
‫يسأل‪...‬؟‬

‫وه ــل س ــؤالر وحديث ــر م ــع أم معب ــد بع ــد أن اق وش ــرب م ــن برك ــة الل ــَب‬
‫فأعجبر لكة الطعم والسقيا فارتو كغريه؟‬

‫جواب ــر و لب ــر أن يع ــرف أوص ــاف ه ــكا الرج ــل املب ــارك ص ــاحب‬ ‫واآلن‬
‫معجزة اللَب ‪...‬‬
‫… ‪… 25‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫فهل يعرفر أو ال يعرفر مطلقا ن وصف لر ننظر؟‬

‫سأل أم معبد "قال‪ :‬صفير يل اي أم معبد"‪.‬‬

‫لنرتكهما معا ونكهب‪...‬‬

‫ولنتككر يف برهة قصرية أن الشاة قد اجرتت وأربـعت بربكــة النــيب صــلَ هللا‬
‫علي ــر وس ــلم م ــن ا ــري ربي ــع‪ ،‬وتـفاجـ ـت ب ــني رجليه ــا‪ ،‬ودرت ض ــرعا ممل ــوما‬
‫الــره فحلـب فيــر جـا‬ ‫ابحلليب‪" ،‬فدعا صلَ هللا علير وسلم ِب م ي ـرب‬
‫حل عاله البـهام‪"...‬‬

‫ن خـ ـريات حس ــان يب ــات متتالي ــات‪ ،‬فالش ــويهات ه ــن ه ــن م ــا ج ــر‬
‫علــيهن يف حــاَلن املعهــودة شــيتا ســو الربكــة‪ ،‬وبســبب مــرور هــكا الرجــل‬
‫أي رجل آخر‪...‬‬ ‫املبارك تلك الداير‪ ...‬ولي‬

‫قالــت أم معبــد‪ :‬نـا رجــل مبــارك ترافقــر الربكــة والتكــرم مــن خــالل متــابعأ‬
‫ومشاهد ملا حصل علَ يدير‪...‬‬

‫وه ــو دلي ــل العناي ــة الرابني ـة لص ــاحب اَلج ــرة النبوي ـة ال ــكي َتفـ ـر الرعاي ــة‬
‫الرابنية { ال تنصروه فقد نصره هللا‪.}...‬‬

‫… ‪… 26‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫مــن خــالل هــكه األخبــار واألفعــال املرئيــة واملســموعة‪ ،‬كانــت آاثر النعمــة‬
‫ما ل ــة أليب معب ــد وكل ــر أ ن ص ــااير بلهف ــة وش ــوق أن ي ــر ص ــاحب تل ــك‬
‫من صفاتر‪ ...‬فسارع بطلبر متشوقا؟‬ ‫الربكات أو علَ القليل يعرف بع‬

‫فقال‪" :‬صفير يل اي أم معبد"‪...‬‬

‫وسنلتقي مع أم معبد وأدب الوصف لرسولنا الكرم صلَ هللا علير وسلم‬

‫وهكه فائدة لنا ولغــري يف معرفــة صــفاتر ومشائلــر وبركاتــر وحركاتــر صــلَ هللا‬
‫علير وسلم و يبة أخالقر احلميدة‬

‫وقد جامت أم معبد بوصف وضعت فير كافة نقوش أدب الوصــف الــكي‬
‫يعجز عنر أهل البيان‪...‬‬

‫و ن كنـ ــت أيهـ ــا الكـ ــرم بشـ ــوق انتظـ ــر مـ ــع أم معبـ ــد َتـ ــد ك عـ ــن تلـ ــك‬
‫األوصاف والصفات العكبة‬

‫‪‬‬

‫… ‪… 27‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫بنام علَ لب أبو معبد ومبا عهده من بالاة صوجتر‪...‬‬

‫قال‪ :‬صفير يل اي أم معبد‪...‬‬

‫فج ــامت ردب الوص ــف عل ــَ ع ــق فطر ــا وس ــليقتها البدوي ــة وف ــق لغته ــا‬
‫العربية األصيلة‪ ،‬وأدب الوصف فن مــن فنــون االتصــال األديب‪ ،‬ويســتيدم‬
‫يف تصوير املشاهد وتقدم الشيصيات الكرية‪،‬‬

‫وه ــو أس ــلوب ف ــه أديب ي ــدل عل ــَ ق ــدرة الواص ــف عل ــَ جتس ــيد ص ــفات‬
‫املوصوف وتقييمر وتقدير رسلوب ودقة دقيقة متناهية للســامع أو القــار‬
‫فكأنك تشاهده وتتابع أوصافر بشوق وَلفة ملعرفــة التفاصــيل بصــدق دون‬
‫مداهنة‪.‬‬

‫فهــا هــو أبــو معبــد يعــود ىل خيمتــر كعادتــر مــع قطيعــر املوصــوف املعــروف‬
‫آنفا‪...‬‬

‫فب ـ ــدأت أم معب ـ ــد بعفوي ـ ــة دون تكل ـ ـف فيم ـ ــا رأت م ـ ــن الص ـ ــفات النبوي ـ ـة‬
‫املوهوبــة لرســول البش ـرية صــلَ هللا عليــر وســلم وقــد أجــادت يف توصــيف‬
‫أدق التفاصــيل وحشــدت مــن األلفــاا أحســنها‪ ،‬ومــن املعــاين أمجلهــا‪ ،‬ومــن‬

‫… ‪… 28‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫العبــارات أقصــرها‪ ،‬ومــن اإلأبــاص أمتعــر‪ ،‬ونطقــت رعــكب الكــالم ممــا يعجــز‬
‫عن اإلتيان بر أرابب البيان حقيقة ال خيال‪...‬‬

‫و تيــك يف آخــر الزمــان مــن يقــول لــك ايك ُث ايك مــد و كــر صــفات‬
‫رسولك الكرم مبثــل مــا وصــفتر بــر أم معبــد فقــد وصــفت شيصــية الرســول‬
‫صلَ هللا علير وسلم ومعاملر ومالحمر ومشائلر ردق األوصــاف‪ ،‬وصــفا حمببـا‬
‫للنفــو خاصــة ملــن تعلــق قلبــر ابحلبيــب حممــد صــلَ هللا عليــر وســلم الــكي‬
‫أنقك البشرية كاملة‪...‬‬

‫وق ــد أج ــادت أم معب ــد ابلوص ــف والتوص ــيف وأر أن امل ـرأة أج ــدر وأق ــدر‬
‫معهــا ونســمع تلــك‬ ‫علــَ هــكا مــن الرجــل وأدق لنبــدأ مــع أم معبــد و لـ‬
‫األوصاف‪:‬‬

‫فقالت‪" :‬رأيت رجال ظاهر الوضامة‪"...‬‬

‫الكـ ــالم موج ـ ـر للبش ـ ـرية مجعـ ــام مـ ــن خـ ــالل لـ ــب أيب معبـ ــد ليوصـ ــاف‬
‫احملمدية‪،‬‬

‫واإلجاب ـ ــة‪ :‬قال ـ ــت‪ :‬رأي ـ ــت رج ـ ــال يف منته ـ ــَ الرجول ـ ــة واحلس ـ ـن والنظاف ـ ـة‬
‫والبهج ـة والراتبــة‪ ،‬هــكه هــي الوضــامة واإل رة الــأ تشــع مــن أنــوار وجهــر‬
‫صلَ هللا علير وسلم‪ .‬ال من أحد اريه‪...‬‬

‫… ‪… 29‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫"أبـلق الوجر‪"...‬‬

‫كالبدر السا ع املشرق فالوجر عادة ما يوجر بــر اإلنســان اــريه‪ ،‬فـ ن كــان‬
‫حســنا كمــا هــي صــفات وجهــر صــلَ هللا عليــر وســلم مشــرقا كالبــدر املطــل‬
‫بنوره علَ الكون‪ ،‬ومسفر ظاهر اجلمال ال ي اهير أحد من امليلوقات‪.‬‬

‫"حسن اخللق‪"...‬‬

‫عليــك صــالة ريب اي رســول هللا‪ ،‬صــفاتك وتقاســيم جســدك مــن أحســن مــا‬
‫خلق هللا من خلقر!‬

‫وأحس ــن من ــك مل ت ــر قـ ـ عي ــه ** وأمج ـ ـ ـل من ـ ـ ـك مل تل ـ ـ ـد النس ـ ـ ـام‬


‫خلق ـ ــت مـ ـ ـربأ م ـ ــن ك ـ ــل عيـ ـ ــب ** كأنـ ــك قـ ــد خلقـ ــت كمـ ــا تشـ ــام‬
‫ُث عادت وقالت‪" :‬مل تعبر جلة‪"...‬‬

‫مظهره صلَ هللا علير وسلم متناسق متماسك‪ ،‬مل يكــن جلــة كظهــور عظـم‬
‫ال ـبطن‪ ،‬وانتفاخ ـر‪ ،‬وض ـيامتر‪ ،‬مــع نزولــر ليســفل مبع ـ مرتهــل اجلســم‪ ،‬مــا‬
‫هككا كان علير الصالة والســالم حبيــن َتنفــر النفــو وتعيبــر‪ ...‬و نــا كــان‬
‫رشيقا متناسق الطول ‪...‬‬

‫"ومل تـزرير‪"...‬‬

‫… ‪… 30‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫مــن شــكلر وقوامــر‪ ،‬و نــا صــلَ‬ ‫تزرير أي ال يوجد جانب من هيتتــر ينــتق‬
‫هللا علير وسلم كامل األوصاف ومــا عابــر أو عاتبــر أحــد يف شــكلر؛ ألنـر ال‬
‫يف خلقتر حل يعيبر‪.‬‬ ‫نق‬

‫"صعلة‪"...‬‬

‫الصعلة صغر الرأ ويالصمر ابلطبع صــغر حجــم الــدماك‪ ،‬مل يكــن صــلَ هللا‬
‫عليــر وس ــلم ص ــغري حج ــم ال ـرأ ح ـل يع ــاب ويس ــتهزأ ب ــر يف ص ــغر حج ــم‬
‫رأســر‪ ،‬وال كبــري حجــم الـرأ و نــا جــام راســر وفــق حجــم جســمر ال صــغري‬
‫وال كبري معيب لر‪...‬‬

‫"وسيم‪"...‬‬

‫الوســامة عالمــة دالــة عليــر دون اــريه‪ ،‬الوســامة منــر صــلَ هللا عليــر وســلم‬
‫حسن الطلعة واَليبة واَليتــة وهــكا مــن دالئــل حســن شــكلر صــلَ هللا عليــر‬
‫وسلم أنر وضيم اثبت حسـن الوســامة الباقيــة علــَ الــدوام‪ ،‬كأنـر قـد وسـم‬
‫خلقر علَ لك من اجلمال والبهام الكي ال يشــاركر فيــر أحــد‪ ،‬وال يفارقــر‬
‫لر وحده فق هكه الوسامة‪...‬‬

‫"قسيم‪"...‬‬

‫… ‪… 31‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫قســيم اــري كلمــة وســيم‪ ،‬قســيم كـأن كــل موضـع منـر صــلَ هللا عليــر وســلم‬
‫أخك قسما من اجلمال والرونــق فهــو مجيــل كلـر صايدة يف احلسـن والكمــال‪،‬‬
‫فالتقَ اجلمال مع اجلمال فكان قسيما وسيما صلَ هللا علير وسلم‬

‫"يف عيـنـير دعق‪"...‬‬

‫الــدعق هــو شـدة سـواد العـني مــع اتســاعها‪ ،‬وشـدة بـياضـها‪ ،‬كــم هــو مجيــل‬
‫ســواد العــني واتســاعها مــع شــدة بياضــها وهــكا منتهــَ اجلمــال يســمَ حـور‬
‫وهــي ميــزة خاصــة يف مجــال ســعة واتســاع العيــون عنــد رســول هللا صــلَ هللا‬
‫علير وسلم ابلــكات‪ ...‬قالــت أم معبــد" يف عينيــر دعــق" وهــكا ال يكــون يف‬
‫كل أنسان من مالحظتها ال يف رسول هللا صلَ هللا علير وسلم‬

‫"ويف أشفاره‪"...‬‬

‫األشـ ــفار منـب ـ ـت ش ـ ـعر األجف ـ ـان و وَلـ ــا مـ ــع اسـ ــرتخائهما ومجاَلمـ ــا عنـ ــد‬
‫واالنفت ــا ‪ .‬فش ـفر اجلف ـن حرف ـر ال ــكي ينب ــت علي ــر‬ ‫التقائهم ــا يف التغم ــي‬
‫اَلدب‪ .‬دقة يف وصف عيونر صلَ هللا علير وسلم فاقت احلســن يف منبــت‬
‫شعر األجفان وال بداية وعاية‪...‬‬

‫… ‪… 32‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫كــم كانــت أم معبــد صــاحبة مالحظــة ودقــة! امـرأة حقـا أعلــم مــن يكــون يف‬
‫معرف ــة ه ــكه األش ــيام فه ــي أم تع ــرف ص ــفات األجف ــان ومجاَل ــا يف أاالقه ــا‬
‫وانفتاحها ‪...‬‬

‫"و ف‪"...‬‬

‫الو ــف هـو أن يطـول شــعر األجفــان ُث يـنـعطـف ويكــون ليعلــَ فيزيــد يف‬
‫مجال عيونر صلَ هللا عليــر وســلم‪ ،‬مــا هــكه الدقــة اي أم معبــد تصــوير دقيــق‬
‫تغزال حمرما‪...‬‬ ‫وأدب يف الوصف ولي‬

‫"ويف صوتر صحل‪"...‬‬

‫كي ــف مسع ــت ومي ــزت أم معب ــد ص ــوت رس ــول هللا ص ــلَ هللا علي ــر وس ــلم‬
‫وَتملت فير ُث وصــفتر لنــا هبــكا الوصــف "صـحل" أي صــوتر فيــر حبـة حمببــة‬
‫ممزوجة بعكوبة حسنة وهكه درة يف األصوات وهي من أصل خلقتــر‪ ،‬فــال‬
‫تصـنع فيهــا وال مــرو وال الظــة وال خشــونة‪ ،‬هــكه الرقــة والعكوبــة هــي مــا‬
‫جلب ـ ــت انتب ـ ــاه أم معب ـ ــد ح ـ ــل عن ـ ــد مس ـ ــاع ص ـ ــوتر املمي ـ ــز علي ـ ــر الص ـ ــالة‬
‫والسالم‪...‬‬

‫وهــكا يعتمــد علــَ دقـة متييــز مسـاع الصــوت املوصــوف ملــن يعــرف الصــحل‬
‫وهم قليل؟!‬

‫… ‪… 33‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫"يف عنق ــر س ـطع‪ "...‬تش ــبير يف منته ــَ البالا ــة؛ رأت عنق ـا ــويال س ــا عا‬
‫كالنور فبــدأت أم معبــد يف وصــف مالحمــر صــلَ هللا عليــر وســلم العامــة‪ُ ،‬ث‬
‫بدأت تفصلها تفصيال مشوقا حمببا للنف ‪،‬‬

‫اآلن جــامت تصــف عنقــر عليــر الصــالة والســالم فعنقــر ســطع حيمــل رأسـا‬
‫ووجها مشرقا وضام‪،‬‬

‫فط ــول العن ــق م ــع اإلشـ ـراق دلي ــل اجلم ــال فكأنـ ـر الن ــور الس ــا ع م ــا ب ــني‬
‫الكتفني‪.‬‬

‫"ويف حليتر كثا ة‪"...‬‬

‫هككا كانت حليتر صلَ هللا علير وسلم من اجلمال واالهتمام واخللقة‪.‬‬

‫يقال يف اللغة‪ :‬كن الشعر‪ :‬اجتمع وكثر يف اري ول وال رقة وال خفــة وال‬
‫دقة اكتمال رابين ‪...‬‬

‫حل اللحية َلا مجال وعالمة وصفة من صفاتر صلَ هللا علير وسلم‪.‬‬

‫"أحور‪"...‬‬

‫يقال يف اللغة‪ :‬ولد أحور اشتد بـياو بـياو عيـنـير مع سواد سوادمها‪،‬‬

‫وصف بياو العيون وسوادها صاد يف مجالر صلَ هللا علير وسلم‪،‬‬

‫… ‪… 34‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬
‫ووصف عيونر صلَ هللا علير وسلم هبكه الصفة خك ابأللباب‪...‬‬

‫فم ــا صال ــت أم معب ــد تؤك ـد عل ــَ نع ــت مج ــال عي ــون الرس ــول علي ــر الص ــالة‬
‫والسالم‬

‫وتعيد مرة أخر فهما موضع النظر واإلشراق والتأمل‪.‬‬

‫"أكحل‪"...‬‬

‫الكحــل هــو اللــون األســود يوضــع علــَ األجفــان لكــي يظهــر مجــال العــني‬
‫ويزيدها مجاال‪،‬‬

‫فكيف برسول هللا صــلَ هللا عليــر وســلم وقــد كحلــت أجفــان عينيــر خلقــة‬
‫رابنية بكحل بيعي من دون كحل‪،‬‬

‫فكان أكحل العينني‪.‬‬

‫وصــوره فســواه علــَ هــكه‬ ‫فقــل ســبحان اخلــالق الــكي بـ ـرأه مــن كــل نق ـ‬
‫الصفة اجلميلة‪.‬‬

‫"أصج‪"...‬‬

‫أصج أي لر صلَ هللا علير وسلم أجفــان ازيـرا الشــعر ــال رفامهــا وامتــدا‬
‫ىل مؤخر العني مع تقو بديع فيهما‬

‫… ‪… 35‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫"أقـرن‪"...‬‬

‫مق ـرون احلــاجبني‪ ،‬مــع أن ـر قــد وصــف حاجبيــر صــلَ هللا عليــر وســلم أعمــا‬
‫أبلــق أي مفــرتق احل ـاجبني؛ بنــام علــَ حــدين الســيدة عائشــة أم املــؤمنني‬
‫رض ـ ــي هللا عنه ـ ــا‪ :‬قال ـ ــت‪ :‬ك ـ ــان رس ـ ــول هللا ص ـ ــلَ هللا علي ـ ــر وس ـ ــلم "أصج‬
‫احلاجبني‪ ،‬سابغهما من اري قرن بينهما‪ ،‬وكان أبلق ما بني احلاجبني"‪.‬‬

‫ومن املمكن اجلمع بني ما ورد يف وصــف أم معبــد واحلــدين رنـر صــلَ هللا‬
‫علي ــر وس ــلم مل يك ــن ابألق ــرن حقيق ــة‪ ،‬وال ابألبل ــق حقيق ــة‪ ،‬ب ــل ك ــان ب ــني‬
‫حاجبير فرجة يسرية‪ ،‬ال يتبينها الرائي ال ا دقق النظر فيها فهي خفيفــة‪،‬‬
‫فالقرن املككور يف وصف أم معبد‪ ،‬كان يـر أ نام سفره من أ ر الغبار‪.‬‬

‫فمن وصفر رنر أقرن وصفر علَ حالتــر الــأ رآه عليهــا يف الســفر كوصــف‬
‫أم معبد‪،‬‬

‫ب ــني الق ــولني وهللا‬ ‫ويف ا ــري الس ــفر ي ــر عل ــَ حال ــر ومنظ ــره ف ــال تن ــاق‬
‫أعلم‪.‬‬

‫"شديد سواد الشعر‪ "...‬الشعر مجال لإلنسان وصينة‪ ،‬وهو أمجل مــا يكــون‬
‫في ــر ص ــلَ هللا علي ــر وس ــلم‪ ،‬ودلي ــل مظه ــر م ــن مظ ــاهر الش ــباب والرجول ــة‬
‫رضي هللا عنر‪:‬‬ ‫والفتوة‪ .‬قال أن‬

‫… ‪… 36‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫نر مل ير من الشيب ال و سبعة عشر أو عشرين شعرة يف مقــدم حليتــر}‬


‫أخرجر ابن ماجر يف سننر‪.‬‬

‫وقد أمر النيب صلَ هللا علير وسلم من كان لر شعر أن يكرمر ويهكبر‪.‬‬

‫" ن صمت فـعلير الوقار‪."...‬‬

‫حل حال صمتر وسكوتر صلَ هللا علير وســلم عليــر هيبــة الوقـار والرصانـة‬
‫واحلل ـم‪ ،‬وهــي مس ــة وهــدي الص ـاحلني‪ ،‬فكالم ـر كل ـر ك ـر‪ ،‬وس ـكوتر مجيع ـر‬
‫فكر‪ ،‬وحالر دائر بني صرب‪ ،‬وشكر يف كل حلو ومر‪...‬‬

‫"و ن تكلم مساه وعاله البـهام‪"...‬‬

‫يف الصمت يعلوه الوقار ويف الكالم يعلوه البهام والسمو والرفعــة واألنـ‬
‫واللطف والرقة واالرتفاع والعلو‪ ،‬كل هكا يف صفاتر اخللقية واخللقية‪.‬‬

‫فمن عرفر أحب قـربر صلَ هللا علير وسلم علَ حسن عكوبة كالمر‪.‬‬

‫"أمجل النا ‪"...‬‬

‫خمتص ــر مفي ــد ه ــكا م ــا وص ــلت لي ــر أم معب ــد م ــن نتيج ــة أن اجلم ــال ص ــفة‬
‫احلسـن لــر يف الشــكل واخللــق صــلَ هللا عليــر وســلم‪ ،‬ممــا يـبعــن علــَ راحــة‬

‫… ‪… 37‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫وشــعور اإلعجــاب واالرتيــا والس ـرور والرضــَ بــر صــلَ هللا عليــر‬ ‫ال ـنـف‬
‫وسلم قالت أمجل النا وكفَ‪..‬‬

‫"وأهباه من بعيد‪"...‬‬

‫بن ــور قدوم ــر‬ ‫البهــام ه ــو ش ـراقة الق ــدوم فف ــي قبالــر يس ــبقر الن ــور‪ ،‬فتــأن‬
‫وهيبتر دون رهبة منر وال خوف‪.‬‬

‫"وأحسنر وأمجلر من قريب‪"...‬‬

‫الــكي يـراه عــن قــرب يــر احلســن واجلمــال كــاملني فيــر‪ ،‬فــال يـل مــن ر يــة‬
‫حسن مجالر وصــفاتر فقــد اقــرتب مــن صــفاتر وعشــق حياتــر صــلَ هللا عليــر‬
‫وسلم وبعد انتقالر ىل الرفيق األعلَ‪ ،‬ما صالت القلوب تعشقر و واه‪.‬‬

‫"حلو المنطق"‬

‫ح ــالوة منط ــق الرس ــول ص ــلَ هللا علي ــر وس ــلم يف نط ــق الكلم ــات وحس ــن‬
‫حديث ــر وتعب ــريه وتعليم ــر‪ ،‬ال تلع ــثم وال َتَتة‪ .‬فه ــو س ــر القل ــوب بكالم ــر‬
‫الطيب‪ .‬فالنطق السليم هو التكلم بصوت واضي وحــروف بينــة تعــرف هبــا‬
‫جزالة األلفاا وحسن املعاين‪ ،‬وهككا كان صــلَ هللا عليــر وســلم ا تكلـم‬
‫أفهم‪.‬‬

‫"فصال‪"...‬‬
‫… ‪… 38‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫في ــر‪ ،‬وفص ــل‬ ‫كالم ــر ن تكل ـم ص ــلَ هللا علي ــر وس ــلم ب ــني واض ــي ال ل ــب‬
‫قـ ــا ع ال تعقيـ ــب عليـ ــر وال اسـ ــتدراك وال َتويـ ــل لـ ــر فهـ ــو مـ ــن القلـ ــب ىل‬
‫القلب‪ ،‬وهكا هو سبب التأ ري الكي يصحب كالمر وبيانر‪...‬‬

‫"ال نـزر‪"...‬‬

‫رجل نـزور قليل الكالم ال وقت احلاجة والبيان هككا كان صــلَ هللا عليــر‬
‫وسلم‪ ،‬كيف ال وهو مشرع وموضي ما أنزل علير من القرآن الكرم‪،‬‬

‫وعن أم املؤمنني عائشة رضي هللا عنها أن النــيب صــلَ هللا عليــر وســلم كــان‬
‫حيد حديثا لو عده العاد ألحصاه‪.‬‬

‫وقال ـ ــت‪ :‬ن رس ـ ــول هللا ص ـ ــلَ هللا علي ـ ــر وس ـ ــلم مل يك ـ ــن يس ـ ــرد احل ـ ــدين‬
‫كسردكم‪ .‬رواه البياري ومسلم‪.‬‬

‫"وال هكر‪ "...‬واَلكر من يكثر يف كالمر من اخلطأ والبا ل والسفر‪،‬‬

‫فكــان صــلَ هللا عليــر وســلم ال يــتكلم الكــالم الــكي ال فائــدة منــر التافــر‬
‫السق الــكي ال يعبــأ بــر أحــد‪ ،‬فكالمــر مــوصون معلــوم مـا جــوااب لســائل أو‬
‫بيا لواقع أو حاد ة أو مسألة‪ ،‬وال يتكلم فيما ال يعنير‪...‬‬

‫"كأن منطقر خرصات نظم يـتحدرن‪"...‬‬

‫… ‪… 39‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫وصف دقيق ومالحظة أدق يف متابعة أم معبد لنطق كلماتر صــلَ هللا عليــر‬
‫وســلم فهــي كلمــات معــدودة كــاخلرصات املنظومــة املرتبــة املتتابعــة ال تســق‬
‫منها واحدة‪ ،‬داللة علَ ســعة فكــره وعلمــر وحديثــر وتنســيق كالمــر وترتيبــر‬
‫ومجال عرضر بعون هللا‪ ...‬وهكه مقارنــة ومقاربــر لكــي يعــرف السـامع أدب‬
‫الوصف الكي َتلَ بر صلَ هللا علير وسلم‪.‬‬

‫"ربـعة‪"...‬‬

‫فعــال جــواب حقيقــي أليب معبــد واــريه‪ ،‬فالربعــة هــو املربــوع اخلل ـق؛ وســي‬
‫القامة ومعتدَلا ال ابلطويل وال ابلقصري الكي أبلب االنتباه‪،‬‬

‫ابلطويل البائن‪ ،‬وال ابلقصري‪ "...‬هككا كــان صــلَ هللا‬ ‫احلدين‪ ..." :‬لي‬
‫علير وسلم معتدل الطول واجلسم‪.‬‬

‫"ال تشنـؤه من ول‪"...‬‬

‫ــول وال قص ــر‪ ،‬فه ــو ب ــني ب ــني‬ ‫ال تعيب ــر ع ــني وال نظ ــر وال تبغ ــر لف ــر‬
‫معتدل الطول ربعة وسي القامة‪ ،‬علير الصالة والسالم‪.‬‬

‫"وال تـقتحمر عني من قصر‪"...‬‬

‫الة أم معبد يف توصــيف ولــر حــل تعطيــر الوصــف الــكي يليــق بــر صــلَ‬
‫هللا علير وسلم‬
‫… ‪… 40‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫وعرفــت أنــر يف رعايــة هللا وحفظــر ف ـال تـع ـرو لــر ع ـني ابحلس ـد فهــو لــي‬
‫ابلقصري وال الطويل الــكي تعيبــر العيــون النــاظرة ليــر‪ .‬فهــو حســن يف قامتــر‬
‫وهيتتر ال مأخك علير يف لك من أحد من البشر‪.‬‬

‫"اصن بني اصنني فـهو أن ر الثال ة منظرا‪ ،‬وأحسنـهم قدرا‪"...‬‬

‫وصــف بــديع كيــف يكــون الغصــن بــني الغصــنني وهــو مــن جنســهما ال أن ـر‬
‫متميــز عنهــا ابلن ــارة واَليبــة والقــدر وحســن املنظــر‪ ،‬لــكا قيــل حممــد بشــر‬
‫ولي كالبشر بل هو ايقوتة والنا كاحلجر‪.‬‬

‫"لر رفـقام حيفون بر ن قال مسعوا لقولر‪ ،‬و ن أمر تـبادروا ىل أمره‪"...‬‬

‫أاي ك ــان‬ ‫ه ــكه ش ــارة دقيق ــة وح ــرص وح ــكر وخ ــوف علي ــر أن يلحق ــر أ‬
‫لك‪ ،‬رفاقر حييطــون بــر صــلَ هللا عليــر وســلم يف رحلتــر امليمونــة‪ :‬أبــو بكــر‬
‫رضي هللا عنر‪ ،‬وموىل أيب بكر عامر بن فهرية‪ ،‬ودلــيلهم الليثــي عبــد هللا بــن‬
‫أريق ‪ ،‬كلهم حريصــون عليــر كــل احلــرص وعيــوعم ترمــق وترقــب كــل حركــة‬
‫أو شــارة ــوه‪ ،‬حراســة مشــددة‪ ،‬و حا ــة بــر مــن كــل اجلوانــب؛ فهــو لــي‬
‫نســا عــاداي وال صعيم ـا دنيــواي وال قائــدا عســكراي ال بــل هــو أمــة ورســالة‬
‫مهاجر ألجلها‪ ،‬فال مقارنة بينر وبني اريه من اخللق‪.‬‬

‫… ‪… 41‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫والدليل أن احلسن البصري كر يف سرية ابن هشام قال‪ :‬انتهَ رســول هللا‬
‫صــلَ هللا عليــر وســلم وأبــو بكــر ىل الغــار لــيال‪ ،‬فــدخل أبــو بكــر رضــي هللا‬
‫الغار لينظــر‪ :‬أفيــر سـبع أو‬ ‫عنر قبل رسول هللا صلَ هللا علير وسلم فلم‬
‫حيـ ـة‪ ،‬يق ــي رس ــول هللا ص ــلَ هللا علي ــر وس ــلم بنفسـ ـر؛ ورس ــول هللا أم ــريهم‬
‫مترون رمره و اعتر ويسمعون قولر ويتبادرون خلدمتر‪.‬‬

‫"حمفود‪"...‬‬

‫اآلخــر بتقــدم‬ ‫حمفود أي معظم مكرم والكل حيب ويراب ويسابق وينــاف‬
‫اخلدم ــة وتلبي ــة لب ــر ورض ــاه عن ــر ص ــلَ هللا علي ــر وس ــلم؛ ج ــالال وت ــوقريا‬
‫واحرتام ـا خاصــة رفاقــر ابلــكات؛ حــل عبــد هللا بــن أريق ـ علــَ الــرام مــن‬
‫شركر تفــاى يف خدمتــر‪ ،‬وتــرك جــائزة املشــركني الــأ وضــعت ملــن يــدل علــَ‬
‫مسريه واجتاهر‪ ،‬فآ ر مرافقة النيب صلَ هللا علير وسلم تسيريا وجتنيدا مــن‬
‫هللا لر يف خدمة الرسالة‪.‬‬

‫"حمشود‪"...‬‬

‫فــاعلم أنـر مهــم و و قيمــة وحشــمة‪،‬‬ ‫عندما تر حشد عظيم حول شي‬
‫واحلشد حولر دليل احلفاوة والتكرم والتبجيل وهكــكا كــان صــلَ هللا عليــر‬
‫وســلم كــل مــن يســمع بــر أو حي ــر علســر أو كــره حــل بعــد مماتــر يبــادر‬
‫ِبكرامــر ابلصــالة والســالم عليــر بكــل أدب‪ ،‬فتجــد املســلمون كــل قلــوهبم‬
‫… ‪… 42‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫عتمعــة تلتقــي علــَ حمبتــر صــلَ هللا عليــر وســلم‪ ،‬فـال تســمع مــن مســلم ال‬
‫يقــول‪ :‬ريب وأمــي ونفســي أفــديك اي رســول! أي حمبــة هــكه للرســول جعلهــا‬
‫هللا وأسبغها للمسلمني ابلكات!!!‬

‫ففي احلدين الصحيي الكي رواه البياري‪" :‬كنا مع النــيب صـلَ هللا عليــر‬
‫وس ــلم وه ــو آخ ـك بي ـد عم ـر ب ــن اخلط ـاب‪ ،‬فق ــال ل ــر عم ـر‪ :‬اي رس ــول ان‪،‬‬
‫ألنـت أحـب يل مـن كـل شــيم ال مـن نـفسـي‪ ،‬فقــال النــيب صـلَ هللا عليــر‬
‫وسلم‪ :‬ال‪ ،‬والكي نـفسي بيده‪ ،‬حل أكون أحب ليك مـن نـفسـك‪ ،‬فقــال‬
‫لــر عمـر‪ :‬ف نـر اآلن‪ ،‬وان‪ ،‬ألنـت أحـب يل مـن نـفسـي‪ ،‬فقــال النــيب صـلَ‬
‫هللا علير وسلم‪ :‬اآلن اي عمر"‪.‬‬

‫"ال عاب ‪"...‬‬

‫اي ســالم مــا أحلــَ صــفة البشاشــة تعلوهــا االبتســامة فهــي عالمــة واضــحة‬
‫مــن صــفتر العبــو‬ ‫علــَ صــفام الس ـريرة منــر صــلَ هللا عليــر وســلم‪ ،‬لــي‬
‫و نا مبتسم اري مكفهر الوجر وال مقطب اجلبني‪.‬‬

‫ففي سنن الرتمكي قال جرير بن عبد هللا‪:‬‬

‫م ــا حجب ـه رس ــول ان ص ــلَ ان علي ــر وس ــلم من ــك أس ــلمت‪ ،‬وال رآين ال‬
‫تبسم"‬

‫… ‪… 43‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫لكا دائما كان وجهر صلَ هللا علير وسلم مشرقا ابالبتسامة والنــور وهــكه‬
‫من أدق الشيم الأ عرفت عنر والصفات الأ الحظتها أم معبد‪...‬‬

‫"وال مفند‪"...‬‬

‫م ــن مالحظ ــات أم معب ــد أعـ ـا رأت رج ــال رش ــيدا محي ــدا في ــر ك ــل ص ــفات‬
‫الرجولة‪ ،‬لي كبــريا يف الســن وال ــاعن فيــر وال خــرف ال يعتــد برأيــر فرأيــر‬
‫سـ ــديد‪ ،‬وال ضـ ــعيف يف بنيتـ ــر‪ ،‬وصـ ــفت لـ ــك مـ ــن خـ ــالل مشـ ــاهد ا لـ ــر‬
‫وعالستها معر‪...‬‬

‫فعادة كرب السن يصيب صاحبر ابخلرف والنسيان فينسَ وتكهب الفكــرة‬
‫منر وال يتككرها‪...‬‬

‫علـ ــَ خـ ــالف صـ ــفاتر صـ ــلَ هللا عليـ ــر وسـ ــلم فقـ ــد كـ ــان حاضـ ــر البديهـ ــة‬
‫والفكرة‪.‬‬

‫وهكا هو جواب سؤال أيب معبد لزوجتر وقد وصفتر ‪...‬‬

‫قال‪ :‬هو وهللا صاحب قريش‪...‬يقصد النيب صلَ هللا علير وسلم‬

‫الكي كر لنا من أمره ما كر مبكة‪ ،‬ولقــد مهمــت أن أصــحبر وألفعلــن ن‬


‫وجدت ىل لك سبيال‪.‬‬

‫… ‪… 44‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬
‫اي ت ــر ك ــم م ــن الوق ــت احتاج ــت أم معب ـد ح ــل نعت ــت ووص ــفت و ت ــت‬
‫وااصـ ــت يف كنـ ــوص اللغـ ــة العربيـ ــة الصـ ــافية حـ ــل التقطـ ــت مجـ ــال األلفـ ــاا‬
‫واملعاين وأسبغتها صبغة وحلل علَ تلك الصفات إلنسان مر هبا ســويعات‬
‫قليلة يف دقة ال يقدر عليها نسان وحل عموعة من البشر‪،‬‬

‫وحل لو قلت ملــا ا أفاضــت أم معبــد كــل هــكه اإلفاضــة وأجــادت يف رســم‬
‫مشائل الرسول صلَ هللا علير وســلم قلــت در لنــا وتربيــة لكــل مــن أحــب‬
‫حممـ ـ ــد صـ ـ ــلَ هللا عليـ ـ ــر وسـ ـ ــلم وصـ ـ ــفاتر ومشائلـ ـ ــر مـ ـ ــن خـ ـ ــالل مطـ ـ ــالعأ‬
‫ومســموعات مل أجــد أجــود وأفصــي بيــان يف الرســول صــلَ هللا عليــر وســلم‬
‫سو ما أشارت لر أم معبد‪...‬‬

‫‪‬‬

‫… ‪… 45‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫حقـا وصــدقا وعــدال أن أم معبــد قــد دخلــت ابب اَلجــرة مــن أوســع أبواهبــا‬
‫دون س ــابق ختط ــي منه ــا و نـ ـا توفي ــق م ــن هللا‪ ،‬فكت ــب َل ــا يف ل ــك أج ــر‬
‫و ــواب وكــان َلــا شــرف الســبق يف اســتقباَلا للرســول صــلَ هللا عليــر وســلم‬
‫يف خيمتهــا املتواضــعة‪ ،‬وحــل شــا ا العجفــام كــان َلــا دور يف ســقيا احلبيــب‬
‫وصحبر الكرام رام هزَلا وأضعفها فقد درت وحلبت بربكــة دعــام الرســول‬
‫الكرم ومسحر علَ ضرعها‪.‬‬

‫وقد أكرم صلَ هللا علير وســلم أم معبــد فشـربت هــي بدايــة ُث صــحبر أداب‬
‫منــر وكرامــة ُث شــرب عليــر الصــالة والســالم يف النهايــة‪ ،‬هــكه هــي أخــالق‬
‫النبوة تعليم وترتيب‪ُ ،‬ث مي ألهل بيت أم معبد وصوجهــا ألــك وأ يــب ســقيا‬
‫وشرااب وشفام‪...‬‬

‫در لنا يف الرتبية واإليثار وحسن الصحبة وتطييب اخلــوا ر‪ ،‬وهبــكا ســطر‬
‫َلا الرسول صلَ هللا علير وسلم رحرف مــن نــور ســجال يف اتريــا اإلســالم‬
‫بربكة لك املرور وحسن ال يافة‪...‬‬

‫وبقي ــت كلم ــات أم معب ــد يـ ـرتدد ص ــداها يف وص ــف مشائ ــل وص ــفات الن ــيب‬
‫حممد الرسول صلَ هللا علير وسلم ىل يومنا هكا وما تاله‪...‬‬

‫… ‪… 46‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬
‫ا ال بــد مــن تســلي األضــوام علــَ حيــاة هــكه املـرأة أم معبــد فمــن تكــون‬
‫هــي‪" :‬عاتكــة بنــت خالــد بــن منقــك بــن ربيعــة بــن أصــرم اخلزاعيــة" وتعــد مــن‬
‫الصحابيات‪ ،‬وهي مشهورة يف السرية بكنيتها "أم معبد"‪ ،‬وقد كتب َلــا أن‬
‫تست ــيف النــيب صــلَ هللا عليــر وســلم يف خيمتهــا املتواضــعة املباركــة‪ ،‬دون‬
‫علمها من هو؟ ال أن حساسها أن رجل مبارك‪ ،‬ومن هنــا اكتنــزت مالحمــر‬
‫عليــر الصــالة والســالم اكر ــا حــل اخرجتهــا دررا مــن الوصــف والبســتها‬
‫صيغة البيان‪...‬‬

‫وقد ورد أن مكو ت شيصيتها املعروفة‪:‬‬

‫‪ -‬أعا امرأة بـرصة‪...‬‬

‫والــربوص؛ هـو الظهــور واخلــروج وامليالطــة للوافــدين علــَ خيمتهــا‪ ،‬كيــف ال‬
‫وهي تعيش يف لب الصحرام اكتسبت منها معاين كثرية‪.‬‬

‫‪ -‬ا كانت كهلة ال َتتجب احتجاب الشواب‪...‬‬

‫كــان هــكا الظهــور بســبب أعـا امـرأة جتــاوصت ســن الشــباب ــو الشــييوخة‬
‫و ات جتربة‪ ،‬وليســت شــابر مغــرورة مل تعركهــا احليــاة ختــاف علــَ شــباهبا مــن‬
‫مع امع ‪...‬‬

‫‪ -‬وهي مع لك عفيفة عاقلة‪...‬‬

‫… ‪… 47‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫مــع بروصهــا وعــدم احتجاهبــا وكهالتهــا كانــت عفيفــة عاقلــة اــري مبتكلــة وبــال‬
‫سفاه‪ ،‬اي سالم علَ عفاف النسام يعلوه اتج احليام مظهر مجيل رصين‪.‬‬

‫للنا وَتد هم‪...‬‬ ‫‪ -‬جتل‬

‫كيف ال وهي تستقبل ضيوفها وَتد هم وجتالسهم وكــل مــن دخــل خيمتهــا‬
‫و رقهــا عليه ـا حلاج ــة عــام وش ـراب أو م ــأو ‪ ،‬فــرتد بكــل حش ــمة وأدب‬
‫ال‪.‬‬ ‫لي‬

‫فهــي كهلــة وليســت شــابة مارســت احليــاة ومل تعــد َتتجــب عــن الرجــال ومل‬
‫يعد فيها مطمع أو مطمي بعد هــكه الســن‪ ،‬قــال هللا تعــاىل‪{ :‬والقواعـد مـن‬
‫علـيهن جنـا أن ي ـعن يـاهبن اـري‬ ‫النسام الال ال يـرجون نكاحـا فـلـي‬
‫متربجـات بزينـة وأن يسـتـعففن خـري َلـن وان مسيــع علـيم} (النــور‪،)60 :‬‬
‫وهي كانت ككلك مسترتة بعفة وعقالنية‪...‬‬

‫ومن أدهبا وعلَ الرام من كهولتها ومن حسن مظاهر شيصيتها‪:‬‬

‫‪ -‬أعا جلدة‪...‬‬

‫واجللــد املصــابرة واملثــابرة والقــوة والشــكيمة فالصــحرام َلــا ظروفهــا اخلاصــة‬


‫النســام فهــي قــد‬ ‫هبا الأ ال تتماشَ معها النعومــة املعهــودة يف بيعــة بعـ‬
‫كيفتها الظروف القاسية علَ املصابرة‪.‬‬

‫… ‪… 48‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬
‫‪َ -‬تتيب بفنام القبة‪...‬‬

‫االحتبــام هــو اجللــو يف ســاحة خيمتهــا أو ضـمنها‪ ،‬وجلســة االحتبــام هــي‬


‫علــَ أليـتـي ـر وي ــم فيكي ـر وســاقير ىل بطنــر بكراعيــر‬ ‫الشــي‬ ‫أن أبل ـ‬
‫ليستند ىل ظهره وال يتكئ علَ وسادة وما شابر لك‪ ،‬فمن املعيب لــك‬
‫أن يســتند لغ ــريه أو يتك ــئ‪ ،‬وهك ــكا كان ــت جلس ــة أم معب ــد حمرتم ــة يف س ــرت‬
‫وحفب ويف حالة َتهب للقيام واالستقبال من جلستها املتحفزة‪...‬‬

‫‪ُ -‬ث تسقي وتطعم‪...‬‬

‫هكه مهمتها يف هكا املكان سقاية املام و عام الطعام لكل من مــر هبــا مــن‬
‫الكرام فهي ضيافة مميزة يف هكا املكان‪...‬‬

‫وقد ات ي من مرور الرسول هبا وصحبر الكرام‪:‬‬

‫"فسألوها حلما ومترا ليشرتوا منـها‪ ،‬فـلم يصيبوا عندها شيـتا من لك‪"...‬‬

‫ومن خالل كلما ــا يف الرســول يظهــر أعـا امـرأة ات لغــة فصــيحة وســليمة‬
‫وجتربة وخمزون أديب لغـوي بالاــي بيــاين تصــوري يعجــز عـن اإلتيــان مبثلــر يف‬
‫هكا الزمان‪،‬‬

‫وه ــكا دلي ــل عج ــاص ن ــزول الق ــرآن الك ــرم عل ــَ ه ــكه األم ــة ــا الرس ــالة‬
‫النبوية‪.‬‬
‫… ‪… 49‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫حل مل أجد أحدا جــاد بقرحيتــر ووصـف الرســول مبثلهــا هبــكه القــوة اللفظيــة‬
‫والوصف البديع!‬

‫مع أن النيب صلَ هللا علير وســلم مل يقــم ال ســويعات معــدودة يف خيمتهــا‬
‫فلو كانت آلة تصوير أوتوماتيكية ما استطاعت هبكه الفرتة الزمنية الــوجيزة‬
‫أن َت هبكا التصوير الفوتوارايف املشاهد بكل عزيــة وتصــميم ونعــت هبــكا‬
‫الوصف اخلالد‪ ،‬ال مبوهبة أاتها هللا َلا حل يكتــب َلــا يف لــك األجــر مــع‬
‫مرور الزمن واألجيال‪...‬‬

‫ن ه ــي متتل ــك هنيـ ـة قويـ ـة ومميـ ـزة منف ــردة ومتمكن ــة يف معرف ــة جوانـ ــب‬
‫الشيص ــية البشـ ـرية ال ــأ أب ــب أن توص ــف‪ ،‬وق ــدرة احلك ــم عليه ــا‪ ،‬وأدب‬
‫تصديرها وتصويرها‪...‬‬

‫يع ــه يف ه ــكه األوص ــاف النبويـ ـة ال ــأ تطرق ــت َل ــا أم معب ــد يف قلي ــل م ــن‬
‫الوقــت حيتــاج ىل مــدد ويلــة ورســائل علمي ـة متيصصــة يف جوانــب شــل‬
‫ديني ـة واجتماعي ـة و قافي ـة وس ــلوكية ونفس ــية وتربوي ـة ووص ــفية وس ــن مع ــني‬
‫وجترب ــة وخ ــربة ودق ــة وحكم ــة فه ــي متل ــك ص ــية اللغ ــة العربي ــة وألفاظه ــا‬
‫ومعانيها ودالال ا و شــارا ا حــل صــاات هــكا الوصــف هبــكه الطريقــة‪ ،‬وال‬
‫يسعك ال أن تقول عا موهبة وفطرة وتوفيق‪...‬‬

‫… ‪… 50‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫مــن خــالل وصــف أم معبــد للرســول الكــرم حممــد صــلَ هللا وســلم جتــد أن‬
‫كــل األدابم والشــعرام واحلكمــام والعلمــام وأصــحاب البيــان مــع االح ـرتام‬
‫لقدرهم وعلمهم‪ ،‬مل ترتك َلــم أم معبــد مــا يصــفونر يف احلبيــب عليــر الصــالة‬
‫والسالم ولو لب من أحد ترتيــب كــالم ككــالم أم معبــد الــكي قالتــر آنفـا‬
‫بــر أحــد ال بعــون هللا‬ ‫ومــا فيــر مــن أبــاص وموهبــة و َلــام ملــا اســتطاع أن‬
‫و رادتــر وقدرتــر م ــع أن وصــفها مل يكــن خارج ـا عــن املــألوف و ن ـا مبــا ه ــو‬
‫معروف عنر ومنر صلَ هللا علير وسلم ومل خيرج عن نظم الشرع الشريف‪.‬‬

‫ال أن كالمه ــا كـ ــان مـ ــن القلـ ــب ىل القلـ ــب وهـ ــكا الـ ــكي خلـ ــد صـ ــيااتر‬
‫احملكمة ابلعقل الرصني والتفكري البصري مبا يوافق كــل جزئيــة منــر صــلَ هللا‬
‫من ضــرب اخليــال أو اإل ـرام اــري املبــا ‪،‬‬ ‫علير وسلم بوصف حقيقي لي‬
‫وال خيالطر أي تزلف وال نفاق وال رايم‪...‬‬

‫فكلن ــا نقـ ــف مـ ــع الوصـ ــف آ ان صـ ــااية‪ ،‬وقلـ ــوب واعيـ ــة َلـ ــكه العبـ ــارات‬
‫والكلمــات الــأ حيتــاج تفســريها وجتليتهــا ملعانيهــا وقتـا ــويال للبيــان‪ ،‬والــأ‬
‫تص ــلي أن تك ــون ك ــل كلم ــة عن ــوا مس ــتقال فه ــي مشائ ــل أحس ــن وأف ــل‬
‫نسان‪..‬‬

‫… ‪… 51‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫كلم ــات منتق ــاة مث ــل‪" :‬قس ــيم وس ــيم"‪" ،‬أمج ــل الن ــا "‪" ،‬حل ــو املنط ــق"‪،‬‬
‫"حمفود"‪ ،‬كل تلك الصــفات واألوصــاف لقــام ســويعات قلــيالت هللا عليــك‬
‫اي أم معبد‪ ،‬فقد أتت بنـعوت اخلري كلها‪...‬‬

‫كلم ــات ج ــامت هب ــا خمت ــارات م ــن أعم ــاق معج ــم ال ــدرر وأال ــَ م ــن ك ــل‬
‫نفــي ‪ ،‬حبكتهــا ونظمتهــا كحبــات اللؤلـؤ ‪-‬كقوَلــا خـرصات نظـم‪ ،-‬ترتيــب‬
‫حمكم كيرصات املسبحة كلها وحدة واحدة‪...‬‬

‫جامت بكلمات يف وصف احلبيب مــن يســمعها أو ينصــت قلبــر َلــا يطيــب‬
‫ويبادر ابلصالة والسالم علَ الصادق الوعــد األمــني حممــد صــلَ هللا عليــر‬
‫وسلم؛ ألعا ال تليق ال بر ولر فق ال لغريه‪.‬‬

‫فقــد أجــادت أم معبــد ررقــَ وأف ــل العبــارات امليتــارات وم ـا وفـت ـر حق ـر‬
‫عليـها صلَ هللا علير وسلم ملا رأت يف عينيهــا مــن مشائلــر وصــفاتر وأخالقــر‬
‫صلَ هللا علير وسلم شيتا كثريا ال َتي بر الكلمات وال َت بر املعاين‪.‬‬

‫كلهـ ــا صـ ــفات دالئـ ــل هـ ــر وعفـ ــة وعفويـ ــة دون تكلـ ــف وال سـ ــيرية وال‬
‫اس ــتهزام وال ك ــم وال اصدرام وال تـفاهـ ـة وال تش ــر م‪ ،‬عـ ـا ش ــهادة ش ــاهد‬
‫عي ــان م ــن أه ــل الفص ــاحة والبي ــان‪ ،‬وكلما ــا تص ــلي ردا وَتق ــريا وتش ــهريا‬
‫ألص ــحاب الرس ــومات التافه ــة‪ ،‬واألق ــوال الفاس ــدة‪ ،‬والتص ــرحيات العفن ــة‬

‫… ‪… 52‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫كأص ــحاهبا‪ ،‬ف ــال يق ــف أح ــد أم ــام الن ــور ال م ــن يس ــتحق هدايت ــر‪ ،‬والبقي ــة‬
‫يبهرهم نوره فيعيشون يف الظلمات وَتت الركام‪...‬‬

‫واملشــاعر‬ ‫فقد خا بت أم معبد القلوب والعقول والعوا ــف واألحاســي‬


‫وأصـ ــحاب البصـ ــر والبصـ ـرية مـ ــن خـ ــالل صـ ــفاتر صـ ــلَ هللا عليـ ــر وسـ ــلم‪،‬‬
‫وقالت للمتيا لني خفافيش الظالم‪:‬‬

‫قالت َلم مبلم فيها‪ :‬تبا لكم علَ كتاابتكم املسمومة‪ ،‬وأفكاركم احملمومــة‪،‬‬
‫ورس ـ ــوماتكم املكموم ـ ــة‪ ،‬واعت ـ ــكاراتكم امل ـ ــردودة‪ ،‬وحرك ـ ــاتكم وتص ـ ــرفاتكم‬
‫املوهوم ــة؛ فه ــي خي ــاالت عق ــولكم وتفاه ــات كالمك ــم وخط ــااي ألس ــنتكم‬
‫وخراف ـ ــات عق ـ ــولكم البالي ـ ــة وتره ـ ــاتكم امل ـ ــللة وض ـ ــالالتكم املككوب ـ ــة‬
‫املزعومة‪،‬‬

‫خستتم أنتم ابلكات حــل املمــات ومــن يســاندكم أو يشــد علــَ أيــديكم أو‬
‫يشجعكم أو حيرضكم ضد نيب اإلسالم علير الصالة والسالم‪.‬‬

‫قالــت‪ :‬أيهــا الرســول الكــرم يكفيــك شــرفا وعلــوا ومقام ـا حممــودا ومنزلــة‬
‫رفيعة عند هللا‪...‬‬

‫وقد كفل هللا لك لك وضمن ( كفيـناك المستـهزئني)‬

‫… ‪… 53‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫فه ــي كفاي ــة كافي ــة وافي ــة ش ــافية م ــن هللا لرس ــولر وال ــكي أ ـ علي ــر الق ــرآن‬
‫صايدة علَ لك كلر‪:‬‬

‫{ورفـعنا لك كرك}‬

‫اآلن الع ــامل كلـ ـر يله ــق ب ــككره ص ــلَ هللا علي ــر وس ــلم‪ ،‬ح ــل عرف ــر م ــن ال‬
‫يعرف‪،‬‬

‫فقالوا‪ :‬من هــكا الــكي اع صــيتر وحــرك العــامل رمجعــر؟ نـر حممــد صــلَ هللا‬
‫علير وسلم‪.‬‬

‫قال ابن عبـا رضـي ان عنـهمــا‪ :‬مـا خلـق ان‪ ،‬عـز وجـل‪ ،‬وال رأ وال ب ـرأ‬
‫نـفسا أكرم علير من حممد صلَ ان علير وسلم‪،‬‬

‫وما مسعت ان أقسم حبياة أحد ال حبياتر صلَ هللا علير وسلم ابلكات‪.‬‬

‫قال هللا تعاىل‪...{ :‬لعمرك عم لفي سكر م يـعمهون ‪}...‬‬

‫فع ــال ه ــم س ــكار ونك ــرة‪ ،‬فق ــد خ ــاب وخس ــر م ــن ابرص هللا يف ع ــاله م ــن‬
‫ه ــؤالم املس ــتهزئني حب ــق س ــيد املرس ــلني علي ــر ص ــلوات ريب العل ــي العظ ــيم‬
‫والسالم عليك اي رسول هللا يـوم ولدت يف مكة املكرمة وبشـر بــك الكــون‬
‫وأشــرق‪ ،‬وكانــت هجرتــك ىل املدينــة املنــورة بدايــة اتريــا ليم ـة اإلســالمية‬
‫أنور ‪...‬‬
‫… ‪… 54‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫والسالم عليك اي رســول يــوم هـاجرت مــن بلــدك احلـرام ىل مكــان قامتــك‬
‫حيا يف أشرف البقاع يف املدينة املنورة‪...‬‬

‫وال نــدعو لــك ال هبــكا الــدعام القــرآين الكــرم "‪...‬عس ـَ أن يـبـعث ـك رب ـك‬
‫مقاما حممودا‪.}...‬‬

‫‪‬‬

‫… ‪… 55‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫الربيع يف موعده وأصهاره ووروده يف الثــاين عشــر مــن ربيــع األول يف‬ ‫أن‬
‫كـ ــل ع ـ ــام حيم ـ ــل وينشـ ــر عط ـ ــره يف جنب ـ ــات الكـ ــون‪ ،‬وتس ـ ــبي الكائن ـ ــات‬
‫وامليلوقـ ــات ومجيـ ــع مـ ــا خلـ ــق هللا يف آالئهـ ــا وكوعـ ــا وأجرامهـ ــا والسـ ــمام‬
‫وأبراجها واألرو وسهوَلا ومروجها وأوديتها كلها تردد‪:‬‬

‫{‪...‬حممد رسول ان‪}...‬‬

‫"‪ ...‬وستل رسول هللا صلَ هللا علير وسلم عن صوم يوم اال ـنني؟‬
‫(‪)1‬‬
‫قال‪ :‬اك يـوم ولدت فير‪ ،‬ويـوم بعثت‪ ،‬أو أنزل علي فير ‪"...‬‬

‫شهادة أن ال لر ال هللا وأن حممدا رسول هللا صلَ هللا علير وسلم‪...‬‬

‫هــكه أعظــم وأرفــع وأجــل منزلــة أن يوصــف هبــا رســولنا الكــرم مقــرو ابســم‬
‫رب العــاملني‪ .‬رفــع ل ــر بــككره مع ــر يف الشــهادتني كــرا‪ ،‬ين ــاد هبــا ص ــباحا‬
‫مسام من أعايل بيوت هللا ىل يوم الدين‪...‬‬

‫(‪ )1‬صحيي مسلم‪.‬‬

‫… ‪… 56‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬
‫مولــد الربيــع نــور علــَ نــور‪ ،‬ال يزيــا عــن هديــر ال ضــال‪ ،‬وجعــل الصــالة‬
‫علير ابألجر الكثري الوفري!‬

‫احلدين‪ ..." :‬صالتكم معروضة علي‪،‬‬

‫فقالوا‪ :‬اي رسول ان‪ ،‬وكيف تعرو صالتـنا عليك وقد أرمت؟‬

‫يقول‪ :‬بليت‪،‬‬

‫ق ــال‪ :‬ن ان حـ ـرم علـ ـَ األرو أجسـ ــاد األنبيـ ــام" رواه أبـ ـو داود ِبسـ ــناد‬
‫صحيي‪.‬‬

‫فتعــرو صــالة املصــلني عليــر يف مرقــده الكــرم مــن العــاملني كافــة ابلــدعام‬
‫والتيمن والربكة‪...‬‬

‫وق ــد حثن ــا ربن ــا ج ــل جالل ــر بديوم ــة الص ــالة عل ــَ رس ــولر الك ــرم وص ــالة‬
‫مالئكتر علير وصالة عباده املؤمنني‪،‬‬

‫قال هللا تعــاىل‪ { :‬ن ان ومالئكتـر يصـلون علـَ النـيب اي أيـهـا الـكين آمنـوا‬
‫صلوا علير وسلموا تسليما}(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬األحزاب ‪.56‬‬

‫… ‪… 57‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫س ـعد‬ ‫احلــدين‪ ...":‬أات رســول هللا ص ـلَ ان عليــر وســلم و ـن يف عل ـ‬


‫بن عبادة‪،‬‬

‫فقــال لــر بش ـري بــن س ـعد‪ :‬أم ـر ان تـع ـاىل أن نص ـلي علي ـك اي رســول هللا‪،‬‬
‫فكيف نصلي عليك؟‬

‫قال‪ :‬فسكت رسول هللا صلَ ان علير وسلم‪ ،‬حل متنـيـنا أنر مل يسألر‪،‬‬

‫ُث قال رسول هللا صلَ ان علير وسلم‪:‬‬

‫قول ــوا اللهـ ـم صـ ـل علـ ـَ حممـ ـد وعلـ ـَ آل حممـ ـد‪ ،‬كم ــا صـ ـليت علـ ـَ آل‬
‫بـراهيم وابرك علَ حممد وعلَ آل حممـد كمــا ابركـت علـَ آل ب ـراهيم يف‬
‫العالمني‪ ،‬نك محيد عيد‪ ،‬والسالم كما قد علمتم"(‪.)1‬‬

‫نـ ـر لش ــرف عظ ــيم ومق ــام ك ــرم وص ــالة تشـ ـريف ودع ــام وتعظ ــيم م ــن هللا‬
‫ومالئكتر واملؤمنني لنبير الكــرم‪ ،‬ونــدام جليــل موجـر مــن رب العــاملني لكــل‬
‫املؤمنني ابلدعام والثنام والربكة علَ النيب األمني‪ ،‬مقابــل األجــر الكبــري مــن‬
‫هللا العليم‪ .‬ففي احلدين‪ :‬عن أيب هريرة رضي هللا عنــر أن رسـول هللا صــلَ‬
‫هللا علير وسلم‬

‫قال‪" :‬من صلَ علي واحدة‪ ،‬صلَ هللا علير عشرا"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬صحيي اإلمام مسلم رقم ‪.405‬‬

‫… ‪… 58‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬
‫فالصــالة دعــام و نــام و لــب ورجــام مــن هللا لرســولر الكــرم صــلَ هللا عليــر‬
‫وســلم‪ .‬وهكــكا تعلمنــا درس ـا مــن أيب بــن كعــب رضــي هللا عنــر فقــد قــال‪:‬‬
‫"قلت‪ :‬اي رســول هللا فـ ين أكثــر الصــالة‪ ،‬فكــم أجعــل لــك مــن صــال ؟ أي‬
‫مــن الــدعام‪ -‬وكــان أليب بــن كعــب ورد ودعــام يــدعو بــر يف كــل يــوم‪ ،‬فكــم‬
‫أجعل لك يف صال ؟)‬

‫قــال‪ :‬مــا شــتت‪ ،‬قلــت‪ :‬الربــع؟ قــال‪ :‬مــا شــتت‪ ،‬و ن صدت فهــو خــري لــك‪،‬‬
‫قلت‪ :‬النصف؟ قال‪ :‬ما شتت و ن صدت فهو خــري لــك‪ ،‬قــال‪ :‬أجعــل لــك‬
‫صــال كلهــا؟ قــال‪ :‬ن تكفــَ مهــك ويغفــر لــك نبــك"‪ .‬قــال الرتمــكي‪:‬‬
‫حدين حسن صــحيي‪ ،‬ن أكثــروا مــن الصــالة علــَ اَلــادي املنقــك صــلَ‬
‫هللا علير وسلم‪...‬‬

‫ن حيق أن يكون مولده ربيعا دائمـا خم ــرا علــَ البشـرية مجعــام مبــا َلــم‬
‫من والدتر وبعثتر ورسالتر‪...‬‬

‫قال تعاىل‪...{ :‬وما أرسلناك ال رمحة للعالمني‪.)2(}...‬‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم ‪.408‬‬


‫(‪ )2‬األنبيام ‪.107‬‬

‫… ‪… 59‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫فرس ــالتر رمح ــة أنق ــك هب ــا البش ـرية م ــن ال ــالل ىل اَلداي ــة‪ ،‬وأخ ــرجهم م ــن‬
‫الظلمات ىل النور ومــا صال نــور اَلدايــة يشــع نــورا ي ــيم الكــون‪ .‬فــتي هللا‬
‫بر أعينا عميا‪ ،‬وآ ا صما‪ ،‬وقلواب الفا‪...‬‬

‫ه ــكا الربي ــع ه ــو ال ــكي مح ــل ل ــوام البش ــر رنواعه ــا وألواع ــا وأ يافه ــا ىل‬
‫(‪)1‬‬
‫العاملني‪ ،‬قال هللا تعاىل‪ ..{ :‬وما أرسلناك ال كافة للنـا بشـريا ونـكيرا}‬
‫مبشــرا برســالة رب ـر الكــرم لكــل املــؤمنني‪ ،‬ومنــكرا كــل معــرو وعنيــد رشــد‬
‫وعيد‪.‬‬

‫ربي ــع دائ ــم اخل ــرة والن ــارة واَل ــوام العلي ــل والنس ــيم اللطي ــف اخلفي ــف‬
‫الرضــية حبســن أخالقــر و يــب كالمــر ومزاجــر وال‬ ‫أبــكب ليــر كــل األنف ـ‬
‫ينكر لك أحد ال معاند‪...‬‬

‫ق ــال هللا تع ــاىل‪...{ :‬فبم ـا رمح ـة م ـن ان لن ــت َل ـم ول ـو كن ــت فظ ـا ال ـيب‬


‫القلب النف وا من حولك‪.)2(}...‬‬

‫فقــد ورد‪" :‬لمـا ت ـويف عبــد ان بــن أيب‪ ،‬جــام ابنـر عبــد ان بــن عبــد ان ىل‬
‫رسول ان صلَ هللا علير وســلم‪ ،‬فسـألر أن يـعطيـر قميصـر يكفـن فيــر أابه‪،‬‬
‫فأعطاه‪"....‬‬

‫(‪ )1‬سبأ ‪.28‬‬


‫(‪ )2‬آل عمران‪.159‬‬

‫… ‪… 60‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬
‫تربكـ ـا؛ فه ــو عل ــَ ال ــرام م ــن نف ــاق عب ــد هللا ب ــن أيب ال أن ــر يعل ــم رمحت ــر‬
‫وشفقتر علَ كل العصاة املكنبني‪...‬‬

‫وكان لر مقام كرم عند رب العاملني‪...‬‬

‫قــال هللا تعــاىل‪" :‬وم ـا ك ـان ان ليـع ـكهبم وأنــت ف ـيهم وم ـا ك ـان ان مع ـكهبم‬
‫وه ـم يس ـتـغفرون"(‪ ،)1‬وجــوده صــلَ هللا عليــر وســلم رمحــة بــني قومــر املــا‬
‫التزموا االستغفار والعمل الصاحل‪...‬‬

‫عاد الربيع دوما مع الرمحة مرة ومرات بعدد السنوات بكل الصفات‪،‬‬

‫منها‪ :‬اللني واللطــف والرأفــة والقلــب الــرحيم والشــفافية والشــفقة علــَ كــل‬
‫املؤمنني‪،‬‬

‫عليكم ابلمؤمنني رموف رحيم‪.)2(}...‬‬ ‫قال هللا تعاىل‪...{ :‬حري‬

‫جــام الربي ــع مب ــا في ــر م ــن اخل ـريات والش ــمائل والص ــفات واحلس ــنات م ــرات‬
‫عديدة ومتيز عن كل الفصول ربيعا بزهره وورده اختارها رب العــاملني ملولــد‬
‫أمة الرسالة مل يكــن َلــا وجــودا فرفــع امسهــا يف الكــون وميزهــا رهبـا علــَ كــل‬

‫(‪( )1‬األنفال‪.)33 :‬‬


‫(‪ )2‬التوبة ‪.128‬‬

‫… ‪… 61‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫الوجــود ابخلــري والوســطية‪ ،‬قــال هللا تعــاىل {كنــتم خ ـري أم ـة أخرج ـت للن ـا‬
‫َتمرون ابلمعروف وتـنـهون عن المنكر وتـؤمنون ابن}(‪.)1‬‬

‫فمولوده ربيع دائم مــن أف ــلكم وأكــرمكم وأعالكــم نســبا وشــرفا ومكانــة‪،‬‬
‫فجوهر معدنر نفي ‪ ،‬شريف عفيف معروف بني قومر ابلصادق األمني‪...‬‬

‫قـ ــال هللا تع ـ ــاىل‪ ...{ :‬ق ـ ـد ج ـ ـامكم رس ـ ـول م ـ ـن أنفس ـ ـكم‪ )2(}...‬أي م ـ ــن‬
‫جلدتكم أو من أف لكم‪...‬‬

‫ليــر عنــد مبعثــر رحســن الصــفات يف كلمــات مــوجزات‬ ‫وصفر أقرب النا‬
‫ات معان ودالالت ال توجــد ال فيــر ابلــكات! {قالــت خدأبـة أم املــؤمنني‬
‫‪-‬رضي هللا عنهــا‪... :‬كــال‪ ،‬أبشـر‪ ،‬فــو هللا ال خيزيــك هللا أبــدا‪ ،‬فــو هللا نـك‬
‫لتصل الرحم‪ ،‬وتصدق احلدين‪ ،‬وَتمـل الكـل‪ ،‬وتكسـب املعـدوم‪ ،‬وتـقـري‬
‫ال يف‪ ،‬وتعني علَ نـوائب احلق}(‪.)3‬‬

‫ومــن لطــف وحســن مشائلــر صــلَ هللا عليــر وســلم وأخالقــر أن ـر كــان رحيم ـا‬
‫ودودا يف تعامل ــر وحماس ــنر متواض ــعا و هيب ــة ووق ــار م ــع م ــا ل ــر م ــن مكان ــة‬
‫ومنزلة عند ربر يهابر من ال يعرفر! "‬

‫(‪ )1‬آل عمران ‪.110‬‬


‫(‪ )2‬التوبة ‪.128‬‬
‫(‪ )3‬صحيي مسلم‪.‬‬

‫… ‪… 62‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬
‫أت ـَ رج ـل رس ـول ان ص ـلَ ان علي ـر وس ـلم‪ ،‬فـق ـام ب ـني يدي ـر فأخ ـكه م ـن‬
‫الرعدة‪،‬‬

‫فـقال رسول ان صلَ ان علير وسلم‪ :‬هون عليك‪ ،‬ف ين لست مبلك‪،‬‬

‫نا أ ابن امرأة من قـريش كانت َتكل القديد"‪.‬‬

‫اي صاحب التواضع واَليبة والقدر الرفيع اي رســول هللا لــك وعليــك أف ــل‬
‫الصــالة والتســليم‪ ،‬كــم أنــت حلــيم مــا روعــت هــكا الرجــل املســكني ال بــل‬
‫هونت علير وسكنت روعر‪...‬‬

‫ويف املقاب ــل وص ــف يف الق ــرآن الك ــرم‪{ :‬حممـ ـد رسـ ـول ان والـ ـكين معـ ـر‬
‫أشدام علَ الكفار رمحام بـيـنـهم تـراهم ركعا سجدا يـبـتـغون ف ـال مـن ان‬
‫ورضوا ‪.)1(}...‬‬

‫املــؤمنني بقــدرة رب العــاملني‪ ،‬فعــن جــابر بــن عبــدهللا ‪-‬رضــي‬ ‫فالرمحــة ختـ‬
‫هللا عنر‪،-‬‬

‫قــال ص ــلَ هللا علي ــر وس ــلم‪" :‬أعطي ــت نيس ـا مل يـعطه ـن أح ـد م ـن األنبي ـام‬
‫قـبلـي‪ :‬نصـرت ابلرعـب مسـرية شـهر ‪ ،"...‬فقــد كــان خيافــر األعــدام لشــدة‬
‫رسر وشجاعتر وقوة شكيمتر‪." ...‬‬

‫(‪( )1‬الفتي‪.)29 :‬‬

‫… ‪… 63‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫فأقـبل القوم ىل رسول هللا صلَ ان عليــر وســلم‪ ،‬وأبـو سـفيان بــن احلـار‬
‫يـقـود بــر بـغلتـر‪ ،‬فـن ـزل ودعـا واستـنصـر‪ ،‬وهــو يقــول‪ :‬أ النــيب ال كـكب‪...‬‬
‫أ ابن عبد املطلب اللهم نـزل نصرك‪.‬‬

‫قــال الــربام‪ :‬كن ـا وان ا امح ـر الب ـأ نـتق ـي بــر‪ ،‬و ن الش ـجاع من ـا لل ـكي‬
‫حيا ي بر‪ ،‬يـعه النيب صلَ ان علير وسلم" صحيي مسلم‪.‬‬

‫خلوق ـا ص ــلَ هللا علي ــر وس ــلم ص ــدوقا أمين ـا عفيف ـا لطيف ـا عل ــَ ك ــل ح ــال‬
‫وم ــآل‪ ،‬لس ــانر وقلب ــر ــاهرين؛ فل ــم يك ــن عـ ـا وال لعـ ـا وال فاحشـ ـا وال‬
‫متفحش ـا‪ ،‬وال حيم ــل يف قلب ــر حق ــدا أو بغ ـا عل ــَ أح ــد حاش ــاه هللا‪ ،‬حمب ـا‬
‫لليري وأهلر‪،‬‬

‫رضي هللا عنــر قــال‪" :‬مل يكـن النــيب صـلَ هللا عليــر وســلم سـبااب‪،‬‬ ‫رو أن‬
‫وال فحاش ـ ـا‪ ،‬وال لع ـ ـا ‪ ،‬كـ ــان يقـ ــول ألح ـ ـد عن ـ ـد املعتب ـ ـة‪ :‬مـ ــا لـ ــر ت ـ ـرب‬
‫جبينر"(‪.)1‬‬

‫حيب سالمة الصدر والسريرة وال حيب أن يسمع ال خريا عن أصحابر‪،‬‬

‫"قــال رســول هللا صــلَ هللا عليــر وســلم‪ :‬ال يـبـلغ ـه أحــد مــن أصــحايب عــن‬
‫أحد شيتا‪ ،‬ف ين أحب أن أخرج ليكم وأ سليم الصدر"‪.‬‬

‫(‪ )1‬صحيي البياري ‪.6031‬‬

‫… ‪… 64‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫هككا يكون التعلــيم وأدب الرتبيــة يف عــدم نقــل احلــدين ال ايبــة وال نيمــة‬
‫وال فشام للسر واخلرب‪ ،‬و نا سرت وصون وعفو وعافية وسالمة ‪...‬‬

‫ومت ـت مالحقتــر مــن قبــل املشــركني‪ ،‬وَتم ـل مــن أجــل الرســالة املصــاعب‬
‫واملشــاق‪ ،‬وكــان مــن أويل العــزم مــن املرســلني‪ ،‬وقــد شــهد لــر بــكلك رب‬
‫العــاملني يف ســورة الشــور آيــة ‪ 13‬قولــر تعــاىل‪{ :‬شـرع لك ـم مـن الــدين م ـا‬
‫وصَ بر نوحا والكي أوحيـنا ليك وما وصـيـنا بـر ب ـراهيم وموسـَ وعيسـَ‬
‫أن أقيمـوا الــدين وال تـتـفرقـوا فيــر كـرب علـَ المشـركني مـا تـدعوهم ليـر ان‬
‫أبتيب لير من يشام ويـهدي لير من ينيب}‪.‬‬

‫وم ــع ه ــكا كل ــر ض ــيق علي ــر الكف ــار احلص ــار ــال س ــنوات يف شـ ـعب أيب‬
‫ال ـ ــب ومنع ـ ــوا عن ـ ــر وع ـ ــن قوم ـ ــر الطع ـ ــام والشـ ـ ـراب وأال يب ـ ــايعوهم وال‬
‫ينـ ــاكحوهم وال يكلمـ ــوهم وال أبالسـ ــوهم حـ ــل يسـ ــلموا لـ ــيهم رسـ ــول هللا‬
‫صلَ هللا علير وســلم‪ ...‬حــل جــام الفــرج مــن هللا لرســولر الكــرم؛ يف رحلــة‬
‫اإلس ـرام واملع ـراج الــأ نــزل فيهــا أفصــي بيــان يف القــرآن الكــرم يف ســور‬
‫اإلسرام والنجم‪...‬‬

‫وق ــد ت ــال خروج ــر ص ــلَ هللا علي ــر وس ــلم م ــن احلص ــار بب ــعة أش ــهر فيم ــا‬
‫عرف "بعام احلزن" وفاة عمر أيب الب وصوجر خدأبة ‪-‬رضي هللا عنهــا‪،-‬‬
‫وقــد اشــتدت الصــعاب عليــر فيــرج صــوب الطــائف لعلـر أبــد فــيهم معين ـا‬

‫… ‪… 65‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫واستجابة ونصريا لعقيدة التوحيد‪ ،‬فرده أهلها وأاروا بر ســفامهم وأ فــاَلم‬


‫وأسالوا الدم من قدمير الشريفتني‪ ،‬ومع هكا كان ودودا رحيما ال حيمــل يف‬
‫قلبـ ــر ال الرمحـ ــة والـ ــدعوة َلـ ــم والشـ ــفقة علـ ــيهم‪ ،‬وأعـ ــكرهم جلهلهـ ــم ألنـ ـر‬
‫صاحب رسالة ومبدأ ومنهق‪ ...‬وهكا التصرف احلكيم منــر صــلَ هللا عليــر‬
‫وس ــلم‪ ،‬والص ــفي اجلمي ــل‪ ،‬ع ــاس اإلس ــامة ابإلحس ــان! وه ــكا أك ــرب دلي ــل‬
‫وبرهان‪ ،‬وعالمة نصر للدين امليسر املبني‪...‬‬

‫وكان دعا ه اخلالد ومناجاتر لربر العلي القدير‪:‬‬

‫اللهم ليك أشكو ضعف قـو ‪ ،‬وقلة حيلأ‪ ،‬وهواين علَ النـا ‪ ،‬اي أرحـم‬
‫الـ ــرامحني! أنـ ـت رب المست ـ ـعفني وأنـ ـت ريب‪ ،‬ىل مـ ـن تكلـ ـه؟ ىل بعيـ ــد‬
‫يـتجهم ـه؟ أم ىل عـ ـدو ملكتـ ـر أمـ ـري؟ ن مل يكـ ـن بـ ـك علـ ـي ا ـ ـب فـ ـال‬
‫أابيل‪ ،‬ولكـن عافيـتـك هـي أوسـع يل‪ ،‬أعـو بنـور وجهـك الـكي أشـرقت لـر‬
‫الظلم ـات وص ـلي علي ـر أم ـر ال ــدنـيا واآلخ ـرة م ـن أن تـن ـزل يب ا ـبك‪ ،‬أو‬
‫حي ـ ـل عل ـ ـي س ـ ـيطك‪ ،‬ل ـ ـك العت ـ ـ ح ـ ـل تـرض ـ ـَ‪ ،‬وال ح ـ ـول وال قـ ـ ـوة ال‬
‫بك"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬ابن هشام‪.420/1‬‬

‫… ‪… 66‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫هبــا‬ ‫وكانت دعوتر صلَ هللا علير وسلم مستجابة‪ ،‬فجعلهــا يف اخلــري وخـ‬
‫قومر من املعرضني‪ .‬تصــور لــو دعــا علــيهم ابَللكــة والعــكاب وأ بــق علــيهم‬
‫األخشبني النتهوا كغريهم من األمم‪ ،‬و نا دعا َلم ابَلداية‬

‫حين قال صلَ هللا علير وسلم‪..." :‬فـناداين ملك اجلبال وسلم علـي‪ُ ،‬ث‬
‫ق ـال‪ :‬اي حمم ـد‪ ،‬ن هللا ق ـد مس ـع قـ ـول قـوم ـك ل ـك‪ ،‬وأ مل ـك اجلب ـال وق ـد‬
‫بـعث ـه رب ـك لي ـك لت ـأمرين رم ـرك‪ ،‬فم ـا ش ـتت‪ ،‬ن ش ـتت أن أ ب ـق عل ـيهم‬
‫األخشبني‪.‬‬

‫فـقـ ـال لـ ـر رسـ ـول هللا صـ ـلَ هللا عليـ ـر وسـ ـلم‪ :‬بـ ـل أرجـ ـو أن خيـ ـرج هللا مـ ـن‬
‫أصالهبم من يـعبد هللا وحده ال يشرك بر شيـتا"‪.‬‬

‫هكه هي دعوة اإليان قاَلا رسول ان صلَ ان علير وسلم‪" :‬بل أرجــو أن‬
‫خيرج ان من أصالهبم من يعبد ان‪ ،‬ال يشرك بر شيتا"‪.‬‬

‫احلم ــد ك فك ــم وك ــم وم ــا صال ــت تل ــك ال ــداير تعب ــد هللا ال أح ــد س ــواه وال‬
‫تش ــرك ب ــر أح ــدا‪ ،‬ع ــا اَلم ــة والعزي ــة من ــر ص ــلَ هللا علي ــر وس ــلم والص ــرب‬
‫والثبــات علــَ التبليــا‪ ،‬انظــركم ــن مقصــرون يف تبليــا الرســالة واالســتفادة‬
‫منه ــا‪ ،‬وم ــا صلن ــا أيص ــي س ــرد سـ ـريتر أم ال؟! رس ــول ك ــرم ال ت ــككر مناقب ــر‬
‫وخصائصــر! والعــامل اليــوم املســلم يقتــل املســلم‪ ،‬وتربيتــر وتعليمــر لنــا و لبــر‬
‫من ربر أن يرد العكاب عن املشركني و راريهــم أمــال ابَلدايــة ولــو بعــد حــني‬
‫… ‪… 67‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫بعد تبليغهم الرسالة سرية أبــب وجــواب أن تنشــر يف كــل وقــت وحــني جهــارا‬
‫عارا‪...‬‬

‫فقد القَ يف تبليا الرسالة صلَ هللا علير وسلم الصعاب‪...‬‬

‫فف ــي مقدم ــة احل ــدين امل ــككور أع ــاله تس ــأل الس ــيدة عائش ــة ‪-‬رض ــي هللا‬
‫عنها‪" -‬أعا قالت لرسول ان ‪-‬صلَ ان علير وسلم‪ :‬هل أتـَ عليــك يــوم‬
‫كان أشد من يوم أحد؟‬

‫فقــال‪ :‬لقــد لقيــت م ـن قوم ـك‪ ،‬وكــان أشــد مــا لقيــت مــنهم يــوم العقبــة‬
‫عرض ــت نفس ــي عل ــَ اب ــن عب ــد ايلي ــل ب ــن عب ــد ك ــالل‪ ،‬فل ـم أببـ ـه ىل م ــا‬
‫أردت‪ ،‬فانطلقـ ــت وأ مهمـ ــوم عل ـ ـَ وجهـ ــي‪ ،‬فل ـ ـم أسـ ــتفق ال وأ بق ـ ـرن‬
‫الثعال ــب‪ ،‬فرفع ــت رأس ــي‪ ،‬فـ ـ ا بس ــحابة ق ــد أظلت ــه‪ ،‬فنظ ــرت فـ ـ ا فيه ــا‬
‫جربيــل عليــر الس ـالم‪ ،‬فنــاداين فقــال‪ :‬اي حمم ـد‪ ،‬ن ان عــز وجــل‪ ،‬قــد مس ـع‬
‫قــول قوم ـك ل ـك‪ ،‬ومــا ردوا عليــك‪ ،‬وقــد بعــن ان ملـك اجلبــال لتــأمره مبــا‬
‫شتت فيهم‪."...‬‬

‫وكان صلَ هللا علير وسلم حين أصحابر علَ لك رضــي هللا عــنهم {قـال‬
‫الن ـيب ل لعلــي ‪-‬رضــي هللا عنــر‪ :‬فــوان ألن يه ـدي ان ب ـك رج ـال واح ـدا‬
‫خري لك من محر النعم} أي تربية هكه‪ ،‬وأي تشريع وتعليم وتشجيع!!!‬

‫… ‪… 68‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬
‫ومــن رمحتــر صــلَ هللا عليــر وســلم وحب ـر وحســن عفــوه ولطفــر‪ ،‬ففــي فــتي‬
‫مكة املكرمــة أكــرم قومــر راــم متكنــر مــن رقــاهبم؛ فــالعفو عنــد املقــدرة‪ ،‬وصاد‬
‫علَ كل من سبقر من اخللق ومل ينتقم لنفسر‪...‬‬

‫أهـل العلـم‪ :‬أن رسـول ان صـلَ هللا عليـر‬ ‫قال ابن هشــام‪{ :‬حـد ه بـعـ‬
‫وسـلم قـام علـَ ابب الكعبـة‪ ،‬فـقـال‪ :‬اي معشـر ق ـريش‪ ،‬مـا ت ـرون أين فاعـل‬
‫فيكم؟‬

‫قالوا‪ :‬خريا‪ ،‬أخ كـرم‪ ،‬وابـن أخ كـرم‪ ،‬قـال‪ :‬ا هبـوا فـأنـتم الطلقـام}‪ ،‬ن‬
‫هككا يكون العفو والصــفي اجلميــل‪ ،‬اإلحســان ىل مــن أســام ليــك‪َ ،‬تليفـا‬
‫للقلوب ومتتينا لصلتهم ابلدين‪...‬‬

‫وق ــد ش ــهد ل ــر الواح ــد األح ــد‪ ،‬الف ــرد الص ــمد يف س ــورة القل ــم وم ــا خط ــت‬
‫اآلايت القرآنية ال لير ابلــكات رمــر رب العــاملني‪ ،‬قــال هللا تعــاىل‪{ :‬و نـك‬
‫لعلَ خلق عظيم}(‪ )1‬ومتيـز يف صــفاتر صــلَ هللا عليــر وســلم وحســن كالمــر‬
‫و يب معاملتر مع كل البشــر حــل ابقــي امليلوقــات فقــد شــكَ لــر اجلمــل‬
‫وبكَ بني يدير‪..‬‬

‫{ع ـن عب ـد هللا بــن جعف ـر رضــي هللا عنــر ق ـال‪ :‬ف ـدخل أي النــيب ص ـلَ هللا‬
‫علير وسلم حائطا (بستا ) لرجل مـن األنصـار‪ ،‬فـ ا مجـل فـلمـا رأ النـيب‬

‫(‪ )1‬القلم ‪.4‬‬

‫… ‪… 69‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫صلَ هللا علير وسلم حن و رفت عيـناه‪ ،‬فـأاته النـيب صـلَ هللا عليـر وسـلم‬
‫فمسي فـراه فسكت‪.)1(}...‬‬

‫أي نيب هكا؟ أال حيــق أن نتــككر حمامــده وصــفاتر وننشــرها للعــامل كلــر أفـرادا‬
‫ومجاعات‪ ،‬مدار وجامعات‪ ،‬تربيــة وخلــق وحســن معاملــة اإلنســان ألخيــر‬
‫اإلنسـ ــان‪ ،‬وحـ ــل للحيـ ــوان االعجـ ــم الـ ــكي سـ ــيره هللا خلدمـ ــة اإلنسـ ــان‪،‬‬
‫واإلحســان ليــر‪ ،‬ويففــف يف احلمــل عليــر ونســقير ونطعمــر و ويــر عــن احلــر‬
‫والقر؛ ف ن لر حسا وشعور فهو خملوق قد يشكوك ىل هللا خالقر‪...‬‬

‫وقصة أخر مع الطري ال عيف والنمل‪:‬‬

‫"رو عبــد هللا بــن مســعود رضــي هللا عنــر قــال كن ـا مــع رســول ان يف ســفر‬
‫فــانطلق حلاجت ـر فرأينــا مح ـرة معهــا فرخــان فأخ ـك فرخيهــا فجــامت تعــرش‬
‫فجام النيب فقال‪ :‬من فجع هكه بولدها؟ ردوا ولدها ليها‪.‬‬

‫ورأ قرية نل قد حرقناها‪ .‬فقال‪ :‬من حرق هكه؟ قلنــا‪ :‬ــن قــال‪ :‬نـر ال‬
‫ينبغي أن يعكب ابلنار ال رب النار"(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬أخرجر أبو داود‪.2549‬‬


‫(‪ )2‬حمقق يف رايو الصاحلني ‪...519‬‬

‫… ‪… 70‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫ه ـ ــكه ه ـ ــي التع ـ ــاليم اإلس ـ ــالمية النبوي ـ ــة ع ـ ــدم اإلي ـ ــكام للطي ـ ــور وال ح ـ ــرق‬
‫للحش ـرات؛ فه ــي ت ــؤدي دوره ــا يف مج ــال احلي ــاة وبنامه ــا‪ ،‬ف ــال َت ــرم تل ــك‬
‫امليلوقات احلياة‪ ،‬واتركها تتمتع حبيا ا‪ ،‬ال بل قدم َلا ما ينفعها ‪...‬‬

‫قــال صــلَ هللا عليــر وســلم‪" :‬يف كــل كبـد ر بــة أجــر" ن أجــرك أكثــر مــن‬
‫حســن معاملتــك ورفقــك ابحليــوان احلــي‪ ،‬تعــاليم نســيت وفــر هبــا وتعالــت‬
‫عن القيام هبا‪...‬‬ ‫األنف‬ ‫بع‬

‫وهك ــكا درج أص ــحابر رض ــوان هللا عل ــيهم ابالتب ــاع لس ــنتر ص ــلَ هللا علي ــر‬
‫وسلم‪..‬‬

‫وم ــرة س ــتل أب ــو هري ــرة ع ــن س ــبب كنيت ــر‪ ،‬فق ــال‪ :‬كن ــت أرع ــَ ا ــنم أهل ــي‪،‬‬
‫وكانــت يل ه ـرة صــغرية‪ ،‬فكنــت أضــعها ابلليــل يف شــجرة‪ ،‬و ا كــان النهــار‬
‫هبت هبا معي‪ ،‬فلعبت هبا‪ ،‬فكنوين أاب هريرة"‪،‬‬

‫مــا املــانع مـن نشــر تلــك الف ــائل واحملافظــة علــَ الثــروات احليوانيــة الــأ مل‬
‫تعد يف حسبان حسان اإلنسان؟؟؟‬

‫وحل الشجر واحلجر فقد حن اجلكع لير صلَ هللا علير وسلم وهــو مجــاد‬
‫ال حياة فير‪ ،‬وكان صلَ هللا علير وسلم علَ املنرب فنزل ليــر وضــمر‬ ‫ايب‬
‫أمام مجع من الصحابة الكرام عليهم من هللا الرضوان‪،‬‬

‫… ‪… 71‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫قال جابر بن عبد ان ‪-‬رضي ان عنـهما‪:‬‬

‫أن ام ـرأة م ـن األنص ـار قال ـت لرس ـول ان ص ـلَ ان علي ـر وس ـلم اي رس ـول‬
‫ان‪ :‬أال أجعل لـك شـيـتا تـقعـد عليـر فـ ن يل االمـا ـارا‪ ،‬قـال‪ :‬ن شـتت‪،‬‬
‫قــال‪ :‬فـعملـت لـر المنـرب فـلمـا كـان ي ـوم اجلمعـة قـعـد النـيب صـلَ ان عليـر‬
‫وس ـلم عل ـَ المن ـرب ال ـكي ص ـنع فص ـاحت النيل ـة ال ـأ ك ـان خيط ـب عن ـدها‬
‫حل كادت تـنشـق فـن ـزل النـيب صـلَ ان عليـر وسـلم حـل أخـكها ف ـمها‬
‫لير فجعلت تتن أنني الصيب الكي يسكت حل استـقرت}‪.‬‬

‫م ــا ا يع ــه لن ــا ه ــكا التص ــرف اجلمي ــل م ــع اجلم ــاد؟ وم ــا األم ــر ال ــكي من ــر‬
‫نستفيد! يبني لنا صلَ هللا علير وسلم آاثر حمبة األشــيام اخلاصــة بنــا؛ فهــي‬
‫مقتنياتنا وفيها كرايتنــا‪ ،‬وعــدم التفـري هبــا؛ فقــد أصــبحت جــزما ال يتجـزأ‬
‫من عادات حياتنا َتلفها أرواحنا وتسرتيي َلا‪ ،‬ن ــب مقتنيــات قــد كــان‬
‫حيبها أابم وأمهاتنا و تفب هبا وهي قد تكون يف نظر اآلخرين ال قيمة َلــا‬
‫أال أننا نقول عنها هكه حديقة جدي وبســتانر‪ ...‬ا أحبـوا مــا حيبـر رســول‬
‫هللا وال تتيلوا عن تعاليمر وانشروها بني خلقر‪...‬‬

‫عن جابر بن مسرة قال‪ :‬قال رسول هللا صلَ هللا عليــر وســلم‪ :‬ين ألعــرف‬
‫حجرا مبكة كان يسلم علي قبل أن أبعن ين ألعرفر اآلن"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم ‪.2277‬‬

‫… ‪… 72‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬
‫ومن لطف دعوتر وأسلوبر وحكمتر من القرآن الكرم قــال هللا تعــاىل‪" :‬ادع‬
‫ىل سبيل ربك ابحلكمة والموعظة احلسـنة وجـادَلم ابلـأ هـي أحسـن ن‬
‫ربك هو أعلم مبن ضل عن سبيلر وهو أعلم ابلمهتدين"(‪.)1‬‬

‫ويف احل ــدين ق ــال اب ــن عب ــا رض ــي هللا عنهم ــا وج ــامه أعـ ـرايب فق ــال‪:‬‬
‫أعرف أنك نــيب؟ قــال‪ :‬ن دعــوت هــكا العــكق مــن هــكه النيلــة يشــهد أين‬
‫رسول هللا فدعاه رســول هللا صــلَ هللا عليــر وســلم فجعــل ينــزل مــن النيلــة‬
‫ىل الن ــيب ص ــلَ هللا علي ــر وس ــلم ُث ق ــال‪ :‬ارج ــع فع ــاد‪ ،‬فأس ــلم‬ ‫ح ــل س ــق‬
‫األعرايب" سنن الرتمكي‪...‬‬

‫ســبحان مــن ســير لرســولر أعظــم برهــان وأكــرب دليــل لكــي يقنــع شيص ـا‬
‫وفردا واحدا فق لإليان!‬

‫مل ال نقدم ن براهني للعامل علَ مساحة اإلســالم وال نشــغل أنفســنا ووقتنــا‬
‫يف القيل والقــال دون فائــدة وم ــيعة للوقــت واليــوم الــكاهب لــن يعــود مــع‬
‫الزمان‪ ...‬اعمل كعملر صلَ هللا علير وسلم‪...‬‬

‫ومــن يــب صــفاتر صــلَ هللا عليــر وســلم والــأ ظهــرت يف دعــوة جــابر بــن‬
‫عبد هللا رضي هللا عنهما لر‪.‬‬

‫(‪ )1‬النحل ‪.125‬‬

‫… ‪… 73‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫قــال‪ :‬دع ــوت الرس ــول ص ــلَ هللا علي ــر وس ــلم ي ــوم اخلن ــدق وه ــم أش ــد م ــا‬
‫يكــون واجلــيش للطعــام والش ـراب وق ــد اقتصــر جــابر علــَ دعــوة الرس ــول‬
‫أصحابر لقلة الزاد‪...‬‬ ‫الكرم وبع‬

‫فج ــام ج ــابر يس ــأل صوج ــر كي ــف يك ــرم ن ــيب هللا علي ــر الص ــالة والس ــالم‪...‬‬
‫قالــت ‪-‬أي صوجــة جــابر‪ :‬عنــدي شــعري وعنــاق ‪-‬جــدي صــغري‪ ،-‬فــكحبت‬
‫العن ــاق‪ ،‬و حن ــت الش ــعري‪ ،‬ح ــل جعلن ــا اللح ــم يف الربم ــة ‪-‬الق ــدر ال ــكي‬
‫يوضع علــَ النــار للطــبا‪ُ ،-‬ث جتــت النــيب صــلَ هللا عليــر وســلم والعجــني‬
‫قد انكسر‪ ،‬والربمة بني األكايف ‪-‬ما يوضع َتت القدر مــن احلجــارة حلملــر‬
‫عليهــا‪ -‬قــد كــادت أن تن ــق‪ ،‬فقلــت‪ :‬عــيم يل؛ فقــم أنــت اي رســول هللا‬
‫ورجل أو رجالن‪،‬‬

‫قال‪ :‬كم هو؟ فككرت لر‪.‬‬

‫قال‪ :‬كثري يب!‬

‫قال‪ :‬قل َلا ال تنزع الربمة وال اخلبز من التنور حل آ ‪...‬‬

‫فقال‪ :‬قوموا‪ .‬فقام املهاجرون واألنصار‪ ،‬فلما دخل علَ امرأتر‬

‫قال‪ :‬وحيك! جام النيب صلَ هللا علير وسلم‪ ،‬واملهاجرون واألنصار معر‪،‬‬

‫قالت‪ :‬هل سألك؟ قلت‪ :‬نعم‪.‬‬


‫… ‪… 74‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬
‫فق ــال‪ :‬ادخل ــوا وال ت ــااطوا‪ ،‬فجع ــل يقس ــم اخلب ــز وأبع ــل علي ــر اللح ــم‪،‬‬
‫وخيمــر الربمــة والتنــور ا أخــكوا منــر‪ ،‬ويقــرب ىل أصــحابر‪ُ ،‬ث ينــزع‪ ،‬فلــم‬
‫يزل يكسر اخلبز ويغرف حل شبعوا وبقي بقية‪.‬‬

‫قال‪ :‬كلي هكا وأهدي‪ ،‬ف ن النا أصابتهم عاعة‪.‬‬

‫هكه بركة من بركاتر ونعمة من نعمر علَ نبيــر عليــر الصــالة والســالم‪ ،‬فقــد‬
‫أ عم جيشا كثريا خرج يف سبيل هللا حلفر اخلندق يف ازوة األحزاب‪.‬‬

‫وقال علير الصالة والسالم يف ختام القصة للمرأة‪ :‬كلي هكا وأهدي‪ ،‬فـ ن‬
‫النا أصابتهم عاعة‪،‬‬

‫قالت‪{ :‬فلم نزل كل وعدي يومنا أمجع} ما شام هللا‪.‬‬

‫وهككا علمنا صلَ هللا علير وســلم أن عــام الواحــد يكفــي ا نــني مــن ابب‬
‫الت امن والتكافل والتعاون وعدم األ نية ونوع من اإليثار‪...‬‬

‫ومن بركات جسده الشريف صــلَ هللا عليــر وســلم‪ ،‬فقــد أوعــز أليب لحــة‬
‫‪-‬رض ــي هللا عن ــر‪ -‬أن يقس ــم ش ــعرات الرس ــول‪ ،‬فق ــد رو اإلم ــام مس ــلم‬
‫رضي هللا عنر أن النيب صلَ هللا علير وسلم ملا حلــق شــعره‬ ‫واريه عن أن‬
‫مب فرق شــقر األيــن علــَ أصــحابر الشــعرة والشــعرتني‪ ،‬وأعطــَ أاب لحــة‬
‫الشق األيسر كلر‪،‬‬

‫… ‪… 75‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫ففــي كتــاب الف ــائل َتــت عنــوان "ابب يــب عـرق النـيب ص ـلَ ان علي ـر‬
‫وسلم والتربك بر"‪.‬‬

‫بـن مالـك‪ ،‬قـال‪ :‬دخـل عليـنـا النـيب صـلَ ان عليـر وسـلم فـقـال‬ ‫عـن أنـ‬
‫عن ـ ـد ‪ -‬مـ ــن القيلولـ ــة وقـ ــت الظهـ ــر‪ ،-‬فـع ـ ـرق‪ ،‬وج ـ ـامت أم ـ ـي بق ـ ـارورة‪،‬‬
‫فجعلت تسلت العرق فيها‪ ،‬فاستـيـقب النـيب صـلَ ان عليـر وسـلم فـقـال‪:‬‬
‫اي أم سليم ما هكا الكي تصنعني؟ قالت‪ :‬هكا عرقك علر يف يبنـا‪ ،‬وهـو‬
‫من أ يب الطيب‪"....‬‬

‫بــن الن ــر رضــي هللا عنهمــا خالــة النــيب صــلَ هللا‬ ‫وأم ســليم هــي أم أن ـ‬
‫علير وسلم من الرضاعة يقيل يف فراشها‪...‬شر النووي علَ مسلم‪...‬‬

‫ومن معجزات الرسول صلَ هللا علير وســلم أن نبــع املــام مــن بــني أصــابعر‪،‬‬
‫مــن بــني دم وحلــم ِب ن هللا جــل جاللــر‪ ،‬ففــي ح ـدين ج ـابر رضــي هللا عنــر‬
‫قــال‪« :‬عطـش النـا ي ـوم احلديبيـة وكـان رسـول ان صـلَ ان عليـر وسـلم‬
‫بني يدير ركوة يـتـوضأ منـها فجهش النا ‪...‬‬

‫فـقال ما لكم؟‬

‫… ‪… 76‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫عن ـد م ـا نـتـوض ـأ ب ـر وال م ـا نش ـربر ال م ـا ب ـني‬ ‫فـق ـالوا‪ :‬اي رس ـول ان ل ـي‬
‫ي ـديك‪ ،‬فـوض ـع ي ـده يف الرك ـوة فجع ـل المـام يـف ـور م ـن ب ـني أص ـابعر كأمث ـال‬
‫العيون‪ ،‬فشربـنا وتـوضأ ‪ ،‬فقيل‪ :‬كم كنـتم؟‬

‫عشرة مائة}‪.‬‬ ‫قال‪ :‬لو كنا مائة ألف لكفا كنا ني‬

‫هكه هي رادة هللا وَتييده وعونر لر علير أف ل الصالة والســالم‪ ،‬ســبحان‬


‫هللا من سير نبع املام بني أصابعر وخرج مام صالال عكااب فراات‪...‬‬

‫قدرة هللا القادر علَ كل شيم أجراها علَ يدي نبير أمام خلقر‪...‬‬

‫فال تستغرب وال تتعجب‪،‬‬

‫وقل‪ :‬ال لر ال هللا‪ ،‬حممد رسول هللا صلَ هللا علير وسلم‪...‬‬

‫رضي هللا عنر وقــد قــدم يف خدمــة الرســول صــلَ هللا عليــر وســلم‬ ‫قال أن‬
‫عشر سنوات‬

‫قال‪" :‬ما مشمت عنربا ق ‪ ،‬وال مسكا‪ ،‬وال شيتا أ يب من ريــي رســول هللا‬
‫صلَ ان علير وسلم‪ ،‬وال مسست شــيتا قـ ديباجـا‪ ،‬وال حريــرا ألـني مسـا‬
‫من رسول هللا صلَ ان علير وسلم"‪.‬‬

‫ورو اإلمام البـيـهقي يف الدالئل‪:‬‬

‫… ‪… 77‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫عن قـتـادة بــن النـعمـان‪ :‬أنـر أصـيبت عيـنـر ي ـوم بـدر فسـالت حدقـتـر علـَ‬
‫وجنت ـر ف ـأرادوا أن يـقطعوه ـا فس ـألوا رس ـول ان فـق ـال‪ :‬ال‪ ،‬ف ـدعا ب ـر فـغم ـز‬
‫حدقـتر براحتر‪ ،‬فكان ال يدري أي عيـنـير أصيبت}‪.‬‬

‫وحيكَ أنر قد وفد علَ عمر بن عبد العزيز رمحر ان رجل من ريـة قتــادة‬
‫بعد لك يف صمن التابعني‬

‫فسألر عمر من أنت؟ فـقال‪:‬‬

‫أ ابن الكي سالت علَ اخلد عيـنـر ** فـ ـ ـردت بك ـ ـف المص ـ ـطفَ أي ـ ـا رد‬
‫فـع ـ ـ ـادت كم ـ ـ ـا كان ـ ـ ـت ألول أمره ـ ـ ـا ** فـيا حسن ما عني واي حسن ما خد‬

‫وعن أيب سعيد اخلدري رضي هللا عنر قال‪ :‬خرج معاوية رضي هللا عنر‬

‫"‪...‬علَ حلقة يف املسجد‪ ،‬فـقال‪ :‬ما أجلسكم؟ قالوا‪ :‬جلسنا نككر ان‪.‬‬

‫قال‪ :‬آن ما أجلسكم ال اك؟‬

‫قالوا‪ :‬ما أجلسنا ال اك‪،‬‬

‫قال‪ :‬أما ين مل أسـتحلفكم مــة لكـم ومـا كــان أحــد مبنـزلأ مـن رسـول ان‬
‫ل أقل عنر حديثا مه‪ :‬ن رسول ان ل خرج علَ حلقة من أصحابر‪،‬‬

‫… ‪… 78‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬
‫فـقـ ـال‪ :‬مـ ـا أجلسـ ــكم؟ قـ ــالوا‪ :‬جلسـ ـنا نـ ـككر ان‪ ،‬و مـ ــده علـ ـَ ماهـ ـدا‬
‫لإلسالم‪ ،‬ومن بر علينا‪.‬‬

‫قال‪ :‬آن ما أجلسكم ال اك؟ قالوا‪ :‬وان ما أجلسنا ال اك‪.‬‬

‫قــال‪ :‬أمــا ين مل أسـتحلفكم مــة لكـم‪ ،‬ولكنـر أاتين جربيــل فـأخربين أن ان‬
‫يباهي بكم املالئكة"(‪.)1‬‬

‫ورو الطرباين‪ :‬عن ابن عبا قال‪ :‬قال رسول ان صلَ هللا علير وسلم‪:‬‬

‫م ـن ق ـال‪ :‬ج ـز ان عن ـا حمم ـدا مب ـا ه ـو أهل ـر‪ ،‬أتـع ـب س ـبعني كاتب ـا أل ـف‬
‫صبا )(‪.)2‬‬

‫اللهــم ارصقنــا شــفاعتر واســقنا مــن يــده الش ـريفة ش ـربة مــام ال نظمــأ بعــدها‬
‫واملســلمني‪ ،‬ونشــهد أن ـر قــد بل ـا رســالة رب العــاملني وأد األمانــة ونصــي‬
‫األمة وأصا عنها الغمة وجعلها علَ احملجـة البي ــام ليلهــا كنهارهــا ال يزيــا‬
‫عنها ال ضال‪...‬‬

‫وأصلي وأسلم علَ من هكه صفاتر وأخالقر ومشائلر‪.‬‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬رواه اإلمام مسلم‪..‬‬


‫(‪.1450/4 )2‬‬

‫… ‪… 79‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫… ‪… 80‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫‪2017‬‬

‫‪.‬‬

‫‪‬‬

‫… ‪… 81‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫… ‪… 82‬‬
‫…………………‬ ‫………………… أدب وصف أم معبد للرسول ‪‬‬

‫اإلهدام ‪6 ...........................................................‬‬

‫مقدمة‪7 .............................................................‬‬

‫من أين لك هكا اللَب اي أم معبد‪22 ................................ ..‬‬

‫أدب الوصف يف عق أم معبد‪28 .....................................‬‬

‫كلمة حق ألم معبد‪46 ............................................ ..‬‬

‫مولد الربيع النبوي‪56 ............................................. ..‬‬

‫احملتوايت ‪83 ........................................................‬‬

‫‪‬‬

‫… ‪… 83‬‬
‫………………… كـ ــأن ــك تـراه …………………‬

‫… ‪… 84‬‬

You might also like