عقود المشتقات المالية بين التكييف الشرعي والتكييف القانوني للطالبة أميمة مطيع

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 110

‫ماستر‪ :‬المالية التشاركية‬

‫الفوج الثالث‬
‫رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص‬
‫تحت عنوان‪:‬‬

‫عقود المشتقات المالية بين التكييف‬


‫الشرعي والتكييف القانوني‬

‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫من إعداد الطالبة‪:‬‬

‫د‪ .‬أحمد حميوي‬ ‫أميمة مطيع‬

‫لجنة المناقشة‪:‬‬
‫رئيسا ومشرفا‬ ‫أستاذ مؤهل بكلية الحقوق بفاس‬ ‫د‪ .‬أحمد حميوي‬ ‫•‬
‫عضوة‬ ‫أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق بفاس‬ ‫دة‪ .‬كنزة حرشي‬ ‫•‬
‫عضوة‬ ‫أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق بفاس‬ ‫دة‪ .‬سهيلة بوزالفة‬ ‫•‬
‫عضوة‬ ‫أستاذة مؤهلة بكلية الحقوق بفاس‬ ‫دة نرجس البكوري‬ ‫•‬

‫السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪2022-2023‬‬
‫بسم للا الرحمن الرحيم‬
‫إهداء‬
‫إذا كان أول الطريق ألم فإن آخره تحقيق حلم ‪،‬وإذا كانت أول انطالقة دمعة فإن نهايتها بسمة‪،‬‬
‫وكل بداية البد لها من نهاية‪ .‬وها هي السنوات قد مرت والحلم يتحقق فاللهم لك الحمد قبل أن ترضى ولك‬
‫الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا ألنك وفقتني إلتمام هذا العمل‪ ،‬أهدي هذا العمل إلى‪:‬‬

‫إلى روح جدتي الغالية‪ ،‬توالها للا برحمته‪.‬‬

‫إلى من شرف للا من قدرهما وقال في شأنهما ‪:‬‬

‫وال تقل لهما أف وال تنهرهما ‪ ،‬وقل لهما قوال كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل‬
‫ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا‬

‫صدق للا العظيم‬

‫إلى من جعلت الجنة تحت أقدامها أمي قرة عيني وأعز ما أملك‪ ،‬غاليتي التي سهرت وكانت معي‬
‫في أسوء حاالتي وظروفي وضغوطاتي ‪،‬يكفي أن تعرفي أن لكي بنت تنتظر فرصة واحدة لتقدم لك الروح‬
‫والقلب والعين هدية رخيصة لك لما قدمتميه‪ ،‬وها اليوم صفقي فبنتك كبرت وأصبحت خريجة‪ ،‬شكرا لك‬
‫ألنك أنت من صنعتي لي هذا االسم حماك للا وأدامك نورا يضيء بيتنا‪.‬‬

‫إلى أبي الذي أحمل إسمه بكل افتخار‪ ،‬سندي وقوتي الذي عندما تميل بي الدنيا أسند نفسي عليه‬
‫‪،‬الذي لم يبخل علي يوما بشيء ووقف معي وشجعني وتعب ألجلي والذي لواله لما وصلت إلى هذا‬
‫المستوى‪ ،‬حفظك للا وأدامك تاجا فوق رأسي ‪.‬‬

‫إلى من أضاءوا لي ظلمة الجهل وأناروا لي دروب الحياة‪...‬‬

‫أساتذتي األعزاء‪.‬‬

‫إلى كل أصدقائي وصديقات درب الدراسة والعشرة ‪...‬وكل من أهداني‪:‬‬

‫كلمة‪ ،‬نصيحة ‪،‬ابتسامة‬


‫كلمة شكر وتقدير‬

‫نحمد للا سبحانه وتعالى الذي أعاننا بحوله وقوته على إنجاز هذا البحث ونصلي ونسلم على رسوله‬
‫األمين سيدنا محمد بن عبد للا وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين‪ .‬أما بعد‪:‬‬

‫فإنه يسعدني أن أتقدم بكل معاني الشكر واالحترام والتقدير إلى األستاذ أحمد حميوي على موافقته‬
‫اإلشراف على هذا البحث ‪،‬وبما أفادني به من خبرته الواسعة وثقافته العالية‪ ،‬إذ لم يبخل علي بنصائحه‬
‫القيمة وتوجيهاته السديدة فجزاه للا عنها كل الخير‪.‬‬

‫كما أتقدم بالشكر والتقدير واالحترام لألساتذة األفاضل أعضاء لجنة المناقشة لقبول مناقشة هذه الرسالة‬
‫رغم انشغاالتهم الكثيرة ووقتهم الثمين‪ ،‬فلكم مني جزيل الشكر ‪.‬‬

‫كما أتوجه بالشكر الجزيل إلى جميع أساتذتي األفاضل بماستر المالية التشاركية بكلية الحقوق بفاس على‬
‫نصائحهم القيمة طيلة سنتين من التكوين والدراسة بسلك الماستر‪.‬‬

‫وأسأل للا التوفيق والسداد لكل طالب عالم‪.‬‬

‫مع فائق االحترام والتقدير ‪:‬‬

‫أميمة مطيع‬
‫المقدمة‬

‫اإلطار العام‪:‬‬

‫تعد األسواق المالية ركنا هاما من أركان هيكل النظام التمويلي في النظم االقتصادية‬
‫‪1‬‬
‫التي تعتمد بالدرجة األولى على النشاط الفردي والحريات االقتصادية‪.‬‬

‫وتحتل سوق األوراق المالية مكانة مهمة في المجال االقتصادي اليوم نظرا لما يمكن‬
‫أن توفره هذه األسواق من فرص لتمويل التنمية االقتصادية‪ ،‬وزادت أهميتها مع التطورات‬
‫التكنولوجية خاصة في مجال تكنولوجيات اإلعالم واالتصال‪ ،‬هذه األخيرة ساهمت بشكل كبير‬
‫في زيادة نطاق العولمة بكل أشكالها‪ ،‬إضافة إلى ما سبق‪ ،‬عمل التطور الكبير في معظم‬
‫المؤسسات المالية واالقتصادية على حد سواء عمل على رفع مستوى المنافسة بين المؤسسات‪،‬‬
‫ومحاولة كل منها لالستفادة أكثر من الفرص االستثمارية والتمويلية التي قد توفرها أسواق‬
‫األورا ق المالية على المستوى العلمي‪ ،‬مما وضع أسواق األوراق المالية أمام تحدي مواكبة‬
‫التغيرات العالمية واالقتصادية وتحدي توفير فرص استثمار‪ ،‬وتمويل لكل المتعاملين في‬
‫األسواق سواء المستثمرين الصغار أو الكبار‪.‬‬

‫و هذا ما دفع بالمنتجين في كل األسواق إلى السعي لتطوير المنتجات المالية وتنويعها بما‬
‫‪2‬‬
‫يتوافق مع متطلبات تطوير أسواق األوراق المالية‪.‬‬

‫اإلطار الخاص‪:‬‬

‫وأمام التطور الذي عرفته األسواق المالية في السنوات القليلة الماضية وجدت أنواع‬
‫من المعامالت المالية التي لم تكن معروفة من قبل الغاية منها إدارة مخاطر السيولة وتقليلها‪،‬‬
‫ومن هذه المعامالت المشتقات المالية التي بدأت تأخذ حيزا كبيرا في تعامالت األسواق المالية‪.‬‬

‫‪ 1‬هشام بخفاوي‪ ،‬الوج يز في األسواق المالية‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2015 ،‬ص‪.10 :‬‬
‫‪ 2‬قط سليم ومفتاح صالح‪ ،‬المشتقات المالية من منظور إسالمي كبديل للمشتقات المالية الوضعية في أسواق األوراق المالية اإلسالمية‪ ،‬مجلة الحقوق‬
‫والعلوم اإلنسانية الصادرة عن جامعة زيان عاشور بالجلفة‪ ،‬العدد ‪ ،)1( 20‬ص‪ ،158 :‬منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/downArticle/417/2/2/85584‬‬

‫‪1‬‬
‫إذ تعد المشتقات المالية اليوم من األدوات الحديثة المستخدمة في األسواق المالية ‪،‬حيث‬
‫شكلت نوعا من أنواع الهندسة المالية العصرية ‪،‬فنتج عنها العديد من الصيغ والعقود في‬
‫األسواق المالية‪.‬‬

‫وال شك بأن المشتقات المالية تمثل نوعا من أنواع االستثمار وأداة من أدوات التحوط‪،‬‬
‫والتخفيف من المخاطر وآثارها كفوات ربح متوقع‪ ،‬أو تآكل رأس المال‪.‬‬

‫اإلطار المفاهيمي‪:‬‬

‫فالمشتقات المالية هي عبارة عن أداة مالية تعتمد قيمتها على قيم متغيرات أخرى‬
‫أصلية‪.‬‬

‫وعرفت أيضا بأنها عبارة عن عقود فرعية تبنى أو تشتق من عقود أساسية ألدوات‬
‫استثمارية‪ :‬أوراق مالية ‪ -‬عمالت‪ ...‬فتنشأ عن تلك العقود الفرعية أدوات استثمارية مشتقة‪.‬‬

‫كما ع رفت بأنها العقود التي ترد على أصول مالية أو مادية أو على حق أو بيع أو‬
‫شراء تلك األصول من غير أن تكون تلك األصول مرادة للمتعاقدين ‪،‬وإنما يراد بتحقيق الربح‬
‫من خالل الفرق بين القيمة المتفق عليها لتلك األصول وبين قيمتها السوقية في األجل المحدد‪.‬‬

‫وقد عرفها بنك التسويات الدولية على أنها ‪":‬عقود تتوقف قيمتها على أسعار األصول‬
‫المالية محل التعاقد ولكنها ال تقتضي أو تتطلب استثمارا لألصل المالي لهذه األصول"‪.3‬‬

‫وبالتالي يمكن القول بأن المشتقات المالية هي عقود تعطي ألحد الطرفين الحق في أصل‬
‫معين في تاريخ محدد‪ ،‬تلزم الطرف اآلخر باحترام التزام مماثل يتعلق العقد بأصل مالي أو‬
‫بمبلغ من العمالت أو كمية من المواد األولية ‪،‬كما قد يتعلق بمؤشر من المؤشرات ويربط‬

‫‪ 3‬حسني مبروك فرج الضالعين‪ ،‬المشتقات المالية وأحكامها‪ ،‬دراسة فقهية مقارنة‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‪ ،‬كلية الدراسات العليا ‪ ،‬الجامعة‬
‫األردنية ‪ ،‬سنة ‪ ،2017‬ص‪.9- 8 :‬‬

‫‪2‬‬
‫الطرفين بطريقة ملزمة ‪،‬أو قد يعطي لواحد منهما إمكانية تنفيذ العقد أو عدم تنفيده ‪،‬ويعتمد‬
‫السعر السوقي في المشتقات على سعر األصل المتعاقد عليه منذ نشأة العقد‪.‬‬

‫وتنقسم المشتقات المالية إلى أربعة أنواع رئيسية‪ :‬عقود الخيارات‪ ،‬العقود المستقبلية‬
‫والعقود اآلجلة وعقود المبادالت‪ ،‬وقد يكون موضوع هذه العقود منتجات وسلع حقيقية أو‬
‫أوراق مالية من أسهم وسندات وعمالت أجنبية ‪،‬وتتداول هذه األدوات المشتقة إما في‬
‫البورصات المنظمة أو في األسواق الموازية أو أسواق فوق الحاجز‪.‬‬

‫اإلطار التاريخي‪:‬‬

‫وتمثل المشتقات المالية إحدى التطورات الرئيسية في األسواق المالية‪ ،‬حيث بدأ التعامل‬
‫بها بشكل كبير مطلع الثمانينات‪ ،‬وازداد ذلك في اآلونة األخيرة ازديادا كبيرا‪ ،‬ووفقا‬
‫لإلحصائيات الرئيسية فقد ارتفع التعامل بالمشتقات من مائة ترليون دوالر عام ‪ ،1998‬إلى‬
‫أكثر من ثالثة مائة ترليون دوالر خالل عام ‪ ،2005‬أي أنها تضاعفت ثالث مرات في أقل‬
‫من سبع سنوات‪ ،‬ثم وصلت في عام ‪ 2008‬إلى ستة مائة تريليون دوالر وفقا لمفوض‬
‫الرقابة المصرفية في االتحاد األوروبي تشارلي‪.4‬‬

‫وقد شهدت المشتقات المالية تطورا ملحوظا انطالقا من سنة ‪ 1970‬في الواليات‬
‫المتحدة األمريكية‪ ،‬ومن أهم أسو اق المشتقات التي استحدثت آنذاك سوق اللوحة التجارية‬
‫لشيكاغو والسوق التجاري للتبادل لشيكاغو‪ ،‬لتظهر بعدها أسواق أخرى في أوروبا مثل سوق‬
‫لندن للمشتقات المالية سنه ‪ ،1980‬والسوق الفرنسي للمشتقات المالية في سنة ‪ ،1986‬حيث‬
‫‪5‬‬
‫شهدت ‪ 30‬سنة األخيرة من القرن ‪ 20‬الماضي زيادة مستمرة في تداول المشتقات المالية‪،‬‬
‫لما توفره من فرص المضاربة‪ ،‬وتقليل أخطار الصرف ‪،‬ومعدل الفائدة‪ ،‬باإلضافة إلى تجنب‬

‫‪ 4‬المهدي أندجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني‪ ،‬رسالة لنيل ديلوم الماستر المتخصص في القانون والبنوك التشاركية والتأمينات التكافلية بكلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة إبن زهر أكادير‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2019/2018‬ص‪ 6:‬منشورة على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://www.droitarabic.com/2020/05/pdf_21.html‬‬
‫‪ 5‬رسل كريم ناصر‪ ،‬تطور حجم أسواق المشتقات المالية في العالم في الفترة مابين ‪2005‬و ‪،2017‬منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪ https://eco.nahrainuniv.edu.iq‬تاريخ الدخول ‪ 2023/06/21‬على الساعة‪.21:16:‬‬

‫‪3‬‬
‫القوانين التنظيمية على غرار االحتياطي المفروض على الودائع ‪،‬وكذلك التطور التكنولوجي‬
‫الذي أدى إلى تطوير التقنيات واألساليب الفنية لتقييم الخدمات المالية‪.‬‬

‫و أمام هذا التطور الذي تعرفه أسواق المشتقات المالية كان لزاما على المغرب في‬
‫إطار تجديد وتحديث الترسانة القانونية ألسواق الرساميل لتطوير االقتصاد الوطني وجاذبيته‬
‫‪ 642.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية‪ .‬وقد أشار لعقود‬ ‫إصدار القانون رقم‬
‫المشتقات المالية باعتبارها أدوات مالية آجلة يتم التعامل بها داخل السوق اآلجلة ‪،‬وتتمثل أهمية‬
‫هذا التقنين في حاجة السوق المالي المغربي لها للتغطية ضد تقلبات أسعار عدة أصول أساسية‬
‫‪7‬‬
‫كالسلع الطاقية والمواد األولية التي يستوردها المغرب من الخارج‪.‬‬

‫وتعد عقود الخيارات والعقود المستقبلية واآلجلة وعقود المبادالت محل موضوع البحث‬
‫من أهم أنواع المشتقات المالية‪ ،‬وقد تنامى التعامل بها خالل العقود األخيرة من القرن العشرين‬
‫نتيجة للمخاطر المفرطة التي واجهت المستثمرين في األسواق الفورية بسبب األزمات المالية‬
‫وانهيار العديد من األسواق المالية المحلية والدولية‪ ،‬إذ وفرت هذه العقود للمستثمرين غطاء‬
‫االنتفاع من توقعات هم المستقبلية بشأن األسعار السوقية من جانب وحماية االستثمار من خالل‬
‫تقرير المخاطر‪.‬‬

‫أهمية الموضوع‬

‫وتكمن أهمية دراسة عقود المشتقات المالية في عدة مستويات فعلى المستوى القانوني‬
‫تعتبر عقود المشتقات المالية من العقود المستحدثة في القانون المغربي‪ ،‬ونظرا لحداثة التعامل‬

‫‪ 6‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.14.96‬الصادر في ‪ 20‬من رجب ‪ 20( 1435‬ماي ‪ )2014‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 42.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات‬
‫المالية المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 6263‬الصادر في ‪ 11‬شعبان ‪ 9( 1435‬يونيو ‪.)2014‬‬

‫‪7‬المهدي أندجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 6:‬‬

‫‪4‬‬
‫بها على المستوى الوطني فهي لم تحظ بدراسة قانونية من طرف الباحثين بمجال األسواق‬
‫المالية بالمغرب‪.‬‬

‫كما يحتل موضوع عقود المشتقات المالية أهمية بالغة على المستوى الشرعي فنظرا‬
‫لحداثة هذه العقود وازدياد حجم التعامل بها كان لزاما على الفقهاء المعاصرين محاولة تكييف‬
‫هذه العقود من الناحية الشرعية للتأكد من مدى صحة التعامل بها من عدمه وكذلك محاولة‬
‫إيجاد بدائل شر عية لهذه العقود لما لها من أهمية بالغة على مستوى تنشيط المعامالت داخل‬
‫األسواق المالية‪.‬‬

‫أما على المستوى العملي‪ ،‬فالتعامل بعقود المشتقات داخل األسواق المالية ينتج عنه‬
‫مخاطر كبيرة لألطراف المتعاملين بها الرتباطها بأسعار السوق‪ ،‬مما يجعل أحد األطراف‬
‫يتحمل خسائر كبيرة تجعله في حالة عجز عن أداء التزامه‪ ،‬ومن هنا تظهر أهمية السوق اآلجلة‬
‫وأجهزتها من خالل ضمان تنفيذ هذه العقود عند حلول تاريخ االستحقاق‪.‬‬

‫إشكالية البحث‬

‫وبما أن موضوعي ينصب على دراسة عقود المشتقات المالية (عقود الخيارات وعقود‬
‫المبادالت والعقود المستقبلية واآلجلة ) من الناحية الشرعية والقانونية ‪ ،‬فلهذا تكمن اإلشكالية‬
‫الرئيسية في تأرجح آراء الفقهاء حول مشروعية عقود المشتقات المالية‪ ،‬ووجود فراغ تشريعي‬
‫في مجال تنظيم هذه العقود ‪،‬وبالتالي يمكن القول‪:‬‬

‫إلى أي حد يمكن اعتبار عقود المشتقات المالية عقود مطابقة لألحكام الشرعية‬
‫والمقتضيات القانونية المغربية؟‬

‫‪5‬‬
‫المنهج المعتمد‬

‫لقد اعتمدت في دراستي لهذا الموضوع على المنهج التحليلي‪ ،‬وذلك بتحليل أحكام‬
‫عقود المشتقات المالية من الناحية الشرعية‪ ،‬وكذا أحكامها الواردة في القانون رقم ‪42.12‬‬
‫المتعلق بالسوق اآلجلة‪.‬‬

‫خطة البحث‬

‫ولإلجابة على اإلشكالية الواردة أعاله‪ ،‬وكذا اإلشكاالت المتفرعة عنها سأتناول هذا‬
‫الموضوع باعتماد التصميم التالي‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬عقود الخيارات وعقود المبادالت‬

‫الفصل الثاني‪ :‬العقود المستقبلية واآلجلة‬

‫‪6‬‬
‫الفصل األول‪ :‬عقود الخيارات وعقود المبادالت‬

‫تشكل عقود الخيارات أهم قسم من أقسام المشتقات المالية ومن أبرز العقود المتداولة في‬
‫األسواق المالية إلى جانب العقود اآلجلة والمستقبلية‪ ،‬ويرجع ذلك إلى المميزات الخاصة لهذه‬
‫العقود‪ ،‬ودورها في الحماية من المخاطر المتوقعة في المستقبل‪ ،‬وفي تحقيق األرباح للمتعاملين‬
‫في األسواق المالية ‪.‬‬

‫وقد تعامل النا س بعقود الخيارات منذ قرون عديدة‪ ،‬وذلك من خالل مكاتب التجار‬
‫وبيوت السماسرة واألسواق المنظمة‪ ،‬وتعد عقود الخيارات من التطورات الحديثة لمعامالت‬
‫األسواق المالية‪ ،‬ونشأت كأداة إلدارة المخاطر‪ ،‬وهي اآلن أساس ألدوات استثمارية عديدة‪،‬‬
‫حيث تعد عقود الخيارات بمثابة تأمين يوفر للمتعاملين بها حماية من تقلب أسعار العمالت أو‬
‫‪8‬‬
‫األوراق المالية‪.‬‬

‫وترجع الكتابات التاريخية ظهور عقود الخيارات إلى حضارة اإلغريق القديمة‬
‫بسبب عامل التحوط بسبب خشية تقلبات سعر منتج الزيتون‪ ،‬إذ كان يهدف المنتجون إلى حماية‬
‫أنفسهم من مخاطر وفرة اإلنتاج وتدهور األسعار‪ ،‬وبذلك يشترون هذا الحق ليتمكنوا من بيع‬
‫اإلنتاج للتجار بسعر وفي تاريخ محددين‪.‬‬

‫وقد تطور استخدام عقود الخيارات في الحضارات الفينيقية والرومانية لتشمل‬


‫منتجات زراعية أخرى بل حتى منتجات حيوانية كانت متداولة‪ ،‬وفي القرون الوسطى‪ ،‬ومع‬
‫ظهور الثورة الصناعية‪ ،‬ا تسع نطاق استخدام عقود الخيارات في أوروبا ليشمل المنتجات‬
‫الزراعية الصناعية‪.‬‬

‫أما التطور الفعلي للخيارات فقد كان بفعل التقدم الصناعي والسياسي بين سنتي‬
‫‪ 1970‬و ‪ ،1980‬إذ ظهرت أول سوق للخيارات في أمريكا بمدينة شيكاغو سنة ‪ ،1970‬إذ‬

‫‪ 8‬المهدي أندجار ‪،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني‪ ،‬رسالة لنيل الماستر بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعه ابن زهر بأكادير‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪ ،2019/2018‬ص ‪.10‬‬

‫‪7‬‬
‫أنشأ مجلس شيكاغو سوقا متخصصة للخيارات ‪ ،‬و بعدها انتشر تداول هذه العقود في الواليات‬
‫‪9‬‬
‫المتحدة األمريكية بشكل كبير‪.‬‬

‫أما عقود المبادالت فهي عبارة عن اتفاقيات خاصة بين طرفين لتبادل التدفقات‬
‫النقدية في المستقبل وفقا لصيغة مرتبة أو معدة مسبقا‪ ،‬ويمكن اعتبارها محفظة من العقود‬
‫اآلجلة‪ ،‬ولذلك فإن دراسة المبادالت امتداد طبيعي لدراسة العقود اآلجلة والعقود المستقبلية‪.‬‬

‫وتمثل عقود المبادالت أيضا إحدى أدوات تغطية المخاطر‪ ،‬ومن أكثر استخدامات‬
‫تغطية مخاطر سعر الفائدة‪ ،‬وتعرف على أنها سلسلة من العقود الحقة التنفيذ‪ ،‬يتم تسويتها على‬
‫فترات دورية‪ ،‬حيث إن هذه التسويات ال تتم يوميا كما هو الحال في العقود المستقبلية‪ ،‬وال يتم‬
‫تسويتها مرة واحدة كما هو الحال في العقود الحقة التنفيذ‪ ،‬ولذلك تعرف على أنها سلسلة من‬
‫‪10‬‬
‫العقود الالحقة التنفيذ‪.‬‬

‫ويمكن إرجاع نشأة عقود المبادالت إلى عام ‪ ،1970‬عندما طور تجار العملة‬
‫مبادالت العملة كوسيلة لتجنب الرقابة البريطانية على تحركات العمالت األجنبية‪ ،‬أما أول عقد‬
‫مبادلة أسعار الفائدة فقد حدث عام ‪ ،1981‬نتيجة اتفاق بين شركة ‪ IBM‬مع ‪،Word Bank‬‬
‫‪11‬‬
‫ومنذ ذلك التاريخ نمت هذه السوق بسرعة‪.‬‬

‫وبناء على ذلك سيتم تقسيم هذا الفصل إلى فرعين‪ :‬الفرع األول سأتحدث فيه عن‬
‫تكييف عقود الخيارات‪ ،‬أما بالنسبة للفرع الثاني سأتحدث فيه عن تكييف عقود المبادالت‪.‬‬

‫‪ 9‬بباس منيرة ‪،‬المجازفة والمشتقات المالية بين الواقع العملي والتكييف الشرعي‪ ،‬مجلة االقتصاد الجديد ‪،‬العدد ‪،15‬المجلد ‪ ،2016/2:‬جامعة سطيف‬
‫‪، 11‬ص ‪ .127‬منشور على الموقع اإللكتروني‪، https://www.asjp.cerist.dz/en/article/55882:‬تاريخ الدخول‪2023\06\22 :‬غلى‬
‫الساعة‪.15:53:‬‬
‫‪ 10‬عتروس سهيلة‪ ،‬واقع البدائل الشرعية للمشتقات المالية في ضوء منتجات الهندسة المالية اإلسالمية‪ ،‬مجلة ميالف للبحوث والدراسات‪ ،‬العدد الثاني‪،‬‬
‫دجنبر ‪ ،2015‬جامعة محمد خيدر بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.98 :‬منشور على الموقع اإللكتروني‪https://www.asjp.cerist.dz/en/article/6622:‬‬
‫‪،‬تاريخ الدخول‪ 2023\06\22 :‬على الساعة‪. 15:40:‬‬
‫‪ 11‬سميره محسن ‪،‬المشتقات المالية ودورها في تغطية مخاطر السوق المالية‪ ،‬دراسة حالة بنك ‪ ،BNP PARIBAS‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‪ ،‬جامعه‬
‫منتوري بقسطنطينة ‪ ،‬سنة ‪ ،2006 \2005‬ص‪.86 :‬‬

‫‪8‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تكييف عقود الخيارات‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تكييف عقود المبادالت‬

‫‪9‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تكييف عقود الخيارات‬

‫يعر ف عقد الخيار بأنه عقد يعطي لحامله الحق وليس االلتزام في شراء أو بيع أصل‬
‫مالي أو عيني أو عملة أجنبية قبل تاريخ الحق في المستقبل‪ ،‬بسعر يتم االتفاق عليه حين‬
‫التعاقد‪ ،‬ويسمى بسعر التعاقد خالل فترة زمنية محددة‪ ،‬وذلك نظير دفع عالوة للبائع والذي‬
‫يطلق عليها محرر االختيار‪ ،‬وال ترد هذه العالوة سواء تم تنفيذ العقد‪ ،‬أو لم يتم تنفيذه‪ ،‬ويلزم‬
‫البائع فيه ببيع أو شراء ذلك الشيء بالسعر المتفق عليه خالل تلك الفترة الزمنية مقابل مبلغ‬
‫محدد يدفعه المشتري في العقد‪ ،‬وتعتبر سوق السلع أساس نشأة الخيارات إذ يهدف المنتجون‬
‫لهذه المشتقات إلى حماية أنفسهم من مخاطر وفرة اإلنتاج وتدهور األسعار‪ ،‬وبذلك يشترون‬
‫هذا الحق أي خيار البيع‪ ،‬ليتمكنوا من بيع اإلنتاج للتجار بسعر وفي تاريخ محددين ‪.‬‬

‫وتختلف عقود الخيارات عن العقود المستقبلية في كون هذه األخيرة واجبة التنفيذ‪ ،‬بينما‬
‫‪12‬‬
‫تعطي عقود الخيارات الحق للمشتري في تنفيذ العقد أو عدم تنفيذه‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ويميز بين نوعين مختلفين من الخيارات‪:‬‬

‫‪-‬األول وهو‪ :‬خيار الشراء والذي يعطي الحق لحامله في شراء األصل مقابل عمولة‬
‫محددة تدفع للطرف المصدر للخيار والذي يكون مجبرا على بيع األصل إذا أراد حامل الخيار‬
‫ذلك؛‬

‫‪ 12‬طالل مزيد العرادة‪ ،‬مخاطر استخدام المشتقات المالية على أداء شركات المساهمة في سوق الكويت لألوراق المالية (دراسة تطبيقية ) ‪،‬رسالة لنيل‬
‫دبلوم الماستر بكلية األعمال ‪-‬جامعة الشرق االوسط ‪،‬سنة ‪ ،2014:‬ص‪.23-22:‬‬
‫‪ 13‬تتمثل عقود الخيارات في خمسة أنواع مختلفة وهم كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬عقود خيارات األسهم‪ :‬عبارة عن عقد بين طرفين يشتري فيه المشتري األصل بسعر محدد مسبقا من البائع خالل فترة زمنية محددة‪.‬‬
‫‪ -‬عقود خيارات العمالت‪ :‬هذا النوع من العقود يمنح المالك الحق في شراء أو بيع المبلغ المحدد بالعملة األجنبية‪ ،‬بسعر محدد قبل أو في نهاية تاريخ‬
‫محدد‪ ،‬وتعتبر هذه العقود واحدة من أفضل الطرق للشركات‪ ،‬أو األفراد التي تمكنهم من أخذ الحيطة والحذر ضد تحركات وتقلبات أسعار الصرف‬
‫السلبية‪.‬‬
‫‪ -‬عقود خيارات معدالت الفائدة‪ :‬تعتمد هذه العقود على أسعار الفائدة‪ ،‬ويعتقد فيها المستثمر الذي يحجز مراكز شراء طلب على عقود خيارات‬
‫العمالت أن أسعار الفائدة سوف ترتفع‪ ،‬في الوقت الذي يعتقد فيه المستثمر الذي يحجز مراكز بيع على عقود خيارات العمالت أن أسعار الفائدة سوف‬
‫تنخفض‪.‬‬
‫‪ -‬عقود الخيارات المستقبلية‪ :‬هي تلك العقود التي يكون فيها األصل المعني عقدا مستقبليا‪ ،‬يحق لصاحبه أن يفترض مركز مستقبلي محدد بسعر‬
‫محدد في أي وقت قبل انتهاء صالحية العقد‪ ،‬ويجب على بائع عقود الخيارات المستقبلية أن يتحمل المركز المعاكس عندما يمارس المشتري هذا الحق‪.‬‬
‫‪ -‬عقود خيارات الهامش‪ :‬من خالل هذه العقود يصبح المشتري أو البائع مالك العقد عن طريق دفع عالوة‪ ،‬ويقتصر الحد األقصى للربح على العالوة‬
‫المستلمة‪ ،‬ويتم تحقيق العالوة عندما يكون سعر األصل المعني أقل عند انتهاء الصالحية‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫والنوع الثاني‪ :‬هو خيار البيع الذي يعطي الحق لحامله في بيع األصل‪ ،‬ويكون مصدر‬
‫الخيار مجبرا على شراء األصل‪.‬‬

‫ومن حيث تنفيذ الخيار نميز بين نوعين‪ 14،‬أيضا وهما‪ :‬عقد الخيار األمريكي‪,‬‬
‫‪15‬‬
‫وعقد الخيار األوروبي‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق سأحاول في هذا الفرع معالجة مشروعية عقود الخيارات‬
‫من الناحية الشرعية من عدمها [المبحث األول]‪ ،‬كما سأحاول إبراز كيفية التعامل بهذه العقود‬
‫في األسواق اآلجلة [المبحث الثاني] من خالل قانون ‪ 42.12‬المتعلق باألسواق المالية اآلجلة‪،‬‬
‫ومشروع قانون األدوات المالية اآلجلة ‪.46.17‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التكييف الشرعي لعقود الخيارات‬

‫بما أن عقود الخيارات المعاصرة هي عقود حديثة تماما فقد اختلفت اآلراء الفقهية‬
‫حول تكييف هذه العقود شرعا‪ ،‬وحول ما إذا كانت تدخل في دائرة العقود الشرعية المسماة أم‬
‫‪16‬‬
‫ال‪ ،‬ومن حيث جواز التعامل بها أم ال؟‬

‫ولهذا ارتأيت تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين‪ :‬المطلب األول سأتطرق فيه إلى‬
‫رأي القائلين بالتحريم وأدلتهم ‪،‬والمطلب الثاني سأتطرق فيه إلى القائلين بالجواز وأدلتهم‪.‬‬

‫‪ 14‬يوجد شكالن متعارف عليهما في عقود الخيارات‪ ،‬ويمكن توضيح الفرق بينهما في اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬عقود الخيارات األوروبية‪ :‬وهي عقود خيارات ال يمكن ممارستها إلى إال في نهاية صالحيتها أثناء فترة االستحقاق‪.‬‬
‫‪ -‬عقود الخيارات األمريكية‪ :‬هي عقود خيارات يمكن ممارستها في أي وقت خالل صالحيتها‪ ،‬والتي تسمح ألصحاب الخيارات بممارسة العقد‬
‫في أي وقت قبل تاريخ استحقاقها‪ ،‬مما يزيد من قيمة عقد الخيارات لصاحبه بالمقارنة بعقود الخيارات األوروبية‪ ،‬التي ال يمكن ممارستها إال عند‬
‫االستحقاق فقط‪.‬‬
‫‪ 15‬مقدم عبد ا إلله‪ ،‬تطور حجم األسواق المشتقات المالية في العالم في الفترة ما بين ‪ 2005‬و ‪ ،2017‬مجلة المالية واألسواق‪ ،‬المجلد ‪ ،5‬العدد ‪10‬‬
‫‪، 2019/‬جامعة مستغانم‪ -‬الجزائر‪ ،‬ص‪.169 :‬منشور على الموقع اإللكتروني‪ https://www.asjp.cerist.dz/en/article/97613:‬تاريخ‬
‫الدخول‪ 2023\06\22:‬على الساعة ‪.15:43:‬‬
‫‪ 16‬محمود فهد مهيدات ‪،‬عقود الخيارات ودورها في األزمة المالية من منظور االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬أمواج النشر والتوزيع ‪-‬عمان األردن‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬السنة‪ ،2012:‬ص‪.125 :‬‬

‫‪11‬‬
‫المطلب األول‪ :‬رأي القائلين بالتحريم وأدلتهم‬

‫أقر مجمع الفقه اإلسالمي في قراره رقم ‪ 7/1/65‬بشأن األسواق المالية بحرمة‬
‫التعامل بالخيارات‪ ،‬حيث جاء فيه ما يلي‪:‬‬

‫"إن عقود الخيارات كما تجري اليوم عقود مستحدثة ال تنطوي تحت أي عقد من العقود‬
‫الشرعية المسماة‪ ،‬وبما أن المعقود عليه ليس ماال وال منفعة وال حقا ماليا‪ ،‬يجوز االعتياض‬
‫عنه‪ ،‬فإنه عقد غير جائز شرعا‪ ،‬وبما أن هذه العقود ال تجوز فال يجوز تداولها"‪.‬‬

‫وقد ورد في قرار مجمع الفقه اإلسالمي رقم ‪ )7/1( 63‬التابع لمنظمة التعاون‬
‫اإلسالمي بشأن األسواق المالية‪" :‬أ ن المقصود بعقود االختيارات االعتياض عن االلتزام ببيع‬
‫شيء محدد موصوف أو شرائه بسعر محدد خالل فترة زمنية معينة أوفي وقت معين إما‬
‫مباشرة أو من خالل هيئة ضامنة لحقوق الطرفين‪".‬‬

‫أما حكمها الشرعي فهو‪" :‬إن عقود االختيارات ‪ -‬كما تجري اليوم في األسواق المالية‬
‫العالمية ‪ -‬هي عقود مستحدثة ال تنضوي تحت أي عقد من العقود الشرعية المسماة‪ ،‬وبما أن‬
‫ماال وال منفعة وال حقًّا ماليًّا يجوز االعتياض عنه فإنه عقد غير جائز‬
‫المعقود عليه ليس ا‬
‫‪17‬‬
‫شرعاا‪ ،‬وبما أن هذه العقود ال تجوز ابتدا اء فال يجوز تداولها‪".‬‬

‫وقد استدل الفريق األول على عدم جواز التعامل بالخيارات المالية المعاصرة بجملة من‬
‫األدلة نجملها فيما يلي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬انطواء عقود الخيارات على بيع اإلنسان ما ليس عنده وبيع ما ال يملك‬

‫بالنظر إلى ماهية تنفيذ عمليات عقود الخيارات في البورصة‪ ،‬يتبين لنا أن‬
‫غالبيتها تتم على المكشوف‪ ،‬بمعنى أن البائع ال يمتلك المعقود عليه (األوراق المالية) التي‬

‫منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪https://iifa-aifi.org/ar/1845.html‬‬
‫(تاريخ النشر يوم ‪ 14‬ماي ‪)1992‬‬

‫‪12‬‬
‫يبيعها‪ ،‬بل ال ينظر إلى وجودها أصال‪ ،‬إنما يكفيه إمكانية الحصول عليها عند التنفيذ‪ ،‬وعليه‬
‫فهو عقد أو اتفاق بين طر فين يتعهد أو يلتزم فيه أحدهما ببيع سلعة معينة أو شرائها في‬
‫المستقبل مقابل مبلغ معين يدفع عند التعاقد ‪.‬إذا فهو يبيع شيئا لم يكن يملكه عند التعاقد‪.‬‬

‫وبهذا فإن عمليات عقود الخيارات في البورصة تنطوي على بيع اإلنسان ما ليس‬
‫عنده ‪،‬كون المعقود عليه ليس موجودا لدى البائع عند إنشاء العقد‪.18‬وأما حكم بيع اإلنسان ما‬
‫ليس عنده أو بيع ما ال يملكه فقد بين الفقهاء أن من شروط صحة عقد البيع أن يكون محل العقد‬
‫أي المعقود عليه موجودا وقت العقد أو قابال للوجود‪ ،‬وعليه فإن لم يكن موجودا فالعقد باطل‬
‫‪،‬حتى ولو كان المعقود عليه م حتمل الوجود أو محقق الوجود في المستقبل‪ ،‬وقد ورد النهي عن‬
‫ذلك كله‪ .‬ف عن حكيم بن حزام قال‪ :‬يا رسول هللا يأتيني الرجل يسألني البيع لما ليس عندي‬
‫‪،‬فأبيعه منه‪ ،‬ثم ابتاعه من السوق؟ ‪،‬فقال‪ (:‬ال تبع ما ليس عندك)‪ .‬وعلة ذلك الغرر‪ ،‬وبيع‬
‫الغرر فقد ورد النهي عنه‪.19‬‬

‫وأما ب يع االنسان ما ال يملكه فقد نهي النبي صلى هللا عليه وسلم أن تباع السلع حيث‬
‫تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم‪.‬‬

‫وعليه فقد أجمع الفقهاء على عدم جواز بيع اإلنسان ما ليس عنده وبيع اإلنسان ما ال‬
‫يملكه‪.20‬‬

‫‪ 18‬محمود فهد مهيدات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.125 :‬‬


‫‪ 19‬عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر‪ ،‬رواه مسلم‪.‬‬
‫مثال « ما وقعت عليه الحصاة التي أرميها‪ ،‬أو يقول‪ :‬بعتك على أنك بالخيار إلى أن أرمي بهذه‬ ‫و» بيع الحصاة «هو أن يقول‪ :‬بعتك من هذه األثواب» ا‬
‫الحصاة‪ ،‬وقال الحافظ في الفتح‪ :‬واختلفوا في تفسير بيع الحصاة‪ ،‬فقيل‪ :‬هو أن يقول‪ :‬بعتك من هذه األثواب ما وقعت عليه الحصاة ويرمي حصاة‪ ،‬أو من‬
‫هذه األرض ما انتهت إليه في الرمي؛ وقيل‪ :‬هو أن يشترط الخيار إلى أن يرمي الحصاة‪ ،‬والثالث‪ :‬أن يجعال نفس الرمي بيعاا؛ اهـ‪ ،‬وقال‪ :‬هو أن يقول‬
‫ارم بهذه الحصاة‪ ،‬فعلى أي ثوب وقعت‪ ،‬فهو لك بدرهم‪ ،‬وقيل‪ :‬هو أن يقبض على كف من حصا ويقول‪ :‬لي بكل حصاة درهم ثمناا لهذه السلعة‪ ،‬أو‬
‫يقبض على كف من حصا ويقول‪ :‬لي بعددها من المبيع‪=.‬‬
‫=أما »بيع الغرر « بفتح الغين والراء األولى هو بيع ما ي مكن أن يوجد‪ ،‬وأال يوجد وكل ما ال يقدر على تسليمه؛ كالسمك في الماء والطير في الهواء‬
‫والمعدوم والمجهول واآلبق (الهارب من إنسان أو حيوان)‪ ،‬ونحو ذلك مما مبناه الخداع والجهالة‪.‬‬
‫يراجع الموقع اإللكتروني‪https://www.alukah.net/sharia/0/153269 :‬‬
‫(تاريخ الدخول يوم السبت ‪ 2023/05/13‬على الساعة التاسعة ليال)‬
‫محمود فهد مهيدات‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.126 :‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪13‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬انطواء عقود الخيارات على الغرر‬

‫الغرر هو ما خفيت عاقبته أي ما كان مجهول العاقبة‪ ،‬ولقد ورد النهي عن بيع‬
‫الغرر في كثير من المواضيع‪ ،‬إال أنه يمكن أن يؤخذ حكم الغرر من عدة أدلة من كتاب هللا‬
‫وسنة نبيه صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فمن الكتاب الكريم قول هللا تعالى‪{ :‬يََٰٓأَيُّهَا ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُواْ َال‬
‫سكُمۡۚۡ ِإنَّ ٱ َّ َ‬
‫ّلل كَانَ‬ ‫ت َ ۡأكُلُ َٰٓو ْا أ َ ۡم َولَكُم بَ ۡينَكُم ِبٱ ۡلبَ ِط ِل ِإ َّ َٰٓال أَن تَكُونَ تِ َج َر ًة عَن ت َ َر ٖ‬
‫اض ِمنكُمۡۚۡ َو َال ت َ ۡقتُلُ َٰٓو ْا أَنفُ َ‬
‫‪21‬‬
‫يما }‪.‬‬ ‫ِبكُمۡ َر ِح ٗ‬

‫ووجه الغرر في عقود الخيارات هو عدم معرفة حصول العقد من عدمه‪،‬‬


‫ف المتعاقدين في إطار هذه العقود تدفعهم مجرد توقعات غير مؤكدة‪ ،‬فمشتري الخيار دافعه‬
‫مجرد توقعه أن تتغير األسعار في صالحه ليمارس حقه في التنفيذ‪ ،‬وكذلك البائع فإنه يتوقع‬
‫تغير األسعار في غير صالح المشتري‪ ،‬وإال سيمارس هذا األخير حقه في الشراء أو في البيع‪،‬‬
‫وسيضطر البائع في حالة خيار الشراء إذا لم يكن مالكا لألسهم مثال إلى شرائها من السوق‬
‫بالسعر المرتفع‪ ،‬ليسلمها إلى المشتري‪ ،‬كما سيضطر في حالة خيار البيع إذا لم يكن له غرض‬
‫في األسهم إلى بيعها في السوق بالسعر المنخفض‪ ،‬متكبدا في كال الحالتين خسارة تذهب بثمن‬
‫الخيار الذي قبضه من المشتري ‪.‬وهذا األمر أي إقدام المشتري على ممارسة حقه في الشراء‬
‫أو البيع هو أمر مجهول للبائع‪ ،‬مبني على أمر مجهول وهو تغير األسعار‪ ،‬وقد يقدم المشتري‬
‫على ممارسة الخيار فال يحصل البائع على مقصوده من العقد‪ ،‬وقد ال يقدم على ممارسة الخيار‬
‫‪22‬‬
‫فيحصل للبائع مقصوده وكل ذلك غرر بالنسبة له‪.‬‬

‫وقد تبين مما تقدم أن مشتري االختيار سواء كان اختيار شراء أم اختيار بيع ‪ ،‬إنما‬
‫ما يقدم على ممارسته إذا تغيرت األسعار في صالحه بأن ترتفع األسعار بالنسبة لمشتري حق‬
‫الشراء‪ ،‬أو تنخفض بالنسبة لمشتري حق البيع ‪،‬وتغير األسعار في صالحه أمر مجهول له‪ ،‬قد‬

‫‪ 21‬سوره النساء‪ ،‬اآلية‪.29 :‬‬


‫‪ 22‬مبارك آل سلمان بن محمد آل سلمان ‪،‬أحكام التعامل في األسواق المالية المعاصرة‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بدون ذكر المطبعة‪ ،‬السنة‪2003 :‬‬
‫‪،‬ص‪.1054- 1053 :‬‬

‫‪14‬‬
‫يحصل فيمارس حقه في الشراء أو البيع‪ ،‬وقد ال يحصل فتذهب عليه فائدة المعقود عليه (حق‬
‫اختيار)‪ ،‬ألنه لن يستعمله حينئذ‪ ،‬والمعقود عليه إذا خلى من الفائدة كان كالمعدوم‪ ،‬فكان‬
‫‪23‬‬
‫المعقود عليه مترددا في حصوله بين الوجود والعدم وهذا هو معنى الغرر‪.‬‬

‫لهذا يمكن القول بأن عقود الخيارات تشتمل على الغرر ألن هذه العقود هي من‬
‫باب بيع اإلنسان ما ليس عنده وبيع ما ال يملكه والعلة عدم القدرة على تسليم المبيع‪ ،‬وهذه العلة‬
‫بين الفقهاء هي من األمور التي يتحقق بها الغرر‪ ،‬كما أن المعقود عليه في عقود الخيارات ليس‬
‫موجودا وقت العقد‪ ،‬وبالتالي فانعدام المبيع وقت العقد هو صورة من صور الغرر التي تكون‬
‫على محل العقد وبالتالي ف عقود الخيارات غير جائزة شرعا الشتمالها على الغرر‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تعارض الخيارات مع قاعدة العدل في المعامالت‬

‫األصل في العقود جميعها العدل‪ ،‬فبه بعث الرسل وبه أنزلت الكتب‪ ،‬إذ قال‬
‫س ِط ۖ َوأ َ ْن َز ْلنَا‬
‫اس ِبا ْل ِق ْ‬ ‫يزانَ ِل َيقُو َم النَّ ُ‬ ‫ت َوأ َ ْن َز ْلنَا َم َع ُه ُم ا ْل ِكت َ َ‬
‫اب َوا ْل ِم َ‬ ‫سلَنَا ِبا ْل َب ِينَا ِ‬
‫س ْلنَا ُر ُ‬‫تعالى‪{ :‬لَقَ ْد أ َ ْر َ‬
‫ي‬‫َّللا َق ِو ٌّ‬ ‫ب ۚۡ ِإنَّ َّ َ‬ ‫سلَهُ ِبا ْلغَ ْي ِ‬ ‫َّللا َم ْن َي ْن ُ‬
‫ص ُر ُه َو ُر ُ‬ ‫اس َو ِل َي ْعلَ َم َّ ُ‬ ‫شدِي ٌد َو َمنَا ِف ُع ِللنَّ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ا ْل َحدِي َد ِفي ِه َبأ ْ ٌ‬
‫‪24‬‬
‫ع َِزي ٌز}‪.‬‬

‫والعدل هو التسوية بين الشيئين عند انعدام الفوارق‪ ،‬وفي العقود يكون العدل في‬
‫التسوية بين المتعاقدين‪ ،‬وهو واجب ونقيضه الظلم‪ ،‬وعدم العدل في عقود الخيارات يكمن في‬
‫إعطاء أحد المتعاقدين فرصة واسعة ألن يحقق مكاسب على حساب المتعاقد اآلخر‪ ،‬إذ أنه تتاح‬
‫له فرصة معرفة مستويات األسعار في موعد التصفية‪ ،‬ومقارنتها بأسعار التعاقد‪ ،‬ثم يختار هل‬
‫ينفذ العقد أم يفسخه؟ هل يستزيد من البيع أم يكتفي بالكمية المتعاقد عليها؟ هل يختار وضعية‬
‫البائع أم وضعية المشتري؟ وبذلك تتاح له الفرصة الواسعة ألن يحقق مكاسب كبيرة أو يقلل‬
‫خسارته تجاه من ال يملك الخيار‪ ،‬وال شك أن في هذا ظلم وزور‪.‬‬

‫‪ 23‬مبارك بن سليمان آل فواز‪ ،‬األسواق المالية من منظور إسالمي‪ ،‬مركز النشر العلمي‪ ،‬جامعة المالك عبد العزيز‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة‪،2010 :‬‬
‫ص‪.106 :‬‬
‫‪ 24‬سورة الحديد‪ ،‬اآلية‪.25 :‬‬

‫‪15‬‬
‫بيد أن مفهوم العدل يتحقق حال انتفاء التكافؤ بين طرفي العقد‪ ،‬أو قيامه على‬
‫استغالل لم يقدمه مجانا؛ وإنما مقابل ثمن‪ ،‬ثم إن تنفيذ الخيار لن يكون مجانا‪ ،‬وإنما يحدد فيه‬
‫‪25‬‬
‫ثمن األصل المالي‪ ،‬والمفترض كونه عادال ومربحا لمالك الخيار‪.‬‬

‫وبهذا يمكن القول بأن عقود الخيارات تتعارض مع قاعدة العدل‪ ،‬وبالتالي ال يجوز‬
‫التعامل بها‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬انطواء عقود الخيارات على القمار‬

‫القمار هو ما يكون فاعله مترددا بين أن يغنم وبين أن يغرم‪ ،‬وقد ورد النهي عن‬
‫القمار في كتاب هللا عز وجل‪ ،‬إذ قال تعالى‪{ :‬يَا أَيُّهَا الَّ ِذينَ آ َمنُوا إِنَّ َما ا ْل َخ ْم ُر َوا ْل َم ْي ِ‬
‫س ُر‬
‫ان فَاجْ تَنِبُوهُ لَعَلَّكُ ْم ت ُ ْف ِل ُحونَ }‪.26‬‬
‫ط ِ‬‫ش ْي َ‬ ‫َاب َو ْاأل َ ْز َال ُم ِرجْ ٌ‬
‫س ِم ْن َ‬
‫ع َم ِل ال َّ‬ ‫َو ْاأل َ ْنص ُ‬

‫وإن في التعامل بعقود الخيارات قمارا صريحا‪ ،‬ذلك أن كل خسارة محققة‬


‫للمشتري هي في المقابل تمثل ربحا محققا للبائع والعكس صحيح‪ ،‬وتبلغ خسارة مشتري الخيار‬
‫بخسارته لسعر الخيار‪ ،‬كما أن مقدار الربح يظل محدودا مهما انخفض سعر السهم وقت‬
‫الممارسة‪ ،‬أما خسارة بائع حق الخيار فتتمثل في الفرق بين سعر الممارسة وثمن الخيار عند‬
‫التعاقد‪.‬‬

‫كما أن القمار موجود في عقود االختيار في الحالة التي تنتهي فيها الصفقة‬
‫بالتسوية النقدية التي يكتفي فيها المتعاقدان بقبض أو دفع فرق السعرين‪ :‬سعر التنفيذ وسعر‬
‫السوق‪ ،‬سواء كان غرض المتعاقدين المضاربة على فروق األسعار‪ ،‬أم كان غرضهما‬
‫االحتياط ضد تقلبات األسعار‪ ،‬وذلك لتردد كل واحد منهما بين الغنم والغرم ‪،‬وذلك أن األمر‬
‫بالنسبة لألسعار ال يخلو من حالتين‪:‬‬

‫‪ 25‬رائد نصري أبو مؤنس‪ ،‬مدى إمكانية التعامل بحقوق الخيارات في األنشطة االقتصادية اإلسالمية‪ -‬دراسة فقهية تحليلية‪ ،‬مجلة إسرا الدولية للمالية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬المجلد الخامس‪ ،‬دجنبر ‪ ،2014‬ص‪ ،79 :‬منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://www.researchgate.net/publication‬‬
‫‪ 26‬سورة المائدة‪ ،‬اآلية‪.90 :‬‬

‫‪16‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬أن تتحقق توقعات محرر االختيار وذلك بانخفاض األسعار في حالة‬
‫اختيار الشراء أو لن يمارس حقه في الشراء أو في البيع وحينئذ فإن مشتري االختيار سيخسر‬
‫‪27‬‬
‫ثمن االختيار الذي هو في الوقت نفسه ربح لمحرر االختيار‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬أن تتحقق توقعات مشتري االختيار وذلك بارتفاع األسعار في حالة‬
‫اختيار الشراء أو بانخفاضها في حالة اختيار البيع‪ ،‬وفي هذه الحالة فإن مشتري اختيار الشراء‬
‫سيمارس حقه في الشراء‪ ،‬كما سيمارس مشتري اختيار البيع حقه في البيع‪ ،‬وحينئذ فإن مشتري‬
‫االختيار سيقبض من المحرر في كل نوعي االختيار الفرق بين سعر التنفيذ وسعر السوق الذي‬
‫سيكون أكثر من المبلغ الذي دفعه ثمنا لالختيار ‪،‬وهذا يمثل ربحا لمشتري االختيار وخسارة‬
‫لمحرره‪ ،‬فكان كل واحد من المتعاقدين مترددا بين الغنم والغرم‪ .‬وهذا هو حقيقة القمار‪ ،‬فضال‬
‫عما في ذلك من الربا‪ ،‬وذلك أن غرض العقد هو بيع دراهم بدراهم أكثر منها ‪،‬فإن مشتري‬
‫االختيار يدفع ثمن االختيار ليقبض فرق السعر الذي هو أكثر من ثمن االختيار وذلك عندما‬
‫يتحقق توقعه‪.‬‬

‫أ ما في الحالة التي تنتهي بتسليم السلعة وتسلم ثمنها وإن كانت حالة نادرة‪ ،‬فإن‬
‫عقد االختيار وإن كان ال يسلم من الغرر إال أنه ال تتحقق فيه صورة القمار بالمعنى المذكور‪،‬‬
‫حتى ولو كان قصد المتعاقدين المضاربة على فروق األسعار‪ ،‬وذلك أن القمار ال يتحقق إال إذا‬
‫كان كل واحد من المتعاقدين يحتمل أن يغنم ويحتمل أن يغرم‪ ،‬أما إذا كان احتمال الغنم في‬
‫جانب واحتمال الغرم في الجانب اآلخر دون العكس فليس هو القمار‪.‬‬

‫وفي عقود االختيار التي تنتهي بالتسليم والتسلم فإن الغنم يكون محتمال في حق محرر‬
‫االختيار والغرم في حق مشتريه ‪ ،‬وذلك عندما تتحقق توقعات محرر االختيار فتنخفض األسعار‬

‫مبارك بن سلمان آل فواز ‪ ،‬األسواق المالية من منظور إسالمي ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.107 :‬‬ ‫‪27‬‬

‫‪17‬‬
‫في حالة اختيار الشراء أو ترتفع في حالة اختيار البيع‪ ،‬حيث لن يمارس مشتري االختيار حقه‬
‫في الشراء أو في البيع ليربح المحرر ثمن االختيار ويخسره المشتري‪.28‬‬

‫أما إذا تحققت توقعات مشتري االختيار ومارس حقه في الشراء أو في البيع فإنه وإن‬
‫حقق غنما يمثل غرما لمحرر االختيار ‪،‬إلى أن الغنم والغرم هنا ليس راجعا الى عقد االختيار‬
‫ذاته وإنما هو راجع إلى أمر خارج عنه يتمثل في شراء البيع األسهم في السوق بأقل من سعر‬
‫التنفيذ الذي باعها به وبيع المشتري لها في السوق بأقل من سعر التنفيذ الذي اشتراها به‪ ،‬وذلك‬
‫في حالة اختيار البيع ‪ ،‬أو في شراء البائع األسهم من السوق بأكثر من سعر التنفيذ الذي باعها‬
‫به وبيع المشتري لها بأكثر من سعر التنفيذ الذي اشتراها به‪ ،‬وذلك في حالة اختيار الشراء‬
‫‪،‬هذا فضال عن أن األسهم قد تكون في ملك المحرر الختيار الشراء ‪،‬وهو ما يعرف باالختيار‬
‫‪29‬‬
‫المغطى‪ ،‬حيث لن يضطر إلى شرائها من السوق أصال‪.‬‬

‫وبالتالي فالتعامل في عقود الخيارات قائم على القمار والميسر بالنسبة لمشتري وبائع‬
‫حق االختيار على السواء‪ .‬وذلك ألن القمار هو الذي يستوي فيه الجانبان في احتمال الغرامة‪،‬‬
‫أو ما يكون فاعله مترددا بين أن يغنم أو يغرم‪ ،‬وهذا المعنى متحقق في عقود الخيار وذلك‬
‫‪30‬‬
‫لتردد كل من المشتري والبائع لحق االختيار بين الغنم والغرم‪.‬‬

‫الفقرة الخامسة‪ :‬اندراج عقود الخيارات تحت بيع الكالئ بالكالئ‬

‫بيع الكالئ بالكالئ هو بيع الدين بالدين وصورته" أن يشتري بضاعة مؤجلة التسليم‬
‫بثمن مؤجل التسليم كذلك سواء اتحد األجالن أو اختلفا‪"31.‬‬

‫فبيع الكالئ بالكالئ مناف لميزان العدل الشرعي للمعاوضات المتمثل في قوله عليه‬
‫الصالة والسالم‪" :‬الخراج بالضمان"‪ .‬ووجه منافاته أن أحد الطرفين يضمن لآلخر المبدل دون‬

‫‪ 28‬مبارك بن سلمان آل فواز ‪ ،‬األسواق المالية من منظور إسالمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.108 :‬‬
‫‪ 29‬مبارك بن سلمان آل فواز‪ ،‬األسواق المالية من منظور إسالمي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.109 :‬‬
‫‪ 30‬مصطفى عبد الغفار عباس خليفة‪ ،‬عقود خيارات األسهم في األسواق المالية ‪ -‬دراسة فقهية مقارنة‪ ،‬ص‪ .156 -155 :‬بدون ذكر المطبعة والطبعة‬
‫‪ 31‬سامي ابن إبراهيم السويلم ‪،‬عقد الكالئ بالكالئ تدليال وتعليال‪ .،‬بدون ذكر الطبعة والمطبعة‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬ص‪9:‬‬

‫‪18‬‬
‫أن يملك حق االنتفاع بالبدل‪ ،‬فهو ضمان ومسؤولية ال يقابلها حق االنتفاع‪ ،‬وهذا اختالل لميزان‬
‫العدل الشرعي بين الحقوق وااللتزامات وعقود الخيارات هي ضمان طرف آلخر دون أن‬
‫يملك الضامن حقا انتفاع بشيء مطلقا‪ ،‬وبالتالي فبيع الكالئ بالكالئ ممنوع شرعا سواء كان‬
‫‪32‬‬
‫البيع للمدين أو للدائن‪.‬‬

‫وعليه وبالنظر إلى كيفية تنفيذ عمليات عقود الخيارات في البورصة نجدها تنشئ دينا‬
‫على أحد الطرفين أو كليهما‪ ،‬وتخلو من القبض على كال الطرفين‪ .‬إذا فحقيقة عقود الخيارات‬
‫هي دين يثبت في ذمة المدين على سبيل المعاوضة دون أن يقبض في مقابله ما ينتفع به ‪،‬وهذا‬
‫هو حقيقة عقد الكالئ بالكالئ‪.‬‬

‫ومن كل ما تقدم يتبين أن عقود الخيارات هي صورة من صور بيع الكالئ بالكالئ وقد‬
‫‪33‬‬
‫ورد النهي عنه‪.‬‬

‫الفقرة السادسة‪ :‬تعارض عقود الخيارات مع قصد الشارع من إباحة خيار الشرط‬

‫شرعت الخيارات بشكل عام إم ا ضمانا لرضا العاقدين‪ ،‬أو حفظا لمصلحتهما‪ ،‬أو دفعا‬
‫للضرر الذي قد يلحق أحد العاقدين؛ فهي إذن مشروعة للضرورة والحاجة إليه‪.‬‬

‫وبالتالي يتم التساؤل هل عقود الخيارات المعاصرة تحقق مقاصد الشرع من إباحة خيار‬
‫الشرط‪ ،‬أم أنها تتعارض مع المقصود الذي شرع خيار الشرط من أجله؟‬

‫إن الناظر في عمليات عقود الخيارات التي يتعامل بها المستثمرون في األسواق المالية‬
‫(البورصة) يجد أن كال من البائع والمشتري ليس له قصد من تعامله بهذه العقود إال تحقيق‬
‫أكبر ربح ممكن‪ ،‬وذلك من خالل المراهنة على فروق األسعار وتغيرها‪ ،‬حتى إن هذه العقود‬
‫تعطي الحق للمشتري أو البائع في طلب المزيد من السلعة المشتراة أو المباعة إذا رأى أحدهم‬

‫أبو سليمان عبد الوهاب‪ ،‬فقه المعامالت الحديثة‪ ،‬دار إبن الجوزي‪ -‬مكة المكرمة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2004‬ص‪.127 :‬‬ ‫‪32‬‬

‫محمود فهد مهيدات‪ ،‬عقود الخيارات ودورها في األزمة المالية من منظور االقتصاد اإلسالمي ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.136:‬‬ ‫‪33‬‬

‫‪19‬‬
‫أن ذلك يحقق مكاسب له‪ ،‬إذن فهذه العقود هي طريقة لتحديد المستفيد من المتعاملين فيها هل‬
‫‪34‬‬
‫هو بائع أم مشتر‪ ،‬وكل هذا متعارض مع قصد الشارع من إباحته لخيار الشرط‪.‬‬

‫ومخالفة عقود الخيارات لماهية عقد خيار الشرط في الفقه اإلسالمي تتضح من حيث‬
‫محل العقد(أوال)‪ ،‬ومن حيث وجود العقد (ثانيا) ‪ ،‬ومن خالل مالية المعقود عليه (ثالثا)‪ ،‬ومن‬
‫حيث قبض المعقود عليه (رابعا) ‪ ،‬ومن حيث ملكية المقبوض عليه (خامسا)‪ ،‬ومن حيث‬
‫التصرف في المعقود عليه زمن الخيار(سادسا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬من حيث محل العقد (المعقود عليه)‪:‬‬

‫محل العقد في الفقه اإلسالمي هو المال؛ أي العين المحسوسة أو المنافع‪ ،‬أو حق مالي‪،‬‬
‫وعليه فإن المعقود عليه في خيار الشرط يقع على المبيع؛ أي على عين السلعة ذاتها‪ ،‬أو عين‬
‫المنفعة‪ ،‬وهذا بخالف ما عليه الخيارات المالية المعاصرة‪ ،‬فالمعقود عليه هو حق مجرد لشراء‬
‫أو بيع‪ ،‬والسلعة المذكورة إنما هي رمز ‪ .‬إذن فهو حق معنوي وليس حقا عينيا أو منفعة أو‬
‫خدمة‪ ،‬كونه غير متعلق بعقار أو نحوه من األشياء المادية‪ ،‬بل هو حسم إلرادة ومشيئة‪ ،‬وليست‬
‫سلعة في الغالب ‪،‬إذ ال ينظر إلى وجودها بصورة معينة‪ ،‬فيكفي أن يمكن الحصول عليها عند‬
‫التنفيذ ‪ ،‬وبهذا يتضح أن المعقود عليه ليس فيه معنى المال؛ إذ ليس له تعلق ذاتي أو عين بما‬
‫يطلق عليه مال‪ ،‬إنما هو الخيار نفسه الذي يعطي مشتريه الحق في بيع أو شراء سلعة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬من حيث وجود المعقود عليه‪:‬‬

‫إ ن المعقود عليه في خيار الشرط في الفقه اإلسالمي يشترط فيه أن يكون موجودا‪،‬‬
‫ومقدورا على تسليمه‪ .‬وهذا الشرط مفقود في الخيارات المالية المعاصرة؛ فالمعقود عليه غير‬
‫موجود غالبا‪ ،‬كخيار الشراء على المكشوف؛ حيث إن المحرر حين حرر خيار الشراء لم يكن‬
‫يملك األوراق المال ية أو السلع أو العمالت التي التزم ببيعها‪ ،‬إنما حرر عليها الخيار وبنيته أن‬

‫محمود فهد مهيدات‪ ،‬عقود الخيارات ودورها في األزمة المالية من منظور االقتصاد اإلسالمي ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.127 :‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪20‬‬
‫يقوم بشرائها من السوق وتسليمها للمشتري‪ ،‬عندما يقرر مشتري الخيار ممارسة حقه في‬
‫‪35‬‬
‫الخيار‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬مالية المعقود عليه من حيث الثمن‪:‬‬

‫الثمن الذي يدفع في خيار الشرط كعربون‪ ،‬مختلف كليا عن العوض الذي يدفع في‬
‫الخيارات المالية المعاصرة‪ ،‬وهذا االختالف يمكن حصره في الوجوه التالية‪:‬‬

‫أ‪ .‬العربون وهو جزء من ثمن السلعة المشتراة‪ ،‬وال يذهب على صاحبه‪ ،‬إال إذا لم‬
‫يمض هو البيع‪ ،‬أما العوض الذي يدفع في الخيارات المالية المعاصرة‪ ،‬فهو ثمن للخيار ذاته‪،‬‬
‫وليس جزءا من ثمن السلعة محل الخيار‪ ،‬ويستوي في ذلك حال الشراء أو عدمه‪.‬‬

‫ب ‪ .‬ثمن الخيار الذي يدفع في الخيارات المالية هو عقد منفصل عن عقد التنفيذ؛ بمعنى‬
‫أن مشتري الخيار (خيار الشراء أو خيار البيع) يمكنه التصرف به "ببيع أو بهبة"‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬من حيث قبض المعقود عليه‪:‬‬

‫تقرر أن المعقود عليه في خيار الشرط هو من األعيان‪ ،‬أو من المنافع‪ ،‬وأنه يشترط فيه‬
‫الوجود‪ ،‬وإمكانية التسليم‪ ،‬وعليه فقبض السلع أو استيفاء المنفعة أمر ممكن ومتيسر عند رغبة‬
‫صاحب الخيار تنفيذ العقد‪ ،‬حتى ولو كانت موصوفة‪ ،‬فال بد من وجودها عند التنفيذ‪.‬‬

‫بينما في الخيارات المالية المعاصرة‪ ،‬فقد تقرر أن المعقود عليه حق مجرد لشراء أو بيع‬
‫كمية محددة في زمن محدد من سلعة موصوفة‪ ،‬ال ينظر إلى وجودها عند العقد‪ ،‬وليست هنا‬
‫ثمة مشكلة في إمكانية تسليم األسهم أو األوراق المالية؛ أي قبضها عند رغبة المشتري تنفيذ‬
‫العقد‪ ،‬إنما القبض يصعب ‪-‬إن لم يكن مستحيال‪ -‬في حالة الخيار على المؤشرات عند الرغبة‬
‫بالتنفيذ للعقد‪ ،‬وخاصة إذا كان سعر السوق وقت التنفيذ يفوق السعر المتفق عليه؛ لذلك يلجأ إلى‬

‫محمود فهد مهيدات‪ ،‬عقود الخيارات ودورها في األزمة المالية من منظور االقتصاد اإلسالمي ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.128:‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪21‬‬
‫التسوي ة بين المتعاقدين تسوية نقدية‪ ،‬وذلك بدفع محرر الخيار لمشتريه الفرق بين قيمة المؤشر‬
‫المحددة في العقد كسعر للتنفيذ‪ ،‬وبين قيمة المؤشر وقت التنفيذ‪.‬‬

‫إذن فقبض المعقود عليه في عقود الخيارات غير متوفر‪ ،‬بل ال يكون تسليما أساسا‪ ،‬ألن‬
‫‪36‬‬
‫محرر الخيار غالبا ال ينفذ االتفاق‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬من حيث ملكية المعقود عليه‪:‬‬

‫من المقرر فقها أن من شروط المعقود عليه‪ :‬الملك التام؛ ألن البيع تمليك؛ فال ينعقد بما‬
‫ليس بمملوك‪ ،‬بمعنى أنه يشترط أن يكون مملوكا للبائع‪ ،‬وإال ال ينعقد البيع لنهيه صلى هللا عليه‬
‫وسلم (ال تبع ما ليس عندك)‪ .‬وبما أن خيار الشرط ال يكون إال في عقد صحيح تام الشروط‪،‬‬
‫فإن ملكية المعقود عليه مت حققة للبائع‪ .‬أما في الخيارات المعاصرة فملكية المعقود عليه غير‬
‫متحققة‪ ،‬وقد يقال‪ :‬توفره في األسواق مبرر لذلك البيع‪ ،‬فيرد عليه‪ :‬أن توفره في األسواق ليس‬
‫مبررا لبيع ما ليس ملكا للعاقد‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬من حيث التصرف في المعقود عليه زمن الخيار‪:‬‬

‫خيار الشرط في الفقه اإلسالم ي إما للبائع وإما للمشتري‪ :‬فإن كان الخيار للبائع؛ فال‬
‫يخرج المبيع عن ملكه‪ ،‬وهنا ليس للمشتري حق التصرف في المبيع‪ ،‬حتى ولو قبضه المشتري‬
‫وهلك في يده في زمن الخيار؛ فعليه قيمته ألنه لم ينفذ البيع؛ ألنه ال نفاذ للتصرف بدون ملك‪.‬‬
‫وإن كان الخيار للمشتري؛ فالمبيع ي خرج من ملك البائع ويدخل في ملك المشتري‪ ،‬ويصح‬
‫تصرفه‪ .‬وأما إن كان الخيار لهما‪ ،‬فملكه للبائع وضمانه عليه‪ ،‬ويكون له حق التصرف هو‬
‫والمشتري إن أذن له‪ ،‬ويسقط خياره في هذه الحالة‪.‬‬

‫أما بالنسبة لتصرفات المتعاملين في عقود الخيارات المالية المعاصرة؛ فإن تصرفاتهم‬
‫بالمع قود عليه مطلقة ال قيد عليها وال شرط‪ ،‬ال في حالة البيع وال في حالة الشراء؛ ألن عقد‬

‫محمود فهد مهيدات ‪ ،‬عقود الخيارات ودورها في األزمة المالية من منظور االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.129 :‬‬ ‫‪36‬‬

‫‪22‬‬
‫الخيار ال يعني ضرورة قيام المشتري بتسليم المعقود عليه إلى المحرر مهما انخفض سعره في‬
‫تاريخ تنفيذ العقد عن السعر المتفق عليه؛ كون محرر الخيار حينئذ يقوم بدفع الفرق بين سعر‬
‫التع اقد والسعر السائد في لحظة تنفيذ العقد إلى مشتري الخيار وينتهي األمر‪ .‬وهذا يعني أن‬
‫مشتري حق الخيار بإمكانه التصرف في المعقود عليه قبل التاريخ المحدد للتنفيذ‪ ،‬وإذا ما حل‬
‫ذلك التاريخ‪ ،‬وأصر محرر الخيار على استالم المعقود عليه ‪-‬وهو أمر غير متوقع غالبا ا في‬
‫مثل هذه العقود‪ -‬فيمكن للمستثمر أن يشتري الكمية المتعاقد عليها من السوق ويسلمه إياها‪ ،‬وال‬
‫يخفى هنا إذا كان سعر السوق وقت التنفيذ يفوق السعر المتفق عليه‪ ،‬فلن يكون هناك تسليم‬
‫‪37‬‬
‫أساسا؛ ألن المستثمر لن يقوم أصالا بتنفيذ االتفاق‪.‬‬

‫وهذا يعني أن الخيار يبقى يتداول من تاريخ العقد حتى وقت التنفيذ من قبل المستثمرين‪.‬‬
‫وعليه ال يترتب أي أثر على تصرفهما بالمعقود عليه بعد إبرام العقد‪ ،‬من حيث الصحة أو‬
‫البطالن‪ ،‬ألي تصرف من تصرفاتهما بالمعقود عليه‪.‬‬

‫بهذه الفروق الجوهرية تتضح حقيقة االختالف بين خيار الشرط في الفقه اإلسالمي‪،‬‬
‫وبين الخيارات المعاصرة‪ .‬وعليه ال يمكن إلحاق عقود الخيارات المعاصرة بخيار الشرط؛‬
‫وبالتالي فإنها تتعارض مع مقصود الشارع من إباحة خيار الشرط‪.‬‬

‫وبناء على كل ما تقدم يتضح أن عقود االختيارات تحتوي على‪:‬‬

‫‪-‬بيع اإلنسان ما ليس عنده وبيع ما ال يملك حيث أن إن مشتري االختيار ال يملك‬
‫المعقود عليه وهي األصول المالية حال البيع وإنما يملك حق البيع والحق في ذاته ليس ماال وال‬
‫يجوز أن يباع من الحقوق إال ما كان ماال أو متعلقا بمال‪.‬‬

‫‪-‬عقود االختيارات من العقود الصورية التي ال يراد حقيقتها وجوهرها‪ ،‬وذلك أن‬
‫مشتري االختيار أو بائعه ال يريد شراء األصول المالية أو بيعها على الحقيقة‪ ،‬إنما يضارب‬
‫على فروق األسعار وكون هذه العقود ال يجرى تنفيذها غالبا ألن معظم المشترين ال ينوون‬
‫محمود فهد مهيدات‪ ،‬عقود الخيارات ودورها في األزمة المالية من منظور االقتصاد اإلسالمي ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.130 :‬‬ ‫‪37‬‬

‫‪23‬‬
‫استالم ما اشتروه‪ ،‬كما أن معظم البائعين ال ينوون تسليم ما باعوه‪ .‬وتنحصر العملية في قبض‬
‫أو دفع الفرق بين سعري الشراء والبيع‪ ،‬وعليه فإذا ثبتت صورية عقود االختيارات ثبت بطالن‬
‫التعامل بها‪.‬‬

‫إن عقود االختيارات تدخل ضمن أكل أموال الناس بالباطل ألن حق االختيار ليس بمال‬
‫وال متعلقا بمال‪ ،‬إنما هو حق مجرد ليس له حقيقة‪ ،‬فكان المعقود عليه معدوما ليس له وجود‬
‫حسي‪ ،‬فيكون أحد أركان العق د غير موجود‪ ،‬ومن ثم فالعقد باطل‪ ،‬كما أن هذا الحق ال نفع فيه‬
‫لمشتريه إال باستعماله وهو أمر متوقف على تغير األسعار لصالحه‪ ،‬فإن لم تتغير األسعار‬
‫‪38‬‬
‫لصالحه‪ ،‬فإنه ال يستعمله وخسر ما بذله من مال بال مقابل فكان هذا أكال للمال بالباطل‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬رأي القائلون بالجواز وأدلتهم‬

‫ذهبت الموسوعة العلمية والعملي ة للبنوك اإلسالمية إلى جواز عقود الخيارات الشرطية‪،‬‬
‫وإلى أن المال الذي يأخذه البائع من المشتري هو حق له فال يرد إلى دافعه‪ ،‬وقد استدلوا بعدد‬
‫من الحجج واألدلة منها‪:‬‬

‫قوله تعالى‪{ :‬يَـأَيُّهَا الَّ ِذينَ َءا َمنُواْ أ َ ْوفُواْ بِا ْلعُقُو ِد أ ُ ِحلَّتْ لَكُ ْم بَ ِهي َمةُ األ ْنعَ ِام إِالَّ َما يُتْلَى‬
‫َّللا يَحْ كُ ُم َما يُ ِري ُد}‪.39‬‬‫ص ْي ِد َوأَنت ُ ْم ُح ُر ٌم إِنَّ َّ َ‬ ‫علَ ْيكُ ْم َ‬
‫غي َْر ُم ِح ِلي ال َّ‬ ‫َ‬

‫وقوله صلى هللا عليه وسلم‪ ":‬والمسلمون على شروطهم إال شرطا حرم حالال أو أحل‬
‫حراما‪."40‬‬

‫‪ 38‬كامل عبد القادر حسين‪ ،‬نحو مشتقات مالية إسالمية‪ ،‬مجلة جامعة كركوك للدراسات اإلنسانية‪ ،‬المجلد ‪ ،14:‬العدد‪ ،2 :‬سنة ‪ ،2019‬ص‪،98 :‬‬
‫منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://www.iasj.net/iasj/download/2511cc0f150bbef4‬‬
‫‪ 39‬سورة المائدة‪ ،‬اآلية‪.1 :‬‬
‫‪ 40‬من حديث أبي هريرة رضي هللا عنه‪ ،‬وأخرجه الترمذي في "األحكام"‪ ،‬باب ما ذكر عن رسول هللا في الصلح بين الناس (‪ ،)1352‬من حديث‬
‫عمرو بن عوف رضي هللا عنه‪ .‬والحديث صححه األلباني في "اإلرواء"‪.1303‬‬

‫‪24‬‬
‫ولقد عمل الفقهاء المجيزون لعقود الخيارات على قياس هذه األخيرة على مختلف العقود‬
‫الجائزة ‪،‬كبيع العربون(الفقرة األولى)‪،‬وخيار الشرط(الفقرة الثانية) ‪،‬وعقد السلم(الفقرة‬
‫الثالثة)‪ ،‬وااللتزام أو الكفالة أو الضمان(الفقرة الرابعة)‪ ،‬وذلك إلبراز شرعية هذه العقود‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬قياس عقود الخيارات على بيع العربون‬

‫يرى المجيزون لعقود الخيارات أنه يمكن لبيع العربون أن يكون بديال شرعيا لعقود‬
‫الخيارات المالية‪ ،‬على أن تتحقق فيه أحكامه وضوابطه الشرعية‪.‬‬

‫والمراد ببيع العربون بيع السلعة مع دفع المشتري مبلغا من المال إلى البائع‪ ،‬على أنه‬
‫إن أخذ السلعة ا حتسب المبلغ من الثمن‪ ،‬وإن تركها فالمبلغ للبائع‪ ،‬ويجوز بيع العربون إذا قيدت‬
‫فترة االنتظار بزمن محدود ويحتسب العربون جزءا من الثمن إذا تم الشراء‪ ،‬ويكون من حق‬
‫البائع إذا عدل المشتري عن الشراء‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫و بيع العربون من البدائل الشرعية لعقود الخيارات بحيث يحفظ حق كل من الطرفين‪،‬‬
‫حيث يقع العقد بين الطرفين على شراء األصل‪ ،‬ويدفع المشتري للبائع عربونا من الثمن‬
‫المسمى في العقد‪ ،‬ويكون للمشتري الخيار في إمضاء البيع أو فسخه خالل مدة محددة تنتهي‬
‫في تاريخ االستحقاق‪ ،‬فإن أمضى البيع فالعربون جزء من الثمن‪ ،‬وإن فسخه فالعربون حق‬

‫‪ 41‬للمزيد من التوضيح يراجع‪:‬‬


‫‪ -‬شارف يحي‪ ،‬التعاقد بالعربون في القانون المدني الجزائري والفقه اإلسالمي – دراسة مقارنة‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم في‬
‫الحقوق (تخصص‪ :‬قانون مدني)‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة وهران ‪ 2‬محمد بن أحمد‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2018- 2017‬ص ‪ 9‬وما بعدها‪،‬‬
‫منشورة على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://ds.univ-oran2.dz:8443‬‬
‫‪ -‬فردوس خضير‪ ،‬بيع العربون وتطبيقاته المعاصرة‪ ،‬مذكرة تخرج تدخل ضمن متطلبات الحصول على شهادة الماستر في العلوم اإلسالمية (تخصص‪:‬‬
‫فقه مقارن وأصوله)‪ ،‬معهد العلوم اإلسالمية (قسم الشريعة)‪ ،‬جامعة الشهيد حمه لخضر – الوادي‪ ،‬السنة الجامعية ‪1440-1439‬هـ‪2019-2018/‬م‬
‫ص ‪ 12‬وما بعدها‪ ،‬منشورة على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪http://dspace.univ-eloued.dz/bitstream/123456789/4425/1/‬‬
‫‪ 42‬رهف موسى أبو فارة‪ ،‬بدائل شرعية للمشتقات في األسواق المالية اإلسالمية ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.23 :‬‬

‫‪25‬‬
‫للبائع‪ ،‬ويالحظ أن العربون يقابل سعر الخيار في العقد التقليدي وأن الثمن المسمى يساوي سعر‬
‫‪43‬‬
‫التنفيذ مضافا إليه سعر الخيار‪.‬‬

‫ف خيار الشرط وبيع العربون من التطبيقات المهمة التي جاءت كبديل عادل وشرعي‬
‫للخيارات التقليدية التي تسعى األسواق اإلسالمية إلى تطبيقها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬قياس عقود الخيارات على خيار الشرط‬

‫يمكن لخيار الشرط أن يكون بديال شرعيا لعقود الخيارات‪ ،‬إذا وقع العقد‬
‫على األصل ال على الحق‪ ،‬وأن يكون األصل موجودا معينا ومملوكا للبائع‪ ،‬فتكون الصيغة هي‬
‫عقد بيع لألصل المملوك للبائع (مشتري الخيار) بثمن محدد مع اشتراط البائع على المشتري‬
‫‪44‬‬
‫(محرر الخيار)‪ ،‬أن له الحق في فسخ العقد أثناء مدة الخيار‪ ،‬وحتى تاريخ االستحقاق‪.‬‬

‫والشبه بين عقد الخيار المالي المعاصر وبين البيع الذي اشترط فيه خيار الشرط من‬
‫جهة أن في عقد الخيار يكون للمشتري الحق في البيع أو الشراء خالل فترة محددة ‪،‬وفي البيع‬
‫الذي اشترط فيه الخيار يكون لمشترط الخيار الحق في إمضاء البيع أو فسخه خالل فترة‬
‫محددة‪ ،‬و وجه االستدالل حسب رأيهم أن من حق المضارب فسخ العقد في ميعاد التصفية‪ ،‬إذا‬
‫أحس بانقالب األسعار في غير صالحه‪ ،‬مقابل أن يدفع تعويضا للطرف اآلخر وال يرد إليه‬
‫بحال‪ ،‬ويسمى هذا الشرط بالشرط البسيط وهو شرط صحيح‪.‬‬

‫وعليه يرى أصحاب هذا الرأي أن دفع مشتري الخيار ثمن حق الخيار مقابل تخويله‬
‫حق فسخ العقد خالل مدة الخيار هو بمثابة خيار الشرط في الفقه اإلسالمي وقد أباحته الشريعة‬
‫‪45‬‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ 43‬بندر بن عبد العزيز اليحيى‪ ،‬األحكام الشرعية لعقود الخيارات المعاصرة ‪ -‬دراسة فقهية‪ ،‬مجلة العلوم الشرعية‪ ،‬المجلد ‪ ،13‬العدد ‪ ،4:‬سنة ‪،2019‬‬
‫ص‪ 28 :‬منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://jis.qu.edu.sa/files/shares/‬‬
‫‪ 44‬محمد يونس البيرقدار ‪ ،‬نحو تطوير عقود اختيارات في ضوء مقررات الشريعة اإلسالمية ‪،‬بحث مقدم للمؤتمر الثامن للهيئات الشرعية للمؤسسات‬
‫المالية اإلسالمية ‪،‬هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية ‪،‬البحرين ‪،‬سنة ‪ ،2008 :‬ص‪.4 :‬‬
‫‪ 45‬محمود فهد مهيدات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.139 :‬‬

‫‪26‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬قياس عقود الخيارات على عقد السلم‬

‫رأى بعض المجيزون أن هناك شبه بين عقد السلم وعقود الخيارات المالية‪ ،‬من حيث‬
‫أن عقد السلم عقد يتأخر فيه تسليم المبيع وأن سعر البيع المتفق عليه ابتداء إلى أجل معلوم دليل‬
‫على جواز الخيارات المالية‪ ،‬فعقود الخيارات تباع بسعر بات أو بسعر معلق على سعر‬
‫البورصة في تصفية محددة‪ ،‬ويكون منها البيع على المكشوف‪ ،‬أي يسمح فيها بالبيع لمن ال‬
‫يملك السلعة بناء على قدرته على تسليمها حيث حلول أجلها نتيجة استمرارية السوق‪.‬‬

‫وقياس الخيارات على بيع السلم غير سليم ويمكن رده من عده وجوه‪:‬‬

‫‪ -‬يشرط في صحة عقد السلم قبض الثمن في مجلس العقد‪ ،‬بينما في الخيارات ال‬
‫يشترط هذا بها بل ليس فيها قبض ال للثمن وال للمثمن‪.‬‬

‫‪ -‬في عقد السلم كال الطرفين ملزم بتنفيذ العقد حسب ما يتفقان‪ ،‬وعليه فال خيار فيه‬
‫باتفاق الجمهور‪ ،‬أما في الخيارات فال إلزام إال للبائع‪.‬‬

‫‪ -‬عقد السلم منفصل عن عقد بيع السلعة ‪ ،‬فهو عقد على حق مجرد وله ثمن خاص به‪،‬‬
‫‪46‬‬
‫أما السلم فالعقد على السلع والثمن للسلع‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬عقد خيار البيع هو التزام أو ضمانة أو كفالة‬

‫األرجح من آراء الفقهاء جواز أخذ األجرة على االلتزام أو الضمان أو الكفالة لقوة‬
‫األدلة‪ ،‬ويتحقق من خاللها مصالح ومكاسب لطرفي المعاملة‪ ،‬أو بما ال يخالف المقاصد‬
‫الشرعية‪.‬‬

‫وقياسا على هذا الحكم يمكن القول بجواز خيار البيع إذا خال من المخالفات الشرعية‬
‫األخرى‪ ،‬فمالك األوراق المالية الذي يدفع العمولة مقابل أن يكون له الحق في البيع في الفترة‬

‫هشام السعدني خليفة بدوي‪ ،‬عقود المشتقات المالية ‪ -‬دراسة فقهية اقتصادية مقارنة ‪ -‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة‪ ،2011 :‬ص‪.219 :‬‬ ‫‪46‬‬

‫‪27‬‬
‫المتفق عليها يقوم بحماية ممتلكاته بشراء التزام من الطرف اآلخر بضمان هذه األوراق‬
‫‪47‬‬
‫بشرائها إذا رغب الطرف األول‪.‬‬

‫و إذا سلمنا بجواز أخذ األجرة على محض االلتزام في الكفالة نقول‪ :‬إن قياس هذا على‬
‫جواز أخذ العوض في خيار العرض أو الدفع قياس غير مسلم فيه‪ ،‬وذلك لما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬إن الذين أجازوا أخذ األجرة على محض االلتزام اشترطوا في الملتزم به ‪ -‬إذا كان‬
‫من باب المعاوضات ‪ -‬ما يشترط في الثمن والمثمن من انتفاء الجهل والغرر‪ ،‬وأن يكون‬
‫مقدورا على تسليمه‪ ،‬وهذه العلة منتفية في الخيارات‪.‬‬

‫‪ -2‬من العلل التي أجازوا عليها أخذ العوض على االلتزام‪ ،‬اعتبار أن االلتزام له قيمة‬
‫مالية في ذاته‪ ،‬وهي علة منتفية في الخيارات‪ ،‬بدليل أن قيمتها مستمدة من مادة الخيار المذكورة‬
‫في العقد‪.‬‬

‫‪ -3‬اشترط المجيزون في قياس الخيارات على االلتزام أن تخلو الخيارات من المخالفات‬


‫الشرعية‪ .‬وهذا منتف من عقود الخيارات؛ فليست خالية من المخالفات الشرعية‪.‬‬

‫‪ -4‬من خالل النظر في نصوص المالكية في جواز أخذ العوض على االلتزام‪ ،‬يتبين أن‬
‫الملتزم ال يستحق العوض من قبل الملتزم له ‪ ،‬إال إذا لم يتحقق الملتزم به‪ ،‬كالمرأة التي تدفع‬
‫لزوجها عوضا مقابل أن ال يتزوج عليها‪ ،‬فإن الزوج ال يستحق هذا العوض إذا لم يلتزم بعدم‬
‫الزواج‪ ،‬فإن لم يلتزم وتزوج عليها فيرد عليها عوضه‪ .‬أما في عقود الخيارات فإن محرر‬
‫خ يار الدفع يحصل على قيمة الخيار‪ -‬صحيح أنه مقابل التزامه بتنفيذ العقد عندما سيطلب‬
‫مشتري الخيار ذلك منه‪ -‬لكن ه يأخذ ثمن الخيار على كل الحاالت سواء رغب مشتري الخيار‬

‫مفتاح صالح‪ ،‬المشتقات المالية اإلسالمية كبديل للمشتقات المالية الوضعية في أسواق األوراق المالية‪ ،‬ص‪ .14 :‬بدون ذكر المطبعة والطبعة‬ ‫‪47‬‬

‫‪28‬‬
‫بتنفيذ العقد أم ال؛ بمعنى إذا لم ينفذ المشتري فإنه ال يرجع على بائع الخيار بشيء‪ .‬إذن فقياس‬
‫‪48‬‬
‫خيار الدفع على االلتزام غير سليم لكل ما تقدم‪.‬‬

‫و بناء على ما سبق ذكره يتضح لي بأن عقود الخيارات غير جائزة شرعا‪ ،‬وذلك‬
‫لقوة أدلة المانعين من التعامل بها ‪،‬فأدلة أغلب المانعين لعقود الخيارات ترجع للكتاب والسنة‬
‫والقواعد األصولية الشرعية‪ ،‬عكس أدلة المجيزين والتي كانت عبارة عن أدلة ضعيفة غير‬
‫واضحة الداللة‪ ،‬أغلبيتها انطلقت من القياس باعتباره مصدرا من مصادر التشريع‪ ،‬إلى أن‬
‫توظيف هذا المصدر في االستدالل على صحة التعامل بعقود الخيارات لم يكن سليما‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬عقود الخيارات في األسواق اآلجلة‬

‫نشأ ت األسواق اآلجلة لألدوات المالية عند ظهور متطلبات جديدة للمستثمرين لتغطيتهم‬
‫من مخاطر تقلب أسعار الفائدة ‪ ،‬وأسعار الصرف في أواخر السبعينيات‪ ،‬وظهرت أولى‬
‫األسواق اآلجلة المنظمة للمشتقات المالية في الواليات المتحدة مع افتتاح بورصة شيكاغو عام‬
‫‪ ،1972‬والتي تم فيها تداول أولى العقود المستقبلية على العملة‪ ،‬وفي العام الموالي ‪1973‬‬
‫فتحت أولى سوق منظمة لعقود الخيارات‪.‬‬
‫‪49‬‬

‫ولقد شجع النجاح الواسع لألسواق اآلجلة المنظمة في الواليات المتحدة األمريكية‬
‫‪50‬‬
‫المراكز المالية الكبرى إلنشاء أسواق جديدة‪.‬‬

‫أما بالمغرب فقد تم إصدار القانون رقم ‪ 42 .12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات‬
‫كلبنة أساسية إلتمام هيكلة سوق الرساميل‪ ،‬وإطار قانوني لسوق منظمة توفر‬ ‫‪51‬‬
‫المالية‪،‬‬
‫مجموعة متكاملة من األدوات المالية الجديدة تمكن المستثمرين من التغطية ضد مخاطر تقلبات‬

‫‪ 48‬محمود فهد مهيدات‪ ،‬عقود الخيارات ودورها في األزمة المالية من منظور االقتصاد اإلسالمي ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.142 :‬‬
‫‪ 49‬السوق المنظم هو عبارة عن مكان اجتماع تجرى فيه المعامالت في ساعات محدودة من قبل عن طريق سماسرة محترفين مؤهلين ومتخصصين‪،‬‬
‫فالتعامل يتم بصورة علنية فيما يخص األوراق المالية‪ ،‬وكذا األسعار المتفق عليها‪.‬‬
‫‪ 50‬الموقع الرسمي لوزارة االقتصاد والمالية ‪. www.finances.gov.ma‬‬
‫‪ 51‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.14.96‬الصادر في ‪ 20‬من رجب ‪ 20( 1435‬ماي ‪ )2014‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 42.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات‬
‫المالية المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 6263‬الصادر في ‪ 11‬شعبان ‪ 9( 1435‬يونيو ‪ )2014‬ص ‪.4833‬‬

‫‪29‬‬
‫أصول أساسية‪ ،‬ولقد أشار المشرع المغربي لعقود الخيارات في إطار القانون رقم ‪42 .12‬‬
‫كما نظم كيفية التعامل بها في إطار مشروع القانون رقم ‪46.17‬‬ ‫‪52‬‬
‫المتعلق باألسواق اآلجلة‪،‬‬
‫‪53‬‬
‫المتعلق باألدوات المالية اآلجلة‪.‬‬

‫فعقود الخيارات كما جاء في قانون األ سواق اآلجلة تعتبر أدوات مالية آجلة وتعد هذه‬
‫األخيرة من مظاهر التطور الحديث في األسواق المالية الدولية‪.‬‬

‫وتعتبر السوق اآلجلة لبنة أساسية الستكمال بنية السوق المالي الوطني ‪،‬حيث تهدف إلى‬
‫تعميق السوق المالي والرفع من أدائها ودعم استقرارها ومحاولة من المغرب في تنظيم سوق‬
‫مشتقات متكامل‪ ،‬إذ يعتبر قانون األ سواق اآلجلة‪ ،‬ومشروع قانون األدوات المالية اآلجلة خطوة‬
‫نحو سوق مالي متكامل‪.‬‬

‫وتعرف المعامالت داخل األسواق المالية اآلجلة مميزات خاصة‪ ،‬حيث أن العقد يجري‬
‫‪54‬‬
‫فيها على سلع غير متوفرة في الحال إضافة الى عدم دفع ثمنها‪.‬‬

‫وبناء على ذلك سأحاول في هذا المبحث تحديد النظام الداخلي للسوق اآلجلة لألدوات‬
‫المالية [المطلب األول]‪ ،‬ومعالجة كيفية تداول عقود الخيارات داخل هذه السوق[المطلب‬
‫الثاني]‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬النظام الداخلي للسوق اآلجلة لألدوات المالية‬

‫‪ 52‬تعد السوق اآلجلة سوقا يتم فيها تداول األدوات المالية اآلجلة التي تهدف لحماية المستثمرين من مخاطر تقلبات أسعار أصول أخرى‪ ،‬وتقسم السوق‬
‫اآلجلة إلى‪ :‬سوق العقود المستقبلية‪ ،‬وسوق المبادلة‪ ،‬ثم سوق عقود الخيارات‪.‬‬
‫‪ 53‬المنشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪http://www.sgg.gov.ma/portals/0/AvantProjet/171/Avp_loi_46.17_Ar.pdf‬‬
‫تنص المادة ‪ 2‬من مشروع هذا القانون على أنه "ألجل تطبيق (مشروع) هذا الفانون يراد باألدوات المالية‪ ،‬األدوات المالية كما هي معرفة في المادة ‪2‬‬
‫من القانون رقم ‪ 44.12‬المتعلق بدعوة الجمهور إلى االكتتاب وبالمعلومات المطلوبة لألشخاص المعنويين والهيئات التي تدعو الجمهور إلى االكتتاب‬
‫في أسهمها وسنداتها‪".‬‬
‫‪ 54‬المهدي أدنجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.49-48:‬‬

‫‪30‬‬
‫تمثل األسواق المالية أداة أ ساسية من أدوات النمو االقتصادي لما لها من أثر إيجابي في‬
‫تنشيط االقتصاد‪ ،‬والمتمثل أساسا في استغاللها لمدخرات المستثمرين‪ ،‬وتوجيهها في أنشطة‬
‫ومشاريع تحقق لهم عوائد مالية‪ ،‬ناهيك عن الكثير من المزايا التي تحقق التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫وبما أن معرض حديثي في هذا المطلب سيكون عن السوق اآلجلة لألدوات المالية‪ ،‬فقد‬
‫قررت التطرق لكيفية إدارة هذه السوق [الفقرة األولى]‪ ،‬واألجهزة الرقابية التي تسهر على‬
‫حسن سير السوق [الفقرة الثانية]‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إدارة السوق اآلجلة‬

‫ال يخفى على جل الباحثين بأن السوق المالية وخاصة سوق رأس المال يتوفر على‬
‫أجهزة تتكفل بتدبير هذا األخير‪ ،‬وتسييره طبقا للقواعد المنظمة له‪ ،‬وتعتبر الشركة المسيرة‬
‫‪55‬‬
‫للبورصة هي الجهاز الذي أناط به المشرع قانونا مهمة تسير البورصة‪.‬‬

‫حيث تعد هذه األخيرة بمثابة العمود الفقري من الجسد الذي يدور حوله نشاط األجهزة‬
‫المتدخلة في البورصة‪ ،‬لذا فقد أناط المشرع المغربي مهام إدارة هذه األخير بشركة مساهمة‬
‫ذات امتياز‪ ،‬وتتمكن هذه الشركة من تسيير البورصة بطريقة مباشرة عبر شركة تابعة لها‬
‫تحت مسؤوليتها‪ ،‬ويكون غرضها األساسي هذا التسيير‪.‬‬

‫وهكذا تقوم الشركة ال مسيرة بدور فعال في البورصة‪ ،‬حيث تعد بمثابة القلب النابض‬
‫الذي يضخ الدماء في الجسم‪ ،‬ومعنى هذا أن جميع األنشطة ذات الصلة بالبورصة تتدخل فيه‬
‫هذه الشركة‪ ،‬فهي تقوم بتنظيم سير البورصة عن طريق تعليمات تصدرها للمتدخلين في‬
‫السوق‪ ،‬وتأخذ التدابير الالزمة من أجل الحفاظ على أمن السوق‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك تناط‬
‫بالشركة المسيرة مهام القيد في جدول األدوات المالية‪ ،‬كما يمكنها أن تقرر التشطيب على كل‬
‫أداة مالية‪ ،‬وإذا ظهرت للشركة المسيرة أسباب موجبة لوقف تسعير األدوات المالية المقيدة‬

‫‪ 55‬تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 8‬من قانون ‪ 42. 12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية على أنه‪" :‬تحدث شركة مساهمة تسمى الشركة المسيرة‬
‫للسوق اآلجلة‪ ،‬تضطلع بمقتضى امتياز مخول بإدارة السوق اآلجلة لألدوات المالية وفق دفتر تحمالت يصادق عليه الوزير المكلف بالمالية‪".‬‬

‫‪31‬‬
‫‪56‬‬
‫بأحد جداول األسعار‪ ،‬أوقفت التسعير المعمول به مع احتفاظها بإمكانية استئناف التسعير‪،‬‬
‫وبعبارة أخرى؛ أناط المشرع المغربي بالشركة المسيرة للبورصة عده مهام‪ ،‬حيث تتكفل بمهمة‬
‫تنظيم السوق المالية‪ ،‬ويمكن لها أن تصدر قرارات ذات صيغة تنظيمية وذلك‪ ،‬طبقا ألحكام‬
‫‪ 19 .14‬المتعلق ببورصة القيم وشركات البورصة والمرشدين في االستثمار‬ ‫القانون رقم‬
‫‪57‬‬
‫المالي‪.‬‬

‫كما أوكل المشرع المغربي للشركة المسيرة للبورصة مهمة البث في طلبات القيد‬
‫‪58‬‬
‫بجدول أسعار البورصة وشطبها منه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األجهزة الرقابية للسوق اآلجلة‬

‫أحدث المشرع المغربي أسوة بالتشريعات المقارنة هيئة مستقلة وقائمة بذاتها بقصد‬
‫مراقبة وضبط العمليات الرائجة بالسوق المالية واإلشراف على هذه األخيرة‪ ،‬من أجل تحقيق‬
‫شفافية عمليات البورصة وضمان المساواة بين مختلف المتدخلين في السوق‪ ،‬وذلك بقصد‬
‫الضرب من حديد على أي ادي المستبدين‪ ،‬وبتر كل التجاوزات التي من شأنها المساس بالسوق‬
‫المالية‪.‬‬

‫لذلك تعتبر الهيئة المغربية لسوق الرساميل الجهة المخول لها قانونا مراقبة وتنظيم‬
‫‪59‬‬
‫السوق المالية من أجل حماية االدخار‪.‬‬

‫‪ 56‬المادة ‪ 9‬من قانون ‪ 42.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية‪.‬‬


‫‪ 57‬الظهير الشريف رقم ‪ 151.16.1‬الصادر في ‪ 21‬من ذي القعدة ‪ 25( 1437‬أغسطس ‪ )2016‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 19.14‬المتعلق ببورصة القيم‬
‫وشركات البورصة والمرشدين في االستثمار المالي المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 6501‬الصادر في ‪ 17‬ذي الحجة ‪ 19( 1437‬سبتمبر ‪)2016‬‬
‫ص ‪.6681‬‬
‫‪ 58‬حسن السوسي‪ ،‬نحو بناء مفهوم حديث لألسواق المالية‪ ،‬مقال بالمجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية‪ ،‬العدد‪ ،8 :‬سنة‪ ،2021 :‬ص‪ ،69-68 :‬منشور‬
‫على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://revues.imist.ma/index.php/RERJ/article/view/27949/14609‬‬
‫‪ 59‬تنص المادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪ 12.43‬المتعلق بالهيئة المغربية لسوق الرساميل المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 6142‬بتاريخ ‪ 30‬جمادى األولى‬
‫‪ 11( 1434‬أبريل ‪ )2013‬ص ‪ 3157‬على أنه‪" :‬تمارس الهيئة المغربية لسوق الرساميل اختصاصات المراقبة المسندة إليها وفق النصوص التشريعية‬
‫المعمول بها إزاء الهيئات واألشخاص الخاضعين لمراقبتها والمشار إليهم في هذه المادة‪ .‬كما تتأكد من احترامهم لألحكام التشريعية والتنظيمية المطبقة‬
‫عليهم وال سيما تلك المتعلقة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬شركات البورصة والمرشدون في االستثمار المالي والشركة المسيرة لبورصة القيم الخاضعة للظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم ‪1.93.211‬‬
‫بتاريخ ‪ 4‬ربيع اآلخر ‪ 21( 1414‬سبتمبر ‪ )1993‬المتعلق ببورصة القيم؛‬

‫‪32‬‬
‫وهكذا فإن الهيئة المغربية لسوق الرساميل تعتبر شرطي السوق المالية‪ .‬حيث تعمل‬
‫على خلق مناخ متزن وشفاف لالست ثمار‪ ،‬وذلك بدفع كل ما من شأنه أن يضر بمصالح السوق‬
‫المالية‪ ،‬وبالمتدخلين فيها ‪،‬إذ تتمتع الهيئة بسلطات عديدة منها‪ :‬السلطة التنظيمية‪ ،‬والسلطة‬
‫االستشارية‪ ،‬والسلطة الرقابية‪.‬‬

‫فالسلطة التنظيمية تتعلق بتنظيم السوق المالية‪ ،‬وإصدار دوريات تنطوي على‬
‫مقتضيات ترمي إلى تنظيم سير السوق‪ ،‬ويلتزم المتدخلون باألحكام التي أصدرتها الهيئة‪.‬‬

‫وبالنسبة للسلطة االستشارية فيمكن للحكومة أن تستشير الهيئة المغربية لسوق‬


‫الرساميل بشأن مسألة معينة من المسائل التي من شأنها التأثير على ممارسة صالحياتها‪ ،‬وفقا‬
‫‪60‬‬
‫للمادة ‪ 3‬من القانون المنظم للهيئة المغربية لسوق الرساميل‪.‬‬

‫‪ -‬الهيئات المكلفة بالتوظيف الجماعي للقيم المنقولة ومؤسساتها المسيرة و مؤسساتها الوديعة الخاضعة للظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم‬
‫‪ 1.93.213‬بتاريخ ‪ 4‬ربيع اآلخر ‪ 21( 1414‬سبتمبر ‪ )1993‬المتعلق بالهيئات المكلفة بالتوظيف الجماعي للقيم المنقولة؛‬
‫‪ -‬الوديع المركزي وماسكوا الحسابات واألشخاص المعنوية المصدرة الخاضعة للقانون رقم ‪ 35.96‬المتعلق بإحداث وديع مركزي وتأسيس نظام عام‬
‫لقيد بعض القيم في الحساب؛‬
‫‪ -‬هيئات توظيف األموال بالمجازفة وشركاتها المسيرة الخاضعة للقانون رقم ‪41.05‬؛‬
‫‪ -‬صناديق التوظيف الجماعي للتسنيد ومؤسساتها للتدبير واإليداع الخاضعة للقانون رقم ‪33.06‬؛‬
‫‪ -‬األشخاص الذاتية أو المعنوية الخاضعة ألحكام القانون رقم ‪ 26.03‬المتعلق بالعروض العمومية في سوق البورصة؛‬
‫‪ -‬األشخاص الذين يدعون الجمهور إلى االكتتاب وفق مقتضيات القانون رقم ‪ 44.12‬المذكور والقانون رقم ‪ 17.95‬المتعلق بشركات المساهمة؛‬
‫=‪ -‬األعضاء المكلفون بالتداول واألعضاء المكلفون ب المقاصة واألعضاء المكلفون بالتداول والمقاصة والشركة المسيرة وغرفة المقاصة الخاضعة‬
‫للنصوص التشريعية المتعلقة بالسوق اآلجلة لألدوات المالية؛‬
‫‪ -‬عمليات االستحفاظ الخاضعة للقانون رقم ‪24.01‬؛‬
‫‪ -‬عمليات إقراض السندات ومزاولة هذا النشاط من لدن الوسيط المالي المؤهل أو مسير منصة متعددة األطراف إلقراض السندات‪ ،‬المنصوص عليهما‬
‫في القانون رقم ‪ 45.12‬المتعلق بإقراض السندات؛‬
‫‪ -‬بعض سندات الديون القابلة للتداول الخاضعة للقانون رقم ‪35.94‬؛‬
‫‪ -‬األشخاص المؤهلين المشار إليهم في المادة ‪ 31‬من هذا القانون وكذا األشخاص الذين يساهمون بحك م أنشطتهم في إنجاز عمليات تتعلق باألدوات‬
‫المالية‪".‬‬
‫‪ 60‬تنص المادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 12.43‬المتعلق بالهيئة المغربية لسوق الرساميل على أنه‪" :‬يعهد إلى الهيئة المغربية لسوق الرساميل بالتأكد من‬
‫حماية االدخار الموظف في األدوات المالية‪ ،‬كما تم تعريفها في المادة ‪ 2‬من القانون رقم ‪ 12.44‬المتعلق بدعوة الجمهور إلى االكتتاب وبالمعلومات‬
‫المطلوبة إلى األشخاص المعنوية والهيئات التي تدعو الجمهور إلى االكتتاب في أسهمها أو سنداتها‪ ،‬والخاضعة لمختلف التشريعات المنصوص عليها‬
‫في المادة ‪ 4‬من هذا القانون‪ ،‬كما تسهر الهيئة ‪ ،‬طبقا لمبادئ حماية االدخار والمعاملة العادلة للمستثمرين‪ ،‬على المساواة في التعامل مع المكتتبين‬
‫والشفافية ونزاهة سوق الرساميل وعلى إخبار المستثمرين‪.‬‬
‫وبهذا الخصوص‪ ،‬تتأكد الهيئة المغربية لسوق الرساميل من حسن سير سوق الرساميل وتسهر على تطبيق األحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة‬
‫بالسوق السالف الذكر‪ ،‬كما يعهد لها باالعتراف بمعادلة األدوات المالية الخاضعة لقانون أجنبي‪.‬‬
‫تحدد الهيئة المغربية لسوق الرساميل معايير االعتراف المذكور المتعلق بالمعادلة‪.‬‬
‫وتسهر الهيئة المغربية لسوق الرساميل على مراقبة نشاط مختلف الهيئات واألشخاص الخا ضعين لمراقبتها والمشار إليهم في المادة ‪ 4‬من هذا القانون‪،‬‬
‫كما تقوم بالتحقق من أن المعلومات التي يجب تقديمها إلى المكتتبين في األدوات المالية وإلى الجمهور‪ ،‬قد تم إعدادها ونشرها وفق القوانين واألنظمة‬
‫الجاري بها العمل‪.‬‬
‫وتتأكد الهيئة المغربية لسوق الرساميل‪ ،‬من احترام األشخاص والهيئات الخاضعين لمراقبتها والمنصوص عليهم في المادة ‪ 4‬من هذا القانون لألحكام‬
‫التشريعية والتنظيمية المتعلقة بمكافحة غسل األموال وذلك وفقا للتشريعات واألنظمة المذكورة‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫أما بخصوص السلطة الرقابية فتتعلق بمهمة مراقبة جميع الفاعلين االقتصاديين‬
‫المتدخلين في السوق المالية‪ ،‬حيث تخضع لمراقبة الهيئة كل من الشركة المسيرة للبورصة‪،‬‬
‫‪61‬‬
‫وشركات البورصة وأجهزة التوظيف الجماعي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تداول وتسوية عقود الخيارات في األسواق اآلجلة‬

‫يقصد بتداول الخيارات تلك العملية التي يتم من خاللها بيع وشراء الخيارات‬
‫وبالرجوع إلى مشروع قانون األدوات المالية اآلجلة‪ ،‬نجد المشرع المغربي قد نظم كيفية‬
‫التعامل بعقود الخيارات في السوق الموازي‪ 62،‬كما نظم كيفية التعامل بهذه العقود داخل السوق‬
‫اآلجلة‪ ،‬ومكن األطراف من تسوية العقد في غرفة المقاصة وفق الشروط التي تحددها الهيئة‬
‫المغربية لسوق الرساميل‪.‬‬

‫ولهذا ففي هذا المطلب ارتأيت التطرق إلى عمليات تداول عقود الخيارات (الفقرة‬
‫األولى)‪ ،‬ثم تسوية عقود الخيارات في غرفة المقاصة (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬عمليات تداول عقود الخيارات‬

‫تعتبر عقود الخيارات محل تداول داخل السوق اآلجلة‪ ،‬وال يمكن تداول أي عقد‬
‫‪63‬‬
‫اختيار مدرج لتداول خارج السوق‪ ،‬ودون عضو مكلف بالتداول‪.‬‬

‫وذلك وفقا ألحكام القانون ‪ 42 .12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية‪ 64،‬إذ يتلقى‬
‫العضو المكلف بالتداول األوامر من مشتري حق الخيار‪ ،‬سواء كان أمرا بالبيع أو الشراء‪،‬‬
‫تمثل الهيئة المغربية لسوق الرساميل المغرب لدى المؤسسات الدولي ة التي تم إحداثها من أجل دعم التعاون الدولي في مجال مراقبة سوق الرساميل‬
‫وذلك في حدود االختصاصات التي يمنحها لها هذا القانون‪.‬‬
‫تساهم الهيئة المغربية لسوق الرساميل في النهوض بالتربية المالية للمدخرين وذلك من أجل دعم حماية االدخار الموظف في األدوات المالية‪.‬‬
‫= تؤازر الهيئة المغربية لسوق الرساميل الحكومة في تنظيم سوق الرساميل‪ ،‬وتستشير الحكومة الهيئة بشأن المسائل التي من شأنها أن تؤثر على‬
‫ممارسة صالحيات هذه الخيرة كما هي محددة في هذا القانون‪".‬‬
‫‪ 61‬حسن السوسي‪ ،‬نحو بناء مفهوم حديث لألسواق المالية ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.70- 69 :‬‬
‫‪ 62‬يعرف السوق الموازي بأنه ذلك الجزء من السوق الذي يتم من خالله تنظيم التعامل في القاعة بأسهم شركات تحكمها وتنطبق عليها شروط إدراج‬
‫ميسرة خاصة بهذا السوق‪ .‬وهي سوق غير رسمية‪ ،‬شروط عقود الخيارات توضع وفقا لرغبات المتعاقدين ‪،‬وبالتالي ال توجد قاعدة محددة في هذا‬
‫السوق تنظم التعامل بالخيارات‪ ،‬إذ أن الصفقات تنظم بأي حجم من األطراف المتعاقدة مثل البنوك والمتعاملين ‪،‬ويتم التعامل فيه بأنواع مختلفة من عقود‬
‫الخيارات‪.‬‬
‫‪ 63‬عرفت المادة ‪ 5‬من قانون ‪ 42 .12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية العضو المكلف بالتداول على أنه "كل شخص معنوي معتمد قانونا‬
‫لمزاولة نشاط تداول األدوات المالية اآلجلة‪".‬‬

‫‪34‬‬
‫والذي يستوجب أن يكون مستجمعا لجميع البيانات طبقا للنظام العام للشركة والباب المتعلق‬
‫‪65‬‬
‫بعقود الخيارات‪.‬‬

‫ولضمان معالجة أوامر العمالء على قدم من المساواة وفي إطار الشفافية سواء تم تلقيها‬
‫كتابة أو عن طريق الهاتف‪ ،‬يجب على األعضاء المكلفين بالتداول التأكد من توفر جميع‬
‫اإليضاحات المتعلقة بأوامر العمالء وبتسجيلها‪ ،‬مع وضع طابع التاريخ والساعة فور تسلمها‪،‬‬
‫‪66‬‬
‫وتوجيهها إلى الشركة المسيرة على وجه السرعة‪.‬‬

‫وضمانا لسالمة السوق اآلجلة يجب على األعضاء المكلفين بالتداول التأكد من الوضعية‬
‫المالية لعمالئهم‪ ،‬كذلك إدراك المخاطر المتعلقة بالسوق اآلجلة لألدوات المالية قبل تنفيذ‬
‫‪67‬‬
‫أوامرهم‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن هناك أيضا عمليات مبرمة بالتراضي على عقود الخيارات‪،‬‬
‫وهي تلك العمليات التي تتم خارج السوق اآلجلة‪ ،‬ولقد عرفها المشرع المغربي على أنها‪ ":‬كل‬
‫عملية يت م تداولها عن طريق الموافقة وبشكل ثنائي بين وحدتين‪ ،‬إحداهما مقابل مالي وال تعالج‬
‫في السوق اآلجلة‪".‬‬

‫ويتضح من خالل التعريف أن العمليات المبرمة بالتراضي على عقود الخيارات يجب‬
‫أن يكون أحد أطرافها على األقل مقابل مالي‪ ،‬ويقصد بهذا األخير كما جاء في المادة الخامسة‬
‫من مشروع قانون األدوات المالية اآلجلة كل شخص معنوي معتمد بصفته بنك حسب مدلول‬
‫المادة ‪ 12‬من قانون ‪ 123.12‬وكل عضو كلف بالتداول أو كل عضو مكلف بالتداول أو‬
‫المقاصة‪.‬‬

‫المادة ‪ 16‬من قانون ‪ 42.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية‪.‬‬ ‫‪64‬‬

‫المادة ‪ 9‬من قانون ‪ 42.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية‪.‬‬ ‫‪65‬‬

‫المادة ‪ 19‬من القانون رقم ‪ 42.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية‪.‬‬ ‫‪66‬‬

‫المادة ‪ 21‬من القانون رقم ‪ 42.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية‪.‬‬ ‫‪67‬‬

‫‪35‬‬
‫ويلتزم المقابل المالي بتصريح للهيئة المغربية لسوق الرساميل بأي تغيير أو إنهاء للعقد‪،‬‬
‫إضافة إلى وجوب االحتفاظ بنسخة من العقد لمدة ال تقل عن خمس سنوات بعد إنهائه‪.‬‬

‫ويلتزم المقابل المالي كذلك بتصريح للهيئة بأطراف عقد االختيار المبرم بالتراضي‬
‫ونوع العقد واستحقاق األصل األساسي والقيمة التصورية‪ ،‬والسعر وتاريخ السداد‪ ،‬ويعفى‬
‫المقابل المالي من االلتزامات السابقة إذا كان عقد االختيار محل التداول‪ ،‬مما يمكن مقاصته‬
‫بغرفة المقاصة‪ ،‬حيث تحل هذه األخيرة محل المقابل المالي في جميع االلتزامات‪.68‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تسوية عقود الخيارات‬

‫من المعلوم أن مشتري االختيار لن يقوم بتنفيذ العقد إال إذا حصل تغيير في األسعار‬
‫لصالحه‪ ،‬وذلك بارتفاعها في حالة اختيار الشراء‪ ،‬أو بانخفاضها في حالة اختيار البيع ‪،‬وفي‬
‫هاتين الحالتين فإنه يمكن تسوية العقد بين مشتري االختيار ومحرره ‪،‬وإما التسوية بالتسليم‬
‫والتسلم أو التسوية النقدية‪.‬‬

‫يقوم المشتري بتسلم األصل األساسي من المحرر‬ ‫‪69‬‬


‫ففي تسوية العقد بالتسليم والتسلم‪،‬‬
‫في حالة ا ختيار الشراء‪ ،‬أو تسليمه في حالة اختيار البيع‪ ،‬ويدفع الثمن المتمثل في سعر التنفيذ‪.‬‬
‫أما في التسوية النقدية فيدفع محرر االختيار لمشتريه الفرق بين سعر التنفيذ وسعر السهم في‬
‫‪70‬‬
‫السوق وقت التنفيذ‪.‬‬

‫كما تتم تسوية عقود الخيارات المدرجة للتداول في السوق اآلجلة داخل غرفة المقاصة‪،‬‬
‫هذه األخيرة تضمن تنفيذ الصفقات المبرمة على االختيارات من قبل األطراف المتعاملة‪ ،‬حيث‬
‫تضمن وفاء محرر االختيار بالتزامه تسليم األصل محل االختيار في مقابل قبض سعر التنفيذ‬

‫‪ 68‬المهدي أدنجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52 :‬‬
‫‪ 69‬يقصد بالتسوية ا تخاذ كافة اإلجراءات المتعلقة بتسليم األوراق المالية من قبل الوسيط البائع‪ ،‬وتسليم ثمنها من قبل الوسيط المشتري‪ ،‬بما في ذلك‬
‫التأكد من سالمة هذه األوراق من الغش ونحوه‪ ،‬وعدم وجود قيود تمنع تداولها من رهن أو غيره‪.‬‬
‫‪ 70‬مبارك بن سلمان بن محمد آل سلمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1076-1077 :‬‬

‫‪36‬‬
‫المتفق عليه في حالة اختيار الشراء‪ ،‬أو دفع ثمن األصل المتمثل في سعر التنفيذ المتفق عليه‪،‬‬
‫في مقابل حصوله على األصل محل االختيار في حالة اختيار البيع‪.‬‬

‫وتعمل غرفه المقاصة على تنظيم مقاصة المعامالت المسجلة في السوق‪ ،‬والتسليم‬
‫المحتمل لألصول‪ ،‬وكذا السداد النقدي‪ ،‬وتضمن غرفة المقاصة السيولة والقدرة على الوفاء‬
‫بااللتزامات المتعلقة بتنفيذ عقود الخيارات‪ ،‬كما أنها تلزم األعضاء المكلفين بالمقاصة بأن يكون‬
‫لديهم وديعة ضمان التسليم‪ ،‬ولتغطية العجز المحتمل لألعضاء المكلفين بالمقاصة يقوم صندوق‬
‫ضمان المقاصة بإلزامهم بأن يكون لديهم ودائع الضمان موجهة لتغطية الوضعيات المفتوحة‬
‫التي تكون في حوزتهم‪ ،‬في إطار نشاط المقاصة‪ ،‬كما يمكنها كذلك أن تطلب من األعضاء‬
‫‪71‬‬
‫المكلفين بالمقاصة أن يدفعوا هامشا على ودائع الضمان‪.‬‬

‫المهدي أدنجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.54 :‬‬ ‫‪71‬‬

‫‪37‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تكييف عقود المبادالت‬

‫عقود المبادالت هي أحد أنواع المشتقات المالية‪ ،‬وإن كان بعض الباحثين يرون أنها ال‬
‫تدخل في المشتقات المالية‪ ،‬ويتم التعامل بعقود المبادالت في األسواق غير المنظمة‪ ،‬ولذلك‬
‫فهي ال تخضع لشروط نمطية معينة‪ ،‬بل يمكن لكل من طرفي العقد إمالء الشروط التي تالئمه‪.‬‬

‫وتعرف عقود المبادالت بأنها ا تفاق بين طرفين أو أكثر لتبادل سلسلة من التدفقات‬
‫النقدية (المدفوعات‪ /‬المقبوضات) المترتبة على كل ولكل منهما خالل فترة‪ ،‬ودون إجراء أي‬
‫تبادل في طبيعة االلتزام أو األصل‪ ،‬لذلك فهي سلسلة من العقود الحقة التنفيذ‪ ،‬حيث يتم تسوية‬
‫عقد المبادلة على فترات دورية (شهرية‪ ،‬فصلية‪ ،‬سداسية‪ ،‬سنوية)‪.‬‬

‫وبخالف عقد الخيار فإن عقد المبادلة ملزم لطرفيه‪ ،‬كما أنه بخالف العقد المستقبلي‬
‫الذي تسوى متحصالته أو مدفوعاته نتيجة تغيرات األسعار يوميا‪ ،‬فضال عن عدم تسويتها‬
‫يوميا‪ ،‬بل تسوى دفعة واحدة عند تاريخ التنفيذ‪ ،‬بل تسوى في العقد اآلجل عبر سلسلة من‬
‫المدفوعات أو المتحصالت‪ ،‬فهي سلسلة من العقود الحقة التنفيذ‪ .72‬وتتنوع عقود المبادالت‬
‫إلى أنواع أبرزها ‪ :‬مبادلة أسعار الفائدة‪ ،‬ومبادلة العمالت ‪،‬ومبادلة عوائد األسهم‪ ،‬ومبادلة‬
‫السلع ‪.‬‬

‫ولهذا سيكون معرض حديثي في هذا الفرع عن أنواع عقود المبادالت وحكمها‬
‫الشرعي [المبحث األول]‪ ،‬فضال عن تحديد التكييف القانوني لهذه العقود [المبحث الثاني]‪.‬‬

‫‪ 72‬شرياق رفيق‪ ،‬أسواق مالية‪ ،‬مطبوعة بيداغوجية بجامعة ‪ 8‬ماي ‪ – 1945‬قالمة ‪ ، -‬بدون ذكر المطبعة والطبعة‪ ،‬سنة‪ ، 2018:‬ص‪ 52:‬منشور على‬
‫الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://dspace.univ-guelma.dz/jspui/handle/123456789/709‬‬

‫‪38‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أنواع عقود المبادالت وحكمها الشرعي‬

‫كما سبقت اإلشارة فإن هناك عدة أنواع لعقود المبادلة والتي هي مبادلة أسعار الفائدة‪،‬‬
‫ومبادلة العمالت‪ ،‬ومبادلة عوائد األسهم‪ ،‬ومبادلة السلع‪ ،‬إال أن أغلب الباحثين يكتفي بذكر‬
‫النوعين األولين فقط‪ ،‬ذلك ألنه يجري التعامل عليها يوميا من خالل أغلب صناع السوق‪.‬‬

‫وأما عن بيان حكم عقود المبادالت سواء باعتبارها عقود إقراض أم عقود بيع وشراء‬
‫‪،‬فقد نصت كثير من المجامع والهيئات الشرعية على حرمة اشتراط الزيادة في القرض‪ ،‬فمن‬
‫ذلك ما جاء عن مجمع الفقه اإلسالمي بشأن حكم التعامل المصرفي بالفوائد‪ ،‬وحكم التعامل‬
‫بالمصارف اإلسالمية أوال‪" :‬إن كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله وعجز عن الوفاء‬
‫به مقابل تأجيله وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد‪ ،‬هاتان الصورتان ربا‬
‫محرم شرعا"‪.‬‬

‫وجاء عن المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية‪":‬‬


‫يحرم اشتراط زيادة في القرض للمقترض وهي ربا‪ ،‬سواء أكانت زيادة في الصفة أم في القدر‪،‬‬
‫وسواء كانت الزيادة عينا أم منفعة‪ ،‬وسواء أكان اشتراط الزيادة في العقد أم عند تأجيل الوفاء‬
‫‪73‬‬
‫أم خالل األجل‪ ،‬وسواء أكان الشرط منصوصا عليه أم ملحوظا بالعرف"‬

‫وبناء على ما تقدم ارتأيت التطرق لجل أنواع عقود المبادالت [المطلب األول] ‪،‬مع‬
‫تبيان حكم الشرع في كل عقد على حدة [المطلب الثاني]‪.‬‬

‫‪ 73‬عبد هللا صالح محمد سليمان أبو مسامح‪ ،‬المشتقات المالية بين التنظير والتطبيق [الحلقة األولى] ‪ ،‬مجلة االقتصاد اإلسالمي العالمية‪ ،‬العدد‪،10 :‬‬
‫السنة‪ ،2013:‬ص‪ 28:‬منشورة على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪/https://kantakji.com/2357‬‬

‫‪39‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة أسعار الفائدة ومبادلة العمالت‬

‫تتمثل مبادلة أسعار الفائدة في االتفاق بين طرفين مقترضين أحدهما يدفع فائدة‬
‫متغيرة‪ ،‬واآلخر يدفع فائدة ثابتة أو بين مقترضين‪ ،‬أحدهما يقبض فائدة متغيرة‪ ،‬واآلخر يقبض‬
‫فائدة ثابتة‪ ،‬على أن يدفع المقترض األول للمقترض اآلخر‪ ،‬أو المقرض األول للمقرض اآلخر‬
‫فائدة ثابتة عن مبلغ مماثل لمبلغ القرض‪ ،‬في مقابل أن يدفع له الطرف اآلخر الفائدة السائدة عن‬
‫ذلك المبلغ في تاريخ أو تواريخ الحقة لمدة محددة‪.‬‬

‫وتتنوع عقود مبادلة أسعار الفائدة إلى نوعين‪ :‬النوع األول هو مبادلة الدفعات‪ ،‬ويراد‬
‫بها عقود المبادلة التي يكون موضوعها مبادلة أسعار فائدة ثابتة يدفعها طرف ما في مقابل ما‬
‫عليه من التزامات‪ ،‬أي ديون بأسعار فائدة متغيرة يدفعها طرف آخر في مقابل ما عليه من‬
‫التزامات أيضا‪ ،‬ويريد الطرف األ ول أن يتحول التزامه بدفع الفائدة الثابتة إلى الطرف الثاني‬
‫في مقابل أن يتحول التزام الطرف الثاني بدفع الفائدة المتغيرة إليه‪ ،‬من غير أن يكون هناك أي‬
‫ارتباط بين عقد المبادلة وبين العقد السابق الذي نشأ عنه التزام كل منهما‪ ،‬ومعنى ذلك أنه ال‬
‫يترتب على عقد المبا دلة أن يحل كل من طرفي العقد محل آخر في مواجهة الدائنين‪ ،‬كما ال‬
‫يترتب عليه أن يصبح أحد الطرفين في عقد المبادلة هو المسؤول في مواجهة دائني الطرف‬
‫اآلخر من دفع الفوائد المترتبة عليه‪ .‬فعقد المبادلة في حقيقته عقد موازي‪ ،‬ال عالقة له‬
‫بااللتزامات (أو الديون) التي نشأت بموجب العقد السابق‪ ،‬لكن لما كانت هذه االلتزامات‬
‫مأخوذة في االعتبار عند إنشاء عقد المبادلة من حيث مقدار الدين‪ ،‬ونسبة الفائدة صار كأن‬
‫‪74‬‬
‫الفوائد المترتبة عليها هي محل المبادلة‪.‬‬

‫أما النوع الثاني فهو مبادلة المقبوضات فيراد بها عقود المبادلة التي يكون موضوعها‬
‫مبادلة أسعار فائدة ثابتة يقبضها طرف ما في مقابل ما يملكه من أصول أي سندات بأسعار‬

‫مبارك بن سليمان بن محمد آل سليمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1096 :‬‬ ‫‪74‬‬

‫‪40‬‬
‫فائدة متغيرة يقبضها طرف آخر في مقابل ما يملكه من سندات أيضا‪ ،‬ويريد كل منهما أن يغير‬
‫نوع دخله من فائدة ثابتة إلى فائدة متغيرة‪ ،‬والعكس لم ا يراه كل منهما من مصلحة لهم في ذلك‬
‫التغيير‪ ،‬دون أن يكون هناك مبادلة لألصول المملوكة لكل منهما ‪.‬‬

‫ويعني ذلك أن مصدري هذه السندات يظلون أجانب عن عقد المبادلة‪ ،‬حيث ال يترتب‬
‫على عقد المبادلة أن يحل كل من طرفي العقد محل اآلخر في مواجهة مصدري السندات ال‬
‫من حيث أصل الدين‪ ،‬وال من حيث الفوائد التي يدفعها مصدر السندات لطرفي العقد‪ ،‬وذلك أن‬
‫عقد المبادلة ليس فيه مبادلة بين هذه الفوائد نفسها‪ ،‬بحيث يترتب على ذلك أن يصبح ألحد‬
‫الطرفين في عقد المبادلة الحق في مطالبة مصدري السندات التي يملكها الطرف اآلخر بهذه‬
‫الفوائد‪ ،‬وإنما هو عقد موازي ال عالقة له بالسندات التي أصدرت بموجب العقد السابق لكن لما‬
‫كانت هذه السندات مأخوذة في االعتبار عند إنشاء عقد المبادلة من حيث مقدار الدين ونسبة‬
‫‪75‬‬
‫الفائدة صار كأن الفوائد المترتبة عليها فيه هي محل المبادلة‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن عقود مبادلة العمال ت هي أول أنواع المبادالت ظهورا‪ ،‬إال أن‬
‫مبادلة أسعار الفائدة تفوقت عليها سواء من حيث حجم التعامل أو من حيث انتشار عقودها‪.‬‬

‫وبالنسبة لمبادلة العمالت فيقصد بها تلك العقود التي تقوم على أصول افتراضية يوافق‬
‫فيها الطرفان على تبادل عملتين عند سعر الصرف السائد أو الحالي‪ ،‬مقابل سعر الصرف‬
‫اآلجل‪ ،‬أي في وقت الحق يحدد مسبقا‪ .‬وتهدف مبادلة العمالت إلى تجاوز مخاطر تقلبات‬
‫أسعار الصرف خالل فترة المبادلة‪ ،‬حيث يقبل أحد الطرفين باألسعار الثابتة‪ ،‬في المقابل يوافق‬
‫‪76‬‬
‫الطرف اآلخر على تغير األسعار المعنية‪.‬‬

‫ففي عقد مبادلة العمالت يوجد طرف يمتلك عملة معينة ويرغب في حيازة عملة مختلفة‬
‫‪ .‬وتنشأ المبادلة عندما يقوم أحد أطراف المعاملة بتقديم أصل معين بعملة معينة لطرفه اآلخر‪،‬‬
‫وذلك لغرض تبادل كمية مساوية من عملة أخرى‪ ،‬وكل طرف سوف يدفع الفائدة على العملة‬
‫مبارك بن سليمان بن محمد آل سليمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1098 :‬‬ ‫‪75‬‬

‫بباس منيرة‪ ،‬المجازفة والمشتقات المالية بين الواقع العملي والتكييف الشرعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.137 :‬‬ ‫‪76‬‬

‫‪41‬‬
‫التي يتسلمها في المبادل ة‪ ،‬وهذه الفوائد المدفوعة يمكن أن تكون إما بأسعار ثابتة‪ ،‬وإما بأسعار‬
‫متغيرة‪.77‬‬

‫وبناء على ذلك سيتم التطرق فيما يلي إلى الحكم الشرعي لعقد مبادلة أسعار‬
‫الفائدة(الفقرة األولى)‪ ،‬وعقد مبادلة العمالت(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة أسعار الفائدة‬

‫مبادلة أسعار الفائدة كما تقدم هو عقد لمبادلة فائدة ثابتة على مبلغ محدد بفائدة‬
‫متغيرة على ذات المبلغ والحقيقة أن المبادلة ليست من بين فوائد القروض ‪ ،‬وإنما هي بين‬
‫مقدار معلوم من النقود يقدر بمعدل الفائدة على مبلغ محدد وبمقدار آخر غير معلوم وقت‬
‫التعاقد‪ ،‬وإنما يتم تحديده بالنظر الى أسعار الفائدة السائدة في الوقت المحدد إلجراء المبادلة‪.‬‬

‫وإذا كان األمر كذلك كان ذلك في حقيقته الشرعية بيع نقود بنقود مع التفاضل‬
‫والتأجيل‪ ،‬فيدخل ذلك في الربا بنوعيه ربا الفضل‪ 78،‬إذا كانت العقود من جنس واحد أي عملة‬
‫واحدة‪ ،‬أو ربا النسيئة‪ 79،‬فقط إذا كانت النقود من جنسين مختلفين أي من عملتين مختلفتين‬
‫وهذا ظاهر في تحريم هذا النوع من عقود المبادالت لما سبق ذكره من األدلة الدالة على تحريم‬
‫وأن الواجب في بيع النقود بالنقود (الصرف) التماثل والحلول والتقابض في‬ ‫‪80‬‬
‫الربا بنوعيه‪،‬‬
‫مجلس العقد‪ ،‬إذا كانت العقود من جنس واحد والحلول والتقابض فقط إذا كانت من جنسين‬
‫مختلفين‪.‬‬

‫‪ 77‬بن علي بلعزوز‪ ،‬إدارة المخاطر ‪:‬إدارة المخاطر المشتقات المالية الهندسة المالية ‪،‬عمان مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة‬
‫‪ ،2013:‬ص‪.147- 146 :‬‬
‫‪ 78‬ربا الفضل يعني الزيادة‪ ،‬وهو محرم في ستة أَعيان هي الذهب والفضة والبر (القمح) والشعير والتمر والملح‪ ،‬واتفق الناس على تحريم التفاضل‬
‫فيها م ع اتحاد الجنس‪ ،‬ويرى الفقهاء أن السبب يعود إلى طبيعة تلك المواد باعتبارها إما ماال قابال للكنز وإما قوتا قابال لالدخار‪.‬‬
‫‪ِ 79‬ربا النسيئة وهو التأخير وهو نوعان‪ :‬أحدهما ‪ :‬قلب الدين على المعسر" أي أن يخير الدائن المدين عند حلول موعد سداد الدين بين دفعه أو تأخيره‬
‫مع الزيادة‪ ،‬أما النوع الثاني فيكون في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل مع تأخير قبضهما أو قبض أحدهما؛ كبيع =الذهب بالذهب‪ ،‬والفضة‬
‫بالفضة‪ ،‬والبر بالبر‪ ،‬والشعير بالشعير‪ ،‬والتمر بالتمر‪ ،‬والملح بالملح وكذا بيع جنس بجنس من هذه المذكورات مؤجال‪ ،‬وما شارك هذه األشياء في العلة‬
‫يجري مجراها‪.‬‬
‫لربَ ٰوا َوأَ َح َّل ٱ َّّلل ٱ ۡلبَ ۡي َع‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬‫ث‬‫ۡ‬ ‫مِ‬ ‫ع‬ ‫ۡ‬
‫ي‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ا‬‫و‬‫ال‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫مۡ‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫أ‬‫ب‬
‫ِ‬ ‫ل‬
‫ِكَ‬ ‫َ‬
‫ذ‬ ‫ٰ‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ۡ‬
‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫مِنَ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ٰ‬
‫ط‬ ‫ۡ‬
‫َّي‬ ‫ش‬‫ل‬‫ٱ‬ ‫ه‬ ‫َّط‬ ‫ب‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ذِي‬ ‫َّ‬ ‫ل‬‫ٱ‬ ‫وم‬ ‫ق‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫َّ‬
‫ال‬ ‫إ‬ ‫ونَ‬‫وم‬ ‫ق‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ال‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ٰ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫لر‬‫ٱ‬ ‫ونَ‬ ‫ل‬‫ك‬ ‫ۡ‬
‫أ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ذِينَ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬‫ٱ‬‫{‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫‪ 80‬قال هللا‬
‫ِ‬ ‫ٓ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ار همۡ فِي َها ٰ َخلِدونَ } سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪:‬‬ ‫عا َد فَأولَ ٰـٓئِكَ أَصۡ ٰ َحب ٱلنَّ هِ‬ ‫ّلل َو َم ۡن َ‬‫ف َوأَمۡ رهۥٓ ِإلَى ٱ َّ ه ِ‬ ‫سلَ َ‬ ‫لربَ ٰوا فَ َمن َجآ َءهۥ َم ۡو ِعظَ ‪ٞ‬ة مِن رَّ ِب ِهۦ فَٱنتَ َه ٰى فَلَهۥ َما َ‬
‫َوحَرَّ َم ٱ ِ‬
‫‪.275‬‬

‫‪42‬‬
‫ويقضي أمر آخر بتحريم هذا النوع من العقود‪ ،‬وهو اشتماله على القمار وذلك‬
‫لدخول الطرفين في العقد على أن يدفع أحدهما لآلخر الفرق بين المبلغين في األجل المحدد‪،‬‬
‫بحسب ما تكون عليه أسعار الفائدة في ذلك األجل على النحو الذي سبق توضيحه‪ ،‬فكان كل‬
‫واحد من المتعاقدين إما غانما وإما غارما‪ ،‬وهذا هو حقيقة القمار‪.‬‬

‫وقد سبق ذكر األدلة على تحريم القمار من الكتاب والسنة وإجماع علماء األمة بما يكفي‬
‫‪81‬‬
‫في الداللة على تحريم عقود مبادلة أسعار الفائدة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة العمالت‬

‫بالنظر في عقد مبادلة العمالت يتبين أن هناك عقدان‪:‬‬

‫‪-‬العقد األول‪ :‬بيع عملة بعملة أخرى بيعا حاال‪ ،‬وهذا ال إشكال فيه بحد ذاته إذا حصل‬
‫تقابض في مجلس العقد ألنه صرف توفرت فيه شروطه من الحلول والتقابض‪.‬‬

‫‪-‬العقد الثاني‪ :‬بيع العملة المشتراة في العقد األول بالعملة األخرى بيعا آجال‪ ،‬وهذا عقد‬
‫محرم ألنه صرف مستأخر تأجل فيه قبض العوضين‪ ،‬فدخله ربا النسيئة وبيع الدين بالدين‬
‫المجمع على تحريمه‪.‬‬

‫ويالحظ هنا أن العقد الثاني شرط في العقد األول ألنهما دخال فيه على أن يشتري‬
‫أحدهما من اآلخر ما باعه في العقد األول بيعا آجال‪ ،‬وهو شرط محرم لمخالفته كتاب هللا لما‬
‫دخله من الربا وبيع الدين بالدين‪.‬‬

‫والذي يدل عليه حديث بريرة (رضي هللا تعالى عنها)‪ 82‬أن الشرط الفاسد ال يفسد العقد‪،‬‬
‫إذا كان العقد في نفسه صحيحا‪ ،‬لكن العقد وإن كان صحيحا إال أنه ال يكون الزما في حق‬

‫‪ 81‬مبارك بن سلمان بن محمد آل سلمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1105-1104 :‬‬


‫‪ 82‬عن عائشة رضي هللا عنها قالت‪ :‬جاءتني بريرة فقالت‪ :‬كاتبت أهلي على تسع أواق‪ ،‬في كل عام أوقية‪ ،‬فأعينيني‪ ،‬فقالت‪ :‬إن أحب أهلك أن أعيدها‬
‫لهم ويكون والؤك لي فعلت‪ ،‬فذهبت بريرة إلى أهلها‪ ،‬فقالت لهم فأبوا عليها‪ ،‬فجاءت من عندهم ورسول هللا صلى هللا عليه وسلم جالس‪ ،‬فقالت‪ :‬إني‬
‫عرضت ذلك عليهم‪ ،‬فأبوا إال أن يكون لهم الوالء‪ ،‬فأخبرت عائشة النبي صلى هللا عليه وسلم فقال‪" :‬خذيها واشترطي لهم الوالء‪ ،‬فإنما الوالء لمن‬
‫أعتق"‪ ،‬ففعلت عائشة‪ ،‬ثم قام رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في الناس‪ ،‬فحمد هللا وأثنى عليه ثم قال‪" :‬أما بعد‪ ،‬فما بال رجا ٍل يشترطون شروطاا ليست‬

‫‪43‬‬
‫العاقد الجاهل بفساد الشرط‪ ،‬فيملك المطالبة بفسخ العقد لعدم الوفاء بشرطه‪ ،‬إذ المعدوم شرعا‬
‫كالمعدوم حسا‪ ،‬أما لو كان عالما بفساد الشرط فإن العقد يكون في حقه الزما لدخوله في العقد‬
‫‪83‬‬
‫مع علمه بحرمه الشرط‪.‬‬

‫يستخلص من خالل ما تقدم حكم عقد مبادلة العمالت إذا كان السعر في العقد‬
‫الثاني مختلفا عن السعر في العقد األول‪ ،‬أما إذا كان السعر في العقدين واحدا ‪،‬فهذا يشبه‬
‫القرض من الجانبين‪ ،‬ألن كل واحد منهما يعود إليه ما دفعه لآلخر ويقوي احتمال القرض ما‬
‫إذا اشترط كل واحد منهما على اآلخر أن يدفع له فائدة على المبلغ الذي دفعه له‪.‬‬

‫وعلى كل فإن األمر ال يخلو من إحدى الحالتين‪:‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬أن يخرج ذلك مخرج البيع‪ ،‬والحكم في هذه الحالة ما تقدم‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬أن يخرج ذلك مخرج القرض‪ ،‬فإن كان بفائدة‪ ،‬فهو قرض محرم ألنه‬
‫ربا‪ ،‬وإن كان بغير فائدة‪ ،‬فهو مسألة تبادل القروض بالشرط‪ ،‬أو ما يعبر عنه المالكية بأسلفني‬
‫وأسلفك‪ ،‬والحكم فيها هو التحريم أيضا ألن ذلك داخل في القرض الذي يجر نفعا للمقرض وهو‬
‫‪84‬‬
‫محرم بإجماع أهل العلم‪.‬‬

‫وبناء على ما سبق يتبين أن مبادلة العمالت غير جائز شرع النطوائه على بيع الدين‬
‫بالدين والربا‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة عوائد األسهم ومبادلة السلع‬

‫يعرف عقد مبادلة عوائد األسهم بأنه اتفاق بين طرفين على المبادلة في تاريخ‬
‫الحق لمعدل عائد سهم معين أو مجموعة من األسهم بمعدل عائد سهم‪ ،‬أو أصل مالي آخر‪،‬‬

‫في كتاب هللا‪ ،‬ما كان من شرط ليس في كتاب هللا فهو = باطل‪ ،‬وإن كان مائة شرط‪ ،‬فقضاء هللا أحق‪ ،‬وشرط هللا أوثق‪ ،‬وإنما الوالء لمن أعتق"‪( .‬رواه‬
‫البخاري في كتاب البيوع‪ ،‬باب إذا اشترط شروطا في البيع ال تحل)‪.‬‬
‫للمزيد من شرح هذا الحديث يراجع الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪/https://www.alukah.net/sharia/0/81031‬‬
‫‪ 83‬مبارك بن سليمان آل فواز‪ ،‬األسواق المالية من منظور إسالمي‪ ،‬مرجع سابق ص‪.118 :‬‬
‫‪ 84‬مبارك بن سليمان آل فواز‪ ،‬مرجع سابق ص‪.118 :‬‬

‫‪44‬‬
‫فالمبادلة هنا ال تتم على نفس األسهم‪ ،‬وإنما تتم بين معدل عائد سهم معين أو مجموعة من‬
‫األسهم‪ ،‬وبين معدل عائد سهم آخر أو مجموعة من األسهم المتداولة في سوق ما‪ ،‬أو بين معدل‬
‫‪85‬‬
‫عائد سهم معين وبين سعر الفائدة السائد في تاريخ محدد‪.‬‬

‫أما مبادلة السلع فتعني قيام أحد الطرفين بالشراء اآلني من الطرف اآلخر لكمية‬
‫معينة من السلع محل التعاقد على أساس السعر السائد‪ ،‬ويسدد الثمن فورا ثم يعيد بيعها له في‬
‫نفس الوقت بيعا آجال على أساس سعر أجل يتفق عليه مسبقا‪ ،‬ويتم سداد الثمن على فترات‬
‫تحدد مسبقا هي األخرى‪ ،‬ويتحدد السعر اآلجل إما على أساس سعر الشراء مضافا إليه متوسط‬
‫التغير في سعر السعة في كل فترات من فترات السداد‪ ،‬أو على أساس سعر الشراء مضافا إليه‬
‫‪86‬‬
‫معدل العائد لعملة ما لنفس أجل العملية على مبلغ يعادل سعر الشراء‪.‬‬

‫وبناء على ما تم ذكره سيتم التطرق إلى حكم الشرع في عقد مبادلة عوائد األسهم‬
‫(الفقرة األولى) وعقد مبادلة السلع (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة عوائد األسهم‬

‫عقد مبادلة عوائد األسهم هو في حقيقته عقد لمبادلة نقود بنقود مع التأجيل‪ ،‬وجهالة‬
‫مقدار النقود عند التعاقد‪ ،‬حيث ال يعلم قدرها إال في الوقت المحدد إلجراء المبادلة بناء على ما‬
‫يكون عليه معدل العائد على األسهم في ذلك الوقت‪.‬‬

‫وهذا العقد وفقا لهذا التكييف يتضمن المحاذير الشرعية اآلتية‪:‬‬

‫‪-1‬الربا بنوعيه‪ :‬ربا الفضل وربا النسيئة‪ ،‬إذا كانت النقود من عملة واحدة‪ ،‬أو ربا‬
‫النسيئة فقط إذا كانت من عملتين مختلفتين‪.‬‬

‫‪-2‬بيع الدين بالدين‪ :‬ألنه عقد مؤجل فيه العوضان‪.‬‬

‫شرياق رفيق‪،‬أسواق مالية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52 :‬‬ ‫‪85‬‬

‫شرياق رفيق‪ ،‬أسواق مالية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.53 :‬‬ ‫‪86‬‬

‫‪45‬‬
‫‪-3‬الغرر‪ :‬لجهالة مقدار النقود عند التعاقد‪.‬‬

‫‪ -4‬القمار‪ :‬وذلك ألن المقصود من هذه العقود المحاسبة على الفرق بين معدلي العائد‬
‫على األسهم وليس التقاب ض‪ ،‬الذي هو مقصود العقود‪ ،‬فكان أحد العاقدين غانما واآلخر غارما‬
‫‪87‬‬
‫وهذا حقيقة القمار‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة السلع‬

‫أما بالنسبة لعقد مبادلة السلع‪ ،‬فبالنظر إلى ماهية العقد يتضح أنه يتطابق مع المسألة‬
‫المعروفة عند الفقهاء بعكس مسألة العينة مع اختالف في الصياغة‪.‬‬

‫فعكس مسأ لة العينة هي أن يبيع السلعة أوال بنقد ما يقبضه‪ ،‬ثم يشتريها من مشتريها‬
‫بأكثر من األول في جنسه نسيئة أو لم يقبض‪ ،‬وبالتالي فإن حكم عقد مبادلة السلع يعرف من‬
‫الحكم في هذه المسألة‪ ،‬وهو ما اختلف فيه أهل العلم على اتجاهين‪:‬‬

‫االتجاه األول‪ :‬الجواز‬

‫وإليه ذهب المالكية إذا لم يكن المتعاملون بها من أهل العينة‪ ،‬وهو رواية عن‬
‫اإلمام أحمد رحمه هللا‪ ،‬إذا لم تكن حيلة على الربا‪ ،‬ويمكن أن يستدل لهذا القول بأن األصل في‬
‫المعامالت الحل حتى يقوم دليل المنع‪ ،‬ولم يوجد في هذه المسألة‪.‬‬

‫االتجاه الثاني‪ :‬عدم الجواز‬

‫عدم الجواز وهو المذهب عند الحنابلة ألنه يشبه العينة في اتخاذه وسيلة إلى الربا‪،‬‬
‫وبالنظر إلى عقد مبادلة السلع يظهر فيه قصد التحايل على الربا‪ ،‬وأن المراد منه أخذ نقود أكثر‬

‫مبارك بن سلمان بن محمد آل سلمان‪ ،‬أحكام التعامل في األسواق المالية المعاصرة ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1129 :‬‬ ‫‪87‬‬

‫‪46‬‬
‫منها ‪،‬بدل يل أن السلعة ليست مقصودة بالعقد‪ ،‬ولهذا ال يجري لها قبض أصال‪ ،‬وبذلك يتبين أن‬
‫‪88‬‬
‫عقد مبادلة السلع بالصورة المذكورة غير جائز شرعا‪.‬‬

‫وا لواضح من خالل أنواع عقد المبادلة أنه من العقود غير الجائزة وذلك ألسباب منها‪:‬‬

‫‪ -‬أن العقد ينطوي على اشتراط التأجيل في العملية الثانية‪ ،‬وهذا خالف للشرط المجمع‬
‫عليه في صحة الصرف‪.‬‬

‫‪ -‬أ ن المشتري في هذه العملية العاجلة يبيع ما اشتراه قبل قيده في حسابه فعال‪ ،‬فيكون‬
‫بائعا ما لم يقبضه‪.‬‬

‫‪ -‬أ ن العقد تضمن على بيعتين في بيعة واحدة وهذا محظور شرعا‪.‬‬

‫‪ -‬ي عتبر هذا العقد من عقود العينة المحرمة حيث يتم البيع باألجل ما اشتراه نقدا‪ ،‬أو‬
‫يشتري باألجل ما باعه نقدا‪ ،‬وهذا في حال بقاء الصفقتين بين ذات المتعاقدين وفق الواقع‬
‫القائم‪ ،‬أما لو دخل طرف ثالث‪ ،‬فال حرج إذا تم القبض في العقد األول‪ ،‬ثم تم إبرام العقد الثاني‬
‫لشخص ثالث‪ ،‬وبعد القبض إال أن هذا الجواز مرتبط ببيع السلع وليس بالصرف لعدم جواز‬
‫التأجيل كما في النقطة األولى‪.‬‬

‫وعليه فإن عقد المبادلة كما جاء في قرارات مجمع البحوث اإلسالمية باألزهر‪ ،‬وقرار‬
‫مجمع الفقه اإلسالمي وغيرها من قرارات المجامع العلمية‪ ،‬فإن بيعها ومبادلتها ال يكون‬
‫صحيحا من جهة الشرع‪ ،‬وكما أن هذه العقود تتضمن إتمام المبادلة في تاريخ الحق يدخل في‬
‫عقود المستقبليات والتي تعد غير جائزة لما تتضمن من محاذير شرعية وهي بيع اإلنسان ما ال‬
‫يملك هذا في حالة كون عقد المبادلة يتم بالمبلغ الحقيقي المتوفر لدى المستثمر‪ ،‬أما إذا اقترن‬
‫‪89‬‬
‫بالهامش فتزاد حرمته ألنه بيع بالهامش‪.‬‬

‫‪ 88‬هشام السعدني خليفة بدوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.396-395:‬‬


‫‪ 89‬والبيع على المكشوف هو أن يبيع المتداول أسهم مقترضة من سمسار على أمل أن ينخفض سعرها فيشتريها ويعيدها للسمسار ويكون قد كسب بذلك‬
‫الفرق بين سعر الشراء والبيع‪ ...‬أو أن يبيع المتداول أسهما ال يملكها وعند التسليم يقوم بشرائها من السوق ويعطيها للمشتري‪ ،‬أو يقوم باقتراضها من‬

‫‪47‬‬
‫وعلى الرغم من حرمة العقد فقد ظهرت البدائل الشرعية‪ ،‬وذلك للعمل على إحياء‬
‫السوق وفقا للسنة النبوية الشريفة وتماشيا مع حاجة النظام المالي العالمي الذي بات بحاجة‬
‫ماسة إلصالحه‪ ،‬فيظهر أن تبادل القروض يصلح أن يكون بديال شرعيا لعقد المبادلة‪ 90،‬وأن‬
‫لهذا البديل ميزتان هما‪:‬‬

‫أولهما‪ :‬أن يستخدم بصفة غالبة في استثمار أرصدة حسابات البنك لدى‬ ‫‪-‬‬
‫المتعاملين معه لفترات قصيرة جدا‪ ،‬ويطلق البعض على هذا النوع من القروض‬
‫المتبادلة في بعض التطبيقات لدى المصارف اإلسالمية اسم‪ :‬المقايضة اإلسالمية ‪.‬‬
‫أما الميزة الثانية‪ :‬وهي أن من أهم أهداف عقد المبادلة هو تجنب تقلبات‬ ‫‪-‬‬
‫أسعار الصرف المستقبلية في حالة االستثمار في دول أجنبية‪ ،‬ونرى أن تبادل القروض‬
‫يحقق هذا الهدف حيث تجرى عملية التبادل قبل الدخول في االستثمار‪.‬‬

‫كما أن البديل الشرعي لعقد مبادلة العملة هو عدم الجمع بين العاقدين بالشرط ‪،‬وترك‬
‫الصرف المؤخر‪ ،‬واستبداله بالوعد من جانب واحد أو عقود المرابحات على السلع‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التكييف القانوني لعقود المبادالت‬

‫تتسم عقود المبادالت بجملة من السمات القانونية‪ ،‬والتي نادرا ما نجدها مجتمعة‬
‫في أحد العقود التي يعرفها القانون التجاري أو المدني‪ ،‬وبالتالي يصعب وضع تكييف قانوني‬
‫لهذه العقود ولهذا فإن محاولة تكييف هذه العقود ال تستقيم إال على ضوء ما تتمتع به من‬
‫سمات‪.‬‬

‫= آخر ويسلمها للمشتري‪ ،‬ثم يقوم بشراء تلك األسهم بعد ذلك للمقرض‪ ،‬وهذه الصورة تسمى بالبيع على المكشوف أو البيع القصير‪ ،‬حيث يهدف البائع‬
‫إلى الربح إذ أنه يتوقع انخفاض سعر األسهم بعدما باعها وبالتالي يشتريها بثمن أقل مما باعها ويستفيد من ذلك‪ ،‬ومن المتبادر إلى الذهن أنه إذا لم‬
‫تنخفض أسعار هذه األسهم فسوف يخسر البائع بمقدار االرتفاع‪.‬‬
‫وتندرج هذه العملية تحت حكم بيع اإلنسان ما ليس عنده‪ ،‬وقد ورد النهي الصريح عن أن يبيع اإلنسان سلعة ال يملكها أو سلعة معدومة أي غير‬
‫موجودة وقت التعاقد‪ ،‬فعن حكيم بن حزام قال‪ :‬يا رسول هللا يأتيني الرجل فيريد مني البيع ليس عندي‪ ،‬أفأبتاعه له من السوق‪ ،‬قال‪ " :‬ال تبع ما ليس‬
‫عندك"‪ ،‬وينطبق الحديث على الصورة التي يتم بها البيع على المكشوف في البورصة‪.‬‬
‫= ولتحريم هذه الصورة من التعامل علة أخرى‪ ،‬وهي أن السمسار سيبقي حصيلة البيع معه كرهن لألسهم التي أقرضها للبائع‪ ،‬ويقوم باستخدامها في أي‬
‫مجال استثماري يدر عليه عائدا ماليا ‪ ،‬وهذا هو سبب قبول السمسار إقراض األسهم‪ ،‬والقرض إذا جر نفعا ا فهو ربا‪ ،‬وعليه فهذه الصورة من البيع ال‬
‫تجوز شرعا ا ألنها بيع لما ال يملكه البائع‪ ،‬ولوجود علة الربا‪.‬‬
‫‪ 90‬غفران نعيم شاكر القريشي‪ ،‬التنظيم القانوني لعقد المبادلة في سوق األوراق المالية ‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬بدون ذكر المطبعة والطبعة‪ ،‬السنة‪،2021 :‬‬
‫ص‪.78:‬‬

‫‪48‬‬
‫وبدراسة عقد المبادلة نجد أن صفة االحتمال تنعكس بشكل خاص على مضمون‬
‫وأهداف هذا العقد‪ ،‬والتي لعل من أبرزها المضاربة وتغطية المخاطر‪ ،‬إذ يقوم االحتمال بدور‬
‫مهم في اتخاذ قرار إ برام عقد مبادلة أسعار الفائدة‪ ،‬بل في كل أنواع عقد المبادلة‪ ،‬والتي تتيح‬
‫للراغبين في المضاربة تحقيق األرباح عن طريق التنبؤ باتجاه تقلبات أسعار هذه األصول‬
‫المالية‪ ،‬وينعكس االحتمال على مضمون عقد المبادلة سواء في االلتزامات النقدية الموصوفة‪،‬‬
‫أم االلتزام بأداء مالي‪ ،‬ولهذا االنعكاس دور على عقد المبادلة‪ ،‬مما يجعل تكييفه قريبا من عقد‬
‫التأمين [المطلب األول] وعقد المقامرة والرهان [المطلب الثاني]‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المبادلة عقد تأمين‬

‫إن الرغبة في اإلحساس باألمن واألمان هي األمل الذي يراود اإلنسان نظرا للمخاطر‬
‫التي تحيط به منذ بدء الخليفة‪ ،‬وتزداد المخاطر مع تقدم الحياة المعاصرة‪ ،‬من هذا تم ابتداع‬
‫فكرة التأمين كوسيلة ترمي إلى إيجاد نوع من التعاون بين أفراد المجتمع‪ ،‬ويعتبر قطاع التأمين‬
‫من أهم القطاعات الحيوية التي يعرفها العالم‪ ،‬والتي تقوم بدور بارز في إنعاش الدورة‬
‫االقتصادية‪ ،‬باعتبارها مؤسسة مالية تشكل محورا رئيسيا للدولة‪.‬‬

‫فالتأمين في أصله فكر تعاوني يهدف إلى مساعدة اآلخرين ومن المؤسسات المالية التي‬
‫‪91‬‬
‫توجهت لممارسة أنشطتها في هذا وفقا لمتطلبات الفكر اإلسالمي مؤسسات التأمين التكافلي‪،‬‬
‫التي اشتقت اسمها من المنهج اإلسالمي‪ ،‬فقد أصبحت تلك المؤسسات تزاول نشاطها وفق‬
‫أحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ 91‬عرفت المادة األولى من قانون رقم ‪ 17.99‬المت علق بمدونة التأمينات التأمين التكافلي على أنه عملية تأمين تتم وفق اآلراء بالمطابقة الصادرة عن‬
‫المجلس العلمي األعلى المنصوص عليه في الظهير الشريف رقم ‪ 1.03.300‬الصادر في ‪ 2‬ربيع األول ‪ 22( 1425‬أبريل ‪ )2004‬بإعادة تنظيم‬
‫المجالس العلمية كما تم تتميمه‪ ،‬بهدف تغطية األخطار المنصوص عليها في عقد التأمين التكافلي أو االستثمار التكافلي بواسطة صندوق التأمين التكافلي‪،‬‬
‫يسير مقابل أجرة التسيير‪ ،‬من طرف مقاولة للتأمين وإعادة التأمين معتمدة لمزاولة عمليات التأمين التكافلي‪ .‬وال يمكن في أي حال من األحوال أن‬
‫يترتب قبض أو أداء أي فائدة على عمليات التأمين التكافلي وعلى نشاط تسيير صندوق التأمين التكافلي من لدن مقاولة للتأمين وإعادة التأمين التكافلي‪..‬‬

‫‪49‬‬
‫في مفهوم المادة ‪ 619‬من القانون المدني‪ ":‬عقد يلتزم المؤمن‬ ‫‪92‬‬
‫ويقصد بالتأمين‬
‫بمقتضاه بأن يؤدي إلى المؤمن له أو الغير المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغا من‬
‫المال‪ ،‬أو إيرادا أي أداء مالي آخر في حالة تحقق الخطر المبين في العقد‪ ،‬وذلك مقابل أقساط‬
‫أو أية دفوع مالية أخرى"‪.‬‬

‫وب سبب اشتراك عقد المبادلة مع عقد التأمين في بعض السمات نجد أن هناك من حاول‬
‫تكييف عقد المبادلة بأنه عقد تأمين‪ ،‬ومن تلك السمات المشتركة بينهما ما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬كالهما من العقود االحتمالية‪ ،‬فمثال إن اال حتمالية تعد من أهم سمات عقد التأمين من‬
‫الناحية القانونية لعدم التأكد من وقوع الخطر المؤمن ضده فإنها أيضا من سمات عقد المبادلة‪،‬‬
‫إذ أن خطر عدم صدق توقع أي من طرفي العقد محتمل الوقوع‪ ،‬فهو يتحدد بناء على تقلبات‬
‫أسعار األصول المالية محل المبادلة‪.‬‬

‫‪ 92‬القانون رقم ‪ 17.99‬المتعلق بمدونة التأمينات كما تم تعديله ب‪:‬‬


‫‪-‬القانون رقم ‪ 87.18‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.19.110‬بتاريخ ‪ 07‬ذي الحجة ‪ 9( 1440‬أغسطس ‪ ،)2019‬الجريدة الرسمية عدد ‪6806‬‬
‫بتاريخ ‪ 20‬ذو الحجة ‪ 22( 1440‬أغسطس‪ ،)2019‬ص ‪5787‬؛‬
‫‪-‬القانون رقم ‪ 59.13‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.16.129‬في ‪ 21‬من ذي القعدة ‪ 25( 1437‬أغسطس ‪ ،)2016‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 6501‬بتاريخ ‪ 17‬ذو الحجة ‪ 19( 1437‬سبتمبر ‪ ،)2016‬ص ‪6649‬؛‬
‫‪-‬القانون رقم ‪ ، 110.14‬المتعلق بإحداث نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية وبتغيير وتتميم القانون رقم ‪17.99‬المتعلق بمدونة التأمينات‪ ،‬الصادر‬
‫بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.16.152‬في ‪ 21‬من ذي القعدة ‪ 25( 1437‬أغسطس ‪ ،)2016‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6502‬بتاريخ ‪ 20‬ذو الحجة ‪1437‬‬
‫(‪ 22‬سبتمبر ‪ ،)2016‬ص ‪.6830‬‬
‫‪-‬القانون رقم ‪ 64.12‬القاضي بإحداث هيئة مراقبة التأمينات واالحتياط االجتماعي‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.14.10‬في ‪ 4‬جمادى األولى‬
‫‪ 6( 1435‬مارس ‪ ،)2014‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6240‬بتاريخ ‪ 18‬جمادى األولى ‪ 20( 1435‬مارس ‪ ،)2014‬ص ‪3199‬؛‬
‫‪-‬القانون رقم ‪ 12.09‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.09.59‬في ‪ 6‬رجب ‪ 29( 1430‬يونيو ‪ ،)2009‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5749‬بتاريخ ‪13‬‬
‫رجب ‪ 6( 1430‬يوليو ‪ ،)2009‬ص ‪3815‬؛‬
‫‪-‬القانون رقم ‪ 02.08‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.08.02‬في ‪ 17‬من جمادى األولى ‪ 23( 1429‬ماي ‪ ،)2008‬الجريدة الرسمية عدد ‪5638‬‬
‫بتاريخ ‪ 8‬من جمادى اآلخرة ‪ 12( 1429‬يونيو ‪ ،)2008‬ص ‪.1335‬‬
‫‪-‬القانون رقم ‪ 03.07‬المتعلق بالتأمين اإلجباري األساسي عن المرض لبعض فئات مهنيي القطاع الخاص والقاضي بتغيير وتتميم القانون رقم ‪17.99‬‬
‫المتعلق بمدونة التأمينات‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.165‬في ‪ 19‬من ذي القعدة ‪ 30( 1428‬نونبر ‪ ،)2007‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 5586‬بتاريخ ‪ 2‬ذو الحجة ‪ 13( 1428‬ديسمبر ‪ ،)2007‬ص ‪.4066‬‬
‫‪-‬القانون رقم ‪ 39.05‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.06.17‬في ‪ 15‬من محرم ‪ 14( 1427‬فبراير ‪ ،)2006‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5399‬بتاريخ‬
‫‪ 28‬محرم ‪ 27( 1427‬فبراير ‪ ،)2006‬ص ‪ 525‬؛‬
‫‪-‬القانون رقم ‪ 09.03‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.04.05‬في فاتح ربيع األول ‪ 21( 1425‬أبريل ‪ )2004‬بالجريدة الرسمية عدد ‪5207‬‬
‫بتاريخ ‪ 6‬ربيع األول ‪ 26( 1425‬أبريل ‪ ،)2004‬ص ‪.1831‬‬

‫‪50‬‬
‫ب‪ -‬كالهما من العقود التي يكون الهدف من إبرامها التحوط من المخاطر‪ ،‬حيث يبرم‬
‫العقد بهدف تغطية المخاط‪.93‬‬

‫ج‪ -‬كالهما من عقود المعاوضة‪، 94‬إذ يلتزم المؤمن له بدفع قسط التأمين الذي قد يكون‬
‫شهريا أو سنويا‪ ،‬بحسب ما هو مثبت في عقد التأمين‪ ،‬أو أي دفعة مالية أخرى‪ ،‬وفي عقد‬
‫المبادلة قد تكون شهرية أو ربع سنوية أو نصف ثانوية‪ ،‬أي يحصل كل من أطرافه على مقابل‬
‫لما يؤديه‪.‬‬

‫ت‪ -‬كالهما من العقود الزمنية فلعقد التأمين مدة محددة يتم من خاللها تغطية المخاطر‪،‬‬
‫وبانقضائ ها يتحلل المؤمن من مسؤوليته في توفير تلك التغطية‪ ،‬وهو ما ينطبق على عقد‬
‫المبادلة الذي يكون له تاريخ ابتداء وتاريخ انتهاء‪.‬‬

‫ج‪ -‬كالهما من العقو د الملزمة للجانبين‪ ،‬حيث يلتزم كل طرف بالتزامات مقابل الطرف‬
‫اآلخر‪.‬‬

‫ح‪ -‬يتشابه عقد المبادلة مع عقد التأمين في احتواء كل منهما على سمة المضاربة ‪،‬حيث‬
‫أن المؤمن يبرم العقد مع أعداد كثيرة في حاالت مماثلة معرضة لنفس الخطر ‪،‬ويلتزم بدفع‬
‫مبلغ التأمين لكل منهم في حالة تحقق الخطر ‪،‬وذلك مقابل قسط دوري يدفعه المؤمن له للمؤمن‬
‫‪،‬وحيث أن المؤمن له يضارب على احتمال عدم تحقق الخطر بمقابله يحاول المؤمن تغطيه‬
‫المخاطر المتوقعة‪ ،‬وهو ما يحدث في عقد المبادلة‪ ،‬حيث يبرمه أحد األطراف المتعاقدة بهدف‬
‫المضاربة‪ ،‬ويبرمه الطرف اآلخر بهدف تغطية المخاطر‪.‬‬

‫‪ 93‬يقصد بتغطية المخاطر بأنها تلك التغيرات او التقلبات أو التذبذبات المؤثرة على مقدار المكاسب أو الخسائر التي قد تتحقق خالل فترة محددة والتي‬
‫تحدث حول العوائد واألرباح الرأسمالية‪.‬‬
‫‪ 94‬عقد الم عاوضة هو العقد الذي ينشأ عنه التزام إرادي حر بين المتعاقدين بأداء التزاماتهما المتقابلة أخذا وعطاء لتملك عين أو االستفادة من منفعة أو‬
‫خدمة أو اكتساب حق مالي بثمن‪.‬‬
‫للمزيد من التوضيح يراجع‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني المصري‪ -1 ،‬نظرية االلتزام بوجه عام‪ ،‬ص ‪ 162‬منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://droitpdf.com/download -‬‬
‫‪4/#https://drive.google.com/file/d/1RYrZ0BTQ7Ibim3Z_FgDBsAYW1d1CZPpn/view‬‬

‫‪51‬‬
‫خ‪ -‬يتشابه عقد المبادلة مع عقد التأمين التبادلي في أن كالهما يبرم لتغطية مخاطر تقلب‬
‫األسعار‪ ،‬وكما أن المدفوعات المالية الواجبة على كل من الطرفين متغيرة‪ ،‬ألن كل من العقدين‬
‫يرتبط باالحتمال‪.95‬‬

‫لكن وعلى الرغم من أوجه الشبه تلك إال أنه ال يمكن تكييف عقد المبادلة بأنه عقد‬
‫تأمين‪ ،‬وذلك لالختالفات الواضحة بين العقدين في جوانب عديدة والتي تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬في ثبات المدفوعات الواجبة على األطراف‪ ،‬ففي عقد التأمين تكون المدفوعات‬
‫متمثلة في القسط بالنسبة للمؤمن‪ ،‬وفي مبلغ التأمين بالنسبة إلى المؤمن له‪ ،‬بينما في عقد‬
‫المبادلة فإن المدفوعات تتسم بعدم الثبات نظرا الرتباطها باالحتمال كما بيننا سابقا‪.‬‬

‫ب‪ -‬عقد التأمين يحدد ابتداء الطرف الملتزم بالمدفوعات الدورية‪ ،‬وهو المؤمن والطرف‬
‫اآلخر ملتزم بدفع مبلغ التأمين في حا لة تحقق الخطر المؤمن عليه‪ .‬أما في عقد المبادلة فال نجد‬
‫أي من أطرافه ملتزم باألداء المالي إال بعد تحقق االحتمال وهو اإلعالن عن أسعار الفائدة‬
‫وأسعار الصرف في األجل المحدد‪.‬‬

‫ت‪ -‬يختلف عقد المبادلة عن عقد التأمين بالمقاصة‪ ،‬ففي عقد مبادلة أسعار الفائدة‪ ،‬يمكن‬
‫أن يحدث مقاصة بين التزامات األطراف‪ ،‬بينما ال يمكن حدوث ذلك في عقد التأمين‪.‬‬

‫إذن ومنه يتبين لنا مما تقدم أن عقد المبادلة ال يمكن أن يكيف على أنه عقد تأمين‬
‫‪96‬‬
‫لوجود اختالفات جوهرية بين العقدين‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المبادلة عقد مقامرة ورهان‬

‫يرى جانب من الفقه أن هناك تشابه بين عقد المبادلة وعقد المقامرة والرهان‬
‫الشتمال هذا العقد على المقامرة والرهان‪.‬‬

‫غفران نعيم شاكر‪ ،‬التنظيم القانوني لعقد المبادلة في سوق األوراق المالية ‪،‬مرجع سابق ص ‪.55-54:‬‬ ‫‪95‬‬

‫غفران نعيم شاكر‪ ،‬التنظيم القانوني لعقد المبادلة في سوق األوراق المالية مرجع سابق‪ ،‬ص‪.56:‬‬ ‫‪96‬‬

‫‪52‬‬
‫ويمكن تعريف عقد المقامرة والرهان بأنه‪ ":‬عقد يتوقف حق المتعاقد فيه على واقعة‬
‫غير محددة‪ ،‬وهي أن يكسب المقامر اللعب في المقامرة أو يصدق قول المرتهن في الرهان‪،‬‬
‫و الواقعة غير المحققة في هذه العقود أجنبية عن المتراهنين‪ ،‬بحيث ال تحملهم خسارة أو تجلب‬
‫لهم كسبا‪.‬‬

‫ويالحظ أن عقد المقامرة والرهان يمتاز بخصائص معينة فهو من العقود االحتمالية ألن‬
‫كل طرف من طرفي العقد ال يستطيع تحديد وقت إبرام العقد مقدار ما أخذ ومقدار ما أعطى‪،‬‬
‫فهذا المقدار يتحدد في المستقبل تبعا لحدوث أمر غير محقق وهو الكسب‪.‬‬

‫وإن وجود سمة االحتمال بين عقد المبادلة وعقد المقامرة والرهان يؤدي إلى االلتباس‬
‫بين العقدين‪ ،‬فكالهما يقوم على المضاربة‪ .‬وقد بقي هذا اللبس لفترة طويلة حتى أن بعض‬
‫التشريعات تأثرت به‪ ،‬ومنها التشريع اإلنجليزي والمصري‪.97‬‬

‫ولكن وبالرغم من التقارب بين العقدين في أن كليهما من العقود االحتمالية إلى أن هناك‬
‫من األسباب ما تدفعنا إلى استبعاد ذلك التكييف‪ ،‬لالختالف بينهما من أوجه عديدة متمثلة في‬
‫اآلتي‪:‬‬

‫أ‪ -‬إن عقد المبادلة من العقود االحتمالية التي تعتمد في تداولها على دراسة معمقة‬
‫لتحركات سوق األوراق المالية‪ ،‬في حين أن عقد المقامرة والمراهنة يعتمد على الحظ‬
‫والصدفة‪.‬‬

‫ب‪ -‬الهدف من عقد المبادلة هو التحوط من تقلبات األسعار والمضاربة في سوق‬


‫األوراق المالية بمفهومها العصري‪ ،‬والتي تتمثل بكونها قرارا يتم اتخاذه بعد دراسة أحوال‬
‫السوق‪ ،‬ومؤشرات تغيرات األسعار للورقة المالية‪ ،‬والخروج بتوقعات مدروسة‪ ،‬وبناء على‬
‫ذلك يحدد المضارب موقفه بالبيع أو الشراء‪ ،‬في حين ليس لعقد المقامرة أو الرهان أي عالقة‬

‫غفران نعيم شاكر‪ ،‬التنظيم القانوني لعقد المبادلة في سوق األوراق المالية‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.57 :‬‬ ‫‪97‬‬

‫‪53‬‬
‫بدراسة تقلبات األسعار ومؤشراتها‪ ،‬وليس له هدف أو دور اقتصادي‪ ،‬بل على العكس من ذلك‬
‫ت عد من الممارسات الضارة لما تحدثه من إرباك للسير االعتيادي لألسعار‪.‬‬

‫ج‪ -‬إن عقد المبادلة يعد ورقة مالية قابلة للتداول‪ ،‬في حين ال يعد عقد المقامرة أو‬
‫الرهان كذلك‪.‬‬

‫لذلك يتبين لنا من ما تقدم أن عقد المبادلة ليس بعقد مقامرة ورهان لالختالفات المذكورة‬
‫‪98‬‬
‫بينهما‪.‬‬

‫من خالل ما تقدم تبين لي أن عقد المبادلة يقترب من عقد التأمين تارة وعقد المقامرة‬
‫والرهان تارة أخرى‪ ،‬ولكن يختلف عنهما في مواضيع أخرى‪ ،‬ولكن شرعا فالمبادلة من العقود‬
‫المحرمة من قبل الفقهاء‪ ،‬إال أن هنالك بدائل شرعية وجدت إلضفاء الصفة الشرعية عليه‪.‬‬

‫غفران نعيم شاكر القريشي ‪ ،‬التنظيم القانوني لعقد المبادلة في سوق األوراق المالية ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.58:‬‬ ‫‪98‬‬

‫‪54‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬العقود المستقبلية واآلجلة‬
‫بعدما تطرقت في الفصل األول إلى تكييف عقود الخيارات وعقود المبادالت‪ ،‬وذلك‬
‫بدراسة مشروعيتها من الناحية الشرعية وكيفية تداول عقود الخيارات داخل السوق اآلجلة‪،‬‬
‫فإنني سأتناول في هذا الفصل عقود مشتقات مالية من صنف آخر يختلف عن عقود الخيارات‬
‫والمبادالت‪ ،‬والتي ترتكز أساسا على عنصر األجل‪ ،‬وتتمثل في العقود المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫فمع التطور الذي شهدته أسواق المال برزت مجموعة من األدوات والوسائل المالية‬
‫التي توفر المزيد من المرونة والسيولة والتغطية للمتعاملين في السوق‪ .‬وتعد األسواق اآلجلة‬
‫من مظاهر التطور الحديث في األسواق المالية والدولية‪.‬‬

‫وتعتبر العقود المستقبلية امتدادا وتطورا طبيعيا للعقود اآلجلة‪ ،‬فالعقود اآلجلة هي اتفاق‬
‫بين طرفين للتعامل على أصل ما على أساس سعر يتحدد عند التعاقد‪ ،‬على أن يكون التسليم في‬
‫تاريخ الحق متفق عليه‪ ،‬أما العقود المستقبلية ما هي إال عقود آجلة تم تنميطها من حيث تاريخ‬
‫التسليم ومستوى وجودة األصل‪ ،‬وعدد الوحدات داخل العقد‪ .‬ولم تترك مجاال للتفاوض سوى‬
‫السعر وعدد العقود‪ ،‬وف ي العقود اآلجلة ال توجد أي قيود‪ ،‬حيث تتحدد بنود العقد وفق اتفاق‬
‫‪99‬‬
‫الطرفين‪.‬‬

‫و عقود المستقبليات ما هي إال عقود ملزمة يتم تداولها في األسواق‬


‫المالية الرسمية بغرض شراء أو بيع سلع أو مجوهرات‪ ،‬أو عمالت أجنبية أو أدوات مالية في‬
‫تاريخ محدد مستقبال وبسعر محدد‪ ،‬وهي تعتبر عقود نمطية من حيث الكمية والنوعية ومكان‬
‫‪100‬‬
‫التسليم‪.‬‬

‫ولقد جرى التعامل على العقود المستقبلية ألول مرة من خالل بورصة شيكاغو عام‬
‫‪1972‬م‪ ،‬وكان محل العقد عمالت أجنبية‪ ،‬ومنذ ذلك التاريخ شهدت العقود المستقبلية تطورا‬

‫‪ 99‬عباس فؤاد حسن‪ ،‬قراءات حول المشتقات المالية‪ :‬عقود المستقبليات‪ ،‬مجلة الدراسات المالية والمصرفية‪ ،‬مجلد ‪ ،24‬العدد ‪ ،1‬السنة‪ ،2016 :‬ص‪6 :‬‬
‫‪ 100‬عباس فؤاد حسن‪ ،‬قراءات حول المشتقات المالية‪ :‬عقود المستقبليات ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.6 :‬‬

‫‪55‬‬
‫مستمرا ‪،‬فقد استحدثت عقود مستقبلية على أسعار الفائدة عام ‪ ،1975‬وعقود مستقبلية على‬
‫أذون الخزانة عام ‪1976‬م‪ ،‬وعقود مستقبلية على سندات الخزانة عام ‪1977‬م‪ ،‬ثم ظهرت‬
‫العقود المستقبلية على مؤشرات األسهم عام ‪1980‬م‪ ،‬ومع نهاية القرن العشرين ظهرت العقود‬
‫المستقبلية على الخدمات وفي مقدمتها العقود المستقبلية على الرحالت الترفيهية‪.‬‬

‫وبذلك فالسبب الرئيسي لظهور هذه العقود هو تخفيض أو تجنب المخاطرة من تغيير‬
‫السعر وكذلك حاجة التجار والمستثمرين للتعامل بها‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما تقدم سأقوم بتقسيم هذا الفصل إلى فرعين‪ ،‬وذلك بتخصيص الفرع‬
‫األول لتكييف هذه العقود من الناحية الشرعية‪ ،‬على أن يخصص الفرع الثاني لتكييف هذه‬
‫العقود من الناحية القانونية‪ ،‬وكل هذا سأتطرق إليه بناء على التقسيم اآلتي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التكييف الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التكييف القانوني للعقود المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التكييف الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة‬

‫من العقود المستحدثة والتي لم يكن محلها أمرا‬ ‫‪101‬‬


‫تعتبر العقود المستقبلية واآلجلة‪،‬‬
‫معهودا في القديم‪ ،‬والتي جاءت وليدة التطورات التقنية واالقتصادية‪ ،‬بحيث ال تشبه في‬
‫أركانها وغرض المتعاملين بها عقدا من العقود المعروفة في الفقه‪ .‬ويعمل التكييف الشرعي‬
‫على الوقوف على تحقيق المصلحة ومنافاتها للغرر الفاحش‪ ،‬والمحظورات الشرعية وفق‬
‫القاعدة الفقهية "األصل في العقود اإلباحة"‪ ،‬فال يجوز المسارعة إلى تحريم صورة من صور‬
‫المعامالت المستحدثة حتى يتبين أن الشريعة قد حرمتها‪.102‬‬

‫فهناك العمليات الشرطية‪ ،‬والتي يكون من خاللها‬ ‫‪103‬‬


‫وتختلف صور العمليات اآلجلة‪،‬‬
‫للطرفين الحق ف ي العدول مقابل دفع تعويض وقت العقد في مقابل العدول ‪،‬ومثالها عقود‬
‫الخيارات‪ ،‬والتي خلصنا لحرمتها شرعا في الفصل األول‪ .‬أما في المعامالت اآلجلة القطعية‬
‫فالعاقدان ال يملكان حق العدول عن تنفيذ العقد ‪،‬وبالتالي ال يجوز لألطراف التحلل من‬
‫التزاماتهم وإال ترتب على ذلك مسؤوليتهم العقدية‪ ،‬وهذه المعامالت تدخل في إطارها العقود‬
‫المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫‪ 101‬تتجلى الفروق بين العقود اآلجلة والعقود المستقبلية على الرغم من كونها جميعا عقود بيع آجلة متأخرة التنفيذ في اآلتي‪:‬‬
‫‪-‬العقود اآلجلة عقود بيع عادية يصوغ شروطها والتزاماتها العاقدان‪ ،‬أما العقود المستقبلية فإنها عقود نمطية ينظم السوق أحكامها‪.‬‬
‫‪-‬تجري العقود اآلجلة على السلع غالبا ‪ ،‬أما المستقب ليات فعلى كل ما تعرضه السوق الناظمة من سلع وأسهم وسندات ومؤشرات مالية ومعدالت‬
‫فوائد‪.‬‬
‫‪-‬الغرض الغالب من عقود البيع اآلجلة التحوط من مخاطر تقلب أسعار السلع‪ ،‬بينما تشكل المضاربة الغرض األساسي للعاقدين في عقود‬
‫المستقبليات‪ ،‬فتنتهي بالتسوية ال بالتسليم ‪.‬‬
‫‪-‬تتارفق وجوبا عقود المستقبليات‪ ،‬دون العقود اآلجلة‪ ،‬مع دفع هامش متغير حسب تقلبات السوق بإشراف ومتابعة من قبل بيت المقاصة‪.‬‬
‫‪ -‬تتم تسوية العقد في العقود اآلجلة في أجل التسليم المتفق عليه في العقد‪ ،‬أما المستقبليات فيمكن تسوية العقد في أي وقت قبل التاريخ المذكور في‬
‫العقد‪ ،‬حسب ماتمليه قوانين السوق الناظمة‪.‬‬
‫‪ 102‬المهدي أندجار ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.81 :‬‬
‫‪ 103‬العمليات اآلجلة ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪ -‬العمليات الشرطية البسيطة‪ :‬وهي التي يكون فيها الخيار للمضارب بين فسخ العقد في ميعاد التصفية أو قبله أو تنفيذ العملية إذا رأى تقلب األسعار‬
‫لصالحه على أن يدفع تعويضا متفقا عليه سلفا‪.‬‬
‫‪ -‬العمليات الشرطية المركبة‪ :‬وهي التي يكون فيها الخيار للمضارب بين أن يكون مشتريا أو بائعا ‪،‬وأن يفسخ العقد إذا رأى مصلحة له في ذلك عند‬
‫التصفية أو قبلها مقابل تعويض أكبر مما يدفع في العمليات البسيطة يدفعه لصاحبه‪.‬‬
‫‪ -‬العمليات المضاعفة‪ :‬وهي التي يكون فيها الحق للمضارب في مضاعفة الكمية التي اشتراها أو باعها بسعر التعاقد إذا رأى مصلحة في التصفية‪،‬‬
‫على أن يدفع تعويضا مناسبا متفقا عليه عند اتضاح األسعار‪ ،‬وال يرد إليه‪ ،‬وتختلف قيمة التعويض بحسب كمية الزيادة وموضوع التخزين‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫وعلى هذا األساس سأحاول من خالل هذا الفرع محاولة تكييف العقود اآلجلة‬
‫والمستقبلية من الناحية الفقهية باستعراض آراء الفقهاء حول مشروعية هذه العقود ‪،‬وكذا‬
‫عرض البدائل الشرعية لها‪ ،‬وذلك بناء على التقسيم اآلتي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬البدائل الشرعية للعقود المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة‬

‫أمام تزايد حاجة المتعاملين في األسواق المالية بالعقود اآلجلة والمستقبلية‪ ،‬كان لزاما‬
‫على الفقهاء المعاصرين االهتمام بدراستها ووضع أحكام فقهية لها‪ ،‬وكما سبقت اإلشارة‪ ،‬فإن‬
‫العقود اآلجلة والمستقبلية هي عقود على أصول مادية أو مالية تسلم في تاريخ مستقبل‪ ،‬كما‬
‫يؤجل تسليم الثمن في نفس التاريخ ‪،‬وبالتالي فالتكييف الفقهي لهذه العقود يقوم بدور بارز من‬
‫الناحية العملية من خالل رفع الحرج والمشقة عن جمهور المتعاملين المسلمين الذين يتعاملون‬
‫بالعقود المالية بمستجداتها الحديثة‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أنه ترد العقود المستقبلية واآلجلة على السلع واألوراق المالية‬
‫كاألسهم والسندات‪ ،‬وعلى العمالت ومؤشرات األسهم‪ .‬ولذلك سأحاول في هذا المبحث التطرق‬
‫لكل نوع على حدة‪ ،‬مع إبراز الحكم الفقهي لها‪ ،‬وبناء على ذلك سأتطرق للحكم الفقهي للعقود‬
‫المستقبلية واآلجلة على غير العمالت (المطلب األول) ‪،‬والحكم الفقهي للعقود المستقبلية و‬
‫اآلجلة على العمالت (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة على غير العمالت‬

‫يرى عامة العلماء المعاصرين تحريم العقود المستقبلية واآلجلة على غير العمالت ألنها‬
‫بيع دين بدين‪ ،‬وحقيقة هذه العقود أنها من قبيل المراهنة على فروق األسعار وليس المقصود‬
‫منها البيع والشراء الحقيقي‪ ،‬وهذا نوع من القمار كما أن فيها غرر ظاهر يؤثر في العقد‪ ،‬وهو‬
‫كذلك من بيع اإلنسان ما ال يملك إذ جاء في قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم اإلسالمي‬
‫سنة ‪ 1404‬هجرية‪:‬‬

‫" إن العقود اآلجلة التي تجرى في هذه السوق ليست في معظمها بيعا حقيقيا وال شراء‬
‫حقيقيا‪ ،‬ألنه ال يجرى فيها التقابض من طرفي العقد فيما يشترط له التقابل في العوضين أو في‬
‫‪104‬‬
‫أحدهما شرعا"‪.‬‬

‫وتنصب العقود المستقبلية واآلجلة على مختلف السلع واألوراق المالية والمؤشرات‬
‫وغيرها من األشياء المادية والمعنوية‪ ،‬وعليه سأتطرق فيما يلي إلى مشروعية العقود‬
‫المستقبلية واآلجلة على السلع من عدمها (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم على مختلف األوراق المالية‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة على السلع‬

‫العقود المستقبلية واآلجلة على السلع هي عبارة عن عقد بين طرفين يلتزم بموجبه أحد‬
‫الطرفين تسليم الطرف اآلخر مقدارا محددا من سلعة معينة بسعر محدد في تاريخ محدد‪ ،‬وترد‬
‫هذه العقود عادة على سلعة تتوافر فيها شروط معينة مثل المحاصيل الزراعية كالقمح والذرة‬
‫والشعير والقطن والسكر واألرز‪ ،‬ومن المعادن كالذهب والفضة‪ ،‬وال ترد هذه العقود على‬
‫‪105‬‬
‫السلع المصنعة كالسيارات أو السلع غير القابلة للتخزين‪.‬‬

‫‪ 104‬عبد هللا بن محمد الطيار‪ ،‬الفقه الميسر‪ ،‬الجزء العاشر‪ ،‬مدار الوطن للنشر‪ -‬الرياض المملكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة‪ 2012 :‬ص‪:‬‬
‫‪.106‬‬
‫‪ 105‬شافية كتاف‪ ،‬دور األدوات المالية اإلسالمية في تنشيط وتطوير السوق المالية اإلسالمية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.387 :‬‬

‫‪59‬‬
‫ويمكن تحرير عقود مستقبلية على أي سلعة‪ ،‬إال أن هناك شروطا يجب توافرها في‬
‫السلعة المتعاقد عليها حتى تتناسب مع األسواق المنظمة للعقود المستقبلية‪ ،‬وأهم هذه الشروط‪:‬‬

‫‪ -1‬أن تكون السلعة قابلة للتنميط من حيث الكمية والجودة وما شابه ذلك بما يحقق‬
‫سيولة كافية للعقد‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يوجد طلب نشط على السلعة بما يحقق السيولة لسوقها‪.‬‬

‫‪ -3‬أن تكون السلعة من النوع القابل للتخزين بما يتيح توفيرها في التاريخ المحدد للعقد‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫‪ -4‬أن تكون السلعة ذات قيمة مقارنة بحجمها‪.‬‬

‫ولقد أجازت الشريعة اإلسالمية بيع السلع ذات التسليم الحال بأثمان مؤجلة ولو بثمن‬
‫أعلى من الثمن الحال‪ ،‬كأن يعرض البائع ثمنين على المشتري أحدهما حال واآلخر مؤجل‪،‬‬
‫فيقول بعتك هذا بعشرة أو بخمسة عشر إلى أجل‪ ،‬وال خالف بين الفقهاء في مشروعية ذلك إذا‬
‫جرى االتفاق على أحد األثمان المعروضة‪.‬‬

‫كما أجازت الشريعة اإلسالمية بيع سلع مؤجلة التسليم بأثمان حالة‪ ،‬وهو بيع السلم‪ ،‬وهو‬
‫عكس البيع بثمن آجل أي يدفع الثمن في مجلس العقد ويتأخر تسليم السلع إلى أجل مستقبلي‬
‫محدد‪.‬‬

‫أما تأجيل دفع الثمن وتسليم المبيع فهذا م ا لم تجزه الشريعة‪ ،‬وفي ذلك نص الحديث‪:‬‬
‫"نهى النبي صلى هللا عليه وسلم عن بيع الكالئ بالكالئ"‪ ،‬أي المؤجل بالمؤجل وإن كان ضعيفا‬
‫من حيث السند‪ ،‬إال أنه ال خالف بين الفقهاء على العمل بمعناه المذكور من تأجيل البدلين فقال‬
‫النووي‪" :‬ال يجوز بيع نسيئة بنسيئة بأن يقول‪ :‬بعني ثوبا في ذمتي بصفة كذا إلى شهر كذا‬
‫بدينار مؤجل إلى وقت كذا‪ ،‬فيقول‪ :‬قبلت وهذا فاسد بال خالف"‪.‬‬

‫‪ 106‬زاهرة يونس محمد سودة ‪ ،‬تنظيم عقود االختيار في األسواق المالية من النواحي القانونية والفنية والضريبية والشرعية ‪،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‬
‫‪،‬سنة ‪ ،2006 :‬ص‪.90 :‬‬

‫‪60‬‬
‫وهذا النهي يعود إلى جانب منه الى قضية الغرر‪ ،‬فالبيع الذي ال يتحقق فيه دفع الثمن أو‬
‫تسليم المبيع يدخله الغرر من حيث احتمال عجز العاقد عن تسليم العوض الواجب تسليمه في‬
‫المستقبل‪.‬‬

‫لكن النصوص الشرعية اغتفرت هذا الغرر في البيع بثمن آجل‪ ،‬واغتفرته في بيع السلم‬
‫تحقيقا لمصالح عامة راجحة على مصلحة درء الغرر عن المعاملة‪.107‬‬

‫وبالتالي فإنه ال يجوز إبرام العقود المستقبلية على السلع سواء كان الغرض منها‬
‫االحتياط لتقلبات األسعار‪ ،‬أو المضاربة وذلك لألدلة التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬في العقود المستقبلية يتم تأجيل تسليم الثمن والمثمن‪ ،‬وهذا ال يجوز ألنه من بيع‬
‫الدين بالدين المجمع على تحريمه‪.‬‬

‫‪ -2‬ما في هذه العقود من الربا المجمع على تحريمه وهو ربا النسيئة‪ ،‬وذلك في حالة‬
‫العقود المستقبلية على الذ هب والفضة‪ ،‬حيث إنها تباع بالنقود الورقية‪ ،‬والنقود تتفق مع الذهب‬
‫والفضة في علة الربا‪.‬‬

‫‪ -3‬تنتهي غالب العقود المستقبلية بالتسوية النقدية بين المتعاقدين ‪،‬فإن كان ذلك مشروطا‬
‫في العقد كانت العقود المستقبلية من عقود القمار المحرم‪ ،‬ألن كل واحد من المتعاقدين ال ينفك‬
‫على أن يكون غانما إذا تغيرت األسعار إلى صالحه أو غارما إن حدث العكس‪ ،‬وكل عقد دخل‬
‫فيه الطرفان وكل واحد منهما متردد بين الغنم والغرم فهو عقد قمار يحرم الدخول فيه بإجماع‬
‫المسلمين‪.‬‬

‫وإن كان غير مشروط في العقد فهو نوع من القمار والميسر‪ ،‬ألن البائع إذا لم يكن في‬
‫نيته تسليم السلعة التي باعها‪ ،‬أو كان المشتري غير ناو تسلم السلعة التي اشتراها‪ ،‬وإنما يريد‬
‫كل منهما أن يقبض فرق السعر إن تغيرت األسعار لصالحه‪ ،‬أو يدفعه إن تغيرت في غير‬
‫‪ 107‬عبد العظيم أبو زيد‪ ،‬التحليل ال فقهي والمقاصدي للمشتقات المالية‪ ،‬مجلة االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬جامعة الملك عبد العزيز‪ ،‬المجلد ‪ ،27‬العدد‪ ،4:‬السنة‪:‬‬
‫‪ ،2014‬ص ‪.14-13-12‬‬

‫‪61‬‬
‫صالحه‪ ،‬فقد دخل كل منهما في عقد بين غرره ومتأكد خطره‪ 108،‬كما جاء في قرار مجمع‬
‫الفقه اإلس المي التابع لرابطه العالم اإلسالمي أن‪" :‬العقود اآلجلة بأنواعها والتي تجرى على‬
‫المكشوف أي على األسهم والسلع التي ليست في ملك البائع بالكيفية التي في األسواق المالية‬
‫‪109‬‬
‫غير جائزة شرعا"‪.‬‬

‫وجاء في حكمها أيضا في المعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات‬


‫‪110‬‬
‫المالية اإلسالمية‪" :‬ال يجوز شرعا التعامل بعقود المستقبليات سواء بإنشائها أو بتداولها"‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة المالية‬

‫يراد بالعقود المستقبلية المالية العقود التي ترد على األدوات المالية األصلية مثل األسهم‬
‫واألوراق المالية ذات الدخل الثابت‪ ،‬سواء كانت طويلة األجل كالسندات أو قصيرة األجل‬
‫كأذونات الخزانة‪ .‬فأما بالنسبة لألسهم فهي إ ن كان ال يوجد من حيث الواقع عقود مستقبلية‬
‫عليها ‪ ،‬إال أن ذلك متصور من الناحية النظرية وممكن من الناحية العملية‪ ،‬وعلى أي فإن العقود‬
‫المستقبلية ع لى األسهم ال يختلف تصويرها عن العقود المستقبلية على السلع التي سبق ذكرها‬
‫إذ ينطبق نفس الحكم عليها‪. 111‬‬

‫فبيع األسهم هو من قبيل بيع المعين وبيع هذا األخير ال يجوز تأجيله بإجماع الفقهاء‪،‬‬
‫كما أن العقود المستقبلية اآلجلة على األسهم تنتهي في الغالب عن طريق التسوية النقدية وهذا‬
‫قمار ظاهر‪.‬‬

‫أما بخصوص األوراق المالية ذات الدخل الثابت‪ ،‬وتعرف أيضا بالعقود المستقبلية على‬
‫معدالت الفائدة‪ ،‬وهي عقود يتم التعامل فيها على أساس معدل الفائدة‪ :‬الودائع ‪،‬السندات‪،‬‬
‫القروض ‪...‬‬

‫‪ 108‬مبارك بن سليمان بن محمد آل سلمان ‪،‬أحكام التعامل في األسواق المالية المعاصرة ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.647_645 :‬‬
‫‪ 109‬قرارات وتوصيات مجمع الفقه اإلسالمي الدولي‪ ،‬قرار رقم ‪ 63‬ورقم ‪ ،65‬العدد‪ ،7:‬الجزء األول‪ ،‬ص‪.711:‬‬
‫‪ 110‬المعايير الشرعية لهيئة المراجعة والمحاسبة للمؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬معيار رقم ‪ ،20‬بيوع السلع في األسواق المنظمة‪ ،‬البند ‪ ،2/1/5‬ص‪:‬‬
‫‪344‬‬
‫‪ 111‬هشام السعدني خليفة بدوي ‪،‬عقود المشتقات المالية ‪ -‬دراسة فقهية اقتصادية مقارنة مرجع سابق‪ ،‬ص‪.256 :‬‬

‫‪62‬‬
‫وقد استخدمت هذه العقود بسبب التقلبات التي تحدث ألسعار الفائدة على األصول‬
‫المالية‪ ،‬وأغلب هذه العقود يتم إحاللها قبل تاريخ االستحقاق بشكل عكسي‪ 112،‬وفي ضوء ذلك‬
‫فإن حكم هذه العقود هو التحريم لما يأتي‪:‬‬

‫‪ -‬ما في ذلك من بيع الدين لغير من هو عليه بثمن مؤجل‪ ،‬وبيع الدين لغير من هو عليه‬
‫وإن كان جائزا على القول الراجح إال أن ذلك مشروط بكون العوض حاال غير مؤجل حتى ال‬
‫يدخل في بيع الدين بالدين الال منتهي‪ ،‬وهذا ال يتوفر في هذه العقود حيث أن الدين الذي تمثله‬
‫هذه األوراق مؤجل ويباع بثمن مؤجل‪ ،‬فكان محرما‪.‬‬

‫‪ -‬الدين الذي تمثله هذه األوراق من النقود وإذا بيعت بنقود كما هو الحال في العقود‬
‫المستقبلية‪ ،‬كان ذلك صرفا لم تتوفر فيه شروطه وهي الحلول والتقابض والتماثل‪ ،‬إذا بيعت‬
‫بنقود من جنسها‪ .‬والحلول و التقابض فقط إذا بيعت بغير جنسها ‪،‬وهذا منتف في العقود‬
‫المستقبلية على تلك األوراق‪.‬‬

‫‪ -‬غالبا ما يكون البائع في هذه العقود غير مالك لألوراق المالية التي أبرم عليها عقد‬
‫البيع‪ ،‬فهو يبيع مثال سندات على جهة معينة‪ ،‬وهو غير مالك لتلك السندات فكان بائعا لما يملك‪،‬‬
‫وهو حرام في شرع هللا عز وجل‪.‬‬

‫‪ -‬وفضال عن ذلك التقابض الذي هو مقصود العقود غير مراد للمتعاقدين‪ ،‬إذ غالبا ما‬
‫‪113‬‬
‫يتم تصفية تلك العقود داخال في دائرة القمار والميسر‪.‬‬

‫وبالنسبة لعقود مؤشرات األسهم فهي عقود لبيع أو شراء مؤشرات متنوعة من األسهم‬
‫التي يتم تداولها في سوق األوراق المالية في تاريخ مستقبلي وبسعر محدد‪ ،‬وال يجوز إبرام هذه‬
‫العقود‪:‬‬

‫‪ 112‬همت محمد عصام الدين السويقي‪ ،‬مشكالت ومخاطر المشتقات المالية وعوامل الحد منها‪ ،‬المجلد‪ ،22 :‬العدد ‪ ،3:‬السنة‪ ،2021 :‬ص‪.373 :‬‬
‫‪ 113‬مبارك بن سليمان بن محمد آل سلمان‪ ،‬أحكام التعامل في األسواق المالية المعاصرة ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.961-960 :‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ -‬لما فيها من وقوع العقد على ما ليس بمال‪ ،‬وال يؤول إلى المال ‪،‬وذلك ال يجوز ألن‬
‫من شرط المعقود عليه أن يكون ماال أو حقا متعلقا بمال‪.‬‬

‫‪ -‬ما في هذه العقود من الرهان المحرم بإجماع المسلمين‪ ،‬فحقيقة هذه العقود هي‬
‫المراهنة على المؤشرات من حيث بلوغها رقما معينا أو عدمه‪ ،‬على أن يدفع من يخسر الرهان‬
‫إلى الطرف اآلخر الفرق بين الرقم المعين المراهن عليه المسمى بسعر التنفيذ من الرقم الذي‬
‫يصل إليه المؤشر فعال في األجل المضروب‪ ،‬فالمراهن على الصعود يكسب الفرق‪ ،‬فإذا زاد‬
‫سعر المؤشر (أي رقمه )في األجل المضروب في سعر التنفيذ‪ ،‬والمضارب على الهبوط يكسب‬
‫إذا نقص سعر المؤشر على سعر التنفيذ فك ان كل واحد منهما إما غانما أو غارما‪ ،‬وهذا هو‬
‫ضابط القمار المحرم‪.‬‬

‫وبتحريم العقود المستقبلية على المؤشرات صدر قرار مجمع الفقه اإلسالمي المنبثق من‬
‫منظمة المؤتمر اإلسالمي في دورة مؤتمره السابعة المنعقدة في جدة من ‪ 8‬إلى ‪ 12‬ذي القعدة‬
‫سنة ‪ 1442‬هجرية‪ ،‬فقد جاء فيه‪" :‬ال يجوز بيع وشراء المؤشر ألنه مقامرة بحتة ‪ ،‬وهو بيع‬
‫‪114‬‬
‫شيء خيالي ال يمكن وجوده"‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة على العمالت‬

‫تتعرض أسعار صرف العمالت للتقلب والتغير من وقت إلى آخر‪ ،‬ولذلك فإن من يملك‬
‫عملة أجنبية أو يتوقع أن يحصل عليها في تاريخ الحق ثمنا لسلع‪ ،‬قام بتصديرها مثال أو يكون‬
‫عرضة النخفاض سعر هذه العملة عندما يريد تحويلها إلى عملته المحلية أو أي عملة أخرى‪،‬‬
‫كما أن من ينوي شراء عملة أجنبية في تاريخ الحق للقيام بتسديد مستحقات عليه تحل في هذا‬
‫التاريخ بهذه العملة مثال يكون عرضة الرتفاع سعرها‪.‬‬

‫ومن هنا فقد ابتكرت عدة أساليب للحماية من مخاطر ارتفاع أو انخفاض أسعار‬
‫العمالت األجنبية‪ ،‬ومن هذه األساليب إبرام العقود المستقبلية لشراء أو بيع تلك العمالت‬
‫‪ 114‬مبارك بن سليمان بن محمد آل سلمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.962-961:‬‬

‫‪64‬‬
‫وخاصة العمالت األجنبية الرئيسية المرتبطة بالنشاط التجاري العالمي كالدوالر واليورو‪،‬‬
‫‪115‬‬
‫والين الياباني‪ ،‬والدوالر األسترالي‪.‬‬

‫والعقود المستقبلية على العمالت محرمة شرعا لألدلة التالية‪:‬‬

‫‪ -‬في العقود المستقبلية يتم تأجيل الثمن والمثمن‪ ،‬وهذا ال يجوز ألنه من بيع الدين بالدين‬
‫المجمع على تحريمه‪.‬‬

‫‪ -‬ما في هذه العقود من الربا المجمع على تحريمه وهو ربا النسيئة‪ ،‬وذلك أن العمالت‬
‫(األوراق النقدية) إذا بيعت بعملة أخرى‪ ،‬اشترط في ذلك الحلول والتقابض‪ ،‬وذلك أنها تشترك‬
‫مع الذهب والفضة في علة الربا‪ ،‬وهي الثمنية‪ ،‬فكانت بذلك من األموال الربوية التي يشترط‬
‫فيها ما يشترط في األموال الربوبية ‪،‬إذا بيعت بما يشترك معها في علة الربا من التماثل‬
‫والحلول والتقابض ‪ ،‬إذا بيعت بجنسها‪ ،‬أو الحلول والتقابض فقط إذا بيعت بغير جنسها‪.‬‬

‫وهذا الشرط متوفر في العقود المستقبلية للعمالت األجنبية‪ ،‬حيث أن تأجيل التقابض هو‬
‫السمة الرئيسية لهذه العقود فكانت بذلك حراما‪.‬‬

‫وقد نص قرار مجمع الفقه اإلسالمي التابع لرابطة العالم اإلسالمي على تحريم العقود‬
‫المستقبلية على العمالت األجنبية‪ ،‬فقد جاء في قرار المجمع في دورة مجلسه ‪ 13‬المنعقدة بمكة‬
‫المكرمة يوم السبت ‪ 5‬شعبان ‪" :1412‬إذا تم عقد الصرف مع االتفاق على تأجيل قبض‬
‫البدلين أو أحدهما في تاريخ معلوم في المستقبل ‪،‬بحيث يتم تبادل العملتين معا في وقت واحد‬
‫في التاريخ المعلوم‪ ،‬فالعقد غير جائز ألن التقابل شرط لصحة تمام العقد ولم يحصل"‪.‬‬

‫كما نص على تحريمها قرار مجمع الفقه اإلسالمي المنبثق من منظمة المؤتمر‬
‫اإلسالمي في دورة مؤتمره السابعة المنعقدة في جدة ‪ 7‬إلى ‪ 12‬ذي القعدة سنة ‪1412‬هجرية‪،‬‬

‫هشام السعدني خليفة بدوي‪ ،‬عقود المشتقات المالية ‪ -‬دراسة فقهية اقتصادية مقارنة ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.261 :‬‬ ‫‪115‬‬

‫‪65‬‬
‫حيث جاء فيه‪" :‬يتم التعامل بالعمالت في األسواق المنظمة بإحدى الطرق األربعة المذكورة في‬
‫‪116‬‬
‫التعامل بالسلع وال يجوز شراء العمالت وبيعها بالطريقتين الثالثة والرابعة"‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬البدائل الشرعية للعقود المستقبلية واآلجلة‬

‫إن اإلسالم في شريعته العادلة جعل العدل مقصدا أساسيا‪ ،‬وما يقتضيه العدل أن تكون‬
‫معامالت الناس فيما بينهم سليمة خالية من أي شبهة تبطل العقد أو تفسده‪ ،‬أو تؤدي إلى‬
‫المنازعة والمخاصمة بين الناس نتيجة للظلم والخسارة التي تقع على أحد األطراف‪ ،‬لذلك من‬
‫‪117‬‬
‫مناطق الشريعة اإلسالمية العدل في هذه العقود لمنع حدوث هذه الشبهات‪.‬‬

‫وأمام عدم شرعية العقود المستقبلية واآلجلة كان لزاما على المهتمين بالمالية اإلسالمية‬
‫البحث عن صيغ لتطوير هذه العقود مع ما يتناسب مع األحكام والمبادئ الشرعية‪ ،‬وفي محاولة‬
‫تطوير العقود اآلجلة والمستقبلية لكي تناسب مبادئ المعامالت الشرعية ‪،‬عمل المهتمون‬
‫بتطوير المعامالت اإلسالمية إلى اعتماد العقود الشبيهة بالمشتقات المالية‪.‬‬

‫وبناء على ذلك سأحاول في هذا المبحث التطرق إلى محاولة تطوير العقود المستقبلية‬
‫واآلجلة في إطار عقد السلم (المطلب األول) ‪،‬ثم تطويرها في إطار عقد االستصناع (المطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تطوير العقود المستقبلية واآلجلة في إطار عقد السلم‬

‫هناك تشابه كبير بين عقد السلم‪ 118،‬والعقود اآلجلة والمستقبلية‪ ،‬حيث يوجد عقد بيع‬
‫يتفق فيه الطرفان على التعاقد على البيع بثمن معلوم يتأجل فيه تسليم السلعة الموصوفة بالذمة‬
‫وصفا مضبوطا إلى أجل معلوم‪.‬‬

‫‪ 116‬مبارك بن سليمان آل فواز‪ ،‬األسواق المالية من منظور إسالمي ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.95-94:‬‬
‫‪ 117‬رهف موسى أبو فارة‪ ،‬بدائل شرعية للمشتقات في األسواق المالية اإلسالمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.24 :‬‬
‫‪ 118‬تنص المادة ‪ 613‬من ظهير االلتزامات والعقود على أن‪":‬السلم عقد بمقتضاه يعجل أحد المتعاقدين مبلغا محددا للمتعاقد اآلخر الذي يلتزم من جانبه‪،‬‬
‫بتسليم مقدار معين من األطعمة أو غيرها من األشياء المنقولة في أجل متفق عليه‪ ،.‬وال يجوز إثبات بيع السلم إال بالكتابة‪".‬‬

‫‪66‬‬
‫فإذا كانت السلع مباحة شرعا والعقود التي تمثلها أو األسهم المتداولة تمثل شركات‬
‫نشاطها مباح و أغراضها مشروعة‪ ،‬فإن العقود اآلجلة في هذه الحالة أشبه ما تكون بعقود بيع‬
‫السلم الجائز شرعا‪.‬‬

‫فبيع السلم هو بيع موصوف في الذمة‪ ،‬معلوم القدر‪ ،‬يتأخر تسليمه إلى أجل معلوم بثمن‬
‫حال يدفع عند التعاقد‪ ،‬أي هو عقد يوجب الملك في الثمن عاجال وفي الثمن آجال‪ ،‬ويشترط‬
‫لصحة عقد السلم ضرورة توافر الشروط التالية‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون الثمن معلوما لطرفي العقد‪ ،‬وأن يكون حاال ويسلم في مجلس العقد‪ ،‬وال‬
‫يجوز أن يكون دينا في ذمة البائع أو غيره‪.‬‬

‫‪ -‬أن تكون السلعة محل البيع مما يمكن تحديد صفاتها‪ ،‬فالسلم عبارة عن بيع موصوف‬
‫في الذمة‪ ،‬وال يعرف إال بوصفه‪ ،‬وإذا تعذر وصفه أصبح مجهوال‪ ،‬وبيع المجهول ال يصح‪.‬‬

‫‪ -‬معرفة وبيان صفات المبيع من حيث الجودة والحجم‪ ،‬وكذلك النوع‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون المبيع معلوما القدر‪ ،‬وذلك بأن يذكر مقداره إما بالكيل أو بالوزن أو الذرع‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون المبيع دينا في الذمة‪ ،‬وأن يكون مقدورا على تسليمه‪ ،‬كما يجب تحديد مكان‬
‫التسليم‪.‬‬

‫‪ -‬يجب تأجيل تسليم المبيع‪ ،‬والبد أن يكون األجل معلوما ‪،‬فالسلم ال يكون إال مؤجال‬
‫‪119‬‬
‫‪.‬ويجب أن تكون السلعة المراد بيعها موجودة عند حلول موعد التسليم‪.‬‬

‫ويكمن الشبه بين العقود المستقبلية واآلجلة وعقد السلم في اآلتي‪:‬‬

‫="أما بالنسبة للقانون رقم ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها فقد عرف السلم “بأنه عقد بمقتضاه يعجل أحد المتعاقدين‪،‬‬
‫البنك التشاركي أو العميل مبلغا محددا للمتعاقد اآل خر الذي يلتزم من جانبه بتسليم مقدار معين من بضاعة مضبوطة بصفات محددة في أجل‪".‬‬
‫‪ 119‬شافية كتاف‪ ،‬دور األدوات المالية اإلسالمية في تنشيط وتطوير السوق المالية اإلسالمية ‪،‬دراسة تطبيقية لتجارب بعض األسواق المالية العربية‬
‫‪،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‪ ،‬جامعة سطيف ‪ 1‬الجزائر‪ ،‬سنة‪ ،2013:‬ص‪.370 :‬منشورعلى الموقع اإللكتروني‪http://dspace.univ-:‬‬
‫‪ setif.dz:8888/jspui/handle/123456789/3389‬تاريخ الدخول‪ 2023\06 \22 :‬على الساعة الرابعة مساء‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫_وجود عقد بيع بين الطرفين على بيع بثمن معلوم‪.‬‬

‫_ تأجيل السلعة الموصوفة بالذمة وصفا منضبطا إلى أجل معلوم‪.‬‬

‫_ المبيع في العقد المستقبلي محل البحث موصوف في الذمة‪ ،‬وغير معين‪ ،‬مؤجل‬
‫التسليم‪ ،‬والمبيع في عقد السلم (المسلم فيه) موصوف في الذمة غير معين‪ ،‬مؤجل التسلم‪،‬‬
‫بمعنى أنه معدوم عند التعاقد‪ ،‬وبما أن المعدوم يغلب على الظن وجوده وقت التسليم‪ ،‬فالغرر‬
‫الذي هو علة التحريم وليس العدم ‪،‬فالغرر غير متحقق لغلبة الظن بوجوده ‪،‬فإن عدم وجود‬
‫المبيع في العقد المستقبلي محل البحث ال يجعل حكم العقد عدم الجواز باعتبار غلبة وجوده‬
‫وقت التسليم‪.‬‬

‫_ ال تعتبر علة تأخير دفع البدلين فارقا لمنع إ تمام البيع‪ ،‬فهناك بيوع جائزة شرعا يمكن‬
‫أن يتأجل فيها البدالن‪ :‬مثل عقد االستصناع وعقد السلم‪.‬‬

‫كما أن جمهور الفقهاء ال يرون دفع الثمن حاال في بيع المعين الغائب على الصفة مما‬
‫‪120‬‬
‫يعني أن البدلين مؤجالن‪.‬‬

‫لكن بالرغم من تشابه العقود اآلجلة والمستقبلية مع عقود السلم المباح وفقا ألحكام‬
‫اإلسالم كثيرا من حيث الشكل‪ ،‬إال أنها تختلف عنه من عدة أوجه أهمها ما يلي‪:‬‬

‫* يجب في السلم شرعا أن يعجل الثمن بكامله‪ ،‬وهو الذي يسمى رأس مال السلم‪ ،‬وبهذا‬
‫قال أبو حنيفة والشافعي‪ ،‬وقال مالك يجوز أن يتأخر قبضه يومين وثالثة أكثر ما لم يكن‬
‫شرطا‪.‬‬

‫* بما أن الثمن ال يدفع إلى البائع عند إبرام عقد المستقبليات‪ ،‬فالثمن دين على المشتري‪،‬‬
‫كما أ ن المبيع دين على البائع‪ ،‬فصار هذا بيع الكالئ بالكالئ الممنوع شرعا‪.‬‬

‫‪ 120‬حسني مبروك فرج‪ ،‬المشتقات المالية وأحكامها‪ :‬دراسة فقهية مقارنة‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه ‪،‬الجامعة األردنية‪ ،‬سنة ‪ ،2017:‬ص‪132 :‬‬
‫منشور على الموقع اإللكتروني‪ http://search.mandumah.com/Record/1223136 :‬تاريخ الدخول‪ 2023\06\22:‬على الساعة‪ :‬الخامسة‬
‫مساء‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫* من المتعارف عليه في عقود المستقبليات أن تسليم السلعة إلى المشتري ال يقع عموما‪،‬‬
‫بل غالبا ما يكون االختيار بيد المشتري األخير بين المطالبة بتسليم السلعة‪ ،‬أو الحصول على‬
‫ثمن التصفية على أساس دفع الفرق بين سعري البيع والشراء‪ ،‬وغالبا ما يكون هذا األمر‬
‫مشروطا في العقد منذ البداية‪ .‬ومن المعروف أن العقد الواحد من العقود المستقبلية تجرى عليه‬
‫مبادالت كثيرة قبل وقت التسليم‪ .‬وال شك أن مثل هذا الشرط مفسد لعقد السلم‪.‬‬

‫إال أنه يوجد مشكلة في عقود السلم قد تحول دون االعتماد عليه كبديل لعقود‬
‫المستقبليات‪ ،‬وهو أنه يجب على المشتري بموجب عقد السلم أن يدفع كامل ثمن السلعة‬
‫المشتراة عند إبرام العقد‪ ،‬وهو ما قد ال يكون متاحا لدى المشتري‪ ،‬في هذه الحالة يمكن أن‬
‫يرجع المشتري إلى بديل آخر متمثل في البيع اآلجل‪ 121‬عندما تتوفر السلعة وال يتوفر ثمنها‪،‬‬
‫‪122‬‬
‫أما في حال عدم توفر السلع وعدم توفر الثمن يمكن اللجوء إلى عقد االستصناع‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تطوير العقود المستقبلية واآلجلة في إطار عقد االستصناع‬

‫يعتبر عقد االستصناع‪ 123،‬من البدائل الشرعية للعقود المستقبلية واآلجلة‪ ،‬وهو عبارة‬
‫عن اتفاق مع الصانع على عمل شيء معين للمستصنع من مادة هي للصانع بعوض معين‪،‬‬
‫وبموجبه يكون العمل والمادة كالهما على الصانع‪ ،‬كما أن العوض على المستصنع وصورته‬
‫أن يقول للصانع مثال‪" :‬إبن لي منزال أو خط لي ثوبا"‪.‬‬

‫‪ 121‬البيع اآلجل هو بيع السلعة بثمن مؤجل يزيد عن ثمنها نقدا وهو العقد العكسي لبيع السلم ‪،‬حيث تنتقل ملكية السلعة إلى المشتري فور التسليم ‪،‬ويصبح‬
‫البائع دائنا للمشتري بثمن المبيع‪.‬‬
‫وبالتالي فالبيع اآلجل هو البيع الذي يؤجل فيه استحقاق ثمن السلعة المراد بيعها بعد أجل معين ‪،‬سواء كان ذلك دفعة واحدة أو على دفعات وأقساط‬
‫معينة‪ .‬ويشترط لصحة البيع االجل جملة من الشروط من أهمها‪:‬‬
‫‪-‬أن يكون الثمن مؤجال ومعلوما ‪.‬‬
‫‪ -‬أن يسلم المبيع حاال للمشتري‪.‬‬
‫‪ -‬ينبغي أن يكون األجل معلوما للطرفين‪.‬‬
‫ويعتبر البيع اآلجل أحد الحلول التي تم اقتراحها كبديل شرعي للعقود اآلجلة التي تبرم في األسواق المالية ‪ ,‬والتي أجمع العلماء على حرمتها وهي‬
‫بصورتها الحالية‪ ،‬لما فيها من مخالفات شرعية كثيرة كبيع الدين بالدين‪ ،‬وبيع اإلنسان ما ليس عنده‪ ،‬و المقامرة‪..‬‬
‫‪ 122‬نبال محمود قصبة ‪ ،‬دور المشتقات المالية في األزمة المالية العالمية ‪،‬مجلة الدراسات االقتصادية والمالية ‪،‬العدد الرابع ‪ ،‬سنة‪ ،2011 :‬ص‪- 75 :‬‬
‫‪.76‬‬
‫‪ 123‬للمزيد يراجع‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد بلخير‪ ،‬عقد االستصناع وتطبيقاته المعاصرة ‪ -‬دراسة حالة البنك اإلسالمي للتنمية ‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل درجة الماجستير في االقتصاد اإلسالمي‪،‬‬
‫كلية العلوم االجتماعية والعلوم اإلسالمية (قسم الشريعة – فرع االقتصاد اإلسالمي)‪ ،‬جامعة الحاج لخضر – باتنة‪ ،‬السنة الجامعية ‪- 1428‬‬
‫‪1429‬هـ‪2008-2007/‬م ص ‪ 2‬وما بعدها‪ ،‬منشورة على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://iefpedia.com/arab/wp-content/uploads/2009/10/‬‬

‫‪69‬‬
‫هو عقد وارد على العمل وا لعين والذمة ملزم للطرفين إذا‬ ‫‪124‬‬
‫وعقد االستصناع‪،‬‬
‫توافرت فيه األركان والشروط‪ .‬إذ يشترط في عقد االستصناع بيان جنس المستصنع وقدره‬
‫وأوصافه المطلوبة‪ ،‬وأن يحدد فيه األجل ‪.‬‬

‫ويجوز في عقد االستصناع تأجيل الثمن كله أو تقسيطه إلى أقساط معلومة آلجال‬
‫محددة‪ ،‬ويجوز أن يتضمن عقد االستصناع شر طا جزائيا بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم‬
‫تكن هناك ظروف قاهرة‪.‬‬

‫واالستصناع نوعان‪ :‬عادي وموازي‪:‬‬

‫‪-1‬االستصناع العادي‪:‬‬

‫ويكون موضوع هذا العقد هو صنع شيء معين بأوصاف وكميات مخصوصة متفق‬
‫عليها لقاء ثمن محدد معجل أو مؤجل‪ ،‬وعلى أن تكون المواد األولية من الصانع‪ .‬فالعالقة‬
‫التعاقدية بين طرفي العقد تكون مباشرة وليس بينهما أي وسيط مالي‪ ،‬وهذا النوع من‬
‫االستصناع شائع في حياة الناس ألنه يلبي حاجاتهم‪ ،‬ويحقق مصالح كبيرة لألفراد والمؤسسات‬
‫في شتى المجاالت‪.‬‬

‫‪-2‬االستصناع الموازي‪:‬‬

‫وهذا أسلوب تمويلي طورته المصارف اإلسالمية على أساس أنه ال يشترط في‬
‫االستصناع أن يكون العقد مع صانع‪ ،‬فيصح شرعا أن يتعاقد الراغب في االستصناع مع‬
‫شخص غير أهل الصنعة‪ ،‬ثم يذهب هذا الملتزم للصنعة يبحث عن شخص يصنع له المطلوب‬
‫فيأخذه ويسلمه للمستصنع‪ ،‬وعادة ما تطبقه المصارف‪ ،‬وال يكون هناك أي عالقة تعاقدية بين‬

‫‪ 124‬عرف المشرع المغربي عقد االستصناع في القانون رقم ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها بأنه‪“ :‬كل عقد يشتري به‬
‫شيء مما يصنع يلتزم بموجبه أحد المتعاقدين‪ ،‬البنك التشاركي أو العميل بتسليم المصنوع بمواد من عنده بأوصاف معينة يتفق عليها وبثمن محدد يدفع‬
‫من طرف المستصنع حسب الكيفية المتفق عليها بين الطرفين…”‬
‫للمزيد يراجع‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد حميوي‪ ،‬الوسيط في قانون الشغل المغربي‪ -‬الجزء األول‪ :‬عالقات الشغل الفردية (على ضوء مدونة الشغل وآراء الفقه وأحكام القضاء)‪ ،‬دار‬
‫السالم للطباعة والنشر والتوزيع بالرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2013‬الهامش رقم ‪ 2‬ص ‪.366-356‬‬

‫‪70‬‬
‫المستصنع في العقد األول والصانع في العقد الثاني‪ .‬والفرق بين الثمن في العقد األول والثمن‬
‫في العقد الثاني يكون ربحا للمصرف يستحقه بسبب الضمان الذي تعهد به‪ ،‬وتحمله في العقد‬
‫‪125‬‬
‫األول من خالل تملكه للسلعة وتحمل مخاطرها‪.‬‬

‫وقد يكون عقد االستصناع من أقرب العقود الجائزة شرعا‪ ،‬والتي تسمح بتأخير تسلم‬
‫الثمن والمبيع في مجلس العقد‪ ،‬حيث إ نه يجوز تأجيل الثمن كله أو تقسيطه إلى أقساط معلومة‬
‫‪126‬‬
‫وآلجال محددة‪ ،‬ذلك أنه بوجود عنصر العمل للتصنيع فإن ذلك يأخذ شبها من اإلجارة‪،‬‬
‫وهي منفعة مؤجلة مرتبطة بالزمن المستقبل‪ ،‬ويجوز تأجيل أجرتها‪ ،‬وهذا التأجيل يقتضيه‬
‫عنصر التصنع وهو غرض مقصود للمشتري‪ ،‬فليس تأجيل تسلمه للمبيع وهو معين بل بسبب‬
‫أنه موصوف في الذمة‪.‬‬

‫ويمكن إصدار صكوك االستصناع من قبل المؤسسات اإلسالمية التي تكون أشبه‬
‫بالعقود المستقبلية‪ ،‬حيث يتم شراء هذه الصكوك من قبل جمهور المستثمرين‪ ،‬فإذا كان‬
‫إستصناع عقاري مثال‪ :‬فيقوم المستثمرون (المكتتبرون) بشراء ما يرغبون به من هذه‬
‫الصكوك ‪،‬وتتعهد المؤسسات المصدرة له بشراء المصنوع بالربح الذي تعرضه‪ ،‬كما يمكن‬
‫أيضا لشركات الطيران (المالحة) استصناع ما تحتاجه من طائرات‪ ،‬بإصدار صكوك‬
‫استصناع مخصصة لتمويل هذا االستصناع‪ ،‬وذلك وفق المواصفات المتفق عليها‪ ،‬ثم تسليمها‬
‫‪127‬‬
‫للمستصنع‪.‬‬

‫‪ 125‬رهف موسى أبو فارة‪ ،‬بدائل شرعية للمشتقات في األسواق المالية اإلسالمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26-25:‬‬
‫‪ 126‬عرف المشرع المغربي اإلجارة في المادة ‪ 58‬من القانون البنكي رقم ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها بكونها" كل‬
‫مسموح "‬
‫ٍ‬ ‫عقد يضع بموجبه بنك تشاركي‪ ،‬عن طريق اإليجار منقوال أو عقارا محددا و في ملكية هذا البنك تحت تصرف عميل قصد استعمال‬
‫‪ 127‬شافية كتاف وذهبية لطرش‪ ،‬عقود المشتقات المالية بين األهمية االقتصادية والرؤية الشرعية‪ ،‬مقال مجلة آفاق للعلوم‪ ،‬العدد السابع‪ ،‬مارس ‪،2017‬‬
‫ص‪ 395 :‬منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://afak-revues.com/index.php/afak/article/view/481/458‬‬
‫نقال عن‪:‬‬
‫‪ -‬كمال توفيق حطاب‪ ،‬مستقبليات السلع من منظور إسالمي‪ ،‬ص ‪ 24‬منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://kamalhattab.info/blog/wp-content/uploads/2008/03/sook.pdf‬‬

‫‪71‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق ال يمكن الحديث عن مشتقات مالية إسالمية بحد ذاتها وإنما‬
‫محاولة شرعية المشتقات المالية التقليدية‪ ،‬وذلك بتغيير شروطها وضوابطها‪ ،‬أو بقياسها على‬
‫عقود استثنائية كالسلم واالستصناع‪.‬‬

‫ويرى بعض الفقهاء في االقتصاد اإلسالمي أنه هناك طرق أخرى للتحوط‪ ،‬ذات هندسة‬
‫مالية خاصة تنصب على التعامل بالعقود‪ ،‬مع استخدام مبدأ المواعدة الملزمة‪ ،‬والتعويض‬
‫الناشئ عن الضرر الناشئ عن النكول في الوعد‪.‬‬

‫حيث إ ن الغرض من التحوط في العقود المستقبلية هو تثبيت السعر للبائع الذي يخشى‬
‫من أضرار انخفاضه‪ ،‬وتثبيت السعر المستقبلي للمشتري الذي يخشى من أضرار ارتفاعه‪ ،‬ما‬
‫لم يكن للمشتري القدرة على تمويل البائع‪ ،‬والبائع ال يحتاج تمويل المشتري فيتحقق مرادهما‬
‫من خالل المواعدة الملزمة‪ ،‬ويرون أنه ليس من قبيل بيع الكالئ بالكالئ بل من قبيل مبادلة مال‬
‫ولو في الذمة‪ ،‬والتي تعني مبادلة ما في الذمة بما في الذمة‪ ،‬بمعنى تأجيل تسليم البدلين إلى‬
‫‪128‬‬
‫األجل المتفق عليه في عقد التحوط‪.‬‬

‫‪ 128‬المهدي أندجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.88 :‬‬

‫‪72‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التكييف القانوني للعقود المستقبلية واآلجلة‬

‫يظهر من خالل التقنيات القانونية للعقود المستقبلية واآلجلة أنها تجمع بين خصائص‬
‫وأركان العقد بوجه عام‪ ،‬كما أنها تلتقي مع عدة عقود سماها ونظمها المشرع المغربي في‬
‫قانون االلتزامات والعقود ‪.‬كما أن المفاهيم التي وظفها المشرع‪ :‬العقد ‪ -‬البائع‪ -‬المشتري‪ -‬الثمن‬
‫من خالل قانون ‪ 42.12‬المتعلق باألسواق اآلجلة تدل على أن العقود المستقبلية والعقود اآلجلة‬
‫تنتمي إلى القاموس القانوني للعقد‪ ،‬ويزكي هذا الطرح اشتراط توفر هذه العقود على محل‬
‫‪129‬‬
‫وسبب مشروعين‪.‬‬

‫لهذا سأحاول التطرق في هذا الفرع إلى أركان العقود المستقبلية واآلجلة‪ ،‬واآلثار التي‬
‫ترتبها هذه العقود‪ ،‬ثم سأحاول بيان الطبيعة التعاقدية لهذه العقود من خالل الخصائص األساسية‬
‫للعقد ومحتواه‪ .‬وفق التقسيم اآلتي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التنظيم القانوني للعقود المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الطبيعة التعاقدية للعقود المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التنظيم القانوني للعقود المستقبلية واآلجلة‬

‫لم يحدد المشرع المغربي مفهوما خاصا للعقد اآلجل‪ ،‬لكن اعتباره له من بين األدوات‬
‫المالية اآلجلة بمختلف أنواعه‪ ،‬وتأطيره لتداول هذه األدوات داخل سوق آجله منظمة‪ ،‬يفضي‬
‫إلى القول بأن المشرع المغربي قد اعتبر العقد اآلجل من العقود المستقبلية أو المستقبليات التي‬

‫المهدي أندجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89 :‬‬ ‫‪129‬‬

‫‪73‬‬
‫عرفها على أنها‪" :‬عقود شراء أو بيع ألصل أساسي بثمن محدد مسبقا وألجل استحقاق متفق‬
‫‪130‬‬
‫عليه"‪.‬‬

‫وبالرغم من أن العقود اآلجلة في عالم المالية تختلف عن العقود المستقبلة في كون‬


‫األولى قد يتم تداولها داخل األسواق المالية غير المنظمة‪ ،‬بخالف العقود المستقبلية التي يقتصر‬
‫تداولها على األسواق المالية المنظمة‪ ،‬وعليه يمكن القول أن إن العقود اآلجلة في القانون‬
‫المغربي هي مستقبلية تقع على شراء أو بيع أصل أساسي بثمن محدد مسبقا وألجل يتفق‬
‫‪131‬‬
‫عليه‪.‬‬

‫وبناء على ذلك كان لزاما علي أن أتطرق في هذا المبحث إلى أركان العقود المستقبلية‬
‫واآلجلة (المطلب األول) واآلثار التي ترتبها هذه العقود من تسوية‪ ،‬وكذا ضمانات تنفيذ هذه‬
‫العقود (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أركان العقود المستقبلية واآلجلة‬

‫يتكون العقد اآلجل عموما من أركان أساسية ال يتم إال بها سواء من الناحية المالية أو‬
‫القانونية‪ ،‬وتتمثل في الطرف األول (مشتري العقد) وهو الطرف الذي يقوم بدفع المبلغ المتفق‬
‫عليه في العقد إلى الطرف الثاني مقابل حصوله على الموجود األساس‪ ،‬ويتم ذلك في تاريخ‬
‫التنفيذ المحدد في العقد‪ ،‬ويدخل كال الطرفان في التفاوض على شروط معينة‪ ،‬ويكون بحسب‬
‫رغباتهما واحتياجاتهما‪ ،‬إضافة إلى الطرف الثاني (بائع العقد) وهو الطرف الذي يلتزم بتقديم‬
‫الموجود األساس في التاريخ المتفق عليه والمحدد في العقد مقابل حصوله على المبلغ المتفق‬
‫‪132‬‬
‫عليه من الطرف اآلخر (المشتري)‪.‬‬

‫ولهذا سأحاول فيما يلي تناول أركان هذه العقود بالتفصيل‪:‬‬

‫‪ 130‬المادة ‪ 5‬من القانون رقم ‪ 42.12‬المتعلق باألسواق اآلجلة‪.‬‬


‫‪ 131‬أسماء كجي مقاربة مالية وقانونية للعقود اآلجلة في ضوء القانون رقم ‪ ،42.12‬مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬العدد ‪ ،25‬يناير ‪،2019‬‬
‫ص‪.3 :‬‬
‫‪ 132‬أسماء كجي‪ :،‬مقاربة مالية وقانونية للعقود اآلجلة في ضوء القانون رقم ‪ ،42.12‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.3 :‬‬

‫‪74‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األهلية‬

‫تعتبر العقود المستقبلية واآلجلة من التصرفات التي تدور بين النفع والضرر‪ ،‬والتي‬
‫تقوم على مخاطرة كبيرة نظرا لالحتمالية التي تتميز بها‪ ،‬وعليه فإلبرام هذه العقود يشترط‬
‫كمال األهلية وهي تمام الشخص ‪ 18‬سنة شمسية كاملة‪ ،‬وخالية من عوارض األهلية ‪،‬كما جاء‬
‫‪133‬‬
‫في المادة ‪ 209‬من مدونة األسرة‪.‬‬

‫هذا بالنسبة للشخص الطبيعي‪ ،‬أما بالنسبة للشخص المعنوي باعتبار أن العقود‬
‫المستقبلية واآلجلة من العقود التي تلقى تعامال كبيرا من قبل المؤسسات المالية‪ ،‬فيستلزم في‬
‫هذه األخيرة أن تتوفر على األهل ية القانونية‪ ،‬وذلك بتوفرها على اسم وموطن مستقل‪ ،‬وذمة‬
‫مالية مستقلة‪ ،‬وأن يؤسس في إطار قانوني محدد سواء شركة مساهمة أو غيرها من األشكال‬
‫‪134‬‬
‫القانونية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التراضي‬

‫وتتمثل أطراف العقود المستقبلية واآلجلة في البائع‪ ،‬وهو الطرف الذي يلتزم بتسليم‬
‫األصل مح ل التعاقد مقابل الحصول على السعر المتفق عليه من المشتري في التاريخ المحدد‬
‫في العقد‪ ،‬ثم المشتري والذي يلتزم باستالم األصل محل التعاقد مقابل دفع السعر المتفق عليه‬
‫في التاريخ‪.‬‬

‫وال يكتمل انعقاد العقود المستقبلية واآلجلة إال بتراضي طرفي العقد على كافة العناصر‬
‫ا لمكونة لهذه العقود‪ ،‬وذلك بصدور إيجاب من المشتري وقبول من البائع‪.‬‬

‫الظهير الشريف رقم ‪ 1-04-22‬الصادر في ‪ 12‬من ذي الحجة ‪ 3( 1424‬فبراير ‪.)2004‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 70-03‬بمثابة مدونة األسرة‪.‬‬ ‫‪133‬‬

‫المهدي أندجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.63 :‬‬ ‫‪134‬‬

‫‪75‬‬
‫فاإليجاب يجب أن يكون باتا أي صادرا عن أحد المتعاقدين عن نية باتة في التعاقد‪،‬‬
‫ومتضمنا العناصر األساسية للتعاقد‪ ،‬وتتمثل هذه العناصر في نوع األصل محل العقد المتفق‬
‫على بيعه‪ ،‬ثم تاريخ التسليم أو التسوية وهو التاريخ الذي يتفق عليه الطرفان إلتمام عملية‬
‫التبادل‪ ،‬باإلضافة إلى سعر التنفيذ أو سعر التسوية وهو السعر الذي يتفق عليه الطرفان في‬
‫العقد إلتمام األصل محل التعاقد‪.‬‬

‫أما القبول فيشترط فيه أن يكون صحيحا ومنتجا آلثاره القانونية‪ ،‬وأن يصدر في وقت‬
‫يكون فيه اإليجاب ال زال قائما‪ ،‬وإذا كان مقترنا بأجل فإنه يتعين أن يصدر قبل انصرام هذا‬
‫األجل‪ ،‬كما يجب أن يكون مطابقا لإليجاب مطابقة تامة بحسب مدلول الفصل ‪ 28‬من قانون‬
‫‪135‬‬
‫االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬المحل‬

‫يتمثل محل العقود المستقبلية واآلجلة في المعقود عليه‪ ،‬أي فيما يقع عليه التعاقد ويشمل‬
‫األصل األساسي وسعر التنفيذ‪ ،‬ويشترط في المحل أن يكون معينا‪ 136،‬فإذا كان األمر متعلقا‬
‫باألصل األساسي وجب تعيينه من حيث النوع والقيمة والعدد كاألسهم مثال وجب تعيينها من‬
‫حيث قيمتها وعددها‪ ،‬أما بخصوص سعر التنفيذ فيجب تح ديده وأن يكون معلوما للطرفين‪ ،‬فإذا‬
‫كان الثمن نقدا وهو األصل‪ ،‬حددت عملته ومقداره وكيفية سداده‪ ،‬وإن كانت من المثليات‬
‫األخرى حدد جنسه ونوعه وصفته ومقداره‪ ،‬لما لهذا األمر من أهمية عند حلول تاريخ التنفيذ‬
‫‪137‬‬
‫في تبيان األرباح والخسائر التي ترتبت على طرفي العقد‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬آثار العقود المستقبلية واآلجلة‬

‫‪ 135‬تنص المادة ‪ 28‬من قانون االلتزامات والعقود على أنه‪ " :‬يعتبر الرد مطابقا لإليجاب إذا اكتفى المجيب بقوله (قبلت) أو نفذ العقد بدون تحفظ"‪.‬‬
‫‪ 136‬تنص المادة ‪ 58‬من قانون االلتزامات و العقود على ‪" :‬الشيء الذي هو محل االلتزام يجب أن يكون معينا على األقل بالنسبة إلى نوعه‪ .‬ويسوغ أن‬
‫يكون مقدار الشيء غير محدد إذا كان قابال للتحديد فيما بعد"‪.‬‬
‫‪ 137‬المهدي أندجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.70 :‬‬

‫‪76‬‬
‫تشكل الغاية من إبرام عقود المعاوضات بشكل عام أخذ األطراف مقابل اللتزاماتهم‪،‬‬
‫فالعقود المستقبلية واآلجلة باعتبارها عقود معاوضات ال تخرج عن هذا اإلطار‪ .‬فأطراف‬
‫العقود المستقبلية واآلجلة يلتزمون بالبقاء طوال مدة العقد ملتزمين سواء بالبيع أو الشراء حسب‬
‫الوضعية المتخذة لكل طرف‪ ،‬غير أن نهاية العقد تختلف حسب اختيار األطراف وهذا ما يميز‬
‫هذ ه العقود عن جل عقود المعاوضات التي تنتهي بالتسليم والتسلم‪.‬‬

‫وبهذا سأحاول من خالل هذه المطلب الحديث عن طرق تسوية العقود المستقبلية‬
‫واآلجلة (الفقرة األولى) وضمانات تنفيذ هذه العقود (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الفقرة تسوية العقود المستقبلية واآلجلة‬

‫يراد بتسوية العقود المستقبلية إجراء الترتيبات الالزمة لتسليم المبيع إلى المشتري‪،‬‬
‫وتسليم الثمن إلى البائع‪ .‬ويتم ذلك عن طريق بيت التسوية (غرفة المقاصة) ‪،‬إذ ال يحدث التقاء‬
‫مباشر بين طرفي العقد‪ ،‬وإنما يقوم البائع بتسليم المبيع إلى بيت التسوية ليقوم بتسليمه‬
‫للمشتري‪ ،‬كما يقوم المشتري بتسليم الثمن إلى بيت التسوية ليقوم بدفعه إلى البائع ‪.‬‬

‫إذ تعد دار التسوية الجزء األساسي من عمل األسواق المستقبلية‪ ،‬إذ أنها تؤدي دورا‬
‫مهما في أي صفقة عكسية‪ ،‬وهي مؤسسة مستقلة أو مؤسسة حكومية أو شركة مساهمة‪ ،‬وقد‬
‫‪138‬‬
‫تكون مؤسسات ثانوية تابعه للسوق (البورصة)‪.‬‬

‫وبالنسبة للعقود المستقبلية واآلجلة تتم تسويتها عن طريق التسوية العادية‪ ،‬والتسوية‬
‫النقدية‪ ،‬والمعاكسة فاألولى والثانية تعتبر النهاية الطبيعية لعقود المشتقات المالية سواء‬
‫المستقبلية أو الخيارات أو المبادالت‪ ،‬والثالثة والمتمثلة في التسوية المعاكسة تعتبر الميزة‬
‫الخاصة بتسوية العقود المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التسوية العادية‪:‬‬

‫بن علي بلعزوز‪ ،‬إدارة المخاطر ‪:‬إدارة المخاطر المشتقات المالية الهندسة المالية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.139:‬‬ ‫‪138‬‬

‫‪77‬‬
‫يطلق على التسوية العادية أيضا مصطلح االستالم الفعلي‪ ،‬وهو استالم السلعة المتفق‬
‫عليها تسليما فعليا وفق العقد المتفق عليه والذي يشتمل على تاريخ االستالم ومكانه‪ ،‬ويستكمل‬
‫المشتري قيمة المبيع بعد احتساب ما اقتطع منه‪ ،‬ومن الجذير بالذكر أن االستالم الفعلي قلما‬
‫يقع باألسواق المالية‪ ،‬وفي هذا السياق نص المشرع المغربي على أن غرفة المقاصة المكلفة‬
‫‪139‬‬
‫بتنظيم مقاصة غرفة المعامالت المسجلة في السوق هي المكلفة بالتسليم المحتمل لألصول‪.‬‬

‫وإن الهدف من التسليم الفعلي هو ضمان توحد السعر اآلني مع السعر المستقبلي في يوم‬
‫االستحقاق‪ ،‬إذ أن هذا التوحد هو الذي يضمن استراتيجية التحوط‪.‬‬

‫وتحد د كل من البورصات مواعيد تسوية العقود المستقبلية من خالل تحديد أشهر‬


‫االستحقاق آخر يوم لتداول العقد‪ ،‬آخر يوم لالستالم والتسليم (التسوية)‪.‬‬

‫ففي حال األوراق المالية ‪ -‬األسهم والسندات ‪ -‬تعتمد األشهر الممثلة لربع السنة مارس‪،‬‬
‫يونيو‪ ،‬شتنبر ودجنبر‪ ،‬كما تعتمد هذه األشهر في حال معظم عقود العمالت األجنبية باستثناء‬
‫البيزو المكسيكي‪ ،‬واللاير البرازيلي‪ ،‬ورانج جنوب افريقيا‪ ،‬حيث يتم التعامل بها في جميع‬
‫‪140‬‬
‫أشهر السنة‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 34‬من قانون السوق اآلجلة يالحظ أن غرفة المقاصة هي من‬
‫تقوم بضمان الوفاء في حالة عدم قيام أحد األطراف بالوفاء بالتزاماته في إطار العقود‬
‫‪141‬‬
‫المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التسوية النقدية‪:‬‬

‫في حالة التسوية النقدية يدفع البائع للمشتري الفرق بين سعر السلعة المنصوص عليها‬
‫في العقد وبين سعرها في السوق وقت التنفيذ‪ ،‬إذا كان سعر السوق أعلى من سعر التنفيذ‪ ،‬أما‬
‫‪ 139‬أسماء كجي ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.9 :‬‬
‫‪ 140‬ماهر كنج شكري‪ ،‬المالية الدولية ‪ :‬العمالت األجنبية والمشتقات المالية بين النظرية والتطبيق ‪،‬مطبعة األجيال‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2004،‬ص‪.319 :‬‬
‫‪ 141‬ورد في هذه المادة أنه " تضمن غرفة المقاصة حسن نهاية المعامالت التي قامت بتسجيلها‪ .‬كما تعمل على تسيير السداد‪/‬التسليم المحتمل لألصول‬
‫األساسية و‪/‬أو السداد النقدي برسم المعامالت المتعلقة باألدوات المالية اآلجلة التي تقوم بتسجيلها‪".‬‬

‫‪78‬‬
‫إذا حصل العكس فإن المشتري هو الذي يدفع الفرق للبائع‪ .‬وهذا النوع يظهر واضحا في‬
‫العقود المستقبلية على مؤشرات األسهم‪ ،‬فبعض العمليات اآلجلة مثل تلك المدرجة على‬
‫مؤشرات األسهم‪ ،‬يتم تسويتها نقدا‪ ،‬ويعود ذلك إلى أنه من غير المناسب أو المستحيل تسليم‬
‫‪142‬‬
‫األصل موضوع العمليات‪.‬‬

‫ففي هذا النوع من أنواع تسوية العقود المستقبلية ال دور للتسليم مثل الدور الذي يلعبه‬
‫في التسوية العينية‪ ،‬وإنما تتمثل هذه التسوية بمجرد دفع الفروق الحاصلة في األسعار نتيجة‬
‫التغيرات السعرية التي تحصل في سوق األوراق المالية خالل أوقات قصيره جدا‪.‬‬

‫فبعد إبرام العقود المستقبلية تتقلب األسعار ارتفاعا وهبوطا من خالل الفترة ما بين إبرام‬
‫العقد وتنفيذه‪ ،‬التي قد تكون تلك الفترة طويلة نسبيا‪ ،‬لكن المهم هو اتجاه األسعار في اليوم‬
‫المحدد للتسوية‪ ،‬فإذا كانت في مصلحة البائع‪ ،‬أي أن سعر الورقة المالية محل العقد في السوق‬
‫أعلى من سعر التنفيذ‪ ،‬فيقوم البائع بدفع الفرق إلى الطرف اآلخر المشتري‪.‬‬

‫أما إذا حصل العكس من ذلك فإن المشتري هو الذي يقوم بدفع الفرق إلى البائع‪ .‬وتعد‬
‫التسو ية النقدية طريقة مالئمة للتعامل مع العقود المستقبلية لتسويتها نقدا أكثر من غيرها من‬
‫العقود األخر ى‪ ،‬ألن غالبا ما يتم تسويتها بهذه الطريقة التي تؤدي إلى تشجيع المضاربين‬
‫‪143‬‬
‫للدخول في أسواق المستقبليات‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن التسوية العادية تشمل جميع أنواع العقود المستقبلية باستثناء‬
‫العقود المستقبلية واآلجلة على المؤشرات‪ ،‬على اعتبار أنه يستحيل فيها التسليم والتسلم ألنها‬
‫من األشياء الالمادية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الصفقة المعاكسة‪:‬‬

‫‪ 142‬طارق عبد العال حماد‪ ،‬المشتقات المالية‪ :‬المفاهيم‪ ،‬إدارة المخاطر‪ ،‬المحاسبة‪ ،‬بدون ذكر المطبعة والطبعة‪ ،‬السنة ‪ ،2001‬ص‪. 170 :‬‬
‫‪ 143‬ميثاق طالب عبد حمادي ومحمد كاطم علي مشعل‪ ،‬التنظيم القانوني لتسوية العقود المستقبلية في سوق األوراق المالية (دراسة مقارنة)‪ ،‬مجلة‬
‫رسالة الحقوق‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬السنة ‪ ،2020‬ص‪ 229 :‬منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://cdnx.uobabylon.edu.iq/research/B64l3lflkWoXVq8RSqOJQ.pdf‬‬

‫‪79‬‬
‫إن سوق العقود المستقبلية ليست السوق الطبيعية التي يحصل منها المتعاملون على ما‬
‫يبتغون من أوراق مالية أو سلع أو عمالت ‪،‬حتى أولئك الذين يريدون شراء أوراق مالية أو‬
‫السلع أو العمالت فعال‪ ،‬ويدخلون سوق العقود المستقبلية فإنهم ال يدخلونها ليحصلوا منها على‬
‫بغيتهم‪ ،‬وإنما يدخلون إلبرام صفقات تحميهم من خطر األسعار في غير صالحهم‪ ،‬وفي وقت‬
‫حاجتهم الفعلية إلى تلك األوراق أو السلع أو العمالت‪ ،‬ولذلك فإنهم يقومون في األجل‬
‫المضروب بإبرام عقود معاكسة للعقو د التي سبق أن أبرموها‪ ،‬فيشترون إن كانوا بائعين أو‬
‫‪144‬‬
‫يبيعون إن كانوا مشترين بصرف النظر عن ما يترتب عن ذلك من ربح أو خسارة‪.‬‬

‫فالمشتري الذي عليه أن يتسلم المبيع محل العقد ويدفع ثمنه في تاريخ التسليم يمكنه أن‬
‫يتحلل من التزامه‪ ،‬و ذلك بإبرام عقد بيع مستقبل مماثل لعقد الشراء المستقبل السابق من حيث‬
‫نوع المبيع‪ ،‬وتاريخ التسليم‪ ،‬بحيث يحل المشتري الجديد محله في تسليم المبيع وتسليم الثمن‪،‬‬
‫على أن المشتري الجديد يمكنه أيضا أن يصفي مركزه بالطريقة نفسها‪ ،‬وهكذا حتى يحل تاريخ‬
‫التسليم‪ ،‬وبهذا النوع من التصفية يخرج المشتري من السوق وال يبقى طرفا في العقد‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬ضمانات تنفيذ العقود المستقبلية واآلجلة‬

‫إن التعامل في العقود المستقبلية واآلجلة على درجة عالية من الخطورة‪ ،‬ألنه قائم على‬
‫التوقعات المرتبطة بما ستكون عليه األسعار في المستقبل‪ ،‬وقد يترتب على تغير تلك األسعار‬
‫في المستقبل وعلى خالف تلك التوقعات تحمل أحد أطراف العقد خسارة كبيرة‪ ،‬قد ال يستطيع‬
‫معها الوفاء بالتزاماته بتسليم المبيع أو دفع الثمن‪ ،‬مما يلحق الضرر ببيت التسوية الضامن‬
‫لوفاء األطراف المتعاقدة بالتزاماتهم‪ .‬واحتياطا لذلك فقد اتخذت بعض اإلجراءات التي تمكن‬
‫بيت ال تسوية من تدارك هذا الخطر أو التخفيف من آثاره‪ ،‬وتتمثل تلك اإلجراءات في‬
‫‪146‬‬
‫الهامش‪ 145‬المبدئي (أوال)‪ ،‬وهامش الصيانة (ثانيا)‪ ،‬والتسوية السعرية اليومية (ثالثا)‪.‬‬

‫‪ 144‬مبارك بن سليمان بن محمد آل سلمان‪ ،‬أحكام التعامل في األسواق المالية المعاصرة ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.961 :‬‬
‫‪ 145‬الهامش عبارة عن مبلغ تأمين أو كمية من رأس المال‪ ،‬يجب على المستثمر إيداعها للتحكم بعقد مستقبلي ما‪ ،‬والهوامش في أسواق العقود المستقبلية‬
‫ليست دفعات مقدمة كما في أسواق األسهم‪ ،‬إنما عبارة عن سندات حسن تنفيذ مصممة لتضمن وفاء المتداولين بالتزاماتهم المالية‪ .‬هذا التعريف منشور‬

‫‪80‬‬
‫أوال‪ :‬الهامش المبدئي‪:‬‬

‫الهامش المبدئي هو عبارة عن مبلغ نقدي يمثل نسبة مئوية من ثمن الصفقة‪ ،‬كما يمكن‬
‫أن يكون أوراقا مالية بقيمة تعادل نسبة الهامش المطلوب‪ ،‬بحيث يطلب من كلي طرفي العقد أن‬
‫يودعه لدى بيت السمسرة التي يتعامل معه‪ ،‬وذلك بهدف استعماله في تغطية النفقات التي‬
‫تترتب على إخالل أحد الطرفين بالتزاماته‪ ،‬بالنظر إلى كون كل واحد منهما مدينا لآلخر‪ ،‬وذلك‬
‫أن البائع إذا امتنع عن تسليم المعقود عليه في وقت التسليم فإن بيت التسوية يقوم بتسليم الثمن‬
‫من المشتري‪ ،‬ثم يشتري به األصل محل التعاقد‪ ،‬ويسلمه للمشتري‪ ،‬وإذا لم يكف الثمن لذلك‬
‫فإن بيت التسوية يقوم بتغطية النقص من حساب الهامش المبدئي الخاص بالبائع وفي حالة‬
‫العكس نفسه‪.‬‬

‫ونظرا ل كون بيت المقاصة أو التسوية هو الذي يحدد نسبة الهامش‪ ،‬فإنه ال حق للسمسار‬
‫في فرض هامش أعلى من الهامش الذي يقرره بيت التسوية‪ ،‬وتتوقف قيمة الهامش أيضا على‬
‫حجم العقد وحدود التقلبات السعرية المسموح بها‪ ،‬وطبيعة األصل محل التعاقد‪ ،‬والسوق الذي‬
‫‪147‬‬
‫يتداول فيه العقد‪.‬‬

‫وال يعتبر اله امش المبدئي جزءا مقدما من الثمن‪ ،‬وإنما هو بمثابة تأمين تقتطع منه‬
‫الخسارة عند حدوثها‪ ،‬ويمكن استرداده بعد تصفية العقد إذا لم يتم تخلف الطرف المقابل عن‬
‫أداء التزامه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬هامش الصيانة‪:‬‬

‫على الموقع اإللكتروني‪https://fintechwall.com/commodities/all-about-futures-margin-on-futures-contracts-for-:‬‬


‫‪ /commodities‬تاريخ الدخول ‪ 2023/06/23‬على الساعة الرابعة مساء‪.‬‬
‫‪ 146‬هشام السعدني خليفة بدوي‪ ،‬عقود المشتقات المالية ‪ -‬دراسة فقهية اقتصادية مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.275-274:‬‬
‫‪ 147‬سميرة محسن‪ ،‬المشتقات المالية ودورها في تغطية مخاطر السوق المالية‪ ،‬دراسة حالة بنك ‪ BNP PARIBAS‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89:‬‬

‫‪81‬‬
‫نظرا لتعرض أسعار السلع أو األوراق المالية أو غيرها من األشياء المعقود عليها عقدا‬
‫مستقبال للتقلب خالل الفترة التي تفصل بين تاريخ إبرام العقد وبين تاريخ التنفيذ‪ ،‬مما يترتب‬
‫عليه ارتفاع األسعار أو انخفاضها‪ ،‬وربح أحد الطرفين أو خسارته تبعا لذلك‪ ،‬فإن أنظمة‬
‫السوق قد فرضت هامشا آخر غير الهامش المبدئي يسمى هامش الصيانة‪ ،‬وهو يمثل نسبة‬
‫محددة من المبلغ اإلجمالي للصفقة‪ ،‬أو من الهامش المبدئي‪ ،‬بحيث إذا ترتب على تغير األسعار‬
‫أن قلت نسبة المبلغ المودع في حساب الهامش المبدئي عن نسبة هامش الصيانة‪ ،‬فإن على‬
‫الطرف الذي تغيرت األسعار في غير صالحه أن يودع لدى بيت السمسرة مبلغا إضافيا ليصل‬
‫‪148‬‬
‫إلى المبلغ المودع إلى مستوى هامش الصيانة‪.‬‬

‫وتتأرجح نسبة هامش الصيانة ما بين ‪ 75‬و‪ %80‬من الهامش األولي للمستثمر‪ ،‬وعلى‬
‫‪149‬‬
‫المستثمر أن يحافظ على بقاء هذه النسبة على ما هي عليه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬التسوية السعرية‪:‬‬

‫تتميز العقود المستقبلية بإجراء تسوية يومية لمركز أطراف التعاقد مع كل تغير في سعر‬
‫العقد الجديد‪ ،‬بل أن بيت التسوية نفسه يقوم بإحالل العقد بعقد جديد‪ ،‬وسعر العقد الجديد يتحدث‬
‫‪150‬‬
‫على أساس التسوية‪.‬‬

‫إذ يقوم بيت التسوية المسؤول عن وفاء طرفي العقد بالتزاماتهما بمراقبة تحركات‬
‫أسعار العقود المستقبلية المماثلة من حيث النوع والكمية‪ ،‬وتاريخ التنفيذ للعقود المبرمة‪،‬‬
‫وإجراء تسويات سعرية يومية على أساس أسعار اإلقفال لحسابي البائع والمشتري‪ ،‬بتعديل‬
‫رصيدهما في ضوء األسعار الجديدة‪ ،‬وذلك باإلضافة إلى حساب المشتري‪ ،‬والخصم من‬
‫حساب البائع في حالة ارتفاع األ سعار‪ ،‬والعكس في حالة انخفاضها بمقدار االرتفاع‬

‫‪ 148‬هشام السعدني خليفة بدوي‪ ،‬عقود المشتقات المالية ‪ -‬دراسة فقهية اقتصادية مقارنة ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.276 :‬‬
‫‪ 149‬ميثاق هاتف عبد السادة الفتالوي‪ ،‬استخدام العقود المستقبلية في التحوط‪ ،‬دراسة تطبيقية في سوق بغداد لألوراق المالية‪ ، ،‬رسالة مقدمة إلى مجلس‬
‫كلية اإلدارة واالقتصاد في جامعة كربالء‪ ،‬وهي جزء من متطلبات نيل درجة ماجستير في إدارة األعمال‪ ،‬السنة‪1425 :‬هـ‪2004/‬م‪ ،‬ص‪.58 :‬‬
‫‪ 150‬محمد عبد هللا شاهين محمد‪ ،‬محافظ األوراق المالية‪ :‬إدارة‪ ،‬تحليل‪ ،‬تقييم‪ ،‬دار حميترا للنشر والترجمة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة‪ ،2017 :‬ص‪.205 :‬‬

‫‪82‬‬
‫واالنخفاض‪ ،‬حيث يترتب على ارتفاع األسعار ربح المشتري وخسارة البائع‪ ،‬كما يترتب على‬
‫انخفاضها ربح البائع وخسارة المشتري‪.‬‬

‫والغرض من ذلك هو التعرف على وضعية طرفي العقد في ضوء األسعار المتجددة‪،‬‬
‫حتى يمكن له تدارك األمر قبل أن يؤدي تغير األسعار إلى تراكم الخسائر على أحد الطرفين‪،‬‬
‫وعجزه عن الوفاء بالتزامه المترتب على البيع أو الشراء‪ ،‬وذلك بمطالبته بإضافة مبالغ نقدية‬
‫إلى حسابه‪ ،‬أو تصفية مركز إجراء صفقة عكسية لحسابه كما سبق توضيح ذلك عند الكالم عن‬
‫هامش الصيانة‪.‬‬

‫وهذا الصنيع من بيت التسوية هو بمثابة إحالل عقود جديدة في نهاية كل يوم مكان‬
‫العقود القديمة يكون فيها المشتري بائعا‪ ،‬والبائع ومشتريا‪ ،‬وفقا لألسعار الجديدة‪ ،‬واألرباح أو‬
‫الخسائر الناجمة عن ذلك هي أرباح وخسائر حقيقية‪ ،‬ولذا يخصم مقدار الخسارة من حساب‬
‫الطرف الخاسر‪ ،‬ويضاف إلى حساب الطرف الرابح؛ بل يحق للطرف الرابح أن يحسب نقدا ما‬
‫‪151‬‬
‫تحقق من أرباح بشرط بقاء الحد األدنى من الهامش‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الطبيعة التعاقدية للعقود المستقبلية واآلجلة‬

‫لم يحدد المشرع المغربي مفهوما خاصا للعقد اآلجل‪ ،‬لكن اعتباره له من بين األدوات‬
‫‪153‬‬
‫وتأطيره لتداول هذه األدوات داخل سوق آجلة منظمة‪،‬‬ ‫‪152‬‬
‫المالية اآلجلة بمختلف أنواعه‪،‬‬
‫يفضي إلى القول بأن المشرع المغربي قد اعتبر العقد اآلجل من العقود المستقبلية أو‬

‫‪ 151‬مبارك بن سليمان بن محمد آل سلمان‪ ،‬أحكام التعامل في األسواق المالية المعاصرة ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.998 -997 :‬‬
‫‪ 152‬تنص المادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 42.12‬من القانون المتعلق بالسوق اآلجلة على أنه‪" :‬ألجل تطبيق هذا القانون يراد باألدوات المالية اآلجلة‪:‬‬
‫العقود المالية اآلجلة الباتة المتعلقة باألوراق التجارية والقيم المنقولة والمؤشرات والعمالت؛‬ ‫‪-‬‬
‫العقود اآلجلة على نسب الفائدة؛‬ ‫‪-‬‬
‫عقود المقايضة أو المبادلة؛‬ ‫‪-‬‬
‫العقود اآلجلة على السلع‪ ،‬عندما تكون محل تسجي ل‪ ،‬بعد التداول‪ ،‬في غرفة المقاصة لألدوات المالية أو تكون محل طلبات تغطية دورية أو‬ ‫‪-‬‬
‫عندما تتيح إمكانية عدم تسليم البضائع األساسية مقابل أداء مالي من طرف البائع ؛‬
‫العقود االختيارية لشراء أو بيع األدوات المالية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تحدد خصائص كل صنف من األدوات المالية اآلجلة في النظام العام للشركة المسيرة للسوق اآلجلة المشار إليها في المادة ‪ 9‬من هذا القانون‪.‬‬
‫‪ 153‬تنص المادة األولى من قانون ‪ 42.12‬من القانون المتعلق بالسوق اآلجلة على أنه‪ " :‬تعد السوق اآلجلة سوقا منظمة تخضع لمقتضيات هذا القانون‬
‫والنصوص الصادرة لتطبيقه وتكون فيها األدوات المالية اآلجلة محل تداول عمومي‪".‬‬

‫‪83‬‬
‫المستقبليات التي عرفها على أنها‪" :‬عقود شراء أو بيع بات ألصل أساسي بثمن محدد مسبقا‬
‫‪154‬‬
‫وألجل استحقاق متفق عليه"‪.‬‬

‫وبالرغم من أن العقود اآلجلة في علم المالية تختلف عن العقود المستقبلية في كون‬


‫األولى يتم تداولها داخل األسواق المالية غير المنظمة ‪،‬بخالف العقود المستقبلية التي يختصر‬
‫تداولها على األسواق المالية المنظمة‪ ،‬وعليه يمكن القول بأن العقود اآلجلة هي في القانون‬
‫‪155‬‬
‫المغربي مستقبلية تقع على شراء أو بيع أصل أساسي بثمن محدد مسبقا‪ ،‬وألجل يتفق عليه‪.‬‬

‫لكن اإلشكال الذي ي طرح في هذه الحالة هو هل هذه العقود تستجمع كل مكونات العقد‬
‫المحدد في قانون االلتزامات و العقود؟‬

‫ولإلجابة عن هذا التساؤل سأحاول تحديد الطبيعة التعاقدية للعقود المستقبلية واآلجلة من‬
‫خالل الخصائص األساسية للعقد (المطلب األول)‪ ،‬ثم طبيعتها من خالل محتوى هذه العقود‬
‫(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الطبيعية التعاقدية للعقود المستقبلية واآلجلة من خالل خصائصها‪:‬‬

‫ومن العقود التي يكون فيها التزام‬ ‫‪156‬‬


‫تعتبر العقود المستقبلية واآلجلة عقود معاوضات‪،‬‬
‫األطراف نهائيا مع تأجيل التنفيذ إلى تاريخ الحق ‪،‬ولكن األمر يكون أكثر تعقيدا عند تحديد ما‬
‫إذا كانت العقود المالية ملزمة للجانبين‪ ،‬فإذا كانت العقود المستقبلية والعقود اآلجلة ملزمة‬
‫للجانبين‪ ،‬فإن اآلراء اختلفت حول طبيعة االلتزامات الناشئة‪ ،‬لكونها تمنح المشتري الحق وليس‬
‫االلتزام ببيع أو شراء كمية من األصول األساسية‪.‬‬

‫‪ 154‬المادة ‪ 11‬من قانون ‪.42.12‬‬


‫‪ 155‬أسماء كجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.3:‬‬
‫‪ 156‬يعرف عقد المعاوضة بأنه عقد يتم فيه دفع مقابل من قبل كل طرف من أطراف العقد لما يعطيه ويقدمه بغض النظر إذا أخذ الشخص ماال أو نفذ‬
‫عمال ما لصالحه كما هو الحال في قرض الفوائد فمن ناحية قانونية بعيدا عن الجانب الديني الذي يحرم الفوائد على القروض ويعتبرها ربا‪ ،‬ولكن‬
‫يعتبره القانون عقد معاوضة ألنه يأخذ القرض من البنك مما يكسب الفوائد للبنك إلى حين يتم إرجاعه‪ ،‬أما عقد الكفالة فله جانب أنه يكون بالنسبة للدائن‬
‫المكفول حيث أخذ الكفالة مقابل أن يعطي الدين أما الكفيل يكون متبرعا إذا لم يأخذ مقابال للكفالة‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫وفي هذا الشأ ن يرى بعض الفقه أنه إذا كانت العقود المالية اآلجلة هي عقود ملزمة‬
‫للجانبين فإن العقود االختيارية في المقابل تتضمن نوعين من االلتزامات‪:‬‬

‫التزامات متبادلة وأخرى من جانب واحد‪ ،‬إذ بمجرد إبرام العقد يقوم المشتري بأداء‬
‫عالوة لفائدة البائع في مقابل التزام هذا األخير بتنفيذ العقد‪ ،‬أما االلتزام الثاني فيكون من جانب‬
‫واحد يقع على عاتق البائع‪ ،‬بينما يكون للمشتري حق المطالبة بإبرام البيع أو الشراء خالل فترة‬
‫محددة‪ ،‬فإذا مارس المشتري حق الخيار يكون البائع ملزما بتسليم األصل األساسي‪ ،‬بينما يقع‬
‫على عاتق المشتري أداء الثمن المتفق عليه ‪،‬وفي المقابل إذا التزم البائع بشراء وأداء الثمن‬
‫المتفق عليه فإن المشتري يلتزم بالتسليم وبنفس الثمن المتفق عليه‪ ،‬وال يمكن ألي من الطرفين‬
‫التراجع عن تنفيذ العقد‪ ،‬إذا باشر مشتري حق الخيار ممارسة حقه في الشراء ‪.‬‬

‫وبذلك يكون عقد الخيار ملزم للجانبين كما هو الشأن بالنسبة للعقود المالية اآلجلة‪،‬‬
‫باختالف أنه في تنفيذ عقد الخيار يقع االلتزام فقط على عاتق البائع في حالة ما إذا قرر‬
‫‪157‬‬
‫المشتري ممارسة حقه في الخيار‪.‬‬

‫و المسألة الثانية تتعلق بمدى اعتبار العقود المالية اآلجلة من العقود الزمنية أم أنها من‬
‫العقود الفورية‪ ،‬وهنا يمكن القول من حيث المبدأ أن العقود المالية اآلجلة تعتبر من العقود‬
‫الزمنية نظرا لاللتزامات المس تمرة بأداء الضمانات في شكل هوامش‪ ،‬ناتجة عن التقييم اليومي‬
‫لوضعيات األطراف في السوق ‪،‬حيث يتم على أساسها طلب أداء الهامش بشكل مستمر إلى‬
‫حين بلوغ تاريخ االستحقاق أو تاريخ التحلل من العقد بواسطة عملية معاكسة بالنسبة للعقود‬
‫المتداولة في السوق‪.‬‬

‫والمسألة الثالثة تتعلق بتحديد ما إذا كانت العقود المستقبلية واآلجلة عقود محددة أو‬
‫عقود احتمالية‪ ،‬فبالرجوع إلى المادة الرابعة من القانون رقم ‪ 42.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة‬
‫المهدي أندجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.90 :‬‬ ‫‪157‬‬

‫‪85‬‬
‫حيث جاء فيها ما يلي‪" :‬تستثنى من مقتضيات المواد ‪ 1092‬إلى ‪ 1096‬من الظهير المكون‬
‫لقانون االلتزامات والعقود األدوات المالية اآلجلة ما دامت أسبابها وموضوعها مطابقة‬
‫‪158‬‬
‫للقانون"‪.‬‬

‫وي ستفاد من هذا االستثناء أن العقود المالية اآلجلة تعتبر من العقود االحتمالية‪ ،‬لكن‬
‫فائدتها دفعت المشرع إلى اإلقرار بمشروعيتها‪ ،‬فالعقد االحتمالي هو الذي يتوقف فيه مدى‬
‫األداء الواجب ع لى أحد الطرفين على أمر غير محقق وغير معروف وفق وقوعه‪ ،‬فال يستطيع‬
‫‪159‬‬
‫أحد أن يحدد أيهما المقدار الذي أخذ أو المقدار الذي أعطى حتى يقع هذا األمر‪.‬‬

‫وإذا كانت قيمة المحل الذي يرد عليه العقد األصلي محددة سلفا بمقتضى اتفاق‬
‫الطرفين‪ ،‬فهذا ال ينفي اعتبار العقد المستقبلي من طائفة العقود االحتمالية‪ ،‬وذلك لالرتباط‬
‫الوثيق بين قيمة العقد كورقة مالية قابلة للتداول‪ ،‬وقيمة محل العقد األصلي الذي يتأثر بدوره‬
‫بتقلبات األسعار في سوق األوراق المالية‪ ,‬ومن ثم فإن احتمالية الربح والخسارة ومقدار ما‬
‫سيعطي ويأخذ كال الطرفين متأرجحة بحسب قيمة ذلك المحل في سوق األوراق المالية عند‬
‫‪160‬‬
‫حلول زمن التنفيذ‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 1096‬من قانون االلتزامات والعقود تعتبر عقود الغرر هي تلك‪:‬‬
‫"العقود التي ترد على السندات العامة والبضائع التي ال يقصد بتنفيذها تسليم تلك السندات أو‬
‫البضائع تسليما فعليا ‪،‬وإنم ا يقصد منها مجرد دفع الفرق بين السعر المتفق عليه والسعر‬
‫الجاري في تاريخ تصفية العملية"‪.‬‬

‫‪ 158‬ينص الفصل ‪ 1092‬من قانون االلتزامات والعقود‪" :‬كل التزام سببه دين المقامرة أو المراهنة يكون باطال بقوة القانون‪".‬‬
‫وينص الفصل ‪ 1096‬من قانون االلتزامات والعقود‪" :‬تعتبر عقود غرر‪ ،‬وتخضع ألحكام الفصول ‪ 1092‬إلى ‪ 1095‬العقود التي ترد على السندات‬
‫العامة و البضائع التي ال يقصد بتنفيذها تسليم تلك السندات أو البضائع تسليما فعليا‪ ،‬وإنما يقصد منها مجرد دفع الفرق بين السعر المتفق عليه والسعر‬
‫الجاري في تاريخ تصفية العملية"‪.‬‬
‫‪ 159‬سهير حسن الهادي‪ ،‬بيع األشياء المستقبلية‪ :‬دراسة مقارنة بين القانون المدني العراقي والقانون المدني المصري‪ ،‬مجلة المحقق الحلي للعلوم‬
‫القانونية والسياسية‪ ،‬المجلد ‪ ،7‬العدد‪ ،5 :‬ص‪.376:‬‬
‫‪ 160‬خالص أمين نافع‪ ،‬اإلطار القانوني للعقد المستقبلي في سوق األوراق المالية ‪ ،‬مجلة العلوم القانونية ‪ ،‬عدد خاص لبحوث التدريسيين مع طلبة‬
‫الدراسات العليا ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬المجلد‪ ،2021، 36:‬ص‪.161 :‬منشور على الموقع اإللكتروني ‪:‬‬
‫‪https://jols.uobaghdad.edu.iq/index.php/jols/article/download/414/337‬‬

‫‪86‬‬
‫وتكمن المالحظة األساسية على هذا التعريف هي كونه يميز بين نوعين من العقود‬
‫اآلجلة‪ ،‬يتعلق األول بالعقود اآلجلة التي تنتهي بالتسليم الفعلي‪ ،‬والنوع الثاني يتمثل في العقود‬
‫اآلجلة التي ال تؤول إلى التسليم‪ ،‬وهي التي ألحقت بعقود الغرر‪.‬‬

‫وانطالقا مما سبق يمكن القول أن العقود المالية اآلجلة تصنف إلى طائفتين ‪:‬عقود تنتهي‬
‫بالتسليم الفعلي لألصل األساسي‪ ،‬وعقود ال تنتهي بالتسليم الفعلي لألصل األساسي‪ ،‬بل يقتصر‬
‫فيها الطرفان على مجرد تسد يد فارق مالي بين السعر الجاري يوم التنفيذ والسعر المتفق عليه‬
‫عند إبرام العقد‪.161‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطبيعة التعاقدية للعقود المستقبلية واآلجلة من خالل محتوى العقد‬

‫تبرز الهوية التعاقدية للعقود المستقبلية والعقود اآلجلة من خالل محلها (الفقرة األولى)‬
‫وسببها (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المحل في العقود المستقبلية واآلجلة‬

‫إ ن المتتبع لتطور العقود المالية واآلجلة سيالحظ أن األصول األساسية محل االلتزامات‬
‫التعاقدية قد عرفت تجريدا تدريجيا‪ ،‬حيث كانت هذه العقود في البداية تقع على األشياء المادية‪،‬‬
‫ثم انتقلت فيما بعد لتشمل األشياء الالمادية واالفتراضية‪.‬‬

‫وبذلك فالعقود اآلجلة كانت تنصب على المواد األساسية والسلع‪ ،‬وكانت تسمح وال تزال‬
‫للمتعاملين بالتغطية ضد ارتفاع سعر تخزينها‪ ،‬وكذا ضد ارتفاع سعر التي يرغبون في‬
‫شرائها‪ .‬ومعلوم أن المتعامل الذي يخشى من انخفاض سعر السلعة التي يتعين عليه بيعها‬
‫‪،‬يمكنه أن يتفادى ذلك عن طريق اتخاذ وضعية تعاقدية في السوق اآلجلة عكس التي اتخذها في‬

‫المهدي أندجار ‪ ،‬عقود المشتقات المالية تكييف شرعي وقانوني ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.91 :‬‬ ‫‪161‬‬

‫‪87‬‬
‫السوق اآلنية‪ ،‬بمعنى أن يقوم بعقد بيع آجل في السوق اآلجل‪ ،‬فإذا ما انخفضت أسعار السلعة‬
‫‪162‬‬
‫عوض خسارته في السوق المادية بالربح الذي سيحققه في السوق اآلجلة‪.‬‬

‫ومع الطلب المتزايد على التعامل بالعقود المستقبلية وحاجة المستثمرين لها‪ ،‬جعل هذه‬
‫العقود تغطي مخاطر أصول المادية كنسب الفائدة والمؤشرات المالية‪ ،‬حيث لم يعد من‬
‫الضروري أن يكون األصل األساسي شيئا ماديا‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬السبب في العقود المستقبلية واآلجلة‬

‫إن الغاية من التعامل بالعقود المستقبلية واآلجلة هي التحوط من المخاطر المالية‬


‫بالدرجة األولى‪ .‬ويقصد بالتحوط في األسواق المالية‪" :‬تجنب المال المخاطر قدر االمكان" وفي‬
‫تعريف آخر‪" :‬هو اإلجراءات التي تتخذ لحماية المال من التقلب غير المتوقع وغير المرغوب‬
‫للعاقد "‪.‬‬

‫ومن ثم ف هو نوع من أنواع حماية المال وحفظه من النقص أو الهالك‪ .‬والتحوط أو‬
‫التغطية ضد المخاطر تتم عن طريق التغطية بالشراء أو التغطية بالبيع‪ ،‬فاألول يلجأ إليه‬
‫الشخص الذي يحتاج شراء سلعة أو ورقة مالية أو عملة في تاريخ الحق‪ ،‬ويخشى ارتفاع‬
‫سعرها في ذلك التاريخ‪ ،‬فيبرم عق د شراء مستقبلي‪ ،‬بحيث إذا حل األجل وارتفعت األسعار‪،‬‬
‫فإنه إما أن يتسلم السلعة بالسعر المتفق عليه ‪،‬أو يقوم بتصفية مركزه بصفقة عكسية أو تسوية‬
‫نقدية باألسعار الجارية المرتفعة‪ ،‬ثم شراء السلعة من السوق بالسعر الجاري المرتفع أيضا‪،‬‬
‫‪163‬‬
‫بحيث يغطي ربحه في العقد المستقبلي تكاليف الشراء من السوق بالسعر المرتفع‪.‬‬

‫المهدي أندجار ‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.92:‬‬ ‫‪162‬‬

‫المرجع نفسه؛ ص‪.93:‬‬ ‫‪163‬‬

‫‪88‬‬
‫أما بخصوص الطريقة الثانية وهي التغطية بالبيع والتي يلجا من خاللها الشخص الذي‬
‫يملك سلعة معينة‪ ،‬أو يتوقع امتالكها ويريد بيعها في تاريخ الحق‪ ،‬ولتجنب خطر انخفاض‬
‫األسعار في تاريخ البيع يقوم بإبرام عقد مستقبلي‪ ،‬وعند حلول األجل مع انخفاض السعر‪،‬‬
‫فصاحب العقد المستقبلي يقوم بتسليم السلعة بالسعر المتفق عليه ‪،‬أو إقفال مركزه بصفقة عكسية‬
‫‪،‬أو تسوية العقد تسوية النقدية باألسعار الجارية المنخفضة‪ ،‬بحيث يغطي ربحه في العقد‬
‫المستقبل خسارته في البيع بسعر منخفض‪.‬‬

‫وعليه فإذا كانت الغاية م ن إبرام العقود المستقبلية واآلجلة هي التغطية ضد تقلبات‬
‫أسعار األصول األساسية‪ ،‬فإن إمكانية الربح المالي قد توجه المتعاملين نحو استغالل هذه‬
‫‪164‬‬
‫العقود قصد اال ستفادة من تقلبات األسعار عن طريق المضاربة والمرابحة‪.‬‬

‫وتعرف المضاربة على أنها اتخاذ مركز طويل أو قصير في سوق المستقبليات‪ ،‬من‬
‫أجل تحقيق األرباح وتحمل المخاطرة التي يرغب المتحوطون في تجنبها‪ ،‬أي الدخول في‬
‫مركز مالي معين من أجل المساهمة في فرصة استثمارية مربحة‪ ،‬وإن من يستخدم هذه‬
‫الوظيفة هم المضاربون الذي ال يعتمدون على توقعاتهم في تعامالتهم في األسواق المستقبلية‪.‬‬

‫فلو أن توقعاتهم تشير إلى أن أسعار العقود المستقبلية على سلعة ما‪ ،‬بتاريخ تسليم ما‬
‫ستكون أقل من السعر الذي ستكون عليه سلعة محل التعاقد في السوق الحاضر في تاريخ تنفيذ‬
‫العقد المستقبلي نفسه‪ ،‬فسوف يسعون إلى شراء تلك العقود ‪،‬أي يتخذون مركزا طويال عليها‬
‫ويصح العكس‪.‬‬

‫أما المرابحة فتنطوي على تحقيق أرباح خالية من المخاطرة‪ ،‬من خالل الدخول في‬
‫مبادالت وبوقت متزامن في سوق مختلفين أو أكثر‪ ،‬وذلك بشراء السلعة بسعر منخفض وبيعها‬
‫بسعر مرتفع ‪،‬فعندما تكون أسعار العقود المستقبلية في أسواق المستقبليات أعلى من أسعار‬
‫السلعة األساسية في السوق الحاضر ‪،‬فإن المرابح سوف يتخذ مركزا طويال (شراء) للسلعة في‬

‫المهدي أندجار ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.94 :‬‬ ‫‪164‬‬

‫‪89‬‬
‫السوق الحاضر‪ ،‬ويتخذ مركزا قصيرا (البيع) في السوق المستقبلية‪ ،‬ومن ثم تحقيق أرباح‬
‫‪165‬‬
‫خالية من المخاطرة‪.‬‬

‫‪ 165‬بن علي بن عزوز ‪ ،‬إدارة المخاطر ‪:‬إدارة المخاطر المشتقات المالية الهندسة المالية ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.135 :‬‬

‫‪90‬‬
‫خاتمة‬

‫من خالل دراستي لهذا الموضوع يمكن القول بأن المشتقات المالية هي من األدوات‬
‫المالية الحديثة الناشئة‪ ،‬التي فرضها النظام المالي العالمي كأداة لالحتياط من المخاطر المختلفة‬
‫التي يتعرض لها المستثمرون‪ ،‬كما تعتبر المشتقات المالية انعكاس لتطور األسواق المالية لما‬
‫شكلته هذه العقود من استقرار لهذه األسواق‪ ،‬وتسهيل المعامالت بداخلها‪ ،‬وتنقسم هذه العقود‬
‫إلى ثالثة أصناف رئيسية‪ ،‬وهي‪ :‬عقود الخيارات‪ ،‬وعقود المبادالت‪ ،‬والعقود المستقبلية‬
‫واآلجلة‪.‬‬

‫ولهذا فقد تطلبت دراسة هذه العقود مني أن أحدد إلى أي مدى تتوافق مع أحكام الشريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬من خالل عرض مختلف اآلراء وأدلة الف قهاء المعاصرين والتي عرفت تباينا في‬
‫تقرير الحكم الشرعي لهذه العقود‪ ،‬وأشرت إلى مختلف العقود الجائزة التي يمكن أن تكون‬
‫بدائل شرعية لعقود المشتقات المالية‪ ،‬ثم انتقلت بعد ذلك للحديث عن تصفية هذه العقود ‪،‬‬
‫وتناولت دور غرفة المقاصة في ضمان تنفيذ التزامات الطرف ال متخلف عن التنفيذ‪ ،‬كما أشرت‬
‫إلى مختلف الضمانات التي تخفف من المخاطر التي تحيط بهذه العقود‪ ،‬وانتقلت بعد ذلك لتحديد‬
‫الطبيعة القانونية لهذه العقود‪ ،‬وكيفية تداولها داخل األسواق اآلجلة‪.‬‬

‫ومن خالل ما تقدم وعلى امتداد طيات هذا البحث توصلت إلى مجموعة من النتائج‬
‫والتوصيات‪:‬‬

‫✓ النتائج‪:‬‬

‫فبعد دراستي لهذا الموضوع فقد خلصت إلى مجموعة من النتائج وهي كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬عقود الخيارات هي أداة من أدوات االستثمار المستحدثة في األسواق المالية يستخدمها‬


‫المستثمرون كوسيلة تحوطية للحماية من مخاطر تغير أسعار األوراق المالية‪ ،‬وأسعار العمالت‬

‫‪91‬‬
‫األجنبية ‪،‬وطريقة لتعظيم أرباحهم بأقصر الطرق وأسرعها من خالل المضاربة على فروقات‬
‫األسعار‪.‬‬

‫‪ -‬نظرا لما تحتويه عقود الخيارات من محاذير شرعية وشروط فاسدة‪ ،‬ونظرا إلى أن‬
‫المعقود عليه ليس ماال وال منفعة‪ ،‬وال حقا ماليا يجوز االعتياد عنه فهي عقود محرمة‪ ،‬وال‬
‫يجوز تداولها ال بيعا وال شراء‪.‬‬

‫‪ -‬يمكن إيجاد بدائل شرعية لعقود الخيارات المالية‪ ،‬وذلك بتنفيذ الصفقة وفق إحدى‬
‫الصيغ التالية‪ :‬خيار الشرط أو بيع العربون أو عقود السلم والسلم الموازي‪ ،‬وتعمل هذه‬
‫الصيغة على تحقيق األرباح وتوزيعها للجميع‪ ،‬كما تعمل على التحوط من المخاطر وتوزيعها‬
‫على أكبر فئة من ال ناس‪ ،‬مما يجعل منها بديال شرعيا لعقود الخيارات‪.‬‬

‫‪ -‬إن تدا ول عقود الخيارات في األسواق المالية المغربية يعتبر تكريسا لمفهوم جديد في‬
‫النظام المالي المغربي‪ ،‬كما شكلت إضافة نوعية في منظومة األدوات المالية اآلجلة بصفة‬
‫عامة‪ ،‬وأدوات تدبير المخاطر بصفة خاصة‪ ،‬وذلك بفضل ما توفره هذه العقود من مزايا‬
‫تعاقدية للمستثمرين والمتدخلين في السوق المالية‬

‫‪ -‬يعد عقد المبادلة من الناحية الشرعية من العقود المحرمة من قبل الفقهاء‪ ،‬لكن هناك‬
‫بدائل شرعية وجدت إلضفاء الصفة الشرعية عليه‪ .‬أما من الناحية القانونية فعقد المبادلة قد‬
‫يقترب من عقد التأمين تارة وعقد المقامرة والرهان تارة أخرى‪ ،‬ولكن يختلف عنها في‬
‫مواضيع أخرى‪.‬‬

‫‪ -‬إن العقود المستقبلية واآلجلة ال تتوافق مع أسس ومبادئ المعامالت المالية الشرعية‬
‫من مشاركة في الربح والخسارة وقاعدة الخراج بالضمان‪ ،‬واجتناب الغرر الفاحش المفسد‬
‫للعقود‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫‪ -‬تعتبر العقود المستقبلية واآلجلة محور المعامالت في األسواق المالية لمرونتها‪ ،‬سواء‬
‫من خالل طبيعتها التعاقدية المميزة التي تتناسب ومطالب المستثمرين المتعاملين في األسواق‬
‫المالية‪.‬‬

‫‪ -‬يمكن القول بأن المشتقات المالية تتسم بقدر كبير من المخاطرة‪ ،‬فالمتعاقدين في حقيقة‬
‫األمر أحدهما بائع للمخاطرة‪ ،‬واآلخر مشتري لها‪.‬‬

‫‪ -‬إن عقود المشتقات المالية قائمة على التوقع وعلى احتمال الربح والخسارة‪ ،‬مما‬
‫يجعلها تنطوي على مخاطر كبيرة سواء بالنسبة للمستثمرين أو على األسواق المالية‪.‬‬

‫‪ -‬عقود المشتقات المالية عقود ال تندرج تحت أي مسمى من العقود المسماة رغم أوجه‬
‫التشابه بينهما وبين بعض العقود كبيع العربون‪ ،‬أو بيع السلم ‪،‬وعقد االستصناع‪.‬‬

‫‪ -‬إجماع الفقهاء المعاصرين على عدم جواز التعامل بالعقود المستقبلية واآلجلة عكس‬
‫عقود الخيارات التي تعرف تباين بين آراء الفقهاء حول مشروعيتها من عدمه‪.‬‬

‫‪ -‬وجو د فراغ تشريعي على مستوى تنظيم عقود المشتقات المالية‪ ،‬واكتفاء المشرع‬
‫المغربي بالتنصيص عليها كأدوات مالية آجلة في قانون السوق المالية اآلجلة‪.‬‬

‫✓ المقترحات‪:‬‬

‫وفي ضوء النتائج التي تم التوصل إليها في موضوع ‪":‬عقود المشتقات المالية بين‬
‫التكييف الشرعي والتكييف القانوني"‪ ،‬أتمنى أن يتم األخذ بالمقترحات اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬استبعاد تداول عقود المشتقات المالية لحرمتها وتعارضها مع مقاصد الشرع‪،‬‬


‫واستبدالها بمشتقات مالية متوافقة مع الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫‪ -‬العمل على إيجاد سوق مالية إسالمية قائمة على أسس شرعية‪ ،‬واستبعاد تداول العقود‬
‫المحرمة في هذه السوق‪.‬‬

‫‪ -‬إعادة تنظيم أسواق المشتقات ا لمالية‪ ،‬والحد من الصفقات المبرمة في األسواق غير‬
‫المنظمة‪ ،‬لما تتمتع به من عدم الشفافية‪ ،‬وغياب الرقابة‪.‬‬

‫‪ -‬توجيه الطلبة والباحثين نحو القيام ببحوث علمية حول األدوات المالية اإلسالمية ‪،‬‬
‫وتطويرها بما يتناسب مع قواعد الشريعة اإلسالمية والحياة المعاصرة‪.‬‬

‫‪ -‬تطهير المشتقات المالية التقليدية وتخليصها من كافة المخالفات الشرعية التي تشوبها‬
‫‪،‬لالستفادة منها في التحوط‪.‬‬

‫تفعيل دور البورصة في مجال جذب االستثمارات وتوجيهها نحو القطاعات‬ ‫‪-‬‬
‫االقتصادية الناجحة من خالل عقود المشتقات المالية‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫الئحة المصادر و المراجع‬

‫▪ المصادر‪:‬‬
‫❖ القرآن الكريم‪.‬‬
‫❖ السنة النبوية الشريفة‪.‬‬

‫▪ المراجع العامة‪:‬‬
‫❖ أحمد عبد الرزاق السنهوري‪ :‬الوسيط في شرح القانون المدني المصري‪ -1 ،‬نظرية‬
‫االلتزام بوجه عام‪.‬‬
‫❖ أحمد حميوي ‪ :‬الوسيط في قانون الشغل المغربي‪ -‬الجزء األول‪ :‬عالقات الشغل الفردية‬
‫(على ضوء مدونة الشغل وآراء الفقه وأحكام القضاء)‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع بالرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2013‬‬

‫▪ المراجع الخاصة‪:‬‬
‫❖ أبو سليمان عبد الوهاب ‪ :‬فقه المعامالت الحديثة‪ ،‬دار إبن الجوزي‪ -‬مكة المكرمة‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2004‬‬
‫❖ بن علي بلعزوز‪ :‬إدارة المخاطر ‪:‬إدارة المخاطر المشتقات المالية الهندسة المالية ‪،‬عمان‬
‫مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة ‪.2013:‬‬

‫❖ سامي ابن إبراهيم السويلم ‪ :‬عقد الكالئ بالكالئ تدليال وتعليال‪ ،،‬بدون ذكر الطبعة‬
‫والمطبعة‪،‬سنة‪.2001:‬‬
‫❖ طارق عبد العال حماد‪ :‬المشتقات المالية‪ :‬المفاهيم‪ ،‬إدارة المخاطر‪ ،‬المحاسبة‪ ،‬بدون‬
‫ذكر المطبعة والطبعة ‪،‬السنة ‪.2001‬‬

‫‪95‬‬
‫❖ عبد للا بن محمد الطيار‪ :‬الفقه الميسر‪ ،‬الجزء العاشر‪ ،‬مدار الوطن للنشر‪ -‬الرياض‬
‫المملكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬سنة‪.2012:‬‬
‫❖ غفران نعيم شاكر القريشي‪ :‬التنظيم القانوني لعقد المبادلة في سوق األوراق المالية ‪-‬‬
‫دراسة مقارنة‪ ،‬بدون ذكر المطبعة والطبعة‪ ،‬السنة‪.2021 :‬‬

‫❖ ماهر كنج شكري‪ :‬المالية الدولية ‪ :‬العمالت األجنبية والمشتقات المالية بين النظرية‬
‫والتطبيق ‪،‬مطبعة األجيال ‪،‬الطبعة األولى ‪.2004،‬‬
‫❖ مبارك آل سلمان بن محمد آل سلمان ‪:‬أحكام التعامل في األسواق المالية المعاصرة‪،‬‬
‫الجزء األول‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بدون ذكر المطبعة‪ ،‬السنة‪.2003 :‬‬
‫❖ مبارك بن سليمان آل فواز‪ :‬األسواق المالية من منظور إسالمي‪ ،‬مركز النشر العلمي‪،‬‬
‫جامعة المالك عبد العزيز‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة‪.2010 :‬‬

‫❖ محمد عبد للا شاهين محمد‪ :‬محافظ األوراق المالية‪ :‬إدارة‪ ،‬تحليل‪ ،‬تقييم‪ ،‬دار حميترا‬
‫للنشر والترجمة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة‪.2017 :‬‬
‫❖ محمود فهد مهيدات‪ :‬عقود الخيارات ودورها في األزمة المالية من منظور االقتصاد‬
‫اإلسالمي‪ ،‬أمواج النشر والتوزيع ‪-‬عمان األردن‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة‪.2012:‬‬
‫❖ مصطفى عبد الغفار عباس خليفة‪ :‬عقود خيارات األسهم في األسواق المالية ‪ -‬دراسة‬
‫فقهية مقارنة‪ ،‬بدون ذكر المطبعة والطبعة‪.‬‬

‫❖ مفتاح صالح‪ :‬المشتقات المالية اإلسالمية كبديل للمشتقات المالية الوضعية في أسواق‬
‫األوراق المالية‪ ،‬بدون ذكر المطبعة والطبعة‪.‬‬
‫❖ هشام السعدني خليفة بدوي‪ :‬عقود المشتقات المالية ‪ -‬دراسة فقهية اقتصادية مقارنة ‪-‬‬
‫دار الفكر الجامعي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة‪.2011 :‬‬
‫❖ هشام بخفاوي ‪ :‬الوجيز في األسواق المالية ‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش‬
‫‪،‬الطبعة األولى ‪.2015،‬‬

‫‪96‬‬
‫❖ همت محمد عصام الدين السويقي‪ :‬مشكالت ومخاطر المشتقات المالية وعوامل الحد‬
‫منها‪ ،‬المجلد‪ ،22 :‬العدد ‪ ،3:‬السنة‪.2021 :‬‬

‫▪ األطروحات والرسائل‪:‬‬
‫األطروحات‪:‬‬
‫❖ حسني مبروك فرج ‪ :‬حسني مبروك فرج الضالعين‪ ،‬المشتقات المالية وأحكامها‪،‬‬
‫دراسة فقهية مقارنة‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‪ ،‬كلية الدراسات العليا ‪ ،‬الجامعة‬
‫‪.2017‬‬ ‫األردنية ‪ ،‬سنة‬
‫❖ زاهرة يونس محمد سودة ‪ :‬تنظيم عقود االختيار في األسواق المالية من النواحي‬
‫القانونية والفنية والضريبية والشرعية ‪،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‪ ،‬سنة ‪.2006 :‬‬
‫❖ شارف يحي‪ :‬التعاقد بالعربون في القانون المدني الجزائري والفقه اإلسالمي – دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم في الحقوق (تخصص‪ :‬قانون‬
‫مدني)‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة وهران ‪ 2‬محمد بن أحمد‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2017-2018‬‬
‫❖ شافية كتاف‪ :‬دور األدوات المالية اإلسالمية في تنشيط وتطوير السوق المالية‬
‫اإلسالمية ‪،‬دراسة تطبيقية لتجارب بعض األسواق المالية العربية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة‬
‫الدكتوراه‪ ،‬جامعة سطيف ‪ 1‬الجزائر‪ ،‬سنة‪.2013:‬‬

‫‪97‬‬
‫الرسائل‪:‬‬
‫❖ أحمد بلخير‪ :‬عقد االستصناع وتطبيقاته المعاصرة ‪ -‬دراسة حالة البنك اإلسالمي‬
‫للتنمية‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل درجة الماجستير في االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬كلية العلوم‬
‫االجتماعية والعلوم اإلسالمية (قسم الشريعة – فرع االقتصاد اإلسالمي)‪ ،‬جامعة الحاج‬
‫لخضر – باتنة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2008-2007‬‬
‫❖ المهدي أندجار ‪ :‬المهدي أندجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫ديلوم الماستر المتخصص في القانون والبنوك التشاركية والتأمينات التكافلية بكلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة إبن زهر أكادير‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2019/2018‬‬
‫❖ سميرة محسن ‪:‬المشتقات المالية ودورها في تغطية مخاطر السوق المالية‪ ،‬دراسة حالة‬
‫بنك ‪ ،BNP PARIBAS‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‪ ،‬جامعة منتوري بقسطنطينة ‪،‬‬
‫سنة ‪.2006 \2005‬‬
‫❖ طالل مزيد العرادة‪ :‬مخاطر استخدام المشتقات المالية على أداء شركات المساهمة في‬
‫سوق الكويت لألوراق المالية (دراسة تطبيقية )‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر بكلية‬
‫األعمال ‪ -‬جامعة الشرق األوسط‪ ،‬سنة ‪.2014:‬‬
‫❖ فردوس خضير‪ :‬بيع العربون وتطبيقاته المعاصرة‪ ،‬مذكرة تخرج تدخل ضمن متطلبات‬
‫الحصول على شهادة الماستر في العلوم اإلسالمية (تخصص‪ :‬فقه مقارن وأصوله)‪،‬‬
‫معهد العلوم اإلسالمية (قسم الشريعة)‪ ،‬جامعة الشهيد حمه لخضر – الوادي‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.2019-2018‬‬
‫❖ ميثاق هاتف عبد السادة الفتالوي‪ :‬استخدام العقود المستقبلية في التحوط‪ ،‬دراسة‬
‫تطبيقية في سوق بغداد لألوراق المالية‪ ،‬شهادة الماستر ‪ ،‬رسالة مقدمة إلى مجلس كلية‬
‫اإلدارة واالقتصاد في جامعة كربالء‪ ،‬وهي جزء من متطلبات نيل درجة ماجستير في‬
‫إدارة األعمال‪ ،‬السنة‪1425 :‬هـ‪2004/‬م‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫❖ ‪-‬رهف موسى أبو فارة‪ :‬بدائل شرعية للمشتقات في األسواق المالية اإلسالمية‪ ،‬رسالة‬
‫لنيل دبلوم الماستر بكلية الشريعة‪ ،‬الجامعة األردنية‪.2020 /2019 ،‬‬

‫▪ البحوث‪:‬‬
‫❖ شرياق رفيق‪ :‬أسواق مالية‪ ،‬مطبوعة بيداغوجية بجامعة ‪ 8‬ماي ‪ – 1945‬قالمة‪، -‬‬
‫بدون ذكر المطبعة والطبعة‪ ،‬سنة‪.2018:‬‬

‫❖ محمد يونس البيرقدار ‪:‬نحو تطوير عقود اختيارات في ضوء مقررات الشريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬بحث مقدم للمؤتمر الثامن للهيئات الشرعية للمؤسسات المالية اإلسالمية‪،‬‬
‫هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬البحرين‪ ،‬سنة ‪.2008 :‬‬

‫▪ المقاالت‪:‬‬
‫❖ أسماء كجي‪ :‬مقاربة مالية وقانونية للعقود اآلجلة في ضوء القانون رقم ‪ ،42.12‬مجلة‬
‫المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬العدد ‪ ،25‬يناير ‪.2019‬‬
‫❖ بباس منيرة ‪:‬المجازفة والمشتقات المالية بين الواقع العملي والتكييف الشرعي‪ ،‬مجلة‬
‫االقتصاد الجديد ‪،‬العدد ‪،15‬المجلد ‪ ،2016/2:‬جامعة سطيف‪.11‬‬
‫❖ بندر بن عبد العزيز اليحيى‪ :‬األحكام الشرعية لعقود الخيارات المعاصرة ‪ -‬دراسة‬
‫فقهية‪ ،‬مجلة العلوم الشرعية‪ ،‬المجلد ‪ ،13‬العدد ‪ ،4:‬سنة ‪.2019‬‬
‫❖ حسن السوسي‪ :‬نحو بناء مفهوم حديث لألسواق المالية‪ ،‬مقال بالمجلة اإللكترونية‬
‫لألبحاث القانونية‪ ،‬العدد‪ ،8 :‬سنة‪.2021 :‬‬
‫❖ خالص أمين نافع‪ :‬اإلطار القانوني للعقد المستقبلي في سوق األوراق المالية ‪ ،‬مجلة‬
‫العلوم القانونية ‪ ،‬عدد خاص لبحوث التدريسيين مع طلبة الدراسات العليا ‪ ،‬الجزء‬
‫األول‪ ،‬المجلد‪، 36:‬سنة‪.2021:‬‬

‫‪99‬‬
‫❖ رائد نصري أبو مؤنس‪ :‬مدى إمكانية التعامل بحقوق الخيارات في األنشطة االقتصادية‬
‫اإلسالمية‪ -‬دراسة فقهية تحليلية‪ ،‬مجلة إسرا الدولية للمالية اإلسالمية‪ ،‬المجلد الخامس‪،‬‬
‫دجنبر ‪.2014‬‬
‫❖ سهير حسن الهادي‪ :‬بيع األشياء المستقبلية‪ :‬دراسة مقارنة بين القانون المدني العراقي‬
‫والقانون المدني المصري‪ ،‬مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية‪ ،‬المجلد ‪،7‬‬
‫العدد‪.5 :‬‬
‫❖ شافية كتاف وذهبية لطرش‪ :‬عقود المشتقات المالية بين األهمية االقتصادية والرؤية‬
‫الشرعية‪ ،‬مقال مجلة آفاق للعلوم‪ ،‬العدد السابع‪ ،‬مارس ‪.2017‬‬
‫❖ عباس فؤاد حسن‪ :‬قراءات حول المشتقات المالية‪ :‬عقود المستقبليات‪ ،‬مجلة الدراسات‬
‫المالية والمصرفية‪ ،‬مجلد ‪ ،24‬العدد ‪ ،1‬السنة‪.2016 :‬‬
‫❖ عبد العظيم أبو زيد‪ :‬التحليل الفقهي والمقاصدي للمشتقات المالية‪ ،‬مجلة االقتصاد‬
‫اإلسالمي‪ ،‬جامعة الملك عبد العزيز‪ ،‬المجلد ‪ ،27‬العدد‪ ،4:‬السنة‪.2014 :‬‬
‫❖ عبد للا صالح محمد سليمان أبو مسامح ‪:‬المشتقات المالية بين التنظير والتطبيق‬
‫[الحلقة األولى]‪ ،‬مجلة االقتصاد اإلسالمي العالمية‪ ،‬العدد‪ ،10 :‬السنة‪.2013:‬‬
‫❖ عتروس سهيلة‪ :‬واقع البدائل الشرعية للمشتقات المالية في ضوء منتجات الهندسة‬
‫المالية اإلسالمية‪ ،‬مجلة ميالف للبحوث والدراسات‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬دجنبر ‪،2015‬‬
‫جامعة محمد خيضربسكرة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫❖ قط سليم ‪ ،‬المشتقات المالية من منظور إسالمي كبديل للمشتقات المالية الوضعية في‬
‫أسواق األوراق المالية اإلسالمية‪ ،‬مجلة الحقوق والعلوم اإلنسانية الصادرة عن جامعة‬
‫زيان عاشور بالجلفة‪ ،‬العدد ‪.)1( 20‬‬
‫❖ كامل عبد القادر حسين‪ :‬نحو مشتقات مالية إسالمية‪ ،‬مجلة جامعة كركوك للدراسات‬
‫اإلنسانية‪ ،‬المجلد ‪ ،14:‬العدد‪ ،2 :‬سنة ‪.2019‬‬

‫‪100‬‬
‫❖ مقدم عبد اإلله‪ :‬تطور حجم األسواق المشتقات المالية في العالم في الفترة ما بين‬
‫‪ 2005‬و ‪ ،2017‬مجلة المالية واألسواق‪ ،‬المجلد ‪ ،5‬العدد ‪، 2019/ 10‬جامعة‬
‫مستغانم‪ -‬الجزائر‪.‬‬
‫❖ ميثاق طالب عبد حمادي ومحمد كاطم علي مشعل‪ :‬التنظيم القانوني لتسوية العقود‬
‫المستقبلية في سوق األوراق المالية (دراسة مقارنة)‪ ،‬مجلة رسالة الحقوق‪ ،‬العدد الثالث‪،‬‬
‫السنة ‪.2020‬‬

‫▪ المواقع اإللكترونية‪:‬‬
‫❖ ‪-‬الموقع الرسمي لوزارة االقتصاد والمالية‪www.finances.gov.ma :‬‬
‫❖ رسل كريم ناصر‪ :‬تطور حجم أسواق المشتقات المالية في العالم في الفترة ما بين‬
‫‪ 2005‬و ‪ ،2017‬منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://eco.nahrainuniv.edu.iq‬‬
‫❖ ‪https://www.asjp.cerist.dz/en‬‬

‫▪ النصوص القانونية‪:‬‬

‫❖ قانون االلتزامات والعقود (الصادر بظهير ‪ 9‬رمضان ‪ 12( 1331‬أغسطس ‪)1913‬‬


‫(بصيغته المعدلة إلى غاية القانون رقم ‪.)31.18‬‬
‫❖ الظهير الشريف رقم ‪ 1-04-22‬الصادر في ‪ 12‬من ذي الحجة ‪ 3( 1424‬فبراير‬
‫‪.)2004‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 70-03‬بمثابة مدونة األسرة المنشور بالجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪، 5184‬الصفحة ‪.418:‬‬
‫❖ الظهير الشريف رقم ‪ 1.14.96‬الصادر في ‪ 20‬من رجب ‪ 20( 1435‬ماي ‪)2014‬‬
‫بتنفيذ القانون رقم ‪ 42.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية المنشور في الجريدة‬

‫‪101‬‬
‫الرسمية عدد ‪ 6263‬الصادر في ‪ 11‬شعبان ‪ 9( 1435‬يونيو ‪)2014‬الصفحة‪4833:‬‬
‫‪.‬‬
‫❖ الظهير شريف رقم ‪ 1.14.193‬صادر في فاتح ربيع األول ‪ 24( 1436‬ديسمبر‬
‫‪ )2014‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في‬
‫حكمها المنشور على الجريدة الرسمية عدد ‪،6328‬الصفحة ‪.462:‬‬
‫❖ الظهير الشريف رقم ‪ 151.16.1‬الصادر في ‪ 21‬من ذي القعدة ‪ 25( 1437‬أغسطس‬
‫‪ )2016‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 19.14‬المتعلق ببورصة القيم وشركات البورصة‬
‫والمرشدين في االستثمار المالي المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 6501‬الصادر في‬
‫‪ 17‬ذي الحجة ‪ 19( 1437‬سبتمبر ‪ )2016‬الصفحة‪. 6681:‬‬
‫❖ ظهير شريف رقم ‪ 1.16.128‬صادر في ‪ 21‬من ذي القعدة ‪ 25(1435‬أغسطس‬
‫‪ )2016‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 19.14‬المتعلق ببورصة القيم وشركات البورصة‬
‫والمرشدين في االستثمار المالي المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 6501‬الصادر في‬
‫‪ 17‬ذي الحجة ‪ 19(1437‬شتنبر ‪ )2016‬الصفحة‪.6681:‬‬
‫❖ قانون رقم ‪ 59.13‬القاضي بتغيير وتتميم القانون القانون رقم ‪ 17.99‬المتعلق بمدونة‬
‫التأمينات المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪.6501‬ص‪.6649:‬‬

‫‪102‬‬
‫الفهرس‬
‫المقدمة ‪1 ....................................................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬عقود الخيارات وعقود المبادالت ‪7 ........................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تكييف عقود الخيارات ‪10 ...................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التكييف الشرعي لعقود الخيارات ‪11 .....................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬رأي القائلين بالتحريم وأدلتهم ‪12 ........................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬انطواء عقود الخيارات على بيع اإلنسان ما ليس عنده وبيع ما ال يملك‪12‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬انطواء عقود الخيارات على الغرر ‪14 ....................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬تعارض الخيارات مع قاعدة العدل في المعامالت ‪15 .....................‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬انطواء عقود الخيارات على القمار ‪16 ...................................‬‬
‫الفقرة الخامسة‪ :‬اندراج عقود الخيارات تحت بيع الكالئ بالكالئ ‪18 ....................‬‬
‫الفقرة السادسة‪ :‬تعارض عقود الخيارات مع قصد الشارع من إباحة خيار الشرط‪19 .‬‬
‫أوال‪ :‬من حيث محل العقد (المعقود عليه)‪20 ......................................... :‬‬
‫ثانيا‪ :‬من حيث وجود المعقود عليه‪20 ................................................ :‬‬
‫ثالثا‪ :‬مالية المعقود عليه من حيث الثمن‪21 .......................................... :‬‬
‫رابعا‪ :‬من حيث قبض المعقود عليه‪21 ................................................ :‬‬
‫خامسا‪ :‬من حيث ملكية المعقود عليه‪22 .............................................. :‬‬
‫سادسا‪ :‬من حيث التصرف في المعقود عليه زمن الخيار‪22 ........................ :‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬رأي القائلون بالجواز وأدلتهم ‪24 ........................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬قياس عقود الخيارات على بيع العربون ‪25 ..............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬قياس عقود الخيارات على خيار الشرط ‪26 ..............................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬قياس عقود الخيارات على عقد السلم ‪27 .................................‬‬
‫‪103‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬عقد خيار البيع هو التزام أو ضمانة أو كفالة‪27 ........................‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬عقود الخيارات في األسواق اآلجلة ‪29 .................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬النظام الداخلي للسوق اآلجلة لألدوات المالية ‪30 ........................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إدارة السوق اآلجلة ‪31 ....................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬األجهزة الرقابية للسوق اآلجلة‪32 .......................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تداول وتسوية عقود الخيارات في األسواق اآلجلة ‪34 .................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬عمليات تداول عقود الخيارات ‪34 .........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تسوية عقود الخيارات ‪36 .................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تكييف عقود المبادالت ‪38 ..................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أنواع عقود المبادالت وحكمها الشرعي ‪39 ..............................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة أسعار الفائدة ومبادلة العمالت ‪40 ..............‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة أسعار الفائدة ‪42 ..................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة العمالت ‪43 ........................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة عوائد األسهم ومبادلة السلع‪44 ................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة عوائد األسهم ‪45 .................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة السلع ‪46 ..........................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التكييف القانوني لعقود المبادالت ‪48 ....................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المبادلة عقد تأمين ‪49 .....................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المبادلة عقد مقامرة ورهان ‪52 ..........................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬العقود المستقبلية واآلجلة ‪55 .............................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التكييف الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة ‪57 ...........................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة ‪58 ...........................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة على غير العمالت ‪59 .......‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة على السلع ‪59 ...............‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة المالية ‪62 ....................‬‬
‫‪104‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة على العمالت‪64 ............‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬البدائل الشرعية للعقود المستقبلية واآلجلة ‪66 .........................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تطوير العقود المستقبلية واآلجلة في إطار عقد السلم ‪66 ...............‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تطوير العقود المستقبلية واآلجلة في إطار عقد االستصناع ‪69 ........‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التكييف القانوني للعقود المستقبلية واآلجلة ‪73 ..........................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التنظيم القانوني للعقود المستقبلية واآلجلة ‪73 ..........................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أركان العقود المستقبلية واآلجلة ‪74 ......................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األهلية ‪75 ...................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التراضي ‪75 ................................................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬المحل ‪76 ....................................................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬آثار العقود المستقبلية واآلجلة ‪76 ......................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الفقرة تسوية العقود المستقبلية واآلجلة ‪77 .............................‬‬
‫أوال‪ :‬التسوية العادية‪77 ................................................................ :‬‬
‫ثانيا‪ :‬التسوية النقدية‪78 ............................................................... :‬‬
‫ثالثا‪ :‬الصفقة المعاكسة‪79 ............................................................. :‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬ضمانات تنفيذ العقود المستقبلية واآلجلة ‪80 .............................‬‬
‫أوال‪ :‬الهامش المبدئي‪81 ............................................................... :‬‬
‫ثانيا‪ :‬هامش الصيانة‪81 ................................................................ :‬‬
‫ثالثا‪ :‬التسوية السعرية‪82 .............................................................. :‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الطبيعة التعاقدية للعقود المستقبلية واآلجلة ‪83 ........................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الطبيعية التعاقدية للعقود المستقبلية واآلجلة من خالل خصائصها‪84 :‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الطبيعة التعاقدية للعقود المستقبلية واآلجلة من خالل محتوى العقد‪87‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المحل في العقود المستقبلية واآلجلة ‪87 .................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬السبب في العقود المستقبلية واآلجلة ‪88 .................................‬‬
‫خاتمة ‪91 ....................................................................................‬‬
‫‪105‬‬
‫الئحة المصادر و المراجع ‪95 ............................................................ :‬‬

‫‪106‬‬

You might also like