Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 110

‫ماستر‪ :‬المالية التشاركية‬

‫الفوج الثالث‬
‫رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص‬
‫تحت عنوان‪:‬‬

‫عقود المشتقات المالية بين التكييف‬


‫الشرعي والتكييف القانوني‬

‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫من إعداد الطالبة‪:‬‬

‫د‪ .‬أحمد حميوي‬ ‫أميمة مطيع‬

‫لجنة المناقشة‪:‬‬
‫رئيسا ومشرفا‬ ‫أستاذ مؤهل بكلية الحقوق بفاس‬ ‫د‪ .‬أحمد حميوي‬ ‫•‬
‫عضوة‬ ‫أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق بفاس‬ ‫دة‪ .‬كنزة حرشي‬ ‫•‬
‫عضوة‬ ‫أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق بفاس‬ ‫دة‪ .‬سهيلة بوزالفة‬ ‫•‬
‫عضوة‬ ‫أستاذة مؤهلة بكلية الحقوق بفاس‬ ‫دة نرجس البكوري‬ ‫•‬

‫السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪2022-2023‬‬
‫بسم للا الرحمن الرحيم‬
‫إهداء‬
‫إذا كان أول الطريق ألم فإن آخره تحقيق حلم ‪،‬وإذا كانت أول انطالقة دمعة فإن نهايتها بسمة‪،‬‬
‫وكل بداية البد لها من نهاية‪ .‬وها هي السنوات قد مرت والحلم يتحقق فاللهم لك الحمد قبل أن ترضى ولك‬
‫الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا ألنك وفقتني إلتمام هذا العمل‪ ،‬أهدي هذا العمل إلى‪:‬‬

‫إلى روح جدتي الغالية‪ ،‬توالها للا برحمته‪.‬‬

‫إلى من شرف للا من قدرهما وقال في شأنهما ‪:‬‬

‫وال تقل لهما أف وال تنهرهما ‪ ،‬وقل لهما قوال كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل‬
‫ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا‬

‫صدق للا العظيم‬

‫إلى من جعلت الجنة تحت أقدامها أمي قرة عيني وأعز ما أملك‪ ،‬غاليتي التي سهرت وكانت معي‬
‫في أسوء حاالتي وظروفي وضغوطاتي ‪،‬يكفي أن تعرفي أن لكي بنت تنتظر فرصة واحدة لتقدم لك الروح‬
‫والقلب والعين هدية رخيصة لك لما قدمتميه‪ ،‬وها اليوم صفقي فبنتك كبرت وأصبحت خريجة‪ ،‬شكرا لك‬
‫ألنك أنت من صنعتي لي هذا االسم حماك للا وأدامك نورا يضيء بيتنا‪.‬‬

‫إلى أبي الذي أحمل إسمه بكل افتخار‪ ،‬سندي وقوتي الذي عندما تميل بي الدنيا أسند نفسي عليه‬
‫‪،‬الذي لم يبخل علي يوما بشيء ووقف معي وشجعني وتعب ألجلي والذي لواله لما وصلت إلى هذا‬
‫المستوى‪ ،‬حفظك للا وأدامك تاجا فوق رأسي ‪.‬‬

‫إلى من أضاءوا لي ظلمة الجهل وأناروا لي دروب الحياة‪...‬‬

‫أساتذتي األعزاء‪.‬‬

‫إلى كل أصدقائي وصديقات درب الدراسة والعشرة ‪...‬وكل من أهداني‪:‬‬

‫كلمة‪ ،‬نصيحة ‪،‬ابتسامة‬


‫كلمة شكر وتقدير‬

‫نحمد للا سبحانه وتعالى الذي أعاننا بحوله وقوته على إنجاز هذا البحث ونصلي ونسلم على رسوله‬
‫األمين سيدنا محمد بن عبد للا وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين‪ .‬أما بعد‪:‬‬

‫فإنه يسعدني أن أتقدم بكل معاني الشكر واالحترام والتقدير إلى األستاذ أحمد حميوي على موافقته‬
‫اإلشراف على هذا البحث ‪،‬وبما أفادني به من خبرته الواسعة وثقافته العالية‪ ،‬إذ لم يبخل علي بنصائحه‬
‫القيمة وتوجيهاته السديدة فجزاه للا عنها كل الخير‪.‬‬

‫كما أتقدم بالشكر والتقدير واالحترام لألساتذة األفاضل أعضاء لجنة المناقشة لقبول مناقشة هذه الرسالة‬
‫رغم انشغاالتهم الكثيرة ووقتهم الثمين‪ ،‬فلكم مني جزيل الشكر ‪.‬‬

‫كما أتوجه بالشكر الجزيل إلى جميع أساتذتي األفاضل بماستر المالية التشاركية بكلية الحقوق بفاس على‬
‫نصائحهم القيمة طيلة سنتين من التكوين والدراسة بسلك الماستر‪.‬‬

‫وأسأل للا التوفيق والسداد لكل طالب عالم‪.‬‬

‫مع فائق االحترام والتقدير ‪:‬‬

‫أميمة مطيع‬
‫المقدمة‬

‫اإلطار العام‪:‬‬

‫تعد األسواق المالية ركنا هاما من أركان هيكل النظام التمويلي في النظم االقتصادية‬
‫‪1‬‬
‫التي تعتمد بالدرجة األولى على النشاط الفردي والحريات االقتصادية‪.‬‬

‫وتحتل سوق األوراق المالية مكانة مهمة في المجال االقتصادي اليوم نظرا لما يمكن‬
‫أن توفره هذه األسواق من فرص لتمويل التنمية االقتصادية‪ ،‬وزادت أهميتها مع التطورات‬
‫التكنولوجية خاصة في مجال تكنولوجيات اإلعالم واالتصال‪ ،‬هذه األخيرة ساهمت بشكل كبير‬
‫في زيادة نطاق العولمة بكل أشكالها‪ ،‬إضافة إلى ما سبق‪ ،‬عمل التطور الكبير في معظم‬
‫المؤسسات المالية واالقتصادية على حد سواء عمل على رفع مستوى المنافسة بين المؤسسات‪،‬‬
‫ومحاولة كل منها لالستفادة أكثر من الفرص االستثمارية والتمويلية التي قد توفرها أسواق‬
‫األورا ق المالية على المستوى العلمي‪ ،‬مما وضع أسواق األوراق المالية أمام تحدي مواكبة‬
‫التغيرات العالمية واالقتصادية وتحدي توفير فرص استثمار‪ ،‬وتمويل لكل المتعاملين في‬
‫األسواق سواء المستثمرين الصغار أو الكبار‪.‬‬

‫و هذا ما دفع بالمنتجين في كل األسواق إلى السعي لتطوير المنتجات المالية وتنويعها بما‬
‫‪2‬‬
‫يتوافق مع متطلبات تطوير أسواق األوراق المالية‪.‬‬

‫اإلطار الخاص‪:‬‬

‫وأمام التطور الذي عرفته األسواق المالية في السنوات القليلة الماضية وجدت أنواع‬
‫من المعامالت المالية التي لم تكن معروفة من قبل الغاية منها إدارة مخاطر السيولة وتقليلها‪،‬‬
‫ومن هذه المعامالت المشتقات المالية التي بدأت تأخذ حيزا كبيرا في تعامالت األسواق المالية‪.‬‬

‫‪ 1‬هشام بخفاوي‪ ،‬الوج يز في األسواق المالية‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2015 ،‬ص‪.10 :‬‬
‫‪ 2‬قط سليم ومفتاح صالح‪ ،‬المشتقات المالية من منظور إسالمي كبديل للمشتقات المالية الوضعية في أسواق األوراق المالية اإلسالمية‪ ،‬مجلة الحقوق‬
‫والعلوم اإلنسانية الصادرة عن جامعة زيان عاشور بالجلفة‪ ،‬العدد ‪ ،)1( 20‬ص‪ ،158 :‬منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/downArticle/417/2/2/85584‬‬

‫‪1‬‬
‫إذ تعد المشتقات المالية اليوم من األدوات الحديثة المستخدمة في األسواق المالية ‪،‬حيث‬
‫شكلت نوعا من أنواع الهندسة المالية العصرية ‪،‬فنتج عنها العديد من الصيغ والعقود في‬
‫األسواق المالية‪.‬‬

‫وال شك بأن المشتقات المالية تمثل نوعا من أنواع االستثمار وأداة من أدوات التحوط‪،‬‬
‫والتخفيف من المخاطر وآثارها كفوات ربح متوقع‪ ،‬أو تآكل رأس المال‪.‬‬

‫اإلطار المفاهيمي‪:‬‬

‫فالمشتقات المالية هي عبارة عن أداة مالية تعتمد قيمتها على قيم متغيرات أخرى‬
‫أصلية‪.‬‬

‫وعرفت أيضا بأنها عبارة عن عقود فرعية تبنى أو تشتق من عقود أساسية ألدوات‬
‫استثمارية‪ :‬أوراق مالية ‪ -‬عمالت‪ ...‬فتنشأ عن تلك العقود الفرعية أدوات استثمارية مشتقة‪.‬‬

‫كما ع رفت بأنها العقود التي ترد على أصول مالية أو مادية أو على حق أو بيع أو‬
‫شراء تلك األصول من غير أن تكون تلك األصول مرادة للمتعاقدين ‪،‬وإنما يراد بتحقيق الربح‬
‫من خالل الفرق بين القيمة المتفق عليها لتلك األصول وبين قيمتها السوقية في األجل المحدد‪.‬‬

‫وقد عرفها بنك التسويات الدولية على أنها ‪":‬عقود تتوقف قيمتها على أسعار األصول‬
‫المالية محل التعاقد ولكنها ال تقتضي أو تتطلب استثمارا لألصل المالي لهذه األصول"‪.3‬‬

‫وبالتالي يمكن القول بأن المشتقات المالية هي عقود تعطي ألحد الطرفين الحق في أصل‬
‫معين في تاريخ محدد‪ ،‬تلزم الطرف اآلخر باحترام التزام مماثل يتعلق العقد بأصل مالي أو‬
‫بمبلغ من العمالت أو كمية من المواد األولية ‪،‬كما قد يتعلق بمؤشر من المؤشرات ويربط‬

‫‪ 3‬حسني مبروك فرج الضالعين‪ ،‬المشتقات المالية وأحكامها‪ ،‬دراسة فقهية مقارنة‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‪ ،‬كلية الدراسات العليا ‪ ،‬الجامعة‬
‫األردنية ‪ ،‬سنة ‪ ،2017‬ص‪.9- 8 :‬‬

‫‪2‬‬
‫الطرفين بطريقة ملزمة ‪،‬أو قد يعطي لواحد منهما إمكانية تنفيذ العقد أو عدم تنفيده ‪،‬ويعتمد‬
‫السعر السوقي في المشتقات على سعر األصل المتعاقد عليه منذ نشأة العقد‪.‬‬

‫وتنقسم المشتقات المالية إلى أربعة أنواع رئيسية‪ :‬عقود الخيارات‪ ،‬العقود المستقبلية‬
‫والعقود اآلجلة وعقود المبادالت‪ ،‬وقد يكون موضوع هذه العقود منتجات وسلع حقيقية أو‬
‫أوراق مالية من أسهم وسندات وعمالت أجنبية ‪،‬وتتداول هذه األدوات المشتقة إما في‬
‫البورصات المنظمة أو في األسواق الموازية أو أسواق فوق الحاجز‪.‬‬

‫اإلطار التاريخي‪:‬‬

‫وتمثل المشتقات المالية إحدى التطورات الرئيسية في األسواق المالية‪ ،‬حيث بدأ التعامل‬
‫بها بشكل كبير مطلع الثمانينات‪ ،‬وازداد ذلك في اآلونة األخيرة ازديادا كبيرا‪ ،‬ووفقا‬
‫لإلحصائيات الرئيسية فقد ارتفع التعامل بالمشتقات من مائة ترليون دوالر عام ‪ ،1998‬إلى‬
‫أكثر من ثالثة مائة ترليون دوالر خالل عام ‪ ،2005‬أي أنها تضاعفت ثالث مرات في أقل‬
‫من سبع سنوات‪ ،‬ثم وصلت في عام ‪ 2008‬إلى ستة مائة تريليون دوالر وفقا لمفوض‬
‫الرقابة المصرفية في االتحاد األوروبي تشارلي‪.4‬‬

‫وقد شهدت المشتقات المالية تطورا ملحوظا انطالقا من سنة ‪ 1970‬في الواليات‬
‫المتحدة األمريكية‪ ،‬ومن أهم أسو اق المشتقات التي استحدثت آنذاك سوق اللوحة التجارية‬
‫لشيكاغو والسوق التجاري للتبادل لشيكاغو‪ ،‬لتظهر بعدها أسواق أخرى في أوروبا مثل سوق‬
‫لندن للمشتقات المالية سنه ‪ ،1980‬والسوق الفرنسي للمشتقات المالية في سنة ‪ ،1986‬حيث‬
‫‪5‬‬
‫شهدت ‪ 30‬سنة األخيرة من القرن ‪ 20‬الماضي زيادة مستمرة في تداول المشتقات المالية‪،‬‬
‫لما توفره من فرص المضاربة‪ ،‬وتقليل أخطار الصرف ‪،‬ومعدل الفائدة‪ ،‬باإلضافة إلى تجنب‬

‫‪ 4‬المهدي أندجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني‪ ،‬رسالة لنيل ديلوم الماستر المتخصص في القانون والبنوك التشاركية والتأمينات التكافلية بكلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة إبن زهر أكادير‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2019/2018‬ص‪ 6:‬منشورة على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://www.droitarabic.com/2020/05/pdf_21.html‬‬
‫‪ 5‬رسل كريم ناصر‪ ،‬تطور حجم أسواق المشتقات المالية في العالم في الفترة مابين ‪2005‬و ‪،2017‬منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪ https://eco.nahrainuniv.edu.iq‬تاريخ الدخول ‪ 2023/06/21‬على الساعة‪.21:16:‬‬

‫‪3‬‬
‫القوانين التنظيمية على غرار االحتياطي المفروض على الودائع ‪،‬وكذلك التطور التكنولوجي‬
‫الذي أدى إلى تطوير التقنيات واألساليب الفنية لتقييم الخدمات المالية‪.‬‬

‫و أمام هذا التطور الذي تعرفه أسواق المشتقات المالية كان لزاما على المغرب في‬
‫إطار تجديد وتحديث الترسانة القانونية ألسواق الرساميل لتطوير االقتصاد الوطني وجاذبيته‬
‫‪ 642.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية‪ .‬وقد أشار لعقود‬ ‫إصدار القانون رقم‬
‫المشتقات المالية باعتبارها أدوات مالية آجلة يتم التعامل بها داخل السوق اآلجلة ‪،‬وتتمثل أهمية‬
‫هذا التقنين في حاجة السوق المالي المغربي لها للتغطية ضد تقلبات أسعار عدة أصول أساسية‬
‫‪7‬‬
‫كالسلع الطاقية والمواد األولية التي يستوردها المغرب من الخارج‪.‬‬

‫وتعد عقود الخيارات والعقود المستقبلية واآلجلة وعقود المبادالت محل موضوع البحث‬
‫من أهم أنواع المشتقات المالية‪ ،‬وقد تنامى التعامل بها خالل العقود األخيرة من القرن العشرين‬
‫نتيجة للمخاطر المفرطة التي واجهت المستثمرين في األسواق الفورية بسبب األزمات المالية‬
‫وانهيار العديد من األسواق المالية المحلية والدولية‪ ،‬إذ وفرت هذه العقود للمستثمرين غطاء‬
‫االنتفاع من توقعات هم المستقبلية بشأن األسعار السوقية من جانب وحماية االستثمار من خالل‬
‫تقرير المخاطر‪.‬‬

‫أهمية الموضوع‬

‫وتكمن أهمية دراسة عقود المشتقات المالية في عدة مستويات فعلى المستوى القانوني‬
‫تعتبر عقود المشتقات المالية من العقود المستحدثة في القانون المغربي‪ ،‬ونظرا لحداثة التعامل‬

‫‪ 6‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.14.96‬الصادر في ‪ 20‬من رجب ‪ 20( 1435‬ماي ‪ )2014‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 42.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات‬
‫المالية المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 6263‬الصادر في ‪ 11‬شعبان ‪ 9( 1435‬يونيو ‪.)2014‬‬

‫‪7‬المهدي أندجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 6:‬‬

‫‪4‬‬
‫بها على المستوى الوطني فهي لم تحظ بدراسة قانونية من طرف الباحثين بمجال األسواق‬
‫المالية بالمغرب‪.‬‬

‫كما يحتل موضوع عقود المشتقات المالية أهمية بالغة على المستوى الشرعي فنظرا‬
‫لحداثة هذه العقود وازدياد حجم التعامل بها كان لزاما على الفقهاء المعاصرين محاولة تكييف‬
‫هذه العقود من الناحية الشرعية للتأكد من مدى صحة التعامل بها من عدمه وكذلك محاولة‬
‫إيجاد بدائل شر عية لهذه العقود لما لها من أهمية بالغة على مستوى تنشيط المعامالت داخل‬
‫األسواق المالية‪.‬‬

‫أما على المستوى العملي‪ ،‬فالتعامل بعقود المشتقات داخل األسواق المالية ينتج عنه‬
‫مخاطر كبيرة لألطراف المتعاملين بها الرتباطها بأسعار السوق‪ ،‬مما يجعل أحد األطراف‬
‫يتحمل خسائر كبيرة تجعله في حالة عجز عن أداء التزامه‪ ،‬ومن هنا تظهر أهمية السوق اآلجلة‬
‫وأجهزتها من خالل ضمان تنفيذ هذه العقود عند حلول تاريخ االستحقاق‪.‬‬

‫إشكالية البحث‬

‫وبما أن موضوعي ينصب على دراسة عقود المشتقات المالية (عقود الخيارات وعقود‬
‫المبادالت والعقود المستقبلية واآلجلة ) من الناحية الشرعية والقانونية ‪ ،‬فلهذا تكمن اإلشكالية‬
‫الرئيسية في تأرجح آراء الفقهاء حول مشروعية عقود المشتقات المالية‪ ،‬ووجود فراغ تشريعي‬
‫في مجال تنظيم هذه العقود ‪،‬وبالتالي يمكن القول‪:‬‬

‫إلى أي حد يمكن اعتبار عقود المشتقات المالية عقود مطابقة لألحكام الشرعية‬
‫والمقتضيات القانونية المغربية؟‬

‫‪5‬‬
‫المنهج المعتمد‬

‫لقد اعتمدت في دراستي لهذا الموضوع على المنهج التحليلي‪ ،‬وذلك بتحليل أحكام‬
‫عقود المشتقات المالية من الناحية الشرعية‪ ،‬وكذا أحكامها الواردة في القانون رقم ‪42.12‬‬
‫المتعلق بالسوق اآلجلة‪.‬‬

‫خطة البحث‬

‫ولإلجابة على اإلشكالية الواردة أعاله‪ ،‬وكذا اإلشكاالت المتفرعة عنها سأتناول هذا‬
‫الموضوع باعتماد التصميم التالي‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬عقود الخيارات وعقود المبادالت‬

‫الفصل الثاني‪ :‬العقود المستقبلية واآلجلة‬

‫‪6‬‬
‫الفصل األول‪ :‬عقود الخيارات وعقود المبادالت‬

‫تشكل عقود الخيارات أهم قسم من أقسام المشتقات المالية ومن أبرز العقود المتداولة في‬
‫األسواق المالية إلى جانب العقود اآلجلة والمستقبلية‪ ،‬ويرجع ذلك إلى المميزات الخاصة لهذه‬
‫العقود‪ ،‬ودورها في الحماية من المخاطر المتوقعة في المستقبل‪ ،‬وفي تحقيق األرباح للمتعاملين‬
‫في األسواق المالية ‪.‬‬

‫وقد تعامل النا س بعقود الخيارات منذ قرون عديدة‪ ،‬وذلك من خالل مكاتب التجار‬
‫وبيوت السماسرة واألسواق المنظمة‪ ،‬وتعد عقود الخيارات من التطورات الحديثة لمعامالت‬
‫األسواق المالية‪ ،‬ونشأت كأداة إلدارة المخاطر‪ ،‬وهي اآلن أساس ألدوات استثمارية عديدة‪،‬‬
‫حيث تعد عقود الخيارات بمثابة تأمين يوفر للمتعاملين بها حماية من تقلب أسعار العمالت أو‬
‫‪8‬‬
‫األوراق المالية‪.‬‬

‫وترجع الكتابات التاريخية ظهور عقود الخيارات إلى حضارة اإلغريق القديمة‬
‫بسبب عامل التحوط بسبب خشية تقلبات سعر منتج الزيتون‪ ،‬إذ كان يهدف المنتجون إلى حماية‬
‫أنفسهم من مخاطر وفرة اإلنتاج وتدهور األسعار‪ ،‬وبذلك يشترون هذا الحق ليتمكنوا من بيع‬
‫اإلنتاج للتجار بسعر وفي تاريخ محددين‪.‬‬

‫وقد تطور استخدام عقود الخيارات في الحضارات الفينيقية والرومانية لتشمل‬


‫منتجات زراعية أخرى بل حتى منتجات حيوانية كانت متداولة‪ ،‬وفي القرون الوسطى‪ ،‬ومع‬
‫ظهور الثورة الصناعية‪ ،‬ا تسع نطاق استخدام عقود الخيارات في أوروبا ليشمل المنتجات‬
‫الزراعية الصناعية‪.‬‬

‫أما التطور الفعلي للخيارات فقد كان بفعل التقدم الصناعي والسياسي بين سنتي‬
‫‪ 1970‬و ‪ ،1980‬إذ ظهرت أول سوق للخيارات في أمريكا بمدينة شيكاغو سنة ‪ ،1970‬إذ‬

‫‪ 8‬المهدي أندجار ‪،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني‪ ،‬رسالة لنيل الماستر بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعه ابن زهر بأكادير‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪ ،2019/2018‬ص ‪.10‬‬

‫‪7‬‬
‫أنشأ مجلس شيكاغو سوقا متخصصة للخيارات ‪ ،‬و بعدها انتشر تداول هذه العقود في الواليات‬
‫‪9‬‬
‫المتحدة األمريكية بشكل كبير‪.‬‬

‫أما عقود المبادالت فهي عبارة عن اتفاقيات خاصة بين طرفين لتبادل التدفقات‬
‫النقدية في المستقبل وفقا لصيغة مرتبة أو معدة مسبقا‪ ،‬ويمكن اعتبارها محفظة من العقود‬
‫اآلجلة‪ ،‬ولذلك فإن دراسة المبادالت امتداد طبيعي لدراسة العقود اآلجلة والعقود المستقبلية‪.‬‬

‫وتمثل عقود المبادالت أيضا إحدى أدوات تغطية المخاطر‪ ،‬ومن أكثر استخدامات‬
‫تغطية مخاطر سعر الفائدة‪ ،‬وتعرف على أنها سلسلة من العقود الحقة التنفيذ‪ ،‬يتم تسويتها على‬
‫فترات دورية‪ ،‬حيث إن هذه التسويات ال تتم يوميا كما هو الحال في العقود المستقبلية‪ ،‬وال يتم‬
‫تسويتها مرة واحدة كما هو الحال في العقود الحقة التنفيذ‪ ،‬ولذلك تعرف على أنها سلسلة من‬
‫‪10‬‬
‫العقود الالحقة التنفيذ‪.‬‬

‫ويمكن إرجاع نشأة عقود المبادالت إلى عام ‪ ،1970‬عندما طور تجار العملة‬
‫مبادالت العملة كوسيلة لتجنب الرقابة البريطانية على تحركات العمالت األجنبية‪ ،‬أما أول عقد‬
‫مبادلة أسعار الفائدة فقد حدث عام ‪ ،1981‬نتيجة اتفاق بين شركة ‪ IBM‬مع ‪،Word Bank‬‬
‫‪11‬‬
‫ومنذ ذلك التاريخ نمت هذه السوق بسرعة‪.‬‬

‫وبناء على ذلك سيتم تقسيم هذا الفصل إلى فرعين‪ :‬الفرع األول سأتحدث فيه عن‬
‫تكييف عقود الخيارات‪ ،‬أما بالنسبة للفرع الثاني سأتحدث فيه عن تكييف عقود المبادالت‪.‬‬

‫‪ 9‬بباس منيرة ‪،‬المجازفة والمشتقات المالية بين الواقع العملي والتكييف الشرعي‪ ،‬مجلة االقتصاد الجديد ‪،‬العدد ‪،15‬المجلد ‪ ،2016/2:‬جامعة سطيف‬
‫‪، 11‬ص ‪ .127‬منشور على الموقع اإللكتروني‪، https://www.asjp.cerist.dz/en/article/55882:‬تاريخ الدخول‪2023\06\22 :‬غلى‬
‫الساعة‪.15:53:‬‬
‫‪ 10‬عتروس سهيلة‪ ،‬واقع البدائل الشرعية للمشتقات المالية في ضوء منتجات الهندسة المالية اإلسالمية‪ ،‬مجلة ميالف للبحوث والدراسات‪ ،‬العدد الثاني‪،‬‬
‫دجنبر ‪ ،2015‬جامعة محمد خيدر بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.98 :‬منشور على الموقع اإللكتروني‪https://www.asjp.cerist.dz/en/article/6622:‬‬
‫‪،‬تاريخ الدخول‪ 2023\06\22 :‬على الساعة‪. 15:40:‬‬
‫‪ 11‬سميره محسن ‪،‬المشتقات المالية ودورها في تغطية مخاطر السوق المالية‪ ،‬دراسة حالة بنك ‪ ،BNP PARIBAS‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‪ ،‬جامعه‬
‫منتوري بقسطنطينة ‪ ،‬سنة ‪ ،2006 \2005‬ص‪.86 :‬‬

‫‪8‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تكييف عقود الخيارات‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تكييف عقود المبادالت‬

‫‪9‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تكييف عقود الخيارات‬

‫يعر ف عقد الخيار بأنه عقد يعطي لحامله الحق وليس االلتزام في شراء أو بيع أصل‬
‫مالي أو عيني أو عملة أجنبية قبل تاريخ الحق في المستقبل‪ ،‬بسعر يتم االتفاق عليه حين‬
‫التعاقد‪ ،‬ويسمى بسعر التعاقد خالل فترة زمنية محددة‪ ،‬وذلك نظير دفع عالوة للبائع والذي‬
‫يطلق عليها محرر االختيار‪ ،‬وال ترد هذه العالوة سواء تم تنفيذ العقد‪ ،‬أو لم يتم تنفيذه‪ ،‬ويلزم‬
‫البائع فيه ببيع أو شراء ذلك الشيء بالسعر المتفق عليه خالل تلك الفترة الزمنية مقابل مبلغ‬
‫محدد يدفعه المشتري في العقد‪ ،‬وتعتبر سوق السلع أساس نشأة الخيارات إذ يهدف المنتجون‬
‫لهذه المشتقات إلى حماية أنفسهم من مخاطر وفرة اإلنتاج وتدهور األسعار‪ ،‬وبذلك يشترون‬
‫هذا الحق أي خيار البيع‪ ،‬ليتمكنوا من بيع اإلنتاج للتجار بسعر وفي تاريخ محددين ‪.‬‬

‫وتختلف عقود الخيارات عن العقود المستقبلية في كون هذه األخيرة واجبة التنفيذ‪ ،‬بينما‬
‫‪12‬‬
‫تعطي عقود الخيارات الحق للمشتري في تنفيذ العقد أو عدم تنفيذه‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ويميز بين نوعين مختلفين من الخيارات‪:‬‬

‫‪-‬األول وهو‪ :‬خيار الشراء والذي يعطي الحق لحامله في شراء األصل مقابل عمولة‬
‫محددة تدفع للطرف المصدر للخيار والذي يكون مجبرا على بيع األصل إذا أراد حامل الخيار‬
‫ذلك؛‬

‫‪ 12‬طالل مزيد العرادة‪ ،‬مخاطر استخدام المشتقات المالية على أداء شركات المساهمة في سوق الكويت لألوراق المالية (دراسة تطبيقية ) ‪،‬رسالة لنيل‬
‫دبلوم الماستر بكلية األعمال ‪-‬جامعة الشرق االوسط ‪،‬سنة ‪ ،2014:‬ص‪.23-22:‬‬
‫‪ 13‬تتمثل عقود الخيارات في خمسة أنواع مختلفة وهم كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬عقود خيارات األسهم‪ :‬عبارة عن عقد بين طرفين يشتري فيه المشتري األصل بسعر محدد مسبقا من البائع خالل فترة زمنية محددة‪.‬‬
‫‪ -‬عقود خيارات العمالت‪ :‬هذا النوع من العقود يمنح المالك الحق في شراء أو بيع المبلغ المحدد بالعملة األجنبية‪ ،‬بسعر محدد قبل أو في نهاية تاريخ‬
‫محدد‪ ،‬وتعتبر هذه العقود واحدة من أفضل الطرق للشركات‪ ،‬أو األفراد التي تمكنهم من أخذ الحيطة والحذر ضد تحركات وتقلبات أسعار الصرف‬
‫السلبية‪.‬‬
‫‪ -‬عقود خيارات معدالت الفائدة‪ :‬تعتمد هذه العقود على أسعار الفائدة‪ ،‬ويعتقد فيها المستثمر الذي يحجز مراكز شراء طلب على عقود خيارات‬
‫العمالت أن أسعار الفائدة سوف ترتفع‪ ،‬في الوقت الذي يعتقد فيه المستثمر الذي يحجز مراكز بيع على عقود خيارات العمالت أن أسعار الفائدة سوف‬
‫تنخفض‪.‬‬
‫‪ -‬عقود الخيارات المستقبلية‪ :‬هي تلك العقود التي يكون فيها األصل المعني عقدا مستقبليا‪ ،‬يحق لصاحبه أن يفترض مركز مستقبلي محدد بسعر‬
‫محدد في أي وقت قبل انتهاء صالحية العقد‪ ،‬ويجب على بائع عقود الخيارات المستقبلية أن يتحمل المركز المعاكس عندما يمارس المشتري هذا الحق‪.‬‬
‫‪ -‬عقود خيارات الهامش‪ :‬من خالل هذه العقود يصبح المشتري أو البائع مالك العقد عن طريق دفع عالوة‪ ،‬ويقتصر الحد األقصى للربح على العالوة‬
‫المستلمة‪ ،‬ويتم تحقيق العالوة عندما يكون سعر األصل المعني أقل عند انتهاء الصالحية‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫والنوع الثاني‪ :‬هو خيار البيع الذي يعطي الحق لحامله في بيع األصل‪ ،‬ويكون مصدر‬
‫الخيار مجبرا على شراء األصل‪.‬‬

‫ومن حيث تنفيذ الخيار نميز بين نوعين‪ 14،‬أيضا وهما‪ :‬عقد الخيار األمريكي‪,‬‬
‫‪15‬‬
‫وعقد الخيار األوروبي‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق سأحاول في هذا الفرع معالجة مشروعية عقود الخيارات‬
‫من الناحية الشرعية من عدمها [المبحث األول]‪ ،‬كما سأحاول إبراز كيفية التعامل بهذه العقود‬
‫في األسواق اآلجلة [المبحث الثاني] من خالل قانون ‪ 42.12‬المتعلق باألسواق المالية اآلجلة‪،‬‬
‫ومشروع قانون األدوات المالية اآلجلة ‪.46.17‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التكييف الشرعي لعقود الخيارات‬

‫بما أن عقود الخيارات المعاصرة هي عقود حديثة تماما فقد اختلفت اآلراء الفقهية‬
‫حول تكييف هذه العقود شرعا‪ ،‬وحول ما إذا كانت تدخل في دائرة العقود الشرعية المسماة أم‬
‫‪16‬‬
‫ال‪ ،‬ومن حيث جواز التعامل بها أم ال؟‬

‫ولهذا ارتأيت تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين‪ :‬المطلب األول سأتطرق فيه إلى‬
‫رأي القائلين بالتحريم وأدلتهم ‪،‬والمطلب الثاني سأتطرق فيه إلى القائلين بالجواز وأدلتهم‪.‬‬

‫‪ 14‬يوجد شكالن متعارف عليهما في عقود الخيارات‪ ،‬ويمكن توضيح الفرق بينهما في اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬عقود الخيارات األوروبية‪ :‬وهي عقود خيارات ال يمكن ممارستها إلى إال في نهاية صالحيتها أثناء فترة االستحقاق‪.‬‬
‫‪ -‬عقود الخيارات األمريكية‪ :‬هي عقود خيارات يمكن ممارستها في أي وقت خالل صالحيتها‪ ،‬والتي تسمح ألصحاب الخيارات بممارسة العقد‬
‫في أي وقت قبل تاريخ استحقاقها‪ ،‬مما يزيد من قيمة عقد الخيارات لصاحبه بالمقارنة بعقود الخيارات األوروبية‪ ،‬التي ال يمكن ممارستها إال عند‬
‫االستحقاق فقط‪.‬‬
‫‪ 15‬مقدم عبد ا إلله‪ ،‬تطور حجم األسواق المشتقات المالية في العالم في الفترة ما بين ‪ 2005‬و ‪ ،2017‬مجلة المالية واألسواق‪ ،‬المجلد ‪ ،5‬العدد ‪10‬‬
‫‪، 2019/‬جامعة مستغانم‪ -‬الجزائر‪ ،‬ص‪.169 :‬منشور على الموقع اإللكتروني‪ https://www.asjp.cerist.dz/en/article/97613:‬تاريخ‬
‫الدخول‪ 2023\06\22:‬على الساعة ‪.15:43:‬‬
‫‪ 16‬محمود فهد مهيدات ‪،‬عقود الخيارات ودورها في األزمة المالية من منظور االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬أمواج النشر والتوزيع ‪-‬عمان األردن‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬السنة‪ ،2012:‬ص‪.125 :‬‬

‫‪11‬‬
‫المطلب األول‪ :‬رأي القائلين بالتحريم وأدلتهم‬

‫أقر مجمع الفقه اإلسالمي في قراره رقم ‪ 7/1/65‬بشأن األسواق المالية بحرمة‬
‫التعامل بالخيارات‪ ،‬حيث جاء فيه ما يلي‪:‬‬

‫"إن عقود الخيارات كما تجري اليوم عقود مستحدثة ال تنطوي تحت أي عقد من العقود‬
‫الشرعية المسماة‪ ،‬وبما أن المعقود عليه ليس ماال وال منفعة وال حقا ماليا‪ ،‬يجوز االعتياض‬
‫عنه‪ ،‬فإنه عقد غير جائز شرعا‪ ،‬وبما أن هذه العقود ال تجوز فال يجوز تداولها"‪.‬‬

‫وقد ورد في قرار مجمع الفقه اإلسالمي رقم ‪ )7/1( 63‬التابع لمنظمة التعاون‬
‫اإلسالمي بشأن األسواق المالية‪" :‬أ ن المقصود بعقود االختيارات االعتياض عن االلتزام ببيع‬
‫شيء محدد موصوف أو شرائه بسعر محدد خالل فترة زمنية معينة أوفي وقت معين إما‬
‫مباشرة أو من خالل هيئة ضامنة لحقوق الطرفين‪".‬‬

‫أما حكمها الشرعي فهو‪" :‬إن عقود االختيارات ‪ -‬كما تجري اليوم في األسواق المالية‬
‫العالمية ‪ -‬هي عقود مستحدثة ال تنضوي تحت أي عقد من العقود الشرعية المسماة‪ ،‬وبما أن‬
‫ماال وال منفعة وال حقًّا ماليًّا يجوز االعتياض عنه فإنه عقد غير جائز‬
‫المعقود عليه ليس ا‬
‫‪17‬‬
‫شرعاا‪ ،‬وبما أن هذه العقود ال تجوز ابتدا اء فال يجوز تداولها‪".‬‬

‫وقد استدل الفريق األول على عدم جواز التعامل بالخيارات المالية المعاصرة بجملة من‬
‫األدلة نجملها فيما يلي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬انطواء عقود الخيارات على بيع اإلنسان ما ليس عنده وبيع ما ال يملك‬

‫بالنظر إلى ماهية تنفيذ عمليات عقود الخيارات في البورصة‪ ،‬يتبين لنا أن‬
‫غالبيتها تتم على المكشوف‪ ،‬بمعنى أن البائع ال يمتلك المعقود عليه (األوراق المالية) التي‬

‫منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪https://iifa-aifi.org/ar/1845.html‬‬
‫(تاريخ النشر يوم ‪ 14‬ماي ‪)1992‬‬

‫‪12‬‬
‫يبيعها‪ ،‬بل ال ينظر إلى وجودها أصال‪ ،‬إنما يكفيه إمكانية الحصول عليها عند التنفيذ‪ ،‬وعليه‬
‫فهو عقد أو اتفاق بين طر فين يتعهد أو يلتزم فيه أحدهما ببيع سلعة معينة أو شرائها في‬
‫المستقبل مقابل مبلغ معين يدفع عند التعاقد ‪.‬إذا فهو يبيع شيئا لم يكن يملكه عند التعاقد‪.‬‬

‫وبهذا فإن عمليات عقود الخيارات في البورصة تنطوي على بيع اإلنسان ما ليس‬
‫عنده ‪،‬كون المعقود عليه ليس موجودا لدى البائع عند إنشاء العقد‪.18‬وأما حكم بيع اإلنسان ما‬
‫ليس عنده أو بيع ما ال يملكه فقد بين الفقهاء أن من شروط صحة عقد البيع أن يكون محل العقد‬
‫أي المعقود عليه موجودا وقت العقد أو قابال للوجود‪ ،‬وعليه فإن لم يكن موجودا فالعقد باطل‬
‫‪،‬حتى ولو كان المعقود عليه م حتمل الوجود أو محقق الوجود في المستقبل‪ ،‬وقد ورد النهي عن‬
‫ذلك كله‪ .‬ف عن حكيم بن حزام قال‪ :‬يا رسول هللا يأتيني الرجل يسألني البيع لما ليس عندي‬
‫‪،‬فأبيعه منه‪ ،‬ثم ابتاعه من السوق؟ ‪،‬فقال‪ (:‬ال تبع ما ليس عندك)‪ .‬وعلة ذلك الغرر‪ ،‬وبيع‬
‫الغرر فقد ورد النهي عنه‪.19‬‬

‫وأما ب يع االنسان ما ال يملكه فقد نهي النبي صلى هللا عليه وسلم أن تباع السلع حيث‬
‫تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم‪.‬‬

‫وعليه فقد أجمع الفقهاء على عدم جواز بيع اإلنسان ما ليس عنده وبيع اإلنسان ما ال‬
‫يملكه‪.20‬‬

‫‪ 18‬محمود فهد مهيدات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.125 :‬‬


‫‪ 19‬عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر‪ ،‬رواه مسلم‪.‬‬
‫مثال « ما وقعت عليه الحصاة التي أرميها‪ ،‬أو يقول‪ :‬بعتك على أنك بالخيار إلى أن أرمي بهذه‬ ‫و» بيع الحصاة «هو أن يقول‪ :‬بعتك من هذه األثواب» ا‬
‫الحصاة‪ ،‬وقال الحافظ في الفتح‪ :‬واختلفوا في تفسير بيع الحصاة‪ ،‬فقيل‪ :‬هو أن يقول‪ :‬بعتك من هذه األثواب ما وقعت عليه الحصاة ويرمي حصاة‪ ،‬أو من‬
‫هذه األرض ما انتهت إليه في الرمي؛ وقيل‪ :‬هو أن يشترط الخيار إلى أن يرمي الحصاة‪ ،‬والثالث‪ :‬أن يجعال نفس الرمي بيعاا؛ اهـ‪ ،‬وقال‪ :‬هو أن يقول‬
‫ارم بهذه الحصاة‪ ،‬فعلى أي ثوب وقعت‪ ،‬فهو لك بدرهم‪ ،‬وقيل‪ :‬هو أن يقبض على كف من حصا ويقول‪ :‬لي بكل حصاة درهم ثمناا لهذه السلعة‪ ،‬أو‬
‫يقبض على كف من حصا ويقول‪ :‬لي بعددها من المبيع‪=.‬‬
‫=أما »بيع الغرر « بفتح الغين والراء األولى هو بيع ما ي مكن أن يوجد‪ ،‬وأال يوجد وكل ما ال يقدر على تسليمه؛ كالسمك في الماء والطير في الهواء‬
‫والمعدوم والمجهول واآلبق (الهارب من إنسان أو حيوان)‪ ،‬ونحو ذلك مما مبناه الخداع والجهالة‪.‬‬
‫يراجع الموقع اإللكتروني‪https://www.alukah.net/sharia/0/153269 :‬‬
‫(تاريخ الدخول يوم السبت ‪ 2023/05/13‬على الساعة التاسعة ليال)‬
‫محمود فهد مهيدات‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.126 :‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪13‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬انطواء عقود الخيارات على الغرر‬

‫الغرر هو ما خفيت عاقبته أي ما كان مجهول العاقبة‪ ،‬ولقد ورد النهي عن بيع‬
‫الغرر في كثير من المواضيع‪ ،‬إال أنه يمكن أن يؤخذ حكم الغرر من عدة أدلة من كتاب هللا‬
‫وسنة نبيه صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فمن الكتاب الكريم قول هللا تعالى‪{ :‬يََٰٓأَيُّهَا ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُواْ َال‬
‫سكُمۡۚۡ ِإنَّ ٱ َّ َ‬
‫ّلل كَانَ‬ ‫ت َ ۡأكُلُ َٰٓو ْا أ َ ۡم َولَكُم بَ ۡينَكُم ِبٱ ۡلبَ ِط ِل ِإ َّ َٰٓال أَن تَكُونَ تِ َج َر ًة عَن ت َ َر ٖ‬
‫اض ِمنكُمۡۚۡ َو َال ت َ ۡقتُلُ َٰٓو ْا أَنفُ َ‬
‫‪21‬‬
‫يما }‪.‬‬ ‫ِبكُمۡ َر ِح ٗ‬

‫ووجه الغرر في عقود الخيارات هو عدم معرفة حصول العقد من عدمه‪،‬‬


‫ف المتعاقدين في إطار هذه العقود تدفعهم مجرد توقعات غير مؤكدة‪ ،‬فمشتري الخيار دافعه‬
‫مجرد توقعه أن تتغير األسعار في صالحه ليمارس حقه في التنفيذ‪ ،‬وكذلك البائع فإنه يتوقع‬
‫تغير األسعار في غير صالح المشتري‪ ،‬وإال سيمارس هذا األخير حقه في الشراء أو في البيع‪،‬‬
‫وسيضطر البائع في حالة خيار الشراء إذا لم يكن مالكا لألسهم مثال إلى شرائها من السوق‬
‫بالسعر المرتفع‪ ،‬ليسلمها إلى المشتري‪ ،‬كما سيضطر في حالة خيار البيع إذا لم يكن له غرض‬
‫في األسهم إلى بيعها في السوق بالسعر المنخفض‪ ،‬متكبدا في كال الحالتين خسارة تذهب بثمن‬
‫الخيار الذي قبضه من المشتري ‪.‬وهذا األمر أي إقدام المشتري على ممارسة حقه في الشراء‬
‫أو البيع هو أمر مجهول للبائع‪ ،‬مبني على أمر مجهول وهو تغير األسعار‪ ،‬وقد يقدم المشتري‬
‫على ممارسة الخيار فال يحصل البائع على مقصوده من العقد‪ ،‬وقد ال يقدم على ممارسة الخيار‬
‫‪22‬‬
‫فيحصل للبائع مقصوده وكل ذلك غرر بالنسبة له‪.‬‬

‫وقد تبين مما تقدم أن مشتري االختيار سواء كان اختيار شراء أم اختيار بيع ‪ ،‬إنما‬
‫ما يقدم على ممارسته إذا تغيرت األسعار في صالحه بأن ترتفع األسعار بالنسبة لمشتري حق‬
‫الشراء‪ ،‬أو تنخفض بالنسبة لمشتري حق البيع ‪،‬وتغير األسعار في صالحه أمر مجهول له‪ ،‬قد‬

‫‪ 21‬سوره النساء‪ ،‬اآلية‪.29 :‬‬


‫‪ 22‬مبارك آل سلمان بن محمد آل سلمان ‪،‬أحكام التعامل في األسواق المالية المعاصرة‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بدون ذكر المطبعة‪ ،‬السنة‪2003 :‬‬
‫‪،‬ص‪.1054- 1053 :‬‬

‫‪14‬‬
‫يحصل فيمارس حقه في الشراء أو البيع‪ ،‬وقد ال يحصل فتذهب عليه فائدة المعقود عليه (حق‬
‫اختيار)‪ ،‬ألنه لن يستعمله حينئذ‪ ،‬والمعقود عليه إذا خلى من الفائدة كان كالمعدوم‪ ،‬فكان‬
‫‪23‬‬
‫المعقود عليه مترددا في حصوله بين الوجود والعدم وهذا هو معنى الغرر‪.‬‬

‫لهذا يمكن القول بأن عقود الخيارات تشتمل على الغرر ألن هذه العقود هي من‬
‫باب بيع اإلنسان ما ليس عنده وبيع ما ال يملكه والعلة عدم القدرة على تسليم المبيع‪ ،‬وهذه العلة‬
‫بين الفقهاء هي من األمور التي يتحقق بها الغرر‪ ،‬كما أن المعقود عليه في عقود الخيارات ليس‬
‫موجودا وقت العقد‪ ،‬وبالتالي فانعدام المبيع وقت العقد هو صورة من صور الغرر التي تكون‬
‫على محل العقد وبالتالي ف عقود الخيارات غير جائزة شرعا الشتمالها على الغرر‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تعارض الخيارات مع قاعدة العدل في المعامالت‬

‫األصل في العقود جميعها العدل‪ ،‬فبه بعث الرسل وبه أنزلت الكتب‪ ،‬إذ قال‬
‫س ِط ۖ َوأ َ ْن َز ْلنَا‬
‫اس ِبا ْل ِق ْ‬ ‫يزانَ ِل َيقُو َم النَّ ُ‬ ‫ت َوأ َ ْن َز ْلنَا َم َع ُه ُم ا ْل ِكت َ َ‬
‫اب َوا ْل ِم َ‬ ‫سلَنَا ِبا ْل َب ِينَا ِ‬
‫س ْلنَا ُر ُ‬‫تعالى‪{ :‬لَقَ ْد أ َ ْر َ‬
‫ي‬‫َّللا َق ِو ٌّ‬ ‫ب ۚۡ ِإنَّ َّ َ‬ ‫سلَهُ ِبا ْلغَ ْي ِ‬ ‫َّللا َم ْن َي ْن ُ‬
‫ص ُر ُه َو ُر ُ‬ ‫اس َو ِل َي ْعلَ َم َّ ُ‬ ‫شدِي ٌد َو َمنَا ِف ُع ِللنَّ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ا ْل َحدِي َد ِفي ِه َبأ ْ ٌ‬
‫‪24‬‬
‫ع َِزي ٌز}‪.‬‬

‫والعدل هو التسوية بين الشيئين عند انعدام الفوارق‪ ،‬وفي العقود يكون العدل في‬
‫التسوية بين المتعاقدين‪ ،‬وهو واجب ونقيضه الظلم‪ ،‬وعدم العدل في عقود الخيارات يكمن في‬
‫إعطاء أحد المتعاقدين فرصة واسعة ألن يحقق مكاسب على حساب المتعاقد اآلخر‪ ،‬إذ أنه تتاح‬
‫له فرصة معرفة مستويات األسعار في موعد التصفية‪ ،‬ومقارنتها بأسعار التعاقد‪ ،‬ثم يختار هل‬
‫ينفذ العقد أم يفسخه؟ هل يستزيد من البيع أم يكتفي بالكمية المتعاقد عليها؟ هل يختار وضعية‬
‫البائع أم وضعية المشتري؟ وبذلك تتاح له الفرصة الواسعة ألن يحقق مكاسب كبيرة أو يقلل‬
‫خسارته تجاه من ال يملك الخيار‪ ،‬وال شك أن في هذا ظلم وزور‪.‬‬

‫‪ 23‬مبارك بن سليمان آل فواز‪ ،‬األسواق المالية من منظور إسالمي‪ ،‬مركز النشر العلمي‪ ،‬جامعة المالك عبد العزيز‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة‪،2010 :‬‬
‫ص‪.106 :‬‬
‫‪ 24‬سورة الحديد‪ ،‬اآلية‪.25 :‬‬

‫‪15‬‬
‫بيد أن مفهوم العدل يتحقق حال انتفاء التكافؤ بين طرفي العقد‪ ،‬أو قيامه على‬
‫استغالل لم يقدمه مجانا؛ وإنما مقابل ثمن‪ ،‬ثم إن تنفيذ الخيار لن يكون مجانا‪ ،‬وإنما يحدد فيه‬
‫‪25‬‬
‫ثمن األصل المالي‪ ،‬والمفترض كونه عادال ومربحا لمالك الخيار‪.‬‬

‫وبهذا يمكن القول بأن عقود الخيارات تتعارض مع قاعدة العدل‪ ،‬وبالتالي ال يجوز‬
‫التعامل بها‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬انطواء عقود الخيارات على القمار‬

‫القمار هو ما يكون فاعله مترددا بين أن يغنم وبين أن يغرم‪ ،‬وقد ورد النهي عن‬
‫القمار في كتاب هللا عز وجل‪ ،‬إذ قال تعالى‪{ :‬يَا أَيُّهَا الَّ ِذينَ آ َمنُوا إِنَّ َما ا ْل َخ ْم ُر َوا ْل َم ْي ِ‬
‫س ُر‬
‫ان فَاجْ تَنِبُوهُ لَعَلَّكُ ْم ت ُ ْف ِل ُحونَ }‪.26‬‬
‫ط ِ‬‫ش ْي َ‬ ‫َاب َو ْاأل َ ْز َال ُم ِرجْ ٌ‬
‫س ِم ْن َ‬
‫ع َم ِل ال َّ‬ ‫َو ْاأل َ ْنص ُ‬

‫وإن في التعامل بعقود الخيارات قمارا صريحا‪ ،‬ذلك أن كل خسارة محققة‬


‫للمشتري هي في المقابل تمثل ربحا محققا للبائع والعكس صحيح‪ ،‬وتبلغ خسارة مشتري الخيار‬
‫بخسارته لسعر الخيار‪ ،‬كما أن مقدار الربح يظل محدودا مهما انخفض سعر السهم وقت‬
‫الممارسة‪ ،‬أما خسارة بائع حق الخيار فتتمثل في الفرق بين سعر الممارسة وثمن الخيار عند‬
‫التعاقد‪.‬‬

‫كما أن القمار موجود في عقود االختيار في الحالة التي تنتهي فيها الصفقة‬
‫بالتسوية النقدية التي يكتفي فيها المتعاقدان بقبض أو دفع فرق السعرين‪ :‬سعر التنفيذ وسعر‬
‫السوق‪ ،‬سواء كان غرض المتعاقدين المضاربة على فروق األسعار‪ ،‬أم كان غرضهما‬
‫االحتياط ضد تقلبات األسعار‪ ،‬وذلك لتردد كل واحد منهما بين الغنم والغرم ‪،‬وذلك أن األمر‬
‫بالنسبة لألسعار ال يخلو من حالتين‪:‬‬

‫‪ 25‬رائد نصري أبو مؤنس‪ ،‬مدى إمكانية التعامل بحقوق الخيارات في األنشطة االقتصادية اإلسالمية‪ -‬دراسة فقهية تحليلية‪ ،‬مجلة إسرا الدولية للمالية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬المجلد الخامس‪ ،‬دجنبر ‪ ،2014‬ص‪ ،79 :‬منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://www.researchgate.net/publication‬‬
‫‪ 26‬سورة المائدة‪ ،‬اآلية‪.90 :‬‬

‫‪16‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬أن تتحقق توقعات محرر االختيار وذلك بانخفاض األسعار في حالة‬
‫اختيار الشراء أو لن يمارس حقه في الشراء أو في البيع وحينئذ فإن مشتري االختيار سيخسر‬
‫‪27‬‬
‫ثمن االختيار الذي هو في الوقت نفسه ربح لمحرر االختيار‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬أن تتحقق توقعات مشتري االختيار وذلك بارتفاع األسعار في حالة‬
‫اختيار الشراء أو بانخفاضها في حالة اختيار البيع‪ ،‬وفي هذه الحالة فإن مشتري اختيار الشراء‬
‫سيمارس حقه في الشراء‪ ،‬كما سيمارس مشتري اختيار البيع حقه في البيع‪ ،‬وحينئذ فإن مشتري‬
‫االختيار سيقبض من المحرر في كل نوعي االختيار الفرق بين سعر التنفيذ وسعر السوق الذي‬
‫سيكون أكثر من المبلغ الذي دفعه ثمنا لالختيار ‪،‬وهذا يمثل ربحا لمشتري االختيار وخسارة‬
‫لمحرره‪ ،‬فكان كل واحد من المتعاقدين مترددا بين الغنم والغرم‪ .‬وهذا هو حقيقة القمار‪ ،‬فضال‬
‫عما في ذلك من الربا‪ ،‬وذلك أن غرض العقد هو بيع دراهم بدراهم أكثر منها ‪،‬فإن مشتري‬
‫االختيار يدفع ثمن االختيار ليقبض فرق السعر الذي هو أكثر من ثمن االختيار وذلك عندما‬
‫يتحقق توقعه‪.‬‬

‫أ ما في الحالة التي تنتهي بتسليم السلعة وتسلم ثمنها وإن كانت حالة نادرة‪ ،‬فإن‬
‫عقد االختيار وإن كان ال يسلم من الغرر إال أنه ال تتحقق فيه صورة القمار بالمعنى المذكور‪،‬‬
‫حتى ولو كان قصد المتعاقدين المضاربة على فروق األسعار‪ ،‬وذلك أن القمار ال يتحقق إال إذا‬
‫كان كل واحد من المتعاقدين يحتمل أن يغنم ويحتمل أن يغرم‪ ،‬أما إذا كان احتمال الغنم في‬
‫جانب واحتمال الغرم في الجانب اآلخر دون العكس فليس هو القمار‪.‬‬

‫وفي عقود االختيار التي تنتهي بالتسليم والتسلم فإن الغنم يكون محتمال في حق محرر‬
‫االختيار والغرم في حق مشتريه ‪ ،‬وذلك عندما تتحقق توقعات محرر االختيار فتنخفض األسعار‬

‫مبارك بن سلمان آل فواز ‪ ،‬األسواق المالية من منظور إسالمي ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.107 :‬‬ ‫‪27‬‬

‫‪17‬‬
‫في حالة اختيار الشراء أو ترتفع في حالة اختيار البيع‪ ،‬حيث لن يمارس مشتري االختيار حقه‬
‫في الشراء أو في البيع ليربح المحرر ثمن االختيار ويخسره المشتري‪.28‬‬

‫أما إذا تحققت توقعات مشتري االختيار ومارس حقه في الشراء أو في البيع فإنه وإن‬
‫حقق غنما يمثل غرما لمحرر االختيار ‪،‬إلى أن الغنم والغرم هنا ليس راجعا الى عقد االختيار‬
‫ذاته وإنما هو راجع إلى أمر خارج عنه يتمثل في شراء البيع األسهم في السوق بأقل من سعر‬
‫التنفيذ الذي باعها به وبيع المشتري لها في السوق بأقل من سعر التنفيذ الذي اشتراها به‪ ،‬وذلك‬
‫في حالة اختيار البيع ‪ ،‬أو في شراء البائع األسهم من السوق بأكثر من سعر التنفيذ الذي باعها‬
‫به وبيع المشتري لها بأكثر من سعر التنفيذ الذي اشتراها به‪ ،‬وذلك في حالة اختيار الشراء‬
‫‪،‬هذا فضال عن أن األسهم قد تكون في ملك المحرر الختيار الشراء ‪،‬وهو ما يعرف باالختيار‬
‫‪29‬‬
‫المغطى‪ ،‬حيث لن يضطر إلى شرائها من السوق أصال‪.‬‬

‫وبالتالي فالتعامل في عقود الخيارات قائم على القمار والميسر بالنسبة لمشتري وبائع‬
‫حق االختيار على السواء‪ .‬وذلك ألن القمار هو الذي يستوي فيه الجانبان في احتمال الغرامة‪،‬‬
‫أو ما يكون فاعله مترددا بين أن يغنم أو يغرم‪ ،‬وهذا المعنى متحقق في عقود الخيار وذلك‬
‫‪30‬‬
‫لتردد كل من المشتري والبائع لحق االختيار بين الغنم والغرم‪.‬‬

‫الفقرة الخامسة‪ :‬اندراج عقود الخيارات تحت بيع الكالئ بالكالئ‬

‫بيع الكالئ بالكالئ هو بيع الدين بالدين وصورته" أن يشتري بضاعة مؤجلة التسليم‬
‫بثمن مؤجل التسليم كذلك سواء اتحد األجالن أو اختلفا‪"31.‬‬

‫فبيع الكالئ بالكالئ مناف لميزان العدل الشرعي للمعاوضات المتمثل في قوله عليه‬
‫الصالة والسالم‪" :‬الخراج بالضمان"‪ .‬ووجه منافاته أن أحد الطرفين يضمن لآلخر المبدل دون‬

‫‪ 28‬مبارك بن سلمان آل فواز ‪ ،‬األسواق المالية من منظور إسالمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.108 :‬‬
‫‪ 29‬مبارك بن سلمان آل فواز‪ ،‬األسواق المالية من منظور إسالمي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.109 :‬‬
‫‪ 30‬مصطفى عبد الغفار عباس خليفة‪ ،‬عقود خيارات األسهم في األسواق المالية ‪ -‬دراسة فقهية مقارنة‪ ،‬ص‪ .156 -155 :‬بدون ذكر المطبعة والطبعة‬
‫‪ 31‬سامي ابن إبراهيم السويلم ‪،‬عقد الكالئ بالكالئ تدليال وتعليال‪ .،‬بدون ذكر الطبعة والمطبعة‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬ص‪9:‬‬

‫‪18‬‬
‫أن يملك حق االنتفاع بالبدل‪ ،‬فهو ضمان ومسؤولية ال يقابلها حق االنتفاع‪ ،‬وهذا اختالل لميزان‬
‫العدل الشرعي بين الحقوق وااللتزامات وعقود الخيارات هي ضمان طرف آلخر دون أن‬
‫يملك الضامن حقا انتفاع بشيء مطلقا‪ ،‬وبالتالي فبيع الكالئ بالكالئ ممنوع شرعا سواء كان‬
‫‪32‬‬
‫البيع للمدين أو للدائن‪.‬‬

‫وعليه وبالنظر إلى كيفية تنفيذ عمليات عقود الخيارات في البورصة نجدها تنشئ دينا‬
‫على أحد الطرفين أو كليهما‪ ،‬وتخلو من القبض على كال الطرفين‪ .‬إذا فحقيقة عقود الخيارات‬
‫هي دين يثبت في ذمة المدين على سبيل المعاوضة دون أن يقبض في مقابله ما ينتفع به ‪،‬وهذا‬
‫هو حقيقة عقد الكالئ بالكالئ‪.‬‬

‫ومن كل ما تقدم يتبين أن عقود الخيارات هي صورة من صور بيع الكالئ بالكالئ وقد‬
‫‪33‬‬
‫ورد النهي عنه‪.‬‬

‫الفقرة السادسة‪ :‬تعارض عقود الخيارات مع قصد الشارع من إباحة خيار الشرط‬

‫شرعت الخيارات بشكل عام إم ا ضمانا لرضا العاقدين‪ ،‬أو حفظا لمصلحتهما‪ ،‬أو دفعا‬
‫للضرر الذي قد يلحق أحد العاقدين؛ فهي إذن مشروعة للضرورة والحاجة إليه‪.‬‬

‫وبالتالي يتم التساؤل هل عقود الخيارات المعاصرة تحقق مقاصد الشرع من إباحة خيار‬
‫الشرط‪ ،‬أم أنها تتعارض مع المقصود الذي شرع خيار الشرط من أجله؟‬

‫إن الناظر في عمليات عقود الخيارات التي يتعامل بها المستثمرون في األسواق المالية‬
‫(البورصة) يجد أن كال من البائع والمشتري ليس له قصد من تعامله بهذه العقود إال تحقيق‬
‫أكبر ربح ممكن‪ ،‬وذلك من خالل المراهنة على فروق األسعار وتغيرها‪ ،‬حتى إن هذه العقود‬
‫تعطي الحق للمشتري أو البائع في طلب المزيد من السلعة المشتراة أو المباعة إذا رأى أحدهم‬

‫أبو سليمان عبد الوهاب‪ ،‬فقه المعامالت الحديثة‪ ،‬دار إبن الجوزي‪ -‬مكة المكرمة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2004‬ص‪.127 :‬‬ ‫‪32‬‬

‫محمود فهد مهيدات‪ ،‬عقود الخيارات ودورها في األزمة المالية من منظور االقتصاد اإلسالمي ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.136:‬‬ ‫‪33‬‬

‫‪19‬‬
‫أن ذلك يحقق مكاسب له‪ ،‬إذن فهذه العقود هي طريقة لتحديد المستفيد من المتعاملين فيها هل‬
‫‪34‬‬
‫هو بائع أم مشتر‪ ،‬وكل هذا متعارض مع قصد الشارع من إباحته لخيار الشرط‪.‬‬

‫ومخالفة عقود الخيارات لماهية عقد خيار الشرط في الفقه اإلسالمي تتضح من حيث‬
‫محل العقد(أوال)‪ ،‬ومن حيث وجود العقد (ثانيا) ‪ ،‬ومن خالل مالية المعقود عليه (ثالثا)‪ ،‬ومن‬
‫حيث قبض المعقود عليه (رابعا) ‪ ،‬ومن حيث ملكية المقبوض عليه (خامسا)‪ ،‬ومن حيث‬
‫التصرف في المعقود عليه زمن الخيار(سادسا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬من حيث محل العقد (المعقود عليه)‪:‬‬

‫محل العقد في الفقه اإلسالمي هو المال؛ أي العين المحسوسة أو المنافع‪ ،‬أو حق مالي‪،‬‬
‫وعليه فإن المعقود عليه في خيار الشرط يقع على المبيع؛ أي على عين السلعة ذاتها‪ ،‬أو عين‬
‫المنفعة‪ ،‬وهذا بخالف ما عليه الخيارات المالية المعاصرة‪ ،‬فالمعقود عليه هو حق مجرد لشراء‬
‫أو بيع‪ ،‬والسلعة المذكورة إنما هي رمز ‪ .‬إذن فهو حق معنوي وليس حقا عينيا أو منفعة أو‬
‫خدمة‪ ،‬كونه غير متعلق بعقار أو نحوه من األشياء المادية‪ ،‬بل هو حسم إلرادة ومشيئة‪ ،‬وليست‬
‫سلعة في الغالب ‪،‬إذ ال ينظر إلى وجودها بصورة معينة‪ ،‬فيكفي أن يمكن الحصول عليها عند‬
‫التنفيذ ‪ ،‬وبهذا يتضح أن المعقود عليه ليس فيه معنى المال؛ إذ ليس له تعلق ذاتي أو عين بما‬
‫يطلق عليه مال‪ ،‬إنما هو الخيار نفسه الذي يعطي مشتريه الحق في بيع أو شراء سلعة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬من حيث وجود المعقود عليه‪:‬‬

‫إ ن المعقود عليه في خيار الشرط في الفقه اإلسالمي يشترط فيه أن يكون موجودا‪،‬‬
‫ومقدورا على تسليمه‪ .‬وهذا الشرط مفقود في الخيارات المالية المعاصرة؛ فالمعقود عليه غير‬
‫موجود غالبا‪ ،‬كخيار الشراء على المكشوف؛ حيث إن المحرر حين حرر خيار الشراء لم يكن‬
‫يملك األوراق المال ية أو السلع أو العمالت التي التزم ببيعها‪ ،‬إنما حرر عليها الخيار وبنيته أن‬

‫محمود فهد مهيدات‪ ،‬عقود الخيارات ودورها في األزمة المالية من منظور االقتصاد اإلسالمي ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.127 :‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪20‬‬
‫يقوم بشرائها من السوق وتسليمها للمشتري‪ ،‬عندما يقرر مشتري الخيار ممارسة حقه في‬
‫‪35‬‬
‫الخيار‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬مالية المعقود عليه من حيث الثمن‪:‬‬

‫الثمن الذي يدفع في خيار الشرط كعربون‪ ،‬مختلف كليا عن العوض الذي يدفع في‬
‫الخيارات المالية المعاصرة‪ ،‬وهذا االختالف يمكن حصره في الوجوه التالية‪:‬‬

‫أ‪ .‬العربون وهو جزء من ثمن السلعة المشتراة‪ ،‬وال يذهب على صاحبه‪ ،‬إال إذا لم‬
‫يمض هو البيع‪ ،‬أما العوض الذي يدفع في الخيارات المالية المعاصرة‪ ،‬فهو ثمن للخيار ذاته‪،‬‬
‫وليس جزءا من ثمن السلعة محل الخيار‪ ،‬ويستوي في ذلك حال الشراء أو عدمه‪.‬‬

‫ب ‪ .‬ثمن الخيار الذي يدفع في الخيارات المالية هو عقد منفصل عن عقد التنفيذ؛ بمعنى‬
‫أن مشتري الخيار (خيار الشراء أو خيار البيع) يمكنه التصرف به "ببيع أو بهبة"‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬من حيث قبض المعقود عليه‪:‬‬

‫تقرر أن المعقود عليه في خيار الشرط هو من األعيان‪ ،‬أو من المنافع‪ ،‬وأنه يشترط فيه‬
‫الوجود‪ ،‬وإمكانية التسليم‪ ،‬وعليه فقبض السلع أو استيفاء المنفعة أمر ممكن ومتيسر عند رغبة‬
‫صاحب الخيار تنفيذ العقد‪ ،‬حتى ولو كانت موصوفة‪ ،‬فال بد من وجودها عند التنفيذ‪.‬‬

‫بينما في الخيارات المالية المعاصرة‪ ،‬فقد تقرر أن المعقود عليه حق مجرد لشراء أو بيع‬
‫كمية محددة في زمن محدد من سلعة موصوفة‪ ،‬ال ينظر إلى وجودها عند العقد‪ ،‬وليست هنا‬
‫ثمة مشكلة في إمكانية تسليم األسهم أو األوراق المالية؛ أي قبضها عند رغبة المشتري تنفيذ‬
‫العقد‪ ،‬إنما القبض يصعب ‪-‬إن لم يكن مستحيال‪ -‬في حالة الخيار على المؤشرات عند الرغبة‬
‫بالتنفيذ للعقد‪ ،‬وخاصة إذا كان سعر السوق وقت التنفيذ يفوق السعر المتفق عليه؛ لذلك يلجأ إلى‬

‫محمود فهد مهيدات‪ ،‬عقود الخيارات ودورها في األزمة المالية من منظور االقتصاد اإلسالمي ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.128:‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪21‬‬
‫التسوي ة بين المتعاقدين تسوية نقدية‪ ،‬وذلك بدفع محرر الخيار لمشتريه الفرق بين قيمة المؤشر‬
‫المحددة في العقد كسعر للتنفيذ‪ ،‬وبين قيمة المؤشر وقت التنفيذ‪.‬‬

‫إذن فقبض المعقود عليه في عقود الخيارات غير متوفر‪ ،‬بل ال يكون تسليما أساسا‪ ،‬ألن‬
‫‪36‬‬
‫محرر الخيار غالبا ال ينفذ االتفاق‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬من حيث ملكية المعقود عليه‪:‬‬

‫من المقرر فقها أن من شروط المعقود عليه‪ :‬الملك التام؛ ألن البيع تمليك؛ فال ينعقد بما‬
‫ليس بمملوك‪ ،‬بمعنى أنه يشترط أن يكون مملوكا للبائع‪ ،‬وإال ال ينعقد البيع لنهيه صلى هللا عليه‬
‫وسلم (ال تبع ما ليس عندك)‪ .‬وبما أن خيار الشرط ال يكون إال في عقد صحيح تام الشروط‪،‬‬
‫فإن ملكية المعقود عليه مت حققة للبائع‪ .‬أما في الخيارات المعاصرة فملكية المعقود عليه غير‬
‫متحققة‪ ،‬وقد يقال‪ :‬توفره في األسواق مبرر لذلك البيع‪ ،‬فيرد عليه‪ :‬أن توفره في األسواق ليس‬
‫مبررا لبيع ما ليس ملكا للعاقد‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬من حيث التصرف في المعقود عليه زمن الخيار‪:‬‬

‫خيار الشرط في الفقه اإلسالم ي إما للبائع وإما للمشتري‪ :‬فإن كان الخيار للبائع؛ فال‬
‫يخرج المبيع عن ملكه‪ ،‬وهنا ليس للمشتري حق التصرف في المبيع‪ ،‬حتى ولو قبضه المشتري‬
‫وهلك في يده في زمن الخيار؛ فعليه قيمته ألنه لم ينفذ البيع؛ ألنه ال نفاذ للتصرف بدون ملك‪.‬‬
‫وإن كان الخيار للمشتري؛ فالمبيع ي خرج من ملك البائع ويدخل في ملك المشتري‪ ،‬ويصح‬
‫تصرفه‪ .‬وأما إن كان الخيار لهما‪ ،‬فملكه للبائع وضمانه عليه‪ ،‬ويكون له حق التصرف هو‬
‫والمشتري إن أذن له‪ ،‬ويسقط خياره في هذه الحالة‪.‬‬

‫أما بالنسبة لتصرفات المتعاملين في عقود الخيارات المالية المعاصرة؛ فإن تصرفاتهم‬
‫بالمع قود عليه مطلقة ال قيد عليها وال شرط‪ ،‬ال في حالة البيع وال في حالة الشراء؛ ألن عقد‬

‫محمود فهد مهيدات ‪ ،‬عقود الخيارات ودورها في األزمة المالية من منظور االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.129 :‬‬ ‫‪36‬‬

‫‪22‬‬
‫الخيار ال يعني ضرورة قيام المشتري بتسليم المعقود عليه إلى المحرر مهما انخفض سعره في‬
‫تاريخ تنفيذ العقد عن السعر المتفق عليه؛ كون محرر الخيار حينئذ يقوم بدفع الفرق بين سعر‬
‫التع اقد والسعر السائد في لحظة تنفيذ العقد إلى مشتري الخيار وينتهي األمر‪ .‬وهذا يعني أن‬
‫مشتري حق الخيار بإمكانه التصرف في المعقود عليه قبل التاريخ المحدد للتنفيذ‪ ،‬وإذا ما حل‬
‫ذلك التاريخ‪ ،‬وأصر محرر الخيار على استالم المعقود عليه ‪-‬وهو أمر غير متوقع غالبا ا في‬
‫مثل هذه العقود‪ -‬فيمكن للمستثمر أن يشتري الكمية المتعاقد عليها من السوق ويسلمه إياها‪ ،‬وال‬
‫يخفى هنا إذا كان سعر السوق وقت التنفيذ يفوق السعر المتفق عليه‪ ،‬فلن يكون هناك تسليم‬
‫‪37‬‬
‫أساسا؛ ألن المستثمر لن يقوم أصالا بتنفيذ االتفاق‪.‬‬

‫وهذا يعني أن الخيار يبقى يتداول من تاريخ العقد حتى وقت التنفيذ من قبل المستثمرين‪.‬‬
‫وعليه ال يترتب أي أثر على تصرفهما بالمعقود عليه بعد إبرام العقد‪ ،‬من حيث الصحة أو‬
‫البطالن‪ ،‬ألي تصرف من تصرفاتهما بالمعقود عليه‪.‬‬

‫بهذه الفروق الجوهرية تتضح حقيقة االختالف بين خيار الشرط في الفقه اإلسالمي‪،‬‬
‫وبين الخيارات المعاصرة‪ .‬وعليه ال يمكن إلحاق عقود الخيارات المعاصرة بخيار الشرط؛‬
‫وبالتالي فإنها تتعارض مع مقصود الشارع من إباحة خيار الشرط‪.‬‬

‫وبناء على كل ما تقدم يتضح أن عقود االختيارات تحتوي على‪:‬‬

‫‪-‬بيع اإلنسان ما ليس عنده وبيع ما ال يملك حيث أن إن مشتري االختيار ال يملك‬
‫المعقود عليه وهي األصول المالية حال البيع وإنما يملك حق البيع والحق في ذاته ليس ماال وال‬
‫يجوز أن يباع من الحقوق إال ما كان ماال أو متعلقا بمال‪.‬‬

‫‪-‬عقود االختيارات من العقود الصورية التي ال يراد حقيقتها وجوهرها‪ ،‬وذلك أن‬
‫مشتري االختيار أو بائعه ال يريد شراء األصول المالية أو بيعها على الحقيقة‪ ،‬إنما يضارب‬
‫على فروق األسعار وكون هذه العقود ال يجرى تنفيذها غالبا ألن معظم المشترين ال ينوون‬
‫محمود فهد مهيدات‪ ،‬عقود الخيارات ودورها في األزمة المالية من منظور االقتصاد اإلسالمي ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.130 :‬‬ ‫‪37‬‬

‫‪23‬‬
‫استالم ما اشتروه‪ ،‬كما أن معظم البائعين ال ينوون تسليم ما باعوه‪ .‬وتنحصر العملية في قبض‬
‫أو دفع الفرق بين سعري الشراء والبيع‪ ،‬وعليه فإذا ثبتت صورية عقود االختيارات ثبت بطالن‬
‫التعامل بها‪.‬‬

‫إن عقود االختيارات تدخل ضمن أكل أموال الناس بالباطل ألن حق االختيار ليس بمال‬
‫وال متعلقا بمال‪ ،‬إنما هو حق مجرد ليس له حقيقة‪ ،‬فكان المعقود عليه معدوما ليس له وجود‬
‫حسي‪ ،‬فيكون أحد أركان العق د غير موجود‪ ،‬ومن ثم فالعقد باطل‪ ،‬كما أن هذا الحق ال نفع فيه‬
‫لمشتريه إال باستعماله وهو أمر متوقف على تغير األسعار لصالحه‪ ،‬فإن لم تتغير األسعار‬
‫‪38‬‬
‫لصالحه‪ ،‬فإنه ال يستعمله وخسر ما بذله من مال بال مقابل فكان هذا أكال للمال بالباطل‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬رأي القائلون بالجواز وأدلتهم‬

‫ذهبت الموسوعة العلمية والعملي ة للبنوك اإلسالمية إلى جواز عقود الخيارات الشرطية‪،‬‬
‫وإلى أن المال الذي يأخذه البائع من المشتري هو حق له فال يرد إلى دافعه‪ ،‬وقد استدلوا بعدد‬
‫من الحجج واألدلة منها‪:‬‬

‫قوله تعالى‪{ :‬يَـأَيُّهَا الَّ ِذينَ َءا َمنُواْ أ َ ْوفُواْ بِا ْلعُقُو ِد أ ُ ِحلَّتْ لَكُ ْم بَ ِهي َمةُ األ ْنعَ ِام إِالَّ َما يُتْلَى‬
‫َّللا يَحْ كُ ُم َما يُ ِري ُد}‪.39‬‬‫ص ْي ِد َوأَنت ُ ْم ُح ُر ٌم إِنَّ َّ َ‬ ‫علَ ْيكُ ْم َ‬
‫غي َْر ُم ِح ِلي ال َّ‬ ‫َ‬

‫وقوله صلى هللا عليه وسلم‪ ":‬والمسلمون على شروطهم إال شرطا حرم حالال أو أحل‬
‫حراما‪."40‬‬

‫‪ 38‬كامل عبد القادر حسين‪ ،‬نحو مشتقات مالية إسالمية‪ ،‬مجلة جامعة كركوك للدراسات اإلنسانية‪ ،‬المجلد ‪ ،14:‬العدد‪ ،2 :‬سنة ‪ ،2019‬ص‪،98 :‬‬
‫منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://www.iasj.net/iasj/download/2511cc0f150bbef4‬‬
‫‪ 39‬سورة المائدة‪ ،‬اآلية‪.1 :‬‬
‫‪ 40‬من حديث أبي هريرة رضي هللا عنه‪ ،‬وأخرجه الترمذي في "األحكام"‪ ،‬باب ما ذكر عن رسول هللا في الصلح بين الناس (‪ ،)1352‬من حديث‬
‫عمرو بن عوف رضي هللا عنه‪ .‬والحديث صححه األلباني في "اإلرواء"‪.1303‬‬

‫‪24‬‬
‫ولقد عمل الفقهاء المجيزون لعقود الخيارات على قياس هذه األخيرة على مختلف العقود‬
‫الجائزة ‪،‬كبيع العربون(الفقرة األولى)‪،‬وخيار الشرط(الفقرة الثانية) ‪،‬وعقد السلم(الفقرة‬
‫الثالثة)‪ ،‬وااللتزام أو الكفالة أو الضمان(الفقرة الرابعة)‪ ،‬وذلك إلبراز شرعية هذه العقود‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬قياس عقود الخيارات على بيع العربون‬

‫يرى المجيزون لعقود الخيارات أنه يمكن لبيع العربون أن يكون بديال شرعيا لعقود‬
‫الخيارات المالية‪ ،‬على أن تتحقق فيه أحكامه وضوابطه الشرعية‪.‬‬

‫والمراد ببيع العربون بيع السلعة مع دفع المشتري مبلغا من المال إلى البائع‪ ،‬على أنه‬
‫إن أخذ السلعة ا حتسب المبلغ من الثمن‪ ،‬وإن تركها فالمبلغ للبائع‪ ،‬ويجوز بيع العربون إذا قيدت‬
‫فترة االنتظار بزمن محدود ويحتسب العربون جزءا من الثمن إذا تم الشراء‪ ،‬ويكون من حق‬
‫البائع إذا عدل المشتري عن الشراء‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫و بيع العربون من البدائل الشرعية لعقود الخيارات بحيث يحفظ حق كل من الطرفين‪،‬‬
‫حيث يقع العقد بين الطرفين على شراء األصل‪ ،‬ويدفع المشتري للبائع عربونا من الثمن‬
‫المسمى في العقد‪ ،‬ويكون للمشتري الخيار في إمضاء البيع أو فسخه خالل مدة محددة تنتهي‬
‫في تاريخ االستحقاق‪ ،‬فإن أمضى البيع فالعربون جزء من الثمن‪ ،‬وإن فسخه فالعربون حق‬

‫‪ 41‬للمزيد من التوضيح يراجع‪:‬‬


‫‪ -‬شارف يحي‪ ،‬التعاقد بالعربون في القانون المدني الجزائري والفقه اإلسالمي – دراسة مقارنة‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم في‬
‫الحقوق (تخصص‪ :‬قانون مدني)‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة وهران ‪ 2‬محمد بن أحمد‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2018- 2017‬ص ‪ 9‬وما بعدها‪،‬‬
‫منشورة على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://ds.univ-oran2.dz:8443‬‬
‫‪ -‬فردوس خضير‪ ،‬بيع العربون وتطبيقاته المعاصرة‪ ،‬مذكرة تخرج تدخل ضمن متطلبات الحصول على شهادة الماستر في العلوم اإلسالمية (تخصص‪:‬‬
‫فقه مقارن وأصوله)‪ ،‬معهد العلوم اإلسالمية (قسم الشريعة)‪ ،‬جامعة الشهيد حمه لخضر – الوادي‪ ،‬السنة الجامعية ‪1440-1439‬هـ‪2019-2018/‬م‬
‫ص ‪ 12‬وما بعدها‪ ،‬منشورة على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪http://dspace.univ-eloued.dz/bitstream/123456789/4425/1/‬‬
‫‪ 42‬رهف موسى أبو فارة‪ ،‬بدائل شرعية للمشتقات في األسواق المالية اإلسالمية ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.23 :‬‬

‫‪25‬‬
‫للبائع‪ ،‬ويالحظ أن العربون يقابل سعر الخيار في العقد التقليدي وأن الثمن المسمى يساوي سعر‬
‫‪43‬‬
‫التنفيذ مضافا إليه سعر الخيار‪.‬‬

‫ف خيار الشرط وبيع العربون من التطبيقات المهمة التي جاءت كبديل عادل وشرعي‬
‫للخيارات التقليدية التي تسعى األسواق اإلسالمية إلى تطبيقها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬قياس عقود الخيارات على خيار الشرط‬

‫يمكن لخيار الشرط أن يكون بديال شرعيا لعقود الخيارات‪ ،‬إذا وقع العقد‬
‫على األصل ال على الحق‪ ،‬وأن يكون األصل موجودا معينا ومملوكا للبائع‪ ،‬فتكون الصيغة هي‬
‫عقد بيع لألصل المملوك للبائع (مشتري الخيار) بثمن محدد مع اشتراط البائع على المشتري‬
‫‪44‬‬
‫(محرر الخيار)‪ ،‬أن له الحق في فسخ العقد أثناء مدة الخيار‪ ،‬وحتى تاريخ االستحقاق‪.‬‬

‫والشبه بين عقد الخيار المالي المعاصر وبين البيع الذي اشترط فيه خيار الشرط من‬
‫جهة أن في عقد الخيار يكون للمشتري الحق في البيع أو الشراء خالل فترة محددة ‪،‬وفي البيع‬
‫الذي اشترط فيه الخيار يكون لمشترط الخيار الحق في إمضاء البيع أو فسخه خالل فترة‬
‫محددة‪ ،‬و وجه االستدالل حسب رأيهم أن من حق المضارب فسخ العقد في ميعاد التصفية‪ ،‬إذا‬
‫أحس بانقالب األسعار في غير صالحه‪ ،‬مقابل أن يدفع تعويضا للطرف اآلخر وال يرد إليه‬
‫بحال‪ ،‬ويسمى هذا الشرط بالشرط البسيط وهو شرط صحيح‪.‬‬

‫وعليه يرى أصحاب هذا الرأي أن دفع مشتري الخيار ثمن حق الخيار مقابل تخويله‬
‫حق فسخ العقد خالل مدة الخيار هو بمثابة خيار الشرط في الفقه اإلسالمي وقد أباحته الشريعة‬
‫‪45‬‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ 43‬بندر بن عبد العزيز اليحيى‪ ،‬األحكام الشرعية لعقود الخيارات المعاصرة ‪ -‬دراسة فقهية‪ ،‬مجلة العلوم الشرعية‪ ،‬المجلد ‪ ،13‬العدد ‪ ،4:‬سنة ‪،2019‬‬
‫ص‪ 28 :‬منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://jis.qu.edu.sa/files/shares/‬‬
‫‪ 44‬محمد يونس البيرقدار ‪ ،‬نحو تطوير عقود اختيارات في ضوء مقررات الشريعة اإلسالمية ‪،‬بحث مقدم للمؤتمر الثامن للهيئات الشرعية للمؤسسات‬
‫المالية اإلسالمية ‪،‬هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية ‪،‬البحرين ‪،‬سنة ‪ ،2008 :‬ص‪.4 :‬‬
‫‪ 45‬محمود فهد مهيدات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.139 :‬‬

‫‪26‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬قياس عقود الخيارات على عقد السلم‬

‫رأى بعض المجيزون أن هناك شبه بين عقد السلم وعقود الخيارات المالية‪ ،‬من حيث‬
‫أن عقد السلم عقد يتأخر فيه تسليم المبيع وأن سعر البيع المتفق عليه ابتداء إلى أجل معلوم دليل‬
‫على جواز الخيارات المالية‪ ،‬فعقود الخيارات تباع بسعر بات أو بسعر معلق على سعر‬
‫البورصة في تصفية محددة‪ ،‬ويكون منها البيع على المكشوف‪ ،‬أي يسمح فيها بالبيع لمن ال‬
‫يملك السلعة بناء على قدرته على تسليمها حيث حلول أجلها نتيجة استمرارية السوق‪.‬‬

‫وقياس الخيارات على بيع السلم غير سليم ويمكن رده من عده وجوه‪:‬‬

‫‪ -‬يشرط في صحة عقد السلم قبض الثمن في مجلس العقد‪ ،‬بينما في الخيارات ال‬
‫يشترط هذا بها بل ليس فيها قبض ال للثمن وال للمثمن‪.‬‬

‫‪ -‬في عقد السلم كال الطرفين ملزم بتنفيذ العقد حسب ما يتفقان‪ ،‬وعليه فال خيار فيه‬
‫باتفاق الجمهور‪ ،‬أما في الخيارات فال إلزام إال للبائع‪.‬‬

‫‪ -‬عقد السلم منفصل عن عقد بيع السلعة ‪ ،‬فهو عقد على حق مجرد وله ثمن خاص به‪،‬‬
‫‪46‬‬
‫أما السلم فالعقد على السلع والثمن للسلع‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬عقد خيار البيع هو التزام أو ضمانة أو كفالة‬

‫األرجح من آراء الفقهاء جواز أخذ األجرة على االلتزام أو الضمان أو الكفالة لقوة‬
‫األدلة‪ ،‬ويتحقق من خاللها مصالح ومكاسب لطرفي المعاملة‪ ،‬أو بما ال يخالف المقاصد‬
‫الشرعية‪.‬‬

‫وقياسا على هذا الحكم يمكن القول بجواز خيار البيع إذا خال من المخالفات الشرعية‬
‫األخرى‪ ،‬فمالك األوراق المالية الذي يدفع العمولة مقابل أن يكون له الحق في البيع في الفترة‬

‫هشام السعدني خليفة بدوي‪ ،‬عقود المشتقات المالية ‪ -‬دراسة فقهية اقتصادية مقارنة ‪ -‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة‪ ،2011 :‬ص‪.219 :‬‬ ‫‪46‬‬

‫‪27‬‬
‫المتفق عليها يقوم بحماية ممتلكاته بشراء التزام من الطرف اآلخر بضمان هذه األوراق‬
‫‪47‬‬
‫بشرائها إذا رغب الطرف األول‪.‬‬

‫و إذا سلمنا بجواز أخذ األجرة على محض االلتزام في الكفالة نقول‪ :‬إن قياس هذا على‬
‫جواز أخذ العوض في خيار العرض أو الدفع قياس غير مسلم فيه‪ ،‬وذلك لما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬إن الذين أجازوا أخذ األجرة على محض االلتزام اشترطوا في الملتزم به ‪ -‬إذا كان‬
‫من باب المعاوضات ‪ -‬ما يشترط في الثمن والمثمن من انتفاء الجهل والغرر‪ ،‬وأن يكون‬
‫مقدورا على تسليمه‪ ،‬وهذه العلة منتفية في الخيارات‪.‬‬

‫‪ -2‬من العلل التي أجازوا عليها أخذ العوض على االلتزام‪ ،‬اعتبار أن االلتزام له قيمة‬
‫مالية في ذاته‪ ،‬وهي علة منتفية في الخيارات‪ ،‬بدليل أن قيمتها مستمدة من مادة الخيار المذكورة‬
‫في العقد‪.‬‬

‫‪ -3‬اشترط المجيزون في قياس الخيارات على االلتزام أن تخلو الخيارات من المخالفات‬


‫الشرعية‪ .‬وهذا منتف من عقود الخيارات؛ فليست خالية من المخالفات الشرعية‪.‬‬

‫‪ -4‬من خالل النظر في نصوص المالكية في جواز أخذ العوض على االلتزام‪ ،‬يتبين أن‬
‫الملتزم ال يستحق العوض من قبل الملتزم له ‪ ،‬إال إذا لم يتحقق الملتزم به‪ ،‬كالمرأة التي تدفع‬
‫لزوجها عوضا مقابل أن ال يتزوج عليها‪ ،‬فإن الزوج ال يستحق هذا العوض إذا لم يلتزم بعدم‬
‫الزواج‪ ،‬فإن لم يلتزم وتزوج عليها فيرد عليها عوضه‪ .‬أما في عقود الخيارات فإن محرر‬
‫خ يار الدفع يحصل على قيمة الخيار‪ -‬صحيح أنه مقابل التزامه بتنفيذ العقد عندما سيطلب‬
‫مشتري الخيار ذلك منه‪ -‬لكن ه يأخذ ثمن الخيار على كل الحاالت سواء رغب مشتري الخيار‬

‫مفتاح صالح‪ ،‬المشتقات المالية اإلسالمية كبديل للمشتقات المالية الوضعية في أسواق األوراق المالية‪ ،‬ص‪ .14 :‬بدون ذكر المطبعة والطبعة‬ ‫‪47‬‬

‫‪28‬‬
‫بتنفيذ العقد أم ال؛ بمعنى إذا لم ينفذ المشتري فإنه ال يرجع على بائع الخيار بشيء‪ .‬إذن فقياس‬
‫‪48‬‬
‫خيار الدفع على االلتزام غير سليم لكل ما تقدم‪.‬‬

‫و بناء على ما سبق ذكره يتضح لي بأن عقود الخيارات غير جائزة شرعا‪ ،‬وذلك‬
‫لقوة أدلة المانعين من التعامل بها ‪،‬فأدلة أغلب المانعين لعقود الخيارات ترجع للكتاب والسنة‬
‫والقواعد األصولية الشرعية‪ ،‬عكس أدلة المجيزين والتي كانت عبارة عن أدلة ضعيفة غير‬
‫واضحة الداللة‪ ،‬أغلبيتها انطلقت من القياس باعتباره مصدرا من مصادر التشريع‪ ،‬إلى أن‬
‫توظيف هذا المصدر في االستدالل على صحة التعامل بعقود الخيارات لم يكن سليما‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬عقود الخيارات في األسواق اآلجلة‬

‫نشأ ت األسواق اآلجلة لألدوات المالية عند ظهور متطلبات جديدة للمستثمرين لتغطيتهم‬
‫من مخاطر تقلب أسعار الفائدة ‪ ،‬وأسعار الصرف في أواخر السبعينيات‪ ،‬وظهرت أولى‬
‫األسواق اآلجلة المنظمة للمشتقات المالية في الواليات المتحدة مع افتتاح بورصة شيكاغو عام‬
‫‪ ،1972‬والتي تم فيها تداول أولى العقود المستقبلية على العملة‪ ،‬وفي العام الموالي ‪1973‬‬
‫فتحت أولى سوق منظمة لعقود الخيارات‪.‬‬
‫‪49‬‬

‫ولقد شجع النجاح الواسع لألسواق اآلجلة المنظمة في الواليات المتحدة األمريكية‬
‫‪50‬‬
‫المراكز المالية الكبرى إلنشاء أسواق جديدة‪.‬‬

‫أما بالمغرب فقد تم إصدار القانون رقم ‪ 42 .12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات‬
‫كلبنة أساسية إلتمام هيكلة سوق الرساميل‪ ،‬وإطار قانوني لسوق منظمة توفر‬ ‫‪51‬‬
‫المالية‪،‬‬
‫مجموعة متكاملة من األدوات المالية الجديدة تمكن المستثمرين من التغطية ضد مخاطر تقلبات‬

‫‪ 48‬محمود فهد مهيدات‪ ،‬عقود الخيارات ودورها في األزمة المالية من منظور االقتصاد اإلسالمي ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.142 :‬‬
‫‪ 49‬السوق المنظم هو عبارة عن مكان اجتماع تجرى فيه المعامالت في ساعات محدودة من قبل عن طريق سماسرة محترفين مؤهلين ومتخصصين‪،‬‬
‫فالتعامل يتم بصورة علنية فيما يخص األوراق المالية‪ ،‬وكذا األسعار المتفق عليها‪.‬‬
‫‪ 50‬الموقع الرسمي لوزارة االقتصاد والمالية ‪. www.finances.gov.ma‬‬
‫‪ 51‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.14.96‬الصادر في ‪ 20‬من رجب ‪ 20( 1435‬ماي ‪ )2014‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 42.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات‬
‫المالية المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 6263‬الصادر في ‪ 11‬شعبان ‪ 9( 1435‬يونيو ‪ )2014‬ص ‪.4833‬‬

‫‪29‬‬
‫أصول أساسية‪ ،‬ولقد أشار المشرع المغربي لعقود الخيارات في إطار القانون رقم ‪42 .12‬‬
‫كما نظم كيفية التعامل بها في إطار مشروع القانون رقم ‪46.17‬‬ ‫‪52‬‬
‫المتعلق باألسواق اآلجلة‪،‬‬
‫‪53‬‬
‫المتعلق باألدوات المالية اآلجلة‪.‬‬

‫فعقود الخيارات كما جاء في قانون األ سواق اآلجلة تعتبر أدوات مالية آجلة وتعد هذه‬
‫األخيرة من مظاهر التطور الحديث في األسواق المالية الدولية‪.‬‬

‫وتعتبر السوق اآلجلة لبنة أساسية الستكمال بنية السوق المالي الوطني ‪،‬حيث تهدف إلى‬
‫تعميق السوق المالي والرفع من أدائها ودعم استقرارها ومحاولة من المغرب في تنظيم سوق‬
‫مشتقات متكامل‪ ،‬إذ يعتبر قانون األ سواق اآلجلة‪ ،‬ومشروع قانون األدوات المالية اآلجلة خطوة‬
‫نحو سوق مالي متكامل‪.‬‬

‫وتعرف المعامالت داخل األسواق المالية اآلجلة مميزات خاصة‪ ،‬حيث أن العقد يجري‬
‫‪54‬‬
‫فيها على سلع غير متوفرة في الحال إضافة الى عدم دفع ثمنها‪.‬‬

‫وبناء على ذلك سأحاول في هذا المبحث تحديد النظام الداخلي للسوق اآلجلة لألدوات‬
‫المالية [المطلب األول]‪ ،‬ومعالجة كيفية تداول عقود الخيارات داخل هذه السوق[المطلب‬
‫الثاني]‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬النظام الداخلي للسوق اآلجلة لألدوات المالية‬

‫‪ 52‬تعد السوق اآلجلة سوقا يتم فيها تداول األدوات المالية اآلجلة التي تهدف لحماية المستثمرين من مخاطر تقلبات أسعار أصول أخرى‪ ،‬وتقسم السوق‬
‫اآلجلة إلى‪ :‬سوق العقود المستقبلية‪ ،‬وسوق المبادلة‪ ،‬ثم سوق عقود الخيارات‪.‬‬
‫‪ 53‬المنشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪http://www.sgg.gov.ma/portals/0/AvantProjet/171/Avp_loi_46.17_Ar.pdf‬‬
‫تنص المادة ‪ 2‬من مشروع هذا القانون على أنه "ألجل تطبيق (مشروع) هذا الفانون يراد باألدوات المالية‪ ،‬األدوات المالية كما هي معرفة في المادة ‪2‬‬
‫من القانون رقم ‪ 44.12‬المتعلق بدعوة الجمهور إلى االكتتاب وبالمعلومات المطلوبة لألشخاص المعنويين والهيئات التي تدعو الجمهور إلى االكتتاب‬
‫في أسهمها وسنداتها‪".‬‬
‫‪ 54‬المهدي أدنجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.49-48:‬‬

‫‪30‬‬
‫تمثل األسواق المالية أداة أ ساسية من أدوات النمو االقتصادي لما لها من أثر إيجابي في‬
‫تنشيط االقتصاد‪ ،‬والمتمثل أساسا في استغاللها لمدخرات المستثمرين‪ ،‬وتوجيهها في أنشطة‬
‫ومشاريع تحقق لهم عوائد مالية‪ ،‬ناهيك عن الكثير من المزايا التي تحقق التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫وبما أن معرض حديثي في هذا المطلب سيكون عن السوق اآلجلة لألدوات المالية‪ ،‬فقد‬
‫قررت التطرق لكيفية إدارة هذه السوق [الفقرة األولى]‪ ،‬واألجهزة الرقابية التي تسهر على‬
‫حسن سير السوق [الفقرة الثانية]‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إدارة السوق اآلجلة‬

‫ال يخفى على جل الباحثين بأن السوق المالية وخاصة سوق رأس المال يتوفر على‬
‫أجهزة تتكفل بتدبير هذا األخير‪ ،‬وتسييره طبقا للقواعد المنظمة له‪ ،‬وتعتبر الشركة المسيرة‬
‫‪55‬‬
‫للبورصة هي الجهاز الذي أناط به المشرع قانونا مهمة تسير البورصة‪.‬‬

‫حيث تعد هذه األخيرة بمثابة العمود الفقري من الجسد الذي يدور حوله نشاط األجهزة‬
‫المتدخلة في البورصة‪ ،‬لذا فقد أناط المشرع المغربي مهام إدارة هذه األخير بشركة مساهمة‬
‫ذات امتياز‪ ،‬وتتمكن هذه الشركة من تسيير البورصة بطريقة مباشرة عبر شركة تابعة لها‬
‫تحت مسؤوليتها‪ ،‬ويكون غرضها األساسي هذا التسيير‪.‬‬

‫وهكذا تقوم الشركة ال مسيرة بدور فعال في البورصة‪ ،‬حيث تعد بمثابة القلب النابض‬
‫الذي يضخ الدماء في الجسم‪ ،‬ومعنى هذا أن جميع األنشطة ذات الصلة بالبورصة تتدخل فيه‬
‫هذه الشركة‪ ،‬فهي تقوم بتنظيم سير البورصة عن طريق تعليمات تصدرها للمتدخلين في‬
‫السوق‪ ،‬وتأخذ التدابير الالزمة من أجل الحفاظ على أمن السوق‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك تناط‬
‫بالشركة المسيرة مهام القيد في جدول األدوات المالية‪ ،‬كما يمكنها أن تقرر التشطيب على كل‬
‫أداة مالية‪ ،‬وإذا ظهرت للشركة المسيرة أسباب موجبة لوقف تسعير األدوات المالية المقيدة‬

‫‪ 55‬تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 8‬من قانون ‪ 42. 12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية على أنه‪" :‬تحدث شركة مساهمة تسمى الشركة المسيرة‬
‫للسوق اآلجلة‪ ،‬تضطلع بمقتضى امتياز مخول بإدارة السوق اآلجلة لألدوات المالية وفق دفتر تحمالت يصادق عليه الوزير المكلف بالمالية‪".‬‬

‫‪31‬‬
‫‪56‬‬
‫بأحد جداول األسعار‪ ،‬أوقفت التسعير المعمول به مع احتفاظها بإمكانية استئناف التسعير‪،‬‬
‫وبعبارة أخرى؛ أناط المشرع المغربي بالشركة المسيرة للبورصة عده مهام‪ ،‬حيث تتكفل بمهمة‬
‫تنظيم السوق المالية‪ ،‬ويمكن لها أن تصدر قرارات ذات صيغة تنظيمية وذلك‪ ،‬طبقا ألحكام‬
‫‪ 19 .14‬المتعلق ببورصة القيم وشركات البورصة والمرشدين في االستثمار‬ ‫القانون رقم‬
‫‪57‬‬
‫المالي‪.‬‬

‫كما أوكل المشرع المغربي للشركة المسيرة للبورصة مهمة البث في طلبات القيد‬
‫‪58‬‬
‫بجدول أسعار البورصة وشطبها منه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األجهزة الرقابية للسوق اآلجلة‬

‫أحدث المشرع المغربي أسوة بالتشريعات المقارنة هيئة مستقلة وقائمة بذاتها بقصد‬
‫مراقبة وضبط العمليات الرائجة بالسوق المالية واإلشراف على هذه األخيرة‪ ،‬من أجل تحقيق‬
‫شفافية عمليات البورصة وضمان المساواة بين مختلف المتدخلين في السوق‪ ،‬وذلك بقصد‬
‫الضرب من حديد على أي ادي المستبدين‪ ،‬وبتر كل التجاوزات التي من شأنها المساس بالسوق‬
‫المالية‪.‬‬

‫لذلك تعتبر الهيئة المغربية لسوق الرساميل الجهة المخول لها قانونا مراقبة وتنظيم‬
‫‪59‬‬
‫السوق المالية من أجل حماية االدخار‪.‬‬

‫‪ 56‬المادة ‪ 9‬من قانون ‪ 42.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية‪.‬‬


‫‪ 57‬الظهير الشريف رقم ‪ 151.16.1‬الصادر في ‪ 21‬من ذي القعدة ‪ 25( 1437‬أغسطس ‪ )2016‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 19.14‬المتعلق ببورصة القيم‬
‫وشركات البورصة والمرشدين في االستثمار المالي المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 6501‬الصادر في ‪ 17‬ذي الحجة ‪ 19( 1437‬سبتمبر ‪)2016‬‬
‫ص ‪.6681‬‬
‫‪ 58‬حسن السوسي‪ ،‬نحو بناء مفهوم حديث لألسواق المالية‪ ،‬مقال بالمجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية‪ ،‬العدد‪ ،8 :‬سنة‪ ،2021 :‬ص‪ ،69-68 :‬منشور‬
‫على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://revues.imist.ma/index.php/RERJ/article/view/27949/14609‬‬
‫‪ 59‬تنص المادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪ 12.43‬المتعلق بالهيئة المغربية لسوق الرساميل المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 6142‬بتاريخ ‪ 30‬جمادى األولى‬
‫‪ 11( 1434‬أبريل ‪ )2013‬ص ‪ 3157‬على أنه‪" :‬تمارس الهيئة المغربية لسوق الرساميل اختصاصات المراقبة المسندة إليها وفق النصوص التشريعية‬
‫المعمول بها إزاء الهيئات واألشخاص الخاضعين لمراقبتها والمشار إليهم في هذه المادة‪ .‬كما تتأكد من احترامهم لألحكام التشريعية والتنظيمية المطبقة‬
‫عليهم وال سيما تلك المتعلقة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬شركات البورصة والمرشدون في االستثمار المالي والشركة المسيرة لبورصة القيم الخاضعة للظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم ‪1.93.211‬‬
‫بتاريخ ‪ 4‬ربيع اآلخر ‪ 21( 1414‬سبتمبر ‪ )1993‬المتعلق ببورصة القيم؛‬

‫‪32‬‬
‫وهكذا فإن الهيئة المغربية لسوق الرساميل تعتبر شرطي السوق المالية‪ .‬حيث تعمل‬
‫على خلق مناخ متزن وشفاف لالست ثمار‪ ،‬وذلك بدفع كل ما من شأنه أن يضر بمصالح السوق‬
‫المالية‪ ،‬وبالمتدخلين فيها ‪،‬إذ تتمتع الهيئة بسلطات عديدة منها‪ :‬السلطة التنظيمية‪ ،‬والسلطة‬
‫االستشارية‪ ،‬والسلطة الرقابية‪.‬‬

‫فالسلطة التنظيمية تتعلق بتنظيم السوق المالية‪ ،‬وإصدار دوريات تنطوي على‬
‫مقتضيات ترمي إلى تنظيم سير السوق‪ ،‬ويلتزم المتدخلون باألحكام التي أصدرتها الهيئة‪.‬‬

‫وبالنسبة للسلطة االستشارية فيمكن للحكومة أن تستشير الهيئة المغربية لسوق‬


‫الرساميل بشأن مسألة معينة من المسائل التي من شأنها التأثير على ممارسة صالحياتها‪ ،‬وفقا‬
‫‪60‬‬
‫للمادة ‪ 3‬من القانون المنظم للهيئة المغربية لسوق الرساميل‪.‬‬

‫‪ -‬الهيئات المكلفة بالتوظيف الجماعي للقيم المنقولة ومؤسساتها المسيرة و مؤسساتها الوديعة الخاضعة للظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم‬
‫‪ 1.93.213‬بتاريخ ‪ 4‬ربيع اآلخر ‪ 21( 1414‬سبتمبر ‪ )1993‬المتعلق بالهيئات المكلفة بالتوظيف الجماعي للقيم المنقولة؛‬
‫‪ -‬الوديع المركزي وماسكوا الحسابات واألشخاص المعنوية المصدرة الخاضعة للقانون رقم ‪ 35.96‬المتعلق بإحداث وديع مركزي وتأسيس نظام عام‬
‫لقيد بعض القيم في الحساب؛‬
‫‪ -‬هيئات توظيف األموال بالمجازفة وشركاتها المسيرة الخاضعة للقانون رقم ‪41.05‬؛‬
‫‪ -‬صناديق التوظيف الجماعي للتسنيد ومؤسساتها للتدبير واإليداع الخاضعة للقانون رقم ‪33.06‬؛‬
‫‪ -‬األشخاص الذاتية أو المعنوية الخاضعة ألحكام القانون رقم ‪ 26.03‬المتعلق بالعروض العمومية في سوق البورصة؛‬
‫‪ -‬األشخاص الذين يدعون الجمهور إلى االكتتاب وفق مقتضيات القانون رقم ‪ 44.12‬المذكور والقانون رقم ‪ 17.95‬المتعلق بشركات المساهمة؛‬
‫=‪ -‬األعضاء المكلفون بالتداول واألعضاء المكلفون ب المقاصة واألعضاء المكلفون بالتداول والمقاصة والشركة المسيرة وغرفة المقاصة الخاضعة‬
‫للنصوص التشريعية المتعلقة بالسوق اآلجلة لألدوات المالية؛‬
‫‪ -‬عمليات االستحفاظ الخاضعة للقانون رقم ‪24.01‬؛‬
‫‪ -‬عمليات إقراض السندات ومزاولة هذا النشاط من لدن الوسيط المالي المؤهل أو مسير منصة متعددة األطراف إلقراض السندات‪ ،‬المنصوص عليهما‬
‫في القانون رقم ‪ 45.12‬المتعلق بإقراض السندات؛‬
‫‪ -‬بعض سندات الديون القابلة للتداول الخاضعة للقانون رقم ‪35.94‬؛‬
‫‪ -‬األشخاص المؤهلين المشار إليهم في المادة ‪ 31‬من هذا القانون وكذا األشخاص الذين يساهمون بحك م أنشطتهم في إنجاز عمليات تتعلق باألدوات‬
‫المالية‪".‬‬
‫‪ 60‬تنص المادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 12.43‬المتعلق بالهيئة المغربية لسوق الرساميل على أنه‪" :‬يعهد إلى الهيئة المغربية لسوق الرساميل بالتأكد من‬
‫حماية االدخار الموظف في األدوات المالية‪ ،‬كما تم تعريفها في المادة ‪ 2‬من القانون رقم ‪ 12.44‬المتعلق بدعوة الجمهور إلى االكتتاب وبالمعلومات‬
‫المطلوبة إلى األشخاص المعنوية والهيئات التي تدعو الجمهور إلى االكتتاب في أسهمها أو سنداتها‪ ،‬والخاضعة لمختلف التشريعات المنصوص عليها‬
‫في المادة ‪ 4‬من هذا القانون‪ ،‬كما تسهر الهيئة ‪ ،‬طبقا لمبادئ حماية االدخار والمعاملة العادلة للمستثمرين‪ ،‬على المساواة في التعامل مع المكتتبين‬
‫والشفافية ونزاهة سوق الرساميل وعلى إخبار المستثمرين‪.‬‬
‫وبهذا الخصوص‪ ،‬تتأكد الهيئة المغربية لسوق الرساميل من حسن سير سوق الرساميل وتسهر على تطبيق األحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة‬
‫بالسوق السالف الذكر‪ ،‬كما يعهد لها باالعتراف بمعادلة األدوات المالية الخاضعة لقانون أجنبي‪.‬‬
‫تحدد الهيئة المغربية لسوق الرساميل معايير االعتراف المذكور المتعلق بالمعادلة‪.‬‬
‫وتسهر الهيئة المغربية لسوق الرساميل على مراقبة نشاط مختلف الهيئات واألشخاص الخا ضعين لمراقبتها والمشار إليهم في المادة ‪ 4‬من هذا القانون‪،‬‬
‫كما تقوم بالتحقق من أن المعلومات التي يجب تقديمها إلى المكتتبين في األدوات المالية وإلى الجمهور‪ ،‬قد تم إعدادها ونشرها وفق القوانين واألنظمة‬
‫الجاري بها العمل‪.‬‬
‫وتتأكد الهيئة المغربية لسوق الرساميل‪ ،‬من احترام األشخاص والهيئات الخاضعين لمراقبتها والمنصوص عليهم في المادة ‪ 4‬من هذا القانون لألحكام‬
‫التشريعية والتنظيمية المتعلقة بمكافحة غسل األموال وذلك وفقا للتشريعات واألنظمة المذكورة‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫أما بخصوص السلطة الرقابية فتتعلق بمهمة مراقبة جميع الفاعلين االقتصاديين‬
‫المتدخلين في السوق المالية‪ ،‬حيث تخضع لمراقبة الهيئة كل من الشركة المسيرة للبورصة‪،‬‬
‫‪61‬‬
‫وشركات البورصة وأجهزة التوظيف الجماعي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تداول وتسوية عقود الخيارات في األسواق اآلجلة‬

‫يقصد بتداول الخيارات تلك العملية التي يتم من خاللها بيع وشراء الخيارات‬
‫وبالرجوع إلى مشروع قانون األدوات المالية اآلجلة‪ ،‬نجد المشرع المغربي قد نظم كيفية‬
‫التعامل بعقود الخيارات في السوق الموازي‪ 62،‬كما نظم كيفية التعامل بهذه العقود داخل السوق‬
‫اآلجلة‪ ،‬ومكن األطراف من تسوية العقد في غرفة المقاصة وفق الشروط التي تحددها الهيئة‬
‫المغربية لسوق الرساميل‪.‬‬

‫ولهذا ففي هذا المطلب ارتأيت التطرق إلى عمليات تداول عقود الخيارات (الفقرة‬
‫األولى)‪ ،‬ثم تسوية عقود الخيارات في غرفة المقاصة (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬عمليات تداول عقود الخيارات‬

‫تعتبر عقود الخيارات محل تداول داخل السوق اآلجلة‪ ،‬وال يمكن تداول أي عقد‬
‫‪63‬‬
‫اختيار مدرج لتداول خارج السوق‪ ،‬ودون عضو مكلف بالتداول‪.‬‬

‫وذلك وفقا ألحكام القانون ‪ 42 .12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية‪ 64،‬إذ يتلقى‬
‫العضو المكلف بالتداول األوامر من مشتري حق الخيار‪ ،‬سواء كان أمرا بالبيع أو الشراء‪،‬‬
‫تمثل الهيئة المغربية لسوق الرساميل المغرب لدى المؤسسات الدولي ة التي تم إحداثها من أجل دعم التعاون الدولي في مجال مراقبة سوق الرساميل‬
‫وذلك في حدود االختصاصات التي يمنحها لها هذا القانون‪.‬‬
‫تساهم الهيئة المغربية لسوق الرساميل في النهوض بالتربية المالية للمدخرين وذلك من أجل دعم حماية االدخار الموظف في األدوات المالية‪.‬‬
‫= تؤازر الهيئة المغربية لسوق الرساميل الحكومة في تنظيم سوق الرساميل‪ ،‬وتستشير الحكومة الهيئة بشأن المسائل التي من شأنها أن تؤثر على‬
‫ممارسة صالحيات هذه الخيرة كما هي محددة في هذا القانون‪".‬‬
‫‪ 61‬حسن السوسي‪ ،‬نحو بناء مفهوم حديث لألسواق المالية ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.70- 69 :‬‬
‫‪ 62‬يعرف السوق الموازي بأنه ذلك الجزء من السوق الذي يتم من خالله تنظيم التعامل في القاعة بأسهم شركات تحكمها وتنطبق عليها شروط إدراج‬
‫ميسرة خاصة بهذا السوق‪ .‬وهي سوق غير رسمية‪ ،‬شروط عقود الخيارات توضع وفقا لرغبات المتعاقدين ‪،‬وبالتالي ال توجد قاعدة محددة في هذا‬
‫السوق تنظم التعامل بالخيارات‪ ،‬إذ أن الصفقات تنظم بأي حجم من األطراف المتعاقدة مثل البنوك والمتعاملين ‪،‬ويتم التعامل فيه بأنواع مختلفة من عقود‬
‫الخيارات‪.‬‬
‫‪ 63‬عرفت المادة ‪ 5‬من قانون ‪ 42 .12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية العضو المكلف بالتداول على أنه "كل شخص معنوي معتمد قانونا‬
‫لمزاولة نشاط تداول األدوات المالية اآلجلة‪".‬‬

‫‪34‬‬
‫والذي يستوجب أن يكون مستجمعا لجميع البيانات طبقا للنظام العام للشركة والباب المتعلق‬
‫‪65‬‬
‫بعقود الخيارات‪.‬‬

‫ولضمان معالجة أوامر العمالء على قدم من المساواة وفي إطار الشفافية سواء تم تلقيها‬
‫كتابة أو عن طريق الهاتف‪ ،‬يجب على األعضاء المكلفين بالتداول التأكد من توفر جميع‬
‫اإليضاحات المتعلقة بأوامر العمالء وبتسجيلها‪ ،‬مع وضع طابع التاريخ والساعة فور تسلمها‪،‬‬
‫‪66‬‬
‫وتوجيهها إلى الشركة المسيرة على وجه السرعة‪.‬‬

‫وضمانا لسالمة السوق اآلجلة يجب على األعضاء المكلفين بالتداول التأكد من الوضعية‬
‫المالية لعمالئهم‪ ،‬كذلك إدراك المخاطر المتعلقة بالسوق اآلجلة لألدوات المالية قبل تنفيذ‬
‫‪67‬‬
‫أوامرهم‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن هناك أيضا عمليات مبرمة بالتراضي على عقود الخيارات‪،‬‬
‫وهي تلك العمليات التي تتم خارج السوق اآلجلة‪ ،‬ولقد عرفها المشرع المغربي على أنها‪ ":‬كل‬
‫عملية يت م تداولها عن طريق الموافقة وبشكل ثنائي بين وحدتين‪ ،‬إحداهما مقابل مالي وال تعالج‬
‫في السوق اآلجلة‪".‬‬

‫ويتضح من خالل التعريف أن العمليات المبرمة بالتراضي على عقود الخيارات يجب‬
‫أن يكون أحد أطرافها على األقل مقابل مالي‪ ،‬ويقصد بهذا األخير كما جاء في المادة الخامسة‬
‫من مشروع قانون األدوات المالية اآلجلة كل شخص معنوي معتمد بصفته بنك حسب مدلول‬
‫المادة ‪ 12‬من قانون ‪ 123.12‬وكل عضو كلف بالتداول أو كل عضو مكلف بالتداول أو‬
‫المقاصة‪.‬‬

‫المادة ‪ 16‬من قانون ‪ 42.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية‪.‬‬ ‫‪64‬‬

‫المادة ‪ 9‬من قانون ‪ 42.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية‪.‬‬ ‫‪65‬‬

‫المادة ‪ 19‬من القانون رقم ‪ 42.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية‪.‬‬ ‫‪66‬‬

‫المادة ‪ 21‬من القانون رقم ‪ 42.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية‪.‬‬ ‫‪67‬‬

‫‪35‬‬
‫ويلتزم المقابل المالي بتصريح للهيئة المغربية لسوق الرساميل بأي تغيير أو إنهاء للعقد‪،‬‬
‫إضافة إلى وجوب االحتفاظ بنسخة من العقد لمدة ال تقل عن خمس سنوات بعد إنهائه‪.‬‬

‫ويلتزم المقابل المالي كذلك بتصريح للهيئة بأطراف عقد االختيار المبرم بالتراضي‬
‫ونوع العقد واستحقاق األصل األساسي والقيمة التصورية‪ ،‬والسعر وتاريخ السداد‪ ،‬ويعفى‬
‫المقابل المالي من االلتزامات السابقة إذا كان عقد االختيار محل التداول‪ ،‬مما يمكن مقاصته‬
‫بغرفة المقاصة‪ ،‬حيث تحل هذه األخيرة محل المقابل المالي في جميع االلتزامات‪.68‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تسوية عقود الخيارات‬

‫من المعلوم أن مشتري االختيار لن يقوم بتنفيذ العقد إال إذا حصل تغيير في األسعار‬
‫لصالحه‪ ،‬وذلك بارتفاعها في حالة اختيار الشراء‪ ،‬أو بانخفاضها في حالة اختيار البيع ‪،‬وفي‬
‫هاتين الحالتين فإنه يمكن تسوية العقد بين مشتري االختيار ومحرره ‪،‬وإما التسوية بالتسليم‬
‫والتسلم أو التسوية النقدية‪.‬‬

‫يقوم المشتري بتسلم األصل األساسي من المحرر‬ ‫‪69‬‬


‫ففي تسوية العقد بالتسليم والتسلم‪،‬‬
‫في حالة ا ختيار الشراء‪ ،‬أو تسليمه في حالة اختيار البيع‪ ،‬ويدفع الثمن المتمثل في سعر التنفيذ‪.‬‬
‫أما في التسوية النقدية فيدفع محرر االختيار لمشتريه الفرق بين سعر التنفيذ وسعر السهم في‬
‫‪70‬‬
‫السوق وقت التنفيذ‪.‬‬

‫كما تتم تسوية عقود الخيارات المدرجة للتداول في السوق اآلجلة داخل غرفة المقاصة‪،‬‬
‫هذه األخيرة تضمن تنفيذ الصفقات المبرمة على االختيارات من قبل األطراف المتعاملة‪ ،‬حيث‬
‫تضمن وفاء محرر االختيار بالتزامه تسليم األصل محل االختيار في مقابل قبض سعر التنفيذ‬

‫‪ 68‬المهدي أدنجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52 :‬‬
‫‪ 69‬يقصد بالتسوية ا تخاذ كافة اإلجراءات المتعلقة بتسليم األوراق المالية من قبل الوسيط البائع‪ ،‬وتسليم ثمنها من قبل الوسيط المشتري‪ ،‬بما في ذلك‬
‫التأكد من سالمة هذه األوراق من الغش ونحوه‪ ،‬وعدم وجود قيود تمنع تداولها من رهن أو غيره‪.‬‬
‫‪ 70‬مبارك بن سلمان بن محمد آل سلمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1076-1077 :‬‬

‫‪36‬‬
‫المتفق عليه في حالة اختيار الشراء‪ ،‬أو دفع ثمن األصل المتمثل في سعر التنفيذ المتفق عليه‪،‬‬
‫في مقابل حصوله على األصل محل االختيار في حالة اختيار البيع‪.‬‬

‫وتعمل غرفه المقاصة على تنظيم مقاصة المعامالت المسجلة في السوق‪ ،‬والتسليم‬
‫المحتمل لألصول‪ ،‬وكذا السداد النقدي‪ ،‬وتضمن غرفة المقاصة السيولة والقدرة على الوفاء‬
‫بااللتزامات المتعلقة بتنفيذ عقود الخيارات‪ ،‬كما أنها تلزم األعضاء المكلفين بالمقاصة بأن يكون‬
‫لديهم وديعة ضمان التسليم‪ ،‬ولتغطية العجز المحتمل لألعضاء المكلفين بالمقاصة يقوم صندوق‬
‫ضمان المقاصة بإلزامهم بأن يكون لديهم ودائع الضمان موجهة لتغطية الوضعيات المفتوحة‬
‫التي تكون في حوزتهم‪ ،‬في إطار نشاط المقاصة‪ ،‬كما يمكنها كذلك أن تطلب من األعضاء‬
‫‪71‬‬
‫المكلفين بالمقاصة أن يدفعوا هامشا على ودائع الضمان‪.‬‬

‫المهدي أدنجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.54 :‬‬ ‫‪71‬‬

‫‪37‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تكييف عقود المبادالت‬

‫عقود المبادالت هي أحد أنواع المشتقات المالية‪ ،‬وإن كان بعض الباحثين يرون أنها ال‬
‫تدخل في المشتقات المالية‪ ،‬ويتم التعامل بعقود المبادالت في األسواق غير المنظمة‪ ،‬ولذلك‬
‫فهي ال تخضع لشروط نمطية معينة‪ ،‬بل يمكن لكل من طرفي العقد إمالء الشروط التي تالئمه‪.‬‬

‫وتعرف عقود المبادالت بأنها ا تفاق بين طرفين أو أكثر لتبادل سلسلة من التدفقات‬
‫النقدية (المدفوعات‪ /‬المقبوضات) المترتبة على كل ولكل منهما خالل فترة‪ ،‬ودون إجراء أي‬
‫تبادل في طبيعة االلتزام أو األصل‪ ،‬لذلك فهي سلسلة من العقود الحقة التنفيذ‪ ،‬حيث يتم تسوية‬
‫عقد المبادلة على فترات دورية (شهرية‪ ،‬فصلية‪ ،‬سداسية‪ ،‬سنوية)‪.‬‬

‫وبخالف عقد الخيار فإن عقد المبادلة ملزم لطرفيه‪ ،‬كما أنه بخالف العقد المستقبلي‬
‫الذي تسوى متحصالته أو مدفوعاته نتيجة تغيرات األسعار يوميا‪ ،‬فضال عن عدم تسويتها‬
‫يوميا‪ ،‬بل تسوى دفعة واحدة عند تاريخ التنفيذ‪ ،‬بل تسوى في العقد اآلجل عبر سلسلة من‬
‫المدفوعات أو المتحصالت‪ ،‬فهي سلسلة من العقود الحقة التنفيذ‪ .72‬وتتنوع عقود المبادالت‬
‫إلى أنواع أبرزها ‪ :‬مبادلة أسعار الفائدة‪ ،‬ومبادلة العمالت ‪،‬ومبادلة عوائد األسهم‪ ،‬ومبادلة‬
‫السلع ‪.‬‬

‫ولهذا سيكون معرض حديثي في هذا الفرع عن أنواع عقود المبادالت وحكمها‬
‫الشرعي [المبحث األول]‪ ،‬فضال عن تحديد التكييف القانوني لهذه العقود [المبحث الثاني]‪.‬‬

‫‪ 72‬شرياق رفيق‪ ،‬أسواق مالية‪ ،‬مطبوعة بيداغوجية بجامعة ‪ 8‬ماي ‪ – 1945‬قالمة ‪ ، -‬بدون ذكر المطبعة والطبعة‪ ،‬سنة‪ ، 2018:‬ص‪ 52:‬منشور على‬
‫الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://dspace.univ-guelma.dz/jspui/handle/123456789/709‬‬

‫‪38‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أنواع عقود المبادالت وحكمها الشرعي‬

‫كما سبقت اإلشارة فإن هناك عدة أنواع لعقود المبادلة والتي هي مبادلة أسعار الفائدة‪،‬‬
‫ومبادلة العمالت‪ ،‬ومبادلة عوائد األسهم‪ ،‬ومبادلة السلع‪ ،‬إال أن أغلب الباحثين يكتفي بذكر‬
‫النوعين األولين فقط‪ ،‬ذلك ألنه يجري التعامل عليها يوميا من خالل أغلب صناع السوق‪.‬‬

‫وأما عن بيان حكم عقود المبادالت سواء باعتبارها عقود إقراض أم عقود بيع وشراء‬
‫‪،‬فقد نصت كثير من المجامع والهيئات الشرعية على حرمة اشتراط الزيادة في القرض‪ ،‬فمن‬
‫ذلك ما جاء عن مجمع الفقه اإلسالمي بشأن حكم التعامل المصرفي بالفوائد‪ ،‬وحكم التعامل‬
‫بالمصارف اإلسالمية أوال‪" :‬إن كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله وعجز عن الوفاء‬
‫به مقابل تأجيله وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد‪ ،‬هاتان الصورتان ربا‬
‫محرم شرعا"‪.‬‬

‫وجاء عن المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية‪":‬‬


‫يحرم اشتراط زيادة في القرض للمقترض وهي ربا‪ ،‬سواء أكانت زيادة في الصفة أم في القدر‪،‬‬
‫وسواء كانت الزيادة عينا أم منفعة‪ ،‬وسواء أكان اشتراط الزيادة في العقد أم عند تأجيل الوفاء‬
‫‪73‬‬
‫أم خالل األجل‪ ،‬وسواء أكان الشرط منصوصا عليه أم ملحوظا بالعرف"‬

‫وبناء على ما تقدم ارتأيت التطرق لجل أنواع عقود المبادالت [المطلب األول] ‪،‬مع‬
‫تبيان حكم الشرع في كل عقد على حدة [المطلب الثاني]‪.‬‬

‫‪ 73‬عبد هللا صالح محمد سليمان أبو مسامح‪ ،‬المشتقات المالية بين التنظير والتطبيق [الحلقة األولى] ‪ ،‬مجلة االقتصاد اإلسالمي العالمية‪ ،‬العدد‪،10 :‬‬
‫السنة‪ ،2013:‬ص‪ 28:‬منشورة على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪/https://kantakji.com/2357‬‬

‫‪39‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة أسعار الفائدة ومبادلة العمالت‬

‫تتمثل مبادلة أسعار الفائدة في االتفاق بين طرفين مقترضين أحدهما يدفع فائدة‬
‫متغيرة‪ ،‬واآلخر يدفع فائدة ثابتة أو بين مقترضين‪ ،‬أحدهما يقبض فائدة متغيرة‪ ،‬واآلخر يقبض‬
‫فائدة ثابتة‪ ،‬على أن يدفع المقترض األول للمقترض اآلخر‪ ،‬أو المقرض األول للمقرض اآلخر‬
‫فائدة ثابتة عن مبلغ مماثل لمبلغ القرض‪ ،‬في مقابل أن يدفع له الطرف اآلخر الفائدة السائدة عن‬
‫ذلك المبلغ في تاريخ أو تواريخ الحقة لمدة محددة‪.‬‬

‫وتتنوع عقود مبادلة أسعار الفائدة إلى نوعين‪ :‬النوع األول هو مبادلة الدفعات‪ ،‬ويراد‬
‫بها عقود المبادلة التي يكون موضوعها مبادلة أسعار فائدة ثابتة يدفعها طرف ما في مقابل ما‬
‫عليه من التزامات‪ ،‬أي ديون بأسعار فائدة متغيرة يدفعها طرف آخر في مقابل ما عليه من‬
‫التزامات أيضا‪ ،‬ويريد الطرف األ ول أن يتحول التزامه بدفع الفائدة الثابتة إلى الطرف الثاني‬
‫في مقابل أن يتحول التزام الطرف الثاني بدفع الفائدة المتغيرة إليه‪ ،‬من غير أن يكون هناك أي‬
‫ارتباط بين عقد المبادلة وبين العقد السابق الذي نشأ عنه التزام كل منهما‪ ،‬ومعنى ذلك أنه ال‬
‫يترتب على عقد المبا دلة أن يحل كل من طرفي العقد محل آخر في مواجهة الدائنين‪ ،‬كما ال‬
‫يترتب عليه أن يصبح أحد الطرفين في عقد المبادلة هو المسؤول في مواجهة دائني الطرف‬
‫اآلخر من دفع الفوائد المترتبة عليه‪ .‬فعقد المبادلة في حقيقته عقد موازي‪ ،‬ال عالقة له‬
‫بااللتزامات (أو الديون) التي نشأت بموجب العقد السابق‪ ،‬لكن لما كانت هذه االلتزامات‬
‫مأخوذة في االعتبار عند إنشاء عقد المبادلة من حيث مقدار الدين‪ ،‬ونسبة الفائدة صار كأن‬
‫‪74‬‬
‫الفوائد المترتبة عليها هي محل المبادلة‪.‬‬

‫أما النوع الثاني فهو مبادلة المقبوضات فيراد بها عقود المبادلة التي يكون موضوعها‬
‫مبادلة أسعار فائدة ثابتة يقبضها طرف ما في مقابل ما يملكه من أصول أي سندات بأسعار‬

‫مبارك بن سليمان بن محمد آل سليمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1096 :‬‬ ‫‪74‬‬

‫‪40‬‬
‫فائدة متغيرة يقبضها طرف آخر في مقابل ما يملكه من سندات أيضا‪ ،‬ويريد كل منهما أن يغير‬
‫نوع دخله من فائدة ثابتة إلى فائدة متغيرة‪ ،‬والعكس لم ا يراه كل منهما من مصلحة لهم في ذلك‬
‫التغيير‪ ،‬دون أن يكون هناك مبادلة لألصول المملوكة لكل منهما ‪.‬‬

‫ويعني ذلك أن مصدري هذه السندات يظلون أجانب عن عقد المبادلة‪ ،‬حيث ال يترتب‬
‫على عقد المبادلة أن يحل كل من طرفي العقد محل اآلخر في مواجهة مصدري السندات ال‬
‫من حيث أصل الدين‪ ،‬وال من حيث الفوائد التي يدفعها مصدر السندات لطرفي العقد‪ ،‬وذلك أن‬
‫عقد المبادلة ليس فيه مبادلة بين هذه الفوائد نفسها‪ ،‬بحيث يترتب على ذلك أن يصبح ألحد‬
‫الطرفين في عقد المبادلة الحق في مطالبة مصدري السندات التي يملكها الطرف اآلخر بهذه‬
‫الفوائد‪ ،‬وإنما هو عقد موازي ال عالقة له بالسندات التي أصدرت بموجب العقد السابق لكن لما‬
‫كانت هذه السندات مأخوذة في االعتبار عند إنشاء عقد المبادلة من حيث مقدار الدين ونسبة‬
‫‪75‬‬
‫الفائدة صار كأن الفوائد المترتبة عليها فيه هي محل المبادلة‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن عقود مبادلة العمال ت هي أول أنواع المبادالت ظهورا‪ ،‬إال أن‬
‫مبادلة أسعار الفائدة تفوقت عليها سواء من حيث حجم التعامل أو من حيث انتشار عقودها‪.‬‬

‫وبالنسبة لمبادلة العمالت فيقصد بها تلك العقود التي تقوم على أصول افتراضية يوافق‬
‫فيها الطرفان على تبادل عملتين عند سعر الصرف السائد أو الحالي‪ ،‬مقابل سعر الصرف‬
‫اآلجل‪ ،‬أي في وقت الحق يحدد مسبقا‪ .‬وتهدف مبادلة العمالت إلى تجاوز مخاطر تقلبات‬
‫أسعار الصرف خالل فترة المبادلة‪ ،‬حيث يقبل أحد الطرفين باألسعار الثابتة‪ ،‬في المقابل يوافق‬
‫‪76‬‬
‫الطرف اآلخر على تغير األسعار المعنية‪.‬‬

‫ففي عقد مبادلة العمالت يوجد طرف يمتلك عملة معينة ويرغب في حيازة عملة مختلفة‬
‫‪ .‬وتنشأ المبادلة عندما يقوم أحد أطراف المعاملة بتقديم أصل معين بعملة معينة لطرفه اآلخر‪،‬‬
‫وذلك لغرض تبادل كمية مساوية من عملة أخرى‪ ،‬وكل طرف سوف يدفع الفائدة على العملة‬
‫مبارك بن سليمان بن محمد آل سليمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1098 :‬‬ ‫‪75‬‬

‫بباس منيرة‪ ،‬المجازفة والمشتقات المالية بين الواقع العملي والتكييف الشرعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.137 :‬‬ ‫‪76‬‬

‫‪41‬‬
‫التي يتسلمها في المبادل ة‪ ،‬وهذه الفوائد المدفوعة يمكن أن تكون إما بأسعار ثابتة‪ ،‬وإما بأسعار‬
‫متغيرة‪.77‬‬

‫وبناء على ذلك سيتم التطرق فيما يلي إلى الحكم الشرعي لعقد مبادلة أسعار‬
‫الفائدة(الفقرة األولى)‪ ،‬وعقد مبادلة العمالت(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة أسعار الفائدة‬

‫مبادلة أسعار الفائدة كما تقدم هو عقد لمبادلة فائدة ثابتة على مبلغ محدد بفائدة‬
‫متغيرة على ذات المبلغ والحقيقة أن المبادلة ليست من بين فوائد القروض ‪ ،‬وإنما هي بين‬
‫مقدار معلوم من النقود يقدر بمعدل الفائدة على مبلغ محدد وبمقدار آخر غير معلوم وقت‬
‫التعاقد‪ ،‬وإنما يتم تحديده بالنظر الى أسعار الفائدة السائدة في الوقت المحدد إلجراء المبادلة‪.‬‬

‫وإذا كان األمر كذلك كان ذلك في حقيقته الشرعية بيع نقود بنقود مع التفاضل‬
‫والتأجيل‪ ،‬فيدخل ذلك في الربا بنوعيه ربا الفضل‪ 78،‬إذا كانت العقود من جنس واحد أي عملة‬
‫واحدة‪ ،‬أو ربا النسيئة‪ 79،‬فقط إذا كانت النقود من جنسين مختلفين أي من عملتين مختلفتين‬
‫وهذا ظاهر في تحريم هذا النوع من عقود المبادالت لما سبق ذكره من األدلة الدالة على تحريم‬
‫وأن الواجب في بيع النقود بالنقود (الصرف) التماثل والحلول والتقابض في‬ ‫‪80‬‬
‫الربا بنوعيه‪،‬‬
‫مجلس العقد‪ ،‬إذا كانت العقود من جنس واحد والحلول والتقابض فقط إذا كانت من جنسين‬
‫مختلفين‪.‬‬

‫‪ 77‬بن علي بلعزوز‪ ،‬إدارة المخاطر ‪:‬إدارة المخاطر المشتقات المالية الهندسة المالية ‪،‬عمان مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة‬
‫‪ ،2013:‬ص‪.147- 146 :‬‬
‫‪ 78‬ربا الفضل يعني الزيادة‪ ،‬وهو محرم في ستة أَعيان هي الذهب والفضة والبر (القمح) والشعير والتمر والملح‪ ،‬واتفق الناس على تحريم التفاضل‬
‫فيها م ع اتحاد الجنس‪ ،‬ويرى الفقهاء أن السبب يعود إلى طبيعة تلك المواد باعتبارها إما ماال قابال للكنز وإما قوتا قابال لالدخار‪.‬‬
‫‪ِ 79‬ربا النسيئة وهو التأخير وهو نوعان‪ :‬أحدهما ‪ :‬قلب الدين على المعسر" أي أن يخير الدائن المدين عند حلول موعد سداد الدين بين دفعه أو تأخيره‬
‫مع الزيادة‪ ،‬أما النوع الثاني فيكون في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل مع تأخير قبضهما أو قبض أحدهما؛ كبيع =الذهب بالذهب‪ ،‬والفضة‬
‫بالفضة‪ ،‬والبر بالبر‪ ،‬والشعير بالشعير‪ ،‬والتمر بالتمر‪ ،‬والملح بالملح وكذا بيع جنس بجنس من هذه المذكورات مؤجال‪ ،‬وما شارك هذه األشياء في العلة‬
‫يجري مجراها‪.‬‬
‫لربَ ٰوا َوأَ َح َّل ٱ َّّلل ٱ ۡلبَ ۡي َع‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬‫ث‬‫ۡ‬ ‫مِ‬ ‫ع‬ ‫ۡ‬
‫ي‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ا‬‫و‬‫ال‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫مۡ‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫أ‬‫ب‬
‫ِ‬ ‫ل‬
‫ِكَ‬ ‫َ‬
‫ذ‬ ‫ٰ‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ۡ‬
‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫مِنَ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ٰ‬
‫ط‬ ‫ۡ‬
‫َّي‬ ‫ش‬‫ل‬‫ٱ‬ ‫ه‬ ‫َّط‬ ‫ب‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ذِي‬ ‫َّ‬ ‫ل‬‫ٱ‬ ‫وم‬ ‫ق‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫َّ‬
‫ال‬ ‫إ‬ ‫ونَ‬‫وم‬ ‫ق‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ال‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ٰ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫لر‬‫ٱ‬ ‫ونَ‬ ‫ل‬‫ك‬ ‫ۡ‬
‫أ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ذِينَ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬‫ٱ‬‫{‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫‪ 80‬قال هللا‬
‫ِ‬ ‫ٓ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ار همۡ فِي َها ٰ َخلِدونَ } سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪:‬‬ ‫عا َد فَأولَ ٰـٓئِكَ أَصۡ ٰ َحب ٱلنَّ هِ‬ ‫ّلل َو َم ۡن َ‬‫ف َوأَمۡ رهۥٓ ِإلَى ٱ َّ ه ِ‬ ‫سلَ َ‬ ‫لربَ ٰوا فَ َمن َجآ َءهۥ َم ۡو ِعظَ ‪ٞ‬ة مِن رَّ ِب ِهۦ فَٱنتَ َه ٰى فَلَهۥ َما َ‬
‫َوحَرَّ َم ٱ ِ‬
‫‪.275‬‬

‫‪42‬‬
‫ويقضي أمر آخر بتحريم هذا النوع من العقود‪ ،‬وهو اشتماله على القمار وذلك‬
‫لدخول الطرفين في العقد على أن يدفع أحدهما لآلخر الفرق بين المبلغين في األجل المحدد‪،‬‬
‫بحسب ما تكون عليه أسعار الفائدة في ذلك األجل على النحو الذي سبق توضيحه‪ ،‬فكان كل‬
‫واحد من المتعاقدين إما غانما وإما غارما‪ ،‬وهذا هو حقيقة القمار‪.‬‬

‫وقد سبق ذكر األدلة على تحريم القمار من الكتاب والسنة وإجماع علماء األمة بما يكفي‬
‫‪81‬‬
‫في الداللة على تحريم عقود مبادلة أسعار الفائدة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة العمالت‬

‫بالنظر في عقد مبادلة العمالت يتبين أن هناك عقدان‪:‬‬

‫‪-‬العقد األول‪ :‬بيع عملة بعملة أخرى بيعا حاال‪ ،‬وهذا ال إشكال فيه بحد ذاته إذا حصل‬
‫تقابض في مجلس العقد ألنه صرف توفرت فيه شروطه من الحلول والتقابض‪.‬‬

‫‪-‬العقد الثاني‪ :‬بيع العملة المشتراة في العقد األول بالعملة األخرى بيعا آجال‪ ،‬وهذا عقد‬
‫محرم ألنه صرف مستأخر تأجل فيه قبض العوضين‪ ،‬فدخله ربا النسيئة وبيع الدين بالدين‬
‫المجمع على تحريمه‪.‬‬

‫ويالحظ هنا أن العقد الثاني شرط في العقد األول ألنهما دخال فيه على أن يشتري‬
‫أحدهما من اآلخر ما باعه في العقد األول بيعا آجال‪ ،‬وهو شرط محرم لمخالفته كتاب هللا لما‬
‫دخله من الربا وبيع الدين بالدين‪.‬‬

‫والذي يدل عليه حديث بريرة (رضي هللا تعالى عنها)‪ 82‬أن الشرط الفاسد ال يفسد العقد‪،‬‬
‫إذا كان العقد في نفسه صحيحا‪ ،‬لكن العقد وإن كان صحيحا إال أنه ال يكون الزما في حق‬

‫‪ 81‬مبارك بن سلمان بن محمد آل سلمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1105-1104 :‬‬


‫‪ 82‬عن عائشة رضي هللا عنها قالت‪ :‬جاءتني بريرة فقالت‪ :‬كاتبت أهلي على تسع أواق‪ ،‬في كل عام أوقية‪ ،‬فأعينيني‪ ،‬فقالت‪ :‬إن أحب أهلك أن أعيدها‬
‫لهم ويكون والؤك لي فعلت‪ ،‬فذهبت بريرة إلى أهلها‪ ،‬فقالت لهم فأبوا عليها‪ ،‬فجاءت من عندهم ورسول هللا صلى هللا عليه وسلم جالس‪ ،‬فقالت‪ :‬إني‬
‫عرضت ذلك عليهم‪ ،‬فأبوا إال أن يكون لهم الوالء‪ ،‬فأخبرت عائشة النبي صلى هللا عليه وسلم فقال‪" :‬خذيها واشترطي لهم الوالء‪ ،‬فإنما الوالء لمن‬
‫أعتق"‪ ،‬ففعلت عائشة‪ ،‬ثم قام رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في الناس‪ ،‬فحمد هللا وأثنى عليه ثم قال‪" :‬أما بعد‪ ،‬فما بال رجا ٍل يشترطون شروطاا ليست‬

‫‪43‬‬
‫العاقد الجاهل بفساد الشرط‪ ،‬فيملك المطالبة بفسخ العقد لعدم الوفاء بشرطه‪ ،‬إذ المعدوم شرعا‬
‫كالمعدوم حسا‪ ،‬أما لو كان عالما بفساد الشرط فإن العقد يكون في حقه الزما لدخوله في العقد‬
‫‪83‬‬
‫مع علمه بحرمه الشرط‪.‬‬

‫يستخلص من خالل ما تقدم حكم عقد مبادلة العمالت إذا كان السعر في العقد‬
‫الثاني مختلفا عن السعر في العقد األول‪ ،‬أما إذا كان السعر في العقدين واحدا ‪،‬فهذا يشبه‬
‫القرض من الجانبين‪ ،‬ألن كل واحد منهما يعود إليه ما دفعه لآلخر ويقوي احتمال القرض ما‬
‫إذا اشترط كل واحد منهما على اآلخر أن يدفع له فائدة على المبلغ الذي دفعه له‪.‬‬

‫وعلى كل فإن األمر ال يخلو من إحدى الحالتين‪:‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬أن يخرج ذلك مخرج البيع‪ ،‬والحكم في هذه الحالة ما تقدم‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬أن يخرج ذلك مخرج القرض‪ ،‬فإن كان بفائدة‪ ،‬فهو قرض محرم ألنه‬
‫ربا‪ ،‬وإن كان بغير فائدة‪ ،‬فهو مسألة تبادل القروض بالشرط‪ ،‬أو ما يعبر عنه المالكية بأسلفني‬
‫وأسلفك‪ ،‬والحكم فيها هو التحريم أيضا ألن ذلك داخل في القرض الذي يجر نفعا للمقرض وهو‬
‫‪84‬‬
‫محرم بإجماع أهل العلم‪.‬‬

‫وبناء على ما سبق يتبين أن مبادلة العمالت غير جائز شرع النطوائه على بيع الدين‬
‫بالدين والربا‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة عوائد األسهم ومبادلة السلع‬

‫يعرف عقد مبادلة عوائد األسهم بأنه اتفاق بين طرفين على المبادلة في تاريخ‬
‫الحق لمعدل عائد سهم معين أو مجموعة من األسهم بمعدل عائد سهم‪ ،‬أو أصل مالي آخر‪،‬‬

‫في كتاب هللا‪ ،‬ما كان من شرط ليس في كتاب هللا فهو = باطل‪ ،‬وإن كان مائة شرط‪ ،‬فقضاء هللا أحق‪ ،‬وشرط هللا أوثق‪ ،‬وإنما الوالء لمن أعتق"‪( .‬رواه‬
‫البخاري في كتاب البيوع‪ ،‬باب إذا اشترط شروطا في البيع ال تحل)‪.‬‬
‫للمزيد من شرح هذا الحديث يراجع الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪/https://www.alukah.net/sharia/0/81031‬‬
‫‪ 83‬مبارك بن سليمان آل فواز‪ ،‬األسواق المالية من منظور إسالمي‪ ،‬مرجع سابق ص‪.118 :‬‬
‫‪ 84‬مبارك بن سليمان آل فواز‪ ،‬مرجع سابق ص‪.118 :‬‬

‫‪44‬‬
‫فالمبادلة هنا ال تتم على نفس األسهم‪ ،‬وإنما تتم بين معدل عائد سهم معين أو مجموعة من‬
‫األسهم‪ ،‬وبين معدل عائد سهم آخر أو مجموعة من األسهم المتداولة في سوق ما‪ ،‬أو بين معدل‬
‫‪85‬‬
‫عائد سهم معين وبين سعر الفائدة السائد في تاريخ محدد‪.‬‬

‫أما مبادلة السلع فتعني قيام أحد الطرفين بالشراء اآلني من الطرف اآلخر لكمية‬
‫معينة من السلع محل التعاقد على أساس السعر السائد‪ ،‬ويسدد الثمن فورا ثم يعيد بيعها له في‬
‫نفس الوقت بيعا آجال على أساس سعر أجل يتفق عليه مسبقا‪ ،‬ويتم سداد الثمن على فترات‬
‫تحدد مسبقا هي األخرى‪ ،‬ويتحدد السعر اآلجل إما على أساس سعر الشراء مضافا إليه متوسط‬
‫التغير في سعر السعة في كل فترات من فترات السداد‪ ،‬أو على أساس سعر الشراء مضافا إليه‬
‫‪86‬‬
‫معدل العائد لعملة ما لنفس أجل العملية على مبلغ يعادل سعر الشراء‪.‬‬

‫وبناء على ما تم ذكره سيتم التطرق إلى حكم الشرع في عقد مبادلة عوائد األسهم‬
‫(الفقرة األولى) وعقد مبادلة السلع (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة عوائد األسهم‬

‫عقد مبادلة عوائد األسهم هو في حقيقته عقد لمبادلة نقود بنقود مع التأجيل‪ ،‬وجهالة‬
‫مقدار النقود عند التعاقد‪ ،‬حيث ال يعلم قدرها إال في الوقت المحدد إلجراء المبادلة بناء على ما‬
‫يكون عليه معدل العائد على األسهم في ذلك الوقت‪.‬‬

‫وهذا العقد وفقا لهذا التكييف يتضمن المحاذير الشرعية اآلتية‪:‬‬

‫‪-1‬الربا بنوعيه‪ :‬ربا الفضل وربا النسيئة‪ ،‬إذا كانت النقود من عملة واحدة‪ ،‬أو ربا‬
‫النسيئة فقط إذا كانت من عملتين مختلفتين‪.‬‬

‫‪-2‬بيع الدين بالدين‪ :‬ألنه عقد مؤجل فيه العوضان‪.‬‬

‫شرياق رفيق‪،‬أسواق مالية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52 :‬‬ ‫‪85‬‬

‫شرياق رفيق‪ ،‬أسواق مالية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.53 :‬‬ ‫‪86‬‬

‫‪45‬‬
‫‪-3‬الغرر‪ :‬لجهالة مقدار النقود عند التعاقد‪.‬‬

‫‪ -4‬القمار‪ :‬وذلك ألن المقصود من هذه العقود المحاسبة على الفرق بين معدلي العائد‬
‫على األسهم وليس التقاب ض‪ ،‬الذي هو مقصود العقود‪ ،‬فكان أحد العاقدين غانما واآلخر غارما‬
‫‪87‬‬
‫وهذا حقيقة القمار‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة السلع‬

‫أما بالنسبة لعقد مبادلة السلع‪ ،‬فبالنظر إلى ماهية العقد يتضح أنه يتطابق مع المسألة‬
‫المعروفة عند الفقهاء بعكس مسألة العينة مع اختالف في الصياغة‪.‬‬

‫فعكس مسأ لة العينة هي أن يبيع السلعة أوال بنقد ما يقبضه‪ ،‬ثم يشتريها من مشتريها‬
‫بأكثر من األول في جنسه نسيئة أو لم يقبض‪ ،‬وبالتالي فإن حكم عقد مبادلة السلع يعرف من‬
‫الحكم في هذه المسألة‪ ،‬وهو ما اختلف فيه أهل العلم على اتجاهين‪:‬‬

‫االتجاه األول‪ :‬الجواز‬

‫وإليه ذهب المالكية إذا لم يكن المتعاملون بها من أهل العينة‪ ،‬وهو رواية عن‬
‫اإلمام أحمد رحمه هللا‪ ،‬إذا لم تكن حيلة على الربا‪ ،‬ويمكن أن يستدل لهذا القول بأن األصل في‬
‫المعامالت الحل حتى يقوم دليل المنع‪ ،‬ولم يوجد في هذه المسألة‪.‬‬

‫االتجاه الثاني‪ :‬عدم الجواز‬

‫عدم الجواز وهو المذهب عند الحنابلة ألنه يشبه العينة في اتخاذه وسيلة إلى الربا‪،‬‬
‫وبالنظر إلى عقد مبادلة السلع يظهر فيه قصد التحايل على الربا‪ ،‬وأن المراد منه أخذ نقود أكثر‬

‫مبارك بن سلمان بن محمد آل سلمان‪ ،‬أحكام التعامل في األسواق المالية المعاصرة ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1129 :‬‬ ‫‪87‬‬

‫‪46‬‬
‫منها ‪،‬بدل يل أن السلعة ليست مقصودة بالعقد‪ ،‬ولهذا ال يجري لها قبض أصال‪ ،‬وبذلك يتبين أن‬
‫‪88‬‬
‫عقد مبادلة السلع بالصورة المذكورة غير جائز شرعا‪.‬‬

‫وا لواضح من خالل أنواع عقد المبادلة أنه من العقود غير الجائزة وذلك ألسباب منها‪:‬‬

‫‪ -‬أن العقد ينطوي على اشتراط التأجيل في العملية الثانية‪ ،‬وهذا خالف للشرط المجمع‬
‫عليه في صحة الصرف‪.‬‬

‫‪ -‬أ ن المشتري في هذه العملية العاجلة يبيع ما اشتراه قبل قيده في حسابه فعال‪ ،‬فيكون‬
‫بائعا ما لم يقبضه‪.‬‬

‫‪ -‬أ ن العقد تضمن على بيعتين في بيعة واحدة وهذا محظور شرعا‪.‬‬

‫‪ -‬ي عتبر هذا العقد من عقود العينة المحرمة حيث يتم البيع باألجل ما اشتراه نقدا‪ ،‬أو‬
‫يشتري باألجل ما باعه نقدا‪ ،‬وهذا في حال بقاء الصفقتين بين ذات المتعاقدين وفق الواقع‬
‫القائم‪ ،‬أما لو دخل طرف ثالث‪ ،‬فال حرج إذا تم القبض في العقد األول‪ ،‬ثم تم إبرام العقد الثاني‬
‫لشخص ثالث‪ ،‬وبعد القبض إال أن هذا الجواز مرتبط ببيع السلع وليس بالصرف لعدم جواز‬
‫التأجيل كما في النقطة األولى‪.‬‬

‫وعليه فإن عقد المبادلة كما جاء في قرارات مجمع البحوث اإلسالمية باألزهر‪ ،‬وقرار‬
‫مجمع الفقه اإلسالمي وغيرها من قرارات المجامع العلمية‪ ،‬فإن بيعها ومبادلتها ال يكون‬
‫صحيحا من جهة الشرع‪ ،‬وكما أن هذه العقود تتضمن إتمام المبادلة في تاريخ الحق يدخل في‬
‫عقود المستقبليات والتي تعد غير جائزة لما تتضمن من محاذير شرعية وهي بيع اإلنسان ما ال‬
‫يملك هذا في حالة كون عقد المبادلة يتم بالمبلغ الحقيقي المتوفر لدى المستثمر‪ ،‬أما إذا اقترن‬
‫‪89‬‬
‫بالهامش فتزاد حرمته ألنه بيع بالهامش‪.‬‬

‫‪ 88‬هشام السعدني خليفة بدوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.396-395:‬‬


‫‪ 89‬والبيع على المكشوف هو أن يبيع المتداول أسهم مقترضة من سمسار على أمل أن ينخفض سعرها فيشتريها ويعيدها للسمسار ويكون قد كسب بذلك‬
‫الفرق بين سعر الشراء والبيع‪ ...‬أو أن يبيع المتداول أسهما ال يملكها وعند التسليم يقوم بشرائها من السوق ويعطيها للمشتري‪ ،‬أو يقوم باقتراضها من‬

‫‪47‬‬
‫وعلى الرغم من حرمة العقد فقد ظهرت البدائل الشرعية‪ ،‬وذلك للعمل على إحياء‬
‫السوق وفقا للسنة النبوية الشريفة وتماشيا مع حاجة النظام المالي العالمي الذي بات بحاجة‬
‫ماسة إلصالحه‪ ،‬فيظهر أن تبادل القروض يصلح أن يكون بديال شرعيا لعقد المبادلة‪ 90،‬وأن‬
‫لهذا البديل ميزتان هما‪:‬‬

‫أولهما‪ :‬أن يستخدم بصفة غالبة في استثمار أرصدة حسابات البنك لدى‬ ‫‪-‬‬
‫المتعاملين معه لفترات قصيرة جدا‪ ،‬ويطلق البعض على هذا النوع من القروض‬
‫المتبادلة في بعض التطبيقات لدى المصارف اإلسالمية اسم‪ :‬المقايضة اإلسالمية ‪.‬‬
‫أما الميزة الثانية‪ :‬وهي أن من أهم أهداف عقد المبادلة هو تجنب تقلبات‬ ‫‪-‬‬
‫أسعار الصرف المستقبلية في حالة االستثمار في دول أجنبية‪ ،‬ونرى أن تبادل القروض‬
‫يحقق هذا الهدف حيث تجرى عملية التبادل قبل الدخول في االستثمار‪.‬‬

‫كما أن البديل الشرعي لعقد مبادلة العملة هو عدم الجمع بين العاقدين بالشرط ‪،‬وترك‬
‫الصرف المؤخر‪ ،‬واستبداله بالوعد من جانب واحد أو عقود المرابحات على السلع‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التكييف القانوني لعقود المبادالت‬

‫تتسم عقود المبادالت بجملة من السمات القانونية‪ ،‬والتي نادرا ما نجدها مجتمعة‬
‫في أحد العقود التي يعرفها القانون التجاري أو المدني‪ ،‬وبالتالي يصعب وضع تكييف قانوني‬
‫لهذه العقود ولهذا فإن محاولة تكييف هذه العقود ال تستقيم إال على ضوء ما تتمتع به من‬
‫سمات‪.‬‬

‫= آخر ويسلمها للمشتري‪ ،‬ثم يقوم بشراء تلك األسهم بعد ذلك للمقرض‪ ،‬وهذه الصورة تسمى بالبيع على المكشوف أو البيع القصير‪ ،‬حيث يهدف البائع‬
‫إلى الربح إذ أنه يتوقع انخفاض سعر األسهم بعدما باعها وبالتالي يشتريها بثمن أقل مما باعها ويستفيد من ذلك‪ ،‬ومن المتبادر إلى الذهن أنه إذا لم‬
‫تنخفض أسعار هذه األسهم فسوف يخسر البائع بمقدار االرتفاع‪.‬‬
‫وتندرج هذه العملية تحت حكم بيع اإلنسان ما ليس عنده‪ ،‬وقد ورد النهي الصريح عن أن يبيع اإلنسان سلعة ال يملكها أو سلعة معدومة أي غير‬
‫موجودة وقت التعاقد‪ ،‬فعن حكيم بن حزام قال‪ :‬يا رسول هللا يأتيني الرجل فيريد مني البيع ليس عندي‪ ،‬أفأبتاعه له من السوق‪ ،‬قال‪ " :‬ال تبع ما ليس‬
‫عندك"‪ ،‬وينطبق الحديث على الصورة التي يتم بها البيع على المكشوف في البورصة‪.‬‬
‫= ولتحريم هذه الصورة من التعامل علة أخرى‪ ،‬وهي أن السمسار سيبقي حصيلة البيع معه كرهن لألسهم التي أقرضها للبائع‪ ،‬ويقوم باستخدامها في أي‬
‫مجال استثماري يدر عليه عائدا ماليا ‪ ،‬وهذا هو سبب قبول السمسار إقراض األسهم‪ ،‬والقرض إذا جر نفعا ا فهو ربا‪ ،‬وعليه فهذه الصورة من البيع ال‬
‫تجوز شرعا ا ألنها بيع لما ال يملكه البائع‪ ،‬ولوجود علة الربا‪.‬‬
‫‪ 90‬غفران نعيم شاكر القريشي‪ ،‬التنظيم القانوني لعقد المبادلة في سوق األوراق المالية ‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬بدون ذكر المطبعة والطبعة‪ ،‬السنة‪،2021 :‬‬
‫ص‪.78:‬‬

‫‪48‬‬
‫وبدراسة عقد المبادلة نجد أن صفة االحتمال تنعكس بشكل خاص على مضمون‬
‫وأهداف هذا العقد‪ ،‬والتي لعل من أبرزها المضاربة وتغطية المخاطر‪ ،‬إذ يقوم االحتمال بدور‬
‫مهم في اتخاذ قرار إ برام عقد مبادلة أسعار الفائدة‪ ،‬بل في كل أنواع عقد المبادلة‪ ،‬والتي تتيح‬
‫للراغبين في المضاربة تحقيق األرباح عن طريق التنبؤ باتجاه تقلبات أسعار هذه األصول‬
‫المالية‪ ،‬وينعكس االحتمال على مضمون عقد المبادلة سواء في االلتزامات النقدية الموصوفة‪،‬‬
‫أم االلتزام بأداء مالي‪ ،‬ولهذا االنعكاس دور على عقد المبادلة‪ ،‬مما يجعل تكييفه قريبا من عقد‬
‫التأمين [المطلب األول] وعقد المقامرة والرهان [المطلب الثاني]‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المبادلة عقد تأمين‬

‫إن الرغبة في اإلحساس باألمن واألمان هي األمل الذي يراود اإلنسان نظرا للمخاطر‬
‫التي تحيط به منذ بدء الخليفة‪ ،‬وتزداد المخاطر مع تقدم الحياة المعاصرة‪ ،‬من هذا تم ابتداع‬
‫فكرة التأمين كوسيلة ترمي إلى إيجاد نوع من التعاون بين أفراد المجتمع‪ ،‬ويعتبر قطاع التأمين‬
‫من أهم القطاعات الحيوية التي يعرفها العالم‪ ،‬والتي تقوم بدور بارز في إنعاش الدورة‬
‫االقتصادية‪ ،‬باعتبارها مؤسسة مالية تشكل محورا رئيسيا للدولة‪.‬‬

‫فالتأمين في أصله فكر تعاوني يهدف إلى مساعدة اآلخرين ومن المؤسسات المالية التي‬
‫‪91‬‬
‫توجهت لممارسة أنشطتها في هذا وفقا لمتطلبات الفكر اإلسالمي مؤسسات التأمين التكافلي‪،‬‬
‫التي اشتقت اسمها من المنهج اإلسالمي‪ ،‬فقد أصبحت تلك المؤسسات تزاول نشاطها وفق‬
‫أحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ 91‬عرفت المادة األولى من قانون رقم ‪ 17.99‬المت علق بمدونة التأمينات التأمين التكافلي على أنه عملية تأمين تتم وفق اآلراء بالمطابقة الصادرة عن‬
‫المجلس العلمي األعلى المنصوص عليه في الظهير الشريف رقم ‪ 1.03.300‬الصادر في ‪ 2‬ربيع األول ‪ 22( 1425‬أبريل ‪ )2004‬بإعادة تنظيم‬
‫المجالس العلمية كما تم تتميمه‪ ،‬بهدف تغطية األخطار المنصوص عليها في عقد التأمين التكافلي أو االستثمار التكافلي بواسطة صندوق التأمين التكافلي‪،‬‬
‫يسير مقابل أجرة التسيير‪ ،‬من طرف مقاولة للتأمين وإعادة التأمين معتمدة لمزاولة عمليات التأمين التكافلي‪ .‬وال يمكن في أي حال من األحوال أن‬
‫يترتب قبض أو أداء أي فائدة على عمليات التأمين التكافلي وعلى نشاط تسيير صندوق التأمين التكافلي من لدن مقاولة للتأمين وإعادة التأمين التكافلي‪..‬‬

‫‪49‬‬
‫في مفهوم المادة ‪ 619‬من القانون المدني‪ ":‬عقد يلتزم المؤمن‬ ‫‪92‬‬
‫ويقصد بالتأمين‬
‫بمقتضاه بأن يؤدي إلى المؤمن له أو الغير المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغا من‬
‫المال‪ ،‬أو إيرادا أي أداء مالي آخر في حالة تحقق الخطر المبين في العقد‪ ،‬وذلك مقابل أقساط‬
‫أو أية دفوع مالية أخرى"‪.‬‬

‫وب سبب اشتراك عقد المبادلة مع عقد التأمين في بعض السمات نجد أن هناك من حاول‬
‫تكييف عقد المبادلة بأنه عقد تأمين‪ ،‬ومن تلك السمات المشتركة بينهما ما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬كالهما من العقود االحتمالية‪ ،‬فمثال إن اال حتمالية تعد من أهم سمات عقد التأمين من‬
‫الناحية القانونية لعدم التأكد من وقوع الخطر المؤمن ضده فإنها أيضا من سمات عقد المبادلة‪،‬‬
‫إذ أن خطر عدم صدق توقع أي من طرفي العقد محتمل الوقوع‪ ،‬فهو يتحدد بناء على تقلبات‬
‫أسعار األصول المالية محل المبادلة‪.‬‬

‫‪ 92‬القانون رقم ‪ 17.99‬المتعلق بمدونة التأمينات كما تم تعديله ب‪:‬‬


‫‪-‬القانون رقم ‪ 87.18‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.19.110‬بتاريخ ‪ 07‬ذي الحجة ‪ 9( 1440‬أغسطس ‪ ،)2019‬الجريدة الرسمية عدد ‪6806‬‬
‫بتاريخ ‪ 20‬ذو الحجة ‪ 22( 1440‬أغسطس‪ ،)2019‬ص ‪5787‬؛‬
‫‪-‬القانون رقم ‪ 59.13‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.16.129‬في ‪ 21‬من ذي القعدة ‪ 25( 1437‬أغسطس ‪ ،)2016‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 6501‬بتاريخ ‪ 17‬ذو الحجة ‪ 19( 1437‬سبتمبر ‪ ،)2016‬ص ‪6649‬؛‬
‫‪-‬القانون رقم ‪ ، 110.14‬المتعلق بإحداث نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية وبتغيير وتتميم القانون رقم ‪17.99‬المتعلق بمدونة التأمينات‪ ،‬الصادر‬
‫بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.16.152‬في ‪ 21‬من ذي القعدة ‪ 25( 1437‬أغسطس ‪ ،)2016‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6502‬بتاريخ ‪ 20‬ذو الحجة ‪1437‬‬
‫(‪ 22‬سبتمبر ‪ ،)2016‬ص ‪.6830‬‬
‫‪-‬القانون رقم ‪ 64.12‬القاضي بإحداث هيئة مراقبة التأمينات واالحتياط االجتماعي‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.14.10‬في ‪ 4‬جمادى األولى‬
‫‪ 6( 1435‬مارس ‪ ،)2014‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6240‬بتاريخ ‪ 18‬جمادى األولى ‪ 20( 1435‬مارس ‪ ،)2014‬ص ‪3199‬؛‬
‫‪-‬القانون رقم ‪ 12.09‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.09.59‬في ‪ 6‬رجب ‪ 29( 1430‬يونيو ‪ ،)2009‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5749‬بتاريخ ‪13‬‬
‫رجب ‪ 6( 1430‬يوليو ‪ ،)2009‬ص ‪3815‬؛‬
‫‪-‬القانون رقم ‪ 02.08‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.08.02‬في ‪ 17‬من جمادى األولى ‪ 23( 1429‬ماي ‪ ،)2008‬الجريدة الرسمية عدد ‪5638‬‬
‫بتاريخ ‪ 8‬من جمادى اآلخرة ‪ 12( 1429‬يونيو ‪ ،)2008‬ص ‪.1335‬‬
‫‪-‬القانون رقم ‪ 03.07‬المتعلق بالتأمين اإلجباري األساسي عن المرض لبعض فئات مهنيي القطاع الخاص والقاضي بتغيير وتتميم القانون رقم ‪17.99‬‬
‫المتعلق بمدونة التأمينات‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.165‬في ‪ 19‬من ذي القعدة ‪ 30( 1428‬نونبر ‪ ،)2007‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 5586‬بتاريخ ‪ 2‬ذو الحجة ‪ 13( 1428‬ديسمبر ‪ ،)2007‬ص ‪.4066‬‬
‫‪-‬القانون رقم ‪ 39.05‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.06.17‬في ‪ 15‬من محرم ‪ 14( 1427‬فبراير ‪ ،)2006‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5399‬بتاريخ‬
‫‪ 28‬محرم ‪ 27( 1427‬فبراير ‪ ،)2006‬ص ‪ 525‬؛‬
‫‪-‬القانون رقم ‪ 09.03‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.04.05‬في فاتح ربيع األول ‪ 21( 1425‬أبريل ‪ )2004‬بالجريدة الرسمية عدد ‪5207‬‬
‫بتاريخ ‪ 6‬ربيع األول ‪ 26( 1425‬أبريل ‪ ،)2004‬ص ‪.1831‬‬

‫‪50‬‬
‫ب‪ -‬كالهما من العقود التي يكون الهدف من إبرامها التحوط من المخاطر‪ ،‬حيث يبرم‬
‫العقد بهدف تغطية المخاط‪.93‬‬

‫ج‪ -‬كالهما من عقود المعاوضة‪، 94‬إذ يلتزم المؤمن له بدفع قسط التأمين الذي قد يكون‬
‫شهريا أو سنويا‪ ،‬بحسب ما هو مثبت في عقد التأمين‪ ،‬أو أي دفعة مالية أخرى‪ ،‬وفي عقد‬
‫المبادلة قد تكون شهرية أو ربع سنوية أو نصف ثانوية‪ ،‬أي يحصل كل من أطرافه على مقابل‬
‫لما يؤديه‪.‬‬

‫ت‪ -‬كالهما من العقود الزمنية فلعقد التأمين مدة محددة يتم من خاللها تغطية المخاطر‪،‬‬
‫وبانقضائ ها يتحلل المؤمن من مسؤوليته في توفير تلك التغطية‪ ،‬وهو ما ينطبق على عقد‬
‫المبادلة الذي يكون له تاريخ ابتداء وتاريخ انتهاء‪.‬‬

‫ج‪ -‬كالهما من العقو د الملزمة للجانبين‪ ،‬حيث يلتزم كل طرف بالتزامات مقابل الطرف‬
‫اآلخر‪.‬‬

‫ح‪ -‬يتشابه عقد المبادلة مع عقد التأمين في احتواء كل منهما على سمة المضاربة ‪،‬حيث‬
‫أن المؤمن يبرم العقد مع أعداد كثيرة في حاالت مماثلة معرضة لنفس الخطر ‪،‬ويلتزم بدفع‬
‫مبلغ التأمين لكل منهم في حالة تحقق الخطر ‪،‬وذلك مقابل قسط دوري يدفعه المؤمن له للمؤمن‬
‫‪،‬وحيث أن المؤمن له يضارب على احتمال عدم تحقق الخطر بمقابله يحاول المؤمن تغطيه‬
‫المخاطر المتوقعة‪ ،‬وهو ما يحدث في عقد المبادلة‪ ،‬حيث يبرمه أحد األطراف المتعاقدة بهدف‬
‫المضاربة‪ ،‬ويبرمه الطرف اآلخر بهدف تغطية المخاطر‪.‬‬

‫‪ 93‬يقصد بتغطية المخاطر بأنها تلك التغيرات او التقلبات أو التذبذبات المؤثرة على مقدار المكاسب أو الخسائر التي قد تتحقق خالل فترة محددة والتي‬
‫تحدث حول العوائد واألرباح الرأسمالية‪.‬‬
‫‪ 94‬عقد الم عاوضة هو العقد الذي ينشأ عنه التزام إرادي حر بين المتعاقدين بأداء التزاماتهما المتقابلة أخذا وعطاء لتملك عين أو االستفادة من منفعة أو‬
‫خدمة أو اكتساب حق مالي بثمن‪.‬‬
‫للمزيد من التوضيح يراجع‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني المصري‪ -1 ،‬نظرية االلتزام بوجه عام‪ ،‬ص ‪ 162‬منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://droitpdf.com/download -‬‬
‫‪4/#https://drive.google.com/file/d/1RYrZ0BTQ7Ibim3Z_FgDBsAYW1d1CZPpn/view‬‬

‫‪51‬‬
‫خ‪ -‬يتشابه عقد المبادلة مع عقد التأمين التبادلي في أن كالهما يبرم لتغطية مخاطر تقلب‬
‫األسعار‪ ،‬وكما أن المدفوعات المالية الواجبة على كل من الطرفين متغيرة‪ ،‬ألن كل من العقدين‬
‫يرتبط باالحتمال‪.95‬‬

‫لكن وعلى الرغم من أوجه الشبه تلك إال أنه ال يمكن تكييف عقد المبادلة بأنه عقد‬
‫تأمين‪ ،‬وذلك لالختالفات الواضحة بين العقدين في جوانب عديدة والتي تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬في ثبات المدفوعات الواجبة على األطراف‪ ،‬ففي عقد التأمين تكون المدفوعات‬
‫متمثلة في القسط بالنسبة للمؤمن‪ ،‬وفي مبلغ التأمين بالنسبة إلى المؤمن له‪ ،‬بينما في عقد‬
‫المبادلة فإن المدفوعات تتسم بعدم الثبات نظرا الرتباطها باالحتمال كما بيننا سابقا‪.‬‬

‫ب‪ -‬عقد التأمين يحدد ابتداء الطرف الملتزم بالمدفوعات الدورية‪ ،‬وهو المؤمن والطرف‬
‫اآلخر ملتزم بدفع مبلغ التأمين في حا لة تحقق الخطر المؤمن عليه‪ .‬أما في عقد المبادلة فال نجد‬
‫أي من أطرافه ملتزم باألداء المالي إال بعد تحقق االحتمال وهو اإلعالن عن أسعار الفائدة‬
‫وأسعار الصرف في األجل المحدد‪.‬‬

‫ت‪ -‬يختلف عقد المبادلة عن عقد التأمين بالمقاصة‪ ،‬ففي عقد مبادلة أسعار الفائدة‪ ،‬يمكن‬
‫أن يحدث مقاصة بين التزامات األطراف‪ ،‬بينما ال يمكن حدوث ذلك في عقد التأمين‪.‬‬

‫إذن ومنه يتبين لنا مما تقدم أن عقد المبادلة ال يمكن أن يكيف على أنه عقد تأمين‬
‫‪96‬‬
‫لوجود اختالفات جوهرية بين العقدين‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المبادلة عقد مقامرة ورهان‬

‫يرى جانب من الفقه أن هناك تشابه بين عقد المبادلة وعقد المقامرة والرهان‬
‫الشتمال هذا العقد على المقامرة والرهان‪.‬‬

‫غفران نعيم شاكر‪ ،‬التنظيم القانوني لعقد المبادلة في سوق األوراق المالية ‪،‬مرجع سابق ص ‪.55-54:‬‬ ‫‪95‬‬

‫غفران نعيم شاكر‪ ،‬التنظيم القانوني لعقد المبادلة في سوق األوراق المالية مرجع سابق‪ ،‬ص‪.56:‬‬ ‫‪96‬‬

‫‪52‬‬
‫ويمكن تعريف عقد المقامرة والرهان بأنه‪ ":‬عقد يتوقف حق المتعاقد فيه على واقعة‬
‫غير محددة‪ ،‬وهي أن يكسب المقامر اللعب في المقامرة أو يصدق قول المرتهن في الرهان‪،‬‬
‫و الواقعة غير المحققة في هذه العقود أجنبية عن المتراهنين‪ ،‬بحيث ال تحملهم خسارة أو تجلب‬
‫لهم كسبا‪.‬‬

‫ويالحظ أن عقد المقامرة والرهان يمتاز بخصائص معينة فهو من العقود االحتمالية ألن‬
‫كل طرف من طرفي العقد ال يستطيع تحديد وقت إبرام العقد مقدار ما أخذ ومقدار ما أعطى‪،‬‬
‫فهذا المقدار يتحدد في المستقبل تبعا لحدوث أمر غير محقق وهو الكسب‪.‬‬

‫وإن وجود سمة االحتمال بين عقد المبادلة وعقد المقامرة والرهان يؤدي إلى االلتباس‬
‫بين العقدين‪ ،‬فكالهما يقوم على المضاربة‪ .‬وقد بقي هذا اللبس لفترة طويلة حتى أن بعض‬
‫التشريعات تأثرت به‪ ،‬ومنها التشريع اإلنجليزي والمصري‪.97‬‬

‫ولكن وبالرغم من التقارب بين العقدين في أن كليهما من العقود االحتمالية إلى أن هناك‬
‫من األسباب ما تدفعنا إلى استبعاد ذلك التكييف‪ ،‬لالختالف بينهما من أوجه عديدة متمثلة في‬
‫اآلتي‪:‬‬

‫أ‪ -‬إن عقد المبادلة من العقود االحتمالية التي تعتمد في تداولها على دراسة معمقة‬
‫لتحركات سوق األوراق المالية‪ ،‬في حين أن عقد المقامرة والمراهنة يعتمد على الحظ‬
‫والصدفة‪.‬‬

‫ب‪ -‬الهدف من عقد المبادلة هو التحوط من تقلبات األسعار والمضاربة في سوق‬


‫األوراق المالية بمفهومها العصري‪ ،‬والتي تتمثل بكونها قرارا يتم اتخاذه بعد دراسة أحوال‬
‫السوق‪ ،‬ومؤشرات تغيرات األسعار للورقة المالية‪ ،‬والخروج بتوقعات مدروسة‪ ،‬وبناء على‬
‫ذلك يحدد المضارب موقفه بالبيع أو الشراء‪ ،‬في حين ليس لعقد المقامرة أو الرهان أي عالقة‬

‫غفران نعيم شاكر‪ ،‬التنظيم القانوني لعقد المبادلة في سوق األوراق المالية‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.57 :‬‬ ‫‪97‬‬

‫‪53‬‬
‫بدراسة تقلبات األسعار ومؤشراتها‪ ،‬وليس له هدف أو دور اقتصادي‪ ،‬بل على العكس من ذلك‬
‫ت عد من الممارسات الضارة لما تحدثه من إرباك للسير االعتيادي لألسعار‪.‬‬

‫ج‪ -‬إن عقد المبادلة يعد ورقة مالية قابلة للتداول‪ ،‬في حين ال يعد عقد المقامرة أو‬
‫الرهان كذلك‪.‬‬

‫لذلك يتبين لنا من ما تقدم أن عقد المبادلة ليس بعقد مقامرة ورهان لالختالفات المذكورة‬
‫‪98‬‬
‫بينهما‪.‬‬

‫من خالل ما تقدم تبين لي أن عقد المبادلة يقترب من عقد التأمين تارة وعقد المقامرة‬
‫والرهان تارة أخرى‪ ،‬ولكن يختلف عنهما في مواضيع أخرى‪ ،‬ولكن شرعا فالمبادلة من العقود‬
‫المحرمة من قبل الفقهاء‪ ،‬إال أن هنالك بدائل شرعية وجدت إلضفاء الصفة الشرعية عليه‪.‬‬

‫غفران نعيم شاكر القريشي ‪ ،‬التنظيم القانوني لعقد المبادلة في سوق األوراق المالية ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.58:‬‬ ‫‪98‬‬

‫‪54‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬العقود المستقبلية واآلجلة‬
‫بعدما تطرقت في الفصل األول إلى تكييف عقود الخيارات وعقود المبادالت‪ ،‬وذلك‬
‫بدراسة مشروعيتها من الناحية الشرعية وكيفية تداول عقود الخيارات داخل السوق اآلجلة‪،‬‬
‫فإنني سأتناول في هذا الفصل عقود مشتقات مالية من صنف آخر يختلف عن عقود الخيارات‬
‫والمبادالت‪ ،‬والتي ترتكز أساسا على عنصر األجل‪ ،‬وتتمثل في العقود المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫فمع التطور الذي شهدته أسواق المال برزت مجموعة من األدوات والوسائل المالية‬
‫التي توفر المزيد من المرونة والسيولة والتغطية للمتعاملين في السوق‪ .‬وتعد األسواق اآلجلة‬
‫من مظاهر التطور الحديث في األسواق المالية والدولية‪.‬‬

‫وتعتبر العقود المستقبلية امتدادا وتطورا طبيعيا للعقود اآلجلة‪ ،‬فالعقود اآلجلة هي اتفاق‬
‫بين طرفين للتعامل على أصل ما على أساس سعر يتحدد عند التعاقد‪ ،‬على أن يكون التسليم في‬
‫تاريخ الحق متفق عليه‪ ،‬أما العقود المستقبلية ما هي إال عقود آجلة تم تنميطها من حيث تاريخ‬
‫التسليم ومستوى وجودة األصل‪ ،‬وعدد الوحدات داخل العقد‪ .‬ولم تترك مجاال للتفاوض سوى‬
‫السعر وعدد العقود‪ ،‬وف ي العقود اآلجلة ال توجد أي قيود‪ ،‬حيث تتحدد بنود العقد وفق اتفاق‬
‫‪99‬‬
‫الطرفين‪.‬‬

‫و عقود المستقبليات ما هي إال عقود ملزمة يتم تداولها في األسواق‬


‫المالية الرسمية بغرض شراء أو بيع سلع أو مجوهرات‪ ،‬أو عمالت أجنبية أو أدوات مالية في‬
‫تاريخ محدد مستقبال وبسعر محدد‪ ،‬وهي تعتبر عقود نمطية من حيث الكمية والنوعية ومكان‬
‫‪100‬‬
‫التسليم‪.‬‬

‫ولقد جرى التعامل على العقود المستقبلية ألول مرة من خالل بورصة شيكاغو عام‬
‫‪1972‬م‪ ،‬وكان محل العقد عمالت أجنبية‪ ،‬ومنذ ذلك التاريخ شهدت العقود المستقبلية تطورا‬

‫‪ 99‬عباس فؤاد حسن‪ ،‬قراءات حول المشتقات المالية‪ :‬عقود المستقبليات‪ ،‬مجلة الدراسات المالية والمصرفية‪ ،‬مجلد ‪ ،24‬العدد ‪ ،1‬السنة‪ ،2016 :‬ص‪6 :‬‬
‫‪ 100‬عباس فؤاد حسن‪ ،‬قراءات حول المشتقات المالية‪ :‬عقود المستقبليات ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.6 :‬‬

‫‪55‬‬
‫مستمرا ‪،‬فقد استحدثت عقود مستقبلية على أسعار الفائدة عام ‪ ،1975‬وعقود مستقبلية على‬
‫أذون الخزانة عام ‪1976‬م‪ ،‬وعقود مستقبلية على سندات الخزانة عام ‪1977‬م‪ ،‬ثم ظهرت‬
‫العقود المستقبلية على مؤشرات األسهم عام ‪1980‬م‪ ،‬ومع نهاية القرن العشرين ظهرت العقود‬
‫المستقبلية على الخدمات وفي مقدمتها العقود المستقبلية على الرحالت الترفيهية‪.‬‬

‫وبذلك فالسبب الرئيسي لظهور هذه العقود هو تخفيض أو تجنب المخاطرة من تغيير‬
‫السعر وكذلك حاجة التجار والمستثمرين للتعامل بها‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما تقدم سأقوم بتقسيم هذا الفصل إلى فرعين‪ ،‬وذلك بتخصيص الفرع‬
‫األول لتكييف هذه العقود من الناحية الشرعية‪ ،‬على أن يخصص الفرع الثاني لتكييف هذه‬
‫العقود من الناحية القانونية‪ ،‬وكل هذا سأتطرق إليه بناء على التقسيم اآلتي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التكييف الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التكييف القانوني للعقود المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التكييف الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة‬

‫من العقود المستحدثة والتي لم يكن محلها أمرا‬ ‫‪101‬‬


‫تعتبر العقود المستقبلية واآلجلة‪،‬‬
‫معهودا في القديم‪ ،‬والتي جاءت وليدة التطورات التقنية واالقتصادية‪ ،‬بحيث ال تشبه في‬
‫أركانها وغرض المتعاملين بها عقدا من العقود المعروفة في الفقه‪ .‬ويعمل التكييف الشرعي‬
‫على الوقوف على تحقيق المصلحة ومنافاتها للغرر الفاحش‪ ،‬والمحظورات الشرعية وفق‬
‫القاعدة الفقهية "األصل في العقود اإلباحة"‪ ،‬فال يجوز المسارعة إلى تحريم صورة من صور‬
‫المعامالت المستحدثة حتى يتبين أن الشريعة قد حرمتها‪.102‬‬

‫فهناك العمليات الشرطية‪ ،‬والتي يكون من خاللها‬ ‫‪103‬‬


‫وتختلف صور العمليات اآلجلة‪،‬‬
‫للطرفين الحق ف ي العدول مقابل دفع تعويض وقت العقد في مقابل العدول ‪،‬ومثالها عقود‬
‫الخيارات‪ ،‬والتي خلصنا لحرمتها شرعا في الفصل األول‪ .‬أما في المعامالت اآلجلة القطعية‬
‫فالعاقدان ال يملكان حق العدول عن تنفيذ العقد ‪،‬وبالتالي ال يجوز لألطراف التحلل من‬
‫التزاماتهم وإال ترتب على ذلك مسؤوليتهم العقدية‪ ،‬وهذه المعامالت تدخل في إطارها العقود‬
‫المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫‪ 101‬تتجلى الفروق بين العقود اآلجلة والعقود المستقبلية على الرغم من كونها جميعا عقود بيع آجلة متأخرة التنفيذ في اآلتي‪:‬‬
‫‪-‬العقود اآلجلة عقود بيع عادية يصوغ شروطها والتزاماتها العاقدان‪ ،‬أما العقود المستقبلية فإنها عقود نمطية ينظم السوق أحكامها‪.‬‬
‫‪-‬تجري العقود اآلجلة على السلع غالبا ‪ ،‬أما المستقب ليات فعلى كل ما تعرضه السوق الناظمة من سلع وأسهم وسندات ومؤشرات مالية ومعدالت‬
‫فوائد‪.‬‬
‫‪-‬الغرض الغالب من عقود البيع اآلجلة التحوط من مخاطر تقلب أسعار السلع‪ ،‬بينما تشكل المضاربة الغرض األساسي للعاقدين في عقود‬
‫المستقبليات‪ ،‬فتنتهي بالتسوية ال بالتسليم ‪.‬‬
‫‪-‬تتارفق وجوبا عقود المستقبليات‪ ،‬دون العقود اآلجلة‪ ،‬مع دفع هامش متغير حسب تقلبات السوق بإشراف ومتابعة من قبل بيت المقاصة‪.‬‬
‫‪ -‬تتم تسوية العقد في العقود اآلجلة في أجل التسليم المتفق عليه في العقد‪ ،‬أما المستقبليات فيمكن تسوية العقد في أي وقت قبل التاريخ المذكور في‬
‫العقد‪ ،‬حسب ماتمليه قوانين السوق الناظمة‪.‬‬
‫‪ 102‬المهدي أندجار ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.81 :‬‬
‫‪ 103‬العمليات اآلجلة ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪ -‬العمليات الشرطية البسيطة‪ :‬وهي التي يكون فيها الخيار للمضارب بين فسخ العقد في ميعاد التصفية أو قبله أو تنفيذ العملية إذا رأى تقلب األسعار‬
‫لصالحه على أن يدفع تعويضا متفقا عليه سلفا‪.‬‬
‫‪ -‬العمليات الشرطية المركبة‪ :‬وهي التي يكون فيها الخيار للمضارب بين أن يكون مشتريا أو بائعا ‪،‬وأن يفسخ العقد إذا رأى مصلحة له في ذلك عند‬
‫التصفية أو قبلها مقابل تعويض أكبر مما يدفع في العمليات البسيطة يدفعه لصاحبه‪.‬‬
‫‪ -‬العمليات المضاعفة‪ :‬وهي التي يكون فيها الحق للمضارب في مضاعفة الكمية التي اشتراها أو باعها بسعر التعاقد إذا رأى مصلحة في التصفية‪،‬‬
‫على أن يدفع تعويضا مناسبا متفقا عليه عند اتضاح األسعار‪ ،‬وال يرد إليه‪ ،‬وتختلف قيمة التعويض بحسب كمية الزيادة وموضوع التخزين‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫وعلى هذا األساس سأحاول من خالل هذا الفرع محاولة تكييف العقود اآلجلة‬
‫والمستقبلية من الناحية الفقهية باستعراض آراء الفقهاء حول مشروعية هذه العقود ‪،‬وكذا‬
‫عرض البدائل الشرعية لها‪ ،‬وذلك بناء على التقسيم اآلتي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬البدائل الشرعية للعقود المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة‬

‫أمام تزايد حاجة المتعاملين في األسواق المالية بالعقود اآلجلة والمستقبلية‪ ،‬كان لزاما‬
‫على الفقهاء المعاصرين االهتمام بدراستها ووضع أحكام فقهية لها‪ ،‬وكما سبقت اإلشارة‪ ،‬فإن‬
‫العقود اآلجلة والمستقبلية هي عقود على أصول مادية أو مالية تسلم في تاريخ مستقبل‪ ،‬كما‬
‫يؤجل تسليم الثمن في نفس التاريخ ‪،‬وبالتالي فالتكييف الفقهي لهذه العقود يقوم بدور بارز من‬
‫الناحية العملية من خالل رفع الحرج والمشقة عن جمهور المتعاملين المسلمين الذين يتعاملون‬
‫بالعقود المالية بمستجداتها الحديثة‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أنه ترد العقود المستقبلية واآلجلة على السلع واألوراق المالية‬
‫كاألسهم والسندات‪ ،‬وعلى العمالت ومؤشرات األسهم‪ .‬ولذلك سأحاول في هذا المبحث التطرق‬
‫لكل نوع على حدة‪ ،‬مع إبراز الحكم الفقهي لها‪ ،‬وبناء على ذلك سأتطرق للحكم الفقهي للعقود‬
‫المستقبلية واآلجلة على غير العمالت (المطلب األول) ‪،‬والحكم الفقهي للعقود المستقبلية و‬
‫اآلجلة على العمالت (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة على غير العمالت‬

‫يرى عامة العلماء المعاصرين تحريم العقود المستقبلية واآلجلة على غير العمالت ألنها‬
‫بيع دين بدين‪ ،‬وحقيقة هذه العقود أنها من قبيل المراهنة على فروق األسعار وليس المقصود‬
‫منها البيع والشراء الحقيقي‪ ،‬وهذا نوع من القمار كما أن فيها غرر ظاهر يؤثر في العقد‪ ،‬وهو‬
‫كذلك من بيع اإلنسان ما ال يملك إذ جاء في قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم اإلسالمي‬
‫سنة ‪ 1404‬هجرية‪:‬‬

‫" إن العقود اآلجلة التي تجرى في هذه السوق ليست في معظمها بيعا حقيقيا وال شراء‬
‫حقيقيا‪ ،‬ألنه ال يجرى فيها التقابض من طرفي العقد فيما يشترط له التقابل في العوضين أو في‬
‫‪104‬‬
‫أحدهما شرعا"‪.‬‬

‫وتنصب العقود المستقبلية واآلجلة على مختلف السلع واألوراق المالية والمؤشرات‬
‫وغيرها من األشياء المادية والمعنوية‪ ،‬وعليه سأتطرق فيما يلي إلى مشروعية العقود‬
‫المستقبلية واآلجلة على السلع من عدمها (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم على مختلف األوراق المالية‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة على السلع‬

‫العقود المستقبلية واآلجلة على السلع هي عبارة عن عقد بين طرفين يلتزم بموجبه أحد‬
‫الطرفين تسليم الطرف اآلخر مقدارا محددا من سلعة معينة بسعر محدد في تاريخ محدد‪ ،‬وترد‬
‫هذه العقود عادة على سلعة تتوافر فيها شروط معينة مثل المحاصيل الزراعية كالقمح والذرة‬
‫والشعير والقطن والسكر واألرز‪ ،‬ومن المعادن كالذهب والفضة‪ ،‬وال ترد هذه العقود على‬
‫‪105‬‬
‫السلع المصنعة كالسيارات أو السلع غير القابلة للتخزين‪.‬‬

‫‪ 104‬عبد هللا بن محمد الطيار‪ ،‬الفقه الميسر‪ ،‬الجزء العاشر‪ ،‬مدار الوطن للنشر‪ -‬الرياض المملكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة‪ 2012 :‬ص‪:‬‬
‫‪.106‬‬
‫‪ 105‬شافية كتاف‪ ،‬دور األدوات المالية اإلسالمية في تنشيط وتطوير السوق المالية اإلسالمية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.387 :‬‬

‫‪59‬‬
‫ويمكن تحرير عقود مستقبلية على أي سلعة‪ ،‬إال أن هناك شروطا يجب توافرها في‬
‫السلعة المتعاقد عليها حتى تتناسب مع األسواق المنظمة للعقود المستقبلية‪ ،‬وأهم هذه الشروط‪:‬‬

‫‪ -1‬أن تكون السلعة قابلة للتنميط من حيث الكمية والجودة وما شابه ذلك بما يحقق‬
‫سيولة كافية للعقد‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يوجد طلب نشط على السلعة بما يحقق السيولة لسوقها‪.‬‬

‫‪ -3‬أن تكون السلعة من النوع القابل للتخزين بما يتيح توفيرها في التاريخ المحدد للعقد‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫‪ -4‬أن تكون السلعة ذات قيمة مقارنة بحجمها‪.‬‬

‫ولقد أجازت الشريعة اإلسالمية بيع السلع ذات التسليم الحال بأثمان مؤجلة ولو بثمن‬
‫أعلى من الثمن الحال‪ ،‬كأن يعرض البائع ثمنين على المشتري أحدهما حال واآلخر مؤجل‪،‬‬
‫فيقول بعتك هذا بعشرة أو بخمسة عشر إلى أجل‪ ،‬وال خالف بين الفقهاء في مشروعية ذلك إذا‬
‫جرى االتفاق على أحد األثمان المعروضة‪.‬‬

‫كما أجازت الشريعة اإلسالمية بيع سلع مؤجلة التسليم بأثمان حالة‪ ،‬وهو بيع السلم‪ ،‬وهو‬
‫عكس البيع بثمن آجل أي يدفع الثمن في مجلس العقد ويتأخر تسليم السلع إلى أجل مستقبلي‬
‫محدد‪.‬‬

‫أما تأجيل دفع الثمن وتسليم المبيع فهذا م ا لم تجزه الشريعة‪ ،‬وفي ذلك نص الحديث‪:‬‬
‫"نهى النبي صلى هللا عليه وسلم عن بيع الكالئ بالكالئ"‪ ،‬أي المؤجل بالمؤجل وإن كان ضعيفا‬
‫من حيث السند‪ ،‬إال أنه ال خالف بين الفقهاء على العمل بمعناه المذكور من تأجيل البدلين فقال‬
‫النووي‪" :‬ال يجوز بيع نسيئة بنسيئة بأن يقول‪ :‬بعني ثوبا في ذمتي بصفة كذا إلى شهر كذا‬
‫بدينار مؤجل إلى وقت كذا‪ ،‬فيقول‪ :‬قبلت وهذا فاسد بال خالف"‪.‬‬

‫‪ 106‬زاهرة يونس محمد سودة ‪ ،‬تنظيم عقود االختيار في األسواق المالية من النواحي القانونية والفنية والضريبية والشرعية ‪،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‬
‫‪،‬سنة ‪ ،2006 :‬ص‪.90 :‬‬

‫‪60‬‬
‫وهذا النهي يعود إلى جانب منه الى قضية الغرر‪ ،‬فالبيع الذي ال يتحقق فيه دفع الثمن أو‬
‫تسليم المبيع يدخله الغرر من حيث احتمال عجز العاقد عن تسليم العوض الواجب تسليمه في‬
‫المستقبل‪.‬‬

‫لكن النصوص الشرعية اغتفرت هذا الغرر في البيع بثمن آجل‪ ،‬واغتفرته في بيع السلم‬
‫تحقيقا لمصالح عامة راجحة على مصلحة درء الغرر عن المعاملة‪.107‬‬

‫وبالتالي فإنه ال يجوز إبرام العقود المستقبلية على السلع سواء كان الغرض منها‬
‫االحتياط لتقلبات األسعار‪ ،‬أو المضاربة وذلك لألدلة التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬في العقود المستقبلية يتم تأجيل تسليم الثمن والمثمن‪ ،‬وهذا ال يجوز ألنه من بيع‬
‫الدين بالدين المجمع على تحريمه‪.‬‬

‫‪ -2‬ما في هذه العقود من الربا المجمع على تحريمه وهو ربا النسيئة‪ ،‬وذلك في حالة‬
‫العقود المستقبلية على الذ هب والفضة‪ ،‬حيث إنها تباع بالنقود الورقية‪ ،‬والنقود تتفق مع الذهب‬
‫والفضة في علة الربا‪.‬‬

‫‪ -3‬تنتهي غالب العقود المستقبلية بالتسوية النقدية بين المتعاقدين ‪،‬فإن كان ذلك مشروطا‬
‫في العقد كانت العقود المستقبلية من عقود القمار المحرم‪ ،‬ألن كل واحد من المتعاقدين ال ينفك‬
‫على أن يكون غانما إذا تغيرت األسعار إلى صالحه أو غارما إن حدث العكس‪ ،‬وكل عقد دخل‬
‫فيه الطرفان وكل واحد منهما متردد بين الغنم والغرم فهو عقد قمار يحرم الدخول فيه بإجماع‬
‫المسلمين‪.‬‬

‫وإن كان غير مشروط في العقد فهو نوع من القمار والميسر‪ ،‬ألن البائع إذا لم يكن في‬
‫نيته تسليم السلعة التي باعها‪ ،‬أو كان المشتري غير ناو تسلم السلعة التي اشتراها‪ ،‬وإنما يريد‬
‫كل منهما أن يقبض فرق السعر إن تغيرت األسعار لصالحه‪ ،‬أو يدفعه إن تغيرت في غير‬
‫‪ 107‬عبد العظيم أبو زيد‪ ،‬التحليل ال فقهي والمقاصدي للمشتقات المالية‪ ،‬مجلة االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬جامعة الملك عبد العزيز‪ ،‬المجلد ‪ ،27‬العدد‪ ،4:‬السنة‪:‬‬
‫‪ ،2014‬ص ‪.14-13-12‬‬

‫‪61‬‬
‫صالحه‪ ،‬فقد دخل كل منهما في عقد بين غرره ومتأكد خطره‪ 108،‬كما جاء في قرار مجمع‬
‫الفقه اإلس المي التابع لرابطه العالم اإلسالمي أن‪" :‬العقود اآلجلة بأنواعها والتي تجرى على‬
‫المكشوف أي على األسهم والسلع التي ليست في ملك البائع بالكيفية التي في األسواق المالية‬
‫‪109‬‬
‫غير جائزة شرعا"‪.‬‬

‫وجاء في حكمها أيضا في المعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات‬


‫‪110‬‬
‫المالية اإلسالمية‪" :‬ال يجوز شرعا التعامل بعقود المستقبليات سواء بإنشائها أو بتداولها"‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة المالية‬

‫يراد بالعقود المستقبلية المالية العقود التي ترد على األدوات المالية األصلية مثل األسهم‬
‫واألوراق المالية ذات الدخل الثابت‪ ،‬سواء كانت طويلة األجل كالسندات أو قصيرة األجل‬
‫كأذونات الخزانة‪ .‬فأما بالنسبة لألسهم فهي إ ن كان ال يوجد من حيث الواقع عقود مستقبلية‬
‫عليها ‪ ،‬إال أن ذلك متصور من الناحية النظرية وممكن من الناحية العملية‪ ،‬وعلى أي فإن العقود‬
‫المستقبلية ع لى األسهم ال يختلف تصويرها عن العقود المستقبلية على السلع التي سبق ذكرها‬
‫إذ ينطبق نفس الحكم عليها‪. 111‬‬

‫فبيع األسهم هو من قبيل بيع المعين وبيع هذا األخير ال يجوز تأجيله بإجماع الفقهاء‪،‬‬
‫كما أن العقود المستقبلية اآلجلة على األسهم تنتهي في الغالب عن طريق التسوية النقدية وهذا‬
‫قمار ظاهر‪.‬‬

‫أما بخصوص األوراق المالية ذات الدخل الثابت‪ ،‬وتعرف أيضا بالعقود المستقبلية على‬
‫معدالت الفائدة‪ ،‬وهي عقود يتم التعامل فيها على أساس معدل الفائدة‪ :‬الودائع ‪،‬السندات‪،‬‬
‫القروض ‪...‬‬

‫‪ 108‬مبارك بن سليمان بن محمد آل سلمان ‪،‬أحكام التعامل في األسواق المالية المعاصرة ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.647_645 :‬‬
‫‪ 109‬قرارات وتوصيات مجمع الفقه اإلسالمي الدولي‪ ،‬قرار رقم ‪ 63‬ورقم ‪ ،65‬العدد‪ ،7:‬الجزء األول‪ ،‬ص‪.711:‬‬
‫‪ 110‬المعايير الشرعية لهيئة المراجعة والمحاسبة للمؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬معيار رقم ‪ ،20‬بيوع السلع في األسواق المنظمة‪ ،‬البند ‪ ،2/1/5‬ص‪:‬‬
‫‪344‬‬
‫‪ 111‬هشام السعدني خليفة بدوي ‪،‬عقود المشتقات المالية ‪ -‬دراسة فقهية اقتصادية مقارنة مرجع سابق‪ ،‬ص‪.256 :‬‬

‫‪62‬‬
‫وقد استخدمت هذه العقود بسبب التقلبات التي تحدث ألسعار الفائدة على األصول‬
‫المالية‪ ،‬وأغلب هذه العقود يتم إحاللها قبل تاريخ االستحقاق بشكل عكسي‪ 112،‬وفي ضوء ذلك‬
‫فإن حكم هذه العقود هو التحريم لما يأتي‪:‬‬

‫‪ -‬ما في ذلك من بيع الدين لغير من هو عليه بثمن مؤجل‪ ،‬وبيع الدين لغير من هو عليه‬
‫وإن كان جائزا على القول الراجح إال أن ذلك مشروط بكون العوض حاال غير مؤجل حتى ال‬
‫يدخل في بيع الدين بالدين الال منتهي‪ ،‬وهذا ال يتوفر في هذه العقود حيث أن الدين الذي تمثله‬
‫هذه األوراق مؤجل ويباع بثمن مؤجل‪ ،‬فكان محرما‪.‬‬

‫‪ -‬الدين الذي تمثله هذه األوراق من النقود وإذا بيعت بنقود كما هو الحال في العقود‬
‫المستقبلية‪ ،‬كان ذلك صرفا لم تتوفر فيه شروطه وهي الحلول والتقابض والتماثل‪ ،‬إذا بيعت‬
‫بنقود من جنسها‪ .‬والحلول و التقابض فقط إذا بيعت بغير جنسها ‪،‬وهذا منتف في العقود‬
‫المستقبلية على تلك األوراق‪.‬‬

‫‪ -‬غالبا ما يكون البائع في هذه العقود غير مالك لألوراق المالية التي أبرم عليها عقد‬
‫البيع‪ ،‬فهو يبيع مثال سندات على جهة معينة‪ ،‬وهو غير مالك لتلك السندات فكان بائعا لما يملك‪،‬‬
‫وهو حرام في شرع هللا عز وجل‪.‬‬

‫‪ -‬وفضال عن ذلك التقابض الذي هو مقصود العقود غير مراد للمتعاقدين‪ ،‬إذ غالبا ما‬
‫‪113‬‬
‫يتم تصفية تلك العقود داخال في دائرة القمار والميسر‪.‬‬

‫وبالنسبة لعقود مؤشرات األسهم فهي عقود لبيع أو شراء مؤشرات متنوعة من األسهم‬
‫التي يتم تداولها في سوق األوراق المالية في تاريخ مستقبلي وبسعر محدد‪ ،‬وال يجوز إبرام هذه‬
‫العقود‪:‬‬

‫‪ 112‬همت محمد عصام الدين السويقي‪ ،‬مشكالت ومخاطر المشتقات المالية وعوامل الحد منها‪ ،‬المجلد‪ ،22 :‬العدد ‪ ،3:‬السنة‪ ،2021 :‬ص‪.373 :‬‬
‫‪ 113‬مبارك بن سليمان بن محمد آل سلمان‪ ،‬أحكام التعامل في األسواق المالية المعاصرة ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.961-960 :‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ -‬لما فيها من وقوع العقد على ما ليس بمال‪ ،‬وال يؤول إلى المال ‪،‬وذلك ال يجوز ألن‬
‫من شرط المعقود عليه أن يكون ماال أو حقا متعلقا بمال‪.‬‬

‫‪ -‬ما في هذه العقود من الرهان المحرم بإجماع المسلمين‪ ،‬فحقيقة هذه العقود هي‬
‫المراهنة على المؤشرات من حيث بلوغها رقما معينا أو عدمه‪ ،‬على أن يدفع من يخسر الرهان‬
‫إلى الطرف اآلخر الفرق بين الرقم المعين المراهن عليه المسمى بسعر التنفيذ من الرقم الذي‬
‫يصل إليه المؤشر فعال في األجل المضروب‪ ،‬فالمراهن على الصعود يكسب الفرق‪ ،‬فإذا زاد‬
‫سعر المؤشر (أي رقمه )في األجل المضروب في سعر التنفيذ‪ ،‬والمضارب على الهبوط يكسب‬
‫إذا نقص سعر المؤشر على سعر التنفيذ فك ان كل واحد منهما إما غانما أو غارما‪ ،‬وهذا هو‬
‫ضابط القمار المحرم‪.‬‬

‫وبتحريم العقود المستقبلية على المؤشرات صدر قرار مجمع الفقه اإلسالمي المنبثق من‬
‫منظمة المؤتمر اإلسالمي في دورة مؤتمره السابعة المنعقدة في جدة من ‪ 8‬إلى ‪ 12‬ذي القعدة‬
‫سنة ‪ 1442‬هجرية‪ ،‬فقد جاء فيه‪" :‬ال يجوز بيع وشراء المؤشر ألنه مقامرة بحتة ‪ ،‬وهو بيع‬
‫‪114‬‬
‫شيء خيالي ال يمكن وجوده"‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة على العمالت‬

‫تتعرض أسعار صرف العمالت للتقلب والتغير من وقت إلى آخر‪ ،‬ولذلك فإن من يملك‬
‫عملة أجنبية أو يتوقع أن يحصل عليها في تاريخ الحق ثمنا لسلع‪ ،‬قام بتصديرها مثال أو يكون‬
‫عرضة النخفاض سعر هذه العملة عندما يريد تحويلها إلى عملته المحلية أو أي عملة أخرى‪،‬‬
‫كما أن من ينوي شراء عملة أجنبية في تاريخ الحق للقيام بتسديد مستحقات عليه تحل في هذا‬
‫التاريخ بهذه العملة مثال يكون عرضة الرتفاع سعرها‪.‬‬

‫ومن هنا فقد ابتكرت عدة أساليب للحماية من مخاطر ارتفاع أو انخفاض أسعار‬
‫العمالت األجنبية‪ ،‬ومن هذه األساليب إبرام العقود المستقبلية لشراء أو بيع تلك العمالت‬
‫‪ 114‬مبارك بن سليمان بن محمد آل سلمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.962-961:‬‬

‫‪64‬‬
‫وخاصة العمالت األجنبية الرئيسية المرتبطة بالنشاط التجاري العالمي كالدوالر واليورو‪،‬‬
‫‪115‬‬
‫والين الياباني‪ ،‬والدوالر األسترالي‪.‬‬

‫والعقود المستقبلية على العمالت محرمة شرعا لألدلة التالية‪:‬‬

‫‪ -‬في العقود المستقبلية يتم تأجيل الثمن والمثمن‪ ،‬وهذا ال يجوز ألنه من بيع الدين بالدين‬
‫المجمع على تحريمه‪.‬‬

‫‪ -‬ما في هذه العقود من الربا المجمع على تحريمه وهو ربا النسيئة‪ ،‬وذلك أن العمالت‬
‫(األوراق النقدية) إذا بيعت بعملة أخرى‪ ،‬اشترط في ذلك الحلول والتقابض‪ ،‬وذلك أنها تشترك‬
‫مع الذهب والفضة في علة الربا‪ ،‬وهي الثمنية‪ ،‬فكانت بذلك من األموال الربوية التي يشترط‬
‫فيها ما يشترط في األموال الربوبية ‪،‬إذا بيعت بما يشترك معها في علة الربا من التماثل‬
‫والحلول والتقابض ‪ ،‬إذا بيعت بجنسها‪ ،‬أو الحلول والتقابض فقط إذا بيعت بغير جنسها‪.‬‬

‫وهذا الشرط متوفر في العقود المستقبلية للعمالت األجنبية‪ ،‬حيث أن تأجيل التقابض هو‬
‫السمة الرئيسية لهذه العقود فكانت بذلك حراما‪.‬‬

‫وقد نص قرار مجمع الفقه اإلسالمي التابع لرابطة العالم اإلسالمي على تحريم العقود‬
‫المستقبلية على العمالت األجنبية‪ ،‬فقد جاء في قرار المجمع في دورة مجلسه ‪ 13‬المنعقدة بمكة‬
‫المكرمة يوم السبت ‪ 5‬شعبان ‪" :1412‬إذا تم عقد الصرف مع االتفاق على تأجيل قبض‬
‫البدلين أو أحدهما في تاريخ معلوم في المستقبل ‪،‬بحيث يتم تبادل العملتين معا في وقت واحد‬
‫في التاريخ المعلوم‪ ،‬فالعقد غير جائز ألن التقابل شرط لصحة تمام العقد ولم يحصل"‪.‬‬

‫كما نص على تحريمها قرار مجمع الفقه اإلسالمي المنبثق من منظمة المؤتمر‬
‫اإلسالمي في دورة مؤتمره السابعة المنعقدة في جدة ‪ 7‬إلى ‪ 12‬ذي القعدة سنة ‪1412‬هجرية‪،‬‬

‫هشام السعدني خليفة بدوي‪ ،‬عقود المشتقات المالية ‪ -‬دراسة فقهية اقتصادية مقارنة ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.261 :‬‬ ‫‪115‬‬

‫‪65‬‬
‫حيث جاء فيه‪" :‬يتم التعامل بالعمالت في األسواق المنظمة بإحدى الطرق األربعة المذكورة في‬
‫‪116‬‬
‫التعامل بالسلع وال يجوز شراء العمالت وبيعها بالطريقتين الثالثة والرابعة"‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬البدائل الشرعية للعقود المستقبلية واآلجلة‬

‫إن اإلسالم في شريعته العادلة جعل العدل مقصدا أساسيا‪ ،‬وما يقتضيه العدل أن تكون‬
‫معامالت الناس فيما بينهم سليمة خالية من أي شبهة تبطل العقد أو تفسده‪ ،‬أو تؤدي إلى‬
‫المنازعة والمخاصمة بين الناس نتيجة للظلم والخسارة التي تقع على أحد األطراف‪ ،‬لذلك من‬
‫‪117‬‬
‫مناطق الشريعة اإلسالمية العدل في هذه العقود لمنع حدوث هذه الشبهات‪.‬‬

‫وأمام عدم شرعية العقود المستقبلية واآلجلة كان لزاما على المهتمين بالمالية اإلسالمية‬
‫البحث عن صيغ لتطوير هذه العقود مع ما يتناسب مع األحكام والمبادئ الشرعية‪ ،‬وفي محاولة‬
‫تطوير العقود اآلجلة والمستقبلية لكي تناسب مبادئ المعامالت الشرعية ‪،‬عمل المهتمون‬
‫بتطوير المعامالت اإلسالمية إلى اعتماد العقود الشبيهة بالمشتقات المالية‪.‬‬

‫وبناء على ذلك سأحاول في هذا المبحث التطرق إلى محاولة تطوير العقود المستقبلية‬
‫واآلجلة في إطار عقد السلم (المطلب األول) ‪،‬ثم تطويرها في إطار عقد االستصناع (المطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تطوير العقود المستقبلية واآلجلة في إطار عقد السلم‬

‫هناك تشابه كبير بين عقد السلم‪ 118،‬والعقود اآلجلة والمستقبلية‪ ،‬حيث يوجد عقد بيع‬
‫يتفق فيه الطرفان على التعاقد على البيع بثمن معلوم يتأجل فيه تسليم السلعة الموصوفة بالذمة‬
‫وصفا مضبوطا إلى أجل معلوم‪.‬‬

‫‪ 116‬مبارك بن سليمان آل فواز‪ ،‬األسواق المالية من منظور إسالمي ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.95-94:‬‬
‫‪ 117‬رهف موسى أبو فارة‪ ،‬بدائل شرعية للمشتقات في األسواق المالية اإلسالمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.24 :‬‬
‫‪ 118‬تنص المادة ‪ 613‬من ظهير االلتزامات والعقود على أن‪":‬السلم عقد بمقتضاه يعجل أحد المتعاقدين مبلغا محددا للمتعاقد اآلخر الذي يلتزم من جانبه‪،‬‬
‫بتسليم مقدار معين من األطعمة أو غيرها من األشياء المنقولة في أجل متفق عليه‪ ،.‬وال يجوز إثبات بيع السلم إال بالكتابة‪".‬‬

‫‪66‬‬
‫فإذا كانت السلع مباحة شرعا والعقود التي تمثلها أو األسهم المتداولة تمثل شركات‬
‫نشاطها مباح و أغراضها مشروعة‪ ،‬فإن العقود اآلجلة في هذه الحالة أشبه ما تكون بعقود بيع‬
‫السلم الجائز شرعا‪.‬‬

‫فبيع السلم هو بيع موصوف في الذمة‪ ،‬معلوم القدر‪ ،‬يتأخر تسليمه إلى أجل معلوم بثمن‬
‫حال يدفع عند التعاقد‪ ،‬أي هو عقد يوجب الملك في الثمن عاجال وفي الثمن آجال‪ ،‬ويشترط‬
‫لصحة عقد السلم ضرورة توافر الشروط التالية‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون الثمن معلوما لطرفي العقد‪ ،‬وأن يكون حاال ويسلم في مجلس العقد‪ ،‬وال‬
‫يجوز أن يكون دينا في ذمة البائع أو غيره‪.‬‬

‫‪ -‬أن تكون السلعة محل البيع مما يمكن تحديد صفاتها‪ ،‬فالسلم عبارة عن بيع موصوف‬
‫في الذمة‪ ،‬وال يعرف إال بوصفه‪ ،‬وإذا تعذر وصفه أصبح مجهوال‪ ،‬وبيع المجهول ال يصح‪.‬‬

‫‪ -‬معرفة وبيان صفات المبيع من حيث الجودة والحجم‪ ،‬وكذلك النوع‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون المبيع معلوما القدر‪ ،‬وذلك بأن يذكر مقداره إما بالكيل أو بالوزن أو الذرع‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون المبيع دينا في الذمة‪ ،‬وأن يكون مقدورا على تسليمه‪ ،‬كما يجب تحديد مكان‬
‫التسليم‪.‬‬

‫‪ -‬يجب تأجيل تسليم المبيع‪ ،‬والبد أن يكون األجل معلوما ‪،‬فالسلم ال يكون إال مؤجال‬
‫‪119‬‬
‫‪.‬ويجب أن تكون السلعة المراد بيعها موجودة عند حلول موعد التسليم‪.‬‬

‫ويكمن الشبه بين العقود المستقبلية واآلجلة وعقد السلم في اآلتي‪:‬‬

‫="أما بالنسبة للقانون رقم ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها فقد عرف السلم “بأنه عقد بمقتضاه يعجل أحد المتعاقدين‪،‬‬
‫البنك التشاركي أو العميل مبلغا محددا للمتعاقد اآل خر الذي يلتزم من جانبه بتسليم مقدار معين من بضاعة مضبوطة بصفات محددة في أجل‪".‬‬
‫‪ 119‬شافية كتاف‪ ،‬دور األدوات المالية اإلسالمية في تنشيط وتطوير السوق المالية اإلسالمية ‪،‬دراسة تطبيقية لتجارب بعض األسواق المالية العربية‬
‫‪،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‪ ،‬جامعة سطيف ‪ 1‬الجزائر‪ ،‬سنة‪ ،2013:‬ص‪.370 :‬منشورعلى الموقع اإللكتروني‪http://dspace.univ-:‬‬
‫‪ setif.dz:8888/jspui/handle/123456789/3389‬تاريخ الدخول‪ 2023\06 \22 :‬على الساعة الرابعة مساء‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫_وجود عقد بيع بين الطرفين على بيع بثمن معلوم‪.‬‬

‫_ تأجيل السلعة الموصوفة بالذمة وصفا منضبطا إلى أجل معلوم‪.‬‬

‫_ المبيع في العقد المستقبلي محل البحث موصوف في الذمة‪ ،‬وغير معين‪ ،‬مؤجل‬
‫التسليم‪ ،‬والمبيع في عقد السلم (المسلم فيه) موصوف في الذمة غير معين‪ ،‬مؤجل التسلم‪،‬‬
‫بمعنى أنه معدوم عند التعاقد‪ ،‬وبما أن المعدوم يغلب على الظن وجوده وقت التسليم‪ ،‬فالغرر‬
‫الذي هو علة التحريم وليس العدم ‪،‬فالغرر غير متحقق لغلبة الظن بوجوده ‪،‬فإن عدم وجود‬
‫المبيع في العقد المستقبلي محل البحث ال يجعل حكم العقد عدم الجواز باعتبار غلبة وجوده‬
‫وقت التسليم‪.‬‬

‫_ ال تعتبر علة تأخير دفع البدلين فارقا لمنع إ تمام البيع‪ ،‬فهناك بيوع جائزة شرعا يمكن‬
‫أن يتأجل فيها البدالن‪ :‬مثل عقد االستصناع وعقد السلم‪.‬‬

‫كما أن جمهور الفقهاء ال يرون دفع الثمن حاال في بيع المعين الغائب على الصفة مما‬
‫‪120‬‬
‫يعني أن البدلين مؤجالن‪.‬‬

‫لكن بالرغم من تشابه العقود اآلجلة والمستقبلية مع عقود السلم المباح وفقا ألحكام‬
‫اإلسالم كثيرا من حيث الشكل‪ ،‬إال أنها تختلف عنه من عدة أوجه أهمها ما يلي‪:‬‬

‫* يجب في السلم شرعا أن يعجل الثمن بكامله‪ ،‬وهو الذي يسمى رأس مال السلم‪ ،‬وبهذا‬
‫قال أبو حنيفة والشافعي‪ ،‬وقال مالك يجوز أن يتأخر قبضه يومين وثالثة أكثر ما لم يكن‬
‫شرطا‪.‬‬

‫* بما أن الثمن ال يدفع إلى البائع عند إبرام عقد المستقبليات‪ ،‬فالثمن دين على المشتري‪،‬‬
‫كما أ ن المبيع دين على البائع‪ ،‬فصار هذا بيع الكالئ بالكالئ الممنوع شرعا‪.‬‬

‫‪ 120‬حسني مبروك فرج‪ ،‬المشتقات المالية وأحكامها‪ :‬دراسة فقهية مقارنة‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه ‪،‬الجامعة األردنية‪ ،‬سنة ‪ ،2017:‬ص‪132 :‬‬
‫منشور على الموقع اإللكتروني‪ http://search.mandumah.com/Record/1223136 :‬تاريخ الدخول‪ 2023\06\22:‬على الساعة‪ :‬الخامسة‬
‫مساء‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫* من المتعارف عليه في عقود المستقبليات أن تسليم السلعة إلى المشتري ال يقع عموما‪،‬‬
‫بل غالبا ما يكون االختيار بيد المشتري األخير بين المطالبة بتسليم السلعة‪ ،‬أو الحصول على‬
‫ثمن التصفية على أساس دفع الفرق بين سعري البيع والشراء‪ ،‬وغالبا ما يكون هذا األمر‬
‫مشروطا في العقد منذ البداية‪ .‬ومن المعروف أن العقد الواحد من العقود المستقبلية تجرى عليه‬
‫مبادالت كثيرة قبل وقت التسليم‪ .‬وال شك أن مثل هذا الشرط مفسد لعقد السلم‪.‬‬

‫إال أنه يوجد مشكلة في عقود السلم قد تحول دون االعتماد عليه كبديل لعقود‬
‫المستقبليات‪ ،‬وهو أنه يجب على المشتري بموجب عقد السلم أن يدفع كامل ثمن السلعة‬
‫المشتراة عند إبرام العقد‪ ،‬وهو ما قد ال يكون متاحا لدى المشتري‪ ،‬في هذه الحالة يمكن أن‬
‫يرجع المشتري إلى بديل آخر متمثل في البيع اآلجل‪ 121‬عندما تتوفر السلعة وال يتوفر ثمنها‪،‬‬
‫‪122‬‬
‫أما في حال عدم توفر السلع وعدم توفر الثمن يمكن اللجوء إلى عقد االستصناع‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تطوير العقود المستقبلية واآلجلة في إطار عقد االستصناع‬

‫يعتبر عقد االستصناع‪ 123،‬من البدائل الشرعية للعقود المستقبلية واآلجلة‪ ،‬وهو عبارة‬
‫عن اتفاق مع الصانع على عمل شيء معين للمستصنع من مادة هي للصانع بعوض معين‪،‬‬
‫وبموجبه يكون العمل والمادة كالهما على الصانع‪ ،‬كما أن العوض على المستصنع وصورته‬
‫أن يقول للصانع مثال‪" :‬إبن لي منزال أو خط لي ثوبا"‪.‬‬

‫‪ 121‬البيع اآلجل هو بيع السلعة بثمن مؤجل يزيد عن ثمنها نقدا وهو العقد العكسي لبيع السلم ‪،‬حيث تنتقل ملكية السلعة إلى المشتري فور التسليم ‪،‬ويصبح‬
‫البائع دائنا للمشتري بثمن المبيع‪.‬‬
‫وبالتالي فالبيع اآلجل هو البيع الذي يؤجل فيه استحقاق ثمن السلعة المراد بيعها بعد أجل معين ‪،‬سواء كان ذلك دفعة واحدة أو على دفعات وأقساط‬
‫معينة‪ .‬ويشترط لصحة البيع االجل جملة من الشروط من أهمها‪:‬‬
‫‪-‬أن يكون الثمن مؤجال ومعلوما ‪.‬‬
‫‪ -‬أن يسلم المبيع حاال للمشتري‪.‬‬
‫‪ -‬ينبغي أن يكون األجل معلوما للطرفين‪.‬‬
‫ويعتبر البيع اآلجل أحد الحلول التي تم اقتراحها كبديل شرعي للعقود اآلجلة التي تبرم في األسواق المالية ‪ ,‬والتي أجمع العلماء على حرمتها وهي‬
‫بصورتها الحالية‪ ،‬لما فيها من مخالفات شرعية كثيرة كبيع الدين بالدين‪ ،‬وبيع اإلنسان ما ليس عنده‪ ،‬و المقامرة‪..‬‬
‫‪ 122‬نبال محمود قصبة ‪ ،‬دور المشتقات المالية في األزمة المالية العالمية ‪،‬مجلة الدراسات االقتصادية والمالية ‪،‬العدد الرابع ‪ ،‬سنة‪ ،2011 :‬ص‪- 75 :‬‬
‫‪.76‬‬
‫‪ 123‬للمزيد يراجع‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد بلخير‪ ،‬عقد االستصناع وتطبيقاته المعاصرة ‪ -‬دراسة حالة البنك اإلسالمي للتنمية ‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل درجة الماجستير في االقتصاد اإلسالمي‪،‬‬
‫كلية العلوم االجتماعية والعلوم اإلسالمية (قسم الشريعة – فرع االقتصاد اإلسالمي)‪ ،‬جامعة الحاج لخضر – باتنة‪ ،‬السنة الجامعية ‪- 1428‬‬
‫‪1429‬هـ‪2008-2007/‬م ص ‪ 2‬وما بعدها‪ ،‬منشورة على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://iefpedia.com/arab/wp-content/uploads/2009/10/‬‬

‫‪69‬‬
‫هو عقد وارد على العمل وا لعين والذمة ملزم للطرفين إذا‬ ‫‪124‬‬
‫وعقد االستصناع‪،‬‬
‫توافرت فيه األركان والشروط‪ .‬إذ يشترط في عقد االستصناع بيان جنس المستصنع وقدره‬
‫وأوصافه المطلوبة‪ ،‬وأن يحدد فيه األجل ‪.‬‬

‫ويجوز في عقد االستصناع تأجيل الثمن كله أو تقسيطه إلى أقساط معلومة آلجال‬
‫محددة‪ ،‬ويجوز أن يتضمن عقد االستصناع شر طا جزائيا بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم‬
‫تكن هناك ظروف قاهرة‪.‬‬

‫واالستصناع نوعان‪ :‬عادي وموازي‪:‬‬

‫‪-1‬االستصناع العادي‪:‬‬

‫ويكون موضوع هذا العقد هو صنع شيء معين بأوصاف وكميات مخصوصة متفق‬
‫عليها لقاء ثمن محدد معجل أو مؤجل‪ ،‬وعلى أن تكون المواد األولية من الصانع‪ .‬فالعالقة‬
‫التعاقدية بين طرفي العقد تكون مباشرة وليس بينهما أي وسيط مالي‪ ،‬وهذا النوع من‬
‫االستصناع شائع في حياة الناس ألنه يلبي حاجاتهم‪ ،‬ويحقق مصالح كبيرة لألفراد والمؤسسات‬
‫في شتى المجاالت‪.‬‬

‫‪-2‬االستصناع الموازي‪:‬‬

‫وهذا أسلوب تمويلي طورته المصارف اإلسالمية على أساس أنه ال يشترط في‬
‫االستصناع أن يكون العقد مع صانع‪ ،‬فيصح شرعا أن يتعاقد الراغب في االستصناع مع‬
‫شخص غير أهل الصنعة‪ ،‬ثم يذهب هذا الملتزم للصنعة يبحث عن شخص يصنع له المطلوب‬
‫فيأخذه ويسلمه للمستصنع‪ ،‬وعادة ما تطبقه المصارف‪ ،‬وال يكون هناك أي عالقة تعاقدية بين‬

‫‪ 124‬عرف المشرع المغربي عقد االستصناع في القانون رقم ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها بأنه‪“ :‬كل عقد يشتري به‬
‫شيء مما يصنع يلتزم بموجبه أحد المتعاقدين‪ ،‬البنك التشاركي أو العميل بتسليم المصنوع بمواد من عنده بأوصاف معينة يتفق عليها وبثمن محدد يدفع‬
‫من طرف المستصنع حسب الكيفية المتفق عليها بين الطرفين…”‬
‫للمزيد يراجع‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد حميوي‪ ،‬الوسيط في قانون الشغل المغربي‪ -‬الجزء األول‪ :‬عالقات الشغل الفردية (على ضوء مدونة الشغل وآراء الفقه وأحكام القضاء)‪ ،‬دار‬
‫السالم للطباعة والنشر والتوزيع بالرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2013‬الهامش رقم ‪ 2‬ص ‪.366-356‬‬

‫‪70‬‬
‫المستصنع في العقد األول والصانع في العقد الثاني‪ .‬والفرق بين الثمن في العقد األول والثمن‬
‫في العقد الثاني يكون ربحا للمصرف يستحقه بسبب الضمان الذي تعهد به‪ ،‬وتحمله في العقد‬
‫‪125‬‬
‫األول من خالل تملكه للسلعة وتحمل مخاطرها‪.‬‬

‫وقد يكون عقد االستصناع من أقرب العقود الجائزة شرعا‪ ،‬والتي تسمح بتأخير تسلم‬
‫الثمن والمبيع في مجلس العقد‪ ،‬حيث إ نه يجوز تأجيل الثمن كله أو تقسيطه إلى أقساط معلومة‬
‫‪126‬‬
‫وآلجال محددة‪ ،‬ذلك أنه بوجود عنصر العمل للتصنيع فإن ذلك يأخذ شبها من اإلجارة‪،‬‬
‫وهي منفعة مؤجلة مرتبطة بالزمن المستقبل‪ ،‬ويجوز تأجيل أجرتها‪ ،‬وهذا التأجيل يقتضيه‬
‫عنصر التصنع وهو غرض مقصود للمشتري‪ ،‬فليس تأجيل تسلمه للمبيع وهو معين بل بسبب‬
‫أنه موصوف في الذمة‪.‬‬

‫ويمكن إصدار صكوك االستصناع من قبل المؤسسات اإلسالمية التي تكون أشبه‬
‫بالعقود المستقبلية‪ ،‬حيث يتم شراء هذه الصكوك من قبل جمهور المستثمرين‪ ،‬فإذا كان‬
‫إستصناع عقاري مثال‪ :‬فيقوم المستثمرون (المكتتبرون) بشراء ما يرغبون به من هذه‬
‫الصكوك ‪،‬وتتعهد المؤسسات المصدرة له بشراء المصنوع بالربح الذي تعرضه‪ ،‬كما يمكن‬
‫أيضا لشركات الطيران (المالحة) استصناع ما تحتاجه من طائرات‪ ،‬بإصدار صكوك‬
‫استصناع مخصصة لتمويل هذا االستصناع‪ ،‬وذلك وفق المواصفات المتفق عليها‪ ،‬ثم تسليمها‬
‫‪127‬‬
‫للمستصنع‪.‬‬

‫‪ 125‬رهف موسى أبو فارة‪ ،‬بدائل شرعية للمشتقات في األسواق المالية اإلسالمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26-25:‬‬
‫‪ 126‬عرف المشرع المغربي اإلجارة في المادة ‪ 58‬من القانون البنكي رقم ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها بكونها" كل‬
‫مسموح "‬
‫ٍ‬ ‫عقد يضع بموجبه بنك تشاركي‪ ،‬عن طريق اإليجار منقوال أو عقارا محددا و في ملكية هذا البنك تحت تصرف عميل قصد استعمال‬
‫‪ 127‬شافية كتاف وذهبية لطرش‪ ،‬عقود المشتقات المالية بين األهمية االقتصادية والرؤية الشرعية‪ ،‬مقال مجلة آفاق للعلوم‪ ،‬العدد السابع‪ ،‬مارس ‪،2017‬‬
‫ص‪ 395 :‬منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://afak-revues.com/index.php/afak/article/view/481/458‬‬
‫نقال عن‪:‬‬
‫‪ -‬كمال توفيق حطاب‪ ،‬مستقبليات السلع من منظور إسالمي‪ ،‬ص ‪ 24‬منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://kamalhattab.info/blog/wp-content/uploads/2008/03/sook.pdf‬‬

‫‪71‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق ال يمكن الحديث عن مشتقات مالية إسالمية بحد ذاتها وإنما‬
‫محاولة شرعية المشتقات المالية التقليدية‪ ،‬وذلك بتغيير شروطها وضوابطها‪ ،‬أو بقياسها على‬
‫عقود استثنائية كالسلم واالستصناع‪.‬‬

‫ويرى بعض الفقهاء في االقتصاد اإلسالمي أنه هناك طرق أخرى للتحوط‪ ،‬ذات هندسة‬
‫مالية خاصة تنصب على التعامل بالعقود‪ ،‬مع استخدام مبدأ المواعدة الملزمة‪ ،‬والتعويض‬
‫الناشئ عن الضرر الناشئ عن النكول في الوعد‪.‬‬

‫حيث إ ن الغرض من التحوط في العقود المستقبلية هو تثبيت السعر للبائع الذي يخشى‬
‫من أضرار انخفاضه‪ ،‬وتثبيت السعر المستقبلي للمشتري الذي يخشى من أضرار ارتفاعه‪ ،‬ما‬
‫لم يكن للمشتري القدرة على تمويل البائع‪ ،‬والبائع ال يحتاج تمويل المشتري فيتحقق مرادهما‬
‫من خالل المواعدة الملزمة‪ ،‬ويرون أنه ليس من قبيل بيع الكالئ بالكالئ بل من قبيل مبادلة مال‬
‫ولو في الذمة‪ ،‬والتي تعني مبادلة ما في الذمة بما في الذمة‪ ،‬بمعنى تأجيل تسليم البدلين إلى‬
‫‪128‬‬
‫األجل المتفق عليه في عقد التحوط‪.‬‬

‫‪ 128‬المهدي أندجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.88 :‬‬

‫‪72‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التكييف القانوني للعقود المستقبلية واآلجلة‬

‫يظهر من خالل التقنيات القانونية للعقود المستقبلية واآلجلة أنها تجمع بين خصائص‬
‫وأركان العقد بوجه عام‪ ،‬كما أنها تلتقي مع عدة عقود سماها ونظمها المشرع المغربي في‬
‫قانون االلتزامات والعقود ‪.‬كما أن المفاهيم التي وظفها المشرع‪ :‬العقد ‪ -‬البائع‪ -‬المشتري‪ -‬الثمن‬
‫من خالل قانون ‪ 42.12‬المتعلق باألسواق اآلجلة تدل على أن العقود المستقبلية والعقود اآلجلة‬
‫تنتمي إلى القاموس القانوني للعقد‪ ،‬ويزكي هذا الطرح اشتراط توفر هذه العقود على محل‬
‫‪129‬‬
‫وسبب مشروعين‪.‬‬

‫لهذا سأحاول التطرق في هذا الفرع إلى أركان العقود المستقبلية واآلجلة‪ ،‬واآلثار التي‬
‫ترتبها هذه العقود‪ ،‬ثم سأحاول بيان الطبيعة التعاقدية لهذه العقود من خالل الخصائص األساسية‬
‫للعقد ومحتواه‪ .‬وفق التقسيم اآلتي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التنظيم القانوني للعقود المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الطبيعة التعاقدية للعقود المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التنظيم القانوني للعقود المستقبلية واآلجلة‬

‫لم يحدد المشرع المغربي مفهوما خاصا للعقد اآلجل‪ ،‬لكن اعتباره له من بين األدوات‬
‫المالية اآلجلة بمختلف أنواعه‪ ،‬وتأطيره لتداول هذه األدوات داخل سوق آجله منظمة‪ ،‬يفضي‬
‫إلى القول بأن المشرع المغربي قد اعتبر العقد اآلجل من العقود المستقبلية أو المستقبليات التي‬

‫المهدي أندجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89 :‬‬ ‫‪129‬‬

‫‪73‬‬
‫عرفها على أنها‪" :‬عقود شراء أو بيع ألصل أساسي بثمن محدد مسبقا وألجل استحقاق متفق‬
‫‪130‬‬
‫عليه"‪.‬‬

‫وبالرغم من أن العقود اآلجلة في عالم المالية تختلف عن العقود المستقبلة في كون‬


‫األولى قد يتم تداولها داخل األسواق المالية غير المنظمة‪ ،‬بخالف العقود المستقبلية التي يقتصر‬
‫تداولها على األسواق المالية المنظمة‪ ،‬وعليه يمكن القول أن إن العقود اآلجلة في القانون‬
‫المغربي هي مستقبلية تقع على شراء أو بيع أصل أساسي بثمن محدد مسبقا وألجل يتفق‬
‫‪131‬‬
‫عليه‪.‬‬

‫وبناء على ذلك كان لزاما علي أن أتطرق في هذا المبحث إلى أركان العقود المستقبلية‬
‫واآلجلة (المطلب األول) واآلثار التي ترتبها هذه العقود من تسوية‪ ،‬وكذا ضمانات تنفيذ هذه‬
‫العقود (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أركان العقود المستقبلية واآلجلة‬

‫يتكون العقد اآلجل عموما من أركان أساسية ال يتم إال بها سواء من الناحية المالية أو‬
‫القانونية‪ ،‬وتتمثل في الطرف األول (مشتري العقد) وهو الطرف الذي يقوم بدفع المبلغ المتفق‬
‫عليه في العقد إلى الطرف الثاني مقابل حصوله على الموجود األساس‪ ،‬ويتم ذلك في تاريخ‬
‫التنفيذ المحدد في العقد‪ ،‬ويدخل كال الطرفان في التفاوض على شروط معينة‪ ،‬ويكون بحسب‬
‫رغباتهما واحتياجاتهما‪ ،‬إضافة إلى الطرف الثاني (بائع العقد) وهو الطرف الذي يلتزم بتقديم‬
‫الموجود األساس في التاريخ المتفق عليه والمحدد في العقد مقابل حصوله على المبلغ المتفق‬
‫‪132‬‬
‫عليه من الطرف اآلخر (المشتري)‪.‬‬

‫ولهذا سأحاول فيما يلي تناول أركان هذه العقود بالتفصيل‪:‬‬

‫‪ 130‬المادة ‪ 5‬من القانون رقم ‪ 42.12‬المتعلق باألسواق اآلجلة‪.‬‬


‫‪ 131‬أسماء كجي مقاربة مالية وقانونية للعقود اآلجلة في ضوء القانون رقم ‪ ،42.12‬مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬العدد ‪ ،25‬يناير ‪،2019‬‬
‫ص‪.3 :‬‬
‫‪ 132‬أسماء كجي‪ :،‬مقاربة مالية وقانونية للعقود اآلجلة في ضوء القانون رقم ‪ ،42.12‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.3 :‬‬

‫‪74‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األهلية‬

‫تعتبر العقود المستقبلية واآلجلة من التصرفات التي تدور بين النفع والضرر‪ ،‬والتي‬
‫تقوم على مخاطرة كبيرة نظرا لالحتمالية التي تتميز بها‪ ،‬وعليه فإلبرام هذه العقود يشترط‬
‫كمال األهلية وهي تمام الشخص ‪ 18‬سنة شمسية كاملة‪ ،‬وخالية من عوارض األهلية ‪،‬كما جاء‬
‫‪133‬‬
‫في المادة ‪ 209‬من مدونة األسرة‪.‬‬

‫هذا بالنسبة للشخص الطبيعي‪ ،‬أما بالنسبة للشخص المعنوي باعتبار أن العقود‬
‫المستقبلية واآلجلة من العقود التي تلقى تعامال كبيرا من قبل المؤسسات المالية‪ ،‬فيستلزم في‬
‫هذه األخيرة أن تتوفر على األهل ية القانونية‪ ،‬وذلك بتوفرها على اسم وموطن مستقل‪ ،‬وذمة‬
‫مالية مستقلة‪ ،‬وأن يؤسس في إطار قانوني محدد سواء شركة مساهمة أو غيرها من األشكال‬
‫‪134‬‬
‫القانونية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التراضي‬

‫وتتمثل أطراف العقود المستقبلية واآلجلة في البائع‪ ،‬وهو الطرف الذي يلتزم بتسليم‬
‫األصل مح ل التعاقد مقابل الحصول على السعر المتفق عليه من المشتري في التاريخ المحدد‬
‫في العقد‪ ،‬ثم المشتري والذي يلتزم باستالم األصل محل التعاقد مقابل دفع السعر المتفق عليه‬
‫في التاريخ‪.‬‬

‫وال يكتمل انعقاد العقود المستقبلية واآلجلة إال بتراضي طرفي العقد على كافة العناصر‬
‫ا لمكونة لهذه العقود‪ ،‬وذلك بصدور إيجاب من المشتري وقبول من البائع‪.‬‬

‫الظهير الشريف رقم ‪ 1-04-22‬الصادر في ‪ 12‬من ذي الحجة ‪ 3( 1424‬فبراير ‪.)2004‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 70-03‬بمثابة مدونة األسرة‪.‬‬ ‫‪133‬‬

‫المهدي أندجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.63 :‬‬ ‫‪134‬‬

‫‪75‬‬
‫فاإليجاب يجب أن يكون باتا أي صادرا عن أحد المتعاقدين عن نية باتة في التعاقد‪،‬‬
‫ومتضمنا العناصر األساسية للتعاقد‪ ،‬وتتمثل هذه العناصر في نوع األصل محل العقد المتفق‬
‫على بيعه‪ ،‬ثم تاريخ التسليم أو التسوية وهو التاريخ الذي يتفق عليه الطرفان إلتمام عملية‬
‫التبادل‪ ،‬باإلضافة إلى سعر التنفيذ أو سعر التسوية وهو السعر الذي يتفق عليه الطرفان في‬
‫العقد إلتمام األصل محل التعاقد‪.‬‬

‫أما القبول فيشترط فيه أن يكون صحيحا ومنتجا آلثاره القانونية‪ ،‬وأن يصدر في وقت‬
‫يكون فيه اإليجاب ال زال قائما‪ ،‬وإذا كان مقترنا بأجل فإنه يتعين أن يصدر قبل انصرام هذا‬
‫األجل‪ ،‬كما يجب أن يكون مطابقا لإليجاب مطابقة تامة بحسب مدلول الفصل ‪ 28‬من قانون‬
‫‪135‬‬
‫االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬المحل‬

‫يتمثل محل العقود المستقبلية واآلجلة في المعقود عليه‪ ،‬أي فيما يقع عليه التعاقد ويشمل‬
‫األصل األساسي وسعر التنفيذ‪ ،‬ويشترط في المحل أن يكون معينا‪ 136،‬فإذا كان األمر متعلقا‬
‫باألصل األساسي وجب تعيينه من حيث النوع والقيمة والعدد كاألسهم مثال وجب تعيينها من‬
‫حيث قيمتها وعددها‪ ،‬أما بخصوص سعر التنفيذ فيجب تح ديده وأن يكون معلوما للطرفين‪ ،‬فإذا‬
‫كان الثمن نقدا وهو األصل‪ ،‬حددت عملته ومقداره وكيفية سداده‪ ،‬وإن كانت من المثليات‬
‫األخرى حدد جنسه ونوعه وصفته ومقداره‪ ،‬لما لهذا األمر من أهمية عند حلول تاريخ التنفيذ‬
‫‪137‬‬
‫في تبيان األرباح والخسائر التي ترتبت على طرفي العقد‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬آثار العقود المستقبلية واآلجلة‬

‫‪ 135‬تنص المادة ‪ 28‬من قانون االلتزامات والعقود على أنه‪ " :‬يعتبر الرد مطابقا لإليجاب إذا اكتفى المجيب بقوله (قبلت) أو نفذ العقد بدون تحفظ"‪.‬‬
‫‪ 136‬تنص المادة ‪ 58‬من قانون االلتزامات و العقود على ‪" :‬الشيء الذي هو محل االلتزام يجب أن يكون معينا على األقل بالنسبة إلى نوعه‪ .‬ويسوغ أن‬
‫يكون مقدار الشيء غير محدد إذا كان قابال للتحديد فيما بعد"‪.‬‬
‫‪ 137‬المهدي أندجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.70 :‬‬

‫‪76‬‬
‫تشكل الغاية من إبرام عقود المعاوضات بشكل عام أخذ األطراف مقابل اللتزاماتهم‪،‬‬
‫فالعقود المستقبلية واآلجلة باعتبارها عقود معاوضات ال تخرج عن هذا اإلطار‪ .‬فأطراف‬
‫العقود المستقبلية واآلجلة يلتزمون بالبقاء طوال مدة العقد ملتزمين سواء بالبيع أو الشراء حسب‬
‫الوضعية المتخذة لكل طرف‪ ،‬غير أن نهاية العقد تختلف حسب اختيار األطراف وهذا ما يميز‬
‫هذ ه العقود عن جل عقود المعاوضات التي تنتهي بالتسليم والتسلم‪.‬‬

‫وبهذا سأحاول من خالل هذه المطلب الحديث عن طرق تسوية العقود المستقبلية‬
‫واآلجلة (الفقرة األولى) وضمانات تنفيذ هذه العقود (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الفقرة تسوية العقود المستقبلية واآلجلة‬

‫يراد بتسوية العقود المستقبلية إجراء الترتيبات الالزمة لتسليم المبيع إلى المشتري‪،‬‬
‫وتسليم الثمن إلى البائع‪ .‬ويتم ذلك عن طريق بيت التسوية (غرفة المقاصة) ‪،‬إذ ال يحدث التقاء‬
‫مباشر بين طرفي العقد‪ ،‬وإنما يقوم البائع بتسليم المبيع إلى بيت التسوية ليقوم بتسليمه‬
‫للمشتري‪ ،‬كما يقوم المشتري بتسليم الثمن إلى بيت التسوية ليقوم بدفعه إلى البائع ‪.‬‬

‫إذ تعد دار التسوية الجزء األساسي من عمل األسواق المستقبلية‪ ،‬إذ أنها تؤدي دورا‬
‫مهما في أي صفقة عكسية‪ ،‬وهي مؤسسة مستقلة أو مؤسسة حكومية أو شركة مساهمة‪ ،‬وقد‬
‫‪138‬‬
‫تكون مؤسسات ثانوية تابعه للسوق (البورصة)‪.‬‬

‫وبالنسبة للعقود المستقبلية واآلجلة تتم تسويتها عن طريق التسوية العادية‪ ،‬والتسوية‬
‫النقدية‪ ،‬والمعاكسة فاألولى والثانية تعتبر النهاية الطبيعية لعقود المشتقات المالية سواء‬
‫المستقبلية أو الخيارات أو المبادالت‪ ،‬والثالثة والمتمثلة في التسوية المعاكسة تعتبر الميزة‬
‫الخاصة بتسوية العقود المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التسوية العادية‪:‬‬

‫بن علي بلعزوز‪ ،‬إدارة المخاطر ‪:‬إدارة المخاطر المشتقات المالية الهندسة المالية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.139:‬‬ ‫‪138‬‬

‫‪77‬‬
‫يطلق على التسوية العادية أيضا مصطلح االستالم الفعلي‪ ،‬وهو استالم السلعة المتفق‬
‫عليها تسليما فعليا وفق العقد المتفق عليه والذي يشتمل على تاريخ االستالم ومكانه‪ ،‬ويستكمل‬
‫المشتري قيمة المبيع بعد احتساب ما اقتطع منه‪ ،‬ومن الجذير بالذكر أن االستالم الفعلي قلما‬
‫يقع باألسواق المالية‪ ،‬وفي هذا السياق نص المشرع المغربي على أن غرفة المقاصة المكلفة‬
‫‪139‬‬
‫بتنظيم مقاصة غرفة المعامالت المسجلة في السوق هي المكلفة بالتسليم المحتمل لألصول‪.‬‬

‫وإن الهدف من التسليم الفعلي هو ضمان توحد السعر اآلني مع السعر المستقبلي في يوم‬
‫االستحقاق‪ ،‬إذ أن هذا التوحد هو الذي يضمن استراتيجية التحوط‪.‬‬

‫وتحد د كل من البورصات مواعيد تسوية العقود المستقبلية من خالل تحديد أشهر‬


‫االستحقاق آخر يوم لتداول العقد‪ ،‬آخر يوم لالستالم والتسليم (التسوية)‪.‬‬

‫ففي حال األوراق المالية ‪ -‬األسهم والسندات ‪ -‬تعتمد األشهر الممثلة لربع السنة مارس‪،‬‬
‫يونيو‪ ،‬شتنبر ودجنبر‪ ،‬كما تعتمد هذه األشهر في حال معظم عقود العمالت األجنبية باستثناء‬
‫البيزو المكسيكي‪ ،‬واللاير البرازيلي‪ ،‬ورانج جنوب افريقيا‪ ،‬حيث يتم التعامل بها في جميع‬
‫‪140‬‬
‫أشهر السنة‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 34‬من قانون السوق اآلجلة يالحظ أن غرفة المقاصة هي من‬
‫تقوم بضمان الوفاء في حالة عدم قيام أحد األطراف بالوفاء بالتزاماته في إطار العقود‬
‫‪141‬‬
‫المستقبلية واآلجلة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التسوية النقدية‪:‬‬

‫في حالة التسوية النقدية يدفع البائع للمشتري الفرق بين سعر السلعة المنصوص عليها‬
‫في العقد وبين سعرها في السوق وقت التنفيذ‪ ،‬إذا كان سعر السوق أعلى من سعر التنفيذ‪ ،‬أما‬
‫‪ 139‬أسماء كجي ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.9 :‬‬
‫‪ 140‬ماهر كنج شكري‪ ،‬المالية الدولية ‪ :‬العمالت األجنبية والمشتقات المالية بين النظرية والتطبيق ‪،‬مطبعة األجيال‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2004،‬ص‪.319 :‬‬
‫‪ 141‬ورد في هذه المادة أنه " تضمن غرفة المقاصة حسن نهاية المعامالت التي قامت بتسجيلها‪ .‬كما تعمل على تسيير السداد‪/‬التسليم المحتمل لألصول‬
‫األساسية و‪/‬أو السداد النقدي برسم المعامالت المتعلقة باألدوات المالية اآلجلة التي تقوم بتسجيلها‪".‬‬

‫‪78‬‬
‫إذا حصل العكس فإن المشتري هو الذي يدفع الفرق للبائع‪ .‬وهذا النوع يظهر واضحا في‬
‫العقود المستقبلية على مؤشرات األسهم‪ ،‬فبعض العمليات اآلجلة مثل تلك المدرجة على‬
‫مؤشرات األسهم‪ ،‬يتم تسويتها نقدا‪ ،‬ويعود ذلك إلى أنه من غير المناسب أو المستحيل تسليم‬
‫‪142‬‬
‫األصل موضوع العمليات‪.‬‬

‫ففي هذا النوع من أنواع تسوية العقود المستقبلية ال دور للتسليم مثل الدور الذي يلعبه‬
‫في التسوية العينية‪ ،‬وإنما تتمثل هذه التسوية بمجرد دفع الفروق الحاصلة في األسعار نتيجة‬
‫التغيرات السعرية التي تحصل في سوق األوراق المالية خالل أوقات قصيره جدا‪.‬‬

‫فبعد إبرام العقود المستقبلية تتقلب األسعار ارتفاعا وهبوطا من خالل الفترة ما بين إبرام‬
‫العقد وتنفيذه‪ ،‬التي قد تكون تلك الفترة طويلة نسبيا‪ ،‬لكن المهم هو اتجاه األسعار في اليوم‬
‫المحدد للتسوية‪ ،‬فإذا كانت في مصلحة البائع‪ ،‬أي أن سعر الورقة المالية محل العقد في السوق‬
‫أعلى من سعر التنفيذ‪ ،‬فيقوم البائع بدفع الفرق إلى الطرف اآلخر المشتري‪.‬‬

‫أما إذا حصل العكس من ذلك فإن المشتري هو الذي يقوم بدفع الفرق إلى البائع‪ .‬وتعد‬
‫التسو ية النقدية طريقة مالئمة للتعامل مع العقود المستقبلية لتسويتها نقدا أكثر من غيرها من‬
‫العقود األخر ى‪ ،‬ألن غالبا ما يتم تسويتها بهذه الطريقة التي تؤدي إلى تشجيع المضاربين‬
‫‪143‬‬
‫للدخول في أسواق المستقبليات‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن التسوية العادية تشمل جميع أنواع العقود المستقبلية باستثناء‬
‫العقود المستقبلية واآلجلة على المؤشرات‪ ،‬على اعتبار أنه يستحيل فيها التسليم والتسلم ألنها‬
‫من األشياء الالمادية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الصفقة المعاكسة‪:‬‬

‫‪ 142‬طارق عبد العال حماد‪ ،‬المشتقات المالية‪ :‬المفاهيم‪ ،‬إدارة المخاطر‪ ،‬المحاسبة‪ ،‬بدون ذكر المطبعة والطبعة‪ ،‬السنة ‪ ،2001‬ص‪. 170 :‬‬
‫‪ 143‬ميثاق طالب عبد حمادي ومحمد كاطم علي مشعل‪ ،‬التنظيم القانوني لتسوية العقود المستقبلية في سوق األوراق المالية (دراسة مقارنة)‪ ،‬مجلة‬
‫رسالة الحقوق‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬السنة ‪ ،2020‬ص‪ 229 :‬منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://cdnx.uobabylon.edu.iq/research/B64l3lflkWoXVq8RSqOJQ.pdf‬‬

‫‪79‬‬
‫إن سوق العقود المستقبلية ليست السوق الطبيعية التي يحصل منها المتعاملون على ما‬
‫يبتغون من أوراق مالية أو سلع أو عمالت ‪،‬حتى أولئك الذين يريدون شراء أوراق مالية أو‬
‫السلع أو العمالت فعال‪ ،‬ويدخلون سوق العقود المستقبلية فإنهم ال يدخلونها ليحصلوا منها على‬
‫بغيتهم‪ ،‬وإنما يدخلون إلبرام صفقات تحميهم من خطر األسعار في غير صالحهم‪ ،‬وفي وقت‬
‫حاجتهم الفعلية إلى تلك األوراق أو السلع أو العمالت‪ ،‬ولذلك فإنهم يقومون في األجل‬
‫المضروب بإبرام عقود معاكسة للعقو د التي سبق أن أبرموها‪ ،‬فيشترون إن كانوا بائعين أو‬
‫‪144‬‬
‫يبيعون إن كانوا مشترين بصرف النظر عن ما يترتب عن ذلك من ربح أو خسارة‪.‬‬

‫فالمشتري الذي عليه أن يتسلم المبيع محل العقد ويدفع ثمنه في تاريخ التسليم يمكنه أن‬
‫يتحلل من التزامه‪ ،‬و ذلك بإبرام عقد بيع مستقبل مماثل لعقد الشراء المستقبل السابق من حيث‬
‫نوع المبيع‪ ،‬وتاريخ التسليم‪ ،‬بحيث يحل المشتري الجديد محله في تسليم المبيع وتسليم الثمن‪،‬‬
‫على أن المشتري الجديد يمكنه أيضا أن يصفي مركزه بالطريقة نفسها‪ ،‬وهكذا حتى يحل تاريخ‬
‫التسليم‪ ،‬وبهذا النوع من التصفية يخرج المشتري من السوق وال يبقى طرفا في العقد‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬ضمانات تنفيذ العقود المستقبلية واآلجلة‬

‫إن التعامل في العقود المستقبلية واآلجلة على درجة عالية من الخطورة‪ ،‬ألنه قائم على‬
‫التوقعات المرتبطة بما ستكون عليه األسعار في المستقبل‪ ،‬وقد يترتب على تغير تلك األسعار‬
‫في المستقبل وعلى خالف تلك التوقعات تحمل أحد أطراف العقد خسارة كبيرة‪ ،‬قد ال يستطيع‬
‫معها الوفاء بالتزاماته بتسليم المبيع أو دفع الثمن‪ ،‬مما يلحق الضرر ببيت التسوية الضامن‬
‫لوفاء األطراف المتعاقدة بالتزاماتهم‪ .‬واحتياطا لذلك فقد اتخذت بعض اإلجراءات التي تمكن‬
‫بيت ال تسوية من تدارك هذا الخطر أو التخفيف من آثاره‪ ،‬وتتمثل تلك اإلجراءات في‬
‫‪146‬‬
‫الهامش‪ 145‬المبدئي (أوال)‪ ،‬وهامش الصيانة (ثانيا)‪ ،‬والتسوية السعرية اليومية (ثالثا)‪.‬‬

‫‪ 144‬مبارك بن سليمان بن محمد آل سلمان‪ ،‬أحكام التعامل في األسواق المالية المعاصرة ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.961 :‬‬
‫‪ 145‬الهامش عبارة عن مبلغ تأمين أو كمية من رأس المال‪ ،‬يجب على المستثمر إيداعها للتحكم بعقد مستقبلي ما‪ ،‬والهوامش في أسواق العقود المستقبلية‬
‫ليست دفعات مقدمة كما في أسواق األسهم‪ ،‬إنما عبارة عن سندات حسن تنفيذ مصممة لتضمن وفاء المتداولين بالتزاماتهم المالية‪ .‬هذا التعريف منشور‬

‫‪80‬‬
‫أوال‪ :‬الهامش المبدئي‪:‬‬

‫الهامش المبدئي هو عبارة عن مبلغ نقدي يمثل نسبة مئوية من ثمن الصفقة‪ ،‬كما يمكن‬
‫أن يكون أوراقا مالية بقيمة تعادل نسبة الهامش المطلوب‪ ،‬بحيث يطلب من كلي طرفي العقد أن‬
‫يودعه لدى بيت السمسرة التي يتعامل معه‪ ،‬وذلك بهدف استعماله في تغطية النفقات التي‬
‫تترتب على إخالل أحد الطرفين بالتزاماته‪ ،‬بالنظر إلى كون كل واحد منهما مدينا لآلخر‪ ،‬وذلك‬
‫أن البائع إذا امتنع عن تسليم المعقود عليه في وقت التسليم فإن بيت التسوية يقوم بتسليم الثمن‬
‫من المشتري‪ ،‬ثم يشتري به األصل محل التعاقد‪ ،‬ويسلمه للمشتري‪ ،‬وإذا لم يكف الثمن لذلك‬
‫فإن بيت التسوية يقوم بتغطية النقص من حساب الهامش المبدئي الخاص بالبائع وفي حالة‬
‫العكس نفسه‪.‬‬

‫ونظرا ل كون بيت المقاصة أو التسوية هو الذي يحدد نسبة الهامش‪ ،‬فإنه ال حق للسمسار‬
‫في فرض هامش أعلى من الهامش الذي يقرره بيت التسوية‪ ،‬وتتوقف قيمة الهامش أيضا على‬
‫حجم العقد وحدود التقلبات السعرية المسموح بها‪ ،‬وطبيعة األصل محل التعاقد‪ ،‬والسوق الذي‬
‫‪147‬‬
‫يتداول فيه العقد‪.‬‬

‫وال يعتبر اله امش المبدئي جزءا مقدما من الثمن‪ ،‬وإنما هو بمثابة تأمين تقتطع منه‬
‫الخسارة عند حدوثها‪ ،‬ويمكن استرداده بعد تصفية العقد إذا لم يتم تخلف الطرف المقابل عن‬
‫أداء التزامه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬هامش الصيانة‪:‬‬

‫على الموقع اإللكتروني‪https://fintechwall.com/commodities/all-about-futures-margin-on-futures-contracts-for-:‬‬


‫‪ /commodities‬تاريخ الدخول ‪ 2023/06/23‬على الساعة الرابعة مساء‪.‬‬
‫‪ 146‬هشام السعدني خليفة بدوي‪ ،‬عقود المشتقات المالية ‪ -‬دراسة فقهية اقتصادية مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.275-274:‬‬
‫‪ 147‬سميرة محسن‪ ،‬المشتقات المالية ودورها في تغطية مخاطر السوق المالية‪ ،‬دراسة حالة بنك ‪ BNP PARIBAS‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89:‬‬

‫‪81‬‬
‫نظرا لتعرض أسعار السلع أو األوراق المالية أو غيرها من األشياء المعقود عليها عقدا‬
‫مستقبال للتقلب خالل الفترة التي تفصل بين تاريخ إبرام العقد وبين تاريخ التنفيذ‪ ،‬مما يترتب‬
‫عليه ارتفاع األسعار أو انخفاضها‪ ،‬وربح أحد الطرفين أو خسارته تبعا لذلك‪ ،‬فإن أنظمة‬
‫السوق قد فرضت هامشا آخر غير الهامش المبدئي يسمى هامش الصيانة‪ ،‬وهو يمثل نسبة‬
‫محددة من المبلغ اإلجمالي للصفقة‪ ،‬أو من الهامش المبدئي‪ ،‬بحيث إذا ترتب على تغير األسعار‬
‫أن قلت نسبة المبلغ المودع في حساب الهامش المبدئي عن نسبة هامش الصيانة‪ ،‬فإن على‬
‫الطرف الذي تغيرت األسعار في غير صالحه أن يودع لدى بيت السمسرة مبلغا إضافيا ليصل‬
‫‪148‬‬
‫إلى المبلغ المودع إلى مستوى هامش الصيانة‪.‬‬

‫وتتأرجح نسبة هامش الصيانة ما بين ‪ 75‬و‪ %80‬من الهامش األولي للمستثمر‪ ،‬وعلى‬
‫‪149‬‬
‫المستثمر أن يحافظ على بقاء هذه النسبة على ما هي عليه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬التسوية السعرية‪:‬‬

‫تتميز العقود المستقبلية بإجراء تسوية يومية لمركز أطراف التعاقد مع كل تغير في سعر‬
‫العقد الجديد‪ ،‬بل أن بيت التسوية نفسه يقوم بإحالل العقد بعقد جديد‪ ،‬وسعر العقد الجديد يتحدث‬
‫‪150‬‬
‫على أساس التسوية‪.‬‬

‫إذ يقوم بيت التسوية المسؤول عن وفاء طرفي العقد بالتزاماتهما بمراقبة تحركات‬
‫أسعار العقود المستقبلية المماثلة من حيث النوع والكمية‪ ،‬وتاريخ التنفيذ للعقود المبرمة‪،‬‬
‫وإجراء تسويات سعرية يومية على أساس أسعار اإلقفال لحسابي البائع والمشتري‪ ،‬بتعديل‬
‫رصيدهما في ضوء األسعار الجديدة‪ ،‬وذلك باإلضافة إلى حساب المشتري‪ ،‬والخصم من‬
‫حساب البائع في حالة ارتفاع األ سعار‪ ،‬والعكس في حالة انخفاضها بمقدار االرتفاع‬

‫‪ 148‬هشام السعدني خليفة بدوي‪ ،‬عقود المشتقات المالية ‪ -‬دراسة فقهية اقتصادية مقارنة ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.276 :‬‬
‫‪ 149‬ميثاق هاتف عبد السادة الفتالوي‪ ،‬استخدام العقود المستقبلية في التحوط‪ ،‬دراسة تطبيقية في سوق بغداد لألوراق المالية‪ ، ،‬رسالة مقدمة إلى مجلس‬
‫كلية اإلدارة واالقتصاد في جامعة كربالء‪ ،‬وهي جزء من متطلبات نيل درجة ماجستير في إدارة األعمال‪ ،‬السنة‪1425 :‬هـ‪2004/‬م‪ ،‬ص‪.58 :‬‬
‫‪ 150‬محمد عبد هللا شاهين محمد‪ ،‬محافظ األوراق المالية‪ :‬إدارة‪ ،‬تحليل‪ ،‬تقييم‪ ،‬دار حميترا للنشر والترجمة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة‪ ،2017 :‬ص‪.205 :‬‬

‫‪82‬‬
‫واالنخفاض‪ ،‬حيث يترتب على ارتفاع األسعار ربح المشتري وخسارة البائع‪ ،‬كما يترتب على‬
‫انخفاضها ربح البائع وخسارة المشتري‪.‬‬

‫والغرض من ذلك هو التعرف على وضعية طرفي العقد في ضوء األسعار المتجددة‪،‬‬
‫حتى يمكن له تدارك األمر قبل أن يؤدي تغير األسعار إلى تراكم الخسائر على أحد الطرفين‪،‬‬
‫وعجزه عن الوفاء بالتزامه المترتب على البيع أو الشراء‪ ،‬وذلك بمطالبته بإضافة مبالغ نقدية‬
‫إلى حسابه‪ ،‬أو تصفية مركز إجراء صفقة عكسية لحسابه كما سبق توضيح ذلك عند الكالم عن‬
‫هامش الصيانة‪.‬‬

‫وهذا الصنيع من بيت التسوية هو بمثابة إحالل عقود جديدة في نهاية كل يوم مكان‬
‫العقود القديمة يكون فيها المشتري بائعا‪ ،‬والبائع ومشتريا‪ ،‬وفقا لألسعار الجديدة‪ ،‬واألرباح أو‬
‫الخسائر الناجمة عن ذلك هي أرباح وخسائر حقيقية‪ ،‬ولذا يخصم مقدار الخسارة من حساب‬
‫الطرف الخاسر‪ ،‬ويضاف إلى حساب الطرف الرابح؛ بل يحق للطرف الرابح أن يحسب نقدا ما‬
‫‪151‬‬
‫تحقق من أرباح بشرط بقاء الحد األدنى من الهامش‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الطبيعة التعاقدية للعقود المستقبلية واآلجلة‬

‫لم يحدد المشرع المغربي مفهوما خاصا للعقد اآلجل‪ ،‬لكن اعتباره له من بين األدوات‬
‫‪153‬‬
‫وتأطيره لتداول هذه األدوات داخل سوق آجلة منظمة‪،‬‬ ‫‪152‬‬
‫المالية اآلجلة بمختلف أنواعه‪،‬‬
‫يفضي إلى القول بأن المشرع المغربي قد اعتبر العقد اآلجل من العقود المستقبلية أو‬

‫‪ 151‬مبارك بن سليمان بن محمد آل سلمان‪ ،‬أحكام التعامل في األسواق المالية المعاصرة ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.998 -997 :‬‬
‫‪ 152‬تنص المادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 42.12‬من القانون المتعلق بالسوق اآلجلة على أنه‪" :‬ألجل تطبيق هذا القانون يراد باألدوات المالية اآلجلة‪:‬‬
‫العقود المالية اآلجلة الباتة المتعلقة باألوراق التجارية والقيم المنقولة والمؤشرات والعمالت؛‬ ‫‪-‬‬
‫العقود اآلجلة على نسب الفائدة؛‬ ‫‪-‬‬
‫عقود المقايضة أو المبادلة؛‬ ‫‪-‬‬
‫العقود اآلجلة على السلع‪ ،‬عندما تكون محل تسجي ل‪ ،‬بعد التداول‪ ،‬في غرفة المقاصة لألدوات المالية أو تكون محل طلبات تغطية دورية أو‬ ‫‪-‬‬
‫عندما تتيح إمكانية عدم تسليم البضائع األساسية مقابل أداء مالي من طرف البائع ؛‬
‫العقود االختيارية لشراء أو بيع األدوات المالية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تحدد خصائص كل صنف من األدوات المالية اآلجلة في النظام العام للشركة المسيرة للسوق اآلجلة المشار إليها في المادة ‪ 9‬من هذا القانون‪.‬‬
‫‪ 153‬تنص المادة األولى من قانون ‪ 42.12‬من القانون المتعلق بالسوق اآلجلة على أنه‪ " :‬تعد السوق اآلجلة سوقا منظمة تخضع لمقتضيات هذا القانون‬
‫والنصوص الصادرة لتطبيقه وتكون فيها األدوات المالية اآلجلة محل تداول عمومي‪".‬‬

‫‪83‬‬
‫المستقبليات التي عرفها على أنها‪" :‬عقود شراء أو بيع بات ألصل أساسي بثمن محدد مسبقا‬
‫‪154‬‬
‫وألجل استحقاق متفق عليه"‪.‬‬

‫وبالرغم من أن العقود اآلجلة في علم المالية تختلف عن العقود المستقبلية في كون‬


‫األولى يتم تداولها داخل األسواق المالية غير المنظمة ‪،‬بخالف العقود المستقبلية التي يختصر‬
‫تداولها على األسواق المالية المنظمة‪ ،‬وعليه يمكن القول بأن العقود اآلجلة هي في القانون‬
‫‪155‬‬
‫المغربي مستقبلية تقع على شراء أو بيع أصل أساسي بثمن محدد مسبقا‪ ،‬وألجل يتفق عليه‪.‬‬

‫لكن اإلشكال الذي ي طرح في هذه الحالة هو هل هذه العقود تستجمع كل مكونات العقد‬
‫المحدد في قانون االلتزامات و العقود؟‬

‫ولإلجابة عن هذا التساؤل سأحاول تحديد الطبيعة التعاقدية للعقود المستقبلية واآلجلة من‬
‫خالل الخصائص األساسية للعقد (المطلب األول)‪ ،‬ثم طبيعتها من خالل محتوى هذه العقود‬
‫(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الطبيعية التعاقدية للعقود المستقبلية واآلجلة من خالل خصائصها‪:‬‬

‫ومن العقود التي يكون فيها التزام‬ ‫‪156‬‬


‫تعتبر العقود المستقبلية واآلجلة عقود معاوضات‪،‬‬
‫األطراف نهائيا مع تأجيل التنفيذ إلى تاريخ الحق ‪،‬ولكن األمر يكون أكثر تعقيدا عند تحديد ما‬
‫إذا كانت العقود المالية ملزمة للجانبين‪ ،‬فإذا كانت العقود المستقبلية والعقود اآلجلة ملزمة‬
‫للجانبين‪ ،‬فإن اآلراء اختلفت حول طبيعة االلتزامات الناشئة‪ ،‬لكونها تمنح المشتري الحق وليس‬
‫االلتزام ببيع أو شراء كمية من األصول األساسية‪.‬‬

‫‪ 154‬المادة ‪ 11‬من قانون ‪.42.12‬‬


‫‪ 155‬أسماء كجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.3:‬‬
‫‪ 156‬يعرف عقد المعاوضة بأنه عقد يتم فيه دفع مقابل من قبل كل طرف من أطراف العقد لما يعطيه ويقدمه بغض النظر إذا أخذ الشخص ماال أو نفذ‬
‫عمال ما لصالحه كما هو الحال في قرض الفوائد فمن ناحية قانونية بعيدا عن الجانب الديني الذي يحرم الفوائد على القروض ويعتبرها ربا‪ ،‬ولكن‬
‫يعتبره القانون عقد معاوضة ألنه يأخذ القرض من البنك مما يكسب الفوائد للبنك إلى حين يتم إرجاعه‪ ،‬أما عقد الكفالة فله جانب أنه يكون بالنسبة للدائن‬
‫المكفول حيث أخذ الكفالة مقابل أن يعطي الدين أما الكفيل يكون متبرعا إذا لم يأخذ مقابال للكفالة‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫وفي هذا الشأ ن يرى بعض الفقه أنه إذا كانت العقود المالية اآلجلة هي عقود ملزمة‬
‫للجانبين فإن العقود االختيارية في المقابل تتضمن نوعين من االلتزامات‪:‬‬

‫التزامات متبادلة وأخرى من جانب واحد‪ ،‬إذ بمجرد إبرام العقد يقوم المشتري بأداء‬
‫عالوة لفائدة البائع في مقابل التزام هذا األخير بتنفيذ العقد‪ ،‬أما االلتزام الثاني فيكون من جانب‬
‫واحد يقع على عاتق البائع‪ ،‬بينما يكون للمشتري حق المطالبة بإبرام البيع أو الشراء خالل فترة‬
‫محددة‪ ،‬فإذا مارس المشتري حق الخيار يكون البائع ملزما بتسليم األصل األساسي‪ ،‬بينما يقع‬
‫على عاتق المشتري أداء الثمن المتفق عليه ‪،‬وفي المقابل إذا التزم البائع بشراء وأداء الثمن‬
‫المتفق عليه فإن المشتري يلتزم بالتسليم وبنفس الثمن المتفق عليه‪ ،‬وال يمكن ألي من الطرفين‬
‫التراجع عن تنفيذ العقد‪ ،‬إذا باشر مشتري حق الخيار ممارسة حقه في الشراء ‪.‬‬

‫وبذلك يكون عقد الخيار ملزم للجانبين كما هو الشأن بالنسبة للعقود المالية اآلجلة‪،‬‬
‫باختالف أنه في تنفيذ عقد الخيار يقع االلتزام فقط على عاتق البائع في حالة ما إذا قرر‬
‫‪157‬‬
‫المشتري ممارسة حقه في الخيار‪.‬‬

‫و المسألة الثانية تتعلق بمدى اعتبار العقود المالية اآلجلة من العقود الزمنية أم أنها من‬
‫العقود الفورية‪ ،‬وهنا يمكن القول من حيث المبدأ أن العقود المالية اآلجلة تعتبر من العقود‬
‫الزمنية نظرا لاللتزامات المس تمرة بأداء الضمانات في شكل هوامش‪ ،‬ناتجة عن التقييم اليومي‬
‫لوضعيات األطراف في السوق ‪،‬حيث يتم على أساسها طلب أداء الهامش بشكل مستمر إلى‬
‫حين بلوغ تاريخ االستحقاق أو تاريخ التحلل من العقد بواسطة عملية معاكسة بالنسبة للعقود‬
‫المتداولة في السوق‪.‬‬

‫والمسألة الثالثة تتعلق بتحديد ما إذا كانت العقود المستقبلية واآلجلة عقود محددة أو‬
‫عقود احتمالية‪ ،‬فبالرجوع إلى المادة الرابعة من القانون رقم ‪ 42.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة‬
‫المهدي أندجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.90 :‬‬ ‫‪157‬‬

‫‪85‬‬
‫حيث جاء فيها ما يلي‪" :‬تستثنى من مقتضيات المواد ‪ 1092‬إلى ‪ 1096‬من الظهير المكون‬
‫لقانون االلتزامات والعقود األدوات المالية اآلجلة ما دامت أسبابها وموضوعها مطابقة‬
‫‪158‬‬
‫للقانون"‪.‬‬

‫وي ستفاد من هذا االستثناء أن العقود المالية اآلجلة تعتبر من العقود االحتمالية‪ ،‬لكن‬
‫فائدتها دفعت المشرع إلى اإلقرار بمشروعيتها‪ ،‬فالعقد االحتمالي هو الذي يتوقف فيه مدى‬
‫األداء الواجب ع لى أحد الطرفين على أمر غير محقق وغير معروف وفق وقوعه‪ ،‬فال يستطيع‬
‫‪159‬‬
‫أحد أن يحدد أيهما المقدار الذي أخذ أو المقدار الذي أعطى حتى يقع هذا األمر‪.‬‬

‫وإذا كانت قيمة المحل الذي يرد عليه العقد األصلي محددة سلفا بمقتضى اتفاق‬
‫الطرفين‪ ،‬فهذا ال ينفي اعتبار العقد المستقبلي من طائفة العقود االحتمالية‪ ،‬وذلك لالرتباط‬
‫الوثيق بين قيمة العقد كورقة مالية قابلة للتداول‪ ،‬وقيمة محل العقد األصلي الذي يتأثر بدوره‬
‫بتقلبات األسعار في سوق األوراق المالية‪ ,‬ومن ثم فإن احتمالية الربح والخسارة ومقدار ما‬
‫سيعطي ويأخذ كال الطرفين متأرجحة بحسب قيمة ذلك المحل في سوق األوراق المالية عند‬
‫‪160‬‬
‫حلول زمن التنفيذ‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 1096‬من قانون االلتزامات والعقود تعتبر عقود الغرر هي تلك‪:‬‬
‫"العقود التي ترد على السندات العامة والبضائع التي ال يقصد بتنفيذها تسليم تلك السندات أو‬
‫البضائع تسليما فعليا ‪،‬وإنم ا يقصد منها مجرد دفع الفرق بين السعر المتفق عليه والسعر‬
‫الجاري في تاريخ تصفية العملية"‪.‬‬

‫‪ 158‬ينص الفصل ‪ 1092‬من قانون االلتزامات والعقود‪" :‬كل التزام سببه دين المقامرة أو المراهنة يكون باطال بقوة القانون‪".‬‬
‫وينص الفصل ‪ 1096‬من قانون االلتزامات والعقود‪" :‬تعتبر عقود غرر‪ ،‬وتخضع ألحكام الفصول ‪ 1092‬إلى ‪ 1095‬العقود التي ترد على السندات‬
‫العامة و البضائع التي ال يقصد بتنفيذها تسليم تلك السندات أو البضائع تسليما فعليا‪ ،‬وإنما يقصد منها مجرد دفع الفرق بين السعر المتفق عليه والسعر‬
‫الجاري في تاريخ تصفية العملية"‪.‬‬
‫‪ 159‬سهير حسن الهادي‪ ،‬بيع األشياء المستقبلية‪ :‬دراسة مقارنة بين القانون المدني العراقي والقانون المدني المصري‪ ،‬مجلة المحقق الحلي للعلوم‬
‫القانونية والسياسية‪ ،‬المجلد ‪ ،7‬العدد‪ ،5 :‬ص‪.376:‬‬
‫‪ 160‬خالص أمين نافع‪ ،‬اإلطار القانوني للعقد المستقبلي في سوق األوراق المالية ‪ ،‬مجلة العلوم القانونية ‪ ،‬عدد خاص لبحوث التدريسيين مع طلبة‬
‫الدراسات العليا ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬المجلد‪ ،2021، 36:‬ص‪.161 :‬منشور على الموقع اإللكتروني ‪:‬‬
‫‪https://jols.uobaghdad.edu.iq/index.php/jols/article/download/414/337‬‬

‫‪86‬‬
‫وتكمن المالحظة األساسية على هذا التعريف هي كونه يميز بين نوعين من العقود‬
‫اآلجلة‪ ،‬يتعلق األول بالعقود اآلجلة التي تنتهي بالتسليم الفعلي‪ ،‬والنوع الثاني يتمثل في العقود‬
‫اآلجلة التي ال تؤول إلى التسليم‪ ،‬وهي التي ألحقت بعقود الغرر‪.‬‬

‫وانطالقا مما سبق يمكن القول أن العقود المالية اآلجلة تصنف إلى طائفتين ‪:‬عقود تنتهي‬
‫بالتسليم الفعلي لألصل األساسي‪ ،‬وعقود ال تنتهي بالتسليم الفعلي لألصل األساسي‪ ،‬بل يقتصر‬
‫فيها الطرفان على مجرد تسد يد فارق مالي بين السعر الجاري يوم التنفيذ والسعر المتفق عليه‬
‫عند إبرام العقد‪.161‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطبيعة التعاقدية للعقود المستقبلية واآلجلة من خالل محتوى العقد‬

‫تبرز الهوية التعاقدية للعقود المستقبلية والعقود اآلجلة من خالل محلها (الفقرة األولى)‬
‫وسببها (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المحل في العقود المستقبلية واآلجلة‬

‫إ ن المتتبع لتطور العقود المالية واآلجلة سيالحظ أن األصول األساسية محل االلتزامات‬
‫التعاقدية قد عرفت تجريدا تدريجيا‪ ،‬حيث كانت هذه العقود في البداية تقع على األشياء المادية‪،‬‬
‫ثم انتقلت فيما بعد لتشمل األشياء الالمادية واالفتراضية‪.‬‬

‫وبذلك فالعقود اآلجلة كانت تنصب على المواد األساسية والسلع‪ ،‬وكانت تسمح وال تزال‬
‫للمتعاملين بالتغطية ضد ارتفاع سعر تخزينها‪ ،‬وكذا ضد ارتفاع سعر التي يرغبون في‬
‫شرائها‪ .‬ومعلوم أن المتعامل الذي يخشى من انخفاض سعر السلعة التي يتعين عليه بيعها‬
‫‪،‬يمكنه أن يتفادى ذلك عن طريق اتخاذ وضعية تعاقدية في السوق اآلجلة عكس التي اتخذها في‬

‫المهدي أندجار ‪ ،‬عقود المشتقات المالية تكييف شرعي وقانوني ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.91 :‬‬ ‫‪161‬‬

‫‪87‬‬
‫السوق اآلنية‪ ،‬بمعنى أن يقوم بعقد بيع آجل في السوق اآلجل‪ ،‬فإذا ما انخفضت أسعار السلعة‬
‫‪162‬‬
‫عوض خسارته في السوق المادية بالربح الذي سيحققه في السوق اآلجلة‪.‬‬

‫ومع الطلب المتزايد على التعامل بالعقود المستقبلية وحاجة المستثمرين لها‪ ،‬جعل هذه‬
‫العقود تغطي مخاطر أصول المادية كنسب الفائدة والمؤشرات المالية‪ ،‬حيث لم يعد من‬
‫الضروري أن يكون األصل األساسي شيئا ماديا‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬السبب في العقود المستقبلية واآلجلة‬

‫إن الغاية من التعامل بالعقود المستقبلية واآلجلة هي التحوط من المخاطر المالية‬


‫بالدرجة األولى‪ .‬ويقصد بالتحوط في األسواق المالية‪" :‬تجنب المال المخاطر قدر االمكان" وفي‬
‫تعريف آخر‪" :‬هو اإلجراءات التي تتخذ لحماية المال من التقلب غير المتوقع وغير المرغوب‬
‫للعاقد "‪.‬‬

‫ومن ثم ف هو نوع من أنواع حماية المال وحفظه من النقص أو الهالك‪ .‬والتحوط أو‬
‫التغطية ضد المخاطر تتم عن طريق التغطية بالشراء أو التغطية بالبيع‪ ،‬فاألول يلجأ إليه‬
‫الشخص الذي يحتاج شراء سلعة أو ورقة مالية أو عملة في تاريخ الحق‪ ،‬ويخشى ارتفاع‬
‫سعرها في ذلك التاريخ‪ ،‬فيبرم عق د شراء مستقبلي‪ ،‬بحيث إذا حل األجل وارتفعت األسعار‪،‬‬
‫فإنه إما أن يتسلم السلعة بالسعر المتفق عليه ‪،‬أو يقوم بتصفية مركزه بصفقة عكسية أو تسوية‬
‫نقدية باألسعار الجارية المرتفعة‪ ،‬ثم شراء السلعة من السوق بالسعر الجاري المرتفع أيضا‪،‬‬
‫‪163‬‬
‫بحيث يغطي ربحه في العقد المستقبلي تكاليف الشراء من السوق بالسعر المرتفع‪.‬‬

‫المهدي أندجار ‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.92:‬‬ ‫‪162‬‬

‫المرجع نفسه؛ ص‪.93:‬‬ ‫‪163‬‬

‫‪88‬‬
‫أما بخصوص الطريقة الثانية وهي التغطية بالبيع والتي يلجا من خاللها الشخص الذي‬
‫يملك سلعة معينة‪ ،‬أو يتوقع امتالكها ويريد بيعها في تاريخ الحق‪ ،‬ولتجنب خطر انخفاض‬
‫األسعار في تاريخ البيع يقوم بإبرام عقد مستقبلي‪ ،‬وعند حلول األجل مع انخفاض السعر‪،‬‬
‫فصاحب العقد المستقبلي يقوم بتسليم السلعة بالسعر المتفق عليه ‪،‬أو إقفال مركزه بصفقة عكسية‬
‫‪،‬أو تسوية العقد تسوية النقدية باألسعار الجارية المنخفضة‪ ،‬بحيث يغطي ربحه في العقد‬
‫المستقبل خسارته في البيع بسعر منخفض‪.‬‬

‫وعليه فإذا كانت الغاية م ن إبرام العقود المستقبلية واآلجلة هي التغطية ضد تقلبات‬
‫أسعار األصول األساسية‪ ،‬فإن إمكانية الربح المالي قد توجه المتعاملين نحو استغالل هذه‬
‫‪164‬‬
‫العقود قصد اال ستفادة من تقلبات األسعار عن طريق المضاربة والمرابحة‪.‬‬

‫وتعرف المضاربة على أنها اتخاذ مركز طويل أو قصير في سوق المستقبليات‪ ،‬من‬
‫أجل تحقيق األرباح وتحمل المخاطرة التي يرغب المتحوطون في تجنبها‪ ،‬أي الدخول في‬
‫مركز مالي معين من أجل المساهمة في فرصة استثمارية مربحة‪ ،‬وإن من يستخدم هذه‬
‫الوظيفة هم المضاربون الذي ال يعتمدون على توقعاتهم في تعامالتهم في األسواق المستقبلية‪.‬‬

‫فلو أن توقعاتهم تشير إلى أن أسعار العقود المستقبلية على سلعة ما‪ ،‬بتاريخ تسليم ما‬
‫ستكون أقل من السعر الذي ستكون عليه سلعة محل التعاقد في السوق الحاضر في تاريخ تنفيذ‬
‫العقد المستقبلي نفسه‪ ،‬فسوف يسعون إلى شراء تلك العقود ‪،‬أي يتخذون مركزا طويال عليها‬
‫ويصح العكس‪.‬‬

‫أما المرابحة فتنطوي على تحقيق أرباح خالية من المخاطرة‪ ،‬من خالل الدخول في‬
‫مبادالت وبوقت متزامن في سوق مختلفين أو أكثر‪ ،‬وذلك بشراء السلعة بسعر منخفض وبيعها‬
‫بسعر مرتفع ‪،‬فعندما تكون أسعار العقود المستقبلية في أسواق المستقبليات أعلى من أسعار‬
‫السلعة األساسية في السوق الحاضر ‪،‬فإن المرابح سوف يتخذ مركزا طويال (شراء) للسلعة في‬

‫المهدي أندجار ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.94 :‬‬ ‫‪164‬‬

‫‪89‬‬
‫السوق الحاضر‪ ،‬ويتخذ مركزا قصيرا (البيع) في السوق المستقبلية‪ ،‬ومن ثم تحقيق أرباح‬
‫‪165‬‬
‫خالية من المخاطرة‪.‬‬

‫‪ 165‬بن علي بن عزوز ‪ ،‬إدارة المخاطر ‪:‬إدارة المخاطر المشتقات المالية الهندسة المالية ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.135 :‬‬

‫‪90‬‬
‫خاتمة‬

‫من خالل دراستي لهذا الموضوع يمكن القول بأن المشتقات المالية هي من األدوات‬
‫المالية الحديثة الناشئة‪ ،‬التي فرضها النظام المالي العالمي كأداة لالحتياط من المخاطر المختلفة‬
‫التي يتعرض لها المستثمرون‪ ،‬كما تعتبر المشتقات المالية انعكاس لتطور األسواق المالية لما‬
‫شكلته هذه العقود من استقرار لهذه األسواق‪ ،‬وتسهيل المعامالت بداخلها‪ ،‬وتنقسم هذه العقود‬
‫إلى ثالثة أصناف رئيسية‪ ،‬وهي‪ :‬عقود الخيارات‪ ،‬وعقود المبادالت‪ ،‬والعقود المستقبلية‬
‫واآلجلة‪.‬‬

‫ولهذا فقد تطلبت دراسة هذه العقود مني أن أحدد إلى أي مدى تتوافق مع أحكام الشريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬من خالل عرض مختلف اآلراء وأدلة الف قهاء المعاصرين والتي عرفت تباينا في‬
‫تقرير الحكم الشرعي لهذه العقود‪ ،‬وأشرت إلى مختلف العقود الجائزة التي يمكن أن تكون‬
‫بدائل شرعية لعقود المشتقات المالية‪ ،‬ثم انتقلت بعد ذلك للحديث عن تصفية هذه العقود ‪،‬‬
‫وتناولت دور غرفة المقاصة في ضمان تنفيذ التزامات الطرف ال متخلف عن التنفيذ‪ ،‬كما أشرت‬
‫إلى مختلف الضمانات التي تخفف من المخاطر التي تحيط بهذه العقود‪ ،‬وانتقلت بعد ذلك لتحديد‬
‫الطبيعة القانونية لهذه العقود‪ ،‬وكيفية تداولها داخل األسواق اآلجلة‪.‬‬

‫ومن خالل ما تقدم وعلى امتداد طيات هذا البحث توصلت إلى مجموعة من النتائج‬
‫والتوصيات‪:‬‬

‫✓ النتائج‪:‬‬

‫فبعد دراستي لهذا الموضوع فقد خلصت إلى مجموعة من النتائج وهي كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬عقود الخيارات هي أداة من أدوات االستثمار المستحدثة في األسواق المالية يستخدمها‬


‫المستثمرون كوسيلة تحوطية للحماية من مخاطر تغير أسعار األوراق المالية‪ ،‬وأسعار العمالت‬

‫‪91‬‬
‫األجنبية ‪،‬وطريقة لتعظيم أرباحهم بأقصر الطرق وأسرعها من خالل المضاربة على فروقات‬
‫األسعار‪.‬‬

‫‪ -‬نظرا لما تحتويه عقود الخيارات من محاذير شرعية وشروط فاسدة‪ ،‬ونظرا إلى أن‬
‫المعقود عليه ليس ماال وال منفعة‪ ،‬وال حقا ماليا يجوز االعتياد عنه فهي عقود محرمة‪ ،‬وال‬
‫يجوز تداولها ال بيعا وال شراء‪.‬‬

‫‪ -‬يمكن إيجاد بدائل شرعية لعقود الخيارات المالية‪ ،‬وذلك بتنفيذ الصفقة وفق إحدى‬
‫الصيغ التالية‪ :‬خيار الشرط أو بيع العربون أو عقود السلم والسلم الموازي‪ ،‬وتعمل هذه‬
‫الصيغة على تحقيق األرباح وتوزيعها للجميع‪ ،‬كما تعمل على التحوط من المخاطر وتوزيعها‬
‫على أكبر فئة من ال ناس‪ ،‬مما يجعل منها بديال شرعيا لعقود الخيارات‪.‬‬

‫‪ -‬إن تدا ول عقود الخيارات في األسواق المالية المغربية يعتبر تكريسا لمفهوم جديد في‬
‫النظام المالي المغربي‪ ،‬كما شكلت إضافة نوعية في منظومة األدوات المالية اآلجلة بصفة‬
‫عامة‪ ،‬وأدوات تدبير المخاطر بصفة خاصة‪ ،‬وذلك بفضل ما توفره هذه العقود من مزايا‬
‫تعاقدية للمستثمرين والمتدخلين في السوق المالية‬

‫‪ -‬يعد عقد المبادلة من الناحية الشرعية من العقود المحرمة من قبل الفقهاء‪ ،‬لكن هناك‬
‫بدائل شرعية وجدت إلضفاء الصفة الشرعية عليه‪ .‬أما من الناحية القانونية فعقد المبادلة قد‬
‫يقترب من عقد التأمين تارة وعقد المقامرة والرهان تارة أخرى‪ ،‬ولكن يختلف عنها في‬
‫مواضيع أخرى‪.‬‬

‫‪ -‬إن العقود المستقبلية واآلجلة ال تتوافق مع أسس ومبادئ المعامالت المالية الشرعية‬
‫من مشاركة في الربح والخسارة وقاعدة الخراج بالضمان‪ ،‬واجتناب الغرر الفاحش المفسد‬
‫للعقود‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫‪ -‬تعتبر العقود المستقبلية واآلجلة محور المعامالت في األسواق المالية لمرونتها‪ ،‬سواء‬
‫من خالل طبيعتها التعاقدية المميزة التي تتناسب ومطالب المستثمرين المتعاملين في األسواق‬
‫المالية‪.‬‬

‫‪ -‬يمكن القول بأن المشتقات المالية تتسم بقدر كبير من المخاطرة‪ ،‬فالمتعاقدين في حقيقة‬
‫األمر أحدهما بائع للمخاطرة‪ ،‬واآلخر مشتري لها‪.‬‬

‫‪ -‬إن عقود المشتقات المالية قائمة على التوقع وعلى احتمال الربح والخسارة‪ ،‬مما‬
‫يجعلها تنطوي على مخاطر كبيرة سواء بالنسبة للمستثمرين أو على األسواق المالية‪.‬‬

‫‪ -‬عقود المشتقات المالية عقود ال تندرج تحت أي مسمى من العقود المسماة رغم أوجه‬
‫التشابه بينهما وبين بعض العقود كبيع العربون‪ ،‬أو بيع السلم ‪،‬وعقد االستصناع‪.‬‬

‫‪ -‬إجماع الفقهاء المعاصرين على عدم جواز التعامل بالعقود المستقبلية واآلجلة عكس‬
‫عقود الخيارات التي تعرف تباين بين آراء الفقهاء حول مشروعيتها من عدمه‪.‬‬

‫‪ -‬وجو د فراغ تشريعي على مستوى تنظيم عقود المشتقات المالية‪ ،‬واكتفاء المشرع‬
‫المغربي بالتنصيص عليها كأدوات مالية آجلة في قانون السوق المالية اآلجلة‪.‬‬

‫✓ المقترحات‪:‬‬

‫وفي ضوء النتائج التي تم التوصل إليها في موضوع ‪":‬عقود المشتقات المالية بين‬
‫التكييف الشرعي والتكييف القانوني"‪ ،‬أتمنى أن يتم األخذ بالمقترحات اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬استبعاد تداول عقود المشتقات المالية لحرمتها وتعارضها مع مقاصد الشرع‪،‬‬


‫واستبدالها بمشتقات مالية متوافقة مع الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫‪ -‬العمل على إيجاد سوق مالية إسالمية قائمة على أسس شرعية‪ ،‬واستبعاد تداول العقود‬
‫المحرمة في هذه السوق‪.‬‬

‫‪ -‬إعادة تنظيم أسواق المشتقات ا لمالية‪ ،‬والحد من الصفقات المبرمة في األسواق غير‬
‫المنظمة‪ ،‬لما تتمتع به من عدم الشفافية‪ ،‬وغياب الرقابة‪.‬‬

‫‪ -‬توجيه الطلبة والباحثين نحو القيام ببحوث علمية حول األدوات المالية اإلسالمية ‪،‬‬
‫وتطويرها بما يتناسب مع قواعد الشريعة اإلسالمية والحياة المعاصرة‪.‬‬

‫‪ -‬تطهير المشتقات المالية التقليدية وتخليصها من كافة المخالفات الشرعية التي تشوبها‬
‫‪،‬لالستفادة منها في التحوط‪.‬‬

‫تفعيل دور البورصة في مجال جذب االستثمارات وتوجيهها نحو القطاعات‬ ‫‪-‬‬
‫االقتصادية الناجحة من خالل عقود المشتقات المالية‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫الئحة المصادر و المراجع‬

‫▪ المصادر‪:‬‬
‫❖ القرآن الكريم‪.‬‬
‫❖ السنة النبوية الشريفة‪.‬‬

‫▪ المراجع العامة‪:‬‬
‫❖ أحمد عبد الرزاق السنهوري‪ :‬الوسيط في شرح القانون المدني المصري‪ -1 ،‬نظرية‬
‫االلتزام بوجه عام‪.‬‬
‫❖ أحمد حميوي ‪ :‬الوسيط في قانون الشغل المغربي‪ -‬الجزء األول‪ :‬عالقات الشغل الفردية‬
‫(على ضوء مدونة الشغل وآراء الفقه وأحكام القضاء)‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع بالرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2013‬‬

‫▪ المراجع الخاصة‪:‬‬
‫❖ أبو سليمان عبد الوهاب ‪ :‬فقه المعامالت الحديثة‪ ،‬دار إبن الجوزي‪ -‬مكة المكرمة‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2004‬‬
‫❖ بن علي بلعزوز‪ :‬إدارة المخاطر ‪:‬إدارة المخاطر المشتقات المالية الهندسة المالية ‪،‬عمان‬
‫مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة ‪.2013:‬‬

‫❖ سامي ابن إبراهيم السويلم ‪ :‬عقد الكالئ بالكالئ تدليال وتعليال‪ ،،‬بدون ذكر الطبعة‬
‫والمطبعة‪،‬سنة‪.2001:‬‬
‫❖ طارق عبد العال حماد‪ :‬المشتقات المالية‪ :‬المفاهيم‪ ،‬إدارة المخاطر‪ ،‬المحاسبة‪ ،‬بدون‬
‫ذكر المطبعة والطبعة ‪،‬السنة ‪.2001‬‬

‫‪95‬‬
‫❖ عبد للا بن محمد الطيار‪ :‬الفقه الميسر‪ ،‬الجزء العاشر‪ ،‬مدار الوطن للنشر‪ -‬الرياض‬
‫المملكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬سنة‪.2012:‬‬
‫❖ غفران نعيم شاكر القريشي‪ :‬التنظيم القانوني لعقد المبادلة في سوق األوراق المالية ‪-‬‬
‫دراسة مقارنة‪ ،‬بدون ذكر المطبعة والطبعة‪ ،‬السنة‪.2021 :‬‬

‫❖ ماهر كنج شكري‪ :‬المالية الدولية ‪ :‬العمالت األجنبية والمشتقات المالية بين النظرية‬
‫والتطبيق ‪،‬مطبعة األجيال ‪،‬الطبعة األولى ‪.2004،‬‬
‫❖ مبارك آل سلمان بن محمد آل سلمان ‪:‬أحكام التعامل في األسواق المالية المعاصرة‪،‬‬
‫الجزء األول‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بدون ذكر المطبعة‪ ،‬السنة‪.2003 :‬‬
‫❖ مبارك بن سليمان آل فواز‪ :‬األسواق المالية من منظور إسالمي‪ ،‬مركز النشر العلمي‪،‬‬
‫جامعة المالك عبد العزيز‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة‪.2010 :‬‬

‫❖ محمد عبد للا شاهين محمد‪ :‬محافظ األوراق المالية‪ :‬إدارة‪ ،‬تحليل‪ ،‬تقييم‪ ،‬دار حميترا‬
‫للنشر والترجمة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة‪.2017 :‬‬
‫❖ محمود فهد مهيدات‪ :‬عقود الخيارات ودورها في األزمة المالية من منظور االقتصاد‬
‫اإلسالمي‪ ،‬أمواج النشر والتوزيع ‪-‬عمان األردن‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة‪.2012:‬‬
‫❖ مصطفى عبد الغفار عباس خليفة‪ :‬عقود خيارات األسهم في األسواق المالية ‪ -‬دراسة‬
‫فقهية مقارنة‪ ،‬بدون ذكر المطبعة والطبعة‪.‬‬

‫❖ مفتاح صالح‪ :‬المشتقات المالية اإلسالمية كبديل للمشتقات المالية الوضعية في أسواق‬
‫األوراق المالية‪ ،‬بدون ذكر المطبعة والطبعة‪.‬‬
‫❖ هشام السعدني خليفة بدوي‪ :‬عقود المشتقات المالية ‪ -‬دراسة فقهية اقتصادية مقارنة ‪-‬‬
‫دار الفكر الجامعي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة‪.2011 :‬‬
‫❖ هشام بخفاوي ‪ :‬الوجيز في األسواق المالية ‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش‬
‫‪،‬الطبعة األولى ‪.2015،‬‬

‫‪96‬‬
‫❖ همت محمد عصام الدين السويقي‪ :‬مشكالت ومخاطر المشتقات المالية وعوامل الحد‬
‫منها‪ ،‬المجلد‪ ،22 :‬العدد ‪ ،3:‬السنة‪.2021 :‬‬

‫▪ األطروحات والرسائل‪:‬‬
‫األطروحات‪:‬‬
‫❖ حسني مبروك فرج ‪ :‬حسني مبروك فرج الضالعين‪ ،‬المشتقات المالية وأحكامها‪،‬‬
‫دراسة فقهية مقارنة‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‪ ،‬كلية الدراسات العليا ‪ ،‬الجامعة‬
‫‪.2017‬‬ ‫األردنية ‪ ،‬سنة‬
‫❖ زاهرة يونس محمد سودة ‪ :‬تنظيم عقود االختيار في األسواق المالية من النواحي‬
‫القانونية والفنية والضريبية والشرعية ‪،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‪ ،‬سنة ‪.2006 :‬‬
‫❖ شارف يحي‪ :‬التعاقد بالعربون في القانون المدني الجزائري والفقه اإلسالمي – دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم في الحقوق (تخصص‪ :‬قانون‬
‫مدني)‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة وهران ‪ 2‬محمد بن أحمد‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2017-2018‬‬
‫❖ شافية كتاف‪ :‬دور األدوات المالية اإلسالمية في تنشيط وتطوير السوق المالية‬
‫اإلسالمية ‪،‬دراسة تطبيقية لتجارب بعض األسواق المالية العربية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة‬
‫الدكتوراه‪ ،‬جامعة سطيف ‪ 1‬الجزائر‪ ،‬سنة‪.2013:‬‬

‫‪97‬‬
‫الرسائل‪:‬‬
‫❖ أحمد بلخير‪ :‬عقد االستصناع وتطبيقاته المعاصرة ‪ -‬دراسة حالة البنك اإلسالمي‬
‫للتنمية‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل درجة الماجستير في االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬كلية العلوم‬
‫االجتماعية والعلوم اإلسالمية (قسم الشريعة – فرع االقتصاد اإلسالمي)‪ ،‬جامعة الحاج‬
‫لخضر – باتنة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2008-2007‬‬
‫❖ المهدي أندجار ‪ :‬المهدي أندجار‪ ،‬عقود المشتقات تكييف شرعي وقانوني‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫ديلوم الماستر المتخصص في القانون والبنوك التشاركية والتأمينات التكافلية بكلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة إبن زهر أكادير‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2019/2018‬‬
‫❖ سميرة محسن ‪:‬المشتقات المالية ودورها في تغطية مخاطر السوق المالية‪ ،‬دراسة حالة‬
‫بنك ‪ ،BNP PARIBAS‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‪ ،‬جامعة منتوري بقسطنطينة ‪،‬‬
‫سنة ‪.2006 \2005‬‬
‫❖ طالل مزيد العرادة‪ :‬مخاطر استخدام المشتقات المالية على أداء شركات المساهمة في‬
‫سوق الكويت لألوراق المالية (دراسة تطبيقية )‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر بكلية‬
‫األعمال ‪ -‬جامعة الشرق األوسط‪ ،‬سنة ‪.2014:‬‬
‫❖ فردوس خضير‪ :‬بيع العربون وتطبيقاته المعاصرة‪ ،‬مذكرة تخرج تدخل ضمن متطلبات‬
‫الحصول على شهادة الماستر في العلوم اإلسالمية (تخصص‪ :‬فقه مقارن وأصوله)‪،‬‬
‫معهد العلوم اإلسالمية (قسم الشريعة)‪ ،‬جامعة الشهيد حمه لخضر – الوادي‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.2019-2018‬‬
‫❖ ميثاق هاتف عبد السادة الفتالوي‪ :‬استخدام العقود المستقبلية في التحوط‪ ،‬دراسة‬
‫تطبيقية في سوق بغداد لألوراق المالية‪ ،‬شهادة الماستر ‪ ،‬رسالة مقدمة إلى مجلس كلية‬
‫اإلدارة واالقتصاد في جامعة كربالء‪ ،‬وهي جزء من متطلبات نيل درجة ماجستير في‬
‫إدارة األعمال‪ ،‬السنة‪1425 :‬هـ‪2004/‬م‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫❖ ‪-‬رهف موسى أبو فارة‪ :‬بدائل شرعية للمشتقات في األسواق المالية اإلسالمية‪ ،‬رسالة‬
‫لنيل دبلوم الماستر بكلية الشريعة‪ ،‬الجامعة األردنية‪.2020 /2019 ،‬‬

‫▪ البحوث‪:‬‬
‫❖ شرياق رفيق‪ :‬أسواق مالية‪ ،‬مطبوعة بيداغوجية بجامعة ‪ 8‬ماي ‪ – 1945‬قالمة‪، -‬‬
‫بدون ذكر المطبعة والطبعة‪ ،‬سنة‪.2018:‬‬

‫❖ محمد يونس البيرقدار ‪:‬نحو تطوير عقود اختيارات في ضوء مقررات الشريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬بحث مقدم للمؤتمر الثامن للهيئات الشرعية للمؤسسات المالية اإلسالمية‪،‬‬
‫هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬البحرين‪ ،‬سنة ‪.2008 :‬‬

‫▪ المقاالت‪:‬‬
‫❖ أسماء كجي‪ :‬مقاربة مالية وقانونية للعقود اآلجلة في ضوء القانون رقم ‪ ،42.12‬مجلة‬
‫المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬العدد ‪ ،25‬يناير ‪.2019‬‬
‫❖ بباس منيرة ‪:‬المجازفة والمشتقات المالية بين الواقع العملي والتكييف الشرعي‪ ،‬مجلة‬
‫االقتصاد الجديد ‪،‬العدد ‪،15‬المجلد ‪ ،2016/2:‬جامعة سطيف‪.11‬‬
‫❖ بندر بن عبد العزيز اليحيى‪ :‬األحكام الشرعية لعقود الخيارات المعاصرة ‪ -‬دراسة‬
‫فقهية‪ ،‬مجلة العلوم الشرعية‪ ،‬المجلد ‪ ،13‬العدد ‪ ،4:‬سنة ‪.2019‬‬
‫❖ حسن السوسي‪ :‬نحو بناء مفهوم حديث لألسواق المالية‪ ،‬مقال بالمجلة اإللكترونية‬
‫لألبحاث القانونية‪ ،‬العدد‪ ،8 :‬سنة‪.2021 :‬‬
‫❖ خالص أمين نافع‪ :‬اإلطار القانوني للعقد المستقبلي في سوق األوراق المالية ‪ ،‬مجلة‬
‫العلوم القانونية ‪ ،‬عدد خاص لبحوث التدريسيين مع طلبة الدراسات العليا ‪ ،‬الجزء‬
‫األول‪ ،‬المجلد‪، 36:‬سنة‪.2021:‬‬

‫‪99‬‬
‫❖ رائد نصري أبو مؤنس‪ :‬مدى إمكانية التعامل بحقوق الخيارات في األنشطة االقتصادية‬
‫اإلسالمية‪ -‬دراسة فقهية تحليلية‪ ،‬مجلة إسرا الدولية للمالية اإلسالمية‪ ،‬المجلد الخامس‪،‬‬
‫دجنبر ‪.2014‬‬
‫❖ سهير حسن الهادي‪ :‬بيع األشياء المستقبلية‪ :‬دراسة مقارنة بين القانون المدني العراقي‬
‫والقانون المدني المصري‪ ،‬مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية‪ ،‬المجلد ‪،7‬‬
‫العدد‪.5 :‬‬
‫❖ شافية كتاف وذهبية لطرش‪ :‬عقود المشتقات المالية بين األهمية االقتصادية والرؤية‬
‫الشرعية‪ ،‬مقال مجلة آفاق للعلوم‪ ،‬العدد السابع‪ ،‬مارس ‪.2017‬‬
‫❖ عباس فؤاد حسن‪ :‬قراءات حول المشتقات المالية‪ :‬عقود المستقبليات‪ ،‬مجلة الدراسات‬
‫المالية والمصرفية‪ ،‬مجلد ‪ ،24‬العدد ‪ ،1‬السنة‪.2016 :‬‬
‫❖ عبد العظيم أبو زيد‪ :‬التحليل الفقهي والمقاصدي للمشتقات المالية‪ ،‬مجلة االقتصاد‬
‫اإلسالمي‪ ،‬جامعة الملك عبد العزيز‪ ،‬المجلد ‪ ،27‬العدد‪ ،4:‬السنة‪.2014 :‬‬
‫❖ عبد للا صالح محمد سليمان أبو مسامح ‪:‬المشتقات المالية بين التنظير والتطبيق‬
‫[الحلقة األولى]‪ ،‬مجلة االقتصاد اإلسالمي العالمية‪ ،‬العدد‪ ،10 :‬السنة‪.2013:‬‬
‫❖ عتروس سهيلة‪ :‬واقع البدائل الشرعية للمشتقات المالية في ضوء منتجات الهندسة‬
‫المالية اإلسالمية‪ ،‬مجلة ميالف للبحوث والدراسات‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬دجنبر ‪،2015‬‬
‫جامعة محمد خيضربسكرة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫❖ قط سليم ‪ ،‬المشتقات المالية من منظور إسالمي كبديل للمشتقات المالية الوضعية في‬
‫أسواق األوراق المالية اإلسالمية‪ ،‬مجلة الحقوق والعلوم اإلنسانية الصادرة عن جامعة‬
‫زيان عاشور بالجلفة‪ ،‬العدد ‪.)1( 20‬‬
‫❖ كامل عبد القادر حسين‪ :‬نحو مشتقات مالية إسالمية‪ ،‬مجلة جامعة كركوك للدراسات‬
‫اإلنسانية‪ ،‬المجلد ‪ ،14:‬العدد‪ ،2 :‬سنة ‪.2019‬‬

‫‪100‬‬
‫❖ مقدم عبد اإلله‪ :‬تطور حجم األسواق المشتقات المالية في العالم في الفترة ما بين‬
‫‪ 2005‬و ‪ ،2017‬مجلة المالية واألسواق‪ ،‬المجلد ‪ ،5‬العدد ‪، 2019/ 10‬جامعة‬
‫مستغانم‪ -‬الجزائر‪.‬‬
‫❖ ميثاق طالب عبد حمادي ومحمد كاطم علي مشعل‪ :‬التنظيم القانوني لتسوية العقود‬
‫المستقبلية في سوق األوراق المالية (دراسة مقارنة)‪ ،‬مجلة رسالة الحقوق‪ ،‬العدد الثالث‪،‬‬
‫السنة ‪.2020‬‬

‫▪ المواقع اإللكترونية‪:‬‬
‫❖ ‪-‬الموقع الرسمي لوزارة االقتصاد والمالية‪www.finances.gov.ma :‬‬
‫❖ رسل كريم ناصر‪ :‬تطور حجم أسواق المشتقات المالية في العالم في الفترة ما بين‬
‫‪ 2005‬و ‪ ،2017‬منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https://eco.nahrainuniv.edu.iq‬‬
‫❖ ‪https://www.asjp.cerist.dz/en‬‬

‫▪ النصوص القانونية‪:‬‬

‫❖ قانون االلتزامات والعقود (الصادر بظهير ‪ 9‬رمضان ‪ 12( 1331‬أغسطس ‪)1913‬‬


‫(بصيغته المعدلة إلى غاية القانون رقم ‪.)31.18‬‬
‫❖ الظهير الشريف رقم ‪ 1-04-22‬الصادر في ‪ 12‬من ذي الحجة ‪ 3( 1424‬فبراير‬
‫‪.)2004‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 70-03‬بمثابة مدونة األسرة المنشور بالجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪، 5184‬الصفحة ‪.418:‬‬
‫❖ الظهير الشريف رقم ‪ 1.14.96‬الصادر في ‪ 20‬من رجب ‪ 20( 1435‬ماي ‪)2014‬‬
‫بتنفيذ القانون رقم ‪ 42.12‬المتعلق بالسوق اآلجلة لألدوات المالية المنشور في الجريدة‬

‫‪101‬‬
‫الرسمية عدد ‪ 6263‬الصادر في ‪ 11‬شعبان ‪ 9( 1435‬يونيو ‪)2014‬الصفحة‪4833:‬‬
‫‪.‬‬
‫❖ الظهير شريف رقم ‪ 1.14.193‬صادر في فاتح ربيع األول ‪ 24( 1436‬ديسمبر‬
‫‪ )2014‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في‬
‫حكمها المنشور على الجريدة الرسمية عدد ‪،6328‬الصفحة ‪.462:‬‬
‫❖ الظهير الشريف رقم ‪ 151.16.1‬الصادر في ‪ 21‬من ذي القعدة ‪ 25( 1437‬أغسطس‬
‫‪ )2016‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 19.14‬المتعلق ببورصة القيم وشركات البورصة‬
‫والمرشدين في االستثمار المالي المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 6501‬الصادر في‬
‫‪ 17‬ذي الحجة ‪ 19( 1437‬سبتمبر ‪ )2016‬الصفحة‪. 6681:‬‬
‫❖ ظهير شريف رقم ‪ 1.16.128‬صادر في ‪ 21‬من ذي القعدة ‪ 25(1435‬أغسطس‬
‫‪ )2016‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 19.14‬المتعلق ببورصة القيم وشركات البورصة‬
‫والمرشدين في االستثمار المالي المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 6501‬الصادر في‬
‫‪ 17‬ذي الحجة ‪ 19(1437‬شتنبر ‪ )2016‬الصفحة‪.6681:‬‬
‫❖ قانون رقم ‪ 59.13‬القاضي بتغيير وتتميم القانون القانون رقم ‪ 17.99‬المتعلق بمدونة‬
‫التأمينات المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪.6501‬ص‪.6649:‬‬

‫‪102‬‬
‫الفهرس‬
‫المقدمة ‪1 ....................................................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬عقود الخيارات وعقود المبادالت ‪7 ........................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تكييف عقود الخيارات ‪10 ...................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التكييف الشرعي لعقود الخيارات ‪11 .....................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬رأي القائلين بالتحريم وأدلتهم ‪12 ........................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬انطواء عقود الخيارات على بيع اإلنسان ما ليس عنده وبيع ما ال يملك‪12‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬انطواء عقود الخيارات على الغرر ‪14 ....................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬تعارض الخيارات مع قاعدة العدل في المعامالت ‪15 .....................‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬انطواء عقود الخيارات على القمار ‪16 ...................................‬‬
‫الفقرة الخامسة‪ :‬اندراج عقود الخيارات تحت بيع الكالئ بالكالئ ‪18 ....................‬‬
‫الفقرة السادسة‪ :‬تعارض عقود الخيارات مع قصد الشارع من إباحة خيار الشرط‪19 .‬‬
‫أوال‪ :‬من حيث محل العقد (المعقود عليه)‪20 ......................................... :‬‬
‫ثانيا‪ :‬من حيث وجود المعقود عليه‪20 ................................................ :‬‬
‫ثالثا‪ :‬مالية المعقود عليه من حيث الثمن‪21 .......................................... :‬‬
‫رابعا‪ :‬من حيث قبض المعقود عليه‪21 ................................................ :‬‬
‫خامسا‪ :‬من حيث ملكية المعقود عليه‪22 .............................................. :‬‬
‫سادسا‪ :‬من حيث التصرف في المعقود عليه زمن الخيار‪22 ........................ :‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬رأي القائلون بالجواز وأدلتهم ‪24 ........................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬قياس عقود الخيارات على بيع العربون ‪25 ..............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬قياس عقود الخيارات على خيار الشرط ‪26 ..............................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬قياس عقود الخيارات على عقد السلم ‪27 .................................‬‬
‫‪103‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬عقد خيار البيع هو التزام أو ضمانة أو كفالة‪27 ........................‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬عقود الخيارات في األسواق اآلجلة ‪29 .................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬النظام الداخلي للسوق اآلجلة لألدوات المالية ‪30 ........................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إدارة السوق اآلجلة ‪31 ....................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬األجهزة الرقابية للسوق اآلجلة‪32 .......................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تداول وتسوية عقود الخيارات في األسواق اآلجلة ‪34 .................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬عمليات تداول عقود الخيارات ‪34 .........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تسوية عقود الخيارات ‪36 .................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تكييف عقود المبادالت ‪38 ..................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أنواع عقود المبادالت وحكمها الشرعي ‪39 ..............................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة أسعار الفائدة ومبادلة العمالت ‪40 ..............‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة أسعار الفائدة ‪42 ..................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة العمالت ‪43 ........................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة عوائد األسهم ومبادلة السلع‪44 ................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة عوائد األسهم ‪45 .................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الحكم الشرعي لمبادلة السلع ‪46 ..........................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التكييف القانوني لعقود المبادالت ‪48 ....................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المبادلة عقد تأمين ‪49 .....................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المبادلة عقد مقامرة ورهان ‪52 ..........................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬العقود المستقبلية واآلجلة ‪55 .............................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التكييف الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة ‪57 ...........................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة ‪58 ...........................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة على غير العمالت ‪59 .......‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة على السلع ‪59 ...............‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة المالية ‪62 ....................‬‬
‫‪104‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحكم الشرعي للعقود المستقبلية واآلجلة على العمالت‪64 ............‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬البدائل الشرعية للعقود المستقبلية واآلجلة ‪66 .........................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تطوير العقود المستقبلية واآلجلة في إطار عقد السلم ‪66 ...............‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تطوير العقود المستقبلية واآلجلة في إطار عقد االستصناع ‪69 ........‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التكييف القانوني للعقود المستقبلية واآلجلة ‪73 ..........................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التنظيم القانوني للعقود المستقبلية واآلجلة ‪73 ..........................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أركان العقود المستقبلية واآلجلة ‪74 ......................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األهلية ‪75 ...................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التراضي ‪75 ................................................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬المحل ‪76 ....................................................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬آثار العقود المستقبلية واآلجلة ‪76 ......................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الفقرة تسوية العقود المستقبلية واآلجلة ‪77 .............................‬‬
‫أوال‪ :‬التسوية العادية‪77 ................................................................ :‬‬
‫ثانيا‪ :‬التسوية النقدية‪78 ............................................................... :‬‬
‫ثالثا‪ :‬الصفقة المعاكسة‪79 ............................................................. :‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬ضمانات تنفيذ العقود المستقبلية واآلجلة ‪80 .............................‬‬
‫أوال‪ :‬الهامش المبدئي‪81 ............................................................... :‬‬
‫ثانيا‪ :‬هامش الصيانة‪81 ................................................................ :‬‬
‫ثالثا‪ :‬التسوية السعرية‪82 .............................................................. :‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الطبيعة التعاقدية للعقود المستقبلية واآلجلة ‪83 ........................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الطبيعية التعاقدية للعقود المستقبلية واآلجلة من خالل خصائصها‪84 :‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الطبيعة التعاقدية للعقود المستقبلية واآلجلة من خالل محتوى العقد‪87‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المحل في العقود المستقبلية واآلجلة ‪87 .................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬السبب في العقود المستقبلية واآلجلة ‪88 .................................‬‬
‫خاتمة ‪91 ....................................................................................‬‬
‫‪105‬‬
‫الئحة المصادر و المراجع ‪95 ............................................................ :‬‬

‫‪106‬‬

You might also like