حبس المبيع على ثمنه

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 105

‫ﺣﺒﺲ ﺍﻟﻤﺒﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺛﻤﻨﻪ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬

‫ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ‪ -‬ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬


‫ﺍﻟﻌﺎﻳﺪ‪ ،‬ﻋﺒﺪﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﺎﻳﺪ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬

‫حبس المبيع على ثمنه‬


‫ﻉ‪38‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫‪2017‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫‪173 - 276‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫‪824901‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫‪IslamicInfo‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻰ‪ ،‬ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻰ‪ ،‬ﻓﻘﻪ ﺍﻟﺒﻴﻮﻉ‪ ،‬ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻼﺕ‪،‬‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫ﺣﺒﺲ ﺍﻟﻤﺒﻴﻊ‪ ،‬ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/824901‬‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬

‫�إعداد‪:‬‬
‫د‪ .‬عبدالرحمن بن عايد العايد‬
‫الأ�ستاذ امل�شارك بق�سم الفقه كلية ال�رشيعة‬
‫ال�سالمية‬
‫المام محمد بن �سعود إ‬‫جامعة إ‬

‫© ‪ 2016‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ‬
‫ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ‬
‫ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫حبس المبيع على ثمنه‬

‫�إعداد‪:‬‬
‫د‪ .‬عبدالرحمن بن عايد العايد‬
‫الأ�ستاذ امل�شارك بق�سم الفقه كلية ال�رشيعة‬
‫ال�سالمية‬
‫المام محمد بن �سعود إ‬‫جامعة إ‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫‪174‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫املقدمة‬

‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وال�صالة وال�سالم على �أ�شرف الأنبياء واملر�سلني‪،‬‬


‫نبينا محمد وعلى �آله و�صحبه �أجمعني؛ �أما بعد‪:‬‬
‫ف�إن الإن�سان ال غنى له عن التعامل مع بني جن�سه‪ ،‬وقد تتعلق حاجته‬
‫مبا يف يد �صاحبه‪ ،‬و�صاح ُبه ال يبذله غال ًبا �إال بعو�ض‪ ،‬فتن�ش�أ بينهما عالقة‬
‫معاو�ضة مالية‪ ،‬يبذل كل منهما ل�صاحبه ً‬
‫عو�ضا عما ي�أخذه منه‪.‬‬
‫وقد يحتاج �أحدهما �إلى �أن يتوثق من ح�صوله على ما يف يد الآخر‪،‬‬
‫فيطلب منه ره ًنا �أو كفيلاً ؛ ليطمئن على �أن ما بذله لن ي�ضيع‪ ،‬و�سيح�صل‬
‫على مقابله‪.‬‬
‫ورمبا تكون و�سيلة العاقد �إلى تو ُثقه من ح�صوله على حقه �أن ميتنع من‬
‫‪175‬‬ ‫ت�سليم ما بيده حتى يت�سلم ما بيد الآخر؛ ومن ذلك �أن يحب�س البائع املبيع‬
‫حتى يت�سلم ثمنه‪ ،‬فهل له ذلك؟‪.‬‬
‫هذا ما رغبت �أن �أبحثه بعنوان (حب�س املبيع على ثمنه)‪.‬‬
‫�أهمية املو�ضوع‪:‬‬
‫تتبني �أهمية املو�ضوع فيما ي�أتي‪:‬‬
‫‪1.1‬حاجة البائع �إلى �أن ي�ستوثق من ح�صوله على ثمن �سلعته عاجلاً ‪،‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫و�أ�سهل طريقة يف ذلك �أن ميتنع من ت�سليمها �إلى �أن يت�سلم ثمنها‪،‬‬
‫وهذا البحث يبني �إن كان ذلك ممك ًنا �أو ال‪.‬‬
‫‪ 2.2‬اعتقاد بع�ض املتعاقدين �أن البيع ال ينعقد �إال بالقب�ض‪ ،‬ومن ثم ي�سهل‬
‫على كل من املتبايعني االمتناع من ت�سليم ما عليه؛ رغبة يف ف�سخ‬
‫العقد‪ ،‬فتن�ش�أ اخلالفات بينهما‪� ،‬إال �أن هذا االمتناع قد يكون له ما‬
‫يربره‪ ،‬من مثل الرغبة يف احل�صول على العو�ض املقابل‪ ،‬وهذا البحث‬
‫يبني �إن كان هذا مربرًا كافيًا لالمتناع‪� ،‬أو ال‪ ،‬ومن ثم فهو ي�سهم يف‬
‫حل جانب من هذه اخلالفات‪.‬‬
‫�أ�سباب اختيار املو�ضوع‪:‬‬
‫‪�1.1‬أهمية املو�ضوع كما �سبق بيانه‪.‬‬
‫‪2.2‬احلاجة امللحة لبحث هذا املو�ضوع‪ ،‬وما يتعلق به‪ ،‬وذكر �أقوال الفقهاء‬
‫فيه‪ ،‬مع اال�ستدالل لها‪.‬‬
‫‪�3.3‬إن هذا املو�ضوع ح�سب اطالعي ُبحث بح ًثا مخت�ص ًرا‪ ،‬فلم يبحث‬
‫البحث ال�شرعي امل�ستوفى‪ ،‬ف�أردت امل�ساهمة يف بيانه‪.‬‬
‫�أهداف املو�ضوع‪:‬‬
‫‪176‬‬
‫‪1.1‬تقدمي درا�سة فقهية م�ؤ�صلة جتلي هذا املو�ضوع‪ ،‬وما يتعلق به‪.‬‬
‫‪2.2‬امل�ساهمة يف �إيجاد حلول امل�شكالت التي ميكن �أن تن�ش�أ بني املتعاقدين‬
‫نتيجة عدم التزام �أحدهما �أو كليهما مبا يجب عليه جتاه الآخر ب�سبب‬
‫العقد‪.‬‬
‫‪3.3‬تقدمي خدمة لكل من ميكن �أن يعرت�ض له يف جمال عمله خالفات بني‬
‫املتعاقدين‪ ،‬من الق�ضاة واملحامني واملحكمني ونحوهم‪.‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫الدرا�سات ال�سابقة‪:‬‬
‫وجدت على ال�شبكة العنكبوتية بح ًثا بعنوان(�أحكام حب�س املبيع ال�ستيفاء‬
‫الثمن بني الفقه الإ�سالمي والقانون املدين الأردين) لف�ضيلة الدكتور‪:‬‬
‫�إ�سماعيل �شندي‪.‬‬
‫وقد جاء البحث املذكور مبقدمته وخامتته يف (‪� )20‬صفحة مت�ضمنة‬
‫املقارنة بالقانون املدين الأردين‪ ،‬وقد جاء يف �ستة مباحث‪ ،‬هي‪:‬‬
‫املبحث الأول‪ :‬معنى حب�س املبيع ال�ستيفاء الثمن‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬حكم حب�س املبيع ال�ستيفاء الثمن‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪� :‬شروط ثبوت حق البائع يف حب�س املبيع ال�ستيفاء الثمن‪.‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬حاالت �سقوط حق حب�س املبيع ال�ستيفاء الثمن وعدمه‪.‬‬
‫املبحث اخلام�س‪ :‬انتقال حق حب�س املبيع ال�ستيفاء الثمن �إلى الورثة‪.‬‬
‫املبحث ال�ساد�س‪ :‬هالك املبيع املحبو�س ال�ستيفاء الثمن‪.‬‬
‫وفيما ي�أتي املقارنة بني بحثي‪ ،‬وبني البحث املذكور �آن ًفا‪:‬‬
‫� اًأول‪ :‬ذكرت مباحث مل يذكرها ف�ضيلة الدكتور‪� :‬إ�سماعيل‪ ،‬وهي الآتي‪:‬‬
‫‪177‬‬
‫‪1 .1‬طرق توثيق احلق‪.‬‬
‫‪2 .2‬دخول زوائد املبيع معه يف احلب�س‪.‬‬
‫‪�3 .3‬أثر ت�صرفات العاقدين يف حق احلب�س‪ ،‬يف �أربعة مطالب‪.‬‬
‫ويجدر التنويه �إلى �أن ف�ضيلة الدكتور ذكر بع�ض الت�صرفات يف‬
‫حاالت �سقوط حق حب�س املبيع ال�ستيفاء الثمن وعدمه؛ �إال �أن‬
‫ذكرها جاء جمملاً دون ذكر �أقوال املذاهب الأربعة‪.‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫‪4 .4‬املوازنة بني حب�س املبيع على ثمنه ورهنه عليه‪.‬‬


‫‪5 .5‬ملك حق احلب�س لغري البائع‪ ،‬يف ثالثة مطالب‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬ذكر ف�ضيلته حكم حب�س املبيع ال�ستيفاء الثمن يف مبحث واحد‪،‬‬
‫دون دخول يف التف�صيالت‪ ،‬بينما ذكرته يف مبحثني‪ ،‬وبالتف�صيل‬
‫الآتي‪:‬‬
‫املبحث الأول‪ :‬حب�س املبيع على كامل الثمن‪ ،‬وفيه مطلبان‪:‬‬
‫املطلب الأول‪ :‬حب�س املبيع مع كون البدلني نقدين �أو معينني‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬حب�س املبيع مع كونه عي ًنا‪ ،‬والثمن يف الذمة‪ ،‬وفيه‬
‫�أربع م�سائل‪:‬‬
‫امل�س�ألة الأولى‪ :‬حب�س املبيع مع كون الثمن م�ؤجلاً ‪.‬‬
‫امل�س�ألة الثانية‪ :‬حب�س املبيع مع كون اً‬
‫حال‪.‬‬
‫امل�س�ألة الثالثة‪ :‬حب�س املبيع مع كون الثمن م�ؤجلاً ‪ ،‬وحل قبل الت�سليم‪.‬‬
‫حال‪ ،‬وبع�ضه‬‫امل�س�ألة الرابعة‪ :‬حب�س املبيع مع كون بع�ض الثمن اً‬
‫م�ؤجلاً ‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬حب�س املبيع على بع�ض الثمن‪ ،‬وفيه مطلبان‪:‬‬ ‫‪178‬‬
‫املطلب الأول‪ :‬حب�س املبيع لأجل ا�ستيفاء باقي الثمن‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬حب�س املبيع مع تعدده‪� ،‬أو تعدد امل�شرتي‪ ،‬وفيه‬
‫م�س�ألتان‪:‬‬
‫امل�س�ألة الأولى‪ :‬حب�س املبيع مع تعدد املبيع‪.‬‬
‫امل�س�ألة الثانية‪ :‬حب�س املبيع مع تعدد امل�شرتي‪.‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫ويجدر التنويه �أن ف�ضيلته ذكر بع�ض هذه التف�صيالت يف مبحث‬


‫�شروط ثبوت حق البائع يف حب�س املبيع ال�ستيفاء الثمن‪ ،‬ولكن ذكره‬
‫لها كان على �سبيل الإجمال واالخت�صار‪ ،‬فلم يذكر تف�صيالت وال‬
‫خالفات‪ ،‬واكتفى يف بع�ضها ب�إيراد دليل واحد‪ ،‬وبع�ضها مل يذكر‬
‫له دليلاً ‪ ،‬كما �أنه اكتفى بذكر مذهب احلنفية فقط‪ ،‬مع الإ�شارة‬
‫�إلى مذهب ال�شافعية يف مو�ضع واحد‪ ،‬ومل ي�شر �إلى مذهب املالكية‬
‫ومذهب احلنابلة‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬هناك مباحث اتفقنا على ذكرها‪ ،‬و�إن اختلف العنوان‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪1.1‬معنى حب�س املبيع ال�ستيفاء الثمن‪ ،‬وقد ذكرته يف التمهيد‪.‬‬
‫‪2.2‬حاالت �سقوط حق حب�س املبيع ال�ستيفاء الثمن وعدمه‪ ،‬وقد ذكرته‬
‫بعنوان‪� :‬أ�سباب �سقوط حق احلب�س‪.‬‬
‫‪3.3‬انتقال حق حب�س املبيع ال�ستيفاء الثمن �إلى الورثة‪ ،‬وقد ذكرته‬
‫بعنوان‪� :‬إرث حق احلب�س‪.‬‬
‫‪4.4‬هالك املبيع املحبو�س ال�ستيفاء الثمن‪ ،‬وقد ذكرته بعنوان‪� :‬ضمان‬
‫املحبو�س بالثمن عند تلفه‪.‬‬
‫‪179‬‬ ‫ومع هذا االتفاق يف امل�سمى‪� ،‬إال �أن هناك اختال ًفا يف طريقة التناول‪،‬‬
‫وهي كما ي�أتي‪:‬‬
‫�أ‪ .‬مل يذكر ف�ضيلة الدكتور جميع املذاهب الأربعة‪ ،‬و�إمنا كان يذكر‬
‫مذهب احلنفية‪ ،‬ورمبا �أ�شار �إلى مذهب ال�شافعية‪ ،‬ومل يذكر مذهب‬
‫املالكية واحلنابلة �إال ناد ًرا‪ ،‬ويكون ذكرهما ً‬
‫عر�ضا‪.‬‬
‫بينما �أذكر املذاهب الأربعة كلها‪ ،‬ومن مل �أجد لهم اً‬
‫قول‪� ،‬أ�سلك م�سلك‬
‫التخريج يف امل�س�ألة‪.‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫ب‪ .‬ال ي�ستق�صي ف�ضيلة الدكتور الأدلة‪ ،‬حتى �إنه �أحيا ًنا ال يذكر �أي دليل‪،‬‬
‫ف�إن ذكر اكتفى بدليل واحد‪ ،‬بينما اجتهدت يف ا�ستق�صاء الأدلة‪.‬‬
‫ج‪ .‬هناك م�سائل و�أقوال حتتاج �إلى تف�صيل‪ ،‬مل يذكرها ف�ضيلته‪ ،‬ورمبا‬
‫ذكر بع�ضها ب�إجمال‪ ،‬بينما �أذكرها بتف�صيالتها‪.‬‬
‫وبعد هذا‪ ،‬ف�إين �أقول عن ف�ضيلته‪ ،‬كما قال ابن مالك‪:‬‬
‫م�ستوجب ثنائي اجلميال‬ ‫ ‬
‫وهو ب�سبق حائز تف�ضيال‬
‫يل وله يف درجات الآخرة‬ ‫ ‬
‫واهلل يق�ضي بهبات وافرة‬
‫منهج البحث‪:‬‬
‫‪1.1‬ت�صور امل�س�ألة املراد بحثها ت�صو ًرا دقي ًقا قبل بيان حكمها‪.‬‬
‫‪�2.2‬إذا كانت امل�س�ألة من موا�ضع االتفاق ذكرت حكمها بدليله‪ ،‬مع توثيق‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪�3.3‬إذا كانت امل�س�ألة من م�سائل اخلالف‪ ،‬ذكرت الأقوال فيها بعد حتقيق‬
‫الأقوال‪ ،‬و�صحة الن�سبة فيها‪ ،‬وتوثيقها من كتب املذهب نف�سه‪ ،‬مع‬
‫الرتجيح‪ ،‬وبيان �سببه‪.‬‬
‫‪4.4‬عند عر�ض الأقوال يف امل�س�ألة املختلف فيها‪� ،‬أذكر القول‪ ،‬ثم �أذكر‬ ‫‪180‬‬
‫دليله‪ ،‬ووجه اال�ستدالل‪ ،‬وما نوق�ش به‪ ،‬وما �أجيب به عن هذه املناق�شة‪،‬‬
‫ف�إن �ص َّدرت املناق�شة بنوق�ش‪� ،‬أو �صدرت الإجابة ب�أجيب‪ ،‬فاملناق�ش �أو‬
‫املجيب غريي‪ ،‬و�إن �ص َّدرتهما بيناق�ش �أو يجاب‪ ،‬فاملناق�ش �أو املجيب‬
‫�أنا؛ ثم بعد ذلك �أذكر الراجح‪.‬‬
‫‪5.5‬عزو الآيات القر�آنية الواردة يف البحث �إلى �سورها؛ وذلك ببيان ا�سم‬
‫ال�سورة‪ ،‬ورقم الآية‪.‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫‪6.6‬تخريج الأحاديث النبوية والآثار عند �أول ورودها يف البحث‪ ،‬مع بيان‬
‫درجتها �إن مل تكن يف ال�صحيحني �أو �أحدهما‪.‬‬
‫‪7.7‬مل �أترجم للأعالم الوارد ذكرهم رغبة يف االخت�صار يف مثل هذه‬
‫البحوث‪.‬‬
‫‪�8.8‬أذكر ا�سم الكتاب بالهام�ش دون ذكر ا�سم امل�ؤلف‪ ،‬ف�إن ت�شابهت‬
‫�أ�سماء الكتب ف�أميز بينها بذكر ا�سم امل�ؤلف‪.‬‬
‫تق�سيمات البحث‪:‬‬
‫انتظمت خطة البحث يف مقدمة‪ ،‬ومتهيد‪ ،‬وت�سعة مباحث‪ ،‬وخامتة‪.‬‬
‫املقدمة‪ :‬وفيها �أهمية املو�ضوع‪ ،‬و�أ�سباب اختياره‪ ،‬و�أهدافه‪ ،‬والدرا�سات‬
‫ال�سابقة‪ ،‬ومنهج البحث‪ ،‬وتق�سيماته‪.‬‬
‫التمهيد‪ ,‬وفيه مطلبان‪:‬‬
‫املطلب الأول‪ :‬تعريف حب�س املبيع على ثمنه‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬طرق توثيق احلق‪.‬‬
‫املبحث الأول‪ :‬حب�س املبيع على كامل الثمن‪ ،‬وفيه مطلبان‪:‬‬
‫املطلب الأول‪ :‬حب�س املبيع مع كون البدلني نقدين �أو معينني‪.‬‬
‫‪181‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬حب�س املبيع مع كونه عي ًنا‪ ،‬والثمن يف الذمة‪ ،‬وفيه �أربع‬
‫م�سائل‪:‬‬
‫امل�س�ألة الأولى‪ :‬حب�س املبيع مع كون الثمن م�ؤجلاً ‪.‬‬
‫امل�س�ألة الثانية‪ :‬حب�س املبيع مع كون الثمن اً‬
‫حال‪.‬‬
‫امل�س�ألة الثالثة‪ :‬حب�س املبيع مع كون الثمن م�ؤجلاً ‪ ،‬وحل قبل الت�سليم‪.‬‬
‫امل�س�ألة الرابعة‪ :‬حب�س املبيع مع كون بع�ض الثمن اً‬
‫حال‪ ،‬وبع�ضه م�ؤجلاً ‪.‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫املبحث الثاين‪ :‬حب�س املبيع على بع�ض الثمن‪ ،‬وفيه مطلبان‪:‬‬


‫املطلب الأول‪ :‬حب�س املبيع لأجل ا�ستيفاء باقي الثمن‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬حب�س املبيع مع تعدده‪� ،‬أو تعدد امل�شرتي‪ ،‬وفيه م�س�ألتان‪:‬‬
‫امل�س�ألة الأولى‪ :‬حب�س املبيع مع تعدد املبيع‪.‬‬
‫امل�س�ألة الثانية‪ :‬حب�س املبيع مع تعدد امل�شرتي‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬دخول زوائد املبيع معه يف احلب�س‪.‬‬
‫املبحث الرابع‪� :‬إرث حق احلب�س‪.‬‬
‫املبحث اخلام�س‪� :‬أثر ت�صرفات العاقدين يف حق احلب�س‪ ،‬وفيه �أربعة‬
‫مطالب‪:‬‬
‫املطلب الأول‪� :‬أثر احلوالة بالثمن يف حق احلب�س‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪� :‬أثر الرهن والكفالة يف حق احلب�س‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪� :‬أثر الإيداع والإعارة يف حق احلب�س‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪� :‬أثر قب�ض امل�شرتي للمبيع يف حق احلب�س‪.‬‬
‫املبحث ال�ساد�س‪� :‬أ�سباب �سقوط حق احلب�س‪.‬‬
‫املبحث ال�سابع‪� :‬ضمان املحبو�س بالثمن عند تلفه‪.‬‬ ‫‪182‬‬
‫املبحث الثامن‪ :‬املوازنة بني حب�س املبيع على ثمنه ورهنه عليه‪.‬‬
‫املبحث التا�سع‪ :‬ملك حق احلب�س لغري البائع‪ ،‬وفيه ثالثة مطالب‪:‬‬
‫املطلب الأول‪ :‬ملك امل�شرتي حلق احلب�س ال�سرتداد الثمن‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬ملك الأجري حلب�س العني لت�سلم الأجرة‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬منع املر�أة نف�سها حتى تقب�ض مهرها‪ ،‬وفيه �أربع م�سائل‪:‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫امل�س�ألة الأولى‪ :‬منع املر�أة نف�سها حتى تقب�ض مهرها احلال‪.‬‬


‫امل�س�ألة الثانية‪ :‬منع املر�أة نف�سها حتى تقب�ض مهرها امل�ؤجل‪.‬‬
‫امل�س�ألة الثالثة‪ :‬منع املر�أة نف�سها حتى تقب�ض مهرها امل�ؤجل الذي حل‬
‫قبل الت�سليم‪.‬‬
‫امل�س�ألة الرابعة‪ :‬امتناع املر�أة بعد ت�سليم نف�سها مطاوعة‪ ،‬وفيها‬
‫فرعان‪:‬‬
‫الفرع الأول‪ :‬امتناع املر�أة بعد الت�سليم والوطء‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬امتناع املر�أة بعد الت�سليم وقبل الوطء‪.‬‬
‫اخلامتة‪ :‬جعلت يف نهاية البحث خامتة بينت فيها �أهم النتائج التي‬
‫تو�صلت �إليها‪.‬‬
‫ويف اخلتام �أتوجه �إلى اهلل عز وجل بال�شكر على نعمه الظاهرة والباطنة‪،‬‬
‫ومنها �إكمال البحث على هذا الوجه‪.‬‬
‫هذا و�أ�س�أل اهلل عز وجل �أن يغفر يل ما ح�صل مني يف هذا البحث من‬
‫التق�صري والزلل‪ ،‬و�أن يجعل هذا البحث عند ح�سن ظن من قر�أه‪.‬‬
‫ف�إن يكن كذلك فمن اهلل‪ ،‬و�أحمده على ذلك‪ ،‬و�إن يكن غري ذلك فمني‬
‫‪183‬‬ ‫ومن ال�شيطان‪ ،‬و�أ�ستغفر اهلل‪.‬‬
‫و�صلى اهلل على نبينا محمد وعلى �آله و�صحبه و�سلم‪.‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫التمهيد‬

‫وفيه مطلبان‪:‬‬

‫املطلب الأول‬
‫تعريف حب�س املبيع على ثمنه‬
‫يتكون عنوان البحث من ثالث كلمات‪ ،‬هي‪ :‬حب�س‪ ،‬ومبيع‪ ،‬وثمن‪.‬‬
‫�أعرفها مفردة‪ ،‬ثم �أعرف العنوان مرك ًبا‪.‬‬
‫� اًأول‪ :‬معنى احلب�س‪:‬‬
‫معنى احلب�س لغة‪:‬‬
‫حب�سا‪ ،‬فهو محبو�س وحبي�س‪ ،‬واحتب�سه وحب�سه‪:‬‬‫يقال‪ :‬حب�سه‪ ،‬ويحب�سه ً‬
‫�أم�سكه عن وجهه‪ ،‬واحلب�س‪ :‬املنع والإم�ساك‪ ،‬وهو �ضد التخلية‪ ،‬واحتب�سته‪:‬‬
‫اخت�ص�صته لنف�سي‪.‬‬
‫واحلب�س‪ :‬الوقف؛ يبقى �أ�صله وت�سبل منفعته‪.‬‬
‫‪184‬‬
‫احلب�س بالفتح‪ :‬ال�سجن‪ ،‬وبالك�سر‪ :‬م�صنعة للماء‪ ،‬وهي‪ :‬حجارة �أو‬ ‫و َ‬
‫(‪.)1‬‬
‫خ�شب تبني يف جمرى املاء لتحب�سه‬
‫ا�صطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫معنى احلب�س‬
‫�أورد الفقهاء لفظة احلب�س يف كتبهم يف �أبواب متعددة‪ ،‬ويريدون بها‬
‫�أكرث من معنى‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫انظر‪ :‬مادة (ح ب �س) يف‪� :‬أ�سا�س البالغة (‪ ،)71‬مقايي�س اللغة (‪ ،)128/2‬مختار ال�صحاح (‪،)120‬‬ ‫(((‬
‫القامو�س املحيط (‪ ،)692‬ل�سان العرب (‪.)46-44/6‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫‪1.1‬يريدون بها ال�سجن‪ :‬ومنه‪ :‬حب�س اجلاين‪ ،‬وحب�س املدين‪ ،‬ونحوهما(‪.)1‬‬


‫‪2.2‬يريدون بها الوقف‪ :‬وهو‪ :‬حتبي�س الأ�صل‪ ،‬وت�سبيل املنفعة(‪.)2‬‬
‫‪3.3‬يريدون به املنع واالمتناع‪ :‬ومنه‪ :‬حب�س املبيع(‪.)3‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬معنى املبيع‪ ،‬والثمن‪:‬‬
‫معنى املبيع لغة‪:‬‬
‫الباء والياء والعني �أ�صل واحد‪ ،‬وهو‪ :‬البيع �ضد ال�شراء‪ ،‬ويطلق على ال�شراء‬
‫مباعا‪� :‬إذا باعه‪ ،‬و�إذا ا�شرتاه‪ ،‬فهو‬ ‫� ً‬
‫أي�ضا‪ ،‬يقال‪ :‬باعه بي ًعا ومبي ًعا‪ ،‬والقيا�س ً‬
‫من الأ�ضداد‪ ،‬وال�شيء مبيع ومبيوع‪ ،‬ويقال للبائع وامل�شرتي الب ِّيعان بت�شديد‬
‫الياء‪ ،‬والبياعة بالك�سر‪ :‬ال�سلعة(‪.)4‬‬
‫معنى الثمن لغة‪:‬‬
‫الثاء وامليم والنون �أ�صالن‪� ،‬أحدهما عو�ض ما يباع‪ ،‬والآخر جزء من‬
‫ثمانية‪ ،‬فمن الأول‪ :‬قولهم‪ :‬بعت كذا و�أخذت ثمنه‪ ،‬وثمن ال�شيء‪ :‬ما ا�ستحق‬
‫به ذلك ال�شيء‪ ،‬و�أثمنت الرجل �سلعته‪ ،‬و�أثمنت له‪� :‬أعطيته ثمنها‪ ،‬و�شيء‬
‫ثمني‪ :‬مرتفع الثمن‪.‬‬
‫و�أما الثاين‪ :‬فهو بال�ضم‪ ،‬وب�ضمتني‪ :‬جزء من ثمانية(‪.)5‬‬
‫‪185‬‬
‫انظر‪ :‬الأ�صل (‪ ،)474/4‬حتفة الفقهاء (‪ ،)183/3‬التلقني (‪ ،)490/2‬مناهج التح�صيل (‪،)263/10‬‬ ‫(((‬
‫احلاوي (‪� ،)351/12‬أ�سنى املطالب (‪ ،)306/4‬الفروع (‪ ،)398/9‬املنور يف راجح املحرر (‪.)414/1‬‬
‫انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)221/6‬البناية (‪ ،)889/6‬املقدمات املمهدات (‪ ،)417/2‬الذخرية (‪،)53/3‬‬ ‫(((‬
‫الأم (‪ ،)53/4‬عمدة ال�سالك (‪ ،)182‬الروايتني والوجهني (‪ ،)436/1‬املغني (‪.)184/8‬‬
‫انظر‪ :‬املب�سوط (‪ ،)192 /13‬فتح القدير (‪ ،)496/5‬الإ�شراف على م�سائل اخلالف (‪ ،)111/2‬حا�شية‬ ‫(((‬
‫الد�سوقي (‪ ،)147/3‬بحر املذهب (‪ ،)19/5‬حتفة املحتاج (‪ ،)103/4‬املغني (‪ ،)287/6‬املحرر‬
‫(‪.)333/1‬‬
‫انظر‪ :‬مادة (ب ي ع) يف‪� :‬أ�سا�س البالغة (‪ ،)35‬مقايي�س اللغة (‪ ،)327/1‬مختار ال�صحاح (‪،)71‬‬ ‫(((‬
‫القامو�س املحيط (‪ ،)911‬ل�سان العرب (‪.)25-23/8‬‬
‫انظر‪ :‬مادة (ث م ن) يف‪� :‬أ�سا�س البالغة (‪ ،)48‬مقايي�س اللغة (‪ ،)387 ،386/1‬مختار ال�صحاح (‪،)87‬‬ ‫(((‬
‫القامو�س املحيط (‪ ،)1529‬ل�سان العرب (‪.)82/13‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫ا�صطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫معنى املبيع والثمن‬
‫يطلق املالكية وال�شافعية واحلنابلة املبيع والثمن على ما يقع عليه التعاقد‬
‫يف البيع‪ ،‬وهما العو�ضان املتبادالن يف عقد البيع؛ ف�إن كان �أحدهما نقودًا‪،‬‬
‫فهو الثمن‪ ،‬والآخر املبيع(‪.)1‬‬
‫ويرى احلنفية �أن املبيع‪ :‬ما يباع‪ ،‬وهو العني التي تتعني يف البيع‪ ،‬فهو ا�سم‬
‫لل�سلعة نف�سها‪ ،‬و�أما الثمن‪ ،‬فهو ما يكون ً‬
‫عو�ضا عن املبيع ويتعلق بالذمة‪ ،‬فهو‬
‫و�سيلة للمق�صود‪ ،‬وال يتعني بالتعيني‪.‬‬
‫وهذا هو الأ�صل عندهم‪� ،‬إال �أن هذا الأ�صل ميكن �أن يتغري‪ ،‬فامل�سلم فيه‬
‫مبيع‪ ،‬مع �أنه ال يتعني بالتعيني‪ ،‬ور�أ�س مال ال�سلم ثمن مع �أنه يتعني بالتعيني(‪.)2‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬معنى حب�س املبيع على ثمنه‪:‬‬
‫مل يعرف الفقهاء حب�س املبيع على ثمنه‪ ،‬وميكن تعريفه ب�أنه‪ :‬امتناع‬
‫مالك ال�سلعة عن ت�سليمها للم�شرتي بعد العقد من �أجل ا�ستيفاء ثمنها‪.‬‬

‫املطلب الثاين‬
‫طرق توثيق احلق‬
‫�إذا مت عقد البيع بني اثنني‪� ،‬أ�صبح يف ذمة كل واحد منهما دين للآخر‪،‬‬
‫فالبائع يف ذمته دين للم�شرتي‪ ،‬هو‪ :‬املبيع‪ ،‬وامل�شرتي يف ذمته دين للبائع‪،‬‬ ‫‪186‬‬
‫هو‪ :‬الثمن‪.‬‬
‫ويجب على كل من العاقدين ت�سليم ما بيده للآخر(‪.)3‬‬
‫((( انظر‪� :‬شرح الزرقاين (‪� ،)3/5‬شرح اخلر�شي على خليل (‪ )4/5‬رو�ضة الطالبني (‪ ،)3/3‬مغني املحتاج‬
‫(‪ ،)2/2‬املغني (‪ ،)5/6‬املطلع (‪ ،)227‬ك�شاف القناع (‪.)146/3‬‬
‫((( انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)233/5‬تبيني احلقائق (‪ ،)2/4‬حا�شية ابن عابدين (‪ ،)501/4‬درر احلكام‬
‫(‪.)107 ،106/1‬‬
‫((( انظر‪ :‬مخت�صر القدوري (‪ ،)237/1‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)238/5‬مواهب اجلليل (‪ ،)479/4‬ال�شرح‬
‫الكبري للدردير (‪ ،)147/3‬احلاوي (‪ ،)309/5‬العزيز �شرح الوجيز (‪ ،)466 ،465/8‬املغني (‪،)286/6‬‬
‫الإن�صاف (‪.)458 ،457/4‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫وقد يحتاج الدائن �إلى �أن ي�ستوثق لدينه؛ خو ًفا من �ضياعه‪� ،‬أو جحوده‪� ،‬أو‬
‫ن�سيانه‪� ،‬أو العجز عن ا�ستيفائه‪ ،‬فيلج�أ �إلى توثيق هذا الدين‪.‬‬
‫وللتوثيق طرق متعددة‪ ،‬ذكرها الفقهاء‪ ،‬منها ما ي�أتي(‪:)1‬‬
‫‪1.1‬الكتابة‪:‬‬
‫فيكتب العاقدان ما اتفقا عليه؛ بهدف احلفاظ عليه من ال�ضياع‪ ،‬نتيجة‬
‫الن�سيان‪� ،‬أو اجلحود‪.‬‬
‫والكتابة م�شروعة بالكتاب وال�سنة؛ فمن الكتاب؛ قال اهلل تعالى‪( :‬ﭑ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ‬
‫ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ‬
‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ‬
‫ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬
‫ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ‬
‫‪187‬‬ ‫ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ‬
‫ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ) [البقرة‪.]282:‬‬
‫وجه اال�ستدالل‪:‬‬
‫قوله تعالى‪( :‬ﭚ) (ﭜ ﭝ) (ﭪ) �صريح‬
‫بالأمر بالكتابة‪.‬‬
‫انظر‪ :‬درا�سات يف �أ�صول املداينات (‪ ،)78‬توثيق الديون يف الفقه الإ�سالمي (‪ ،)22‬املو�سوعة الكويتية‬ ‫(((‬
‫(‪.)138/14‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫ومن ال�سنة‪ :‬عن عبدا َمل ِج ِيد ْبن َو ْه ٍب‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ق َال ليِ ال َع َّدا ُء ْبنُ َخا ِل ِد ْب ِن‬
‫ول اهلل ‪َ ،S‬ق َال‪ُ :‬ق ْل ُت‪َ :‬ب َلى‪َ ،‬ف�أَ ْخ َر َج ليِ‬ ‫َه ْو َذ َة‪� :‬أَ اَل �أُ ْق ِر ُئ َك ِكتَا ًبا َك َت َب ُه ليِ َر ُ�س ُ‬
‫«ه َذا َما ا�شْترَ َى ال َع َّدا ُء ْبنُ َخا ِل ِد ْب ِن َه ْو َذ َة ِمنْ ُم َح َّم ٍد َر ُ�س ِول اهلل ‪،S‬‬ ‫ِكتَا ًبا‪َ :‬‬
‫ا�شْترَ َى ِم ْن ُه عبدً ا �أَ ْو �أَ َم ًة‪ ،‬اَل َدا َء َو اَل َغا ِئ َل َة َو اَل ِخ ْب َث َة‪َ ،‬ب ْي َع املُ ْ�س ِل ِم املُ ْ�س ِل َم»(‪.)1‬‬
‫وجه اال�ستدالل‪:‬‬
‫�أن النبي ‪ S‬كتب تعامله مع العداء‪ ،‬فدل على م�شروعية الكتابة‪.‬‬
‫‪2.2‬الإ�شهاد‪:‬‬
‫ب�أن ي�شهد على الدين من تقبل �شهادته‪ ،‬وهو و�سيلة لإثبات احلق‪.‬‬
‫واال�شهاد م�شروع بالكتاب‪ ،‬وال�سنة‪ ،‬والإجماع‪.‬‬
‫فمن الكتاب‪� :‬آية الدين ال�سابق ذكرها(‪.)2‬‬
‫وجه اال�ستدالل‪:‬‬
‫�أمر اهلل تعالى باال�ست�شهاد يف قوله (ﮉ ﮊ) (ﯨ‬
‫ﯩ ﯪ)‪ ،‬وهذا يدل �صراحة على م�شروعية الإ�شهاد‪.‬‬
‫من ال�سنة‪َ :‬عنْ �أَ ِبي َوا ِئ ٍل‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ق َال عبدُاهلل‪َ :‬‬
‫(منْ َح َل َف َع َلى يمَ ِ ٍني َي ْ�ست َِح ُّق‬
‫ِب َها َم اًال َل ِق َي اهلل َوهُ َو َع َل ْي ِه َغ�ضْ َبانُ ‪ُ ،‬ث َّم �أَ ْنزَ َل اهلل َت�صْ ِديقَ َذ ِل َك‪( :‬ﯭ ﯮ‬
‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ) [�آل عمران‪� ]77:‬إِ َلى (ﰆ ﰇ) [�آل عمران‪،]77:‬‬ ‫‪188‬‬
‫ُث َّم ِ�إنَّ الأَ�شْ َعثَ ْبنَ َق ْي ٍ�س َخ َر َج ِ�إ َل ْي َنا‪َ ،‬ف َق َال َما ُي َحدِّ ُث ُك ْم �أَ ُبو عبدال َّر ْح َم ِن‬
‫َف َح َّد ْث َنا ُه بمِ َ ا َق َال‪َ :‬ف َق َال َ�ص َد َق‪َ ،‬ل ِف َّي �أُ ْن ِز َل ْت َكانَ َب ْي ِني َو َبينْ َ َر ُج ٍل ُخ ُ�ص َوم ٌة‬
‫اك َ�أ ْو يمَ ِ ي ُنهُ» َف ُق ْل ُت‬ ‫اخت ََ�ص ْم َنا ِ�إ َلى َر ُ�س ِول اهلل ‪َ ،S‬ف َق َال‪َ :‬‬
‫«�ش ِاه َد َ‬ ‫فيِ َ�ش ْيءٍ ‪َ ،‬ف ْ‬
‫(((  �أخرجه الرتمذي واللفظ له يف �سننه (‪ ،)511/3‬كتاب البيوع‪ ،‬باب ما جاء يف كتابة ال�شروط‪ ،‬حديث رقم‬
‫(‪ ،)1216‬وابن ماجه يف �سننه (‪ ،)756/2‬كتاب التجارات‪ ،‬باب �شراء الرقيق‪ ،‬حديث رقم(‪،)2251‬‬
‫والبخاري تعلي ًقا يف �صحيحه (‪ ،)82/2‬كتاب البيوع‪ ،‬باب �إذا بينَّ البيعان ومل يكتما ون�صحا‪ ،‬قبل احلديث‬
‫رقم(‪ ،)2079‬وح�سنه الألباين يف �صحيح �سنن الرتمذي (‪ ،)5/2‬ويف م�شكاة امل�صابيح (‪.)868/2‬‬
‫((( �سورة البقرة‪ :‬الآية رقم (‪.)282‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫َلهُ‪�ِ :‬إ َّن ُه ِ�إ ًذا َي ْح ِل ُف َو اَل ُي َباليِ ‪َ ،‬ف َق َال ال َّن ِب ُّي ‪«َ :S‬منْ َح َل َف َع َلى يمَ ِ ٍني َي ْ�ست َِح ُّق‬
‫ِب َها َم اًال‪َ ،‬وهُ َو ِفي َها َف ِاج ٌر َل ِق َي اهلل َع َّز َو َج َّل َوهُ َو َع َل ْي ِه َغ�ضْ َبانُ ‪َ ،‬ف�أَ ْنزَ َل اهلل‬
‫َت�صْ ِديقَ َذ ِل َك ُث َّم اقْترَ َ �أَ َه ِذ ِه الآ َي َة»(‪.)1‬‬
‫وجه اال�ستدالل‪:‬‬
‫طلب النبي ‪ S‬من املدعي �إثبات حقه بال�شهود‪ ،‬مما يدل على م�شروعية‬
‫الإ�شهاد‪.‬‬
‫و من الإجماع‪� :‬أجمع العلماء على م�شروعية الإ�شهاد(‪.)2‬‬
‫‪3.3‬الرهن‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫عقد يراد به توثيق الدين‪ ،‬وهو م�شروع بالكتاب‪ ،‬وال�سنة‪ ،‬والإجماع‪.‬‬
‫فمن الكتاب‪ :‬قال اهلل تعالى‪( :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ‬
‫ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬
‫ﭵﭶ) [البقرة‪.]283:‬‬
‫وجه اال�ستدالل‪:‬‬
‫الآية �صريحة مب�شروعية الرهن‪.‬‬
‫‪189‬‬
‫ومن ال�سنة‪َ :‬عنْ َعا ِئ َ�ش َة ‪� :‬أَنَّ ال َّن ِب َّي ‪« S‬ا�شْترَ َى ِمنْ َي ُهو ِد ٍّي َط َع ًاما �إِ َلى‬
‫�أَ َج ٍل‪َ ،‬و َر َه َن ُه ِد ْر َعهُ»(‪.)3‬‬
‫((( رواه البخاري واللفظ له يف �صحيحه (‪ ،)259/2‬كتاب ال�شهادات‪ ،‬باب اليمني على املدعى عليه يف‬
‫الأموال واحلدود‪ ،‬حديث رقم(‪ ،)2669‬وم�سلم يف �صحيحه (‪ ،)123/1‬كتاب الأميان‪ ،‬باب وعيد من‬
‫اقتطع حق م�سلم بيمني فاجرة بالنار‪ ،‬حديث رقم(‪.)221‬‬
‫((( انظر‪ :‬املب�سوط (‪ ،)112/16‬االختيار لتعليل املختار(‪ ،)139/2‬التلقني (‪ ،)538 ،537/2‬تب�صرة احلكام‬
‫(‪ ،)164 ،163/1‬املهذب (‪ ،)323/2‬كفاية الأخيار (‪ ،)169/2‬الهداية لأبي اخلطاب (‪� ،)202/2‬شرح‬
‫الزرك�شي (‪.)300/7‬‬
‫((( رواه البخاري واللفظ له يف �صحيحه (‪ ،)210/2‬كتاب الرهن‪ ،‬باب من رهن درعه‪ ،‬حديث رقم(‪،)2509‬‬
‫وم�سلم يف �صحيحه (‪ ،)1226/3‬كتاب امل�ساقاة‪ ،‬باب الرهن وجوازه يف احل�ضر وال�سفر‪ ،‬حديث رقم(‪.)125‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫وجه اال�ستدالل‪:‬‬
‫�أن النبي ‪َ S‬ر َهنَ ‪ ،‬فدل فعله على م�شروعية الرهن‪.‬‬
‫الإجماع‪� :‬أجمعت الأمة على م�شروعية الرهن يف اجلملة (‪.)1‬‬
‫‪4.4‬ال�ضمان والكفالة‪:‬‬
‫وهما من العقود التي �شرعت لتوثيق احلقوق‪ ،‬وطم�أنة �صاحب املال على‬
‫ماله؛ لأن �صاحب احلق �إن مل يح�صل على حقه ممن عليه احلق‪ ،‬ا�ستطاع‬
‫احل�صول عليه من‪ :‬الكفيل‪� ،‬أو ي�ستطيع �إلزام الكفيل �أن يح�ضر املدين‪،‬‬
‫وبذلك يطمئن �صاحب احلق على عدم �ضياع حقه‪.‬‬
‫والكفالة م�شروعة بالكتاب‪ ،‬وال�سنة‪ ،‬والإجماع‪.‬‬
‫فمن الكتاب‪ :‬قول اهلل تعالى‪( :‬ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ) [يو�سف]‪.‬‬
‫وجه اال�ستدالل‪:‬‬
‫زعيم مبعنى �ضامن بحمل البعري‪ ،‬وهذا و�إن كان �شرع من قبلنا �إال �أنه‬
‫�شرع لنا؛ فقد جاء يف �شرعنا ما يوافقه‪.‬‬
‫ول‪�ِ « :‬إنَّ اهلل‬ ‫ول اهلل ‪َ S‬ي ُق ُ‬ ‫ومن ال�سنة‪ :‬عن �أَبي �أُ َم َام َة‪َ ،‬ق َال‪�َ :‬س ِم ْع ُت َر ُ�س َ‬
‫‪190‬‬
‫َع َّز َو َج َّل َق ْد �أَ ْع َطى ُك َّل ِذي َحقٍّ َح َّقهُ‪َ ،‬فلاَ َو ِ�ص َّي َة ِل َوا ِر ٍث‪َ ،‬و اَل ُت ْن ِفقُ المْ َرْ�أَ ُة َ�ش ْي ًئا‬
‫اك �أَ ْف َ�ض ُل‬ ‫الط َع َام‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ذ َ‬ ‫ول اهلل‪َ ،‬و اَل َّ‬ ‫ِمنْ َب ْي ِت َها ِ�إ اَّل ِب ِ�إ ْذ ِن َز ْو ِج َها‪َ ،‬ف ِق َيل‪َ :‬يا َر ُ�س َ‬
‫�أَ ْم َوا ِل َنا ُث َّم َق َال‪ :‬العارية ُم�ؤَ َّدا ٌة‪َ ،‬والمْ ِ ْن َح ُة َم ْردُو َد ٌة‪َ ،‬وال َّد ْينُ َم ْق ِ�ض ٌّي‪َ ،‬والز َِّع ُيم‬
‫َغا ِرم»(‪.)2‬‬
‫((( انظر‪ :‬حتفة الفقهاء (‪ ،)37/3‬تبيني احلقائق (‪ ،)62/6‬بداية املجتهد (‪ ،)272/2‬مواهب اجلليل‬
‫(‪ ،)2/5‬املهذب (‪ ،)305/1‬مغني املحتاج (‪ ،)121/2‬املغني (‪ ،)443/6‬املبدع (‪.)213/4‬‬
‫((( رواه �أبو داود واللفظ له يف �سننه (‪ ،)528 ،527/3‬كتاب البيوع والإجارات‪ ،‬باب يف ت�ضمني العارية‪،‬‬
‫حديث رقم(‪ ،)3565‬والرتمذي يف �سننه (‪ ،)556/2‬كتاب البيوع‪ ،‬باب ماجاء يف �أن العارية م�ؤداة‪= ،‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫وجه اال�ستدالل‪:‬‬
‫الزعيم مبعنى �ضمني‪ ،‬فبني احلديث �أن هذا ال�ضامن يغرم ما على‬
‫امل�ضمون عنه‪ ،‬وهذا يدل على م�شروعية ال�ضمان والكفالة‪.‬‬
‫ومن الإجماع‪� :‬أجمع العلماء على جواز الكفالة يف اجلملة(‪.)1‬‬
‫‪5.5‬حق احلب�س واالحتبا�س‪:‬‬
‫قد يحتاج الدائن �أن يتوثق حلقه‪ ،‬فيحب�س ما حتت يده‪ ،‬وميتنع من‬
‫ت�سليمه‪ ،‬حتى يت�سلم مقابلة؛ ومن ذلك‪ :‬حب�س البائع للمبيع حتى ي�ستوفى‬
‫ثمنه‪ ،‬وهذا مو�ضوع هذا البحث‪.‬‬

‫‪191‬‬

‫= حديث رقم(‪ ،)1265‬وابن ماجه يف �سننه (‪ ،)804/2‬كتاب ال�صدقات‪ ،‬باب الكفالة‪ ،‬حديث‬
‫رقم(‪.)2405‬‬
‫واحلديث �صحيح‪ ،‬انظر‪ :‬ن�صب الراية (‪ ،)57/4‬التلخي�ص احلبري (‪� ،)47/3‬صحيح �سنن �أبي داود‬
‫(‪ )680/2‬وقوله‪ :‬العارية م�ؤداة‪� :‬أي ت�ؤدى �إلى �صاحبها‪ ،‬واملنحة‪ :‬ما مينحه الرجل �صاحبه �أي يعطيه‬
‫من ذات در لي�شرب لبنها‪� ،‬أو �شجرة لي�أكل ثمرها‪� ،‬أو � ً‬
‫أر�ضا ليزرعها‪ .‬انظر‪ :‬عون املعبود �شرح �سنن �أبي‬
‫داود (‪.)478/9‬‬
‫((( انظر‪ :‬البحر الرائق (‪ ،)224/6‬االختيار لتعليل املختار(‪ ،)166/2‬بداية املجتهد (‪ ،)295/2‬منح اجلليل‬
‫(‪ ،)198/6‬رو�ضة الطالبني (‪ ،)473/3‬نهاية املحتاج (‪ ،)432/4‬املغني (‪ ،)71/7‬املبدع (‪.)248/4‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫املبحث الأول‬
‫حب�س املبيع على كامل الثمن‬

‫�إذا مت عقد البيع‪ ،‬فالأ�صل �أن يت�سلم امل�شرتي املبيع‪ ،‬ويت�سلم البائع‬
‫الثمن(‪.)1‬‬
‫ف�إذا توانى امل�شرتي عن ت�سليم الثمن‪ ،‬فهل يحق للبائع �أن يحب�س املبيع‬
‫حتى يت�سلم ثمنه؟‪.‬‬
‫هذا ما �س�أتكلم عنه يف هذا املبحث يف مطلبني‪:‬‬

‫املطلب الأول‬
‫حب�س املبيع مع كون البدلني نقدين �أو معينني‬

‫�إذا تبايع العاقدان نقدً ا بنقد كدنانري بدراهم �أو العك�س‪� ،‬أو تبايعا �سلعة‬
‫معينة بثمن معني‪ ،‬كما لو باعه هذا القلم بهذا الدينار‪� ،‬أو تبايعا �سلعة معينة‬
‫ب�سلعة معينة كما لو باعه بيتًا معي ًنا مبزرعة معينة‪ ،‬فهل للبائع حب�س املبيع‬ ‫‪192‬‬
‫حتى يت�سلم الثمن؟‪.‬‬
‫�إن تبايعا نقدً ا بنقد‪ ،‬فهذا هو ال�صرف‪ ،‬وقد اتفق الفقهاء على وجوب‬
‫التقاب�ض بينهما(‪ ،)2‬فال حب�س للمبيع هنا‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬الهداية للمريغناين (‪ ،)71/7‬تبيني احلقائق (‪ ،)14/4‬ال�شرح الكبري للدردير (‪ ،)147/3‬منح‬
‫اجلليل (‪ ،)235/5‬رو�ضة الطالبني (‪� ،)182 ،181/3‬شرح املحلى على املنهاج (‪ ،)218/2‬املحرر‬
‫(‪ ،)332/1‬ك�شاف القناع (‪.)239/3‬‬
‫((( انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع(‪ ،)183 /5‬حا�شية ابن عابدين(‪ ،)168/5‬مواهب اجلليل (‪� ،)300 /4‬شرح الزرقاين‬
‫(‪ ،)40 /3‬املهذب (‪ ،)271 ،270 /1‬الوجيز (‪ ،)136 /1‬املغني (‪ )62 ،61 /6‬املحرر (‪.)319 /1‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫عر�ضا بعر�ض‪ ،‬فقد اتفق الفقهاء على �أنه ال يلزم �أحد‬‫و�إن تبايعا ً‬
‫املتعاقدين بت�سليم ما بيده قبل الآخر(‪.)1‬‬
‫وا�ستدلوا مبا ي�أتي‪:‬‬
‫‪�1.1‬أن املبيع والثمن �إذا كانا عينني ف�إنهما ي�ستويان يف التعيني‪ ،‬فال حاجة‬
‫�إلى تقدمي �أحدهما يف الدفع(‪.)2‬‬
‫‪�2.2‬أن يف الت�سليم م ًعا حتقي ًقا للم�ساواة التي هي من مقت�ضى املعاو�ضات‬
‫املطلقة (‪.)3‬‬
‫‪�3.3‬إذا كان البدالن عر�ضني فكل منهما مبيع‪ ،‬وت�سليم املبيع م�ستحق‪،‬‬
‫ولي�س �أحدهما بتقدمي الت�سليم �أولى من الآخر في�سلمان م ًعا(‪.)4‬‬
‫عر�ضا بنقد معني‪ ،‬فاختلف الفقهاء يف مدى �إلزام �أحد‬ ‫و�إن تبايعا ً‬
‫العاقدين بت�سليم ما بيده على ثالثة �أقوال‪:‬‬
‫انظر‪ :‬مخت�صر القدوري (‪ ،)237/1‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)238/5‬الهداية للمريغناين (‪ ،)71/7‬مواهب‬ ‫(((‬
‫اجلليل (‪ ،)479/4‬ال�شرح الكبري للدردير (‪ ،)147/3‬منح اجلليل (‪ ،)235/5‬احلاوي (‪ ،)309/5‬رو�ضة‬
‫الطالبني (‪� ،)182 ،181/3‬شرح املحلى على املنهاج (‪ ،)218/2‬املغني (‪ ،)286/6‬الفروع (‪،)276/6‬‬
‫الإن�صاف (‪.)458/4‬‬
‫وان اختلفوا يف التف�صيالت‪:‬‬
‫حيث يرى احلنفية �أن املتبايعني ي�سلمان م ًعا‪.‬‬
‫ويرى املالكية �أنه ال يجرب �أحدهما على البدء يف الت�سليم‪ ،‬ويرتكان حتى ي�صطلحا‪ ،‬ف�إن كانا بح�ضرة‬
‫‪193‬‬ ‫حاكم و َّكل من يتولى القب�ض منهما وي�سلم لهما فيقب�ض من هذا يف وقت قب�ض هذا‪.‬‬
‫ولل�شافعية قوالن‪:‬‬
‫الأول‪� :‬أن احلاكم ي�أمرهما ب�إح�ضار ذلك �إلى جمل�سه‪ ،‬ف�إذا �أح�ضر �سلم الثمن �إلى البائع‪ ،‬واملبيع �إلى‬
‫امل�شرتي يبد�أ ب�أيهما �شاء‪� ،‬أو ي�أمرهما بالو�ضع عند عدل ليقب�ض منهما‪ ،‬وي�سلم �إليهما؛ وهذا هو‬
‫الأظهر عند ال�شافعية‪.‬‬
‫والثاين عندهم‪� :‬أنه ال يجرب احلاكم واحدً ا منهما‪ ،‬بل مينعهما من التخا�صم‪ ،‬ف�إذا �سلم �أحدهما ما‬
‫بيده �أجرب الآخر‪.‬‬
‫واحلنابلة يف املذهب عندهم يرون �أنه يجعل بينهما عدل ين�صبه احلاكم يقب�ض منهما ثم ي�سلم �إليهما‪.‬‬
‫انظر‪ :‬الهداية للمريغناين (‪ ،)71/7‬البناية يف �شرح الهداية (‪ ،)71/7‬مغني املحتاج (‪ ،)75/2‬نهاية‬ ‫(((‬
‫املحتاج (‪.)103/4‬‬
‫انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪.)238/5‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬املرجع ال�سابق‪.‬‬ ‫(((‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫القول الأول‪ :‬ال يجرب البائع على ت�سليم املبيع؛ وهذا يتخرج اً‬
‫قول للحنفية‪،‬‬
‫وقول للمالكية يف امل�شهور عندهم‪.‬‬ ‫اً‬
‫وقد خرجته على قولهم فيما �إذا كان الثمن اً‬
‫حال يف الذمة؛ وذلك‬
‫لأنهم يرون �أن النقود ال تتعني بالتعيني يف عقود املعاو�ضات‪ ،‬بل‬
‫تكون دي ًنا يف الذمة(‪.)1‬‬
‫القول الثاين‪ :‬يجرب البائع على ت�سليم املبيع؛ وهذا قول عند احلنابلة(‪.)2‬‬
‫وا�ستدلوا‪:‬‬
‫ب�أن الثمن ال يتعني بالتعيني‪ ،‬ف�أ�شبه غري املعني(‪.)3‬‬
‫القول الثالث‪ :‬لي�س �أحد املتبايعني �أولى من الآخر يف ابتداء الت�سليم؛‬
‫وهذا قول ال�شافعية ومذهب احلنابلة(‪.)4‬‬
‫وا�ستدلوا‪:‬‬
‫ب�أن حق البائع قد تعلق بعني الثمن‪ ،‬كما تعلق حق امل�شرتي بعني‬
‫املبيع فا�ستويا‪ ،‬وقد وجب لكل واحد منهما على الآخر حق قد‬
‫ا�ستحق قب�ضه‪ ،‬ف�أجرب كل واحد منهما على �إيفاء �صاحبه حقه(‪.)5‬‬
‫الرتجيح‪:‬‬ ‫‪194‬‬
‫الذي يرتجح يل �أن النقود تتعني بالتعيني يف الزمن القدمي؛ لأن الدنانري‬
‫�سي�أتي قولهم فيما �إذا كان الثمن اً‬
‫حال يف الذمة يف املبحث القادم‪ ،‬و�أما قولهم ب�أن النقود ال تتعني‬ ‫(((‬
‫بالتعيني‪ ،‬فانظره يف‪ :‬املب�سوط (‪ ،)15 /14‬حتفة الفقهاء (‪ ،)38 /2‬البحر الرائق (‪ ،)186 /5‬املنتقى‬
‫�شرح املوط�أ (‪ ،)268/4‬الفروق (‪ ،)255 /3‬حا�شية الد�سوقي (‪.)155 /3‬‬
‫انظر‪ :‬املغني (‪ ،)286/6‬ال�شرح الكبري البن قدامة (‪ ،)402/2‬الإن�صاف (‪.)458/4‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬املغني (‪.)287/6‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬احلاوي (‪ ،)309/5‬رو�ضة الطالبني (‪� ،)182 ،181/3‬شرح املحلى على املنهاج (‪ ،)218/2‬املغني‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)286/6‬الفروع (‪ ،)275/6‬الإن�صاف (‪.)458/4‬‬
‫انظر‪ :‬املغني (‪ ،)287 /6‬ال�شرح الكبري البن قدامة (‪ ،)402/2‬ك�شاف القناع (‪.)239/3‬‬ ‫(((‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫والدراهم يف القدمي لتعيينها ق�صد‪ ،‬ففيها الرديء واجليد‪ ،‬وامل�شوب‬


‫واخلال�ص‪ ،‬و�أما يف زمننا فهذه االحتماالت غري موجودة‪ ،‬ومن ثم فالراجح‬
‫�أن النقود ال تتعني بالتعيني يف ع�صرنا احلا�ضر‪ ،‬ما مل ي�شرتط �أحدهما ذلك‪.‬‬
‫و�إذا قيل بعدم تعينها‪ ،‬ف�إنها تكون دي ًنا يف الذمة‪ ،‬و�سي�أتي الكالم عن‬
‫ذلك يف املبحث القادم‪.‬‬

‫املطلب الثاين‬
‫حب�س املبيع مع كونه عي ًنا‪ ،‬والثمن يف الذمة‬
‫�إذا تبايعا عي ًنا بثمن يف الذمة‪ ،‬فال يخلو هذا الثمن �إما �أن يكون اً‬
‫حال‪،‬‬
‫�أو م�ؤجلاً �أو يكون بع�ضه اً‬
‫حال وبع�ضه م�ؤجلاً ‪ ،‬وهذا ما �أتكلم عنه يف �أربع‬
‫م�سائل‪:‬‬

‫امل�س�ألة الأولى‬
‫حب�س املبيع مع كون الثمن م�ؤجل‬
‫�إذا باع �سلع ًة حا�ضر ًة بثمن م�ؤجل‪ ،‬فهل يحق له �أن يحب�س املبيع �إلى �أن‬
‫‪195‬‬ ‫يت�سلم الثمن؟‪.‬‬
‫اختلف الفقهاء يف �أحقية البائع حب�س العني املباعة �إلى ت�سلم ثمنها‬
‫امل�ؤجل على قولني‪:‬‬
‫القول الأول‪ :‬للبائع �أن يحب�س العني املباعة �إلى حلول الأجل‪ ،‬وهذا قول‬
‫عند احلنابلة(‪.)1‬‬
‫و مل �أجد لهم دليلاً ‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬الإن�صاف (‪)460/4‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫القول الثاين‪ :‬لي�س للبائع �أن يحب�س العني املباعة �إذا كان الثمن م�ؤجلاً ؛‬
‫وهذا قول جماهري العلماء من احلنفية‪ ،‬واملالكية‪ ،‬وال�شافعية‪،‬‬
‫وهو ال�صحيح من مذهب احلنابلة(‪.)1‬‬
‫وا�ستدلوا‪:‬‬
‫‪�1.1‬أن البائع ي�ستحق حب�س العني حتقي ًقا للم�ساواة بينه وبني امل�شرتي‪،‬‬
‫ف�إذا ر�ضي بت�أجيل الثمن انتفت امل�ساواة فينتفي هذا احلق(‪.)2‬‬
‫‪�2.2‬أن حق حب�س املبيع �إمنا يثبت للبائع اذا ثبت له حق املطالبة‬
‫بالثمن‪ ،‬وعند ت�أجيل الثمن لي�س للبائع املطالبة به في�سقط حقه‬
‫يف احلب�س(‪.)3‬‬
‫والراجح هو القول الثاين؛ لقوة ما ا�ستدلوا به‪.‬‬

‫امل�س�ألة الثانية‬
‫حب�س املبيع مع كون الثمن حال‬

‫�إذا باع �سلع ًة بثمن يف الذمة‪ ،‬وهذا الثمن حال غري م�ؤجل‪ ،‬فهل للبائع �أن‬
‫يحب�س املبيع من �أجل ت�سلم الثمن؟‬
‫اختلف الفقهاء يف ا�ستحقاق البائع حب�س املبيع ال�ستيفاء ثمنه احلال‬ ‫‪196‬‬
‫على �أقوال‪:‬‬
‫((( انظر‪ :‬املب�سوط‪ ،)192/13( :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)249/5‬املحيط الربهاين (‪� ،)282/6‬شرح اخلر�شي‬
‫على خليل (‪ ،)159/5‬منح اجلليل (‪ ،)233/5‬ال�شرح الكبري للدردير (‪ ،)146/3‬حا�شية العدوي‬
‫على اخلر�شي (‪ )158/5‬الو�سيط (‪ ،)22/4‬العزيز �شرح الوجيز (‪ ،)483 ،484/8‬رو�ضة الطالبني‬
‫(‪� ،)183/3‬شرح املحلى على املنهاج (‪ ،)219/2‬الفروع (‪ )275/6‬املبدع (‪ ،)115/4‬الإن�صاف‬
‫(‪.)60/4‬‬
‫((( انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)249/5‬املحيط الربهاين (‪ ،)282/6‬رو�ضة الطالبني (‪ ،)183/3‬الإقناع يف‬
‫حل �ألفاظ �أبي �شجاع (‪.)9/2‬‬
‫((( انظر‪ :‬املب�سوط (‪.)192 /13‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫القول الأول‪ :‬لي�س للبائع حق حب�س املبيع ال�ستيفاء ثمنه احلال؛ وهذا‬
‫مذهب احلنابلة(‪.)1‬‬
‫وا�ستدلوا مبا ي�أتي‪:‬‬
‫‪�1.1‬أن ت�سليم املبيع يتعلق به ا�ستقرار البيع ومتامه‪ ،‬فكان تقدميه �أولى(‪.)2‬‬
‫ويناق�ش‪ :‬ب�أن ا�ستقرار البيع ال بد �أن يكون بر�ضا العاقدين‪ ،‬والبائع‬
‫�إمنا باع على �أن يقب�ض الثمن يف جمل�س العقد‪.‬‬
‫‪�2.2‬أن حق امل�شرتي تعلق بعني املبيع‪ ،‬وحق البائع تعلق بالذمة‪ ،‬وتقدمي‬
‫ما تعلق بالعني �أولى‪ ،‬كتقدمي حق املرتهن الذي له دين به رهن‬
‫على �سائر الغرماء‪ ،‬الذين ديونهم مطلقة‪ ،‬لي�س بها رهن(‪.)3‬‬
‫ويناق�ش‪ :‬تعلق حق امل�شرتي �إمنا هو بدفعه للثمن‪ ،‬ف�إن البائع مل‬
‫ير�ض �أن يبذل املبيع �إال بثمن يقب�ضه‪.‬‬
‫والقيا�س على الدين الذي به رهن قيا�س مع الفارق؛ وذلك �أن‬
‫الرهن ال تتعلق به م�صلحة عقد الرهن‪ ،‬والت�سليم ها هنا يتعلق به‬
‫م�صلحة عقد البيع(‪.)4‬‬
‫ويقال � ً‬
‫أي�ضا‪� :‬أن املرتهن مل يقبل �أن ي�سلم ما عليه �إال بعد �أن وثق‬
‫‪197‬‬ ‫من ح�صوله على ما يقابله بالرهن‪� ،‬أما يف م�س�ألتنا فلي�س للبائع‬
‫ما يوثق به ح�صوله على الثمن �إال بحب�س املبيع‪.‬‬
‫‪3.3‬البائع ملك الت�صرف يف الثمن احلال بدليل �أنه ي�شرتي به ما‬
‫انظر‪ :‬ر�ؤو�س امل�سائل اخلالفية (‪ ،)607/1‬املغني (‪ ،)286 ،188/6‬الرعاية (‪ ،)642/1‬املحرر‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)333/1‬الفروع (‪ ،)275/6‬املبدع (‪ ،)115/4‬الإن�صاف (‪ ،)458/4‬مطالب �أويل النهى (‪.)141/3‬‬
‫انظر‪ :‬املغني (‪.)286/6‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬املغني (‪ ،)287 ،286/6‬ال�شرح الكبري البن قدامة (‪ ،)402/2‬املبدع (‪ ،)115/4‬ك�شاف القناع‬ ‫(((‬
‫(‪.)240/3‬‬
‫انظر‪ :‬املغني (‪.)287 /6‬‬ ‫(((‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫�أراد‪ ،‬ويحيل به ويهبه ف�صار كما لو قب�ضة‪ ،‬ولو قب�ضة �أجرب على‬
‫ت�سليم املبيع(‪.)1‬‬
‫ويناق�ش‪� :‬أن جمرد ملك الت�صرف بالثمن ال ي�ستوي مع قب�ضه‬
‫يف طم�أنة البائع يف احل�صول على ثمن املبيع؛ �إذ ميكن �أن ميلك‬
‫الت�صرف‪ ،‬وال يت�صرف حتى يفل�س امل�شرتي بعد �أن باع املبيع‪،‬‬
‫ومن ثم لن يح�صل على الثمن وال على املبيع‪.‬‬
‫�أما �إن ت�صرف بالثمن ب�أن ا�شرتى به �أو �أحال به �أو وهبه‪ ،‬ف�إنه‬
‫حينئذ ك�أنه قب�ضه‪ ،‬ومن ثم يلزمه ت�سليم املبيع‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬التف�صيل‪ :‬في�ستحق البائع حب�س املبيع يف حالتني‪:‬‬
‫الأولى‪� :‬إذا خاف فوت الثمن بعد الت�سليم‪.‬‬
‫الثانية‪� :‬إذا كان البائع نائ ًبا عن غريه‪ :‬كالوكيل‪ ،‬وناظر الوقف‪،‬‬
‫واحلاكم يف بيع �أموال املفل�س‪ ،‬وعامل القرا�ض‪.‬‬
‫وال ي�ستحق حب�س املبيع يف ما عدا ذلك‪ ،‬وهذا مذهب ال�شافعية(‪.)2‬‬
‫على اختالف عندهم يف التف�صيل(‪ )3‬وا�ستدلوا على �أنه له حب�س املبيع‪:‬‬
‫((( انظر‪ :‬ر�ؤو�س امل�سائل اخلالفية (‪.)607/1‬‬
‫((( انظر‪ :‬احلاوي (‪ ،)307/5‬بحر املذهب (‪ ،)18 ،19/5‬العزيز �شرح الوجيز (‪ )483-480/8‬رو�ضة‬
‫الطالبني (‪ )183/3‬حتفة املحتاج (‪ ،)421 ،423/4‬مغني املحتاج (‪ ،)31/2‬نهاية املحتاج (‪،459/3‬‬ ‫‪198‬‬
‫‪.)103 ،105 /4‬‬
‫((( حيث اختلفوا يف ما �إذا مل يخف البائع فوت الثمن بعد الت�سليم ومل يكن نائ ًبا‪ ،‬هل يجرب على الت�سليم �أو ال؟‬
‫القول الأول‪ :‬يجرب البائع على الت�سليم؛ وهذا هو الأظهر من مذهب ال�شافعية‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬احلاكم يجرب البائع وامل�شرتي على �إح�ضار ما ب�أيديهما‪ ،‬فيقب�ض منهما ثم ي�سلمهما م ًعا‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬احلاكم ين�صب اً‬
‫عدل يقب�ض منهما ثم ي�سلمهما م ًعا‪.‬‬
‫القول الرابع‪ :‬ال يجربان‪ ،‬ويدعهما احلاكم‪ ،‬ومينعهما من التخا�صم‪ ،‬ف�إن تطوع �أحدهما يدفع ما بيده‬
‫�أجرب الآخر على دفع مقابلة‪.‬‬
‫ويرى بع�ض ال�شافعية �أن القول الثاين والثالث قول واحد‪ ،‬وكما ذكر ذلك الروياين يف بحر املذهب‪ ،‬وكما �صنع‬
‫ذلك النووي يف رو�ضة الطالبني‪ ،‬ومنع املاوردي يف احلاوي كونهما اً‬
‫قول واحدًا‪ ،‬ور�أى �أنهما قوالن مختلفان‪.‬‬
‫انظر‪ :‬التف�صيالت مع الأدلة يف‪ :‬احلاوي (‪ ،)308 ،307 /5‬بحر املذهب (‪ ،)19 ،18 /5‬العزيز �شرح‬
‫الوجيز (‪ 480 /8‬ـ‪ ،)483‬رو�ضة الطالبني (‪ ،)181/3‬حتفة املحتاج (‪ ،)423 420/4‬مغني املحتاج‬
‫(‪ ،)75 ،74 ،34/2‬نهاية املحتاج (‪ ،)103 ،102/4( ،)459 /3‬حا�شية ال�شربامل�سي (‪.)103 /4‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫ب�أن البيع عقد معاو�ضة يقت�ضي حفظ العو�ض‪ ،‬فحب�س البائع للمبيع‬
‫من �أجل ت�سلم العو�ض من مقت�ضيات العقد‪ ،‬و�إجباره مع خوفه من‬
‫عدم ت�سلم الثمن فيه �ضرر ظاهر عليه(‪.)1‬‬
‫وا�ستدلوا على �أنه لي�س له حب�س املبيع يف غري احلالتني امل�شار �إليهما‬
‫�آنفا مبا ي�أتي‪:‬‬
‫‪�1.1‬أن البائع قد �أقر �أن ال�سلعة مملوكة للم�شرتي‪ ،‬فال يجوز �أن يحب�س‬
‫عليه ملكه(‪.)2‬‬
‫ويناق�ش‪ :‬ب�أن امل�شرتي �إمنا ملكها بعو�ض‪ ،‬وهذا العو�ض مل ي�سلمه‪،‬‬
‫فيخ�شى من فوته‪ ،‬فحب�س البائع مللك امل�شرتي مقابل بحب�س‬
‫امل�شرتي للثمن‪.‬‬
‫‪2.2‬املبيع معني والثمن يف الذمة غري معني‪ ،‬وما تعلق بالأعيان �أحق‬
‫بالتقدمي مما يثبت يف الذمم‪ ،‬كالرهن يف �أموال املفل�س(‪.)3‬‬
‫وقد �سبقت مناق�شته يف �أدلة القول الأول‪.‬‬
‫‪3.3‬ا�ستقرار العقد معترب بوجود القب�ض‪ ،‬وملك امل�شرتي للمبيع غري‬
‫م�ستقر فوجب �إجبار البائع على ت�سليمه لي�ستقر العقد به(‪.)4‬‬
‫وقد �سبقت مناق�شته يف �أدلة القول الأول‪.‬‬
‫‪199‬‬
‫‪4.4‬البائع يقدر على الت�صرف يف الثمن قبل قب�ضه‪ ،‬وينفذ ت�صرفه‬
‫فيه باحلوالة‪ ،‬وله �أن يعتا�ض عنه‪ ،‬وامل�شرتي ال يقدر على ذلك يف‬
‫املبيع �إال بقب�ضه‪ ،‬ف�أجرب البائع عليه ليت�ساويا فيه(‪ ،)5‬وقد �سبقت‬
‫مناق�شته يف �أدلة القول الأول‪.‬‬
‫انظر‪ :‬احلاوي (‪ ،)307 /5‬مغني املحتاج (‪.)75 ،34 /2‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬بحر املذهب (‪.)19/5‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬احلاوي (‪ ،)307/5‬بحر املذهب (‪ ،)19/5‬مغني املحتاج (‪.)74/2‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬احلاوي (‪ ،)308/5‬حتفة املحتاج (‪ ،)420/4‬نهاية املحتاج (‪.)103/4‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬احلاوي (‪ ،)308/5‬حتفة املحتاج (‪ ،)420/4‬نهاية املحتاج (‪ ،)103/4‬حا�شية ال�شربامل�سي (‪.)103/4‬‬ ‫(((‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫القول الثالث‪ :‬للبائع حب�س املبيع من �أجل ت�سلم ثمنه؛ وهذا قول احلنفية‪،‬‬
‫واملالكية‪ ،‬وقول عند ال�شافعية‪ ،‬وقول عند احلنابلة(‪.)1‬‬
‫وا�ستدلوا‪:‬‬
‫ول‪�ِ ( :‬إنَّ اهلل َع َّز‬ ‫ول اهلل ‪َ S‬ي ُق ُ‬ ‫‪1.1‬عن �أَبي �أُ َم َام َة‪َ ،‬ق َال‪�َ :‬س ِم ْع ُت َر ُ�س َ‬
‫َو َج َّل َق ْد �أَ ْع َطى ُك َّل ِذي َحقٍّ َح َّقهُ‪َ ،‬فلاَ َو ِ�ص َّي َة ِل َوا ِر ٍث‪َ ،‬و اَل ُت ْن ِفقُ المْ َر َْ�أ ُة‬
‫الط َع َام‪،‬‬ ‫ول اهلل‪َ ،‬و اَل َّ‬ ‫َ�ش ْي ًئا ِمنْ َب ْي ِت َها ِ�إ اَّل ِب ِ�إ ْذ ِن َز ْو ِج َها‪َ ،‬ف ِق َيل‪َ :‬يا َر ُ�س َ‬
‫اك �أَ ْف َ�ض ُل َ�أ ْم َوا ِل َنا ُث َّم َق َال‪ :‬العارية ُم�ؤَ َّدا ٌة‪َ ،‬والمْ ِ ْن َح ُة َم ْردُو َد ٌة‪،‬‬ ‫َق َال‪َ :‬ذ َ‬
‫َوال َّد ْينُ َم ْق ِ�ض ٌّي‪َ ،‬والز َِّع ُيم َغا ِرم)(‪.)2‬‬
‫عاما �أو‬ ‫وجه اال�ستدالل‪ :‬و�صف النبي ‪ S‬الدين بكونه مق�ض ًّيا ً‬
‫مطل ًقا‪ ،‬فلو ت�أخر ت�سليم الثمن عن ت�سليم املبيع مل يكن هذا الدين‬
‫مق�ض ًّيا‪ ،‬وهذا خالف الن�ص(‪.)3‬‬
‫‪2.2‬ما روي عن النبي ‪� S‬أنه قال‪« :‬ثالث ال ي�ؤخرن‪ :‬اجلنازة �إذا ح�ضرت‪،‬‬
‫والأمي �إذا وجدت لها كف�ؤا‪ ،‬والدين �إذا وجدت ما يق�ضيه»(‪.)4‬‬
‫وجه اال�ستدالل‪ :‬تقدمي ت�سليم املبيع يرتتب عليه ت�أخري الدين وهو‬
‫منفي بظاهر الن�ص(‪.)5‬‬
‫انظر‪ :‬مخت�صر القدوري (‪ ،)236/1‬املب�سوط (‪ ،)192/13‬بدائع ال�صنائع (‪ )237 ،249/5‬املحيط‬ ‫(((‬
‫الربهاين (‪ )282/6‬فتح القدير (‪ )496/5‬حا�شية ابن عابدين (‪ ،)561/4‬املدونة (‪ ،)124/3‬الإ�شراف‬ ‫‪200‬‬
‫على م�سائل اخلالف (‪ ،)111/2‬البيان والتح�صيل (‪ )145 ،146/4‬الذخرية (‪ ،)333/5 ،368/4‬القوانني‬
‫الفقهية (‪ ،)164‬حا�شية الد�سوقي (‪ ،)147/3‬بحر املذهب (‪ )19/5‬رو�ضة الطالبني (‪ ،)181/3‬حتفة‬
‫املحتاج (‪ ،)420/4‬مغني املحتاج (‪ ،)74/2‬نهاية املحتاج (‪ ،)103/4‬ر�ؤو�س امل�سائل اخلالفية (‪،)607/1‬‬
‫املغني (‪ ،)287/6‬الرعاية (‪ ،)642/1‬املحرر (‪ ،)333/1‬الفروع (‪ )275/6‬الإن�صاف (‪.)458/4‬‬
‫�سبق تخريجه‪.‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪.)249/5‬‬ ‫(((‬
‫هكذا �أورده الكا�ساين يف بدائع ال�صنائع (‪ ،)249/5‬ومل �أجده بهذا الن�ص‪ ،‬والذي وجدته ما رواه �أحمد‬ ‫(((‬
‫يف امل�سند (‪ ،)197/2‬حديث رقم (‪ )828‬بلفظ‪( :‬ثالثة يا علي ال ت�ؤخرهنّ ‪ ،‬ال�صالة �إذا �آنت‪ ،‬واجلنازة‬
‫�إذا ح�ضرت‪ ،‬والأمي �إذا وجدت كف�ؤا)‪ ،‬ورواه الرتمذي يف �سننه (‪� ،)320/1‬أبواب ال�صالة‪ ،‬باب ما‬
‫جاء يف الوقت الأول من الف�ضل‪ ،‬حديث رقم (‪ ،)171‬واحلديث �ضعيف‪ ،‬انظر‪ :‬ن�صب الراية (‪،244/1‬‬
‫‪ ،)196/3‬التلخي�ص احلبري (‪� ،)186/1‬ضعيف �سنن الرتمذي (‪.)18/1‬‬
‫انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪.)249/5‬‬ ‫(((‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫ويناق�ش‪ :‬ب�أن جملة «والدين �إذا وجدت ما يق�ضيه»‪ ،‬وهي محل‬


‫ال�شاهد ال توجد يف كتب ال�سنة‪.‬‬
‫‪�3.3‬أن حق امل�شرتي مت ّعني يف املبيع قبل �أن يت�سلمه‪ ،‬بينما حق البائع‬
‫يف الثمن ال يتعني بت�سلمه �إياه‪ ،‬فيجرب امل�شرتي على دفع الثمن‬
‫ليت�ساويا يف تعني حق كل منهما(‪.)1‬‬
‫‪4.4‬البائع �إمنا ر�ضي ببذل املبيع بالثمن‪ ،‬فال يلزمه دفعه قبل ح�صول‬
‫عو�ضه(‪.)2‬‬
‫‪5.5‬املتعاقدان �سواء يف املعار�ضة‪ ،‬فيجب �أن يت�ساويا يف الت�سليم(‪.)3‬‬
‫‪6.6‬القيا�س على املرتهن‪ ،‬حيث ال يلزمه ت�سليم الرهن حتى يقب�ض‬
‫الدين(‪.)4‬‬
‫الرتجيح‪:‬‬
‫يرتجح واهلل �أعلم القول ب�أن البائع له حب�س املبيع حتى يت�سلم ثمنه؛ لقوة‬
‫ما ا�ستدلوا به‪ ،‬وملناق�شة �أدلة القول املرجوح مبا يكفي لإ�ضعافها‪.‬‬

‫امل�س�ألة الثالثة‬
‫‪201‬‬
‫حب�س املبيع مع كون الثمن م�ؤجلاً وحل قبل الت�سليم‬
‫�إذا كان الثمن م�ؤجلاً فقد �سبق �أن البائع ال ميلك حق حب�س املبيع عند‬
‫جماهري العلماء‪ ،‬ف�إن كان م�ؤجلاً ثم حل قبل الت�سليم‪ ،‬كما لو اتفقا على �أن‬
‫انظر‪ ،:‬املب�سوط (‪ ،)192/13‬بدائع ال�صنائع (‪ )249/5‬املحيط الربهاين (‪ )282/6‬فتح القدير‬ ‫(((‬
‫(‪ )496/5‬حتفة املحتاج (‪ ،)420/4‬مغني املحتاج (‪ ،)74/2‬نهاية املحتاج (‪.)103/4‬‬
‫انظر‪ :‬املغني (‪.)287/6‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬املرجع ال�سابق‪.‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬بحر املذهب (‪ ،)19/5‬املغني (‪ ،)286/6‬حا�شية الد�سوقي (‪.)147/3‬‬ ‫(((‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫ي�سلمه الثمن بعد �شهر ومل يقب�ض امل�شرتي املبيع حتى م�ضى ال�شهر‪ ،‬فهل‬
‫يحق للبائع �أن ميتنع من ت�سليم املبيع بحجة �أنه �أ�صبح اً‬
‫حال ال �أجل فيه؟‪.‬‬
‫اختلف الفقهاء يف حق البائع يف حب�س املبيع �إذا كان الثمن م�ؤجلاً ‪ ،‬وحل‬
‫قبل الت�سليم على قولني‪:‬‬
‫القول الأول‪ :‬له حق حب�س املبيع؛ وهذا قول عند املالكية‪ ،‬وقول عند‬
‫ال�شافعية‪ ،‬ويتخرج اً‬
‫قول عند احلنابلة (‪.)1‬‬
‫قول عند احلنابلة بناء على قول عندهم ب�أن للبائع‬‫و قد خرجته اً‬
‫حب�س املبيع على ثمنه‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى قول عندهم يف �أن للمر�أة‬
‫منع نف�سها حتى تقب�ض مهرها امل�ؤجل‪ ،‬الذي حل قبل الت�سليم(‪.)2‬‬
‫ومل �أجد دليلاً ‪ ،‬وي�ستدل لهم‪ :‬ب�أن الأجل الذي من �أجله منع البائع‬
‫من حب�س املبيع انتهى‪ ،‬ف�أ�صبح اً‬
‫حال‪ ،‬فت�ساوى اجلانبان البائع‬
‫وامل�شرتي‪ ،‬و�إذا ت�ساويا كان للبائع حق احلب�س‬
‫و يناق�ش‪ :‬ب�أنه يف الثمن امل�ؤجل حق امل�شرتي بقب�ض املبيع ثابت‬
‫دون حق البائع يف احلب�س‪ ،‬فكون امل�شرتي ت�أخر يف ا�ستيفاء حقه‬
‫ال ين�شئ ذلك ح ًّقا جديدً ا للبائع‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬لي�س له حق حب�س املبيع؛ وهذا قول احلنفية‪ ،‬وقول املالكية‪،‬‬ ‫‪202‬‬
‫واملذهب عند ال�شافعية‪ ،‬ومقت�ضى مذهب احلنابلة(‪.)3‬‬
‫((( انظر‪� :‬شرح اخلر�شي على خليل (‪ ،)159/5‬حا�شية العدوي على اخلر�شي (‪� ،)158/5‬شرح املحلى على‬
‫املنهاج (‪� )219/2‬أ�سنى املطالب (‪.)90/2‬‬
‫((( انظر‪ :‬املغني (‪ ،)352/8‬املبدع (‪.)176/7‬‬
‫((( انظر‪ :‬املب�سوط (‪ ،)192/13‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)249/5‬درر احلكام (‪� ،)225/1‬شرح اخلر�شي على‬
‫خليل (‪ ،)159/5‬حا�شية العدوي على اخلر�شي (‪ ،)158/5‬العزيز �شرح الوجيز (‪ ،)484/8‬رو�ضة‬
‫الطالبني (‪� ،)183/3‬شرح املحلى على املنهاج (‪� ،)219/2‬أ�سنى املطالب (‪ ،)90/2‬مغني املحتاج‬
‫(‪ ،)75/2‬الإقناع يف حل �ألفاظ �أبي �شجاع(‪ ،)9/2‬ر�ؤو�س امل�سائل اخلالفية (‪ ،)607/1‬املغني (‪،188/6‬‬
‫‪ ،)286‬الرعاية (‪ .)642/1‬وقلت ب�أنه مقت�ضى مذهب احلنابلة؛ لأنهم ال يرون للبائع ح ًّقا يف حب�س املبيع‪،‬‬
‫ولو كان اً‬
‫حال‪ ،‬فال يثبت �إذا كان م�ؤجلاً وحل قبل الت�سليم‪.‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫وا�ستدلوا‪ :‬ب�أن البائع �أ�سقط حقه يف احلب�س بر�ضاه بت�سليم املبيع‬


‫دون قب�ض الثمن‪ ،‬وال�ساقط ال يعود(‪.)1‬‬
‫يثبت �إذا كان م�ؤجلاً وحل قبل الت�سليم‪.‬‬
‫الرتجيح‪:‬‬
‫الراجح القول الثاين ب�أنه ال يحق له احلب�س؛ لقوة ما ا�ستدلوا به‪ ،‬وملناق�شة‬
‫ما ميكن �أن ي�ستدل به للمخالف مبا يكفي لإ�ضعافه‪.‬‬

‫امل�س�ألة الرابعة‬
‫حب�س املبيع مع كون بع�ض الثمن حالاً وبع�ضه م�ؤجلاً‬

‫تبني لنا �ساب ًقا �أن جماهري العلماء على �أن البائع ال ي�ستحق حب�س املبيع‬
‫من �أجل ت�سلم ثمنه �إذا كان الثمن م�ؤجلاً ‪.‬‬
‫كما تبني لنا من ذكر خالف الفقهاء يف ا�ستحقاق البائع حب�س املبيع من‬
‫�أجل ت�سلم ثمنه �إذا كان اً‬
‫حال �أن مذهب احلنابلة عدم ا�ستحقاق البائع حب�س‬
‫املبيع على ثمنه‪ ،‬وهو مذهب ال�شافعية �إذا مل يخف البائع فوت الثمن‪ ،‬ومل‬
‫يكن نائ ًبا عن غريه‪.‬‬
‫‪203‬‬
‫بينما يرى احلنفية واملالكية وقول عند ال�شافعية وقول عند احلنابلة‪� :‬أن‬
‫البائع له احلق يف حب�س املبيع على ثمنه احلال‪.‬‬
‫ف�إن كان بع�ض الثمن اً‬
‫حال وبع�ضه م�ؤجلاً ‪ ،‬فهل يحق البائع حب�س املبيع‬
‫من �أجل ت�سلم الثمن يف احلال؟‪.‬‬
‫حال وبع�ضه‬‫�صرح احلنفية ب�أن للبائع حق احلب�س �إذا كان بع�ض الثمن اً‬
‫((( انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)249/5‬حا�شية العدوي على اخلر�شي (‪.)158/5‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫م�ؤجلاً ؛ قال يف املحيط الربهاين (و لو كان بع�ض الثمن اً‬


‫حال وبع�ضة م�ؤجلاً‬
‫فله حب�سه حتى ي�ستوفى احلال اعتبا ًرا للبع�ض بالكل)(‪.)1‬‬
‫ت�صريحا يف هذه امل�س�ألة‪ ،‬وميكن تخريج قول لهم ب�أن‬
‫ً‬ ‫ومل �أجد للمالكية‬
‫حال‪ ،‬وقد خرجته اً‬
‫قول لهم على املذهب‬ ‫له حب�س املبيع �إذا كان بع�ض الثمن اً‬
‫عندهم ب�أن املرتهن له حب�س الرهن حتى يقب�ض كامل الثمن(‪.)2‬‬
‫و�أما ال�شافعية فريون يف املذهب عندهم �أن البائع لي�س له حب�س املبيع‬
‫�إذا مل يخف فوت الثمن‪ ،‬ومل يكن نائ ًبا عن غريه‪� ،‬سواء كان اً‬
‫حال �أو م�ؤجلاً ؛‬
‫وبناء عليه‪ ،‬فيمكن القول ب�أنهم ال يرون ا�ستحقاق البائع حلب�س املبيع �إذا‬
‫كان بع�ضه اً‬
‫حال وبع�ضة م�ؤجلاً ‪.‬‬
‫ف�إن خاف البائع فوت الثمن �أو كان نائ ًبا عن غريه‪ ،‬فيمكن تخريج قول‬
‫حال‪ ،‬وقد خرجته اً‬
‫قول لهم على‬ ‫لهم ب�أن له حب�س املبيع �إذا كان بع�ض الثمن اً‬
‫قولهم ب�أن للمر�أة منع نف�سها حتى تقب�ض مهرها احلال‪ ،‬ولو كان بع�ضه اً‬
‫حال‬
‫وبع�ضه م�ؤجل(‪.)3‬‬
‫و ميكن القول ب�أن احلنابلة يف املذهب عندهم ال يرون ا�ستحقاق البائع‬
‫حلب�س املبيع �إذا كان بع�ضه اً‬
‫حال وبع�ضة م�ؤجلاً ؛ بناء على قولهم يف عدم‬
‫ا�ستحقاق البائع حب�س املبيع �سواء كان اً‬
‫حال �أو م�ؤجل(‪.)4‬‬ ‫‪204‬‬
‫(‪ ،)282/6‬وانظر‪ :‬الفتاوى الهندية (‪ ،)15/3‬درر احلكام (‪.)225/1‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬بداية املجتهد (‪ ،)275/2‬التفريع (‪ ،)266/2‬التلقني (‪ ،)418/2‬ال�شرح الكبري للدردير‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)257/3‬منح اجلليل (‪ ،)486/5‬حا�شية الد�سوقي (‪.)257/3‬‬
‫انظر‪ :‬احلاوي (‪ ،)307/5‬بحر املذهب (‪ ،)18 ،19/5‬الو�سيط (‪ ،)22/4‬العزيز �شرح الوجيز (‪،484/8‬‬ ‫(((‬
‫‪ ،)483‬رو�ضة الطالبني (‪� ،)183/3‬شرح املحلى على املنهاج (‪ ،)219/2‬حتفة املحتاج (‪،)421 ،423/4‬‬
‫مغني املحتاج (‪.)31/2‬‬
‫وانظر‪ :‬قولهم يف منع املر�أة نف�سها حتى تقب�ض مهرها يف‪ :‬احلاوي (‪ ،)530/9‬عمدة ال�سالك (‪،)207‬‬
‫رو�ضة الطالبني (‪ ،)83/5‬حتفة املحتاج (‪ ،)379/7‬مغني املحتاج (‪ ،)222/3‬نهاية املحتاج (‪،)338/6‬‬
‫زاد املحتاج (‪.)281/3‬‬
‫انظر‪ :‬املغني (‪ ،)286/6‬املحرر (‪ ،)333/1‬الفروع (‪.)275/6‬‬ ‫(((‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫و مما �سبق ميكن �أن نذكر خال ًفا للفقهاء يف حب�س املبيع على ثمنه �إذا‬
‫كان بع�ضه اً‬
‫حال وبع�ضة م�ؤجلاً على قولني‪:‬‬
‫القول الأول‪ :‬لي�س للبائع حق حب�س املبيع �إذا كان بع�ض الثمن اً‬
‫حال‬
‫وبع�ضه م�ؤجلاً ؛ وهذا مقت�ضى مذهب احلنابلة‪ ،‬ومقت�ضى مذهب‬
‫ال�شافعية �إذا مل يخف فوت الثمن‪ ،‬ومل يكن نائ ًبا عن غريه‪.‬‬
‫و هذا بناء على ر�أيهم يف عدم ا�ستحقاق البائع حب�س املبيع‪� ،‬سواء‬
‫كان اً‬
‫حال �أو م�ؤجل(‪.)1‬‬
‫حال وبع�ضه‬‫القول الثاين‪ :‬للبائع حق حب�س املبيع �إذا كان بع�ض الثمن اً‬
‫م�ؤجلاً ؛ وهذا قول احلنفية‪ّ ،‬‬
‫ويتخرج مذه ًبا للمالكية‪ ،‬كما ّ‬
‫يتخرج‬
‫مذه ًبا لل�شافعية �إذا خاف البائع فوت الثمن �أو كان نائ ًبا عن‬
‫غريه(‪.)2‬‬
‫وا�ستدلوا‪ :‬ب�أن حق احلب�س ال يقبل التجز�ؤ(‪.)3‬‬
‫الرتجيح‪:‬‬
‫الذي يظهر يل �أن الرتجيح هنا مرتبط بالرتجيح يف م�س�ألة دفع امل�شرتي‬
‫بع�ض الثمن؛ وذلك؛ لأن امل�شرتي لو دفع كامل الثمن مل ي�ستحق البائع حب�س‬
‫املبيع‪ ،‬و�إذا كان الثمن كله م�ؤجلاً مل ي�ستحق البائع حب�س املبيع‪ ،‬ف�إذا � ّأجل‬
‫‪205‬‬
‫بع�ضه‪ ،‬فك�أنه دفع بع�ضه‪ ،‬و�ست�أتي م�س�ألة دفع بع�ض الثمن‪ ،‬والتف�صيل فيها‬
‫يف املبحث القادم‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬املغني (‪ ،)286/6‬املحرر (‪ ،)333/1‬الفروع (‪ ،)275/6‬احلاوي (‪ ،)307/5‬بحر املذهب‬


‫(‪ ،)18 ،19/5‬الو�سيط (‪ ،)22/4‬العزيز �شرح الوجيز (‪ ،)483 ،484/8‬مغني املحتاج (‪.)31/2‬‬
‫((( انظر‪ :‬املحيط الربهاين (‪ ،)282/6‬الفتاوى الهندية (‪ ،)15/3‬درر احلكام (‪)225/1‬‬
‫((( انظر‪ :‬املراجع ال�سابقة‪.‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫املبحث الثاين‬
‫حب�س املبيع على بع�ض الثمن‬

‫وفيه مطلبان‪:‬‬

‫املطلب الأول‬
‫حب�س املبيع لأجل ا�ستيفاء باقي الثمن‬

‫�إذا دفع امل�شرتي بع�ض الثمن ومل يدفعه كاملاً ‪ ،‬فهل للبائع حب�س املبيع‬
‫حتى يدفع امل�شرتي كامل الثمن �أو يدفع �إلى امل�شرتي من املبيع بقدر ما‬
‫قب�ض من ثمنه‪ ،‬ويحب�س منه بقدر ما بقي؟‬
‫�صرح احلنفية ب�أن للبائع حب�س املبيع ما بقي من الثمن درهم(‪.)1‬‬
‫ت�صريحا‪� ،‬إال �أن الد�سوقي عند تعليله لأحقية‬
‫ً‬ ‫و �أما املالكية فلم �أجد لهم‬
‫البائع بحب�س املبيع قال‪( :‬لأن من حق البائع �أن ال يدفع ما باع حتى يقب�ض‬
‫ثمنه؛ لأن الذي باعه‪ ،‬يف يده كالرهن يف الثمن‪ ،‬فمن حقه �أن ال يدفعه �إليه‬ ‫‪206‬‬
‫حتى يقب�ض ثمنه)(‪.)2‬‬
‫فالد�سوقي جعل البائع كاملرتهن يف �أحقيته بحب�س ما بيده‪.‬‬
‫ومذهب املالكية �أن املرتهن له حب�س الرهن حتى يقب�ض كامل الثمن(‪.)3‬‬
‫((( انظر‪ :‬املب�سوط (‪ ،)192/13‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)250/5‬املحيط الربهاين (‪ ،)282/6‬فتح القدير‬
‫(‪ ،)496/5‬حا�شية ابن عابدين (‪.)561/4‬‬
‫((( انظر‪ :‬حا�شية الد�سوقي (‪.)147/3‬‬
‫((( انظر‪ :‬بداية املجتهد (‪ ،)275/2‬التفريع (‪ ،)266/2‬التلقني (‪ ،)418/2‬ال�شرح الكبري للدردير‬
‫(‪ ،)257/3‬منح اجلليل (‪ ،)486/5‬حا�شية الد�سوقي (‪.)257/3‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫فيتخرج على هذا القول �أنه يحق للبائع حب�س املبيع حتى يدفع امل�شرتي‬
‫كامل الثمن‪.‬‬
‫وعند املالكية قول �آخر �أنه يبقى من الرهن بيد املرتهن بقدر ما يبقى‬
‫من احلق(‪.)1‬‬
‫فيتخرج على هذا القول �أن البائع يدفع �إلى امل�شرتي من املبيع بقدر ما‬
‫قب�ض من ثمنه‪ ،‬ويحب�س منه بقدر ما بقي‪.‬‬
‫وقد خرجته على القول ب�أن للبائع حب�س املبيع مع القول بانفكاك جزء‬
‫من الرهن ب�سداد جزء من الدين‪.‬‬
‫و�أما ال�شافعية فريون يف املذهب عندهم �أن البائع لي�س له حب�س املبيع‬
‫�إذا مل يخف فوت الثمن‪ ،‬ومل يكن نائ ًبا عن غريه؛ وبناء عليه‪ ،‬فيمكن القول‬
‫ب�أنهم ال يرون ا�ستحقاق البائع حلب�س املبيع �إذا دفع امل�شرتي بع�ض الثمن‪.‬‬
‫ف�إن خاف البائع فوت الثمن �أو كان نائ ًبا عن غريه‪ ،‬و�أعطى امل�شرتي‬
‫البائع بع�ض الثمن‪ ،‬وطلب منه �أن يدفع �إليه بقدره من املبيع فهل له ذلك؟‪.‬‬
‫اختلفوا على قولني‪:‬‬
‫القول الأول‪ :‬يدفع البائع �إلى امل�شرتي من املبيع بقدر ما قب�ض من ثمنه‪،‬‬
‫‪207‬‬ ‫ويحب�س منه بقدر ما بقي‪ ،‬وال يجوز �أن يحب�س جميعه لتق�سط‬
‫الثمن عليه(‪.)2‬‬
‫القول الثاين‪ :‬للبائع حب�س اجلميع على باقي الثمن‪ ،‬ولو بقي منه درهم‬
‫كالرهن(‪.)3‬‬
‫((( انظر‪ :‬املراجع ال�سابقة‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬احلاوي (‪ ،)307/5‬املهذب (‪ ،)295/1‬بحر املذهب (‪ ،)21/5‬رو�ضة الطالبني (‪.)184/3‬‬
‫((( انظر‪ :‬احلاوي (‪ ،)307/5‬املهذب (‪ ،)295/1‬بحر املذهب (‪� ،)21/5‬أ�سنى املطالب (‪ ،)176/2‬مغني‬
‫املحتاج (‪ ،)141/2‬نهاية املحتاج (‪.)295/4‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫و �أما احلنابلة فقال ابن قدامة‪“ :‬وروي عن �أحمد �أنه قال‪� :‬إذا حب�س‬
‫املبيع ببقية الثمن‪ ،‬فهو غا�صب”(‪.)1‬‬
‫ف�إذا �أ�ضيفت هذه مع قولهم يف املذهب �أن البائع لي�س له حب�س املبيع على‬
‫ثمنه‪ ،‬ميكننا القول ب�أن مذهب احلنابلة عدم �أحقية البائع بحب�س املبيع من‬
‫�أجل �أن يت�سلم باقي ثمنه‪.‬‬
‫وعندهم قول �آخر‪� :‬إن البائع له حب�س املبيع حتى يت�سلم ثمنه‪ ،‬وعلى هذا‬
‫القول لو دفع امل�شرتي بع�ض الثمن‪ ،‬وطلب من البائع �أن يدفع �إليه بقدره من‬
‫املبيع فهل له ذلك؟‪.‬‬
‫جاء يف ك�شاف القناع (و�إن �أح�ضر امل�شرتي بع�ض الثمن مل ميلك �أخذ ما‬
‫يقابله �إن نق�ص الباقي بالت�شقي�ص‪ ،‬وقلنا للبائع حب�س املبيع على ثمنه و�إال‬
‫فله �أخذ املبيع)(‪.)2‬‬
‫وبناء على ذلك فالقول الثاين عند احلنابلة �أن للبائع حب�س املبيع لأجل‬
‫�أن يت�سلم باقي الثمن �إذا كان املبيع ينق�ص بالت�شقي�ص‪ ،‬ف�إن مل ينق�ص‬
‫بالت�شقي�ص ف�إنه يدفع للم�شرتي من املبيع ما يقابل الثمن املدفوع‪.‬‬
‫و مما �سبق ميكن القول ب�أن الفقهاء اختلفوا يف حق البائع يف حب�س املبيع‬
‫مع دفع امل�شرتي بع�ض الثمن على �أربعة �أقوال‪:‬‬ ‫‪208‬‬
‫القول الأول‪ :‬له حق حب�س جميع املبيع؛ وهذا قول احلنفية‪ ،‬ويتخرج‬
‫مذه ًبا للمالكية‪ ،‬وقول عند ال�شافعية �إن خاف البائع فوت الثمن‬
‫�أو كان نائ ًبا عن غريه(‪.)3‬‬
‫((( املغني (‪ ،)503/6‬وانظر‪ :‬ال�شرح الكبري البن قدامة(‪ ،)518/2‬املبدع (‪.)236/4‬‬
‫((( (‪.)240/3‬‬
‫((( انظر‪ :‬املب�سوط (‪ ،)192/13‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)250/5‬املحيط الربهاين (‪ ،)282/6‬التفريع‬
‫(‪ ،)266/2‬التلقني (‪ ،)418/2‬بداية املجتهد (‪ ،)275/2‬حا�شية الد�سوقي (‪ ،)257/3‬احلاوي‬
‫(‪� ،)307/5‬أ�سنى املطالب (‪ ،)176/2‬مغني املحتاج (‪ ،)141/2‬نهاية املحتاج (‪.)295/4‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫و ا�ستدلوا‪:‬‬
‫محبو�سا بكل جزء من‬
‫ً‬ ‫‪�1.1‬أن حق احلب�س ال يتجز�أ‪ ،‬فكان كل املبيع‬
‫�أجزاء الثمن(‪.)1‬‬
‫‪�2.2‬أن �سقوط حق البائع يف احلب�س متعلق بو�صول الثمن �إليه‪ ،‬فما‬
‫مل ي�صل �إليه جميع الثمن ال يتم ال�شرط‪ ،‬ويبقى حق البائع يف‬
‫احلب�س(‪.)2‬‬
‫ويناق�شان‪ :‬ب�أن حق البائع يف احلب�س �إمنا هو لأجل ت�سلم الثمن‪،‬‬
‫ف�إذا ت�سلم بع�ض الثمن‪ ،‬وكان املبيع ميكن انق�سامه على الثمن‬
‫دون �ضرر على البائع‪ ،‬فما دفع ثمنه لي�س للبائع حق يف حب�سه‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬لي�س للبائع حب�س املبيع‪ ،‬ولو مل يدفع امل�شرتي �شي ًئا؛ وهذا‬
‫مذهب ال�شافعية �إذا مل يخف البائع فوت الثمن ومل يكن نائ ًبا‬
‫لغريه‪ ،‬وهو مذهب احلنابلة(‪.)3‬‬
‫وقد �سبقت �أدلتهم ومناق�شتها‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬لي�س للبائع حب�س جميع املبيع‪ ،‬و�إمنا يدفع �إلى امل�شرتي‬
‫قول عند املالكية‪،‬‬‫من املبيع بقدر ما قب�ض من ثمنه؛ وهذا يتخرج اً‬
‫وهو قول عند ال�شافعية �إن خاف البائع فوت الثمن �أو كان نائ ًبا‬
‫‪209‬‬
‫عن غريه (‪.)4‬‬
‫وا�ستدلوا‪ :‬ب�أن جميع املبيع محبو�س بجميع الثمن‪ ،‬فوجب �أن يكون‬
‫�أبعا�ضه محبو�س ًة ب�أبعا�ضه(‪.)5‬‬
‫انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)250/5‬املحيط الربهاين (‪.)282/6‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬املب�سوط (‪.)192/13‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬احلاوي (‪ ،)307/5‬بحر املذهب (‪ ،)18 ،19/5‬رو�ضة الطالبني (‪ ،)183/3‬حتفة املحتاج‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)421/4‬املغني (‪ ،)503 ،286/6‬املحرر (‪ ،)333/1‬الفروع (‪.)275/6‬‬
‫انظر‪ :‬بداية املجتهد (‪ ،)275/2‬احلاوي (‪.)307/5‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬بداية املجتهد (‪.)275/2‬‬ ‫(((‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫ويناق�ش‪ :‬ب�أن غر�ض البائع من حب�س املبيع املحافظة على ملكه‪،‬‬


‫�أو احل�صول على عو�ضه‪ ،‬ويف القول ب�أن ي�سلم بع�ض املبيع لت�سلم‬
‫بع�ض الثمن �ضرر عليه �إن كان املبيع مما ينق�ص بالتق�سيم؛ وذلك‬
‫الحتمال �أن يعجز امل�شرتي عن �سداد باقي الثمن‪.‬‬
‫القول الرابع‪ :‬للبائع حب�س جميع املبيع و�إن دفع امل�شرتي بع�ض الثمن �إن‬
‫كان املبيع ينق�ص بالت�شقي�ص‪ ،‬ف�إن مل ينق�ص بالت�شقي�ص فلي�س‬
‫له حب�س جميع املبيع‪ ،‬و�إمنا يدفع �إلى امل�شرتي من املبيع بقدر ما‬
‫قب�ض من ثمنه؛ وهذا قول عند احلنابلة (‪.)1‬‬
‫وي�ستدل لهم‪ :‬ب�أن للبائع ح ًّقا يف ت�سلم الثمن‪ ،‬وللم�شرتي ح ًّقا يف‬
‫ت�سلم املبيع‪ ،‬ف�إذا دفع امل�شرتي بع�ض الثمن وجب دفع بع�ض املبيع‬
‫املقابل للثمن املدفوع �إن مل يت�ضرر البائع؛ ويف هذا محافظة على‬
‫احلقني‪.‬‬
‫الرتجيح‪:‬‬
‫يرتجح واهلل �أعلم القول الرابع؛ وذلك لقوة ما ا�ستدللت به لهم‪ ،‬وملناق�شة‬
‫�أدلة املخالفني مبا يكفي لإ�ضعافها‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫املطلب الثاين‬
‫حب�س املبيع مع تعدده‪� ،‬أو تعدد امل�شرتي‬

‫�إذا باع �أ�شياء متعددة ب�صفقة واحدة‪ ،‬وامل�شرتي واحد‪ ،‬ودفع امل�شرتي‬
‫بع�ض الثمن‪ ،‬فهل يدفع له البائع ما يقابل هذا الثمن من املبيع؟‪.‬‬
‫و كذلك �إذا ا�شرتى �أكرث من �شخ�ص من بائع واحد �سلعة �أو �أكرث ب�صفقة‬
‫((( انظر‪ :‬املغني (‪ ،)287/6‬املحرر (‪ ،)333/1‬الفروع (‪ )275/6‬الإن�صاف (‪ ،)458/4‬ك�شاف القناع (‪.)240/3‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫واحدة‪ ،‬فدفع �أحدهما بع�ض الثمن‪ ،‬فهل يدفع له البائع ما يقابل هذا الثمن‬
‫من املبيع؟‪.‬‬
‫هذا ما �أتكلم عنه يف هذا املبحث يف م�س�ألتني‪:‬‬

‫امل�س�ألة الأولى‬
‫حب�س املبيع مع تعدده‬
‫�إذا باع �أ�شياء متعددة ب�صفقة واحدة‪ ،‬وامل�شرتي واحد‪ ،‬ودفع امل�شرتي‬
‫بع�ض الثمن‪ ،‬فال يخلو من �إحدى حالتني‪:‬‬
‫احلالة الأولى‪� :‬أن يكون الثمن جمملاً لكل املبيع‪ ،‬فلم يف�صل يف العقد‬
‫ثمن كل واحد من املبيع؛ كما لو ا�شرتى ح�صانني بع�شرة �آالف ريال‪،‬‬
‫ومل يبني ثمن كل ح�صان لوحده‪ ،‬فدفع امل�شرتي خم�سة �آالف ريال‪،‬‬
‫فهل له �أن ي�أخذ ح�صا ًنا واحدً ا؟‪.‬‬
‫يف هذه احلالة‪ :‬ما دام �أن املبيع كله بثمن واحد‪ ،‬فك�أن امل�شرتي دفع‬
‫بع�ض الثمن‪ ،‬وقد �سبق بحث م�س�ألة ما لو دفع امل�شرتي بع�ض الثمن‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪� :‬أن يكون الثمن مف�صلاً ُبينّ فيه ثمن كل واحد من املبيع‬
‫‪211‬‬ ‫لوحده؛ كما لو ا�شرتى ح�صانني بع�شرة �آالف ريال‪ ،‬وذكر يف العقد‬
‫�أن احل�صان الأول ب�ستة �آالف ريال‪ ،‬والثاين ب�أربعة �آالف ريال‪ ،‬فدفع‬
‫امل�شرتي �ستة �آالف ريال‪ ،‬فهل له �أن ي�أخذ احل�صان الأول؟‪.‬‬
‫�صرح احلنفية ب�أنه لو باع �شيئني �صفقة واحدة‪ ،‬و�سمى لكل واحد منهما‬
‫ثم ًنا‪ ،‬فنقد امل�شرتي ح�صة �أحدهما‪ ،‬كان للبائع حب�سهما حتى يقب�ض حق‬
‫الآخر(‪.)1‬‬
‫((( انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)250/5‬حا�شية ابن عابدين (‪ ،)561/4‬درر احلكام (‪.)227/1‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫ت�صريحا(‪� ،)1‬إال �أنه ميكن �أن يقال يف هذه‬


‫ً‬ ‫و�أما املالكية فلم �أجد لهم‬
‫امل�س�ألة ما قيل يف م�س�ألة ما �إذا دفع بع�ض الثمن؛ فيتخرج لهم قوالن‪:‬‬
‫القول الأول‪ :‬له حب�س جميع املبيع؛ وهذا بناء على القول �أن للبائع حب�س‬
‫املبيع بالثمن احلال‪ ،‬مع القول ب�أن ال�صفقة ال تتفرق‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬ي�سلم البائع للم�شرتي من املبيع ما يقابل ما دفعه من‬
‫الثمن‪ ،‬ويحب�س الباقي؛ وهذا بناء على القول �أن للبائع حب�س املبيع‬
‫بالثمن احلال‪ ،‬مع القول ب�أن ال�صفقة تتفرق‪.‬‬
‫و�أما ال�شافعية فريون يف املذهب عندهم �أن البائع لي�س له حب�س املبيع‬
‫�إذا مل يخف فوت الثمن‪ ،‬ومل يكن نائ ًبا عن غريه؛ وبناء عليه‪ ،‬ميكن القول‬
‫ب�أنهم ال يرون ا�ستحقاق البائع حلب�س املبيع �إذا دفع امل�شرتي بع�ض الثمن‬
‫وكان املبيع متعددًا‪.‬‬
‫ف�إن خاف البائع فوت الثمن �أو كان نائ ًبا عن غريه‪ ،‬و�أعطى امل�شرتي‬
‫البائع بع�ض الثمن‪ ،‬وطلب منه �أن يدفع �إليه ما يقابله من املبيع فهل له‬
‫ذلك؟‪.‬‬
‫يرى ال�شافعية يف املعتمد من مذهبهم �أنه لو ا�شرتى �شخ�ص �شي ًئا بوكالة‬
‫اثنني‪ ،‬ووفى ن�صف الثمن من �أحدهما‪ ،‬فللبائع احلب�س لقب�ض اجلميع بناء‬
‫على �أن االعتبار بالعاقد(‪.)2‬‬ ‫‪212‬‬

‫فبنوا �أحقية البائع بحب�س اجلميع على �أن االعتبار بالعاقد وهو واحد‪،‬‬
‫مما ميكن معه القول ب�أن مقت�ضى مذهبهم‪� :‬أن للبائع حق حب�س جميع املبيع‬
‫ولو نقد امل�شرتي ح�صة �أحد املبيعني‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬القوانني الفقهية (‪ ،)164‬ال�شرح الكبري للدردير (‪ ،)146/3‬مواهب اجلليل (‪ ،)479/4‬منح‬
‫اجلليل (‪.)235/5‬‬
‫((( انظر‪ :‬العزيز �شرح الوجيز (‪ ،)486 ،487/8‬رو�ضة الطالبني (‪� ،)183/3‬أ�سنى املطالب (‪ ،)90/2‬مغني‬
‫املحتاج (‪ ،)76/2‬نهاية املحتاج (‪.)106/4‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫و�أما احلنابلة فريون يف املذهب عندهم‪� :‬أنه لي�س للبائع حق حب�س املبيع‪،‬‬
‫ولو مل ينقد امل�شرتي الثمن‪ ،‬فمن باب �أولى �أن ال ميلك هذا احلق مع نقد‬
‫بع�ض الثمن‪.‬‬
‫�إال �أن عندهم قول �آخر ب�أحقية البائع بحب�س املبيع‪.‬‬
‫كما �أنهم يرون �أنه �إذا �أح�ضر امل�شرتي بع�ض الثمن‪ ،‬وكان املبيع مما ال‬
‫ينق�صه التفريق‪ ،‬ف�إن للم�شرتي �أخذ ما يقابله من املبيع‪� ،‬أما �إذا �أنق�صه‬
‫التفريق‪ ،‬فلي�س له ذلك(‪.)1‬‬
‫ومن هذين القولني ميكن تخريج قول لهم فيما �إذا نقد امل�شرتي بع�ض‬
‫الثمن‪ ،‬وكان املبيع متعددًا‪ ،‬ب�أن يقال‪� :‬إذا كان املبيع مما ال ينق�صه التفريق‪،‬‬
‫ف�أح�ضر امل�شرتي بع�ض الثمن‪ ،‬فله �أخذ ما يقابله من املبيع‪ ،‬وال يحق للبائع‬
‫حب�سه‪� ،‬إما �إذا كان ينق�صه التفريق فلي�س له ذلك‪ ،‬وللبائع حب�س اجلميع‪.‬‬
‫ومما �سبق ميكن ذكر خالف للفقهاء على �أربعة �أقوال‪:‬‬
‫القول الأول‪ :‬للبائع حب�س جميع املبيع ولو نقد امل�شرتي ح�صة �أحد‬
‫املبيعني؛ وهذا قول احلنفية‪ ،‬وتخريج على قول عند املالكية‪،‬‬
‫وتخريج على املعتمد من مذهب ال�شافعية فيما �إذا خاف البائع‬
‫فوت الثمن �أو كان نائ ًبا عن غريه(‪.)2‬‬
‫‪213‬‬ ‫وا�ستدلوا‪:‬‬
‫محبو�سا بكل جزء من‬
‫ً‬ ‫‪�1.1‬أن حق احلب�س ال يتجز�أ‪ ،‬فكان كل املبيع‬
‫�أجزاء الثمن (‪.)3‬‬
‫((( انظر‪ :‬ر�ؤو�س امل�سائل اخلالفية (‪ ،)607/1‬املغني (‪ ،)287/6‬الرعاية (‪ ،)642/1‬املحرر (‪،)333/1‬‬
‫الفروع (‪ )275/6‬الإن�صاف (‪ ،)458/4‬ك�شاف القناع (‪ )240/3‬مطالب �أويل النهى (‪.)141/3‬‬
‫((( انظر‪ :‬انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)250/5‬حا�شية ابن عابدين (‪ ،)561/4‬درر احلكام (‪،)227/1‬‬
‫القوانني الفقهية ‪ ،164‬ال�شرح الكبري للدردير (‪ ،)146/3‬مواهب اجلليل (‪ ،)479/4‬منح اجلليل‬
‫(‪ ،)235/5‬العزيز �شرح الوجيز (‪ ،)486 ،487/8‬رو�ضة الطالبني (‪� ،)183/3‬أ�سنى املطالب (‪،)90/2‬‬
‫مغني املحتاج (‪ ،)76/2‬نهاية املحتاج (‪.)106/4‬‬
‫((( انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪.)250/5‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫ويناق�ش‪ :‬ب�أن حق البائع يف احلب�س �إمنا هو لأجل ت�سلم الثمن‪،‬‬


‫ف�إذا ت�سلم بع�ض الثمن‪ ،‬وكان املبيع ميكن انق�سامه على الثمن‬
‫دون �ضرر على البائع‪ ،‬فما دفع ثمنه لي�س للبائع حق يف حب�سه‪.‬‬
‫‪�2.2‬أن قب�ض �أحدهما دون الآخر تفريق لل�صفقة الواحدة يف حق‬
‫القب�ض‪ ،‬وامل�شرتي ال ميلك تفريق ال�صفقة الواحدة يف حق‬
‫القبول؛ ب�أن يقبل الإيجاب يف �أحدهما دون الآخر‪ ،‬فال ميلك‬
‫التفريق يف حق القب�ض � ً‬
‫أي�ضا؛ لأن للقب�ض �شب ًها بالعقد(‪.)1‬‬
‫ويناق�ش‪ :‬ب�أن ال�صفقة ميكن �أن ُتف َّرق �إذا مل يكن هناك �ضرر‬
‫على املتعاقدين‪ ،‬و�إذا كان املبيع متعددًا‪ ،‬وقد ُبينّ الثمن لكل‬
‫مبيع لوحده‪ ،‬فال �ضرر على البائع يف ت�سليم ما يقابل الثمن‬
‫املدفوع من املبيع‪ ،‬ومن ثم ي�سقط حقه يف حب�سه‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬لي�س للبائع �أن يحب�س املبيع مطل ًقا؛ وهذا مذهب ال�شافعية‬
‫فيما �إذا مل يخف البائع فوت الثمن‪ ،‬ومل يكن نائ ًبا عن غريه‪ ،‬وهو‬
‫مذهب احلنابلة (‪.)2‬‬
‫وقد �سبقت �أدلتهم ومناق�شتها‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬للم�شرتي �إذا نقد ثمن �أحد املبيعني �أخذ ما يقابله‪ ،‬وال‬ ‫‪214‬‬
‫يحب�س البائع ال�شيء الذي ت�سلم ثمنه؛ وهذا تخريج على قول عند‬
‫املالكية(‪.)3‬‬
‫وقد �سبق دليلهم‪ ،‬ومناق�شته‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬املرجع ال�سابق‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬احلاوي (‪ ،)307/5‬بحر املذهب (‪ ،)18 ،19/5‬رو�ضة الطالبني (‪ ،)183/3‬حتفة املحتاج‬
‫(‪ ،)421/4‬املغني (‪ ،)503 ،286/6‬املحرر (‪ ،)333/1‬الفروع (‪.)275/6‬‬
‫((( انظر‪ :‬بداية املجتهد (‪ ،)275/2‬مواهب اجلليل (‪.)479/4‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫القول الرابع‪ :‬للبائع حب�س جميع املبيع و�إن دفع امل�شرتي بع�ض الثمن‬
‫�إن كان املبيع ينق�ص بالتفريق‪ ،‬ف�إن مل ينق�ص بالتفريق فلي�س له‬
‫حب�س جميع املبيع‪ ،‬و�إمنا يدفع �إلى امل�شرتي من املبيع بقدر ما‬
‫قب�ض من ثمنه؛ وهذ يتخرج اً‬
‫قول عند احلنابلة(‪.)1‬‬
‫وقد ا�ستدللت لهم عند الكالم عن م�س�ألة ما �إذا دفع امل�شرتي‬
‫بع�ض الثمن‪.‬‬
‫الرتجيح‪ :‬يرتجح واهلل �أعلم القول الرابع؛ وذلك لقوة ما ا�ستدللت به‬
‫لهم‪ ،‬وملناق�شة �أدلة املخالفني مبا يكفي لإ�ضعافها‪.‬‬

‫امل�س�ألة الثانية‬
‫حب�س املبيع مع تعدد امل�شرتي‬

‫�إذا باع �سلعة �إلى اثنني �صفقة واحدة‪ ،‬فنقد �أحدهما ح�صته من الثمن‪،‬‬
‫فهل للبائع �أن يحب�س جميع املبيع حتى ينقد الآخر بقية الثمن‪� ،‬أو �أن البائع‬
‫يدفع بع�ض املبيع للم�شرتي الذي نقد ح�صته من الثمن؟‪.‬‬
‫�صرح احلنفية يف ظاهر الرواية عندهم ب�أحقية البائع حلب�س جميع املبيع‬
‫‪215‬‬ ‫حتى ينقد امل�شرتون كلهم الثمن‪ ،‬فقال الكا�ساين (لو باع من اثنني‪ ،‬فنقد‬
‫�أحدهما ح�صته‪ ،‬كان له حق حب�س املبيع حتى يقب�ض ما على الآخر)(‪.)2‬‬
‫�إال �أن عندهم اً‬
‫قول �آخر مروي عن �أبي يو�سف �أنه �إذا نقد �أحدهما ن�صف‬
‫الثمن‪ ،‬ي�أخذ ن�صف املبيع‪ ،‬فال ي�ستحق البائع حب�س جميع املبيع‪ ،‬بل يحب�س‬
‫ما مل يقب�ض مقابلة(‪.)3‬‬
‫((( انظر‪ :‬املغني (‪ ،)287/6‬املحرر (‪ ،)333/1‬الفروع (‪ )275/6‬الإن�صاف (‪ ،)458/4‬ك�شاف القناع (‪.)240/3‬‬
‫((( بدائع ال�صنائع (‪ ،)250/5‬وانظر‪ :‬درر احلكام (‪.)225/1‬‬
‫((( انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪.)250/5‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫ت�صريحا(‪.)1‬‬
‫ً‬ ‫�أما املالكية فلم �أجد لهم‬
‫�إال �أنه ميكن �أن يقال يف هذا ما قيل يف ما �إذا دفع بع�ض الثمن فيتخرج‬
‫لهم قوالن‪:‬‬
‫القول الأول‪ :‬له حب�س اجلميع؛ بناء على القول ب�أن البائع له حق حب�س‬
‫املبيع والقول بعدم تفريق ال�صفقة‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬يدفع للم�شرتي من املبيع ما يقابل الثمن الذي نقده ويحب�س‬
‫الباقي؛ وهذا بناء على القول ب�أن البائع له حق حب�س املبيع والقول‬
‫بتفريق ال�صفقة(‪.)2‬‬
‫و�أما ال�شافعية فريون يف املذهب عندهم �أن البائع لي�س له حب�س املبيع‬
‫�إذا مل يخف فوت الثمن‪ ،‬ومل يكن نائ ًبا عن غريه؛ وبناء عليه‪ ،‬فيمكن القول‬
‫ب�أنهم ال يرون ا�ستحقاق البائع حلب�س املبيع �إذا دفع �أحد امل�شرتين بع�ض‬
‫الثمن‪.‬‬
‫ف�إن خاف البائع فوت الثمن �أو كان نائ ًبا عن غريه‪ ،‬و�أعطى �أحد امل�شرتين‬
‫البائع بع�ض الثمن‪ ،‬وطلب منه �أن يدفع �إليه ما يقابله من املبيع فهل له‬
‫ذلك؟‪.‬‬
‫يرى ال�شافعية يف املعتمد من مذهبهم �أنه لو باع من اثنني‪ ،‬ولكل منهما‬ ‫‪216‬‬
‫ن�صف‪ ،‬ف�أعطى �أحدهما البائع الن�صف من الثمن �سلم �إليه البائع ن�صفه من‬
‫املبيع؛ لأنه �سلمه جميع ما عليه‪ ،‬بنا ًء على �أن ال�صفقة تتعدد بتعدد امل�شرتي(‪.)3‬‬
‫ومن قولهم هذا‪ ،‬وقولهم ب�أن البائع له حق حب�س املبيع �إذا خاف فوت‬
‫((( انظر‪ :‬القوانني الفقهية (‪ ،)164‬ال�شرح الكبري للدردير (‪ ،)146/3‬مواهب اجلليل (‪ ،)479/4‬منح‬
‫اجلليل (‪ )235/5‬حا�شية الد�سوقي (‪.)146/3‬‬
‫((( انظر‪ :‬بداية املجتهد (‪.)179/2‬‬
‫((( انظر‪ :‬العزيز �شرح الوجيز (‪ ،)488/8‬املهذب (‪ ،)296/1‬رو�ضة الطالبني (‪� ،)183/3‬أ�سنى املطالب‬
‫(‪ ،)90/2‬مغني املحتاج (‪ ،)76/2‬نهاية املحتاج (‪ ،)106/4‬حوا�شي ال�شرواين (‪.)416/4‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫الثمن �أو كان نائ ًبا لغريه‪ ،‬ميكن تخريج قول لهم‪ :‬ب�أن البائع لي�س له حق حب�س‬
‫املبيع جميعه‪ ،‬و�إمنا ي�سلم للم�شرتي مقابل ثمنه الذي نقده‪ ،‬ويحب�س الباقي‪.‬‬
‫و�أما احلنابلة فريون يف املذهب عندهم عدم �أحقية البائع بحب�س املبيع‬
‫ولو مل ينقد امل�شرتي �شي ًئا‪ ،‬فمن باب �أولى �أن ال ميلك هذا احلق مع نقد �أحد‬
‫امل�شرتيني بع�ض الثمن‪.‬‬
‫�إال �أن عندهم اً‬
‫قول ب�أحقية البائع حب�س املبيع �إذا مل ينقد امل�شرتي الثمن‪،‬‬
‫كما �أنهم يرون �أنه �إذا �أح�ضر امل�شرتي بع�ض الثمن‪ ،‬وكان املبيع مما ال ينق�صه‬
‫التفريق‪ ،‬ف�إن للم�شرتي �أخذ ما يقابله من املبيع‪� ،‬أما �إذا �أنق�صه التفريق‬
‫فلي�س له ذلك(‪.)1‬‬
‫ومن هذين القولني ميكن تخريج قول لهم فيما �إذا تعدد امل�شرتي‪ ،‬ونقد‬
‫�أحدهما ح�صته ب�أن يقال‪:‬‬
‫�إذا كان املبيع مما ال ينق�صه التفريق‪ ،‬ونقد واحد من امل�شرتين ح�صته‬
‫من الثمن‪ ،‬فله �أخذ ما يقابله من املبيع‪ ،‬وال يحق للبائع حب�سه‪ ،‬و�إما �إذا كان‬
‫املبيع مما ينق�صه التفريق‪ ،‬فلي�س له ذلك‪ ،‬وكان للبائع حب�س اجلميع‪.‬‬
‫و مما �سبق ميكن ذكر خالف الفقهاء يف هذه امل�س�ألة على �أربعة �أقوال‪:‬‬
‫القول الأول‪� :‬إذا نقد �أحد امل�شرتيني ح�صته من الثمن‪ ،‬فللبائع حق حب�س‬
‫‪217‬‬
‫جميع املبيع حتى يقب�ض ما على الآخر؛ وهذا ظاهر الرواية عند‬
‫احلنفية‪ ،‬وتخريج على قول عند املالكية(‪.)2‬‬
‫وا�ستدلوا بالأدلة نف�سها التي ا�ستدلوا بها على �أحقية البائع يف‬
‫حب�س املبيع مع تعدد املبيع يف �صفقة واحدة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫((( انظر‪ :‬ر�ؤو�س امل�سائل اخلالفية (‪ ،)607/1‬املغني (‪ ،)287/6‬الرعاية (‪ ،)642/1‬املحرر (‪،)333/1‬‬
‫الفروع (‪ )275/6‬الإن�صاف (‪ ،)458/4‬ك�شاف القناع (‪ )240/3‬مطالب �أويل النهى (‪.)141/3‬‬
‫((( انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)250/5‬درر احلكام (‪ ،)225/1‬بداية املجتهد (‪ ،)275/2‬مواهب اجلليل‬
‫(‪.)479/4‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫‪�1.1‬أن حق حب�س املبيع ال يتجز�أ فكان ا�ستحقاق بع�ضه ا�ستحقاق‬


‫كله(‪.)1‬‬
‫‪2.2‬ال�صفقة واحدة فال حتتمل التفريق يف القب�ض(‪ ،)2‬كما ال‬
‫حتتمله يف القبول(‪.)3‬‬
‫وقد �سبق مناق�شتهما‪.‬‬
‫القول الثاين‪� :‬إذا نقد �أحد امل�شرتيني ح�صته من الثمن‪ ،‬فلي�س للبائع‬
‫حق حب�س املبيع‪ ،‬بل عليه ت�سليم كل املبيع؛ وهذا مذهب ال�شافعية‬
‫فيما �إذا مل يخف البائع فوت الثمن‪ ،‬ومل يكن نائ ًبا عن غريه‪ ،‬وهو‬
‫مذهب احلنابلة(‪.)4‬‬
‫وقد �سبقت �أدلتهم ومناق�شتها‪.‬‬
‫القول الثالث‪� :‬إذا نقد �أحد امل�شرتيني ح�صته من الثمن‪ ،‬فله �أخذ ما‬
‫يقابله من املبيع‪ ،‬وللبائع حب�س الباقي فقط؛ وهذا مروي عن �أبي‬
‫يو�سف‪ ،‬وتخريج على املعتمد من مذهب ال�شافعية فيما �إذا خاف‬
‫البائع فوت الثمن وكان نائ ًبا عن غريه‪ ،‬وتخريج على قول عند‬
‫املالكية(‪ )5‬وا�ستدلوا‪:‬‬
‫‪1.1‬الواجب على كل واحد منهما ن�صف الثمن‪ ،‬ف�إذا �أدى الن�صف‪،‬‬
‫فقد �أدى ما وجب عليه فال معنى لتوقف حقه يف قب�ض املبيع‬ ‫‪218‬‬
‫على �أداء �صاحبه(‪.)6‬‬
‫انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪.)250/5‬‬ ‫(((‬
‫وردت يف بدائع ال�صنائع الن�سخة التي بني يدي البع�ض‪ ،‬والذي يقت�ضيه ال�سياق‪ :‬القب�ض‪.‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪.)250/5‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬احلاوي (‪ ،)307/5‬بحر املذهب (‪ ،)18 ،19/5‬رو�ضة الطالبني (‪ ،)183/3‬حتفة املحتاج‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)421/4‬املغني (‪ ،)503 ،286/6‬املحرر (‪ ،)333/1‬الفروع (‪.)275/6‬‬
‫انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)250/5‬احلاوي (‪ ،)307/5‬بحر املذهب (‪ ،)18 ،19/5‬رو�ضة الطالبني‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)183/3‬حتفة املحتاج (‪ ،)421/4‬بداية املجتهد (‪ ،)275/2‬مواهب اجلليل (‪.)479/4‬‬
‫انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪.)250/5‬‬ ‫(((‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫ويناق�ش‪� :‬أن هذا يف ما لو مل يت�ضرر البائع بت�سليم حق امل�شرتي‪،‬‬


‫�أما �إذا ت�ضرر فال يزال �ضرر امل�شرتي ب�ضرر البائع‪.‬‬
‫‪2.2‬لو توقف و�صاحبه مختار يف الأداء قد ي�ؤدي وقد ال ي�ؤدي‪،‬‬
‫فيفوت حقه �أ�صلاً ور� ًأ�سا‪ ،‬وهذا ال يجوز؛ ولهذا جعل التخلية‬
‫والتخلي ت�سلي ًما ً‬
‫وقب�ضا يف ال�شرع(‪.)1‬‬
‫ويناق�ش‪ :‬ب�أن ت�ضرر امل�شرتي بعدم �إعطائه ن�صيبه من املبيع ال‬
‫يزال بت�ضرر البائع �إن كان املبيع ينق�ص بالتفريق؛ لأن ال�ضرر‬
‫ال يزال بال�ضرر(‪.)2‬‬
‫القول الرابع‪ :‬للبائع حب�س جميع املبيع و�إن دفع �أحد امل�شرتين ح�صته‬
‫من الثمن �إن كان املبيع ينق�ص بالتفريق‪ ،‬ف�إن مل ينق�ص بالتفريق‬
‫فلي�س له حب�س جميع املبيع‪ ،‬و�إمنا يدفع �إلى امل�شرتي الذي دفع ما‬
‫عليه من الثمن حقه من املبيع؛ وهذ يتخرج اً‬
‫قول عند احلنابلة(‪.)3‬‬
‫وي�ستدل لهم‪� :‬أنه �إذا مل ينق�ص املبيع بالتفريق‪ ،‬مل يت�ضرر البائع‬
‫بدفع ن�صيب امل�شرتي‪ ،‬الذي دفع ما عليه من ثمن‪ ،‬و�إذا مل يت�ضرر‬
‫البائع مل يكن له حق يف حب�س جميع املبيع؛ لأن امل�شرتي �أدى ما‬
‫عليه فوجب �أن ي�أخذ ما له‪.‬‬
‫‪219‬‬ ‫الرتجيح‪ :‬يرتجح واهلل �أعلم القول الرابع؛ وذلك لقوة ما ا�ستدللت به‬
‫لهم‪ ،‬وملناق�شة �أدلة املخالفني مبا يكفي لإ�ضعافها‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬املرجع ال�سابق‪.‬‬


‫((( انظر‪ :‬القاعدة الفقهية (ال�ضرر ال يزال بال�ضرر) يف‪ :‬الأ�شباه والنظائر البن ال�سبكي (‪ ،)41/1‬املنثور يف‬
‫القواعد (‪ ،)321/2‬الأ�شباه والنظائر لل�سيوطي �ص‪ ،)86( :‬والأ�شباه والنظائر البن جنيم �ص‪.)87( :‬‬
‫((( انظر‪ :‬املغني (‪ ،)287/6‬املحرر (‪ ،)333/1‬الفروع (‪ )275/6‬الإن�صاف (‪ ،)458/4‬ك�شاف القناع‬
‫(‪.)240/3‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫املبحث الثالث‬
‫دخول زوائد املبيع معه يف احلب�س‬

‫�إن حب�س البائع املبيع من �أجل ت�سلم ثمنه فزاد هذا املبيع‪ ،‬فهل يحق‬
‫للبائع حب�س هذه الزيادة مع �أ�صلها‪� ،‬أو يجب عليه �أن ي�سلمها �إلى امل�شرتي؟‪.‬‬
‫وهذا مثل ما لو ا�شرتى ما�شية‪ ،‬فنتجت يف يد البائع الذي كان قد حب�سها‬
‫من �أجل ت�سلم ثمنها‪ ،‬فهل يحق للبائع �أن يحب�س الناجت مع الأ�صل؟‪.‬‬
‫�صرح احلنفية ب�أن للبائع حق حب�س الزوائد ال�ستيفاء الثمن‪ ،‬كما له حق‬
‫حب�س الأ�صل(‪.)1‬‬
‫كما �صرح ال�شافعية ب�أن البائع ال ي�ستحق حب�س الزوائد مع الأ�صل‪ ،‬و�إمنا‬
‫هي للم�شرتي(‪.)2‬‬
‫ت�صريحا بذلك‪� ،‬إال �أنه ميكن �أن نقول‪� :‬إن مقت�ضى قول‬
‫ً‬ ‫ومل �أجد للمالكية‬
‫املالكية �أن البائع له حق حب�س الزوائد مع الأ�صل‪.‬‬
‫وهذا بناء على قولهم ب�أحقية البائع بحب�س املبيع‪ ،‬وقولهم �أن الزيادة‬ ‫‪220‬‬
‫تلحق ب�أ�صل العقد(‪.)3‬‬
‫ت�صريحا بذلك‪� ،‬إال �أنه ميكن القول ب�أن مقت�ضى‬
‫ً‬ ‫كما مل �أجد للحنابلة‬
‫مذهب احلنابلة �أن البائع ال ي�ستحق حب�س الزوائد‪ ،‬و�إمنا هي للم�شرتي؛‬
‫((( انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)256/5‬البحر الرائق (‪ ،)130/6‬الدر املختار (‪ ،)155/5‬حا�شية ابن عابدين‬
‫(‪.)155/5‬‬
‫((( انظر‪ :‬احلاوي (‪ ،)307/5‬املجموع(التكملة الأولى) (‪ ،)214/12‬حا�شية اجلمل (‪.)85/3‬‬
‫((( �سبق قولهم ب�أحقية البائع حب�س املبيع و�أما قولهم ب�أن الزيادة تلحق ب�أ�صل العقد فانظره يف‪ :‬بداية املجتهد‬
‫(‪ ،)191/2‬تهذيب الفروق (‪ ،)290/3‬حا�شية الد�سوقي (‪.)35 ،165/3‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫وهذا بناء على قولهم ب�أن البائع لي�س له حب�س املبيع‪ ،‬فال يحب�س زوائده‪،‬‬
‫وقولهم � ً‬
‫أي�ضا‪� :‬إن الزوائد ال تلحق ب�أ�صل العقد(‪.)1‬‬
‫وحتى على القول الآخر عندهم ب�أن للبائع حق حب�س املبيع‪ ،‬مقت�ضى‬
‫قولهم �أن البائع ال ي�ستحق حب�س زوائد املبيع مع �أ�صلها؛ وذلك بنا ًء على‬
‫قولهم ب�أن الزيادة ال تلحق ب�أ�صل العقد‪.‬‬
‫ومما �سبق ميكن �أن نقول �أن الفقهاء اختلفوا يف حق البائع بحب�س زوائد‬
‫املبيع على ثالثة �أقوال‪:‬‬
‫القول الأول‪ :‬يحق للبائع حب�س زوائد املبيع مع �أ�صلها؛ وهذا مذهب‬
‫احلنفية‪ ،‬ومقت�ضى قول املالكية(‪.)2‬‬
‫وهذا بناء على �أن للبائع حق حب�س الأ�صل‪ ،‬والزوائد تلحق بالأ�صل‪.‬‬
‫ويناق�ش‪ :‬ب�أن الزوائد مل يتم العقد عليها‪ ،‬بل حدثت بعد انتقال‬
‫امللك للم�شرتي‪ ،‬فتكون مناء ملكه‪ ،‬فال حق للبائع بحب�سها‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬ال يحق للبائع حب�س زوائد املبيع وال �أ�صله؛ وهذا مذهب‬
‫ال�شافعية فيما �إذا مل يخف البائع فوت الثمن ومل يكن نائ ًبا عن‬
‫غريه‪ ،‬وهو مذهب احلنابلة(‪.)3‬‬
‫‪221‬‬ ‫وقد �سبقت �أدلتهم ومناق�شتها‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬ال يحق للبائع حب�س زوائد املبيع‪ ،‬و�إن كان يحق له حب�س‬
‫�سبق قولهم بعدم �أحقية البائع حب�س املبيع‪ ،‬و�أما قولهم ب�أن الزيادة ال تلحق ب�أ�صل العقد‪ .‬فانظره يف‪:‬‬ ‫(((‬
‫ر�ؤو�س امل�سائل اخلالفية (‪ ،)546/1‬املغني (‪ ،)267 ،268 /6‬ك�شاف القناع (‪� ،)234/3‬شرح منتهى‬
‫الإرادات (‪.)151/2‬‬
‫انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)256/5‬االختيار لتعليل املختار (‪ ،)8/2‬تبيني احلقائق (‪ ،)83/4‬الدر املختار‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)155/5‬حا�شية ابن عابدين (‪ ،)155/5‬بداية املجتهد (‪ ،)191/2‬تهذيب الفروق (‪،)290/3‬‬
‫حا�شية الد�سوقي (‪.)35 ،165/3‬‬
‫احلاوي (‪ ،)307/5‬بحر املذهب (‪ ،)18 ،19/5‬رو�ضة الطالبني (‪ ،)183/3‬املغني (‪ ،)286/6‬املحرر‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)333/1‬الفروع (‪.)275/6‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫الأ�صل؛ وهذا مقت�ضى قول زفر من احلنفية‪ ،‬وهو مقت�ضى مذهب‬


‫ال�شافعية فيما �إذا خاف البائع فوت الثمن �أو كان نائ ًبا عن غريه‪،‬‬
‫وهو مقت�ضى قول عند احلنابلة(‪.)1‬‬
‫وهذا بناء على �أن للبائع حق حب�س الأ�صل‪ ،‬و�أما الزوائد فال تلحق‬
‫بالأ�صل‪ ،‬ومن ثم ال ميكن حب�سها‪.‬‬
‫الرتجيح‪:‬‬
‫يرتجح واهلل �أعلم القول الثالث؛ وذلك ل�سبق ترجيح �أن للبائع حب�س‬
‫املبيع‪ ،‬ومناق�شة قول من يرى �أن الزوائد تلحق بالعقد‪.‬‬

‫‪222‬‬

‫((( انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)256/5‬تبيني احلقائق (‪ ،)83/4‬البحر الرائق (‪ ،)130/6‬احلاوي (‪،)307/5‬‬
‫املجموع (التكملة الأولى) (‪ ،)214/12‬حا�شية اجلمل (‪ ،)85/3‬ر�ؤو�س امل�سائل اخلالفية (‪،546/1‬‬
‫‪ ،)607‬املغني (‪ ،)267 ،268 ،287 /6‬ك�شاف القناع (‪� ،)234/3‬شرح منتهى الإرادات (‪.)184 ،151/2‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫املبحث الرابع‬
‫�إرث حق احلب�س‬

‫�إذا حب�س البائع املبيع من �أجل ت�سلم ثمنه‪ ،‬ومات يف �أثناء مدة احلب�س‪،‬‬
‫فهل ينتقل هذا احلق �إلى الورثة‪ ،‬فيحق لهم �أن يحب�سوا املبيع من �أجل ت�سلم‬
‫ثمنه‪� ،‬أو عليهم �أن ي�سلموا املبيع �إلى امل�شرتي ولو مل ي�سلم الثمن؟‪.‬‬
‫ّ�صرح احلنفية‪� :‬أن حق حب�س املبيع ينتقل �إلى الورثة‪ ،‬فلهم �أن ي�ستمروا‬
‫يف حب�س املبيع �إلى ت�سلم ثمنه‪.‬‬
‫قال ابن جنيم “الإرث يجري يف الأعيان‪ ،‬و�أما احلقوق؛ فمنها ما ال‬
‫يجري فيه‪ ،‬كحق ال�شفقة وخيار ال�شرط‪ ،‬وحد القذف‪ ،‬والنكاح ال يورث‪،‬‬
‫وحب�س املبيع‪ ،‬والرهن يورث‪�......‬إلخ”(‪.)1‬‬
‫كما ّ�صرح املالكية‪ :‬ب�أن حق حب�س املبيع يورث‪ ،‬قال القرايف‪“ :‬وانتقل‬
‫للوارث خيار ال�شرط يف املبيعات‪� ،....،‬إلى �أن قال‪ :‬وحق الرهن‪ ،‬وحب�س‬
‫املبيع”(‪.)2‬‬
‫‪223‬‬ ‫كما ّ�صرح ال�شافعية‪ :‬ب�أن حق حب�س املبيع يورث‪ ،‬قال ال�شريازي‪“ :‬ف�إن‬
‫مات من له اخليار انتقل �إلى وارثه؛ لأنه حق الزم يخت�ص باملبيع‪ ،‬فانتقل‬
‫باملوت �إلى الوارث‪ ،‬كحب�س املبيع �إلى �أن يح�ضر الثمن”(‪ )3‬وهذا يف ما �إذا‬
‫كان للبائع حق حب�س املبيع‪ ،‬وهي يف حالة ما �إذا خاف فوت الثمن‪� ،‬أو كان‬
‫نائ ًبا عن غريه‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬الأ�شباه والنظائر البن جنيم‪� ،‬ص‪ ،)297( :‬حا�شية ابن عابدين (‪)762/6‬‬
‫((( انظر‪ :‬الفروق (‪ ،)277/3‬تهذيب الفروق (‪ ،)285/3‬وانظر‪� :‬إرث احلقوق املالية يف‪ :‬املعونة (‪،)1411/3‬‬
‫التلقني (‪ )364/2‬بداية املجتهد (‪ ،)211/2‬الذخرية (‪)111/12‬‬
‫((( انظر‪ :‬املهذب (‪ ،)284 ،285/1‬املجموع(التكملة الأولى) (‪ ،)193/12‬مغني املحتاج (‪.)45/2‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫�أما �إن كان البائع مل يخف فوت الثمن‪ ،‬ومل يكن نائ ًبا عن غريه‪ ،‬فلي�س له‬
‫حق حب�س املبيع؛ ومن ثم ف�إنه ال يوجد حق ليورث‪.‬‬
‫و �أما احلنابلة فريون يف املذهب عندهم �أنه لي�س للبائع حق يف حب�س‬
‫املبيع(‪)1‬؛ ومن ثم ف�إنه ال يوجد حق ليورث‪.‬‬
‫و�أما على القول الآخر عندهم �أن للبائع حق حب�س املبيع‪ ،‬فيمكن تخريج‬
‫قول لهم يف �إرث حق احلب�س ب�أن يقال‪� :‬إن حق احلب�س يورث؛ وقد خرجته‬
‫لهم بناء على قولهم‪ :‬ب�أن احلقوق املالية تورث‪ ،‬وبناء على قولهم‪ :‬ب�أن حق‬
‫خيار املجل�س وال�شرط يورثان �إن طالب بهما قبل موته(‪.)2‬‬
‫والبائع حب�س املبيع قبل موته‪ ،‬فهو مطالب بهذا احلق‪.‬‬
‫و مما �سبق‪ :‬يتبني اتفاق القائلني بحق البائع يف حب�س املبيع على �أن هذا‬
‫احلق يورث‪.‬‬

‫‪224‬‬

‫((( انظر‪ :‬املغني (‪ ،)286 ،188/6‬املحرر (‪ ،)333/1‬الفروع (‪ ،)275/6‬املبدع (‪ ،)115/4‬الإن�صاف‬


‫(‪.)458/4‬‬
‫((( انظر‪ :‬املغني (‪ ،)29/6‬املبدع (‪ ،)76/4‬الإن�صاف (‪ ،)393/4‬ك�شاف القناع (‪.)210/3‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫املبحث اخلام�س‬
‫�أثر ت�صرفات العاقدين يف حق احلب�س‬

‫وفيه �أربعة مطالب‪:‬‬

‫املطلب الأول‬
‫�أثر احلوالة بالثمن يف حق احلب�س‬
‫�إذا �أحال البائع غر ًميا من غرمائه على امل�شرتي بالثمن؛ لي�أخذه منه‪� ،‬أو‬
‫�أحال امل�شرتي البائع على �آخر؛ لكي ي�أخذ منه ثمن املبيع‪ ،‬فهل احلوالة يف‬
‫هاتني امل�س�ألتني ت�سقط حق البائع يف حب�س املبيع؟‪.‬‬
‫هذا ما �أتكلم عنه يف م�س�ألتني‪:‬‬

‫امل�س�ألة الأولى‬
‫حوالة البائع على امل�شرتي بالثمن‬
‫‪225‬‬
‫�إذا �أحال البائع غر ًميا من غرمائه على امل�شرتي بالثمن؛ لي�أخذه منه‪،‬‬
‫فال يخلو‪:‬‬
‫�إما �أن تكون احلوالة مقيدة بالثمن‪� ،‬أو مطلقة‪.‬‬
‫ف�إن كانت مقيدة بالثمن‪ ،‬ف�صرح احلنفية‪ :‬ب�أن البائع �إذا �أحال غر ًميا من‬
‫غرمائه على امل�شرتي بالثمن حوالة مقيدة به‪ ،‬ف�إنه يبطل حقة يف احلب�س(‪.)1‬‬
‫انظر‪ :‬حتفة الفقهاء (‪ ،)41/2‬بدائع ال�صنائع (‪ )250/5‬املحيط الربهاين (‪ ،)282/6‬فتح القدير‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)496/5‬البحر الرائق (‪ ،)331/5‬حا�شية ابن عابدين (‪.)561/4‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫كما �صرح ال�شافعية ب�سقوط حب�س املبيع باحلوالة دون تفريق بني املطلقة‬
‫�أو املقيدة بالثمن‪ ،‬وقد قالوا بذلك؛ لأنها كالقب�ض(‪.)1‬‬
‫ت�صريحا ب�سقوط حب�س املبيع باحلوالة‪� ،‬إال �أنه ميكن‬
‫ً‬ ‫ومل �أجد للمالكية‬
‫تخريج قول لهم‪ :‬ب�سقوط حب�س املبيع باحلوالة؛ بناء على قولهم‪ :‬ب�أن للبائع‬
‫حب�س املبيع من �أجل ت�سلم ثمنه‪ ،‬ومن قولهم‪� :‬إن احلوالة تنقل احلق من ذمة‬
‫املحيل �إلى ذمة املحال عليه(‪.)2‬‬
‫و�أما احلنابلة فال يرون يف املذهب عندهم �أن للبائع حق حب�س املبيع‬
‫حتى ي�سقط باحلوالة‪.‬‬
‫و�أما على القول الآخر عندهم �أن للبائع حق حب�س املبيع‪ ،‬فيمكن تخريج‬
‫قول لهم‪ :‬ب�سقوط حق احلب�س باحلوالة؛ بناء على قولهم‪ :‬ب�أن احلوالة تنقل‬
‫احلق من ذمة املحيل �إلى ذمة املحال عليه(‪.)3‬‬
‫و مما �سبق‪ :‬ميكن القول باتفاق القائلني بحق البائع يف حب�س املبيع على‬
‫�سقوط هذا احلق باحلوالة املقيدة بالثمن؛ وهذا قول احلنفية‪ ،‬وهو تخريج‬
‫على قول املالكية‪ ،‬وهو قول ال�شافعية‪ ،‬وتخريج على قول عند احلنابلة(‪.)4‬‬
‫وا�ستدلوا‪ :‬ب�أن البائع ا�ستحق حب�س املبيع؛ الن�شغال ذمة امل�شرتي بدين‬
‫له‪ ،‬ف�إذا �أحال غريه على امل�شرتي‪ ،‬فقد برئت ذمة امل�شرتي من دين البائع؛‬
‫لأن احلوالة مبنزلة القب�ض‪ ،‬فك�أن البائع قب�ض الدين‪ ،‬فلم يبق له دين‬ ‫‪226‬‬
‫يحب�س املبيع من �أجله(‪.)5‬‬
‫انظر‪ :‬احلاوي (‪� ،)307/5‬أ�سنى املطالب (‪ ،)232/2‬مغني املحتاج (‪ ،)195/2‬غاية البيان (‪.)281‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬املدونة (‪ ،)288/5‬الكايف البن عبدالرب (‪ ،)297/2‬التفريع (‪ ،)288/2‬ال�شرح ال�صغري (‪،663/2‬‬ ‫(((‬
‫‪ ،)662‬بلغة ال�سالك (‪.)663/2‬‬
‫انظر‪ :‬املغني (‪ ،)60/7‬املحرر(‪ ،)338/1‬الت�سهيل (‪ )117‬غاية املطلب (‪.)170‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ )250/5‬املحيط الربهاين (‪ ،)282/6‬فتح القدير (‪ ،)496/5‬املدونة (‪،)288/5‬‬ ‫(((‬
‫الكايف البن عبدالرب (‪ ،)297/2‬التفريع (‪ ،)288/2‬احلاوي (‪� ،)307/5‬أ�سنى املطالب (‪،)232/2‬‬
‫مغني املحتاج (‪ ،)195/2‬املغني (‪ ،)60/7 ،286/6‬املحرر(‪ ،)333 ،338/1‬الت�سهيل (‪ )117‬غاية‬
‫املطلب (‪.)170‬‬
‫انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ )250/5‬املحيط الربهاين (‪ ،)282/6‬احلاوي (‪ )307/5‬مغني املحتاج (‪.)195/2‬‬ ‫(((‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫ف�إن كانت احلوالة مطلقة‪ ،‬فاملالكية وال�شافعية واحلنابلة لي�س عندهم‬


‫تفريق بني احلوالة املطلقة واملقيدة بالثمن‪ ،‬ومن ثم فقولهم واحد يف‬
‫النوعني‪ ،‬و�أما احلنفية‪ ،‬فاختلفوا يف �سقوط حق حب�س املبيع باحلوالة املطلقة‬
‫على قولني‪:‬‬
‫القول الأول‪ :‬عدم �سقوط حق البائع بحب�س املبيع باحلوالة املطلقة؛ وهذا‬
‫قول محمد بن احل�سن من احلنفية(‪.)1‬‬
‫و هذا عنده بناء على �أن احلوالة تنقل املطالبة باحلق‪ ،‬وال تنقل‬
‫احلق‪ ،‬ف�إذا كانت احلوالة مطلقة ال تنقطع فيها املطالبة‪ ،‬ويبقى‬
‫حق البائع يف املطالبة فيبقى حقه يف احلب�س؛ لأن حق البائع يف‬
‫احلب�س ال ي�سقط �إال ب�سقوط حقه يف املطالبة (‪.)2‬‬
‫ويناق�ش‪ :‬ب�أنه ال ي�سلم ب�أن احلوالة تنقل املطالبة باحلق فقط‪ ،‬بل‬
‫هي تنقل احلق من ذمة املحيل �إلى ذمة املحال عليه؛ بدليل �أن‬
‫النبي ‪� S‬أمر املحال باتباع املحال عليه بقوله ‪«َ :S‬م ْط ُل ال َغ ِن ِّي‬
‫ُظ ْل ٌم‪َ ،‬ف�إِ َذا �أُ ْت ِب َع َ�أ َح ُد ُك ْم َع َلى َم ِل ٍّي َف ْل َي ْت َب ْع»(‪ ،)3‬و�أمره ‪ S‬للمحال‬
‫و�شرطه املالءة يدل على براءة ذمة املحيل‪ ،‬ونقل احلق من ذمة‬
‫‪227‬‬ ‫املحال �إلى ذمة املحال عليه؛ �إذ لو مل ينتقل احلق �إليها‪ ،‬مل يذكر‬
‫�شرط املالءة‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ )250/5‬املحيط الربهاين (‪.)282/6‬‬
‫((( انظر‪ :‬قول محمد بن احل�سن يف �أن احلوالة ال تنقل احلق‪ ،‬و�إمنا تنقل املطالبة باحلق يف‪ :‬بدائع ال�صنائع‬
‫(‪ ،)18 ،17 /6‬تبيني احلقائق (‪.)172 /4‬‬
‫وانظر‪ :‬القول ب�أن احلوالة املطلقة ال تنقطع فيها املطالبة يف حا�شية ابن عابدين (‪.)48 /5‬‬
‫وانظر‪ :‬القول ب�أن حق البائع يف احلب�س �إمنا ي�سقط ب�سقوط حقه يف املطالبة يف‪ :‬بدائع ال�صنائع‬
‫(‪ )250/5‬املحيط الربهاين (‪.)282/6‬‬
‫((( رواه البخاري واللفظ له يف �صحيحه‪ ،‬كتاب احلوالة‪ ،‬باب احلوالة‪ ،‬وهل يرجع يف احلوالة (‪،)139 /2‬‬
‫حديث رقم (‪ ،)2287‬وم�سلم يف �صحيحه‪ ،‬كتاب امل�ساقاة‪ ،‬باب حترمي مطل الغني و�صحة احلوالة (‪/3‬‬
‫‪ ،)1197‬حديث رقم (‪.)1564‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫القول الثاين‪� :‬سقوط حق البائع بحب�س املبيع باحلوالة؛ وهذا قول �أبي‬
‫يو�سف من احلنفية(‪.)1‬‬
‫وا�ستدلوا‪ :‬ب�أن حق احلب�س �إمنا يبقى ببقاء الدين يف ذمة امل�شرتي‪،‬‬
‫وذمة امل�شرتي برئت من دين البائع باحلوالة‪ ،‬في�سقط حقه يف‬
‫احلب�س(‪.)2‬‬
‫الرتجيح‪:‬‬
‫الراجح واهلل �أعلم القول الثاين ب�سقوط حق احلب�س باحلوالة؛ لقوة ما‬
‫ا�ستدلوا به‪ ،‬وملناق�شة ا�ستدالل القول املرجوح مبا يكفي لإ�ضعافه‪.‬‬

‫امل�س�ألة الثانية‬
‫حوالة امل�شرتي البائع بالثمن‬
‫�إذا �أحال امل�شرتي البائع بالثمن على �آخر‪ ،‬ففي �سقوط حق احلب�س‬
‫خالف على قولني‪:‬‬
‫القول الأول‪ :‬ال ي�سقط حق احلب�س؛ وهو رواية عن محمد بن احل�سن(‪.)3‬‬
‫و ا�ستدل‪ :‬ب�أن احلوالة تنقل املطالبة باحلق وال تنقل احلق‪ ،‬ف�إذا �أحال‬
‫امل�شرتي البائع على غرمي من غرمائه‪ ،‬فقد انتقلت املطالبة �إلى‬ ‫‪228‬‬
‫هذا الغرمي‪ ،‬ومل ت�سقط؛ و�إمنا �أقام امل�شرتي غريه مقامه يف حتمل‬
‫املطالبة‪ ،‬و�إذا مل يبطل حق البائع يف املطالبة مل يبطل حقه يف‬
‫احلب�س؛ لأن حقه �إمنا ي�سقط ب�سقوط حقه يف املطالبة(‪.)4‬‬
‫انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ )250/5‬املحيط الربهاين (‪.)282/6‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬املرجعني ال�سابقني‪.‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)250/5‬املحيط الربهاين (‪ ،)282/6‬البحر الرائق (‪ ،)331/5‬حا�شية ابن‬ ‫(((‬
‫عابدين (‪.)561/4‬‬
‫انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)250/5‬املحيط الربهاين (‪.)283 ،282 /6‬‬ ‫(((‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫ويناق�ش مبا �سبق ذكره من �أن احلوالة تنقل احلق من ذمة امل�شرتي �إلى‬
‫ذمة املحال عليه‪ ،‬ومن ثم فلم يبق حق للبائع جتاه امل�شرتي فال‬
‫ميلك حب�س املبيع عنه‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬ي�سقط حق احلب�س؛ وهو مذهب احلنفية‪ ،‬ورواية ثانية‬
‫ملحمد بن احل�سن‪ ،‬وهو تخريج على قول املالكية‪ ،‬وهو قول‬
‫ال�شافعية‪ ،‬وتخريج على قول عند احلنابلة(‪.)1‬‬
‫وا�ستدلوا‪ :‬ب�أن احلوالة تنقل الدين من ذمة املحيل �إلى ذمة املحال عليه‪،‬‬
‫ف�إذا �أحال امل�شرتي البائع بثمن املبيع فك�أنه �أوفاه دينه‪ ،‬فلم‬
‫يبق دين يف ذمته يطالبه به البائع‪ ،‬فلم ي�ستحق �أن يحب�س عنه‬
‫املبيع(‪.)2‬‬
‫الرتجيح‪:‬‬
‫الراجح واهلل �أعلم القول الثاين ب�سقوط حق احلب�س باحلوالة؛ لقوة ما‬
‫ا�ستدلوا به‪ ،‬وملناق�شة ا�ستدالل القول املرجوح مبا يكفي لإ�ضعافه‪.‬‬

‫املطلب الثاين‬
‫‪229‬‬ ‫�أثر الرهن والكفالة يف حق احلب�س‬

‫�إذا �أعطى امل�شرتي البائع ره ًنا بالثمن �أو كفيلاً به‪ ،‬فهل ي�سقط حق‬
‫البائع باحلب�س وي�سلم املبيع �إلى امل�شرتي؟‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ )250/5‬املحيط الربهاين (‪ ،)282/6‬فتح القدير (‪ ،)496/5‬املدونة‬
‫(‪ ،)288/5‬الكايف البن عبدالرب (‪ ،)297/2‬التفريع (‪ ،)288/2‬احلاوي (‪� ،)307/5‬أ�سنى املطالب‬
‫(‪ ،)232/2‬مغني املحتاج (‪ ،)195/2‬املغني (‪ ،)60/7 ،286/6‬املحرر(‪ ،)333 ،338/1‬الت�سهيل‬
‫(‪ )117‬غاية املطلب (‪.)170‬‬
‫((( انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)250/5‬املحيط الربهاين (‪ ،)282/6‬احلاوي (‪ ،)307/5‬مغني املحتاج‬
‫(‪.)195/2‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫�صرح احلنفية بعدم �سقوط حق احلب�س بالرهن والكفالة(‪.)1‬‬


‫كما �صرح ال�شافعية بعدم �سقوط احلب�س بالرهن والكفالة‪ ،‬قال املاوردي‪:‬‬
‫(فلو �أعطاه امل�شرتي بالثمن ره ًنا �أو �ضمي ًنا مل يلزمه ت�سليم املبيع) (‪.)2‬‬
‫ت�صريحا بذلك‪ ،‬وميكن تخريج على قولهم‪ :‬ب�أن البائع‬
‫ً‬ ‫و مل �أجد للمالكية‬
‫له حق احلب�س‪ ،‬مع قولهم ب�أن الرهن والكفالة جمرد وثيقة بالدين ال تنقل‬
‫احلق من ذمة امل�شرتي‪ ،‬ب�أن يقال‪ :‬ال ي�سقط حق احلب�س بالرهن والكفالة(‪.)3‬‬
‫و �أما احلنابلة فال يرون يف املذهب عندهم �أن للبائع ح ًّقا يف حب�س املبيع‪،‬‬
‫ومن ثم ف�إن عليه ت�سليم املبيع‪ ،‬ولو مل ي�أت امل�شرتي برهن �أو كفيل‪.‬‬
‫قول ب�أحقية البائع بحب�س املبيع‪ ،‬ومن ثم ميكن تخريج‬ ‫�إال �أن عندهم اً‬
‫على قولهم‪ :‬ب�أن البائع له حق احلب�س‪ ،‬مع قولهم‪ :‬ب�أن الرهن والكفالة جمرد‬
‫وثيقة بالدين‪ ،‬ال تنقل احلق من ذمة امل�شرتي‪ ،‬ب�أن يقال‪ :‬ال ي�سقط حق حب�س‬
‫املبيع بالرهن والكفالة(‪.)4‬‬
‫و مما �سبق يتبني اتفاق القائلني ب�أن للبائع ح ًّقا يف حب�س املبيع من �أجل‬
‫ت�سلم ثمنه على �أن هذا احلق ال ي�سقط ب�إتيان امل�شرتي برهن �أو كفيل‪.‬‬
‫وذلك؛ لأن الرهن والكفيل جمرد وثيقة بالثمن‪ ،‬ال تنقل الدين من‬
‫ذمة امل�شرتي‪ ،‬بل الثمن باق يف ذمته‪ ،‬و�إذا بقي الثمن بقي حق البائع يف‬ ‫‪230‬‬
‫احلب�س(‪.)5‬‬
‫انظر‪ :‬حتفة الفقهاء (‪ ،)41/2‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)250/5‬املحيط الربهاين (‪ ،)282/6‬فتح القدير‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)461/5‬البحر الرائق (‪ )331/5‬حا�شية ابن عابدين (‪.)561/4‬‬
‫انظر‪ :‬احلاوي (‪.)307/5‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬بداية املجتهد (‪ ،)275 ،295/3‬املعونة (‪ ،)1151 ،1230/2‬ال�شرح ال�صغري (‪.)568 ،669/2‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪� :‬شرح الزرك�شي (‪ ،)25 ،114/4‬املحرر(‪ ،)335 ،339/1‬الفروع (‪ ،)383 ،391/6‬ك�شاف القناع‬ ‫(((‬
‫(‪.)320 ،363/3‬‬
‫انظر‪ :‬حتفة الفقهاء (‪ ،)41/2‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)250/5‬املحيط الربهاين (‪ ،)282/6‬احلاوي‬ ‫(((‬
‫(‪.)307/5‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫املطلب الثالث‬
‫�أثر الإيداع والإعارة يف حق احلب�س‬

‫�إذا �أودع البائع املبيع عند امل�شرتي قبل �أن يت�سلم ثمنه‪� ،‬أو �أعاره �إياه‪،‬‬
‫فهل قب�ض امل�شرتي له بالإيداع‪� ،‬أو الإعارة ي�سقط حق البائع يف احلب�س‪ ،‬فال‬
‫ميلك ا�سرتداده‪� ،‬أو للبائع �أن ي�سرتده ويحب�سه بالثمن؟‪.‬‬
‫اختلف الفقهاء القائلون بحق البائع يف حب�س املبيع يف �سقوط هذا احلق‬
‫ب�إيداع املبيع عند امل�شرتي �أو �إعارته �إياه على ثالثة �أقوال‪:‬‬
‫القول الأول‪ :‬لي�س للبائع �أن ي�سرتد املبيع �إذا �أودعه امل�شرتي �أو �أعاره‬
‫�إياه‪ ،‬ومن ثم ي�سقط حقه يف احلب�س؛ وهذا امل�شهور من مذهب‬
‫احلنفية(‪.)1‬‬
‫وا�ستدلوا‪:‬‬
‫‪�1.1‬أن �إيداع البائع املبيع عند امل�شرتي‪� ،‬أو �إعارته �إياه‪ ،‬ال ميكن حملها‬
‫على الإيداع والإعارة؛ لأن ال�شيء ال يودع �أو يعار �إلى مالكه‪،‬‬
‫وامل�شرتي هو املالك للمبيع‪ ،‬فيحمل هذا الت�صرف على �أنه‪ :‬ت�سليم‬
‫للمبيع �إلى امل�شرتي‪ ،‬ومن ثم ي�سقط حق البائع يف احلب�س(‪.)2‬‬
‫‪231‬‬
‫ويناق�ش‪ :‬ب�أن هذا الت�سليم من البائع كان على وجه يريد معه‬
‫رجوع املبيع �إليه؛ لأن انتقال املبيع �إلى يد امل�شرتي كان على‬
‫حال ت�ستوجب الرد‪ ،‬فهو ت�سليم م�ؤقت‪ ،‬والذي ي�سقط حق البائع‬
‫�إقبا�ضه امل�شرتي بر�ضا ال ينتظر معه رجوع املبيع‪.‬‬
‫‪�2.2‬أن الإعارة والوديعة �أمانة يف يد امل�شرتي‪ ،‬وهو ال ي�صلح نائ ًبا عن‬
‫((( انظر‪ :‬املب�سوط (‪ ،)194/13‬حتفة الفقهاء (‪ ،)41/2‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)250/5‬البحر الرائق (‪.)331/5‬‬
‫((( انظر‪ :‬حتفة الفقهاء (‪.)41/2‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫البائع يف اليد؛ لأنه �أ�صل يف امللك‪ ،‬فكان �أ�صلاً يف اليد‪ ،‬ف�إذا وقعت‬
‫العارية �أو الوديعة يف يده‪ ،‬وقعت بجهة الأ�صالة‪ ،‬وهي يد امللك‪،‬‬
‫ويد امللك الزمة‪ ،‬فال ميلك �إبطالها باال�سرتداد(‪.)1‬‬
‫ويناق�ش‪ :‬ب�أنه ال ي�سلم �أن املبيع وقع يف يد امل�شرتي بجهة الأ�صالة؛‬
‫وذلك لبقاء تعلق حق البائع به؛ �إذ مل يت�سلم ثمنه‪� ،‬أ�شبه الدائن‬
‫الذي وجد عني متاعه عند املدين املفل�س‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬لي�س للبائع �أن ي�سرتد املبيع �إذا �أعارة للم�شرتي‪ ،‬وميكنه‬
‫�أن ي�سرتده �إذا �أودعه �إياه‪ ،‬ومن ثم ف�إنه ي�سقط حقه يف احلب�س‬
‫يف الإعارة‪ ،‬وال ي�سقط يف الوديعة؛ وهذا هو الأ�صح عند ال�شافعية‪،‬‬
‫ويتخرج اً‬
‫قول عند احلنابلة(‪.)2‬‬
‫وا�ستدلوا‪ :‬ب�أن لي�س يف الإيداع ت�سليط بخالف الإعارة‪ ،‬وتلفه يف‬
‫يد امل�شرتي بعد الإيداع كتلفه يف يد البائع(‪.)3‬‬
‫وتو�ضيح ذلك‪� :‬أن الوديعة يف يد امل�شرتي �أمانة‪ ،‬ال ي�ضمنها �إذا‬
‫تلفت من غري تعد وال تفريط‪ ،‬و�إذا مل ي�ضمنها فك�أنها تلفت يف يد‬
‫البائع‪ ،‬ومن ثم �سي�ضيع حق البائع‪ ،‬فكان يف القول ب�أن له ا�سرتداد‬
‫املبيع محافظة على حقه‪ ،‬بينما العارية م�ضمونة يف يد امل�شرتي‬
‫عند التلف‪ ،‬ومن ثم لن ي�ضيع حق البائع‪ ،‬فلم ميلك ا�سرتداد‬ ‫‪232‬‬
‫املبيع املعار‪.‬‬
‫و قولهم هذا بنوه على �أن الوديعة �أمانة‪ ،‬والعارية م�ضمونة(‪.)4‬‬
‫انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪.)250/5‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬رو�ضة الطالبني (‪ ،)183/3‬العزيز �شرح الوجيز (‪� ،)485 ،486/8‬أ�سنى املطالب (‪ ،)90/2‬مغني‬ ‫(((‬
‫املحتاج (‪ ،)76/2‬نهاية املحتاج (‪.)105 ،106/4‬‬
‫انظر‪� :‬أ�سنى املطالب (‪ ،)90/2‬مغني املحتاج (‪ ،)76/2‬نهاية املحتاج (‪.)106/4‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬كون العارية م�ضمونة‪ ،‬والوديعة �أمانة عند ال�شافعية يف‪ :‬الوجيز (‪ ،)284 ،204 /1‬عمدة ال�سالك‬ ‫(((‬
‫�ص‪.)170 ،168( :‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫ويناق�ش‪ :‬ب�أن ت�ضمني امل�ستعري �إمنا هو عند تلف العني املعارة‪،‬‬


‫والبائع له احلق يف احل�صول على ثمن املبيع ولو مل يتلف‪ ،‬فكان له‬
‫حق ا�سرتداده عند الإعارة محافظة على هذا احلق‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬للبائع �أن ي�سرتد املبيع �إذا �أودعه امل�شرتي‪� ،‬أو �أعاره �إياه‪،‬‬
‫ومن ثم ال ي�سقط حقه يف احلب�س؛ وهذا روي عن �أبي يو�سف من‬
‫احلنفية‪ ،‬وهو وجه عند ال�شافعية(‪.)1‬‬
‫وا�ستدلوا‪� :‬أن عقد الإعارة والإيداع لي�س بعقد الزم‪ ،‬فكان له والية‬
‫قيا�سا على املرتهن �إذا �أودع الراهن الرهن �أو �أعاره �إياه(‪.)2‬‬
‫اال�سرتداد؛ ً‬
‫ونوق�ش‪ :‬ب�أن القيا�س على املرتهن قيا�س مع الفارق‪ ،‬لأن يد‬
‫املرتهن على الرهن مبنزلة امللك‪ ،‬ومن ثم ف�إن الراهن ي�صلح �أن‬
‫يكون نائ ًبا عن املرتهن يف اليد‪ ،‬ويد النيابة ال تكون الزمة‪ ،‬فملك‬
‫املرتهن اال�سرتداد(‪.)3‬‬
‫ويجاب عن هذه املناق�شة‪ :‬ب�أنه ال ي�سلم �أن يد املرتهن على الرهن‬
‫مبنزلة امللك‪ ،‬بل هو جمرد وثيقة‪ ،‬ميكن �أن ي�ستوفى منها الدين‪،‬‬
‫وال ميكن للمرتهن الت�صرف فيه بتملك‪� ،‬أو بيع‪� ،‬أو نحوهما ما مل‬
‫‪233‬‬ ‫يكن ب�إذن الراهن‪� ،‬أو �إذن احلاكم‪.‬‬
‫الرتجيح‪:‬‬
‫الراجح واهلل �أعلم القول الثالث ب�أحقية البائع يف ا�سرتداد املبيع �إذا‬
‫وانظر‪ :‬كون العارية م�ضمونة‪ ،‬والوديعة �أمانة عند احلنابلة يف‪ :‬الهداية لأبي اخلطاب (‪ ،)236 ،232/1‬امل�ستوعب‬
‫(‪ ،)53 ،43/2‬بلغة ال�ساغب �ص‪.)288 ،266 ،265( :‬‬
‫((( انظر‪ :‬حتفة الفقهاء (‪ ،)42/2‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)251/5‬البحر الرائق (‪ ،)331/5‬رو�ضة الطالبني‬
‫(‪ ،)183/3‬العزيز �شرح الوجيز (‪.)486 ،485/8‬‬
‫((( انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪.)251/5‬‬
‫((( انظر‪ :‬املرجع ال�سابق‪.‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫�أو �أودعه عند امل�شرتي‪� ،‬أو �أعاره �إياه؛ لقوة ما ا�ستدلوا به‪ ،‬مع الإجابة عما‬
‫نوق�ش به دليلهم‪ ،‬وملناق�شة ا�ستدالل القول املرجوح مبا يكفي لإ�ضعافه‪.‬‬

‫املطلب الرابع‬
‫�أثر قب�ض امل�شرتي للمبيع يف حق احلب�س‬

‫�إذا تربع البائع بت�سليم املبيع �إلى امل�شرتي قبل قب�ض الثمن �سقط حقه يف‬
‫حب�س املبيع‪ ،‬فال ميكنه رده �إلى حب�سه(‪.)1‬‬
‫�أما �إن قب�ض امل�شرتي املبيع فال يخلو‪:‬‬
‫�إما �أن يقب�ضه ب�إذن البائع‪� ،‬أو �أن يقب�ضه بغري �إذنه‪.‬‬
‫ف�إن قب�ضه ب�إذن البائع‪� ،‬سقط حق البائع باحلب�س‪ ،‬فال ميلك ا�سرتداده؛‬
‫لأنه �أبطل حقه بالإذن بالقب�ض(‪.)2‬‬
‫و�إن قب�ضه بغري �إذن البائع فال يخلو‪:‬‬
‫�إما �أن يعلم البائع بهذا القب�ض وي�سكت‪� ،‬أو ال يعلم به‪.‬‬
‫ف�إن علم به و�سكت‪ ،‬فقد �أ�سقط حقه باحلب�س‪ ،‬وال ميكنه ا�سرتداده؛ لأن‬
‫علمه و�سكوته مبثابة الر�ضا بهذا القب�ض‪.‬‬
‫‪234‬‬
‫و�إن مل يعلم به حني القب�ض‪ ،‬ولكنه علم به بعد ذلك‪ ،‬فال يخلو �إما �أن‬
‫يجيز هذا القب�ض �أو ال يجيزه‪.‬‬
‫ف�إن �أجازه �سقط حقه باحلب�س؛ لأن �إجازته له تنازل عن حقه يف احلب�س‪،‬‬
‫و�إن مل يجزه‪ ،‬فال يخلو �إما �أن يكون تَ�ص َّرف امل�شرتي باملبيع بعد القب�ض �أو ال‪.‬‬
‫انظر‪ :‬البحر الرائق (‪ ،)331/5‬حا�شية ابن عابدين (‪ ،)561/4‬رو�ضة الطالبني (‪ ،)183/3‬نهاية‬ ‫(((‬
‫املحتاج (‪.)105/4‬‬
‫انظر‪ :‬حتفة الفقهاء (‪ ،)43/2‬بدائع ال�صنائع (‪ )251/5‬البحر الرائق (‪ ،)331/5‬حا�شية ابن عابدين‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)561/4‬رو�ضة الطالبني (‪ ،)183/3‬نهاية املحتاج (‪.)105/4‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫ف�إن مل يت�صرف به‪ ،‬فال يبطل حق البائع باحلب�س‪ ،‬وميلك ا�سرتداد املبيع‬
‫من امل�شرتي ليحب�سه �إلى �أن ي�ستويف ثمنه؛ وذلك لأن حق الإن�سان ال يجوز‬
‫�إبطاله من غري ر�ضاه‪.‬‬
‫و�إن ت�صرف به ك�أن يكون باعه‪� ،‬أو وهبه‪� ،‬أو �أعتقه �إن كان عبدً ا‪ ،‬ونحو‬
‫ذلك‪ ،‬فال يخلو �إما �أن يكون هذا الت�صرف يحتمل الف�سخ �أو ال‪.‬‬
‫ف�إن احتمل الف�سخ كالبيع‪ ،‬والهبة‪ ،‬ونحوهما‪ ،‬ف�إنه يف�سخ هذا الت�صرف‪،‬‬
‫وي�سرتد البائع املبيع ويحب�سه على ثمنه؛ لأنه تعلق به حقه‪.‬‬
‫و�إن مل يحتمل الف�سخ كالعتق‪ ،‬واال�ستيالد‪ ،‬ونحوهما‪ ،‬ف�إن البائع ال ميلك‬
‫ا�سرتداده؛ لأن هذه الت�صرفات ال ميكن نق�ضها‪ ،‬و�إذا مل ميكن نق�ضها‪ ،‬مل‬
‫(‪.)1‬‬
‫ميكن حب�س املبيع‪ ،‬وقد خرج عن ملك امل�شرتي مبا ال ميكن �إرجاعه �إليه‬
‫و مما �سبق يتبني �أن قب�ض امل�شرتي للمبيع ي�سقط حق احلب�س �إن كان‬
‫ب�إذن البائع‪� ،‬أو علمه به مع �سكوته �أو مع �إجازته‪� ،‬أو يكون امل�شرتي ت�صرف‬
‫به ت�صر ًفا ال يحتمل الف�سخ‪.‬‬
‫و ال ي�سقط حق احلب�س �إن كان بغري �إذن البائع �أو ر�ضاه‪� ،‬إذا مل يت�صرف‬
‫باملبيع‪ ،‬وكذا لو ت�صرف به ت�صر ًفا يحتمل الف�سخ‪.‬‬

‫‪235‬‬

‫انظر‪ :‬املب�سوط (‪ ،)194/13‬حتفة الفقهاء (‪ ،)43 ،44/2‬بدائع ال�صنائع (‪ )251/5‬البحر الرائق‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)331/5‬حا�شية ابن عابدين (‪ ،)561/4‬درر احلكام (‪ ،)228/1‬رو�ضة الطالبني (‪،)163 ،183/3‬‬
‫العزيز �شرح الوجيز (‪ ،)404/8‬مغني املحتاج (‪� ،)76/2‬إعانة الطالبني (‪ ،)40/3‬حوا�شي ال�شرواين‬
‫(‪.)362/4‬‬
‫ومل �أجد هذه التف�صيالت عند املالكية واحلنابلة‪.‬‬
‫انظر‪ :‬الإ�شراف على م�سائل اخلالف (‪ ،)111/2‬البيان والتح�صيل (‪ )145 ،146/4‬الذخرية (‪،333/5‬‬
‫‪ ،)368/4‬حا�شية الد�سوقي (‪ ،)147/3‬املغني (‪ ،)287/6‬املحرر (‪ ،)333/1‬الفروع (‪)275/6‬‬
‫الإن�صاف (‪.)458/4‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫املبحث ال�ساد�س‬
‫�أ�سباب �سقوط حق احلب�س‬

‫�إذا ثبت حق حب�س املبيع للبائع من �أجل ت�سلم ثمنه‪ ،‬ف�إن هناك �أ�سبا ًبا‬
‫ت�ؤدي �إلى �سقوط هذا احلق‪ ،‬ومن هذه الأ�سباب ما ي�أتي‪:‬‬
‫‪�1.1‬أداء امل�شرتي لثمن املبيع وت�سليمه للبائع‪ ،‬ف�إذا �أدى امل�شرتي ما عليه‬
‫وجب على البائع �أداء ما عليه‪ ،‬فيبطل حق احلب�س‪ ،‬وي�سلم املبيع‬
‫للم�شرتي(‪.)1‬‬
‫ف�إن مل ينقد امل�شرتي �إال بع�ض الثمن‪ ،‬فقد �سبق الكالم عن مدى‬
‫�سقوط حق احلب�س بذلك‪.‬‬
‫‪�2.2‬إبراء البائع امل�شرتي عن الثمن كله‪ ،‬ف�إذا �أبر�أه منه فك�أنه ا�ستوفاه‬
‫منه‪ ،‬في�سقط حق احلب�س(‪� ،)2‬أما �إن �أبر�أه عن بع�ض الثمن فت�أخذ‬
‫حكم ما لو �أدى امل�شرتي بع�ض الثمن‪ ،‬وقد �سبقت‪.‬‬
‫‪3.3‬ت�أجيل البائع للثمن احلال‪ ،‬ف�إذا �أجله �أ�سقط حقه يف احلب�س(‪.)3‬‬
‫‪236‬‬
‫وقد �سبق الكالم عن حق احلب�س �إذا كان الثمن م�ؤجلاً ‪� ،‬أو كان‬
‫م�ؤجلاً وحل قبل الت�سليم‪.‬‬
‫‪4.4‬و هناك �أ�سباب تقدم الكالم عنها مدى كونها م�سقطة حلق احلب�س‬
‫�أو ال مثل‪:‬‬
‫((( انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)250/5‬الفتاوى الهندية (‪ ،)16/3‬درر احلكام (‪.)228/1‬‬
‫((( انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)250/5‬الفتاوى الهندية (‪ ،)16/3‬درر احلكام (‪ ،)228/1‬احلاوي (‪.)307/5‬‬
‫((( انظر‪ :‬املب�سوط (‪ ،)194/13‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)251/5‬حا�شية ابن عابدين (‪ ،)561/4‬درر احلكام‬
‫(‪.)228/1‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫�أ‪ .‬حوالة امل�شرتي للبائع بالثمن‪� ،‬أو حوالة البائع غرميه على امل�شرتي‪،‬‬
‫وقد �سبق الكالم عنها‪.‬‬
‫ب‪� .‬إيداع البائع املبيع عند امل�شرتي‪� ،‬أو �إعارته �إياه‪ ،‬وقد �سبق الكالم‬
‫عنها‪.‬‬
‫ج‪ .‬قب�ض امل�شرتي للمبيع‪ ،‬وقد �سبق الكالم عنها‪.‬‬
‫و�سبق الكالم �أن الرهن والكفالة �إذا �أتى بهما امل�شرتي‪ ،‬ال ي�سقطان حق‬
‫احلب�س عند من يقول به‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫املبحث ال�سابع‬
‫�ضمان املحبو�س بالثمن عند تلفه‬

‫�إذا حب�س البائع املبيع من �أجل �أن ي�ستوفى ثمنه فتلف عنده‪ ،‬ف�إن حق‬
‫احلب�س ي�سقط؛ �إذ مل يبق مبيع حتى يحب�س‪ ،‬ولكن من ي�ضمنه عند تلفه؟‪.‬‬
‫ال يخلو‪� :‬إما �أن يتلفه امل�شرتي‪� ،‬أو البائع‪� ،‬أو �أجنبي‪� ،‬أو يكون تلف ب�آفة‬
‫�سماوية‪ ،‬ف�إن تلف بفعل امل�شرتي ف�إن �ضمانه على امل�شرتي‪ ،‬في�ضمنه بالثمن‪،‬‬
‫مبعنى �أنه يدفع ثمن املبيع املتفق عليه �إلى البائع؛ وهذا قول احلنفية واملالكية‬
‫وال�شافعية واحلنابلة(‪.)1‬‬
‫و�إن كان تلفه بفعل البائع‪ ،‬ف�ضمانه على البائع؛ وهذا قول احلنفية‪،‬‬
‫واملالكية‪ ،‬وال�شافعية واحلنابلة‪ ،‬و�إن اختلفوا يف كيفية ال�ضمان(‪.)2‬‬
‫و�إن �أتلفه �أجنبي‪ ،‬ف�إنه هو الذي ي�ضمنه(‪.)3‬‬
‫و�إن تلف ب�آفة �سماوية ف�ضمانه على البائع‪ ،‬و�إن اختلفوا يف التف�صيل(‪.)4‬‬
‫تنبيه‪ :‬هناك فرق �إذا تلف املبيع ب�آفة �سماوية بني ما �إذا كان يف املبيع‬ ‫‪238‬‬
‫انظر‪ :‬كون امل�شرتي ي�ضمن �إذا �أتلفه يف‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)238/5‬فتح القدير (‪ ،)496/5‬البحر‬ ‫(((‬
‫الرائق (‪ ،)15/6‬التلقني (‪ ،)365/2‬ال�شرح الكبري للدردير (‪ ،)150/3‬جواهر الإكليل (‪ ،)53/2‬رو�ضة‬
‫الطالبني (‪ ،)161/3‬مغني املحتاج (‪ ،)66/2‬نهاية املحتاج (‪ ،)80/4‬الكايف البن قدامة (‪،)30/2‬‬
‫الإن�صاف (‪� ،)472 ،473/4‬شرح منتهى الإرادات (‪.)188/2‬‬
‫انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)238/5‬فتح القدير (‪ )،496/5‬البحر الرائق (‪ ،)15/6‬التلقني (‪،)365/2‬‬ ‫(((‬
‫مواهب اجلليل (‪� ،)481 ،482/4‬شرح اخلر�شي على خليل (‪ ،)162/5‬املهذب (‪ ،)296/1‬الوجيز‬
‫(‪ ،)145/1‬العزيز �شرح الوجيز (‪ ،)400 ،401/8‬مغني املحتاج (‪ ،)67/2‬املبدع (‪،)119 ،120/4‬‬
‫الإن�صاف (‪ ،)464 ،466/4‬ك�شاف القناع (‪.)243 ،245/3‬‬
‫انظر‪ :‬املراجع ال�سابقة‪.‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬املراجع ال�سابقة‪.‬‬ ‫(((‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫حق توفيه �أو ال‪ ،‬ف�إن كان فيه حق توفيه فهو من �ضمان البائع‪ ،‬و�إن مل يكن‬
‫فيه حق توفية فاحلنفية وال�شافعية يرون �أن ال�ضمان على البائع فيما يرى‬
‫املالكية واحلنابلة �أن ال�ضمان على امل�شرتي(‪.)1‬‬
‫ومع �أن املالكية واحلنابلة يرون �أن ال�ضمان على امل�شرتي‪� ،‬إال �أنهم‬
‫ي�ستثنون بع�ض املبيعات‪ ،‬فيجعلون فيها ال�ضمان على البائع؛ حيث ا�ستثنى‬
‫املالكية عدة مبيعات‪ ،‬منها‪ :‬ال�سلعة املحبو�سة عند بائعها للثمن احلال(‪.)2‬‬
‫فيجعلون ال�ضمان على البائع‪ ،‬وي�ضمنها �ضمان الرهن‪.‬‬
‫وا�ستثنى احلنابلة عدة مبيعات‪ ،‬منها‪� :‬إذا منع البائع امل�شرتي من قب�ض‬
‫املبيع(‪.)3‬‬
‫وبهذا يتبني �أنهم متفقون على �أن ال�ضمان على البائع �إن �أتلف املبيع يف‬
‫حال حب�سه له‪� ،‬أو تلف ب�آفة �سماوية‪.‬‬

‫‪239‬‬

‫((( انظر‪ :‬املراجع ال�سابقة‪.‬‬


‫((( انظر‪ :‬املعونة (‪ ،)973/2‬ال�شرح الكبري للدردير (‪� ،)146/3‬شرح الزرقاين (‪.)159/5‬‬
‫((( انظر‪ :‬املبدع (‪ ،)119/4‬الإن�صاف (‪ ،)467/4‬ك�شاف القناع (‪.)244/3‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫املبحث الثامن‬
‫املوازنة بني حب�س املبيع على ثمنه ورهنه عليه‬

‫بعد ذكر ما يتعلق بحب�س املبيع على ثمنه يح�سن ذكر الفرق بينه وبني‬
‫رهن املبيع على ثمنه؛ حيث يوجد خلط بينهما‪ ،‬ف�أقول‪:‬‬
‫حب�س املبيع على ثمنه‪ ،‬ورهنه عليه يتفقان يف‪� :‬أن كلاًّ منهما طريق للتوثق‬
‫من احل�صول على احلق‪ ،‬فالبائع حينما يحب�س املبيع �إمنا يريد ت�سلم ثمنه‪،‬‬
‫وحينما يرهنه على ثمنه �إمنا يريد التوثق من ح�صوله على الثمن‪ ،‬ف�إذا مل‬
‫يدفع امل�شرتي الثمن‪ ،‬وحل الأجل ف�إن الرهن يباع‪ ،‬وي�أخذ البائع حقه‪.‬‬
‫�إال �أن حب�س املبيع على ثمنه لي�س هو رهنه عليه‪ ،‬ويدل على ذلك ما ي�أتي‪:‬‬
‫‪1.1‬يف رهن املبيع يوجد عقد �آخر مع عقد البيع‪ ،‬هو عقد الرهن‪ ،‬بينما‬
‫ال يوجد عقد �آخر يف حب�س املبيع‪ ،‬و�إمنا هو امتناع مالك ال�سلعة‬
‫عن ت�سليمها للم�شرتي بعد العقد من �أجل ا�ستيفاء ثمنها‪ ،‬ومعلوم‬
‫ما يرتتب على القول ب�أن الرهن عقد من ا�شرتاط ر�ضا العاقدين‪،‬‬
‫وكونهما جائزي الت�صرف‪ ،‬ونحو ذلك مما ي�شرتط يف العقود‪ ،‬بينما‬ ‫‪240‬‬
‫ال ي�شرتط ذلك يف حب�س املبيع(‪.)1‬‬
‫‪2.2‬لي�س للبائع حب�س املبيع �إذا كان الثمن م�ؤجلاً عند جماهري العلماء‪،‬‬
‫بينما له �أن يرهنه‪� ،‬سواء كان الثمن اً‬
‫حال �أو م�ؤجل(‪.)2‬‬
‫((( انظر‪ :‬كون الرهن عقدً ا يف‪ :‬حتفة الفقهاء (‪ ،)37/3‬تبيني احلقائق (‪ ،)77/6‬بداية املجتهد (‪،)275/2‬‬
‫�شرح التلقني (‪ ،)344/3‬احلاوي (‪ ،)4/6‬املهذب (‪ ،)305/1‬املغني (‪ ،)446/6‬املبدع (‪.)214/4‬‬
‫((( انظر‪� :‬صحة الرهن يف الثمن احلال وامل�ؤجل يف‪ :‬املب�سوط (‪ ،)129/20‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)214/5‬بداية‬
‫املجتهد (‪ ،)273/2‬القوانني الفقهية‪� ،‬ص (‪ )213‬املهذب (‪ ،)305/1‬البيان (‪� ،)11/6‬شرح الزرك�شي‬
‫(‪ ،)25/4‬املبدع (‪.)213/4‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫‪3.3‬التفريق بينهما يف احلكم؛ حيث يرى احلنابلة يف املذهب عندهم �أنه‬


‫لي�س للبائع حب�س املبيع على ثمنه‪ ،‬وله رهنه على ثمنه(‪.)1‬‬
‫‪4.4‬التفريق بينهما يف الأحكام املرتتبة على كل منهما؛ وذلك مثل‪:‬‬
‫�أ‪ .‬املبيع املحبو�س على ثمنه م�ضمون بالثمن‪ ،‬والرهن ينفي �ضمان‬
‫الثمن(‪.)2‬‬
‫ب‪ .‬املبيع املحبو�س على ثمنه مينع من بيعه عند ت�أخر ثمنه‪ ،‬والرهن‬
‫يوجب بيعه عند ت�أخر ما رهن به(‪.)3‬‬
‫ج‪ .‬املرتهن �إذا �أعار الرهن للراهن مل يبطل حقه يف الرهن وال �أن‬
‫ي�سرتده بعد ذلك‪ ،‬بخالف البائع �إذا �أعار املبيع �أو �أودعه للم�شرتي‬
‫ي�سقط حقه يف حب�سه‪ ،‬ولي�س له ا�سرتداده(‪.)4‬‬

‫‪241‬‬

‫انظر‪ :‬عدم �أحقية البائع بحب�س املبيع يف‪ :‬ر�ؤو�س امل�سائل اخلالفية (‪ ،)607/1‬الرعاية (‪،)642/1‬‬ ‫(((‬
‫املحرر (‪.)333/1‬‬
‫وانظر‪� :‬أحقيته برهن املبيع على ثمنه يف‪ :‬املغني (‪ ،)503/6‬املبدع (‪.)236/4‬‬
‫انظر‪ :‬احلاوي (‪.)188/6‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬املرجع ال�سابق‪.‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬املب�سوط (‪ ،)195/13‬الأ�شباه والنظائر البن جنيم �ص‪ ،)377 ،376( :‬درر احلكام (‪.)225/1‬‬ ‫(((‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫املبحث التا�سع‬
‫ملك حق احلب�س لغري البائع‬

‫تقدم الكالم عن حب�س البائع للمبيع‪ ،‬لكن هل يخت�ص هذا بالبائع‪� ،‬أم �أن‬
‫هناك من ميلك حب�س ما عنده من �أجل �أن يت�سلم مقابله؟‪.‬‬
‫ذكر الفقهاء �أن هناك من له احلق يف منع ما عنده �إلى �أن يت�سلم مقابله‪،‬‬
‫ومن ه�ؤالء‪ :‬امل�شرتي‪ ،‬والأجري‪ ،‬واملر�أة‪.‬‬
‫و هذا ما �أتكلم عنه يف هذا املبحث يف ثالثة مطالب‪:‬‬

‫املطلب الأول‬
‫حب�س امل�شرتي للمبيع ال�سرتداد ثمنه‬

‫�إذا قب�ض امل�شرتي املبيع‪ ،‬ثم تبني له �أن البيع فا�سد‪� ،‬أو �أن باملبيع عي ًبا‬
‫ي�ستوجب الرد‪ ،‬وكان قد نقد الثمن للبائع‪ ،‬فهل له �أن يحب�س املبيع من �أجل‬ ‫‪242‬‬
‫ا�سرتداد الثمن؟‪.‬‬
‫ال يخلو‪� :‬إما �أن يكون رد املبيع من �أجل ف�ساد العقد‪� ،‬أو يكون من �أجل‬
‫وجود عيب به ي�ستوجب الرد‪.‬‬
‫احلالة الأولى كون الرد من �أجل ف�ساد العقد‪:‬‬
‫قبل ذكر اختالف الفقهاء ال بد من معرفة ما ي�أتي‪:‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫‪1.1‬يرى احلنفية �أن العقد الفا�سد يفيد امللك بالقب�ض ب�إذن املالك(‪.)1‬‬
‫بينما يرى اجلمهور عدم انعقاد الفا�سد‪ ،‬فال يفيد امللك(‪.)2‬‬
‫‪2.2‬اتفق الفقهاء على وجوب ف�سخ العقد الفا�سد �إذا مل يفت‪ ،‬فريد البائع‬
‫الثمن‪ ،‬ويرد امل�شرتي املبيع(‪.)3‬‬
‫ف�إذا وجب اال�سرتداد بينهما‪ ،‬فهل للم�شرتي حب�س املبيع من �أجل‬
‫ا�سرتداد ثمنه؟‪.‬‬
‫اختلف الفقهاء يف حق امل�شرتي بحب�س املبيع من �أجل ا�سرتداد ثمنه على‬
‫قولني‪:‬‬
‫القول الأول‪ :‬يحق للم�شرتي حب�س املبيع حتى يرد البائع الثمن؛ وهذا قول‬
‫احلنفية‪ ،‬وقول عند ال�شافعية‪ ،‬وقول عند احلنابلة(‪.)4‬‬
‫وا�ستدلوا‪ :‬بالقيا�س على العقد اجلائز �إذا تفا�سخا؛ لأنها معاو�ضة‬
‫فتوجب الت�سوية بني البدلني(‪.)5‬‬
‫ويناق�ش‪ :‬ب�أن الت�سوية بني البدلني تقت�ضي �أال يجرب �أحدهما على‬
‫الت�سليم‪ ،‬بل ي�سلمان م ًعا‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬ال يحق للم�شرتي حب�س املبيع من �أجل ا�سرتداد ثمنه؛ وهذا‬
‫‪243‬‬ ‫قول ال�شافعية ومذهب احلنابلة‪ ،‬ويتخرج اً‬
‫قول للمالكية(‪.)6‬‬
‫انظر‪ :‬املب�سوط (‪ ،)23 ،22 /13‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)300 ،299 /5‬البحر الرائق (‪.)75 /6‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬بداية املجتهد (‪ ،)193 /2‬حا�شية الد�سوقي (‪ ،)54 /3‬رو�ضة الطالبني (‪� ،)72 /3‬أ�سنى املطالب‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)36/2‬املغني (‪ ،)327 /6‬الإن�صاف (‪.)473/4‬‬
‫انظر‪ :‬املب�سوط (‪ ،)23 ،22 /13‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)300 ،299 /5‬بداية املجتهد (‪ ،)193 /2‬حا�شية‬ ‫(((‬
‫الد�سوقي (‪ ،)54 /3‬رو�ضة الطالبني (‪� ،)72 /3‬أ�سنى املطالب (‪ ،)36/2‬املغني (‪ ،)327 /6‬الإن�صاف‬
‫(‪.)473/4‬‬
‫انظر‪ :‬املحيط الربهاين (‪ ،)427/6‬تبيني احلقائق (‪ ،)65 ،66/4‬العناية على الهداية (‪،)101/6‬‬ ‫(((‬
‫الكفاية على الهداية (‪ ،)101/6‬رو�ضة الطالبني (‪ ،)72 /3‬الإن�صاف (‪.)474/4‬‬
‫انظر‪ :‬تبيني احلقائق (‪ ،)66/4‬البحر الرائق (‪.)105 ،106/6‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬رو�ضة الطالبني (‪� ،)72/3‬أ�سنى املطالب (‪ ،)36 ،348/2‬نهاية املحتاج (‪ ،)165/5‬الإن�صاف =‬ ‫(((‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫وا�ستدلوا‪ :‬ب�أن امل�شرتي يف حال ف�ساد العقد مخاطب كل حلظة‬


‫برده‪ ،‬ف�إذا مل يرده كان غا�ص ًبا(‪.)1‬‬
‫قول للمالكية بناء على �أن املقبو�ض بعقد فا�سد ال يفيد‬ ‫وخرجته اً‬
‫امللك‪� ،‬إن كان حترميه جمم ًعا عليه‪� ،‬أو كان مختل ًفا فيه ومل يفت(‪.)2‬‬
‫الرتجيح‪:‬‬
‫الراجح واهلل �أعلم ال يحق للم�شرتي حب�س املبيع من �أجل ا�سرتداد ثمنه؛‬
‫وال يجرب �أحدهما على الت�سليم قبل الآخر‪ ،‬بل ي�سلمان م ًعا؛ وذلك لأنه عند‬
‫ف�سخ العقد الفا�سد يكون ما بيد كل منهما �أمانة يف يده‪ ،‬وال مرجح لأحدهما‬
‫على الآخر‪ ،‬في�ستويان يف احلق‪.‬‬
‫احلالة الثانية كون الرد لوجود عيب يف املبيع‪:‬‬
‫�إذا كان الرد لوجود عيب يف املبيع‪ ،‬فاتفق احلنفية وال�شافعية على �أن‬
‫للم�شرتي حب�س املبيع من �أجل ا�سرتداد ثمنه(‪.)3‬‬
‫ت�صريحا للمالكية واحلنابلة يف هذا‪ ،‬وميكن تخريج قول للمالكية‬
‫ً‬ ‫ومل �أجد‬
‫ب�أن له حب�س املبيع حتى يت�سلم ثمنه؛ وذلك لأنهم يرون �أحقية البائع بحب�س‬
‫املبيع‪ ،‬وامل�شرتي يف هذه احلالة ك�أنه بائع(‪.)4‬‬
‫و �أما احلنابلة فال يرون يف املذهب عندهم �أن للبائع حق حب�س املبيع‬ ‫‪244‬‬
‫على ثمنه‪ ،‬وامل�شرتي �إذا قب�ض املبيع �أ�صبح ك�أنه بائع‪ ،‬فال ميلك حق حب�س‬
‫= (‪� ،)473/4‬شرح منتهى الإرادات (‪ ،)421/2‬مطالب �أويل النهى (‪ ،)58/4‬القوانني الفقهية (‪،170‬‬
‫‪ ،)172‬ال�شرح الكبري للدردير (‪ ،)54/3‬حا�شية الد�سوقي (‪.)54/3‬‬
‫انظر‪ :‬رو�ضة الطالبني (‪� ،)72/3‬أ�سنى املطالب (‪.)36/2‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬قول املالكية يف‪ :‬بداية املجتهد (‪ ،)193/2‬مواهب اجلليل (‪� ،)380/4‬شرح اخلر�شي على خليل‬ ‫(((‬
‫(‪.)86/5‬‬
‫انظر‪ :‬املحيط الربهاين (‪ ،)427/6‬تبيني احلقائق (‪ ،)65/4‬العناية على الهداية (‪ ،)101/6‬فتح‬ ‫(((‬
‫القدير (‪ ،)101/6‬البحر الرائق (‪ ،)105/6‬العزيز �شرح الوجيز (‪ ،)387/8‬رو�ضة الطالبني‬
‫(‪� ،)150/3‬أ�سنى املطالب (‪ ،)66/2‬مغني املحتاج (‪ ،)57/2‬نهاية املحتاج (‪.)165/5‬‬
‫انظر‪ :‬الذخرية (‪ ،)368/4 ،333/5‬القوانني الفقهية (‪ ،)164‬حا�شية الد�سوقي (‪.)147/3‬‬ ‫(((‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫املبيع ال�سرتداد ثمنه(‪.)1‬‬


‫على �أن للحنابلة اً‬
‫قول �آخر ب�أحقية البائع حب�س املبيع على ثمنه‪ ،‬ويتخرج‬
‫على هذا القول �أن للم�شرتي حق حب�س املبيع من �أجل ا�سرتداد ثمنه(‪.)2‬‬
‫ومما �سبق ميكن القول باتفاق القائلني بحق البائع يف حب�س املبيع على‬
‫�أن للم�شرتي حب�س املبيع من �أجل ا�سرتداد ثمنه �إذا كان الرد لوجود عيب‬
‫يف املبيع‪.‬‬

‫املطلب الثاين‬
‫حب�س الأجري للعني لت�سلم الأجرة‬

‫�إذا دفع امل�ست�أجر للأجري عي ًنا ليعمل بها‪ ،‬ك�أن دفع �إليه ثو ًبا ليخيطه‪� ،‬أو‬
‫عي ًنا ليحملها فقام الأجري بعمله وملا يقب�ض �أجرته‪ ،‬فهل له �أن يحب�س العني‬
‫ليقب�ض �أجرته؟‪.‬‬
‫اختلف الفقهاء يف هذه امل�س�ألة على �أربعة �أقوال‪:‬‬
‫القول الأول‪ :‬للأجري حب�س العني ليقب�ض �أجرته؛ وهذا قول املالكية(‪.)3‬‬
‫‪245‬‬ ‫وا�ستدلوا‪ :‬بالقيا�س على البيع؛ �إذ �إن الأجري باع منفعته(‪.)4‬‬
‫ويناق�ش‪ :‬ب�أن املعقود عليه الذي يراد حب�سه منفعة‪ ،‬وهي عر�ض ال‬
‫ي�صلح �أن حتب�س ما مل تت�صل بعني‪ ،‬وال ات�صال لها بالعني ما مل‬
‫يكن لها �أثر فيها‪.‬‬
‫انظر‪ :‬املغني (‪ ،)286 ،188/6‬املحرر (‪ ،)333/1‬الفروع (‪ ،)275/6‬املبدع (‪.)115/4‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬املغني (‪ ،)287/6‬املحرر (‪ ،)333/1‬الفروع (‪ )275/6‬الإن�صاف (‪.)458/4‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬املدونة (‪ ،)448/4‬الذخرية (‪.)440/5‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬الذخرية (‪.)440/5‬‬ ‫(((‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫القول الثاين‪ :‬لي�س للأجري حب�س العني ليقب�ض �أجرته؛ وهذا قول زفر‬
‫من احلنفية‪ ،‬وهو وجه عند ال�شافعية(‪.)1‬‬
‫وا�ستدلوا‪:‬‬
‫‪�1.1‬أن العني لي�ست ره ًنا عنده‪ ،‬ومل ي�أذن له رب العمل باحتبا�سها‪،‬‬
‫ف�إذا حب�سها عنده كان غا�ص ًبا لها‪ ،‬فعليه �ضمانها كالغا�صب(‪.)2‬‬
‫ويناق�ش‪ :‬ب�أن القيا�س على الغا�صب قيا�س مع الفارق؛ وذلك‬
‫لأن الغا�صب حب�س العني ظل ًما‪� ،‬أما الأجري يف هذه احلالة‬
‫فحب�سها ل�سبب‪ :‬هو احل�صول على �أجرته‪ ،‬وهي حق �شرعي له‪.‬‬
‫‪�2.2‬أن املعقود عليه �صار م�سل ًما �إلى �صاحب العني بات�صاله مبلكه‪،‬‬
‫ف�سقط حق احلب�س به؛ لأن االت�صال مبلكه ب�إذنه‪ ،‬ف�صار‬
‫كالقب�ض بيده(‪.)3‬‬
‫ونوق�ش ب�أن هذا الفعل ال يعد ت�سلي ًما بر�ضاه‪ ،‬بل هو م�ضطر‬
‫�إليه؛ �إذ ال وجود للعمل �إال به‪ ،‬والر�ضا ال يثبت باال�ضطرار(‪.)4‬‬
‫القول الثالث‪ :‬لي�س للأجري حب�س العني �إال �إذا �أفل�س امل�ست�أجر‪ ،‬ومل يكن‬
‫قد دفع ثمن العني‪ ،‬و�أتى بائعها يطلبها؛ وهذا مذهب احلنابلة(‪.)5‬‬
‫‪246‬‬
‫انظر‪ :‬املب�سوط (‪ ،)106/15‬تبيني احلقائق (‪ ،)111/5‬احلاوي (‪ ،)472/7‬املهذب (‪ ،)410/1‬رو�ضة‬ ‫(((‬
‫الطالبني (‪.)403/3‬‬
‫انظر‪ :‬احلاوي (‪ ،)472/7‬املهذب (‪.)410/1‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬تبيني احلقائق (‪.)111/5‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬املرجع ال�سابق‪.‬‬ ‫(((‬
‫ي�أتي من باع العني �إلى امل�ست�أجر املفل�س‪ ،‬فيطلبها بعد ف�سخ البيع؛ لوجود متاعه عند من �أفل�س‪ ،‬وتو�ضيح‬ ‫(((‬
‫ذلك �أن يبيع زيد على عمرو عي ًنا‪ ،‬ومل ينقد عمرو الثمن‪ ،‬فيدفعها عمرو �إلى �أجري ليعمل بها عملاً ‪،‬‬
‫فيعمل الأجري ذلك العمل ومل يقب�ض �أجرته‪ ،‬ثم �أن هذا امل�شرتي (عمرو) �أفل�س؛ فجاء زيد يطلب ثمن‬
‫مفل�سا‪ ،‬والعني وجدها كما هي‪ ،‬فهو �أحق بها من الغرماء‪ ،‬ف�إذا طلبها من الأجري‪ ،‬ف�إن‬
‫العني‪ ،‬فوجد عمرو ً‬
‫للأجري �أن يحب�سها حتى يقب�ض �أجرته‪.‬‬
‫انظر‪ :‬املغني (‪ ،)113/8‬الإن�صاف (‪ ،)77/6‬ك�شاف القناع (‪.)36 ،37/4‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫و ا�ستدلوا على �أنه لي�س له حب�س العني‪ :‬ب�أن العني لي�ست ره ًنا عنده‪،‬‬
‫وال �أذن له رب العمل يف �إم�ساكها‪ ،‬فلزمه �ضمانها كالغا�صب(‪.)1‬‬
‫وقد �سبقت مناق�شة هذا يف دليل القول الثاين‪.‬‬
‫و ا�ستدلوا على �أنه له حب�س العني �إذا �أفل�س امل�ست�أجر‪ :‬ب�أن العمل‬
‫الذي مقابل الأجرة موجود يف العني‪ ،‬فملك الأجري حب�سه مع‬
‫ظهور ع�سرة امل�ست�أجر(‪.)2‬‬
‫القول الرابع‪� :‬إن كان ال يظهر لعمله �أثر يف العني فلي�س له حب�سها لقب�ض‬
‫الأجرة‪ ،‬و�إن كان يظهر لعمله �أثر فيها فله احلب�س؛ وهذا مذهب‬
‫احلنفية وال�شافعية(‪.)3‬‬
‫قيا�سا على‬
‫وا�ستدلوا‪ :‬ب�أن عمل الأجري ملكه فكان له حق حب�سه؛ ً‬
‫البائع؛ �إذ يحق له حب�س املبيع من �أجل ت�سلم الثمن‪ ،‬واجلامع‬
‫بينهما‪� :‬أن البائع باع �سلعته‪ ،‬والأجري باع منفعته‪.‬‬
‫وفرقوا بني ما له �أثر يف املحل وما ال �أثر له‪ ،‬ب�أن ما له �أثر يكون‬
‫العمل و�ص ًفا قائ ًما يف املحل ف�صار كالعني‪ ،‬وهذا الأثر هو املعقود‬
‫عليه‪ ،‬وهو مقابل بالثمن‪ ،‬فكان كاملبيع(‪.)4‬‬
‫انظر‪ :‬املغني (‪ ،)113/8‬ك�شاف القناع (‪.)36/4‬‬ ‫(((‬
‫‪247‬‬ ‫انظر‪ :‬ك�شاف القناع (‪.)37/4‬‬ ‫(((‬
‫مع اختالف يف بع�ض التفا�صيل؛ حيث يرى بع�ض احلنفية �أن هذا �إذا كان العمل يف دكان الأجري‪� ،‬أما �إذا‬ ‫(((‬
‫كان يف بيت امل�ست�أجر فلي�س له احلب�س‪.‬‬
‫ويرى ال�شافعية �أن احلب�س معناه �أن ي�ضعه عند عدل‪ ،‬ولي�س للأجري حب�سه حتت يده‪ ،‬وقيدوا احلب�س مبا‬
‫�إذا زادت القيمة بالعمل‪.‬‬
‫انظر‪ :‬املذهبني مع التف�صيل يف‪ :‬مخت�صر القدوري (‪ ،)101 ،102/2‬املب�سوط (‪ ،)106/15‬بدائع‬
‫ال�صنائع (‪ ،)204/4‬الهداية للمريغناين (‪ ،)292 ،293/9‬تبيني احلقائق (‪ ،)111/5‬اجلوهرة النرية‬
‫(‪ ،)324/1‬البناية (‪ ،)293/9‬تكملة البحر الرائق (‪ ،)5/8‬احلاوي (‪ ،)472/7‬املهذب (‪،)410/1‬‬
‫رو�ضة الطالبني (‪� ،)403 ،404/3‬أ�سنى املطالب (‪ ،)203/2‬نهاية املحتاج (‪ ،)352/4‬حا�شية‬
‫ال�شربامل�سي (‪.)352/4‬‬
‫انظر‪ ،:‬املب�سوط (‪ ،)106/15‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)204/4‬تبيني احلقائق (‪ ،)111/5‬اجلوهرة النرية‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)324/1‬اللباب �شرح الكتاب (‪ ،)102/2‬احلاوي (‪ ،)472/7‬املهذب (‪� ،)410/1‬أ�سنى املطالب‬
‫(‪ ،)203/2‬نهاية املحتاج (‪.)352/4‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫الرتجيح‪:‬‬
‫الراجح واهلل �أعلم القول الرابع‪ :‬ب�أن للأجري حب�س العني لت�سلم �أجرته �إن‬
‫كان لعمله �أثر يف العني؛ وذلك لقوة ما ا�ستدلوا به‪ ،‬وملناق�شة �أدلة املخالفني‬
‫مبا يكفي لإ�ضعافها‪.‬‬

‫املطلب الثالث‬
‫حب�س املر�أة نف�سها لت�سلم مهرها‬

‫وفيه �أربع م�سائل‪:‬‬

‫امل�س�ألة الأولى‬
‫منع املر�أة نف�سها حتى تقب�ض مهرها احلال‬
‫اتفق الفقهاء على �أن للمر�أة �أن متتنع من ت�سليم نف�سها �إلى زوجها حتى‬
‫حال‪� ،‬أو بع�ضه اً‬
‫حال وبع�ضة م�ؤجل(‪.)1‬‬ ‫تقب�ض مهرها احلال‪� ،‬سواء كان كله اً‬
‫وا�ستدلوا‪:‬‬
‫‪1.1‬القيا�س على البائع‪ ،‬فكما �أن البائع له حق حب�س املبيع ال�ستيفاء‬
‫الثمن‪ ،‬فكذلك للمر�أة االمتناع من ت�سليم نف�سها ال�ستيفاء املهر‪ ،‬لأن‬ ‫‪248‬‬
‫املهر عو�ض عن ب�ضعها‪ ،‬كالثمن عو�ض عن املبيع(‪.)2‬‬
‫انظر‪ :‬حتفة الفقهاء (‪ ،)142/2‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)282/2‬الفتاوى الهندية (‪ ،)317/1‬البحر الرائق‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)190/3‬الدر املختار (‪ ،)143/3‬التلقني (‪ ،)287/1‬عقد اجلواهر الثمينة (‪ ،)96/2‬الذخرية‬
‫(‪ ،)368/4‬القوانني الفقهية (‪� ،)136‬شرح اخلر�شي على خليل (‪ ،)257/3‬احلاوي (‪ ،)530/9‬عمدة‬
‫ال�سالك (‪ ،)207‬رو�ضة الطالبني (‪ ،)83/5‬حتفة املحتاج (‪ ،)379/7‬مغني املحتاج (‪ ،)222/3‬املغني‬
‫(‪ ،)171/ 10‬الفروع (‪ ،)352/8‬الإن�صاف (‪ ،)310/8‬الرو�ض املربع (‪ ،)400/6‬ك�شف املخدرات‬
‫(‪.)108/2‬‬
‫انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)282/2‬الذخرية (‪� ،)368/4‬شرح اخلر�شي على خليل (‪ ،)258/3‬حا�شية‬ ‫(((‬
‫الد�سوقي (‪ ،)298/2‬بلغة ال�سالك (‪ ،)84/2‬احلاوي (‪.)530/9‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫‪�2.2‬أن املنفعة املعقود عليها تتلف باال�ستيفاء‪ ،‬ف�إذا تعذر ا�ستيفاء املهر‬
‫عليها‪ ،‬مل ميكنها ا�سرتجاع عو�ضها(‪.)1‬‬

‫امل�س�ألة الثانية‬
‫منع املر�أة نف�سها حتى تقب�ض مهرها امل�ؤجل‬
‫�إذا كان املهر م�ؤجلاً ‪ ،‬فهل للمر�أة �أن متتنع من ت�سليم نف�سها؟‪.‬‬
‫اختلف الفقهاء يف ذلك على قولني‪:‬‬
‫القول الأول‪ :‬للمر�أة �أن متتنع عن ت�سليم نف�سها حتى تقب�ض �صداقها‬
‫امل�ؤجل؛ وهذا قول �أبي يو�سف من احلنفية(‪.)2‬‬
‫ا�ستدل‪ :‬ب�أن حق الزوج يف اال�ستمتاع مقابل بت�سليم املهر‪ ،‬وال�ش�أن‬
‫يف املهر �أن يتقدم ت�سليمه على ت�سليم النف�س‪ ،‬ف�إذا �أجل املهر كان‬
‫هذا ر�ضا منه بت�أجيل حقه يف اال�ستمتاع(‪.)3‬‬
‫ونوق�ش‪ :‬ب�أن ت�سليم املهر مقدم على ت�سليم النف�س �إذا كان معجلاً ‪،‬‬
‫�أما �إذا كان م�ؤجلاً فال ي�سلم ب�أنه يتقدم على ت�سليم النف�س؛ لأن‬
‫تقدمه حق لها ثبت حتقي ًقا للمعاو�ضة املقت�ضية للم�ساواة‪ ،‬ف�إذا‬
‫‪249‬‬ ‫ر�ضيت بالت�أجيل فقد �أ�سقطت هذا احلق‪ ،‬ويبقى حق الزوج قائ ًما؛‬
‫لأنه مل ي�سقطه ومل ير�ض ب�إ�سقاطه(‪.)4‬‬
‫انظر‪ :‬حتفة املحتاج (‪ ،)379/7‬مغني املحتاج (‪ ،)222/3‬نهاية املحتاج (‪ ،)338/6‬زاد املحتاج‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)281/3‬املغني (‪ ،)171/ 10‬الكايف البن قدامة (‪ ،)94/3‬الإن�صاف (‪ ،)310/8‬ك�شف املخدرات‬
‫(‪ ،)108/2‬الرو�ض املربع (‪.)401/6‬‬
‫انظر‪ :‬حتفة الفقهاء (‪ ،)142/2‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)288/2‬البحر الرائق (‪.)190/3‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬حتفة الفقهاء (‪ ،)142/2‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)289/2‬البحر الرائق (‪ ،)190/3‬الذخرية‬ ‫(((‬
‫(‪� ،)368/4‬شرح اخلر�شي على خليل (‪ ،)257/3‬ال�شرح الكبري للدردير (‪ ،)297/2‬احلاوي (‪،)531/9‬‬
‫مغني املحتاج (‪ ،)222/3‬زاد املحتاج (‪ ،)282/3‬املغني (‪ ،)171/ 10‬الإن�صاف (‪ ،)311/8‬ك�شف‬
‫املخدرات (‪ ،)108/2‬ك�شاف القناع (‪.)163/5‬‬
‫انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪.)289/2‬‬ ‫(((‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫القول الثاين‪ :‬لي�س لها �أن متنع نف�سها؛ وهذا قول �أبي حنيفة‪ ،‬ومحمد بن‬
‫احل�سن‪ ،‬وهو قول املالكية‪ ،‬وال�شافعية‪ ،‬واحلنابلة(‪.)1‬‬
‫و ا�ستدلوا‪ :‬ب�أن املر�أة بر�ضاها بت�أجيل ال�صداق تكون ر�ضيت بذمة‬
‫الزوج‪ ،‬فتكون بذلك �أ�سقطت حقها باملطالبة به‪ ،‬وبقي حق الزوج‬
‫بت�سلمها مل ي�سقط؛ لأنه ال ي�سقط �إال بر�ضاه‪ ،‬فتكون كالبائع الذي‬
‫�أجل الثمن ي�سقط حقه بحب�س املبيع(‪.)2‬‬
‫الرتجيح‪ :‬الراجح واهلل �أعلم القول الثاين؛ لقوة ما ا�ستدلوا به‪ ،‬وملناق�شة‬
‫دليل املخالف مبا يكفي لإ�ضعافه‪.‬‬

‫امل�س�ألة الثالثة‬
‫منع املر�أة نف�سها حتى تقب�ض مهرها امل�ؤجل الذي حل قبل الت�سليم‬
‫�إذا كان املهر م�ؤجلاً ‪ ،‬ولكنه حل قبل �أن ت�سلم نف�سها‪ ،‬فهل لها �أن متتنع‬
‫حتى تقب�ض هذا املهر الذي حل؟‪.‬‬
‫اختلف الفقهاء يف ذلك على قولني‪:‬‬
‫القول الأول‪ :‬للمر�أة �أن متتنع من ت�سليم نف�سها‪� ،‬إذا حل مهرها امل�ؤجل؛‬
‫وهذا قول �أبي يو�سف من احلنفية‪ ،‬وهو امل�شهور من مذهب‬
‫‪250‬‬
‫املالكية‪ ،‬وقول عند ال�شافعية‪ ،‬وقول عند احلنابلة(‪.)3‬‬
‫((( انظر‪ :‬حتفة الفقهاء (‪ ،)142/2‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)288/2‬البحر الرائق (‪ ،)190/3‬الذخرية‬
‫(‪� ،)368/4‬شرح اخلر�شي على خليل (‪ ،)257/3‬ال�شرح الكبري للدردير (‪ ،)297/2‬احلاوي (‪،)531/9‬‬
‫مغني املحتاج (‪ ،)222/3‬زاد املحتاج (‪ ،)282/3‬املغني (‪ ،)171/ 10‬الإن�صاف (‪ ،)311/8‬ك�شف‬
‫املخدرات (‪ ،)108/2‬ك�شاف القناع (‪.)163/5‬‬
‫((( انظر‪ :‬حتفة الفقهاء (‪ ،)142/2‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)289/2‬احلاوي (‪ ،)531/9‬حتفة املحتاج (‪،)3809/7‬‬
‫مغني املحتاج (‪ ،)222/3‬نهاية املحتاج (‪ ،)338/6‬املغني (‪ ،)171/ 10‬الكايف البن قدامة (‪،)954/3‬‬
‫الرو�ض املربع (‪ ،)401/6‬ك�شاف القناع (‪ ،)163/5‬حا�شية ابن قا�سم على الرو�ض املربع (‪.)401/6‬‬
‫((( انظر‪ :‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)289/2‬البحر الرائق (‪ ،)190/3‬الدر املختار (‪� ،)143/3‬شرح اخلر�شي‬
‫على خليل (‪ ،)258/3‬ال�شرح الكبري للدردير (‪ ،)297/2‬ال�شرح ال�صغري (‪ ،)84/2‬رو�ضة الطالبني‬
‫(‪ ،)583/5‬حتفة املحتاج (‪ ،)379/7‬نهاية املحتاج (‪ ،،)338/6‬الفروع (‪ ،)352/8‬الإن�صاف (‪.)311/8‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫وا�ستدلوا‪ :‬ب�أنه �إذا حل الأجل �أ�صبح ك�أنه حال ابتدا ًء‪ ،‬فت�ستحق‬
‫املر�أة املطالبة به‪ ،‬و�إذا ا�ستحقت املطالبة به‪ ،‬كان لها منع نف�سها‬
‫حتى تقب�ضه؛ لأنه مقابل ت�سليم نف�سها(‪.)1‬‬
‫ويناق�ش‪ :‬ب�أنه يف املهر امل�ؤجل ثبت حق الزوج بت�سلم زوجته‪ ،‬ولي�س‬
‫للزوجة حق باالمتناع‪ ،‬بل �سقط حقها بر�ضاها‪ ،‬فكون الزوج ت�أخر‬
‫يف ا�ستيفاء حقه ال ين�شئ ذلك ح ًقا جديدً ا للزوجة‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬لي�س لها �أن متتنع من ت�سليم نف�سها؛ وهذا قول �أبي حنيفة‪،‬‬
‫ومحمد بن احل�سن‪ ،‬وهو قول عند املالكية‪ ،‬والأ�صح عند ال�شافعية‪،‬‬
‫وال�صحيح من مذهب احلنابلة(‪.)2‬‬
‫وا�ستدلوا‪ :‬ب�أن ت�سليم نف�سها قد وجب عليها وا�ستقر بالعقد‪ ،‬ولو‬
‫مل تقب�ض املهر لر�ضاها بت�أخريه‪ ،‬فلم ي�سقط هذا الواجب بحلول‬
‫امل�ؤجل‪ ،‬فلم يكن لها �أن متتنع منه(‪.)3‬‬
‫الرتجيح‪ :‬الراجح واهلل �أعلم القول الثاين؛ لقوة ما ا�ستدلوا به‪ ،‬وملناق�شة‬
‫دليل املخالف مبا يكفي لإ�ضعافه‪.‬‬

‫امل�س�ألة الرابعة‬
‫‪251‬‬
‫امتناع املر�أة بعد ت�سليم نف�سها مطاوعة‬

‫�إن �سلمت املر�أة نف�سها مطاوعة قبل �أن تقب�ض املهر‪ ،‬فهل لها �أن متتنع‬
‫بعد ذلك؟‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬رو�ضة الطالبني (‪ ،)583/5‬نهاية املحتاج (‪ ،)338/6‬زاد املحتاج (‪.)282/3‬‬
‫((( انظر‪ :‬حتفة الفقهاء (‪ ،)143/2‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)289/2‬البحر الرائق (‪� ،)190/3‬شرح اخلر�شي‬
‫على خليل (‪ ،)258/3‬احلاوي (‪ ،)531/9‬رو�ضة الطالبني (‪ ،)83/5‬حتفة املحتاج (‪ ،)380/7‬الكايف‬
‫البن قدامة (‪ ،)95/3‬الفروع (‪ ،)352/8‬الإن�صاف (‪.)311/8‬‬
‫((( انظر‪ :‬احلاوي (‪ ،)531/9‬املغني (‪ ،)171/ 10‬الكايف البن قدامة (‪ ،)95/3‬ك�شاف القناع (‪.)163/5‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫ال يخلو �إما �أن يكون قد وطئها �أو ال‪ ،‬وهذا ما �أتكلم عنه يف فرعني‪:‬‬
‫الفرع الأول‪ :‬امتناع املر�أة بعد الت�سليم والوطء‬
‫�إن كانت املر�أة قد �سلمت نف�سها ووطئها الزوج‪ ،‬وملا تت�سلم مهرها‪ ،‬فهل‬
‫لها االمتناع بعد ذلك؟‪.‬‬
‫اختلف الفقهاء يف حقها يف منع نف�سها حتى تقب�ض مهرها على قولني‪:‬‬
‫القول الأول‪ :‬للمر�أة احلق يف منع نف�سها لتقب�ض مهرها‪ ،‬ولو بعد وطئها‬
‫مطاوعة؛ وهذا قول �أبي حنيفة‪ ،‬وقول عند احلنابلة‪ ،‬وقول عند‬
‫املالكية �إن غرها(‪.)1‬‬
‫وا�ستدلوا‪ :‬ب�أن املهر يف مقابل كل وطء يف النكاح‪ ،‬ولي�س يف مقابل‬
‫الوطء الأول فقط؛ بدليل‪� :‬أنه لو كان يف مقابل املهر الأول لوجب‬
‫للوطء الثاين مهر �آخر‪ ،‬وجلاز لها �أن متنعه من الوطء الثاين؛‬
‫لأنه ا�ستوفى حقه يف الوطء الأول؛ و�إذا ثبت هذا ف�إن ت�سليمها‬
‫ً‬
‫م�سقطا حلقها يف منع ما بقي‪ ،‬كما لو باع‬ ‫لبع�ض احلق ال يكون‬
‫عبدين ف�سلم �أحدهما قبل قب�ض الثمن‪ ،‬كان له �أن يحب�س الآخر‬
‫حتى ي�ستويف الثمن (‪.)2‬‬
‫نوق�ش‪ :‬ب�أن املهر قد ا�ستبيح به كل وطء‪ ،‬لكنه قد ا�ستقر بالوطء‬ ‫‪252‬‬
‫الأول‪ ،‬فقام فيه مقام كل وطء(‪.)3‬‬
‫القول الثاين‪ :‬لي�س لها احلق يف منع نف�سها بعد �أن وطئها مطاوعة؛ وهذا‬
‫قول محمد بن احل�سن‪ ،‬و�أبي يو�سف من احلنفية‪ ،‬وهو مذهب‬
‫((( انظر‪ :‬حتفة الفقهاء (‪ ،)143/2‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)289/2‬الفتاوى الهندية (‪ ،)317/3‬املغني (‪10‬‬
‫‪ ،)171/‬الكايف البن قدامة (‪ ،)94/3‬الإن�صاف (‪.)312/8‬‬
‫((( انظر‪ :‬حتفة الفقهاء (‪ ،)143/2‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)289 ،290/2‬الدر املختار (‪ ،)43/3‬احلاوي‬
‫(‪ ،)530 ،531/9‬املغني (‪ ،)171/ 10‬الكايف البن قدامة (‪.)94/3‬‬
‫((( انظر‪ :‬احلاوي (‪.)531/9‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫املالكية �إال �أن ا�ستحق املهر(‪ ،)1‬وهو ال�صحيح من مذهب ال�شافعية‪،‬‬


‫وهو مذهب احلنابلة(‪.)2‬‬
‫وا�ستدلوا‪ :‬ب�أنه ت�سليم بر�ضا امل�س ِّلم ي�ستقر به العو�ض‪ ،‬فوجب �أن‬
‫ي�سقط به حكم االمتناع‪ ،‬كما لو �سلم البائع املبيع(‪.)3‬‬
‫الرتجيح‪ :‬الراجح واهلل �أعلم القول الثاين؛ لقوة ما ا�ستدلوا به‪ ،‬وملناق�شة‬
‫دليل املخالف مبا يكفي لإ�ضعافه‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬امتناع املر�أة بعد الت�سليم وقبل الوطء‬
‫�إن كانت املر�أة قد �سلمت نف�سها‪ ،‬وملا تت�سلم مهرها‪ ،‬ومل يط�أها الزوج‪،‬‬
‫فهل لها االمتناع بعد ذلك؟‪.‬‬
‫اختلف الفقهاء يف حقها يف منع نف�سها حتى تقب�ض مهرها على قولني‪:‬‬
‫القول الأول‪ :‬للمر�أة �أن متتنع بعد �أن �سلمت نف�سها مادام �أنه مل يط�أها؛‬
‫وهذا قول احلنفية‪ ،‬وقول ال�شافعية‪ ،‬وقول عند املالكية‪ ،‬وقول عند‬
‫احلنابلة(‪.)4‬‬
‫وا�ستدلوا‪ :‬ب�أن القب�ض يف النكاح يكون‪ :‬بالوطء الذي ي�ستقر به‬
‫كمال املهر‪ ،‬دون الت�سليم(‪.)5‬‬
‫‪253‬‬
‫وعندهم قول �آخر‪ :‬لي�س لها �أن متتنع و�إن ا�ستحق املهر‪.‬‬ ‫(((‬
‫انظر‪ :‬حتفة الفقهاء (‪ ،)143/2‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)289/2‬البحر الرائق (‪ ،)191/3‬حا�شية ابن‬ ‫(((‬
‫عابدين (‪ ،)143/3‬الفتاوى الهندية (‪ ،)317/1‬التلقني (‪ ،)287/1‬الإ�شراف على م�سائل اخلالف‬
‫(‪ ،)111/2‬القوانني الفقهية (‪ ،)136‬حا�شية الد�سوقي (‪ ،)298/2‬احلاوي (‪ ،)530/9‬الوجيز‬
‫(‪ ،)56/2‬رو�ضة الطالبني (‪ ،)584/5‬عمدة ال�سالك (‪ ،)207‬املغني (‪ ،)171/ 10‬الكايف البن قدامة‬
‫(‪ ،)94/3‬الإن�صاف (‪.)311 ،312/8‬‬
‫انظر‪ :‬حتفة الفقهاء (‪ ،)143/2‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)289/2‬الإ�شراف على م�سائل اخلالف (‪،)111/2‬‬ ‫(((‬
‫احلاوي (‪ ،)531/9‬الوجيز (‪ ،)56/2‬املهذب (‪ ،)57/2‬املغني (‪ ،)171/ 10‬ك�شاف القناع (‪.)164/5‬‬
‫انظر‪ :‬حتفة الفقهاء (‪ ،)142 ،143/2‬بدائع ال�صنائع (‪ ،)288/2‬احلاوي (‪ ،)530/9‬رو�ضة الطالبني‬ ‫(((‬
‫(‪ ،)584/5‬حا�شية الد�سوقي (‪ ،)298/2‬بلغة ال�سالك (‪ ،)84/2‬الإن�صاف (‪.)312/8‬‬
‫انظر‪ :‬احلاوي (‪.)530/9‬‬ ‫(((‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫ويناق�ش‪ :‬ب�أن هذا مبني على �أن املهر �إمنا ي�ستقر بالوطء‪ ،‬والراجح‬
‫ا�ستقراره باخللوة؛ ولذا فال فرق بني �أن يط�أها �أو ال‪ ،‬ما دام قد‬
‫خال بها بت�سليمها نف�سها مطاوعة‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬لي�س للمر�أة �أن متتنع بعد �أن �سلمت نف�سها؛ وهذا مذهب‬
‫املالكية‪ ،‬ومذهب احلنابلة(‪.)1‬‬
‫وا�ستدلوا بالدليل نف�سه فيما �إذا ح�صل وطء‪.‬‬
‫الرتجيح‪ :‬الراجح واهلل �أعلم القول الثاين؛ لقوة ما ا�ستدلوا به‪ ،‬وملناق�شة‬
‫دليل املخالف مبا يكفي لإ�ضعافه‪.‬‬

‫‪254‬‬

‫انظر‪ :‬التلقني (‪ ،)287/1‬القوانني الفقهية (‪ ،)136‬حا�شية الد�سوقي (‪ ،)298/2‬الإن�صاف (‪،)312/8‬‬ ‫(((‬


‫ك�شاف القناع (‪.)164/5‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫اخلامتة‬

‫احلمد هلل على ما من به من �إمتام هذا البحث‪ ،‬و�أ�س�أل اهلل تعالى �أن‬
‫يجعله عند ح�سن ظن من قر�أه �أو �سمعه‪ ،‬و�أن يح�سن العاقبة ويغفر الزلل‪.‬‬
‫ويف ختام هذا البحث �أذكر �أبرز النتائج التي تو�صلت �إليها‪ ،‬وهي على‬
‫النحو الآتي‪:‬‬
‫‪�1 .1‬أورد الفقهاء لفظة احلب�س يف كتبهم يف �أبواب متعددة‪ ،‬ويريدون بها‬
‫�أكرث من معنى‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬ال�سجن‪ ،‬والوقف‪ ،‬واملنع واالمتناع؛ وهو‬
‫املراد يف هذا البحث‪.‬‬
‫‪2 .2‬ميكن تعريف حب�س املبيع على ثمنه ب�أنه‪ :‬امتناع مالك ال�سلعة عن‬
‫ت�سليمها للم�شرتي بعد العقد من �أجل ا�ستيفاء ثمنها‪.‬‬

‫‪255‬‬
‫‪3 .3‬للتوثيق طرق متعددة‪ ،‬ذكرها الفقهاء‪ ،‬منها‪ :‬الكتابة‪ ،‬والإ�شهاد‪،‬‬
‫والرهن‪ ،‬وال�ضمان والكفالة‪ ،‬وحق احلب�س واالحتبا�س‪.‬‬
‫‪�4 .4‬إذا تبايع العاقدان نقدً ا بنقد‪ ،‬فهذا هو ال�صرف‪ ،‬وقد اتفق الفقهاء‬
‫على وجوب التقاب�ض بينهما‪ ،‬فال حب�س للمبيع هنا‪.‬‬
‫‪�5 .5‬إن تبايعا ً‬
‫عر�ضا بعر�ض‪ ،‬فقد اتفق الفقهاء على �أنه ال يلزم �أحد‬
‫املتعاقدين بت�سليم ما بيده قبل الآخر‪.‬‬
‫‪6 .6‬الذي يرتجح يل �أن النقود تتعني بالتعيني يف الزمن القدمي؛ لأن‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫الدنانري والدراهم يف القدمي لتعيينها ق�صد‪ ،‬ففيها الرديء واجليد‪،‬‬


‫وامل�شوب واخلال�ص‪ ،‬و�أما يف زمننا فهذه االحتماالت غري موجودة‪،‬‬
‫ومن ثم فالراجح �أن النقود ال تتعني بالتعيني يف ع�صرنا احلا�ضر‪ ،‬ما‬
‫مل ي�شرتط �أحدهما ذلك‪.‬‬
‫و�إذا قيل بعدم تعينها‪ ،‬وتبايعا ً‬
‫عر�ضا بنقد معني‪ ،‬فك�أنهما تبايعا‬
‫ً‬
‫عر�ضا بدين يف الذمة‪.‬‬
‫‪�7 .7‬إذا باع �سلعة حا�ضرة بثمن م�ؤجل‪ ،‬فلي�س للبائع �أن يحب�س العني‬
‫املباعة‪.‬‬
‫‪�8 .8‬إذا باع �سلعة بثمن يف الذمة‪ ،‬وهذا الثمن حال غري م�ؤجل‪ ،‬فللبائع‬
‫حب�س املبيع من �أجل ت�سلم ثمنه‪.‬‬
‫‪�9 .9‬إذا باع �سلعة حا�ضرة بثمن م�ؤجل‪ ،‬وحل الأجل قبل الت�سليم‪ ،‬فلي�س‬
‫للبائع حق حب�س املبيع‪.‬‬
‫‪�1010‬إذا باع �سلعة حا�ضرة بثمن بع�ضه حال‪ ،‬وبع�ضه م�ؤجل‪ ،‬فللبائع‬
‫حب�س جميع املبيع و�إن كان بع�ض الثمن م�ؤجلاً �إن كان املبيع ينق�ص‬
‫بالت�شقي�ص‪ ،‬ف�إن مل ينق�ص بالت�شقي�ص فلي�س له حب�س جميع املبيع‪،‬‬
‫و�إمنا يدفع �إلى امل�شرتي من املبيع بقدر ما يقابل امل�ؤجل‪.‬‬ ‫‪256‬‬
‫‪1111‬للبائع حب�س جميع املبيع و�إن دفع امل�شرتي بع�ض الثمن �إن كان املبيع‬
‫ينق�ص بالت�شقي�ص‪ ،‬ف�إن مل ينق�ص بالت�شقي�ص فلي�س له حب�س جميع‬
‫املبيع‪ ،‬و�إمنا يدفع �إلى امل�شرتي من املبيع بقدر ما قب�ض من ثمنه‪.‬‬
‫‪�1212‬إذا باع �أ�شياء متعددة ب�صفقة واحدة‪ ،‬وامل�شرتي واحد‪ ،‬و�سدد‬
‫امل�شرتي بع�ض الثمن‪ ،‬فللبائع حب�س جميع املبيع و�إن دفع امل�شرتي‬
‫بع�ض الثمن �إن كان املبيع ينق�ص بالتفريق‪ ،‬ف�إن مل ينق�ص بالتفريق‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫فلي�س له حب�س جميع املبيع‪ ،‬و�إمنا يدفع �إلى امل�شرتي من املبيع بقدر‬
‫ما قب�ض من ثمنه‪.‬‬
‫‪�1313‬إذا باع �سلعة �إلى اثنني �صفقة واحدة‪ ،‬فنقد �أحدهما ح�صته من‬
‫الثمن‪ ،‬فللبائع حب�س جميع املبيع و�إن دفع �أحد امل�شرتين ح�صته من‬
‫الثمن �إن كان املبيع ينق�ص بالتفريق‪ ،‬ف�إن مل ينق�ص بالتفريق فلي�س‬
‫له حب�س جميع املبيع‪ ،‬و�إمنا يدفع �إلى امل�شرتي الذي دفع ما عليه من‬
‫الثمن حقه من املبيع‪.‬‬
‫‪�1414‬إن حب�س البائع املبيع من �أجل ت�سلم ثمنه فزاد هذا املبيع‪ ،‬فال يحق‬
‫له حب�س زوائد املبيع؛ لأنها ال تلحق بالأ�صل‪.‬‬
‫‪�1515‬إذا حب�س البائع املبيع من �أجل ت�سلم ثمنه‪ ،‬ومات يف �أثناء مدة‬
‫احلب�س‪ ،‬ف�إن هذا احلق يورث‪ ،‬فينتقل �إلى ورثته‪.‬‬
‫‪�1616‬إذا �أحال البائع غر ًميا من غرمائه على امل�شرتي بالثمن؛ لي�أخذه‬
‫منه‪� ،‬سقط حقه يف احلب�س باحلوالة؛ �سواء كانت مقيدة بالثمن‪� ،‬أو‬
‫مطلقة‪.‬‬
‫‪�1717‬إذا �أحال امل�شرتي البائع بالثمن على �آخر‪� ،‬سقط حق البائع يف‬
‫احلب�س باحلوالة‪.‬‬
‫‪257‬‬ ‫‪�1818‬إذا �أعطى امل�شرتي البائع ره ًنا بالثمن �أو كفيلاً به‪ ،‬ف�إن حق البائع‬
‫يف احلب�س ال ي�سقط‬
‫‪�1919‬إذا �أودع البائع املبيع عند امل�شرتي قبل �أن يت�سلم ثمنه‪� ،‬أو �أعاره‬
‫�إياه‪ ،‬فله احلق يف ا�سرتداده ليحب�سه على ثمنه‪ ،‬وال ي�سقط حقه يف‬
‫احلب�س‪.‬‬
‫‪�2020‬إذا تربع البائع بت�سليم املبيع �إلى امل�شرتي قبل قب�ض الثمن �سقط‬
‫حقه يف احلب�س‪.‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫‪2121‬قب�ض امل�شرتي للمبيع ي�سقط حق البائع يف احلب�س �إن كان ب�إذن‬


‫البائع‪� ،‬أو علمه به مع �سكوته �أو مع �إجازته‪� ،‬أو يكون امل�شرتي ت�صرف‬
‫به ت�صر ًفا ال يحتمل الف�سخ‪.‬‬
‫وال ي�سقط حق احلب�س �إن كان بغري �إذن البائع �أو ر�ضاه‪� ،‬إذا مل‬
‫يت�صرف باملبيع‪ ،‬وكذا لو ت�صرف به ت�صر ًفا يحتمل الف�سخ‪.‬‬
‫‪2222‬من �أ�سباب �سقوط حق البائع يف حب�س املبيع �سوى ما ذكر �أداء‬
‫امل�شرتي للثمن‪� ،‬أو �إبراء البائع للم�شرتي من الثمن‪� ،‬أو ت�أجيل البائع‬
‫للثمن احلال‪.‬‬
‫‪�2323‬إذا حب�س البائع املبيع من �أجل �أن ي�ستوفى ثمنه فتلف عنده‪ ،‬ف�إن‬
‫حق احلب�س ي�سقط؛ �إذ مل يبق مبيع حتى يحب�س‪ ،‬وي�ضمنه امل�شرتي‬
‫�إن كان هو الذي �أتلفه‪ ،‬وي�ضمنه البائع �إن كان هو الذي �أتلفه �أو تلف‬
‫ب�آفة �سماوية‪ ،‬وي�ضمنه الأجنبي �إن كان هو الذي �أتلفه‪.‬‬
‫‪�2424‬إذا ثبت رد املبيع من �أجل ف�ساد العقد‪ ،‬فال يحق للم�شرتي حب�س‬
‫املبيع من �أجل ا�سرتداد ثمنه؛ وال يجرب �أحدهما على الت�سليم قبل‬
‫الآخر‪ ،‬بل ي�سلمان م ًعا‪.‬‬
‫‪�2525‬إذا ثبت رد املبيع من �أجل وجود عيب يف املبيع‪ ،‬فللم�شرتي حق حب�س‬
‫‪258‬‬
‫املبيع من �أجل ا�سرتداد ثمنه‪.‬‬
‫‪2626‬للأجري حب�س العني لت�سلم �أجرته �إن كان لعمله �أثر يف العني‪.‬‬
‫‪2727‬للمر�أة �أن متتنع من ت�سليم نف�سها �إلى زوجها حتى تقب�ض مهرها‬
‫حال‪� ،‬أو بع�ضه اً‬
‫حال وبع�ضه م�ؤجلاً ‪.‬‬ ‫احلال‪� ،‬سواء كان كله اً‬
‫‪2828‬لي�س للمر�أة �أن متتنع من ت�سليم نف�سها �إلى زوجها �إذا كان مهرها‬
‫م�ؤجلاً ‪� ،‬أو كان م�ؤجلاً وحل قبل الت�سلم‪.‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫‪�2929‬إذا �سلمت املر�أة نف�سها مطاوعة قبل �أن تقب�ض املهر‪ ،‬فلي�س لها �أن‬
‫متتنع بعد ذلك؛ �سواء وطئها �أم مل يط�أها‪.‬‬
‫و�أخ ًريا‪� ،‬أدعو اهلل عز وجل �أن يغفر يل ما بدر من تق�صري �أو زلل‪ ،‬كما‬
‫خال�صا لوجهه الكرمي‪ ،‬و�آخر‬
‫�أ�س�أله �سبحانه �أن ينفع بهذا العمل‪ ،‬ويجعله ً‬
‫دعوانا‪� :‬أن احلمد هلل رب العاملني‪.‬‬
‫و�صلى اهلل و�سلم على نبينا محمد‪ ،‬وعلى �آله و�صحبه �أجمعني‪.‬‬

‫‪259‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫فهر�س امل�صادر واملراجع‬

‫‪ 1‬القر�آن الكرمي‪.‬‬ ‫‪.1‬‬


‫‪2‬االختيار لتعليل املختار‪ :‬ت�أليف‪ :‬عبداهلل بن محمود بن مودود املو�صلي‬ ‫‪.2‬‬
‫احلنفي (ت ‪683‬هـ)‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1395‬هـ‪1975-‬م‪ ،‬دار املعرفة‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪�3‬أ�سا�س البالغة‪ ،‬جاراهلل �أبو القا�سم محمود بن عمر الزمخ�شري‬ ‫‪.3‬‬
‫(ت‪538‬هـ)‪ ،‬حتقيق عبدالرحيم محمود‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت لبنان‪.‬‬
‫‪�4‬أ�سنى املطالب يف �شرح رو�ض الطالب‪ ،‬ال�شيخ �أبو يحي زكريا بن محمد‬ ‫‪.4‬‬
‫ابن �أحمد الأن�صاري (ت ‪926‬هـ)‪ ،‬املكتبة الإ�سالمية‪.‬‬
‫‪5‬الأ�شباه والنظائر تاج الدين عبدالوهاب بن علي بن عبدالكايف‬ ‫‪.5‬‬
‫ال�سبكي (ت‪ ،)771‬حققه عادل عبداملوجود‪ ،‬علي محمد معو�ض‪،‬‬
‫الطبعة الأولى ‪1411‬هـ‪1991-‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية بريوت لبنان‪.‬‬
‫‪6‬الأ�شباه والنظائر على مذهب �أبي حنيفة النعمان‪ ،‬ال�شيخ زين الدين‬ ‫‪.6‬‬
‫ابن �إبراهيم بن محمد ال�شهري بابن جنيم (ت ‪970‬هـ)‪ ،‬طبعة �سنة‪:‬‬
‫‪1405‬هـ‪1985-‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪7‬الأ�شباه والنظائر يف قواعد وفروع فقه ال�شافعية‪ :‬ت�أليف‪ :‬الإمام جالل‬ ‫‪.7‬‬
‫الدين عبدالرحمن ال�سيوطي (ت ‪911‬هـ)‪ ،‬الطبعة الأولى‪1403 ،‬هـ‪-‬‬ ‫‪260‬‬
‫‪1983‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪8‬الإ�شراف على م�سائل اخلالف‪ :‬القا�ضي عبدالوهاب بن علي بن ن�صر‬ ‫‪.8‬‬
‫البغدادي (ت‪422 :‬هـ)‪ ،‬مطبعة الإرادة‪.‬‬
‫‪9‬الأ�صل املعروف باملب�سوط لأبي عبداهلل محمد بن احل�سن ال�شيباين‬ ‫‪.9‬‬
‫(ت ‪189‬هـ) اعتنى بت�صحيحه والتعليق عليه �أبو الوفاء الأفغاين‪،‬‬
‫الطبعة الأولى‪ ،‬دار املعارف النعمانية‪ ،‬باك�ستان‪.‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫‪1010‬الإقناع يف حل �ألفاظ �أبي �شجاع‪ ،‬ال�شيخ محمد ال�شربيني اخلطيب‬


‫(ت ‪977‬هـ)‪ ،‬دار اخلري للن�شر والتوزيع‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪1111‬الأم‪ ،‬الإمام �أبو عبداهلل محمد بن �إدري�س ال�شافعي(ت ‪204‬هـ)‪،‬‬
‫�أ�شرف على طبعه وبا�شر ت�صحيحه‪ ،‬محمد زهري النجار‪ ،‬دار املعرفة‬
‫للطباعة والن�شر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪1212‬الإن�صاف يف معرفة الراجح من اخلالف على مذهب الإمام املبجل‬
‫�أحمد بن حنبل‪ ،‬عالء الدين �أبو احل�سن علي بن �سليمان املرداوي‬
‫احلنبلي (ت‪885‬هـ)‪� ،‬صححه وحققه‪ :‬محمد حامد الفقي الطبعة‬
‫الثانية‪1406 ،‬هـ‪1986-‬م‪� ،‬أعادت طبعه دار �إحياء الرتاث العربي‪.‬‬
‫‪1313‬البحر الرائق �شرح كنز الدقائق‪ ،‬العالمة زين الدين بن جنيم احلنفي‬
‫(ت‪ 970‬هـ)‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الكتاب الإ�سالمي‪.‬‬
‫‪1414‬بحر املذهب يف فروع الإمام ال�شافعي‪ ،‬عبدالواحد �إ�سماعيل الروياين‬
‫(‪502‬هـ)‪ ،‬حتقيق طارق فتحي ال�سيد‪ ،‬طبع دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫الطبعة الأولى ‪2009‬م‪.‬‬
‫‪1515‬بداية املجتهد ونهاية املقت�صد‪ ،‬الإمام �أبو الوليد محمد بن �أحمد‬
‫ابن محمد بن �أحمد بن ر�شد القرطبي (ت ‪595‬هـ)‪ ،‬الطبعة الثامنة‬
‫‪1406‬هـ‪1986-‬م‪ ،‬دار املعرفة للطباعة والن�شر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪261‬‬ ‫‪1616‬بدائع ال�صنائع يف ترتيب ال�شرائع‪ ،‬عالء الدين �أبو بكر بن م�سعود‬
‫الكا�ساين احلنفي (ت ‪587‬هـ)‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1406‬هـ‪1986-‬م‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪1717‬بلغة ال�ساغب وبغية الراغب‪ ،‬فخر الدين �أبي عبداهلل محمد بن �أبي‬
‫القا�سم بن اخل�ضر بن محمد بن اخل�ضر بن علي بن عبداهلل ابن‬
‫تيمية (ت‪622‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬بكر بن عبداهلل �أبوزيد‪ ،‬وزارة ال�ش�ؤون‬
‫الإ�سالمية والأوقاف والدعوة والإر�شاد‪ ،‬اململكة العربية ال�سعودية‪.‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫‪1818‬بلغة ال�سالك لأقرب امل�سالك �إلى مذهب الإمام مالك‪� ،‬أحمد بن محمد‬
‫ال�صاوي املالكي (ت ‪1241‬هـ)‪ ،‬طبع بدار �أحياء الكتب العربية عي�سي‬
‫البابي احللبي و�شركاه‪ ،‬م�صر‪.‬‬
‫‪1919‬البناية يف �شرح الهداية‪� ،‬أبو محمد محمود بن �أحمد العيني (ت‪855‬هـ)‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪1411‬هـ‪1990-‬م‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪2020‬البيان يف مذهب ال�شافعي‪� ،‬أبو احل�سني يحيى بن �أبي اخلري �سامل‬
‫العمراين ال�شافعي اليمني (ت‪558‬هـ)‪ ،‬اعتنى به قا�سم محمد‬
‫النوري‪ ،‬دار املنهاج‪.‬‬
‫‪2121‬البيان والتح�صيل وال�شرح والتوجيه والتعليل يف م�سائل امل�ستخرجه‪،‬‬
‫�أبو الوليد بن ر�شد القرطبي (ت ‪520‬هـ) حتقيق‪� :‬أحمد ال�شرقاوي‬
‫�إقبال‪ ،‬ومحمد حجي‪ ،‬ومحمد العراي�شي‪ ،‬و�أحمد احلبابي‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪1408‬هـ‪1988-‬م‪ ،‬دار الغرب الإ�سالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‬
‫‪2222‬تب�صرة احلكام يف �أ�صول الأق�ضية ومناهج الأحكام‪ :‬ت�أليف برهان‬
‫الدين �أبي الوفاء �إبراهيم بن محمد بن فرحون (ت‪799‬هـ)‪ ،‬الطبعة‬
‫الأولى ‪1301‬هـ‪ ،‬املطبعة العامرة ال�شرفية م�صر‪.‬‬
‫‪2323‬تبيني احلقائق �شرح كنز الدقائق‪ ،‬العالمة فخر الدين عثمان بن علي‬
‫الزيلعي (ت ‪743‬هـ)‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1313‬هـ املطبعة الكربى ببوالق‪،‬‬
‫م�صر‪.‬‬ ‫‪262‬‬
‫‪2424‬حتفة الفقهاء‪ ،‬عالء الدين محمد بن �أحمد بن �أبي �أحمد ال�سمرقندي‬
‫(ت‪539‬هـ)‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1405‬هـ‪1984-‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪2525‬حتفة املحتاج ب�شرح املنهاج‪ ،‬العالمة �شهاب الدين �أحمد بن محمد بن‬
‫علي بن حجر الهيتمي ال�شافعي (ت ‪973‬هـ)‪ ،‬مطبوع بهام�ش حا�شيتي‬
‫ال�شرواين وابن قا�سم العبادي عليه‪ ،‬دار �إحياء الرتاث العربي‪.‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫‪2626‬الت�سهيل يف الفقه على مذهب الإمام �أحمد بن حنبل‪ :‬ت�أليف‪� :‬أبي‬


‫عبداهلل بدر الدين محمد بن عالء الدين بن �شم�س الدين محمد �أ�سبا‬
‫�سالر البعلي (ت‪778‬هـ)‪ ،‬حققه‪ :‬الدكتور عبداهلل الطيار‪ ،‬والدكتور‬
‫عبدالعزيز املداهلل‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1414‬هـ‪ ،‬دار العا�صمة‪.‬‬
‫‪2727‬التفريع‪� ،‬أبي القا�سم عبيداهلل بن احل�سني بن اجلالب امل�صري‬
‫املالكي (ت ‪378‬هـ)‪ ،‬درا�سة وحتقيق‪ :‬الدكتور ح�سني بن �سامل‬
‫الدهماين‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1408‬هـ ‪1987-‬م‪ ،‬دار الغرب الإ�سالمي‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪2828‬تكملة البحر الرائق‪ :‬ت�أليف‪ :‬ال�شيخ عبدالقادر بن عثمان القاهري‬
‫ال�شهري بالطوري (ت نحو ‪1030‬هـ)‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الكتاب‬
‫الإ�سالمي‪.‬‬
‫‪2929‬التلخي�ص احلبري يف تخريج �أحاديث الرافعي الكبري‪� ،‬أبو الف�ضل‬
‫�شهاب الدين �أحمد بن علي بن حجر الع�سقالين (ت ‪852‬هـ) ت�صحيح‬
‫وتن�سيق‪ :‬عبداهلل ها�شم اليماين املدين‪ ،‬طبعة �سنة ‪1384‬هـ‪ ،‬دار‬
‫املعرفة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪3030‬التلقني يف الفقه املالكي‪ :‬ت�أليف‪ :‬القا�ضي عبدالوهاب البغدادي (ت‬
‫‪422‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬محمد الغاين‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1415‬هـ‪1995-‬م‪،‬‬
‫‪263‬‬ ‫النا�شر املكتبة التجارية مكة املكرمة‬
‫‪3131‬تهذيب الفروق والقواعد ال�سنية يف الأ�سرار الفقهية‪ :‬ت�أليف محمد‬
‫علي بن ح�سني املكي املالكي (ت ‪1367‬هـ)‪ ،‬مطبوع بهام�ش الفروق‬
‫للقرايف‪ ،‬عامل الكتب‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪3232‬توثيق الديون يف الفقه الإ�سالمي ل�صالح بن عثمان بن الهليل‪ ،‬الطبعة‬
‫الأولى ‪1421‬هـ‪ ،‬الإدارة العامة للثقافة والن�شر‪ ،‬جامعة الإمام محمد‬
‫ابن �سعود الإ�سالمية‪.‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫‪3333‬جواهر الإكليل �شرح مخت�صر خليل‪ :‬ت�أليف‪ :‬العالمة ال�شيخ �صالح‬


‫عبدال�سميع الآبي الأزهري‪ ،‬املكتبة الثقافية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪3434‬اجلوهرة النرية مخت�صر القدوري‪� ،‬أبو بكر بن علي بن محمد احلداد‬
‫اليمني (ت‪800‬هـ)‪ ،‬مكتبة حقانية باك�ستان‪.‬‬
‫‪3535‬حا�شية ابن قا�سم على الرو�ض املربع‪ ،‬عبدالرحمن بن محمد بن‬
‫قا�سم العا�صمي النجدي (ت‪1392‬هـ)‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1405‬هـ‪.‬‬
‫‪3636‬حا�شية اجلمل على �شرح املنهج‪ :‬ت�أليف‪� :‬سليمان بن عمر بن من�صور‬
‫الأزهري املعروف باجلمل (ت ‪1204‬هـ)‪ ،‬دار �إحياء الرتاث العربي‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪3737‬حا�شية الد�سوقي على ال�شرح الكبري‪ ،‬العالمة �شم�س الدين ال�شيح‬
‫محمد بن �أحمد بن عرفة الد�سوقي (ت‪1230‬هـ)‪ ،‬روجعت هذه‬
‫الطبعة على الن�سخة الأمريية‪ ،‬دار الفكر للطباعة والن�شر والتوزيع‪.‬‬
‫‪3838‬حا�شية ال�شربامل�سي على نهاية املحتاج لأبي ال�ضياء نور الدين علي‬
‫ابن علي ال�شربامل�سي (ت‪1087‬هـ)‪ ،‬مطبوع مع نهاية املحتاج‪ ،‬الطبعة‬
‫الأخرية ‪1386‬هـ‪1967-‬م‪� ،‬شركة مكتبة ومطبعة م�صطفي البابي‬
‫احللبي و�أوالده مب�صر‪.‬‬
‫‪3939‬حا�شية العدوي على �شرح اخلر�شي‪ ،‬ال�شيخ علي بن �أحمد ال�صعيدي‬
‫العدوي املالكي (ت ‪1189‬هـ)‪ ،‬مطبوع بهام�ش �شرح اخلر�شي‪ ،‬دار‬ ‫‪264‬‬
‫الكتاب الإ�سالمي لإحياء ون�شر الرتاث الإ�سالمي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪4040‬احلاوي الكبري يف فقه مذهب الإمام ال�شافعي‪ ،‬لأبي احل�سن علي‬
‫ابن محمد املاوردي (ت‪450‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬محمد معو�ض وعادل‬
‫عبداملوجود‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1414‬هـ‪1994-‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪4141‬حوا�شي ال�شرواين على حتفة املحتاج لعبداحلميد ال�شرواين‪ ،‬مطبوع‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫مع حتفة املحتاج‪ ،‬دار �إحياء الرتاث العربي‬


‫‪4242‬الدر املختار �شرح تنوير الأب�صار‪ ،‬العالمة محمد بن علي بن محمد‬
‫احل�صني ال�شهري باحل�صكفي احلنفي (‪1088‬هـ)‪ ،‬مطبوع مع رد‬
‫املحتار الطبعة الثانية ‪1386‬هـ‪1966-‬م‪ ،‬طبع ون�شر مكتبة ومطبعة‬
‫م�صطفى البابي احللبي و�أوالده‪ ،‬مب�صر‪.‬‬
‫‪4343‬درا�سات يف �أ�صول املداينات يف الفقه الإ�سالمي‪ ،‬نزيه حماد‪ ،‬الطبعة‬
‫الأولى ‪1411‬هـ‪1990-‬م‪ ،‬دار الفاروق‪ ،‬الطائف‪ ،‬اململكة العربية ال�سعودية‪.‬‬
‫‪4444‬درر احلكام �شرح جملة الأحكام‪ :‬ت�أليف‪ :‬علي حيدر‪ ،‬تعريب املحامي‬
‫فهمي احل�سيني‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‬
‫‪4545‬الذخرية‪� ،‬شهاب الدين �أحمد بن �إدري�س القرايف (ت‪684 :‬هـ) حتقيق‪:‬‬
‫�سعيد �أعراب‪ ،‬محمد �أبو خبزة‪ ،‬الدكتور محمد حجي‪ ،‬الطبعة الأولى‬
‫‪1994‬م‪ ،‬دار الغرب الإ�سالمي‪.‬‬
‫‪4646‬رد املحتار على الدر املختار ال�شهري بحا�شية ابن عابدين‪ ،‬محمد �أمني‬
‫ال�شهري بابن عابدين (ت ‪1252‬هـ)‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1386‬هـ‪1966-‬م‪،‬‬
‫طبع ون�شر مكتبة ومطبعة م�صطفى البابي احللبي و�أوالده‪ ،‬مب�صر‪.‬‬
‫‪4747‬الرعاية يف الفقه‪ ،‬جنم الدين �أحمد بن حمدان احلراين احلنبلي (ت‬
‫‪695‬هـ)‪ ،‬درا�سة وحتقيق د‪ .‬علي بن عبداهلل ال�شهري‪ ،‬ط‪1428 :‬هـ‪.‬‬
‫‪265‬‬ ‫‪4848‬الروايتني والوجهني‪ :‬ت�أليف‪� :‬أبي يعلى محمد بن احل�سني بن محمد‬
‫ابن خلف بن �أحمد الفراء (ت‪458‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬الدكتور عبدالكرمي‬
‫ابن محمد الالحم‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1405‬هـ‪1985-‬م‪ ،‬مكتبة املعارف‬
‫الريا�ض‪.‬‬
‫‪4949‬رو�ضة الطالبني‪ ،‬الإمام �أبو زكريا يحيى بن �شرف النووي الدم�شقي (ت‬
‫‪676‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬ال�شيخ عادل عبداملوجود وال�شيخ علي محمد معو�ض‪،‬‬
‫الطبعة الأولى ‪1412‬هـ‪1992-‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫‪5050‬ر�ؤو�س امل�سائل اخلالفية على مذهب �أبي عبداهلل �أحمد بن حنبل‪،‬‬


‫�أبو املواهب احل�سني بن محمد العكربي احلنبلي (من علماء القرن‬
‫اخلام�س الهجري)‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبدامللك بن عبداهلل بن دهي�ش‪ ،‬الطبعة‬
‫الأولى ‪1428‬هـ‪ ،‬مكتبة الأ�سدي مكة املكرمة‪.‬‬
‫‪5151‬زاد املحتاج ب�شرح املنهاج‪ :‬ت�أليف‪ :‬ال�شيخ عبداهلل بن ح�سن الكوهجي‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬عبداهلل بن �إبراهيم الأن�صاري‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1407‬هـ‬
‫‪1987‬م‪ ،‬املكتبة الع�صرية �صيدا ‪ -‬بريوت‪.‬‬
‫‪�5252‬سنن ابن ماجه‪ ،‬احلافظ �أبو عبداهلل محمد بن يزيد القزويني‬
‫(ت‪275‬هـ)‪ ،‬حقق ن�صو�صه ورقم كتبه و�أبوابه و�أحاديثه وعلق عليها‪:‬‬
‫محمد ف�ؤاد عبدالباقي‪ ،‬طبعة ‪1395‬هـ‪1975-‬م‪ ،‬دار �إحياء الرتاث‬
‫العربي‪.‬‬
‫‪�5353‬سنن �أبي داود‪� ،‬أبو داود �سليمان بن الأ�شعث ال�سج�ستاين الأزدي (ت‪:‬‬
‫‪275‬هـ)‪� ،‬إعداد وتعليق‪ :‬عزت عبيد الدعا�س وعادل ال�سيد‪ ،‬الطبعة‬
‫الأولى ‪1418‬هـ‪1997-‬م‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪�5454‬سنن الرتمذي وي�سمى اجلامع ال�صحيح‪ ،‬احلافظ �أبو عي�سى محمد‬
‫ابن عي�سى بن �سورة الرتمذي (ت ‪297‬هـ)‪ ،‬حتقيق و�شرح‪� :‬أحمد‬
‫�شاكر‪ ،‬ومحمد ف�ؤاد عبدالباقي‪ ،‬طبع ون�شر دار احلديث‪.‬‬
‫‪�5555‬شرح التلقني‪� ،‬أبو عبداهلل محمد بن علي بن عمر التميمي املازري‬ ‫‪266‬‬
‫(ت‪536‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬ال�شيخ محمد املختار ال�سالمي‪ ،‬الطبعة الأولى‬
‫‪2008‬م‪ ،‬دار الغرب الإ�سالمي‪ ،‬تون�س‪.‬‬
‫‪�5656‬شرح اخلر�شي على مخت�صر خليل‪ ،‬ال�شيخ �أبو عبداهلل محمد بن‬
‫عبداهلل اخلر�شي املالكي (ت ‪1101‬هـ)‪ ،‬دار الكتاب الإ�سالمي لإحياء‬
‫ون�شر الرتاث الإ�سالمي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪�5757‬شرح الزرقاين على مخت�صر خليل‪ ،‬ال�شيخ عبدالباقي بن يو�سف‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫الزرقاين (ت ‪1099‬هـ)‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬


‫‪�5858‬شرح الزرك�شي على مخت�صر اخلرقي‪� ،‬شم�س الدين محمد بن عبداهلل‬
‫الزرك�شي امل�صري احلنبلي (ت ‪772‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬ال�شيخ عبداهلل بن‬
‫عبدالرحمن اجلربين‪ ،‬الطبعة الأولى‪ ،‬طبع على نفقة عبدالعزيز‬
‫ومحمد اجلميح‪.‬‬
‫‪5959‬ال�شرح ال�صغري‪ :‬ت�أليف‪ :‬ال�شيخ �أحمد بن محمد بن �أحمد الدردير‬
‫(ت‪1201‬هـ)‪ ،‬مطبوع مع بلغة ال�سالك‪ ،‬دار �إحياء الكتب العربية‪،‬‬
‫عي�سى البابي احللبي و�شركاة مب�صر‪.‬‬
‫‪6060‬ال�شرح الكبري امل�سمى بال�شايف ب�شرح املقنع‪ ،‬ال�شيخ �شم�س الدين �أبو‬
‫الفرج عبدالرحمن بن �أبي عمر محمد بن �أحمد بن قدامة املقد�سي‬
‫(ت‪682‬هـ)‪ ،‬جامعة الإمام محمد بن �سعود الإ�سالمية بالريا�ض‪.‬‬
‫‪6161‬ال�شرح الكبري على مخت�صر خليل‪ ،‬ال�شيخ �أحمد بن محمد الدردير‬
‫(ت‪1201‬هـ)‪ ،‬مطبوع بهام�ش حا�شية الد�سوقي عليه‪ ،‬روجعت هذه‬
‫الطبعة على الن�سخة الأمريية‪ ،‬دار الفكر للطباعة والن�شر والتوزيع‪.‬‬
‫‪�6262‬شرح املحلى على املنهاج‪ ،‬ال�شيخ جالل الدين بن �أحمد املحلي‬
‫(ت‪864‬هـ)‪ ،‬مطبوع بهام�ش حا�شيتي قليوبي وعمرية عليه‪ ،‬مطبعة‬
‫دار الأحياء الكتب العربية لأ�صحابها عي�سي البابي احللبي و�شركائه‪،‬‬
‫‪267‬‬ ‫م�صر‪.‬‬
‫‪�6363‬شرح منتهى الإرادات امل�سمى دقائق �أويل النهى ل�شرح املنتهى‪ ،‬ال�شيخ‬
‫من�صور بن يون�س بن �إدري�س البهوتي (ت ‪1051‬هـ)‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪�6464‬صحيح البخاري‪ ،‬امل�سمى اجلامع ال�صحيح امل�سند من حديث الر�سول‬
‫‪ S‬و�سننه و�أيامه‪ :‬ت�أليف‪� :‬أبي عبداهلل محمد بن �إ�سماعيل البخاري‬
‫(ت‪256 :‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬محب الدين اخلطيب‪ ،‬رقم كتبه و�أبوابه‬
‫و�أحاديثه‪ :‬محمد ف�ؤاد عبدالباقي‪ ،‬دار �إحياء الرتاث العربي‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫لبنان‪.‬‬
‫‪�6565‬صحيح �سنن �أبي داود‪ :‬ت�أليف‪ :‬ال�شيخ محمد نا�صر الدين الألباين‬
‫اخت�صر �أ�سانيده وعلق عليه وفهر�سة‪ ،‬زهري ال�شاوي�ش‪ ،‬النا�شر مكتبة‬
‫الرتبية العربية لدول اخلليج‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1409‬هـ‪1989-‬م‪ ،‬توزيع‬
‫املكتب الإ�سالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪�6666‬صحيح �سنن الرتمذي‪ :‬ت�أليف‪ :‬ال�شيخ محمد نا�صر الدين الألباين‬
‫اخت�صر �أ�سانيده وعلق عليه وفهر�سة‪ ،‬زهري ال�شاوي�ش‪ ،‬النا�شر مكتبة‬
‫الرتبية العربية لدول اخلليج‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1408‬هـ‪1988-‬م‪ ،‬توزيع‬
‫املكتب الإ�سالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪�6767‬صحيح م�سلم‪� ،‬أبو احل�سني م�سلم بن احلجاج الق�شريي (ت‪261 :‬هـ)‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬محمد ف�ؤاد عبدالباقي‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1412‬هـ‪1991-‬م‪ ،‬دار‬
‫احلديث‪.‬‬
‫‪�6868‬ضعيف �سنن الرتمذي‪� :‬ضعف �أحاديثه محمد بن نا�صر الدين‬
‫الألباين‪� ،‬أ�شرف على ا�ستخراجه وطباعته زهري ال�شاوي�ش‪ ،‬الطبعة‬
‫الأولى ‪1411‬هـ‪ ،‬املكتب الإ�سالمي‪.‬‬
‫‪6969‬العزيز �شرح الوجيز‪ ،‬الإمام �أبو القا�سم عبدالكرمي بن محمد الرافعي‬
‫(‪632‬هـ)‪ ،‬مطبوع مع املجموع‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪7070‬عقد اجلواهر الثمينة يف مذهب عامل املدينة‪ ،‬جلالل الدين عبداهلل‬
‫‪268‬‬
‫ابن جنم ابن �شا�س‪ ،‬حتقيق د‪ .‬محمود �أبو الأجفان‪ ،‬وعبداحلفيظ‬
‫من�صور‪ ،‬الطبعة‪1415 :‬هـ‪1995-‬م‪ ،‬دار الغرب الإ�سالمي‪.‬‬
‫‪7171‬عمدة ال�سالك وعدة النا�سك‪ ،‬ل�شهاب الدين �أحمد بن النقيب‬
‫امل�صري‪ ،‬عني بطبعه ومراجعته‪ :‬عبداهلل الأن�صاري‪ ،‬من�شورات املكتبة‬
‫الع�صرية‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪7272‬العناية على الهداية‪ ،‬الإمام �أكمل الدين محمد بن محمود البابرتي‬
‫(ت‪786‬هـ)‪ ،‬مطبوع مع ال�شرح فتح القدير‪ ،‬دار �إحياء الرتاث العربي‪.‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫‪7373‬عون املعبود �شرح �سنن �أبي داود‪� :‬أبو الطيب محمد �شم�س احلق‬
‫العظيم �آبادي‪� ،‬ضبط وحتقيق‪ :‬عبدالرحمن محمد عثمان‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة ‪1399‬هـ‪1979-‬م‪ ،‬دار الفكر للطباعة والن�شر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪7474‬غاية البيان �شرح زبد ابن ر�سالن‪� ،‬شم�س الدين محمد بن �أحمد‬
‫الرملي (ت ‪1004‬هـ)‪ ،‬تخريج وتعليق و�ضبط‪ :‬خالد عبدالفتاح �أبو‬
‫�سليمان‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1411‬هـ‪1991-‬م‪ ،‬م�ؤ�س�سة الكتب الثقافية‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪7575‬غاية املطلب يف معرفة املذهب يف فروع الفقه احلنبلي‪ ،‬تقي الدين �أبو‬
‫بكر بن زيد اجلراعي احلنبلي الدم�شقي (ت ‪883‬هـ) حتقيق ح�سن‬
‫محمد ح�سن �إ�سماعيل‪ ،‬من�شورات محمد علي بي�ضون‪ ،‬الطبعة الأولى‬
‫‪ 2004‬م‪� ،‬إدارة الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪7676‬الفتاوي الهندية‪ ،‬لــــ نظام وجماعة من علماء الهند الأعالم الطبعة‬
‫الرابعة ‪1406‬هـ‪ ،‬دار �إحياء الرتاث العربي للن�شر والتوزيع‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫لبنان‪.‬‬
‫‪7777‬فتح القدير‪ ،‬كمال الدين محمد بن عبدالواحد ال�سيوا�سي املعروف‬
‫بابن الهمام (ت ‪861‬هـ)‪ ،‬دار �إحياء الرتاث العربي‪ ،‬الطبعة ال�سابعة‬
‫‪1406‬هـ‪1986-‬م‪.‬‬
‫‪7878‬الفروع‪ ،‬ال�شيخ �شم�س الدين �أبو عبداهلل محمد بن مفلح بن محمد‬
‫‪269‬‬
‫املقد�سي احلنبلي (ت ‪763‬هـ)‪ ،‬حتقيق د‪ .‬عبداهلل الرتكي‪ ،‬الطبعة‬
‫الأولى ‪1424‬هـ‪2003-‬م‪ ،‬م�ؤ�س�سة الر�سالة‪.‬‬
‫‪7979‬الفروق‪ :‬ت�أليف‪ :‬الإمام �شهاب الدين �أبي العبا�س �أحمد بن �إدري�س بن‬
‫عبدالرحمن ال�صنهاجي امل�شهور بالقرايف (ت ‪684‬هـ)‪ ،‬عامل الكتب‪،‬‬
‫بريوت‪.‬‬
‫‪8080‬القامو�س املحيط‪ ،‬العالمة اللغوي جمد الدين محمد بن يعقوب‬
‫الفريوز �آبادي (ت ‪817‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬مكتب حتقيق الرتاث يف م�ؤ�س�سة‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫الر�سالة‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1406‬هـ‪1986-‬م‪ ،‬م�ؤ�س�سة الر�سالة‪ ،‬بريوت‪.‬‬


‫‪8181‬القوانني الفقهية‪ ،‬ال�شيخ �أبي القا�سم محمد بن �أحمد بن جزي‬
‫الغرناطي املالكي (ت ‪741‬هـ)‪ ،‬املكتبة الثقافية‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪8282‬الكايف يف فقه الأمام املبجل �أحمد بن حنبل‪� ،‬أبو محمد موفق الدين‬
‫عبداهلل بن قدامة املقد�سي (ت ‪620‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬زهري ال�شاوي�ش‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪1399‬هـ‪1979-‬م‪ ،‬املكتب الإ�سالمي دم�شق‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪8383‬الكايف يف فقه �أهل املدينة‪ :‬ت�أليف‪� :‬أبي عمر يو�سف بن عبداهلل بن‬
‫محمد بن عبدالرب النمري القرطبي (ت ‪463‬هـ)‪ ،‬حتقيق وتقدمي‬
‫وتعليق‪ :‬الدكتور محمد محمد �أحيد ولد ماديك املوريتاين‪ ،‬الطبعة‬
‫الأولى ‪1398‬هـ‪1978-‬م‪ ،‬مكتبة الريا�ض احلديثة بالريا�ض‪.‬‬
‫‪8484‬ك�شاف القناع عن منت الإقناع‪ ،‬من�صور بن يون�س البهوتي (ت‬
‫‪1051‬هـ)‪ ،‬دار عامل الكتب‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪8585‬ك�شف املخدرات والريا�ض املزهرات �شرح �أخ�صر املخت�صرات يف فقه‬
‫الإمام �أحمد‪ :‬ت�أليف‪ :‬زين الدين عبدالرحمن بن عبداهلل بن �أحمد‬
‫البعلي (ت‪1192 :‬هـ)‪ ،‬قام مبراجعته وت�صحيحه‪ :‬عبدالرحمن ح�سن‬
‫محمود‪ ،‬من من�شورات املكتبة ال�سعيدية بالريا�ض‪.‬‬
‫‪8686‬كفاية الأخيار‪ :‬ت�أليف‪� :‬أبي بكر بن محمد احل�سيني احل�صني‬
‫ال�شافعي‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬ ‫‪270‬‬
‫‪8787‬الكفاية على الهداية‪ ،‬جالل الدين اخلوارزمي الكرالين مطبوع مع‬
‫فتح القدير‪ ،‬دار �إحياء الرتاث العربي‪.‬‬
‫‪8888‬اللباب يف �شرح الكتاب‪ :‬ت�أليف‪ :‬ال�شيخ عبدالغني الغنيمي الدم�شقي‬
‫احلنفي‪ ،‬حققه و�ضبطه وعلق حوا�شيه‪ :‬محمود �أمني النواوي‪ ،‬طبعة‬
‫�سنة ‪1412‬هـ‪1991-‬م‪ ،‬دار �إحياء الرتاث العربي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪8989‬ل�سان العرب‪ ،‬العالمة �أبو الف�ضل جمال الدين محمد بن مكرم بن‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫منظور الأفريقي امل�صري (ت ‪711‬هـ)‪ ،‬دار �صادر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬


‫‪9090‬املبدع يف �شرح املقنع‪� ،‬أبو �إ�سحاق برهان الدين �إبراهيم بن محمد بن‬
‫عبداهلل بن مفلح (ت ‪884‬هـ)‪ ،‬طبع �سنة ‪1980‬م املكتب الإ�سالمي‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪9191‬املب�سوط‪ ،‬ال�شيخ �شم�س الأئمة �أبو بكر محمد بن �أحمد بن �أبي �سهل‬
‫ال�سرخ�سي (ت ‪490‬هـ)‪ ،‬طبعة �سنة ‪1409‬هـ‪1989-‬م‪ ،‬دار املعرفة‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪9292‬املجموع (التكملة الأولى)‪ ،‬تقي الدين �أبو احل�سن علي بن عبدالكايف‬
‫ال�سبكي (ت‪756‬هـ)‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪9393‬املحرر يف الفقه على مذهب الإمام �أحمد بن حنبل‪� ،‬شيخ الإ�سالم‬
‫جمدالدين �أبو الربكات عبدال�سالم ابن تيمية (ت ‪652‬هـ)‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪1404‬هـ‪1984-‬م‪ ،‬مكتبة املعارف‪ ،‬الريا�ض‪ ،‬اململكة العربية‬
‫ال�سعودية‪.‬‬
‫‪9494‬املحيط الربهاين يف الفقه النعماين‪ ،‬برهان الدين �أبو املعايل محمود‬
‫بن �أحمد بن عبدالعزيز بن مازة البخاري احلنفي (ت‪616‬هـ)‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬عبدالكرمي �سامي اجلندي‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1424‬هـ‪2004-‬م‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت لبنان‪.‬‬
‫‪271‬‬ ‫‪9595‬مختار ال�صحاح‪ :‬ت�أليف‪ :‬الإمام محمد بن �أبو بكر بن عبدالقادر‬
‫الرازي (ت ‪666‬هـ)‪ ،‬طبعة �سنة ‪1407‬هـ‪1987-‬م‪ ،‬دار اجليل‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫لبنان‪.‬‬
‫‪9696‬مخت�صر القدوري‪� ،‬أبو احل�سني �أحمد بن محمد القدوري البغدادي‬
‫احلنفي (ت‪428‬هـ) مطبوع مع �شركة اللباب‪ ،‬حققه و�ضبطه وعلق‬
‫حوا�شيه محمد �أمني النواوي ‪1412‬هـ‪1991-‬م‪ ،‬دار �إحياء الرتاث‬
‫العربي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫‪9797‬املدونة الكربى‪ ،‬لـــ الإمام مالك بن �أن�س الأ�صبحي (ت ‪179‬هـ)‪،‬‬


‫رواية الإمام �سحنون بن �سعيد التنوخي (ت ‪240‬هـ)‪ ،‬عن الإمام‬
‫عبدالرحمن بن قا�سم العتقي (ت‪191‬هـ)‪ ،‬طبع �سنة ‪1323‬هـ‪ ،‬مطبعة‬
‫ال�سعادة مب�صر‪.‬‬
‫‪9898‬امل�ستوعب‪ ،‬ن�صري الدين محمد بن عبداهلل ال�سامري احلنبلي‬
‫(ت‪616‬هـ)‪ ،‬حتقيق عبدامللك بن عبداهلل بن دهي�ش‪1424 ،‬هـ‪2003 -‬م‪،‬‬
‫مكة املكرمة‪.‬‬
‫‪9999‬م�شكاة امل�صابيح‪ :‬ت�أليف محمد بن عبداهلل اخلطيب التربيزي‪،‬‬
‫حتقيق محمد نا�صر الدين الألباين‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1399‬هـ‪ ،‬املكتب‬
‫الإ�سالمي‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪10100‬مطالب �أويل النهى يف �شرح غاية املنتهى‪ ،‬م�صطفى ال�سيوطي‬
‫الرحيباين‪ ،‬على نفقة �صاحب ال�سمو علي ابن ال�شيخ بن قا�سم �آل‬
‫ثاين ‪-‬حفظه اهلل‪ ،-‬من�شورات املكتب اال�سالمي‪.‬‬
‫‪10101‬املطلع على �أبواب املقنع‪ :‬ت�أليف‪ :‬الإمام �أبي عبداهلل �شم�س الدين بن‬
‫�أبي الفتح البعلي احلنبلي (ت ‪709‬هـ)‪ ،‬طبع �سنة ‪1401‬هـ‪1981-‬م‪،‬‬
‫املكتب الإ�سالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪10102‬املعونة على مذهب الإمام مالك‪ ،‬القا�ضي عبدالوهاب البغدادي‬
‫(ت‪422‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬الدكتور حمي�ش عبداحلق‪ ،‬الطبعة الأولى‬
‫‪272‬‬
‫‪1415‬هـ‪1995-‬م‪ ،‬النا�شر مكتبة نزار الباز‪.‬‬
‫‪10103‬املغني‪ ،‬موفق الدين �أبو محمد عبداهلل بن �أحمد بن قدامة املقد�سي‬
‫(ت ‪620‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬الدكتور عبداهلل بن عبداملح�سن الرتكي‪،‬‬
‫والدكتور عبدالفتاح محمد احللو‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1406‬هـ‪1986-‬م‪،‬‬
‫هجر للطباعة والن�شر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪10104‬مغني املحتاج �إلى املعرفة �ألفاظ املنهاج‪ ،‬ال�شيخ محمد ال�شربيني‬
‫اخلطيب (ت ‪977‬هـ)‪ ،‬طبعة ‪1377‬هـ‪1958-‬م ملتزم الطبع والن�شر‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫�شركة مكتبة ومطبعة م�صطفى البابي احللبي و�أوالده مب�صر‪.‬‬


‫‪10105‬مقايي�س اللغة‪� ،‬أبو احل�سني �أحمد بن فار�س بن زكريا (ت ‪395‬هـ)‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬عبدال�سالم محمد هارون‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1411‬هـ‪1991-‬م‪،‬‬
‫دار اجليل‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪10106‬املقدمات املمهدات‪� ،‬أبو الوليد محمد بن �أحمد بن ر�شد القرطبي‬
‫(ت‪520 :‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬محمد �أحمد �أعراب‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1408‬هـ‬
‫‪1988‬م‪ ،‬دار الغرب الإ�سالمي‪.‬‬
‫‪10107‬مناهج التح�صيل ونتائج لطائف الت�أويل يف �شرح املدونة وحل‬
‫م�شكالتها‪� ،‬أبو احل�سن علي بن �سعيد الرجراجي‪ ،‬اعتنى به �أبو‬
‫الف�ضل الدمياطي‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1428‬هـ‪2007-‬م‪ ،‬دار ابن حزم‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪10108‬املنتقى‪� ،‬شرح موط�أ مالك‪� ،‬سليمان بن خلف الباجي (ت ‪494‬هـ)‪،‬‬
‫الطبعة الأولى ‪1332‬هـ‪ ،‬مطبعة ال�سعادة‪ ،‬م�صر‪.‬‬
‫‪10109‬املنثور يف القواعد‪ ،‬الزرك�شي بدر الدين محمد بن بهادر ال�شافعي (ت‬
‫‪794‬هـ)‪ ،‬حتقيق تي�سري فائق �أحمد محمود‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1405‬هـ‬
‫‪1985-‬م‪ ،‬وزارة الأوقاف وال�ش�ؤون الإ�سالمية‪ ،‬طباعة �شركة دار‬
‫الكويت لل�صحافة (الأنباء)‪.‬‬
‫‪11110‬منح اجلليل على مخت�صر خليل‪ ،‬ال�شيخ �أبو عبداهلل محمد بن �أحمد‬
‫‪273‬‬
‫علي�ش (ت ‪1299‬هـ)‪ ،‬طبعة �سنة ‪1409‬هـ‪1989-‬م‪ ،‬دار الفكر للطباعة‬
‫والن�شر والتوزيع‪.‬‬
‫‪11111‬املنور يف راجح املحرر‪ ،‬تقي الدين �أحمد بن محمد بن علي الأدمي‪،‬‬
‫حتقيق وليد عبداهلل املني�س‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1424‬هـ‪2003-‬م‪ ،‬دار‬
‫الب�شائر الإ�سالمية‪.‬‬
‫‪11112‬املهذب يف فقه الإمام ال�شافعي‪ ،‬ال�شيخ �أبو �إ�سحاق �إبراهيم بن علي‬
‫الفريوز�آبادي ال�شريازي (ت ‪476‬هـ)‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫‪11113‬مواهب اجلليل ل�شرح مخت�صر خليل‪� ،‬أبو عبداهلل محمد بن محمد‬


‫ابن عبدالرحمن املغربي املعروف باحلطاب (ت ‪954‬هـ)‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة ‪1412‬هـ ‪1992‬م‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪11114‬املو�سوعة الفقهية الكويتية‪ ،‬وزارة الأوقاف وال�شئون الإ�سالمية‬
‫الكويت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1406‬هـ ‪1986‬م‪ ،‬ذات ال�سال�سل‪ ،‬الكويت‪.‬‬
‫‪11115‬ن�صب الراية لأحاديث الهداية‪ ،‬جمال الدين �أبو محمد عبداهلل بن‬
‫يو�سف احلنفي الزيلعي (ت ‪762‬هـ)‪ ،‬ت�صحيح �أ�صل الن�سخة بعناية‬
‫بالغة من �إدارة املجل�س العلمي بالهند‪ ،‬دار احلديث‪.‬‬
‫‪11116‬نهاية املحتاج �إلى �شرح املنهاج‪� ،‬شم�س الدين محمد بن �أحمد بن‬
‫حمزة الرملي امل�صري ال�شهري بال�شافعي ال�صغري (ت‪1004‬هـ)‪،‬‬
‫الطبعة الأخرية ‪1386‬هـ ‪1967‬م‪� ،‬شركة مكتبة ومطبعة م�صطفي‬
‫البابي احللبي و�أوالده مب�صر‪.‬‬
‫‪11117‬الهداية‪ ،‬ال�شيخ �أبو اخلطاب محفوظ بن �أحمد الكلوذاين (ت‪:‬‬
‫‪510‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬محمد ح�سن �إ�سماعيل‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1423‬هـ‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪11118‬الهداية �شرح بداية املبتدي‪ ،‬برهان الدين �أبو احل�سن علي بن‬
‫عبداجلليل املرغيناين (‪593‬هـ)‪ ،‬مطبوع مع البناية‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪11119‬الوجيز‪� ،‬أبي حامد محمد بن محمد الغزايل (ت‪505‬هـ)‪ ،‬طبعة �سنة‬ ‫‪274‬‬
‫‪1399‬هـ ‪1979‬م‪ ،‬النا�شر‪ :‬دار املعرفة‪ ،‬للطباعة والن�شر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪12120‬الو�سيط يف املذهب �أبو حامد الغزايل (ت‪505‬هـ)‪ ،‬درا�سة وحتقيق‬
‫الدكتور علي محيي الدين القره داغي‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1417‬هـ‪-‬‬
‫‪1996‬م‪ ،‬وزارة الأوقاف وال�ش�ؤون الإ�سالمية‪ ،‬قطر‪.‬‬
‫حبس املبيع على مثنه‬

‫فهر�س املحتويات‬

‫املقدمة‪175 ...............................................................‬‬
‫التمهيد‪184 ...............................................................‬‬
‫املطلب الأول‪ :‬تعريف حب�س املبيع على ثمنه‪184 .......................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬طرق توثيق احلق‪186 ..................................‬‬
‫املبحث الأول‪ :‬حب�س املبيع على كامل الثمن‪192 ...........................‬‬
‫املطلب الأول‪ :‬حب�س املبيع مع كون البدلني نقدين �أو معينني ‪192 ......‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬حب�س املبيع مع كونه عينًا‪ ،‬والثمن يف الذمة ‪195 .......‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬حب�س املبيع على بع�ض الثمن ‪206 .........................‬‬
‫املطلب الأول‪ :‬حب�س املبيع لأجل ا�ستيفاء باقي الثمن‪206 ..............‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬حب�س املبيع مع تعدده‪� ،‬أو تعدد امل�شرتي ‪210 ...........‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬دخول زوائد املبيع معه يف احلب�س‪220 ....................‬‬
‫املبحث الرابع‪� :‬إرث حق احلب�س‪223 ......................................‬‬
‫املبحث اخلام�س‪� :‬أثر ت�صرفات العاقدين يف حق احلب�س‪225 .............‬‬
‫املطلب الأول‪� :‬أثر احلوالة بالثمن يف حق احلب�س‪225 ..................‬‬
‫‪275‬‬ ‫املطلب الثاين‪� :‬أثر الرهن والكفالة يف حق احلب�س ‪229 ................‬‬
‫املطلب الثالث‪� :‬أثر الإيداع والإعارة يف حق احلب�س ‪231 ...............‬‬
‫املطلب الرابع‪� :‬أثر قب�ض امل�شرتي للمبيع يف حق احلب�س ‪234 ..........‬‬
‫املبحث ال�ساد�س‪� :‬أ�سباب �سقوط حق احلب�س‪236 .........................‬‬
‫املبحث ال�سابع‪� :‬ضمان املحبو�س بالثمن عند تلفه ‪238 ....................‬‬
‫املبحث الثامن‪ :‬املوازنة بني حب�س املبيع على ثمنه ورهنه عليه ‪240 .......‬‬
‫املبحث التا�سع‪ :‬ملك حق احلب�س لغري البائع ‪242 .........................‬‬
‫املطلب الأول‪ :‬حب�س امل�شرتي للمبيع ال�سرتداد ثمنه ‪242 ...............‬‬
‫د‪ .‬عبدالرمحن بن عايد العايد‬

‫املطلب الثاين‪ :‬حب�س الأجري للعني لت�سلم الأجرة‪245 ..................‬‬


‫املطلب الثالث‪ :‬حب�س املر�أة نف�سها لت�سلم مهرها‪248 ..................‬‬
‫اخلامتة ‪255 ..............................................................‬‬
‫فهر�س امل�صادر واملراجع ‪260 ............................................‬‬

‫‪276‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like