Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 4

‫إذا كان مفھوم الشخص یحیل على الذات الواعیة والحرة واألخالقیة والمسؤولة باعتبار ھذه األبعاد ھي ما‬

‫یحدد ھویة وماھیة وجوھر الشخص‪ ،‬فھل ھویة الشخص قائمة على المطابقة والتمركز حول الذات أم‬
‫ھویته مستمدة من انفتاحه الدائم على العالم واآلخرین؟‪.‬ھل یكفي القول بمعیار الفكر والوعي والشعور‬
‫والقدرة على التذكر كأساس للھویة الشخصیة أم أن لإلرادة دور في تحدید ھذه الھویة الشخصیة؟ وإلى أي‬
‫حد يمكن اعتبار أنها تتحدد ال شعوريا ؟‬

‫فمن أین یستمد الشخص قیمته؟ ھل انطالقا من كونه شخصا مالكا للوعي والفكر والحریة واألخالق‬
‫والحقوق أي باعتباره غایة في ذاتھ أم من كونھ وسیلة یمكن توظیفھا ألجل غایات أسمى؟‬

‫إن التفكیر في موضوع حریة الشخص بشكل خاص ھو أصال تفكیر في اإلنسان ككل‪ ،‬والعكس صحیح‪،‬‬
‫من ھنا نفھم الداللة العمیقة لسؤال "ما اإلنسان؟" الذي ھو في األصل سؤال عن مصیر اإلنسان‪ ،‬أي‪ :‬ھل‬
‫یمكن أن یتحكم ویسیطر اإلنسان على مصیره الخاص؟ ھل ھو حر بما یكفي؟ وھل یمكن أن یصبح حرا‬
‫أكثر‪ ،‬وبالتالي ما السبیل إلى تقلیص الموانع وتوسیع دائرة حریته؟‪.‬‬

‫لیس ثمة ذات بدون الغیر‪ ،‬وسواء كان الغیر الذي أتصارع معھ وأتمرد علیھ وأسخر منھ أم كان ھو‬
‫الصدیق الذي أتعاطف معھ وأنجذب إلیھ فإنني في كلتا الحالتین ال أستطیع أن أعیش بدونھ‪ ،‬وال أملك سوى‬
‫أن أحدد وجودي بإزائھ‪ ،‬إن وجود الغیر قضیة أساسیة تتطلب منا معالجتھا فلسفیا إستحضار اإلشكاالت‬
‫التالیة‪:‬ھل وجود الغیر ضروري لكي أحقق وعیي بذاتي؟ بعبارة أخرى ھل وعیي بذاتي ھو وعي مباشر‬
‫ومستقل أم أن وعیي بذاتي ال بد أن یمر عن طریق الغیر؟ وكیف یمكنني إدراك وجود ھذا الغیر؟ ھل‬
‫بوصفھ شيء من األشیاء الموجودة في الطبیعة أم باعتباره أنا آخر غیري یستحق التقدیر واالحترام؟وكیف‬
‫یمكن أن یعترف بي من طرف ھذا الغیر؟ ھل من خالل الصراع من أجل االعتراف أم من خالل اإلعتراف‬
‫المتبادل؟‪.‬‬

‫فعل المعرفة یقتضي اإلستناد إلى العدید من الخطوات التي تؤسس لھذه المعرفة وخاصة العلمیة منھا ك‪:‬‬
‫(المالحظة‪/‬الموضعة‪/‬التشیيء‪/‬العزل‪/‬التجریب) وھي الخطوات التي ال یمكن أن نخضع إلیھا الغیر‪،‬‬
‫وحتى إن ادعینا إمكانیة ذلك فلن نعرف سوى جسمھ وجسده أما عالمھ الداخلي فیظل عسیرا على المعرفة‬
‫وصعبا على االختراق‪ ،‬من ھنا تصدر إشكالیة معرفة الغیر التي نجملھا في ‪ :‬أال یؤدي فعل المعرفة‬
‫باعتباره ارتبط تاریخیا بالعلم والطبیعیة إلى تشیيء وموضعة اإلنسان وسلبھ كل خصائصھ الصوریة‬
‫(الوعي‪/‬الحریة‪/‬االستقاللیة‪/‬المسؤولیة‪ )/‬؟ وھل معرفة الغیر ممكنة أم مستحیلة؟ وإذا كانت ممكنة فھل ھي‬
‫مطلقة ونھائیة وقابلة لتعمیم أم أنھا مجرد ظنون وأوھام وتخمینات قد یساھم ھذا الغیر في حد ذاتھ في خلقھا‬
‫لدي حینما یقدم نفسھ أمامي بصورة معینة؟‬
‫ما جعل الفالسفة یفكرون في الغیر وفي التنظیر للعالقة معھ على أسس أخالقیة تتجاوز اإلكراه القانوني‬
‫إلى االلتزام األخالقي تجاه ھذا الغیر باعتباره ذاتا وأنا آخر‪ ،‬ولیس عدوا دائما أو خصما أو نقیضا مھددا‬
‫لألنا ومن ھنا یمكن التفكیر في إشكالیة العالقة مع الغیر انطالقا من جملة التساؤالت الفلسفیة ‪ :‬ما طبیعة‬
‫العالقة التي تجمع األنا بالغیر؟ ھل ھي عالقة أساسھا المتعة والمنفعة أم عالقة أساسھا الفضیلة؟ھل نصادق‬
‫اآلخرین ألننا نبحث عن الكمال أم ألننا نحس بالنقص؟ھل العالقة مع الغیر غایتھا حفظ البقاء والنوع أم‬
‫غایتھا تأسیس مجتمع یسوده التضامن والتسامح وینبذ الحرب والعنف؟‬

‫یتفق العدید من فالسفة العلم والعلماء على القول بأن نظریة ما ال تصبح علمیة إال إذا أثبتتھا التجربة‪،‬‬
‫فاالتفاق یشكل بالنسبة للنظریة الشرط الوحید لحقیقتھا‪ ،‬لكن ما المقصود بالتجربة وفق ھذا القول؟ ھل‬
‫المقصود التجربة العفویة والتلقائیة التي على العالم مالحظتھا بدقة واإلصغاء إلیھا بأمانة وبدون أیة أطر‬
‫نظریة‪ ،‬أم أن المقصود بھا ھو التجربة المصطنعة التي تتم في ظروف ووفق خطوات محددة مسبقا‬
‫بالنظریة نفسھا التي نسعى للتأكد من صدقھا؟ ھل العالم حینما یقوم بالتجربة یكون بمثابة اآللة التي تسجل‬
‫بأمانة ما تراه وتسمعھا في الواقع في استقالل عن الذاتیة أم معناه أن العالم ھو الذي یشید ویبني نموذجا‬
‫تجریبیا وفق خطوات یحددھا ھو بنفسه؟ بعبارة أوجز ھل ما یؤكد علمیة نظریة ما ھو التجربة باعتبارھا‬
‫إنصات وإصغاء ومالحظة للواقع أم ھو التجریب باعتباره مساءلة واستنطاق منھجي لھذا الواقع؟‬

‫لقد كانت العقالنیة العلمیة ھي ثورة على العقالنیة الدینیة للقرون الوسطى‪ ،‬وقد قیست قیمتھا بالنتائج التقنیة‬
‫التي أدت إلى تثویر الواقع والتأثیر فیه وھو ما یدفعنا للتساؤل‪:‬حول ‪ :‬ما ھي خصائص العقالنیة العلمیة؟‬
‫وما ھي أسسھا و مرتكزاتھا؟ ھل ھي عقالنیة نسبیة أم عقالنیة مطلقة؟ھل اإلنتماء إلى العقالنیة العلمیة‬
‫معناه اإلیمان بأن التجریب العلمي ھو المصدر الوحید لكل معرفة علمیة أم معناه بأن العقل ھو مصدر ھذه‬
‫المعرفة؟ماھو دور كل من العقل والتجربة في إنتاج المعرفة العلمیة؟وما الفرق بین العقالنیة الفلسفیة‬
‫والعقالنیة العلمیة؟‪.‬‬

‫یتم تصنیف المعارف إلى علمیة وعادیة‪ ،‬فالمعارف العلمیة ھي نتاج نظریات علمیة تتسم المعرفة التي‬
‫تنتجھا باإلطالقیة والشمولیة‪ ،‬بینما المعارف العادیة والتلقائیة ھي نتاج الخبرة المباشرة الني نكتسبھا من‬
‫خالل احتكاكنا بالواقع‪ ،‬لكن من خالل تأملنا في التحوالت التي عرفتھا العلوم و الثورات التي حدثت على‬
‫مستواھا والتي مست أسسھا ویقینیاتھا‪ ،‬یمكننا التساؤل حول المعیار الذي یمكن من خاللھ أن نحكم على‬
‫علمیة نظریة علمیة‪ ،‬فماھي الخصائص والشروط الواجب توفرھا في نظریة ما لتكون نظریة علمیة؟‬
‫بعبارة أخرى‪ ،‬ماھي معاییر علمیة النظریات العلمیة؟ وما ھي مقاییس صدقھا وصالحیتھا؟ ھل التطابق مع‬
‫التجربة (الواقع) أم االتساق واإلنسجام المنطقي الداخلي بین مبادئھا؟‬

‫یعتقد جمیع الناس أن ما یعرفونه ویرونه ھو حقیقي بالنسبة إلیھم وإلى الجماعة التي ینتمون إلیھا‪ ،‬لكن العلم‬
‫في كل مرة یقلب أوھامنا ویكشف لنا أن أغلب ما اعتقدنا بكونه حقیقي لیس سوى رأي ومعرفة تلقائیة‬
‫وظنیة متغیرة‪ ،‬و انطالقا من مختلف الدالالت التي تحیل علیھا مختلف المفاھیم یمكننا صیاغة اإلشكال‬
‫الفلسفي ‪:‬ما طبیعة العالقة بین الرأي والحقیقة؟ھل ھي عالقة اتصال أم انفصال؟بعبارة أخرى ھل یمكن أن‬
‫نعتمد على اآلراء المشتركة والشائعة في تأسیس الحقیقة أم یجب تجاوزھا ونسفھا؟وھل الحقیقة معطاة‬
‫بشكل قبلي في الواقع أم ھي نتیجة بناء وحوار بین العقل والواقع وبین الفكر ومواضیعھ؟‬

‫یحیل مفھوم المعیار على األداة التي من خاللھا نقیم الشيء ونقیس وزن ه وكمیته وحجمه وفي مجال الفلسفة‬
‫فالمعیار ھو المقیاس الذي من خاللھ نحكم على شيء ما‪ ،‬وعلى ھذا األساس فإن اإلشكال ھنا ھو المقیاس‬
‫الذي من خاللھ نتمكن من معرفة ما ھو حقیقة‪ ،‬لكن إذا كانت الحقیقة تتعارض مع الرأي ولیست في متناول‬
‫جمیع الناس كما ذھب إلى ذلك أفالطون في أسطورة الكھف الذي جعلھا حكرا على العالم والفیلسوف‪،‬‬
‫فكیف نستطیع بلوغ الحقیقة وتأسیسھا؟ وما ھو المعیار الذي نستطیع من خالله الحكم على أن معرفة ما ھي‬
‫معرفة حقیقة؟ھل معیار المطابقة مع الواقع أم معیار المطابقة مع العقل أم معیار المطابقة لذاتھا؟‬

‫نعثر في قلب كل المشاریع الفلسفیة سواء التي تنتمي إلى الفلسفات التقلیدیة أو التي تنتمي إلى المعاصرة‬
‫حضورا واضحا للحقیقة وللبحث عنھا‪ ،‬وكأن لھذه الحقیقة قیمة ما تحملھا‪ ،‬فالمواطن یطالب السیاسي‬
‫بالحقیقة‪ ،‬ورجل السیاسة یؤكد للمواطن أنھ یقول الحقیقة بخالف غیره‪ ،‬فالشيء نتداولھ أو نتحدث فیھ أو‬
‫نؤسسه سواء كان علما أو فلسفة وإال و كان ادعائنا ھو البحث عن الحقیقة‪ ،‬نظرا لكونھا تمثل ما یریده‬
‫الناس‪ ،‬ویتخذونھا مثال أعلى ونموذجا یسعى لتحصیلھ كل فكر سواء كان نظریا أو عملیا‪ ،‬فھل الحقیقة غایة‬
‫في ذاتھا أم مجرد وسیلة لتحقیق المنفعة والمصلحة؟ وھل تتحدد قیمة الحقیقة بما ھو أخالقي أم بما ھو‬
‫عملي ونفعي؟‪.‬‬

‫تعّر ف "الدولة" بكونھا مجموع المؤسسات القانونیة واإلداریة والعسكریة التي یتم إنشاؤھا من لدن جماعة‬
‫من الناس بموجب عقد مشترك لغرض تنظیم حیاتھم في كافة المیادین والمجاالت" األمر الذي یجعل مفھوم‬
‫الدولة ینطوي على مفارقة فلسفیة مھمة‪ ،‬إذ تتجاور فیه مفاھیم أخرى متقابلة وقیم متضادة (بین ادعائھا‬
‫لتحقیق األمن وممارستھا للعنف مثال) من ھنا یمكن أن نطرح مجموعة من اإلشكاالت الفلسفیة ونتساءل ما‬
‫الغایة من تأسیس الدولة ومن أین تستمد مشروعیتھا؟ وما الغایة من وجودھا أصال؟‬

‫لم تعد السلطة دائما ممركزة في ید الدولة وفي أجھزتھا المركزیة وكأنھا قدرة فزیائیة قابلة للتوزیع أو‬
‫المركزة‪ ،‬بل أصبحت السلطة منتشرة في ثنایا الجسم اإلجتماعي وبالتالي فھي مجرد عالقات وصراع‬
‫إرادات وقوى في نھایة المطاف‪ ،‬حتى إن اعتبرنا السلطة أمرا مالزما لكل دولة‪ ،‬فھذه األخیرة ال یمكنھا‬
‫تحقیق غایتھا وإخضاع األفراد لقوانینھا إال من خالل سلطة تخول ممارستھا لجھات وقوى معینة‪ :‬فأین‬
‫تكمن وتتحدد الجھات المخول لھا ممارسة السلطة في الدولة؟ھل تتحدد فقط في ید الحاكم أم تمارس عبر‬
‫أجھزة ومؤسسات؟ ھل یمكن اعتبار السلطة دائما ممركزة في مؤسسات الدولة أم أنھا مشتتة وحاضرة لدى‬
‫كل القوى الفاعلة داخل المجتمع بما فیھا تلك التي تعمل ضد السلطة؟‬

‫الدولة ال تكتفي بالقوانین‪ ،‬بل أحیانا ترى في ممارسة العنف الحل الوحید في تعاملھا مع مطالب مواطنیھا‪،‬‬
‫مما یجعلھا منخرطة في ممارسة العنف الذي ادعت أنھا ستقضي علیه مبررة ذلك بكونه ممارسة‬
‫مشروعة‪ ،‬وفي ھذا الصدد وجب التساؤل فلسفیا‪ :‬ھل یحق للدولة ممارسة العنف؟ ألیس تناقضا أن تلجأ‬
‫الدولة إلى استخدام القوة والعنف من أجل تجاوز العنف والقوة التي تصدر من المواطنین؟ھل یمكن تبریر‬
‫ممارسة العنف بأي شكل من األشكال سوءا من طرف الدولة أم طرف المواطنین؟ وھل عنف الدولة ھو‬
‫عنف مشروع وقانوني؟ وھل یمكن تبریر العنف الذي تمارسه الدولة أصال؟ وھل یمكن الحدیث عن عنف‬
‫مشروع؟بعبارة أدق أیة مشروعیة یمتلكھا العنف؟‬

‫اذا كان الحق معطى طبیعي یتجسد في كونھ مثال أخالقي فإنھ ال یصبح ذا قوة إلزامیة إال حینما یتم تقنینھ‬
‫والتواضع علیھ بكونھ حقا لكي تكون لھ قوة إكراھیة‪ ،‬وعلى ھذا األساس نتساءل ‪:‬ھل الحق قیمة متجذرة‬
‫في طبیعة اإلنسان األصلیة؟ أم ھو قیمة ثقافیة وضعیة؟ ھل وجد الحق منذ وجد اإلنسان الطبیعي؟ أم ھو‬
‫نتیجة اتفاق إرادي أبدعھ اإلنسان المدني؟ومن أین یستمد الحق قوتھ اإللزامیة ھل من القانون أم من قیمتھ‬
‫األخالقیة؟بعبارة أخرى ھل یتأسس الحق على ما ھو طبیعي أم على ما ھو وضعي؟‪.‬‬

You might also like