Professional Documents
Culture Documents
دور مؤسسة رئيس مجلس الجهة في تحقيق التنمية. صفحة قانون المنازعات
دور مؤسسة رئيس مجلس الجهة في تحقيق التنمية. صفحة قانون المنازعات
دور مؤسسة رئيس مجلس الجهة في تحقيق التنمية. صفحة قانون المنازعات
األستاذ محمد حمزة بولحسن أستاذ مؤهل بالكلية المتعددة التخصصات بالرشدية ....مشرفا
األستاذ محمد الدرويش أستاذ مؤهل بالكلية المتعددة التخصصات بالرشدية...رئيسا وعضوا
األستاذ عبد الحكيم الحسناوي أستاذ مساعد بالكلية المتعددة التخصصات بالرشدية....عضوا
المختصر األصل
ص الصفحة
ع العدد
P PAGE
N NUMERO
مقدمة
يحظى موضوع الجهوية باهتمام متزايد في مختلف بقاع العالم لكونه يمثل إطارا مالئما
من أجل بلورة استراتيجية فعالة للتنمية االقتصادية واالجتماعية والمجالية ،التي تقوم على
تعبئة الموارد والطاقات من أجل ترسيخ الديمقراطية وتطوير البناء الجهوي .لذا حاولت
مبكرا مجموعة من الدول ،ومن ضمنها المغرب ،الخروج من سياسة التركيز والمركزية
واعتماد مبدأ الالمركزية على أساس إشراك المواطنين وإعطائهم الفرصة للمساهمة في اتخاذ
القرارات المتعلقة بالتنمية الجهوية.1
وإذا كانت الدول المتقدمة قد قطعت أشواطا كبيرة في البناء الديمقراطي وإشراك
المواطنين في عمل ية التنمية الشاملة ،فإن الدول السائرة في طريق النمو مازالت تسعى إلى
تحقيق نظام متطور لإلدارة المحلية في اتساق مع تطور نظامها الديمقراطي ،ويرجع ذلك
إلى أن هذه الدول اتجهت في بداية حصولها على االستقالل إلى تبني نظام الحكم المركزي،
وإن كان هذا األسلوب من اإلد ارة يبرر عادة بالظروف السياسية التي تميز هذه المرحلة
والمتصلة أساسا بصيانة الوحدة الوطنية ،فإن متطلبات التنمية أصبحت تفرض على هذه
الدول ضرورة نهج أسلوب حديث إلدارة شؤون البالد.2
وبذلك فقد أضحت الجهة المجال األمثل لتطبيق مبادى الالمركزية الترابية سواء على
ا لمستوى الوطني أو الدولي ،فمن المالحظ أنه بعد نهاية الحرب العالمية الثانية أن الدولة
الموحدة بدأت تفقد شيئا فشيئا موقعها لصالح الدولة المركبة وذلك بتبني نماذج جهوية
بمجموعة من الدول األوروبية وبشكل كرونولوجي :الجهات االيطالية سنة ،1948ونظام
"الالندر" بالفيدرالية األلمانية سنة ،1949الجهات الفرنسية سنة ،1955ثم بعد ذلك الجهات
االقتصادية البريطانية سنة ،1964والمجموعات المستقلة اإلسبانية .3...1978
وبالنسبة للمغرب فقد تبنت المملكة المغربية منذ االستقالل ،سياسة الالمركزية المتدرجة
كخيار يندرج في إطار مقاربة ديمقراطية لتدبير شؤون الدولة والمواطنين .هذا التوجه الذي
يستمد جوهره وحمولته من مقاربة تشاركية للمجاالت الترابية ،يجد نفسه اليوم في مواجهة
تطبيق الجهوية المتقدمة كواجهة فريدة لتنظيم ترابي لفائدة التنمية المستدامة والمندمجة في
-1معاد الراضي ،البعد التنموي للجهة على ضوء المستجدات القانونية ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية
سلسلة " مؤلفات وأعمال جامعية" ،عدد .2022 ،142
-2فاطمة مزروع السعدي ،اإلدارة المحلية الالمركزية بالمغرب ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،طبعة ،2003
الصفحة .10
3
-ROUSSET Michel, la région l'état et l'Europe une référence pour le Maghreb ?, la
région et la régionalisation, actes du colloque internationale organisé par le
département de droit public de la faculté les 10 et 11 mars 2000, collection de la faculté
de droit Marrakech, séries colloques et séminaires, n 17, 2002, page 115.
1
جميع جهات المملكة .4وغير خاف علينا ما تشكله الالمركزية الترابية ببالدنا ،من أهمية
بالغة في إدارة الدولة ،باعتبارها خيارا استراتيجيا في بناء صرحها اإلداري والسياسي ،وفي
ترسيخ سيرتها الديمقراطية ومن ثم حظيت على مر المحطات التاريخية التي عرفتها بالدنا،
بمكانة هامة في مسلسل اإلصالحات الدستورية والسياسية واإلدارية التي تم اعتمادها ،حيث
مكنت من إدخال تغييرات جذرية على المنظومة القانونية المتعلقة الورش والتي ساعدت
على الترسيخ التدريجي للدور األساسي للجماعات الترابية في مجال التنمية ،في مختلف
أبعادها االقتصادية والسياسية واالجتماعية.
وعليه فاالرتقاء بالجهة في المغرب جاء بعد مرورها بمراحل متعددة ،حيث خضعت
للتجربة أول مرة بمقتضى ظهير 16يونيو 51971المتعلق بإحداث المناطق ،استجابة لعدة
عوامل ودوافع طبيعية وسياسية واقتصادية واجتماعية ،والذي تم من خالله وضع مدلول
للتنمية الجهوية وكذا التمييز بين المؤسسات الوطنية والجهوية المنوط بها تحقيق التنمية، 6
في سبيل إيجاد تناغم منطقي بين دوائر التقسيم ،تشكل فيها الجهة باعتبارها مبدئيا أكبر هذه
الدوائر ،إطارا فاعال نحو دعم الالمركزية واالستفادة كذلك من الطاقات التي يخترنها عدم
التمركز اإلداري.7
ودعما لهذه التوجهات صدر في 2أبريل 1997القانون رقم 847.96المتعلق بتنظيم
الجهات في ظل التعديل الدستوري لسنة ،19969الذي اعتبر الجهة وسيلة لتحديث الدولة
وأجهزتها وفي ذات الوقت للحفاظ على التقاليد والخصوصيات المغربية العريقة ،إضافة إلى
بناء سلوكات جديدة من أجل الحد من الفوارق السوسيو اقتصادية وإصالح اإلدارة ،إلى جانب
ما يمكن أن تلعبه السياسية الجهوية في حل مجموعة من القضايا العالقة.
وعليه فال مراء في أن تخويل الجهة صفة جماعة ترابية ،إلى جانب الجماعات الترابية
األخرى ،يدل على أن السلطات العمومية بالمغرب ،وبتوافق مع الهيئات والمنظمات
-4يوسف خنفور ،واقع الجهوية بالمغرب بين رهان التنمية ومفارقة الحكامة الترابية ،مجلة قراءات متقاطعة في القانون
والسياسة واالقتصاد والمجتمع ،عدد مزدوج ،3-2فبراير ،2021الصفحة .111
-5ظهير شريف رقم 1.71.77بتاريخ 22ربيع الثاني 16(1391يونيو )1971بإحداث المناطق ،الجريدة الرسمية
عدد ،3060بتاريخ 29ربيع الثاني 23(1391يونيو ،)1971الصفحة .1352
-6نادية النحلي ،الجهوية المتقدمة في الدستور المغربي الجديد لسنة ،2011المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد
،107نونبر-دجنبر ،2012الصفحة .13
-7أحمد الراجي ،مدى مساهمة الالتمركز اإلداري والالمركزية في دعم الجهوية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد الخامس ،أكدال ،الرباط ،السنة الجامعية ،2001-2000الصفحة
.88
-8القانون 47.96المتعلق بتنظيم الجهات ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.97.84الصادر في 23من ذي القعدة
2(1417أبريل ،)1997الجريدة الرسمية عدد 4470الصادرة بتاريخ 24ذي القعدة 3(1417أبريل ،)1997
ص.556
-9دستور 1996الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.96.157الصادر في 23جمادى األولى 7(1417أكتوبر ،)1996
الجريدة الرسمية عدد ،4420بتاريخ 26جمادى األولى 10(1417أكتوبر ،)1996الصفحة .2281
2
السياسية ،تسير بخطى واحدة نحو تعميق النظام الالمركزي الترابي كنظام لتدبير الشؤون
المحلية الذي طبق أوال على المستوى المحلي ثم على الصعيد اإلقليمي ثم أخيرا على المستوى
الجهوي.
بمجرد تولي جاللة الملك محمد السادس سدة الحكم عرض في خطابه المؤرخ في 12
أكتوبر 1999المفهوم الجديد للسلطة وما يحمله من محاولة إلخراج اإلدارة المغربية من
إدارة مخزنية إلى إدارة القرب والجودة والمواطنة .وخالل خطاب العرش لسنة 2001شدد
الملك على أن الجهوية بالنسبة للمغرب خيار استراتيجي وليس مجرد بناء إداري ،10وهذه
الفكرة تكررت في العديد من الخطابات الملكية الالحقة عليه ،منها الخطاب الملكي المؤرخ
في 6نونبر 200811الذي يتبين من خالله أن الطرح الجهوي ورش ملكي بامتياز ،حيث
أن الخطب والرسائل الملكية شكلت وتشكل دائما ذلك األساس الذي يتم االنطالق منه ليس
فقط لتغيير النظام الالمركزي الجهوي وإنما كذلك إلعادة هيكلة نظام الالتركيز اإلداري،
باإلضافة إلى الخطاب الملكي المؤرخ في 3يناير 2010بمناسبة تنصيب اللجنة االستشارية
للجهوية والتي كلفت على إثره بوضع تصور تأطيري عام للنموذج الجهوي المزمع اعتماده،
وهذا الخطاب يشكل المرجعية األساسية ألعمال هذه اللجنة كونه يضم مجموعة من
التوجيهات الواجب أخذها بعين االعتبار.
وبتاريخ فاتح يوليوز 2011صدر الدستور 12المغربي الجديد معلنا عن مرحلة مهيكلة
جديدة بحيث أن الدستور ومنذ فصوله األولى أعطى اهتماما بالغا وكبيرا للتنظيم الجهوي
للبالد ،إذ نص في فصله األول في الفقرة األخيرة منه على أن " التنظيم الترابي للمملكة،
تنظيم ال مركزي ،يقوم على الجهوية المتقدمة" .وفي ضوء ذلك صدرت مجموعة من القوانين
التنظيمية التي تؤطر التنظيم الجهوي ،منها القانون التنظيمي 13111.14المتعلق بالجهات
-10يعد هذا الخطاب تم تعديل الميثاق الجماعي سنة 2002بمقتضى القانون 78.00وفي نفس السنة نجد الرسالة الملكية
حول التدبير الالممركز لالستثمار والذي أعطيت فيه صالحيات واسعة للوالة ،ففي هذه الفترة اتضح أن هناك رؤية جديدة
في ممارسة الحكم وتصور جديد لالمركزية وللتعامل ومع المحلي ولعالقة السلط المنتخبة مع المعينة وكل هذا لم يتطلب
تعديال دستوريا كالذي عرفته سنة .2011
-11الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 33للمسيرة الخضراء ،المؤرخ في 6نونبر .2008
-12دستور 2011الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.11.91الصادرفي 27شعبان 29(1432يوليوز ،)2011الجريدة
الرسمية عدد 5964مكرر ،الصادرة بتاريخ 28شعبان 30(1432يوليوز ،)2011الصفحة .3600
-13القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات ،الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.15.83الصادر في 20رمضان
7( 1436يوليوز ،)2015الجريدة الرسمية عدد ،6380الصادرة بتاريخ 6شوال 23(1436يوليوز ،)2015الصفحة
.6585
3
الذي جاء بمجموعة من المقتضيات التي تهم الجهة عامة ورئيس مجلسها 14خاصة الذي سيتم
من خالل هذا البحث تبيان دوره في تحقيق التنمية على مستوى الجهة.
في سياق هذه الدراسة فرئيس المجلس الجهوي المنتخب يعد وفقا للقانون التنظيمي
،111.14آمرا بقبض مداخيل الجهة وصرف نفقاتها ،ويرأس مجلسها و يمثلها بصفة رسمية
في جميع أعمال الحياة المدنية و اإلدارية والقضائية ويسهر على مصالحها و يعتبر الرئيس
التسلسلي للعاملين بها ،15ويسهر على تدبير شؤونهم ،ويتولى التعيين في جميع المناصب
وإعداد برامج التنمية الجهوية و التصميم الجهوي إلعداد التراب وغيرها من صالحيات
الواسعة التي أوكلها له المشرع لتدبير شؤون الجهة ،وتحقيق التنمية الجهوية.
وبذلك فمهما تعددت اختصاصات الجهة وتعددت مجاالت تدخلها ومهما كانت سلطتها
وصالحياتها التقريرية إذا لم تتوفر على وسائل العمل الالزمة لممارسة هذه االختصاصات
والصالحيات والمتمثلة أساسا في الموارد البشرية الالزمة ونخص بالذكر تلك المكلفة
بالرئاسة ،يفرغ الالمركزية الجهوية من معناها ومضمونها الحقيقي.
وال شك أن االختصاصات الواسعة و المهمة التي أصبح يتمتع بها رئيس المجلس
الجهوي تعكس بوضوح جسامة المسؤوليات الملقاة على عاتقه إذ أصبح مدعوا وبقوة إلى
المشاركة في تحقيق التنمية في شتى المجاالت على المستوى الجهوي ،إذ أن عليه أن يعي
دوره جيدا كمسؤول ومقررا في شؤون الجهة ومخططا لبرامجها ،وهو ما يجعله مدعوا
الستغالل جميع الممكنات التدبيرية لالرتقاء بجهته ،و القيام بدوره على الوجه الصائب و
المطلوب لكن قبل ذلك وجب التأكيد على أن تحقيق المركزية حقيقة قائمة على جهوية متقدمة
،يتوقف بالدرجة األولى على ضرورة تمتيع المنتخب الجهوي بحد مقبول من المستوى
الثقافي والتكوين مما يسمح له بالمشاركة الفعلية والبناء في تدبير الشؤون الجهوية .وعلى
هذا األساس بات من الضروري الرفع من المستوى التعليمي للمنتخب الراغب في الترشيح
لتولي القضايا الجهوية ،بما يليق بالتمثيلية الجهوية و يعطيها مكانة مشرفة ،كما أنه في
نفس السياق اعتماد نمط االقتراع العام المباشر بالنسبة للمنتخب الجهوي بموجب
دستور ،2011والذي كان أحد أبرز التوصيات المهمة التي انتهى بها تقرير للجنة االستشارية
حول الجهوية باعتبار أهميته في تجسيد الشرعية المحلية ،يعد خطوة محمودة من طرف
-14يراد بمؤسسة رئيس الجهة في سياق تناولنا للموضوع الذي نحن بصدد التطرق له ،الجهاز التنفيذي للجهة والذي يتواجد
على رأسه رئيس مجلس الجهة مدعوما بمجموعة من األجهزة المساعدة سواء منها المنتخبة أو المعينة والتي تعمل جنبا
إلى جنب وفي تناسق ،ضمانا لحسن سير الشأن الجهوي.
-15محمد أوالد الحاج" ،الجهة والجهوية المتقدمة :قراءة مقارنة بين القانون رقم 47.96والقانون التنظيمي،"111.14
المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج ،127-126يناير-أبريل ،2016الصفحة.186
4
المشرع من شأنها تطوير سياسة الجهوية في أفق بلوغ جهوية متقدمة قادرة على النهوض
التنموي بالمجال الجهوي.
لكن مقابل ذلك فالمشرع اقتنع بدور الوالي في تسيير وتنمية الجهة إلى جانب رئيس
المجلس الجهوي لذلك منحه اختصاصات و إمكانيات للمشاركة في التسيير اليومي للجهة
وإبداء آرائه ومالحظاته بما يخدم المصلحة العامة للجهة والبالد عامة ،لذلك يجدب التطرق
لتدخل والي الجهة في أنشطة وأعمال رئيس المجلس الجهوي لالستفادة من تجربته وخبراته
للرقي بالجهة ،كما أن المشرع سمح للوالي بالتدخل في الشؤون اليومية للجهة بمنحه سلطة
المراقبة اإلدارية على أجهزة مجلس الجهة عامة و رئيسها خاصة ،وحاول كذلك إيجاد نوع
من التوازن بين والي الجهة و األعضاء المسيرين لها لتفادي التدخل السلبي في مصالح
الجهة.
إذ أنه غالبا ما تطغى على المجلس الجهوي ورئيسه تحقيق المصالح الذاتية والشخصية،
لذلك عمل المشرع المغربي على جعل الوالي الجهاز اإلداري الالمركزي الساهر على حماية
الجهة من كل الخروقات والتجاوزات التي قد تحدث من قبل المنتخبين عامة ،ورئيس المجلس
خاصة .لكن مع تعدد اختصاصات كل من والي الجهة ورئيس المجلس الجهوي سينتج عنه
ال محال التداخل والتنازع أثناء ممارسة هذه المهام ،فممارسة سلطة االشراف والمراقبة من
طرف ممثل السلطة المركزية من شأنها أن تضعف من قدرة رئيس المجلس الجهوي وإبقائه
دائما تابعا للوالي .و بالتالي غياب مبدأ االستقاللية الذي يجب أن يتمتع به رؤساء الجهات
،وأقر المشرع بأن الهيئة التنفيذية للجهة يتقاسمها رئيس الجهة والوالي ،وهذا يطرح عدة
إشكاليات وصفت بأنها مبالغة في المراقبة المفروضة على الجهة ،إذ ال تمتلك هذه األخيرة
وسائل تستعملها من أجل الضغط على الوالي لتسريع عمليات القيام بالمشاريع التنموية
بالجهة ،وتنفيذها من خالل المصادقة عليها كما أن للوالي الحق في رئاسة الجنة المشتركة
بين الجهات بصفته آمرا بالصرف بالنسبة للميزانية ،في حين أن من األجدر أن تكون الجهة
في شخص رئيسها ،هو من يرأس تلك اللجنة هذه الوضعية ظلت سارية المفعول ،لكن مع
المستجدات الدستورية والتنظيمية .
وبالرجوع إلى دستور المملكة لسنة ،2011وللقانون التنظيمي 111.14المتعلق
بالجهات نجده حدد طبيعة العالقة بين الوالي ممثال للسلطة المركزية ،ورئيس مجلس الجهة
،و أوكل للرئيس صالحيات واسعة مقارنة مع القانون القديم المنظم للجهات ، 47.96إال أنه
من ناحية الممارسة يتبين أنه لم يتم االنتقال الفعلي من نظام الوصاية المعروفة آنذاك إلى
المراقبة اإلدارية التي تسعى لتوسيع صالحيات رئيس المجلس الجهوي ،إذ ال زالت
صالحياته مقيدة على المستوي العملي ،مما يضرب في مبدأ التدبير الحر للجهات وعرقلة
تنفيذ المشاريع التنموية داخلها.
5
وعليه فمسألة البحث في مكانة رئيس الجهة باعتباره جهازا تنفيذيا للجهة تعد ذات أهمية
كبرى وذات راهنية ثابتة ،ويبقى السؤال المطروح هنا :هل ذلك سيمكنه من فرض تصورات
الفاعل المنتخب في التدبير؟
ففي ظل هذه المرحلة التي تعرف إطار قانوني جديد الذي تجدد معه تنظيم الجهة خاصة
وأن هذا القانون يتضمن مستجدات ال تهم رئيس الجهة لوحده وإنما تتعداه لبعض األجهزة
المنضوية تحت سلطته .غير أن اإلشكال ليس في تغيير بنية النصوص أو المؤسسات ولكن
في مدى استطاعة هذا التغيير أن يغوص في العمق ليطال موازين السلط المتحكمة في
تصريف الشأن الجهوي ،فأهمية هذه الدراسة تتجلى أساسا في وضع اليد على طبيعة توزيع
األدوار بين مؤسسة رئيس الجهة وسلطات الوصاية فمن خالل فهم هذه العالقة الجدلية يمكننا
الجزم في أي اتجاه يسير التنظيم الجهوي المغربي نحو الدمقرطة أم البرقرطة .والبعد اآلخر
الذي تحضر أهميته في سياق الموضوع هو أن يتزامن هذا التغيير الجذري في مواقع السلط
مع تأهيل األطراف المعنية حتى تواكب ما استجد من النصوص وما استحدث من
اختصاصات ،واألدوار وخاصة في مجال التنمية الجهوية.
ومن خالل ما تقدم يتبين أن للموضوع أهمية بالغة وهي ما ستكون محور معالجة في
النقطة الموالية.
6
ثانيا :دواعي اختيار الموضوع
oالدوافع الموضوعية
لماذا تم اختيار موضوع دور مؤسسة رئيس مجلس الجهة في تحقيق التنمية؟
أوال :لك ون الساحات القانونية اليوم تولي اهتماما كبيرا لمؤسسة رئيس المجلس
الجهوي المؤطرة بموجب القانون التنظيمي 111.14الذي جاء في إطار اصالح المنظومة
القانونية المنظمة للوحدات الترابية ،في ظل مرحلة جديدة في تسيير المجالس الجهوية.
7
ثالثا :كون المجال الجهوي اختبار حقيقي لتفعيل التنمية الجهوية بفعل الحسابات
السياسوية الضيقة التي تعرفها هذه األخيرة بين من ظنت الساكنة أنهم ممثليها ،وهنا الحديث
عن مجلس جهة درعة -تافياللت وما عرفه هذا األخير من صراعات وإكراهات عطلت
السير العادي للمجلس ومنه هدر الزمن التنموي للجهة.
8
خامسا :التصميم
لمعالجة اإلشكالية المطروحة سلفا ارتئينا اعتماد التصميم التالي:
9
الفصل األول :اإلطار العام لمؤسسة رئيس المجلس
الجهوي
حظيت مؤسسة رئيس المجلس الجهوي بأهمية بالغة منذ بدايات الالمركزية الترابية
بالمغرب من طرف المشرع المغربي الذي حرص على تنظيم انتداب أعضاء المجالس
الجهوية ورؤسائها ،إال أنه وعلى امتداد التجربة الجهوية لسنة 1997إلى حدود سنة 2015
تم تسجيل العديد من االشكاالت التي برزت أساسا من التجربة الميدانية لهذا الجهاز ،والتي
تم تسجيلها سواء من طرف المحليين والمهتمين بالشأن الجهوي ،وكذلك من طرف الممارسين
داخل هذه المجالس و اإلدارات المعنية ،ارتفعت األصوات منادية بجهوية أكثر تقدما وأهمية
من أجل االضطالع بدور فعال في تحقيق التنمية المحلية على مختلف األصعدة سواء
االقتصادية منها أو االجتماعية أو الثقافية أو غيرها. 16
ومن بين هذه االشكاالت نجد كون مؤسسة رئيس مجلس الجهة مجرد جهاز تنظيمي
يتولى اختصاص ات التسيير وتمثيل المجلس فقط ،وال يتمتع بأي صالحيات واسعة وفعلية
تبرز األهمية التي يفترض أن تحظى بها رئاسة المجلس الجهوي ،غير أن التحوالت التي
عرفها التنظيم الترابي للمملكة بعد دستور ،2011ستقود إلى تحصين الوضعية القانونية
لرئيس مجلس الجهة سواء من خالل تحديد وضبط نظامه القانوني ،عبر تحسين عملية انتخاب
مجالس الجهات وتنظيم نشاطهم في تفاعالتهم مع المحيط الذي يشتغلون فيه ،أو من خالل
تعزيز موقع رئيس مجلس الجهة بضبط وتوسيع صالحياته وكذا بتقنين عالقته بباقي الفاعلين
على مستوى الجهة.
فلكي تتمكن الجهة من القيام بمهامها التنموية المنوطة بها البد من توفرها على مجلس
منتخب يقرر ورئيس ينفذ لذلك تم إصدار القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات سنة
2015الذي كرس المقتضيات الدستورية لسنة 2011التي ارتقت بمؤسسة رئيس مجلس
الجهة بالتوسيع من الصالحيات التي يجب أن يتمتع بها هذا األخير حيث أصبح آمرا
بالصرف ،باإلضافة إلى كونه ممثال لإلدارة أمام القضاء.17
فضال عما تمت اإلشارة إليه فقد حاول المشرع أيضا من خالل القانون التنظيمي المتعلق
بالجهات ضبط مهام رئيس مجلس الجهة وبيان واجباته والتزاماته وحقوقه وذلك بالتنصيص
عليها في الباب المتعل ق بالنظام األساسي للمنتخب ،الذي حاول من خالله المشرع تدارك
النقص الذي كان يعرفه التنظيم الجهوي السابق بهذا الخصوص.
10
وبالتالي فإن الحديث عن اإلطار العام لمؤسسة رئيس المجلس الجهوي يقتضي تتبع
مسار تطور هذه األخيرة ،وبذلك سنتناول من خالل هذا الفصل تحوالت مؤسسة رئيس الجهة
بالمغرب ما بين مقتضيات القانون 47.96المنظم للجهات والمستجدات الدستورية لسنة
( 2011المبحث األول) ،باإلضافة إلى مؤسسة رئيس المجلس الجهوي في ظل النظام
األساسي للمنتخب الجهوي ،أية آثار على التنمية؟ (المبحث الثاني).
11
المبحث األول :مؤسسة رئيس مجلس الجهة :المسار
والتنظيم
إن تحليل التنظيم الجهوي المغربي في سياق البحث عن مؤسسة رئيس المجلس الجهوي
يتطلب بداية إلقاء الضوء على كيفية تطور هذه المؤسسة تبعا للتطورات التي عرفها هذا
التنظيم منذ التجربة الجهوية التي أقرها دستور 181992وكرستها المراجعة الدستورية لسنة
1996وصدور القانون المنظم للجهات 47.96سنة ،1997مرورا بورش الجهوية المتقدمة
الذي دشنه جاللة الملك بتعيين أعضاء اللجنة االستشارية للجهوية سنة 2010وتكليفها بوضع
نموذج مغربي متقدم للجهوية ،وصوال للتعديل الدستوري 2011وما عقبه من صدور القانون
التنظيمي المتعلق بالجهات رقم .111.14
وللوقوف على هذا التطور الذي شهدته مؤسسة رئيس مجلس الجهة وجب تقسيم هذا
المبحث إلى (مطلب أول) تم التطرق فيه إلى مؤسسة رئيس المجلس الجهوي قبل دستور
،2011باإلضافة إلى مؤسسة رئيس المجلس الجهوي بعد التعديل الدستوري (المطلب
الثاني).
-18دستور 1992الصادر بتنفيذه لظهير الشريف رقم 1.92.155الصادر في 11ربيع اآلخر 09(1413أكتوبر
،)1992منشور بالجريدة الرسمية عدد 14( 4172أكتوبر ،)1992الصفحة .1247
12
الفقرة األولى :صالحيات رئيس المجلس الجهوي في إطار القانون 47.96
المنظم للجهات
يعد الجهاز الرئاسي في المجالس المنتخبة األداة الدالة على إرادة المشرع في تعزيز
موقعها واالرتقاء بها إلى مؤسسات المركزية بصريح العبارة ،أو في حصر موقعها بين
الالمركزية وعدم التمركز اإلداري ،وإذا كان رئيس المجلس الجماعي يعبر عن االتجاه األول
نظرا للمكانة التي خصه بها القانون المتعلق بالتنظيم الجماعي ،فإن رئيس مجلس العمالة أو
اإلقليم ورئيس مجلس الجهة يعبران عن االتجاه الثاني اعتبارا لما خول إليهم من صالحيات
نظرية تحول دون اعتبارهما "مؤسسة رئاسية" بالمعنى الحقيقي للعبارة.19
وعليه حدد ظهير 02أبريل 1997الوضعية القانونية والتنظيمية لرئيس المجلس
الجهوي ،وكذا االخت صاصات التي يتمتع بها داخل المجلس ،بحيث أن هذا األخير هو الذي
ينتخب الرئيس عن طريق االقتراع السري باألغلبية المطلقة في الدورة األولى ،والدورة
الثانية ،وفي حالة اللجوء إلى دورة ثالثة تكفي األغلبية النسبية ،وحدد القانون 2047.96مدة
انتداب الرئيس في 3سنوات قابلة للتجديد عبر االقتراع السري.
وقد نصت المادة 11من القانون المذكور سلفا على أنه " ال يمكن أن ينتخب رؤساء أو
نواب الرئيس وال أن يزاولوا هذه المهام ولو بصفة مؤقتة رؤساء اإلدارات المالية التي يرتبط
نشاطها مباشرة بالجهة المعنية وكل األشخاص المزاولين مهام المسؤولية لهذه اإلدارات"
كما أنه ال يمكن لعضو المجلس الجهوي أن يترشح لرئاسة هذا المجلس إذا كان يوجد
في حالة التنافي التي حددتها نفس المادة المشار إليها أعاله ،في رئاسة مجلس عمالة أو إقليم
او رئاسة مجموعة حضرية.
ولعل هذه المسألة األخيرة ،ساهمت في تفشي ظاهرة الجمع بين الواليات ،حيث أنه
يمكن لرئيس مجلس الجهة أن يجمع بين هذه الصفة ،وصفة رئيس مجلس جماعي حضري
أو قروي دون وجود أي مانع يمنعه من ذلك ،مما يؤدي في غالب األحيان إلى العجز
والقصور في أداء الوظيفة الجهوية ،وهو ما سيعمل القانون التنظيمي الجديد على تجاوزه
-19حجيبة زيتوني ،الجهة واإلصالح الجهوي بالمغرب ،السلسلة المغربية لبحوث اإلدارة واالقتصاد والمال ،العدد ،3
مطبعة طوب بريس ،الرباط ،الطبعة األولى ،2011 ،الصفحة .60
-20المادة 10من القانون 47.96المنظم للجهات السالف الذكر.
13
من خالل توسيع حاالت التنافي .ويمارس رئيس المجلس الجهوي اختصاصاته فور انتخابه
دون تسلمه لظهير الثقة من الملك والذي يتضمن توصيات إليه.21
ويمكن إقالة الرئيس بقرار معلل يوافق عليه باالقتراع السري الثلثان على األقل من
األعضاء المزاولين مهامهم في المجلس الجهوي ،ويترتب عن هذه اإلقالة إقالة نواب الرئيس
الذي يسري أثرها ابتداء من تاريخ تبليغها إلى عامل العمالة أو اإلقليم مركز الجهة.22
باإلضافة أنه يمكن أن يتم توقيف 23أو عزل 24رئيس المجلس الجهوي ونوابه بعد االستماع
إليهم أو استدعائهم لإلدالء بإيضاحات مكتوبة حول األفعال المنسوبة إليهم ،أما إذا تعرض
الرئيس أو نوابه لطارئ تسبب لهم في االنقطاع عن ممارسة مهامهم فإنه يتم تعويضهم
بانتخاب من يخلفهم.25
وبذلك يمكن القول أنه إذا كان الجهاز الرئاسي يعتبر هيئة منتخبة نظريا ،فإن وضعيته
القانونية تتموقع بين المركزية و عدم التركيز اإلداري ،وهو ما اعتبر أحد العوائق األساسية
لتحقيق المركزية حقيقية على مستوى الجهات في إطار القانون 47.96المنظم للجهات ،على
اعتبار أن الجهاز التنفيذي للجهات ثنائي يتقاسمه رئيس مجلس الجهة ،ووالي الجهة ،وهي
مسألة يمكن استنتاجها من اختصاصات رئيس مجلس الجهة ،فنجد أن هناك اختصاصات
خاصة به ثم أخرى يتقاسمها مع والي الجهة.26
أوال :االختصاصات الخاصة برئيس المجلس الجهوي
تعد الصالحيات المخولة لرئيس المجلس الجهوي في التجربة المغربية أحد األوجه
المجسدة للمفارقة للديموقراطية ،ذلك أن االختصاصات التقريرية والتنفيذية التي يفترض أن
يمارسها رئيس المجلس الجهوي كجهاز منتخب تعبر عن الشرعية المحلية والجهوية ،أسندها
-21عثمان بوتجدير ،مؤسسة رئيس الجهة بالمغرب على ضوء المقتضيات الدستورية والقانونية لما بعد ،2011رسالة
لنيل الماستر في القانون العام والعلوم السياسية ،جامعة محمد الخامس أكدال ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية
-الرباط ،السنة الجامعية ،2017/2016الصفحة 9و.10
-22المادة 16من القانون 47.96المنظم للجهات السالف الذكر.
-23المادة 17من نفس القانون ،تنص على أنه ...":يتم التوقيف الذي ال يمكن أن يتجاوز شهرا واحدا بموجب قرار معلل
يصدره وزير الداخلية وينشر في الجريدة الرسمية."...
-24المادة 17من نفس القانون تنص على أنه...":يترتب بحكم القانون عن العزل المقرر بمرسوم معلل عدم أهلية االنتخاب
لمهام الرئيس ومهام نائب الرئيس خالل سنة تبتدئ من تاريخ العمل بالمرسوم ماعدا إذا تم من قبل تجديد عام للمجالس
الجهوية".
-25المادة 18من نفس القانون.
-26حجيبة زيتوني ،الجهة واإلصالح الجهوي بالمغرب ،المرجع السابق ،الصفحة.6
14
المشرع في النص المنظم للجهة إلى عامل العمالة أو اإلقليم مركز الجهة {الوالي} ،وهو
األمر الذي ال يستقيم والتوجه الديموقراطي الذي تدعو له سياسة وفلسفة الالمركزية.27
وعليه فالمشرع المغربي أعطى لرئيس المجلس الجهوي بموجب القانون47.96
مجموعة من االختصاصات ولكنها تظل جد محدودة وال ترقى إلى اعتباره المقرر الفعلي
والمنفذ الحقيقي لقضايا وشؤون الجهة إذ أنها لم تتجاوز اقترانها بالوظائف واإلجراءات
والمساطر الالزمة لتسير المجلس الجهوي ،وهذه الصالحيات تتمثل أساسا في:
استدعاء المجلس لالجتماع في دورة عادية أو استثنائية وترأس الجلسات.28
وضع جدول أعمال الدورات بتعاون مع أعضاء المكتب.29
استدعاء المكلفين بمهمة والمكلفين بالدراسات لحضور جلسات المجلس بصفة
استشارية خاصة المسائل الداخلة في اختصاصاتهم.30
السهر على النظام في جلسات المجلس أو ما يسمى بشرطة الجلسات.31
مساعدة أعضاء المجلس بإعداد النظام الداخلي للمجلس.32
تعيين مندوبي اللجان الدائمة للمجلس من بين أعضاء المكتب وإن اقتضى الحال من
بين أعضاء المجلس الجهوي.
ترأس اللجنة الدائمة المكلفة بمسائل التخطيط وإعداد التراب.33
توجيه طلب استقالة كل عضو بالمجلس لم يلب استدعائين متتاليين دون سبب يقبله
المجلس ،أو امتنع دون عذر مقبول القيام بالمهام المنوطة به إلى وزير الداخلية بواسطة عامل
العمالة أو اإلقليم مركز الجهة.34
- 27وهذا ما سيعمل القانون التنظيمي الجديد المتعلق بالجهات 111.14الصادر طبقا لمقتضيات دستور 2011على
تجاوزه ،وذلك عن طريق توسيع صالحيات ومجال تدخل رئيس المجلس الجهوي وتخويله صالحيات جديدة حقيقية وفعلية،
وخاصة صفة اآلمر بالصرف وتنفيذ قرارات المجلس الجهوي.
-28المادة 24من القانون 47.96المنظم للجهات ،السالف الذكر.
-29المادة 25من نفس القانون.
-30المادة 27من نفس القانون.
-31المادة 30من نفس القانون.
-32المادة 40من نفس القانون.
- 33المادة 37من نفس القانون.
- 34المادة 33من نفس القانون.
15
ثانيا :االختصاصات المشتركة مع والي الجهة
تشكل االختصاصات المشتركة بين رئيس المجلس الجهوي ووالي الجهة عصب
االختصاصات المخولة لرئيس المجلس ،واعتبارا لحداثة التجربة الجهوية التي حالت دون
االرتقاء برئيس المجلس الجهوي إلى درجة إلى درجة نظيره على المستوى الجماعي ،فقد
استبعد المشرع مبدأ االستقاللية ،وأحل محله مبدأ التعايش والتوافق بين المراقب والمراقب.
لالرتقاء بالجهة إلى مستوى جماعة محلية حقيقية ووحدة ترابية مستقلة ماليا وإداريا بكيفية
فعلية.35
وبذلك فاالختصاصات المشتركة لرئيس المجلس الجهوي مع والي الجهة تتمثل أساسا
فيما يلي:
يحدد الرئيس بتعاون مع عامل العمالة أو اإلقليم مركز الجهة عدد المكلفين
بالدراسات.36
يعين الكاتب العام للجهة والمكلفين بمهمة بموجب مقرر يؤشر عليه عامل العمالة أو
اإلقليم مركز الجهة.37
يوقع بالعطف على تنفيذ قرارات المجلس والمنفذة من طرف العامل مركز الجهة.38
باإلضافة إلى هذه االختصاصات فرئيس المجلس الجهوي يتوفر على اختصاصات
أخرى ينوب عن المجلس في القيام بها:
يوقع على قرارات المجلس ويؤشر على محاضر الجلسات.39
يمثل المجلس في المؤسسات العمومية.40
يوقع بالعطف على القرارات التي ينفذها العامل مركز الجهة.41
وبالتالي من خالل ما تم التطرق إليه في هذه الفقرة من االختصاصات التي كان يتمتع
بها رئيس المجلس الجهوي في إطار القانون 47.96المنظم للجهات يتضح أن الصالحيات
التي كانت مخولة لهذه المؤسسة كانت محدودة وتقتصر على الحياة اإلدارية والتمثيلية للجهة،
16
بينما أهم اختصاص ينبغي أن يكون بيدي الرئيس هو تنفيذ قرارات المجلس الجهوي وكذا
صفة اآلمر بالصرف الذي نجده عند مؤسسة أخرى وهي العامل مركز الجهة {الوالي}.
وعليه يتضح أن رئيس المجلس الجهوي لم يكن له الدور الفعال في تسيير وتدبير شؤون
الجهة على عكس العامل مركز الجهة أو الوالي الذي كان يلعب دورا مهما ورئيسيا في هذه
العملية وكذلك في الجانب الرقابي الذي يحظى به هذا األخير.
وبذلك ففي هذه المرحلة ال يمكن الحديث عن أي دور لرئيس المجلس الجهوي في تنمية
الجهة إذ لم يكن فاعال رئيسيا في تسيير وتدبير الشأن الجهوي ،بحيث كانت جل السلطات
ترتكز في يد العامل مركز الجهة أو الوالي.
17
الورش من خالل تنصيب اللجنة الملكية االستشارية وتكليفها بوضع تصور حول الجهوية
المتقدمة ،وقد لقيت هذه الدعوة إجماعا من طرف كل الفاعلين السياسيين .وبذلك فسنتناول
أوال مؤسسة رئيس المجلس الجهوي من خالل الخطب الملكية ،ثم بعدها سنتطرق إلى تصور
اللجنة االستشارية للجهوية لهذا الجهاز.
أوال :مؤسسة رئيس المجلس الجهوي من خالل الخطب الملكية
إن األحداث السياسية واالقتصادية واالجتماعية مع مطلع العشرية الثانية من األلفية
الثانية في اتجاه إعادة النظر بطريقة جذرية في نظام الجهة .45فقد أكد الملك محمد السادس
على أنه" يظل طموحنا الوطني االرتقاء من جهوية ناشئة إلى جهوية متقدمة ات جوهر
ديموقراطي وتنموي".46
لمعرفة تصور المؤسسة الملكية لمؤسسة رئيس المجلس الجهوي سنقوم بتحليل خطابين
ملكيين ،األول يتعلق بخطاب 03يناير2010الذي وجهه جاللة الملك محمد السادس إلى األمة
بمناسبة تنصيب اللجنة الملكية االستشارية للجهوية ،ثم خطاب 09مارس47 2011بمناسبة
تعديل الدستور.
ففيم ا يخص الخطاب األول فقد دعى صاحب الجاللة اللجنة االستشارية للجهوية إلى
إعداد تصور عام لنموذج وطني لجهوية متقدمة تشمل كل جهات المملكة واالجتهاد في إيجاد
نموذج مغربي للجهوية نابع من خصوصيات بلدنا وفي صدارتها انفراد الملكية المغربية
بكونها من أعرق الملكيات في العالم نوقد ظلت على مر العصور ضامنة لوحدة األمة مجسدة
للتالحم بكافة فئات الشعب والوقوف الميداني على أحواله في كل المناطق.48
ومن المالحظ أن هذا الخطاب األخير يشكل المرجعية األساسية ألعمال هذه اللجنة كونه
يضم مجموعة من التوجهات الواجب أخذها بعين االعتبار .49وكما سبقت اإلشارة لذلك أن
الخطابات الملكية تبقى هي المرجع األساس كون أن كل الخطابات ذات الصلة بمسألة الجهوية
ليست بينها قطيعة إبستيمولوجية أو منهجية بل هناك تكرار لنفس العبارات وهو ما يستفاد
-45بوجمعة بوعزاوي ،المغرب الجهوي و رهان الجهوية المتقدمة ،نشر وتوزيع ،Emalivمطبعة بني ازناسن ،الطبعة
األولى ،2015 ،الصفحة .5
-46الخطاب الملكي ل 03يناير 2010بمناسبة تنصيب اللجنة االستشارية للجهوية.
-47الخطاب الملكي ل 09مارس 2011بمناسبة اإلعالن عن تعديل الدستور.
-48صالح المستف" ،الجهوية في مغرب الجهات ،مشورات سلسلة الالمركزية واإلدارة الترابية" ،العدد ،19
سنة،2012الصفحة .101
49
-EL YAAGOUBI Mohammed, la notion de régionalisation avancée dans les discours
royaux, revue marocaine de l'administration locales et développement, n 94-95,2010,
p45-46.
18
منه دالليا ولغويا التأكيد على هدف أو غاية محددة و هي اعتبار الملكية للجهوية اليوم خيارا
استراتيجيا إراديا لمغرب العهد الجديد.50
فقد أكد الملك في 03يناير" 2010أن الجهوية الموسعة المنشودة ،ليست مجرد إجراء
تقني أو إداري ،بل توجها حاسما لتطوير وتحديث هياكل الدولة ،والنهوض بالتنمية
المندمجة".
وقد حدد هذا الخطاب أربع مرتكزات يتعين أن تقوم عليها الجهوية وهي:
أوال :التشبث بمقدسات األمة وثوابتها في وحدة الوطن والتراب والدولة والتأكيد على
الخيار الديموقراطي.
ثانيا :االلتزام بالتضامن .إذ ال ينبغي اختزال الجهوية في مجرد توزيع جديد للسلطات
بين المركز والجهات .فالتنمية الجهوية لن تكون متكافئة وذات طابع وطني ،إال إذا قامت
على تالزم استثمار كل جهة لمؤهالتها ،على الوجه األمثل ،مع إيجاد آليات ناجعة للتضامن،
المجسد للتكامل و التالحم بين المناطق ،في مغرب موحد.
ثالثا :اعتماد التناسق والتوازن في الصالحيات واالمكانيات وتفادي تداخل
االختصاصات ،أو تضاربها بين مختلف الجماعات المحلية والسلطات والمؤسسات.
رابعا :انتهاج الالتمركز الواسع الذي لن تستقيم الجهوية بدون تفعيله في نطاق حكامة
ترابية ناجحة قائمة على التناسق والتفاعل.
وبهذا يستنتج من هذا الخطاب أن األهداف المتوخاة من هذا الورش والتي من ضمنها
انب ثاق مجالس ديموقراطية الصالحيات والموارد ،ما يمكنها من النهوض بالتنمية الجهوية
المندمجة ،فجهات مغرب الحكامة حسب الخطاب ال يجب أن تكون جهازا صوريا أو
بيروقراطيا ،وإنما مجلس تمثيلية للنخب المؤهلة ،لحسن تدبير شؤون مناطقها ،وتوسيع نطاق
اختصاص المجلس الجهوي تحت إشراف رئيسه.
أما الخطاب الثاني ل 09مارس 2011فقد اعتبر نقطة تحول كبيرة في المركز القانوني
لمؤسسة رئيس المجلس الجهوي حيث أعلن عن دسترة هذه األخيرة ،وذهب لجعلها جهازا
تنفيذيا يتولى سلطة تنفيذ المقررات الصادرة عن المجلس الجهوي وبالتالي فقد نقل هذا
-50الشرقي نصراوي -شحيحي عبد الرحمان ،الجهوية الموسعة في الخطب الملكية بين التحليل السيميائي والتحليل السياسي،
الجهوية الموسعة بالمغرب(أي نموذج مغربي على ضوء التجارب المقارنة) ،سلسلة الالمركزية واإلدارة المحلية ،عدد،6
توزيع مكتبة الرشاد ،سطات ،سنة ،2010الصفحة .44
19
االختصاص من العمال و الوالة إلى رؤساء الجهات وهو ما يتماشى مع المقترح الذي قدمته
اللجنة االستشارية للجهوية بهذا الخصوص.
وقد جاء في هذا الخطاب الملكي ما يلي ... ":لقد قررنا في نطاق اإلصالح المؤسسي
الشامل الذي عملنا توفير مقوماته منذ اعتالئنا العرش أن يقوم التكريس الدستوري للجهوية
على توجهات أساسية من بينها:51
.1تخويل الجهة المكانة الجديرة بها في الدستور ضمن الجماعات الترابية ،وذلك في
نطاق وحدة الدولة والوطن والتراب ومتطلبات التوازن والتضامن الوطني مع الجهات.
.2التنصيص على انتخاب المجالس الجهوية باالقتراع العام المباشر ،وعلى التدبير
الديموقراطي لشؤونها.
.3تخويل رؤساء المجالس الجماعية سلطة تنفيذ مقرراتها بدل العمال والوالة."...
وبالتالي بعد تحليلنا لبعض مضامين هاذين الخطابين الساميين نستنتج أنهما أكدا على
دمقرطة المجالس الجهوية ،وضرورة جعلها تمثيلية للنخب ،زد على ذلك دعم مؤسسة رئيس
المجلس الجهوي واالنتقال بها من مجرد جهاز تسييري إلى جهاز تنفيذ يتولى تنفيذ مداوالت
المجلس ،التي كانت من اختصاص الوالي أو العامل مركز الجهة ،وبذلك تم االرتقاء بهذه
المؤسسة من مجرد جهاز صوري إلى جهاز فعلي يتمتع بمجموعة من االختصاصات التي
تخول له تحقيق التنمية على مستوى الجهة.
ثانيا :تصور اللجنة االستشارية لمؤسسة رئيس الجهة
إن دور الجهة في تعزيز الالمركزية وإتمام البناء المؤسساتي يظهر بشكل واضح من
خالل هياكلها وظائفها وسبل العمل في التسيير اليومي للشؤون الجهوية وخصوصا المهام
المنوطة بالجهاز التداولي أي المجلس الجهوي تحت إشراف رئيسها.
ومن تم دعت اللجنة االستشارية للجهوية إلى تبني مجموعة من المقتضيات التشريعية
والتنظيمية ،التي من شأنها االنتقال بالجهوية الناشئة المعمول بها حاليا إلى جهوية متقدمة
"ذات جوهر ديموقراطي وتنموي" .52وتشمل هذه المقتضيات في جانبها المؤسساتي ،تكوين
وتسيير المجلس ،الصالحيات واالختصاصات المخولة للجهة ثم االشراف والمراقبة المطبقة
20
على المجالس الجهوية ،كما أنها تشمل على مستوى التنظيم اإلداري إعادة النظر في التقطيع
الجهوي.53
لقد اعتبرت اللجنة االستشارية الجهوية في مقترحاتها أنه باإلمكان كمرحلة أولية تطبيق
الجهوية المتقدمة بتعديل قانوني وبدون القيام بتعديل دستوري ،فقد ارتأت أنه في نطاق اعتماد
التدرج يمكن إعمال الجهوية المتقدمة بقانون في اإلطار المؤسساتي الحالي في أفق تهيئة
ظروف دسترتها .54وكذلك فقد عملت اللجنة االستشارية على تقديم مجموعة من االقتراحات
الهادفة إلى دمقرطة المجلس الجهوي ،وبالخصوص ما يتعلق بالوضع القانوني لرئيسه و
بالضبط دوره وصالحياته.
فبخصوص انتخاب رئيس المجلس الجهوي ترى اللجنة ،أن األمر يقتضي ،في غياب
انتخاب الرئيس بواسطة االقتراع العام المباشر الذي يصعب العمل به حاليا حسب زعمها،
إ يجاد آليات ومساطر من شأنها أن تمنح في جو ديموقراطي للرئيس السلطة الكافية بالنسبة
لباقي أعضاء المكتب وذلك من أجل التدبير الحسن لشؤون الجهة .55وبذلك تقترح اللجنة:
.1اإلبقاء على انتخاب رئيس المجلس الجهوي من طرف المجلس.
.2التفكير في انتخابين غير متزامنين ،انتخاب رئيس المجلس الجهوي أوال ثم انتخاب
نوابه وذلك إلبراز أهمية الدور المنوط بالرئيس.56
باإلضافة إلى ما سبق رأت اللجنة أنه خالفا للوضعية الحالية سيتوفر رئيس المجلس
الجهوي على صالحيات تنفيذية ،حيث سيكون هو اآلمر بالصرف لنفقات المجلس ،وهذا
الوضع الجديد للرئيس حسب التقرير سيكون مستجيبا لألهداف التالية:
بلورة فكرة الجهوية المتقدمة التي تقتضي إسناد صالحيات التدبير المحلي لألجهزة
المنتخبة؛
مواكبة الشرعية الجديدة الناتجة عن االنتخاب المباشر؛
العمل على تطابق الوضع القانوني لرئيس المجلس الجهوي مع نفس الوضع لرئيس
المجلس الجماعي؛
-53رشيد لصفر ،الجهوية المتقدمة بالمغرب" المرتكزات والرهانات في ضوء تقرير اللجنة االستشارية" ،منشورات سلسلة
الالمركزية واإلدارة الترابية ،العدد ،19سنة ،2012الصفحة .155
-54محمد علي لطيف ،مؤسسة رئيس الجهة على ضوء الجهوية المتقدمة ،رسالة لنيل الماستر في القانون العام ،كلية العلوم
القانونية و السياسية ،جامعة الحسن األول بسطات ،السنة الجامعية ،2022/2021الصفحة.13
-55عثمان بوتجدير ،المرجع السابق ،الصفحة .20
-56اللجنة االستشارية ،تقرير حول الجهوية المتقدمة ،الكتاب الثاني :الجوانب المؤسساتية.
21
وفي هذا اإلطار ترى اللجنة أن رئيس المجلس الجهوي سيمارس على سبيل المثال،
االختصاصات التالية:
تنفيذ قرارات المجلس وميزانيته ووضع الحساب اإلداري؛
مباشرة أعمال الكراء والبيع واالقتناء والمبادلة وكل معاملة تخص الملك الخاص
الجهوي؛
العمل على حيازة الهبات والوصايا؛
إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة والتوأمة.57
كما أكد تقرير اللجنة االستشارية أيضا على أن " الغاية من الجهوية المتقدمة أن تساهم
بشكل حاسم في التنمية االقتصادية واالجتماعية للبالد وفي االستثمار األمثل للمؤهالت
والموارد الذاتية لكل جهة واستنهاض همم مختلف الفاعلين المحليين والمشاركة في إقامة
وإنجاز المشاريع المهيكلة الكبرى وتقوية جاذبية الجهات".58
وبتاريخ فاتح يوليوز 2011صدر الدستور المغربي الجديد معلنا عن مرحلة مهيكلة
جديدة ،بحيث أن الدستور ومنذ فصوله األولى أعطى اهتمام بالغا وكبيرا للتنظيم الترابي
للبالد ،ففي سابقة من نوعها نصت الفقرة األخيرة من الفصل األول من الوثيقة الدستورية
على أن "التنظيم الترابي للمملكة قائم على الجهوية المتقدمة" .59وقد عمل في بابه التاسع
على تحديد مبادئها الكبر ،مثل االنتخاب المباشر ألعضاء مجالس الجهات ،ومبدأ التدبير
الحر ،ومبدأ التفريع ،ومبدأ إشراك السكان في تدبير قضاياهم الجهوية...60
وفي ضوء ذلك صدرت مجموعة من القوانين التنظيمية التي تؤطر التنظيم الجهوي،
منها القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات الذي جاء بمجموعة من المقتضيات التي
تهم رئيس المجلس الجهوي ،وهذا ما سيتم تناوله في المطلب الثاني من هذا المبحث.
-57اللجنة االستشارية ،تقرير حول الجهوية المتقدمة ،المرجع السابق ،الصفحة .13
-58اللجنة االستشارية ،تقرير حول الجهوية المتقدمة ،المرجع السابق ،الصفحة .8
-59فوزي الشافعي ،مؤسسة رئيس الجهة في ضوء الجهوية المتقدمة ،رسالة لنيل الماستر في القانون العام ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاضي عياض /مراكش ،السنة الجامعية ،2016/2015الصفحة .11
-60بوجمعة بوعزاوي ،المرجع السابق ،الصفحة .6
22
مهمة وأساسية و كذا من سلطة تنظيمية إلى جانب الجماعات الترابية األخرى ،ألن أهم ما
ميز دستور 2011هو النص صراحة على كون الجهات تتوفر في مجاالت اختصاصاتها
وداخل دائرتها الترابية ،على سلطة تنظيمية ،61إلى جانب ذلك خول لرئيس مجلس الجهة
مكانة مهمة وضمانات دستورية قوية تعزيزا لمسؤولياتهم وحثا لهم على أداء الواجب كما
ينبغي أن يؤدى ،وعلى ضوء ذلك تم إصدار القانون التنظيمي 111.14الذي جاء بمجموعة
من المقتضيات الجديدة التي تهم رئيس مجلس الجهة.
وعليه فسنتناول من خالل هذا المطلب المستجدات الدستورية لسنة 2011بخصوص
مؤسسة رئيس مجلس الجهة ( الفقرة األولى) ،ثم المستجدات التي أتى بها القانون التنظيمي
المتعلق بالجهات 111.14بهذا الخصوص (الفقرة الثانية).
-61حميد أبوالس" ،أهمية دسترة الجهة في دستور ،"2011المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد ،114يناير-
فبراير ،2014الصفحة .50
62محمد أوالد الحاج ،المرجع السابق ،الصفحة .169
-63محمد أوالد الحاج ،نفس المرجع ،ص.169
23
المركزي ،يقوم على الجهوية المتقدمة" ،وتكمن أهمية هذا المقتضى وحمولته الرمزية في
كونه جاء ضمن الفصل األول الذي تناول جانبا من اإلطار المرجعي للدولة ،ما يعني أن
الجهوية المتقدمة أضحت من ثوابت اإلطار المرجعي للدولة ،وواحدة من خياراتها
االستراتيجية التي يلزم احترامها من طرف مجموع المؤسسات ومراعاتها أثناء وضع و
تنزيل مختلف السياسات العمومية.64
وبذلك فقد أضفى دستور 2011على مؤسسة رئيس المجلس الجهوي صبغة دستورية
جديدة ومتعها بمجموعة من الضمانات التي تخول لها مزاولة أنشطتها وصالحياتها ،حيث
تم ذكرها بصريح العبارة في ثالث فصول وهي :الفصل.145/143/138
بحيث ينص الفصل65 138على أنه" يقوم رؤساء مجالس الجهات ،ورؤساء مجالس
الجماعات الترابية األخرى بتنفيذ مداوالت هذه المجالس ومقرراتها" .وعليه فقد أصبح
رئيس المجلس الجهوي الجهة المخول لها تنفيذ مقررات المجلس عكس ما تم التنصيص
عليه في السابق ،حيث كان هذا االختصاص في يد العامل مركز الجهة أو الوالي ،وكذلك
بمقتضى هذا الفصل أصبح رئيس المجلس الجهوي هو اآلمر بالصرف وممثل السلطة
التنفيذية بالجهة ،والغاية المثلى من هذا المقتضى الدستوري الجديد هو بلورة الجهوية
المتقدمة التي تستوجب إسناد صالحيات التدبير الترابي لألجهزة المنتخبة ،ومواكبة المسألة
الجديدة المتمثلة في انتخاب مجلس الجهة باالقتراع العام المباشر.66
وبالرجوع أيضا إلى الفصل 143نجده ينص على أنه"...تتبوأ الجهة تحت إشراف
رئيس مجلسها ،مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية األخرى ،في عمليات إعداد وتتبع
برامج التنمية الجهوية ،والتصاميم الجهوية إلعداد التراب ،في نطاق احترام االختصاصات
الذاتية لهذه الجماعات الترابية ."...وبناء على مقتضيات هذا الفصل فرئيس مجلس الجهة
خولت له مجموعة من الصالحيات الجديدة وهي إعداد وتتبع برامج التنمية الجهوية وذلك
بمساعدة الوالي ،67الشيء الذي يعتبر في حد ذاته نقلة نوعية في االختصاصات المخولة
لهذا الجهاز ،حيث كانت في القانون السابق مهمتي التنفيذ والتتبع من اختصاص مؤسسة
الوالي.
-64عبد اإلله أمين ،الجهوية المتقدمة ورهان إعادة تنظيم العالقة بين المركز والمحيط :الجهوية في الدول المغاربية أية
آفاق ،أشغال األيام المغاربية التاسعة للقانون المنظمة من طرف شبكة الحقوقيين المغاربة (أيام 27-26أبريل ،)2013
مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،2014 ،ص.91.
-65الفصل 138من دستور ،2011المرجع السالف الذكر.
66سعيد ططي ،التأطير الدستوري لتدبير الشأن المحلي بالمغرب على ضوء مقتضيات دستور ،2011مجلة القضاء
اإلداري ،العدد ،5خريف ،2014ص.126
-67الفصل 145من دستور ...":2011يساعد الوالة والعمال رؤساء الجماعات الترابية ،وخاصة رؤساء المجالس الجهوية،
على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية."...
24
فضال عن السلطة التنظيمية التي منحها الدستور لرئيس الجهة ،فقد منحه أيضا ولو
بصفة غير مباشرة ،صالحية ممارسة السلطة التنظيمية ،حيث نص في فصله68140على
أنه..." :تتوفر الجهات والجماعات الترابية األخرى ،في مجاالت اختصاصاتها ،وداخل
دائرتها الترابية ،على سلطة تنظيمية لممارسة صالحياتها" .ويستنتج من هذا أنه يمكن لرئيس
المجلس الجهوي إصدار قرارات تنظيمية جهوية تتضمن قواعد عامة ومجردة لتنظيم مختلف
المجاالت التي تدخل ضمن اختصاصات الجهة.69
وعلى هذا األساس يتضح أن رؤساء مجالس الجهات أضحوا يتوفرون على مجموعة
من االختصاصات ،فخالفا للوضع السابق ،أصبح رئيس المجلس الجهوي يقوم بتنفيذ مداوالت
المجلس ومقرراته ويتخذ جميع التدابير الالزمة لذلك ،كما أنه أصبح يعد وينفذ برامج التنمية
الجهوية اعتمادا على المقاربة التشاركية مع مختلف الفاعلين المعنيين بالتنمية الجهوية مما
يبرز الدور الفعال لهذا الجهاز في التنمية الترابية عامة والجهوية خاصة ،وباعتبار الجهة
اإلطار الترابي األنسب لتجسيد سياسة إعداد التراب وطنيا وجهويا ،وأنيطت برئيس المجلس
الجهوي إلعداد التراب ،لضمان رؤية تنموية بعيدة المدى تمكن شركاء وفاعلي الجهة من
المساهمة في تنميتها بتناغم مع االستراتيجيات القطاعية الوطنية في كل المجاالت.70
25
وذلك أن رئيس الجهة أصبحت له اختصاصات متنوعة ومهمة(72أوال) ،باإلضافة إلى ذلك
فقد اتى القانون التنظيمي بمجموعة من المستجدات فيما يخص العملية االنتخابية لرئيس
المجلس الجهوي(ثانيا).
أوال :صالحيات رئيس المجلس الجهوي
لقد أصبح رئيس المجلس الجهوي يتمتع بمجموعة من الصالحيات الواسعة ذات الطابع
التقريري والتنفيذي ،حيث أصبح هو اآلمر بالصرف ،وهذا يعتبر تحول جوهري على
مستوى اختصاصات الجهاز الرئاسي للجهة وأصبح يتولى مهام ذات طابع تقريري وتنفيذي
وإداري .73فرئيس المجلس الجهوي يمارس السلطة التنظيمية بموجب قرارات تنشر بالجريدة
الرسمية للجماعات الترابية ،وكذا السلطة التنفيذية باعتباره المسؤول عن تنفيذ مداوالت
74
ومقررات المجلس
.1صالحيات تقريرية وتنفيذية
يتخذ رئيس المجلس الجهوي القرارات المتعلقة بتنظيم إدارة الجهة وتحديد اختصاصاتها
مع مراعاة مقتضيات المادة 115من القانون التنظيمي ،كما يتخذ القرارات المتعلقة بإحداث
أجرة عن الخدمات المقدمة وبتحديد سعرها ،وكذلك القرارات ألجل تحديد سعر الرسوم
واألتاوى ومختلف الحقوق طبقا للنصوص والقوانين الجاري بها العمل.75
باإلضافة إلى ما سبق فقد اعتبر القانون التنظيمي المتعلق بالجهات رئيس المجلس
الجهوي الجهاز التنفيذي لهذه األخيرة ،وهذه الصفة تعترف لصاحبها بحق تنفيذ مداوالت
المجلس ومقرراته ،واتخاذ جميع التدابير الالزمة والمتطلبة لذلك .وتترجم هذه التدابير ذات
الطابع التنفيذي في النواحي التالية:
تنفيذ برامج التنمية الجهوية ،والتصميم الجهوي إلعداد التراب؛
تنفيذ الميزانية؛
اتخاذ القرارات المتعلقة بتنظيم اإلدارة وتحديد اختصاصاتها؛
القيام في حدود ما يقرره مجلس الجهة ،بإبرام وتنفيذ العقود المتعلقة بالقروض؛
-72عبد العالي الفاللي" ،مسؤولية رئيس المجلس الجهوي في تدبير النفقات العمومية الجماعية" ،المرجع السابق ،ص.220.
-73مصطفى بوسنينة ،المنتخب الجهوي بالمغرب /دراسة سوسيو-قانونية ،2015_1997أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة عبد المالك السعدي ،طنجة ،السنة الجامعية
،2018/2017الصفحة .153
-74معاد الراضي ،المرجع السابق ،الصفحة .199
-75الفقرة األولى من المادة 101من القانون رقم 111.14المتعلق بالجهات السالف الذكر.
26
القيام بإبرام أو مراجعة األكرية وعقود إيجار األشياء؛
تدبير أمالك الجهة والمحافظة عليها؛
مباشرة أعمال الكراء والبيع واالقتناء والمبادلة ،وكل معاملة تهم ملك الجهة
الخاص؛
اتخاذ اإلجراءات الالزمة لتدبير الملك العمومي للجهة ،ومنح رخص االحتالل
المؤقت للملك العمومي طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل؛
اتخاذ اإلجراءات الالزمة لتدبير المرافق العمومية التابعة للجهة؛
إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة والتوأمة؛
إبرام صفقات األشغال والتوريدات والخدمات ويصادق عليها؛
76
العمل على حيازة الهبات والوصايا؛
هذا ويجوز للرئيس تفويض بعض صالحياته لنوابه في قطاع محدد لكل نائب باستثناء
التسيير اإلداري واألمر بالصرف.77
وهذا ما جاء مخالفا لمضمن المادة 55من القانون 47.96المتعلق بالتنظيم الجهوي
والتي كانت تنيط بعامل العمالة أو اإلقليم مركز الجهة صالحيات تنفيذ القرارات المالية
للمجلس الجهوي ،وهو ما كان يضيق بشكل مجحف من قدرة التحرك لدى رئيس الجهة.
إلى أن صدر القانون التنظيمي الجديد للجهات ليجعل تنفيذ قرارات المجلس من اختصاص
رئيس المجلس الجهوي وحده كما تمت اإلشارة إليه سابقا.78
.2الوظائف التسييرية لرئيس مجلس الجهة
لقد عمل القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات على تنظيم مختلف القواعد
المتعلقة باألعمال الخاصة بتسيير المجلس الجهوي ،بواسطة القواعد التي تهم عقد دورات
المجلس وشروط مداوالته وكذلك تسيير المصالح اإلدارية.
تنظيم سير عمل المجلس
-76سعيد جفري ،الجماعات الترابية بالمغرب الجهات ،العماالت واألقاليم ،والجماعات ،مطبعة األمنية-الرباط ،طبعة
،2022ص .53
-77معاد الراضي ،المرجع السابق ،الصفحة .200
-78مصطفى بوسنينة ،المرجع السابق ،الصفحة .153
27
يسهر الرئيس على تنظيم سير عمل المجلس من خالل أوال إعداد النظام الداخلي،
الذي يتضمن توزيع العمل بين أجهزة المجلس وحدود الصالحيات الموكولة لكل جهاز ،ثم
يعرضه على المجلس للدراسة والتصويت قبل اإلحالة إلى الوالي ،79وثانيا إعداد جدول
أعمال الدورات بعد إدراج النقط اإلضافية لكل من الوالي وأعضاء المجلس والعرائض
المقدمة من المواطنات والمواطنين ،والمجتمع المدني.80
وعند تسطير جدول األعمال يتم الشروع في عمل المجلس ،من خالل توجيه
االستدعاء للدورات ،إذ يخبر كتابيا أعضاء المجلس بتاريخ ومكان الدورة وجدول أعمالها.
ويمكنه طلب الوالي إبداء المالحظات أثناء انعقاد الدورات ،81وله أن يعترض على كل
نقطة لم تدرج في جدول األعمال أثناء المناقشة في الجلسات العامة للمجلس.82
ويتولى الرئيس أيضا مراقبة حضور وغياب أعضاء المجلس عبر مسك سجل
الحضور عند افتتاح كل دورة ويعلن عن المتغيبين فيها .83وعندما تختتم المناقشات يؤشر
ويوقع بجانب الكاتب على محاضر ومقررات المجلس ،ويحفظ سجل كل هذه المحاضر
والمداوالت لديه.84
ويعتبر الرئيس المسؤول عن السير العادي أثناء انعقاد جلسات المجلس ويتدخل كلما
وقعت أحداث قد تعرقل األجواء خالل المداوالت .وعند انعقاد دورات المجلس ،بناء على
جدول أعمال محددة لمدة محددة ،وقد يتطلب األمر تمديد أمد الدورة العادية فيتدخل الرئيس
إلعالن ذلك بعد تبليغ الوالي باألمر .85باإلضافة إلى الدورات العادية يمكنه استدعاء
المجلس لعقد دورة استثنائية ،وإن طلبها ثلث األعضاء ورفض فعليه التعليل ،86ويستدعي
إليها وجوبا إن طلبها الوالي.87
وقد يرغب الرئيس انفتاح المجلس على الفاعلين من خارج المجلس ،حيث يمكنه
استدعاء موظفي الجهة لحضور استشاري بأشغال المجلس ،أوعن طريق الوالي باستدعاء
79الفقرة األولى والثانية من المادة 35من القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات ،السالف الذكر.
80المواد 43-42-41من نفس القانون.
81الفقرة الخامسة من المادة ،36من نفس القانون.
82المادة 44من نفس القانون.
83المادة 70من نفس القانون.
84المادة 52من نفس القانون.
85المادة 37من نفس القانون.
86المادة 39من نفس القانون.
87المادة 40من نفس القانون.
28
موظفي الدولة والمؤسسات العمومية او المقاولين العاملين في الجهة .كما يمكنه أن يدعوا
اللجن الدائمة لالجتماع لدراسة القضايا المعروضة عليها ،كلما دعت الضرورة.88
تسيير المصالح اإلدارية
تنص المادة 103من القانون التنظيمي للجهات 111.14على ما يلي ":يسير رئيس
المجلس المصالح اإلدارية للجهة ،ويعتبر الرئيس التسلسلي للعاملين بها ،ويسهر على تدبير
شؤونهم ،ويتولى التعيين في جميع المناصب بإدارة الجهة طبقا للنصوص التشريعية
والتنظيمية الجاري بها العمل.
يجوز لرئيس المجلس تعيين مكلفين بمهمة ال يتجاوز عددهم أربعة يشتغلون تحت
إشراف مدير الرئاسة والمجلس"...
ومن خالل هذه المادة يتضح أن الرئيس يعتبر الرئيس التسلسلي للعاملين ي المصالح
اإلدارية للجهة ،ويتولى التعيين في جميع المناصب بإدارة الجهة طبقا للنصوص التنظيمية
والتشريعية الجاري بها العمل ،وتخضع قرارات التعيين المتعلقة بالمناصب العليا لتأشيرة
السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية.
هذا وتتوفر الجهة على إدارة يحدد تنظيمها واختصاصاتها بقرار لرئيس المجلس يتخذ
بعد مداولة المجلس وتتألف هذه اإلدارة وجوبا من مديرية عامة للمصالح و مديرية لشؤون
الرئاسة و المجلس ،فبالنسبة لألولى فإن المدير العام يساعد الرئيس في ممارسة صالحياته،
ويتولى تحت مسؤوليته ومراقبته اإلشراف على إدارة الجهة ،وتنسيق العمل اإلداري
بمصالحها ،والسهر على حسن سيره ،عالوة على ذلك يقدم تقارير لرئيس المجلس كلما
طلب منه ذلك ،أما بالنسبة للثانية فإن مدير شؤون الرئاسة يتولى مهام السهر على الجوانب
اإلدارية المرتبطة بالمنتخبين ،ويسير أعمال المجلس ولجانه.89
ثانيا :مستجدات العملية االنتخابية لرئيس المجلس الجهوي
إن نجاح الورش الكبير للجهوية المتقدمة ،بما يقتضيه األمر من تعزيز للشفافية وروح
المسؤولية ،تطلب إعادة النظر في نظام االقتراع المتبع سابقا الختيار المنتخبين الجهويين.
من أجل ذلك ،وفي إطار الديموقراطية التي كرسها الدستور ،نصت المقتضيات الجديدة
المنظمة لهذه الهيئات الترابية ،على نظام انتخابي جديد يرتكز أساسا على قاعدة االقتراع
العام المباشر ومبدأ التصويت العلني ،90وخصوصا أن نظام االقتراع غير المباشر الذي
88الشريف الغيوبي ،استقاللية السلطة التنفيذية للجهة على ضوء القانون التنظيمي ،111.14المجلة المغربية لألنظمة
القانونية والسياسية ،العدد ،11ديسمبر ،2016الصفحة .25
-89عبد العالي الفاللي ،المرجع السابق ،الصفحة .224،223
-90محمد أوالد الحاج ،المرجع السابق ،الصفحة .170
29
كان متبعا سابقا قد أبان على محدوديته على المستوى الجهوي ألنه يحرم المواطنين من
االنتخاب والتأثير المباشر على تدبير الشأن الجهوي.91وبذلك سنتناول المسلسل االنتخابي
لرئيس مجلس الجهة ( )1باإلضافة إلى اكراهات انتداب رئيس المجلس الجهوي (.)2
لقد جاء القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات بمبدأ االقتراع العام المباشر
النتخاب المجالس الجهوية ،فبالعودة إلى المادة 9من هذا القانون نجد أن عملية انتخاب رئيس
مجلس الجهة تسبقها عملية انتخاب أعضاء المجلس الجهوي ،وبذلك يكون المشرع قد غير
من تأليف المجالس الجهوية الذي كان يعد غير متجانس .فمن الواضح إذن أن االقتراع العام
المباشر سيكون أكثر مالئمة لتمثيل سياسي حقيقي للناخبين سعيا نحو خلق مجالس جهوية
قريبة من المواطن ألن طبيعة االقتراع الغير مباشر الذي عرفته الفترة السابقة كان يجعل
الصلة بين المواطنين والمسؤولين الجهويين منعدمة الوجود مما يتعارض مع مبادئ
الديموقراطية الجهوية المراد تحقيقها.92
وبعد هذه المرحلة يتم اجتماع المجلس الجهوي في جلسة خاصة النتخاب رئيس
المجلس ،ويتم ذلك داخل 15يوما الموالية النتخاب أعضاء المجلس ،وخالفا للمادة العاشرة
من القانون 47.96التي تنص على انتخاب الرئيس من بين أعضاء المجلس فإن الفصل 13
من القانون التنظيمي للجهات جاء مكرسا للديموقراطية التمثيلية بشكل أكثر نزاهة وشفافية
بحيث قضى بأن الترشح لشغل منصب رئيس المجلس الجهوي يقتصر فقط على األعضاء
المرتبين على رأس لوائح الترشيح التي فازت بمقاعد داخل المجلس ،بل إن األمر يخص
األحزاب الحاصلة على المراتب الخمسة األولى دون سواها.93
رغم تقدمية هذا المقتضى فإنه يظل منتقدا حيث يبقى التساؤل مطروحا لماذا المشرع لم
يتخذ خطوة كاملة في دمقرطة انتداب رؤساء الجهات ،بالنص صراحة على تنصيب المترشح
الذي يتصدر الالئحة التي حصلت على الرتبة األولى رئيسا للمجلس الجهوي ،وهذا سيختصر
علينا مسافة تنظيم جلسة النتخاب الرئيس واألهم من ذلك هو إضفاء الشرعية الديموقراطية
30
على انتداب رؤساء الجهات فتعيينهم بشكل مباشر بعد انتخاب أعضاء المجالس الجهوية يعد
عاكسا إلرادة المجتمع المحلي.94
وفي هذا الصدد يمكن القول أن انتخاب األعضاء كمرحلة أولى تؤهلنا إلى المرور
لمرحلة ثانية وهي انتخاب رئيس المجلس الجهوي ،هو انتداب غير مباشر لهذا األخير فهو
يشكل التواء عن المقتضى الدستوري القاضي بأن الجماعات الترابية أشخاص معنوية عامة
تسير شؤونها بكيفية ديموقراطية بواسطة مجالس منتخبة باالقتراع العام المباشر.95
وينتخب رئيس المجلس الجهوي في الدور األول والثاني باألغلبية المطلقة لألعضاء
المزاولين مهامهم ،غير أن المنافسة في الدور الثاني تكون فقط بين المرتبتين حسب عدد
األصوات في الرتبتين األولى والثانية ،وإذا اقتضى الحال إجراء دور ثالث فإنه يعلن عن
المترشح األصغر فائزا ،96األمر الذي كان معكوسا في ظل القانون 47.96حيث كان يعلن
على المترشح األكبر سنا فائزا ،97أما في حالة تعادل السن يعين رئيس المجلس الجهوي عن
طريق القرعة.
أما فيما يخص الشروط التي يجب توفرها في المترشح لرئاسة مجلس الجهة فقد حددها
القانون التنظيمي المتعلق بالجهات فيما يلي:
-1أن يكون من بين األحزاب الحصلة على المراتب الخمس األولى بناء على مجموع
المقاعد المحصل عليها في مجلس الجهة؛
يمكن لرأس الالئحة من اللوائح المستقلة أن يتقدم للترشيح إذا ساوى أو فاق عدد المقاعد
التي حصلت عليها الئحته عدد مقاعد الحزب المرتب خامسا .ويقصد برأس الالئحة الترشح
الذي يرد اسمه في المرتبة األولى في الئحة الترشح حسب الترتيب التسلسلي في هذه الالئحة.
-2أن يرفق طلب الترشيح بتزكية مسلمة من الحزب السياسي الذي ينتمي إليه المترشح.
غير أن هذا الشرط ال ينطبق على المترشحين المستقلين.
أما إذا توفي هذا المترشح أو المترشحة ،أو فقد األهلية االنتخابية ألي سبب من األسباب
أو استقال أو إذا منعه مانع قانوني آخر ،يؤهل بحكم القانون ،للترشح لشغل منصب الرئيس،
-94محمد علي لطيف ،مؤسسة رئيس الجهة على ضوء الجهوية المتقدمة ،رسالة لنيل الماستر في القانون العام ،كلية العلوم
القانونية و السياسية ،جامعة الحسن األول بسطات ،السنة الجامعية ،2022/2021الصفحة .25
-95الفقرة الثانية من الفصل 135من الدستور المغربي لسنة 2011السالف الذكر.
-96المادة 15من القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات السالف الذكر.
-97الفقرة 7من المادة 10من القانون 47.96السالف الذكر.
31
المترشح الذي يليه مباشرة من حيث الترتيب في الالئحة نفسها ،أو المترشح الموالي عند
االقتضاء.98
كما أضافت المادة 72شرطا آخر وهو أنه ال يجوز أن ينتخب رئيسا أو نائبا للرئيس،
أعضاء مجلس الجهة الذين هم مقيمون خارج الوطن ألي سبب من األسباب ،ويعلن فورا
بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بعد رفع األمر إليها من قبل والي الجهة ،عن إقالة
رئيس المجلس أو نائبه الذي ثبت بعد انتخابه أنه مقيم في الخارج.
باإلضافة إلى ما سبق فمن أهم المستجدات التي أتى بها القانون التنظيمي المتعلق
ب الجهات في مجال انتخاب رئيس المجلس الجهوي نجد طريقة التصويت العلني والتي تم
التنصيص عليها وألول مرة وبصراحة في المادة 8من القانون التنظيمي رقم .111.14
واستنادا إلى هذه القاعدة أضحى انتخاب رئيس المجلس الجهوي يتم بأسلوب التصويت العلني
على مرأى ومسمع الحضور ،كما تم التنصيص على نفس اآللية أثناء التصويت على مختلف
مقررات المجلس الجهوي المتخذة خالل دوراته العادية واالستثنائية .وتجرى هذه العملية عن
طريق رفع األيدي كأساس للتعبير عن اختيار كل مصوت ،باإلضافة إلى وضع عالمة على
اسم المترشحة أو المترشح في ورقة خاصة بغية إثبات التصويت وتوثيقه ،وبالتالي مواجهة
الشكايات والمنازعات التي يمكن أن تثار في هذا المجال.
وهدف المشرع المغربي في اعتماده لهذه اآللية يتجلى في ترسيخ مبدأي الشفافية
والمصداقية للعمل السياسي ،بتعزيز مصداقية االقتراع دعما للديموقراطية المحلية والرفع
من مستوى وأداء النخب والفاعلين السياسيين.99
فضال عما سبق ذكره فقد أتى القانون التنظيمي المتعلق بالجهات بمقتضيات جديدة فيما
يخص توسيع دائرة التنافي بين مناصب المسؤولية ،حيث ال يجوز أن ينتخب رئيسا لمجلس
الجهة أو نوابا للرئيس وال أن يزاولوا مهامهم بصفة مؤقتة المحاسبون العموميون الذين يرتبط
نشاطهم مباشرة بالجهة المعنية .100باإلضافة إلى ما تم التنصيص عليه في المادة 17من هذا
القانون على "حالة تنافي مهام رئيس مجلس الجهة أو نائب رئيس مجلس الجهة مع مهام
رئيس أو نائب رئيس مجلس جماعة ترابية أخرى أو مهام رئيس أو نائب رئيس غرفة مهنية
أو مهام رئيس أو نائب رئيس مجلس مقاطعة" .أما في حالة عدم احترام المقتضيات ،فإن
المعني باألمر يفقد ،بحكم القانون ،منصبه األول الذي انتخب فيه .أي أول رئاسة أو إنابة
يشغلها وفق قرار تصدره السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية .زيادة على ذلك وفي إطار نفس
32
التوج ه الرامي لتفادي الجمع بين المهام ،نص المشرع المغربي على عدم جواز الجمع بين
مهام رئيس مجلس جهة وصفة عضو في الحكومة أو في إحدى غرف البرلمان أو المجلس
االقتصادي واالجتماعي والبيئي وحتى في الهيئة العليا لالتصال السمعي-البصري أو مجلس
المنافسة أو الهيأة الوطنية للنزاهة والرقابة من الرشوة ومحاربتها.101
إذن انطالقا مما سبق فالفراغ الكبير الذي يعرفه القانون التنظيمي المتعلق بالجهات في
هذا الشأن هو سكوته التام حول اشتراط أي مستوى تعليمي يذكر يجب توفره في رؤساء
الجهات ،ولقد كان القانون 47.96يتضمن شهادة الدروس االبتدائية كمستوى تعليمي أدنى
لرؤساء المجالس الجهوية ،لكن بدل أن يستجيب المشرع النتظارات الكثيرين من القانون
التنظيمي وذلك باشتراط مستوى تعليمي عالي في كل من يتولى منصب رئيس الجهة.102
وخالفا لكل التوقعات فقد جاء القانون التنظيمي الجديد خاليا من أي إشارة حول القدرات
العلمية التي يجب أن تتوفر في المنتخبين الجهويين عامة ورئيس المجلس الجهوي خاصة.
-)2إكراهات انتداب رئيس المجلس الجهوي
يرتبط موضوع تنزيل الجهوية المتقدمة والرفع من جودة التدبير العمومي الجهوي إلى
حد كبير بمدى استعداد وجاهزية النخبة الجهوية وعلى رأسها رئيس المجلس الجهوي لتجاوز
مجموعة من الممارسات التي ارتبطت بأزمنة سابقة بالنخب المحلية وباألحزاب السياسية
عامة ،والتي كانت تؤثر ال محالة على مردودية المجالس الجهوية ،وترتبط أساسا بطبيعة
السلوك االنتخابي وسؤال االلتزام السياسي ناهيك عن تحكم ممثل السلطة المركزية بالعملية
االنتخابية لرئيس المجلس الجهوي.
أ-تدخل الوالي في انتخاب رئيس المجلس الجهوي
حسب المادة 14من القانون التنظيمي الجديد للجهات فإن والي الجهة يتلقى الترشيحات
لرئاسة مجلس الجهة ويسهر على هذه العملية ،ويجب على من يريد التقدم لهذا المنصب إيداع
ترشيحه بصفة شخصية إلى الوالي خالل خمسة أيام الموالية النتخاب أعضاء المجلس.
33
وبعد توصل الوالي بالترشيحات يتقدم بدعوة المجلس إلى عقد جلسة انتخاب الرئيس،103
خالل 15يوما الموالية النتخاب أعضاء المجلس على األكثر بدعوة من الوالي ،من بين ما
يحدد فيها أسماء المترشحين لرئاسة المجلس.
ويحق للوالي الطعن في انتخاب رئيس المجلس الجهوي ،إذا تبين له أن عملية انتخاب
هذا األخير شابتها خروقات تمس بشرعية هذه العملية.
وبهذا الخصوص أشار السيد وزير الداخلية إلى أن كل ما يتعلق بإيداع الترشيحات
وتاريخ انتخاب رئيس الجهة سيعرف نوعا من المرونة في ضبط هذه األمور ،حتى تمر
العملية في أحسن الظروف واألحوال.104
كما يحضر والي الجهة الجلسة التي يتم فيها انتخاب نواب رئيس المجلس الجهوي،
حسب ما تنص عليه المادة 19من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات ،ويمكن له أن يعين
من ينوب عليه في حضور هذه الجلسة ،لذلك يمكن التساؤل عن الفائدة من حضور والي
الجهة انتخاب نواب الرئيس؟
يمكن القول بأن الغرض من حضور الوالي لجلسة انتخاب نواب رئيس الجهة ،هو
االطالع على كل ما يجري بالنفوذ الترابي خصوصا وأنه يكون ملزما بإعداد تقارير يومية
وشهرية عن كل األحداث التي تقع داخل الجهة وتبليغها لوزارة الداخلية ،باإلضافة إلى ذلك
فإن والي الجهة هو المكلف األول بحفظ النظام العام داخل الجهة ،وبالتالي يجب عليه الحضور
للتصدي إلى بعض األعمال التي من شأنها أن تحدث خالل جلسة انتخاب النواب ومن شأنها
المساس بالنظام العام ،كما أن القانون التنظيمي أعطى الحق لوالي الجهة للتدخل لحفظ النظام
العام داخل جلسات مجلس الجهة إما تلقائيا أو بطلب من رئيس الجهة ،في الحاالت التي يتعذر
فيها على هذا األخير الحفاظ على النظام العام.105
وعليه فبالرغم من أن القانون التنظيمي الجديد قد جرد بعض الصالحيات من الوالي
وأعطاها لمؤسسة رئيس الجهة إال أنه مازالت هذه الصالحيات محدودة وتخضع لرقابة ممثل
السلطة المركزية فإذا كان المجلس الجهوي تحت إشراف رئيسه يملك سلطات تقريرية ،فإن
ممارسة هذه الصالحيات تتم تحت إشراف وتدخل من طرف السلطة المحلية ،بأدوات و
أساليب من شأنها أن تضعف من قدرة رئيس المجلس الجهوي وإبقائه دائما تابعا للوالي،
- 103تنص المادة 12من القانون التنظيمي رقم 111.14المتعلق بالجهات ،المرجع السالف الذكر ،على أنه ":يجرى
انتخاب رئيس المجلس ونوابه في جلسة واحدة مخصصة لهذه الغاية خالل الخمسة عشر يوما الموالية النتخاب أعضاء
المجلس".
-104تقرير لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة حول مشروع قانون تنظيمي 111.14يتعلق بالجهات،
دورة أبريل ،2015السنة التشريعية الرابعة ،2015-2014الوالية التشريعية التاسعة.2016-2011 ،
-105سعيد نازي ،الوالي في إطار الجهوية المتقدمة ،المرجع السابق ،الصفحتين .93-92
34
وبالتالي غياب مبدأ االستقاللية الذي يجب أن يتمتع به رؤساء الجهات ،خصوصا وأن والي
الجهة يتدخل في العملية االنتخابية لرئيس المجلس الجهوي ما يؤدي دون تحقيق المبدأ
الدستوري المنشود المتمثل في التدبير الحر.
ب-االكراهات السوسيوسياسية النتداب رئيس المجلس الجهوي
تطرح مسألة االلتزام السياسي لدى المنتخب الجهوي عامة ورئيس المجلس الجهوي
خاصة جانبا مهما وأساسيا على مستوى توفير الشروط والضمانات الكفيلة بتأهيل النخب
الجهوية بالشكل الذي سينعكس على جودة ومردودية التدبير العمومي الجهوي وتحقيق التنمية
الجهوية وذلك من خالل مناهضة ظاهرة التعدد االنتدابي المرتبطة ببعض االنحرافات المتعلقة
بممارسة الجمع بين االنتدابات االنتخابية .فبالعودة إلى القانون التنظيمي المتعلق بالجهات
نجده يمنع حاالت الجمع بين االنتدابات كما تمت اإلشارة إلى ذلك سابقا ،والتي اختزلها في
حاالت منع الجمع بين رئيس أو نائب رئيس مجلس الجهة ورئاسة جماعة ترابية أو رئاسة
غرفة مهنية ،قد سمح أو كان مسوغا للفاعل الحزبي من أجل البحث عن تطبيقات أخرى
لنماذج الجمع بين هذه االنتدابات ،ساهمت بشكل أو بآخر في إعادة انتاج الظاهرة وعودة
حضورها داخل المشهد االنتخابي لرئيس مجلس الجهة بنسب متعددة وعند مختلف األحزاب
السياسية.106
زيادة على ما سبق قد يكون النظام االنتخابي غير شفاف ويعزز إرادة فرد أو جماعة
أو يزكي اتفاقات عشائرية على حساب رغبة الناخبين .107إال أن المثير في األمر ليس هو
ضعف النظام االنتخابي في حد ذاته ،بقدر ما تستدعي االهتمام بمجموع السلوكات الصادرة
عن شريحة من الناخبين والمنتخبين والتي تستغل الفراغ التشريعي لتفرغ بدورها العملية
االنتخابية من نهجها الديموقراطي ،لذلك فإن هناك محددات أخرى بعيدة كل البعد عما هو
قانوني مسطري تظل متحكمة بشكل كبير في طبيعة النخبة الجهوية وتجعل من المسألة
الديموقراطية مسألة يعتريها الكثير من النسبية .وأولى هذه المحددات وهي طبيعة الثقافة
السائدة في المجتمع المحلي وتمثالته حول الممارسة االنتخابية ،وهل يعي تمام الوعي بأن
الهدف من االنتخاب هو تأثيره على السياسات العامة في المؤسسات الديموقراطية ،وأنه بذلك
يحتل مكانة هامة في مجال اتخاذ القرار السياسي.108
35
أم أنه اليعي شيئا من ذلك نظرا لضعف ثقافته السياسية واالنتخابية ونتيجة لذلك فإن
سلوكه االنتخابي سيظل ذو طابع قبلي وعائلي تقليدي وليس هوياتي حزبي.109
-109عبد القادر الخاضري ،الجماعات الترابية بالمغرب :من التسيير اإلداري إلى تدبير اقتصاد التنمية ،المجلة المغربية
للسياسات العمومية ،العدد ،16سنة ،2015الصفحة .119
36
المبحث الثاني :مؤسسة رئيس المجلس الجهوي في ظل
النظام األساسي للمنتخب الجهوي
متع القانون التنظيمي رقم 111.14المتعلق بالجهات رئيس مجلس الجهة بنظام
أساسي ينص على مجموعة من الحقوق ومجموعة أخرى من الواجبات ،ورتب عليه
مجموعة من المسؤوليات التي يتحملها أثناء إخالله بواجباته وذلك من أجل ضبط مهام هذا
األخير ،وهذا بحد ذاته يشكل مستجدا من المستجدات التي أتى بها القانون التنظيمي المتعلق
بالجهات التي حاول من خاللها المشرع تدارك النقص الذي كان يعرفه التنظيم الجهوي
السابق بهذا الخصوص.
وعليه سيتم التطرق في هذا المبحث إلى حقوق وواجبات رئيس مجلس الجهة (الفقرة
األولى) ،باإلضافة إلى المسؤولية التي يتحملها هذا األخير بصفته ممثال لمجلس الجهة
وآمرا بصرف نفقاتها (الفقرة الثانية).
-110أحمد أجعون" ،النظام األساسي للمنتخب الجهوي والمحلي" ،المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية ،العدد،13
دجنبر ،2017الصفحة .3
37
الفقرة األولى :الحقوق
مقابل االلتزامات والواجبات التي يتحملها رئيس مجلس الجهة ،يستفيد من بعض
الحقوق ذات الطبيعة العامة والخاصة التي يمكن إجمالها فيما يلي:
أوال :الحقوق ذات الطبيعة العامة
تنقسم الحقوق ذات الطبيعة العامة التي يتمتع بها رئيس مجلس الجهة إلى الحق في
التكوين ،ثم الحق في التعويض ،باإلضافة إلى الحق في االستفادة من نظام التفرغ ،زد على
ذلك الحق في الحماية االجتماعية ،فضال عن الحق في رخص التغيب.
.1الحق في التكوين
يعتبر ا لتكوين دعامة أساسية لنجاح سياسة الالمركزية ببالدنا فهو بمثابة المحرك
األساسي والحقيقي لكل عملية تنموية ،111وذلك باعتباره السبيل األنجع لتحسين أداء العمل
االنتدابي ،وتجاوز مختلف االكراهات التي تعيق تدبير الشأن الجهوي وبالتالي تحقيق التنمية
المنشودة .فتطور وتش تت الترسانة المؤطرة للعمل الالمركزي وتعدد مجاالت تدخل مختلف
الهيئات الالمركزية يفرض ضرورة تأهيل وتكوين الموارد البشرية ومنها المنتخبة باستمرار،
وذلك لمواكبة التقدم الذي تعرفه هذه الهيئات على صعيد التنظيم واالختصاصات بالرفع من
كفاءتهم وإغناء تجاربهم وتنمية مؤهالتهم.
وبالمناسبة بذلت وزارة الداخلية في السنين األخيرة مجهودا ال يستهان به في تعميم
التكوين على المنتخبين بمختلف فئاتهم ،متبنية في ذلك استراتيجية تروم النهوض بالمورد
البشري كعنصر أساسي لنجاح التنظيمات الالمركزية ،كما أن بعض الجهات أخذت المبادرة
للتكوين الذاتي لمنتخبيها وخاصة رؤساء مجالسها ،وقد هم التكوين مختلف المجاالت القانونية
واالقتصادية والتدبيرية والتواصلية المرتبطة بمجال تدخل المستويات الثالث للجهة.
ومن أهم المستجدات التي جاء بها القانون التنظيمي للجهات هو أن هذه األخيرة أصبح
من اختصاصاتها الذاتية اإلشراف على التكوين المستمر لفائدة أعضاء المجالس وموظفي
الجماعات الترابية ،112وتحدد بمرسوم يتخذ باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية
كيفيات تنظيم دورات التكوين المستمر ومدتها وشروط االستفادة منها ومساهمة الجماعة في
تغطية مصاريفها.113
-111عبد هللا حارسي" ،إشكالية تكوين المنتخب الجماعي والناخب بالمغرب" ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية
والتنمية ،عدد ،32سنة ،2001الصفحة .101
-112المادة 82من القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات ،السالف الذكر.
- 113ينظر المادة 56من نفس القانون.
38
وبالفعل صدر هذا المرسوم 114الذي نص على أنه تحدث تحت رئاسة رئيس مجلس
الجهة أو من يمثله اللجنة جهوية للتكوين المستمر تتولى إعداد التصميم المديري الجهوي
للتكوين المستمر لفائدة أعضاء مجالس الجماعات الترابية بناء على تشخيص أولي لمؤهالت
أعضاء مجالس الجماعات الترابية ،والمهام التدبيرية المسندة إليهم ،واالختصاصات المخولة
للجماعات الترابية ،يحدد محاور وأولويات التكوين ،والمدة الزمنية التي يستغرقها ،والغالف
المالي الذي يتعين رصده له .ويمكن لرئيس الجهة ،بعد مداوالت المجلس ،عقد اتفاقيات مع
وزارة الداخلية في مجال التكوين المستمر من أجل تنظيم دورات تكوينية خاصة لعائدة
أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
وإذا كانت مدة دورات التكوين المستمر تختلف بالنظر الخصوصيات كل جهة ،فإن
المرسوم نص على أال تقل مدة التكوين خالل مدة انتداب المجلس ،عن ثمانية أيام لكل
عضو من أعضاء الجماعات الترابية كحد أدنى .ووفقا للمرسوم المذكور أيضا تتحمل
الجهة نسبة 25بالمائة على األقل من مصاريف البرنامج السنوي للتكوين المستمر وتتحمل
العماالت واألقاليم والجماعات الواقعة داخل النفوذ الترابي للجهة النسبة المتبقية على أساس
قاعدة عدد أعضاء المجالس المستفيدين.
الحق في االستفادة من التعويضات .2
أقر القانون التنظيمي المتعلق بالجهات في إطار الحقوق ذات الطبيعة العامة الحق في
التعويض ،حيث يتقاضى رئيس مجلس الجهة ونوابه وكاتب المجلس ونائبه ورؤساء اللجان
الدائمة ونوابهم ورؤساء الفرق تعويضات عن التمثيل والتنقل ،وال يمكن االستفادة من أكثر
من تعويض .ويستفيد باقي أعضاء المجلس من تعويضات عن التنقل وتحدد شروط منح
التعويضات ومقاديرها بمرسوم مع مراعاة حاالت التنافي المنصوص عليها في المادة 17
من القانون التنظيمي رقم ،115 111.14ال يمكن أن يستفيد عضو في مجلس الجهة منتخب
في مجلس جماعة ترابية أخرى أو غرفة مهنية إال من التعويضات التي تمنحها إحدى هذه
الهيئات بحسب اختياره ،باستثناء تعويضات التنقل.116
وبالرجوع إلى المادة 55من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات نجدها قد أحالت على
مرسوم يحدد شروط منح هذه التعويضات ومقادرها ،وفي هذا اإلطار قامت الحكومة
-114المرسوم رقم 2.16.297بتاريخ 29يونيو 2016بتحديد كيفيات تنظيم دورات التكوين المستمر لفائدة أعضاء
مجالس الجماعات الترابية ومدتها وشروط االستفادة منها ومساهمة الجماعات الترابية في تغطية مصاريفها ،الجريدة
الرسمية عدد ،6482بتاريخ 14يوليوز .2016
-115بوجمعة البوعزاوي ،المرجع السابق ،الصفحة .83
-116المادة 55من القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات ،المرجع السالف الذكر.
39
بإصدار المرسوم ،2.16.495117الذي تم فيه تحديد مقادير التعويضات الممنوحة ألعضاء
المجلس الجهوي التي تتعلق بالتعويض عن التمثيل والتعويض عن التنقل وهي كاآلتي:
التعويض عن التمثيل
يتقاضى رئيس المجلس الجهوي مبلغ 40000درهم عن التمثيل باإلضافة إلى مبلغ
15000درهم كتعويض عن السكن في حالة إذا لم تخصص الجهة له سكنا وظيفيا بمقر
الجهة ،118وهذا معطى مستجد لم يكن معموال به من خالل المراسيم السابقة ،وذلك بهدف
تسهيل مهام رئيس مجلس الجهة وضمان قربه من مرفق الجهة من أجل تقريب وتسريع
وتيرة تقديم الخدمات والرفع من مردودية الخدمات المرفقية للمجلس الجهوي ،في حين كان
المبلغ المؤدى لرئيس مجلس الجهة في المراسيم السابقة محدد في مبلغ 7000درهم عن
المهام والتمثيل.119
جدول يوضح مقدار التعويضات الشهرية ألعضاء مجلس الجهة عن التمثيل
40
التعويضات عن التنقل
بالنسبة رئيس مجلس الجهة فقد تم تحديد مبلغ 350درهم بالنسبة للتنقل داخل المغرب
ومبلغ 2500درهم للتنقل خارجه ،في حين كان يتم العمل في إطار القانون السابق من خالل
منح التعويضات عن التنقل لرئيس مجلس الجهة بمناسبة المهام التي يقومون بها داخل أو
خارج المملكة لمصلحة المجالس الجهوية التي يتنمون إليها والتي يفوق عدد سكانها
500.000نسمة ،والمحددة مقدارها وفق نظام المبالغ الممنوحة لموظفي الدولة المرتبين في
المجموعة.1201
وانطالقا مما سبق يالحظ أنه قد تم الرفع من التعويضات التي يتلقاها رئيس مجلس
الجهة ونابه مقارنة بما كان منصوص عليه من قبل ،فالتعويضات الهزيلة التي كانت مقررة
لم تعد تواكب االختصاصات المهمة التي أسندت للجهة ولرئيس مجلسها ،وال جرم أن مزاولة
كافة االختصاصات الموكولة للمجالس الجهوية ولرؤسائها بالفعالية المطلوبة تقتضي تفرغ
هؤالء الرؤساء ونوابهم ،وبالتالي إقرار تعويضات مناسبة لفائدتهم على غرار ما هو مقرر
من تعويضات لفائدة النواب البرلمانيين ،خاصة إذا علمنا بأن الوظائف الجهوية ال تقل ،من
حيث أهميتها ،عن الوظائف البرلمانية ،بل تعد أكثر جسامة منها في العديد من األحيان.
لكن ورغم الرفع من قيمة التعويضات إال أنه ال زال يؤاخذ على هذا القانون التنظيمي
أخذه إبقائه على مجانية المهام بالنسبة للرئيس ونوابه وباقي المستشارين فالمادة ( )55من
القانون التنظيمي 111.14السالفة الذكر ،وكما هو الشأن بالنسبة للمادة ( )39من القانون
المنظم للجهة القديم ،47.96لم تتحدث عن أجر حقيقي لرؤساء مجالس الجهات وباقي
المنتخبي ن ،وهو ما يوضح أن المشرع المغربي ال يزال يعتبر نشاط رئيس مجلس الجهة
مجرد هواية وليس مهنة ،ما يجعل الجهاز التنفيذي الجهوي بعيدا كل البعد عن االحترافية.121
وبناء على ما سبق يتضح أن المشرع المغربي قد دأب منذ السنوات األولى على تفضيل
منطق التعويض على منطق األجرة بشكل عقالني في العمل الرئاسي الجهوي مما ينتج عنه
ضعف مردوديته الذي يؤدي دون تحقيق التنمية الجهوية المنشودة.
-120الفقرة الثانية من المادة السادسة من المرسوم رقم 2.04.753الصادر في 6ذي الحجة 17(1425يناير ،)2005
المتعلق بالتعويضات عن المهام والتمثيل المفتوحة ألعضاء مكاتب المجالس الجهوية ومجالس العماالت واألقاليم والمجالس
الجماعية والمقاطعات ،النقطة المتعلقة بتعويض تنقل رئيس المجلس الجهوي ،السالف الذكر.
-121عثمان بوتجدير ،المرجع السابق ،الصفحة .42
41
.3الحق في االستفادة من نظام التفرغ
حيث أن الموظفين وأعوان الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية الذين
انتخبوا رؤساء للجهات يمكنهم أن يستفيدوا بناء على طلب منهم من وضعية اإللحاق أو
الوضع رهن االشارة.122
ويكون رئيس المجلس الجهوي في حالة الوضع رهن اإلشارة عندما يظل تابعا إلطاره
بإدارته األصلية ويمارس في اآلن نفسه مهام الرئيس بتفرغ تام .ويعتبر في وضعية اإللحاق
إذا كان خارجا عن سلكه األصلي مع بقائه تابعا لهذا السلك .وفي كلتا الحالتين يحتفظ الرئيس
داخل إدارته األصلية بجميع حقوق ه في التعويض والترقية والتقاعد.
وتطبيقا للمقتضيات التشريعية التي أتى بها القانون التنظيمي المتعلق بالجهات المتعلقة
بالوضع رهن اإلشارة للتفرغ التام لمزاولة مهام رؤساء الجهات ،صدرت المراسيم التطبيقية
التي نصت على أن الوضع رهن اإلشارة لدى إحدى الجماعات الترابية يتم بموجب قرار
يتخذ من قبل رئيس اإلدارة أو الجماعة الترابية أو المؤسسة العمومية التي ينتمي إليها
الموظف أو العون المعني ،بناء على الطلب الذي يوجهه إليه هذا األخير لهذا الغرض.123
وهذه المقتضيات تهدف إلى تسهيل مهمة رؤساء المجالس الترابية عامة ،ورئيسي
المجلس الجهوي خاصة ،وتمكسينهم من متابعة أنشطة المجلس باستمرار وتسهيل مأموريتهم
للتفرغ للمهام االنتدابية.
الحق في الحماية االجتماعية .4
إذ تعتبر الجهة مسؤولة عن األضرار الناتجة عن الحوادث التي قد يتعرض لها أعضاء
المجلس الذي من بينهم رئيس المجلس بمناسبة انعقاد الدورات أو اجتماع اللجان الذين هم
أعضاء فيها أو أثناء قيامهم بمهام لفائدة الجهة أو أثناء انتدابهم لتمثيل المجلس أ حتى أثناء
مشاركتهم في دورات التكوين المستمر.124
ولهذه الغاية يتعين على الجهة االنخراط في نظام للتأمين وفق القوانين واألنظمة الجاري
125
بها العمل
42
الحق في رخص التغيب .5
فجميع موظفي وأعوان الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية الذين ينتخبون
أعضاء في مجالس الجهات والجماعات الترابية األخرى ،يستفيدون من رخص التغيب
للمشاركة في دورات هذه المجالس واجتماعات اللجان المنتمين إليها أو الهيئات أو المؤسسات
العمومية أو الخاصة والذين يمثلون المجالس بها وكذا المشاركة في دورات التكوين المستمر
في حدود المدة الفعلية لهذه الدورات أو االجتماعات ،مع االحتفاظ بكامل التعويضات ،ودون
أن يدخل ذلك في حساب الرخص االعتيادية.126
ثانيا :الحقوق ذات الطبيعة الخاصة
ترتبط الحقوق ذات الطبيعة الخاصة لرئيس مجلس الجهة بالحقوق السياسية والقضائية
المخولة لهذا الجهاز ،والحقوق السياسية تتمثل أساسا في الحق في تقديم االستقالة من المهام،
أما الحقوق القضائية فترتبط بالتنصيص على توقيف وعزل رؤساء المجلس الجهوية من
اختصاص المحكمة اإلدارية وحدها.
-1الحق في تقديم االستقالة
على خالف المادة 15من القانون رقم 47.96التي نصت على أنه" يوجه الرئيس أو
نواب الرئيس استقالتهم االختيارية إلى وزير الداخلية بواسطة عامل العمالة أو اإلقليم مركز
الجهة ويسري أثرها ابتداء من إعالن وزير الداخلية عن قبولها أو عند عدم القبول ،بعد
مرور شهر واحد على توجيه االستقالة من جديد في رسالة مضمونة الوصول" ،أما القانون
التنظيمي فقد 111.14ميز بين استقالة الرئيس واستقالة نوابه.
ففي الحالة األولى ،نصت المادة 62على أنه "إذا رغب رئيس مجلس الجهة في التخلي
عن مهام رئاسة المجلس ،وجب عليه تقديم استقالته إلى السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية
ويسري أثر هذه االستقالة بعد انصرام أجل خمسة عشر يوما ابتداء من تاريخ التوصل
باالستقالة" ،فيما يخص الحالة الثانية ،نصت المادة 63على أنه " إذا رغب نواب رئيس
مجلس الجهة وأعضاء المجلس في التخلي عن مهامهم ،وجب عليهم تقديم استقالتهم من
مهامهم إلى رئيس المجلس الذي يخبر بذلك فورا وكتابة السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية
عن طريق والي الجهة .ويسري أثر هذه االستقالة بعد انصرام أجل خمسة عشر يوما ابتداء
من تاريخ توصل رئيس المجلس باالستقالة".
43
فالقانون السابق لم يكن يحدد أجال إلعالن وزير الداخلية عن قبول االستقالة غير أن
القانون التنظيمي وعلى غرار القانون السابق نص في المادة 64على أنه " وضمانا لمبدأ
استمرار المرفق العام ،يستمر رئيس مجلس الجهة المستقيل ونوابه في تصريف األمور
الجارية إلى حين انتخاب رئيس ومكتب جديدين للمجلس" .والجديد الذي تضمنه هذا القانون
هو ما ورد في المادة 65حيث يترتب بحكم القانون على استقالة الرئيس أو نوابه عدم أهليتهم
للترشح لمزاولة مهام الرئيس أو مهام نائب الرئيس خالل ما تبقى من مدة انتداب
المجلس".127
-2عزل الرئيس من اختصاص القضاء اإلداري
فمن بين الحقوق التي يتمتع بها رئيس المجلس الجهوي نجد كون اختصاص عزل رئيس
المجلس الجهوي من اختصاص القضاء اإلداري وحده ،فقرار عزل أعضاء المجلس الجهوي
وعلى رأسهم رئيس مجلس الجهة وكذا التصريح ببطالن مداوالت مجلس الجهة ،وكذا إيقاف
تنفيذ المقررات والقرارات التي تشوبها عيوب قانونية منوط حصريا بجهاز القضاء ،وكذلك
األمر بالنسبة لقرار حل مجلس الجهة.
وقد تم التنصيص في هذا اإلطار ،128على أنه " يختص القضاء وحده بعزل أعضاء
المجلس ،وكذا التصريح ببطالن مداوالت مجلس الجهة ،وكذا إيقاف تنفيذ المقررات
والقرارات التي تشوبها عيوب قانونية ...يختص القضاء وحده بحل مجلس الجهة" .129
غير أن التناقض الكبير في تنظيم عزل وإقالة رئيس المجلس الجهوي باعتباره
اختصاصا حصريا للقضاء يتضح من خالل كون النص القانوني منح سلطة العزل للسلطة
الحكومية المكلفة بالداخلية في أكثر من مناسبة .فالمادة 23التي تتحدث عن إقالة رئيس
مجلس الجهة بسبب انقطاعه عن ممارسة مهامه لألسباب التي تم تعدادها حصرا في المادة
13022فإذا ما استثنينا عزل الرئيس بمقرر قضائي في حالة انقطاعه أو امتناعه لمدة شهر
وهي الحالة الواردة في البند السابع من المادة المذكورة ،فباستثناء هذه الحالة فإن إقالة الرئيس
44
ألي سبب من األسباب الواردة في البنود 8-6-5-4-3-2-1من المادة 22تتم بموجب قرار
صادر عن وزير الداخلية باقتراح من قبل والي الجهة بعبارة أخرى أن القضاء يقوم بعزل
رئيس الجهة في حالة واحدة من أصل 8حاالت ،فعن أي اختصاص حصري للقضاء
نتحدث؟.
يعتبر حضور رئيس المجلس الجهوي لدورات المجلس إجباريا ،ويعد أولى االلتزامات
الملقاة على عاتقه ،بحيث إذا لم يحضر رئيس مجلس الجهة ثالث دورات متتالية أو خمس
دورات متقطعة دون مبرر يقيله المجلس ويعتبر مقاال بحكم القانون ويجتمع المجلس لمعاينة
اإلقالة.133
وقد ألزم القانون التنظيمي للجهات رؤساء مجالس الجهات أيضا بعدم القيام بأفعال
مخالفة للقوانين واأل نظمة الجاري بها العمل ،وفي حالة ارتكاب رئيس المجلس لمثل هذه
األفعال فإنه يتعرض لجزاء العزل والذي نظم القانون اإلجراءات الخاصة به ،حيث يناط
بالقضاء اإلداري أو القضاء االستعجالي بالمحكمة اإلدارية في حالة االستعجال ووفق اآلجال
المنصوص عليها قانونيا.134
-2واجب القيام بالمهام
وينطبق هذا الواجب على كل من الرئيس ونوابه والمجلس ككل .فإذا امتنع الرئيس عن
القيام بالمهام المنوطة به بمقتضى القانون وترتب على ذلك إخالل بالسير العادي للجهة ،قام
الوالي بمطالبته بمزاولة المهام المنوطة به .135وبعد مرور أجل 15يوما دون استجابة
الرئيس ،يحيل وزير الداخلية األمر إلى القضاء االستعجالي بالمحكمة اإلدارية من أجل البث
في وجود حالة االمتناع ،داخل أجل 48ساعة من تاريخ تسجيل الطلب بكتابة الضبط .إذا
45
أقر القضاء حالة االمتناع ،جاز للوالي الحلول محل الرئيس في القيام باألعمال التي امتنع
هذا األخير عن القيام بها.
وتطبق نفس المقتضيات في الحالة التي يمتنع فيها الرئيس عن األمر بصرف نفقة وجب
تسديدها من قبل الجهة ،حيث يحق للوالي بعد طلب استفسارات من األمر بالصرف ،توجيه
أعذار إليه من أجل األمر بصرف النفقة المعنية .136وفي حالة عدم األمر بصرف هذه النفقة
في أجل أقصاه سبعة أيام من تاريخ االعذار ،يحال األمر إلى القضاء االستعجالي بالمحكمة
اإلدارية على النحو الذي سبقت اإلشارة إليه.137
-3واجب اإلقامة داخل الوطن
لقد عاشت المجالس الجهوية في ظل المرحلة السابقة على إيقاع غياب عدد من الرؤساء
خارج أرض الوطن بسبب مزاولتهم لوظائفهم العمومية أو ممارسة أنشطتهم الخاصة ،مما
أضر بالمصلحة العامة التي انتدبوا من أجلها ،وبالتالي إفراغ مهمة االنتداب من معناها
الحقيقي ،ذلك أن ممارسة العمل الجهوي تقتضي التواجد المستمر بالمغرب بل بتراب الجهة
ومقر مجلسها نظرا لكثرة االنشغاالت واألعمال التي تفرضها المسؤوليات االنتدابية.138
وانطالقا من مبدأ القرب من اإلدارة الجهوية واإلشراف المستمر على مصالح الجهة
فقد ألزم القانون التنظيمي 111.14رئيس مجلس الجهة باإلقامة الدائمة فوق التراب الوطني،
حيث أن أي رئيس مجلس أو نائبه ثبت بعد انتخابه أنه مقيم في الخارج يتعرض لجزاء اإلقالة
.139
ويعد هذا المقتضى الجديد في جوهره إيجابيا وهام لكونه يهدف إلى تفادي األضرار
التي يمكن أن تنتج عن صعوبة تسيير شؤون الجهة من لدن رؤساء أو مساعدين يقطنون
خارج المملكة .غير أن ما يؤاخذ على هذه المادة كونها حصرت شرط اإلقامة داخل الوطن،
على الرئيس ونوابه وكان األجدر أن يعمم على باقي أعضاء المجلس ككل.
-4واجب االلتزام بعدم ربط مصالح خاصة مع الجهة
إذ أن القانون ألزم رؤساء الجهات كذلك ،أن ال يربطوا مصالح خاصة مع الجهة التي
يرأسونها أو مع مجموعات الجهات أو مجموعة الجماعات الترابية التي تكون الجهة عضوا
فيها ،أو مع الهيئات أو مع المؤسسات العمومية أو مع شركات التنمية التابعة لها ،أو أن يبرم
معها أعماال أو عقودا للكراء أو االقتناء أو التبادل ،أو كل معاملة أخرى تهم أمالك الجهة،
-136أحمد أجعون ،المرجع السابق ،الصفحة .4
-137المادة 211من القانون 111.14المتعلق بالجهات.
-138عثملن بوتجدير ،المرجع السابق ،الصفحة .45
-139المادة 72من القانون التنظيمي 1111.14المتعلق بالجهات ،المرجع السالف الذكر.
46
أو أن يبرم معها صفقات األشغال أو التوريدات أو الخدمات ،أو عقودا لالمتياز والوكالة أو
أي عقد يتعلق بطرق تدبير المرافق العمومية للجهة ،أو أن يمارس بصفة عامة كل نشاط قد
يؤدي إلى تنازع المصالح ،سواء كان ذلك بصفته الشخصية أو بصفته مساهما أو وكيال عن
غيره أو لفائدة زوجه أو أصوله أو فروعه .كما أن رئيس مجلس الجهة ملتزم بعدم استغالل
التسريبات المخلة بالمنافسة النزيهة أو استغالل نفوذه كل هذا تحت طائلة تطبيق عقوبة العزل
المشار إليها سابقا والمنظمة في المادة ( )67من القانون التنظيمي .140 111.14
أوجب القانون التنظيمي المتعلق بالجهات أيضا على رؤساء الجهات تقديم تصريحات
بممتلكاتهم أمام المجلس األعلى للحسابات ،تحت طائلة العزل في حق المخالفين .وبخصوص
إجراءات هذا التصريح فقد أحالت المادة 255من هذا القانون كمرحلة انتقالية مع صدور
القانون 14154.06المتعلق بإحداث التصريح االجباري لبعض منتخبي المجالس المحلية
والغرف المهنية وبعض فئات الموظفين أو األعوان العموميين بممتلكاتهم .ويجد هذا المقتضى
سنده في دستور 2011الذي ألزم في فصله ( )158كل شخص منتخب أو معين يمارس
مسؤولية عمومية ،بتقديم تصريح كتابي للممتلكات واألصول التي في حيازته بمجرد تسلمه
لمهامه ،وخالل ممارستها وعند انتهائها.142
وتشمل الممتلكات التي يجب أن يصرح بها رئيس مجلس الجهة مجموع األموال المنقولة
والعقارات .وتدخل على الخصوص في عداد األموال المنقولة ،األصول التجارية والودائع
في حسابات بنكية والسندات والمساهمات في الشركات والقيم المنقولة األخرى ،والممتلكات
المتحصل عليها عن طريق اإلرث ،والعربات ذات محرك واإلقتراضات والتحف الفنية
واألثرية ،والحلي والمجوهرات ،ويلزم على المعني باألمر أيضا التصريح بالممتلكات
المشتركة مع األغيار ،وكذا تلك التي يدبرها لحسابهم .ويجب أيضا على رئيس مجلس الجهة
اإلدالء بتصريح تكميلي وفق نفس الشروط بخصوص كل تغيير يطرأ على الممتلكات ،ويمكن
لرئيس المجلس الجهوي للحسابات عند االقتضاء أن يطلب من الملزم التصريح بممتلكات
ومداخيل زوجه.
47
وتطبق أيضا األحكام السالفة الذكر باإلضافة إلى رئيس الجهة على كل عضو في
المجلس حصل على تفويض إمضاء أو تفويض سلطة وكذا على باقي نواب رئيس مجلس
الجهة.
وعلى سبيل الختم يمكن القول أن سن نظام خاص بالمنتخب مسألة تكتسي أهمية خاصة
لكونه يشمل ميثاقا يؤطر حقوق وواجبات رئيس مجلس الجهة والهدف هو إسناد مسؤولية
الجهات المنتخبة لنخبة من المنتخبين يجمعون بين صفات اإلخالص في العمل و االستقامة
في السلوك 143باإلضافة إلى المؤهالت التي تمكنهم من تدبير شؤون الجهة وتحقيق التنمية
في مختلف المجاالت والميادين االقتصادية واالجتماعية والثقافية على مستوى الجهة،
ويتضمن النظام األساسي للمنتخب أيضا بعض الضمانات التي عملت على تقوية مركز
رؤساء الجهات وتدعيمه لتسهيل مهمتهم.
الفقرة األولى :المسؤولية التأديبية لرئيس مجلس الجهة كممثل للجهة وآمر
بصرف نفقاتها
من أجل ضمان حسن التصرف في األموال العمومية بما يخدم مصلحة الجهة ،أقر
القانون مسؤولية متنوعة على كل األشخاص المكلفين بالتنفيذ اإلداري والحسابي للميزانية
48
العامة ،ومن هؤالء نجد رئيس الجهة كمسؤول عن تدبير شؤون الجهة وممثلها القانوني وآمر
بصرف نفقاتها.
وقد تم النص على هاته المسؤولية في مجموعة من القوانين المتعلقة بتحديد مسؤولية
رئيس الجهة ،وعلى ضوء ذلك يمكن حصر نطاق مسؤوليته في المسؤولية التأديبية والمدنية
والجنائية ،والسياسية أيضا .144وعليه سنتطرق في هذه الفقرة إلى النظام التأديبي لرئيس
مجلس الجهة(أوال) ثم بعدها سنتناول بعض العقوبات التأديبية التي يمكن أن يتعرض لها هذا
األخير(ثانيا).
أوال :النظام التأديبي لرئيس مجلس الجهة
تقوم المسؤولية التأديبية على أساس خطأ تأديبي الذي يقوم على إخالل الموظف أو
المنتخب بواجباته ومهامه ،وهو ما من شأنه إثارة المسؤولية التأديبية للمنتخب .فبالعودة إلى
القانون 111.14المتعلق بالجهات نجد أن المشرع حدد لرئيس الجهة العديد من
االختصاصات والصالحيات كما سبقت اإلشارة إلى ذلك ،وعليه فإنه يتحمل مسؤولية تأديبية
في حدود اختصاصاته وتصرفاته.
وبالتالي نظرا لغياب قواعد خاصة بالمسؤولية التأديبية لرئيس الجهة في مجال تدبير
النفقات العمومية خاصة في تنفيذ الميزانية ،فإنه يخضع للنظام األساسي للمنتخب .وعلى
ضوء ذلك فاآلمر بالصرف مسؤول مسؤولية تأديبية نتيجة اإلخالل بواجباته الوظيفية طبقا
للقانون.
وأساس المسؤولية التأديبية لرئيس مجلس الجهة يقوم على الخطأ التأديبي الذي يمكن
تعريفه بكونه كل إخالل بواجبات الموظف أو المنتخب المهنية إيجابا أو سلبا سواء التي نص
عليها القانون أو تلك التي لم ينص عليها .145ومن القواعد التي يمكن األخذ بها العتبار فعال
ما خطأ تأديبي نجد:
أن تكون المخالفات المقترفة لها طابع خطأ يعني أنها تشكل إخالل واضحا
بالواجبات الوظيفية للمنصب ،بالمعنى الدقيق كالتصرفات السيئة التي تخل بكرامة المنصب
أو ترك هذه األخيرة بدون مبررات قانونية .وفي هذه السياق ال يمكن أن تشكل عدم القدرة
الجسمانية ألداء الوظيفة أو عدم الكفاءة المهنية لممارستها إخالال للواجبات الوظيفية.146
49
أن يكون اقتراف الخطأ أثناء مزاولة الموظف أو المنتخب لمهامه؛
أال يكون الخطأ المقترف ناتج عن ظروف قاهرة أو عن أكراه بحيث أن
الموظف أو المنتخب ارتكبه بمحض إرادته؛
يجب أن يكون الخطأ حقيقيا وليس مفترضا حتى يمكن أن يسأل عليه الموظف.
-147محمد بن صديق أحمد الفيالتي ،الجزاءات التأديبية على الموظف العام في نظام المملكة العربية السعودية " دراسة
تأصيلية مقارنة وتطبيقية" ،رسالة لنيل شهادة الماجستير ،تخصص السياسة الجنائية ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية،
سنة ،2005ص .41
50
بالمحكمة اإلدارية التي تبث فيه داخل أجل 48ساعة من تاريخ توصله بالطلب .ويترتب عن
ذلك توقيف المعني باألمر عن ممارسة مهامه إلى حين البت في طلب العزل .وانقطاع الرئيس
بدون مبرر أو االمتناع عن مزاولة المهام لمدة شهرين يقوم والي الجهة بإعذار الرئيس
الستئناف مهامه داخل أجل سبعة أيام من أيام العمل بواسطة كتاب مع اإلشعار بالتسلم ،أما
إذا تخلف الرئيس أو رفض ذلك بعد انصرام أجل سبعة أيام أحالت السلطة الحكومية المكلفة
بالداخلية األمر إلى القضاء االستعجالي بالمحكمة االدارية للبت في وجود حالة االنقطاع أو
االمتناع داخل أجل 48ساعة من تاريخ إحالة القضية إليه .وإذا أقر القضاء االستعجالي
وجود حالة االنقطاع أو االمتناع يحل المكتب ويستدعي المجلس داخل أجل 15يوم من تاريخ
الحكم القاضي النتخاب رئيس جديد وباقي أعضاء المكتب .ويترتب عن ذلك حل المكتب
بقوة القانون ويستدعي المجلس النتخاب رئيس جديد وباقي أعضاء المكتب داخل أجل 15
يوم من تاريخ االنقطاع.148
oإقالة رئيس الجهة
بعد انصرام السنة الثالثة من مدة انتداب المجلس يجوز ل 2/3أعضاء المجلس المزاولين
لمهامهم تقديم طلب بإقالة الرئيس من مهامه وال يمكن تقديم هذا الطلب إال مرة واحدة خالل
مدة انتداب المجلس .كما يدرج طلب اإلقالة وجوبا في جدول أعمال الدورة العادية األولى
من السنة الرابعة التي يعقدها المجلس ،ويعتبر الرئيس مقاال من مهامه بعد الموافقة على
طلب اإلقالة بتصويت 4/3من أعضاء المجلس المزاولين لمهامهم .149وحسب المادة 74
يترتب على إقالة الرئيس عدم أهليته للترشح لرئاسة المجلس خالل ما تبقى من مرحلة
االنتداب .وتجدر اإلشارة في هذا الصدد إلى أن صاحب االختصاص في إقالة الرئيس عند
منتصف المدة االنتدابية ترجع إلى المجلس.150
وبالتالي وانطالقا من هذه المواد يتبين أن صاحب االختصاص في إقالة الرئيس عند
منتصف المدة االنتدابية ترجع إلى المجلس على عكس العزل الذي تمارسه السلطة القضائية.
51
الفقرة الثانية :المسؤولية الجنائية لرئيس مجلس الجهة
إن القانون الجنائي يأخذ تعريف واسع وشامل يتفق وسياسة التجريم ،كما يعتبر المنتخب
الجهوي عامة في القانون الجنائي موظف عمومي ،وتطبق على المنتخب األحكام التي تطبق
على الموظف العمومي ،كما نصت الفصل 151224من القانون الجنائي.152
و عليه فرئيس مجلس الجهة يتحمل مسؤولية جنائية شأنه في ذلك شأن المواطنين عن
الجنايات والجنح التي يرتكبونها ويخضعون في ذلك للعقوبات العامة المنصوص عليها في
التشريع الجنائي المغربي ،لكن كونه حائز للسلطة العمومية وحامل لصفة ممثل المواطنين
والسلطة في ممارسة المهام الموكولة له فهو يتحمل بصفته هاته مسؤولية جنائية عن األخطاء
المالية التي يرتكبها وتشكل جرائم التشريع الجنائي .ويمكن تعريف المسؤولية الجنائية بكونها
"تحمل الجزاء الذي ترتبه القواعد القانونية كأثر للفعل الذي يرتكبه الجاني خروجا على
أحكامها" وهي بذلك تحمل لجزاء عقابي الرتكاب فعل مجرم ومحدد بنص قانوني.153
وبذلك فمن بين الجرائم التي يمكن لرئيس المجلس الجهوي أن يتابع بها نجد:
فبالنسبة لجريمة االختالس فتعتبر من الجرائم الشكلية التي ال تعتمد بالدرجة األولى
على النتيجة اإلجرامية بل يكفي فقط توفر صفة الفاعل التي تتمثل في موظف عمومي أو
منتخب باإلضافة إلى صفة الفاعل البد كذلك أن يكون هناك الركن الذي ينقسم إلى الفعل
-151تنص المادة 224من مجموعة القانون الجنائي على أنه ":يعد موظفا عموميا ،في تطبيق أحكام التشريع الجنائي ،كل
شخص كيفما كانت صفته يعهد إليه ،في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر ويساهم بذلك
في خدمة الدولة ،أو المصالح العمومية أو الهيئات البلدية ،أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام .وتراعي صفة
الموظف في وقت ارتكاب الجريمة ومع ذلك فإن هذه الصفة تعتبر باقية له بعد انتهاء خدمته ،إذا كانت هي التي سهلت له
ارتكاب الجريمة أو مكنته من تنفيذها".
-152ظهير شريف رقم 1.59.413الصادر في 28جمادى الثانية 26(1382نونبر )1962بالمصادقة على مجموعة
القانون الجنائي ،الجريدة الرسمية عدد 2640مكرر ،الصادرة بتاريخ 12محرم 5(1383يونيو ،)1963ص .1253
- 153فؤاد مدكري ،مفهوم الموظف العمومي في القانون الجنائي المغربي من أجل حماية أوسع للشأن العام ،المجلة الدولية
لألبحاث الجنائية والحكامة األمنية" القانون الجنائي المغربي بين الثبات والتطور" ،العدد الثالث ،2020 ،ص .538
- 154الفصل 226من القانون الجنائي ،السالف الذكر ،ينص على أن" :الجنايات المعاقب عليها في المادة 225تنتج عنها
مسؤولية مدنية شخصية على عاتق مرتكبها أما تنتج عنها مسؤولية الدولة مع احتفاظها بالحق في الرجوع على الجاني".
-155الفصل 247من القانون الجنائي ،السالف الذكر ،ينص على أن " :حالة الحكم بعقوبة جنحية فقط ،طبقا لفصول هذا
الفرع ،فإن مرتكب الجريمة يمكن عالوة على ذلك ،أن يحكم عليه بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المنصوص عليها
في المادة 40وذلك لمدة ال تقل عن خمس سنوات وال تزيد على عشر ويجوز أن يحكم عليه أيضا بالحرمان من تولى
الوظائف أو الخدمات العامة مدة ال تزيد على عشر سنوات".
52
المادي أو فعل االختالس ونعني به أن تكون جريمة االختالس بتصرف الموظف العمومي(
أو المنتخب) في األموال أو األشياء المنقولة أو الموضوعة تحت يده ،تصرفا ماديا أو قانونيا،
وبأي صورة من الصور التي أوردها الفصل 240من القانون الجنائي ،وباإلضافة إلى
الفعل المادي أو فعل االختالس هناك فعل محل االختالس ،الذي من خالل مقتضيات الفصل
241من القانون الجنائي يتضح أن المشرع أورده على سبيل الحصر وعبر عن ذلك بقوله
" ...أمواال عامة أو خاصة أو سندات تقوم مقامها أو حججا أو عقودا أو منقوالت" .وتتحقق
جريمة االختالس عندما تقع على مال الدولة وتتخذ مجموعة من الصور منها التبديد
واالختالس ،واالخفاء واالحتجاز ،وذلك طبقا لما جاء به الفصل 156241من القانون الجنائي.
ويشترط في األموال التي تكون محل االختالس أن تكون منقولة ،ال عقارات ألن
ا ألموال هي التي توضع بيد رئيس مجلس الجهة وال ترى ،ويشترط أيضا في هذه الجريمة
فعل االختالس وهو الركن المادي للجريمة ويتحقق بأن يضيف رئيس الجهة المال العام إلى
ملكه وتتجه نيته إلى اعتبار المال ملكا له ،كأن يسحب المال العام من الخزينة ويودعه باسمه
في أحد البنوك أو تبديده أو إخفائه أو احتجازه ،وهناك أيضا عنصر آخر والمتمثل في القصد
الجنائي والذي يقصد به أن تنصرف إرادة المتهم إلى فعل االختالس رغم عله بأن األموال
مملوكة لسلطة عامة أو ألحد األطراف مضافا إليه نية تملك المال المختلس وإنكار حق الدولة
على المال ،أما العنصر األخير لهذه الجريمة متمثل في العقوبة والتي نص علها المشرع في
المادة 241السالفة الذكر إذا كانت قيمة األشياء المبددة أو المختلسة أو المحتجزة تساوي أو
تزيد عن 100درهم فالجريمة بذلك تعد جناية وعقوبتها هي السجن من 5إلى 20سنة
وغرامة من 5000إلى 100000درهم .157أما إذا كانت قيمة هذه األشياء تقل عن 100
ألف درهم فإن الجريمة تتحول إلى جنحة االختالس وعقابها هو الحبس من سنتين إلى خمس
سنوات وبغرامة من 2000إلى 50ألف درهم .وعموما فإن تقدير قيمة األشياء المختلسة وما
إذا كان الفعل جنحة أم جناية اختالس متروك للسلطة التقديرية للمحكمة.158
أما فيما يخص جريمة الغدر فقد نظمها المشرع المغربي من خالل الفصلين 243و
244من القانون الجنائي ويقصد بها قيام موظف عمومي (أو منتخب) بطلب أو تلقي أو فرض
أوامر بتحصيل ما يعلم أنه مستحق أو أنه متجاوز المستحق ،سواء لإلدارة أو األفراد الذين
يعمل لحسابهم أو لحسابه الخاص.
156الفصل 241من القانون الجنائي المغربي ،المرجع السالف الذكر ،ينص على أنه" :يعاقب بالسجن من خمسة إلى
عشرين سنة وبغرامة من خمسة آالف إلى مائة ألف درهم كل قاض أو موظف عمومي بدد أو اختلس أو احتجز بدون حق
أو اخفي أمواال عامة أو خاصة أو سندات أو عقود أو منقوالت موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته أو بسببها".
157عبد العالي الفياللي ،مسؤولية رئيس المجلس الجهوي في تدبير النفقات العمومية الجماعية ،المرجع السابق ،ص .236
158أحمد عبد اللطيف ،جرائم األموال العامة ،طبعة األولى ،دار الفكر العربي ،2002 ،ص .417
53
يتكون الركن المادي لجريمة الغدر من عنصرين اثنين ،159األول يتمثل في الطلب ،أو
التلقي سواء كان صريحا أو ضمنيا ،أو فرض أوامر بالتحصيل ،ويهدف هذا النص إلى
محاربة جملة أخرى من صور الفساد الخطيرة التي يرتكبها الموظفون العموميون وكذلك
المنتخبون وعلى رأسهم رئيس مجلس الجهة ،والسيما إذا تعلق األمر ببعض العقود الدولية
التي تستورد الدولة بمقتضاها مواد أو أجهزة أو آليات ،أو بالصفقات العمومية ،أو باتخاذ
إجراءات صورية الستفادة الموظف العمومي أو المنتخب من أموال ،أو ممتلكات مؤسسة
عمومية يديرها أو يشرف عليها باالستيالء على بعض أجهزتها .أما العنصر الثاني فأن يكون
موضوع التحصيل عبئا ماليا عاما غير مستحق .وتشمل هذه األعباء الضرائب والرسوم
والغرامات وغيرها مما له صفة العمومية ،ولذلك فإن أي عبء مالي تفرضه الدولة وتستوفيه
بطريق اإلجبار ،وطالب به الموظف العمومي أو المنتخب ،وهو يعلم أنه غير مستحق أو
يتجاوز المستحق مقابل خدمات معينة تؤديها لألفراد يعد غدرا ،وذلك كالضرائب بمختلف
أنواعها والرسوم والغرامات والمصاريف سواء كانت قضائية أوصلحية ،وغيرها مما يعد
موردا للدولة.160
أما الركن المعنوي لجريمة الغدر فيتضح من خالل استناد المشرع على تعبير " ...ما
يعلم أنه غير مستحق ،"...الذي يتبين من خالله أن جريمة الغدر من الجرائم العمدية ،حيث
يكفي لقيام هذه الجريمة القصد العام فقط دون الحاجة إلى القصد الجنائي الخاص ،كأن يكون
عالما بأن ما يطلب تحصيله أو يتلقاه من األفراد كضرائب أو غيرها مما لها صفة عمومية
غير مستحقة أو متجاوز للمستحق ،ومتى توفر القصد الجنائي وتحققت باقي األركان األخرى
161
تقوم جريمة الغدر
وعموما فهذه الفصول المذكورة من القانون الجنائي قد حددت لنا الركن المادي لجريمة
الغدر التي تظهر في مجموعة من األفعال التي قد تصدر من رئيس الجهة كآمر بالصرف
منها :طلب أو تلقي أو فرض أو أمر بتحصيل ما يعلم أنه غير مستحق أو أنه يتجاوز
المستحق ،سواء لإلدارة العامة أو األفراد الذين يحصل لحسابهم أو لنفسه خاصة أمر بتحصيل
جبايات مباشرة أو غير مباشرة لم يقررها القانون.
-159الفصل 243من مجموعة القانون الجنائي ،المرجع السالف الذكر ،ينص على أنه " :يعد مرتكبا الغدر ،ويعاقب بالحبس
من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من خمسة آالف إلى مائة ألف درهم ،كل قاض أو موظف عمومي طلب أو تلقى أو
فرض أوامر بتحصيل ما يعلم أنه غير مستحق أو أنه يتجاوز المستحق ،سواء لإلدارة العامة أو األفراد الذين يحصل
لحسابهم أو لنفسه خاصة تضاعف العقوبة إذا كان المبلغ يفوق مائة ألف درهم".
- 160الفصل 245من القانون الجنائي ،المرجع السالف الذكر ،ينص على أن " :كل موظف عمومي أخد أو تلقي أية فائدة
في عقد أو داللة أو مؤسسة أو استغالل مباشر يتولى إدارته أو اإلشراف عليه كليا أو جزئيا اثناء ارتكابه الفعل ،سواء قام
بذلك الفعل صراحة أو بعمل صوري أو بواسطة غيره ،يعاقب بالسجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات وبغرامة من
خمسة آالف إلى مائة ألف درهم."...
-161فريد السموني ،مفهوم الموظف العمومي في القانون الجنائي المقارن ،مطبعة فضالة المحمدية ،سنة ،2003ص
.101
54
جريمة الرشوة واستغالل النفوذ
لقد جمع المشرع الجنائي جريمتي الرشوة واستغالل النفوذ تحت عنوان واحد
،162الشتراكهما في بعض األحكام مثل ما نص عليه الفصل 252من القانون الجنائي ،وإن
كانا يختلفان في طبيعة المقابل الذي يدفعه صاحب الحاجة للحصول على حاجته التي يسعى
إلى تحقيقها ،حيث يكون ثمن ا لقيام الموظف العمومي بعمل من أعمال وظيفته ،أو االمتناع
عنه ويكون بالتالي "رشوة" بينما يكون ثمنا للشخص الذي يستغل نفوذه الحقيقي أو المزعوم
"استغالل" النفوذ كما يختلفان في غيرهما من األحكام.
تعد الرشوة من أبلغ أنواع الفساد وأخطر أمراض العصر التي تصيب الوظيفة العمومية
فهي سلوك يمس بهبة الدولة ومصداقيتها ،ويضيع المصلحة العامة برمتها .163وقد عرفها
البعض بأنها فعل يرتكبه موظف عام أو شخص ذو صفة عامة عندما يتاجر بوظيفته أو
باألحرى يستغل السلطات المخولة له بمقتضى هذه الوظيفة وذلك حين يطلب لنفسه أو لغيره
أو يقبل أو يأخذ وعدا أو عطية ألداء عمل من أعمال وظيفته أو يزعم على أنه من أعمال
وظيفته أو لالمتناع عن ذلك العمل أو لإلخالل بواجبات الوظيفة.
قد اهتم المشرع الجنائي المغربي كغيره بمحاربتها بكافة الوسائل واآلليات المتاحة،
حيث تصدى لها بالتجريم من أول تشريع جنائي سنة ،1953ومع تصاعد وثيرة الجريمة
في الواقع العملي وتسريبها إلى داخل الجهاز اإلداري بشكل مهول يدعو إلى القلق تدخل
المشرع المغربي إلعادة النظر في نصوص الرشوة بهدف زجر مرتكبها بصرامة .حيث
توجه االهتمام الوطني إلى إنشاء جمعية مختصة في مكافحة الرشوة -جمعية ترانسبرانسي
المغرب -سنة ،1996كما أخذ قضائيا بازدواجية التجريم " تعد جريمة الرشوة مستقلة في
عناصرها عن جريمة االرتشاء فهي تقوم بمجرد توافر القصد الجنائي.164"...
وبالتالي فجريمة الرشوة من الجرائم التي يمكن لرئيس مجلس الجهة أن يرتكبها وهذه
الجريمة تقتضي بطبيعتها وجود طرفين الراشي الذي هو صاحب المصلحة أو الحاجة
والمرتشي الذي هو اآلمر بالصرف ،الذي يعاقب على هذه الجريمة شأنه في ذلك شأن
الموظف العمومي بموجب الفصول 248و249و.251
-162وهو الجزء الرابع من الكتاب الثالث من الجزء األول من مجموعة القانون الجنائي.
-163أحمد جويد ،جريمة رشوة الموظف العمومي في التشريع المغربي ،الطبعة األولى ،دار الرشاد الحديثة الدار البيضاء،
،1983ص .11
-164قرار المجلس األعلى رقم 3042في 17ماي ،1983مجلة قضاء المجلس األعلى ،العدد ،32ص .177
55
أما فيما يخص جريمة استغالل النفوذ فقد تحدث عنها المشرع في الفصل 165 250من
القانون الجنائي ،ومن خالله يتضح أن طبيعة هذه الجريمة يرتكبها بعض أعضاء المجالس
النيابية وعلى رأسهم رئيس مجلس الجهة في األحوال التي يتلقون فيها عروضا ،أو وعودا
أو هبات أو هدايا ،أو أية فائدة أخرى مقابل العمل على تحقيق مصالح خاصة إلحدى الجهات
أو ألحد األفراد ،ومنه يكون قد اتجر بنفوذه ،ويكون قد ارتكب جريمة استغالل النفوذ .ولقيام
هذه الجريمة يجب توافر ثالثة أركان تتجلى في تمتع الجاني (رئيس مجلس الجهة) بنفوذ
حقيقي أو مفترض والركن المادي الذي يقوم على ثالث عناصر وهي طلب الجاني أو قبوله
عرضا لفائدة ما ،من صاحب الحاجة ،أما العنصر الثاني فهوما يحصل عليه صاحب الحاجة
مقابل ما يقدمه للجاني ،أما العنصر الثالث واألخير فيتجلى في النفوذ الحقيقي أو المفترض
الذي يستعمله الجاني كوسيلة للحصول من صاحب المصلحة على هبة أو هدية أو أية فائدة
أخرى .غير أنه يجب إبراز هذه العناصر المكونة للفعل المادي – مع العناصر األخرى-
المكونة لجريمة استغالل النفوذ في حالة اإلدانة ،وإال تعرض الحكم القاضي بها للنقض
واإلبطال.166
أما فيما يخص الركن المعنوي لجريمة استغالل النفوذ فيتمثل في توفر القصد الجنائي
الذي يتمثل في العلم واإلرادة ،والعلم يتمثل في أن يكون الجاني وهو رئيس المجلس الجهوي
هنا عالما بأن ما يطلبه أو يتسلمه هو مقابل استعماله لنفوذه الحقيقي أو المفترض ،لدى
السلطات العامة أو إحدى الجهات اإلدارية الخاضعة إلشرافها ،لتحقيق إحدى المزايا لجهة
معينة سواء كانت فرد أو جماعة.
165ينص الفصل 250من القانون الجنائي على أنه " :يعد مرتكبا لجريمة استغالل النفوذ ويعاقب بالحبس من سنتين إلى
خمس سنوات وبغرامة من خمسة آالف درهم إلى مائة ألف درهم ،من طلب أو قبل عرضا أو وعدا ،أو طلب أو تسلم هبة
أو هدية ،أو أية فائدة أخرى من أجل تمكين شخص أو محاولة تمكينه من الحصول على وسام أو نيشان ،أو رتبة شرفية
أو مكافأة أو مركز أو وظيفة أو خدمة أو أية مزية أخرى تمنحها السلطة العمومية أو صفقة أو مشروع ،أو أي ربح ناتج
عن اتفاق يعقد مع السلطة العمومية أو مع السلطة أو اإلدارة ،مستغال بذلك نفوذه الحقيقي أو المفترض".
166أبو المعطي حافظ أبو الفتوح ،شرح القانون الجنائي المغربي (القسم الخاص) ،الطبعة األولى ،مطبعة النجاح الجديدة
الدار البيضاء ،سنة ،1981ص .67
56
خاتمة الفصل األول
وختاما يمكن القول أنه إذا كان القانون السابق المنظم للجهات 47.96في ظل
دستور 1996لم يخصص إال مادة واحدة إلدارة الجهة قد تضمن مقتضيات جعلت رئيس
مجلس الجهة يحتل المرتبة الثانية بعد الوالي بالنظر إلى االختصاصات المحددة له ،بدون
أن يرقى إلى مؤسسة تنفيذية ،حيث يشارك بصفة مباشرة أو غير مباشرة في اتخاذ القرارات،
ويعتبر أقل استقالال في ممارستها حتى أن شخصية رئيس مجلس الجهة تختفي في كثير من
الحاالت وراء شخصية الوالي ،فإن القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات في ظل
دستور 2011قد نص على مجموعة من المقتضيات المؤطرة للعمل الجهوي ،باعتباره
األسا س القانون الذي تستمد منه هذه المجالس وأجهزتها التنفيذية اختصاصاتها في مجال
التنمية االقتصادية واالجتماعية الجهوية ،ومنح رئيس مجلس الجهة السلطة التنفيذية تجسيدا
لمبدأ التدبير الحر ،إذ أنه بدراسة الباب الثاني من القسم الثالث من هذا القانون المعنون
بصالحيات رئيس الجهة والذي يضم مجموع اختصاصات الرئيس فإنه أعطى الرئيس سلطة
تنفيذ مقررات المجلس الجهوي وكذلك األمر بالصرف ،وكذلك مسؤولية تنظيم إدارة الجهة
مع تحديد اختصاصاتها باعتباره الرئيس التسلسلي لمصالحها وللعاملين بها .كما أوكل له
صالحية التعيين في جميع المناصب اإلدارية بهذه المؤسسة إلى جانب إمكانية تعيين لمكلفين
بمهمة االشتغال إلى جانبه.
باإلضافة إلى ما تمت اإلشارة فقد حاول المشرع التنظيمي أيضا ضبط مهام رئيس
مجلس الجهة وبيان واجباته والتزاماته وحقوقه بالتنصيص عليها في الباب المتعلق بالنظام
األساسي للمنتخب ،والذي شكل إحدى المستجدات التي أتى بها القانون التنظيمي المتعلق
بالجهات ،والتي من خاللها حاول المشرع تدارك النقص الذي كان يعرفه التنظيم الجهوي
السابق بهذا الخصوص ،حيث تم تمتيع رئيس مجلس الجهة بمجموعة من الحقوق التي من
بينها كما سبق الذكر التعويض عن التمثيل والتنقل ،باإلضافة إلى الحق في التكوين والحق
في رخص التغيب والحماية االجتماعية ،إلى غيرها من الحقوق التي سبقت اإلشارة إليها ،
وفي مقابل ذلك رتب عليه مجموعة من الواجبات التي من أبرزها االلتزام بعدم القيام بأفعال
مخالفة للقانون ،وعدم ربط مصالح خاصة مع الجهة ،فضال عن ضرورة اإلقامة داخل
الوطن ،ووجوب التصريح بالممتلكات وغيرها من االلتزامات والواجبات الملقاة على عاتق
رئيس مجلس الجهة أثناء تأدية مهامه والتي تمت اإلشارة إليها سلفا في هذا الفصل .وكذلك
ومن أجل ضمان حسن التصرف في األموال العمومية بما يخدم مصلحة الجهة ،فقد أقر هذا
القانون مسؤولية متنوعة على كل األشخاص المكلفين بالتنفيذ اإلداري والحسابي للميزانية
العامة ،ومن هؤالء نجد رئيس الجهة كمسؤول عن تدبير شؤون الجهة و آمر بصرف نفقاتها.
فرئيس مجلس الجهة يتحمل بذلك مسؤولية تأديبية أثناء إخالله ببعض مهامه وواجباته ،في
57
حين يكون مسؤوال جنائيا أثناء قيامه ببعض األفعال المخالفة للقانون والتي جرمها القانون
الجنائي.
وبالتالي وانطالقا مما سبق فرغم كافة المستجدات التي أتى بها القانون التنظيمي
الخاص بالجهات بخصوص اختصاصات وصالحيات مؤسسة رئيس مجالس الجهة فإنه
ال زالت تشوبه بعض النواقص التي من شأنها التأثير سلبا على الدور التدبيري المفروض
أن تلعبه هذه األجهزة التنفيذية ،فرغم تمتيع هذا األخير بمجموعة من الصالحيات الجديدة
إال أنها تظل ضئيلة تغيب عنها سلطة التقرير ويطبعها تقليص هامش التدخل والمبادرة في
غالب األحيان ،فرئيس مجلس الجهة ال يملك حتى القدرة على إجبار مجلسه على العمل ،
حيث أن المجلس إذا رفض القيام بمهامه ال يمكنه أن يجبره إنما بإمكانه فقط أن يطل من
الوالي أن يتدخل إلجبار مرؤوسي رئيس الجهة للعودة إلى صالحياتهم .
وما يعاب أيضا على هذا القانون أنه ألغى إمكانية التعاقد مع فئة المكلفين بالدراسات
التي كانت ممنوحة لرؤساء الجهات السابقين .والتخلي عن هذا الصنف خلق نوعا من
التضارب حول جدواه .فهناك من اعتبره دون تأثير على إدارة الجهة لكونها تتوفر على
أصناف مختلفة من الموظفين وأطر عليا يمكنها االضطالع بالمهام الموكولة لها ،في حين
هناك من عارضها واعتبرها تراجعا عن إحدى الركائز التي كان يستعين بها الرؤساء أثناء
تأدية مهامهم.
فضال عما تمت اإلشارة إليه فإن التدبير اإلداري للرئيس ومسؤوليته في تسيير المجلس
ليست باألمر الهين ،فطبيعة تركيبة المجلس من ألوان سياسية وانتماء قبلي ووضعيات
األشخ اص االعتبارية ،تجعل تسيير المجلس ،وإدارة الجلسات فيه أمر جد حساس ،وهكذا
فإن مجالس الجهات ظلت تشكو وتكشف على مر التجارب على مظاهر الخلل والتسربات
التي تشكل تبذيرا للطاقات سواء بفعل الصراعات السياسية والشخصية الضيقة أو بفعل عدم
توزيع المسؤوليات.
وعليه فإن إ شكالية التنمية الجهوية بالمغرب ليست مالية محضة وإنما خلفياتها سياسية
تدبيرية في مغرب نحتاج فيه اليوم نخب إدارية وسياسية ورؤساء مجالس جهوية يتصفون
بالكفاءة والتكوين المتميز ،وبذلك فالفصل الثاني من هذا البحث سنخصصه للتوسيع في دراسة
مكانة رؤساء مجلس الجهوية ف ي تحقيق التنمية الجهوية باإلضافة إلى تبيان كافة العراقيل
التي تعيق رؤساء المجالس الجهوية في تدبير الشأن العام الجهوي وتحقيق التنمية الجهوية
وذلك بدراسة حالة جهة درعة-تافياللت وكذا حالة جهة كلميم-واد نون.
58
الفصل الثاني :مؤسسة رئيس مجلس الجهة ورهان
تحقيق التنمية
يتأسس نظام الالمركزية في بعده اإلجرائي على االعتراف بوجود مصالح محلية متميزة
يشرف عليها ممثلوا السكان ،هذا يعني أن تجسيد الديموقراطية المحلية يرتبط بشكل وثيق
بتدبير التنمية عبر تمتيع المنتخبين ،وخاصة رئيس المجلس الجهوي بمجموعة من
الصالحيات واآلليات التي تمكنهم من القيام بجميع واجباتهم وخاصة التنموية .فالرهان
التنموي للديموقراطية المحلية يشكل هاجسا أساسيا في محاوالت اإلصالح السياسي واإلداري
بالمغرب ،حيث أضحت مركزة القرار العمومي أحد األسباب الرئيسية لتعثر التنمية.
وعليه فتفعيل الالمركزية خصوصا على المستوي الجهوي ،يتطلب باألساس اعتماد
استراتيجية تنموية جهوية مندمجة ،تعتمد على مجموعة من اآلليات التدبيرية التي ال يمكن
إنجاحها إال بتوفر نخبة جهوية مسؤولة ،على رأسها رئيس مجلس الجهة الذي يعد الدعامة
األساسية لكل تنمية جهوية ،ومركزا لكل القرارات المصيرية ،فمهما قيل عن الموارد البشرية
واآلليات القانونية كعناصر فاعلة في تحقيق التنمية بصفة عامة ،تبقى هذه الموارد تبقى هذه
الموارد دون جدوى في غياب قيادة كفؤة ومؤهلة لتدبيرها وإدارتها.
فرئيس المجلس الجهوي مسؤول عن خدمة المواطنين بشكل مباشر أو غير مباشر وذلك
من خالل الخد مات التي يقدمها للمواطنين أو القرارات التي يقوم بتنفيذها باعتباره جهازا
تنفيذيا للجهة ،وباعتباره كذلك مسؤول عن تحقيق التنمية داخل تراب الجهة عبر تدخله في
مجموعة من المجاالت التنموية ولعبه دورا أساسيا فيها ،حيث خصه القانون التنظيمي
بمجموعة من الصالحيات التنموية وألزمه بالقيام بها ،التي من بينها إعداد برنامج التنمية
الجهوية ،باإلضافة إلى إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة التي تعتبر أحد األدوار التنموية التي
تدخل في صالحيات هذه المؤسسة(المبحث األول).
لكن في مقابل ذلك فرهان التنمية تعترضه مجموعة من الصعوبات والعراقيل التي
تتحكم في جودة ومستوى األداء الذي يقدمه رئيس مجلس الجهة فمنها ما هو إداري مرتبط
بسلطة التقرير ،ومنها ما هو سياسي متعلق بالصراعات السياسية داخل المجلس والتي تحد
من أداء هذا الجهاز ،باإلضافة إلى ما هو مرتبط بالموارد المالية والبشري التي تعتبر من
أبرز الحدود والمعيقات الكابحة لتطور أداء الجهاز التنفيذي الجهوي.
وهذا الوضع ما يستدعي ويتطلب معه التدخل من أجل تجويد وتطوير مستوى أداء هذه
المؤسسة عبر خلق عقلنة وضبط االختصاصات وتوسيعها وتحسين العالقة بين الهيئات
المنتخبة وممثلي الدولة على المستوى الجهوي ،وينبغي كذلك انفتاح مؤسسة الرئاسة على
59
األنماط الجديدة للتدبير واعتماد الحكامة كأسلوب لقيادة الجهة فمعلوم أن أسباب إخفاق أي
مؤسسة يرجع إلى سوء التدبير الذي يطبع أجهزتها التسييرية ،واالرتكاز على األساليب
الكالسيكية التي أصبحت متجاوزة في ظل سيادة الفكر الليبرالي الجديد الذي يتأسس على
الجودة والمردودية واإلنتاجية ،لذلك فقد بات من الضروري إدخال وسائل التدبير العصري
البتي ترتكز على تكريس مبادئ الحكامة الجهوية ،وتتأسس على إسناد مهمة تسيير الشأن
العام الجهوي لمن بوسعهم خلق نموذج جديد للتدبير(المبحث الثاني).
-167عبد هللا غازي ،السياسات العمومية الترابية بين تداخل استراتيجية الفاعلين ودينامية النسق المؤسساتي ،المجلة المغربية
لإلدارة المحلية والتنمية ،المجلد ،150عدد ،151أبريل ،2020الصفحة.336
-168خديجة صبار ،إدانة تدبير الشأن العام المحلي في المغرب :تجربة مستشارة ،طبعة ،2007مطبعة أفريقيا الشرق،
الدار البيضاء ،ص .24
-169المادة 83من القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات ،المرجع السالف الذكر.
60
للفترة الممتدة طيلة السنوات الثالث األولى من مدة انتداب المجلس .بخصوص مسألة اإلنجاز
والتنفيذ ،فقد ترك النص هذا االختصاص للمجلس الجهوي بالتعاون بينه وبين الدولة وباقي
المتدخلين عن طريق آلية التعاقد مع التركيز على المنهج التشاركي والتنسيق مع والي الجهة
بصفته منسقا للمصالح الالممركزة للدولة .170وأهم عنصر يمكن تسجيله في هذا الباب هو
التنصيص على دور المجلس الجهوي في تنفيذ وتتبع برامج والمشاريع المدرجة ضمن
المخطط التنموي للجهة .الشيء الذي يعتبر في حد ذاته نقلة مهمة في اختصاصات الجهات
حيث كانت في ظل القانون السابق مهمتي التنفيذ والتتبع من اختصاص مؤسسة الوالي بصفته
آمرا بالصرف على الميزانية الجهوية .أما اآلن وبحكم نقل مسؤولية الصرف لرئيس المجلس،
فقد أصبح أيضا مسؤوال عن التنفيذ والتقييم وكذلك عن المحاسبة .171وبذلك ففي هذا المطلب
سيتم تناول مكانة رئيس مجلس الجهة في إعداد التصميم الجهوي إلعداد التراب (الفقرة
األولى) ،أما في (الفقرة الثانية) فسنتناول مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية باإلضافة إلى
الدور الذي يلعبه رئيس مجلس الجهة في إعداد برامج التنمية الجهوية.
الفقرة األولى :مكانة رئيس مجلس الجهة في إعداد التصميم الجهوي إلعداد
التراب
من مظاهر تبوأ الجهة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية إسنادها مهمة تحضير
التصميم الجهوي إلعداد التراب ،الذي يعد بمثابة وثيقة مرجعية للتهيئة المجالية لمجموع
التراب الجهوي.172
ويهدف التصميم الجهوي إلعداد التراب -الذي يوضع لمدة زمنية ال تتعدى 25سنة-على
وجه الخصوص ،إلى تحقيق التوافق بين الدولة والجهة حول تدابير تهيئة المجال وتأهيله
وفق رؤية استراتيجية واستشرافية ،بما يسمح بتحديد توجهات واختيارات التنمية الجهوية
ولهذه الغاية:
.يضع إطارا عاما للتنمية الجهوية المستدامة والمنسجمة بالمجاالت الحضرية والقروية؛
.يحدد االختيارات المتعلقة بالتجهيزات والمرافق العمومية الكبرى المهيكلة على مستوى
الجهة ؛
.يحدد مجاالت المشاريع الجهوية وبرمجة إجراءات تثمينها وكذا مشاريعها المهيكلة.
-170رداد شمالل ،ورش الجهوية المتقدمة على ضوء النموذج التنموي الجديد ،مجلة الباحث للدراسات واألبحاث القانونية
والقضائية ،العدد ،54ماي ،2023ص .554
-171محمد أوالد الحاج ،المرجع السابق ،ص .174
-172المملكة المغربية ،وزارة الداخلية ،المديرية العامة للجماعات المحلية ،دليل منتخبي الجهات ،مرجع سابق ،الصفحة
.63
61
ويتعين عند إعداد التصميم الجهوية إلعداد التراب ،مراعاة اإلطار التوجيهي للسياسة العامة
إلعداد التراب على مستوى الجهة ومن أجل ذلك تتولى السلطة الحكومية المكلفة بإعداد
التراب الوطني وضع ذلك اإلطار التوجيهي ،بعد استطالع رأي لجنة وزارية يحدد تأليفها
وكيفية سيره ا بمرسوم ،مع مراعاة توجهات السياسة العامة إلعداد التراب المعتمد على
المستوى الوطني ،وأخذا بعين االعتبار التنزيل األمثل للسياسات القطاعية الحكومية.
173المادة 2من المرسوم 2.17.583المتعلق بتحديد مسطرة إعداد التصميم الجهوي إلعداد التراب وتحيينه وتقييمه،
مرجع سالف الذكر.
62
العمومية وممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني .ولهذا الغاية ،تحدث لجنة استشارية إلعداد
التراب كإطار للتشاور وإبداء الرأي حول مشروع التصميم الجهوي إلعداد التراب وتتألف
هذه اللجنة االستشارية من مجموعة من األعضاء وفق ما هو مسطر في الجدول التالي:
الجدول رقم :1تركيبة اللجنة االستشارية إلعداد التراب
المصدر :تركيب شخصي اعتمادا على المرسوم رقم 2.17.583المتعلق بتحديد مسطرة إعداد التصميم
الجهوي إلعداد التراب وتحيينه وتقييمه.
الفقرة الثانية :مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية ودور رئيس الجهة
لدراسة موضوع دور رئيس مجلس الجهة في مسطرة إعداد برامج التنمية الجهوية البد
من طرح تساؤل مبدئي يهم المصطلحات التي أصبحت حاضرة وبقوة في المقاربات التنموية،
وأيضا أصبح لها نفس الحضور خاصة في االهتمام المرتبط بالمسار العام للتطور الالمركزي
بالمغرب ،وكذا عبر التحول المتجدد للتعاطي مع إشكالية التنمية والجهوية من خالل االنتقال
من هذه األخيرة من مقاربة تقليدية ذات جوهر إداري إلى جهوية متقدمة .لذلك سيتم التطرق
إلى مفهوم برنامج التنمية الجهوية والمراحل األساسية التي يمر منها (أوال) ثم بعد ذلك سيتم
التطرق إلى دور رئيس الجهة في إعداده(ثانيا).
63
-1تعريف برنامج التنمية الجهوية
يعد برنامج التنمية الجهوية بمثابة عملية وظيفية تتجاوز التدبير اليومي أو التسيير
العادي للجهة ،لتشكل أداة لوضع خطة للعمل في المستقبل تتضمن أهداف معينة تتطلب العمل
على تحقيقها ،كما تتضمن وسائل تحقيق هذه األهداف ونوعيتها وتوقيت تنفيذها ومواقعها
واإلجراءات والتدابير المالية والقانونية واإلدارية الضرورية لتنفيذ المشاريع المتضمنة
بالبرنامج .وبالتالي فبرنامج التنمية الجهوية يعد أداة وآلية استراتيجية بيد المجلس الجهوي
تحت إشراف رئيسه ،تسعى إلى دفع الفاعلين الترابيين إلى تحديد أهدافهم وخيارتهم التنموية
التي ترهن مستقبل الجهة والعمل على تنفيذها لصالح الساكنة.174
وعليه يمكن تحديد مفهوم البرنامج باعتباره الوثيقة المرجعية لبرمجة المشاريع
واألنشطة ذات األولوية المقرر أو المزمع إنجازها بتراب الجهة ،بهدف تحقيق تنمية مندمجة
ومستدامة تهم تحسين جاذبية المجال الترابي للجهة وتقوية تنافسيته االقتصادية .كما يعتبر
البرنامج مجموعة من المشاريع التي تبرمج داخل حيز زمني محدد وترصد له مبالغ مالية
من أجل تحقيق أهداف معينة .ويعني كذلك مجموعة متناسقة من المشاريع أو العمليات التابعة
لنف س القطاع الوزاري أو المؤسسة تقرن به وفق غايات ذات منفعة عامة ،وكذا مؤشرات
مرقمة لقياس النتائج المتوخاة والتي ستخضع للتقييم قصد التحقق من شروط الفعالية والنجاعة
والجودة المرتبطة باإلنجازات.175
كما يمكن تعريفه أيضا بكونه وثيقة للبرمجة مرتبطة بمدة انتداب المجالس الجهوية،
ويترجم الرؤية االستراتيجية ،المحددة خصوصا في إطار التصميم الجهوي إلعداد التراب،
إلى عمليات ترابية وملموسة تتعلق بالتنمية الجهوية ولها أثر مباشر على الساكنة.176
كما أنه وثيقة مرجعية لبرمجة المشاريع واألنشطة المتعلقة باختصاصات الجهة .ويتم
إعداده خالل السنة األولى من انتداب مجلس الجهة .يحدد بالنسبة لستة سنوات األولى،
عمليات التنمية التي تعتزم الجهة إنجازها في مجالها الترابي مع مراعاة الوسائل المالية للجهة
أو تلك التي يمكن تعبئتها إضافة إلى االلتزامات المتفق عليها بين الجهة والجماعات الترابية
174سعيد مزين ،الجهة بين التأطير الدستوري ،والتفعيل القانوني جهة كلميم وادنون نموذجا ،رسالة لنيل الماستر في القانون
العام ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش ،السنة الجامعية،20162017/
ص.64
175القانون التنظيمي 130.13لقانون المالية ،الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.15.62الصادر في 14شعبان
2(1436يونيو ،)2015الجريدة الرسمية عدد ،6370الصادرة في فاتح رمضان 18(1436يونيو ،)2015الصفحة
.5810
176المملكة المغربية ،وزارة الداخلية ،المديرية العامة للجماعات الترابية ،دليل منهجي لبرنامج التنمية الجهوية لإلعداد
والتنفيذ والتتبع والتحيين والتقييم ،سلسلة دليل المنتخب ،2022الصفحة .15
64
األخرى وهيئاتها وكذا المقاوالت العمومية والقطاعات االقتصادية واالجتماعية للجهة .ولهذا
الغرض ،فإن برنامج التنمية الجهوية يجب أن يتم من خالل:
اعتماد التوجهات االستراتيجية لسياسة الدولة بخصوص التنمية ،وإدماجها في إطار
مختلف االستراتيجيات القطاعية والموضوعاتية التي توجه عمل مختلف الفاعلين في النشاط
العمومي الترابي؛
االنسجام مع التوجهات االستراتيجية للتصميم الجهوي إلعداد التراب بخصوص
التنمية والتهيئة الترابيين؛
بناء مرجعية وإطار لالنسجام بالنسبة آلليات البرمجة الخاصة بالجماعات الترابية
األخرى (خصوصا برنامج تنمية العمالة أو اإلقليم وبرنامج عمل الجماعة)؛
وضع إطار لتوضيح رؤية وفرص التنمية بالنسبة للمقاوالت العمومية والقطاعات
االقتصادية واالجتماعية في الجهة؛
تحفيز النمو االقتصادي للجهة من خالل تحسين جاذبية مجالها الترابي وتعزيز قدرتها
التنافسية االقتصادية ،السيما عبر دعم المقاوالت وتوطين األنشطة المدرة للثروة ومناصب
الشغل وتحسين قدرات تدبير الموارد البشرية وتكوينها؛
ضمان االستعمال األمثل للموارد الطبيعية للجهة وتثمينها والحفاظ عليها؛
حسين جاذبية المجال الترابي للجهة وتعزيز تنافسيتها االقتصادية من خالل عرض
امتيازات تنافسية مقارنة مع المجاالت الترابية المنافسة سواء على المستوى الوطني أو
الدولي؛
خلق شروط تحسين إطار عيش المواطنين عبر تمكينهم من الولوج المنصف للتعليم
والصحة والسكن والنقل والترفيه ،إلخ.177
-2مراحل إعداد برنامج التنمية الجهوية
من أجل إعداد البرنامج التنموي للجهة ،البد من اتباع المراحل الخمسة األساسية التي
حددها المشرع من خالل المرسوم التطبيقي ،178والتي يمكن تلخيصها في الجدول التالي:
177المملكة المغربية ،وزارة الداخلية ،المديرية العامة للجماعات الترابية ،دليل منهجي لبرنامج التنمية الجهوية لإلعداد
والتنفيذ والتتبع والتحيين والتقييم ،نفس المرجع ،الصفحة .16
178المرسوم رقم ،2.17.583الصادر في 07محرم 28( 1439سبتمبر )2017متعلق بتحديد مسطرة إعداد التصميم
الجهوي إلعداد التراب وتحيينه وتقييمه ،الجريدة الرسمية عدد ،6618الصادرة في 13صفر 11(1439فبراير ،)2017
الصفحة .6385
65
الشكل رقم :01ملخص مراحل إعداد برنامج التنمية الجهوية
المصدر :المملكة المغربية ،وزارة الداخلية ،المديرية العامة للجماعات الترابية ،دليل منهجي
لبرنامج التنمية الجهوية لإلعداد والتنفيذ والتتبع والتحيين والتقييم ،سلسلة دليل المنتخب .2022
66
أ-مرحلة التشخيص:
هذه العملية تتضمن عناصر كمية مرتبطة بالمعطيات واألرقام المتعلقة بالوضعية
االقتصادية واالجتماعية والبيئية والثقافية للجهة ،كما تنبني على رؤية استشرافية تقتضي
جرد مختلف المشاريع المبرمجة أو المتوقع برمجتها من قبل الدولة وباقي المتدخلين داخل
النفوذ الترابي للجهة.179
ونعتبر معرفة نقاط القوة والضعف والفرص والمخاطر في كل جهة مرحلة ضرورية
يتعين أن تسبق مرحلة إعداد البرنامج الجهوي للتنمية ،وتمثل عملية إنجاز وتحليل يركز على
هذه الجوانب األربعة ،تعززه مقاربة تشاركية ،التي تعد فرصة ثمينة لتبادل الخالصات
والرؤى وتحسيس الفاعلين بالتحديات الكبرى الواجب رفعها من أجل بلوغ األهداف المشتركة
وتملك المشاريع المستقبلية لفائدة الجهة.180
الشكل رقم :02مكونات التشخيص الترابي على مستوى الجهة
-179صالح فكري ،دور برنامج التنمية الجهوية في تحقيق رهان التنمية المستدامة" دراسة حالة جهة مراكش -آسفي"،
رسالة لنيل الماستر في القانون العام ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش ،السنة
الجامعية ،2021/2020الصفحة .50
-180تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي حول موضوع :متطلبات الجهوية المتقدمة وتحديات إدماج السياسات
القطاعية ،إحالة ذاتية رقم ،2016/22الصفحة .73
67
وبالتالي انطالقا مما سبق يتضح أن مرحلة التشخيص تقتضي ضرورة تحديد مكامن
القوة والضعف وتبيان مدى انسجام أو تنافر الفاعلين مع محاولة وضع التصورات
االستشرافية المتعلقة بالتنمية الجهوية ،كما أن برمجة المخططات التشاركية لها خصوصيتها
التي تقتضي إشراك مختلف الفاعلين ،وذلك من أجل تحديد األولويات والحاجيات الملحة
للجهة .ولهذا يتضمن التشخيص جردا للمشاريع المبرمجة أو المتوقع برمجتها من قبل الدولة
والهيئات العمومية األخرى داخل النفوذ الترابي للجهة ،كما أنه ال يقف عند هذا الحدن بل
يتعداه إلى تحديد اإلمكانيات ورصد المعيقات.
وعلى ضوء ما سبق فقد قام مكتب الدراسات المكلف بإعداد برنامج التنمية الجهوية
لجهة درعة تافياللت بإعداد تقرير التشخيص الترابي للجهة وضمن فيه مجموعة من
المعطيات التي يمكن تلخيصها فيما يلي:
رسوخ تاريخي وثقافي عريق وتشكيلة جهوية جديدة:
لعبت الجهة تاريخيا دور حلقة الوصل بين غرب الشمال األفريقي ومجال جنوب
الصحراء ،وملتقى طرق حضارات ،وقد منحها هذا التموضع تراثا ماديا وال-ماديا بالغي
الغنى ،وصارت بهذا المركز متميزة بالتبادل ،تبرز كمهد لالستيطان تتعايش فيه عدة أعراق
والثقافات والخبرات وأنماط عيش مختلفة وتحديدا نمط الحياة المستقرة في مناطق الواحات.
تنوع هام في الثروات واألوساط :عرفت جهة درعة تافياللت تنوعا كبيرا في
تضاريسها ،تحديدا وسط جبال األطلس الكبير األوسط حيث نجد بحيرتي ايسلي وتسليت،
ويتميز السفح الجنوبي بوجود قمم ذات ارتفاع يتجاوز 4000متر ،ومكونة من صخور
كلسية تتخللها مجموعة من األخاديد مثل (أخدود دادس ،أخدود تودغا ،أخدود زيز) ،لكن
عندما نتجه جنوبا نجد تضاريس أقل ارتفاعا وذات سطوح ملساء تشكل المنخفض جنوب
أطلسي موجه جنوب غرب شمال شرق .هذا المنخفض يعتبر الحد الفاصل بين مجالين بنيويين
مختلفين هما :المجال األطلسي في الشمال الذي يعتبر حاجزا جغرافيا حقيقيا ،والمجال
الصحراوي. 181
التنمية االقتصادية :اقتصاد جهوي متنوع لكنه ضعيف في خلق القيمة المضافة على
الرغم من مستويات الفقر والهشاشة المتراكمة المبادرة الوطنية منذ عقود ،فإن الجهود
المبذولة من طرف مختلف السلطات مكنت من تقليص ملموس المستوى الفقر بالجهة وبالفعل
انخفضت نسبة الفقر بالجهة 2.8مرة منتقلة ،من %10.39من الساكنة إلى 14.69بين
2001و 2014ورغم أن هذه النسبة هي األعلى في البلد .فإنها تدل على تقليص الالمساواة
-181تقرير التشخيص االستراتيجي لجهة درعة-تافياللت " ،إنجاز التصميم الجهوي إلعداد التراب وبرنامج التنمية الجهوية"،
لسنة ،2020الصفحة.7
68
بين الجهات وتوضح مدى التقدم في محاربة الفقر هذا االنخفاض في مستوى الفقر بالجهة
يفسره عمل السياسات القطاعية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي مكنت في إقليم ميدلت
مثال من إنجاز 243مشروعا لمحاربة الفقر في الوسط الشروي بكلفة تعادل 313مليار درهم
182
ضمنها 173مليار درهم ممولة من طرف المبادرة الوطنية
التنمية البشرية :استمرار عوامل هشاشة الساكنة خصوصا القاطنين بالمناطق الجبلية
تعرف الجهة مستويات في الفقر والهشاشة هي أعلى بشكل واضح مما هو عليه الحال
في الجهات األخرى من المملكة .هكذا ،تحتل الجهة المكانة األخيرة فيما يتعلق بالفقر
والهشاشة بنسبة 156بالمائة للفقر و 200للهشاشة هذا مقابل 5بالمائة و 1396في المعدل
الوطني.
ب-مرحلة وضع وترتيب األولويات التنموية للجهة
بعد القيام بتشخيص الحالة الراهنة للجهة والتعرف على نقاط القوة كمؤشرات يجب
تثمينها ونقط الضعف كمخاطر وتح ديات يجب العمل على تجاوزها وبعد تحديد اإلمكانات
التي تتوفر عليها الجهة يتم تحديد األولويات الضرورية وترتيبها حسب درجة األهمية وبناء
على تحليل دقيق للمعطيات واإلحصاءات التي تم جمعها .183حيث أبانت التجارب الجهوية
السابقة أن غياب برمجة قائمة على دراسة دقيقة تحصر األولويات الترابية استنادا إلى
اإلمكانات المتاحة والمستقبلية يحول دون استغالل األمثل للموارد المالية مما يؤدي إلى عرقلة
كل جهد تنموي وبالتالي هدر األموال على أمور قد ال تشكل أولوية للسكان أو بتحقيق مشاريع
تفوق الطاقات المالية المرصودة لذلك.184
بمعنى أن مرحلة وضع وترتيب األولويات التنموية بالجهة تقتضي التركيز أوالً على
دراسة وتقييم الوضع االقتصادي واالجتماعي وما تتوفر عليه الجهة من بنيات تحتية أساسية،
وعلى أساس ذلك يتم وضع ورسم األهداف المتعلقة باإلطار العام للتنمية ،إذ ال يتحقق ذلك
إال بوضع التوجهات اإلستراتيجية للدولة ،مع األخذ بعين االعتبار المعطيات الواردة في
التصميم الجهوي إلعداد التراب باعتباره وثيقة أساسية على المستوى الجهوي ،والذي يتعين
-182تقرير التشخيص االستراتيجي لجهة درعة -تافياللت ،المرجع نفسه ،الصفحة .9
-183خا لد رضى زكي ،الحكامة الترابية في ضوء القوانين التنظيمية للجماعات الترابية :مقاربة للقانون التنظيمي 111.14
المتعلق بالجهات ،رسالة لنيل الماستر في القانون العام ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية مراكش ،السنة الجامعية ،2016/2015الصفحة .60
-184سعيد مزين ،الجهة بين التأطير الدستوري ،والتفعيل القانوني جهة كلميم وادنون نموذجا ،المرجع السابق ،الصفحة
.66
69
على اإلدارة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية والمقاوالت العمومية االرتكاز على
مضامينه في إطار برامجها التنموية.185
التوجهات
اتيج
االسي ي توجيهات
مضامي
برنامج ة للدولة التصميم
التنمية الجهوي
الجهوية إلعداد
ج -مرحلة تحديد وتوطين المشاريع والبرامج واألنشطة ذات األولوية المقرر
برمجتها وإنجازها بتراب الجهة
يتعلق األمر في هذه المرحلة بتدقيق «مضمون» برنامج التنمية الجهوية للسنوات الست
المقبلة .في هذه المرحلة تعمل الجهة على تحديد المشاريع واألنشطة ذات األولوية التي سيتم
إنجازها أو برمجتها داخل تراب الجهة خالل ست سنوات من تنفيذ برنامج التنمية الجهوية،
مع األخذ بعين االعتبار لإلمكانيات المالية المتاحة أو التي يمكن تعبئتها أثناء هذه المرحلة.186
-185صالح فكري ،دور برنامج التنمية الجهوية في تحقيق رهان التنمية المستدامة" دراسة حالة جهة مراكش -آسفي"،
المرجع السابق ،الصفحة .52
-186ا لمملكة المغربية ،وزارة الداخلية ،المديرية العامة للجماعات الترابية ،دليل منهجي لبرنامج التنمية الجهوية لإلعداد
والتنفيذ والتتبع والتحيين والتقييم ،مرجع سابق ،الصفحة .33
70
د -مرحلة تقييم الموارد
فاالنتقال إلى الجانب العملي واالجرائي في إعداد برنامج التنمية الجهوية يكون على
أساس تقييم موارد الجهة وتقدير الميزانيات الالزمة لكل مشروع مع معرفة وقع كل
المشاريع على النفقات التقديرية الخاصة بالسنوات الثالث األولى لبرنامج التنمية
الجهوية.187
ه -مرحلة بلورة وثيقة مشروع برنامج التنمية الجهوية
تكمن هذه المرحلة في استثمار نتائج مسلسل هذه المراحل في وثيقة واضحة ومختصرة
ووضع تصور لمصفوفة تتبع المشاريع ،وتعد هذه المرحلة التي يمر منها إعداد برنامج
التنمية الجهوية إجراء تمهيدي قبل عرض البرنامج من طرف الرئيس على اللجان الدائمة
لدراسته داخل أجل 30يوما على األقل قبل تاريخ عقد المجلس للدورة العادية أو االستثنائية
المخصصة للمصادقة عليه مع منظومة لتتبع المشاريع والبرامج تحدد فيها األهداف المراد
بلوغها ومؤشرات الفعالية المتعلقة بها.
وتجدر اإلشارة إلى أن مقرر مجلس الجهة المتعلق ببرنامج التنمية الجهوية ال يكون
قابال لتنفيذ إال بعد التأشير عليه من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية طبقا األحكام المادة
188115من القانون التنظيمي ،111.14كما يقوم رئيس مجلس الجهة بإعداد تقرير سنوي
لتقييم تنفيذ البرنامج يتضمن على وجه الخصوص بيانات حول نسبة إنجاز المشاريع المبرمجة
في برنامج التنمية الجهوية مع قياس مؤشرات الفعالية المتعلقة بها باإلضافة إلى اإلمكانات
المادية المرصودة للمشاريع واإلكراهات المحتملة وكذا اقتراح الحلول الكفيلة بتجاوزها،
ويمكن تحيين البرنامج ابتداء من السنة الثالثة ن دخوله حيز التنفيذ وفق نفس المسطرة المتبعة
في إعداده.
وبالتالي وانطالقا مما سبقت اإلشارة إليه يتضح أن الهدف من وضع برنامج التنمية
الجهوية يكمن أساسا في ضبط وتنسيق وتحقيق التوازن داخل المجال الترابي ،عبر اتخاذ
مجموعة من التدابير واإلجراءات الميدانية ،كما يطمح لتحقيق عملية متكاملة ال تقف عند
حدود مرحلة االعداد ،بل تتجاوزها إلى مرحلة تنفيذ المشاريع واألنشطة ذات األولوية بهدف
تحسين جاذبية المجال الترابي وتقوية تنافسيته االقتصادية ،مع األخذ بعين االعتبار
-187سعيد مزين ،الجهة بين التأطير الدستوري ،والتفعيل القانوني جهة كلميم وادنون نموذجا ،المرجع السابق ،الصفحة
.67
-188المادة 115من القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات ،المرجع السالف الذكر ،تنص على أنه" :ال تكون مقررات
المجلس التالية قابلة للتنفيذ إال بعد التأشير عليها من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية داخل أجل 20يوما من تاريخ
التوصل بها من رئيس المجلس :القرار المتعلق ببرنامج التنمية الجهوية."...
71
اإلمكانيات المادية المتوفرة للجهة ،وكذا االلتزامات المتفق بشأنها بين الجهة والجماعات
الترابية األخرى والمقاوالت العمومية وباقي القطاعات لتحقيق تنمية مستدامة.
-189إبراهيم كومغار ،آفاق اإلصالح الجهوي بالمغرب من خالل إشكالية النخب السياسية ( الجهوية في الدول المغاربية أية
آفاق) ،أشغال األيام المغاربية التاسعة للقانون المنظمة من طرف شبكة الحقوقيين المغاربيين) ،أيام 27-26أبريل ،2013
مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،2014 ،الصفحة .82
-190المادة 101من القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات ،السالف الذكر.
72
ولقد أشار رئيس مجلس الجهة ،في معرض كلمته االفتتاحية ،أن برنامج التنمية الجهوية
يحتل أهمية بالغة ،في وضع الخطوط العريضة لما يجب أن تكون عليه التنمية بالجهة لمدة
6سنوات ،وهو وثيقة مرجعية لبرمجة المشاريع و األنشطة ذات األولوية المقرر أو المزمع
إنجازها بتراب الجهة بهدف خلق تنمية مندمجة ومستدامة ،تهم على وجه الخصوص تحسين
جاذبية المجال الترابي للجهة وتقوية تنافسيته االقتصادية واالجتماعية ،كما أنه سيتم إعداد
هذا البرنامج بتنسيق مع السيد والي الجهة وذلك وفقا لمنهج تشاركي ومع جميع الشركاء من
جماعات ترابية ومصالح الممركزة للدولة والمجتمع المدني ،وتمر هذه المرحلة بدورها
على ثالث مراحل أساسية وهي:
أ -العرض على اللجان الدائمة
يقوم فيها رئيس المجلس الجهوي بعرض برنامج التنمية الجهوية على اللجان الدائمة
لدراسته داخل أجل ثالثين يوما على األقل قبل تاريخ عقد المجلس لدورته العادية أو االستثنائية
191
المخصصة للمصادقة عليه
ب -العرض على المجلس والمصادقة
إذ يتعين على رئيس المجلس الجهوي أن يقوم في هذه المرحلة بعرض مشروع برنامج
ال تنمية الجهوية على المجلس قصد اتخاذ مقرر في شأنه ،وذلك قبل نهاية السنة األولى من
مدة االنتداب حيث نص المشرع على ضرورة إرفاق المشروع بتقارير اللجان الدائمة
ومنظومة تتبع المشاريع والبرامج التي سبقت اإلشارة إليها.192
ج -التأشير
بعد أن يقطع برنامج التنمية الجهوية مراحله األولى ويصبح جاهزا ً للتنفيذ ،البد من
التأشير عليه من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية داخل أجل عشرون يوما من تاريخ
التوصل به من قبل رئيس المجلس .193كما نص القانون التنظيمي المتعلق بالجهات (المادة
115على أنه في حالة عدم اتخاذ أي قرار بخصوص برنامج التنمية الجهوية من طرف
السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية داخل األجل المحدد يعتبر ذلك تأشير ،لكن على المستوى
العملي تظل برامج التنمية الجهوية بين يدي السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية إلى أن يتم
التأشير عليها ،وفي بعض الحاالت ال يتم رفض التأشير عليها ،وهذا ما حصل بالفعل بجهة
-191المادة 10من المرسوم التطبيقي 2.16.299المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه
وتقييمه وآليات الحوار والتشاور إلعداده ،صادر في 23رمضان 29 (1437يونيو ،)2016الجريدة الرسمة عدد
،6482الصادرة بتاريخ 9شوال 14 ( 1437يوليوز ،)2016الصفحة .5341
-192المادة 11من المرسوم التطبيقي 2.16.299المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه
وتقييمه وآليات الحوار والتشاور إلعداده ،المرجع السالف الذكر.
-193المادة 115من القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات ،السالف الذكر.
73
درعة-تافياللت حيث صادق مجلس جهة درعة تافياللت خالل دورته العادية ل 7مارس
،2022على مشروع برنامج التنمية الجهوية ،إال أن هذا المشروع قوبل بالرفض من طرف
المصالح المركزية التابعة لوزارة الداخلية ،حيث رفض والي الجهة التأشير على هذا البرنامج
حيث استندت الوزارة على كون البرنامج تضمن حالت عدم التطابق بين المشاريع المقترحة
واألغلفة المالية ،األمر الذي جعل مصالح المديرية العامة للجماعات الترابية بوزارة الداخلية
ترجع البرنامج غير مؤشر ،وبذلك يكون المجلس ملزما بإعادة البرنامج إلى مكتب الدراسات
ا لذي كان قد تم تكليفه من طرف رئيس المجلس بإدخال تعديالت وتحيينه ،من أجل تحيينه
مرة أخرى وتصحيح األخطاء التي وردت به ،وإعادة برمجته في إحدى دورات المجلس من
أجل إعادة المصادقة على النسخة المعدلة منه ،194مما أدى إلى إبطاء مسار التنمية بالجهة.
ثانيا :تنفيذ وإقرار البرنامج
تأتي مرحلة التنفيذ بعد عملية وضع البرنامج التي تبقى من اختصاص رؤساء مجالس
الجهات ،حيث نص الفصل 138من دستور 2011على أن رؤساء مجالس الجهات يقومون
بتنفيذ مداوالت المجالس ومقرراتها ،وهذا ما أكده القانون التنظيمي 111.14المتعلق
بالجهات في المادة 101منه ،قبل أن يتم تأكيد ذلك في المرسوم التطبيقي المتعلق ببرنامج
التنمية الجهوية 195والذي رغم قطعه للعديد من المحطات ،تبقى مرحلة التنفيذ هي الحاسمة
واألساسية ،على اعتبار أن أي تخطيط تنموي كيفما كان إن لم تتم بلورته وتجسيده على
أرض الواقع فال فائدة من وضعه.
ثالثا :تتبع وتقييم تنفيذ البرنامج
يتعين على رئيس المجلس الجهوي في هذه المرحلة إعداد بيانات يتم تضمينها في تقرير
سنوي 196وتتمحور هذه البيانات حول نسبة إنجاز المشاريع المبرمجة في برنامج التنمية
الجهوية مع قياس مؤشرات الفعالية المتعلقة بها والمضمنة في منظومة تتبع المشاريع
والبرامج المشار إليها في المادة 6من المرسوم التطبيقي ،واإلمكانيات المادية المرصودة
للمشاريع والبرامج واإلكراهات المحتملة التي قد تعترض إنجازها مع اقتراح الحلول الكفيلة
بتجاوزها.
-194مقابلة مع السيد مدير شؤون الرئاسة بمجلس جهة درعة تافياللت "مصطفى أوردو" ،بتاريخ 08يونيو ،2023على
الساعة 9صباحا.
-195المادة 13من المرسوم التطبيقي رقم 2.16.299المتعلق ببرنامج التنمية الجهوية ،المرجع السالف الذكر ،تنص على
ما يلي :عمال بأحكام المادة 101من القانون التنظيمي السالف الذكر رقم ،111.14يتولى رئيس مجلس الجهة تنفيذ برنامج
التنمية الجهوية عند وضع ميزانية الجهة في الجزء المتعلق بالتجهيز".
-196المادة 14من المرسوم التطبيقي رقم 2.16.299المتعلق ببرنامج التنمية الجهوية ،السالف الذكر.
74
وطبقا للمادتين 14و 15من نفس المرسوم التطبيقي المرجعي ،يعرض التقرير الخاص
ببرنامج التنمية الجهوية أوال على اللجان الدائمة إلبداء الرأي حوله داخل أجل ثالثين يوما
على األقل قبل تاريخ عقد المجلس لدورته العادية أو االستثنائية ،وبعد التوصل بنتائج عمل
تلك اللجان ،يقوم المجلس بدراسة تقرير التقييم المتعلق بالبرنامج في أول دورة عادية أو
استثنائية يعقدها ،ويجب تعليق ملخص التقرير السنوي بمقر الجهة ،كما يتم نشره بمختلف
الوسائل الممكنة.197
وبالتالي يمكن القول أن التقييم يعد مرحلة أساسية ومهمة في مسلسل برنامج التنمية
الجهوية ،ففيه يمكن لرئيس المجلس الجهوي استدراك بعض النواقص واالختالالت التي قد
تصيب البرنامج ،وهذا ما يبرهن على ضرورة ربط ما تم تخطيطه أوال بالنتائج المترتبة
عنه ،باعتباره عملية ترتكز على مقارنة المتوقع مع ما تم إنجازه في الواقع ،مع تبيان أسباب
النجاح أو اإلخفاق من أجل تدارك األمر وإيجاد الحلول ألجل تحقيق نتائج جيدة.
رابعا :تحيين البرنامج
يحظى المجلس الجهوي بصالحية تحيين برنامج التنمية الجهوية ابتداء من دخوله السنة
الثالثة من التنفيذ عن طريق إتباع نفس مسطرة اإلعداد ،198على اعتبار أنه من المحتمل أن
تظهر للمجلس الجهوي بعض االختالالت خالل مرحلة التقييم ،وألجل ذلك يتم العمل على
تصوي ب واسترداك ما تم إغفاله في المراحل السابقة التي قطعها البرنامج ،سواء فيما يتعلق
بالجوانب التقنية أو غير ذلك ،مع إمكانية إدراج مشاريع جديدة نظرا ألهميتها االقتصادية أو
االجتماعية أو البيئية أو غيرها ،وهذا يتطلب توفر رئيس مجلس الجهة على إمكانيات وقدرات
معرفية تمكنه من القيام بمهامه على أكمل وجه.
وتجدر اإلشارة هنا أن الدستور ،والقوانين التنظيمية ،والمراسيم التطبيقية وباقي
القوانين ذات الصلة ،لم تحدد أي مستوى دراسي معين كشرط لرئاسة المجلس الجهوي أو
شغل مهمة نائب الرئيس أو ممارسة بعض المهام من طرف مختلف مكونات المجلس.199علما
أن تنفيذ برنامج التنمية الجهوية وباقي المخططات التنموية يتطلب تواجد رئيس وباقي
مكونات المجلس بمميزات معينة أهمها المستوى المعرفي ،مع التفرغ التام للعمل بالمجلس،
السيما وأن البرنامج ترصد له ميزانيات مالية مهمة تقتضي استيفاء مجموعة من الشروط
في الرئيس وباقي مكونات المجلس ،وأبرزها الشفافية وتحمل المسؤولية بأمانة.
-197صالح فكري ،دور برنامج التنمية الجهوية في تحقيق رهان التنمية المستدامة" دراسة حالة جهة مراكش -آسفي"،
المرجع السابق ،الصفحة .58
-198للمادة 16من المرسوم التطبيقي رقم 2.16.299المتعلق ببرنامج التنمية الجهوية ،المرجع السالف الذكر.
-199سعيد جفري ،التنظيم الترابي بالمغرب ،مطبعة الرشاد سطات ،طبعة ،2018الصفحة .27
75
المطلب الثاني :دور رئيس مجلس جهة درعة-تافياللت في إبرام
اتفاقيات التعاون والشراكة وأثر ذلك على التنمية
تلعب اتفاقيات التعاون والشراكة دورا هاما في الدفع بعجلة التنمية في الجهة وتوفير
مناخ مناسب لالستثمار ،بحكم الدور التنموي الذي أصبحت تضطلع به الجهة اقتصاديا
واجتماعيا وثقافيا ونظرا ألن عملية التنمية هي عملية معقدة يشترك فيها الجميع ،فإن المنطق
يقتضي أن تكثف جهود مختلف الفاعلين والمتدخلين في هذه العملية وعلى رأسهم رئيس
مجلس الجهة باعتباره الممثل القانوني للجهة ،والمسؤول تلبية تطلعات المواطنين وكافة
الفاعلين االقتصاديين ،وعليه فقبل الحديث عن الدور الذي يلعبه رئيس مجلس جهة درعة
تافياللت في إبرام هذا النوع من االتفاقيات(الفقرة الثانية) كان لزاما أن نقف في البداية إلى
دور المجلس تحت إشراف رئيسه والمجهودات المبذولة من طرفه في سبيل التعريف بالجهة
وجلب الشركاء لها(الفقرة األولى).
الفقرة األولى :التعريف بجهة درعة تافياللت كآلية لتعزيز التعاون والشراكة
معها
لقد تبنى مجلس جهة درعة تافياللت منذ تشكيله سنة 2015منهجية التعريف بمؤهالت
الجهة من أجل تحفي ز الشركاء وحثهم على إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة معه ،وبالتالي
االنفتاح على فرص التنمية واالستثمار لصالح هذه الجهة.200
أوال :تنظيم زيارات إلى بلدان مختلفة للتعريف بالجهة وجلب شركاء لها
من أجل االنفتاح على فرص التنمية واالستثمار بالجهة ،وتعزيز عالقات التعاون
والشراكة معها عمل مجلس جهة درعة تافياللت تحت إشراف رئيسها على تنظيم عدة زيارة
إلى بلدان أجنبية نذكر منها:
زيارة وفد يمثل جهة درعة تافياللت لجمهورية فرنسا ،في إطار تعزيز فرص االطالع
على التجارب المتقدمة في مجال السياحة التضامنية ،وتوطيد عالقات التعاون الدولي بين
الجهات المغربية والجهات الفرنسية201؛
-200مصطفى المغلوت ،اإلطار القانوني والتنظيمي لمجلس جهة درعة –تافياللت ورهان االستثمار ،ديبلوم لنيل الماستر،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة ابن زهر /أكادير ،السنة الجامعية ،2020/2019الصفحة .168
-201نظم وفد من جهة درعة تافياللت برئاسة رئيس المجلس خالل الفترة الممتدة من 21إلى 26يونيو 2019زيارة عمل
إلى مدينة مارسيليا بالجمهورية الفرنسية ،إدارة مجلس جهة درعة تافياللت.
76
زيارة وفد يمثل جهة درعة تافياللت لجهة "بافاريا" بدولة ألمانيا ،عمال على استثمار
فرص التعاون الدولي لتعزيز الجاذبية الترابية لجهة درعة تافياللت ،وتوطيد العالقة بين
الجهتين 202؛
زيارة وفد يمثل جهة درعة تافياللت لجمهورية التشاد الشقيقة للمشاركة في فعاليات
الملتقى الدولي الخامس للثقافات الصحراوية بالتشاد203؛
زيارة رئيس مجلس جهة درعة تافياللت للديار األمريكية204؛
ثانيا :التنظيم والمشاركة في الندوات
لقد عمل مجلس جهة درعة تافياللت على التنظيم والمشاركة في مجموعة من الندوات
وركز من خاللها على مشروع التعريف بالجهة كمدخل لتعزيز التعاون والشراكة معها ،ومن
هذه الندوات التي شارك فيها المجلس نجد:
سلسلة الندوات اإلقليمية التي نظمها مجلس الجهة من أجل التحضير لتنظيم الدورة
الثامنة للمنتدى الدولي "للسياحة التضامنية والتنمية المستدامة" 205؛
ندوة حول موضوع "األنظمة الواحية التحوالت واألفاق التنموية "206؛
-202في إطار تفعيل اتفاقية الشراكة بين مجلس جهة درعة تافياللت ومؤسسة " هانس زايدل " Hans Seidelاأللمانية
والموجهة أساسا نحو تكوين المنتخبين؛ وعمال على استثمار فرص التعاون الدولي لتعزيز الجاذبية الترابية لجهة درعة.
تافياللت والمساهمة في توطيد عالقات الصداقة والتعارف مع الشعب األلماني الصديق؛ نظم المجلس زيارة عمل لجهة "
بافاريا " Baviereبوفد هام يترأسه رئيس الجهة من 7إلى 13أبريل .2018إدارة مجلس جهة درعة تافياللت.
-203في إطار فعاليات الملتقى الدولي الخامس للثقافات الصحراوية بالتشاد ،زار وفد من جهة درعة -تافياللت جمهورية
التشاد الشقيقة ،إدارة مجلس جهة درعة تافياللت.
-204الزيارة التي قام بها رئيس مجلس جهة درعة تافياللت للديار األمريكية ،خالل الفترة الممتدة من 26نونبر إلى 4
دجنبر ،2016بدعوة من (،"MIDWEST AMERICAN DEVELOPMENT ENTREPRISE ( MADE
في إطار البحث عن شراكات نوعية منتجة لحلول مبتكرة من أجل المساهمة في رفع تحديات التنمية بجهة درعة -تافياللت
الغنية بمواردها البشرية والثقافية والطبيعية ،إدارة مجلس جهة درعة تافياللت.
205في ظل التحضير لتنظيم الدورة الثامنة للمنتدى الدولي "للسياحة التضامنية والتنمية المستدامة" عمل المجلس على تنظيم
سلسلة من الندوات اإلقليمية ،بأقاليم الجهة الخمس وذلك في شهر يونيو سنة ، 2019وقد أسدل الستار على هذه الندوات
يوم السبت 22يونيو ،2019إدارة مجلس جهة درعة تافياللت.
206الندوة التي نظمها المركز الدولي للدراسات واألبحاث اإلستراتيجية في الحكامة المجالية والتنمية المستدامة بالواحات
والمناطق الجبلية حول موضوع " األنظمة الواحية التحوالت واألفاق التنموية" ،بورزازات يومه األحد 19يناير 2019
،إدارة مجلس جهة درعة تافياللت.
207الندوة الدو لية التي نظمها مركز دراسة وتنمية المجاالت الواحية الصحراوية بالجرف ،يومه الثالثاء 9أكتوبر 2018
بمقر مجلس جهة درعة -تافياللت تحت عنوان "البعد الحضاري والتنموي لخطارات المغرب وأفالج الجزيرة العربية"،
وذلك بشراكة مع مجلس جهة درعة -تافياللت وعدة شركاء آخرين ،إدارة مجلس جهة درعة تافياللت.
208شارك فيها أحد نواب رئيس المجلس يوم الجمعة 20ماي 2016باسم المجلس الجهوي ،إدارة مجلس جهة درعة.
تافياللت.
77
ثالثا :التنظيم والمشاركة في االجتماعات واللقاءات التشاورية
عمل مجلس جهة درعة-تافياللت على التنظيم والمشاركة في االجتماعات واللقاءات
التشاورية ،لتهيئة الظروف المناسبة للنهوض بالتنمية وتشجيع االستثمار بالجهة ومن ذلك
نذكر:209
اجتماع لجنة قيادة برنامج التثمين المستدام للقصور والقصبات بالمغرب؛
اجتماع اللجنة الوطنية للتحضير للمؤتمر العالمي للسياحة التضامنية210؛
اللقاء الذي جمع رئيس الجهة برئيس فرع االتحاد العام لمقاوالت المغرب بدرعة-
تافياللت للتباحث في سبل التعاون لتحسين مناخ األعمال بالجهة .211
الفقرة الثانية :إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة والدور التنموي لرئيس
مجلس جهة درعة-تافياللت
تعتبر الشراكة كما سبقت اإلشارة مصدر توزيع االختصاصات بين المتعاقدين بشأنها
وإحدى الوسائل التي أصبحت الزمة للتغلب على مشكالت قلة التمويل والخبرات التقنية
وغيرها المطلوبة لتنفيذ مشاريع التنمية المندمجة والمستدامة .212وبهذا يمكن اعتبار أسلوب
الشراكة أداة بيد مجالس الجهات لترجمة اختياراتها التنموية وإنجاز وظائفها االقتصادية،
حيث يمكن للجهات تحت إشراف رؤسائها في اطار االختصاصات المخولة لها أن تبرم مع
اإلدارات العمومية أو المؤسسات العمومية أو الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة
اتفاقيات للتعاون والشراكة من أجل إنجاز مشروع أو نشاط ذي فائدة مشتركة ،إذ أنه لتجاوز
اإلكراهات التي قد تعترض الجهة في تنفيذها الذاتي لسياساتها الترابية والتي غالبا ما تكون
إما نتيجة لضعف الموارد المالية أو لقلة الخبرة أو لوجود مرافق مشتركة مع جهات أخرى،
فإنه يعد من الضروري اللجوء إلى إبرام شراكات وتعاون مع فاعلين آخرين سواء مع القطاع
العام أو الخاص من أجل تنفيذ سياساتها الترابية ،213على اعتبار أن أسلوب الشراكة يشكل
209مصطفى المغلوت ،اإلطار القانوني و التنظيمي لمجلس جهة درعة –تافياللت ورهان االستثمار ،مرجع سابق.171 ،
210االجتماع الذي انعقد يوم الجمعة 25ماي 2018بمقر مجلس جهة درعة تافياللت تحت رئاسة رئيس الجهة ،الخاص
باللجنة الوطنية للتحضير "للمؤتمر العالمي للسياحة المتضامنية Forum International du Tourisme
" Solidaireالذي ينظم تحت إشراف المنظمة العالمية للسياحة ،وذلك بحضور المنسق الدولي لهذه التظاهرة العالمية
Mr.Colombonوممثلين عن مختلف الشركاء المعنيين بالتظاهرة ،إدارة مجلس جهة درعة-تافياللت
211استقبل رئيس الجهة يوم الجمعة 8فبراير 2019بمقر المجلس رئيس فرع درعة -تافياللت التحاد مقاوالت المغرب،من
أجل التباحث في سبل التعاون لتحسين مناخ األعمال بالجهة ،إدارة مجلس جهة درعة تافياللت.
212
Khalid regragui, les politiques locales, mémoire pour l'obtention du diplôme du
master, université Moulay Ismail faculté des sciences juridiques économiques et
sociale , l'année universitére 2010/2011, page 62.
213
-Mustafa Adil ,démocratie participative et développement locale au Maroc,
publication de la revue marocaine d'administration locale et de développement
collection « thèmes actuels »,n 73, 2011 page 42.
78
كما جاء في القانون التنظيمي 14/111آلية بيد مجالس الجهات ورؤسائها لترجمة اختياراتها
التنموية وإنجاز وظائفها االقتصادية.
وبالرجوع إلى المادة 101من القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات نجدها تنص
على أنه " يقوم رئيس مجلس الجهة بتنفيذ مداوالت المجلس ومقرراته ،ويتخذ جميع التدابير
الالزمة لذلك ولهذا الغرض ... :يبرم اتفاقيات التعاون والشراكة والتوأمة طبقا لمقتضيات
المادة 82من هذا القانون التنظيمي ،"...وعليه يتبين من خالل هذه المادة الدور المهم الذي
أنيط برئيس مجلس الجهة في إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة ،وعلى إثر هذه الصالحية
المخولة للرئيس على ضوء القانون التنظيمي فقد قام رئيس مجلس جهة درعة – تافياللت
بإبرام العديد من اتفاقيات الشراكة ،حيث أكد السيد "اهرو ابرو" ،رئيس مجلس جهة درعة
تافياللت ،في معرض كلمته خالل الدورة العادية لشهر مارس ،أن السلطة الحكومية المكلفة
بالداخلية ،أشرت على ما مجموعه 41اتفاقية شراكة ،من ضمن 65اتفاقية صادق عليها
المجلس في دوراته العادية ،وهي اآلن قيد التنفيذ مع مختلف الشركاء .وأوضح السيد الرئيس
أيضا ،أنه توجد 13اتفاقية شراكة في مراحلها النهائية الستكمال التوقيعات من أجل التأشير،
بينما توجد 11اتفاقية في طور التأشير من طرف المصالح المركزية لوزارة الداخلية ،تمثل
نسبة 17في المائة من مجموعة االتفاقيات.214
ومن بين هذه االتفاقيات التي تم إبرامها من قبل الرئيس الحالي لمجلس جهة درعة
تافياللت السيد "أهرو أبرو" من أجل تطوير السياحة بجهة درعة-تافياللت نجد " اتفاقية
تمويل وتنفيذ برنامج سياحة الجبال والواحات بجهة درعة تافياللت" 215التي سنعمل من
بوك: الفايس على درعة-تافياللت جهة لمجلس الرسمية الصفحة على تدوينة 214
79
خالل هذه النقطة على تحليل بعض مضامينها .حيث تم عقد هذه االتفاقية من طرف وزارة
الداخلية ووزارة التربية الوطنية والعليم األولي والرياضة ووزارة السياحة والصناعة التقليدية
واالقتصاد االجتماعي والتضامني ووزارة الشباب والثقافة والتواصل ووالية جهة درعة-
تافياللت ومجلس جهة درعة-تافياللت ،والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر
األركان والشركة المغربية للهندسة السياحية.
وتهدف هذه االتفاقية إلى تحديد التزامات األطراف وسبل وشروط تمويل وتنفيذ
المشاريع المتعلقة ببرنامج تنمية سياحة الجبال والواحات بجهة درعة-تافياللت وكذا خلق آلية
لدعم المقاولة السياحية وتقديم الدعم المالي لتسريع وتيرة تطوير المآوي السياحية البديلة
واألصلية بالعالم القروي على مستوى جهة درعة-تافياللت.
كما تسعى هذه االتفاقية إلى تحديد سبل تسخير اإلمكانات المادية والمالية والبشرية
والتقنية للشركاء من أجل تنفيذ المشاريع المدرجة في هذا البرنامج للدفع بالقطاع لسياحي
ودعم موقعه كأحد أهم روافد التنمية المستدامة بهذه الوجهة.
وتقدر التكلفة اإلجمالية التقديرية الالزمة إلنجاز البرنامج المتعلق بتنمية قطاع السياحة
بالجهة موضوع هذه االتفاقية حوالي 1.388مليار درهم ،يتم تمويله عن طريق المساهمات
المالية للشركاء. 216
ومن أجل ضمان التنفيذ األمثل للبرنامج يتفق األطراف على إنجازه في برنامجين
اثنين:217
-1البرنامج االستعجالي :بغالف يناهز 547مليون درهم والممتد من 2022إلى 2024
إلنجاز المشاريع التي يتم تحديد أوعيتها العقارية والقابلة للتنفيذ القريب.
وتتوزع المساهمات المالية للشركاء من أجل تنفيذ مشاريع البرنامج االستعجالي
موضوع هـذه االتفاقية كما يلي:
الجدول رقم :01البرنامج االستعجالي 2024-2022
216المادة 4من اتفاقية تمويل وتنفيذ برنامج تنمية سياحة الجبال والواحات بجهة درعة-تافياللت.
217نفس المادة من اتفاقية تمويل وتنفيذ برنامج تنمية سياحة الجبال والواحات بجهة درعة-تافياللت.
80
المصدر :اتفاقية تمويل وتنفيذ برنامج سياحة الجبال والواحات بجهة درعة-
تافياللت.
81
المصدر :اتفاقية تمويل وتنفيذ برنامج سياحة الجبال والواحات بجهة درعة-
تافياللت
وانطالقا مما سبق فمجلس جهة درعة-تافياللت تحت إشراف رئيسه يعد صاحب
المشروع وهو المسؤول عن تنفيذه حسب مضامين هذه االتفاقية.
ومن أجل تنفيذ البرنامج موضوع هذه االتفاقية تلتزم األطراف المتعاقدة بإحداث شركة
التنمية الجهوية السياحية والتي ستوكل لها مهام صاحب المشروع المنتدب خاصة تفعيل
وتنفيذ مضامين البرنامج موضوع هذه االتفاقية ،حيث نقوم بالمهام التالية:218
إنجاز بتنسيق مع الجهة والشركة المغربية للهندسة السياحية الدراسات المتعلقة
بالمشاريع المراد إنجازها موضوع هذه االتفاقية؛
إعداد دفاتر التحمالت الخاصة بالصفقات المزمع إبرامها إلنجاز األشغال المتعلقة
بالبرامج المراد إنجازها؛
استدعاء ممثلي الشركاء لحضور أشغال لجنة افتتاح األظرفة المتعلقة بجميع العمليات
موضوع هذه االتفاقية؛
إبرام الصفقات الخاصة بإنجاز الدراسات واألشغال المتعلقة بالمشاريع المراد
إنجازها؛
إنجاز الدراسات واألشغال المتعلقة بالمشاريع طبقا للنصوص والتراخيص الالزمة
على ضوء القوانين الجاري بها العمل؛
إعداد الوثائق الضرورية للرخص اإلدارية المتعلقة بإنجاز المشاريع؛
استدعاء ممثلي الشركاء لحضور أشغال لجن المصادقة على تقارير الدراسات
المنجزة من طرف مكاتب الدراسات؛
تتبع أشغال إنجاز المشاريع موضوع هذه االتفاقية ومدى مطابقتها لمواصفات الجودة
والسالمة طبقا لمقتضيات وبنود الصفقات المتعلقة بالمشروع؛
المصادقة على األوامر المتعلقة بصرف النفقات الخاصة بتنفيذ المشاريع؛
إعداد تقارير دورية حول تقدم سير الدراسات واألشغال.
وبالتالي وانطالقا مما سبق يتبين الدور الرئيسي الذي يلعبه رئيس مجلس الجهة في
إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة باعتباره أسلوبا لترجمة االختيارات التنموية للجهة وإنجاز
وظائفها االقتصادية ،وذلك بدراسة حالة جهة درعة-تافياللت ،حيث تبين جليا المساهمة الفعلية
218المادة 5من اتفاقية تمويل وتنفيذ برنامج سياحة الجبال والواحات بجهة درعة-تافياللت.
82
للرئيس في عقد اتفاقيات التعاون والشراكة مما ينعكس بالفعل على التنمية الجهوية ،وتلبية
أفضل لتطلعات المواطنين والفاعلين االقتصاديين.
83
المبحث الثاني :حدود أداء رؤساء مجالس الجهات في تدبير
الشأن العام الجهوي وسبل تحقيق الحكامة الجهوية
يمكن الجزم بأن المستجدات الدستورية والتنظيمية للجهة تعد مكسبا هاما في تكريس
البعد الديموقراطي الجهوي ،وخاصة المتعلقة بتعزيز صالحيات رؤساء مجالس الجهات
باعتبارهم األجهزة التنفيذية للمجالس الجهوية ،إال أن الواقع العملي أبان على أن دور رؤساء
مجالس الجهات في تدبير الشأن العام الجهوي يواجه مجموعة من اإلكراهات الواقعية
والتحديات الكبرى التي تعيق تحقيق النجاعة والفعالية في تنمية التراب الجهوي (المطلب
األول) ،وهذا ما يستدعي التدخل من أجل تجويد وتطوير مستوى أداء هذه المؤسسة ،وكذلك
انفتاح هذه األخيرة على األنماط الجديدة للتدبير واعتماد الحكامة كأسلوب لقيادة الجهة فمعلوم
أن أسباب إخفاق أي مؤسسة يرجع باألساس إلى سوء التدبير الذي يطبع أجهزتها التسييرية،
واال رتكاز على األساليب الكالسيكية التي أصبحت متجاوزة في ظل سيادة الفكر الليبرالي
الجديد الذي يتأسس على الجودة والمردودية واإلنتاجية ،لذلك فقد بات من الضروري إدخال
وسائل التدبير العصري التي ترتكز على تكريس مبادئ الحكامة الترابية وتتأسس على إسناد
مهمة تسيير الشأن العام الجهوي لمن بوسعهم خلق نموذج جديد للتدبير(المطلب الثاني).
84
أوال :ممثل السلطة المركزية وممثل الساكنة التوازن الصعب بين الرقابة
والحرية (حالة جهة درعة-تافياللت)
إذا كانت الوصاية باعتبارها آلية لمراقبة عمل الهيئات الالمركزية تتمثل في مجموعة
من الصالحيات التي منحها المشرع للسلطة اإلدارية الترابية لمراقبة أعمال المجالس المنتخبة
بغية تحقيق مشروعية أعمالها ،وعدم تعارضها مع المصلحة العامة ،وتأمين انسجامها مع
التوجهات الوطنية ،حيث ينصب دور الجهة الوصية على سلطة األمر والتقرير ،فإن المراقبة
اإلدارية التي منح المشرع الدستوري في الفقرة الثانية من الفصل 145من الدستور صالحية
ممارستها للوالة والعمال على أنشطة الوحدات الترابية وخصوصا الجهات تنطوي على التأكد
من كون أن هذه الوحدات تسير وفق النمط المحدد في االختصاصات المخولة لها عبر آلية
التأشيرة عوض المصادقة .فالمراقبة اإلدارية تتمثل في مجموعة من التصرفات القانونية التي
يقوم بها ممثلي السلطة المركزية ،من أجل تصحيح الوضعية القانونية وفق ما يحدده
القانون.219
إال أنه ما يثير االنتباه في هذا اإلطار هو استمرار سلطة المراقبة ،في اإلشراف على
الملفات االستراتيجية للمجالس المنتخبة تحت إشراف رؤسائها ،والتي الزالت إمكانية نفادها
خاضعة لتأشيرة سلطة المراقبة اإلدارية ،وهو ما ذهب إليه المشرع في المادة 115من
القانون التنظيمي المتعلق بالجهات ،وبالنظر إلى مضمون هذه المادة فأهم المقررات
وخصوصا منها ذات الطابع المالي أو التدبيري السيادي فقد حرصت على أن تكون لسلطة
المراقبة الكلمة الفصل في كل ما يرتبط بالتدبير المالي للجهات ،وهذا ما يضرب في العمق
مضمون التدبير الحر المنصوص عليه في المادة 136من دستور ، 2011وهذا ما يشكل في
حد ذاته إحدى معيقات نجاح السياسة الجهوية ،زيادة على ذلك فالترسانة القانونية الخاصة
بتنزيل مشروع الجهوية المتقدمة لم تُستكمل إال في أواخر سنة ،2016األمر الذي أثر نسبيا
على تفعيل مجموعة من المقتضيات الواردة في القانون من بينها االختصاص الذي منح
للمجالس الجهوية في إعداد برامج التنمية االقتصادية واالجتماعية بالجهات فعملية مواكبة
وإعداد هذه البرامج تأثرت بسياسة الالتركيز في الدولة ،إذ رغم إعداد المجالس للمخططات
الجهوية إال أنها أصبحت بدون تأثير ،على اعتبار أن معظم المشاريع التي تمت برمجتها
على مستوى الجهات ذات ارتباط مباشر بتمثيليات الوزارات في الجهات ،مما يجعلها ال
219عبد الرحيم المحجوبي ،الثابت والمتغير في عالقة الوالة والعمال بالمنتخبين بين الوثيقة الدستورية والقوانين التنظيمية،
مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية ،عدد ،22سنة ،2018الصفحة .278
85
تمتلك صالحيات مهمة فيما يخص مواكبة المجالس الجهوية لمختلف المشاريع التي تهم
القطاعات الحكومية.220
باإلضافة إلى ذلك فقد حدد المشرع المغربي العديد من الضمانات للمجلس والتي من
شأنها أن تحد من تجاوز سلطة المراقبة اإلدارية المخولة لوالي الجهة .تتمثل هذه الضمانات
أساسا في تحديد الفترة الزمنية الممنوحة لهذا األخير إلبداء تعرضه أوال ،وفي ضبط المدة
الالزمة إلصدار التأشيرة الخاصة بتنفيذ المقررات الصادرة عن المجلس الجهوي ثانيا .في
هذا المجال ،فإن المشرع ألزم والي الجهة بضرورة تبليغ تعرضه لرئيس المجلس الجهوي
مع تقديم تعليله على ذلك في ظرف زمني محدد في ثالثة أيام من أيام العمل ابتداء من تاريخ
التوصل بالقرار حسب منطوق المادة 114من القانون التنظيمي للجهات.
فالتنصيص على فترة الثالثة أيام تعتبر شيئا إيجابيا للحد من التماطل وتجاوز السلطة
التق ديرية الممنوحة للسلطة الحكومية المعنية باألمر لكن تبقى مسألة التعليل مبهمة وغير
واضحة في هذا اإلطار ،حيث لم تحدد المقتضيات القانونية في هذا الصدد نوعية وكيفية
التبرير الذي يتوجب على والي الجهة تقديمه لرئيس المجلس الجهوي .إال إن هذا الوضع
يتطلب تدخل المشرع والسلطة الحكومية المختصة لتقديم التوضيحات والمقتضيات المحددة
والمفسرة لحيثيات وبناءات التعليل المنصوص عليه.
أما بخصوص إصدار التأشيرة الخاصة بتنفيذ المقررات التي يتبناها المجلس الجهوي،
فإن المادة 115من القانون التنظيمي للجهات ألزمت السلطة الحكومية بضرورة إبداء رأيها
خالل فترة العشرين يوما الموالية لتاريخ التوصل 1بها .أما في حالة تجاوز هذه الفترة ،فإن
األمر يعتبر وكأن المقرر مؤشر عليه تلقائيا وقابل للتنفيذ بشكل صحيح وشرعي.
أما بالنسبة لتقييم هذه المراقبة القبلية ،فنجد هناك من ينتقدها ويعتبرها نوعا من المس
بمبدأ التدبير الحر المنصوص عليه في دستور سنة ،221 2011وفي القسم الثامن من القانون
التنظيمي رقم 111-14الخاص بالجهات .إنها تشكل نوعا من التقييد على مقررات المجلس
وقرارات الرئيس ،والذي إن كان ال يعني وفقا لالجتهادات الفقهية والقضائية «حرية التحكم»
وال «حرية السلطة التنظيمية» فإن مع ذلك يقتضي تمتع الجهات تحت إشراف رؤسائها
بحرية التصرف ،وهو ما يستوجب توفرها على قدرة حقيقية التخاذ القرار تسمح لها بتسيير
شؤونها ،وكذا على اختصاصات كافية من أجل الحفاظ على حرية حركتها 222في نفس
220سيدي األشكل ،السياسات الجهوية بالمغرب بين رهانات الفاعلين وإكراهات التنزيل ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية
والتنمية ،عدد 152ن ماي-يونيو ،2020الصفحة.204
221ينظر للفصلين 136و 146من دستور المملكة المغربية لسنة .2011
222عبد الحق عالوي ،مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية وإعداد التراب في ضوء دستور ،2011المجلة المغربية لإلدارة
المحلية والتنمية ،عدد ،115مارس-أبريل ،2014الصفحة .152
86
اإلطار ،فإن القضاء الدستوري الفرنسي ،منع على المشرع من أي مقتضيات أو تقييد على
المبدأ ،وبالتالي فإن هذا األخير يعتمد كضمانة من أجل الحيلولة دون أي محاوالت من طرف
المشرع إلعادة المركزية والتراجع عن الالمركزية .لهذا السبب ،فإننا نؤكد على أنه البد
من ضبط وتحديد صالحيات واختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالمراقبة اإلدارية على
أعمال ومقررات المجالس الجهوية ،وذلك بشكل واضح ومدقق الشيء الذي يمكن معه خلق
نوع من االنسجام والتوافق بين مبدأ التدبير الحر وقواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بحسن
223
تطبيقه
وبالتالي وانطالقا مما سبق فإلى جانب تقوية الدور التدخلي للسلطة المركزية ولممثلها
في تدبير ملفات االستثمار المحلي ،فإنها تتكفل بأدوار أخرى تجعلها حاضرة بقوة في مختلف
مستويات التدبير الجهوي ،ذلك أن استبدال الوصاية بالمراقبة اإلدارية ال يعني القطع مع
رقابة المالءمة ،بحكم اشتراط التأشير المسبق على مختلف العمليات المرتبطة بتدبير التنمية
الترابية وفي مقدمتها القرارات ذات الوقع المالي ومساطر الموازنة المحلية ،األمر الذي
يؤشر على هيمنة السلطة المركزية بشكل تام على آليات إعداد الميزانية وتنفيذها واعتماد
منهجية غير ديموقراطية على هذا المستوى التدبيري لشؤون الجهة.224
ويمتد التأشير المسبق إلى مختلف آليات التخطيط والتدبير كبرامج التنمية الجهوية
والتصاميم الجهوية إلعداد التراب وتعيين مديري المصالح والوكاالت الجهوية لتنفيذ
المشاريع وواضح أن األمر ال يتعلق بمراقبة المشروعية بل بمراقبة مالءمة حقيقية تهدد
بإفراغ مبدأ التدبير الحر من محتواه وباستمرار ممارسات الوصاية اإلدارية التي تعتبر
المجالس الجهوية تحت إشراف رؤسائها قاصرة عن التكفل بشؤونها الخاصة ،225وغير
قادرة على التصرف في مواردها وخاصة المالية منها وتوظيفها بما يخدم المصلحة العامة،
األمر الذي يتنافى مع الشرط الالزم للديموقراطية المحلية الذي يعني منح حرية للجهات في
تدبير مواردها 226خصوصا وأن هذه التقييدات غالبا ما يتم التوسع فيها وفق تأويل ضيق
لمساطر المراقبة اإلدارية بشكل ال يراعي المقتضيات الدستورية ،التي تحث على ربطها
بمواكبة رؤساء المجالس الجهوية ومساعدتهم في إنجاح تدخالتها التنموية.227
87
وقياسا على ما سبق فهذا الوضع هو ما شهدته ميزانية جهة درعة-تافياللت لسنة،2018
إذ أأن وزارة الداخلية بلغت رئيس الجهة يوم 12يناير 2018الميزانية مؤشر عليها مع
خصم االعتمادات المخصصة لتغطية جانب من منح طلبة الجهة وذلك تنزيال لالتفاقية التي
صادق عليها مجلس الجهة سابقا ،مما عرضها للمس بمبدأ توازن الميزانية كمبدأ أساسي
كرسه القانون التنظيمي للجهات في مادته ،167واعتبره عنصرا أساسيا تتدخل من خالله
سلطة التأشير لرفض الميزانية وطلب القراءة الثانية ،السيما وأن مبدأ توازن الميزانية يظل
مرتبطا بشكل وثيق بمبدأ صدقيتها .وبما أن واقع الحال ،يعبر عن تجاوز سلطة التأشير
لمجال تدخلها ،والمتمثلة حدوده في التأشير على الميزانية الجهوية لجهة درعة-تافياللت أو
رفضها مع تعليل األسباب ،وإرجاعها للمجلس من أجل القراءة الثانية ،انسجاما مع مقتضيات
المادة 202و 204من القانون التنظيمي ،دون أن تتعدى ذلك إلى التصرف في االعتمادات
المقررة بالميزانية سواء بالزيادة أو النقصان أو الحذف .وهو ما وقع على مستوى ميزانية
جهة درعة تافياللت لسنة 2018فإن ذلك وإن لم يكن خطئا ماديا وقع سهوا ،فإنه يعكس
نوعا من المس باالستقالل المالي لجهة درعة تافياللت من خالل التصرف في ميزانيتها دون
مراعاة اختصاصات مجلسها وصالحيات رئيسها وبالتالي المس بسلطة تدبيرها لميزانيتها
كعنصر أساسي من حرية تدبيرها لشؤونها.228
مما يجعل هذه الحالة ،تشكل سابقة في التعاطي مع قضايا الجهات من قبل وزارة
الداخلية ،بالنظر للتطورات القانونية التي عززت استقاللية مجالس الجهات عن الدولة وظيفيا
ومؤسساتيا وماليا بعد بني الجهوية المتقدمة .ذلك أن حذفها العتمادات بحجم 12مليون درهم
من ميزانية جهة درعة -تافياللت لسنة ،2018كانت مخصصة التفاقية تربطها بوزارة التعليم
العالي ،في إطار االختصاصات المشتركة دون الرجوع لمجلس الجهة لطلب القراءة الثانية
كما أشارت لذلك المادة ،204وكذلك بالتأشير على الميزانية وحذف جزء منها دون سند
قانوني مما جعلها غير متوازنة ،كلها إشارات تعبر عن الشطط في استعمال السلطة من قبل
سلطة التأشير ،خاصة في ظل غياب أي نص قانوني يجيز لها التصرف في الميزانية بعيدا
عن رغبات ومقررات مجلس جهة درعة تافياللت مما يكون فيه الطعن أمام القضاء اإلداري
حول هذا التصرف ممكنا والزما ،حفاظا على سلطة الجهة في تقرير مقرراتها وبالتالي
ضمان حرية تدبيرها لشؤونها.
والمالحظ أنه في حالة تمسك سلطة التأشير بعملها هذا ،هو أحقية رئيس مجلس جهة
درعة -تافياللت في اللجوء للقضاء اإلداري ،بغية الطعن في تصرف سلطة التأشير الذي لم
يحترم مقتضيات القانون التنظيمي للجهات السالفة الذكر ،مما سيكون سابقة مهمة في اللجوء
إلى القضاء اإلداري للفصل في النزاعات ذات الصلة بالميزانية ،والتي حاول المشرع في
88
العديد من الجوانب حمايتها من شطط سلطة التأشير .229إال أنه رغم هذا الخرق الواضح
لمقتضيات القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات من طرف سلطة التأشير إال أن رئيس
مجلس جهة درعة تافياللت لم يلجأ للقضاء لحل هذه المسألة مما يزيد بحد ذاته من تعسف
سلطة التأشير.230
وعليه انطالقا مما سبق يتضح أن رغم ما عمل عليه المشرع المغربي من خالل القانون
التنظيمي ،111.14فيما يخص التخفيف من وطأة وثقل الرقابة اإلدارية للوالي ،حيث أكد
وزير الداخلية أنه تم االنتقال بالمراقبة من الوصاية والمراقبة القبلية إلى المواكبة والمراقبة
البعدية ،والتي تصب حصريا في جانب المشروعية عوض المالءمة التي كانت في السابق،
وأنه تم إسناد كل النزاعات في هذا الباب إلى القضاء ،231فإن اإلبقاء على سلطة الحلول
ومنحها للوالي ،وإطالق يده للمراقبة من خالل تخويله إمكانية وقف تنفيذ القرارات ومقررات
المجلس وسلطة التأشير ،يكرس التفاوت والتراتبية في الصالحيات لفائدة اإلدارة على حساب
رئيس مجلس الجهة وهذا ما عكسته التجربة العملية التي شهدتها ميزانية جهة درعة -تافياللت
لسنة 2018كما سبقت اإلشارة.
89
وفي هذا السياق كتب األستاذ "عبد الرحيم بوعيدة" 233وهو يقدم حصيلة سنة من ترأسه
لمجلس جهة كلميم-وادنون... " :هذه السنة مرت بكل ألوان الصراعات والخالفات والدسائس
والمؤامرات ،ومن سوء طالعي أنني حديث العهد بهذا العالم الذي يسمونه السياسة ،لذا تاهت
الصورة أحيانا كثيرة عني ووجدت نفسي أتخبط بين قوانين متعثرة تؤخر عمل األغلبية
ومعارضة تعارض كل شيء وأوله وجودي نفسه على رأس الجهة وكأنني مجرد مغتصب
قانوني لحقوق كان من األولى أن تكون آلخرين غيري...لم أستوعب في بداية األمر وظننته
مؤقتا طالما سيزول مع الوقت ،لكن األمر كان عكس التوقعات ،الضغط يزداد ،والمقاومة
تشتد والمؤامرات تحاك حتى يتم إضعاف اإلرادة ضنا منهم أن االنسحاب سهل وأن جذا
234
األسلوب من الممكن أن يجعل مني مجرد حائط قصير يمكن القفز من فوقه بسهولة"...
ويقول كذلك " ...الدولة يجب أن نفهمها كمؤسسات ،الدولة غير مرتبطة باألشخاص،
أحيانا أشعر أنني أصارع طواحين الهواء ،وأحيانا أيضا أشعر أنني ال أفهم في السياسة ولكن
هناك أمور إلى اآلن تبدو غامضة...وأنا كنت على يقين بأن القدوم من كرسي الجامعة إلى
كرسي الجهة ليس نزهة في حديقة ،وإنما هو امتحان صعب ،أكيد أننا متفقون أنه ال توجد
أخالق داخل السياسة ،وإن كنا نطمع من خالل تجربتنا المتواضعة على أن ندخل نوع من
ال تخليق داخل الحياة السياسية حتى نستطيع أن نرقى بالعمل السياسي داخل دولتنا وداخل
جهتنا ،وأن نطور آليات االشتغال التي أصبحت آليات متهالكة وبنخب متهالكة أصبحت
كذلك جزء من المشكل وليست جزء من الحل."...
وبالتالي يتضح جليا أن البرود السياسي وعدم الحماس شيء سلبي ،وهي فائدة تسجل
للصراع واالختالف الذي يؤدي إلى توجيه دور المجلس وخلق التوازن وكشف وجهات النظر
األخرى ،إال أنه متى كان الصراع مبنيا على حسابات شخصية أو حزبية ضيقة ،ضاعت
األمانة ،والمصلحة العامة ،وتبددت الثقة بين المواطن وممثليه ،وتقع التنمية الجهوية وما
تتطلبه من تكاثف الطاقات والجهود وجمع المجهودات وتحقيق الخصوصيات الجهوية ،رهينة
الحزبية والذاتية ،235وبالتالي طغيان العقلية النفعية غير المنتجة ،والتهافت على المصالح
233عبد الرحيم بوعيدة ،سياسي مغربي ورئيس سابق لجهة كلميم وادنون في الفترة الممتدة بين نوفمبر 2015إلى يوليوز
،2019ولد سنة 1966بجماعة لقصابي القروية التابعة للنفوذ الترابي إلقليم كلميم ،حصل على شهادة الباكالوريا آداب
عصرية بكلميم سنة ،1986حاصل على شهادة اإلجازة في الحقوق ،1990وشهادة الدراسات العليا في القانون المدني
سنة ، 1991ودكتوراه الدولة في الحقوق بكلية الحقوق بعين شمس بالعاصمة المصرية القاهرة ،ويشتغل حاليا أستاذ
جامعي بكلية الحقوق بمراكش ،ويدير مجموعة األبحاث والدراسات الجنائية والحكامة األمنية ،ومنسقا لماستر العلوم
الجنائية واألمنية بنفس الكلية بمراكش.
234تدوينة لألستاذ" عبد الرحيم بوعيدة" رئيس جهة كلميم-وادنون على صفحتنه الرسمية على الفايس بوك
، https://www.facebook.com/D.bouaida?mibextid=ZbWKwLتمت الزيارة بتاريخ 14يونيو
،2023على الساعة الثانية زواال.
235إدريس جردان ،دور العنصر البشري في تنمية الجماعات المحلية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة
محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،أكدال -الرباط ،السنة الجامعية ،2002-2001الصفحة
.153
90
والصراعات السياسية ،وينتج عن ذلك عدم التجانس بين مكونات المجالس الجهوية واتسامها
بطابع التطاحنات السياسية والتعصب الحزبي ،ما يؤدي إلى عدم تشكيل أغلبية متجانسة
منسجمة وقادرة على تسيير الشؤون المحلية بروح المسؤولية الجماعية بما يخدم في النهاية
المصلحة العامة للمواطنين.236
وقياسا على ذلك يمكن ذكر حالة توقيف ميزانية جهة كلميم -وادنون بسبب الصراع
السياسي ما بين األغلبية والمعارضة مما أدى إلى التأخر في إحالة مشروع الميزانية على
سلطة التأشير في اآلجال المحددة ،وتتلخص أحداث هذه الواقعة أن مجلس جهة كلميم وادنون
في دورته العادية يوم 11أكتوبر 2017بحضور جميع أعضائه ووالي الجهة وعمال أقاليم
الجهة وممثلين عن المص الح الالممركزة بالجهة ،قد كان من بين النقط المعروضة على
أنظاره ضمن جدول أعمال هذه الدورة الدراسة والمصادقة على مشروع ميزانية الجهة برسم
السنة المالية .2018هذه األخيرة التي توخى المجلس تحت إشراف رئيسه من خاللها وضع
الموازنة بين المداخيل والنفقات مع العمل على ترشيد هذه األخيرة ( 48.7مليون درهم مقابل
60مليون درهم .سنة ،)2017مقابل الرفع من ميزانية التجهيز ( 324.7مليون درهم مقابل
240.3مليون درهم سنة )2017وذلك للوفاء بالتزامات الجهة تجاه شركاتها ومسايرة
مختلف األوراش التنموية المفتوحة بالجهة.237
غير أن النقاش الذي أثارته المعارضة حول مشروع ميزانية 2018هو أن مسطرة
المصادقة على الميزانية لم تحترم اعتبارا لكون لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة لم
تعقد اجتماعها لدراسة مشروع الميزانية حيث أشار عضو من المعارضة أن وفاة رئيس هذه
اللجنة مؤخرا ال تزول مهام نائب الرئيس ،مضيفا إلى ضرورة استحضار مقتضيات المادة
31من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات ،والتي تنص على ضرورة عرض النقط المدرجة
في جدول أعمال المجلس لزوما على اللجان الدائمة المختصة لدراستها ،هذه األخيرة التي
جعلت المعارضة تتشبت بتطبيق مقتضيات هذه المادة وعدم مناقشة مشروع ميزانية 2018
وعرضها على التصويت وهو ما تم فعال حيث تم عرض مشروع الميزانية للتصويت حيث
وافق عليه 15عضوا من أصل 39في حين امتنع 21عضوا عن التصويت .واعتبر رئيس
المجلس أن مشروع الميزانية قد صودق عليه من قبل المجلس. 238
غير أن عدم أخذ رئيس المجلس بمالحظات أعضاء المجلس ،عجل بعرض النزاع على
ابتدائية أكادير اإلدارية حيث طعن فريق المعارضة بمجلس جهة كلميم-وادنون في قرار
91
اعتماد ميزانية الجهة لسنة ،2018بمقتضى طلب إليقاف تنفيذ هذه األخيرة هذا الطلب الذي
استند على ما يلي:239
oخرق مقتضيات المادة 198من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات التي تنص صراحة
على وجوب عرض الميزانية على لجنة الميزانية والبرمجة والشؤون المالية داخل أجل 10
أيام قبل تاريخ انعقاد الدورة المتعلقة باعتماد الميزانية؛
oعدم احترام مقتضيات المرسوم رقم 2.16.314240الذي جاء تطبيقا لمقتضيات المادة
198من ال قانون التنظيمي المتعلق بالجهات حيث تمسكت المعارضة بعدم تطبيق الرئيس
لمقتضيات هذه المادة من خالل عدم إرفاق مشروع الميزانية بالوثائق والبيانات التفصيلية
التي نص عليها هذا المرسوم؛
oخرق مقتضيات المادة 199من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات حيث أن تشبت
المعارضة بتطبيق مقتضيات المادة 31من القانون التنظيمي للجهات حال دون إعمال
مقتضيات المادة 199التي تنص على وجوب التصويت على المداخيل قبل التصويت على
النفقات...
oالفهم الخاطئ لمقتضيات المادة 115من القانون التنظيمي ،إذ أن عدم اتخاذ السلطة
الحكومية المكلفة بالداخلية ألي قرار في شأن مقرر مجلس الجهة المتعلق بالميزانية داخل
األجل المحدد قانونا ،ال يمكن أن تعتبر معه الميزانية بمثابة مؤشر عليها ،على اعتبار أن
المشرع من خالل هذه المادة لم يقصد الميزانية الفاسدة الخارقة للقانون ،بل يتكلم على
الميزانية التي وقع نقاشها واتخاذ قرار المجلس فيها ،أما إذا كان المجلس في أغلبيته لم يناقش
تلك النقطة وطالب بتطبيق مقتضيات المادة 31من القانون التنظيمي ،فإنه بذلك ال يمكن
الركون إلى مقتضيات المادة ،115باإلضافة إلى أن والي الجهة كان قد وجه استسفارا إلى
رئيس المجلس في إطار ممارسته للمراقبة اإلدارية ،يطالبه بمآل قرار المجلس حول المادة
أعاله.
وفي إطار إجابته على دفوعات المدعي ،قام رئيس جهة كلميم وادنون بتقديم مذكرة
جوابية عن طريق محاميه إلى السيد رئيس المحكمة اإلدارية بأكادير طالب من خاللها رفض
طلب المعارضة المتمثل في إيقاف تنفيذ ميزانية جهة كلميم وادنون لسنة 2018على اعتبار
ان هذا الطلب ال يرتكزعلى أي أساس قانوني وواقعي ،حيث أثار ما يلي:241
-1في الدفع بعدم القبول
239المقال االفتتاحي المداع من طرف محامي فريق المعارضة لدى رئيس المحكمة اإلدارية بأكادير.
240المرسوم رقم 2.16.314الصادر بتاريخ 23رمضان )29( 1437يونيو 2016بتحديد قائمة الوثائق الواجب
إرفاقها بميزانية الحية المعروضة على لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة جريدة رسمية عدد 6482بتاريخ 9شوال
)14( 1437يوليوز ،)2016الصفحة .5462
241مذكرة جوابية لدفاع رئيس جهة كلميم وادنون موجهة لرئيس المحكمة االبتدائية بأكادير.
92
oفوات أجل الطعن ،حيث أن تاريخ انعقاد دورة المجلس للمصادقة على مقرر الميزانية
كان بتاريخ 2أكتوبر ،2017في حين أن العارض لم يتقدم بدعوى اإللغاء إال بتاريخ 19
يناير . 2018أي بعد فوات أجل الطعن المحدد قانونا ،مما ينبغي الحكم معه بعدم قبول
الدعوى؛
oفي انعدام الصفة ،حيث تمسك المدعى عليه بكون المادة 114من القانون التنظيمي
حصرت صفة التقاضي ضد مقررات الجهة في السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية لوحدها
ودون غيرها ،األمر الذي يفقد معه المدعي صفة التقاضي مما استوجب الحكم بعدم القبول
في تعارض المصالح والتنافي ،حيث أن المدعي قام بتوكيل محامي هو عضو بالجهة وحضر
دورة المجلس محل النزاع ،وهو ما يتعارض مع مهنة المحاماة وقانون المسطرة المدنية
والنظام الداخ لي لهيئة المحامين بأكادير ،إذ ال يجوز للمحامي أن ينوب لصالحه كلما كان
طرفا رئيسيا وأن مآل الدعاوى التي يتقدم بها عدم القبول وبالرغم من تنازله عن النيابة فهذا
األخير ال يمكن أن يصحح هذا اإلخالل الشكلي ،مما يستوجب الحكم بعدم القبول؛
oفي مخالفة مقتضيات المادة 239و 240من القانون التنظيمي للجهات ،حيث تشبت
المدعى عليه بعدم قبول الدعوى نظرا لكون المدعي لم يقدم مذكرة للوالي ولم يقدم ما يفيد
حصوله على وصل التقاضي من والي الجهة أو انتظار مرور األجل المنصوص عليه في
المادة ،240حيث أن هذا االجراء الشكلي يعتبر إجراء قبليا وسابقا يتعين احترامه وسلوكه
قبل تقديم الدعوى ،مما يتناسب معه الحكم بعدم القبول؛
oفي عدم إدخال السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية أو من يمثلها في الدعوى ،حيث أن
المدعي وجه الدعوى ضد العارض دون إدخال السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية في شخص
وزير الداخلية أو وزير المالية والخازن العام للمملكة خاصة أن األمر يتعلق بتنفيذ الميزانية،
كما أن المدعي وجه دعواه بحضور والي الجهة والحال أن قانون المسطرة المدنية المغربي
ليس فيه مصطلح "بحضور" فضال على أن المدعي لم يحدد وضعية الوالي في الدعوى رغم
انه طرف أساسي ويهمه األمر بصفته ممثال للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية والساهر على
المراقبة اإلدارية والقانونية للجهة ،مما يجعل الدعوى مختلة شكال ويستوجب الحكم بعدم
قبولها؛
oفي عدم قابلية قرار العارض لإليقاف وال حتى لإللغاء ،على اعتبار أن المادة 101
تمنح رئيس الجهة تنفيذ مقررات الدورة المتخذة من طرف المجلس ،وبالتالي كان على
المدعي أو دفاعه أن يطعن ضد مقرر رئيس المجلس بالمصادقة على الميزانية ويطالب إثر
ذلك بإيقاف تنفيذ هذا المقرر ،وأمام غياب ذلك فإن مسطرة تنفيذ مقرر الميزانية المتخذة من
طرف العارض ال يمكن إيقافها طبقا لمقتضيات الفقرة األخيرة من المادة 114مما يجعل
قرار العارض ال يقبل إيقاف التنفيذ وطلب المدعي والعدم سيان مما يتناسب معه الحكم بعدم
القبول؛
-2في الموضوع:
أ -في انعدام موجبات وعناصر طلب اإليقاف:
93
oحيث دفع العارض بكون طلب إيقاف التنفيذ الذي قدمه المدعي ال يتوفر فيه كل من
عنصر االستعجال وجدية الوسائل المعتمدة في دعوى اإللغاء ،حيث يتبين أنه خال من أية
إشارة أو بيان أو تفصيل لهذه العناصر وذلك بإبراز وتحديد األضرار التي يمكن أن تمس
مصالحه ويصعب تداركها مستقبال؛
في انعدام مبررات اإليقاف: ب-
حيث دفع العارض بكون المدعي بنى ادعاءه على أسباب غير قائمة لمحاولة إلغاء مقرر
اتخذ بشكل قانوني وديمقراطي داخل الجهة على اعتبار أن ما يطالب به المدعي سيؤدي ال
محالة إلى عرقلة تسيير مؤسسة دستورية وإلى وقف أدائها ألقساط ديونها المبرمجة في هذه
الميزانية لفائدة مؤسسات القروض التي تتعامل داخل أجل استحقاقها وهو ما سيلحق بالجهة
أضرارا بليغة إضافية تمس ماليتها والتدبير السليم للمال العام ،باإلضافة إلى أن طلب المدعي
سيؤدي إلى عدم وفاء الجهة بالتزاماتها تجاه شركاتها في إطار برنامج التنمية الجهوية
2020-2016الذي أشرف على انطالقته الملك والذي تعلق عليه الساكنة انتظارات كبيرة.
وبعد جلستين لالستماع إلى أطراف النزاع ،أصدرت المحكمة اإلدارية حكمها عدد 293
بتاريخ 27/02/2018في الملف عدد 173/7106/2018القاضي بإيقاف تنفيذ قرار مجلس
جهة كلميم-وادنون بختم واعتماد ميزانية الجهة لسنة 2018المؤرخ في 29/12/2017
والمؤشر عليه من طرف رئيس المجلس بتاريخ 02/02/2018مع ما يترتب عن ذلك قانونا
من آثار وذلك إلى حين البت نهائيا في دعوى الموضوع مع التصريح بأن هذا الحكم مشمول
بالنفاذ المعجل بقوة القانون ،وقد استندت المحكمة في حكمها هذا على أن رئيس مجلس جهة
كلميم-وادنون قد ضمن نقطة مشروع ميزانية 2018ضمن جدول أعمال دورة المجلس دون
أن يستدعي اللجنة المكلفة بالميزانية لالجتماع والتدارس ،وهو ما يشكل خرقا لمقتضيات
المادة 198من القانون التنظيمي رقم ،111.14باإلضافة إلى خرق مقتضيات المادة 199
من نفس القانون من خالل عدم التصويت على المداخيل قبل النفقات ،كما أن تسجيالت الجلسة
أكدت عدم مناقشة الميزانية من طرف أعضاء المجلس في ظل تشبثهم بتطبيق مقتضيات
المادة 31من القانون التنظيمي رقم .111.14.كما أكدت ذلك مراسلة السيد الوالي ،باإلضافة
إلى أن االستناد إلى مقتضيات المادة 115من القانون التنظيمي العتماد الميزانية هو فهم
خاطئ للقانون ،على اعتبار أن عدم اتخاذ السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية ألي قرار في
شأن مقرر مجلس الجهة خالل أجل 20يوما ،تصبح معه الميزانية مؤشر علها ،إذ أن هذه
المقتضيات تطبق على الميزانية التي تمت دراستها واتخذ بشأنها قرار من المجلس ،وليس
على ميزانية مخالفة للقانون ولم يتم مناقشتها أو صدور قرار من طرف المجلس بشأنها .242
242حكم عدد 293بتاريخ ،2018/02/27ملف عدد ،2018/7106/173المحكمة اإلدارية بأكادير ،حكم غير منشور.
94
هذا الحكم االبتدائي كان محل طعن باالستئناف من طرف رئيس جهة كلميم وادنون،
بتاريخ 01/03/2018أمام محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش .هذا الطعن صدر فيه قرار
رقم 765بتاريخ 03/05/2018والذي قضى بتأييد الحكم االبتدائي .وقد جاء في تعليل
القرار واألسس التي اعتمد عليها " ...وحيث ثبت من وثائق الملف أن القرار المطلوب
إيقاف تنفيذه صادر عن السيد رئيس مجلس جهة كلميم وادنون بتاريخ 02/01/2018باعتماد
ميزانية الجهة لسنة 2018حسب األرقام اإلجمالية الواردة به ،وأن طالب إيقاف تنفيذه يؤسس
طعنه في القرار المذكور حسبما جاء بعريضة الطعن باإللغاء على خرق مقتضيات القانون
المتعلق بالجهات فيما يتعلق منه بعدم عرض مشروع الميزانية على لجنة الميزانية للمناقشة
واالطالع طبقا للمادة 31منه ،وبتجاوز رئيس الجهة العتراض السيد والي الجهة على ذلك
طبقا للمادة 113وتطبيق رئيس الجهة الخاطئ لمقتضيات الفقرة األخيرة من المادة 115
لعدم وجود ما يفيد عرض مشروع الميزانية على السلطة الحكومية ،وقد ثبت أن طالب إيقاف
التنفيذ يستدل في طعنه بمذكرة وبمراسلتين صادرة عن السيد والي الجهة بشأن ميزانية الجهة
برسم ، 2018الشيء الذي قدرت معه المحكمة من ظاهر وسائل الطعن وتلك المستندات
استناد الطلب إلى عنصر االستعجال الضروري والكافي إلعمال االستثناء المقرر لوقف
القرارات اإلدارية وذلك بهدف تالفي خلق وضعية يتعذر تداركها في حالة تنفيذ القرار خاصة
وقد ثبت مراسلة رئيس الجهة للخازن العام من أجل تنفيذ القرار ،فضال عن توفر وسائل
على درجة من الجدية تبرر االستجابة لطلب إيقاف التنفيذ وبالتالي يكون ما انتهى إليه الحكم
المستأنف في هذا الصدد مؤسسا وحريا بالتأييد.243
ومن خالل الحكمين االبتدائي واالستئنافي ،يالحظ أن هناك فهما خاطنا لمقتضيات
القانون التنظيمي المتعلق بالجهات خاصة المادة 31والمادة 115والمادة 198وهو األمر
الذي نبه له السيد والي الجهة في مراسلته لرئيس المجلس الجهوي .هذه األسباب كلها أدت
إلى إيقاف تنفيذ ميزانية جهة كلميم وادنون والتي يمكن اعتبارها أسباب قانونية بالدرجة
األولى ،قبل أن تكون مسألة صراعات سياسية بين مختلف الفرقاء السياسيين المكونة لهذا
المجلس الجهوي.244
95
في القيام باألعمال المنوطة بها من أجل تدبير أفضل للشأن العام الجهوي من منتخبين
وموظفين ،إال أن ما تم تسجيله على مستوى الجهات هو ضعف ومحدودية هذه العناصر
البشرية المساعدة لرئيس مجلس الجهة ،من حيث التأطير ،كما أنها تعاني من جملة من
االكراهات التي تحول دون بلوغ أهدافها كاملة.
-1إشكالية المنتخبين
ال شك أن االختصاصات الواسعة والمهمة التي أصبحت تتمتع بها المجالس الترابية
عموما والجهوية على وجه التحديد ،تعكس بوضوح جسامة المسؤوليات التي وضعها المشرع
على عاتقها .والمجالس الجهوية تحت إشراف رؤسائها أصبحت مدعوة بقوة إلى المشاركة
إلى جانب الدولة والقطاع الخاص في تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية ،245غير أن
تحقيق هذه التنمية يتطلب باإلضافة إلى الموارد المالية ،التوفر على عناصر بشرية مؤهلة
وفعالة ،ويتعلق األمر بالمنتخبين الجهويين المنتمين لمختلف التشكيالت السياسية الممثلة
للمشهد السياسي المغربي ..وهو ما يلقي المسؤولية على عاتق األحزاب في تأطير وتكوين
مفاصلها وتعبئتهم لتحمل مسؤولية تمثيل السكان ،وكذا انسجام برامجها السياسية مع التطلعات
االقتصادية والسياسية للساكنة إال أن تقييم التجربة الجهوية على هذا المستوى تؤكد بالملموس
ضعف التأطير السياسي ومحدودية التكليف العملي والمعرفي 246للمنتخبين الجهويين مما
ينعكس سلبا على أداء رئيس مجلس الجهة ،وينعكس على األداء العام للجهة ،ويجعل نتائج
الممارسة الجهوية جد محدودة.
وفي هذا الصدد صرح األستاذ "عبد الرحيم بوعيدة"رئيس مجلس جهة كلميم وادنون
سابقا في مداخلة له بمجلس المستشارين سنة 2017بما يلي ...":هناك إشكاالت حقيقية تتعلق
بنا نحن كفاعلين سياسيين ،وأقولها وبصراحة مشروع الجهوية في المغرب سيفشل إذا لم
يكن هناك تأهيل للنخب السياسية و أظن على أن هذه مسؤولية الدولة ومسؤولية األحزاب
السياسية ،إلى اآلن لم تفهم األحزاب ،ولم تفهم النخب السياسية التي تمارس إلى اآلن الشأن
المحلي وأنا منها االستراتيجية الحقيقية لهذا المشروع وهذا يحيلني على دراسة أعطتها وزارة
245فاطمة مزروع ،اإلدارة الالمركزية بالمغرب ،مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة األولى ،الدار البيضاء ،2003الصفحة
.299
246من بين ما يؤخذ على القانون التنظيمي للجهات خلوه من أي مقضى يحدد المستوى التعليمي المطلوب للتشريح لرئاسة
المجلس الجهوي أو لمنصب نواب الرئيس ،حيث اكتفى من خالل مادته 13على أن الترشيح لمنصب رئيس مجلس الجهة
يقتصر على أعضاء والعضوات المرتبون على رأس لوائح الترشيح والذين يزاولون ولو بصفة مؤقتة مهام المحاسبون
العمومين الذين يرتبط نشاطهم مباشرة بالجهة المعنية ،المادة ( )16في حين نصت المادة 17على الحاالت التي تتنافى
معها مهام رئيس مجلس الجهة أو نائبه ويتعلق األمر بمهام رئيس أو نائب مجلس جماعة ترابية أخرى أو مهام رئيس أو
نائب رئيس غرفة مهنية أو مهام رئيس مجلس و نائب رئيس مجلس مقاطعة ،كما ال يجوز وفقا لنفس المادة الجمع بين
رئاسة مجلس الجهة وصفة العضوية في الحكومة أو في مجلس النواب أو مجلس المستشارين أو المجلس االقتصادي
واالجتماعي والبيئي أو الهيئة العليا لالتصال السمعي البصري (..المادة )72من القانون التنظيمي 111.14المتعلق
بالجهات.
96
الداخلية ،وهي أرقام مخيفة ،وتجعلني أضع يدي على المستقبل وعلى نجاح أو فشل هذا
المشروع عندما نقرأ هذه الدراسة بتمعن ،ونجد على أن أكثر من 9562رئيس ومستشار أو
ممارس داخل المجالس الترابية ال يحملون الشهادة االبتدائية ،هذا يعطينا تصور على مستقبل
المغرب وعلى راهنية هذا التصور إلى اآلن"...
ومن خالل هذا التصريح يتضح أن أهم اإلشكاالت والعراقيل التي تواجه رؤساء
المجالس الجهوية والتي تحول دون تحقيق التنمية الجهوية هي عدم تأهيل النخب السياسية
سواء منها الرؤساء أو أعضاء المجلس بصفة عامة بسبب ضعف تأطيرهم السياسي
ومحدودية تكوينهم العلمي والمعرفي.
وفي غياب اإللمام والمعرفة الالزمين لهذه الفئة بخصوص بعض المجاالت التنموية
األساسية والحيوية ،كمجال التعمير وإعداد التراب والفالحة والتنمية القروية والتدبير المالي
والمحاسبي إذ أنه البد للمنتخب الجهوي أن يعي دوره جيدا كمسؤول ومقررا في شؤون
الجهة ومخططا لبرامجها ،وهو ما يجعله مدعوا الستغالل جميع الممكنات التدبيرية لالرتقاء
بجهته ،والقيام بدوره على الوجه الصائب والمطلوب لكن قبل ذلك وجب التأكيد على أن
تحقيق ال مركزية حقيقة قائمة على جهوية متقدمة .يتوقف بالدرجة األولى على ضرورة
تمتيع المنتخب الجهوي بحد مقبول من المستوى الثقافي والتكوين مما يسمح له بالمشاركة
الفعلية والبناء في تدبير الشؤون الجهوية .وعلى هذا األساس بات من الضروري الرفع من
المستوى التعليمي للمنتخب الراغب في الترشيح لتولي القضايا الجهوية بما يليق بالتمثيلية
الجهوية ويعطيا مكانة مشرفة كما تعتقد في نفس السياق أن اعتماد نمط االقتراع المباشر
بالنسبة للمنتخبين الجهويين بموجب دستور 2011والذي كان أحد أبرز التوصيات المهمة
التي انتهى إليها تقرير اللجنة االستشارية حول الجهوية باعتبار أهميته في تجسيد الشرعية
المحلية يعد خطوة محمودة وشجاعة من طرف المشرع من شأنها تطوير سياسة الجهوية في
أفق بلوغ جهوية متقدمة قادرة على النهوض التنموي بالمجال المحلي عموما والجهوي
خصوصا.247
إشكالية الموظف الجهوي
إن ما يقف أيضا حجرة عثرة أمام قيام رئيس المجلس الجهوي بمهامه نجد ضعف
المستوى التكويني للموظفين الجهويين ،فأغلب الموظفين التابعين للجماعات الترابية عامة،
وللجهات خاصة تنتمي إلى األطر الصغرى والمتوسطة مما ينعكس سلبا على التدبير
247خالد هيدان ،الجهة وإشكالية الموازنة بين البعد التنموي والبيئي بالمغرب "دراسة تحليلية على ضوء القانون التنظيم
يرقم ،"111.14منشورات مجلة مسارات ،الطبعة األولى ،2022الصفحة .92
97
الجهوي ،فقلة الخبرة لديهم في إدارة الشؤون الجهوية تجعلهم غير قادرين على مواكبة
التطورات الحاصلة في المجال التدبيري للجهات.248
إذ أن ممارسة رئيس مجلس الجهة لصالحياته خاصة ما يتعلق منها بوضع برنامج
التنمية الجهوية وإعداد التصميم الجهوي إلعداد التراب وإعداد تصميم النقل داخل الدائرة
الترابية للجهة وغيرها ،يقتضي مده بجهاز إداري مؤهل ،إذ ال يمكن النهوض بالجهوية
كورش في غياب إدارة متضمنة لعنصر بشري كفء وفعال كفيل ببلورة تصورات رئيس
المجلس الجهوي وترجمتها على أرض الواقع ،ذلك أن الرئيس ليس خبيرا بل هو فقط يعبر
عن رؤيا معينة لدى تلزمه اإلدارة التي تفعل تلك الرؤيا على أرض الواقع.249
غير أن الواقع يكشف عن اختالالت عدة تعرفها اإلدارة الجهوية ،من ذلك عدم إخراج
القانون األساسي لموظفي الجماعات الترابية الشيء الذي ساهم بشكل أو بآخر في تدهور
الوضعية المادية واالجتماعية لهذه الفئة من الموظفين ،وإذا كان المشرع من خالل المقتضيات
التنظيمية للجهة قد عمل على تنظيم الوضعية اإلدارية والوظيفية للبعض منهم خاصة بالنسبة
إلى المدير العام للمصالح ومدير شؤون الرئاسة والمجلس ورؤساء األقسام ومدير وكالة
تنفيذ المشاريع ،فإن الوضعية اإلدارية لما تبقى من العاملين بالجهة ،ال زالت تفتقد إلى نظام
قانوني للوظيفة العمومية الجهوية يكون بمثابة اإلطار المرجعي لتنظيم حقوق وواجبات هذه
الفئة من الموظفين واألعوان.
ومن االختالالت أيضا تلك التي تهم التخطيط االستراتيجي والتنظيم اإلداري على
مستوى المجالس الجهوية والمتمثل في عدم تمكن بعض المجالس من وضع هيكل تنظيمي
لإلدارة محدد ومصادق عليه ،وعدم وجود دليل لإلجراءات والمساطر اإلدارية الداخلية،
باإلضافة على ضعف التكوين المستمر للموظفين الجهويين حيث ال تولى بعض الجهات
أهمية للتكوين المستمر لموظفيها ،إذ تقتصر على دورات التكوين المنظمة من طرف السلطة
الحكومية المكلفة بالداخلية والتي ال تشمل كافة الموظفين وال تغطي دائما الحاجيات الخاصة
بهذه الجهات.250
أضف إلى ما سبق أن عمليات التوظيف بالجماعات الترابية بشكل عام والجهات بشكل
خاص ،تشهد جملة من االختالالت التي تحول دون توظيف األكفاء ،كما يتميز واقع تدبير
الموارد البشرية على المستوى المحلي بتوزيع ال متكافئ للموظفين بين الوحدات الالمركزية
248
EL Mouchtary Mohamed, le role des collectivités locales dans le développement
économique et social au Maroc, REMALD, thèmes actuels 24, 2000, page 163.
249حسن العرفي ،مداخلة خالل ندوة برلمانية حول موضوع الجهوية المتقدمة بين مضامين النصوص وإكراهات التنزيل،
منظمة من طرف فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين بتاريخ الخميس 2مارس 2017بقاعة الندوات لمجلس
المستشارين.
250عثمان بوتجدير ،المرجع السابق ،الصفحة .126
98
من الناحيتين الكمية والنوعية ،وعليه فسعيا النبثاق وظيفة عمومية جهوية فال مناص للقطع
مع هذه االختالالت التي عرفتها وتعرفها هذه الوظيفة مع ضرورة إعادة النظر في التكوين
والتأهيل الذي يخضع له الموظفون الجهويين .فتكوين الموظف والعمل على تدويره أضحى
من متطلبات اإلدارة الحديثة ،فالموظف ال يحتاج فقط الكتساب معارف سطحية ولكن أيضا
وخصوصا دراية واطالع بالجوانب التقنية للمجال اإلداري الذي ينشط فيه.251
وباإلضافة إلى كل ما سبق فمنظومة التوظيف على المستوى الجهوي تعاني أيضا من
عدة خروقات منذ مرحلة التعيين الذي ال تراعى فيه غالبا مبادئ المساواة والشفافية ،حيث
يترك المجال لتجاوزات تسلب فيها حقوق بعض المرشحين وتهدى لمرشحين آخرين بسبب
حرية االختيار المطلقة المعترف بها لرجل اإلدارة والذي يعطي األسبقية لمن يجد فيهم الوالء
والطاعة أو من يحقق أغراضه الذاتية ،وبالتالي فتح الباب على مصراعيه للمحسوبية
والزبونية على حساب الكفاءة.
يضاف إلى ذلك ربط التوظيف بالمناصب المالية الشاغرة بدل الوظيفة الشاغرة ،إذ
ينص الفصل السابع من النظام األساسي للوظيفة العمومية 252على أنه “ :يمنع كل توظيف
أو ترقي في الدرجة إذا لم يكن الغرض من ذلك شغل منصب شاغر” .إن هذه المعادلة التي
كرسها النص القانوني تضع قطيعة مع معايير االختيار األفضل للموارد البشرية ،لكون
المنصب المالي الشاغر هو المحدد األول لعمليات التوظيف بدل االحتياجات الفعلية لإلدارة.
وبتفحصنا لمقتضيات الوظيفة العمومية الجماعية فإنه يغيب اشتراط المهنية كشرط في
التوظيف ،كما أن االختبارات التي يخضع لها المتباري تقوم على اختبار القدرات النظرية
للمرشح ،والتي ال ترتبط بالواقع العملي والمهني ،مما ال يسمح بمعرفة دقيقة لقدرات المرشح،
ويشكل إحدى العوامل التي تحول دون تكوين وظيفة عمومية معقلنة قائمة على الجدارة
واالستحقاق في تولي مناصب المسؤولية.
كما يتسم التوظيف في اإلدارة الجماعية بازدواجية واضحة تتمثل في قيامه على قاعدتي
التوظيف المباشر والتوظيف عن طريق المباراة (فصل ،)22وهذه الطرق في التوظيف ال
توفر إمكانية االعتماد على الكفاءة في اختيار الموارد البشرية.
أيضا ،تعاني منظومة التوظيف في الجماعات الترابية عامة والجهات خاصة من غياب
التسيير التوقعي وعدم التخطيط الحتياجاتها المستقبلية من الموارد البشرية سواء على المدى
القريب أو المتوسط .ويترتب عن ذلك سيرورة غير معقلنة ال تكفل فعالية العمل اإلداري،
251
ALI SEDIARI, Etat et développement administratif au Maroc tradition ou modernité
?, guessous, Rabat, 1993, p 135.
252ظهير شريف رقم ،1.58.008الصادر بتاريخ 4شعبان 24(1377فبراير )1958بمثابة النظام األساسي العام
للوظيفة العمومية ،الجريدة الرسمية عدد ،23.72بتاريخ ( 11أبريل .)1958
99
فغياب التخطيط كانت له نتائج سلبية على مستوى تدبير الموارد البشرية ويتجلى ذلك من
خالل التضخم الوظيفي وعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.253
253منية بنمليح ،تأهيل الموارد البشرية بالجماعات الترابية خطوة نحو اإلصالح اإلداري الشامل ،مجلة المنارة االلكترونية:
، https://revuealmanara.comتمت الزيارة بتاريخ 15يونيو ،2023على الساعة .3:56
254الحسين الوزاني الشاهدي ،الجهة أداة لتطوير ودعم الالمركزية ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة
مواضيع الساعة ،العدد ،52مطبعة دار النشر المغربية ،الرباط ،2006الصفحة .39
100
يتضح من خالل القانون التنظيمي للجهات أن القضاء اإلداري ال يمكنه التدخل في مجال
ا لرقابة اإلدارية على المجالس الجهوية إال في حالتين إما بناء على طلب من والي الجهة أو
بطلب من رئيسها ،وهذا ما من شأنه أن يدعم الشفافية في مجال العالقات بين السلطة المركزية
والمجالس الجهوية.255
وبذلك يكون القانون التنظيمي المتعلق بالجهات قد منح للقضاء اإلداري دورا مهما فيما
يتعلق بفض النزاعات التي يمكن أن تقع بين مؤسستي الوالي ورئيس الجهة ،وعدم إمكانية
عزل رئيس أو مستشار جهوي إال بقرار قضائي.
ومن مظاهر تدخل القضاء لتحقيق التوازن بين رئيس المجلس الجهوي وسلطة والي
الجهة اتجاهه تحقيقا لالمركزية:
إقرار حالة امتناع رئيس المجلس الجهوي عن القيام باألعمال المنوطة به لتمكين
مسطرة الحلول:
ففي حالة عدم استجابة رئيس مجلس الجهة الممتنع عن القيام باألعمال المنوطة به،
نص المشرع على إحالة األمر من لدن السلطة المختصة المكلفة بالمراقبة ،إلى القضاء
االستعجالي بالمحكمة اإلدارية من أجل البث في وجود حالة االمتناع .256ويبث القضاء
االستعجالي بواسطة حكم قضائي نهائي ،وعند االقتضاء بدون استدعاء األطراف داخل أجل
48ساعة من تاريخ تسجيل طلب اإلحالة بكتابة الضبط بهذه المحكمة.257
وتجدر اإلشارة في هذا الصدد ،إلى أنه إذا امتنع الرئيس عن القيام باألعمال المنوطة
به بمقتضى أحكام القانون التنظيمي المتعلق بالجهات ،وترتب عن ذلك إخالل بالسير العادي
لمصالح الجهة المعنية قامت السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية ،عن طريق والي الجهة
بمطالبته بمزاولة المهام المنوطة به ،وبعد انصرام أجل محدد في 15يوما من تاريخ توجيه
الطلب دون استجابة الرئيس ،تحيل السلطة المختصة بالمراقبة األمر إلى القضاء االستعجالي
بالمحكمة اإلدارية من أجل البث في وجود حالة االمتناع ،وإذا أقر الحكم القضائي حالة
االمتناع جاز للوالي الحلول محل الرئيس في القيام باألعمال التي امتنع هذا األخير عن القيام
بها.258
عزل رئيس المجلس الجهوي :حيث أنه من بين المستجدات التي أتى بها القانون
التنظيمي المتعلق بالجهات ،بخالف ما كان عليه العمل في ظل األنظمة السابقة تأكيدها
101
على أن القضاء وحده يختص بعزل أعضاء مجالس الجهات من بينهم رئيس المجلس
الجهوي ،وذلك بطلب من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية ،وبمقرر من المجلس في حالة
امتناع أحد النواب وبدون عذر ،عن القيام بأحد المهام المنوطة به.
وفي هذا اإلطار يجوز للسلطات المعنية المذكورة أعاله اللجوء إلى المحكمة اإلدارية
لطلب عزل عضو المجلس المعني باألمر ،أو عزل الرئيس أو نوابه من عضوية المكتب أو
المجلس.
وتبت المحكمة اإلدارية في الطلب داخل أجل ال يتعدى شهرا من تاريخ توصلها باإلحالة،
ويترتب على إحالة األمر إلى المحكمة اإلدارية توقيف المعني باألمر عن ممارسة مهامه إلى
حين البث في طلب العزل.259
إذن ،فالرقابة القضائية تشكل الضمانة األساسية التي من خاللها يُسمح للسلطة القضائية
المكلفة بالرقابة التدخل لمنع الجهات من الحاق الضرر بالمصلحة الوطنية وذلك من خالل
إلزامها بالمنظومة القانونية ،260حيث تخضع أعمال المجالس الجهوية إلى عدد من أنواع
الرقابة حسب أهمية كل صنف من هذه األعمال ،وتبقى أشد صور الرقابة على أعمال
المجالس الجهوية الحاالت التي تحل فيها السلطة المركزية أو ممثليها محل األجهزة المنتخبة
في حالة امتناعها عن التصرف رغم التزامها القانوني.
في هذا اإلطار ،يمكن أن نسوق مثاال على تدخل القضاء اإلداري بما له من صالحيات،
وفق القانون المحدث للمحاكم اإلدارية 261وكذا القانون التنظيمي المتعلق بالجهات في مجال
مراقبة أعمال ومقررات الجهات ،حيث تتلخص وقائع الحالة األولى فيما قام به وزير الداخلية
عن طريق إصداره للقرار عدد 1528/18 :بتاريخ 16/05/2018والقاضي بتوقيف مجلس
جهة كلميم-وادنون لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة وبتعيين لجنة خاصة 262لتصريف
األمور الجارية المجلس المذكور تحت رئاسة والي الجهة.
102
وتبعا لذلك ،تقدم بعض أعضاء نفس المجلس بالطعن في هذا القرار أمام المحكمة
اإلدارية بأكادير ،والتي أصدرت القرار عدد 2222بتاريخ 28/12/2018والقاضي بعدم
قبول الدعوى ،قبل أن يقوم األعضاء باستئناف الحكم أمام محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش
والتي أكدت بدورها أن قرار وزير الداخلية المرجعي جاء طبقا لمقتضيات المادتين 78-77
من القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات ،ليتم الحكم في األخير برفض االستئناف
ألعضاء المجلس ،263وهذا ما يوضح المكانة القوية للقضاء اإلداري في إطار تنظيم العالقة
بين السلطة المركزية والمجالس المنتخبة تحت إشراف رؤسائها على المستوى الترابي عامة
والجهوي خاصة.
أما الحالة الثانية فتتعلق بنفس الموضوع ،وتتلخص حيثياتها فيما قامت به السلطة
الحكومية المكلفة بالداخلية التي تدخ لت في إطار سلطة الحلول وأوقفت المجلس المذكور
بسبب امتناع رئيسه (السابق) عن القيام بمهامه ،وهو ما دفع به إلى اللجوء إلى المحكمة
اإلدارية بأكادير بتاريخ 28/06/2019 :لتقديم الطعن في قرار وزير الداخلية عدد19/1 :
المتخذ بتاريخ 26/06/2019 :والقاضي بمعاينة انقطاعه عن مزاولة مهامه ،كما التمس
رئيس المجلس الحكم بإيقاف القرار الصادر عن والي الجهة القاضي بالدعوة إلى إيداع
الترشيحات لشغل منصب رئيس مجلس الجهة.
ومن خالل تفحص مضمون القرار الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش في
هذا الشأن 264يتضح أن رئيس مجلس جهة كلميم واد نون (السابق) " عبد الرحيم بوعيدة"
كان قد تقدم بطلب استقالته من مهامه بتاريخ 05/06/2019قبل أن يتراجع عن ذلك ،وهذا
تم إثباته بمحكمة االستئناف اإلدارية بمراكش من خالل التأكد من أن طالب الطعن في القرار
اإلداري لم ينازع في أن االستقالة صادرة عنه وبخط يده وتوقيعه ،مما جعلها تأيد الحكم
المستأنف أي اإلبقاء على استقالة رئيس المجلس وتطبيق مقتضيات قرار وزير الداخلية وهذا
ما أدى إلى إعادة انتخاب رئيس المجلس لتصبح الوزيرة المنتدبة السابقة "مباركة بنبوعيدة"
هي من ترأس مجلس جهة كلميم -وادنون حاليا.
وصفوة القول فتدخل القضاء اإلداري يشكل لبنة أساسية في حالة التنازع بين رؤساء
المجالس والسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بهدف تأطير العالقة وتنظيمها وفقا للقانون
ومراقبة وتجويد عمل المجالس الجهوية وعليه فإنه وجب تعزيز دور القضاء اإلداري في
الرقابة على الجماعات الترابية بجعل المحاكم اإلدارية تختص دون غيرها بممارسة المراقبة
263القرار رقم ،1262الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش بتاريخ ،2019/07/03:ملف رقم -7205-281
،2019يجمع بين أعضاء من مجلس جهة كلميم -وادنون ووزير الداخلية.
264القرار رقم 1271الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش بتاريخ ،04/07/2019ملف رقم -7214-1308
،2019يجمع بين الرئيس السابق المجلس جهة كلميم واد نون ووزير الداخلية .
103
على شرعية كل قرار أو عمل صادر عن المجالس المنتخبة وعن رؤسائها .فالمطلوب من
القاضي اإلداري أن يعمل على توضيح معايير التمييز بين مستويات تدخل الدولة والجماعات
الترابية وخاصة الجهات في مختلف الميادين ،وذلك من خالل الطعون القضائية المباشرة أو
بمناسبة رقابته على شرعية المقررات والقرارات ،وإال ستصبح الجهة كيانات ملحقة أو على
األرجح أشخاصا متعاونين مع الدولة.265
ثانيا :تأهيل مؤسسة رئيس مجلس الجهة ومساعديه
يعتبر العنصر البشري أو العنصر الالمادي من بين المؤشرات المعتمدة في تقييم مستوى
تنمية األمم وقياس رخائها ،حيث يعتبر حجر الزاوية والركن األساسي في التنمية المستدامة،
إذ أن كثيرا من الشعوب تتوفر على كافة مقومات نجاح الدولة من ثروات طبيعية وموقع
جغرافي وارث تاريخي وحضاري ،غير أنها تُصنف ضمن الدول المتخلفة والسبب في ذلك
هو تخلف مواردها البشرية .لذا فإن جميع الدول تولي اهتماما خاصا بالعنصر البشري
وبتكوينه وتأهيله حتى يصبح أداة مهمة للرفع من المستوى التأشيري للتدبير االقتصادي
وقاطرة للتنمية ومحورها .266وبذلك فالدور الحيوي للجهاز التنفيذي للمجالس الجهوية يكتسي
أهمية بالغة في مجال تدبير الشأن الجهوي ،مما يستدعي توفره على مؤهالت ذاتية تسمح
بتسيير وتأطير وتنشيط المؤسسة الجهوية ،فتقلد المسؤوليات الجهوية بالشكل الذي أصبحت
عليه في القانون التنظيمي للجهات يتطلب من رؤساء مجالس الجهات قدرا من المعرفة
النظرية والخبرة العلمية تؤهلهم للنهوض يتلك المسؤوليات على الوجه المطلوب ،وتجعلهم
في مستوى تطلعات ساكنة الجهة إلنجاز متطلبات التنمية الجهوية ،خصوصا وأن ضعف
التدبير والتسيير الذي ميز التجربة السابقة ،ارتبط بوقوف عدة عوامل في وجه رئيس مجلس
الجهة لتحول بينه وبين التطبيق الفعلي لمهامه المنصوص عليها قانونا ،حيث تمرس سلطة
الوصاية وعدم توفر القيادات على المؤهالت التدبيرية الكافية خلفت وضعا صعبا مليئا
بالعراقيل وشجعت على أحد االتجاهين إما أن ينجح رئيس المجلس بقبول األمر الواقع،
فتتدخل سلطة الوصاية في اختصاصاته وتمارسها عوضا عنه ،وإما أن يدخل معها في صراع
قد تكون له نتائج سلبية على السير العادي للجهة.267
إن تكوين رئيس المجلس الجهوي يجب أن يكون عاما ويشمل جميع الميادين ،وذلك من
خالل تكوين المهارات اإلدارية وأساليب اإلشراف والتوجيه وتلقيه مبادئ علمية في التخطيط
والتنظيم والتوجيه والقيادة ،ثم مهارة إدارة االجتماعات وأخيرا مهارة التفاوض ،التي من
104
شأنها توسيع حجم المساعدات المادية والمعنوية المعروضة على الوحدة .وباإلضافة إلى
الرئيس ،يجب تكوين مساعديه بالنظر التحديات المرتبطة بدوره إذ ال زالت تواجههم جملة
من الصعوبات تهم ضعف خبرتهم الكافية وغياب التكوين وعدم توفرهم على المعلومات
الكافية لمزاولة مهامهم لذا فإن التكوين ينطلق من إكسابهم معارف جديدة تناسب المهام التي
يمارسونها ،واكتساب المؤهالت في الميادين المختلفة التي يكتشفونها أثناء الممارسة ،والتي
لم يكونوا يعرفونها من قبل.
فتأهيل مساعدي الرئيس خصوصا نوابه ورؤساء اللجان ينبغي أن يتسم بالتخصص
وتكوين كل واحد منهم في مجال وظيفته ومهامه فعملية تكوين الرئيس ومساعديه تشكل حجر
الزاوية في العملية التنموية ،إذ يلزم تزويدهم بمختلف الوسائل واآلليات التي تمكنهم من
التدبير الجيد للمصالح الجهوية ،وجعل العملية التنموية عمال يتسم بالفعالية والجودة واللتان
تعتبران أهم مرتكزات الحكامة المحلية عموما والجهوية خصوصا.
الفقرة الثانية :رئيس مجلس الجهة واعتماد آليات التدبير الحديث
إن كسب رهان الجهوية المتقدمة رهين بقدرة رؤساء مجالس الجهات على تأمين تدبير
جيد وفعال للعمل الجهوي وذلك من أجل بلورة رؤية سليمة وناجعة لتغيير واقع الجهات
بالمغرب .ويعتبر التدبير الجيد للجهات أحد مرتكزات الحكامة الترابية عامة والجهوية
خاصة ،ويتوقف حسن هذا التدبير على ما أناطه القانون التنظيمي المتعلق بالجهات بالمجالس
الجهوية ورؤسائها من صالحيات هامة ذات ارتباط وثيق بالتحديات التي ال زالت تواجه
تدبير الشأن الجهوي .وتكريسا للديموقراطية الجهوية وإقرار الالمركزية كاختيار استراتيجي
وكنظام ديموقراطي وكقاعدة إدارية لتدبير الشأن الجهوي عمل هذا القانون على إقرار
مجموعة من اآلليات الحديثة لتدبير شؤون الجهة من بينها آليتي التخطيط االستراتيجي
والتدبير التشاركي للعمل الجهوي(أوال) ،باإلضافة إلى آلية التدبير المقاوالتي للعمل الجهوي
كأسلوب من أساليب التدبير المعقلن والرشيد (ثانيا).
أوال :آليتي التخطيط االستراتيجي والتدبير التشاركي للعمل الجهوي
إن الصالحيات التي أسندت لرؤساء مجالس الجهات تتطلب منهم توظيف تقنيات حديثة
للتدبير المحكم والفعال ونهج أسلوب جديد في التدبير ،ومن هذه األساليب نجد التخطيط
االستراتيجي الذي يعد أساسا لتحقيق الحكامة الترابية عامة والجهوية خاصة ،باإلضافة إلى
آلية التدبير التشاركي التي تعد من أهم مستجدات الجهوية المتقدمة.
آلية التخطيط االستراتيجي
105
تعتبر استراتيجية تخطيط التنمية الترابية ،أساسا منهجيا وموضوعيا لعمل ونشاط الجهة
فالتدبير الحر يتطلب إلماما ومعرفة شمولية بوضعية الوحدة المراد التخطيط لتنميتها،
والوسائل المتاحة واإلمكانيات المتوفرة لذلك ،وهو ما جعل المشرع التنظيمي يهتم بمحورية
ومركزية التخطيط االستراتيجي للتنمية الترابية عامة والجهوية خاصة.
لقد أصبحت عمليات التخطيط الترابي اإلستراتيجي ترمي ضبط شؤون التنمية وتنسيقها
على المستوى الترابي لمدة محددة في الزمان والمكان ،وذلك من خالل إعداد مشاريع وبرامج
تتولى الجماعات الترابية إنجازه بشكل متفرد أو بتعاون مع شركاء من القطاع العام أو الخاص
أو مع المجتمع المدني .وجودة التخطيط تعكس مستوى تنظيم اإلدارة ،ومدى فعاليتها ،من
خالل قدرتها على إنجاز مضمون المخطط وتتبع المشاريع وتوفير الوسائل الضرورية لها،
واإلجراءات التشجيعية لذلك وا لتخطيط في هيئته الجديدة يستند إلى مقومات مختلفة ،تعتمد
أساسا على الالمركزية والجهوية المتقدمة ،مع اعتماد بنيات مختلفة مما كانت عليه في
الماضي.268
وبذلك جاء القانون التنظيمي من خالل المادة 83ليجعل الجهة المخطط والقائد للتنمية
الترابية عبر برنامج التنمية الجهوية ،حيث يضع مجلس الجهة تحت إشراف رئيس مجلسها
خالل السنة األولى من مدة انتداب المجلس ،برنامج التنمية الجهوية وتعمل على تتبعه وتحيينه
وتقييمه .ويحدد برنامج التنمية الجهوية لمدة ست سنوات األعمال التنموية المقرر برمجتها
أو إنجازها بتراب الجهة اعتبارا لنوعيتها وتوطينها وكلفتها لتحقيق تنمية مستدامة ووفق
منهج تشاركي وبتنسيق مع والي الجهة بصفته مكلفا بتنسيق أنشطة المصالح الالممركزة
لإلدارة المركزية .وبالرجوع إلى التجربة الفرنسية في مجال التخطيط اإلستراتيجي ،فقد أقر
المشرع الفرنسي منظومة قانونية ومؤسساتية ،تخول للجهات االختصاص العام فيما يتعلق
بالتخطيط التنموي .كما نجد توسيع مجاالت تدخل هذه الجماعات لتشمل "المخططات الجهوية
إلعداد التراب والتنمية" فاألساس الترابي بعد اإلطار المجالي تلبية الحاجيات األساسية
وتصريف المشاريع والبرامج التنموية على الصعيد المحلي .وبذلك يمكن اعتبار أن
المستجدات الواردة في القانون التنظيمي 111.14والمتغيرات االقتصادية واالجتماعية التي
يعرفها المغرب خالل السنوات األخيرة ،على أنها فتحت عهدا جديدا في مجال الحكامة
الترابية ،وبذلك يصبح أي مخطط للتنمية مدعو لالستجابة لمبادئ معينة تخدم مجال الحكامة
الترابية ،كما أصبح كذلك تدبير الشأن العام المحلي ،يستند إلى مقاربات التخطيط اإلستراتيجي
وفق المعايير الدولية المعتمدة في هذا السياق.269
106
إال أنه من خالل ما تم بسطه تبرز الحاجة إلى اإلصالح القانوني والمؤسساتي لتفعيل
دور التخطيط االستراتيجي على مستوى الجهة بعد تجربة 7سنوات على تنزيل ورش
الجهوية المتقدمة ،وأول بوادر هذا اإلصالح تم من خالل مراجعة مرسوم تحديد مسطرة
برنامج التنمية الجهوية حيث تمت المصادقة على مشروع تعديل المرسوم في المجلس
الحكومي بتاريخ 16فبراير ،2023بمرسوم 2.22.475بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية
الجهوية وتتبعه وتحبينه وتقييمه ،في إطار استكمال ومراجعة النصوص التنظيمية المتعلقة
بتفعيل أحكام القانون التنظيمي رقم 111.14المتعلق بالجهات تنزيال لورش الجهوية
المتقدمة ،وضمن التدابير واإلجراءات المتخذة من لدن وزارة الداخلية لمواكبة مجالس
الجهات حيث تب ين انطالقا من الخالصات واالستنتاجات التي همت مختلف مجاالت تنزيل
ورش الجهوية المتقدمة خاصة تلك المتعلقة بإعداد الجيل األول من برامج التنمية الجهوية،
أنه أصبح من الضروري تجويد وتقويم منهجية إعداد هاته البرامج والتي تمت نسبيا ،في
مرحلة سابقة .وفقا لمنهجيات عمل متعددة وطرق إعداد مختلفة تبعا لسياقات وخصوصيات
كل جهة على حدة.
ويهدف هذا المرسوم إلى ضبط األجل القانوني المتعلق باتخاذ قرار إعداد برنامج التنمية
الجهوية وضرورة إجراء تقييم حصيلة إعداد وتنفيذ برنامج التنمية الجهوية المعد خالل
المرحلة االنتدابية السابقة كم رحلة أولية إلعداد البرنامج وتحديد محتوى برنامج التنمية
الجهوية بصورة دقيقة وإغنائه من خالل تصنيف المشاريع التي يمكن إدراجها فيه بغية تحري
الدقة وتصنيف المشاريع التي يمكن إدراجها في برامج التنمية الجهوية مع تحديد المشاريع
التي ستنجز في إطار تعاقدي بين الدولة والجهة وباقي المتدخلين انطالقا من مرحلة إعداد
برامج التنمية الجهوية تمهيدا إلعداد العقود بين الدولة والجهات مع تحديد وحصر مساهمات
الجهة في تمويل إنجاز المشاريع وذلك في إطار البرمجة متعددة السنوات كما يتضمن هذا
المرسوم مقتضيات نهم ضرورة وضع منظومة لتتبع تنفيذ المشاريع المدرجة في برنامج
التنمية الجهوية وتقييمها تضم مؤشرات لقياس مدى تحقيق األهداف المراد بلوغها. 270
رئيس مجلس الجهة والتدبير التشاركي للعمل الجهوي
إن تطور الحياة المجتمعية في الدول الحديثة جعل من المشاركة أمرا ضروريا وذلك
من خالل مشاركة مختلف مكونات المجتمع في بلورة القرار والفعل التنموي المحلي الجهوي
وتنفيذه ومتابعته ،باإلضافة إلى إشراك كل المؤسسات وكافة الفاعلين وفق مقاربة تشاركية
على اعتبار أنها تشكل آلية حديثة تقود إلى إحداث تغيير اجتماعي شامل المحيط ،ولهذا
فالديمقراطية التشاركية تمكن من تحديد االحتياجات الحقيقية للسكان وما ينبغي االهتمام به
270البالغ الصحفي حول انعقاد اجتماع مجلس الحكومة بتاريخ 16فبراير 2023موقع رئيس الحكومة:
، https://cg.gov.ma/ar/node/11028تمت الزيارة 21يونيو ،2023على الساعة .11:30
107
من مشاريع كما تمكن الخبراء من رصد مدى أهمية المشاريع المقترحة وفعاليتها وكذا إمكانية
نجاحها من عدمه.271
وتبعا لذلك وتفعيال لمقتضيات المادة 139من دستور المملكة المغربية لسنة ،2011
وإعماال لمواد القانون التنظيمي للجهات ،فإن المجالس الجهوية تحت إشراف رؤسائها ملزمة
بوضع آليات تشاركية من أجل توسيع قاعدة الحوار والتشاور مع هيئات المجتمع المدني
ومختلف المواطنات والمواطنين المهتمين بالشأن المحلي وأنشطة المجالس الجهوية.
تعتبر هذه اآللية التشاركية من أهم مستجدات الجهوية المتقدمة ،حيث كان إشراك هيئات
المجتمع المدني في عمل المجالس الجهوية شبه مغيب في ظل القانون القديم ، 47-96
باستثناء الدعم المالي الذي كانت تستفيد منه بعض الجمعيات تتجلى أهمية هذه الهيئات أساسا
في العمل على التحسيس باألدوار الهامة التي تضطلع بها هذه المجالس لدى المواطن العادي
وتجسيد العالقة بينهما من ناحية ،وكذا في تعزيز أهمية تأسيس الجمعيات وتحفيزها للقيام
بالمهام التي تدخل في اختصاصها .األمر الذي يشجع على انخراط أكبر عدد من ساكنة كل
جهة في عملية التتبع والمراقبة ألنشطة المستشارين الذين يمثلونهم بهذه المؤسسات من ناحية
أخرى ،وبالتالي المساهمة في التنمية االقتصادية واالجتماعية لمنطقتهم.272
ولقد جاء هذا التدبير للقضاء على التدبير األحادي التقليدي البروقراطي الذي يعتمد على
أحادية ومركزية اتخاذ القرار ،فهذا األسلوب لم يعد مقبوال في التدبير الحديث للجهات ،ألن
االحتر افية أصبحت تفرض نفسها على رئيس مجلس الجهة الذي صار ملزما بأن ينتقل من
ذلك المسير العادي إلى ذلك الفاعل األساسي في النظام الجهوي والمسير للجهة بمنطق
المقاول المؤمن بنجاعة التدبير التشاركي والمنفتح على جميع مكونات المحيط سواء الداخلي
أو الخارجي للمجلس الجهوي.
وفي هذا السياق فقد قام رئيس مجلس جهة درعة -تافياللت السيد "أهرو أبرو" بدعوة
كافة المواطنين والمواطنات وكافة الفاعلين الترابيين المهتمين بالشأن العام الجهوي لجهة
درعة -تافياللت يوم 10مارس 2023لتقديم كافة مقترحاتهم في إطار إعداد التصميم الجهوي
إلعداد التراب لجهة درعة تافياللت ،باعتبار هذا األخير بمثابة خريطة الطريق لتنمية الجهة
لمدة 25سنة ،وذلك عن طريق وضع استمارة يتم ملؤها من طرف كافة المهتمين على موقع
إلكتروني موجود على الصفحة الرسمية لمجلس جهة درعة -تافياللت ،273وهذه خطوة تحسب
271عبد العالي الفياللي ،الحكامة التشاركية في إعداد برنامج التنمية الجهوية في ضوء القانون التنظيمي رقم
،111.14منشورات مجلة دفاتر قانونية -سلسلة دفاتر إدارية ،العدد ،2018 ،4الصفحة .83
272محمد أوالد الحاج ،المرجع السابق ،الصفحة .178
تدوينة على الصفحة الرسمية لمجلس جهة درعة تافياللت على الفايس بوك، 273
108
لمجلس جهة درعة تافياللت تحت إشراف رئيسه في تفعيل هذه اآللية الحديثة في تدبير الشأن
العام الجهوي.
وبالتالي فال خالف على أن نجاح رؤساء مجالس الجهات في تحقيق التنمية الجهوية
يقوم أساسا على إشراك كافة الفاعلين الترابيين في بلورة القرارات التنموية والمساهمة على
تنفيذها عبر مختلف الشراكات التي يمكن أن تتم بين الجهات ومختلف الفاعلين بالجهة تفعيال
للمقاربة التشاركية ،فإتاحة هذا الحق الدستوري هو بمثابة خطوة أولية لتفعيل مبدأ المساواة
وربط المسؤولية بالمحاسبة داخل المجالس المنتخبة وجذا يكرس الشفافية والوضوح على
مستوى القرارات المتخذة ،وأيضا القضاء على الفساد اإلداري ،ذلك أن فتح المجال
للمواطنين والمواطنات ومختلف الفاعلين المحليين في الحصول على المعلومات بحوزة
اإلدارة الجهوية يمكنهم على األقل من معرفة ما يروج بداخلها وما يتخذ من قرارات وهذا
ما يشكل رافعة للتدبير التشاركي بالجهة ومن شأنه أن يعزز قيم الديموقراطية والشفافية
داخلها وأيضا تكريس ثقافة الحوار بين الناخب والمنتخب ،وبالتالي فعلى رؤساء المجالس
الجهوية العمل بهذه اآللية الحديثة في التدبير والتطوير منها من أجل تحقيق المساهمة الفعلية
لكافة الفاعلين الجهويين في تدبير الشأن العام الجهوي وتحقيق التنمية والديموقراطية
المنشودة.
ثانيا :آلية التدبير المقاوالتي للعمل الجهوي
يعتبر التدبير الترابي والجهوي خاصة مجاال خصبا يمنح فرصا لتطوير طرق التدبير
التقليدية للشأن العمومي الترابي ،فتطبيق “المقاربة التدبيرية” “ Approche
“managerielleعلى هذا المستوى ،أصبح ضروريا لتمكين الجهة من اآلليات الكفيلة
بتحقيق دورها التنموي .وتحقيق هذا المطلب يعتمد على الذات ،الذي يرتكز على المقاولة،
والتي بدونها ال يمكن الحديث عن تراكم اقتصادي أو تكوين رأسمالي ،وليست المقاولة
الكبرى التي تتجلى في الدولة ،ولكن المقاولة بمفهومها الحديث التي تتجلى في مقاولة الجهة،
حيث أن النظريات االقتصادية الحديثة تأخذ بعين االعتبار اإلطار االقتصادي الترابي،
كعنصر أساسي للتحليل االقتصادي ولتطبيق المخططات االقتصادية .وألجل ذلك ،فقد الجهات
المنشط الرئيسي للدورة االقتصادية على الصعيد الترابي ،وإحدى الميادين والمجاالت التي
أضحى علم االقتصاد يهتم بها من كل الجوانب المرتبطة بالمجال االقتصادي.274
انطالقا من المعطيات السابقة ،يتبين لنا أهمية الموضوع ،حيث أن الحاجة أصبحت أكثر
إلحاحا في تغيير مقاربة الدولة للجماعات الترابية وبالضبط الجهات كوحدات ترابية إدارية،
274بهيجة هسكر ،الجماعة المقاولة بالمغرب ،سلسلة الالمركزية واإلدارة المحلية ،الطبعة األولى ،عدد ،2010 ،5الصفحة
.1
109
إلى جماعات اقتصادية تنافسية ،تقوم بتنشيط الدورة االقتصادية الترابية ،وكأحد الشركاء
الرئيسيين للدولة ،في المبادرات الكبرى وإنعاش االستثمارات وحل المشاكل االجتماعية.
وهكذا ،فقد أصبحت الجهات كقطب اقتصادي مهم ،يساهم في دعم االقتصاد الترابي ،وفاعل
أساسي ليس فقط في مجال نفوذها ،بل تعدتها إلى المشاركة في المبادرات التنموية الكبرى،
ويتعلق األمر هنا بالمبادرة الملكية التي أطلق عليها اسم “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية”،
التي تهدف إلى تحسين الوضع االجتماعي للمواطنين سواء عن طريق التدخالت الميدانية أو
عن طريق الدعم المالي.275
وفي سياق آخر ،أضحت التحديات التنافسية التي أفرزتها العولمة بمثابة المدخل الرئيسي
لإلصالح والتغيير على جميع المستويات ،وألجل ذلك أصبح المغرب مدعوا لتأهيل وتحديث
اقتصاده ،الشيء الذي دفعه إلى توقيع عدة اتفاقيات تجارية ،إما في شكل ثنائي كاتفاقيات
التبادل الحر ،وإما في إطار متعدد األطراف مع االتحاد األوروبي على سبيل المثال .وما من
شك أن هذه االتفاقيات ستحدث عدة التزامات تمتد حتى على مستوى تدبير الشأن العام الترابي
عن طريق ابرام اتفاقيات التوأمة مع فاعلين خارج المغرب ،لذلك فقد قاربت الدولة هذا
الموضوع وفق منظور تشاركي تعاقدي ،تساهم فيه الجماعات الترابية التي أضحت رائدة
في الميدان التنموي الترابي .276
وهكذا فهذه الرحلة تتطلب رئيس المجلس الجهوي بمواصفات المقاول الناجح فكونه
اآلمر بالصرف الخاص بالجهة يتوجب عليه القيام بدور مدبر المؤسسة أو المقاولة بحيث
يبقى على عاتقه تطوير مناهج التدبير واإلدارة الترابية وأن يبتكر الحلول للمشاكل التي
تعترض سبيله في حدود القوانين التنظيمية الجاري بها العمل.
وهكذا ،فالرئيس المقاول مطالب بالتعريف أكثر بالتراب الجهوي كمجال مؤهل للنشاط
االقتصادي ،وبالتالي العمل على الترويج لخصوصياته التي تجعله ندا لباقي المجاالت الترابية
وذلك لن يكون إال عبر تقنيات التسويق الترابي .فالتسويق marketingهو عملية يتم من
خاللها مالئمة المنتوج الخدماتي أو السلعي مع حاجيات وانتظارات المستهلك فهو بذلك آلية
يتم بها توسيع السوق االستهالكية لمنتوج معين ،فرغم نشأة التسويق في الميدان التجاري إال
أنه سرعان ما انتقل إلى المؤسسات العمومية والجماعات الترابية العتبارات مرتبطة بتحقيق
النجاعة والفعالية في الفعل العمومي.
275محمد بوكطب ،التدبير المقاوالتي للجماعات الترابيية بالمغرب ،مقال منشور بمجلة المنارة االلكترونية ،على الموقع
التالي ، https://revuealmanara.com :تمت الزيارة بتاريخ 22يونيو ،2023على الساعة .22:06
…“ 276كان لزاما على مدننا التوجه نحو نظام يمكن من فتح المجال لمبادرات ،تقوم على مقاربة تعاقدية وتشاركية ،بين
الدولة والمدن ،ومن انخراط مختلف الفعاليات السياسية ،واالقتصادية واالجتماعية ،وإشراك المواطنين في مختلف مراحل
انجاز البرامج المحلية… ”.مقتطف من خطاب جاللة الملك محمد السادس ،الموجه الى المشاركين في الملتقى الوطني حول
الجماعات المحلية بأكادير ،جريدة الصحراء المغربية ،العدد 13 ،6523دجنبر .2006
110
وإذا كان التسويق الترابي يرتكز على مبادئ التسويق المعتمدة لدى المقاوالت خاصة
تسويق المنتجات أو تسويق الخدمات ،فإن تطبيقه على البعد الترابي يفرض أن يتأقلم مع هذه
الطبيعة التي تمنحه خصوصية التميز عن باقي المفاهيم المشابهة له ،فالتسويق في مجال
تدبير المقاوالت يستهدف الزبناء ،بينما في التسويق الترابي يتم التعامل مع مرتفقين ،كما ان
دور المقولة يعوضه دور التراب وإمكانيته في جذب االستثمارات إلى جانب تعدد المتدخلين
في العرض الترابي الجماعات الترابية وكاالت التنمية ،)...فرق آخر بين النوعين تحدده
نسبة التحكم في العرض ،فالمقاوالت تراقب عرضها للمنتجات والخدمات من خالل عملية
اإلنتاج ،في حين أن صاحب القرار الترابي ال يتحكم إال في جزء من العرض الذي يتميز
بتعدد مكوناته (بنيات تحتية ،موارد طبيعية ،بشرية مالية .277)...
وهكذا تبدو أهمية الدور التسويقي الذي يلعبه رئيس مجلس الجهة من خالل الفلسفة
المعتمدة لجعل الفضاء الجهوي قطبا جاذبا لالستثمارات عبر التعريف بخصائصه طبيعية
كانت أو اقتصادية أو جغرافية أو ثقافية ...بهدف إعطاء صورة تتسم بالجودة وذلك باستغالل
مختلف مكونات الجهة والتي تجعلها تغدو قطبا صناعية سياحيا أو فالحيا.278...
فالتسويق يجعل من الجهة بضاعة يمكن إخضاعها لقواعد وميكانزمات السوق بإدخال
بعض المفاهيم كعوامل الجذب والجودة واإلشهار والمنتوج ...بهدف تحسين العرض الترابي
وتطوير تموقعه داخل األسواق التنافسية وفق استراتيجية شمولية تكرس وظيفة المجال
التنموية دون التنكر ألبعادها الحضارية اإلنسانية ،الثقافية والبيئية ،فرئيس مجلس الجهة
باعتماده مبادئ التسويق يكرس النهج المقاوالتي للجهة من خالل التعامل مع تراب الجهة
كمنتوج قابل للعرض والستقطاب المزيد من المقاوالت التي أخذت بوضع البعد الترابي في
صلب استراتيجياتها اإلنتاجية لضمان وجود قوة هيكلية تدعم تنافسيتها.
إن تفعيل التسويق الترابي كما يجب يمكن الجهة من بلوغ وتحقيق هدفين موضوعيين
ومتكاملين في اآلن ذاته ،الهدف األول خارجي له طابع اقتصادي يركز في المقام األول على
تنمية الجهة وتقوية تنافسيتها االقتصادية وجذب المستثمرين ،والهدف الثاني هدف داخلي له
حمولة سياسية بحيث يحاول تبرير نشاط وعمل المجلس الجهوي.
وعليه فإن تطبيق تقنيات التسويق يعطي لتراب الجهة قيمة مضافة بشكل يعزز مكانة
ووظيفة الجهة كرافعة للتنمية والرقي بها إلى مستوى مقاولة حقيقية تساهم بشكل فعلي في
277آمال بلشقر ،تدبير الجماعات الترابية للمشاريع التنموية بين إكراهات الواقع ومتطلبات التنمية الجهوية المندمجة،
أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال ،السنة
الجامعية ،2015/2014الصفحة.363 ،
278آمال بلشقر ،التسويق الترابي دعامة أساسية للتنمية الجهوية المندمجة ،مجلة الدراسات ووقائع دستورية وسياسية ،العدد
،2013 ،9الصفحة .72
111
إيجاد حلول عملية لمختلف المشاكل االقتصادية واالجتماعية ،غير أن التسويق يتوقف على
شروط أساسية وهي إقدام الجهة على توفير محيط تنافسي للمقاولة خاصة بإقرار تحفيزات
جبائية وقوانين استثمارية وبنيات تحتية من طرق مواصالت ومناطق صناعية حتى تتمكن
الجهة من جذب استثمارات وطنية وأجنبية.279
112
خاتمة الفصل الثاني
وختاما يمكن الجزم بكون التدبير الفعال للتنمية الجهوية يمثل محكا أساسيا للحكم على
نجاح اإلصالحات الجارية وفي مقدمتها الجهوية المتقدمة والالتمركز الواسع .وفي غياب
الشروط الضامنة لتفعيل المقتضيات المتعلقة بالتدبير الحر والتفريع واالستقالل المالي فإن
تدبير التنمية الجهوية سيظل مجاال حصريا للبيروقراطية الترابية الممثلة في شبكة رجال
السلطة والبنيات اإلدارية التابعة لوزارة الداخلية وللقطاعات الوزارية وهو واقع إن استمر
فإنه يسائل في العمق الجدوى من المسار الديموقراطي المحلي برمته.
وبناء عليه فرئيس مجلس الجهة يلعب دورا هاما في تحقيق التنمية الترابية عامة
والجهوية خاصة التي أصبحت رهانا للرفع من فعالية التدبير الجهوي .لدى يجب العمل على
تفعيل أداء هذا الجهاز وذلك عن طريق مجموعة من العناصر من بينها:
أوال :تجديد النخب السياسية ،وهو من الركائز األساسية لتفعيل عمل النخب السياسية
وهو مظهر لحركية المجتمع وقدرته عبر قنوات التنشئة السياسية ومنها األحزاب السياسية
على إفراز نخب متنورة ذلت كفاءة ونزاهة وقادرة على التواصل مع المجتمع وتنفيذ البرامج
التنموية وإبرام اتفاقيات الشراكة والتعاون ،وبما أن األحزاب السياسية تعتبر أهم قنوات
لتمثيل المواطنين وتنظيمهم فإنها تتحمل مسؤولية تجديد نخبها والتأطير الجيد لها واالرتقاء
بنوعية أطرها.
ثانيا :إيجاد تشريع قانوني واضح يدقق مسألة التدبير الحر ،وتوضيح العالقة بين سلطة
المراقبة المتمثلة في الوالي ،ورئيس مجلس الجهة للحد من تنازع االختصاص بين هاتين
المؤسستين.
ثالثا :تحسين تمويل الجهة عن طريق بلورة رؤية استراتيجية في مجال تمويل الجهات
مما سيساعد على تعزيز صالحيات رئيس مجلس الجهة ومالئمة المتطلبات الجديدة للتنمية
الترابية.
رابعا :تمكين رئيس مجلس الجهة من مهارات التدبير العمومي والقيادة ،فاألمر يقتضي
مباشرة كفاءات تدبيرية عالية ،فهذا األخير يعد مسؤوال سياسيا ومحركا للتنمية الجهوية
ومخاطب أساسي للدولة وباقي الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وشريك هام في
الحقل االقتصادي واالجتماعي.
113
خاتمة عامة
وختاما ،من خالل هذه الدراسة التي تتعلق بمؤسسة رئيس المجلس الجهوي ودوره في
التنمية ،تم إبراز ورصد أهم التحوالت التي عرفتها هذه المؤسسة بعد دستور 2011فإذا كان
القانون السابق المنظم للجهات 47.96في ظل دستور1996لم يخصص إال مادة واحدة إلدارة
الجهة قد تضمن مقتضيات جعلت رئيس مجلس الجهة يحتل المرتبة الثانية بعد الوالي بالنظر
إلى االختصاصات المحددة له ،بدون أن يرقى إلى مؤسسة تنفيذية ،حيث يشارك بصفة
مباشرة أو غير مباشرة في اتخاذ القرارات ،ويعتبر أقل استقالال في ممارستها حتى أن
شخصية رئيس مجلس الجهة تختفي في كثير من الحاالت وراء شخصية الوالي ،فإن القانون
التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات في ظل دستور 2011قد نص على مجموعة من
المقتضيات المؤطرة للعمل الجهوي ،باعتباره األساس القانوني الذي تستمد منه هذه المجالس
وأجهزتها التنفيذية اختصاصاتها في مجال التنمية االقتصادية واالجتماعية الجهوية ،ومنح
رئيس مجلس الجهة السلطة التنفيذية تجسيدا لمبدأ التدبير الحر ،إذ أنه بدراسة الباب الثاني
من القسم الثالث من هذا القانون المعنون بصالحيات رئيس الجهة والذي يضم مجموع
اختصاصات الرئيس فإنه أعطى الرئيس سلطة تنفيذ مقررات المجلس الجهوي وكذلك األمر
بالصرف ،وكذلك مسؤولية تنظيم إدارة الجهة مع تحديد اختصاصاتها باعتباره الرئيس
التسلسلي لمصالحها وللعاملين بها .كما أوكل له صالحية التعيين في جميع المناصب اإلدارية
بهذه المؤسسة إلى جانب إمكانية تعيين لمكلفين بمهمة االشتغال إلى جانبه.
باإلضافة إلى ما تمت اإلشارة فقد حاول المشرع التنظيمي أيضا ضبط مهام رئيس
مجلس الجهة وبيان واجباته والتزاماته وحقوقه بالتنصيص عليها في الباب المتعلق بالنظام
ا ألساسي للمنتخب ،والذي شكل إحدى المستجدات التي أتى بها القانون التنظيمي المتعلق
بالجهات ،والتي من خاللها حاول المشرع تدارك النقص الذي كان يعرفه التنظيم الجهوي
السابق بهذا الخصوص ،حيث تم تمتيع رئيس مجلس الجهة بمجموعة من الحقوق التي من
بينها كما سبق الذكر التعويض عن التمثيل والتنقل ،باإلضافة إلى الحق في التكوين والحق
في رخص التغيب والحماية االجتماعية ،إلى غيرها من الحقوق التي سبقت اإلشارة إليها ،
وفي مقابل ذلك رتب عليه مجموعة من الواجبات التي من أبرزها االلتزام بعدم القيام بأفعال
مخالفة للقانون ،وعدم ربط مصالح خاصة مع الجهة ،فضال عن ضرورة اإلقامة داخل
الوطن ،ووجوب التصريح بالممتلكات وغيرها من االلتزامات والواجبات الملقاة على عاتق
رئيس مجلس الجهة أثناء تأدية مهامه والتي تمت اإلشارة إليها سلفا في هذا الفصل .وكذلك
ومن أجل ضمان حسن التصرف في األموال العمومية بما يخدم مصلحة الجهة ،فقد أقر هذا
القانون مسؤولية متنوعة على كل األشخاص المكلفين بالتنفيذ اإلداري والحسابي للميزانية
العامة ،ومن هؤالء نجد رئيس الجهة كمسؤول عن تدبير شؤون الجهة وآمر بصرف نفقاتها.
114
فرئيس مجلس الجهة يتحمل بذلك مسؤولية تأديبية أثناء إخالله ببعض مهامه وواجباته ،في
حين يكون مسؤوال جنائيا أثناء قيامه ببعض األفعال المخالفة للقانون والتي جرمها القانون
الجنائي.
وبالتالي وانطالقا مما سبق فرغم كافة المستجدات التي أتى بها القانون التنظيمي
الخاص بالجهات بخصوص اختصاصات وصالحيات مؤسسة رئيس مجالس الجهة فإنه
ال زالت تشوبه بعض النواقص التي من شأنها التأثير سلبا على الدور التدبيري المفروض
أن تلعبه هذه األجهزة التنفيذية ،فرغم تمتيع هذا األخير بمجموعة من الصالحيات الجديدة
إال أنها تظل ضئيلة تغيب عنها سلطة التقرير ويطبعها تقليص هامش التدخل والمبادرة في
غالب األحيان ،فرئيس مجلس الجهة ال يملك حتى القدرة على إجبار مجلسه على العمل ،
حيث أن المجلس إذا رفض القيام بمهامه ال يمكنه أن يجبره إنما بإمكانه فقط أن يطلب من
الوالي أن يتدخل إلجبار مرؤوسي رئيس الجهة للعودة إلى صالحياتهم .
وما يعاب أيضا على هذا القانون أنه ألغى إمكانية التعاقد مع فئة المكلفين بالدراسات
التي كانت ممنوحة لرؤساء الجهات السابقين .والتخلي عن هذا الصنف خلق نوعا من
التضارب حول جدواه .فهناك من اعتبره دون تأثير على إدارة الجهة لكونها تتوفر على
أصناف مختلفة من الموظفين وأطر عليا يمكنها االضطالع بالمهام الموكولة لها ،في حين
هناك من عارضها واعتبرها تراجعا عن إحدى الركائز التي كان يستعين بها الرؤساء أثناء
تأدية مهامهم.
فضال عما تمت اإلشارة إليه فإن التدبير اإلداري للرئيس ومسؤوليته في تسيير المجلس
ليست باألمر الهين ،فطبيعة تركيبة المجلس من ألوان سياسية وانتماء قبلي ووضعيات
األشخاص االعتبارية ،تجعل تسيير المجلس ،وإدارة الجلسات فيه أمر جد حساس ،وهكذا
فإن مجالس الجهات ظلت تشكو وتكشف على مر التجارب على مظاهر الخلل والتسربات
التي تشكل تبذيرا للطاقات سواء بفعل الصراعات السياسية والشخصية الضيقة أو بفعل عدم
توزيع المسؤوليات.
وعليه فإن إشكالية التنمية الجهوية بالمغرب ليست مالية محضة وإنما خلفياتها سياسية
تدبيرية في مغرب نحتاج فيه اليوم نخب إدارية وسياسية ورؤساء مجالس جهوية يتصفون
بالكفاءة والتكوين المتميز ،وبذلك فالفصل الثاني من هذا البحث سنخصصه للتوسيع في دراسة
مكانة رؤساء مجلس الجهوية في تحقيق التنمية الجهوية باإلضافة إلى تبيان كافة العراقيل
التي تعيق رؤساء المجالس الجهوية في تدبير الشأن العام الجهوي وتحقيق التنمية الجهوية
وذلك بدراسة حالة جهة درعة-تافياللت.
115
إن التدبير الفعال للتنمية الجهوية يمثل محكا أساسيا للحكم على نجاح اإلصالحات
الجارية وفي مقدمتها الجهوية المتقدمة والالتمركز الواسع .وفي غياب الشروط الضامنة
لتفعيل المقتضيات المتعلقة بالتدبير الحر والتفريع واالستقالل المالي فإن تدبير التنمية الجهوية
سيظل مجاال حصريا للبيروقراطية الترابية الممثلة في شبكة رجال السلطة والبنيات اإلدارية
التابعة لوزارة الداخلية وللقطاعات الوزارية وهو واقع إن استمر فإنه يسائل في العمق الجدوى
من المسار الديموقراطي المحلي برمته.
وبناء عليه فرئيس مجلس الجهة يلعب دورا هاما في تحقيق التنمية الترابية عامة
والجهوية خاصة التي أصبحت رهانا للرفع من فعالية التدبير الجهوي.
وأمام كل المعيقات واالكراهات التي تعيق عمل مؤسسة رئيس مجلس الجهة والتي
سبقت اإلشارة إليها ،عمدنا إلى عرض مجموعة من المقترحات وهي كاآلتي:
تعديل القانون التنظيمي رقم 111.14المتعلق بالجهات بما يسمح بتدقيق وتوضيح
وتحيين اختصاصات رئيس مجلس الجهة في ظل المكتسبات والظروف الراهنة؛
إعطاء مضمون ملموس لمكانة رئيس مجلس الجهة وذلك من خالل وضع آليات
وكيفيات ناجعة من شئنها تمكين هذا الجهاز من تنظيم العمل الجهوي بين مختلف الفاعلين
بشكل منسجم ،من أجل تنفيذ برامج التنمية الجهوية والتصميم الجهوي إلعداد التراب؛
إشراك رؤساء المجالس الجهوية في مرحلة إعداد االستراتيجيات القطاعية من لدن
المصالح الالممركزة لتسهيل ممارستها الختصاصاتها؛
مد الجهات بالموارد البشرية الكافية والمؤهلة للقيام باألدوار المنوطة بها على أكمل
وجه ،مما يساعد رئيس مجلس الجهة على القيام باألعمال المنوطة به؛
تجديد النخب السياسية ،وهو من الركائز األساسية لتفعيل عمل النخب السياسية وهو
مظهر لحركية المجتمع وقدرته عبر قنوات التنشئة السياسية ومنها األحزاب السياسية على
إفراز نخب متنورة ذلت كفاءة ونزاهة وقادرة على التواصل مع المجتمع وتنفيذ البرامج
التنموية وإبرام اتفاقيات الشراكة والتعاون ،وبما أن األحزاب السياسية تعتبر أهم قنوات
لتمثيل المواطنين وتنظيمهم فإنها تتحمل مسؤولية تجديد نخبها والتأطير الجيد لها واالرتقاء
بنوعية أطرها؛
إيجاد تشريع قانوني واضح يدقق مسألة التدبير الحر ،وتوضيح العالقة بين سلطة
المراقبة المتمثلة في الوالي ،ورئيس مجلس الجهة للحد من تنازع االختصاص بين هاتين
المؤسستين؛
116
تحسين تمويل الجهة عن طريق بلورة رؤية استراتيجية في مجال تمويل الجهات مما
سيساعد على تعزيز صالحيات رئيس مجلس الجهة ومالئمة المتطلبات الجديدة للتنمية
الترابية؛
تمكين رئيس مجلس الجهة من مهارات التدبير العمومي والقيادة ،فاألمر يقتضي مباشرة
كفاءات تدبيرية عالية ،فهذا األخير يعد مسؤوال سياسيا ومحركا للتنمية الجهوية ومخاطب
أساسي للدولة وباقي الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وشريك هام في الحقل
االقتصادي واالجتماعي.
117
المالحق
الملحق رقم 1
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
الملحق رقم 2
131
الئحة المراجع
الكتب
كتب عامة
إبراهيم كومغار ،آفاق اإلصالح الجهوي بالمغرب من خالل إشكالية النخب السياسية -
(الجهوية في الدول المغاربية أية آفاق) ،أشغال األيام المغاربية التاسعة للقانون المنظمة
من طرف شبكة الحقوقيين المغاربيين) ،أيام 27-26أبريل ،2013مطبعة المعارف
الجديدة ،الرباط.2014 ،
أبو المعطي حافظ أبو الفتوح ،شرح القانون الجنائي المغربي (القسم الخاص) ،الطبعة -
أحمد جويد ،جريمة رشوة الموظف العمومي في التشريع المغربي ،الطبعة األولى ،دار -
بوجمعة بوعزاوي ،المغرب الجهوي ورهان الجهوية المتقدمة ،نشر وتوزيع ،Emaliv -
حجيبة زيتوني ،الجهة واإلصالح الجهوي بالمغرب ،السلسلة المغربية لبحوث اإلدارة -
واالقتصاد والمال ،العدد ،3مطبعة طوب بريس ،الرباط ،الطبعة األولى .2011
خديجة صبار ،إدانة تدبير الشأن العام المحلي في المغرب :تجربة مستشارة ،الطبعة -
رشيد لصفر ،الجهوية المتقدمة بالمغرب المرتكزات والرهانات في ضوء تقرير اللجنة -
132
سعيد جفري ،الجماعات الترابية بالمغرب الجهات ،العماالت واألقاليم ،والجماعات، -
سليمان الطماوي ،قضاء التأديب ،الكتاب الثالث ،دراسة مقارنة ،الطبعة األولى ،دار الفكر -
صالح المستف ،الجهوية في مغرب الجهات ،مشورات سلسلة الالمركزية واإلدارة -
محمد براو ،الوجيز في شرح قانون المحاكم المالية :مساهمة في التأصيل الفقهي للرقابة -
كريم لحرش ،دور الجهوية المتقدمة في تحقيق الحكامة الترابية-نحو تصور جديد لحكامة -
ديموقراطية للشأن الجهوي بالمغرب ،مشورات سلسلة الالمركزية واإلدارة الترابية ،العدد
،19سنة.2012
عماد أبركان ،المسألة الجهوية بالمغرب بين الكائن والممكن في ضوء القانون التنظيمي -
للجهات ،مجلة الشؤون القانونية والقضائية ،العدد األول ،دار السالم للطباعة والنشر
والتوزيع ،الرباط ،سنة .2016
فاطمة مزروع السعدي ،اإلدارة المحلية الالمركزية بالمغرب ،الجزء األول ،مطبعة -
عبد الرفيع زعنون ،تدبير التنمية الترابية وسؤال الديموقراطية :الفرص والمخاطر، -
منشورات مركز تكامل للدراسات واألبحاث ،مطبعة قرطبة أكادير ،سنة .2020
المرتقب ،الجهوية في الدول المغاربية أية آفاق ،أشغال األيام المغاربية التاسعة للقانون
133
المنظمة من طرف شبكة الحقوقيين المغاربيين (أيام 27-26أبريل ،)2013مطبعة
المعارف الجديدة ،الرباط .2014
الشرقي نصراوي وشحيحي عبد الرحمان ،الجهوية الموسعة في الخطب الملكية بين -
التحليل السيميائي والتحليل السياسي ،الجهوية الموسعة بالمغرب (أي نموذج مغربي على
ضوء التجارب المقارنة) ،سلسلة الالمركزية واإلدارة المحلية ،عدد ،6توزيع مكتبة
الرشاد ،سطات ،سنة .2010
عبد اإلله أمين ،الجهوية المتقدمة ورهان إعادة تنظيم العالقة بين المركز والمحيط: -
الجهوية في الدول المغاربية أية آفاق ،أشغال األيام المغاربية التاسعة للقانون المنظمة من
طرف شبكة الحقوقيين المغاربة (أيام 27-26أبريل ،)2013مطبعة المعارف الجديدة،
الرباط.2014 ،
كتب خاصة
سعيد نازي ،الوالي في إطار الجهوية المتقدمة ،منشورات مجلة العلوم القانونية، -
عبد هللا غازي ،السياسات العمومية الترابية بين تداخل استراتيجية الفاعلين ودينامية النسق -
عبدهللا شنفار ،الفاعلون المحليون والسياسات العمومية المحلية دراسة في القرار المحلي، -
معاد الراضي ،البعد التنموي للجهة على ضوء المستجدات القانونية ،منشورات المجلة -
المغربية لإلدارة المحلية والتنمية سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية ،عدد .2022 ،142
134
أحمد الراجي ،مدى مساهمة الالتمركز اإلداري والالمركزية في دعم الجهوية ،أطروحة -
لنيل الدكتوراه في الحقوق ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد
الخامس ،أكدال ،الرباط ،السنة الجامعية .2001-2000
إدريس جردان ،دور العنصر البشري في تنمية الجماعات المحلية ،أطروحة لنيل -
الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،أكدال-الرباط ،السنة الجامعية .2002-2001
آمال بلشقر ،تدبير الجماعات الترابية للمشاريع التنموية بين إكراهات الواقع ومتطلبات -
التنمية الجهوية المندمجة ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد
الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال ،السنة الجامعية
.2015/2014
جواد الرباع ،الجهوية ورهانات التنمية المحلية بالمغرب ،دراسة حالة جهة مراكش -
تانسيفت الحوز ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،تخصص العلوم السياسية،
جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش ،السنة
الجامعية .2015/2014
خالد رضى زكي ،الحكامة الترابية في ضوء القوانين التنظيمية للجماعات الترابية :مقاربة -
للقانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام،
جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش ،السنة
الجامعية 2016/2015
سعيد مزين ،الجهة بين التأطير الدستوري ،والتفعيل القانوني جهة كلميم وادنون -
نموذجا ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش ،السنة الجامعية .2017/2016
135
صالح فكري ،دور برنامج التنمية الجهوية في تحقيق رهان التنمية المستدامة دراسة حالة -
جهة مراكش -آسفي ،رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام ،جامعة القاضي عياض،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش ،السنة الجامعية .2021/2020
عثمان بوتجدير ،مؤسسة رئيس الجهة بالمغرب على ضوء المقتضيات الدستورية -
والقانونية لما بعد ،2011رسالة لنيل الماستر في القانون العام والعلوم السياسية ،جامعة
محمد الخامس أكدال ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية -الرباط ،السنة
الجامعية .2017/2016
فوزي الشافعي ،مؤسسة رئيس الجهة في ضوء الجهوية المتقدمة ،رسالة لنيل الماستر -
في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاضي عياض،
مراكش ،السنة الجامعية .2016/2015
محمد علي لطيف ،مؤسسة رئيس الجهة على ضوء الجهوية المتقدمة ،رسالة لنيل الماستر -
في القانون العام ،كلية العلوم القانونية والسياسية ،جامعة الحسن األول بسطات ،السنة
الجامعية .2022/2021
مصطفى المغلوت ،اإلطار القانوني والتنظيمي لمجلس جهة درعة –تافياللت ورهان
االستثمار ،ديبلوم لنيل شهادة الماستر ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
جامعة ابن زهر أكادير ،السنة الجامعية .2020/2019
أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
جامعة عبد المالك السعدي ،طنجة ،السنة الجامعية .2018/2017
المقاالت
آمال بلشقر" ،التسويق الترابي دعامة أساسية للتنمية الجهوية المندمجة" ،مجلة دراسات -
136
نادية النحلي" ،الجهوية المتقدمة في الدستور المغربي الجديد لسنة ،2011المجلة المغربية -
محمد الشريف بنخي" ،الرقابة اإلدارية والقضائية على أعمال الجماعات الترابية :أي -
تكريس لمبدأ فصل السلط؟" ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية العدد
،122سنة .2016
خالد هيدان ،الجهة وإشكالية الموازنة بين البعد التنموي والبيئي بالمغرب "دراسة تحليلية -
على ضوء القانون التنظيم يرقم ،"111.14منشورات مجلة مسارات ،الطبعة األولى
.2022
محمد باهي" ،المراقبة اإلدارية على المنتخبين وعلى مشروعية قرارات رؤساء -
المجالس ومقررات مجالس الجماعات الترابية :أي دور للقاضي اإلداري؟" ،المجلة
المغربية لألنظمة القانونية والسياسية ،العدد ،13دجنبر ،2017الصفحة .19
عبد العلي عدنان" ،مقاربة دستورية لحدود ومضمون مبدأ التدبير الحر الجهة نموذجا، -
المجلة المغربية للقانون اإلداري والعلوم اإلدارية" ،عدد مزدوج ،3-2سنة .2017
الحسين الوزاني الشاهدي" ،الجهة أداة لتطوير ودعم الالمركزية ،المجلة المغربية لإلدارة -
المحلية والتنمية" ،سلسلة مواضيع الساعة ،العدد ،52مطبعة دار النشر المغربية ،الرباط
.2006
عبد الرحيم المحجوبي" ،الثابت والمتغير في عالقة الوالة والعمال بالمنتخبين بين الوثيقة -
الدستورية والقوانين التنظيمية" ،مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية ،عدد ،22
سنة .2018
سيدي األشكل" ،السياسات الجهوية بالمغرب بين رهانات الفاعلين وإكراهات التنزيل"، -
137
محمد بن صديق أحمد الفيالتي" ،الجزاءات التأديبية على الموظف العام في نظام المملكة -
العربية السعودية " دراسة تأصيلية مقارنة وتطبيقية" ،رسالة لنيل الماجستير ،تخصص
السياسة الجنائية ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،سنة 2005
عبد الحق عالوي" ،مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية وإعداد التراب في ضوء دستور -
عبد العالي الفياللي" ،مسؤولية رئيس المجلس الجهوي في تدبير النفقات العمومية -
الجماعية" ،مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية ،عدد خاص ،سنة .2019
محمد أوالد الحاج" ،الجهة والجهوية المتقدمة :قراءة مقارنة بين القانون رقم47.96 -
يوسف خنفور" ،واقع الجهوية بالمغرب بين رهان التنمية ومفارقة الحكامة الترابية"، -
حميد أبوالس" ،أهمية دسترة الجهة في دستور ،"2011المجلة المغربية لإلدارة المحلية -
سعيد ططي" ،التأطير الدستوري لتدبير الشأن المحلي بالمغرب على ضوء مقتضيات -
أحمد قدميري" ،مكانة المنتخب الترابي ودوره في تنزيل الجهوية المتقدمة" ،منشورات -
المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية ،عدد خاص رقم ،24مطبعة األمنية-الرباط،
الطبعة األولى .2020
138
الشريف الغيوبي" ،استقاللية السلطة التنفيذية للجهة على ضوء القانون التنظيمي -
-عبد اللطيف بكور" ،الجماعات الترابية وسؤال إصالح السياسة االنتخابية" ،المجلة المغربية
للسياسات العمومية ،العدد ،16سنة .2015
عبد القادر الخاضري" ،الجماعات الترابية بالمغرب :من التسيير اإلداري إلى تدبير -
أحمد أجعون" ،النظام األساسي للمنتخب الجهوي والمحلي" ،المجلة المغربية لألنظمة -
عبد هللا حارسي" ،إشكالية تكوين المنتخب الجماعي والناخب بالمغرب" ،منشورات -
فؤاد مدكري" ،مفهوم الموظف العمومي في القانون الجنائي المغربي من أجل حماية -
أوسع للشأن العام" ،المجلة الدولية لألبحاث الجنائية والحكامة األمنية القانون الجنائي
المغربي بين الثبات والتطور ،العدد الثالث.2020 ،
فريد ال سموني" ،مفهوم الموظف العمومي في القانون الجنائي المقارن" ،الطبعة األولى، -
رداد شمالل" ،ورش الجهوية المتقدمة على ضوء النموذج التنموي الجديد" ،مجلة -
عبد العالي الفياللي" ،الحكامة التشاركية في إعداد برنامج التنمية الجهوية في ضوء -
القانون التنظيمي رقم ،"111.14منشورات مجلة دفاتر قانونية-سلسلة دفاتر إدارية ،العدد
.2018 ،4
139
نصوص قانونية
بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي ،الجريدة الرسمية عدد 2640مكرر ،الصادرة
بتاريخ 12محرم 5(1383يونيو ،)1963ص .1253
بمثابة النظام األساسي العام للوظيفة العمومية ،الجريدة الرسمية عدد ،23.72بتاريخ (11
أبريل .)1958
140
القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات ،الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم -
القانون التنظيمي 130.13لقانون المالية ،الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.15.62 -
القانون 47.96المتعلق بتنظيم الجهات ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.97.84 -
القانون 47.06المتعلق بالجبايات المحلية ،الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم -
المرسوم رقم 2.16.297بتاريخ 29يونيو 2016بتحديد كيفيات تنظيم دورات التكوين -
المستمر لفائدة أعضاء مجالس الجماعات الترابية ومدتها وشروط االستفادة منها ومساهمة
الجماعات الترابية في تغطية مصاريفها ،الجريدة الرسمية عدد ،6482بتاريخ 14يوليوز
.2016
منح التعويضات ومقاديرها لرئيس مجلس الجهة ونوابه وكاتب المجلس ونقبه ورؤساء
اللجان الدائمة ونوابهم ورؤساء الفرق الجريدة الرسمية عدد 6511بتاريخ 24أكتوبر
2016ص.7409
كيفيات تطبيق األحكام المتعلقة بالوضع رهن اإلشارة للتفرغ التام لمزاولة مهام رئيس
141
مجلس الجهة ،الجريدة الرسمية عدد ،6578الصادرة بتاريخ 20رمضان 15(1438
يونيو ،)2017الصفحة .3685
بتحديد مسطرة إعداد التصميم الجهوي إلعداد التراب وتحيينه وتقييمه ،الجريدة الرسمية
عدد ،6618الصادرة في 13صفر 11(1439فبراير ،)2017الصفحة .6385
المرسوم التطبيقي 2.16.299المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية -
وتتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور إلعداده ،صادر في 23رمضان (1437
29يونيو ،)2016الجريدة الرسمة عدد ،6482الصادرة بتاريخ 9شوال 14 ( 1437
يوليوز ،)2016الصفحة .5341
بتحديد قائمة الوثائق الواجب إرفاقها بميزانية الحية المعروضة على لجنة الميزانية
والشؤون المالية والبرمجة جريدة رسمية عدد 6482بتاريخ 9شوال )14( 1437يوليوز
،)2016الصفحة .5462
الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 33للمسيرة الخضراء ،المؤرخ في 6نونبر .2008 -
المملكة المغربية ،وزارة الداخلية ،المديرية العامة للجماعات الترابية ،دليل منهجي -
لبرنامج التنمية الجهوية لإلعداد والتنفيذ والتتبع والتحيين والتقييم ،سلسلة دليل المنتخب
.2022
142
اللجنة االستشارية ،تقرير حول الجهوية المتقدمة ،الكتاب الثاني :الجوانب المؤسساتية. -
تقرير لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة حول مشروع قانون -
تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي حول موضوع :متطلبات الجهوية المتقدمة -
تقرير التشخيص االستراتيجي لجهة درعة-تافياللت " ،إنجاز التصميم الجهوي إلعداد -
-قرار المجلس األعلى رقم 3042في 17ماي ،1983مجلة قضاء المجلس األعلى ،العدد
،32ص .177
143
الندوات
حسن العرفي ،مداخلة خالل ندوة برلمانية حول موضوع الجهوية المتقدمة بين مضامين -
الندوة التي نظمها المركز الدولي للدراسات واألبحاث االستراتيجية في الحكامة المجالية -
والتنمية المستدامة بالواحات والمناطق الجبلية حول موضوع " األنظمة الواحية التحوالت
واألفاق التنموية" ،بورزازات يومه األحد 19يناير ، 2019إدارة مجلس جهة درعة
تافياللت.
الندوة الدولية التي نظمها مركز دراسة وتنمية المجاالت الواحية الصحراوية بالجرف، -
يومه الثالثاء 9أكتوبر 2018بمقر مجلس جهة درعة -تافياللت تحت عنوان "البعد
الحضاري والتنموي لخطارات المغرب وأفالج الجزيرة العربية" ،وذلك بشراكة مع
مجلس جهة درعة -تافياللت وعدة شركاء آخرين ،إدارة مجلس جهة درعة تافياللت.
مقابلة
مقابلة مع السيد مدير شؤون الرئاسة بمجلس جهة درعة تافياللت "مصطفى أوردو" -
منية بنمليح ،تأهيل الموارد البشرية بالجماعات الترابية خطوة نحو اإلصالح اإلداري -
https://revuealmanara.com
محمد بوكطب ،التدبير المقاوالتي للجماعات الترابية بالمغرب ،مقال منشور بمجلة المنارة -
144
مقال، العالقة المالية بين الدولة والجهات في ظل التوجهات الترابية الجديدة،هشام مليح -
،تدوينة على الصفحة الرسمية لمجلس جهة درعة تافياللت على الفايس بوك -
.https://www.facebook.com/crdt2?mibextid=ZbWKwL
Les ouvrages
Mémoire
145
- Khalid regragui, les politiques locales, mémoire pour l'obtention du
diplôme du master en droit public, université Moulay Ismail faculté
des sciences juridiques économiques et sociale, l'année
universitére 2010/2011
Les article
146
- HASSAN AZOUAOUI, Le marketing territorial et la gouvernance
locale au Maroc, Revue marocaine d'audit et de développement,
série management stratégique, n7, 2005.
147
الفهرس
مقدمة1.............................................................................................
المبحث األول :تحوالت مؤسسة رئيس الجهة بالمغرب ما بين مقتضيات القانون 47.96
المنظم للجهات والمستجدات الدستورية لسنة 14 .................................... 2011
الفقرة الثانية :تصورات الفاعلين السياسيين لمؤسسة رئيس المجلس الجهوي في إطار ورش
الجهوية المتقدمة19...............................................................................
المطلب الثاني :مؤسسة رئيس المجلس الجهوي بعد التعديل الدستوري لسنة25 2011
148
ثانيا :مستجدات العملية االنتخابية لرئيس المجلس الجهوي 32.................................
المبحث الثاني :مؤسسة رئيس المجلس الجهوي في ظل النظام األساسي للمنتخب الجهوي
39 ..............................................................................................
المطلب األول :حقوق وواجبات رئيس مجلس الجهة وانعكاساتها على التنمية 39............
المطلب الثاني :مسؤولية رئيس مجلس الجهة في تدبير الشأن العام الجهوي 50..............
الفقرة األولى :المسؤولية التأديبية لرئيس مجلس الجهة كممثل للجهة وآمر بصرف نفقاتها50.
المطلب األول :برامج التنمية الجهوية كإطار لالرتقاء بالقدرات التدبيرية لرئيس مجلس الجهة
مجال في
التنمية62..........................................................................................
149
الفقرة األولى :مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية 63........................................
الفقرة الثانية :دور رئيس مجلس الجهة في إنجاز برامج التنمية الجهوية 71..................
المطلب الثاني :دور رئيس مجلس جهة درعة-تافياللت في إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة
وأثر ذلك على التنمية75..........................................................................
الفقرة األولى :التعريف بجهة درعة تافياللت كآلية لتعزيز التعاون والشراكة معها 76.......
أوال :تنظيم زيارات إلى بلدان مختلفة للتعريف بالجهة وجلب شركاء لها76..................
الفقرة الثانية :إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة والدور التنموي لرئيس مجلس جهة درعة-
تافياللت78............................... .........................................................
المبحث الثاني :حدود أداء رؤساء مجالس الجهات في تدبير الشأن العام الجهوي وسبل تحقيق
الحكامة الجهوية83................................................................................
أوال :ممثل السلطة المركزية وممثل الساكنة التوازن الصعب بين الرقابة والحرية (حالة جهة
درعة-تافياللت)84..............................................................................
150
ثانيا :اإلكراهات السياسية (حالة جهة كلميم-وادنون)88........................................
أوال :دور القضاء اإلداري في خلق التوازن بين والي الجهة ورئيسها103 ...................
الفقرة الثانية :رئيس مجلس الجهة واعتماد آليات التدبير الحديث108 .........................
خاتمة عامة117...................................................................................
المالحق122......................................................................................
الئحة المراجع136...............................................................................
151