دور مؤسسة رئيس مجلس الجهة في تحقيق التنمية. صفحة قانون المنازعات

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 155

‫المملكة المغربية‬

‫جامعة موالي إسماعيل بمكناس‬

‫الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية‬

‫رسالة لنيل شهادة الماستر في‬

‫تدبير اإلدارات العمومية والجماعات الترابية‬

‫يف موضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوع‬

‫دور مؤسسة رئيس مجلس‬


‫الجهة في تحقيق التنمية‬
‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة‪:‬‬

‫محمد حمزة بولحسن‬ ‫حفيظة اكرضوض‬

‫أعضاء لجنة المناقشة‬

‫األستاذ محمد حمزة بولحسن أستاذ مؤهل بالكلية المتعددة التخصصات بالرشدية ‪....‬مشرفا‬

‫األستاذ محمد الدرويش أستاذ مؤهل بالكلية المتعددة التخصصات بالرشدية‪...‬رئيسا وعضوا‬

‫األستاذ المحجوب الدربالي أستاذ مؤهل بالكلية المتعددة التخصصات بالرشدية‪........‬عضوا‬

‫األستاذ عبد الحكيم الحسناوي أستاذ مساعد بالكلية المتعددة التخصصات بالرشدية‪....‬عضوا‬

‫السنة الجامعية‪2023-2022 :‬‬


‫إهداء‬
‫أهدي ثمرة هذا البحث ألمي‬
‫رمز الحنان والصبر وأبي رمز‬
‫العطاء والتضحية‬
‫إلى الذين ال يغيبون عن‬
‫وجداني‪ ،‬أخواتي وإخواني رمز‬
‫الصدق والوفاء‪ ،‬الذين جعلوا‬
‫من األخوة حافزا لبلوغ النجاح‬
‫وكافة أفراد عائلتي‬
‫ألصدقائي وكل من ساعدني في‬
‫إنجاز هذه الرسالة‬
‫كلمة شكر وتقدير‬
‫أتقدم بخالص شكري وامتناني وفائق احترامي لألستاذ المحترم "محمد‬
‫حمزة بولحسن" لقبوله اإلشراف على هذا البحث وعلى مجهوداته الجبارة‬
‫وتتبعه لكافة مراحل إنجاز هذه الرسالة‬
‫كما أشكر األستاذ "المحجوب الدربالي" على مجهوداته ونصائحه‬
‫‪.‬وتوجيهاته لنا طيلة هذين السنتين من الماستر‬

‫كما أوجه شكر خاص لألستاذين المحترمين "محمد الدرويش" و"علي‬


‫المغراوي" على مجهوداتهم معي وعلى مد يد المساعدة لي بالمعلومات‬
‫والمراجع الخاصة بالموضوع وكذا على تنسيقهم مع الجهة باعتبارها‬
‫الجماعة الترابية التي تهمنا في موضوع البحث‬
‫كما أتوجه بالشكر الجزيل لكافة الموظفين والعاملين بكل من الوكالة‬
‫الحضرية لتنفيذ المشاريع لجهة "درعة‪-‬تافياللت" وكذا مجلس جهة‬
‫"درعة‪-‬تافياللت" على تزويدي بكافة الوثائق والمعطيات ذات الصلة‬
‫بموضوع البحث‬
‫كما ال يفوتني أن أشكر كافة أعضاء اللجنة الذين قبلوا مناقشة هذه الرسالة‬
‫رغم ما لهم من انشغاالت علمية وعملية‬
‫كما أتقدم بخالص الشكر لكافة أعضاء الفريق البيداغوجي لماستر "تدير‬
‫اإلدارات العمومية والجماعات الترابية" على مجهوداتهم وتكوينهم لنا‬
‫فجزاهم هللا عنا ألف خير ومتعهم بالصحة والعافية‬
‫الئحة المختصرات‬

‫المختصر‬ ‫األصل‬

‫ص‬ ‫الصفحة‬

‫ع‬ ‫العدد‬

‫‪P‬‬ ‫‪PAGE‬‬

‫‪N‬‬ ‫‪NUMERO‬‬
‫مقدمة‬
‫يحظى موضوع الجهوية باهتمام متزايد في مختلف بقاع العالم لكونه يمثل إطارا مالئما‬
‫من أجل بلورة استراتيجية فعالة للتنمية االقتصادية واالجتماعية والمجالية‪ ،‬التي تقوم على‬
‫تعبئة الموارد والطاقات من أجل ترسيخ الديمقراطية وتطوير البناء الجهوي‪ .‬لذا حاولت‬
‫مبكرا مجموعة من الدول‪ ،‬ومن ضمنها المغرب‪ ،‬الخروج من سياسة التركيز والمركزية‬
‫واعتماد مبدأ الالمركزية على أساس إشراك المواطنين وإعطائهم الفرصة للمساهمة في اتخاذ‬
‫القرارات المتعلقة بالتنمية الجهوية‪.1‬‬
‫وإذا كانت الدول المتقدمة قد قطعت أشواطا كبيرة في البناء الديمقراطي وإشراك‬
‫المواطنين في عمل ية التنمية الشاملة‪ ،‬فإن الدول السائرة في طريق النمو مازالت تسعى إلى‬
‫تحقيق نظام متطور لإلدارة المحلية في اتساق مع تطور نظامها الديمقراطي‪ ،‬ويرجع ذلك‬
‫إلى أن هذه الدول اتجهت في بداية حصولها على االستقالل إلى تبني نظام الحكم المركزي‪،‬‬
‫وإن كان هذا األسلوب من اإلد ارة يبرر عادة بالظروف السياسية التي تميز هذه المرحلة‬
‫والمتصلة أساسا بصيانة الوحدة الوطنية‪ ،‬فإن متطلبات التنمية أصبحت تفرض على هذه‬
‫الدول ضرورة نهج أسلوب حديث إلدارة شؤون البالد‪.2‬‬
‫وبذلك فقد أضحت الجهة المجال األمثل لتطبيق مبادى الالمركزية الترابية سواء على‬
‫ا لمستوى الوطني أو الدولي‪ ،‬فمن المالحظ أنه بعد نهاية الحرب العالمية الثانية أن الدولة‬
‫الموحدة بدأت تفقد شيئا فشيئا موقعها لصالح الدولة المركبة وذلك بتبني نماذج جهوية‬
‫بمجموعة من الدول األوروبية وبشكل كرونولوجي‪ :‬الجهات االيطالية سنة ‪ ،1948‬ونظام‬
‫"الالندر" بالفيدرالية األلمانية سنة ‪ ،1949‬الجهات الفرنسية سنة ‪ ،1955‬ثم بعد ذلك الجهات‬
‫االقتصادية البريطانية سنة ‪ ،1964‬والمجموعات المستقلة اإلسبانية ‪.3...1978‬‬

‫وبالنسبة للمغرب فقد تبنت المملكة المغربية منذ االستقالل‪ ،‬سياسة الالمركزية المتدرجة‬
‫كخيار يندرج في إطار مقاربة ديمقراطية لتدبير شؤون الدولة والمواطنين‪ .‬هذا التوجه الذي‬
‫يستمد جوهره وحمولته من مقاربة تشاركية للمجاالت الترابية‪ ،‬يجد نفسه اليوم في مواجهة‬
‫تطبيق الجهوية المتقدمة كواجهة فريدة لتنظيم ترابي لفائدة التنمية المستدامة والمندمجة في‬

‫‪ -1‬معاد الراضي‪ ،‬البعد التنموي للجهة على ضوء المستجدات القانونية‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‬
‫سلسلة " مؤلفات وأعمال جامعية"‪ ،‬عدد ‪.2022 ،142‬‬
‫‪ -2‬فاطمة مزروع السعدي‪ ،‬اإلدارة المحلية الالمركزية بالمغرب‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬طبعة ‪،2003‬‬
‫الصفحة ‪.10‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-ROUSSET Michel, la région l'état et l'Europe une référence pour le Maghreb ?, la‬‬
‫‪région et la régionalisation, actes du colloque internationale organisé par le‬‬
‫‪département de droit public de la faculté les 10 et 11 mars 2000, collection de la faculté‬‬
‫‪de droit Marrakech, séries colloques et séminaires, n 17, 2002, page 115.‬‬

‫‪1‬‬
‫جميع جهات المملكة‪ .4‬وغير خاف علينا ما تشكله الالمركزية الترابية ببالدنا‪ ،‬من أهمية‬
‫بالغة في إدارة الدولة‪ ،‬باعتبارها خيارا استراتيجيا في بناء صرحها اإلداري والسياسي‪ ،‬وفي‬
‫ترسيخ سيرتها الديمقراطية ومن ثم حظيت على مر المحطات التاريخية التي عرفتها بالدنا‪،‬‬
‫بمكانة هامة في مسلسل اإلصالحات الدستورية والسياسية واإلدارية التي تم اعتمادها‪ ،‬حيث‬
‫مكنت من إدخال تغييرات جذرية على المنظومة القانونية المتعلقة الورش والتي ساعدت‬
‫على الترسيخ التدريجي للدور األساسي للجماعات الترابية في مجال التنمية‪ ،‬في مختلف‬
‫أبعادها االقتصادية والسياسية واالجتماعية‪.‬‬
‫وعليه فاالرتقاء بالجهة في المغرب جاء بعد مرورها بمراحل متعددة‪ ،‬حيث خضعت‬
‫للتجربة أول مرة بمقتضى ظهير ‪ 16‬يونيو ‪ 51971‬المتعلق بإحداث المناطق‪ ،‬استجابة لعدة‬
‫عوامل ودوافع طبيعية وسياسية واقتصادية واجتماعية‪ ،‬والذي تم من خالله وضع مدلول‬
‫للتنمية الجهوية وكذا التمييز بين المؤسسات الوطنية والجهوية المنوط بها تحقيق التنمية‪، 6‬‬
‫في سبيل إيجاد تناغم منطقي بين دوائر التقسيم‪ ،‬تشكل فيها الجهة باعتبارها مبدئيا أكبر هذه‬
‫الدوائر‪ ،‬إطارا فاعال نحو دعم الالمركزية واالستفادة كذلك من الطاقات التي يخترنها عدم‬
‫التمركز اإلداري‪.7‬‬
‫ودعما لهذه التوجهات صدر في ‪ 2‬أبريل ‪ 1997‬القانون رقم ‪ 847.96‬المتعلق بتنظيم‬
‫الجهات في ظل التعديل الدستوري لسنة ‪ ،19969‬الذي اعتبر الجهة وسيلة لتحديث الدولة‬
‫وأجهزتها وفي ذات الوقت للحفاظ على التقاليد والخصوصيات المغربية العريقة‪ ،‬إضافة إلى‬
‫بناء سلوكات جديدة من أجل الحد من الفوارق السوسيو اقتصادية وإصالح اإلدارة‪ ،‬إلى جانب‬
‫ما يمكن أن تلعبه السياسية الجهوية في حل مجموعة من القضايا العالقة‪.‬‬
‫وعليه فال مراء في أن تخويل الجهة صفة جماعة ترابية‪ ،‬إلى جانب الجماعات الترابية‬
‫األخرى‪ ،‬يدل على أن السلطات العمومية بالمغرب‪ ،‬وبتوافق مع الهيئات والمنظمات‬

‫‪ -4‬يوسف خنفور‪ ،‬واقع الجهوية بالمغرب بين رهان التنمية ومفارقة الحكامة الترابية‪ ،‬مجلة قراءات متقاطعة في القانون‬
‫والسياسة واالقتصاد والمجتمع‪ ،‬عدد مزدوج‪ ،3-2‬فبراير ‪ ،2021‬الصفحة ‪.111‬‬
‫‪ -5‬ظهير شريف رقم ‪ 1.71.77‬بتاريخ ‪ 22‬ربيع الثاني ‪ 16(1391‬يونيو ‪ )1971‬بإحداث المناطق‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ ،3060‬بتاريخ ‪ 29‬ربيع الثاني ‪ 23(1391‬يونيو ‪ ،)1971‬الصفحة ‪.1352‬‬
‫‪ -6‬نادية النحلي‪ ،‬الجهوية المتقدمة في الدستور المغربي الجديد لسنة ‪ ،2011‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،107‬نونبر‪-‬دجنبر ‪ ،2012‬الصفحة ‪.13‬‬
‫‪ -7‬أحمد الراجي‪ ،‬مدى مساهمة الالتمركز اإلداري والالمركزية في دعم الجهوية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2001-2000‬الصفحة‬
‫‪.88‬‬
‫‪ -8‬القانون ‪ 47.96‬المتعلق بتنظيم الجهات‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.97.84‬الصادر في ‪ 23‬من ذي القعدة‬
‫‪ 2(1417‬أبريل ‪ ،)1997‬الجريدة الرسمية عدد‪ 4470‬الصادرة بتاريخ ‪24‬ذي القعدة ‪ 3(1417‬أبريل ‪،)1997‬‬
‫ص‪.556‬‬
‫‪ -9‬دستور ‪ 1996‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 1.96.157‬الصادر في ‪ 23‬جمادى األولى ‪ 7(1417‬أكتوبر ‪،)1996‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ ،4420‬بتاريخ ‪ 26‬جمادى األولى ‪ 10(1417‬أكتوبر ‪ ،)1996‬الصفحة ‪.2281‬‬

‫‪2‬‬
‫السياسية‪ ،‬تسير بخطى واحدة نحو تعميق النظام الالمركزي الترابي كنظام لتدبير الشؤون‬
‫المحلية الذي طبق أوال على المستوى المحلي ثم على الصعيد اإلقليمي ثم أخيرا على المستوى‬
‫الجهوي‪.‬‬
‫بمجرد تولي جاللة الملك محمد السادس سدة الحكم عرض في خطابه المؤرخ في ‪12‬‬
‫أكتوبر ‪ 1999‬المفهوم الجديد للسلطة وما يحمله من محاولة إلخراج اإلدارة المغربية من‬
‫إدارة مخزنية إلى إدارة القرب والجودة والمواطنة‪ .‬وخالل خطاب العرش لسنة ‪ 2001‬شدد‬
‫الملك على أن الجهوية بالنسبة للمغرب خيار استراتيجي وليس مجرد بناء إداري‪ ،10‬وهذه‬
‫الفكرة تكررت في العديد من الخطابات الملكية الالحقة عليه‪ ،‬منها الخطاب الملكي المؤرخ‬
‫في ‪ 6‬نونبر ‪ 200811‬الذي يتبين من خالله أن الطرح الجهوي ورش ملكي بامتياز‪ ،‬حيث‬
‫أن الخطب والرسائل الملكية شكلت وتشكل دائما ذلك األساس الذي يتم االنطالق منه ليس‬
‫فقط لتغيير النظام الالمركزي الجهوي وإنما كذلك إلعادة هيكلة نظام الالتركيز اإلداري‪،‬‬
‫باإلضافة إلى الخطاب الملكي المؤرخ في ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬بمناسبة تنصيب اللجنة االستشارية‬
‫للجهوية والتي كلفت على إثره بوضع تصور تأطيري عام للنموذج الجهوي المزمع اعتماده‪،‬‬
‫وهذا الخطاب يشكل المرجعية األساسية ألعمال هذه اللجنة كونه يضم مجموعة من‬
‫التوجيهات الواجب أخذها بعين االعتبار‪.‬‬
‫وبتاريخ فاتح يوليوز ‪ 2011‬صدر الدستور‪ 12‬المغربي الجديد معلنا عن مرحلة مهيكلة‬
‫جديدة بحيث أن الدستور ومنذ فصوله األولى أعطى اهتماما بالغا وكبيرا للتنظيم الجهوي‬
‫للبالد‪ ،‬إذ نص في فصله األول في الفقرة األخيرة منه على أن " التنظيم الترابي للمملكة‪،‬‬
‫تنظيم ال مركزي‪ ،‬يقوم على الجهوية المتقدمة"‪ .‬وفي ضوء ذلك صدرت مجموعة من القوانين‬
‫التنظيمية التي تؤطر التنظيم الجهوي‪ ،‬منها القانون التنظيمي‪ 13111.14‬المتعلق بالجهات‬

‫‪ -10‬يعد هذا الخطاب تم تعديل الميثاق الجماعي سنة ‪ 2002‬بمقتضى القانون ‪ 78.00‬وفي نفس السنة نجد الرسالة الملكية‬
‫حول التدبير الالممركز لالستثمار والذي أعطيت فيه صالحيات واسعة للوالة‪ ،‬ففي هذه الفترة اتضح أن هناك رؤية جديدة‬
‫في ممارسة الحكم وتصور جديد لالمركزية وللتعامل ومع المحلي ولعالقة السلط المنتخبة مع المعينة وكل هذا لم يتطلب‬
‫تعديال دستوريا كالذي عرفته سنة ‪.2011‬‬
‫‪ -11‬الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى ‪ 33‬للمسيرة الخضراء‪ ،‬المؤرخ في ‪ 6‬نونبر ‪.2008‬‬
‫‪ -12‬دستور ‪ 2011‬الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم ‪ 1.11.91‬الصادرفي ‪ 27‬شعبان ‪ 29(1432‬يوليوز‪ ،)2011‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 5964‬مكرر‪ ،‬الصادرة بتاريخ ‪ 28‬شعبان ‪ 30(1432‬يوليوز ‪ ،)2011‬الصفحة ‪.3600‬‬
‫‪ -13‬القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم ‪ 1.15.83‬الصادر في ‪ 20‬رمضان‬
‫‪ 7( 1436‬يوليوز ‪ ،)2015‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،6380‬الصادرة بتاريخ ‪ 6‬شوال ‪ 23(1436‬يوليوز‪ ،)2015‬الصفحة‬
‫‪.6585‬‬

‫‪3‬‬
‫الذي جاء بمجموعة من المقتضيات التي تهم الجهة عامة ورئيس مجلسها ‪14‬خاصة الذي سيتم‬
‫من خالل هذا البحث تبيان دوره في تحقيق التنمية على مستوى الجهة‪.‬‬
‫في سياق هذه الدراسة فرئيس المجلس الجهوي المنتخب يعد وفقا للقانون التنظيمي‬
‫‪ ،111.14‬آمرا بقبض مداخيل الجهة وصرف نفقاتها‪ ،‬ويرأس مجلسها و يمثلها بصفة رسمية‬
‫في جميع أعمال الحياة المدنية و اإلدارية والقضائية ويسهر على مصالحها و يعتبر الرئيس‬
‫التسلسلي للعاملين بها‪ ،15‬ويسهر على تدبير شؤونهم‪ ،‬ويتولى التعيين في جميع المناصب‬
‫وإعداد برامج التنمية الجهوية و التصميم الجهوي إلعداد التراب وغيرها من صالحيات‬
‫الواسعة التي أوكلها له المشرع لتدبير شؤون الجهة‪ ،‬وتحقيق التنمية الجهوية‪.‬‬
‫وبذلك فمهما تعددت اختصاصات الجهة وتعددت مجاالت تدخلها ومهما كانت سلطتها‬
‫وصالحياتها التقريرية إذا لم تتوفر على وسائل العمل الالزمة لممارسة هذه االختصاصات‬
‫والصالحيات والمتمثلة أساسا في الموارد البشرية الالزمة ونخص بالذكر تلك المكلفة‬
‫بالرئاسة‪ ،‬يفرغ الالمركزية الجهوية من معناها ومضمونها الحقيقي‪.‬‬
‫وال شك أن االختصاصات الواسعة و المهمة التي أصبح يتمتع بها رئيس المجلس‬
‫الجهوي تعكس بوضوح جسامة المسؤوليات الملقاة على عاتقه إذ أصبح مدعوا وبقوة إلى‬
‫المشاركة في تحقيق التنمية في شتى المجاالت على المستوى الجهوي‪ ،‬إذ أن عليه أن يعي‬
‫دوره جيدا كمسؤول ومقررا في شؤون الجهة ومخططا لبرامجها ‪ ،‬وهو ما يجعله مدعوا‬
‫الستغالل جميع الممكنات التدبيرية لالرتقاء بجهته ‪ ،‬و القيام بدوره على الوجه الصائب و‬
‫المطلوب لكن قبل ذلك وجب التأكيد على أن تحقيق المركزية حقيقة قائمة على جهوية متقدمة‬
‫‪ ،‬يتوقف بالدرجة األولى على ضرورة تمتيع المنتخب الجهوي بحد مقبول من المستوى‬
‫الثقافي والتكوين مما يسمح له بالمشاركة الفعلية والبناء في تدبير الشؤون الجهوية‪ .‬وعلى‬
‫هذا األساس بات من الضروري الرفع من المستوى التعليمي للمنتخب الراغب في الترشيح‬
‫لتولي القضايا الجهوية ‪ ،‬بما يليق بالتمثيلية الجهوية و يعطيها مكانة مشرفة ‪ ،‬كما أنه في‬
‫نفس السياق اعتماد نمط االقتراع العام المباشر بالنسبة للمنتخب الجهوي بموجب‬
‫دستور‪ ،2011‬والذي كان أحد أبرز التوصيات المهمة التي انتهى بها تقرير للجنة االستشارية‬
‫حول الجهوية باعتبار أهميته في تجسيد الشرعية المحلية ‪ ،‬يعد خطوة محمودة من طرف‬

‫‪ -14‬يراد بمؤسسة رئيس الجهة في سياق تناولنا للموضوع الذي نحن بصدد التطرق له‪ ،‬الجهاز التنفيذي للجهة والذي يتواجد‬
‫على رأسه رئيس مجلس الجهة مدعوما بمجموعة من األجهزة المساعدة سواء منها المنتخبة أو المعينة والتي تعمل جنبا‬
‫إلى جنب وفي تناسق‪ ،‬ضمانا لحسن سير الشأن الجهوي‪.‬‬
‫‪ -15‬محمد أوالد الحاج‪" ،‬الجهة والجهوية المتقدمة‪ :‬قراءة مقارنة بين القانون رقم‪ 47.96‬والقانون التنظيمي‪،"111.14‬‬
‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،127-126‬يناير‪-‬أبريل‪ ،2016‬الصفحة‪.186‬‬

‫‪4‬‬
‫المشرع من شأنها تطوير سياسة الجهوية في أفق بلوغ جهوية متقدمة قادرة على النهوض‬
‫التنموي بالمجال الجهوي‪.‬‬
‫لكن مقابل ذلك فالمشرع اقتنع بدور الوالي في تسيير وتنمية الجهة إلى جانب رئيس‬
‫المجلس الجهوي لذلك منحه اختصاصات و إمكانيات للمشاركة في التسيير اليومي للجهة‬
‫وإبداء آرائه ومالحظاته بما يخدم المصلحة العامة للجهة والبالد عامة ‪ ،‬لذلك يجدب التطرق‬
‫لتدخل والي الجهة في أنشطة وأعمال رئيس المجلس الجهوي لالستفادة من تجربته وخبراته‬
‫للرقي بالجهة ‪ ،‬كما أن المشرع سمح للوالي بالتدخل في الشؤون اليومية للجهة بمنحه سلطة‬
‫المراقبة اإلدارية على أجهزة مجلس الجهة عامة و رئيسها خاصة ‪ ،‬وحاول كذلك إيجاد نوع‬
‫من التوازن بين والي الجهة و األعضاء المسيرين لها لتفادي التدخل السلبي في مصالح‬
‫الجهة‪.‬‬
‫إذ أنه غالبا ما تطغى على المجلس الجهوي ورئيسه تحقيق المصالح الذاتية والشخصية‪،‬‬
‫لذلك عمل المشرع المغربي على جعل الوالي الجهاز اإلداري الالمركزي الساهر على حماية‬
‫الجهة من كل الخروقات والتجاوزات التي قد تحدث من قبل المنتخبين عامة‪ ،‬ورئيس المجلس‬
‫خاصة‪ .‬لكن مع تعدد اختصاصات كل من والي الجهة ورئيس المجلس الجهوي سينتج عنه‬
‫ال محال التداخل والتنازع أثناء ممارسة هذه المهام‪ ،‬فممارسة سلطة االشراف والمراقبة من‬
‫طرف ممثل السلطة المركزية من شأنها أن تضعف من قدرة رئيس المجلس الجهوي وإبقائه‬
‫دائما تابعا للوالي‪ .‬و بالتالي غياب مبدأ االستقاللية الذي يجب أن يتمتع به رؤساء الجهات‬
‫‪،‬وأقر المشرع بأن الهيئة التنفيذية للجهة يتقاسمها رئيس الجهة والوالي ‪ ،‬وهذا يطرح عدة‬
‫إشكاليات وصفت بأنها مبالغة في المراقبة المفروضة على الجهة ‪ ،‬إذ ال تمتلك هذه األخيرة‬
‫وسائل تستعملها من أجل الضغط على الوالي لتسريع عمليات القيام بالمشاريع التنموية‬
‫بالجهة ‪ ،‬وتنفيذها من خالل المصادقة عليها كما أن للوالي الحق في رئاسة الجنة المشتركة‬
‫بين الجهات بصفته آمرا بالصرف بالنسبة للميزانية ‪ ،‬في حين أن من األجدر أن تكون الجهة‬
‫في شخص رئيسها‪ ،‬هو من يرأس تلك اللجنة هذه الوضعية ظلت سارية المفعول ‪ ،‬لكن مع‬
‫المستجدات الدستورية والتنظيمية ‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى دستور المملكة لسنة ‪ ،2011‬وللقانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق‬
‫بالجهات نجده حدد طبيعة العالقة بين الوالي ممثال للسلطة المركزية ‪ ،‬ورئيس مجلس الجهة‬
‫‪ ،‬و أوكل للرئيس صالحيات واسعة مقارنة مع القانون القديم المنظم للجهات ‪، 47.96‬إال أنه‬
‫من ناحية الممارسة يتبين أنه لم يتم االنتقال الفعلي من نظام الوصاية المعروفة آنذاك إلى‬
‫المراقبة اإلدارية التي تسعى لتوسيع صالحيات رئيس المجلس الجهوي ‪ ،‬إذ ال زالت‬
‫صالحياته مقيدة على المستوي العملي ‪ ،‬مما يضرب في مبدأ التدبير الحر للجهات وعرقلة‬
‫تنفيذ المشاريع التنموية داخلها‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وعليه فمسألة البحث في مكانة رئيس الجهة باعتباره جهازا تنفيذيا للجهة تعد ذات أهمية‬
‫كبرى وذات راهنية ثابتة‪ ،‬ويبقى السؤال المطروح هنا‪ :‬هل ذلك سيمكنه من فرض تصورات‬
‫الفاعل المنتخب في التدبير؟‬
‫ففي ظل هذه المرحلة التي تعرف إطار قانوني جديد الذي تجدد معه تنظيم الجهة خاصة‬
‫وأن هذا القانون يتضمن مستجدات ال تهم رئيس الجهة لوحده وإنما تتعداه لبعض األجهزة‬
‫المنضوية تحت سلطته‪ .‬غير أن اإلشكال ليس في تغيير بنية النصوص أو المؤسسات ولكن‬
‫في مدى استطاعة هذا التغيير أن يغوص في العمق ليطال موازين السلط المتحكمة في‬
‫تصريف الشأن الجهوي‪ ،‬فأهمية هذه الدراسة تتجلى أساسا في وضع اليد على طبيعة توزيع‬
‫األدوار بين مؤسسة رئيس الجهة وسلطات الوصاية فمن خالل فهم هذه العالقة الجدلية يمكننا‬
‫الجزم في أي اتجاه يسير التنظيم الجهوي المغربي نحو الدمقرطة أم البرقرطة‪ .‬والبعد اآلخر‬
‫الذي تحضر أهميته في سياق الموضوع هو أن يتزامن هذا التغيير الجذري في مواقع السلط‬
‫مع تأهيل األطراف المعنية حتى تواكب ما استجد من النصوص وما استحدث من‬
‫اختصاصات‪ ،‬واألدوار وخاصة في مجال التنمية الجهوية‪.‬‬
‫ومن خالل ما تقدم يتبين أن للموضوع أهمية بالغة وهي ما ستكون محور معالجة في‬
‫النقطة الموالية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬أهمية الموضوع‬


‫تتجلى أهمية موضوع " دور مؤسسة رئيس مجلس الجهة في تحقيق التنمية " في مكانة‬
‫رئيس الجهة باعتباره جهازا تنفيذيا للجهة في تحقيق التنمية الجهوية‪ ،‬وفي قدرته من فرض‬
‫تصورات الفاعل المنتخب في التدبير‪ ،‬وبذلك فالموضوع يكتسي أهمية بالغة وخاصة أن‬
‫الدستور المغربي لسنة ‪ 2011‬وكذلك القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬قد خول‬
‫هذا األخير مكانة أساسية وضمانات دستورية وقانونية قوية‪ ،‬ودعم مهامه بصورة كبيرة‬
‫وأناط به العديد من الصالحيات المنصبة باألساس في مجال التنمية‪ .‬غير أن اإلشكال ليس‬
‫في بنية النصوص القانونية ولكن في مدى استطاعة هذا التغيير أن يغوص في العمق ليطال‬
‫موازين السلط المتحكمة في تصريف الشأن الجهوي‪ ،‬فاألهمية تكمن أساسا في وضع اليد‬
‫على طبيعة توزيع األدوار بين مؤسسة رئيس مجلس الجهة وبين سلطات المراقبة‪ ،‬وكذلك‬
‫والتدخل للحد من الصراعات السياسية التي قد تنشأ بين الرئيس وباقي أعضاء المجلس التي‬
‫تعيق بدورها تحقق التنمية المنشودة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ثانيا‪ :‬دواعي اختيار الموضوع‬
‫‪ o‬الدوافع الموضوعية‬
‫لماذا تم اختيار موضوع دور مؤسسة رئيس مجلس الجهة في تحقيق التنمية؟‬

‫أوال‪ :‬لك ون الساحات القانونية اليوم تولي اهتماما كبيرا لمؤسسة رئيس المجلس‬
‫الجهوي المؤطرة بموجب القانون التنظيمي ‪ 111.14‬الذي جاء في إطار اصالح المنظومة‬
‫القانونية المنظمة للوحدات الترابية‪ ،‬في ظل مرحلة جديدة في تسيير المجالس الجهوية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التطورات الحاصلة اليوم في النظم الالمركزية في أغلب التجارب المقارنة‬


‫والرائد‪ ،‬إال جانب األهمية المتزايدة التي تحظى بها الجماعات الترابية عامة‪ ،‬والجهات خاصة‬
‫في الوقت الراهن‪ ،‬كآلية وورش مهم للنهوض بقضايا التنمية المحلية في سائر المجاالت‪،‬‬
‫اخترنا الموضوع قيد الدراسة لتبيان مدى مساهمة مؤسسة رئيس مجلس الجهة في تحقيق‬
‫التنمية الترابية وتكريس الحكامة على المستوى الترابي‪.‬‬
‫وهذا العمل يأتي كمحاولة لرصد هل هناك من تغيير في موقع مؤسسة رئيس الجهة من‬
‫خالل عرض المستجدات النص التنظيمي والتوقف عند اإلكراهات والعوائق‪ ،‬التي تعرقل‬
‫عمل هذه المؤسسة خاصة في ميدان تحقيق التنمية على المستوى الترابي‪ ،‬خاصة على‬
‫مستوى مجلس جهة درعة ‪-‬تافياللت وكذلك مجلس جهة كلميم‪-‬وادنون لما لهاتين الجهتين‬
‫من خصوصية في إطار التجربة الجهوية وبعض الظروف االستثنائية التي مرت منها‪.‬‬
‫‪ ‬الدوافع الذاتية‬
‫تتجلى هذه الدوافع أساسا في‪:‬‬
‫أوال‪ :‬إن فكر ة البحث في هذا الموضوع لم تكن من باب أو محض الصدفة وإنما هو‬
‫طموح لهدف علمي ومعرفي يسهم في إعطاء صورة واضحة حول أهمية مؤسسة رئيس‬
‫المجلس الجهوي في تحقيق التنمية الجهوية خاصة‪ ،‬والتنمية الترابية عامة باالهتمام على ما‬
‫تلقيناه خالل مشوارنا الدراسي " بماستر تدبير االدارات العمومية والجماعات الترابية"‬
‫والذي كان دافعا للبحث في اإلشكاالت المرتبطة بالمؤسسات الترابية المنتخبة المعنية بتدبير‬
‫شؤون وقضايا المواطنات والمواطنين‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬االهتمام المتزايد بالعملية التدبيرية للشأن الترابي وكل القضايا ذات الصلة‬
‫بموضوعات التنمية الجهوية ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ثالثا ‪ :‬كون المجال الجهوي اختبار حقيقي لتفعيل التنمية الجهوية بفعل الحسابات‬
‫السياسوية الضيقة التي تعرفها هذه األخيرة بين من ظنت الساكنة أنهم ممثليها‪ ،‬وهنا الحديث‬
‫عن مجلس جهة درعة ‪-‬تافياللت وما عرفه هذا األخير من صراعات وإكراهات عطلت‬
‫السير العادي للمجلس ومنه هدر الزمن التنموي للجهة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬إشكالية الموضوع‬


‫لقد أصبحت الجهة مستوى ترابي يحظى بأهمية خاصة‪ ،‬وإطارا مناسبا لتحقيق االندماج‬
‫بين السياسات القطاعية وتحقيق االنسجام بين جهود وأشكال تدخل مجموع الفاعلين‬
‫االقتصاديين المعنيين بالمجال الترابي‪ ،‬وتشكل أيضا مجاال مناسبا للمشاركة الفاعلة للسكان‬
‫في تدبير الشؤون الجهوية‪ ،‬وفي جهود التنمية‪.‬‬
‫وعليه فموضوع تدبير الشأن العام الترابي وخاصة الجهوي من المواضيع الهامة التي‬
‫طرحت والزالت تطرح مجموعة من اإلشكاالت والتساؤالت الكبرى‪ ،‬التي من خاللها تشكلت‬
‫حلقات هذا الموضوع‪ ،‬ومن هذا المنطلق أمكن تجميع واختصار اإلشكالية الكبرى فيما يلي‪:‬‬

‫إلى أي حد ساعدت النصوص التشريعية والتنظيمية المؤطرة لعمل رئيس‬


‫مجلس الجهة في ظل التناقضات الراهنة والمعادلة غير المتوازنة بين الوالي‬
‫ورئيس مجلس الجهة في تحقيق التنمية؟‬
‫رابعا‪ :‬مناهج البحث‬
‫إن طب يعة هذا الموضوع‪ ،‬ومعالجة كافة اإلشكاليات التي يطرحها تحتم علينا اعتماد‬
‫المنهج النسقي الوظيفي وذلك بتحليل كافة المعطيات ذات الصلة بوظائف رئيس مجلس‬
‫الجهة‪ ،‬كما تتطلب أيضا سلوك المنهج الوصفي وذلك من أجل الوقوف عند جرد اختصاصاتها‬
‫وتدخالتها وعالقاتها بباقي الفاعلين‪ ،‬ولم يقتصر تحليلنا على الوصف ‪ ،‬بحيث ونظرا لحمولة‬
‫الموضوع وتقاطعه مع مجموعة من الحقول المعرفية (القانون‪ ،‬علم االجتماع السياسي‪،‬‬
‫االقتصاد والمالية‪ ،‬التدبير العمومي‪ )...‬فقد تم اعتماد المنهج التحليلي في محاولة مالمسة‬
‫األدوار التي يلعبها رئيس مجلس الجهة في تحقيق التنمية‪ ،‬وكذا أهم اإلشكاالت التي تعيق‬
‫هذه المؤسسة‪ ،‬وأهم سبل تجاوزها‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫خامسا‪ :‬التصميم‬
‫لمعالجة اإلشكالية المطروحة سلفا ارتئينا اعتماد التصميم التالي‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار العام لمؤسسة رئيس المجلس الجهوي‬


‫الفصل الثاني‪ :‬مؤسسة رئيس مجلس الجهة ورهان تحقيق التنمية‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار العام لمؤسسة رئيس المجلس‬
‫الجهوي‬
‫حظيت مؤسسة رئيس المجلس الجهوي بأهمية بالغة منذ بدايات الالمركزية الترابية‬
‫بالمغرب من طرف المشرع المغربي الذي حرص على تنظيم انتداب أعضاء المجالس‬
‫الجهوية ورؤسائها‪ ،‬إال أنه وعلى امتداد التجربة الجهوية لسنة ‪ 1997‬إلى حدود سنة ‪2015‬‬
‫تم تسجيل العديد من االشكاالت التي برزت أساسا من التجربة الميدانية لهذا الجهاز ‪ ،‬والتي‬
‫تم تسجيلها سواء من طرف المحليين والمهتمين بالشأن الجهوي‪ ،‬وكذلك من طرف الممارسين‬
‫داخل هذه المجالس و اإلدارات المعنية‪ ،‬ارتفعت األصوات منادية بجهوية أكثر تقدما وأهمية‬
‫من أجل االضطالع بدور فعال في تحقيق التنمية المحلية على مختلف األصعدة سواء‬
‫االقتصادية منها أو االجتماعية أو الثقافية أو غيرها‪. 16‬‬
‫ومن بين هذه االشكاالت نجد كون مؤسسة رئيس مجلس الجهة مجرد جهاز تنظيمي‬
‫يتولى اختصاص ات التسيير وتمثيل المجلس فقط‪ ،‬وال يتمتع بأي صالحيات واسعة وفعلية‬
‫تبرز األهمية التي يفترض أن تحظى بها رئاسة المجلس الجهوي‪ ،‬غير أن التحوالت التي‬
‫عرفها التنظيم الترابي للمملكة بعد دستور ‪ ،2011‬ستقود إلى تحصين الوضعية القانونية‬
‫لرئيس مجلس الجهة سواء من خالل تحديد وضبط نظامه القانوني‪ ،‬عبر تحسين عملية انتخاب‬
‫مجالس الجهات وتنظيم نشاطهم في تفاعالتهم مع المحيط الذي يشتغلون فيه ‪ ،‬أو من خالل‬
‫تعزيز موقع رئيس مجلس الجهة بضبط وتوسيع صالحياته وكذا بتقنين عالقته بباقي الفاعلين‬
‫على مستوى الجهة‪.‬‬
‫فلكي تتمكن الجهة من القيام بمهامها التنموية المنوطة بها البد من توفرها على مجلس‬
‫منتخب يقرر ورئيس ينفذ لذلك تم إصدار القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات سنة‬
‫‪ 2015‬الذي كرس المقتضيات الدستورية لسنة ‪ 2011‬التي ارتقت بمؤسسة رئيس مجلس‬
‫الجهة بالتوسيع من الصالحيات التي يجب أن يتمتع بها هذا األخير حيث أصبح آمرا‬
‫بالصرف‪ ،‬باإلضافة إلى كونه ممثال لإلدارة أمام القضاء‪.17‬‬
‫فضال عما تمت اإلشارة إليه فقد حاول المشرع أيضا من خالل القانون التنظيمي المتعلق‬
‫بالجهات ضبط مهام رئيس مجلس الجهة وبيان واجباته والتزاماته وحقوقه وذلك بالتنصيص‬
‫عليها في الباب المتعل ق بالنظام األساسي للمنتخب‪ ،‬الذي حاول من خالله المشرع تدارك‬
‫النقص الذي كان يعرفه التنظيم الجهوي السابق بهذا الخصوص‪.‬‬

‫‪ -16‬محمد أوالد الحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.169‬‬


‫‪ -17‬عبد العالي الفياللي‪" ،‬مسؤولية رئيس المجلس الجهوي في تدبير النفقات العمومية الجماعية"‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات‬
‫القانونية واإلدارية‪ ،‬عدد خاص‪ ،‬سنة ‪ .2019‬ص‪.219‬‬

‫‪10‬‬
‫وبالتالي فإن الحديث عن اإلطار العام لمؤسسة رئيس المجلس الجهوي يقتضي تتبع‬
‫مسار تطور هذه األخيرة‪ ،‬وبذلك سنتناول من خالل هذا الفصل تحوالت مؤسسة رئيس الجهة‬
‫بالمغرب ما بين مقتضيات القانون ‪ 47.96‬المنظم للجهات والمستجدات الدستورية لسنة‬
‫‪( 2011‬المبحث األول)‪ ،‬باإلضافة إلى مؤسسة رئيس المجلس الجهوي في ظل النظام‬
‫األساسي للمنتخب الجهوي‪ ،‬أية آثار على التنمية؟ (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مؤسسة رئيس مجلس الجهة ‪ :‬المسار‬
‫والتنظيم‬
‫إن تحليل التنظيم الجهوي المغربي في سياق البحث عن مؤسسة رئيس المجلس الجهوي‬
‫يتطلب بداية إلقاء الضوء على كيفية تطور هذه المؤسسة تبعا للتطورات التي عرفها هذا‬
‫التنظيم منذ التجربة الجهوية التي أقرها دستور ‪ 181992‬وكرستها المراجعة الدستورية لسنة‬
‫‪ 1996‬وصدور القانون المنظم للجهات ‪ 47.96‬سنة‪ ،1997‬مرورا بورش الجهوية المتقدمة‬
‫الذي دشنه جاللة الملك بتعيين أعضاء اللجنة االستشارية للجهوية سنة ‪ 2010‬وتكليفها بوضع‬
‫نموذج مغربي متقدم للجهوية‪ ،‬وصوال للتعديل الدستوري‪ 2011‬وما عقبه من صدور القانون‬
‫التنظيمي المتعلق بالجهات رقم ‪.111.14‬‬

‫وللوقوف على هذا التطور الذي شهدته مؤسسة رئيس مجلس الجهة وجب تقسيم هذا‬
‫المبحث إلى (مطلب أول) تم التطرق فيه إلى مؤسسة رئيس المجلس الجهوي قبل دستور‬
‫‪ ،2011‬باإلضافة إلى مؤسسة رئيس المجلس الجهوي بعد التعديل الدستوري (المطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مؤسسة رئيس المجلس الجهوي قبل صدور‬


‫دستور‪2011‬‬
‫لقد عرف المغرب تطورا تدريجيا في تدبير الشأن المحلي مع الجهة التي أصبحت منذ‬
‫دستور ‪ 1992‬جماعة محلية داخلة في إطار الالمركزية‪ ،‬حيث نص في فصله ‪ 14‬على أن‬
‫على أن "الجهة جماعة محلية على غرار باقي الجماعات"‪ ،‬وبهذا خطى المشرع الدستوري‬
‫خطوات متقدمة‪ ،‬توجت بقفزة نوعية شهدتها الجهة في ظل دستور ‪ 7‬أكتوبر ‪ ،1996‬سمحت‬
‫بدخول المغرب في تجربة دستورية ذات أبعاد خاصة على مستوى اإلدارة المحلية‪ ،‬وعلى‬
‫إثرها جاء القانون ‪ 47.96‬ل‪ 2‬أبريل ‪ 1997‬لينص على مؤسسة رئيس مجلس الجهة دون‬
‫الرقي بها إلى مؤسسة تنفيذية لكون الدستور أعطى ممثل السلطة المركزية في الجهة أي‬
‫عامل العمالة أو اإلقليم مقر الجهة صالحية تنفيذ مقررات المجلس الجهوي‪ .‬لذلك سنتطرق‬
‫خالل هذا المطلب إلى صالحيات رئيس المجلس الجهوي في إطار القانون ‪ 47.96‬المنظم‬
‫للجهات (الفقرة األولى)‪ ،‬زد على ذلك تصورات الفاعلين السياسيين لمؤسسة رئيس المجلس‬
‫الجهوي في إطار ورش الجهوية المتقدمة (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪ -18‬دستور ‪ 1992‬الصادر بتنفيذه لظهير الشريف رقم ‪ 1.92.155‬الصادر في ‪ 11‬ربيع اآلخر ‪ 09(1413‬أكتوبر‬
‫‪ ،)1992‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 14( 4172‬أكتوبر ‪ ،)1992‬الصفحة ‪.1247‬‬

‫‪12‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬صالحيات رئيس المجلس الجهوي في إطار القانون ‪47.96‬‬
‫المنظم للجهات‬
‫يعد الجهاز الرئاسي في المجالس المنتخبة األداة الدالة على إرادة المشرع في تعزيز‬
‫موقعها واالرتقاء بها إلى مؤسسات المركزية بصريح العبارة‪ ،‬أو في حصر موقعها بين‬
‫الالمركزية وعدم التمركز اإلداري‪ ،‬وإذا كان رئيس المجلس الجماعي يعبر عن االتجاه األول‬
‫نظرا للمكانة التي خصه بها القانون المتعلق بالتنظيم الجماعي‪ ،‬فإن رئيس مجلس العمالة أو‬
‫اإلقليم ورئيس مجلس الجهة يعبران عن االتجاه الثاني اعتبارا لما خول إليهم من صالحيات‬
‫نظرية تحول دون اعتبارهما "مؤسسة رئاسية" بالمعنى الحقيقي للعبارة‪.19‬‬
‫وعليه حدد ظهير ‪ 02‬أبريل ‪ 1997‬الوضعية القانونية والتنظيمية لرئيس المجلس‬
‫الجهوي‪ ،‬وكذا االخت صاصات التي يتمتع بها داخل المجلس‪ ،‬بحيث أن هذا األخير هو الذي‬
‫ينتخب الرئيس عن طريق االقتراع السري باألغلبية المطلقة في الدورة األولى‪ ،‬والدورة‬
‫الثانية‪ ،‬وفي حالة اللجوء إلى دورة ثالثة تكفي األغلبية النسبية‪ ،‬وحدد القانون ‪2047.96‬مدة‬
‫انتداب الرئيس في ‪ 3‬سنوات قابلة للتجديد عبر االقتراع السري‪.‬‬

‫وقد نصت المادة ‪ 11‬من القانون المذكور سلفا على أنه " ال يمكن أن ينتخب رؤساء أو‬
‫نواب الرئيس وال أن يزاولوا هذه المهام ولو بصفة مؤقتة رؤساء اإلدارات المالية التي يرتبط‬
‫نشاطها مباشرة بالجهة المعنية وكل األشخاص المزاولين مهام المسؤولية لهذه اإلدارات"‬
‫كما أنه ال يمكن لعضو المجلس الجهوي أن يترشح لرئاسة هذا المجلس إذا كان يوجد‬
‫في حالة التنافي التي حددتها نفس المادة المشار إليها أعاله‪ ،‬في رئاسة مجلس عمالة أو إقليم‬
‫او رئاسة مجموعة حضرية‪.‬‬
‫ولعل هذه المسألة األخيرة‪ ،‬ساهمت في تفشي ظاهرة الجمع بين الواليات‪ ،‬حيث أنه‬
‫يمكن لرئيس مجلس الجهة أن يجمع بين هذه الصفة‪ ،‬وصفة رئيس مجلس جماعي حضري‬
‫أو قروي دون وجود أي مانع يمنعه من ذلك‪ ،‬مما يؤدي في غالب األحيان إلى العجز‬
‫والقصور في أداء الوظيفة الجهوية‪ ،‬وهو ما سيعمل القانون التنظيمي الجديد على تجاوزه‬

‫‪ -19‬حجيبة زيتوني‪ ،‬الجهة واإلصالح الجهوي بالمغرب‪ ،‬السلسلة المغربية لبحوث اإلدارة واالقتصاد والمال‪ ،‬العدد ‪،3‬‬
‫مطبعة طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2011 ،‬الصفحة ‪.60‬‬
‫‪ -20‬المادة ‪ 10‬من القانون ‪ 47.96‬المنظم للجهات السالف الذكر‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫من خالل توسيع حاالت التنافي‪ .‬ويمارس رئيس المجلس الجهوي اختصاصاته فور انتخابه‬
‫دون تسلمه لظهير الثقة من الملك والذي يتضمن توصيات إليه‪.21‬‬
‫ويمكن إقالة الرئيس بقرار معلل يوافق عليه باالقتراع السري الثلثان على األقل من‬
‫األعضاء المزاولين مهامهم في المجلس الجهوي‪ ،‬ويترتب عن هذه اإلقالة إقالة نواب الرئيس‬
‫الذي يسري أثرها ابتداء من تاريخ تبليغها إلى عامل العمالة أو اإلقليم مركز الجهة‪.22‬‬
‫باإلضافة أنه يمكن أن يتم توقيف‪ 23‬أو عزل‪ 24‬رئيس المجلس الجهوي ونوابه بعد االستماع‬
‫إليهم أو استدعائهم لإلدالء بإيضاحات مكتوبة حول األفعال المنسوبة إليهم‪ ،‬أما إذا تعرض‬
‫الرئيس أو نوابه لطارئ تسبب لهم في االنقطاع عن ممارسة مهامهم فإنه يتم تعويضهم‬
‫بانتخاب من يخلفهم‪.25‬‬
‫وبذلك يمكن القول أنه إذا كان الجهاز الرئاسي يعتبر هيئة منتخبة نظريا‪ ،‬فإن وضعيته‬
‫القانونية تتموقع بين المركزية و عدم التركيز اإلداري‪ ،‬وهو ما اعتبر أحد العوائق األساسية‬
‫لتحقيق المركزية حقيقية على مستوى الجهات في إطار القانون‪ 47.96‬المنظم للجهات‪ ،‬على‬
‫اعتبار أن الجهاز التنفيذي للجهات ثنائي يتقاسمه رئيس مجلس الجهة‪ ،‬ووالي الجهة‪ ،‬وهي‬
‫مسألة يمكن استنتاجها من اختصاصات رئيس مجلس الجهة‪ ،‬فنجد أن هناك اختصاصات‬
‫خاصة به ثم أخرى يتقاسمها مع والي الجهة‪.26‬‬
‫أوال‪ :‬االختصاصات الخاصة برئيس المجلس الجهوي‬
‫تعد الصالحيات المخولة لرئيس المجلس الجهوي في التجربة المغربية أحد األوجه‬
‫المجسدة للمفارقة للديموقراطية‪ ،‬ذلك أن االختصاصات التقريرية والتنفيذية التي يفترض أن‬
‫يمارسها رئيس المجلس الجهوي كجهاز منتخب تعبر عن الشرعية المحلية والجهوية‪ ،‬أسندها‬

‫‪ -21‬عثمان بوتجدير‪ ،‬مؤسسة رئيس الجهة بالمغرب على ضوء المقتضيات الدستورية والقانونية لما بعد ‪ ،2011‬رسالة‬
‫لنيل الماستر في القانون العام والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫‪-‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2017/2016‬الصفحة ‪ 9‬و‪.10‬‬
‫‪ -22‬المادة ‪ 16‬من القانون‪ 47.96‬المنظم للجهات السالف الذكر‪.‬‬
‫‪ -23‬المادة ‪ 17‬من نفس القانون‪ ،‬تنص على أنه‪ ...":‬يتم التوقيف الذي ال يمكن أن يتجاوز شهرا واحدا بموجب قرار معلل‬
‫يصدره وزير الداخلية وينشر في الجريدة الرسمية‪."...‬‬
‫‪ -24‬المادة ‪ 17‬من نفس القانون تنص على أنه‪...":‬يترتب بحكم القانون عن العزل المقرر بمرسوم معلل عدم أهلية االنتخاب‬
‫لمهام الرئيس ومهام نائب الرئيس خالل سنة تبتدئ من تاريخ العمل بالمرسوم ماعدا إذا تم من قبل تجديد عام للمجالس‬
‫الجهوية"‪.‬‬
‫‪ -25‬المادة ‪ 18‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ -26‬حجيبة زيتوني‪ ،‬الجهة واإلصالح الجهوي بالمغرب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة‪.6‬‬

‫‪14‬‬
‫المشرع في النص المنظم للجهة إلى عامل العمالة أو اإلقليم مركز الجهة {الوالي}‪ ،‬وهو‬
‫األمر الذي ال يستقيم والتوجه الديموقراطي الذي تدعو له سياسة وفلسفة الالمركزية‪.27‬‬
‫وعليه فالمشرع المغربي أعطى لرئيس المجلس الجهوي بموجب القانون‪47.96‬‬
‫مجموعة من االختصاصات ولكنها تظل جد محدودة وال ترقى إلى اعتباره المقرر الفعلي‬
‫والمنفذ الحقيقي لقضايا وشؤون الجهة إذ أنها لم تتجاوز اقترانها بالوظائف واإلجراءات‬
‫والمساطر الالزمة لتسير المجلس الجهوي‪ ،‬وهذه الصالحيات تتمثل أساسا في‪:‬‬
‫‪ ‬استدعاء المجلس لالجتماع في دورة عادية أو استثنائية وترأس الجلسات‪.28‬‬
‫‪ ‬وضع جدول أعمال الدورات بتعاون مع أعضاء المكتب‪.29‬‬
‫‪ ‬استدعاء المكلفين بمهمة والمكلفين بالدراسات لحضور جلسات المجلس بصفة‬
‫استشارية خاصة المسائل الداخلة في اختصاصاتهم‪.30‬‬
‫‪ ‬السهر على النظام في جلسات المجلس أو ما يسمى بشرطة الجلسات‪.31‬‬
‫‪ ‬مساعدة أعضاء المجلس بإعداد النظام الداخلي للمجلس‪.32‬‬
‫‪ ‬تعيين مندوبي اللجان الدائمة للمجلس من بين أعضاء المكتب وإن اقتضى الحال من‬
‫بين أعضاء المجلس الجهوي‪.‬‬
‫‪ ‬ترأس اللجنة الدائمة المكلفة بمسائل التخطيط وإعداد التراب‪.33‬‬
‫‪ ‬توجيه طلب استقالة كل عضو بالمجلس لم يلب استدعائين متتاليين دون سبب يقبله‬
‫المجلس‪ ،‬أو امتنع دون عذر مقبول القيام بالمهام المنوطة به إلى وزير الداخلية بواسطة عامل‬
‫العمالة أو اإلقليم مركز الجهة‪.34‬‬

‫‪ - 27‬وهذا ما سيعمل القانون التنظيمي الجديد المتعلق بالجهات‪ 111.14‬الصادر طبقا لمقتضيات دستور ‪ 2011‬على‬
‫تجاوزه‪ ،‬وذلك عن طريق توسيع صالحيات ومجال تدخل رئيس المجلس الجهوي وتخويله صالحيات جديدة حقيقية وفعلية‪،‬‬
‫وخاصة صفة اآلمر بالصرف وتنفيذ قرارات المجلس الجهوي‪.‬‬
‫‪ -28‬المادة‪ 24‬من القانون ‪ 47.96‬المنظم للجهات‪ ،‬السالف الذكر‪.‬‬
‫‪ -29‬المادة ‪ 25‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ -30‬المادة‪ 27‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ -31‬المادة‪ 30‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ -32‬المادة ‪ 40‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ - 33‬المادة‪ 37‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ - 34‬المادة‪ 33‬من نفس القانون‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ثانيا‪ :‬االختصاصات المشتركة مع والي الجهة‬
‫تشكل االختصاصات المشتركة بين رئيس المجلس الجهوي ووالي الجهة عصب‬
‫االختصاصات المخولة لرئيس المجلس‪ ،‬واعتبارا لحداثة التجربة الجهوية التي حالت دون‬
‫االرتقاء برئيس المجلس الجهوي إلى درجة إلى درجة نظيره على المستوى الجماعي‪ ،‬فقد‬
‫استبعد المشرع مبدأ االستقاللية‪ ،‬وأحل محله مبدأ التعايش والتوافق بين المراقب والمراقب‪.‬‬
‫لالرتقاء بالجهة إلى مستوى جماعة محلية حقيقية ووحدة ترابية مستقلة ماليا وإداريا بكيفية‬
‫فعلية‪.35‬‬
‫وبذلك فاالختصاصات المشتركة لرئيس المجلس الجهوي مع والي الجهة تتمثل أساسا‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬يحدد الرئيس بتعاون مع عامل العمالة أو اإلقليم مركز الجهة عدد المكلفين‬
‫بالدراسات‪.36‬‬
‫‪ ‬يعين الكاتب العام للجهة والمكلفين بمهمة بموجب مقرر يؤشر عليه عامل العمالة أو‬
‫اإلقليم مركز الجهة‪.37‬‬
‫‪ ‬يوقع بالعطف على تنفيذ قرارات المجلس والمنفذة من طرف العامل مركز الجهة‪.38‬‬
‫باإلضافة إلى هذه االختصاصات فرئيس المجلس الجهوي يتوفر على اختصاصات‬
‫أخرى ينوب عن المجلس في القيام بها‪:‬‬
‫‪ ‬يوقع على قرارات المجلس ويؤشر على محاضر الجلسات‪.39‬‬
‫‪ ‬يمثل المجلس في المؤسسات العمومية‪.40‬‬
‫‪ ‬يوقع بالعطف على القرارات التي ينفذها العامل مركز الجهة‪.41‬‬
‫وبالتالي من خالل ما تم التطرق إليه في هذه الفقرة من االختصاصات التي كان يتمتع‬
‫بها رئيس المجلس الجهوي في إطار القانون‪ 47.96‬المنظم للجهات يتضح أن الصالحيات‬
‫التي كانت مخولة لهذه المؤسسة كانت محدودة وتقتصر على الحياة اإلدارية والتمثيلية للجهة‪،‬‬

‫‪ -35‬حجيبة زيتوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.62‬‬


‫‪ -36‬المادة ‪ 51‬من القاتون‪ 47.46‬السالف الذكر‪.‬‬
‫‪ -37‬المادة ‪51‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ -38‬المادة ‪ 54‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ -39‬المادة ‪ 31‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ -40‬المادة‪ 49‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ -41‬المادة‪ 54‬من نفس القانون‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫بينما أهم اختصاص ينبغي أن يكون بيدي الرئيس هو تنفيذ قرارات المجلس الجهوي وكذا‬
‫صفة اآلمر بالصرف الذي نجده عند مؤسسة أخرى وهي العامل مركز الجهة {الوالي}‪.‬‬
‫وعليه يتضح أن رئيس المجلس الجهوي لم يكن له الدور الفعال في تسيير وتدبير شؤون‬
‫الجهة على عكس العامل مركز الجهة أو الوالي الذي كان يلعب دورا مهما ورئيسيا في هذه‬
‫العملية وكذلك في الجانب الرقابي الذي يحظى به هذا األخير‪.‬‬
‫وبذلك ففي هذه المرحلة ال يمكن الحديث عن أي دور لرئيس المجلس الجهوي في تنمية‬
‫الجهة إذ لم يكن فاعال رئيسيا في تسيير وتدبير الشأن الجهوي‪ ،‬بحيث كانت جل السلطات‬
‫ترتكز في يد العامل مركز الجهة أو الوالي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تصورات الفاعلين السياسيين لمؤسسة رئيس المجلس‬


‫الجهوي في إطار ورش الجهوية المتقدمة‬
‫لقد أبانت التجربة الجهوية التي جاء بها القانون‪ 47.96‬عن خلل كبير تمثل في ضعف‬
‫مؤسسة رئيس المجلس الجهوي ومحدودية دورها في تدبير وتسيير شؤون الجهة‪ ،‬وبالتالي‬
‫غياب الدور التنموي لهذه األخيرة‪ ،‬مق ابل هيمنة سلطة العامل مركز الجهة على جل‬
‫االختصاصات ذات األهمية الكبرى‪ ،‬وهو ما يتناقض مع مبادئ الديموقراطية المحلية‬
‫ومتطلبات دعمها‪.42‬‬
‫ولعل هذا الوضع ما دفع بالخطاب السياسي المغربي إلى التفكير في االرتقاء بوضع‬
‫الجهوية بالمغرب إلى وضع متقدم تحظى فيه الجهة تحت إشراف رئيسها بمكانة قانونية‬
‫متميزة تمكنها من القيام باألدوار التنموية المنوطة بها في ظل التحوالت التي يعرفها العالم‪،‬‬
‫إذ أن الجهوية المتقدمة سمة مميزة البلدان ذات األنظمة السياسية المعاصرة بل أنها أضحت‬
‫مكونا رئيسيا لها‪ ،‬إال أن األخذ بهذا النظام تختلف من دولة ألخرى تبعا لخصوصية كل بلد‪،‬‬
‫وهو معطى جعل منها أحد العناصر األساسية في إعادة بناء مفهوم جديد لعالقة المركز‬
‫بالمحيط‪.43‬‬
‫وعليه فقد شكلت الجهوية المتقدمة ‪-‬منذ إعالء جاللة الملك محمد السادس سدة الحكم‪-‬‬
‫مرجعية دائمة في الخطب الملكية التي تعتبر صفحة جديدة في نهج اإلصالحات المتواصلة‬
‫والشاملة التي يقودها جاللة الملك‪ ،‬ونمط جديد في التدبير الترابي للدولة‪ .44‬فما فتئت المؤسسة‬
‫الملكية أن شكلت الحجر األساس في أي إصالح جهوي‪ ،‬حيث جاءت الدعوة منها بفتح هذا‬

‫‪ -42‬عثمان بوتجدير‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.14‬‬


‫‪ -43‬كريم لحرش‪" ،‬دور الجهوية المتقدمة في تحقيق الحكامة الترابية‪-‬نحو تصور جديد لحكامة ديموقراطية للشأن الجهوي‬
‫بالمغرب‪ ،"-‬مشورات سلسلة الالمركزية واإلدارة الترابية‪ ،‬العدد ‪ ،19‬سنة‪ ،2012‬الصفحة‪.16‬‬
‫‪ -44‬كريم لحرش‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬الصفحة ‪.16‬‬

‫‪17‬‬
‫الورش من خالل تنصيب اللجنة الملكية االستشارية وتكليفها بوضع تصور حول الجهوية‬
‫المتقدمة‪ ،‬وقد لقيت هذه الدعوة إجماعا من طرف كل الفاعلين السياسيين‪ .‬وبذلك فسنتناول‬
‫أوال مؤسسة رئيس المجلس الجهوي من خالل الخطب الملكية‪ ،‬ثم بعدها سنتطرق إلى تصور‬
‫اللجنة االستشارية للجهوية لهذا الجهاز‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مؤسسة رئيس المجلس الجهوي من خالل الخطب الملكية‬
‫إن األحداث السياسية واالقتصادية واالجتماعية مع مطلع العشرية الثانية من األلفية‬
‫الثانية في اتجاه إعادة النظر بطريقة جذرية في نظام الجهة‪ .45‬فقد أكد الملك محمد السادس‬
‫على أنه" يظل طموحنا الوطني االرتقاء من جهوية ناشئة إلى جهوية متقدمة ات جوهر‬
‫ديموقراطي وتنموي"‪.46‬‬
‫لمعرفة تصور المؤسسة الملكية لمؤسسة رئيس المجلس الجهوي سنقوم بتحليل خطابين‬
‫ملكيين‪ ،‬األول يتعلق بخطاب ‪ 03‬يناير‪2010‬الذي وجهه جاللة الملك محمد السادس إلى األمة‬
‫بمناسبة تنصيب اللجنة الملكية االستشارية للجهوية‪ ،‬ثم خطاب ‪09‬مارس‪47 2011‬بمناسبة‬
‫تعديل الدستور‪.‬‬
‫ففيم ا يخص الخطاب األول فقد دعى صاحب الجاللة اللجنة االستشارية للجهوية إلى‬
‫إعداد تصور عام لنموذج وطني لجهوية متقدمة تشمل كل جهات المملكة واالجتهاد في إيجاد‬
‫نموذج مغربي للجهوية نابع من خصوصيات بلدنا وفي صدارتها انفراد الملكية المغربية‬
‫بكونها من أعرق الملكيات في العالم نوقد ظلت على مر العصور ضامنة لوحدة األمة مجسدة‬
‫للتالحم بكافة فئات الشعب والوقوف الميداني على أحواله في كل المناطق‪.48‬‬
‫ومن المالحظ أن هذا الخطاب األخير يشكل المرجعية األساسية ألعمال هذه اللجنة كونه‬
‫يضم مجموعة من التوجهات الواجب أخذها بعين االعتبار ‪ .49‬وكما سبقت اإلشارة لذلك أن‬
‫الخطابات الملكية تبقى هي المرجع األساس كون أن كل الخطابات ذات الصلة بمسألة الجهوية‬
‫ليست بينها قطيعة إبستيمولوجية أو منهجية بل هناك تكرار لنفس العبارات وهو ما يستفاد‬

‫‪ -45‬بوجمعة بوعزاوي‪ ،‬المغرب الجهوي و رهان الجهوية المتقدمة‪ ،‬نشر وتوزيع ‪ ،Emaliv‬مطبعة بني ازناسن‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،2015 ،‬الصفحة ‪.5‬‬
‫‪ -46‬الخطاب الملكي ل‪ 03‬يناير ‪ 2010‬بمناسبة تنصيب اللجنة االستشارية للجهوية‪.‬‬
‫‪ -47‬الخطاب الملكي ل‪ 09‬مارس ‪ 2011‬بمناسبة اإلعالن عن تعديل الدستور‪.‬‬
‫‪ -48‬صالح المستف‪" ،‬الجهوية في مغرب الجهات‪ ،‬مشورات سلسلة الالمركزية واإلدارة الترابية"‪ ،‬العدد ‪،19‬‬
‫سنة‪،2012‬الصفحة ‪.101‬‬
‫‪49‬‬
‫‪-EL YAAGOUBI Mohammed, la notion de régionalisation avancée dans les discours‬‬
‫‪royaux, revue marocaine de l'administration locales et développement, n 94-95,2010,‬‬
‫‪p45-46.‬‬

‫‪18‬‬
‫منه دالليا ولغويا التأكيد على هدف أو غاية محددة و هي اعتبار الملكية للجهوية اليوم خيارا‬
‫استراتيجيا إراديا لمغرب العهد الجديد‪.50‬‬
‫فقد أكد الملك في ‪ 03‬يناير‪" 2010‬أن الجهوية الموسعة المنشودة‪ ،‬ليست مجرد إجراء‬
‫تقني أو إداري‪ ،‬بل توجها حاسما لتطوير وتحديث هياكل الدولة‪ ،‬والنهوض بالتنمية‬
‫المندمجة"‪.‬‬
‫وقد حدد هذا الخطاب أربع مرتكزات يتعين أن تقوم عليها الجهوية وهي‪:‬‬
‫‪ ‬أوال‪ :‬التشبث بمقدسات األمة وثوابتها في وحدة الوطن والتراب والدولة والتأكيد على‬
‫الخيار الديموقراطي‪.‬‬
‫‪ ‬ثانيا‪ :‬االلتزام بالتضامن‪ .‬إذ ال ينبغي اختزال الجهوية في مجرد توزيع جديد للسلطات‬
‫بين المركز والجهات‪ .‬فالتنمية الجهوية لن تكون متكافئة وذات طابع وطني‪ ،‬إال إذا قامت‬
‫على تالزم استثمار كل جهة لمؤهالتها‪ ،‬على الوجه األمثل ‪ ،‬مع إيجاد آليات ناجعة للتضامن‪،‬‬
‫المجسد للتكامل و التالحم بين المناطق‪ ،‬في مغرب موحد‪.‬‬
‫‪ ‬ثالثا‪ :‬اعتماد التناسق والتوازن في الصالحيات واالمكانيات وتفادي تداخل‬
‫االختصاصات‪ ،‬أو تضاربها بين مختلف الجماعات المحلية والسلطات والمؤسسات‪.‬‬
‫‪ ‬رابعا‪ :‬انتهاج الالتمركز الواسع الذي لن تستقيم الجهوية بدون تفعيله في نطاق حكامة‬
‫ترابية ناجحة قائمة على التناسق والتفاعل‪.‬‬
‫وبهذا يستنتج من هذا الخطاب أن األهداف المتوخاة من هذا الورش والتي من ضمنها‬
‫انب ثاق مجالس ديموقراطية الصالحيات والموارد‪ ،‬ما يمكنها من النهوض بالتنمية الجهوية‬
‫المندمجة‪ ،‬فجهات مغرب الحكامة حسب الخطاب ال يجب أن تكون جهازا صوريا أو‬
‫بيروقراطيا‪ ،‬وإنما مجلس تمثيلية للنخب المؤهلة‪ ،‬لحسن تدبير شؤون مناطقها‪ ،‬وتوسيع نطاق‬
‫اختصاص المجلس الجهوي تحت إشراف رئيسه‪.‬‬
‫أما الخطاب الثاني ل ‪09‬مارس ‪ 2011‬فقد اعتبر نقطة تحول كبيرة في المركز القانوني‬
‫لمؤسسة رئيس المجلس الجهوي حيث أعلن عن دسترة هذه األخيرة‪ ،‬وذهب لجعلها جهازا‬
‫تنفيذيا يتولى سلطة تنفيذ المقررات الصادرة عن المجلس الجهوي وبالتالي فقد نقل هذا‬

‫‪ -50‬الشرقي نصراوي‪ -‬شحيحي عبد الرحمان‪ ،‬الجهوية الموسعة في الخطب الملكية بين التحليل السيميائي والتحليل السياسي‪،‬‬
‫الجهوية الموسعة بالمغرب(أي نموذج مغربي على ضوء التجارب المقارنة)‪ ،‬سلسلة الالمركزية واإلدارة المحلية‪ ،‬عدد‪،6‬‬
‫توزيع مكتبة الرشاد‪ ،‬سطات‪ ،‬سنة ‪ ،2010‬الصفحة ‪.44‬‬

‫‪19‬‬
‫االختصاص من العمال و الوالة إلى رؤساء الجهات وهو ما يتماشى مع المقترح الذي قدمته‬
‫اللجنة االستشارية للجهوية بهذا الخصوص‪.‬‬
‫وقد جاء في هذا الخطاب الملكي ما يلي‪ ... ":‬لقد قررنا في نطاق اإلصالح المؤسسي‬
‫الشامل الذي عملنا توفير مقوماته منذ اعتالئنا العرش أن يقوم التكريس الدستوري للجهوية‬
‫على توجهات أساسية من بينها‪:51‬‬
‫‪ .1‬تخويل الجهة المكانة الجديرة بها في الدستور ضمن الجماعات الترابية‪ ،‬وذلك في‬
‫نطاق وحدة الدولة والوطن والتراب ومتطلبات التوازن والتضامن الوطني مع الجهات‪.‬‬
‫‪ .2‬التنصيص على انتخاب المجالس الجهوية باالقتراع العام المباشر‪ ،‬وعلى التدبير‬
‫الديموقراطي لشؤونها‪.‬‬
‫‪ .3‬تخويل رؤساء المجالس الجماعية سلطة تنفيذ مقرراتها بدل العمال والوالة‪."...‬‬
‫وبالتالي بعد تحليلنا لبعض مضامين هاذين الخطابين الساميين نستنتج أنهما أكدا على‬
‫دمقرطة المجالس الجهوية‪ ،‬وضرورة جعلها تمثيلية للنخب‪ ،‬زد على ذلك دعم مؤسسة رئيس‬
‫المجلس الجهوي واالنتقال بها من مجرد جهاز تسييري إلى جهاز تنفيذ يتولى تنفيذ مداوالت‬
‫المجلس‪ ،‬التي كانت من اختصاص الوالي أو العامل مركز الجهة‪ ،‬وبذلك تم االرتقاء بهذه‬
‫المؤسسة من مجرد جهاز صوري إلى جهاز فعلي يتمتع بمجموعة من االختصاصات التي‬
‫تخول له تحقيق التنمية على مستوى الجهة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تصور اللجنة االستشارية لمؤسسة رئيس الجهة‬
‫إن دور الجهة في تعزيز الالمركزية وإتمام البناء المؤسساتي يظهر بشكل واضح من‬
‫خالل هياكلها وظائفها وسبل العمل في التسيير اليومي للشؤون الجهوية وخصوصا المهام‬
‫المنوطة بالجهاز التداولي أي المجلس الجهوي تحت إشراف رئيسها‪.‬‬
‫ومن تم دعت اللجنة االستشارية للجهوية إلى تبني مجموعة من المقتضيات التشريعية‬
‫والتنظيمية‪ ،‬التي من شأنها االنتقال بالجهوية الناشئة المعمول بها حاليا إلى جهوية متقدمة‬
‫"ذات جوهر ديموقراطي وتنموي" ‪ .52‬وتشمل هذه المقتضيات في جانبها المؤسساتي‪ ،‬تكوين‬
‫وتسيير المجلس‪ ،‬الصالحيات واالختصاصات المخولة للجهة ثم االشراف والمراقبة المطبقة‬

‫‪ -51‬مقتطف من الخطاب الملكي السامي ل ‪ 9‬مارس ‪ 2011‬بمناسبة اإلعالن عن تعديل الدستور‪.‬‬


‫‪ -52‬الخطاب الملكي بتاريخ ‪ 3‬يناير‪ 2010‬بمناسبة تشكيل اللجنة االستشارية للجهوية‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫على المجالس الجهوية‪ ،‬كما أنها تشمل على مستوى التنظيم اإلداري إعادة النظر في التقطيع‬
‫الجهوي‪.53‬‬
‫لقد اعتبرت اللجنة االستشارية الجهوية في مقترحاتها أنه باإلمكان كمرحلة أولية تطبيق‬
‫الجهوية المتقدمة بتعديل قانوني وبدون القيام بتعديل دستوري‪ ،‬فقد ارتأت أنه في نطاق اعتماد‬
‫التدرج يمكن إعمال الجهوية المتقدمة بقانون في اإلطار المؤسساتي الحالي في أفق تهيئة‬
‫ظروف دسترتها‪ .54‬وكذلك فقد عملت اللجنة االستشارية على تقديم مجموعة من االقتراحات‬
‫الهادفة إلى دمقرطة المجلس الجهوي‪ ،‬وبالخصوص ما يتعلق بالوضع القانوني لرئيسه و‬
‫بالضبط دوره وصالحياته‪.‬‬
‫فبخصوص انتخاب رئيس المجلس الجهوي ترى اللجنة‪ ،‬أن األمر يقتضي‪ ،‬في غياب‬
‫انتخاب الرئيس بواسطة االقتراع العام المباشر الذي يصعب العمل به حاليا حسب زعمها‪،‬‬
‫إ يجاد آليات ومساطر من شأنها أن تمنح في جو ديموقراطي للرئيس السلطة الكافية بالنسبة‬
‫لباقي أعضاء المكتب وذلك من أجل التدبير الحسن لشؤون الجهة‪ .55‬وبذلك تقترح اللجنة‪:‬‬
‫‪ .1‬اإلبقاء على انتخاب رئيس المجلس الجهوي من طرف المجلس‪.‬‬
‫‪ .2‬التفكير في انتخابين غير متزامنين‪ ،‬انتخاب رئيس المجلس الجهوي أوال ثم انتخاب‬
‫نوابه وذلك إلبراز أهمية الدور المنوط بالرئيس‪.56‬‬
‫باإلضافة إلى ما سبق رأت اللجنة أنه خالفا للوضعية الحالية سيتوفر رئيس المجلس‬
‫الجهوي على صالحيات تنفيذية‪ ،‬حيث سيكون هو اآلمر بالصرف لنفقات المجلس‪ ،‬وهذا‬
‫الوضع الجديد للرئيس حسب التقرير سيكون مستجيبا لألهداف التالية‪:‬‬
‫‪ ‬بلورة فكرة الجهوية المتقدمة التي تقتضي إسناد صالحيات التدبير المحلي لألجهزة‬
‫المنتخبة؛‬
‫‪ ‬مواكبة الشرعية الجديدة الناتجة عن االنتخاب المباشر؛‬
‫‪ ‬العمل على تطابق الوضع القانوني لرئيس المجلس الجهوي مع نفس الوضع لرئيس‬
‫المجلس الجماعي؛‬

‫‪ -53‬رشيد لصفر‪ ،‬الجهوية المتقدمة بالمغرب" المرتكزات والرهانات في ضوء تقرير اللجنة االستشارية"‪ ،‬منشورات سلسلة‬
‫الالمركزية واإلدارة الترابية‪ ،‬العدد ‪ ،19‬سنة ‪ ،2012‬الصفحة ‪.155‬‬
‫‪ -54‬محمد علي لطيف‪ ،‬مؤسسة رئيس الجهة على ضوء الجهوية المتقدمة‪ ،‬رسالة لنيل الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية و السياسية‪ ،‬جامعة الحسن األول بسطات‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2022/2021‬الصفحة‪.13‬‬
‫‪ -55‬عثمان بوتجدير‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.20‬‬
‫‪ -56‬اللجنة االستشارية‪ ،‬تقرير حول الجهوية المتقدمة‪ ،‬الكتاب الثاني‪ :‬الجوانب المؤسساتية‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫وفي هذا اإلطار ترى اللجنة أن رئيس المجلس الجهوي سيمارس على سبيل المثال‪،‬‬
‫االختصاصات التالية‪:‬‬
‫‪ ‬تنفيذ قرارات المجلس وميزانيته ووضع الحساب اإلداري؛‬
‫‪ ‬مباشرة أعمال الكراء والبيع واالقتناء والمبادلة وكل معاملة تخص الملك الخاص‬
‫الجهوي؛‬
‫‪ ‬العمل على حيازة الهبات والوصايا؛‬
‫‪ ‬إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة والتوأمة‪.57‬‬
‫كما أكد تقرير اللجنة االستشارية أيضا على أن " الغاية من الجهوية المتقدمة أن تساهم‬
‫بشكل حاسم في التنمية االقتصادية واالجتماعية للبالد وفي االستثمار األمثل للمؤهالت‬
‫والموارد الذاتية لكل جهة واستنهاض همم مختلف الفاعلين المحليين والمشاركة في إقامة‬
‫وإنجاز المشاريع المهيكلة الكبرى وتقوية جاذبية الجهات"‪.58‬‬
‫وبتاريخ فاتح يوليوز‪ 2011‬صدر الدستور المغربي الجديد معلنا عن مرحلة مهيكلة‬
‫جديدة‪ ،‬بحيث أن الدستور ومنذ فصوله األولى أعطى اهتمام بالغا وكبيرا للتنظيم الترابي‬
‫للبالد‪ ،‬ففي سابقة من نوعها نصت الفقرة األخيرة من الفصل األول من الوثيقة الدستورية‬
‫على أن "التنظيم الترابي للمملكة قائم على الجهوية المتقدمة"‪ .59‬وقد عمل في بابه التاسع‬
‫على تحديد مبادئها الكبر‪ ،‬مثل االنتخاب المباشر ألعضاء مجالس الجهات‪ ،‬ومبدأ التدبير‬
‫الحر‪ ،‬ومبدأ التفريع‪ ،‬ومبدأ إشراك السكان في تدبير قضاياهم الجهوية‪...60‬‬
‫وفي ضوء ذلك صدرت مجموعة من القوانين التنظيمية التي تؤطر التنظيم الجهوي‪،‬‬
‫منها القانون التنظيمي‪ 111.14‬المتعلق بالجهات الذي جاء بمجموعة من المقتضيات التي‬
‫تهم رئيس المجلس الجهوي‪ ،‬وهذا ما سيتم تناوله في المطلب الثاني من هذا المبحث‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مؤسسة رئيس المجلس الجهوي بعد التعديل‬


‫الدستوري لسنة‪2011‬‬
‫إن أهم ما يميز دستور ‪ 2011‬عن باقي الدساتير األخرى هو ما تضمنه هذا الدستور‬
‫من مقتضيات مهمة وأساسية‪ ،‬ارتقت بالجهة ومكنتها تحت إشراف رئيسها من صالحيات‬

‫‪ -57‬اللجنة االستشارية‪ ،‬تقرير حول الجهوية المتقدمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.13‬‬
‫‪ -58‬اللجنة االستشارية‪ ،‬تقرير حول الجهوية المتقدمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.8‬‬
‫‪ -59‬فوزي الشافعي‪ ،‬مؤسسة رئيس الجهة في ضوء الجهوية المتقدمة‪ ،‬رسالة لنيل الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض ‪/‬مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2016/2015‬الصفحة ‪.11‬‬
‫‪ -60‬بوجمعة بوعزاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.6‬‬

‫‪22‬‬
‫مهمة وأساسية و كذا من سلطة تنظيمية إلى جانب الجماعات الترابية األخرى‪ ،‬ألن أهم ما‬
‫ميز دستور ‪ 2011‬هو النص صراحة على كون الجهات تتوفر في مجاالت اختصاصاتها‬
‫وداخل دائرتها الترابية‪ ،‬على سلطة تنظيمية‪ ،61‬إلى جانب ذلك خول لرئيس مجلس الجهة‬
‫مكانة مهمة وضمانات دستورية قوية تعزيزا لمسؤولياتهم وحثا لهم على أداء الواجب كما‬
‫ينبغي أن يؤدى‪ ،‬وعلى ضوء ذلك تم إصدار القانون التنظيمي ‪ 111.14‬الذي جاء بمجموعة‬
‫من المقتضيات الجديدة التي تهم رئيس مجلس الجهة‪.‬‬
‫وعليه فسنتناول من خالل هذا المطلب المستجدات الدستورية لسنة ‪ 2011‬بخصوص‬
‫مؤسسة رئيس مجلس الجهة ( الفقرة األولى)‪ ،‬ثم المستجدات التي أتى بها القانون التنظيمي‬
‫المتعلق بالجهات ‪ 111.14‬بهذا الخصوص (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المستجدات الدستورية‬


‫بعد التجربة الجهوية التي عرفها المغرب في ضوء دستور ‪ 1996‬والتي امتدت منذ‬
‫سنة ‪ 1997‬إلى حدود سنة‪ ،2015‬وبعد تسجيل العديد من االختالالت والنواقص التي برزت‬
‫أساسا من التجربة الميدانية لهذه الهيئات الترابية‪ ،‬والتي تم تسجيلها سواء من طرف المحليين‬
‫و المهتمين بالشأن الجهوي ‪ ،‬وكذلك من طرف الممارسين داخل هذه المجالس و اإلدارات‬
‫المعنية‪ ،‬ارتفعت األصوات منادية بجهوية أكثر تقدما و أهمية من اجل االضطالع بدور فعال‬
‫في تحقيق التنمية المحلية على مختلف األصعدة سواء االقتصادية منها أو االجتماعية أو‬
‫الثقافية أو غيرها‪.62‬‬
‫مواكبة لذلك جاء الدستور الجديد للمملكة المغربية لسنة ‪ ،2011‬متماشيا مع هذه الرغبة‬
‫حيث خص بابا كامال للجهات والجماعات الترابية األخرى (الباب التاسع)‪ .‬انطالقا من مواد‬
‫هذا الباب‪ ،‬خاصة منه المادة‪ ،146‬واستنادا إلى ما خلصت إليه أشغال اللجنة االستشارية‬
‫للجهوية التي كلفت من طرف العاهل المغربي بتقديم مشروع متكامل للجهوية المتقدمة‪،‬‬
‫برزت للوجود هندسة ترابية جديدة تقوم على اختالل الجهة موقعا أساسيا في البناء المؤسساتي‬
‫للمملكة‪.63‬‬
‫وعليه فقد أعطى دستور ‪ 2011‬للجهة ولرئيس مجلسها مكانة مهمة وأساسية‬
‫وضمانات دستورية قوية‪ ،‬لعل من بينها تنصيصه على الخيار الالمركزي الجهوي وجعله‬
‫من ثوابت المملكة‪ ،‬حيث نص في فصله األول على أن " ‪ ...‬التنظيم الترابي للمملكة تنظيم‬

‫‪ -61‬حميد أبوالس‪" ،‬أهمية دسترة الجهة في دستور ‪ ،"2011‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد‪ ،114‬يناير‪-‬‬
‫فبراير ‪ ،2014‬الصفحة ‪.50‬‬
‫‪ 62‬محمد أوالد الحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.169‬‬
‫‪ -63‬محمد أوالد الحاج‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.169‬‬

‫‪23‬‬
‫المركزي‪ ،‬يقوم على الجهوية المتقدمة"‪ ،‬وتكمن أهمية هذا المقتضى وحمولته الرمزية في‬
‫كونه جاء ضمن الفصل األول الذي تناول جانبا من اإلطار المرجعي للدولة‪ ،‬ما يعني أن‬
‫الجهوية المتقدمة أضحت من ثوابت اإلطار المرجعي للدولة‪ ،‬وواحدة من خياراتها‬
‫االستراتيجية التي يلزم احترامها من طرف مجموع المؤسسات ومراعاتها أثناء وضع و‬
‫تنزيل مختلف السياسات العمومية‪.64‬‬
‫وبذلك فقد أضفى دستور‪ 2011‬على مؤسسة رئيس المجلس الجهوي صبغة دستورية‬
‫جديدة ومتعها بمجموعة من الضمانات التي تخول لها مزاولة أنشطتها وصالحياتها‪ ،‬حيث‬
‫تم ذكرها بصريح العبارة في ثالث فصول وهي‪ :‬الفصل‪.145/143/138‬‬

‫بحيث ينص الفصل‪65 138‬على أنه" يقوم رؤساء مجالس الجهات‪ ،‬ورؤساء مجالس‬
‫الجماعات الترابية األخرى بتنفيذ مداوالت هذه المجالس ومقرراتها"‪ .‬وعليه فقد أصبح‬
‫رئيس المجلس الجهوي الجهة المخول لها تنفيذ مقررات المجلس عكس ما تم التنصيص‬
‫عليه في السابق‪ ،‬حيث كان هذا االختصاص في يد العامل مركز الجهة أو الوالي‪ ،‬وكذلك‬
‫بمقتضى هذا الفصل أصبح رئيس المجلس الجهوي هو اآلمر بالصرف وممثل السلطة‬
‫التنفيذية بالجهة‪ ،‬والغاية المثلى من هذا المقتضى الدستوري الجديد هو بلورة الجهوية‬
‫المتقدمة التي تستوجب إسناد صالحيات التدبير الترابي لألجهزة المنتخبة‪ ،‬ومواكبة المسألة‬
‫الجديدة المتمثلة في انتخاب مجلس الجهة باالقتراع العام المباشر‪.66‬‬
‫وبالرجوع أيضا إلى الفصل ‪ 143‬نجده ينص على أنه"‪...‬تتبوأ الجهة تحت إشراف‬
‫رئيس مجلسها‪ ،‬مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية األخرى‪ ،‬في عمليات إعداد وتتبع‬
‫برامج التنمية الجهوية‪ ،‬والتصاميم الجهوية إلعداد التراب‪ ،‬في نطاق احترام االختصاصات‬
‫الذاتية لهذه الجماعات الترابية‪ ."...‬وبناء على مقتضيات هذا الفصل فرئيس مجلس الجهة‬
‫خولت له مجموعة من الصالحيات الجديدة وهي إعداد وتتبع برامج التنمية الجهوية وذلك‬
‫بمساعدة الوالي‪ ،67‬الشيء الذي يعتبر في حد ذاته نقلة نوعية في االختصاصات المخولة‬
‫لهذا الجهاز‪ ،‬حيث كانت في القانون السابق مهمتي التنفيذ والتتبع من اختصاص مؤسسة‬
‫الوالي‪.‬‬

‫‪ -64‬عبد اإلله أمين‪ ،‬الجهوية المتقدمة ورهان إعادة تنظيم العالقة بين المركز والمحيط‪ :‬الجهوية في الدول المغاربية أية‬
‫آفاق‪ ،‬أشغال األيام المغاربية التاسعة للقانون المنظمة من طرف شبكة الحقوقيين المغاربة (أيام‪ 27-26‬أبريل ‪،)2013‬‬
‫مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،2014 ،‬ص‪.91.‬‬
‫‪ -65‬الفصل‪ 138‬من دستور ‪ ،2011‬المرجع السالف الذكر‪.‬‬
‫‪ 66‬سعيد ططي‪ ،‬التأطير الدستوري لتدبير الشأن المحلي بالمغرب على ضوء مقتضيات دستور ‪ ،2011‬مجلة القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬العدد ‪ ،5‬خريف‪ ،2014‬ص‪.126‬‬
‫‪ -67‬الفصل‪ 145‬من دستور‪ ...":2011‬يساعد الوالة والعمال رؤساء الجماعات الترابية‪ ،‬وخاصة رؤساء المجالس الجهوية‪،‬‬
‫على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية‪."...‬‬

‫‪24‬‬
‫فضال عن السلطة التنظيمية التي منحها الدستور لرئيس الجهة‪ ،‬فقد منحه أيضا ولو‬
‫بصفة غير مباشرة‪ ،‬صالحية ممارسة السلطة التنظيمية‪ ،‬حيث نص في فصله‪68140‬على‬
‫أنه‪..." :‬تتوفر الجهات والجماعات الترابية األخرى‪ ،‬في مجاالت اختصاصاتها‪ ،‬وداخل‬
‫دائرتها الترابية‪ ،‬على سلطة تنظيمية لممارسة صالحياتها"‪ .‬ويستنتج من هذا أنه يمكن لرئيس‬
‫المجلس الجهوي إصدار قرارات تنظيمية جهوية تتضمن قواعد عامة ومجردة لتنظيم مختلف‬
‫المجاالت التي تدخل ضمن اختصاصات الجهة‪.69‬‬
‫وعلى هذا األساس يتضح أن رؤساء مجالس الجهات أضحوا يتوفرون على مجموعة‬
‫من االختصاصات ‪،‬فخالفا للوضع السابق‪ ،‬أصبح رئيس المجلس الجهوي يقوم بتنفيذ مداوالت‬
‫المجلس ومقرراته ويتخذ جميع التدابير الالزمة لذلك‪ ،‬كما أنه أصبح يعد وينفذ برامج التنمية‬
‫الجهوية اعتمادا على المقاربة التشاركية مع مختلف الفاعلين المعنيين بالتنمية الجهوية مما‬
‫يبرز الدور الفعال لهذا الجهاز في التنمية الترابية عامة والجهوية خاصة‪ ،‬وباعتبار الجهة‬
‫اإلطار الترابي األنسب لتجسيد سياسة إعداد التراب وطنيا وجهويا‪ ،‬وأنيطت برئيس المجلس‬
‫الجهوي إلعداد التراب ‪ ،‬لضمان رؤية تنموية بعيدة المدى تمكن شركاء وفاعلي الجهة من‬
‫المساهمة في تنميتها بتناغم مع االستراتيجيات القطاعية الوطنية في كل المجاالت‪.70‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مستجدات القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‬


‫لقد ظلت الجهة منحصرة في نسق عدم التركيز اإلداري أكثر مما هي مندمجة في نظام‬
‫الالمركزية‪ ،‬وال يعتبر تنفيذ قرارات المجلس الجهوي وحده المبرر لهذا الرأي‪ ،‬بل أن تمثيل‬
‫الوالي للجهة مدنيا وقضائيا يدل على أن المخاطب هو جهاز السلطة وليس الجهاز المنتخب‪.‬‬
‫وهذا يعني أن القانون ‪ 47.96‬المتعلق بالجهات سابقا أصبح متجاوزا فيما يتعلق بتحقيق البناء‬
‫الديموقراطي وإقرار هياكل الدولة في إطار متقدم لالمركزية‪ ،‬مما جعل هذه السياسة في‬
‫حلتها الجديدة يكتنفها الغموض وتداخل االختصاصات‪.71‬‬
‫وعليه ضمانا لحسن سير مصالح الجهة في إطار الجهوية المتقدمة فقد حرص المشرع‬
‫المغربي على تحيين الوضعية االعتبارية والمادية للمنتخب‪ ،‬وذلك ألجل تمكينه من أداء‬
‫مهامه في ظروف مالئمة وتحديد أدق لواجباته وصالحياته من خالل القانون رقم ‪111.14‬‬
‫المنظم للجهات‪ ،‬بحيث أن القانون قد خص مؤسسة رئيس المجلس الجهوي بأهمية كبرى‪،‬‬

‫‪ -68‬الفصل‪ 140‬من دستور ‪ ،2011‬المرجع السالف الذكر‪.‬‬


‫‪ -69‬عبد العالي ماكوري‪ ،‬المحددات الدستورية الختصاصات الجهة في ظل اإلصالح المرتقب‪ ،‬الجهوية في الدول المغاربية‬
‫أية آفاق‪ ،‬أشغال األيام المغاربية التاسعة للقانون المنظمة من طرف شبكة الحقوقيين المغاربيين(أيام ‪ 27-26‬أبريل‪،)2013‬‬
‫مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط ‪ ،2014‬الصفحة ‪.104‬‬
‫‪ -70‬أحمد ق دميري‪ ،‬مكانة المنتخب الترابي ودوره في تنزيل الجهوية المتقدمة‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لألنظمة القانونية‬
‫والسياسية‪ ،‬عدد خاص رقم‪ ،24‬مطبعة األمنية‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2020‬الصفحة ‪.126‬‬
‫‪ -71‬سعيد نازي‪ ،‬الوالي في إطار الجهوية المتقدمة‪ ،‬منشورات مجلة العلوم القانونية‪ ،‬عدد‪ ،14‬مطبعة األمنية‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ ،2016‬الصفحة ‪.90‬‬

‫‪25‬‬
‫وذلك أن رئيس الجهة أصبحت له اختصاصات متنوعة ومهمة‪(72‬أوال)‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك‬
‫فقد اتى القانون التنظيمي بمجموعة من المستجدات فيما يخص العملية االنتخابية لرئيس‬
‫المجلس الجهوي(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬صالحيات رئيس المجلس الجهوي‬
‫لقد أصبح رئيس المجلس الجهوي يتمتع بمجموعة من الصالحيات الواسعة ذات الطابع‬
‫التقريري والتنفيذي‪ ،‬حيث أصبح هو اآلمر بالصرف‪ ،‬وهذا يعتبر تحول جوهري على‬
‫مستوى اختصاصات الجهاز الرئاسي للجهة وأصبح يتولى مهام ذات طابع تقريري وتنفيذي‬
‫وإداري‪ .73‬فرئيس المجلس الجهوي يمارس السلطة التنظيمية بموجب قرارات تنشر بالجريدة‬
‫الرسمية للجماعات الترابية‪ ،‬وكذا السلطة التنفيذية باعتباره المسؤول عن تنفيذ مداوالت‬
‫‪74‬‬
‫ومقررات المجلس‬
‫‪ .1‬صالحيات تقريرية وتنفيذية‬
‫يتخذ رئيس المجلس الجهوي القرارات المتعلقة بتنظيم إدارة الجهة وتحديد اختصاصاتها‬
‫مع مراعاة مقتضيات المادة ‪ 115‬من القانون التنظيمي‪ ،‬كما يتخذ القرارات المتعلقة بإحداث‬
‫أجرة عن الخدمات المقدمة وبتحديد سعرها‪ ،‬وكذلك القرارات ألجل تحديد سعر الرسوم‬
‫واألتاوى ومختلف الحقوق طبقا للنصوص والقوانين الجاري بها العمل‪.75‬‬
‫باإلضافة إلى ما سبق فقد اعتبر القانون التنظيمي المتعلق بالجهات رئيس المجلس‬
‫الجهوي الجهاز التنفيذي لهذه األخيرة‪ ،‬وهذه الصفة تعترف لصاحبها بحق تنفيذ مداوالت‬
‫المجلس ومقرراته‪ ،‬واتخاذ جميع التدابير الالزمة والمتطلبة لذلك‪ .‬وتترجم هذه التدابير ذات‬
‫الطابع التنفيذي في النواحي التالية‪:‬‬
‫‪ ‬تنفيذ برامج التنمية الجهوية‪ ،‬والتصميم الجهوي إلعداد التراب؛‬
‫‪ ‬تنفيذ الميزانية؛‬
‫‪ ‬اتخاذ القرارات المتعلقة بتنظيم اإلدارة وتحديد اختصاصاتها؛‬
‫‪ ‬القيام في حدود ما يقرره مجلس الجهة‪ ،‬بإبرام وتنفيذ العقود المتعلقة بالقروض؛‬

‫‪ -72‬عبد العالي الفاللي‪" ،‬مسؤولية رئيس المجلس الجهوي في تدبير النفقات العمومية الجماعية"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.220.‬‬
‫‪ -73‬مصطفى بوسنينة‪ ،‬المنتخب الجهوي بالمغرب‪ /‬دراسة سوسيو‪-‬قانونية‪ ،2015_1997‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،2018/2017‬الصفحة ‪.153‬‬
‫‪ -74‬معاد الراضي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.199‬‬
‫‪ -75‬الفقرة األولى من المادة ‪ 101‬من القانون رقم ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات السالف الذكر‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ ‬القيام بإبرام أو مراجعة األكرية وعقود إيجار األشياء؛‬
‫‪ ‬تدبير أمالك الجهة والمحافظة عليها؛‬
‫‪ ‬مباشرة أعمال الكراء والبيع واالقتناء والمبادلة‪ ،‬وكل معاملة تهم ملك الجهة‬
‫الخاص؛‬
‫‪ ‬اتخاذ اإلجراءات الالزمة لتدبير الملك العمومي للجهة‪ ،‬ومنح رخص االحتالل‬
‫المؤقت للملك العمومي طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل؛‬
‫‪ ‬اتخاذ اإلجراءات الالزمة لتدبير المرافق العمومية التابعة للجهة؛‬
‫‪ ‬إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة والتوأمة؛‬
‫‪ ‬إبرام صفقات األشغال والتوريدات والخدمات ويصادق عليها؛‬
‫‪76‬‬
‫‪ ‬العمل على حيازة الهبات والوصايا؛‬
‫هذا ويجوز للرئيس تفويض بعض صالحياته لنوابه في قطاع محدد لكل نائب باستثناء‬
‫التسيير اإلداري واألمر بالصرف‪.77‬‬
‫وهذا ما جاء مخالفا لمضمن المادة ‪ 55‬من القانون ‪ 47.96‬المتعلق بالتنظيم الجهوي‬
‫والتي كانت تنيط بعامل العمالة أو اإلقليم مركز الجهة صالحيات تنفيذ القرارات المالية‬
‫للمجلس الجهوي‪ ،‬وهو ما كان يضيق بشكل مجحف من قدرة التحرك لدى رئيس الجهة‪.‬‬
‫إلى أن صدر القانون التنظيمي الجديد للجهات ليجعل تنفيذ قرارات المجلس من اختصاص‬
‫رئيس المجلس الجهوي وحده كما تمت اإلشارة إليه سابقا‪.78‬‬
‫‪ .2‬الوظائف التسييرية لرئيس مجلس الجهة‬
‫لقد عمل القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات على تنظيم مختلف القواعد‬
‫المتعلقة باألعمال الخاصة بتسيير المجلس الجهوي‪ ،‬بواسطة القواعد التي تهم عقد دورات‬
‫المجلس وشروط مداوالته وكذلك تسيير المصالح اإلدارية‪.‬‬
‫‪ ‬تنظيم سير عمل المجلس‬

‫‪ -76‬سعيد جفري‪ ،‬الجماعات الترابية بالمغرب الجهات‪ ،‬العماالت واألقاليم‪ ،‬والجماعات‪ ،‬مطبعة األمنية‪-‬الرباط‪ ،‬طبعة‬
‫‪ ،2022‬ص ‪.53‬‬
‫‪ -77‬معاد الراضي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.200‬‬
‫‪ -78‬مصطفى بوسنينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.153‬‬

‫‪27‬‬
‫يسهر الرئيس على تنظيم سير عمل المجلس من خالل أوال إعداد النظام الداخلي‪،‬‬
‫الذي يتضمن توزيع العمل بين أجهزة المجلس وحدود الصالحيات الموكولة لكل جهاز‪ ،‬ثم‬
‫يعرضه على المجلس للدراسة والتصويت قبل اإلحالة إلى الوالي‪ ،79‬وثانيا إعداد جدول‬
‫أعمال الدورات بعد إدراج النقط اإلضافية لكل من الوالي وأعضاء المجلس والعرائض‬
‫المقدمة من المواطنات والمواطنين‪ ،‬والمجتمع المدني‪.80‬‬
‫وعند تسطير جدول األعمال يتم الشروع في عمل المجلس‪ ،‬من خالل توجيه‬
‫االستدعاء للدورات‪ ،‬إذ يخبر كتابيا أعضاء المجلس بتاريخ ومكان الدورة وجدول أعمالها‪.‬‬
‫ويمكنه طلب الوالي إبداء المالحظات أثناء انعقاد الدورات‪ ،81‬وله أن يعترض على كل‬
‫نقطة لم تدرج في جدول األعمال أثناء المناقشة في الجلسات العامة للمجلس‪.82‬‬
‫ويتولى الرئيس أيضا مراقبة حضور وغياب أعضاء المجلس عبر مسك سجل‬
‫الحضور عند افتتاح كل دورة ويعلن عن المتغيبين فيها ‪.83‬وعندما تختتم المناقشات يؤشر‬
‫ويوقع بجانب الكاتب على محاضر ومقررات المجلس‪ ،‬ويحفظ سجل كل هذه المحاضر‬
‫والمداوالت لديه‪.84‬‬
‫ويعتبر الرئيس المسؤول عن السير العادي أثناء انعقاد جلسات المجلس ويتدخل كلما‬
‫وقعت أحداث قد تعرقل األجواء خالل المداوالت‪ .‬وعند انعقاد دورات المجلس‪ ،‬بناء على‬
‫جدول أعمال محددة لمدة محددة‪ ،‬وقد يتطلب األمر تمديد أمد الدورة العادية فيتدخل الرئيس‬
‫إلعالن ذلك بعد تبليغ الوالي باألمر‪ .85‬باإلضافة إلى الدورات العادية يمكنه استدعاء‬
‫المجلس لعقد دورة استثنائية‪ ،‬وإن طلبها ثلث األعضاء ورفض فعليه التعليل‪ ،86‬ويستدعي‬
‫إليها وجوبا إن طلبها الوالي‪.87‬‬
‫وقد يرغب الرئيس انفتاح المجلس على الفاعلين من خارج المجلس‪ ،‬حيث يمكنه‬
‫استدعاء موظفي الجهة لحضور استشاري بأشغال المجلس‪ ،‬أوعن طريق الوالي باستدعاء‬

‫‪ 79‬الفقرة األولى والثانية من المادة ‪ 35‬من القانون التنظيمي‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬السالف الذكر‪.‬‬
‫‪ 80‬المواد‪ 43-42-41‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ 81‬الفقرة الخامسة من المادة‪ ،36‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ 82‬المادة ‪ 44‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ 83‬المادة ‪ 70‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪84‬المادة‪ 52‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪85‬المادة‪ 37‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ 86‬المادة ‪ 39‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ 87‬المادة ‪ 40‬من نفس القانون‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫موظفي الدولة والمؤسسات العمومية او المقاولين العاملين في الجهة‪ .‬كما يمكنه أن يدعوا‬
‫اللجن الدائمة لالجتماع لدراسة القضايا المعروضة عليها‪ ،‬كلما دعت الضرورة‪.88‬‬
‫‪ ‬تسيير المصالح اإلدارية‬
‫تنص المادة ‪ 103‬من القانون التنظيمي للجهات ‪ 111.14‬على ما يلي‪ ":‬يسير رئيس‬
‫المجلس المصالح اإلدارية للجهة‪ ،‬ويعتبر الرئيس التسلسلي للعاملين بها‪ ،‬ويسهر على تدبير‬
‫شؤونهم‪ ،‬ويتولى التعيين في جميع المناصب بإدارة الجهة طبقا للنصوص التشريعية‬
‫والتنظيمية الجاري بها العمل‪.‬‬
‫يجوز لرئيس المجلس تعيين مكلفين بمهمة ال يتجاوز عددهم أربعة يشتغلون تحت‬
‫إشراف مدير الرئاسة والمجلس‪"...‬‬
‫ومن خالل هذه المادة يتضح أن الرئيس يعتبر الرئيس التسلسلي للعاملين ي المصالح‬
‫اإلدارية للجهة‪ ،‬ويتولى التعيين في جميع المناصب بإدارة الجهة طبقا للنصوص التنظيمية‬
‫والتشريعية الجاري بها العمل‪ ،‬وتخضع قرارات التعيين المتعلقة بالمناصب العليا لتأشيرة‬
‫السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية‪.‬‬
‫هذا وتتوفر الجهة على إدارة يحدد تنظيمها واختصاصاتها بقرار لرئيس المجلس يتخذ‬
‫بعد مداولة المجلس وتتألف هذه اإلدارة وجوبا من مديرية عامة للمصالح و مديرية لشؤون‬
‫الرئاسة و المجلس ‪ ،‬فبالنسبة لألولى فإن المدير العام يساعد الرئيس في ممارسة صالحياته‪،‬‬
‫ويتولى تحت مسؤوليته ومراقبته اإلشراف على إدارة الجهة ‪ ،‬وتنسيق العمل اإلداري‬
‫بمصالحها ‪ ،‬والسهر على حسن سيره‪ ،‬عالوة على ذلك يقدم تقارير لرئيس المجلس كلما‬
‫طلب منه ذلك‪ ،‬أما بالنسبة للثانية فإن مدير شؤون الرئاسة يتولى مهام السهر على الجوانب‬
‫اإلدارية المرتبطة بالمنتخبين‪ ،‬ويسير أعمال المجلس ولجانه‪.89‬‬
‫ثانيا‪ :‬مستجدات العملية االنتخابية لرئيس المجلس الجهوي‬
‫إن نجاح الورش الكبير للجهوية المتقدمة‪ ،‬بما يقتضيه األمر من تعزيز للشفافية وروح‬
‫المسؤولية‪ ،‬تطلب إعادة النظر في نظام االقتراع المتبع سابقا الختيار المنتخبين الجهويين‪.‬‬
‫من أجل ذلك‪ ،‬وفي إطار الديموقراطية التي كرسها الدستور‪ ،‬نصت المقتضيات الجديدة‬
‫المنظمة لهذه الهيئات الترابية‪ ،‬على نظام انتخابي جديد يرتكز أساسا على قاعدة االقتراع‬
‫العام المباشر ومبدأ التصويت العلني ‪ ،90‬وخصوصا أن نظام االقتراع غير المباشر الذي‬

‫‪ 88‬الشريف الغيوبي‪ ،‬استقاللية السلطة التنفيذية للجهة على ضوء القانون التنظيمي ‪ ،111.14‬المجلة المغربية لألنظمة‬
‫القانونية والسياسية‪ ،‬العدد ‪ ،11‬ديسمبر ‪ ،2016‬الصفحة ‪.25‬‬
‫‪ -89‬عبد العالي الفاللي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.224،223‬‬
‫‪ -90‬محمد أوالد الحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.170‬‬

‫‪29‬‬
‫كان متبعا سابقا قد أبان على محدوديته على المستوى الجهوي ألنه يحرم المواطنين من‬
‫االنتخاب والتأثير المباشر على تدبير الشأن الجهوي‪.91‬وبذلك سنتناول المسلسل االنتخابي‬
‫لرئيس مجلس الجهة (‪ )1‬باإلضافة إلى اكراهات انتداب رئيس المجلس الجهوي (‪.)2‬‬

‫‪ -)1‬المسلسل االنتخابي لمؤسسة رئيس المجلس الجهوي‬

‫لقد جاء القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات بمبدأ االقتراع العام المباشر‬
‫النتخاب المجالس الجهوية‪ ،‬فبالعودة إلى المادة ‪ 9‬من هذا القانون نجد أن عملية انتخاب رئيس‬
‫مجلس الجهة تسبقها عملية انتخاب أعضاء المجلس الجهوي‪ ،‬وبذلك يكون المشرع قد غير‬
‫من تأليف المجالس الجهوية الذي كان يعد غير متجانس‪ .‬فمن الواضح إذن أن االقتراع العام‬
‫المباشر سيكون أكثر مالئمة لتمثيل سياسي حقيقي للناخبين سعيا نحو خلق مجالس جهوية‬
‫قريبة من المواطن ألن طبيعة االقتراع الغير مباشر الذي عرفته الفترة السابقة كان يجعل‬
‫الصلة بين المواطنين والمسؤولين الجهويين منعدمة الوجود مما يتعارض مع مبادئ‬
‫الديموقراطية الجهوية المراد تحقيقها‪.92‬‬
‫وبعد هذه المرحلة يتم اجتماع المجلس الجهوي في جلسة خاصة النتخاب رئيس‬
‫المجلس‪ ،‬ويتم ذلك داخل ‪ 15‬يوما الموالية النتخاب أعضاء المجلس‪ ،‬وخالفا للمادة العاشرة‬
‫من القانون ‪ 47.96‬التي تنص على انتخاب الرئيس من بين أعضاء المجلس فإن الفصل ‪13‬‬
‫من القانون التنظيمي للجهات جاء مكرسا للديموقراطية التمثيلية بشكل أكثر نزاهة وشفافية‬
‫بحيث قضى بأن الترشح لشغل منصب رئيس المجلس الجهوي يقتصر فقط على األعضاء‬
‫المرتبين على رأس لوائح الترشيح التي فازت بمقاعد داخل المجلس‪ ،‬بل إن األمر يخص‬
‫األحزاب الحاصلة على المراتب الخمسة األولى دون سواها‪.93‬‬
‫رغم تقدمية هذا المقتضى فإنه يظل منتقدا حيث يبقى التساؤل مطروحا لماذا المشرع لم‬
‫يتخذ خطوة كاملة في دمقرطة انتداب رؤساء الجهات‪ ،‬بالنص صراحة على تنصيب المترشح‬
‫الذي يتصدر الالئحة التي حصلت على الرتبة األولى رئيسا للمجلس الجهوي‪ ،‬وهذا سيختصر‬
‫علينا مسافة تنظيم جلسة النتخاب الرئيس واألهم من ذلك هو إضفاء الشرعية الديموقراطية‬

‫‪ -91‬حجيبة زيتوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.257‬‬


‫‪92‬‬
‫‪-OUAZZANI CHAHID Hassan, La régionalisation au maroc entre le présent et‬‬
‫‪l'avenir, la nouvelle constitution du royaume du maroc, publication de la revue‬‬
‫‪marocaine‬‬ ‫‪d'administration‬‬ ‫‪locale‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪développment,‬‬ ‫‪thémes‬‬
‫‪actuels,n82,2013,page 211.‬‬
‫‪ -93‬كما سمح نفس الفصل لرأس الالئحة من لوائح المستقلين أن يتقدم بالترشح إذا ساوى أو فاق عدد المقاعد التي حصلت‬
‫عليها الئحته عدد مقاعد الحزب المرتب خامسا (يراجع الفصل ‪ 13‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪،‬‬
‫السالف الذكر‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫على انتداب رؤساء الجهات فتعيينهم بشكل مباشر بعد انتخاب أعضاء المجالس الجهوية يعد‬
‫عاكسا إلرادة المجتمع المحلي‪.94‬‬
‫وفي هذا الصدد يمكن القول أن انتخاب األعضاء كمرحلة أولى تؤهلنا إلى المرور‬
‫لمرحلة ثانية وهي انتخاب رئيس المجلس الجهوي‪ ،‬هو انتداب غير مباشر لهذا األخير فهو‬
‫يشكل التواء عن المقتضى الدستوري القاضي بأن الجماعات الترابية أشخاص معنوية عامة‬
‫تسير شؤونها بكيفية ديموقراطية بواسطة مجالس منتخبة باالقتراع العام المباشر‪.95‬‬
‫وينتخب رئيس المجلس الجهوي في الدور األول والثاني باألغلبية المطلقة لألعضاء‬
‫المزاولين مهامهم‪ ،‬غير أن المنافسة في الدور الثاني تكون فقط بين المرتبتين حسب عدد‬
‫األصوات في الرتبتين األولى والثانية‪ ،‬وإذا اقتضى الحال إجراء دور ثالث فإنه يعلن عن‬
‫المترشح األصغر فائزا‪ ،96‬األمر الذي كان معكوسا في ظل القانون ‪ 47.96‬حيث كان يعلن‬
‫على المترشح األكبر سنا فائزا‪ ،97‬أما في حالة تعادل السن يعين رئيس المجلس الجهوي عن‬
‫طريق القرعة‪.‬‬
‫أما فيما يخص الشروط التي يجب توفرها في المترشح لرئاسة مجلس الجهة فقد حددها‬
‫القانون التنظيمي المتعلق بالجهات فيما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬أن يكون من بين األحزاب الحصلة على المراتب الخمس األولى بناء على مجموع‬
‫المقاعد المحصل عليها في مجلس الجهة؛‬
‫يمكن لرأس الالئحة من اللوائح المستقلة أن يتقدم للترشيح إذا ساوى أو فاق عدد المقاعد‬
‫التي حصلت عليها الئحته عدد مقاعد الحزب المرتب خامسا‪ .‬ويقصد برأس الالئحة الترشح‬
‫الذي يرد اسمه في المرتبة األولى في الئحة الترشح حسب الترتيب التسلسلي في هذه الالئحة‪.‬‬
‫‪-2‬أن يرفق طلب الترشيح بتزكية مسلمة من الحزب السياسي الذي ينتمي إليه المترشح‪.‬‬
‫غير أن هذا الشرط ال ينطبق على المترشحين المستقلين‪.‬‬
‫أما إذا توفي هذا المترشح أو المترشحة‪ ،‬أو فقد األهلية االنتخابية ألي سبب من األسباب‬
‫أو استقال أو إذا منعه مانع قانوني آخر‪ ،‬يؤهل بحكم القانون‪ ،‬للترشح لشغل منصب الرئيس‪،‬‬

‫‪ -94‬محمد علي لطيف‪ ،‬مؤسسة رئيس الجهة على ضوء الجهوية المتقدمة‪ ،‬رسالة لنيل الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية و السياسية‪ ،‬جامعة الحسن األول بسطات‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2022/2021‬الصفحة ‪.25‬‬
‫‪ -95‬الفقرة الثانية من الفصل ‪ 135‬من الدستور المغربي لسنة‪ 2011‬السالف الذكر‪.‬‬
‫‪ -96‬المادة ‪ 15‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات السالف الذكر‪.‬‬
‫‪ -97‬الفقرة ‪ 7‬من المادة ‪ 10‬من القانون ‪ 47.96‬السالف الذكر‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫المترشح الذي يليه مباشرة من حيث الترتيب في الالئحة نفسها‪ ،‬أو المترشح الموالي عند‬
‫االقتضاء‪.98‬‬
‫كما أضافت المادة ‪ 72‬شرطا آخر وهو أنه ال يجوز أن ينتخب رئيسا أو نائبا للرئيس‪،‬‬
‫أعضاء مجلس الجهة الذين هم مقيمون خارج الوطن ألي سبب من األسباب‪ ،‬ويعلن فورا‬
‫بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بعد رفع األمر إليها من قبل والي الجهة‪ ،‬عن إقالة‬
‫رئيس المجلس أو نائبه الذي ثبت بعد انتخابه أنه مقيم في الخارج‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ما سبق فمن أهم المستجدات التي أتى بها القانون التنظيمي المتعلق‬
‫ب الجهات في مجال انتخاب رئيس المجلس الجهوي نجد طريقة التصويت العلني والتي تم‬
‫التنصيص عليها وألول مرة وبصراحة في المادة ‪ 8‬من القانون التنظيمي رقم ‪.111.14‬‬
‫واستنادا إلى هذه القاعدة أضحى انتخاب رئيس المجلس الجهوي يتم بأسلوب التصويت العلني‬
‫على مرأى ومسمع الحضور‪ ،‬كما تم التنصيص على نفس اآللية أثناء التصويت على مختلف‬
‫مقررات المجلس الجهوي المتخذة خالل دوراته العادية واالستثنائية‪ .‬وتجرى هذه العملية عن‬
‫طريق رفع األيدي كأساس للتعبير عن اختيار كل مصوت‪ ،‬باإلضافة إلى وضع عالمة على‬
‫اسم المترشحة أو المترشح في ورقة خاصة بغية إثبات التصويت وتوثيقه‪ ،‬وبالتالي مواجهة‬
‫الشكايات والمنازعات التي يمكن أن تثار في هذا المجال‪.‬‬
‫وهدف المشرع المغربي في اعتماده لهذه اآللية يتجلى في ترسيخ مبدأي الشفافية‬
‫والمصداقية للعمل السياسي‪ ،‬بتعزيز مصداقية االقتراع دعما للديموقراطية المحلية والرفع‬
‫من مستوى وأداء النخب والفاعلين السياسيين‪.99‬‬
‫فضال عما سبق ذكره فقد أتى القانون التنظيمي المتعلق بالجهات بمقتضيات جديدة فيما‬
‫يخص توسيع دائرة التنافي بين مناصب المسؤولية‪ ،‬حيث ال يجوز أن ينتخب رئيسا لمجلس‬
‫الجهة أو نوابا للرئيس وال أن يزاولوا مهامهم بصفة مؤقتة المحاسبون العموميون الذين يرتبط‬
‫نشاطهم مباشرة بالجهة المعنية‪ .100‬باإلضافة إلى ما تم التنصيص عليه في المادة ‪ 17‬من هذا‬
‫القانون على "حالة تنافي مهام رئيس مجلس الجهة أو نائب رئيس مجلس الجهة مع مهام‬
‫رئيس أو نائب رئيس مجلس جماعة ترابية أخرى أو مهام رئيس أو نائب رئيس غرفة مهنية‬
‫أو مهام رئيس أو نائب رئيس مجلس مقاطعة"‪ .‬أما في حالة عدم احترام المقتضيات‪ ،‬فإن‬
‫المعني باألمر يفقد‪ ،‬بحكم القانون‪ ،‬منصبه األول الذي انتخب فيه‪ .‬أي أول رئاسة أو إنابة‬
‫يشغلها وفق قرار تصدره السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية‪ .‬زيادة على ذلك وفي إطار نفس‬

‫‪ 98‬المادة ‪ 13‬من القانون ااتنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات السالف الذكر‪.‬‬


‫‪ 99‬محمد أوالد الحاج‪ ،‬الجهة والجهوية المتقدمة‪ :‬قراءة مقارنة بين القانون رقم ‪ 47.96‬والقانون التنظيمي‪ ،111.14‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬الصفحة ‪.172‬‬
‫‪ 100‬المادة ‪ 16‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات السالف الذكر‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫التوج ه الرامي لتفادي الجمع بين المهام‪ ،‬نص المشرع المغربي على عدم جواز الجمع بين‬
‫مهام رئيس مجلس جهة وصفة عضو في الحكومة أو في إحدى غرف البرلمان أو المجلس‬
‫االقتصادي واالجتماعي والبيئي وحتى في الهيئة العليا لالتصال السمعي‪-‬البصري أو مجلس‬
‫المنافسة أو الهيأة الوطنية للنزاهة والرقابة من الرشوة ومحاربتها‪.101‬‬
‫إذن انطالقا مما سبق فالفراغ الكبير الذي يعرفه القانون التنظيمي المتعلق بالجهات في‬
‫هذا الشأن هو سكوته التام حول اشتراط أي مستوى تعليمي يذكر يجب توفره في رؤساء‬
‫الجهات‪ ،‬ولقد كان القانون ‪ 47.96‬يتضمن شهادة الدروس االبتدائية كمستوى تعليمي أدنى‬
‫لرؤساء المجالس الجهوية‪ ،‬لكن بدل أن يستجيب المشرع النتظارات الكثيرين من القانون‬
‫التنظيمي وذلك باشتراط مستوى تعليمي عالي في كل من يتولى منصب رئيس الجهة‪.102‬‬
‫وخالفا لكل التوقعات فقد جاء القانون التنظيمي الجديد خاليا من أي إشارة حول القدرات‬
‫العلمية التي يجب أن تتوفر في المنتخبين الجهويين عامة ورئيس المجلس الجهوي خاصة‪.‬‬
‫‪ -)2‬إكراهات انتداب رئيس المجلس الجهوي‬

‫يرتبط موضوع تنزيل الجهوية المتقدمة والرفع من جودة التدبير العمومي الجهوي إلى‬
‫حد كبير بمدى استعداد وجاهزية النخبة الجهوية وعلى رأسها رئيس المجلس الجهوي لتجاوز‬
‫مجموعة من الممارسات التي ارتبطت بأزمنة سابقة بالنخب المحلية وباألحزاب السياسية‬
‫عامة ‪ ،‬والتي كانت تؤثر ال محالة على مردودية المجالس الجهوية ‪ ،‬وترتبط أساسا بطبيعة‬
‫السلوك االنتخابي وسؤال االلتزام السياسي ناهيك عن تحكم ممثل السلطة المركزية بالعملية‬
‫االنتخابية لرئيس المجلس الجهوي‪.‬‬
‫أ‪-‬تدخل الوالي في انتخاب رئيس المجلس الجهوي‬
‫حسب المادة ‪ 14‬من القانون التنظيمي الجديد للجهات فإن والي الجهة يتلقى الترشيحات‬
‫لرئاسة مجلس الجهة ويسهر على هذه العملية‪ ،‬ويجب على من يريد التقدم لهذا المنصب إيداع‬
‫ترشيحه بصفة شخصية إلى الوالي خالل خمسة أيام الموالية النتخاب أعضاء المجلس‪.‬‬

‫‪ -101‬الفقرة الثالثة من المادة ‪ 17‬من القانون التنظيمي‪ ،111.14‬المرجع السالف الذكر‪.‬‬


‫‪ -102‬عماد أبركان‪ ،‬المسألة الجهوية بالمغرب بين الكائن والممكن في ضوء القانون التنظيمي للجهات‪ ،‬مجلة الشؤون القانونية‬
‫والقضائية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة ‪ ،2016‬الصفحة ‪.24‬‬

‫‪33‬‬
‫وبعد توصل الوالي بالترشيحات يتقدم بدعوة المجلس إلى عقد جلسة انتخاب الرئيس‪،103‬‬
‫خالل ‪ 15‬يوما الموالية النتخاب أعضاء المجلس على األكثر بدعوة من الوالي‪ ،‬من بين ما‬
‫يحدد فيها أسماء المترشحين لرئاسة المجلس‪.‬‬
‫ويحق للوالي الطعن في انتخاب رئيس المجلس الجهوي‪ ،‬إذا تبين له أن عملية انتخاب‬
‫هذا األخير شابتها خروقات تمس بشرعية هذه العملية‪.‬‬
‫وبهذا الخصوص أشار السيد وزير الداخلية إلى أن كل ما يتعلق بإيداع الترشيحات‬
‫وتاريخ انتخاب رئيس الجهة سيعرف نوعا من المرونة في ضبط هذه األمور‪ ،‬حتى تمر‬
‫العملية في أحسن الظروف واألحوال‪.104‬‬
‫كما يحضر والي الجهة الجلسة التي يتم فيها انتخاب نواب رئيس المجلس الجهوي‪،‬‬
‫حسب ما تنص عليه المادة ‪ 19‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‪ ،‬ويمكن له أن يعين‬
‫من ينوب عليه في حضور هذه الجلسة‪ ،‬لذلك يمكن التساؤل عن الفائدة من حضور والي‬
‫الجهة انتخاب نواب الرئيس؟‬
‫يمكن القول بأن الغرض من حضور الوالي لجلسة انتخاب نواب رئيس الجهة‪ ،‬هو‬
‫االطالع على كل ما يجري بالنفوذ الترابي خصوصا وأنه يكون ملزما بإعداد تقارير يومية‬
‫وشهرية عن كل األحداث التي تقع داخل الجهة وتبليغها لوزارة الداخلية‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك‬
‫فإن والي الجهة هو المكلف األول بحفظ النظام العام داخل الجهة‪ ،‬وبالتالي يجب عليه الحضور‬
‫للتصدي إلى بعض األعمال التي من شأنها أن تحدث خالل جلسة انتخاب النواب ومن شأنها‬
‫المساس بالنظام العام ‪ ،‬كما أن القانون التنظيمي أعطى الحق لوالي الجهة للتدخل لحفظ النظام‬
‫العام داخل جلسات مجلس الجهة إما تلقائيا أو بطلب من رئيس الجهة‪ ،‬في الحاالت التي يتعذر‬
‫فيها على هذا األخير الحفاظ على النظام العام‪.105‬‬
‫وعليه فبالرغم من أن القانون التنظيمي الجديد قد جرد بعض الصالحيات من الوالي‬
‫وأعطاها لمؤسسة رئيس الجهة إال أنه مازالت هذه الصالحيات محدودة وتخضع لرقابة ممثل‬
‫السلطة المركزية فإذا كان المجلس الجهوي تحت إشراف رئيسه يملك سلطات تقريرية ‪،‬فإن‬
‫ممارسة هذه الصالحيات تتم تحت إشراف وتدخل من طرف السلطة المحلية‪ ،‬بأدوات و‬
‫أساليب من شأنها أن تضعف من قدرة رئيس المجلس الجهوي وإبقائه دائما تابعا للوالي‪،‬‬

‫‪ - 103‬تنص المادة ‪ 12‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬المرجع السالف الذكر‪ ،‬على أنه‪ ":‬يجرى‬
‫انتخاب رئيس المجلس ونوابه في جلسة واحدة مخصصة لهذه الغاية خالل الخمسة عشر يوما الموالية النتخاب أعضاء‬
‫المجلس"‪.‬‬
‫‪ -104‬تقرير لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة حول مشروع قانون تنظيمي‪ 111.14‬يتعلق بالجهات‪،‬‬
‫دورة أبريل ‪ ،2015‬السنة التشريعية الرابعة ‪ ،2015-2014‬الوالية التشريعية التاسعة‪.2016-2011 ،‬‬
‫‪ -105‬سعيد نازي‪ ،‬الوالي في إطار الجهوية المتقدمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحتين ‪.93-92‬‬

‫‪34‬‬
‫وبالتالي غياب مبدأ االستقاللية الذي يجب أن يتمتع به رؤساء الجهات‪ ،‬خصوصا وأن والي‬
‫الجهة يتدخل في العملية االنتخابية لرئيس المجلس الجهوي ما يؤدي دون تحقيق المبدأ‬
‫الدستوري المنشود المتمثل في التدبير الحر‪.‬‬
‫ب‪-‬االكراهات السوسيوسياسية النتداب رئيس المجلس الجهوي‬
‫تطرح مسألة االلتزام السياسي لدى المنتخب الجهوي عامة ورئيس المجلس الجهوي‬
‫خاصة جانبا مهما وأساسيا على مستوى توفير الشروط والضمانات الكفيلة بتأهيل النخب‬
‫الجهوية بالشكل الذي سينعكس على جودة ومردودية التدبير العمومي الجهوي وتحقيق التنمية‬
‫الجهوية وذلك من خالل مناهضة ظاهرة التعدد االنتدابي المرتبطة ببعض االنحرافات المتعلقة‬
‫بممارسة الجمع بين االنتدابات االنتخابية‪ .‬فبالعودة إلى القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‬
‫نجده يمنع حاالت الجمع بين االنتدابات كما تمت اإلشارة إلى ذلك سابقا‪ ،‬والتي اختزلها في‬
‫حاالت منع الجمع بين رئيس أو نائب رئيس مجلس الجهة ورئاسة جماعة ترابية أو رئاسة‬
‫غرفة مهنية‪ ،‬قد سمح أو كان مسوغا للفاعل الحزبي من أجل البحث عن تطبيقات أخرى‬
‫لنماذج الجمع بين هذه االنتدابات‪ ،‬ساهمت بشكل أو بآخر في إعادة انتاج الظاهرة وعودة‬
‫حضورها داخل المشهد االنتخابي لرئيس مجلس الجهة بنسب متعددة وعند مختلف األحزاب‬
‫السياسية‪.106‬‬
‫زيادة على ما سبق قد يكون النظام االنتخابي غير شفاف ويعزز إرادة فرد أو جماعة‬
‫أو يزكي اتفاقات عشائرية على حساب رغبة الناخبين‪ .107‬إال أن المثير في األمر ليس هو‬
‫ضعف النظام االنتخابي في حد ذاته‪ ،‬بقدر ما تستدعي االهتمام بمجموع السلوكات الصادرة‬
‫عن شريحة من الناخبين والمنتخبين والتي تستغل الفراغ التشريعي لتفرغ بدورها العملية‬
‫االنتخابية من نهجها الديموقراطي‪ ،‬لذلك فإن هناك محددات أخرى بعيدة كل البعد عما هو‬
‫قانوني مسطري تظل متحكمة بشكل كبير في طبيعة النخبة الجهوية وتجعل من المسألة‬
‫الديموقراطية مسألة يعتريها الكثير من النسبية‪ .‬وأولى هذه المحددات وهي طبيعة الثقافة‬
‫السائدة في المجتمع المحلي وتمثالته حول الممارسة االنتخابية‪ ،‬وهل يعي تمام الوعي بأن‬
‫الهدف من االنتخاب هو تأثيره على السياسات العامة في المؤسسات الديموقراطية‪ ،‬وأنه بذلك‬
‫يحتل مكانة هامة في مجال اتخاذ القرار السياسي‪.108‬‬

‫‪ -106‬مصطفى بوسنينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.236‬‬


‫‪107‬‬
‫‪ROUSSET Michel, le projet marocain de régionalisation: défis et perspectives quelle‬‬
‫‪autonomie pour quelle région?,op,cit,page13.‬‬
‫‪ -108‬بكور عبد اللطيف‪ ،‬الجماعات الترابية وسؤال إصالح السياسة االنتخابية ‪ ،‬المجلة المغربية للسياسات العمومية ‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،16‬سنة ‪ ،2015‬الصفحة ‪.81‬‬

‫‪35‬‬
‫أم أنه اليعي شيئا من ذلك نظرا لضعف ثقافته السياسية واالنتخابية ونتيجة لذلك فإن‬
‫سلوكه االنتخابي سيظل ذو طابع قبلي وعائلي تقليدي وليس هوياتي حزبي‪.109‬‬

‫‪ -109‬عبد القادر الخاضري‪ ،‬الجماعات الترابية بالمغرب‪ :‬من التسيير اإلداري إلى تدبير اقتصاد التنمية‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫للسياسات العمومية‪ ،‬العدد ‪ ،16‬سنة ‪ ،2015‬الصفحة ‪.119‬‬

‫‪36‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مؤسسة رئيس المجلس الجهوي في ظل‬
‫النظام األساسي للمنتخب الجهوي‬
‫متع القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات رئيس مجلس الجهة بنظام‬
‫أساسي ينص على مجموعة من الحقوق ومجموعة أخرى من الواجبات‪ ،‬ورتب عليه‬
‫مجموعة من المسؤوليات التي يتحملها أثناء إخالله بواجباته وذلك من أجل ضبط مهام هذا‬
‫األخير‪ ،‬وهذا بحد ذاته يشكل مستجدا من المستجدات التي أتى بها القانون التنظيمي المتعلق‬
‫بالجهات التي حاول من خاللها المشرع تدارك النقص الذي كان يعرفه التنظيم الجهوي‬
‫السابق بهذا الخصوص‪.‬‬
‫وعليه سيتم التطرق في هذا المبحث إلى حقوق وواجبات رئيس مجلس الجهة (الفقرة‬
‫األولى)‪ ،‬باإلضافة إلى المسؤولية التي يتحملها هذا األخير بصفته ممثال لمجلس الجهة‬
‫وآمرا بصرف نفقاتها (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حقوق وواجبات رئيس مجلس الجهة وانعكاساتها‬


‫على التنمية‬
‫لقد خصص القانون التنظيمي المتعلق بالجهات الباب الثالث من القسم األول للنظام‬
‫األساسي للمنتخب الذي يتضمن مجموعة من المقتضيات التي تحدد حقوقه وواجباته بما يبرز‬
‫المكانة التي يحتلها المنتخب في القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‪ ،‬إذ أن التنظيم الجهوي‬
‫يعرف ألول مرة إطارا قانونيا للنظام األساسي للمنتخب الجهوي‪ ،‬وتكمن أهمية سن نظام‬
‫خاص بالمنتخب أوال في تحديد المهام وضمان أدائها خصوصا مع تزايد المسؤوليات وتوسع‬
‫حقل االختصاصات وتزايد حجم اإلمكانيات وثانيا وتوفير الشروط المادية والمعنوية‬
‫للمنتخبين للقيام بالمهام التي انتخبوا من أجلها وأخيرا تخليق تدبير الشأن الجهوي وتفعيل‬
‫مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬ولقد حرص المشرع من خالل القانون التنظيمي للجهات‬
‫إبراز أهم االلتزامات الملقاة على عاتق المنتخب الجهوي ‪ ،110‬وخاصة رئيس مجلس الجهة‬
‫‪ .‬ومن خالل ما سبق فسنحاول التطرق إلى الحقوق التي يتمتع بها رئيس المجلس الجهة‬
‫(الفقرة األولى)‪ ،‬ثم الواجبات التي تكون ملقاة على عاتق هذا األخير بصفته ممثال للجهة‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪ -110‬أحمد أجعون‪" ،‬النظام األساسي للمنتخب الجهوي والمحلي"‪ ،‬المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬العدد‪،13‬‬
‫دجنبر ‪ ،2017‬الصفحة ‪.3‬‬

‫‪37‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحقوق‬
‫مقابل االلتزامات والواجبات التي يتحملها رئيس مجلس الجهة‪ ،‬يستفيد من بعض‬
‫الحقوق ذات الطبيعة العامة والخاصة التي يمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الحقوق ذات الطبيعة العامة‬
‫تنقسم الحقوق ذات الطبيعة العامة التي يتمتع بها رئيس مجلس الجهة إلى الحق في‬
‫التكوين‪ ،‬ثم الحق في التعويض‪ ،‬باإلضافة إلى الحق في االستفادة من نظام التفرغ‪ ،‬زد على‬
‫ذلك الحق في الحماية االجتماعية‪ ،‬فضال عن الحق في رخص التغيب‪.‬‬
‫‪ .1‬الحق في التكوين‬
‫يعتبر ا لتكوين دعامة أساسية لنجاح سياسة الالمركزية ببالدنا فهو بمثابة المحرك‬
‫األساسي والحقيقي لكل عملية تنموية‪ ،111‬وذلك باعتباره السبيل األنجع لتحسين أداء العمل‬
‫االنتدابي‪ ،‬وتجاوز مختلف االكراهات التي تعيق تدبير الشأن الجهوي وبالتالي تحقيق التنمية‬
‫المنشودة‪ .‬فتطور وتش تت الترسانة المؤطرة للعمل الالمركزي وتعدد مجاالت تدخل مختلف‬
‫الهيئات الالمركزية يفرض ضرورة تأهيل وتكوين الموارد البشرية ومنها المنتخبة باستمرار‪،‬‬
‫وذلك لمواكبة التقدم الذي تعرفه هذه الهيئات على صعيد التنظيم واالختصاصات بالرفع من‬
‫كفاءتهم وإغناء تجاربهم وتنمية مؤهالتهم‪.‬‬
‫وبالمناسبة بذلت وزارة الداخلية في السنين األخيرة مجهودا ال يستهان به في تعميم‬
‫التكوين على المنتخبين بمختلف فئاتهم‪ ،‬متبنية في ذلك استراتيجية تروم النهوض بالمورد‬
‫البشري كعنصر أساسي لنجاح التنظيمات الالمركزية‪ ،‬كما أن بعض الجهات أخذت المبادرة‬
‫للتكوين الذاتي لمنتخبيها وخاصة رؤساء مجالسها‪ ،‬وقد هم التكوين مختلف المجاالت القانونية‬
‫واالقتصادية والتدبيرية والتواصلية المرتبطة بمجال تدخل المستويات الثالث للجهة‪.‬‬
‫ومن أهم المستجدات التي جاء بها القانون التنظيمي للجهات هو أن هذه األخيرة أصبح‬
‫من اختصاصاتها الذاتية اإلشراف على التكوين المستمر لفائدة أعضاء المجالس وموظفي‬
‫الجماعات الترابية‪ ،112‬وتحدد بمرسوم يتخذ باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية‬
‫كيفيات تنظيم دورات التكوين المستمر ومدتها وشروط االستفادة منها ومساهمة الجماعة في‬
‫تغطية مصاريفها‪.113‬‬

‫‪ -111‬عبد هللا حارسي‪" ،‬إشكالية تكوين المنتخب الجماعي والناخب بالمغرب"‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،32‬سنة ‪ ،2001‬الصفحة ‪.101‬‬
‫‪ -112‬المادة ‪ 82‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬السالف الذكر‪.‬‬
‫‪ - 113‬ينظر المادة ‪ 56‬من نفس القانون‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫وبالفعل صدر هذا المرسوم‪ 114‬الذي نص على أنه تحدث تحت رئاسة رئيس مجلس‬
‫الجهة أو من يمثله اللجنة جهوية للتكوين المستمر تتولى إعداد التصميم المديري الجهوي‬
‫للتكوين المستمر لفائدة أعضاء مجالس الجماعات الترابية بناء على تشخيص أولي لمؤهالت‬
‫أعضاء مجالس الجماعات الترابية‪ ،‬والمهام التدبيرية المسندة إليهم‪ ،‬واالختصاصات المخولة‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬يحدد محاور وأولويات التكوين‪ ،‬والمدة الزمنية التي يستغرقها‪ ،‬والغالف‬
‫المالي الذي يتعين رصده له‪ .‬ويمكن لرئيس الجهة‪ ،‬بعد مداوالت المجلس‪ ،‬عقد اتفاقيات مع‬
‫وزارة الداخلية في مجال التكوين المستمر من أجل تنظيم دورات تكوينية خاصة لعائدة‬
‫أعضاء مجالس الجماعات الترابية‪.‬‬
‫وإذا كانت مدة دورات التكوين المستمر تختلف بالنظر الخصوصيات كل جهة‪ ،‬فإن‬
‫المرسوم نص على أال تقل مدة التكوين خالل مدة انتداب المجلس‪ ،‬عن ثمانية أيام لكل‬
‫عضو من أعضاء الجماعات الترابية كحد أدنى‪ .‬ووفقا للمرسوم المذكور أيضا تتحمل‬
‫الجهة نسبة ‪ 25‬بالمائة على األقل من مصاريف البرنامج السنوي للتكوين المستمر وتتحمل‬
‫العماالت واألقاليم والجماعات الواقعة داخل النفوذ الترابي للجهة النسبة المتبقية على أساس‬
‫قاعدة عدد أعضاء المجالس المستفيدين‪.‬‬
‫الحق في االستفادة من التعويضات‬ ‫‪.2‬‬
‫أقر القانون التنظيمي المتعلق بالجهات في إطار الحقوق ذات الطبيعة العامة الحق في‬
‫التعويض‪ ،‬حيث يتقاضى رئيس مجلس الجهة ونوابه وكاتب المجلس ونائبه ورؤساء اللجان‬
‫الدائمة ونوابهم ورؤساء الفرق تعويضات عن التمثيل والتنقل‪ ،‬وال يمكن االستفادة من أكثر‬
‫من تعويض‪ .‬ويستفيد باقي أعضاء المجلس من تعويضات عن التنقل وتحدد شروط منح‬
‫التعويضات ومقاديرها بمرسوم مع مراعاة حاالت التنافي المنصوص عليها في المادة ‪17‬‬
‫من القانون التنظيمي رقم ‪ ،115 111.14‬ال يمكن أن يستفيد عضو في مجلس الجهة منتخب‬
‫في مجلس جماعة ترابية أخرى أو غرفة مهنية إال من التعويضات التي تمنحها إحدى هذه‬
‫الهيئات بحسب اختياره‪ ،‬باستثناء تعويضات التنقل‪.116‬‬
‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 55‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات نجدها قد أحالت على‬
‫مرسوم يحدد شروط منح هذه التعويضات ومقادرها‪ ،‬وفي هذا اإلطار قامت الحكومة‬

‫‪ -114‬المرسوم رقم ‪ 2.16.297‬بتاريخ ‪ 29‬يونيو ‪ 2016‬بتحديد كيفيات تنظيم دورات التكوين المستمر لفائدة أعضاء‬
‫مجالس الجماعات الترابية ومدتها وشروط االستفادة منها ومساهمة الجماعات الترابية في تغطية مصاريفها‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد‪ ،6482‬بتاريخ ‪ 14‬يوليوز ‪.2016‬‬
‫‪ -115‬بوجمعة البوعزاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.83‬‬
‫‪ -116‬المادة ‪ 55‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬المرجع السالف الذكر‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫بإصدار المرسوم ‪ ،2.16.495117‬الذي تم فيه تحديد مقادير التعويضات الممنوحة ألعضاء‬
‫المجلس الجهوي التي تتعلق بالتعويض عن التمثيل والتعويض عن التنقل وهي كاآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬التعويض عن التمثيل‬
‫يتقاضى رئيس المجلس الجهوي مبلغ ‪ 40000‬درهم عن التمثيل باإلضافة إلى مبلغ‬
‫‪ 15000‬درهم كتعويض عن السكن في حالة إذا لم تخصص الجهة له سكنا وظيفيا بمقر‬
‫الجهة‪ ،118‬وهذا معطى مستجد لم يكن معموال به من خالل المراسيم السابقة‪ ،‬وذلك بهدف‬
‫تسهيل مهام رئيس مجلس الجهة وضمان قربه من مرفق الجهة من أجل تقريب وتسريع‬
‫وتيرة تقديم الخدمات والرفع من مردودية الخدمات المرفقية للمجلس الجهوي‪ ،‬في حين كان‬
‫المبلغ المؤدى لرئيس مجلس الجهة في المراسيم السابقة محدد في مبلغ ‪ 7000‬درهم عن‬
‫المهام والتمثيل‪.119‬‬
‫جدول يوضح مقدار التعويضات الشهرية ألعضاء مجلس الجهة عن التمثيل‬

‫المصدر‪ :‬جدول ملحق بالمرسوم ‪ ، 2.16.495‬صادر في ‪ 4‬محرم ‪6( 1438‬‬


‫أكتوبر (‪ )2016‬بتحديد شروط منح التعويضات ومقاديرها لرئيس مجلس الجهة ونوابه‬
‫وكاتب المجلس ونقبه ورؤساء اللجان الدائمة ونوابهم ورؤساء الفرق الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 6511‬بتاريخ ‪ 24‬أكتوبر ‪ 2016‬ص‪.7409‬‬

‫‪ -117‬المرسوم ‪ 2.16.495‬صادر في ‪ 4‬محرم ‪ 6( 1438‬أكتوبر (‪ )2016‬بتحديد شروط منح التعويضات ومقاديرها‬


‫لرئيس مجلس الجهة ونوابه وكاتب المجلس ونقبه ورؤساء اللجان الدائمة ونوابهم ورؤساء الفرق‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 6511‬بتاريخ ‪ 24‬أكتوبر ‪ 2016‬ص ‪.7409‬‬
‫‪ -118‬الفقرة الثالثة من المادة الثانية من المرسوم رقم ‪ 2.16.495‬المتعلق بتحديد شروط منح التعويضات لرئيس مجلس‬
‫الجهة ونوابه وكاتب المجلس ونائبه ورؤساء اللجان الدائمة ونوابهم ورؤساء الفرق‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬
‫‪ -119‬المادة األولى من المرسوم رقم ‪ 2.04.753‬الصادر في ‪ 6‬ذي الحجة ‪17( 1425‬يناير ‪ ،)2005‬المتعلق بالتعويضات‬
‫عن المهام والتمثيل الممنوحة ألعضاء مكاتب المجالس الجهوية ومجالس العماالت واألقاليم والمجالس الجماعية والمقاطعات‬
‫النقطة المتعلقة بتعويض عن التمثيل رئيس المجلس الجهوي‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ ‬التعويضات عن التنقل‬
‫بالنسبة رئيس مجلس الجهة فقد تم تحديد مبلغ ‪ 350‬درهم بالنسبة للتنقل داخل المغرب‬
‫ومبلغ ‪ 2500‬درهم للتنقل خارجه‪ ،‬في حين كان يتم العمل في إطار القانون السابق من خالل‬
‫منح التعويضات عن التنقل لرئيس مجلس الجهة بمناسبة المهام التي يقومون بها داخل أو‬
‫خارج المملكة لمصلحة المجالس الجهوية التي يتنمون إليها والتي يفوق عدد سكانها‬
‫‪ 500.000‬نسمة‪ ،‬والمحددة مقدارها وفق نظام المبالغ الممنوحة لموظفي الدولة المرتبين في‬
‫المجموعة‪.1201‬‬

‫وانطالقا مما سبق يالحظ أنه قد تم الرفع من التعويضات التي يتلقاها رئيس مجلس‬
‫الجهة ونابه مقارنة بما كان منصوص عليه من قبل ‪ ،‬فالتعويضات الهزيلة التي كانت مقررة‬
‫لم تعد تواكب االختصاصات المهمة التي أسندت للجهة ولرئيس مجلسها‪ ،‬وال جرم أن مزاولة‬
‫كافة االختصاصات الموكولة للمجالس الجهوية ولرؤسائها بالفعالية المطلوبة تقتضي تفرغ‬
‫هؤالء الرؤساء ونوابهم‪ ،‬وبالتالي إقرار تعويضات مناسبة لفائدتهم على غرار ما هو مقرر‬
‫من تعويضات لفائدة النواب البرلمانيين‪ ،‬خاصة إذا علمنا بأن الوظائف الجهوية ال تقل ‪ ،‬من‬
‫حيث أهميتها ‪ ،‬عن الوظائف البرلمانية‪ ،‬بل تعد أكثر جسامة منها في العديد من األحيان‪.‬‬
‫لكن ورغم الرفع من قيمة التعويضات إال أنه ال زال يؤاخذ على هذا القانون التنظيمي‬
‫أخذه إبقائه على مجانية المهام بالنسبة للرئيس ونوابه وباقي المستشارين فالمادة (‪ )55‬من‬
‫القانون التنظيمي ‪ 111.14‬السالفة الذكر‪ ،‬وكما هو الشأن بالنسبة للمادة (‪ )39‬من القانون‬
‫المنظم للجهة القديم ‪ ،47.96‬لم تتحدث عن أجر حقيقي لرؤساء مجالس الجهات وباقي‬
‫المنتخبي ن‪ ،‬وهو ما يوضح أن المشرع المغربي ال يزال يعتبر نشاط رئيس مجلس الجهة‬
‫مجرد هواية وليس مهنة‪ ،‬ما يجعل الجهاز التنفيذي الجهوي بعيدا كل البعد عن االحترافية‪.121‬‬
‫وبناء على ما سبق يتضح أن المشرع المغربي قد دأب منذ السنوات األولى على تفضيل‬
‫منطق التعويض على منطق األجرة بشكل عقالني في العمل الرئاسي الجهوي مما ينتج عنه‬
‫ضعف مردوديته الذي يؤدي دون تحقيق التنمية الجهوية المنشودة‪.‬‬

‫‪ -120‬الفقرة الثانية من المادة السادسة من المرسوم رقم ‪ 2.04.753‬الصادر في ‪ 6‬ذي الحجة ‪ 17(1425‬يناير ‪،)2005‬‬
‫المتعلق بالتعويضات عن المهام والتمثيل المفتوحة ألعضاء مكاتب المجالس الجهوية ومجالس العماالت واألقاليم والمجالس‬
‫الجماعية والمقاطعات‪ ،‬النقطة المتعلقة بتعويض تنقل رئيس المجلس الجهوي‪ ،‬السالف الذكر‪.‬‬
‫‪ -121‬عثمان بوتجدير‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.42‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ .3‬الحق في االستفادة من نظام التفرغ‬
‫حيث أن الموظفين وأعوان الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية الذين‬
‫انتخبوا رؤساء للجهات يمكنهم أن يستفيدوا بناء على طلب منهم من وضعية اإللحاق أو‬
‫الوضع رهن االشارة‪.122‬‬
‫ويكون رئيس المجلس الجهوي في حالة الوضع رهن اإلشارة عندما يظل تابعا إلطاره‬
‫بإدارته األصلية ويمارس في اآلن نفسه مهام الرئيس بتفرغ تام‪ .‬ويعتبر في وضعية اإللحاق‬
‫إذا كان خارجا عن سلكه األصلي مع بقائه تابعا لهذا السلك‪ .‬وفي كلتا الحالتين يحتفظ الرئيس‬
‫داخل إدارته األصلية بجميع حقوق ه في التعويض والترقية والتقاعد‪.‬‬
‫وتطبيقا للمقتضيات التشريعية التي أتى بها القانون التنظيمي المتعلق بالجهات المتعلقة‬
‫بالوضع رهن اإلشارة للتفرغ التام لمزاولة مهام رؤساء الجهات‪ ،‬صدرت المراسيم التطبيقية‬
‫التي نصت على أن الوضع رهن اإلشارة لدى إحدى الجماعات الترابية يتم بموجب قرار‬
‫يتخذ من قبل رئيس اإلدارة أو الجماعة الترابية أو المؤسسة العمومية التي ينتمي إليها‬
‫الموظف أو العون المعني‪ ،‬بناء على الطلب الذي يوجهه إليه هذا األخير لهذا الغرض‪.123‬‬
‫وهذه المقتضيات تهدف إلى تسهيل مهمة رؤساء المجالس الترابية عامة‪ ،‬ورئيسي‬
‫المجلس الجهوي خاصة‪ ،‬وتمكسينهم من متابعة أنشطة المجلس باستمرار وتسهيل مأموريتهم‬
‫للتفرغ للمهام االنتدابية‪.‬‬
‫الحق في الحماية االجتماعية‬ ‫‪.4‬‬
‫إذ تعتبر الجهة مسؤولة عن األضرار الناتجة عن الحوادث التي قد يتعرض لها أعضاء‬
‫المجلس الذي من بينهم رئيس المجلس بمناسبة انعقاد الدورات أو اجتماع اللجان الذين هم‬
‫أعضاء فيها أو أثناء قيامهم بمهام لفائدة الجهة أو أثناء انتدابهم لتمثيل المجلس أ حتى أثناء‬
‫مشاركتهم في دورات التكوين المستمر‪.124‬‬
‫ولهذه الغاية يتعين على الجهة االنخراط في نظام للتأمين وفق القوانين واألنظمة الجاري‬
‫‪125‬‬
‫بها العمل‬

‫‪ -122‬المادة ‪ 59‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات السالف الذكر‪.‬‬


‫‪ -123‬يراجع المرسوم رقم ‪ 2.17.223‬صادر في ‪ 14‬من رمضان ‪ 9( 1438‬يونيو ‪ )2017‬بتحديد كيفيات تطبيق األحكام‬
‫المتعلقة بالوضع رهن اإلشارة للتفرغ التام لمزاولة مهام رئيس مجلس الجهة‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،6578‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 20‬رمضان ‪ 15(1438‬يونيو ‪ ،)2017‬الصفحة ‪.3685‬‬
‫‪ -124‬المادة ‪57‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬المرجع السالف الذكر‪.‬‬
‫‪ -125‬المادة ‪ 57‬من نفس القانون‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫الحق في رخص التغيب‬ ‫‪.5‬‬
‫فجميع موظفي وأعوان الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية الذين ينتخبون‬
‫أعضاء في مجالس الجهات والجماعات الترابية األخرى‪ ،‬يستفيدون من رخص التغيب‬
‫للمشاركة في دورات هذه المجالس واجتماعات اللجان المنتمين إليها أو الهيئات أو المؤسسات‬
‫العمومية أو الخاصة والذين يمثلون المجالس بها وكذا المشاركة في دورات التكوين المستمر‬
‫في حدود المدة الفعلية لهذه الدورات أو االجتماعات‪ ،‬مع االحتفاظ بكامل التعويضات‪ ،‬ودون‬
‫أن يدخل ذلك في حساب الرخص االعتيادية‪.126‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحقوق ذات الطبيعة الخاصة‬
‫ترتبط الحقوق ذات الطبيعة الخاصة لرئيس مجلس الجهة بالحقوق السياسية والقضائية‬
‫المخولة لهذا الجهاز‪ ،‬والحقوق السياسية تتمثل أساسا في الحق في تقديم االستقالة من المهام‪،‬‬
‫أما الحقوق القضائية فترتبط بالتنصيص على توقيف وعزل رؤساء المجلس الجهوية من‬
‫اختصاص المحكمة اإلدارية وحدها‪.‬‬
‫‪-1‬الحق في تقديم االستقالة‬

‫على خالف المادة ‪ 15‬من القانون رقم ‪ 47.96‬التي نصت على أنه" يوجه الرئيس أو‬
‫نواب الرئيس استقالتهم االختيارية إلى وزير الداخلية بواسطة عامل العمالة أو اإلقليم مركز‬
‫الجهة ويسري أثرها ابتداء من إعالن وزير الداخلية عن قبولها أو عند عدم القبول‪ ،‬بعد‬
‫مرور شهر واحد على توجيه االستقالة من جديد في رسالة مضمونة الوصول"‪ ،‬أما القانون‬
‫التنظيمي فقد ‪ 111.14‬ميز بين استقالة الرئيس واستقالة نوابه‪.‬‬

‫ففي الحالة األولى‪ ،‬نصت المادة ‪ 62‬على أنه "إذا رغب رئيس مجلس الجهة في التخلي‬
‫عن مهام رئاسة المجلس‪ ،‬وجب عليه تقديم استقالته إلى السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية‬
‫ويسري أثر هذه االستقالة بعد انصرام أجل خمسة عشر يوما ابتداء من تاريخ التوصل‬
‫باالستقالة"‪ ،‬فيما يخص الحالة الثانية‪ ،‬نصت المادة ‪ 63‬على أنه " إذا رغب نواب رئيس‬
‫مجلس الجهة وأعضاء المجلس في التخلي عن مهامهم‪ ،‬وجب عليهم تقديم استقالتهم من‬
‫مهامهم إلى رئيس المجلس الذي يخبر بذلك فورا وكتابة السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية‬
‫عن طريق والي الجهة‪ .‬ويسري أثر هذه االستقالة بعد انصرام أجل خمسة عشر يوما ابتداء‬
‫من تاريخ توصل رئيس المجلس باالستقالة"‪.‬‬

‫‪ -126‬المادة ‪ 58‬من القانون‪ 111.14‬المتعلق بالجهات السالف الذكر‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫فالقانون السابق لم يكن يحدد أجال إلعالن وزير الداخلية عن قبول االستقالة غير أن‬
‫القانون التنظيمي وعلى غرار القانون السابق نص في المادة ‪ 64‬على أنه " وضمانا لمبدأ‬
‫استمرار المرفق العام‪ ،‬يستمر رئيس مجلس الجهة المستقيل ونوابه في تصريف األمور‬
‫الجارية إلى حين انتخاب رئيس ومكتب جديدين للمجلس"‪ .‬والجديد الذي تضمنه هذا القانون‬
‫هو ما ورد في المادة ‪ 65‬حيث يترتب بحكم القانون على استقالة الرئيس أو نوابه عدم أهليتهم‬
‫للترشح لمزاولة مهام الرئيس أو مهام نائب الرئيس خالل ما تبقى من مدة انتداب‬
‫المجلس"‪.127‬‬
‫‪-2‬عزل الرئيس من اختصاص القضاء اإلداري‬
‫فمن بين الحقوق التي يتمتع بها رئيس المجلس الجهوي نجد كون اختصاص عزل رئيس‬
‫المجلس الجهوي من اختصاص القضاء اإلداري وحده‪ ،‬فقرار عزل أعضاء المجلس الجهوي‬
‫وعلى رأسهم رئيس مجلس الجهة وكذا التصريح ببطالن مداوالت مجلس الجهة‪ ،‬وكذا إيقاف‬
‫تنفيذ المقررات والقرارات التي تشوبها عيوب قانونية منوط حصريا بجهاز القضاء‪ ،‬وكذلك‬
‫األمر بالنسبة لقرار حل مجلس الجهة‪.‬‬
‫وقد تم التنصيص في هذا اإلطار‪ ،128‬على أنه " يختص القضاء وحده بعزل أعضاء‬
‫المجلس‪ ،‬وكذا التصريح ببطالن مداوالت مجلس الجهة‪ ،‬وكذا إيقاف تنفيذ المقررات‬
‫والقرارات التي تشوبها عيوب قانونية‪ ...‬يختص القضاء وحده بحل مجلس الجهة" ‪.129‬‬
‫غير أن التناقض الكبير في تنظيم عزل وإقالة رئيس المجلس الجهوي باعتباره‬
‫اختصاصا حصريا للقضاء يتضح من خالل كون النص القانوني منح سلطة العزل للسلطة‬
‫الحكومية المكلفة بالداخلية في أكثر من مناسبة‪ .‬فالمادة ‪ 23‬التي تتحدث عن إقالة رئيس‬
‫مجلس الجهة بسبب انقطاعه عن ممارسة مهامه لألسباب التي تم تعدادها حصرا في المادة‬
‫‪ 13022‬فإذا ما استثنينا عزل الرئيس بمقرر قضائي في حالة انقطاعه أو امتناعه لمدة شهر‬
‫وهي الحالة الواردة في البند السابع من المادة المذكورة‪ ،‬فباستثناء هذه الحالة فإن إقالة الرئيس‬

‫‪ -127‬معاد الراضي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.187‬‬


‫‪ -128‬المادة ‪ 66‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‪ ،111.14‬المرجع السالف الذكر‪.‬‬
‫‪ -129‬سعيد جفري‪ ،‬الجماعات الترابية بالمغرب" الجهات‪ -‬العماالت واألقاليم‪ -‬والجماعات"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪ -130‬تنص المادة ‪ 22‬من القانون التنظيمي للجهات ‪ ،111.14‬السالف الذكر‪ ،‬على أنه‪ ":‬يعتبر رئيس المجلس ونوابه في‬
‫وضعية انقطاع عن مزاولة مهامهم في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪-‬الوفاة؛‬
‫‪-‬االستقالة االختيارية؛‬
‫‪-‬اإلقالة الحكمية؛‬
‫‪-‬العزل؛‬
‫‪-‬اإللغاء النهائي لالنتخاب؛‬
‫‪-‬االعتقال لمدة تفوق ستة (‪ )6‬أشهر؛‬
‫‪-‬االنقطاع بدون مبرر أو االمتناع عن مزاولة المهام لمدة شهر؛‬
‫‪-‬اإلدانة بحكم نهائي نتج عنه عدم األهلية االنتخابية؛‬

‫‪44‬‬
‫ألي سبب من األسباب الواردة في البنود ‪ 8-6-5-4-3-2-1‬من المادة ‪ 22‬تتم بموجب قرار‬
‫صادر عن وزير الداخلية باقتراح من قبل والي الجهة بعبارة أخرى أن القضاء يقوم بعزل‬
‫رئيس الجهة في حالة واحدة من أصل ‪ 8‬حاالت‪ ،‬فعن أي اختصاص حصري للقضاء‬
‫نتحدث؟‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الواجبات‬


‫إذا كان القانون التنظيمي قد متع رؤساء مجالس الجهات بمجموعة من الحقوق‪ ،‬فإنه‬
‫بالمقابل رتب عليهم مجموعة من الواجبات التي يمكن إجمالها في واجب الحضور‪ ،‬وواجب‬
‫اإلقامة داخل الوطن‪ ،‬باإلضافة إلى واجب القيام بالمهام‪ ،‬زيادة على واجب االلتزام بعدم ربط‬
‫مصالح خاصة مع الجهة‪ ،131‬فضال عن واجب التصريح بالممتلكات‪.132‬‬
‫‪-1‬وجوب الحضور وااللتزام بعدم القيام بأفعال مخالفة للقوانين‬

‫يعتبر حضور رئيس المجلس الجهوي لدورات المجلس إجباريا‪ ،‬ويعد أولى االلتزامات‬
‫الملقاة على عاتقه‪ ،‬بحيث إذا لم يحضر رئيس مجلس الجهة ثالث دورات متتالية أو خمس‬
‫دورات متقطعة دون مبرر يقيله المجلس ويعتبر مقاال بحكم القانون ويجتمع المجلس لمعاينة‬
‫اإلقالة‪.133‬‬
‫وقد ألزم القانون التنظيمي للجهات رؤساء مجالس الجهات أيضا بعدم القيام بأفعال‬
‫مخالفة للقوانين واأل نظمة الجاري بها العمل‪ ،‬وفي حالة ارتكاب رئيس المجلس لمثل هذه‬
‫األفعال فإنه يتعرض لجزاء العزل والذي نظم القانون اإلجراءات الخاصة به‪ ،‬حيث يناط‬
‫بالقضاء اإلداري أو القضاء االستعجالي بالمحكمة اإلدارية في حالة االستعجال ووفق اآلجال‬
‫المنصوص عليها قانونيا‪.134‬‬
‫‪-2‬واجب القيام بالمهام‬
‫وينطبق هذا الواجب على كل من الرئيس ونوابه والمجلس ككل‪ .‬فإذا امتنع الرئيس عن‬
‫القيام بالمهام المنوطة به بمقتضى القانون وترتب على ذلك إخالل بالسير العادي للجهة‪ ،‬قام‬
‫الوالي بمطالبته بمزاولة المهام المنوطة به‪ .135‬وبعد مرور أجل ‪ 15‬يوما دون استجابة‬
‫الرئيس ‪ ،‬يحيل وزير الداخلية األمر إلى القضاء االستعجالي بالمحكمة اإلدارية من أجل البث‬
‫في وجود حالة االمتناع‪ ،‬داخل أجل ‪ 48‬ساعة من تاريخ تسجيل الطلب بكتابة الضبط‪ .‬إذا‬

‫‪ -131‬المادة ‪ 68‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات المرجع السالف الذكر‪.‬‬


‫‪ -132‬المادة‪ 244‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ -133‬المادة ‪ 70‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ -134‬المادة ‪ 67‬من القانون ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬المرجع السالف الذكر‪.‬‬
‫‪ -135‬المادة ‪ 79‬من نفس القانون‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫أقر القضاء حالة االمتناع‪ ،‬جاز للوالي الحلول محل الرئيس في القيام باألعمال التي امتنع‬
‫هذا األخير عن القيام بها‪.‬‬
‫وتطبق نفس المقتضيات في الحالة التي يمتنع فيها الرئيس عن األمر بصرف نفقة وجب‬
‫تسديدها من قبل الجهة‪ ،‬حيث يحق للوالي بعد طلب استفسارات من األمر بالصرف‪ ،‬توجيه‬
‫أعذار إليه من أجل األمر بصرف النفقة المعنية‪ .136‬وفي حالة عدم األمر بصرف هذه النفقة‬
‫في أجل أقصاه سبعة أيام من تاريخ االعذار‪ ،‬يحال األمر إلى القضاء االستعجالي بالمحكمة‬
‫اإلدارية على النحو الذي سبقت اإلشارة إليه‪.137‬‬
‫‪ -3‬واجب اإلقامة داخل الوطن‬

‫لقد عاشت المجالس الجهوية في ظل المرحلة السابقة على إيقاع غياب عدد من الرؤساء‬
‫خارج أرض الوطن بسبب مزاولتهم لوظائفهم العمومية أو ممارسة أنشطتهم الخاصة‪ ،‬مما‬
‫أضر بالمصلحة العامة التي انتدبوا من أجلها‪ ،‬وبالتالي إفراغ مهمة االنتداب من معناها‬
‫الحقيقي‪ ،‬ذلك أن ممارسة العمل الجهوي تقتضي التواجد المستمر بالمغرب بل بتراب الجهة‬
‫ومقر مجلسها نظرا لكثرة االنشغاالت واألعمال التي تفرضها المسؤوليات االنتدابية‪.138‬‬
‫وانطالقا من مبدأ القرب من اإلدارة الجهوية واإلشراف المستمر على مصالح الجهة‬
‫فقد ألزم القانون التنظيمي ‪ 111.14‬رئيس مجلس الجهة باإلقامة الدائمة فوق التراب الوطني‪،‬‬
‫حيث أن أي رئيس مجلس أو نائبه ثبت بعد انتخابه أنه مقيم في الخارج يتعرض لجزاء اإلقالة‬
‫‪.139‬‬
‫ويعد هذا المقتضى الجديد في جوهره إيجابيا وهام لكونه يهدف إلى تفادي األضرار‬
‫التي يمكن أن تنتج عن صعوبة تسيير شؤون الجهة من لدن رؤساء أو مساعدين يقطنون‬
‫خارج المملكة‪ .‬غير أن ما يؤاخذ على هذه المادة كونها حصرت شرط اإلقامة داخل الوطن‪،‬‬
‫على الرئيس ونوابه وكان األجدر أن يعمم على باقي أعضاء المجلس ككل‪.‬‬
‫‪ -4‬واجب االلتزام بعدم ربط مصالح خاصة مع الجهة‬

‫إذ أن القانون ألزم رؤساء الجهات كذلك‪ ،‬أن ال يربطوا مصالح خاصة مع الجهة التي‬
‫يرأسونها أو مع مجموعات الجهات أو مجموعة الجماعات الترابية التي تكون الجهة عضوا‬
‫فيها‪ ،‬أو مع الهيئات أو مع المؤسسات العمومية أو مع شركات التنمية التابعة لها‪ ،‬أو أن يبرم‬
‫معها أعماال أو عقودا للكراء أو االقتناء أو التبادل‪ ،‬أو كل معاملة أخرى تهم أمالك الجهة‪،‬‬
‫‪ -136‬أحمد أجعون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.4‬‬
‫‪ -137‬المادة ‪ 211‬من القانون ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪.‬‬
‫‪ -138‬عثملن بوتجدير‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.45‬‬
‫‪ -139‬المادة ‪ 72‬من القانون التنظيمي ‪ 1111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬المرجع السالف الذكر‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫أو أن يبرم معها صفقات األشغال أو التوريدات أو الخدمات‪ ،‬أو عقودا لالمتياز والوكالة أو‬
‫أي عقد يتعلق بطرق تدبير المرافق العمومية للجهة‪ ،‬أو أن يمارس بصفة عامة كل نشاط قد‬
‫يؤدي إلى تنازع المصالح ‪ ،‬سواء كان ذلك بصفته الشخصية أو بصفته مساهما أو وكيال عن‬
‫غيره أو لفائدة زوجه أو أصوله أو فروعه‪ .‬كما أن رئيس مجلس الجهة ملتزم بعدم استغالل‬
‫التسريبات المخلة بالمنافسة النزيهة أو استغالل نفوذه كل هذا تحت طائلة تطبيق عقوبة العزل‬
‫المشار إليها سابقا والمنظمة في المادة (‪ )67‬من القانون التنظيمي ‪.140 111.14‬‬

‫‪-5‬وجوب التصريح بالممتلكات‬

‫أوجب القانون التنظيمي المتعلق بالجهات أيضا على رؤساء الجهات تقديم تصريحات‬
‫بممتلكاتهم أمام المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬تحت طائلة العزل في حق المخالفين‪ .‬وبخصوص‬
‫إجراءات هذا التصريح فقد أحالت المادة ‪ 255‬من هذا القانون كمرحلة انتقالية مع صدور‬
‫القانون ‪ 14154.06‬المتعلق بإحداث التصريح االجباري لبعض منتخبي المجالس المحلية‬
‫والغرف المهنية وبعض فئات الموظفين أو األعوان العموميين بممتلكاتهم‪ .‬ويجد هذا المقتضى‬
‫سنده في دستور ‪ 2011‬الذي ألزم في فصله (‪ )158‬كل شخص منتخب أو معين يمارس‬
‫مسؤولية عمومية‪ ،‬بتقديم تصريح كتابي للممتلكات واألصول التي في حيازته بمجرد تسلمه‬
‫لمهامه‪ ،‬وخالل ممارستها وعند انتهائها‪.142‬‬
‫وتشمل الممتلكات التي يجب أن يصرح بها رئيس مجلس الجهة مجموع األموال المنقولة‬
‫والعقارات‪ .‬وتدخل على الخصوص في عداد األموال المنقولة‪ ،‬األصول التجارية والودائع‬
‫في حسابات بنكية والسندات والمساهمات في الشركات والقيم المنقولة األخرى‪ ،‬والممتلكات‬
‫المتحصل عليها عن طريق اإلرث‪ ،‬والعربات ذات محرك واإلقتراضات والتحف الفنية‬
‫واألثرية‪ ،‬والحلي والمجوهرات‪ ،‬ويلزم على المعني باألمر أيضا التصريح بالممتلكات‬
‫المشتركة مع األغيار‪ ،‬وكذا تلك التي يدبرها لحسابهم‪ .‬ويجب أيضا على رئيس مجلس الجهة‬
‫اإلدالء بتصريح تكميلي وفق نفس الشروط بخصوص كل تغيير يطرأ على الممتلكات‪ ،‬ويمكن‬
‫لرئيس المجلس الجهوي للحسابات عند االقتضاء أن يطلب من الملزم التصريح بممتلكات‬
‫ومداخيل زوجه‪.‬‬

‫‪ -140‬ينظر للمادة ‪ 68‬من نفس القانون‪.‬‬


‫‪ -141‬القانون ‪ 54.06‬المتعلق بإحداث التصريح االجباري لبعض منتخبي المجالس المحلية والغرف المهنية وبعض فئات‬
‫الموظفين او األعوان العموميين بممتلكاتهم‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.202‬صادر في ‪ 20‬شوال‬
‫‪ 20(1429‬أكتوبر ‪ ،)2008‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5679‬صادرة بتاريخ ‪ 03‬يونيو ‪.2008‬‬
‫‪ -142‬عثمان بوتجدير‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.46‬‬

‫‪47‬‬
‫وتطبق أيضا األحكام السالفة الذكر باإلضافة إلى رئيس الجهة على كل عضو في‬
‫المجلس حصل على تفويض إمضاء أو تفويض سلطة وكذا على باقي نواب رئيس مجلس‬
‫الجهة‪.‬‬
‫وعلى سبيل الختم يمكن القول أن سن نظام خاص بالمنتخب مسألة تكتسي أهمية خاصة‬
‫لكونه يشمل ميثاقا يؤطر حقوق وواجبات رئيس مجلس الجهة والهدف هو إسناد مسؤولية‬
‫الجهات المنتخبة لنخبة من المنتخبين يجمعون بين صفات اإلخالص في العمل و االستقامة‬
‫في السلوك‪ 143‬باإلضافة إلى المؤهالت التي تمكنهم من تدبير شؤون الجهة وتحقيق التنمية‬
‫في مختلف المجاالت والميادين االقتصادية واالجتماعية والثقافية على مستوى الجهة‪،‬‬
‫ويتضمن النظام األساسي للمنتخب أيضا بعض الضمانات التي عملت على تقوية مركز‬
‫رؤساء الجهات وتدعيمه لتسهيل مهمتهم‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مسؤولية رئيس مجلس الجهة في تدبير الشأن‬


‫العام الجهوي‬
‫ال شك أن االختصاصات الواسعة والمهمة التي أصبح يتمتع بها رئيس مجلس الجهة‪،‬‬
‫تعكس بوضوح جسامة المسؤوليات الملقاة على عاتقه‪ ،‬فالمجالس الجهوية تحت إشراف‬
‫رؤسائها بشكل عام أصبحت مدعوة بقوة إلى المشاركة بجانب الدولة والقطاع الخاص في‬
‫تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية للنهوض بالجهة إلى مستوى قطب حقيقي للتنمية‬
‫والتنافسية‪ ،‬لكن رغم كافة الصالحيات واالختصاصات المخولة لجهاز رئيس مجلس الجهة‬
‫قد تعترضه مجموعة من المعيقات واالكراهات التي تحد تحقيق األهداف االقتصادية‬
‫واالجتماعية المسطرة للنهوض بالتنمية على المستوى الجهوي‪.‬‬
‫وعليه سنتناول من خالل هذا المطلب إلى المسؤولية التأديبية لرئيس مجلس الجهة أثناء‬
‫إخالله ببعض واجباته (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم سيتم التطرق إلى المسؤولية الجنائية التي يتحملها‬
‫هذا األخير أثناء قيامه ببعض األفعال المخالفة للقانون (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المسؤولية التأديبية لرئيس مجلس الجهة كممثل للجهة وآمر‬
‫بصرف نفقاتها‬
‫من أجل ضمان حسن التصرف في األموال العمومية بما يخدم مصلحة الجهة‪ ،‬أقر‬
‫القانون مسؤولية متنوعة على كل األشخاص المكلفين بالتنفيذ اإلداري والحسابي للميزانية‬

‫‪ -143‬أحمد أجعون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.11‬‬

‫‪48‬‬
‫العامة‪ ،‬ومن هؤالء نجد رئيس الجهة كمسؤول عن تدبير شؤون الجهة وممثلها القانوني وآمر‬
‫بصرف نفقاتها‪.‬‬
‫وقد تم النص على هاته المسؤولية في مجموعة من القوانين المتعلقة بتحديد مسؤولية‬
‫رئيس الجهة‪ ،‬وعلى ضوء ذلك يمكن حصر نطاق مسؤوليته في المسؤولية التأديبية والمدنية‬
‫والجنائية‪ ،‬والسياسية أيضا‪ .144‬وعليه سنتطرق في هذه الفقرة إلى النظام التأديبي لرئيس‬
‫مجلس الجهة(أوال) ثم بعدها سنتناول بعض العقوبات التأديبية التي يمكن أن يتعرض لها هذا‬
‫األخير(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬النظام التأديبي لرئيس مجلس الجهة‬
‫تقوم المسؤولية التأديبية على أساس خطأ تأديبي الذي يقوم على إخالل الموظف أو‬
‫المنتخب بواجباته ومهامه‪ ،‬وهو ما من شأنه إثارة المسؤولية التأديبية للمنتخب‪ .‬فبالعودة إلى‬
‫القانون ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات نجد أن المشرع حدد لرئيس الجهة العديد من‬
‫االختصاصات والصالحيات كما سبقت اإلشارة إلى ذلك‪ ،‬وعليه فإنه يتحمل مسؤولية تأديبية‬
‫في حدود اختصاصاته وتصرفاته‪.‬‬
‫وبالتالي نظرا لغياب قواعد خاصة بالمسؤولية التأديبية لرئيس الجهة في مجال تدبير‬
‫النفقات العمومية خاصة في تنفيذ الميزانية‪ ،‬فإنه يخضع للنظام األساسي للمنتخب‪ .‬وعلى‬
‫ضوء ذلك فاآلمر بالصرف مسؤول مسؤولية تأديبية نتيجة اإلخالل بواجباته الوظيفية طبقا‬
‫للقانون‪.‬‬
‫وأساس المسؤولية التأديبية لرئيس مجلس الجهة يقوم على الخطأ التأديبي الذي يمكن‬
‫تعريفه بكونه كل إخالل بواجبات الموظف أو المنتخب المهنية إيجابا أو سلبا سواء التي نص‬
‫عليها القانون أو تلك التي لم ينص عليها‪ .145‬ومن القواعد التي يمكن األخذ بها العتبار فعال‬
‫ما خطأ تأديبي نجد‪:‬‬
‫أن تكون المخالفات المقترفة لها طابع خطأ يعني أنها تشكل إخالل واضحا‬ ‫‪‬‬
‫بالواجبات الوظيفية للمنصب‪ ،‬بالمعنى الدقيق كالتصرفات السيئة التي تخل بكرامة المنصب‬
‫أو ترك هذه األخيرة بدون مبررات قانونية‪ .‬وفي هذه السياق ال يمكن أن تشكل عدم القدرة‬
‫الجسمانية ألداء الوظيفة أو عدم الكفاءة المهنية لممارستها إخالال للواجبات الوظيفية‪.146‬‬

‫‪ -144‬عبد العالي الفياللي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.230‬‬


‫‪ -145‬محمد براو‪ ،‬الوجيز في شرح قانون المحاكم المالية‪ ":‬مسامة في األصيل الفقهي للرقابة القضائية على المال العام‪،‬‬
‫مطبعة طوب بريس‪ ،‬طبعة ‪ ،2004‬ص ‪.295‬‬
‫‪ -146‬سليمان الطماوي‪ ،‬قضاء التأديب‪ ،‬الكتاب الثالث‪ ،‬دراسة مقارنة ‪ ،1979‬دار الفكر العربي القاهرة‪ ،‬ص ‪.217‬‬

‫‪49‬‬
‫أن يكون اقتراف الخطأ أثناء مزاولة الموظف أو المنتخب لمهامه؛‬ ‫‪‬‬

‫أال يكون الخطأ المقترف ناتج عن ظروف قاهرة أو عن أكراه بحيث أن‬ ‫‪‬‬
‫الموظف أو المنتخب ارتكبه بمحض إرادته؛‬
‫يجب أن يكون الخطأ حقيقيا وليس مفترضا حتى يمكن أن يسأل عليه الموظف‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أما المخالفات التأديبية فهي إما أن تكون‪:‬‬


‫مالية بطبيعتها كمخالفة األحكام الواردة بأنظمة الدولة ولوائحها التي تتصل بالمال‬ ‫‪-‬‬
‫النقدي‬
‫‪ -‬مخالفات ترتبط بالرقاب ة واإلدارة كالتراخي في تقديم المستندات المالية لفحصها أو‬
‫مراجعتها أو االطالع عليها‪.‬‬
‫‪ -‬مخالفات إدارية ال حصر لها كالمخالفات التي تؤدي إلى االخالل بشرف وكرامة‬
‫الوظيفة وعدم مراعاة قواعد اآلداب واللياقة مع الجمهور والزمالء‪ ،‬عدم االنضباط ألوقات‬
‫العمل‪ ،‬إفشاء األسرار المهنية‪...147‬‬

‫ثانيا‪ :‬العقوبات التأديبية‬


‫بالرجوع إلى القانون ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات نجده قد حدد النظام الـتأديبي للمنتخب‬
‫في مجموعة من المواد التي حاول فيها المشرع إبراز أهم المخالفات التي يمكن أن يسقط‬
‫فيها رئيس المجلس الجهوي‪ ،‬كما عزز مكانة القضاء في تحديد العقوبات المقابلة لها ثم‬
‫المسطرة المتبعة لتفعيلها‪ .‬وعليه فمن أهم العقوبات التي يمكن أن يتعرض لها رئيس المجلس‬
‫الجهوي أثناء قيامه ببعض األفعال المخالفة للقانون نجد‪:‬‬
‫‪ o‬عزل رئيس الجهة‬
‫إذ أنه إذا ارتكب رئيس مجلس الجهة أفعاال مخالفة للقوانين واألنظمة الجاري بها‬
‫ا لعمل‪ ،‬أو قام بأعمال تتنافى معه المصالح أو استغالل مواقع النفوذ والتسريبات المخلة‬
‫بالمنافسة النزيهة تقوم السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بمراسلته قصد اإلدالء بإيضاحات‬
‫كتابية حول األفعال المنسوبة إليه‪ ،‬داخل أجل ال يتعدى عشرة (‪ )10‬أيام ابتداء من تاريخ‬
‫التو صل‪ ،‬كما يجوز للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بعد التوصل باإليضاحات وعدم‬
‫االقتناع بها أو بعد انتهاء األجل دون التوصل بجواب ‪ ،‬إحالة األمر إلى القضاء االستعجالي‬

‫‪ -147‬محمد بن صديق أحمد الفيالتي‪ ،‬الجزاءات التأديبية على الموظف العام في نظام المملكة العربية السعودية " دراسة‬
‫تأصيلية مقارنة وتطبيقية"‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬تخصص السياسة الجنائية‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪،‬‬
‫سنة ‪ ،2005‬ص ‪.41‬‬

‫‪50‬‬
‫بالمحكمة اإلدارية التي تبث فيه داخل أجل‪ 48‬ساعة من تاريخ توصله بالطلب‪ .‬ويترتب عن‬
‫ذلك توقيف المعني باألمر عن ممارسة مهامه إلى حين البت في طلب العزل‪ .‬وانقطاع الرئيس‬
‫بدون مبرر أو االمتناع عن مزاولة المهام لمدة شهرين يقوم والي الجهة بإعذار الرئيس‬
‫الستئناف مهامه داخل أجل سبعة أيام من أيام العمل بواسطة كتاب مع اإلشعار بالتسلم‪ ،‬أما‬
‫إذا تخلف الرئيس أو رفض ذلك بعد انصرام أجل سبعة أيام أحالت السلطة الحكومية المكلفة‬
‫بالداخلية األمر إلى القضاء االستعجالي بالمحكمة االدارية للبت في وجود حالة االنقطاع أو‬
‫االمتناع داخل أجل ‪ 48‬ساعة من تاريخ إحالة القضية إليه‪ .‬وإذا أقر القضاء االستعجالي‬
‫وجود حالة االنقطاع أو االمتناع يحل المكتب ويستدعي المجلس داخل أجل ‪ 15‬يوم من تاريخ‬
‫الحكم القاضي النتخاب رئيس جديد وباقي أعضاء المكتب‪ .‬ويترتب عن ذلك حل المكتب‬
‫بقوة القانون ويستدعي المجلس النتخاب رئيس جديد وباقي أعضاء المكتب داخل أجل ‪15‬‬
‫يوم من تاريخ االنقطاع‪.148‬‬
‫‪ o‬إقالة رئيس الجهة‬
‫بعد انصرام السنة الثالثة من مدة انتداب المجلس يجوز ل ‪ 2/3‬أعضاء المجلس المزاولين‬
‫لمهامهم تقديم طلب بإقالة الرئيس من مهامه وال يمكن تقديم هذا الطلب إال مرة واحدة خالل‬
‫مدة انتداب المجلس‪ .‬كما يدرج طلب اإلقالة وجوبا في جدول أعمال الدورة العادية األولى‬
‫من السنة الرابعة التي يعقدها المجلس‪ ،‬ويعتبر الرئيس مقاال من مهامه بعد الموافقة على‬
‫طلب اإلقالة بتصويت ‪ 4/3‬من أعضاء المجلس المزاولين لمهامهم‪ .149‬وحسب المادة ‪74‬‬
‫يترتب على إقالة الرئيس عدم أهليته للترشح لرئاسة المجلس خالل ما تبقى من مرحلة‬
‫االنتداب‪ .‬وتجدر اإلشارة في هذا الصدد إلى أن صاحب االختصاص في إقالة الرئيس عند‬
‫منتصف المدة االنتدابية ترجع إلى المجلس‪.150‬‬
‫وبالتالي وانطالقا من هذه المواد يتبين أن صاحب االختصاص في إقالة الرئيس عند‬
‫منتصف المدة االنتدابية ترجع إلى المجلس على عكس العزل الذي تمارسه السلطة القضائية‪.‬‬

‫‪ -148‬المادة ‪ 67‬من القانون ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬المرجع السالف الذكر‪.‬‬


‫‪ -149‬المادة ‪ 73‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ -150‬بوجمعة البوعزاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬

‫‪51‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المسؤولية الجنائية لرئيس مجلس الجهة‬
‫إن القانون الجنائي يأخذ تعريف واسع وشامل يتفق وسياسة التجريم‪ ،‬كما يعتبر المنتخب‬
‫الجهوي عامة في القانون الجنائي موظف عمومي‪ ،‬وتطبق على المنتخب األحكام التي تطبق‬
‫على الموظف العمومي‪ ،‬كما نصت الفصل ‪ 151224‬من القانون الجنائي‪.152‬‬

‫و عليه فرئيس مجلس الجهة يتحمل مسؤولية جنائية شأنه في ذلك شأن المواطنين عن‬
‫الجنايات والجنح التي يرتكبونها ويخضعون في ذلك للعقوبات العامة المنصوص عليها في‬
‫التشريع الجنائي المغربي‪ ،‬لكن كونه حائز للسلطة العمومية وحامل لصفة ممثل المواطنين‬
‫والسلطة في ممارسة المهام الموكولة له فهو يتحمل بصفته هاته مسؤولية جنائية عن األخطاء‬
‫المالية التي يرتكبها وتشكل جرائم التشريع الجنائي‪ .‬ويمكن تعريف المسؤولية الجنائية بكونها‬
‫"تحمل الجزاء الذي ترتبه القواعد القانونية كأثر للفعل الذي يرتكبه الجاني خروجا على‬
‫أحكامها" وهي بذلك تحمل لجزاء عقابي الرتكاب فعل مجرم ومحدد بنص قانوني‪.153‬‬
‫وبذلك فمن بين الجرائم التي يمكن لرئيس المجلس الجهوي أن يتابع بها نجد‪:‬‬

‫‪ ‬جريمة االختالس والغدر‬


‫لقد جمع المشرع الجنائي المغربي جريمتي االختالس والغدر تحت عنوان واحد‬
‫وخصص لهما معا الفصل ‪ 154226‬من القانون الجنائي وخصص لجريمة االختالس الفصول‬
‫‪ 241‬و ‪ 242‬و ‪ ،155247‬والغدر الفصول ‪ 243‬و ‪ 244‬و ‪.245‬‬

‫فبالنسبة لجريمة االختالس فتعتبر من الجرائم الشكلية التي ال تعتمد بالدرجة األولى‬
‫على النتيجة اإلجرامية بل يكفي فقط توفر صفة الفاعل التي تتمثل في موظف عمومي أو‬
‫منتخب باإلضافة إلى صفة الفاعل البد كذلك أن يكون هناك الركن الذي ينقسم إلى الفعل‬

‫‪ -151‬تنص المادة ‪ 224‬من مجموعة القانون الجنائي على أنه‪ ":‬يعد موظفا عموميا‪ ،‬في تطبيق أحكام التشريع الجنائي‪ ،‬كل‬
‫شخص كيفما كانت صفته يعهد إليه‪ ،‬في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر ويساهم بذلك‬
‫في خدمة الدولة‪ ،‬أو المصالح العمومية أو الهيئات البلدية‪ ،‬أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام‪ .‬وتراعي صفة‬
‫الموظف في وقت ارتكاب الجريمة ومع ذلك فإن هذه الصفة تعتبر باقية له بعد انتهاء خدمته‪ ،‬إذا كانت هي التي سهلت له‬
‫ارتكاب الجريمة أو مكنته من تنفيذها"‪.‬‬
‫‪ -152‬ظهير شريف رقم ‪ 1.59.413‬الصادر في ‪ 28‬جمادى الثانية ‪ 26(1382‬نونبر ‪ )1962‬بالمصادقة على مجموعة‬
‫القانون الجنائي‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 2640‬مكرر‪ ،‬الصادرة بتاريخ ‪ 12‬محرم ‪ 5(1383‬يونيو ‪ ،)1963‬ص ‪.1253‬‬
‫‪ - 153‬فؤاد مدكري‪ ،‬مفهوم الموظف العمومي في القانون الجنائي المغربي من أجل حماية أوسع للشأن العام‪ ،‬المجلة الدولية‬
‫لألبحاث الجنائية والحكامة األمنية" القانون الجنائي المغربي بين الثبات والتطور"‪ ،‬العدد الثالث‪ ،2020 ،‬ص ‪.538‬‬
‫‪- 154‬الفصل ‪ 226‬من القانون الجنائي‪ ،‬السالف الذكر‪ ،‬ينص على أن‪" :‬الجنايات المعاقب عليها في المادة ‪ 225‬تنتج عنها‬
‫مسؤولية مدنية شخصية على عاتق مرتكبها أما تنتج عنها مسؤولية الدولة مع احتفاظها بالحق في الرجوع على الجاني"‪.‬‬
‫‪ -155‬الفصل ‪ 247‬من القانون الجنائي‪ ،‬السالف الذكر‪ ،‬ينص على أن‪ " :‬حالة الحكم بعقوبة جنحية فقط‪ ،‬طبقا لفصول هذا‬
‫الفرع‪ ،‬فإن مرتكب الجريمة يمكن عالوة على ذلك‪ ،‬أن يحكم عليه بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المنصوص عليها‬
‫في المادة ‪ 40‬وذلك لمدة ال تقل عن خمس سنوات وال تزيد على عشر ويجوز أن يحكم عليه أيضا بالحرمان من تولى‬
‫الوظائف أو الخدمات العامة مدة ال تزيد على عشر سنوات"‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫المادي أو فعل االختالس ونعني به أن تكون جريمة االختالس بتصرف الموظف العمومي(‬
‫أو المنتخب) في األموال أو األشياء المنقولة أو الموضوعة تحت يده‪ ،‬تصرفا ماديا أو قانونيا‪،‬‬
‫وبأي صورة من الصور التي أوردها الفصل ‪ 240‬من القانون الجنائي ‪ ،‬وباإلضافة إلى‬
‫الفعل المادي أو فعل االختالس هناك فعل محل االختالس ‪ ،‬الذي من خالل مقتضيات الفصل‬
‫‪ 241‬من القانون الجنائي يتضح أن المشرع أورده على سبيل الحصر وعبر عن ذلك بقوله‬
‫"‪ ...‬أمواال عامة أو خاصة أو سندات تقوم مقامها أو حججا أو عقودا أو منقوالت"‪ .‬وتتحقق‬
‫جريمة االختالس عندما تقع على مال الدولة وتتخذ مجموعة من الصور منها التبديد‬
‫واالختالس‪ ،‬واالخفاء واالحتجاز‪ ،‬وذلك طبقا لما جاء به الفصل ‪ 156241‬من القانون الجنائي‪.‬‬
‫ويشترط في األموال التي تكون محل االختالس أن تكون منقولة ‪ ،‬ال عقارات ألن‬
‫ا ألموال هي التي توضع بيد رئيس مجلس الجهة وال ترى‪ ،‬ويشترط أيضا في هذه الجريمة‬
‫فعل االختالس وهو الركن المادي للجريمة ويتحقق بأن يضيف رئيس الجهة المال العام إلى‬
‫ملكه وتتجه نيته إلى اعتبار المال ملكا له‪ ،‬كأن يسحب المال العام من الخزينة ويودعه باسمه‬
‫في أحد البنوك أو تبديده أو إخفائه أو احتجازه‪ ،‬وهناك أيضا عنصر آخر والمتمثل في القصد‬
‫الجنائي والذي يقصد به أن تنصرف إرادة المتهم إلى فعل االختالس رغم عله بأن األموال‬
‫مملوكة لسلطة عامة أو ألحد األطراف مضافا إليه نية تملك المال المختلس وإنكار حق الدولة‬
‫على المال‪ ،‬أما العنصر األخير لهذه الجريمة متمثل في العقوبة والتي نص علها المشرع في‬
‫المادة ‪ 241‬السالفة الذكر إذا كانت قيمة األشياء المبددة أو المختلسة أو المحتجزة تساوي أو‬
‫تزيد عن ‪ 100‬درهم فالجريمة بذلك تعد جناية وعقوبتها هي السجن من ‪ 5‬إلى ‪ 20‬سنة‬
‫وغرامة من ‪ 5000‬إلى ‪100000‬درهم‪ .157‬أما إذا كانت قيمة هذه األشياء تقل عن ‪100‬‬
‫ألف درهم فإن الجريمة تتحول إلى جنحة االختالس وعقابها هو الحبس من سنتين إلى خمس‬
‫سنوات وبغرامة من ‪2000‬إلى ‪ 50‬ألف درهم‪ .‬وعموما فإن تقدير قيمة األشياء المختلسة وما‬
‫إذا كان الفعل جنحة أم جناية اختالس متروك للسلطة التقديرية للمحكمة‪.158‬‬
‫أما فيما يخص جريمة الغدر فقد نظمها المشرع المغربي من خالل الفصلين ‪243‬و‬
‫‪244‬من القانون الجنائي ويقصد بها قيام موظف عمومي (أو منتخب) بطلب أو تلقي أو فرض‬
‫أوامر بتحصيل ما يعلم أنه مستحق أو أنه متجاوز المستحق‪ ،‬سواء لإلدارة أو األفراد الذين‬
‫يعمل لحسابهم أو لحسابه الخاص‪.‬‬

‫‪ 156‬الفصل ‪ 241‬من القانون الجنائي المغربي‪ ،‬المرجع السالف الذكر‪ ،‬ينص على أنه‪" :‬يعاقب بالسجن من خمسة إلى‬
‫عشرين سنة وبغرامة من خمسة آالف إلى مائة ألف درهم كل قاض أو موظف عمومي بدد أو اختلس أو احتجز بدون حق‬
‫أو اخفي أمواال عامة أو خاصة أو سندات أو عقود أو منقوالت موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته أو بسببها"‪.‬‬
‫‪157‬عبد العالي الفياللي‪ ،‬مسؤولية رئيس المجلس الجهوي في تدبير النفقات العمومية الجماعية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.236‬‬
‫‪ 158‬أحمد عبد اللطيف‪ ،‬جرائم األموال العامة‪ ،‬طبعة األولى‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،2002 ،‬ص ‪.417‬‬

‫‪53‬‬
‫يتكون الركن المادي لجريمة الغدر من عنصرين اثنين‪ ،159‬األول يتمثل في الطلب‪ ،‬أو‬
‫التلقي سواء كان صريحا أو ضمنيا‪ ،‬أو فرض أوامر بالتحصيل‪ ،‬ويهدف هذا النص إلى‬
‫محاربة جملة أخرى من صور الفساد الخطيرة التي يرتكبها الموظفون العموميون وكذلك‬
‫المنتخبون وعلى رأسهم رئيس مجلس الجهة‪ ،‬والسيما إذا تعلق األمر ببعض العقود الدولية‬
‫التي تستورد الدولة بمقتضاها مواد أو أجهزة أو آليات‪ ،‬أو بالصفقات العمومية‪ ،‬أو باتخاذ‬
‫إجراءات صورية الستفادة الموظف العمومي أو المنتخب من أموال‪ ،‬أو ممتلكات مؤسسة‬
‫عمومية يديرها أو يشرف عليها باالستيالء على بعض أجهزتها‪ .‬أما العنصر الثاني فأن يكون‬
‫موضوع التحصيل عبئا ماليا عاما غير مستحق‪ .‬وتشمل هذه األعباء الضرائب والرسوم‬
‫والغرامات وغيرها مما له صفة العمومية‪ ،‬ولذلك فإن أي عبء مالي تفرضه الدولة وتستوفيه‬
‫بطريق اإلجبار‪ ،‬وطالب به الموظف العمومي أو المنتخب‪ ،‬وهو يعلم أنه غير مستحق أو‬
‫يتجاوز المستحق مقابل خدمات معينة تؤديها لألفراد يعد غدرا‪ ،‬وذلك كالضرائب بمختلف‬
‫أنواعها والرسوم والغرامات والمصاريف سواء كانت قضائية أوصلحية‪ ،‬وغيرها مما يعد‬
‫موردا للدولة‪.160‬‬
‫أما الركن المعنوي لجريمة الغدر فيتضح من خالل استناد المشرع على تعبير "‪ ...‬ما‬
‫يعلم أنه غير مستحق‪ ،"...‬الذي يتبين من خالله أن جريمة الغدر من الجرائم العمدية‪ ،‬حيث‬
‫يكفي لقيام هذه الجريمة القصد العام فقط دون الحاجة إلى القصد الجنائي الخاص‪ ،‬كأن يكون‬
‫عالما بأن ما يطلب تحصيله أو يتلقاه من األفراد كضرائب أو غيرها مما لها صفة عمومية‬
‫غير مستحقة أو متجاوز للمستحق‪ ،‬ومتى توفر القصد الجنائي وتحققت باقي األركان األخرى‬
‫‪161‬‬
‫تقوم جريمة الغدر‬
‫وعموما فهذه الفصول المذكورة من القانون الجنائي قد حددت لنا الركن المادي لجريمة‬
‫الغدر التي تظهر في مجموعة من األفعال التي قد تصدر من رئيس الجهة كآمر بالصرف‬
‫منها‪ :‬طلب أو تلقي أو فرض أو أمر بتحصيل ما يعلم أنه غير مستحق أو أنه يتجاوز‬
‫المستحق‪ ،‬سواء لإلدارة العامة أو األفراد الذين يحصل لحسابهم أو لنفسه خاصة أمر بتحصيل‬
‫جبايات مباشرة أو غير مباشرة لم يقررها القانون‪.‬‬

‫‪ -159‬الفصل ‪ 243‬من مجموعة القانون الجنائي‪ ،‬المرجع السالف الذكر‪ ،‬ينص على أنه‪ " :‬يعد مرتكبا الغدر‪ ،‬ويعاقب بالحبس‬
‫من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من خمسة آالف إلى مائة ألف درهم‪ ،‬كل قاض أو موظف عمومي طلب أو تلقى أو‬
‫فرض أوامر بتحصيل ما يعلم أنه غير مستحق أو أنه يتجاوز المستحق‪ ،‬سواء لإلدارة العامة أو األفراد الذين يحصل‬
‫لحسابهم أو لنفسه خاصة تضاعف العقوبة إذا كان المبلغ يفوق مائة ألف درهم"‪.‬‬
‫‪ - 160‬الفصل ‪ 245‬من القانون الجنائي‪ ،‬المرجع السالف الذكر‪ ،‬ينص على أن‪ " :‬كل موظف عمومي أخد أو تلقي أية فائدة‬
‫في عقد أو داللة أو مؤسسة أو استغالل مباشر يتولى إدارته أو اإلشراف عليه كليا أو جزئيا اثناء ارتكابه الفعل‪ ،‬سواء قام‬
‫بذلك الفعل صراحة أو بعمل صوري أو بواسطة غيره‪ ،‬يعاقب بالسجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات وبغرامة من‬
‫خمسة آالف إلى مائة ألف درهم‪."...‬‬
‫‪ -161‬فريد السموني‪ ،‬مفهوم الموظف العمومي في القانون الجنائي المقارن‪ ،‬مطبعة فضالة المحمدية‪ ،‬سنة ‪ ،2003‬ص‬
‫‪.101‬‬

‫‪54‬‬
‫‪ ‬جريمة الرشوة واستغالل النفوذ‬
‫لقد جمع المشرع الجنائي جريمتي الرشوة واستغالل النفوذ تحت عنوان واحد‬
‫‪،162‬الشتراكهما في بعض األحكام مثل ما نص عليه الفصل ‪ 252‬من القانون الجنائي‪ ،‬وإن‬
‫كانا يختلفان في طبيعة المقابل الذي يدفعه صاحب الحاجة للحصول على حاجته التي يسعى‬
‫إلى تحقيقها‪ ،‬حيث يكون ثمن ا لقيام الموظف العمومي بعمل من أعمال وظيفته‪ ،‬أو االمتناع‬
‫عنه ويكون بالتالي "رشوة" بينما يكون ثمنا للشخص الذي يستغل نفوذه الحقيقي أو المزعوم‬
‫"استغالل" النفوذ كما يختلفان في غيرهما من األحكام‪.‬‬
‫تعد الرشوة من أبلغ أنواع الفساد وأخطر أمراض العصر التي تصيب الوظيفة العمومية‬
‫فهي سلوك يمس بهبة الدولة ومصداقيتها‪ ،‬ويضيع المصلحة العامة برمتها‪ .163‬وقد عرفها‬
‫البعض بأنها فعل يرتكبه موظف عام أو شخص ذو صفة عامة عندما يتاجر بوظيفته أو‬
‫باألحرى يستغل السلطات المخولة له بمقتضى هذه الوظيفة وذلك حين يطلب لنفسه أو لغيره‬
‫أو يقبل أو يأخذ وعدا أو عطية ألداء عمل من أعمال وظيفته أو يزعم على أنه من أعمال‬
‫وظيفته أو لالمتناع عن ذلك العمل أو لإلخالل بواجبات الوظيفة‪.‬‬
‫قد اهتم المشرع الجنائي المغربي كغيره بمحاربتها بكافة الوسائل واآلليات المتاحة‪،‬‬
‫حيث تصدى لها بالتجريم من أول تشريع جنائي سنة ‪ ،1953‬ومع تصاعد وثيرة الجريمة‬
‫في الواقع العملي وتسريبها إلى داخل الجهاز اإلداري بشكل مهول يدعو إلى القلق تدخل‬
‫المشرع المغربي إلعادة النظر في نصوص الرشوة بهدف زجر مرتكبها بصرامة‪ .‬حيث‬
‫توجه االهتمام الوطني إلى إنشاء جمعية مختصة في مكافحة الرشوة ‪-‬جمعية ترانسبرانسي‬
‫المغرب‪ -‬سنة ‪ ،1996‬كما أخذ قضائيا بازدواجية التجريم " تعد جريمة الرشوة مستقلة في‬
‫عناصرها عن جريمة االرتشاء فهي تقوم بمجرد توافر القصد الجنائي‪.164"...‬‬
‫وبالتالي فجريمة الرشوة من الجرائم التي يمكن لرئيس مجلس الجهة أن يرتكبها وهذه‬
‫الجريمة تقتضي بطبيعتها وجود طرفين الراشي الذي هو صاحب المصلحة أو الحاجة‬
‫والمرتشي الذي هو اآلمر بالصرف‪ ،‬الذي يعاقب على هذه الجريمة شأنه في ذلك شأن‬
‫الموظف العمومي بموجب الفصول ‪248‬و‪249‬و‪.251‬‬

‫‪ -162‬وهو الجزء الرابع من الكتاب الثالث من الجزء األول من مجموعة القانون الجنائي‪.‬‬
‫‪ -163‬أحمد جويد‪ ،‬جريمة رشوة الموظف العمومي في التشريع المغربي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الرشاد الحديثة الدار البيضاء‪،‬‬
‫‪ ،1983‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -164‬قرار المجلس األعلى رقم ‪ 3042‬في ‪ 17‬ماي ‪ ،1983‬مجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬العدد ‪ ،32‬ص ‪.177‬‬

‫‪55‬‬
‫أما فيما يخص جريمة استغالل النفوذ فقد تحدث عنها المشرع في الفصل ‪165 250‬من‬
‫القانون الجنائي‪ ،‬ومن خالله يتضح أن طبيعة هذه الجريمة يرتكبها بعض أعضاء المجالس‬
‫النيابية وعلى رأسهم رئيس مجلس الجهة في األحوال التي يتلقون فيها عروضا‪ ،‬أو وعودا‬
‫أو هبات أو هدايا‪ ،‬أو أية فائدة أخرى مقابل العمل على تحقيق مصالح خاصة إلحدى الجهات‬
‫أو ألحد األفراد‪ ،‬ومنه يكون قد اتجر بنفوذه‪ ،‬ويكون قد ارتكب جريمة استغالل النفوذ ‪ .‬ولقيام‬
‫هذه الجريمة يجب توافر ثالثة أركان تتجلى في تمتع الجاني (رئيس مجلس الجهة) بنفوذ‬
‫حقيقي أو مفترض والركن المادي الذي يقوم على ثالث عناصر وهي طلب الجاني أو قبوله‬
‫عرضا لفائدة ما‪ ،‬من صاحب الحاجة‪ ،‬أما العنصر الثاني فهوما يحصل عليه صاحب الحاجة‬
‫مقابل ما يقدمه للجاني‪ ،‬أما العنصر الثالث واألخير فيتجلى في النفوذ الحقيقي أو المفترض‬
‫الذي يستعمله الجاني كوسيلة للحصول من صاحب المصلحة على هبة أو هدية أو أية فائدة‬
‫أخرى‪ .‬غير أنه يجب إبراز هذه العناصر المكونة للفعل المادي – مع العناصر األخرى‪-‬‬
‫المكونة لجريمة استغالل النفوذ في حالة اإلدانة‪ ،‬وإال تعرض الحكم القاضي بها للنقض‬
‫واإلبطال‪.166‬‬
‫أما فيما يخص الركن المعنوي لجريمة استغالل النفوذ فيتمثل في توفر القصد الجنائي‬
‫الذي يتمثل في العلم واإلرادة‪ ،‬والعلم يتمثل في أن يكون الجاني وهو رئيس المجلس الجهوي‬
‫هنا عالما بأن ما يطلبه أو يتسلمه هو مقابل استعماله لنفوذه الحقيقي أو المفترض‪ ،‬لدى‬
‫السلطات العامة أو إحدى الجهات اإلدارية الخاضعة إلشرافها‪ ،‬لتحقيق إحدى المزايا لجهة‬
‫معينة سواء كانت فرد أو جماعة‪.‬‬

‫‪ 165‬ينص الفصل ‪ 250‬من القانون الجنائي على أنه‪ " :‬يعد مرتكبا لجريمة استغالل النفوذ ويعاقب بالحبس من سنتين إلى‬
‫خمس سنوات وبغرامة من خمسة آالف درهم إلى مائة ألف درهم‪ ،‬من طلب أو قبل عرضا أو وعدا‪ ،‬أو طلب أو تسلم هبة‬
‫أو هدية ‪ ،‬أو أية فائدة أخرى من أجل تمكين شخص أو محاولة تمكينه من الحصول على وسام أو نيشان‪ ،‬أو رتبة شرفية‬
‫أو مكافأة أو مركز أو وظيفة أو خدمة أو أية مزية أخرى تمنحها السلطة العمومية أو صفقة أو مشروع‪ ،‬أو أي ربح ناتج‬
‫عن اتفاق يعقد مع السلطة العمومية أو مع السلطة أو اإلدارة ‪ ،‬مستغال بذلك نفوذه الحقيقي أو المفترض"‪.‬‬
‫‪ 166‬أبو المعطي حافظ أبو الفتوح‪ ،‬شرح القانون الجنائي المغربي (القسم الخاص)‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬سنة ‪ ،1981‬ص ‪.67‬‬

‫‪56‬‬
‫خاتمة الفصل األول‬
‫وختاما يمكن القول أنه إذا كان القانون السابق المنظم للجهات‪ 47.96‬في ظل‬
‫دستور‪ 1996‬لم يخصص إال مادة واحدة إلدارة الجهة قد تضمن مقتضيات جعلت رئيس‬
‫مجلس الجهة يحتل المرتبة الثانية بعد الوالي بالنظر إلى االختصاصات المحددة له ‪ ،‬بدون‬
‫أن يرقى إلى مؤسسة تنفيذية‪ ،‬حيث يشارك بصفة مباشرة أو غير مباشرة في اتخاذ القرارات‪،‬‬
‫ويعتبر أقل استقالال في ممارستها حتى أن شخصية رئيس مجلس الجهة تختفي في كثير من‬
‫الحاالت وراء شخصية الوالي‪ ،‬فإن القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات في ظل‬
‫دستور ‪ 2011‬قد نص على مجموعة من المقتضيات المؤطرة للعمل الجهوي ‪ ،‬باعتباره‬
‫األسا س القانون الذي تستمد منه هذه المجالس وأجهزتها التنفيذية اختصاصاتها في مجال‬
‫التنمية االقتصادية واالجتماعية الجهوية‪ ،‬ومنح رئيس مجلس الجهة السلطة التنفيذية تجسيدا‬
‫لمبدأ التدبير الحر‪ ،‬إذ أنه بدراسة الباب الثاني من القسم الثالث من هذا القانون المعنون‬
‫بصالحيات رئيس الجهة والذي يضم مجموع اختصاصات الرئيس فإنه أعطى الرئيس سلطة‬
‫تنفيذ مقررات المجلس الجهوي وكذلك األمر بالصرف‪ ،‬وكذلك مسؤولية تنظيم إدارة الجهة‬
‫مع تحديد اختصاصاتها باعتباره الرئيس التسلسلي لمصالحها وللعاملين بها‪ .‬كما أوكل له‬
‫صالحية التعيين في جميع المناصب اإلدارية بهذه المؤسسة إلى جانب إمكانية تعيين لمكلفين‬
‫بمهمة االشتغال إلى جانبه‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ما تمت اإلشارة فقد حاول المشرع التنظيمي أيضا ضبط مهام رئيس‬
‫مجلس الجهة وبيان واجباته والتزاماته وحقوقه بالتنصيص عليها في الباب المتعلق بالنظام‬
‫األساسي للمنتخب ‪ ،‬والذي شكل إحدى المستجدات التي أتى بها القانون التنظيمي المتعلق‬
‫بالجهات ‪ ،‬والتي من خاللها حاول المشرع تدارك النقص الذي كان يعرفه التنظيم الجهوي‬
‫السابق بهذا الخصوص‪ ،‬حيث تم تمتيع رئيس مجلس الجهة بمجموعة من الحقوق التي من‬
‫بينها كما سبق الذكر التعويض عن التمثيل والتنقل ‪ ،‬باإلضافة إلى الحق في التكوين والحق‬
‫في رخص التغيب والحماية االجتماعية ‪ ،‬إلى غيرها من الحقوق التي سبقت اإلشارة إليها ‪،‬‬
‫وفي مقابل ذلك رتب عليه مجموعة من الواجبات التي من أبرزها االلتزام بعدم القيام بأفعال‬
‫مخالفة للقانون ‪ ،‬وعدم ربط مصالح خاصة مع الجهة ‪ ،‬فضال عن ضرورة اإلقامة داخل‬
‫الوطن‪ ،‬ووجوب التصريح بالممتلكات وغيرها من االلتزامات والواجبات الملقاة على عاتق‬
‫رئيس مجلس الجهة أثناء تأدية مهامه والتي تمت اإلشارة إليها سلفا في هذا الفصل‪ .‬وكذلك‬
‫ومن أجل ضمان حسن التصرف في األموال العمومية بما يخدم مصلحة الجهة‪ ،‬فقد أقر هذا‬
‫القانون مسؤولية متنوعة على كل األشخاص المكلفين بالتنفيذ اإلداري والحسابي للميزانية‬
‫العامة‪ ،‬ومن هؤالء نجد رئيس الجهة كمسؤول عن تدبير شؤون الجهة و آمر بصرف نفقاتها‪.‬‬
‫فرئيس مجلس الجهة يتحمل بذلك مسؤولية تأديبية أثناء إخالله ببعض مهامه وواجباته‪ ،‬في‬

‫‪57‬‬
‫حين يكون مسؤوال جنائيا أثناء قيامه ببعض األفعال المخالفة للقانون والتي جرمها القانون‬
‫الجنائي‪.‬‬
‫وبالتالي وانطالقا مما سبق فرغم كافة المستجدات التي أتى بها القانون التنظيمي‬
‫الخاص بالجهات بخصوص اختصاصات وصالحيات مؤسسة رئيس مجالس الجهة فإنه‬
‫ال زالت تشوبه بعض النواقص التي من شأنها التأثير سلبا على الدور التدبيري المفروض‬
‫أن تلعبه هذه األجهزة التنفيذية ‪ ،‬فرغم تمتيع هذا األخير بمجموعة من الصالحيات الجديدة‬
‫إال أنها تظل ضئيلة تغيب عنها سلطة التقرير ويطبعها تقليص هامش التدخل والمبادرة في‬
‫غالب األحيان‪ ،‬فرئيس مجلس الجهة ال يملك حتى القدرة على إجبار مجلسه على العمل ‪،‬‬
‫حيث أن المجلس إذا رفض القيام بمهامه ال يمكنه أن يجبره إنما بإمكانه فقط أن يطل من‬
‫الوالي أن يتدخل إلجبار مرؤوسي رئيس الجهة للعودة إلى صالحياتهم ‪.‬‬
‫وما يعاب أيضا على هذا القانون أنه ألغى إمكانية التعاقد مع فئة المكلفين بالدراسات‬
‫التي كانت ممنوحة لرؤساء الجهات السابقين‪ .‬والتخلي عن هذا الصنف خلق نوعا من‬
‫التضارب حول جدواه‪ .‬فهناك من اعتبره دون تأثير على إدارة الجهة لكونها تتوفر على‬
‫أصناف مختلفة من الموظفين وأطر عليا يمكنها االضطالع بالمهام الموكولة لها‪ ،‬في حين‬
‫هناك من عارضها واعتبرها تراجعا عن إحدى الركائز التي كان يستعين بها الرؤساء أثناء‬
‫تأدية مهامهم‪.‬‬
‫فضال عما تمت اإلشارة إليه فإن التدبير اإلداري للرئيس ومسؤوليته في تسيير المجلس‬
‫ليست باألمر الهين‪ ،‬فطبيعة تركيبة المجلس من ألوان سياسية وانتماء قبلي ووضعيات‬
‫األشخ اص االعتبارية‪ ،‬تجعل تسيير المجلس‪ ،‬وإدارة الجلسات فيه أمر جد حساس‪ ،‬وهكذا‬
‫فإن مجالس الجهات ظلت تشكو وتكشف على مر التجارب على مظاهر الخلل والتسربات‬
‫التي تشكل تبذيرا للطاقات سواء بفعل الصراعات السياسية والشخصية الضيقة أو بفعل عدم‬
‫توزيع المسؤوليات‪.‬‬
‫وعليه فإن إ شكالية التنمية الجهوية بالمغرب ليست مالية محضة وإنما خلفياتها سياسية‬
‫تدبيرية في مغرب نحتاج فيه اليوم نخب إدارية وسياسية ورؤساء مجالس جهوية يتصفون‬
‫بالكفاءة والتكوين المتميز‪ ،‬وبذلك فالفصل الثاني من هذا البحث سنخصصه للتوسيع في دراسة‬
‫مكانة رؤساء مجلس الجهوية ف ي تحقيق التنمية الجهوية باإلضافة إلى تبيان كافة العراقيل‬
‫التي تعيق رؤساء المجالس الجهوية في تدبير الشأن العام الجهوي وتحقيق التنمية الجهوية‬
‫وذلك بدراسة حالة جهة درعة‪-‬تافياللت وكذا حالة جهة كلميم‪-‬واد نون‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬مؤسسة رئيس مجلس الجهة ورهان‬
‫تحقيق التنمية‬
‫يتأسس نظام الالمركزية في بعده اإلجرائي على االعتراف بوجود مصالح محلية متميزة‬
‫يشرف عليها ممثلوا السكان‪ ،‬هذا يعني أن تجسيد الديموقراطية المحلية يرتبط بشكل وثيق‬
‫بتدبير التنمية عبر تمتيع المنتخبين‪ ،‬وخاصة رئيس المجلس الجهوي بمجموعة من‬
‫الصالحيات واآلليات التي تمكنهم من القيام بجميع واجباتهم وخاصة التنموية‪ .‬فالرهان‬
‫التنموي للديموقراطية المحلية يشكل هاجسا أساسيا في محاوالت اإلصالح السياسي واإلداري‬
‫بالمغرب‪ ،‬حيث أضحت مركزة القرار العمومي أحد األسباب الرئيسية لتعثر التنمية‪.‬‬
‫وعليه فتفعيل الالمركزية خصوصا على المستوي الجهوي‪ ،‬يتطلب باألساس اعتماد‬
‫استراتيجية تنموية جهوية مندمجة‪ ،‬تعتمد على مجموعة من اآلليات التدبيرية التي ال يمكن‬
‫إنجاحها إال بتوفر نخبة جهوية مسؤولة‪ ،‬على رأسها رئيس مجلس الجهة الذي يعد الدعامة‬
‫األساسية لكل تنمية جهوية‪ ،‬ومركزا لكل القرارات المصيرية‪ ،‬فمهما قيل عن الموارد البشرية‬
‫واآلليات القانونية كعناصر فاعلة في تحقيق التنمية بصفة عامة‪ ،‬تبقى هذه الموارد تبقى هذه‬
‫الموارد دون جدوى في غياب قيادة كفؤة ومؤهلة لتدبيرها وإدارتها‪.‬‬
‫فرئيس المجلس الجهوي مسؤول عن خدمة المواطنين بشكل مباشر أو غير مباشر وذلك‬
‫من خالل الخد مات التي يقدمها للمواطنين أو القرارات التي يقوم بتنفيذها باعتباره جهازا‬
‫تنفيذيا للجهة‪ ،‬وباعتباره كذلك مسؤول عن تحقيق التنمية داخل تراب الجهة عبر تدخله في‬
‫مجموعة من المجاالت التنموية ولعبه دورا أساسيا فيها‪ ،‬حيث خصه القانون التنظيمي‬
‫بمجموعة من الصالحيات التنموية وألزمه بالقيام بها‪ ،‬التي من بينها إعداد برنامج التنمية‬
‫الجهوية‪ ،‬باإلضافة إلى إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة التي تعتبر أحد األدوار التنموية التي‬
‫تدخل في صالحيات هذه المؤسسة(المبحث األول)‪.‬‬
‫لكن في مقابل ذلك فرهان التنمية تعترضه مجموعة من الصعوبات والعراقيل التي‬
‫تتحكم في جودة ومستوى األداء الذي يقدمه رئيس مجلس الجهة فمنها ما هو إداري مرتبط‬
‫بسلطة التقرير‪ ،‬ومنها ما هو سياسي متعلق بالصراعات السياسية داخل المجلس والتي تحد‬
‫من أداء هذا الجهاز‪ ،‬باإلضافة إلى ما هو مرتبط بالموارد المالية والبشري التي تعتبر من‬
‫أبرز الحدود والمعيقات الكابحة لتطور أداء الجهاز التنفيذي الجهوي‪.‬‬
‫وهذا الوضع ما يستدعي ويتطلب معه التدخل من أجل تجويد وتطوير مستوى أداء هذه‬
‫المؤسسة عبر خلق عقلنة وضبط االختصاصات وتوسيعها وتحسين العالقة بين الهيئات‬
‫المنتخبة وممثلي الدولة على المستوى الجهوي‪ ،‬وينبغي كذلك انفتاح مؤسسة الرئاسة على‬

‫‪59‬‬
‫األنماط الجديدة للتدبير واعتماد الحكامة كأسلوب لقيادة الجهة فمعلوم أن أسباب إخفاق أي‬
‫مؤسسة يرجع إلى سوء التدبير الذي يطبع أجهزتها التسييرية‪ ،‬واالرتكاز على األساليب‬
‫الكالسيكية التي أصبحت متجاوزة في ظل سيادة الفكر الليبرالي الجديد الذي يتأسس على‬
‫الجودة والمردودية واإلنتاجية‪ ،‬لذلك فقد بات من الضروري إدخال وسائل التدبير العصري‬
‫البتي ترتكز على تكريس مبادئ الحكامة الجهوية‪ ،‬وتتأسس على إسناد مهمة تسيير الشأن‬
‫العام الجهوي لمن بوسعهم خلق نموذج جديد للتدبير(المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬األدوار التنموية لرئيس مجلس الجهة‬


‫إن ورش الجهوية المتقدمة ومنذ تبنيه كخطاب يحمل في طياته رهانات كبرى تجتمع‬
‫في عبارة واحدة وهي تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وذلك بخلق جهات قادرة على‬
‫أن تكون فاعال اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وبيئيا إلى جانب الدولة‪ .‬فموقع رئيس مجلس الجهة‬
‫في تحقيق التنمية على المستوى الجهوي يحظى بأهمية بالغة ‪167‬عبر تدخله في مجموعة من‬
‫المجاالت التنموية‪ ،‬التي من بينها إعداد برامج التنمية الجهوية (المطلب األول)‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التصميم الجهوي إلعداد التراب وبرنامج التنمية‬


‫الجهوية كإطار لالرتقاء بالقدرات التدبيرية لرئيس مجلس الجهة في‬
‫مجال التنمية‬
‫لقد شكل الرهان التنموي للديموقراطية الجهوية هاجسا أساسيا في محاوالت اإلصالح‬
‫السياسي واإلداري بالمغرب‪ ،‬حيث أضحت مركزة القرار العمومي أحد األسباب الرئيسة‬
‫لتعثر التنمية‪.168‬وبذلك فلعل أهم المستجدات التي أتى بها القانون التنظيمي المتعلق‬
‫بالجهات‪ ،111.14‬إيالءه عناية خاصة للتصميم الجهوي إلعداد التراب ولبرنامج التنمية‬
‫الجهوية بالضبط ‪ ،‬وذلك بالتأكيد على الزامية إعداده خالل السنة األولى من مدة انتداب‬
‫المجلس الجهوي ليمتد العمل به على مدى ست سنوات ‪ ،169‬مع التنصيص على إمكانية إعادة‬
‫النظر في ذات البرنامج بعد مضي ثالث سنوات من دخوله حيز التنفيذ‪ .‬من هذا المنطلق‪،‬‬
‫نشير إلى أن المشرع المغربي ألزم المجلس الجهوي أثناء إعداده لمشروع رانية السنوية‬
‫األخذ باالعتبار والتقيد بمخطط المشاريع المدرجة في برنامج التنمية الجهوية خاصة بالنسبة‬

‫‪ -167‬عبد هللا غازي‪ ،‬السياسات العمومية الترابية بين تداخل استراتيجية الفاعلين ودينامية النسق المؤسساتي‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬المجلد ‪ ،150‬عدد ‪ ،151‬أبريل ‪ ،2020‬الصفحة‪.336‬‬
‫‪ -168‬خديجة صبار‪ ،‬إدانة تدبير الشأن العام المحلي في المغرب‪ :‬تجربة مستشارة‪ ،‬طبعة ‪ ،2007‬مطبعة أفريقيا الشرق‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ -169‬المادة ‪ 83‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬المرجع السالف الذكر‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫للفترة الممتدة طيلة السنوات الثالث األولى من مدة انتداب المجلس‪ .‬بخصوص مسألة اإلنجاز‬
‫والتنفيذ‪ ،‬فقد ترك النص هذا االختصاص للمجلس الجهوي بالتعاون بينه وبين الدولة وباقي‬
‫المتدخلين عن طريق آلية التعاقد مع التركيز على المنهج التشاركي والتنسيق مع والي الجهة‬
‫بصفته منسقا للمصالح الالممركزة للدولة‪ .170‬وأهم عنصر يمكن تسجيله في هذا الباب هو‬
‫التنصيص على دور المجلس الجهوي في تنفيذ وتتبع برامج والمشاريع المدرجة ضمن‬
‫المخطط التنموي للجهة‪ .‬الشيء الذي يعتبر في حد ذاته نقلة مهمة في اختصاصات الجهات‬
‫حيث كانت في ظل القانون السابق مهمتي التنفيذ والتتبع من اختصاص مؤسسة الوالي بصفته‬
‫آمرا بالصرف على الميزانية الجهوية‪ .‬أما اآلن وبحكم نقل مسؤولية الصرف لرئيس المجلس‪،‬‬
‫فقد أصبح أيضا مسؤوال عن التنفيذ والتقييم وكذلك عن المحاسبة‪ .171‬وبذلك ففي هذا المطلب‬
‫سيتم تناول مكانة رئيس مجلس الجهة في إعداد التصميم الجهوي إلعداد التراب (الفقرة‬
‫األولى)‪ ،‬أما في (الفقرة الثانية) فسنتناول مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية باإلضافة إلى‬
‫الدور الذي يلعبه رئيس مجلس الجهة في إعداد برامج التنمية الجهوية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مكانة رئيس مجلس الجهة في إعداد التصميم الجهوي إلعداد‬
‫التراب‬
‫من مظاهر تبوأ الجهة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية إسنادها مهمة تحضير‬
‫التصميم الجهوي إلعداد التراب‪ ،‬الذي يعد بمثابة وثيقة مرجعية للتهيئة المجالية لمجموع‬
‫التراب الجهوي‪.172‬‬
‫ويهدف التصميم الجهوي إلعداد التراب ‪-‬الذي يوضع لمدة زمنية ال تتعدى ‪ 25‬سنة‪-‬على‬
‫وجه الخصوص‪ ،‬إلى تحقيق التوافق بين الدولة والجهة حول تدابير تهيئة المجال وتأهيله‬
‫وفق رؤية استراتيجية واستشرافية‪ ،‬بما يسمح بتحديد توجهات واختيارات التنمية الجهوية‬
‫ولهذه الغاية‪:‬‬
‫‪ .‬يضع إطارا عاما للتنمية الجهوية المستدامة والمنسجمة بالمجاالت الحضرية والقروية؛‬
‫‪ .‬يحدد االختيارات المتعلقة بالتجهيزات والمرافق العمومية الكبرى المهيكلة على مستوى‬
‫الجهة ؛‬
‫‪ .‬يحدد مجاالت المشاريع الجهوية وبرمجة إجراءات تثمينها وكذا مشاريعها المهيكلة‪.‬‬

‫‪ -170‬رداد شمالل‪ ،‬ورش الجهوية المتقدمة على ضوء النموذج التنموي الجديد‪ ،‬مجلة الباحث للدراسات واألبحاث القانونية‬
‫والقضائية‪ ،‬العدد ‪ ،54‬ماي ‪ ،2023‬ص ‪.554‬‬
‫‪ -171‬محمد أوالد الحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.174‬‬
‫‪ -172‬المملكة المغربية ‪ ،‬وزارة الداخلية‪ ،‬المديرية العامة للجماعات المحلية‪ ،‬دليل منتخبي الجهات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‬
‫‪.63‬‬

‫‪61‬‬
‫ويتعين عند إعداد التصميم الجهوية إلعداد التراب‪ ،‬مراعاة اإلطار التوجيهي للسياسة العامة‬
‫إلعداد التراب على مستوى الجهة ومن أجل ذلك تتولى السلطة الحكومية المكلفة بإعداد‬
‫التراب الوطني وضع ذلك اإلطار التوجيهي‪ ،‬بعد استطالع رأي لجنة وزارية يحدد تأليفها‬
‫وكيفية سيره ا بمرسوم‪ ،‬مع مراعاة توجهات السياسة العامة إلعداد التراب المعتمد على‬
‫المستوى الوطني‪ ،‬وأخذا بعين االعتبار التنزيل األمثل للسياسات القطاعية الحكومية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مراحل إعداد التصميم الجهوي إلعداد التراب‬


‫يتم إعداد التصميم الجهوي إلعداد التراب عبر ثالث مراحل رئيسية‪:173‬‬
‫‪ ‬المرحلة األولى‪ :‬وضع تشخيص لتراب الجهة يتضمن على وجه الخصوص‪ ،‬تقارير‬
‫قطاعية وموضوعية حول مؤهالت الجهة ومجالها الطبيعي والبيئي ومعطيات حول‬
‫التنمية البشرية بالجهة والفوارق الترابية بها‪ ،‬ومقومات وإكراهات التنمية بالجهة‬
‫وحاجياتها الضرورية فيما يخص البنية التحتية األساسية‪ ،‬وأهم التجهيزات المنجزة‬
‫بالجهات المجاورة؛‬
‫‪ ‬المرحلة الثانية‪ :‬إعداد استراتيجية تهيئة المجال وتأهيله وفق رؤية استشرافية مع مراعاة‬
‫اإلطار التوجيهي للسياسة العامة إلعداد التراب على مستوى الجهة؛‬
‫‪ ‬المرحلة الثالثة‪ :‬إنجاز تقرير تركيبي حول التصميم الجهوي إلعداد التراب يعتبر ميثاقا‬
‫للتهيئة والتنمية المجالية للجهة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬دور رئيس الجهة في إعداد التصميم الجهوي إلعداد التراب‬


‫بالرجوع إلى القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات نجده يؤكد على أنه يضع‬
‫مجلس الجهة تحت إشراف رئيس مجلسها التصميم الجهوي إلعداد التراب‪ ،‬وفق القوانين‬
‫واألنظمة الجاري به ا العمل في إطار توجهات السياسة العامة إلعداد التراب المعتمدة على‬
‫المستوى الوطني وبتشاور مع الجماعات الترابية األخرى واإلدارات والمؤسسات العمومية‪،‬‬
‫وممثلي القطاع الخاص المعنيين بتراب الجهة‪ ،‬وتنفيذا لذلك يتخذ مجلس الجهة مقررا يقضي‬
‫بإعداد التصميم الجهوي إلعداد التراب‪.‬‬
‫هكذا ففي أثناء إعداد مشروع التصميم الجهوي بإعداد التراب‪ ،‬يتولى والي الجهة‪ ،‬في إطار‬
‫مهام المساعدة الموكلة إليه‪ ،‬وبطلب من رئيس مجلس الجهة‪ ،‬اإلشراف على تنظيم المشاورات‬
‫مع جميع الفاعلين المعنيين والسيما الجماعات الترابية األخرى واإلدارات والمؤسسات‬

‫‪ 173‬المادة ‪ 2‬من المرسوم ‪ 2.17.583‬المتعلق بتحديد مسطرة إعداد التصميم الجهوي إلعداد التراب وتحيينه وتقييمه‪،‬‬
‫مرجع سالف الذكر‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫العمومية وممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني‪ .‬ولهذا الغاية‪ ،‬تحدث لجنة استشارية إلعداد‬
‫التراب كإطار للتشاور وإبداء الرأي حول مشروع التصميم الجهوي إلعداد التراب وتتألف‬
‫هذه اللجنة االستشارية من مجموعة من األعضاء وفق ما هو مسطر في الجدول التالي‪:‬‬
‫الجدول رقم‪ :1‬تركيبة اللجنة االستشارية إلعداد التراب‬

‫المصدر‪ :‬تركيب شخصي اعتمادا على المرسوم رقم ‪ 2.17.583‬المتعلق بتحديد مسطرة إعداد التصميم‬
‫الجهوي إلعداد التراب وتحيينه وتقييمه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية ودور رئيس الجهة‬
‫لدراسة موضوع دور رئيس مجلس الجهة في مسطرة إعداد برامج التنمية الجهوية البد‬
‫من طرح تساؤل مبدئي يهم المصطلحات التي أصبحت حاضرة وبقوة في المقاربات التنموية‪،‬‬
‫وأيضا أصبح لها نفس الحضور خاصة في االهتمام المرتبط بالمسار العام للتطور الالمركزي‬
‫بالمغرب‪ ،‬وكذا عبر التحول المتجدد للتعاطي مع إشكالية التنمية والجهوية من خالل االنتقال‬
‫من هذه األخيرة من مقاربة تقليدية ذات جوهر إداري إلى جهوية متقدمة‪ .‬لذلك سيتم التطرق‬
‫إلى مفهوم برنامج التنمية الجهوية والمراحل األساسية التي يمر منها (أوال) ثم بعد ذلك سيتم‬
‫التطرق إلى دور رئيس الجهة في إعداده(ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم برنامج التنمية الجهوية ومراحل إعداده‬


‫سنتناول في هذه النقطة تعريف برنامج التنمية الجهوية (‪ )1‬ثم بعد ذلك سنتطرق إلى‬
‫مراحل إعداده (‪.)2‬‬

‫‪63‬‬
‫‪-1‬تعريف برنامج التنمية الجهوية‬

‫يعد برنامج التنمية الجهوية بمثابة عملية وظيفية تتجاوز التدبير اليومي أو التسيير‬
‫العادي للجهة‪ ،‬لتشكل أداة لوضع خطة للعمل في المستقبل تتضمن أهداف معينة تتطلب العمل‬
‫على تحقيقها‪ ،‬كما تتضمن وسائل تحقيق هذه األهداف ونوعيتها وتوقيت تنفيذها ومواقعها‬
‫واإلجراءات والتدابير المالية والقانونية واإلدارية الضرورية لتنفيذ المشاريع المتضمنة‬
‫بالبرنامج‪ .‬وبالتالي فبرنامج التنمية الجهوية يعد أداة وآلية استراتيجية بيد المجلس الجهوي‬
‫تحت إشراف رئيسه‪ ،‬تسعى إلى دفع الفاعلين الترابيين إلى تحديد أهدافهم وخيارتهم التنموية‬
‫التي ترهن مستقبل الجهة والعمل على تنفيذها لصالح الساكنة‪.174‬‬
‫وعليه يمكن تحديد مفهوم البرنامج باعتباره الوثيقة المرجعية لبرمجة المشاريع‬
‫واألنشطة ذات األولوية المقرر أو المزمع إنجازها بتراب الجهة‪ ،‬بهدف تحقيق تنمية مندمجة‬
‫ومستدامة تهم تحسين جاذبية المجال الترابي للجهة وتقوية تنافسيته االقتصادية‪ .‬كما يعتبر‬
‫البرنامج مجموعة من المشاريع التي تبرمج داخل حيز زمني محدد وترصد له مبالغ مالية‬
‫من أجل تحقيق أهداف معينة‪ .‬ويعني كذلك مجموعة متناسقة من المشاريع أو العمليات التابعة‬
‫لنف س القطاع الوزاري أو المؤسسة تقرن به وفق غايات ذات منفعة عامة‪ ،‬وكذا مؤشرات‬
‫مرقمة لقياس النتائج المتوخاة والتي ستخضع للتقييم قصد التحقق من شروط الفعالية والنجاعة‬
‫والجودة المرتبطة باإلنجازات‪.175‬‬
‫كما يمكن تعريفه أيضا بكونه وثيقة للبرمجة مرتبطة بمدة انتداب المجالس الجهوية‪،‬‬
‫ويترجم الرؤية االستراتيجية‪ ،‬المحددة خصوصا في إطار التصميم الجهوي إلعداد التراب‪،‬‬
‫إلى عمليات ترابية وملموسة تتعلق بالتنمية الجهوية ولها أثر مباشر على الساكنة‪.176‬‬
‫كما أنه وثيقة مرجعية لبرمجة المشاريع واألنشطة المتعلقة باختصاصات الجهة‪ .‬ويتم‬
‫إعداده خالل السنة األولى من انتداب مجلس الجهة‪ .‬يحدد بالنسبة لستة سنوات األولى‪،‬‬
‫عمليات التنمية التي تعتزم الجهة إنجازها في مجالها الترابي مع مراعاة الوسائل المالية للجهة‬
‫أو تلك التي يمكن تعبئتها إضافة إلى االلتزامات المتفق عليها بين الجهة والجماعات الترابية‬

‫‪ 174‬سعيد مزين‪ ،‬الجهة بين التأطير الدستوري‪ ،‬والتفعيل القانوني جهة كلميم وادنون نموذجا‪ ،‬رسالة لنيل الماستر في القانون‬
‫العام‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش‪ ،‬السنة الجامعية‪،20162017/‬‬
‫ص‪.64‬‬
‫‪ 175‬القانون التنظيمي ‪ 130.13‬لقانون المالية‪ ،‬الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم ‪ 1.15.62‬الصادر في ‪ 14‬شعبان‬
‫‪ 2(1436‬يونيو ‪ ،)2015‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،6370‬الصادرة في فاتح رمضان ‪ 18(1436‬يونيو ‪ ،)2015‬الصفحة‬
‫‪.5810‬‬
‫‪ 176‬المملكة المغربية‪ ،‬وزارة الداخلية‪ ،‬المديرية العامة للجماعات الترابية‪ ،‬دليل منهجي لبرنامج التنمية الجهوية لإلعداد‬
‫والتنفيذ والتتبع والتحيين والتقييم‪ ،‬سلسلة دليل المنتخب ‪ ،2022‬الصفحة ‪.15‬‬

‫‪64‬‬
‫األخرى وهيئاتها وكذا المقاوالت العمومية والقطاعات االقتصادية واالجتماعية للجهة‪ .‬ولهذا‬
‫الغرض‪ ،‬فإن برنامج التنمية الجهوية يجب أن يتم من خالل‪:‬‬
‫‪ ‬اعتماد التوجهات االستراتيجية لسياسة الدولة بخصوص التنمية‪ ،‬وإدماجها في إطار‬
‫مختلف االستراتيجيات القطاعية والموضوعاتية التي توجه عمل مختلف الفاعلين في النشاط‬
‫العمومي الترابي؛‬
‫‪ ‬االنسجام مع التوجهات االستراتيجية للتصميم الجهوي إلعداد التراب بخصوص‬
‫التنمية والتهيئة الترابيين؛‬
‫‪ ‬بناء مرجعية وإطار لالنسجام بالنسبة آلليات البرمجة الخاصة بالجماعات الترابية‬
‫األخرى (خصوصا برنامج تنمية العمالة أو اإلقليم وبرنامج عمل الجماعة)؛‬
‫‪ ‬وضع إطار لتوضيح رؤية وفرص التنمية بالنسبة للمقاوالت العمومية والقطاعات‬
‫االقتصادية واالجتماعية في الجهة؛‬
‫‪ ‬تحفيز النمو االقتصادي للجهة من خالل تحسين جاذبية مجالها الترابي وتعزيز قدرتها‬
‫التنافسية االقتصادية‪ ،‬السيما عبر دعم المقاوالت وتوطين األنشطة المدرة للثروة ومناصب‬
‫الشغل وتحسين قدرات تدبير الموارد البشرية وتكوينها؛‬
‫‪ ‬ضمان االستعمال األمثل للموارد الطبيعية للجهة وتثمينها والحفاظ عليها؛‬
‫‪ ‬حسين جاذبية المجال الترابي للجهة وتعزيز تنافسيتها االقتصادية من خالل عرض‬
‫امتيازات تنافسية مقارنة مع المجاالت الترابية المنافسة سواء على المستوى الوطني أو‬
‫الدولي؛‬
‫‪ ‬خلق شروط تحسين إطار عيش المواطنين عبر تمكينهم من الولوج المنصف للتعليم‬
‫والصحة والسكن والنقل والترفيه‪ ،‬إلخ‪.177‬‬
‫‪-2‬مراحل إعداد برنامج التنمية الجهوية‬

‫من أجل إعداد البرنامج التنموي للجهة‪ ،‬البد من اتباع المراحل الخمسة األساسية التي‬
‫حددها المشرع من خالل المرسوم التطبيقي‪ ،178‬والتي يمكن تلخيصها في الجدول التالي‪:‬‬

‫‪ 177‬المملكة المغربية‪ ،‬وزارة الداخلية‪ ،‬المديرية العامة للجماعات الترابية‪ ،‬دليل منهجي لبرنامج التنمية الجهوية لإلعداد‬
‫والتنفيذ والتتبع والتحيين والتقييم‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬الصفحة ‪.16‬‬
‫‪ 178‬المرسوم رقم ‪ ،2.17.583‬الصادر في ‪ 07‬محرم ‪ 28( 1439‬سبتمبر ‪ )2017‬متعلق بتحديد مسطرة إعداد التصميم‬
‫الجهوي إلعداد التراب وتحيينه وتقييمه‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،6618‬الصادرة في ‪ 13‬صفر ‪ 11(1439‬فبراير ‪،)2017‬‬
‫الصفحة ‪.6385‬‬

‫‪65‬‬
‫الشكل رقم ‪ :01‬ملخص مراحل إعداد برنامج التنمية الجهوية‬

‫المصدر‪ :‬المملكة المغربية‪ ،‬وزارة الداخلية‪ ،‬المديرية العامة للجماعات الترابية‪ ،‬دليل منهجي‬
‫لبرنامج التنمية الجهوية لإلعداد والتنفيذ والتتبع والتحيين والتقييم‪ ،‬سلسلة دليل المنتخب ‪.2022‬‬

‫‪66‬‬
‫أ‪-‬مرحلة التشخيص‪:‬‬
‫هذه العملية تتضمن عناصر كمية مرتبطة بالمعطيات واألرقام المتعلقة بالوضعية‬
‫االقتصادية واالجتماعية والبيئية والثقافية للجهة‪ ،‬كما تنبني على رؤية استشرافية تقتضي‬
‫جرد مختلف المشاريع المبرمجة أو المتوقع برمجتها من قبل الدولة وباقي المتدخلين داخل‬
‫النفوذ الترابي للجهة‪.179‬‬
‫ونعتبر معرفة نقاط القوة والضعف والفرص والمخاطر في كل جهة مرحلة ضرورية‬
‫يتعين أن تسبق مرحلة إعداد البرنامج الجهوي للتنمية‪ ،‬وتمثل عملية إنجاز وتحليل يركز على‬
‫هذه الجوانب األربعة‪ ،‬تعززه مقاربة تشاركية‪ ،‬التي تعد فرصة ثمينة لتبادل الخالصات‬
‫والرؤى وتحسيس الفاعلين بالتحديات الكبرى الواجب رفعها من أجل بلوغ األهداف المشتركة‬
‫وتملك المشاريع المستقبلية لفائدة الجهة‪.180‬‬
‫الشكل رقم ‪ :02‬مكونات التشخيص الترابي على مستوى الجهة‬

‫التشخيص المتعلق‬ ‫الموضوعات‪:‬‬


‫ي‬ ‫التشخيص‬
‫بالفاعلي‪:‬‬
‫مجمل المعطيات‬ ‫تشخيص الموارد‪ :‬نقط‬
‫تحديد األولويات عىل‬ ‫االقتصادية واالجتماعية‬ ‫الضعف والقوة‬
‫مستوى الجهة‬ ‫وغيها‬

‫وضع تصورات أولية‪:‬‬ ‫ر‬


‫االستشافية‪:‬‬ ‫الرؤية‬
‫المقيحات المستقبلية‬ ‫الفرص والمعيقات‬

‫المصدر‪ :‬تركيب شخصي‪.‬‬

‫‪ -179‬صالح فكري‪ ،‬دور برنامج التنمية الجهوية في تحقيق رهان التنمية المستدامة" دراسة حالة جهة مراكش ‪-‬آسفي"‪،‬‬
‫رسالة لنيل الماستر في القانون العام‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ،2021/2020‬الصفحة ‪.50‬‬
‫‪ -180‬تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي حول موضوع‪ :‬متطلبات الجهوية المتقدمة وتحديات إدماج السياسات‬
‫القطاعية‪ ،‬إحالة ذاتية رقم‪ ،2016/22‬الصفحة ‪.73‬‬

‫‪67‬‬
‫وبالتالي انطالقا مما سبق يتضح أن مرحلة التشخيص تقتضي ضرورة تحديد مكامن‬
‫القوة والضعف وتبيان مدى انسجام أو تنافر الفاعلين مع محاولة وضع التصورات‬
‫االستشرافية المتعلقة بالتنمية الجهوية‪ ،‬كما أن برمجة المخططات التشاركية لها خصوصيتها‬
‫التي تقتضي إشراك مختلف الفاعلين‪ ،‬وذلك من أجل تحديد األولويات والحاجيات الملحة‬
‫للجهة‪ .‬ولهذا يتضمن التشخيص جردا للمشاريع المبرمجة أو المتوقع برمجتها من قبل الدولة‬
‫والهيئات العمومية األخرى داخل النفوذ الترابي للجهة‪ ،‬كما أنه ال يقف عند هذا الحدن بل‬
‫يتعداه إلى تحديد اإلمكانيات ورصد المعيقات‪.‬‬
‫وعلى ضوء ما سبق فقد قام مكتب الدراسات المكلف بإعداد برنامج التنمية الجهوية‬
‫لجهة درعة تافياللت بإعداد تقرير التشخيص الترابي للجهة وضمن فيه مجموعة من‬
‫المعطيات التي يمكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬
‫رسوخ تاريخي وثقافي عريق وتشكيلة جهوية جديدة‪:‬‬
‫لعبت الجهة تاريخيا دور حلقة الوصل بين غرب الشمال األفريقي ومجال جنوب‬
‫الصحراء‪ ،‬وملتقى طرق حضارات‪ ،‬وقد منحها هذا التموضع تراثا ماديا وال‪-‬ماديا بالغي‬
‫الغنى‪ ،‬وصارت بهذا المركز متميزة بالتبادل‪ ،‬تبرز كمهد لالستيطان تتعايش فيه عدة أعراق‬
‫والثقافات والخبرات وأنماط عيش مختلفة وتحديدا نمط الحياة المستقرة في مناطق الواحات‪.‬‬
‫تنوع هام في الثروات واألوساط‪ :‬عرفت جهة درعة تافياللت تنوعا كبيرا في‬
‫تضاريسها‪ ،‬تحديدا وسط جبال األطلس الكبير األوسط حيث نجد بحيرتي ايسلي وتسليت‪،‬‬
‫ويتميز السفح الجنوبي بوجود قمم ذات ارتفاع يتجاوز ‪ 4000‬متر‪ ،‬ومكونة من صخور‬
‫كلسية تتخللها مجموعة من األخاديد مثل (أخدود دادس‪ ،‬أخدود تودغا‪ ،‬أخدود زيز)‪ ،‬لكن‬
‫عندما نتجه جنوبا نجد تضاريس أقل ارتفاعا وذات سطوح ملساء تشكل المنخفض جنوب‬
‫أطلسي موجه جنوب غرب شمال شرق‪ .‬هذا المنخفض يعتبر الحد الفاصل بين مجالين بنيويين‬
‫مختلفين هما‪ :‬المجال األطلسي في الشمال الذي يعتبر حاجزا جغرافيا حقيقيا‪ ،‬والمجال‬
‫الصحراوي‪. 181‬‬
‫التنمية االقتصادية‪ :‬اقتصاد جهوي متنوع لكنه ضعيف في خلق القيمة المضافة على‬
‫الرغم من مستويات الفقر والهشاشة المتراكمة المبادرة الوطنية منذ عقود‪ ،‬فإن الجهود‬
‫المبذولة من طرف مختلف السلطات مكنت من تقليص ملموس المستوى الفقر بالجهة وبالفعل‬
‫انخفضت نسبة الفقر بالجهة ‪ 2.8‬مرة منتقلة‪ ،‬من ‪ %10.39‬من الساكنة إلى ‪ 14.69‬بين‬
‫‪ 2001‬و ‪ 2014‬ورغم أن هذه النسبة هي األعلى في البلد‪ .‬فإنها تدل على تقليص الالمساواة‬

‫‪ -181‬تقرير التشخيص االستراتيجي لجهة درعة‪-‬تافياللت‪ " ،‬إنجاز التصميم الجهوي إلعداد التراب وبرنامج التنمية الجهوية"‪،‬‬
‫لسنة ‪ ،2020‬الصفحة‪.7‬‬

‫‪68‬‬
‫بين الجهات وتوضح مدى التقدم في محاربة الفقر هذا االنخفاض في مستوى الفقر بالجهة‬
‫يفسره عمل السياسات القطاعية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي مكنت في إقليم ميدلت‬
‫مثال من إنجاز ‪ 243‬مشروعا لمحاربة الفقر في الوسط الشروي بكلفة تعادل ‪313‬مليار درهم‬
‫‪182‬‬
‫ضمنها ‪ 173‬مليار درهم ممولة من طرف المبادرة الوطنية‬
‫التنمية البشرية‪ :‬استمرار عوامل هشاشة الساكنة خصوصا القاطنين بالمناطق الجبلية‬
‫تعرف الجهة مستويات في الفقر والهشاشة هي أعلى بشكل واضح مما هو عليه الحال‬
‫في الجهات األخرى من المملكة‪ .‬هكذا‪ ،‬تحتل الجهة المكانة األخيرة فيما يتعلق بالفقر‬
‫والهشاشة بنسبة ‪ 156‬بالمائة للفقر و‪ 200‬للهشاشة هذا مقابل ‪ 5‬بالمائة و ‪ 1396‬في المعدل‬
‫الوطني‪.‬‬
‫ب‪-‬مرحلة وضع وترتيب األولويات التنموية للجهة‬
‫بعد القيام بتشخيص الحالة الراهنة للجهة والتعرف على نقاط القوة كمؤشرات يجب‬
‫تثمينها ونقط الضعف كمخاطر وتح ديات يجب العمل على تجاوزها وبعد تحديد اإلمكانات‬
‫التي تتوفر عليها الجهة يتم تحديد األولويات الضرورية وترتيبها حسب درجة األهمية وبناء‬
‫على تحليل دقيق للمعطيات واإلحصاءات التي تم جمعها‪ .183‬حيث أبانت التجارب الجهوية‬
‫السابقة أن غياب برمجة قائمة على دراسة دقيقة تحصر األولويات الترابية استنادا إلى‬
‫اإلمكانات المتاحة والمستقبلية يحول دون استغالل األمثل للموارد المالية مما يؤدي إلى عرقلة‬
‫كل جهد تنموي وبالتالي هدر األموال على أمور قد ال تشكل أولوية للسكان أو بتحقيق مشاريع‬
‫تفوق الطاقات المالية المرصودة لذلك‪.184‬‬
‫بمعنى أن مرحلة وضع وترتيب األولويات التنموية بالجهة تقتضي التركيز أوالً على‬
‫دراسة وتقييم الوضع االقتصادي واالجتماعي وما تتوفر عليه الجهة من بنيات تحتية أساسية‪،‬‬
‫وعلى أساس ذلك يتم وضع ورسم األهداف المتعلقة باإلطار العام للتنمية‪ ،‬إذ ال يتحقق ذلك‬
‫إال بوضع التوجهات اإلستراتيجية للدولة‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار المعطيات الواردة في‬
‫التصميم الجهوي إلعداد التراب باعتباره وثيقة أساسية على المستوى الجهوي‪ ،‬والذي يتعين‬

‫‪ -182‬تقرير التشخيص االستراتيجي لجهة درعة ‪-‬تافياللت‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة ‪.9‬‬
‫‪ -183‬خا لد رضى زكي‪ ،‬الحكامة الترابية في ضوء القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ :‬مقاربة للقانون التنظيمي ‪111.14‬‬
‫المتعلق بالجهات‪ ،‬رسالة لنيل الماستر في القانون العام‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2016/2015‬الصفحة ‪.60‬‬
‫‪ -184‬سعيد مزين‪ ،‬الجهة بين التأطير الدستوري‪ ،‬والتفعيل القانوني جهة كلميم وادنون نموذجا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة‬
‫‪.66‬‬

‫‪69‬‬
‫على اإلدارة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية والمقاوالت العمومية االرتكاز على‬
‫مضامينه في إطار برامجها التنموية‪.185‬‬

‫الشكل رقم ‪ :03‬مسلسل التوجهات الترابية على مستوى الجهة‬

‫التوجهات‬
‫اتيج‬
‫االسي ي‬ ‫توجيهات‬
‫مضامي‬
‫برنامج‬ ‫ة للدولة‬ ‫التصميم‬
‫التنمية‬ ‫الجهوي‬
‫الجهوية‬ ‫إلعداد‬

‫المصدر‪ :‬تركيب شخصي‪.‬‬

‫ج‪ -‬مرحلة تحديد وتوطين المشاريع والبرامج واألنشطة ذات األولوية المقرر‬
‫برمجتها وإنجازها بتراب الجهة‬
‫يتعلق األمر في هذه المرحلة بتدقيق «مضمون» برنامج التنمية الجهوية للسنوات الست‬
‫المقبلة‪ .‬في هذه المرحلة تعمل الجهة على تحديد المشاريع واألنشطة ذات األولوية التي سيتم‬
‫إنجازها أو برمجتها داخل تراب الجهة خالل ست سنوات من تنفيذ برنامج التنمية الجهوية‪،‬‬
‫مع األخذ بعين االعتبار لإلمكانيات المالية المتاحة أو التي يمكن تعبئتها أثناء هذه المرحلة‪.186‬‬

‫‪ -185‬صالح فكري‪ ،‬دور برنامج التنمية الجهوية في تحقيق رهان التنمية المستدامة" دراسة حالة جهة مراكش ‪-‬آسفي"‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.52‬‬
‫‪ -186‬ا لمملكة المغربية‪ ،‬وزارة الداخلية‪ ،‬المديرية العامة للجماعات الترابية‪ ،‬دليل منهجي لبرنامج التنمية الجهوية لإلعداد‬
‫والتنفيذ والتتبع والتحيين والتقييم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.33‬‬

‫‪70‬‬
‫د‪ -‬مرحلة تقييم الموارد‬
‫فاالنتقال إلى الجانب العملي واالجرائي في إعداد برنامج التنمية الجهوية يكون على‬
‫أساس تقييم موارد الجهة وتقدير الميزانيات الالزمة لكل مشروع مع معرفة وقع كل‬
‫المشاريع على النفقات التقديرية الخاصة بالسنوات الثالث األولى لبرنامج التنمية‬
‫الجهوية‪.187‬‬
‫ه‪ -‬مرحلة بلورة وثيقة مشروع برنامج التنمية الجهوية‬
‫تكمن هذه المرحلة في استثمار نتائج مسلسل هذه المراحل في وثيقة واضحة ومختصرة‬
‫ووضع تصور لمصفوفة تتبع المشاريع‪ ،‬وتعد هذه المرحلة التي يمر منها إعداد برنامج‬
‫التنمية الجهوية إجراء تمهيدي قبل عرض البرنامج من طرف الرئيس على اللجان الدائمة‬
‫لدراسته داخل أجل ‪ 30‬يوما على األقل قبل تاريخ عقد المجلس للدورة العادية أو االستثنائية‬
‫المخصصة للمصادقة عليه مع منظومة لتتبع المشاريع والبرامج تحدد فيها األهداف المراد‬
‫بلوغها ومؤشرات الفعالية المتعلقة بها‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن مقرر مجلس الجهة المتعلق ببرنامج التنمية الجهوية ال يكون‬
‫قابال لتنفيذ إال بعد التأشير عليه من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية طبقا األحكام المادة‬
‫‪ 188115‬من القانون التنظيمي‪ ،111.14‬كما يقوم رئيس مجلس الجهة بإعداد تقرير سنوي‬
‫لتقييم تنفيذ البرنامج يتضمن على وجه الخصوص بيانات حول نسبة إنجاز المشاريع المبرمجة‬
‫في برنامج التنمية الجهوية مع قياس مؤشرات الفعالية المتعلقة بها باإلضافة إلى اإلمكانات‬
‫المادية المرصودة للمشاريع واإلكراهات المحتملة وكذا اقتراح الحلول الكفيلة بتجاوزها‪،‬‬
‫ويمكن تحيين البرنامج ابتداء من السنة الثالثة ن دخوله حيز التنفيذ وفق نفس المسطرة المتبعة‬
‫في إعداده‪.‬‬
‫وبالتالي وانطالقا مما سبقت اإلشارة إليه يتضح أن الهدف من وضع برنامج التنمية‬
‫الجهوية يكمن أساسا في ضبط وتنسيق وتحقيق التوازن داخل المجال الترابي ‪ ،‬عبر اتخاذ‬
‫مجموعة من التدابير واإلجراءات الميدانية‪ ،‬كما يطمح لتحقيق عملية متكاملة ال تقف عند‬
‫حدود مرحلة االعداد ‪ ،‬بل تتجاوزها إلى مرحلة تنفيذ المشاريع واألنشطة ذات األولوية بهدف‬
‫تحسين جاذبية المجال الترابي وتقوية تنافسيته االقتصادية ‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار‬

‫‪ -187‬سعيد مزين‪ ،‬الجهة بين التأطير الدستوري‪ ،‬والتفعيل القانوني جهة كلميم وادنون نموذجا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة‬
‫‪.67‬‬
‫‪ -188‬المادة ‪ 115‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬المرجع السالف الذكر‪ ،‬تنص على أنه‪" :‬ال تكون مقررات‬
‫المجلس التالية قابلة للتنفيذ إال بعد التأشير عليها من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية داخل أجل ‪ 20‬يوما من تاريخ‬
‫التوصل بها من رئيس المجلس‪ :‬القرار المتعلق ببرنامج التنمية الجهوية‪."...‬‬

‫‪71‬‬
‫اإلمكانيات المادية المتوفرة للجهة‪ ،‬وكذا االلتزامات المتفق بشأنها بين الجهة والجماعات‬
‫الترابية األخرى والمقاوالت العمومية وباقي القطاعات لتحقيق تنمية مستدامة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬دور رئيس مجلس الجهة في إنجاز برامج التنمية الجهوية‬


‫إن تشعب العملية التنموية للجهات المتقدمة يفرض باألساس توفرها على رؤساء ذوي‬
‫كفاءات ومهارات تمكنهم من ممارسة الوظيفة القيادية للجهات‪ .‬فباعتبار رئيس المجلس‬
‫الجهوي مسؤول سياسي ومحرك للتنمية المحلية ومخاطب أساسي للدولة وباقي الجماعات‬
‫وكذا لمختلف الشركاء االقتصاديين للجهة‪ ،‬فهذا يحتم على النخبة المحلية الجمع بين المهارات‬
‫السياسية والتدبيرية والقيادية‪ .189‬لذلك أعطى القانون التنظيمي المتعلق بالجهات ‪111.14‬‬
‫لرئيس مجلس الجهة أحقية االشراف على وضع البرنامج التنموي للجهة خالل السنة األولى‬
‫من انتداب المجلس‪ ،‬وتحدد فيه خالل مدة ست سنوات مختلف األعمال التنموية المقرر‬
‫برمجتها أو إنجازها بتراب الجهة لتحقيق تنمية مستدامة ‪ .190‬وعليه انطالقا من المادة ‪101‬‬
‫من هذا القانون فعملية وضع برنامج التنمية الجهوية تقتضي‪ ،‬تحت اإلشراف الفعلي لرئيس‬
‫المجلس الجهوي‪ ،‬مروره من عدة مراحل انطالقا من مرحلة رسم الخطوط العريضة إلى‬
‫غية مرحلة التنفيذ واألجرأة على أرض الواقع‪ ،‬مع العلم أن مجموعة من المتدخلين يساهمون‬
‫في هذه العمليات‪ ،‬ويمكن جرد مختلف تلك المراحل كما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬وضع البرنامج‬
‫وتعتبر هذه المرحلة أولى المحطات التي يمر منها برنامج التنمية الجهوية تم التنصيص‬
‫عليها في ظل المادة ‪ 83‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‪ 111.14‬التي تشير إلى أن‬
‫مجلس الجهة تحت إشراف رئيسه يقوم بوضع برنامج التنمية الجهوية والذي يضم مجموع‬
‫األعمال التنموية المقرر إنجازها بتراب الجهة داخل غالف زمني محدد في ست سنوات‪،‬‬
‫كما أكدت نفس المادة على النهج التشاركي في صياغة البرنامج وفي تنفيذه‪ ،‬وفي ظل هذه‬
‫المادة فقد ترأس رئيس مجلس جهة درعة‪ -‬تافياللت بتاريخ ‪ 4‬يناير ‪ 2021‬اجتماعا إخباريا‬
‫وتشاوريا في إطار إعداد مشروع برنامج التنمية الجهوية لجهة درعة تافياللت ‪،‬وذلك بالقاعة‬
‫الكبرى لجماعة الرشيدية ‪،‬بحضور والي الجهة والسيدات والسادة أعضاء مجلس الجهة‬
‫ورؤساء اللجان الدائمة ونوابهم وكاتب المجلس ‪،‬فضال عن رؤساء المصالح الالممركزة‬
‫للدولة بالجهة باإلضافة إلى وسائل اإلعالم ‪.‬‬

‫‪ -189‬إبراهيم كومغار‪ ،‬آفاق اإلصالح الجهوي بالمغرب من خالل إشكالية النخب السياسية ( الجهوية في الدول المغاربية أية‬
‫آفاق)‪ ،‬أشغال األيام المغاربية التاسعة للقانون المنظمة من طرف شبكة الحقوقيين المغاربيين)‪ ،‬أيام ‪ 27-26‬أبريل ‪،2013‬‬
‫مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،2014 ،‬الصفحة ‪.82‬‬
‫‪ -190‬المادة ‪ 101‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬السالف الذكر‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫ولقد أشار رئيس مجلس الجهة‪ ،‬في معرض كلمته االفتتاحية ‪،‬أن برنامج التنمية الجهوية‬
‫يحتل أهمية بالغة ‪،‬في وضع الخطوط العريضة لما يجب أن تكون عليه التنمية بالجهة لمدة‬
‫‪ 6‬سنوات ‪ ،‬وهو وثيقة مرجعية لبرمجة المشاريع و األنشطة ذات األولوية المقرر أو المزمع‬
‫إنجازها بتراب الجهة بهدف خلق تنمية مندمجة ومستدامة‪ ،‬تهم على وجه الخصوص تحسين‬
‫جاذبية المجال الترابي للجهة وتقوية تنافسيته االقتصادية واالجتماعية ‪،‬كما أنه سيتم إعداد‬
‫هذا البرنامج بتنسيق مع السيد والي الجهة وذلك وفقا لمنهج تشاركي ومع جميع الشركاء من‬
‫جماعات ترابية ومصالح الممركزة للدولة والمجتمع المدني‪ ،‬وتمر هذه المرحلة بدورها‬
‫على ثالث مراحل أساسية وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬العرض على اللجان الدائمة‬
‫يقوم فيها رئيس المجلس الجهوي بعرض برنامج التنمية الجهوية على اللجان الدائمة‬
‫لدراسته داخل أجل ثالثين يوما على األقل قبل تاريخ عقد المجلس لدورته العادية أو االستثنائية‬
‫‪191‬‬
‫المخصصة للمصادقة عليه‬
‫ب ‪ -‬العرض على المجلس والمصادقة‬
‫إذ يتعين على رئيس المجلس الجهوي أن يقوم في هذه المرحلة بعرض مشروع برنامج‬
‫ال تنمية الجهوية على المجلس قصد اتخاذ مقرر في شأنه‪ ،‬وذلك قبل نهاية السنة األولى من‬
‫مدة االنتداب حيث نص المشرع على ضرورة إرفاق المشروع بتقارير اللجان الدائمة‬
‫ومنظومة تتبع المشاريع والبرامج التي سبقت اإلشارة إليها‪.192‬‬
‫ج‪ -‬التأشير‬
‫بعد أن يقطع برنامج التنمية الجهوية مراحله األولى ويصبح جاهزا ً للتنفيذ‪ ،‬البد من‬
‫التأشير عليه من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية داخل أجل عشرون يوما من تاريخ‬
‫التوصل به من قبل رئيس المجلس‪ .193‬كما نص القانون التنظيمي المتعلق بالجهات (المادة‬
‫‪ 115‬على أنه في حالة عدم اتخاذ أي قرار بخصوص برنامج التنمية الجهوية من طرف‬
‫السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية داخل األجل المحدد يعتبر ذلك تأشير‪ ،‬لكن على المستوى‬
‫العملي تظل برامج التنمية الجهوية بين يدي السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية إلى أن يتم‬
‫التأشير عليها‪ ،‬وفي بعض الحاالت ال يتم رفض التأشير عليها‪ ،‬وهذا ما حصل بالفعل بجهة‬

‫‪ -191‬المادة ‪ 10‬من المرسوم التطبيقي‪ 2.16.299‬المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه‬
‫وتقييمه وآليات الحوار والتشاور إلعداده‪ ،‬صادر في ‪ 23‬رمضان ‪ 29 (1437‬يونيو ‪ ،)2016‬الجريدة الرسمة عدد‬
‫‪ ،6482‬الصادرة بتاريخ ‪ 9‬شوال ‪ 14 ( 1437‬يوليوز ‪ ،)2016‬الصفحة ‪.5341‬‬
‫‪ -192‬المادة ‪ 11‬من المرسوم التطبيقي‪ 2.16.299‬المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه‬
‫وتقييمه وآليات الحوار والتشاور إلعداده‪ ،‬المرجع السالف الذكر‪.‬‬
‫‪ -193‬المادة ‪ 115‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬السالف الذكر‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫درعة‪-‬تافياللت حيث صادق مجلس جهة درعة تافياللت خالل دورته العادية ل ‪ 7‬مارس‬
‫‪ ،2022‬على مشروع برنامج التنمية الجهوية‪ ،‬إال أن هذا المشروع قوبل بالرفض من طرف‬
‫المصالح المركزية التابعة لوزارة الداخلية‪ ،‬حيث رفض والي الجهة التأشير على هذا البرنامج‬
‫حيث استندت الوزارة على كون البرنامج تضمن حالت عدم التطابق بين المشاريع المقترحة‬
‫واألغلفة المالية‪ ،‬األمر الذي جعل مصالح المديرية العامة للجماعات الترابية بوزارة الداخلية‬
‫ترجع البرنامج غير مؤشر‪ ،‬وبذلك يكون المجلس ملزما بإعادة البرنامج إلى مكتب الدراسات‬
‫ا لذي كان قد تم تكليفه من طرف رئيس المجلس بإدخال تعديالت وتحيينه ‪ ،‬من أجل تحيينه‬
‫مرة أخرى وتصحيح األخطاء التي وردت به‪ ،‬وإعادة برمجته في إحدى دورات المجلس من‬
‫أجل إعادة المصادقة على النسخة المعدلة منه‪ ،194‬مما أدى إلى إبطاء مسار التنمية بالجهة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تنفيذ وإقرار البرنامج‬
‫تأتي مرحلة التنفيذ بعد عملية وضع البرنامج التي تبقى من اختصاص رؤساء مجالس‬
‫الجهات‪ ،‬حيث نص الفصل ‪ 138‬من دستور ‪ 2011‬على أن رؤساء مجالس الجهات يقومون‬
‫بتنفيذ مداوالت المجالس ومقرراتها‪ ،‬وهذا ما أكده القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق‬
‫بالجهات في المادة ‪ 101‬منه‪ ،‬قبل أن يتم تأكيد ذلك في المرسوم التطبيقي المتعلق ببرنامج‬
‫التنمية الجهوية‪ 195‬والذي رغم قطعه للعديد من المحطات‪ ،‬تبقى مرحلة التنفيذ هي الحاسمة‬
‫واألساسية‪ ،‬على اعتبار أن أي تخطيط تنموي كيفما كان إن لم تتم بلورته وتجسيده على‬
‫أرض الواقع فال فائدة من وضعه‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تتبع وتقييم تنفيذ البرنامج‬
‫يتعين على رئيس المجلس الجهوي في هذه المرحلة إعداد بيانات يتم تضمينها في تقرير‬
‫سنوي‪ 196‬وتتمحور هذه البيانات حول نسبة إنجاز المشاريع المبرمجة في برنامج التنمية‬
‫الجهوية مع قياس مؤشرات الفعالية المتعلقة بها والمضمنة في منظومة تتبع المشاريع‬
‫والبرامج المشار إليها في المادة ‪ 6‬من المرسوم التطبيقي‪ ،‬واإلمكانيات المادية المرصودة‬
‫للمشاريع والبرامج واإلكراهات المحتملة التي قد تعترض إنجازها مع اقتراح الحلول الكفيلة‬
‫بتجاوزها‪.‬‬

‫‪ -194‬مقابلة مع السيد مدير شؤون الرئاسة بمجلس جهة درعة تافياللت "مصطفى أوردو"‪ ،‬بتاريخ ‪ 08‬يونيو ‪ ،2023‬على‬
‫الساعة ‪ 9‬صباحا‪.‬‬
‫‪ -195‬المادة ‪ 13‬من المرسوم التطبيقي رقم ‪ 2.16.299‬المتعلق ببرنامج التنمية الجهوية‪ ،‬المرجع السالف الذكر‪ ،‬تنص على‬
‫ما يلي‪ :‬عمال بأحكام المادة ‪ 101‬من القانون التنظيمي السالف الذكر رقم ‪ ،111.14‬يتولى رئيس مجلس الجهة تنفيذ برنامج‬
‫التنمية الجهوية عند وضع ميزانية الجهة في الجزء المتعلق بالتجهيز"‪.‬‬
‫‪ -196‬المادة ‪ 14‬من المرسوم التطبيقي رقم ‪ 2.16.299‬المتعلق ببرنامج التنمية الجهوية‪ ،‬السالف الذكر‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫وطبقا للمادتين ‪ 14‬و‪ 15‬من نفس المرسوم التطبيقي المرجعي‪ ،‬يعرض التقرير الخاص‬
‫ببرنامج التنمية الجهوية أوال على اللجان الدائمة إلبداء الرأي حوله داخل أجل ثالثين يوما‬
‫على األقل قبل تاريخ عقد المجلس لدورته العادية أو االستثنائية‪ ،‬وبعد التوصل بنتائج عمل‬
‫تلك اللجان‪ ،‬يقوم المجلس بدراسة تقرير التقييم المتعلق بالبرنامج في أول دورة عادية أو‬
‫استثنائية يعقدها‪ ،‬ويجب تعليق ملخص التقرير السنوي بمقر الجهة‪ ،‬كما يتم نشره بمختلف‬
‫الوسائل الممكنة‪.197‬‬
‫وبالتالي يمكن القول أن التقييم يعد مرحلة أساسية ومهمة في مسلسل برنامج التنمية‬
‫الجهوية‪ ،‬ففيه يمكن لرئيس المجلس الجهوي استدراك بعض النواقص واالختالالت التي قد‬
‫تصيب البرنامج‪ ،‬وهذا ما يبرهن على ضرورة ربط ما تم تخطيطه أوال بالنتائج المترتبة‬
‫عنه‪ ،‬باعتباره عملية ترتكز على مقارنة المتوقع مع ما تم إنجازه في الواقع‪ ،‬مع تبيان أسباب‬
‫النجاح أو اإلخفاق من أجل تدارك األمر وإيجاد الحلول ألجل تحقيق نتائج جيدة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬تحيين البرنامج‬
‫يحظى المجلس الجهوي بصالحية تحيين برنامج التنمية الجهوية ابتداء من دخوله السنة‬
‫الثالثة من التنفيذ عن طريق إتباع نفس مسطرة اإلعداد‪ ،198‬على اعتبار أنه من المحتمل أن‬
‫تظهر للمجلس الجهوي بعض االختالالت خالل مرحلة التقييم‪ ،‬وألجل ذلك يتم العمل على‬
‫تصوي ب واسترداك ما تم إغفاله في المراحل السابقة التي قطعها البرنامج‪ ،‬سواء فيما يتعلق‬
‫بالجوانب التقنية أو غير ذلك‪ ،‬مع إمكانية إدراج مشاريع جديدة نظرا ألهميتها االقتصادية أو‬
‫االجتماعية أو البيئية أو غيرها‪ ،‬وهذا يتطلب توفر رئيس مجلس الجهة على إمكانيات وقدرات‬
‫معرفية تمكنه من القيام بمهامه على أكمل وجه‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة هنا أن الدستور‪ ،‬والقوانين التنظيمية‪ ،‬والمراسيم التطبيقية وباقي‬
‫القوانين ذات الصلة‪ ،‬لم تحدد أي مستوى دراسي معين كشرط لرئاسة المجلس الجهوي أو‬
‫شغل مهمة نائب الرئيس أو ممارسة بعض المهام من طرف مختلف مكونات المجلس‪.199‬علما‬
‫أن تنفيذ برنامج التنمية الجهوية وباقي المخططات التنموية يتطلب تواجد رئيس وباقي‬
‫مكونات المجلس بمميزات معينة أهمها المستوى المعرفي‪ ،‬مع التفرغ التام للعمل بالمجلس‪،‬‬
‫السيما وأن البرنامج ترصد له ميزانيات مالية مهمة تقتضي استيفاء مجموعة من الشروط‬
‫في الرئيس وباقي مكونات المجلس‪ ،‬وأبرزها الشفافية وتحمل المسؤولية بأمانة‪.‬‬

‫‪ -197‬صالح فكري‪ ،‬دور برنامج التنمية الجهوية في تحقيق رهان التنمية المستدامة" دراسة حالة جهة مراكش ‪-‬آسفي"‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.58‬‬
‫‪ -198‬للمادة ‪ 16‬من المرسوم التطبيقي رقم ‪ 2.16.299‬المتعلق ببرنامج التنمية الجهوية‪ ،‬المرجع السالف الذكر‪.‬‬
‫‪ -199‬سعيد جفري‪ ،‬التنظيم الترابي بالمغرب‪ ،‬مطبعة الرشاد سطات‪ ،‬طبعة ‪ ،2018‬الصفحة ‪.27‬‬

‫‪75‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دور رئيس مجلس جهة درعة‪-‬تافياللت في إبرام‬
‫اتفاقيات التعاون والشراكة وأثر ذلك على التنمية‬
‫تلعب اتفاقيات التعاون والشراكة دورا هاما في الدفع بعجلة التنمية في الجهة وتوفير‬
‫مناخ مناسب لالستثمار‪ ،‬بحكم الدور التنموي الذي أصبحت تضطلع به الجهة اقتصاديا‬
‫واجتماعيا وثقافيا ونظرا ألن عملية التنمية هي عملية معقدة يشترك فيها الجميع‪ ،‬فإن المنطق‬
‫يقتضي أن تكثف جهود مختلف الفاعلين والمتدخلين في هذه العملية وعلى رأسهم رئيس‬
‫مجلس الجهة باعتباره الممثل القانوني للجهة‪ ،‬والمسؤول تلبية تطلعات المواطنين وكافة‬
‫الفاعلين االقتصاديين ‪ ،‬وعليه فقبل الحديث عن الدور الذي يلعبه رئيس مجلس جهة درعة‬
‫تافياللت في إبرام هذا النوع من االتفاقيات(الفقرة الثانية) كان لزاما أن نقف في البداية إلى‬
‫دور المجلس تحت إشراف رئيسه والمجهودات المبذولة من طرفه في سبيل التعريف بالجهة‬
‫وجلب الشركاء لها(الفقرة األولى)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التعريف بجهة درعة تافياللت كآلية لتعزيز التعاون والشراكة‬
‫معها‬
‫لقد تبنى مجلس جهة درعة تافياللت منذ تشكيله سنة ‪ 2015‬منهجية التعريف بمؤهالت‬
‫الجهة من أجل تحفي ز الشركاء وحثهم على إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة معه‪ ،‬وبالتالي‬
‫االنفتاح على فرص التنمية واالستثمار لصالح هذه الجهة‪.200‬‬
‫أوال‪ :‬تنظيم زيارات إلى بلدان مختلفة للتعريف بالجهة وجلب شركاء لها‬
‫من أجل االنفتاح على فرص التنمية واالستثمار بالجهة‪ ،‬وتعزيز عالقات التعاون‬
‫والشراكة معها عمل مجلس جهة درعة تافياللت تحت إشراف رئيسها على تنظيم عدة زيارة‬
‫إلى بلدان أجنبية نذكر منها‪:‬‬
‫‪ ‬زيارة وفد يمثل جهة درعة تافياللت لجمهورية فرنسا‪ ،‬في إطار تعزيز فرص االطالع‬
‫على التجارب المتقدمة في مجال السياحة التضامنية‪ ،‬وتوطيد عالقات التعاون الدولي بين‬
‫الجهات المغربية والجهات الفرنسية‪201‬؛‬

‫‪ -200‬مصطفى المغلوت‪ ،‬اإلطار القانوني والتنظيمي لمجلس جهة درعة –تافياللت ورهان االستثمار‪ ،‬ديبلوم لنيل الماستر‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة ابن زهر ‪/‬أكادير‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2020/2019‬الصفحة ‪.168‬‬
‫‪ -201‬نظم وفد من جهة درعة تافياللت برئاسة رئيس المجلس خالل الفترة الممتدة من ‪ 21‬إلى ‪ 26‬يونيو ‪ 2019‬زيارة عمل‬
‫إلى مدينة مارسيليا بالجمهورية الفرنسية‪ ،‬إدارة مجلس جهة درعة تافياللت‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ ‬زيارة وفد يمثل جهة درعة تافياللت لجهة "بافاريا" بدولة ألمانيا‪ ،‬عمال على استثمار‬
‫فرص التعاون الدولي لتعزيز الجاذبية الترابية لجهة درعة تافياللت‪ ،‬وتوطيد العالقة بين‬
‫الجهتين ‪202‬؛‬
‫‪ ‬زيارة وفد يمثل جهة درعة تافياللت لجمهورية التشاد الشقيقة للمشاركة في فعاليات‬
‫الملتقى الدولي الخامس للثقافات الصحراوية بالتشاد‪203‬؛‬
‫‪ ‬زيارة رئيس مجلس جهة درعة تافياللت للديار األمريكية‪204‬؛‬
‫ثانيا‪ :‬التنظيم والمشاركة في الندوات‬
‫لقد عمل مجلس جهة درعة تافياللت على التنظيم والمشاركة في مجموعة من الندوات‬
‫وركز من خاللها على مشروع التعريف بالجهة كمدخل لتعزيز التعاون والشراكة معها‪ ،‬ومن‬
‫هذه الندوات التي شارك فيها المجلس نجد‪:‬‬
‫‪ ‬سلسلة الندوات اإلقليمية التي نظمها مجلس الجهة من أجل التحضير لتنظيم الدورة‬
‫الثامنة للمنتدى الدولي "للسياحة التضامنية والتنمية المستدامة"‪ 205‬؛‬
‫ندوة حول موضوع "األنظمة الواحية التحوالت واألفاق التنموية "‪206‬؛‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬ندوة دولية حول "البعد الحضاري والتنموي للخطارات" ‪207‬؛‬


‫‪ ‬ندوة حول "آفاق االستثمار ومناخ األعمال بدرعة ‪-‬تافياللت"‪208‬؛‬

‫‪ -202‬في إطار تفعيل اتفاقية الشراكة بين مجلس جهة درعة تافياللت ومؤسسة " هانس زايدل ‪ " Hans Seidel‬األلمانية‬
‫والموجهة أساسا نحو تكوين المنتخبين؛ وعمال على استثمار فرص التعاون الدولي لتعزيز الجاذبية الترابية لجهة درعة‪.‬‬
‫تافياللت والمساهمة في توطيد عالقات الصداقة والتعارف مع الشعب األلماني الصديق؛ نظم المجلس زيارة عمل لجهة "‬
‫بافاريا ‪ " Baviere‬بوفد هام يترأسه رئيس الجهة من ‪ 7‬إلى ‪ 13‬أبريل ‪ .2018‬إدارة مجلس جهة درعة تافياللت‪.‬‬
‫‪ -203‬في إطار فعاليات الملتقى الدولي الخامس للثقافات الصحراوية بالتشاد‪ ،‬زار وفد من جهة درعة ‪-‬تافياللت جمهورية‬
‫التشاد الشقيقة‪ ،‬إدارة مجلس جهة درعة تافياللت‪.‬‬
‫‪ -204‬الزيارة التي قام بها رئيس مجلس جهة درعة تافياللت للديار األمريكية‪ ،‬خالل الفترة الممتدة من ‪ 26‬نونبر إلى ‪4‬‬
‫دجنبر ‪ ،2016‬بدعوة من (‪،"MIDWEST AMERICAN DEVELOPMENT ENTREPRISE ( MADE‬‬
‫في إطار البحث عن شراكات نوعية منتجة لحلول مبتكرة من أجل المساهمة في رفع تحديات التنمية بجهة درعة ‪-‬تافياللت‬
‫الغنية بمواردها البشرية والثقافية والطبيعية‪ ،‬إدارة مجلس جهة درعة تافياللت‪.‬‬
‫‪205‬في ظل التحضير لتنظيم الدورة الثامنة للمنتدى الدولي "للسياحة التضامنية والتنمية المستدامة" عمل المجلس على تنظيم‬
‫سلسلة من الندوات اإلقليمية‪ ،‬بأقاليم الجهة الخمس وذلك في شهر يونيو سنة ‪ ، 2019‬وقد أسدل الستار على هذه الندوات‬
‫يوم السبت ‪ 22‬يونيو ‪ ،2019‬إدارة مجلس جهة درعة تافياللت‪.‬‬
‫‪ 206‬الندوة التي نظمها المركز الدولي للدراسات واألبحاث اإلستراتيجية في الحكامة المجالية والتنمية المستدامة بالواحات‬
‫والمناطق الجبلية حول موضوع " األنظمة الواحية التحوالت واألفاق التنموية" ‪ ،‬بورزازات يومه األحد ‪ 19‬يناير ‪2019‬‬
‫‪،‬إدارة مجلس جهة درعة تافياللت‪.‬‬
‫‪ 207‬الندوة الدو لية التي نظمها مركز دراسة وتنمية المجاالت الواحية الصحراوية بالجرف‪ ،‬يومه الثالثاء ‪ 9‬أكتوبر ‪2018‬‬
‫بمقر مجلس جهة درعة ‪-‬تافياللت تحت عنوان "البعد الحضاري والتنموي لخطارات المغرب وأفالج الجزيرة العربية"‪،‬‬
‫وذلك بشراكة مع مجلس جهة درعة ‪-‬تافياللت وعدة شركاء آخرين‪ ،‬إدارة مجلس جهة درعة تافياللت‪.‬‬
‫‪ 208‬شارك فيها أحد نواب رئيس المجلس يوم الجمعة ‪ 20‬ماي ‪ 2016‬باسم المجلس الجهوي‪ ،‬إدارة مجلس جهة درعة‪.‬‬
‫تافياللت‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫ثالثا‪ :‬التنظيم والمشاركة في االجتماعات واللقاءات التشاورية‬
‫عمل مجلس جهة درعة‪-‬تافياللت على التنظيم والمشاركة في االجتماعات واللقاءات‬
‫التشاورية‪ ،‬لتهيئة الظروف المناسبة للنهوض بالتنمية وتشجيع االستثمار بالجهة ومن ذلك‬
‫نذكر‪:209‬‬
‫‪ ‬اجتماع لجنة قيادة برنامج التثمين المستدام للقصور والقصبات بالمغرب؛‬
‫‪ ‬اجتماع اللجنة الوطنية للتحضير للمؤتمر العالمي للسياحة التضامنية‪210‬؛‬
‫‪ ‬اللقاء الذي جمع رئيس الجهة برئيس فرع االتحاد العام لمقاوالت المغرب بدرعة‪-‬‬
‫تافياللت للتباحث في سبل التعاون لتحسين مناخ األعمال بالجهة ‪.211‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة والدور التنموي لرئيس‬
‫مجلس جهة درعة‪-‬تافياللت‬
‫تعتبر الشراكة كما سبقت اإلشارة مصدر توزيع االختصاصات بين المتعاقدين بشأنها‬
‫وإحدى الوسائل التي أصبحت الزمة للتغلب على مشكالت قلة التمويل والخبرات التقنية‬
‫وغيرها المطلوبة لتنفيذ مشاريع التنمية المندمجة والمستدامة‪ .212‬وبهذا يمكن اعتبار أسلوب‬
‫الشراكة أداة بيد مجالس الجهات لترجمة اختياراتها التنموية وإنجاز وظائفها االقتصادية‪،‬‬
‫حيث يمكن للجهات تحت إشراف رؤسائها في اطار االختصاصات المخولة لها أن تبرم مع‬
‫اإلدارات العمومية أو المؤسسات العمومية أو الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة‬
‫اتفاقيات للتعاون والشراكة من أجل إنجاز مشروع أو نشاط ذي فائدة مشتركة ‪ ،‬إذ أنه لتجاوز‬
‫اإلكراهات التي قد تعترض الجهة في تنفيذها الذاتي لسياساتها الترابية والتي غالبا ما تكون‬
‫إما نتيجة لضعف الموارد المالية أو لقلة الخبرة أو لوجود مرافق مشتركة مع جهات أخرى‪،‬‬
‫فإنه يعد من الضروري اللجوء إلى إبرام شراكات وتعاون مع فاعلين آخرين سواء مع القطاع‬
‫العام أو الخاص من أجل تنفيذ سياساتها الترابية‪ ،213‬على اعتبار أن أسلوب الشراكة يشكل‬

‫‪ 209‬مصطفى المغلوت‪ ،‬اإلطار القانوني و التنظيمي لمجلس جهة درعة –تافياللت ورهان االستثمار‪ ،‬مرجع سابق‪.171 ،‬‬
‫‪ 210‬االجتماع الذي انعقد يوم الجمعة ‪ 25‬ماي ‪ 2018‬بمقر مجلس جهة درعة تافياللت تحت رئاسة رئيس الجهة‪ ،‬الخاص‬
‫باللجنة الوطنية للتحضير "للمؤتمر العالمي للسياحة المتضامنية ‪Forum International du Tourisme‬‬
‫‪ " Solidaire‬الذي ينظم تحت إشراف المنظمة العالمية للسياحة‪ ،‬وذلك بحضور المنسق الدولي لهذه التظاهرة العالمية‬
‫‪ Mr.Colombon‬وممثلين عن مختلف الشركاء المعنيين بالتظاهرة‪ ،‬إدارة مجلس جهة درعة‪-‬تافياللت‬
‫‪ 211‬استقبل رئيس الجهة يوم الجمعة ‪ 8‬فبراير ‪ 2019‬بمقر المجلس رئيس فرع درعة ‪-‬تافياللت التحاد مقاوالت المغرب‪،‬من‬
‫أجل التباحث في سبل التعاون لتحسين مناخ األعمال بالجهة ‪،‬إدارة مجلس جهة درعة تافياللت‪.‬‬
‫‪212‬‬
‫‪Khalid regragui, les politiques locales, mémoire pour l'obtention du diplôme du‬‬
‫‪master, université Moulay Ismail faculté des sciences juridiques économiques et‬‬
‫‪sociale , l'année universitére 2010/2011, page 62.‬‬
‫‪213‬‬
‫‪-Mustafa Adil ,démocratie participative et développement locale au Maroc,‬‬
‫‪publication de la revue marocaine d'administration locale et de développement‬‬
‫‪collection « thèmes actuels »,n 73, 2011 page 42.‬‬

‫‪78‬‬
‫كما جاء في القانون التنظيمي ‪ 14/111‬آلية بيد مجالس الجهات ورؤسائها لترجمة اختياراتها‬
‫التنموية وإنجاز وظائفها االقتصادية‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 101‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات نجدها تنص‬
‫على أنه " يقوم رئيس مجلس الجهة بتنفيذ مداوالت المجلس ومقرراته‪ ،‬ويتخذ جميع التدابير‬
‫الالزمة لذلك ولهذا الغرض‪ ... :‬يبرم اتفاقيات التعاون والشراكة والتوأمة طبقا لمقتضيات‬
‫المادة ‪ 82‬من هذا القانون التنظيمي‪ ،"...‬وعليه يتبين من خالل هذه المادة الدور المهم الذي‬
‫أنيط برئيس مجلس الجهة في إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة ‪ ،‬وعلى إثر هذه الصالحية‬
‫المخولة للرئيس على ضوء القانون التنظيمي فقد قام رئيس مجلس جهة درعة – تافياللت‬
‫بإبرام العديد من اتفاقيات الشراكة‪ ،‬حيث أكد السيد "اهرو ابرو"‪ ،‬رئيس مجلس جهة درعة‬
‫تافياللت‪ ،‬في معرض كلمته خالل الدورة العادية لشهر مارس‪ ،‬أن السلطة الحكومية المكلفة‬
‫بالداخلية‪ ،‬أشرت على ما مجموعه ‪ 41‬اتفاقية شراكة‪ ،‬من ضمن ‪ 65‬اتفاقية صادق عليها‬
‫المجلس في دوراته العادية‪ ،‬وهي اآلن قيد التنفيذ مع مختلف الشركاء‪ .‬وأوضح السيد الرئيس‬
‫أيضا‪ ،‬أنه توجد ‪ 13‬اتفاقية شراكة في مراحلها النهائية الستكمال التوقيعات من أجل التأشير‪،‬‬
‫بينما توجد ‪ 11‬اتفاقية في طور التأشير من طرف المصالح المركزية لوزارة الداخلية‪ ،‬تمثل‬
‫نسبة ‪ 17‬في المائة من مجموعة االتفاقيات‪.214‬‬
‫ومن بين هذه االتفاقيات التي تم إبرامها من قبل الرئيس الحالي لمجلس جهة درعة‬
‫تافياللت السيد "أهرو أبرو" من أجل تطوير السياحة بجهة درعة‪-‬تافياللت نجد " اتفاقية‬
‫تمويل وتنفيذ برنامج سياحة الجبال والواحات بجهة درعة تافياللت"‪ 215‬التي سنعمل من‬

‫بوك‪:‬‬ ‫الفايس‬ ‫على‬ ‫درعة‪-‬تافياللت‬ ‫جهة‬ ‫لمجلس‬ ‫الرسمية‬ ‫الصفحة‬ ‫على‬ ‫تدوينة‬ ‫‪214‬‬

‫‪ ، https://www.facebook.com/crdt2?mibextid=ZbWKwL‬تمت الزيارة بتاريخ ‪ 14‬يونيو‪ ،2023‬على‬


‫الساعة ‪.00:40‬‬
‫‪ 215‬وتتمحور المشاريع موضوع هذه االتفاقية حول خلق أقطاب سياحية تنافسية‪ ،‬تروم الرفع من جاذبية هذه الجهة وجعلها‬
‫في مصاف وجهات السياحة الطبيعية المستدامة األكثر إشعاعا على الصعيد الدولي وذلك من خالل‪:‬‬
‫‪-1‬خلق المدارات السياحية الموضوعاتية التالية‪:‬‬
‫‪ ‬المدار السياحي حدائق الواحات بإقليم الرشيدية؛‬
‫‪ ‬المدار السياحي شمس الواحات بإقليم ورززات‬
‫‪ ‬المدار السياحي حصون الواحات بإقليم ميدلت؛‬
‫‪ ‬المدار السياحي واحات وجبال بإقليم تنغير؛‬
‫‪ ‬المدار السياحي واحات االستشفاء بإقليم زاكورة؛‬
‫‪-2‬تأهيل سياحة الضيعات ومدارات تمر المجهول بالواحات؛‬
‫‪ -3‬تطوير التنشيط والترفيه السياحي من خالل تطوير األنشطة الرياضية وحلق مراكز للترفيه تهيئة واعادة تأهيل المواقع‬
‫والبنيات التحتية السياحية‪.‬‬
‫‪-4‬تهيئة وإعادة تأهيل المواقع والبنيات التحتية السياحية؛‬
‫‪-5‬خلق طاقة إيواء أصيلة من خالل إعادة تأهيل القصور والقصبات؛‬
‫‪ -6‬خلق أنشطة سياحية مدرة للدخل في محيط القصور والقصبات؛‬
‫‪-6‬تثمين وإعادة تأهيل اإليواء السياحي؛‬
‫‪ -8‬تعزيز آلية التواصل واإلرشاد السياحي (التشوير السياحي أكشاف لإلعالم السياحي)‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫خالل هذه النقطة على تحليل بعض مضامينها‪ .‬حيث تم عقد هذه االتفاقية من طرف وزارة‬
‫الداخلية ووزارة التربية الوطنية والعليم األولي والرياضة ووزارة السياحة والصناعة التقليدية‬
‫واالقتصاد االجتماعي والتضامني ووزارة الشباب والثقافة والتواصل ووالية جهة درعة‪-‬‬
‫تافياللت ومجلس جهة درعة‪-‬تافياللت‪ ،‬والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر‬
‫األركان والشركة المغربية للهندسة السياحية‪.‬‬
‫وتهدف هذه االتفاقية إلى تحديد التزامات األطراف وسبل وشروط تمويل وتنفيذ‬
‫المشاريع المتعلقة ببرنامج تنمية سياحة الجبال والواحات بجهة درعة‪-‬تافياللت وكذا خلق آلية‬
‫لدعم المقاولة السياحية وتقديم الدعم المالي لتسريع وتيرة تطوير المآوي السياحية البديلة‬
‫واألصلية بالعالم القروي على مستوى جهة درعة‪-‬تافياللت‪.‬‬
‫كما تسعى هذه االتفاقية إلى تحديد سبل تسخير اإلمكانات المادية والمالية والبشرية‬
‫والتقنية للشركاء من أجل تنفيذ المشاريع المدرجة في هذا البرنامج للدفع بالقطاع لسياحي‬
‫ودعم موقعه كأحد أهم روافد التنمية المستدامة بهذه الوجهة‪.‬‬
‫وتقدر التكلفة اإلجمالية التقديرية الالزمة إلنجاز البرنامج المتعلق بتنمية قطاع السياحة‬
‫بالجهة موضوع هذه االتفاقية حوالي ‪ 1.388‬مليار درهم‪ ،‬يتم تمويله عن طريق المساهمات‬
‫المالية للشركاء‪. 216‬‬
‫ومن أجل ضمان التنفيذ األمثل للبرنامج يتفق األطراف على إنجازه في برنامجين‬
‫اثنين‪:217‬‬
‫‪-1‬البرنامج االستعجالي‪ :‬بغالف يناهز ‪ 547‬مليون درهم والممتد من ‪ 2022‬إلى ‪2024‬‬
‫إلنجاز المشاريع التي يتم تحديد أوعيتها العقارية والقابلة للتنفيذ القريب‪.‬‬
‫وتتوزع المساهمات المالية للشركاء من أجل تنفيذ مشاريع البرنامج االستعجالي‬
‫موضوع هـذه االتفاقية كما يلي‪:‬‬
‫الجدول رقم ‪ :01‬البرنامج االستعجالي ‪2024-2022‬‬

‫‪ 216‬المادة ‪ 4‬من اتفاقية تمويل وتنفيذ برنامج تنمية سياحة الجبال والواحات بجهة درعة‪-‬تافياللت‪.‬‬
‫‪ 217‬نفس المادة من اتفاقية تمويل وتنفيذ برنامج تنمية سياحة الجبال والواحات بجهة درعة‪-‬تافياللت‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫المصدر‪ :‬اتفاقية تمويل وتنفيذ برنامج سياحة الجبال والواحات بجهة درعة‪-‬‬
‫تافياللت‪.‬‬

‫‪-2‬البرنامج التكميلي‪ :‬بغالف مالي يناهز ‪ 841‬مليون درهم والممتد من ‪ 2025‬إلى‬


‫‪ 2027‬إلنجاز المشاريع المهيكلة والتي يتطلب إنجازها دراسات الجدوى قبليا مع توفير‬
‫األوعية العقارية الالزمة الحتضانها من طرف المجالس الترابية‪.‬‬
‫وتوزع المساهمات المالية التقديرية للشركاء من أجل تنفيذ مشاريع البرنامج التكميلي‬
‫موضوع هذه االتفاقية كما يلي‪:‬‬
‫الجدول رقم‪ :02‬البرنامج التكميلي‪2027-2025‬‬

‫‪81‬‬
‫المصدر‪ :‬اتفاقية تمويل وتنفيذ برنامج سياحة الجبال والواحات بجهة درعة‪-‬‬
‫تافياللت‬

‫وانطالقا مما سبق فمجلس جهة درعة‪-‬تافياللت تحت إشراف رئيسه يعد صاحب‬
‫المشروع وهو المسؤول عن تنفيذه حسب مضامين هذه االتفاقية‪.‬‬
‫ومن أجل تنفيذ البرنامج موضوع هذه االتفاقية تلتزم األطراف المتعاقدة بإحداث شركة‬
‫التنمية الجهوية السياحية والتي ستوكل لها مهام صاحب المشروع المنتدب خاصة تفعيل‬
‫وتنفيذ مضامين البرنامج موضوع هذه االتفاقية‪ ،‬حيث نقوم بالمهام التالية‪:218‬‬
‫‪ ‬إنجاز بتنسيق مع الجهة والشركة المغربية للهندسة السياحية الدراسات المتعلقة‬
‫بالمشاريع المراد إنجازها موضوع هذه االتفاقية؛‬
‫‪ ‬إعداد دفاتر التحمالت الخاصة بالصفقات المزمع إبرامها إلنجاز األشغال المتعلقة‬
‫بالبرامج المراد إنجازها؛‬
‫‪ ‬استدعاء ممثلي الشركاء لحضور أشغال لجنة افتتاح األظرفة المتعلقة بجميع العمليات‬
‫موضوع هذه االتفاقية؛‬
‫‪ ‬إبرام الصفقات الخاصة بإنجاز الدراسات واألشغال المتعلقة بالمشاريع المراد‬
‫إنجازها؛‬
‫‪ ‬إنجاز الدراسات واألشغال المتعلقة بالمشاريع طبقا للنصوص والتراخيص الالزمة‬
‫على ضوء القوانين الجاري بها العمل؛‬
‫إعداد الوثائق الضرورية للرخص اإلدارية المتعلقة بإنجاز المشاريع؛‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬استدعاء ممثلي الشركاء لحضور أشغال لجن المصادقة على تقارير الدراسات‬
‫المنجزة من طرف مكاتب الدراسات؛‬
‫‪ ‬تتبع أشغال إنجاز المشاريع موضوع هذه االتفاقية ومدى مطابقتها لمواصفات الجودة‬
‫والسالمة طبقا لمقتضيات وبنود الصفقات المتعلقة بالمشروع؛‬
‫‪ ‬المصادقة على األوامر المتعلقة بصرف النفقات الخاصة بتنفيذ المشاريع؛‬
‫‪ ‬إعداد تقارير دورية حول تقدم سير الدراسات واألشغال‪.‬‬
‫وبالتالي وانطالقا مما سبق يتبين الدور الرئيسي الذي يلعبه رئيس مجلس الجهة في‬
‫إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة باعتباره أسلوبا لترجمة االختيارات التنموية للجهة وإنجاز‬
‫وظائفها االقتصادية‪ ،‬وذلك بدراسة حالة جهة درعة‪-‬تافياللت‪ ،‬حيث تبين جليا المساهمة الفعلية‬

‫‪ 218‬المادة ‪ 5‬من اتفاقية تمويل وتنفيذ برنامج سياحة الجبال والواحات بجهة درعة‪-‬تافياللت‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫للرئيس في عقد اتفاقيات التعاون والشراكة مما ينعكس بالفعل على التنمية الجهوية‪ ،‬وتلبية‬
‫أفضل لتطلعات المواطنين والفاعلين االقتصاديين‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حدود أداء رؤساء مجالس الجهات في تدبير‬
‫الشأن العام الجهوي وسبل تحقيق الحكامة الجهوية‬
‫يمكن الجزم بأن المستجدات الدستورية والتنظيمية للجهة تعد مكسبا هاما في تكريس‬
‫البعد الديموقراطي الجهوي‪ ،‬وخاصة المتعلقة بتعزيز صالحيات رؤساء مجالس الجهات‬
‫باعتبارهم األجهزة التنفيذية للمجالس الجهوية‪ ،‬إال أن الواقع العملي أبان على أن دور رؤساء‬
‫مجالس الجهات في تدبير الشأن العام الجهوي يواجه مجموعة من اإلكراهات الواقعية‬
‫والتحديات الكبرى التي تعيق تحقيق النجاعة والفعالية في تنمية التراب الجهوي (المطلب‬
‫األول) ‪ ،‬وهذا ما يستدعي التدخل من أجل تجويد وتطوير مستوى أداء هذه المؤسسة‪ ،‬وكذلك‬
‫انفتاح هذه األخيرة على األنماط الجديدة للتدبير واعتماد الحكامة كأسلوب لقيادة الجهة فمعلوم‬
‫أن أسباب إخفاق أي مؤسسة يرجع باألساس إلى سوء التدبير الذي يطبع أجهزتها التسييرية‪،‬‬
‫واال رتكاز على األساليب الكالسيكية التي أصبحت متجاوزة في ظل سيادة الفكر الليبرالي‬
‫الجديد الذي يتأسس على الجودة والمردودية واإلنتاجية‪ ،‬لذلك فقد بات من الضروري إدخال‬
‫وسائل التدبير العصري التي ترتكز على تكريس مبادئ الحكامة الترابية وتتأسس على إسناد‬
‫مهمة تسيير الشأن العام الجهوي لمن بوسعهم خلق نموذج جديد للتدبير(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬معيقات عمل رؤساء مجالس الجهات‬


‫رغم وضع نصوص قانونية تدعم رؤساء مجالس الجهات بصالحيات واسعة وأدوار‬
‫ومهام مهمة في سبيل تحقيق التنمية الجهوية إال أن هذا غير كافي لضمان الحصيلة‪ ،‬نظرا‬
‫لوجود مجموعة من اإلكراهات والعوائق التي تحد من مجهود وعمل هذه المؤسسة‪ ،‬التي قد‬
‫تكون ذات طابع إداري وسياسي مرتبطة بشروط العمل (الفقرة األولى)‪ ،‬وقد تكون ذات طابع‬
‫مالي وبشري (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اإلكراهات ذات الطابع اإلداري والسياسي‬
‫إن صالحيات رئيس مجلس الجهة تبقى محدودة فرغم تمتيعه باختصاصات جديدة طبقا‬
‫للقانون التنظيمي ‪ ،111.14‬إال أنها قليلة تغيب عنها سلطة التقرير ويطبعها تقليص هامش‬
‫التدخل والمبادرة في غالب األحيان فأزمة الشأن الجهوي بالمغرب تعكسها هيمنة المراقبة‬
‫اإلدارية باألساس على حساب البعد التنموي الجهوي(أوال)‪ ،‬ضف إلى ذلك أن مسؤولية‬
‫الرئيس في تسيير المجلس وإدارة الجلسات ليست باألمر الهين ‪ ،‬فمجالس الجهات ظلت تشكو‬
‫وتكشف على مر التجارب على مظاهر الخلل والتسربات التي تشكل تبذيرا للطاقات سواء‬
‫بفعل الصراعات السياسية والشخصية الضيقة أو بفعل عدم توزيع المسؤوليات(ثانيا)‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫أوال‪ :‬ممثل السلطة المركزية وممثل الساكنة التوازن الصعب بين الرقابة‬
‫والحرية (حالة جهة درعة‪-‬تافياللت)‬
‫إذا كانت الوصاية باعتبارها آلية لمراقبة عمل الهيئات الالمركزية تتمثل في مجموعة‬
‫من الصالحيات التي منحها المشرع للسلطة اإلدارية الترابية لمراقبة أعمال المجالس المنتخبة‬
‫بغية تحقيق مشروعية أعمالها‪ ،‬وعدم تعارضها مع المصلحة العامة‪ ،‬وتأمين انسجامها مع‬
‫التوجهات الوطنية‪ ،‬حيث ينصب دور الجهة الوصية على سلطة األمر والتقرير‪ ،‬فإن المراقبة‬
‫اإلدارية التي منح المشرع الدستوري في الفقرة الثانية من الفصل ‪ 145‬من الدستور صالحية‬
‫ممارستها للوالة والعمال على أنشطة الوحدات الترابية وخصوصا الجهات تنطوي على التأكد‬
‫من كون أن هذه الوحدات تسير وفق النمط المحدد في االختصاصات المخولة لها عبر آلية‬
‫التأشيرة عوض المصادقة‪ .‬فالمراقبة اإلدارية تتمثل في مجموعة من التصرفات القانونية التي‬
‫يقوم بها ممثلي السلطة المركزية‪ ،‬من أجل تصحيح الوضعية القانونية وفق ما يحدده‬
‫القانون‪.219‬‬
‫إال أنه ما يثير االنتباه في هذا اإلطار هو استمرار سلطة المراقبة ‪ ،‬في اإلشراف على‬
‫الملفات االستراتيجية للمجالس المنتخبة تحت إشراف رؤسائها‪ ،‬والتي الزالت إمكانية نفادها‬
‫خاضعة لتأشيرة سلطة المراقبة اإلدارية‪ ،‬وهو ما ذهب إليه المشرع في المادة ‪ 115‬من‬
‫القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‪ ،‬وبالنظر إلى مضمون هذه المادة فأهم المقررات‬
‫وخصوصا منها ذات الطابع المالي أو التدبيري السيادي فقد حرصت على أن تكون لسلطة‬
‫المراقبة الكلمة الفصل في كل ما يرتبط بالتدبير المالي للجهات‪ ،‬وهذا ما يضرب في العمق‬
‫مضمون التدبير الحر المنصوص عليه في المادة ‪ 136‬من دستور‪ ، 2011‬وهذا ما يشكل في‬
‫حد ذاته إحدى معيقات نجاح السياسة الجهوية‪ ،‬زيادة على ذلك فالترسانة القانونية الخاصة‬
‫بتنزيل مشروع الجهوية المتقدمة لم تُستكمل إال في أواخر سنة ‪ ،2016‬األمر الذي أثر نسبيا‬
‫على تفعيل مجموعة من المقتضيات الواردة في القانون من بينها االختصاص الذي منح‬
‫للمجالس الجهوية في إعداد برامج التنمية االقتصادية واالجتماعية بالجهات فعملية مواكبة‬
‫وإعداد هذه البرامج تأثرت بسياسة الالتركيز في الدولة‪ ،‬إذ رغم إعداد المجالس للمخططات‬
‫الجهوية إال أنها أصبحت بدون تأثير‪ ،‬على اعتبار أن معظم المشاريع التي تمت برمجتها‬
‫على مستوى الجهات ذات ارتباط مباشر بتمثيليات الوزارات في الجهات‪ ،‬مما يجعلها ال‬

‫‪ 219‬عبد الرحيم المحجوبي‪ ،‬الثابت والمتغير في عالقة الوالة والعمال بالمنتخبين بين الوثيقة الدستورية والقوانين التنظيمية‪،‬‬
‫مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬عدد ‪ ،22‬سنة ‪ ،2018‬الصفحة ‪.278‬‬

‫‪85‬‬
‫تمتلك صالحيات مهمة فيما يخص مواكبة المجالس الجهوية لمختلف المشاريع التي تهم‬
‫القطاعات الحكومية‪.220‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك فقد حدد المشرع المغربي العديد من الضمانات للمجلس والتي من‬
‫شأنها أن تحد من تجاوز سلطة المراقبة اإلدارية المخولة لوالي الجهة‪ .‬تتمثل هذه الضمانات‬
‫أساسا في تحديد الفترة الزمنية الممنوحة لهذا األخير إلبداء تعرضه أوال‪ ،‬وفي ضبط المدة‬
‫الالزمة إلصدار التأشيرة الخاصة بتنفيذ المقررات الصادرة عن المجلس الجهوي ثانيا‪ .‬في‬
‫هذا المجال‪ ،‬فإن المشرع ألزم والي الجهة بضرورة تبليغ تعرضه لرئيس المجلس الجهوي‬
‫مع تقديم تعليله على ذلك في ظرف زمني محدد في ثالثة أيام من أيام العمل ابتداء من تاريخ‬
‫التوصل بالقرار حسب منطوق المادة ‪ 114‬من القانون التنظيمي للجهات‪.‬‬

‫فالتنصيص على فترة الثالثة أيام تعتبر شيئا إيجابيا للحد من التماطل وتجاوز السلطة‬
‫التق ديرية الممنوحة للسلطة الحكومية المعنية باألمر لكن تبقى مسألة التعليل مبهمة وغير‬
‫واضحة في هذا اإلطار‪ ،‬حيث لم تحدد المقتضيات القانونية في هذا الصدد نوعية وكيفية‬
‫التبرير الذي يتوجب على والي الجهة تقديمه لرئيس المجلس الجهوي‪ .‬إال إن هذا الوضع‬
‫يتطلب تدخل المشرع والسلطة الحكومية المختصة لتقديم التوضيحات والمقتضيات المحددة‬
‫والمفسرة لحيثيات وبناءات التعليل المنصوص عليه‪.‬‬
‫أما بخصوص إصدار التأشيرة الخاصة بتنفيذ المقررات التي يتبناها المجلس الجهوي‪،‬‬
‫فإن المادة ‪ 115‬من القانون التنظيمي للجهات ألزمت السلطة الحكومية بضرورة إبداء رأيها‬
‫خالل فترة العشرين يوما الموالية لتاريخ التوصل ‪1‬بها‪ .‬أما في حالة تجاوز هذه الفترة‪ ،‬فإن‬
‫األمر يعتبر وكأن المقرر مؤشر عليه تلقائيا وقابل للتنفيذ بشكل صحيح وشرعي‪.‬‬
‫أما بالنسبة لتقييم هذه المراقبة القبلية‪ ،‬فنجد هناك من ينتقدها ويعتبرها نوعا من المس‬
‫بمبدأ التدبير الحر المنصوص عليه في دستور سنة ‪ ،221 2011‬وفي القسم الثامن من القانون‬
‫التنظيمي رقم ‪ 111-14‬الخاص بالجهات‪ .‬إنها تشكل نوعا من التقييد على مقررات المجلس‬
‫وقرارات الرئيس‪ ،‬والذي إن كان ال يعني وفقا لالجتهادات الفقهية والقضائية «حرية التحكم»‬
‫وال «حرية السلطة التنظيمية» فإن مع ذلك يقتضي تمتع الجهات تحت إشراف رؤسائها‬
‫بحرية التصرف‪ ،‬وهو ما يستوجب توفرها على قدرة حقيقية التخاذ القرار تسمح لها بتسيير‬
‫شؤونها‪ ،‬وكذا على اختصاصات كافية من أجل الحفاظ على حرية حركتها‪ 222‬في نفس‬

‫‪ 220‬سيدي األشكل‪ ،‬السياسات الجهوية بالمغرب بين رهانات الفاعلين وإكراهات التنزيل‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬عدد ‪152‬ن ماي‪-‬يونيو ‪ ،2020‬الصفحة‪.204‬‬
‫‪ 221‬ينظر للفصلين ‪136‬و‪ 146‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.2011‬‬
‫‪ 222‬عبد الحق عالوي‪ ،‬مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية وإعداد التراب في ضوء دستور ‪ ،2011‬المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،115‬مارس‪-‬أبريل ‪ ،2014‬الصفحة ‪.152‬‬

‫‪86‬‬
‫اإلطار‪ ،‬فإن القضاء الدستوري الفرنسي‪ ،‬منع على المشرع من أي مقتضيات أو تقييد على‬
‫المبدأ‪ ،‬وبالتالي فإن هذا األخير يعتمد كضمانة من أجل الحيلولة دون أي محاوالت من طرف‬
‫المشرع إلعادة المركزية والتراجع عن الالمركزية ‪ .‬لهذا السبب‪ ،‬فإننا نؤكد على أنه البد‬
‫من ضبط وتحديد صالحيات واختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالمراقبة اإلدارية على‬
‫أعمال ومقررات المجالس الجهوية‪ ،‬وذلك بشكل واضح ومدقق الشيء الذي يمكن معه خلق‬
‫نوع من االنسجام والتوافق بين مبدأ التدبير الحر وقواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بحسن‬
‫‪223‬‬
‫تطبيقه‬
‫وبالتالي وانطالقا مما سبق فإلى جانب تقوية الدور التدخلي للسلطة المركزية ولممثلها‬
‫في تدبير ملفات االستثمار المحلي‪ ،‬فإنها تتكفل بأدوار أخرى تجعلها حاضرة بقوة في مختلف‬
‫مستويات التدبير الجهوي‪ ،‬ذلك أن استبدال الوصاية بالمراقبة اإلدارية ال يعني القطع مع‬
‫رقابة المالءمة‪ ،‬بحكم اشتراط التأشير المسبق على مختلف العمليات المرتبطة بتدبير التنمية‬
‫الترابية وفي مقدمتها القرارات ذات الوقع المالي ومساطر الموازنة المحلية‪ ،‬األمر الذي‬
‫يؤشر على هيمنة السلطة المركزية بشكل تام على آليات إعداد الميزانية وتنفيذها واعتماد‬
‫منهجية غير ديموقراطية على هذا المستوى التدبيري لشؤون الجهة‪.224‬‬
‫ويمتد التأشير المسبق إلى مختلف آليات التخطيط والتدبير كبرامج التنمية الجهوية‬
‫والتصاميم الجهوية إلعداد التراب وتعيين مديري المصالح والوكاالت الجهوية لتنفيذ‬
‫المشاريع وواضح أن األمر ال يتعلق بمراقبة المشروعية بل بمراقبة مالءمة حقيقية تهدد‬
‫بإفراغ مبدأ التدبير الحر من محتواه وباستمرار ممارسات الوصاية اإلدارية التي تعتبر‬
‫المجالس الجهوية تحت إشراف رؤسائها قاصرة عن التكفل بشؤونها الخاصة‪ ،225‬وغير‬
‫قادرة على التصرف في مواردها وخاصة المالية منها وتوظيفها بما يخدم المصلحة العامة‪،‬‬
‫األمر الذي يتنافى مع الشرط الالزم للديموقراطية المحلية الذي يعني منح حرية للجهات في‬
‫تدبير مواردها‪ 226‬خصوصا وأن هذه التقييدات غالبا ما يتم التوسع فيها وفق تأويل ضيق‬
‫لمساطر المراقبة اإلدارية بشكل ال يراعي المقتضيات الدستورية‪ ،‬التي تحث على ربطها‬
‫بمواكبة رؤساء المجالس الجهوية ومساعدتهم في إنجاح تدخالتها التنموية‪.227‬‬

‫‪ 223‬محمد أوالد الحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.193‬‬


‫‪ 224‬عبد العلي عدنان‪ ،‬مقاربة دستورية لحدود ومضمون مبدأ التدبير الحر الجهة نموذجا‪ ،‬المجلة المغربية للقانون اإلداري‬
‫والعلوم اإلدارية‪ ،‬عدد مزدوج‪ ،3-2‬سنة ‪ ،2017‬الصفحة ‪.157‬‬
‫‪225‬‬
‫‪Abderrahmane Zanane, Le contrôle administratif des collectivités territoriale, in,‬‬
‫‪Amal Mecherfi (Dir): Le droit constitutionnel des collectivités territoriales: Etudes‬‬
‫‪comparées, Imp El Maarif Al Jadida Rabat, 2015, page 204.‬‬
‫‪226‬‬
‫‪Samir Zine El Alaoui, La décentralisation entraine-t-elle des comportements‬‬
‫‪stratégiques entre les collectivités locales au Maroc?, op. cit. page,111.‬‬
‫‪ 227‬عبد الر فيع زعنون‪ ،‬تدبير التنمية الترابية وسؤال الديموقراطية‪ :‬الفرص والمخاطر‪ ،‬منشورات مركز تكامل للدراسات‬
‫واألبحاث‪ ،‬مطبعة قرطبة أكادير‪ ،‬سنة ‪ ،2020‬الصفحة ‪.138‬‬

‫‪87‬‬
‫وقياسا على ما سبق فهذا الوضع هو ما شهدته ميزانية جهة درعة‪-‬تافياللت لسنة‪،2018‬‬
‫إذ أأن وزارة الداخلية بلغت رئيس الجهة يوم ‪ 12‬يناير ‪ 2018‬الميزانية مؤشر عليها مع‬
‫خصم االعتمادات المخصصة لتغطية جانب من منح طلبة الجهة وذلك تنزيال لالتفاقية التي‬
‫صادق عليها مجلس الجهة سابقا‪ ،‬مما عرضها للمس بمبدأ توازن الميزانية كمبدأ أساسي‬
‫كرسه القانون التنظيمي للجهات في مادته ‪ ،167‬واعتبره عنصرا أساسيا تتدخل من خالله‬
‫سلطة التأشير لرفض الميزانية وطلب القراءة الثانية‪ ،‬السيما وأن مبدأ توازن الميزانية يظل‬
‫مرتبطا بشكل وثيق بمبدأ صدقيتها‪ .‬وبما أن واقع الحال‪ ،‬يعبر عن تجاوز سلطة التأشير‬
‫لمجال تدخلها‪ ،‬والمتمثلة حدوده في التأشير على الميزانية الجهوية لجهة درعة‪-‬تافياللت أو‬
‫رفضها مع تعليل األسباب‪ ،‬وإرجاعها للمجلس من أجل القراءة الثانية‪ ،‬انسجاما مع مقتضيات‬
‫المادة ‪ 202‬و ‪ 204‬من القانون التنظيمي‪ ،‬دون أن تتعدى ذلك إلى التصرف في االعتمادات‬
‫المقررة بالميزانية سواء بالزيادة أو النقصان أو الحذف‪ .‬وهو ما وقع على مستوى ميزانية‬
‫جهة درعة تافياللت لسنة ‪ 2018‬فإن ذلك وإن لم يكن خطئا ماديا وقع سهوا‪ ،‬فإنه يعكس‬
‫نوعا من المس باالستقالل المالي لجهة درعة تافياللت من خالل التصرف في ميزانيتها دون‬
‫مراعاة اختصاصات مجلسها وصالحيات رئيسها وبالتالي المس بسلطة تدبيرها لميزانيتها‬
‫كعنصر أساسي من حرية تدبيرها لشؤونها‪.228‬‬
‫مما يجعل هذه الحالة‪ ،‬تشكل سابقة في التعاطي مع قضايا الجهات من قبل وزارة‬
‫الداخلية‪ ،‬بالنظر للتطورات القانونية التي عززت استقاللية مجالس الجهات عن الدولة وظيفيا‬
‫ومؤسساتيا وماليا بعد بني الجهوية المتقدمة‪ .‬ذلك أن حذفها العتمادات بحجم ‪ 12‬مليون درهم‬
‫من ميزانية جهة درعة‪ -‬تافياللت لسنة ‪ ،2018‬كانت مخصصة التفاقية تربطها بوزارة التعليم‬
‫العالي‪ ،‬في إطار االختصاصات المشتركة دون الرجوع لمجلس الجهة لطلب القراءة الثانية‬
‫كما أشارت لذلك المادة ‪ ،204‬وكذلك بالتأشير على الميزانية وحذف جزء منها دون سند‬
‫قانوني مما جعلها غير متوازنة‪ ،‬كلها إشارات تعبر عن الشطط في استعمال السلطة من قبل‬
‫سلطة التأشير‪ ،‬خاصة في ظل غياب أي نص قانوني يجيز لها التصرف في الميزانية بعيدا‬
‫عن رغبات ومقررات مجلس جهة درعة تافياللت مما يكون فيه الطعن أمام القضاء اإلداري‬
‫حول هذا التصرف ممكنا والزما‪ ،‬حفاظا على سلطة الجهة في تقرير مقرراتها وبالتالي‬
‫ضمان حرية تدبيرها لشؤونها‪.‬‬
‫والمالحظ أنه في حالة تمسك سلطة التأشير بعملها هذا‪ ،‬هو أحقية رئيس مجلس جهة‬
‫درعة‪ -‬تافياللت في اللجوء للقضاء اإلداري‪ ،‬بغية الطعن في تصرف سلطة التأشير الذي لم‬
‫يحترم مقتضيات القانون التنظيمي للجهات السالفة الذكر‪ ،‬مما سيكون سابقة مهمة في اللجوء‬
‫إلى القضاء اإلداري للفصل في النزاعات ذات الصلة بالميزانية‪ ،‬والتي حاول المشرع في‬

‫‪ 228‬محمد علي لطيف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.133‬‬

‫‪88‬‬
‫العديد من الجوانب حمايتها من شطط سلطة التأشير‪ .229‬إال أنه رغم هذا الخرق الواضح‬
‫لمقتضيات القانون التنظيمي ‪111.14‬المتعلق بالجهات من طرف سلطة التأشير إال أن رئيس‬
‫مجلس جهة درعة تافياللت لم يلجأ للقضاء لحل هذه المسألة مما يزيد بحد ذاته من تعسف‬
‫سلطة التأشير‪.230‬‬
‫وعليه انطالقا مما سبق يتضح أن رغم ما عمل عليه المشرع المغربي من خالل القانون‬
‫التنظيمي ‪ ،111.14‬فيما يخص التخفيف من وطأة وثقل الرقابة اإلدارية للوالي‪ ،‬حيث أكد‬
‫وزير الداخلية أنه تم االنتقال بالمراقبة من الوصاية والمراقبة القبلية إلى المواكبة والمراقبة‬
‫البعدية‪ ،‬والتي تصب حصريا في جانب المشروعية عوض المالءمة التي كانت في السابق‪،‬‬
‫وأنه تم إسناد كل النزاعات في هذا الباب إلى القضاء‪ ،231‬فإن اإلبقاء على سلطة الحلول‬
‫ومنحها للوالي‪ ،‬وإطالق يده للمراقبة من خالل تخويله إمكانية وقف تنفيذ القرارات ومقررات‬
‫المجلس وسلطة التأشير‪ ،‬يكرس التفاوت والتراتبية في الصالحيات لفائدة اإلدارة على حساب‬
‫رئيس مجلس الجهة وهذا ما عكسته التجربة العملية التي شهدتها ميزانية جهة درعة ‪-‬تافياللت‬
‫لسنة ‪ 2018‬كما سبقت اإلشارة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلكراهات السياسية (حالة جهة كلميم‪-‬وادنون)‬


‫إن طبيعة تركيبة المجلس الجهوي من ألوان سياسية وانتماء قبلي ووضعيات األشخاص‬
‫االعتبارية‪ ،‬تجعل تسيير المجلس أمر جد حساس‪ ،232‬فنجاح رئيس المجلس الجهوي في أداء‬
‫وظيفة التسيير غالبا ما يصطدم بالمناخ السياسي الذي يؤطر مدة االنتداب الجهوي‪ ،‬فالمجالس‬
‫الجهوية شأنها شأن باقي مجالس الجماعات الترابية األخرى تعرف تفشيا لصراعات عديدة‬
‫ال تكون في خدمة أهداف المجلس وال الصالح العام‪ ،‬إنما تكون في خدمة المصالح الشخصية‬
‫والجماعية للجماعات المتصارعة‪ ،‬وإذا كان من المفروض أن يظهر التعاون والتنافس بين‬
‫األحزاب السياسية المشكلة للمجالس الجهوية في تحقيق البرامج المستهدفة‪ ،‬فإن هذا في الغلب‬
‫ال يظهر بل تظهر برامج فردية توجه المجلس لخدمة أهدافها الخاصة والشخصية‪ ،‬وهو ما‬
‫يؤدي إلى إعاقة البنية التنظيمية للمجالس وعدم تحقيق األهداف المرجوة منها‪.‬‬

‫‪ 229‬محمد علي لطيف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.135‬‬


‫‪ 230‬مقابلة مع السيد مدير شؤون الرئاسة بمجلس جهة درعة تافياللت "مصطفى أوردو"‪ ،‬بتاريخ ‪ 15‬يونيو ‪ ،2023‬على‬
‫الساعة ‪ 10‬صباحا‪ ،‬حيث أكد أنه لم يسبق لجهة درعة‪-‬تافياللت أن أحالت قضية من هذا الصنف على القضاء‪.‬‬
‫‪ 231‬تقرير لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة حول مشروع قانون تنظيمي رقم‪ 111.14‬المتعلق‬
‫بالجهات‪ ،‬دورة أبريل ‪ ،2015‬السنة التشريعية الرابعة‪ ،2015/2014‬الوالية التشريعية التاسعة ‪.2016/2011‬‬
‫‪ 232‬عبدهللا شنفار‪ ،‬الفاعلون المحليون والسياسات العمومية المحلية دراسة في القرار المحلي‪ ،‬مطبوعات المعرفة‪ ،‬مراكش‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،2015‬الصفحة ‪.160‬‬

‫‪89‬‬
‫وفي هذا السياق كتب األستاذ "عبد الرحيم بوعيدة"‪ 233‬وهو يقدم حصيلة سنة من ترأسه‬
‫لمجلس جهة كلميم‪-‬وادنون‪... " :‬هذه السنة مرت بكل ألوان الصراعات والخالفات والدسائس‬
‫والمؤامرات‪ ،‬ومن سوء طالعي أنني حديث العهد بهذا العالم الذي يسمونه السياسة‪ ،‬لذا تاهت‬
‫الصورة أحيانا كثيرة عني ووجدت نفسي أتخبط بين قوانين متعثرة تؤخر عمل األغلبية‬
‫ومعارضة تعارض كل شيء وأوله وجودي نفسه على رأس الجهة وكأنني مجرد مغتصب‬
‫قانوني لحقوق كان من األولى أن تكون آلخرين غيري‪...‬لم أستوعب في بداية األمر وظننته‬
‫مؤقتا طالما سيزول مع الوقت‪ ،‬لكن األمر كان عكس التوقعات‪ ،‬الضغط يزداد ‪ ،‬والمقاومة‬
‫تشتد والمؤامرات تحاك حتى يتم إضعاف اإلرادة ضنا منهم أن االنسحاب سهل وأن جذا‬
‫‪234‬‬
‫األسلوب من الممكن أن يجعل مني مجرد حائط قصير يمكن القفز من فوقه بسهولة‪"...‬‬
‫ويقول كذلك "‪ ...‬الدولة يجب أن نفهمها كمؤسسات ‪ ،‬الدولة غير مرتبطة باألشخاص‪،‬‬
‫أحيانا أشعر أنني أصارع طواحين الهواء‪ ،‬وأحيانا أيضا أشعر أنني ال أفهم في السياسة ولكن‬
‫هناك أمور إلى اآلن تبدو غامضة‪...‬وأنا كنت على يقين بأن القدوم من كرسي الجامعة إلى‬
‫كرسي الجهة ليس نزهة في حديقة‪ ،‬وإنما هو امتحان صعب ‪ ،‬أكيد أننا متفقون أنه ال توجد‬
‫أخالق داخل السياسة ‪ ،‬وإن كنا نطمع من خالل تجربتنا المتواضعة على أن ندخل نوع من‬
‫ال تخليق داخل الحياة السياسية حتى نستطيع أن نرقى بالعمل السياسي داخل دولتنا وداخل‬
‫جهتنا ‪ ،‬وأن نطور آليات االشتغال التي أصبحت آليات متهالكة وبنخب متهالكة أصبحت‬
‫كذلك جزء من المشكل وليست جزء من الحل‪."...‬‬
‫وبالتالي يتضح جليا أن البرود السياسي وعدم الحماس شيء سلبي‪ ،‬وهي فائدة تسجل‬
‫للصراع واالختالف الذي يؤدي إلى توجيه دور المجلس وخلق التوازن وكشف وجهات النظر‬
‫األخرى‪ ،‬إال أنه متى كان الصراع مبنيا على حسابات شخصية أو حزبية ضيقة‪ ،‬ضاعت‬
‫األمانة‪ ،‬والمصلحة العامة‪ ،‬وتبددت الثقة بين المواطن وممثليه‪ ،‬وتقع التنمية الجهوية وما‬
‫تتطلبه من تكاثف الطاقات والجهود وجمع المجهودات وتحقيق الخصوصيات الجهوية‪ ،‬رهينة‬
‫الحزبية والذاتية‪ ،235‬وبالتالي طغيان العقلية النفعية غير المنتجة‪ ،‬والتهافت على المصالح‬

‫‪233‬عبد الرحيم بوعيدة‪ ،‬سياسي مغربي ورئيس سابق لجهة كلميم وادنون في الفترة الممتدة بين نوفمبر ‪2015‬إلى يوليوز‬
‫‪ ،2019‬ولد سنة ‪ 1966‬بجماعة لقصابي القروية التابعة للنفوذ الترابي إلقليم كلميم‪ ،‬حصل على شهادة الباكالوريا آداب‬
‫عصرية بكلميم سنة‪ ،1986‬حاصل على شهادة اإلجازة في الحقوق ‪ ،1990‬وشهادة الدراسات العليا في القانون المدني‬
‫سنة ‪ ، 1991‬ودكتوراه الدولة في الحقوق بكلية الحقوق بعين شمس بالعاصمة المصرية القاهرة ‪ ،‬ويشتغل حاليا أستاذ‬
‫جامعي بكلية الحقوق بمراكش‪ ،‬ويدير مجموعة األبحاث والدراسات الجنائية والحكامة األمنية‪ ،‬ومنسقا لماستر العلوم‬
‫الجنائية واألمنية بنفس الكلية بمراكش‪.‬‬
‫‪ 234‬تدوينة لألستاذ" عبد الرحيم بوعيدة" رئيس جهة كلميم‪-‬وادنون على صفحتنه الرسمية على الفايس بوك‬
‫‪ ، https://www.facebook.com/D.bouaida?mibextid=ZbWKwL‬تمت الزيارة بتاريخ ‪ 14‬يونيو‬
‫‪ ،2023‬على الساعة الثانية زواال‪.‬‬
‫‪ 235‬إدريس جردان‪ ،‬دور العنصر البشري في تنمية الجماعات المحلية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة‬
‫محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أكدال‪ -‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2002-2001‬الصفحة‬
‫‪.153‬‬

‫‪90‬‬
‫والصراعات السياسية‪ ،‬وينتج عن ذلك عدم التجانس بين مكونات المجالس الجهوية واتسامها‬
‫بطابع التطاحنات السياسية والتعصب الحزبي ‪ ،‬ما يؤدي إلى عدم تشكيل أغلبية متجانسة‬
‫منسجمة وقادرة على تسيير الشؤون المحلية بروح المسؤولية الجماعية بما يخدم في النهاية‬
‫المصلحة العامة للمواطنين‪.236‬‬
‫وقياسا على ذلك يمكن ذكر حالة توقيف ميزانية جهة كلميم ‪-‬وادنون بسبب الصراع‬
‫السياسي ما بين األغلبية والمعارضة مما أدى إلى التأخر في إحالة مشروع الميزانية على‬
‫سلطة التأشير في اآلجال المحددة‪ ،‬وتتلخص أحداث هذه الواقعة أن مجلس جهة كلميم وادنون‬
‫في دورته العادية يوم ‪ 11‬أكتوبر ‪ 2017‬بحضور جميع أعضائه ووالي الجهة وعمال أقاليم‬
‫الجهة وممثلين عن المص الح الالممركزة بالجهة‪ ،‬قد كان من بين النقط المعروضة على‬
‫أنظاره ضمن جدول أعمال هذه الدورة الدراسة والمصادقة على مشروع ميزانية الجهة برسم‬
‫السنة المالية ‪ .2018‬هذه األخيرة التي توخى المجلس تحت إشراف رئيسه من خاللها وضع‬
‫الموازنة بين المداخيل والنفقات مع العمل على ترشيد هذه األخيرة (‪ 48.7‬مليون درهم مقابل‬
‫‪ 60‬مليون درهم‪ .‬سنة‪ ،)2017‬مقابل الرفع من ميزانية التجهيز (‪ 324.7‬مليون درهم مقابل‬
‫‪ 240.3‬مليون درهم سنة ‪ )2017‬وذلك للوفاء بالتزامات الجهة تجاه شركاتها ومسايرة‬
‫مختلف األوراش التنموية المفتوحة بالجهة‪.237‬‬
‫غير أن النقاش الذي أثارته المعارضة حول مشروع ميزانية ‪ 2018‬هو أن مسطرة‬
‫المصادقة على الميزانية لم تحترم اعتبارا لكون لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة لم‬
‫تعقد اجتماعها لدراسة مشروع الميزانية حيث أشار عضو من المعارضة أن وفاة رئيس هذه‬
‫اللجنة مؤخرا ال تزول مهام نائب الرئيس‪ ،‬مضيفا إلى ضرورة استحضار مقتضيات المادة‬
‫‪ 31‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‪ ،‬والتي تنص على ضرورة عرض النقط المدرجة‬
‫في جدول أعمال المجلس لزوما على اللجان الدائمة المختصة لدراستها‪ ،‬هذه األخيرة التي‬
‫جعلت المعارضة تتشبت بتطبيق مقتضيات هذه المادة وعدم مناقشة مشروع ميزانية ‪2018‬‬
‫وعرضها على التصويت وهو ما تم فعال حيث تم عرض مشروع الميزانية للتصويت حيث‬
‫وافق عليه ‪ 15‬عضوا من أصل ‪ 39‬في حين امتنع ‪ 21‬عضوا عن التصويت‪ .‬واعتبر رئيس‬
‫المجلس أن مشروع الميزانية قد صودق عليه من قبل المجلس‪. 238‬‬
‫غير أن عدم أخذ رئيس المجلس بمالحظات أعضاء المجلس‪ ،‬عجل بعرض النزاع على‬
‫ابتدائية أكادير اإلدارية حيث طعن فريق المعارضة بمجلس جهة كلميم‪-‬وادنون في قرار‬

‫‪ 236‬يوسف خنفور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.115‬‬


‫‪ 237‬محضر اجتماع مجلس جهة كلميم وادنون المتعقد في دورته العادية لشهر أكتوبر ‪.2017‬‬
‫‪ 238‬محضر اجتماع مجلس جهة كلميم وادنون المتعقد في دورته العادية لشهر أكتوبر ‪.2017‬‬

‫‪91‬‬
‫اعتماد ميزانية الجهة لسنة ‪ ،2018‬بمقتضى طلب إليقاف تنفيذ هذه األخيرة هذا الطلب الذي‬
‫استند على ما يلي‪:239‬‬
‫‪ o‬خرق مقتضيات المادة ‪ 198‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات التي تنص صراحة‬
‫على وجوب عرض الميزانية على لجنة الميزانية والبرمجة والشؤون المالية داخل أجل ‪10‬‬
‫أيام قبل تاريخ انعقاد الدورة المتعلقة باعتماد الميزانية؛‬
‫‪ o‬عدم احترام مقتضيات المرسوم رقم ‪ 2.16.314240‬الذي جاء تطبيقا لمقتضيات المادة‬
‫‪ 198‬من ال قانون التنظيمي المتعلق بالجهات حيث تمسكت المعارضة بعدم تطبيق الرئيس‬
‫لمقتضيات هذه المادة من خالل عدم إرفاق مشروع الميزانية بالوثائق والبيانات التفصيلية‬
‫التي نص عليها هذا المرسوم؛‬
‫‪ o‬خرق مقتضيات المادة ‪ 199‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات حيث أن تشبت‬
‫المعارضة بتطبيق مقتضيات المادة ‪ 31‬من القانون التنظيمي للجهات حال دون إعمال‬
‫مقتضيات المادة ‪ 199‬التي تنص على وجوب التصويت على المداخيل قبل التصويت على‬
‫النفقات‪...‬‬
‫‪ o‬الفهم الخاطئ لمقتضيات المادة ‪ 115‬من القانون التنظيمي‪ ،‬إذ أن عدم اتخاذ السلطة‬
‫الحكومية المكلفة بالداخلية ألي قرار في شأن مقرر مجلس الجهة المتعلق بالميزانية داخل‬
‫األجل المحدد قانونا‪ ،‬ال يمكن أن تعتبر معه الميزانية بمثابة مؤشر عليها‪ ،‬على اعتبار أن‬
‫المشرع من خالل هذه المادة لم يقصد الميزانية الفاسدة الخارقة للقانون‪ ،‬بل يتكلم على‬
‫الميزانية التي وقع نقاشها واتخاذ قرار المجلس فيها‪ ،‬أما إذا كان المجلس في أغلبيته لم يناقش‬
‫تلك النقطة وطالب بتطبيق مقتضيات المادة ‪ 31‬من القانون التنظيمي‪ ،‬فإنه بذلك ال يمكن‬
‫الركون إلى مقتضيات المادة ‪ ،115‬باإلضافة إلى أن والي الجهة كان قد وجه استسفارا إلى‬
‫رئيس المجلس في إطار ممارسته للمراقبة اإلدارية‪ ،‬يطالبه بمآل قرار المجلس حول المادة‬
‫أعاله‪.‬‬
‫وفي إطار إجابته على دفوعات المدعي‪ ،‬قام رئيس جهة كلميم وادنون بتقديم مذكرة‬
‫جوابية عن طريق محاميه إلى السيد رئيس المحكمة اإلدارية بأكادير طالب من خاللها رفض‬
‫طلب المعارضة المتمثل في إيقاف تنفيذ ميزانية جهة كلميم وادنون لسنة ‪ 2018‬على اعتبار‬
‫ان هذا الطلب ال يرتكزعلى أي أساس قانوني وواقعي‪ ،‬حيث أثار ما يلي‪:241‬‬
‫‪ -1‬في الدفع بعدم القبول‬

‫‪ 239‬المقال االفتتاحي المداع من طرف محامي فريق المعارضة لدى رئيس المحكمة اإلدارية بأكادير‪.‬‬
‫‪ 240‬المرسوم رقم ‪ 2.16.314‬الصادر بتاريخ ‪ 23‬رمضان ‪ )29( 1437‬يونيو ‪ 2016‬بتحديد قائمة الوثائق الواجب‬
‫إرفاقها بميزانية الحية المعروضة على لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة جريدة رسمية عدد ‪ 6482‬بتاريخ ‪ 9‬شوال‬
‫‪ )14( 1437‬يوليوز ‪ ،)2016‬الصفحة ‪.5462‬‬
‫‪ 241‬مذكرة جوابية لدفاع رئيس جهة كلميم وادنون موجهة لرئيس المحكمة االبتدائية بأكادير‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫‪ o‬فوات أجل الطعن‪ ،‬حيث أن تاريخ انعقاد دورة المجلس للمصادقة على مقرر الميزانية‬
‫كان بتاريخ ‪ 2‬أكتوبر ‪ ،2017‬في حين أن العارض لم يتقدم بدعوى اإللغاء إال بتاريخ ‪19‬‬
‫يناير ‪ . 2018‬أي بعد فوات أجل الطعن المحدد قانونا‪ ،‬مما ينبغي الحكم معه بعدم قبول‬
‫الدعوى؛‬
‫‪ o‬في انعدام الصفة‪ ،‬حيث تمسك المدعى عليه بكون المادة ‪ 114‬من القانون التنظيمي‬
‫حصرت صفة التقاضي ضد مقررات الجهة في السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية لوحدها‬
‫ودون غيرها‪ ،‬األمر الذي يفقد معه المدعي صفة التقاضي مما استوجب الحكم بعدم القبول‬
‫في تعارض المصالح والتنافي‪ ،‬حيث أن المدعي قام بتوكيل محامي هو عضو بالجهة وحضر‬
‫دورة المجلس محل النزاع‪ ،‬وهو ما يتعارض مع مهنة المحاماة وقانون المسطرة المدنية‬
‫والنظام الداخ لي لهيئة المحامين بأكادير‪ ،‬إذ ال يجوز للمحامي أن ينوب لصالحه كلما كان‬
‫طرفا رئيسيا وأن مآل الدعاوى التي يتقدم بها عدم القبول وبالرغم من تنازله عن النيابة فهذا‬
‫األخير ال يمكن أن يصحح هذا اإلخالل الشكلي‪ ،‬مما يستوجب الحكم بعدم القبول؛‬
‫‪ o‬في مخالفة مقتضيات المادة ‪ 239‬و‪ 240‬من القانون التنظيمي للجهات‪ ،‬حيث تشبت‬
‫المدعى عليه بعدم قبول الدعوى نظرا لكون المدعي لم يقدم مذكرة للوالي ولم يقدم ما يفيد‬
‫حصوله على وصل التقاضي من والي الجهة أو انتظار مرور األجل المنصوص عليه في‬
‫المادة ‪ ،240‬حيث أن هذا االجراء الشكلي يعتبر إجراء قبليا وسابقا يتعين احترامه وسلوكه‬
‫قبل تقديم الدعوى‪ ،‬مما يتناسب معه الحكم بعدم القبول؛‬
‫‪ o‬في عدم إدخال السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية أو من يمثلها في الدعوى‪ ،‬حيث أن‬
‫المدعي وجه الدعوى ضد العارض دون إدخال السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية في شخص‬
‫وزير الداخلية أو وزير المالية والخازن العام للمملكة خاصة أن األمر يتعلق بتنفيذ الميزانية‪،‬‬
‫كما أن المدعي وجه دعواه بحضور والي الجهة والحال أن قانون المسطرة المدنية المغربي‬
‫ليس فيه مصطلح "بحضور" فضال على أن المدعي لم يحدد وضعية الوالي في الدعوى رغم‬
‫انه طرف أساسي ويهمه األمر بصفته ممثال للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية والساهر على‬
‫المراقبة اإلدارية والقانونية للجهة‪ ،‬مما يجعل الدعوى مختلة شكال ويستوجب الحكم بعدم‬
‫قبولها؛‬
‫‪ o‬في عدم قابلية قرار العارض لإليقاف وال حتى لإللغاء‪ ،‬على اعتبار أن المادة ‪101‬‬
‫تمنح رئيس الجهة تنفيذ مقررات الدورة المتخذة من طرف المجلس‪ ،‬وبالتالي كان على‬
‫المدعي أو دفاعه أن يطعن ضد مقرر رئيس المجلس بالمصادقة على الميزانية ويطالب إثر‬
‫ذلك بإيقاف تنفيذ هذا المقرر‪ ،‬وأمام غياب ذلك فإن مسطرة تنفيذ مقرر الميزانية المتخذة من‬
‫طرف العارض ال يمكن إيقافها طبقا لمقتضيات الفقرة األخيرة من المادة ‪ 114‬مما يجعل‬
‫قرار العارض ال يقبل إيقاف التنفيذ وطلب المدعي والعدم سيان مما يتناسب معه الحكم بعدم‬
‫القبول؛‬
‫‪ -2‬في الموضوع‪:‬‬
‫أ‪ -‬في انعدام موجبات وعناصر طلب اإليقاف‪:‬‬

‫‪93‬‬
‫‪ o‬حيث دفع العارض بكون طلب إيقاف التنفيذ الذي قدمه المدعي ال يتوفر فيه كل من‬
‫عنصر االستعجال وجدية الوسائل المعتمدة في دعوى اإللغاء‪ ،‬حيث يتبين أنه خال من أية‬
‫إشارة أو بيان أو تفصيل لهذه العناصر وذلك بإبراز وتحديد األضرار التي يمكن أن تمس‬
‫مصالحه ويصعب تداركها مستقبال؛‬
‫في انعدام مبررات اإليقاف‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫حيث دفع العارض بكون المدعي بنى ادعاءه على أسباب غير قائمة لمحاولة إلغاء مقرر‬
‫اتخذ بشكل قانوني وديمقراطي داخل الجهة على اعتبار أن ما يطالب به المدعي سيؤدي ال‬
‫محالة إلى عرقلة تسيير مؤسسة دستورية وإلى وقف أدائها ألقساط ديونها المبرمجة في هذه‬
‫الميزانية لفائدة مؤسسات القروض التي تتعامل داخل أجل استحقاقها وهو ما سيلحق بالجهة‬
‫أضرارا بليغة إضافية تمس ماليتها والتدبير السليم للمال العام‪ ،‬باإلضافة إلى أن طلب المدعي‬
‫سيؤدي إلى عدم وفاء الجهة بالتزاماتها تجاه شركاتها في إطار برنامج التنمية الجهوية‬
‫‪ 2020-2016‬الذي أشرف على انطالقته الملك والذي تعلق عليه الساكنة انتظارات كبيرة‪.‬‬

‫وبعد جلستين لالستماع إلى أطراف النزاع‪ ،‬أصدرت المحكمة اإلدارية حكمها عدد ‪293‬‬
‫بتاريخ ‪ 27/02/2018‬في الملف عدد ‪ 173/7106/2018‬القاضي بإيقاف تنفيذ قرار مجلس‬
‫جهة كلميم‪-‬وادنون بختم واعتماد ميزانية الجهة لسنة ‪ 2018‬المؤرخ في ‪29/12/2017‬‬
‫والمؤشر عليه من طرف رئيس المجلس بتاريخ ‪ 02/02/2018‬مع ما يترتب عن ذلك قانونا‬
‫من آثار وذلك إلى حين البت نهائيا في دعوى الموضوع مع التصريح بأن هذا الحكم مشمول‬
‫بالنفاذ المعجل بقوة القانون‪ ،‬وقد استندت المحكمة في حكمها هذا على أن رئيس مجلس جهة‬
‫كلميم‪-‬وادنون قد ضمن نقطة مشروع ميزانية ‪ 2018‬ضمن جدول أعمال دورة المجلس دون‬
‫أن يستدعي اللجنة المكلفة بالميزانية لالجتماع والتدارس‪ ،‬وهو ما يشكل خرقا لمقتضيات‬
‫المادة ‪ 198‬من القانون التنظيمي رقم ‪ ،111.14‬باإلضافة إلى خرق مقتضيات المادة ‪199‬‬
‫من نفس القانون من خالل عدم التصويت على المداخيل قبل النفقات‪ ،‬كما أن تسجيالت الجلسة‬
‫أكدت عدم مناقشة الميزانية من طرف أعضاء المجلس في ظل تشبثهم بتطبيق مقتضيات‬
‫المادة ‪ 31‬من القانون التنظيمي رقم ‪ .111.14.‬كما أكدت ذلك مراسلة السيد الوالي‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى أن االستناد إلى مقتضيات المادة ‪ 115‬من القانون التنظيمي العتماد الميزانية هو فهم‬
‫خاطئ للقانون‪ ،‬على اعتبار أن عدم اتخاذ السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية ألي قرار في‬
‫شأن مقرر مجلس الجهة خالل أجل ‪ 20‬يوما‪ ،‬تصبح معه الميزانية مؤشر علها‪ ،‬إذ أن هذه‬
‫المقتضيات تطبق على الميزانية التي تمت دراستها واتخذ بشأنها قرار من المجلس‪ ،‬وليس‬
‫على ميزانية مخالفة للقانون ولم يتم مناقشتها أو صدور قرار من طرف المجلس بشأنها ‪.242‬‬

‫‪ 242‬حكم عدد ‪ 293‬بتاريخ ‪ ،2018/02/27‬ملف عدد ‪ ،2018/7106/173‬المحكمة اإلدارية بأكادير‪ ،‬حكم غير منشور‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫هذا الحكم االبتدائي كان محل طعن باالستئناف من طرف رئيس جهة كلميم وادنون‪،‬‬
‫بتاريخ ‪ 01/03/2018‬أمام محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش‪ .‬هذا الطعن صدر فيه قرار‬
‫رقم ‪ 765‬بتاريخ ‪ 03/05/2018‬والذي قضى بتأييد الحكم االبتدائي‪ .‬وقد جاء في تعليل‬
‫القرار واألسس التي اعتمد عليها " ‪ ...‬وحيث ثبت من وثائق الملف أن القرار المطلوب‬
‫إيقاف تنفيذه صادر عن السيد رئيس مجلس جهة كلميم وادنون بتاريخ ‪ 02/01/2018‬باعتماد‬
‫ميزانية الجهة لسنة ‪ 2018‬حسب األرقام اإلجمالية الواردة به‪ ،‬وأن طالب إيقاف تنفيذه يؤسس‬
‫طعنه في القرار المذكور حسبما جاء بعريضة الطعن باإللغاء على خرق مقتضيات القانون‬
‫المتعلق بالجهات فيما يتعلق منه بعدم عرض مشروع الميزانية على لجنة الميزانية للمناقشة‬
‫واالطالع طبقا للمادة ‪ 31‬منه‪ ،‬وبتجاوز رئيس الجهة العتراض السيد والي الجهة على ذلك‬
‫طبقا للمادة‪ 113‬وتطبيق رئيس الجهة الخاطئ لمقتضيات الفقرة األخيرة من المادة ‪115‬‬
‫لعدم وجود ما يفيد عرض مشروع الميزانية على السلطة الحكومية‪ ،‬وقد ثبت أن طالب إيقاف‬
‫التنفيذ يستدل في طعنه بمذكرة وبمراسلتين صادرة عن السيد والي الجهة بشأن ميزانية الجهة‬
‫برسم ‪ ، 2018‬الشيء الذي قدرت معه المحكمة من ظاهر وسائل الطعن وتلك المستندات‬
‫استناد الطلب إلى عنصر االستعجال الضروري والكافي إلعمال االستثناء المقرر لوقف‬
‫القرارات اإلدارية وذلك بهدف تالفي خلق وضعية يتعذر تداركها في حالة تنفيذ القرار خاصة‬
‫وقد ثبت مراسلة رئيس الجهة للخازن العام من أجل تنفيذ القرار‪ ،‬فضال عن توفر وسائل‬
‫على درجة من الجدية تبرر االستجابة لطلب إيقاف التنفيذ وبالتالي يكون ما انتهى إليه الحكم‬
‫المستأنف في هذا الصدد مؤسسا وحريا بالتأييد‪.243‬‬
‫ومن خالل الحكمين االبتدائي واالستئنافي‪ ،‬يالحظ أن هناك فهما خاطنا لمقتضيات‬
‫القانون التنظيمي المتعلق بالجهات خاصة المادة ‪ 31‬والمادة ‪ 115‬والمادة ‪ 198‬وهو األمر‬
‫الذي نبه له السيد والي الجهة في مراسلته لرئيس المجلس الجهوي‪ .‬هذه األسباب كلها أدت‬
‫إلى إيقاف تنفيذ ميزانية جهة كلميم وادنون والتي يمكن اعتبارها أسباب قانونية بالدرجة‬
‫األولى‪ ،‬قبل أن تكون مسألة صراعات سياسية بين مختلف الفرقاء السياسيين المكونة لهذا‬
‫المجلس الجهوي‪.244‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلكراهات البشرية‬


‫رغم ما تم التنصيص عليه في القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‪ 111.14‬من توسيع‬
‫وتعزيز لصالحيات رئيس المجلس الجهوي ‪ ،‬ومهما بلغ مستواه العلمي‪ ،‬فإنه لن يستطيع‬
‫االشتغال لوحده‪ ،‬بل من الضروري وجود موارد بشرية مهمة ومؤهلة تساعد هذه المؤسسة‬

‫‪ 243‬قرار رقم ‪ 765‬بتاريخ ‪ 03/05/2018‬ملف رقم ‪ 2018-7214490‬وضم له الملف رقم ‪،2018-7214517‬‬


‫محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش غير منشور‪.‬‬
‫‪ 244‬محمد علي لطيف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.132‬‬

‫‪95‬‬
‫في القيام باألعمال المنوطة بها من أجل تدبير أفضل للشأن العام الجهوي من منتخبين‬
‫وموظفين‪ ،‬إال أن ما تم تسجيله على مستوى الجهات هو ضعف ومحدودية هذه العناصر‬
‫البشرية المساعدة لرئيس مجلس الجهة ‪ ،‬من حيث التأطير‪ ،‬كما أنها تعاني من جملة من‬
‫االكراهات التي تحول دون بلوغ أهدافها كاملة‪.‬‬
‫‪-1‬إشكالية المنتخبين‬

‫ال شك أن االختصاصات الواسعة والمهمة التي أصبحت تتمتع بها المجالس الترابية‬
‫عموما والجهوية على وجه التحديد‪ ،‬تعكس بوضوح جسامة المسؤوليات التي وضعها المشرع‬
‫على عاتقها‪ .‬والمجالس الجهوية تحت إشراف رؤسائها أصبحت مدعوة بقوة إلى المشاركة‬
‫إلى جانب الدولة والقطاع الخاص في تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،245‬غير أن‬
‫تحقيق هذه التنمية يتطلب باإلضافة إلى الموارد المالية‪ ،‬التوفر على عناصر بشرية مؤهلة‬
‫وفعالة‪ ،‬ويتعلق األمر بالمنتخبين الجهويين المنتمين لمختلف التشكيالت السياسية الممثلة‬
‫للمشهد السياسي المغربي‪ ..‬وهو ما يلقي المسؤولية على عاتق األحزاب في تأطير وتكوين‬
‫مفاصلها وتعبئتهم لتحمل مسؤولية تمثيل السكان‪ ،‬وكذا انسجام برامجها السياسية مع التطلعات‬
‫االقتصادية والسياسية للساكنة إال أن تقييم التجربة الجهوية على هذا المستوى تؤكد بالملموس‬
‫ضعف التأطير السياسي ومحدودية التكليف العملي والمعرفي‪ 246‬للمنتخبين الجهويين مما‬
‫ينعكس سلبا على أداء رئيس مجلس الجهة‪ ،‬وينعكس على األداء العام للجهة‪ ،‬ويجعل نتائج‬
‫الممارسة الجهوية جد محدودة‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد صرح األستاذ "عبد الرحيم بوعيدة"رئيس مجلس جهة كلميم وادنون‬
‫سابقا في مداخلة له بمجلس المستشارين سنة ‪ 2017‬بما يلي‪ ...":‬هناك إشكاالت حقيقية تتعلق‬
‫بنا نحن كفاعلين سياسيين‪ ،‬وأقولها وبصراحة مشروع الجهوية في المغرب سيفشل إذا لم‬
‫يكن هناك تأهيل للنخب السياسية و أظن على أن هذه مسؤولية الدولة ومسؤولية األحزاب‬
‫السياسية‪ ،‬إلى اآلن لم تفهم األحزاب ‪ ،‬ولم تفهم النخب السياسية التي تمارس إلى اآلن الشأن‬
‫المحلي وأنا منها االستراتيجية الحقيقية لهذا المشروع وهذا يحيلني على دراسة أعطتها وزارة‬

‫‪ 245‬فاطمة مزروع‪ ،‬اإلدارة الالمركزية بالمغرب‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ،2003‬الصفحة‬
‫‪.299‬‬
‫‪ 246‬من بين ما يؤخذ على القانون التنظيمي للجهات خلوه من أي مقضى يحدد المستوى التعليمي المطلوب للتشريح لرئاسة‬
‫المجلس الجهوي أو لمنصب نواب الرئيس‪ ،‬حيث اكتفى من خالل مادته ‪ 13‬على أن الترشيح لمنصب رئيس مجلس الجهة‬
‫يقتصر على أعضاء والعضوات المرتبون على رأس لوائح الترشيح والذين يزاولون ولو بصفة مؤقتة مهام المحاسبون‬
‫العمومين الذين يرتبط نشاطهم مباشرة بالجهة المعنية‪ ،‬المادة (‪ )16‬في حين نصت المادة ‪ 17‬على الحاالت التي تتنافى‬
‫معها مهام رئيس مجلس الجهة أو نائبه ويتعلق األمر بمهام رئيس أو نائب مجلس جماعة ترابية أخرى أو مهام رئيس أو‬
‫نائب رئيس غرفة مهنية أو مهام رئيس مجلس و نائب رئيس مجلس مقاطعة‪ ،‬كما ال يجوز وفقا لنفس المادة الجمع بين‬
‫رئاسة مجلس الجهة وصفة العضوية في الحكومة أو في مجلس النواب أو مجلس المستشارين أو المجلس االقتصادي‬
‫واالجتماعي والبيئي أو الهيئة العليا لالتصال السمعي البصري ‪(..‬المادة ‪ )72‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق‬
‫بالجهات‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫الداخلية‪ ،‬وهي أرقام مخيفة‪ ،‬وتجعلني أضع يدي على المستقبل وعلى نجاح أو فشل هذا‬
‫المشروع عندما نقرأ هذه الدراسة بتمعن‪ ،‬ونجد على أن أكثر من‪ 9562‬رئيس ومستشار أو‬
‫ممارس داخل المجالس الترابية ال يحملون الشهادة االبتدائية‪ ،‬هذا يعطينا تصور على مستقبل‬
‫المغرب وعلى راهنية هذا التصور إلى اآلن‪"...‬‬
‫ومن خالل هذا التصريح يتضح أن أهم اإلشكاالت والعراقيل التي تواجه رؤساء‬
‫المجالس الجهوية والتي تحول دون تحقيق التنمية الجهوية هي عدم تأهيل النخب السياسية‬
‫سواء منها الرؤساء أو أعضاء المجلس بصفة عامة بسبب ضعف تأطيرهم السياسي‬
‫ومحدودية تكوينهم العلمي والمعرفي‪.‬‬
‫وفي غياب اإللمام والمعرفة الالزمين لهذه الفئة بخصوص بعض المجاالت التنموية‬
‫األساسية والحيوية‪ ،‬كمجال التعمير وإعداد التراب والفالحة والتنمية القروية والتدبير المالي‬
‫والمحاسبي إذ أنه البد للمنتخب الجهوي أن يعي دوره جيدا كمسؤول ومقررا في شؤون‬
‫الجهة ومخططا لبرامجها‪ ،‬وهو ما يجعله مدعوا الستغالل جميع الممكنات التدبيرية لالرتقاء‬
‫بجهته‪ ،‬والقيام بدوره على الوجه الصائب والمطلوب لكن قبل ذلك وجب التأكيد على أن‬
‫تحقيق ال مركزية حقيقة قائمة على جهوية متقدمة‪ .‬يتوقف بالدرجة األولى على ضرورة‬
‫تمتيع المنتخب الجهوي بحد مقبول من المستوى الثقافي والتكوين مما يسمح له بالمشاركة‬
‫الفعلية والبناء في تدبير الشؤون الجهوية‪ .‬وعلى هذا األساس بات من الضروري الرفع من‬
‫المستوى التعليمي للمنتخب الراغب في الترشيح لتولي القضايا الجهوية بما يليق بالتمثيلية‬
‫الجهوية ويعطيا مكانة مشرفة كما تعتقد في نفس السياق أن اعتماد نمط االقتراع المباشر‬
‫بالنسبة للمنتخبين الجهويين بموجب دستور ‪ 2011‬والذي كان أحد أبرز التوصيات المهمة‬
‫التي انتهى إليها تقرير اللجنة االستشارية حول الجهوية باعتبار أهميته في تجسيد الشرعية‬
‫المحلية يعد خطوة محمودة وشجاعة من طرف المشرع من شأنها تطوير سياسة الجهوية في‬
‫أفق بلوغ جهوية متقدمة قادرة على النهوض التنموي بالمجال المحلي عموما والجهوي‬
‫خصوصا‪.247‬‬
‫إشكالية الموظف الجهوي‬
‫إن ما يقف أيضا حجرة عثرة أمام قيام رئيس المجلس الجهوي بمهامه نجد ضعف‬
‫المستوى التكويني للموظفين الجهويين‪ ،‬فأغلب الموظفين التابعين للجماعات الترابية عامة‪،‬‬
‫وللجهات خاصة تنتمي إلى األطر الصغرى والمتوسطة مما ينعكس سلبا على التدبير‬

‫‪ 247‬خالد هيدان‪ ،‬الجهة وإشكالية الموازنة بين البعد التنموي والبيئي بالمغرب "دراسة تحليلية على ضوء القانون التنظيم‬
‫يرقم ‪ ،"111.14‬منشورات مجلة مسارات‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2022‬الصفحة ‪.92‬‬

‫‪97‬‬
‫الجهوي‪ ،‬فقلة الخبرة لديهم في إدارة الشؤون الجهوية تجعلهم غير قادرين على مواكبة‬
‫التطورات الحاصلة في المجال التدبيري للجهات‪.248‬‬
‫إذ أن ممارسة رئيس مجلس الجهة لصالحياته خاصة ما يتعلق منها بوضع برنامج‬
‫التنمية الجهوية وإعداد التصميم الجهوي إلعداد التراب وإعداد تصميم النقل داخل الدائرة‬
‫الترابية للجهة وغيرها‪ ،‬يقتضي مده بجهاز إداري مؤهل‪ ،‬إذ ال يمكن النهوض بالجهوية‬
‫كورش في غياب إدارة متضمنة لعنصر بشري كفء وفعال كفيل ببلورة تصورات رئيس‬
‫المجلس الجهوي وترجمتها على أرض الواقع‪ ،‬ذلك أن الرئيس ليس خبيرا بل هو فقط يعبر‬
‫عن رؤيا معينة لدى تلزمه اإلدارة التي تفعل تلك الرؤيا على أرض الواقع‪.249‬‬
‫غير أن الواقع يكشف عن اختالالت عدة تعرفها اإلدارة الجهوية‪ ،‬من ذلك عدم إخراج‬
‫القانون األساسي لموظفي الجماعات الترابية الشيء الذي ساهم بشكل أو بآخر في تدهور‬
‫الوضعية المادية واالجتماعية لهذه الفئة من الموظفين‪ ،‬وإذا كان المشرع من خالل المقتضيات‬
‫التنظيمية للجهة قد عمل على تنظيم الوضعية اإلدارية والوظيفية للبعض منهم خاصة بالنسبة‬
‫إلى المدير العام للمصالح ومدير شؤون الرئاسة والمجلس ورؤساء األقسام ومدير وكالة‬
‫تنفيذ المشاريع‪ ،‬فإن الوضعية اإلدارية لما تبقى من العاملين بالجهة‪ ،‬ال زالت تفتقد إلى نظام‬
‫قانوني للوظيفة العمومية الجهوية يكون بمثابة اإلطار المرجعي لتنظيم حقوق وواجبات هذه‬
‫الفئة من الموظفين واألعوان‪.‬‬
‫ومن االختالالت أيضا تلك التي تهم التخطيط االستراتيجي والتنظيم اإلداري على‬
‫مستوى المجالس الجهوية والمتمثل في عدم تمكن بعض المجالس من وضع هيكل تنظيمي‬
‫لإلدارة محدد ومصادق عليه‪ ،‬وعدم وجود دليل لإلجراءات والمساطر اإلدارية الداخلية‪،‬‬
‫باإلضافة على ضعف التكوين المستمر للموظفين الجهويين حيث ال تولى بعض الجهات‬
‫أهمية للتكوين المستمر لموظفيها‪ ،‬إذ تقتصر على دورات التكوين المنظمة من طرف السلطة‬
‫الحكومية المكلفة بالداخلية والتي ال تشمل كافة الموظفين وال تغطي دائما الحاجيات الخاصة‬
‫بهذه الجهات‪.250‬‬
‫أضف إلى ما سبق أن عمليات التوظيف بالجماعات الترابية بشكل عام والجهات بشكل‬
‫خاص‪ ،‬تشهد جملة من االختالالت التي تحول دون توظيف األكفاء‪ ،‬كما يتميز واقع تدبير‬
‫الموارد البشرية على المستوى المحلي بتوزيع ال متكافئ للموظفين بين الوحدات الالمركزية‬

‫‪248‬‬
‫‪EL Mouchtary Mohamed, le role des collectivités locales dans le développement‬‬
‫‪économique et social au Maroc, REMALD, thèmes actuels 24, 2000, page 163.‬‬
‫‪ 249‬حسن العرفي‪ ،‬مداخلة خالل ندوة برلمانية حول موضوع الجهوية المتقدمة بين مضامين النصوص وإكراهات التنزيل‪،‬‬
‫منظمة من طرف فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين بتاريخ الخميس ‪ 2‬مارس ‪ 2017‬بقاعة الندوات لمجلس‬
‫المستشارين‪.‬‬
‫‪ 250‬عثمان بوتجدير‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.126‬‬

‫‪98‬‬
‫من الناحيتين الكمية والنوعية‪ ،‬وعليه فسعيا النبثاق وظيفة عمومية جهوية فال مناص للقطع‬
‫مع هذه االختالالت التي عرفتها وتعرفها هذه الوظيفة مع ضرورة إعادة النظر في التكوين‬
‫والتأهيل الذي يخضع له الموظفون الجهويين‪ .‬فتكوين الموظف والعمل على تدويره أضحى‬
‫من متطلبات اإلدارة الحديثة‪ ،‬فالموظف ال يحتاج فقط الكتساب معارف سطحية ولكن أيضا‬
‫وخصوصا دراية واطالع بالجوانب التقنية للمجال اإلداري الذي ينشط فيه‪.251‬‬
‫وباإلضافة إلى كل ما سبق فمنظومة التوظيف على المستوى الجهوي تعاني أيضا من‬
‫عدة خروقات منذ مرحلة التعيين الذي ال تراعى فيه غالبا مبادئ المساواة والشفافية‪ ،‬حيث‬
‫يترك المجال لتجاوزات تسلب فيها حقوق بعض المرشحين وتهدى لمرشحين آخرين بسبب‬
‫حرية االختيار المطلقة المعترف بها لرجل اإلدارة والذي يعطي األسبقية لمن يجد فيهم الوالء‬
‫والطاعة أو من يحقق أغراضه الذاتية‪ ،‬وبالتالي فتح الباب على مصراعيه للمحسوبية‬
‫والزبونية على حساب الكفاءة‪.‬‬
‫يضاف إلى ذلك ربط التوظيف بالمناصب المالية الشاغرة بدل الوظيفة الشاغرة‪ ،‬إذ‬
‫ينص الفصل السابع من النظام األساسي للوظيفة العمومية ‪252‬على أنه ‪“ :‬يمنع كل توظيف‬
‫أو ترقي في الدرجة إذا لم يكن الغرض من ذلك شغل منصب شاغر”‪ .‬إن هذه المعادلة التي‬
‫كرسها النص القانوني تضع قطيعة مع معايير االختيار األفضل للموارد البشرية‪ ،‬لكون‬
‫المنصب المالي الشاغر هو المحدد األول لعمليات التوظيف بدل االحتياجات الفعلية لإلدارة‪.‬‬
‫وبتفحصنا لمقتضيات الوظيفة العمومية الجماعية فإنه يغيب اشتراط المهنية كشرط في‬
‫التوظيف‪ ،‬كما أن االختبارات التي يخضع لها المتباري تقوم على اختبار القدرات النظرية‬
‫للمرشح‪ ،‬والتي ال ترتبط بالواقع العملي والمهني‪ ،‬مما ال يسمح بمعرفة دقيقة لقدرات المرشح‪،‬‬
‫ويشكل إحدى العوامل التي تحول دون تكوين وظيفة عمومية معقلنة قائمة على الجدارة‬
‫واالستحقاق في تولي مناصب المسؤولية‪.‬‬
‫كما يتسم التوظيف في اإلدارة الجماعية بازدواجية واضحة تتمثل في قيامه على قاعدتي‬
‫التوظيف المباشر والتوظيف عن طريق المباراة (فصل ‪ ،)22‬وهذه الطرق في التوظيف ال‬
‫توفر إمكانية االعتماد على الكفاءة في اختيار الموارد البشرية‪.‬‬
‫أيضا‪ ،‬تعاني منظومة التوظيف في الجماعات الترابية عامة والجهات خاصة من غياب‬
‫التسيير التوقعي وعدم التخطيط الحتياجاتها المستقبلية من الموارد البشرية سواء على المدى‬
‫القريب أو المتوسط‪ .‬ويترتب عن ذلك سيرورة غير معقلنة ال تكفل فعالية العمل اإلداري‪،‬‬
‫‪251‬‬
‫‪ALI SEDIARI, Etat et développement administratif au Maroc tradition ou modernité‬‬
‫‪?, guessous, Rabat, 1993, p 135.‬‬
‫‪ 252‬ظهير شريف رقم ‪ ،1.58.008‬الصادر بتاريخ ‪ 4‬شعبان ‪ 24(1377‬فبراير ‪ )1958‬بمثابة النظام األساسي العام‬
‫للوظيفة العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،23.72‬بتاريخ (‪ 11‬أبريل ‪.)1958‬‬

‫‪99‬‬
‫فغياب التخطيط كانت له نتائج سلبية على مستوى تدبير الموارد البشرية ويتجلى ذلك من‬
‫خالل التضخم الوظيفي وعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب‪.253‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬سبل تحقيق الحكامة الجهوية‬


‫تشكل مسألة الحكامة الجهوية موضوع وعي جماعي تتقاسمه السلطات العمومية‬
‫ومنتخبي الجهات ومختلف آليات الوساطة التي تمثل الفاعلين والمواطنين (األحزاب السياسية‬
‫والمنظمات النقابية والقطاع الخاص والمجتمع المدني‪ ،)...‬ويبدو الطابع التوجيهي والتأطيري‬
‫لوظيفة رئيس مجلس الجهة‪ ،‬كعنصر ضمن نسق عام يتعدد فيه المتدخلون والفاعلون أكثر‬
‫إلحاحا فهو مطالب بأن يكون استراتيجيا ‪ ،‬ألنه يحتل مركزا وسطا ضمن الروافد المتعددة‬
‫التي تصب في اتجاه العمل الجهوي ‪ ،‬وفي هذا الصدد سيتم تناول متطلبات الحكامة‬
‫الجهوية(الفقرة األولى)‪ ،‬باإلضافة إلى آليات التدبير الجهوي الجيد(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬متطلبات الحكامة الجهوية‬


‫يكتسي الدور الحيوي للجهاز التنفيذي للمجالس الجهوية أهمية بالغة في مجال تدبير‬
‫الشأن الجهوي باعتباره محركا أساسيا للعمل الجهوي‪ ،‬وعليه فمتطلبات الحكامة الجيدة‬
‫المرتبطة أساسا بهذه الجهة تتمثل أساسا في إعادة التوازن ما بين ممثل الساكنة المتمثل في‬
‫رئيس مجلس الجهة(أوال)‪ ،‬باإلضافة إلى تأهيل رئيس مجلس الجهة ومساعديه(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬دور القضاء اإلداري في خلق التوازن بين والي الجهة ورئيسها‬
‫منح المشرع المغربي والي الجهة إمكانية اللجوء إلى القضاء اإلداري في حالة رفض‬
‫المجلس الجهوي أداء المهام المخولة له قانونا‪ ،‬أو في حالة اإلبقاء على قرار منازع فيه‪.‬‬
‫ورغبة من المشرع في خلق التوازن بين األجهزة الجهوية المنتخبة واألجهزة الممثلة‬
‫للسلطة المركزية‪ ،‬وكذا المساهمة في تفعيل العمل الجهوي ودعم استقالل المؤسسات‬
‫الجهوية‪ ،254‬أعطى للمجالس الجهوية تحت إشراف رؤسائها حق الطعن في القرارات‬
‫الصادرة عن والي الجهة بسبب الشطط في استعمال السلطة‪ ،‬ذلك باللجوء إلى المحاكم‬
‫اإلدارية‪ ،‬وهذا األمر يدعوا إلى التساؤل عن حدود تدخل القضاء اإلداري لتحقيق التوازن‬
‫بين والي الجهة ورئيس مجلس الجهة؟‬

‫‪ 253‬منية بنمليح‪ ،‬تأهيل الموارد البشرية بالجماعات الترابية خطوة نحو اإلصالح اإلداري الشامل‪ ،‬مجلة المنارة االلكترونية‪:‬‬
‫‪ ، https://revuealmanara.com‬تمت الزيارة بتاريخ ‪ 15‬يونيو ‪ ،2023‬على الساعة ‪.3:56‬‬
‫‪ 254‬الحسين الوزاني الشاهدي‪ ،‬الجهة أداة لتطوير ودعم الالمركزية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة‬
‫مواضيع الساعة‪ ،‬العدد ‪ ،52‬مطبعة دار النشر المغربية‪ ،‬الرباط‪ ،2006‬الصفحة ‪.39‬‬

‫‪100‬‬
‫يتضح من خالل القانون التنظيمي للجهات أن القضاء اإلداري ال يمكنه التدخل في مجال‬
‫ا لرقابة اإلدارية على المجالس الجهوية إال في حالتين إما بناء على طلب من والي الجهة أو‬
‫بطلب من رئيسها‪ ،‬وهذا ما من شأنه أن يدعم الشفافية في مجال العالقات بين السلطة المركزية‬
‫والمجالس الجهوية‪.255‬‬
‫وبذلك يكون القانون التنظيمي المتعلق بالجهات قد منح للقضاء اإلداري دورا مهما فيما‬
‫يتعلق بفض النزاعات التي يمكن أن تقع بين مؤسستي الوالي ورئيس الجهة‪ ،‬وعدم إمكانية‬
‫عزل رئيس أو مستشار جهوي إال بقرار قضائي‪.‬‬
‫ومن مظاهر تدخل القضاء لتحقيق التوازن بين رئيس المجلس الجهوي وسلطة والي‬
‫الجهة اتجاهه تحقيقا لالمركزية‪:‬‬
‫‪ ‬إقرار حالة امتناع رئيس المجلس الجهوي عن القيام باألعمال المنوطة به لتمكين‬
‫مسطرة الحلول‪:‬‬
‫ففي حالة عدم استجابة رئيس مجلس الجهة الممتنع عن القيام باألعمال المنوطة به‪،‬‬
‫نص المشرع على إحالة األمر من لدن السلطة المختصة المكلفة بالمراقبة‪ ،‬إلى القضاء‬
‫االستعجالي بالمحكمة اإلدارية من أجل البث في وجود حالة االمتناع‪ .256‬ويبث القضاء‬
‫االستعجالي بواسطة حكم قضائي نهائي‪ ،‬وعند االقتضاء بدون استدعاء األطراف داخل أجل‬
‫‪48‬ساعة من تاريخ تسجيل طلب اإلحالة بكتابة الضبط بهذه المحكمة‪.257‬‬

‫وتجدر اإلشارة في هذا الصدد‪ ،‬إلى أنه إذا امتنع الرئيس عن القيام باألعمال المنوطة‬
‫به بمقتضى أحكام القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‪ ،‬وترتب عن ذلك إخالل بالسير العادي‬
‫لمصالح الجهة المعنية قامت السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية‪ ،‬عن طريق والي الجهة‬
‫بمطالبته بمزاولة المهام المنوطة به‪ ،‬وبعد انصرام أجل محدد في ‪ 15‬يوما من تاريخ توجيه‬
‫الطلب دون استجابة الرئيس‪ ،‬تحيل السلطة المختصة بالمراقبة األمر إلى القضاء االستعجالي‬
‫بالمحكمة اإلدارية من أجل البث في وجود حالة االمتناع‪ ،‬وإذا أقر الحكم القضائي حالة‬
‫االمتناع جاز للوالي الحلول محل الرئيس في القيام باألعمال التي امتنع هذا األخير عن القيام‬
‫بها‪.258‬‬
‫‪ ‬عزل رئيس المجلس الجهوي‪ :‬حيث أنه من بين المستجدات التي أتى بها القانون‬
‫التنظيمي المتعلق بالجهات‪ ،‬بخالف ما كان عليه العمل في ظل األنظمة السابقة تأكيدها‬

‫‪ 255‬سعيد نازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.117‬‬


‫‪ 256‬المادة ‪ 79‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪.‬‬
‫‪ 257‬محمد با هي‪ ،‬المراقبة اإلدارية على المنتخبين وعلى مشروعية قرارات رؤساء المجالس ومقررات مجالس الجماعات‬
‫الترابية‪ :‬أي دور للقاضي اإلداري؟‪ ،‬المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬العدد‪ ،13‬دجنبر ‪ ،2017‬الصفحة ‪.19‬‬
‫‪ 258‬محمد باهي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة‪.20‬‬

‫‪101‬‬
‫على أن القضاء وحده يختص بعزل أعضاء مجالس الجهات من بينهم رئيس المجلس‬
‫الجهوي‪ ،‬وذلك بطلب من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية‪ ،‬وبمقرر من المجلس في حالة‬
‫امتناع أحد النواب وبدون عذر‪ ،‬عن القيام بأحد المهام المنوطة به‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار يجوز للسلطات المعنية المذكورة أعاله اللجوء إلى المحكمة اإلدارية‬
‫لطلب عزل عضو المجلس المعني باألمر‪ ،‬أو عزل الرئيس أو نوابه من عضوية المكتب أو‬
‫المجلس‪.‬‬
‫وتبت المحكمة اإلدارية في الطلب داخل أجل ال يتعدى شهرا من تاريخ توصلها باإلحالة‪،‬‬
‫ويترتب على إحالة األمر إلى المحكمة اإلدارية توقيف المعني باألمر عن ممارسة مهامه إلى‬
‫حين البث في طلب العزل‪.259‬‬
‫إذن‪ ،‬فالرقابة القضائية تشكل الضمانة األساسية التي من خاللها يُسمح للسلطة القضائية‬
‫المكلفة بالرقابة التدخل لمنع الجهات من الحاق الضرر بالمصلحة الوطنية وذلك من خالل‬
‫إلزامها بالمنظومة القانونية‪ ،260‬حيث تخضع أعمال المجالس الجهوية إلى عدد من أنواع‬
‫الرقابة حسب أهمية كل صنف من هذه األعمال‪ ،‬وتبقى أشد صور الرقابة على أعمال‬
‫المجالس الجهوية الحاالت التي تحل فيها السلطة المركزية أو ممثليها محل األجهزة المنتخبة‬
‫في حالة امتناعها عن التصرف رغم التزامها القانوني‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬يمكن أن نسوق مثاال على تدخل القضاء اإلداري بما له من صالحيات‪،‬‬
‫وفق القانون المحدث للمحاكم اإلدارية‪ 261‬وكذا القانون التنظيمي المتعلق بالجهات في مجال‬
‫مراقبة أعمال ومقررات الجهات‪ ،‬حيث تتلخص وقائع الحالة األولى فيما قام به وزير الداخلية‬
‫عن طريق إصداره للقرار عدد‪ 1528/18 :‬بتاريخ ‪ 16/05/2018‬والقاضي بتوقيف مجلس‬
‫جهة كلميم‪-‬وادنون لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة وبتعيين لجنة خاصة ‪ 262‬لتصريف‬
‫األمور الجارية المجلس المذكور تحت رئاسة والي الجهة‪.‬‬

‫‪ 259‬المادة ‪ 54‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪.‬‬


‫‪ 260‬محمد الشريف بنخي‪ ،‬الرقابة اإلدارية والقضائية على أعمال الجماعات الترابية‪ :‬أي تكريس لمبدأ فصل السلط؟‪،‬‬
‫منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية العدد ‪ ،122‬سنة ‪ ،2016‬الصفحة ‪.320‬‬
‫‪ 261‬القانون ‪41.90‬المحدث بموجبه المحاكم اإلدارية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،1.91.225‬الصادر في ‪22‬‬
‫من ربيع األول ‪ 10(1414‬دجنبر ‪ ،)1993‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،4227‬الصادرة في ‪ 18‬جمادى األولى ‪03(1414‬‬
‫نونبر ‪ ،)1993‬الصفحة ‪.2168‬‬
‫‪ 262‬المادة ‪ 77‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات تنص على أنه‪ ":‬إذا وقع توقيف أو حل مجلس الجهة أو إذا‬
‫استقال نصف عدد أعضائه المزاولين مهامهم على األقل‪ ،‬أو إذا تعذر انتخاب أعضاء المجلس ألي سبب من األسباب‪،‬‬
‫وجب تعيين لجنة خاصة بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية‪ ،‬وذلك داخل أجل أقصاه خمسة عشر (‪ )15‬يوما الموالية‬
‫لتاريخ حصول إحدى الحاالت المشار إليها‪.‬‬
‫يحدد أعضاء اللجنة الخاصة في خسة (‪ )05‬اعضاء‪ ،‬يكون من بينهم بحكم القانون المدير العام للمصالح المنصوص عليه‬
‫في المادة ‪ 125‬من هذا القانون التنظيمي‪ ،‬ويترأس اللجنة الخاصة والى الجهة الذي يمارس بهذه الصفة الصالحيات المخولة‬
‫لرئيس مجلس الجهة بموجب أحكام هذا القانون التنظيمي‪ ،‬ويمكنه أن يفوض بقرار بعض صالحياته إلى عضو أو أكثر من‬
‫أعضاء اللجنة "‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬تقدم بعض أعضاء نفس المجلس بالطعن في هذا القرار أمام المحكمة‬
‫اإلدارية بأكادير‪ ،‬والتي أصدرت القرار عدد ‪ 2222‬بتاريخ ‪ 28/12/2018‬والقاضي بعدم‬
‫قبول الدعوى‪ ،‬قبل أن يقوم األعضاء باستئناف الحكم أمام محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش‬
‫والتي أكدت بدورها أن قرار وزير الداخلية المرجعي جاء طبقا لمقتضيات المادتين ‪78-77‬‬
‫من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬ليتم الحكم في األخير برفض االستئناف‬
‫ألعضاء المجلس‪ ،263‬وهذا ما يوضح المكانة القوية للقضاء اإلداري في إطار تنظيم العالقة‬
‫بين السلطة المركزية والمجالس المنتخبة تحت إشراف رؤسائها على المستوى الترابي عامة‬
‫والجهوي خاصة‪.‬‬
‫أما الحالة الثانية فتتعلق بنفس الموضوع‪ ،‬وتتلخص حيثياتها فيما قامت به السلطة‬
‫الحكومية المكلفة بالداخلية التي تدخ لت في إطار سلطة الحلول وأوقفت المجلس المذكور‬
‫بسبب امتناع رئيسه (السابق) عن القيام بمهامه‪ ،‬وهو ما دفع به إلى اللجوء إلى المحكمة‬
‫اإلدارية بأكادير بتاريخ‪ 28/06/2019 :‬لتقديم الطعن في قرار وزير الداخلية عدد‪19/1 :‬‬
‫المتخذ بتاريخ‪ 26/06/2019 :‬والقاضي بمعاينة انقطاعه عن مزاولة مهامه‪ ،‬كما التمس‬
‫رئيس المجلس الحكم بإيقاف القرار الصادر عن والي الجهة القاضي بالدعوة إلى إيداع‬
‫الترشيحات لشغل منصب رئيس مجلس الجهة‪.‬‬
‫ومن خالل تفحص مضمون القرار الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش في‬
‫هذا الشأن ‪ 264‬يتضح أن رئيس مجلس جهة كلميم واد نون (السابق) " عبد الرحيم بوعيدة"‬
‫كان قد تقدم بطلب استقالته من مهامه بتاريخ ‪ 05/06/2019‬قبل أن يتراجع عن ذلك‪ ،‬وهذا‬
‫تم إثباته بمحكمة االستئناف اإلدارية بمراكش من خالل التأكد من أن طالب الطعن في القرار‬
‫اإلداري لم ينازع في أن االستقالة صادرة عنه وبخط يده وتوقيعه‪ ،‬مما جعلها تأيد الحكم‬
‫المستأنف أي اإلبقاء على استقالة رئيس المجلس وتطبيق مقتضيات قرار وزير الداخلية وهذا‬
‫ما أدى إلى إعادة انتخاب رئيس المجلس لتصبح الوزيرة المنتدبة السابقة "مباركة بنبوعيدة"‬
‫هي من ترأس مجلس جهة كلميم ‪-‬وادنون حاليا‪.‬‬
‫وصفوة القول فتدخل القضاء اإلداري يشكل لبنة أساسية في حالة التنازع بين رؤساء‬
‫المجالس والسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بهدف تأطير العالقة وتنظيمها وفقا للقانون‬
‫ومراقبة وتجويد عمل المجالس الجهوية وعليه فإنه وجب تعزيز دور القضاء اإلداري في‬
‫الرقابة على الجماعات الترابية بجعل المحاكم اإلدارية تختص دون غيرها بممارسة المراقبة‬

‫‪ 263‬القرار رقم ‪ ،1262‬الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش بتاريخ‪ ،2019/07/03:‬ملف رقم ‪-7205-281‬‬
‫‪ ،2019‬يجمع بين أعضاء من مجلس جهة كلميم ‪-‬وادنون ووزير الداخلية‪.‬‬
‫‪ 264‬القرار رقم ‪ 1271‬الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش بتاريخ ‪ ،04/07/2019‬ملف رقم ‪-7214-1308‬‬
‫‪ ،2019‬يجمع بين الرئيس السابق المجلس جهة كلميم واد نون ووزير الداخلية ‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫على شرعية كل قرار أو عمل صادر عن المجالس المنتخبة وعن رؤسائها‪ .‬فالمطلوب من‬
‫القاضي اإلداري أن يعمل على توضيح معايير التمييز بين مستويات تدخل الدولة والجماعات‬
‫الترابية وخاصة الجهات في مختلف الميادين‪ ،‬وذلك من خالل الطعون القضائية المباشرة أو‬
‫بمناسبة رقابته على شرعية المقررات والقرارات‪ ،‬وإال ستصبح الجهة كيانات ملحقة أو على‬
‫األرجح أشخاصا متعاونين مع الدولة‪.265‬‬
‫ثانيا‪ :‬تأهيل مؤسسة رئيس مجلس الجهة ومساعديه‬
‫يعتبر العنصر البشري أو العنصر الالمادي من بين المؤشرات المعتمدة في تقييم مستوى‬
‫تنمية األمم وقياس رخائها‪ ،‬حيث يعتبر حجر الزاوية والركن األساسي في التنمية المستدامة‪،‬‬
‫إذ أن كثيرا من الشعوب تتوفر على كافة مقومات نجاح الدولة من ثروات طبيعية وموقع‬
‫جغرافي وارث تاريخي وحضاري‪ ،‬غير أنها تُصنف ضمن الدول المتخلفة والسبب في ذلك‬
‫هو تخلف مواردها البشرية‪ .‬لذا فإن جميع الدول تولي اهتماما خاصا بالعنصر البشري‬
‫وبتكوينه وتأهيله حتى يصبح أداة مهمة للرفع من المستوى التأشيري للتدبير االقتصادي‬
‫وقاطرة للتنمية ومحورها‪ .266‬وبذلك فالدور الحيوي للجهاز التنفيذي للمجالس الجهوية يكتسي‬
‫أهمية بالغة في مجال تدبير الشأن الجهوي‪ ،‬مما يستدعي توفره على مؤهالت ذاتية تسمح‬
‫بتسيير وتأطير وتنشيط المؤسسة الجهوية‪ ،‬فتقلد المسؤوليات الجهوية بالشكل الذي أصبحت‬
‫عليه في القانون التنظيمي للجهات يتطلب من رؤساء مجالس الجهات قدرا من المعرفة‬
‫النظرية والخبرة العلمية تؤهلهم للنهوض يتلك المسؤوليات على الوجه المطلوب‪ ،‬وتجعلهم‬
‫في مستوى تطلعات ساكنة الجهة إلنجاز متطلبات التنمية الجهوية‪ ،‬خصوصا وأن ضعف‬
‫التدبير والتسيير الذي ميز التجربة السابقة‪ ،‬ارتبط بوقوف عدة عوامل في وجه رئيس مجلس‬
‫الجهة لتحول بينه وبين التطبيق الفعلي لمهامه المنصوص عليها قانونا‪ ،‬حيث تمرس سلطة‬
‫الوصاية وعدم توفر القيادات على المؤهالت التدبيرية الكافية خلفت وضعا صعبا مليئا‬
‫بالعراقيل وشجعت على أحد االتجاهين إما أن ينجح رئيس المجلس بقبول األمر الواقع‪،‬‬
‫فتتدخل سلطة الوصاية في اختصاصاته وتمارسها عوضا عنه‪ ،‬وإما أن يدخل معها في صراع‬
‫قد تكون له نتائج سلبية على السير العادي للجهة‪.267‬‬
‫إن تكوين رئيس المجلس الجهوي يجب أن يكون عاما ويشمل جميع الميادين‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل تكوين المهارات اإلدارية وأساليب اإلشراف والتوجيه وتلقيه مبادئ علمية في التخطيط‬
‫والتنظيم والتوجيه والقيادة‪ ،‬ثم مهارة إدارة االجتماعات وأخيرا مهارة التفاوض‪ ،‬التي من‬

‫‪ 265‬صالح فكري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.130‬‬


‫‪ 266‬جواد الرباع‪ ،‬الجهوية و رهانات التنمية المحلية بالمغرب‪ ،‬دراسة حالة جهة مراكش تانسيفت الحوز‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬تخصص العلوم السياسية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2015/2014‬الصفحة ‪.236‬‬
‫‪ 267‬عثمان بوتجدير‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.144‬‬

‫‪104‬‬
‫شأنها توسيع حجم المساعدات المادية والمعنوية المعروضة على الوحدة‪ .‬وباإلضافة إلى‬
‫الرئيس‪ ،‬يجب تكوين مساعديه بالنظر التحديات المرتبطة بدوره إذ ال زالت تواجههم جملة‬
‫من الصعوبات تهم ضعف خبرتهم الكافية وغياب التكوين وعدم توفرهم على المعلومات‬
‫الكافية لمزاولة مهامهم لذا فإن التكوين ينطلق من إكسابهم معارف جديدة تناسب المهام التي‬
‫يمارسونها‪ ،‬واكتساب المؤهالت في الميادين المختلفة التي يكتشفونها أثناء الممارسة‪ ،‬والتي‬
‫لم يكونوا يعرفونها من قبل‪.‬‬
‫فتأهيل مساعدي الرئيس خصوصا نوابه ورؤساء اللجان ينبغي أن يتسم بالتخصص‬
‫وتكوين كل واحد منهم في مجال وظيفته ومهامه فعملية تكوين الرئيس ومساعديه تشكل حجر‬
‫الزاوية في العملية التنموية‪ ،‬إذ يلزم تزويدهم بمختلف الوسائل واآلليات التي تمكنهم من‬
‫التدبير الجيد للمصالح الجهوية‪ ،‬وجعل العملية التنموية عمال يتسم بالفعالية والجودة واللتان‬
‫تعتبران أهم مرتكزات الحكامة المحلية عموما والجهوية خصوصا‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬رئيس مجلس الجهة واعتماد آليات التدبير الحديث‬
‫إن كسب رهان الجهوية المتقدمة رهين بقدرة رؤساء مجالس الجهات على تأمين تدبير‬
‫جيد وفعال للعمل الجهوي وذلك من أجل بلورة رؤية سليمة وناجعة لتغيير واقع الجهات‬
‫بالمغرب‪ .‬ويعتبر التدبير الجيد للجهات أحد مرتكزات الحكامة الترابية عامة والجهوية‬
‫خاصة‪ ،‬ويتوقف حسن هذا التدبير على ما أناطه القانون التنظيمي المتعلق بالجهات بالمجالس‬
‫الجهوية ورؤسائها من صالحيات هامة ذات ارتباط وثيق بالتحديات التي ال زالت تواجه‬
‫تدبير الشأن الجهوي‪ .‬وتكريسا للديموقراطية الجهوية وإقرار الالمركزية كاختيار استراتيجي‬
‫وكنظام ديموقراطي وكقاعدة إدارية لتدبير الشأن الجهوي عمل هذا القانون على إقرار‬
‫مجموعة من اآلليات الحديثة لتدبير شؤون الجهة من بينها آليتي التخطيط االستراتيجي‬
‫والتدبير التشاركي للعمل الجهوي(أوال)‪ ،‬باإلضافة إلى آلية التدبير المقاوالتي للعمل الجهوي‬
‫كأسلوب من أساليب التدبير المعقلن والرشيد (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬آليتي التخطيط االستراتيجي والتدبير التشاركي للعمل الجهوي‬
‫إن الصالحيات التي أسندت لرؤساء مجالس الجهات تتطلب منهم توظيف تقنيات حديثة‬
‫للتدبير المحكم والفعال ونهج أسلوب جديد في التدبير‪ ،‬ومن هذه األساليب نجد التخطيط‬
‫االستراتيجي الذي يعد أساسا لتحقيق الحكامة الترابية عامة والجهوية خاصة‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫آلية التدبير التشاركي التي تعد من أهم مستجدات الجهوية المتقدمة‪.‬‬
‫‪ ‬آلية التخطيط االستراتيجي‬

‫‪105‬‬
‫تعتبر استراتيجية تخطيط التنمية الترابية‪ ،‬أساسا منهجيا وموضوعيا لعمل ونشاط الجهة‬
‫فالتدبير الحر يتطلب إلماما ومعرفة شمولية بوضعية الوحدة المراد التخطيط لتنميتها‪،‬‬
‫والوسائل المتاحة واإلمكانيات المتوفرة لذلك‪ ،‬وهو ما جعل المشرع التنظيمي يهتم بمحورية‬
‫ومركزية التخطيط االستراتيجي للتنمية الترابية عامة والجهوية خاصة‪.‬‬
‫لقد أصبحت عمليات التخطيط الترابي اإلستراتيجي ترمي ضبط شؤون التنمية وتنسيقها‬
‫على المستوى الترابي لمدة محددة في الزمان والمكان‪ ،‬وذلك من خالل إعداد مشاريع وبرامج‬
‫تتولى الجماعات الترابية إنجازه بشكل متفرد أو بتعاون مع شركاء من القطاع العام أو الخاص‬
‫أو مع المجتمع المدني‪ .‬وجودة التخطيط تعكس مستوى تنظيم اإلدارة‪ ،‬ومدى فعاليتها‪ ،‬من‬
‫خالل قدرتها على إنجاز مضمون المخطط وتتبع المشاريع وتوفير الوسائل الضرورية لها‪،‬‬
‫واإلجراءات التشجيعية لذلك وا لتخطيط في هيئته الجديدة يستند إلى مقومات مختلفة‪ ،‬تعتمد‬
‫أساسا على الالمركزية والجهوية المتقدمة‪ ،‬مع اعتماد بنيات مختلفة مما كانت عليه في‬
‫الماضي‪.268‬‬
‫وبذلك جاء القانون التنظيمي من خالل المادة ‪ 83‬ليجعل الجهة المخطط والقائد للتنمية‬
‫الترابية عبر برنامج التنمية الجهوية‪ ،‬حيث يضع مجلس الجهة تحت إشراف رئيس مجلسها‬
‫خالل السنة األولى من مدة انتداب المجلس‪ ،‬برنامج التنمية الجهوية وتعمل على تتبعه وتحيينه‬
‫وتقييمه‪ .‬ويحدد برنامج التنمية الجهوية لمدة ست سنوات األعمال التنموية المقرر برمجتها‬
‫أو إنجازها بتراب الجهة اعتبارا لنوعيتها وتوطينها وكلفتها لتحقيق تنمية مستدامة ووفق‬
‫منهج تشاركي وبتنسيق مع والي الجهة بصفته مكلفا بتنسيق أنشطة المصالح الالممركزة‬
‫لإلدارة المركزية‪ .‬وبالرجوع إلى التجربة الفرنسية في مجال التخطيط اإلستراتيجي‪ ،‬فقد أقر‬
‫المشرع الفرنسي منظومة قانونية ومؤسساتية‪ ،‬تخول للجهات االختصاص العام فيما يتعلق‬
‫بالتخطيط التنموي‪ .‬كما نجد توسيع مجاالت تدخل هذه الجماعات لتشمل "المخططات الجهوية‬
‫إلعداد التراب والتنمية" فاألساس الترابي بعد اإلطار المجالي تلبية الحاجيات األساسية‬
‫وتصريف المشاريع والبرامج التنموية على الصعيد المحلي‪ .‬وبذلك يمكن اعتبار أن‬
‫المستجدات الواردة في القانون التنظيمي ‪ 111.14‬والمتغيرات االقتصادية واالجتماعية التي‬
‫يعرفها المغرب خالل السنوات األخيرة‪ ،‬على أنها فتحت عهدا جديدا في مجال الحكامة‬
‫الترابية‪ ،‬وبذلك يصبح أي مخطط للتنمية مدعو لالستجابة لمبادئ معينة تخدم مجال الحكامة‬
‫الترابية‪ ،‬كما أصبح كذلك تدبير الشأن العام المحلي‪ ،‬يستند إلى مقاربات التخطيط اإلستراتيجي‬
‫وفق المعايير الدولية المعتمدة في هذا السياق‪.269‬‬

‫‪ 268‬خالد رضى زكي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.48-47‬‬


‫‪ 269‬المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة ‪.48‬‬

‫‪106‬‬
‫إال أنه من خالل ما تم بسطه تبرز الحاجة إلى اإلصالح القانوني والمؤسساتي لتفعيل‬
‫دور التخطيط االستراتيجي على مستوى الجهة بعد تجربة ‪ 7‬سنوات على تنزيل ورش‬
‫الجهوية المتقدمة‪ ،‬وأول بوادر هذا اإلصالح تم من خالل مراجعة مرسوم تحديد مسطرة‬
‫برنامج التنمية الجهوية حيث تمت المصادقة على مشروع تعديل المرسوم في المجلس‬
‫الحكومي بتاريخ ‪ 16‬فبراير ‪ ،2023‬بمرسوم ‪ 2.22.475‬بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية‬
‫الجهوية وتتبعه وتحبينه وتقييمه ‪ ،‬في إطار استكمال ومراجعة النصوص التنظيمية المتعلقة‬
‫بتفعيل أحكام القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات تنزيال لورش الجهوية‬
‫المتقدمة‪ ،‬وضمن التدابير واإلجراءات المتخذة من لدن وزارة الداخلية لمواكبة مجالس‬
‫الجهات حيث تب ين انطالقا من الخالصات واالستنتاجات التي همت مختلف مجاالت تنزيل‬
‫ورش الجهوية المتقدمة خاصة تلك المتعلقة بإعداد الجيل األول من برامج التنمية الجهوية‪،‬‬
‫أنه أصبح من الضروري تجويد وتقويم منهجية إعداد هاته البرامج والتي تمت نسبيا‪ ،‬في‬
‫مرحلة سابقة‪ .‬وفقا لمنهجيات عمل متعددة وطرق إعداد مختلفة تبعا لسياقات وخصوصيات‬
‫كل جهة على حدة‪.‬‬
‫ويهدف هذا المرسوم إلى ضبط األجل القانوني المتعلق باتخاذ قرار إعداد برنامج التنمية‬
‫الجهوية وضرورة إجراء تقييم حصيلة إعداد وتنفيذ برنامج التنمية الجهوية المعد خالل‬
‫المرحلة االنتدابية السابقة كم رحلة أولية إلعداد البرنامج وتحديد محتوى برنامج التنمية‬
‫الجهوية بصورة دقيقة وإغنائه من خالل تصنيف المشاريع التي يمكن إدراجها فيه بغية تحري‬
‫الدقة وتصنيف المشاريع التي يمكن إدراجها في برامج التنمية الجهوية مع تحديد المشاريع‬
‫التي ستنجز في إطار تعاقدي بين الدولة والجهة وباقي المتدخلين انطالقا من مرحلة إعداد‬
‫برامج التنمية الجهوية تمهيدا إلعداد العقود بين الدولة والجهات مع تحديد وحصر مساهمات‬
‫الجهة في تمويل إنجاز المشاريع وذلك في إطار البرمجة متعددة السنوات كما يتضمن هذا‬
‫المرسوم مقتضيات نهم ضرورة وضع منظومة لتتبع تنفيذ المشاريع المدرجة في برنامج‬
‫التنمية الجهوية وتقييمها تضم مؤشرات لقياس مدى تحقيق األهداف المراد بلوغها‪. 270‬‬
‫‪ ‬رئيس مجلس الجهة والتدبير التشاركي للعمل الجهوي‬
‫إن تطور الحياة المجتمعية في الدول الحديثة جعل من المشاركة أمرا ضروريا وذلك‬
‫من خالل مشاركة مختلف مكونات المجتمع في بلورة القرار والفعل التنموي المحلي الجهوي‬
‫وتنفيذه ومتابعته‪ ،‬باإلضافة إلى إشراك كل المؤسسات وكافة الفاعلين وفق مقاربة تشاركية‬
‫على اعتبار أنها تشكل آلية حديثة تقود إلى إحداث تغيير اجتماعي شامل المحيط‪ ،‬ولهذا‬
‫فالديمقراطية التشاركية تمكن من تحديد االحتياجات الحقيقية للسكان وما ينبغي االهتمام به‬

‫‪ 270‬البالغ الصحفي حول انعقاد اجتماع مجلس الحكومة بتاريخ ‪ 16‬فبراير ‪ 2023‬موقع رئيس الحكومة‪:‬‬
‫‪ ، https://cg.gov.ma/ar/node/11028‬تمت الزيارة ‪ 21‬يونيو ‪ ،2023‬على الساعة ‪.11:30‬‬

‫‪107‬‬
‫من مشاريع كما تمكن الخبراء من رصد مدى أهمية المشاريع المقترحة وفعاليتها وكذا إمكانية‬
‫نجاحها من عدمه‪.271‬‬
‫وتبعا لذلك وتفعيال لمقتضيات المادة ‪ 139‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪،2011‬‬
‫وإعماال لمواد القانون التنظيمي للجهات‪ ،‬فإن المجالس الجهوية تحت إشراف رؤسائها ملزمة‬
‫بوضع آليات تشاركية من أجل توسيع قاعدة الحوار والتشاور مع هيئات المجتمع المدني‬
‫ومختلف المواطنات والمواطنين المهتمين بالشأن المحلي وأنشطة المجالس الجهوية‪.‬‬
‫تعتبر هذه اآللية التشاركية من أهم مستجدات الجهوية المتقدمة‪ ،‬حيث كان إشراك هيئات‬
‫المجتمع المدني في عمل المجالس الجهوية شبه مغيب في ظل القانون القديم ‪، 47-96‬‬
‫باستثناء الدعم المالي الذي كانت تستفيد منه بعض الجمعيات تتجلى أهمية هذه الهيئات أساسا‬
‫في العمل على التحسيس باألدوار الهامة التي تضطلع بها هذه المجالس لدى المواطن العادي‬
‫وتجسيد العالقة بينهما من ناحية‪ ،‬وكذا في تعزيز أهمية تأسيس الجمعيات وتحفيزها للقيام‬
‫بالمهام التي تدخل في اختصاصها‪ .‬األمر الذي يشجع على انخراط أكبر عدد من ساكنة كل‬
‫جهة في عملية التتبع والمراقبة ألنشطة المستشارين الذين يمثلونهم بهذه المؤسسات من ناحية‬
‫أخرى‪ ،‬وبالتالي المساهمة في التنمية االقتصادية واالجتماعية لمنطقتهم‪.272‬‬
‫ولقد جاء هذا التدبير للقضاء على التدبير األحادي التقليدي البروقراطي الذي يعتمد على‬
‫أحادية ومركزية اتخاذ القرار‪ ،‬فهذا األسلوب لم يعد مقبوال في التدبير الحديث للجهات‪ ،‬ألن‬
‫االحتر افية أصبحت تفرض نفسها على رئيس مجلس الجهة الذي صار ملزما بأن ينتقل من‬
‫ذلك المسير العادي إلى ذلك الفاعل األساسي في النظام الجهوي والمسير للجهة بمنطق‬
‫المقاول المؤمن بنجاعة التدبير التشاركي والمنفتح على جميع مكونات المحيط سواء الداخلي‬
‫أو الخارجي للمجلس الجهوي‪.‬‬
‫وفي هذا السياق فقد قام رئيس مجلس جهة درعة ‪-‬تافياللت السيد "أهرو أبرو" بدعوة‬
‫كافة المواطنين والمواطنات وكافة الفاعلين الترابيين المهتمين بالشأن العام الجهوي لجهة‬
‫درعة‪ -‬تافياللت يوم ‪ 10‬مارس ‪ 2023‬لتقديم كافة مقترحاتهم في إطار إعداد التصميم الجهوي‬
‫إلعداد التراب لجهة درعة تافياللت‪ ،‬باعتبار هذا األخير بمثابة خريطة الطريق لتنمية الجهة‬
‫لمدة ‪ 25‬سنة‪ ،‬وذلك عن طريق وضع استمارة يتم ملؤها من طرف كافة المهتمين على موقع‬
‫إلكتروني موجود على الصفحة الرسمية لمجلس جهة درعة ‪-‬تافياللت‪ ،273‬وهذه خطوة تحسب‬

‫‪ 271‬عبد العالي الفياللي‪ ،‬الحكامة التشاركية في إعداد برنامج التنمية الجهوية في ضوء القانون التنظيمي رقم‬
‫‪،111.14‬منشورات مجلة دفاتر قانونية‪ -‬سلسلة دفاتر إدارية‪ ،‬العدد ‪ ،2018 ،4‬الصفحة ‪.83‬‬
‫‪ 272‬محمد أوالد الحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.178‬‬
‫تدوينة على الصفحة الرسمية لمجلس جهة درعة تافياللت على الفايس بوك‪،‬‬ ‫‪273‬‬

‫‪ ، https://www.facebook.com/crdt2?mibextid=ZbWKwL‬تمت الزيارة بتاريخ ‪21‬يونيو‪ ،2023‬على‬


‫الساعة‪.21:25‬‬

‫‪108‬‬
‫لمجلس جهة درعة تافياللت تحت إشراف رئيسه في تفعيل هذه اآللية الحديثة في تدبير الشأن‬
‫العام الجهوي‪.‬‬
‫وبالتالي فال خالف على أن نجاح رؤساء مجالس الجهات في تحقيق التنمية الجهوية‬
‫يقوم أساسا على إشراك كافة الفاعلين الترابيين في بلورة القرارات التنموية والمساهمة على‬
‫تنفيذها عبر مختلف الشراكات التي يمكن أن تتم بين الجهات ومختلف الفاعلين بالجهة تفعيال‬
‫للمقاربة التشاركية‪ ،‬فإتاحة هذا الحق الدستوري هو بمثابة خطوة أولية لتفعيل مبدأ المساواة‬
‫وربط المسؤولية بالمحاسبة داخل المجالس المنتخبة وجذا يكرس الشفافية والوضوح على‬
‫مستوى القرارات المتخذة ‪ ،‬وأيضا القضاء على الفساد اإلداري‪ ،‬ذلك أن فتح المجال‬
‫للمواطنين والمواطنات ومختلف الفاعلين المحليين في الحصول على المعلومات بحوزة‬
‫اإلدارة الجهوية يمكنهم على األقل من معرفة ما يروج بداخلها وما يتخذ من قرارات وهذا‬
‫ما يشكل رافعة للتدبير التشاركي بالجهة ومن شأنه أن يعزز قيم الديموقراطية والشفافية‬
‫داخلها وأيضا تكريس ثقافة الحوار بين الناخب والمنتخب‪ ،‬وبالتالي فعلى رؤساء المجالس‬
‫الجهوية العمل بهذه اآللية الحديثة في التدبير والتطوير منها من أجل تحقيق المساهمة الفعلية‬
‫لكافة الفاعلين الجهويين في تدبير الشأن العام الجهوي وتحقيق التنمية والديموقراطية‬
‫المنشودة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬آلية التدبير المقاوالتي للعمل الجهوي‬
‫يعتبر التدبير الترابي والجهوي خاصة مجاال خصبا يمنح فرصا لتطوير طرق التدبير‬
‫التقليدية للشأن العمومي الترابي‪ ،‬فتطبيق “المقاربة التدبيرية” “ ‪Approche‬‬
‫‪ “managerielle‬على هذا المستوى‪ ،‬أصبح ضروريا لتمكين الجهة من اآلليات الكفيلة‬
‫بتحقيق دورها التنموي‪ .‬وتحقيق هذا المطلب يعتمد على الذات‪ ،‬الذي يرتكز على المقاولة‪،‬‬
‫والتي بدونها ال يمكن الحديث عن تراكم اقتصادي أو تكوين رأسمالي‪ ،‬وليست المقاولة‬
‫الكبرى التي تتجلى في الدولة‪ ،‬ولكن المقاولة بمفهومها الحديث التي تتجلى في مقاولة الجهة‪،‬‬
‫حيث أن النظريات االقتصادية الحديثة تأخذ بعين االعتبار اإلطار االقتصادي الترابي‪،‬‬
‫كعنصر أساسي للتحليل االقتصادي ولتطبيق المخططات االقتصادية‪ .‬وألجل ذلك‪ ،‬فقد الجهات‬
‫المنشط الرئيسي للدورة االقتصادية على الصعيد الترابي‪ ،‬وإحدى الميادين والمجاالت التي‬
‫أضحى علم االقتصاد يهتم بها من كل الجوانب المرتبطة بالمجال االقتصادي‪.274‬‬
‫انطالقا من المعطيات السابقة‪ ،‬يتبين لنا أهمية الموضوع‪ ،‬حيث أن الحاجة أصبحت أكثر‬
‫إلحاحا في تغيير مقاربة الدولة للجماعات الترابية وبالضبط الجهات كوحدات ترابية إدارية‪،‬‬

‫‪ 274‬بهيجة هسكر‪ ،‬الجماعة المقاولة بالمغرب‪ ،‬سلسلة الالمركزية واإلدارة المحلية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬عدد ‪ ،2010 ،5‬الصفحة‬
‫‪.1‬‬

‫‪109‬‬
‫إلى جماعات اقتصادية تنافسية‪ ،‬تقوم بتنشيط الدورة االقتصادية الترابية‪ ،‬وكأحد الشركاء‬
‫الرئيسيين للدولة‪ ،‬في المبادرات الكبرى وإنعاش االستثمارات وحل المشاكل االجتماعية‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فقد أصبحت الجهات كقطب اقتصادي مهم‪ ،‬يساهم في دعم االقتصاد الترابي‪ ،‬وفاعل‬
‫أساسي ليس فقط في مجال نفوذها‪ ،‬بل تعدتها إلى المشاركة في المبادرات التنموية الكبرى‪،‬‬
‫ويتعلق األمر هنا بالمبادرة الملكية التي أطلق عليها اسم “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية”‪،‬‬
‫التي تهدف إلى تحسين الوضع االجتماعي للمواطنين سواء عن طريق التدخالت الميدانية أو‬
‫عن طريق الدعم المالي‪.275‬‬
‫وفي سياق آخر‪ ،‬أضحت التحديات التنافسية التي أفرزتها العولمة بمثابة المدخل الرئيسي‬
‫لإلصالح والتغيير على جميع المستويات‪ ،‬وألجل ذلك أصبح المغرب مدعوا لتأهيل وتحديث‬
‫اقتصاده‪ ،‬الشيء الذي دفعه إلى توقيع عدة اتفاقيات تجارية‪ ،‬إما في شكل ثنائي كاتفاقيات‬
‫التبادل الحر‪ ،‬وإما في إطار متعدد األطراف مع االتحاد األوروبي على سبيل المثال‪ .‬وما من‬
‫شك أن هذه االتفاقيات ستحدث عدة التزامات تمتد حتى على مستوى تدبير الشأن العام الترابي‬
‫عن طريق ابرام اتفاقيات التوأمة مع فاعلين خارج المغرب‪ ،‬لذلك فقد قاربت الدولة هذا‬
‫الموضوع وفق منظور تشاركي تعاقدي‪ ،‬تساهم فيه الجماعات الترابية التي أضحت رائدة‬
‫في الميدان التنموي الترابي ‪.276‬‬
‫وهكذا فهذه الرحلة تتطلب رئيس المجلس الجهوي بمواصفات المقاول الناجح فكونه‬
‫اآلمر بالصرف الخاص بالجهة يتوجب عليه القيام بدور مدبر المؤسسة أو المقاولة بحيث‬
‫يبقى على عاتقه تطوير مناهج التدبير واإلدارة الترابية وأن يبتكر الحلول للمشاكل التي‬
‫تعترض سبيله في حدود القوانين التنظيمية الجاري بها العمل‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فالرئيس المقاول مطالب بالتعريف أكثر بالتراب الجهوي كمجال مؤهل للنشاط‬
‫االقتصادي‪ ،‬وبالتالي العمل على الترويج لخصوصياته التي تجعله ندا لباقي المجاالت الترابية‬
‫وذلك لن يكون إال عبر تقنيات التسويق الترابي‪ .‬فالتسويق ‪ marketing‬هو عملية يتم من‬
‫خاللها مالئمة المنتوج الخدماتي أو السلعي مع حاجيات وانتظارات المستهلك فهو بذلك آلية‬
‫يتم بها توسيع السوق االستهالكية لمنتوج معين‪ ،‬فرغم نشأة التسويق في الميدان التجاري إال‬
‫أنه سرعان ما انتقل إلى المؤسسات العمومية والجماعات الترابية العتبارات مرتبطة بتحقيق‬
‫النجاعة والفعالية في الفعل العمومي‪.‬‬

‫‪ 275‬محمد بوكطب‪ ،‬التدبير المقاوالتي للجماعات الترابيية بالمغرب‪ ،‬مقال منشور بمجلة المنارة االلكترونية‪ ،‬على الموقع‬
‫التالي‪ ، https://revuealmanara.com :‬تمت الزيارة بتاريخ ‪ 22‬يونيو ‪ ،2023‬على الساعة ‪.22:06‬‬
‫‪ …“ 276‬كان لزاما على مدننا التوجه نحو نظام يمكن من فتح المجال لمبادرات‪ ،‬تقوم على مقاربة تعاقدية وتشاركية‪ ،‬بين‬
‫الدولة والمدن‪ ،‬ومن انخراط مختلف الفعاليات السياسية‪ ،‬واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وإشراك المواطنين في مختلف مراحل‬
‫انجاز البرامج المحلية…‪ ”.‬مقتطف من خطاب جاللة الملك محمد السادس‪ ،‬الموجه الى المشاركين في الملتقى الوطني حول‬
‫الجماعات المحلية بأكادير‪ ،‬جريدة الصحراء المغربية‪ ،‬العدد‪ 13 ،6523‬دجنبر ‪.2006‬‬

‫‪110‬‬
‫وإذا كان التسويق الترابي يرتكز على مبادئ التسويق المعتمدة لدى المقاوالت خاصة‬
‫تسويق المنتجات أو تسويق الخدمات‪ ،‬فإن تطبيقه على البعد الترابي يفرض أن يتأقلم مع هذه‬
‫الطبيعة التي تمنحه خصوصية التميز عن باقي المفاهيم المشابهة له‪ ،‬فالتسويق في مجال‬
‫تدبير المقاوالت يستهدف الزبناء‪ ،‬بينما في التسويق الترابي يتم التعامل مع مرتفقين‪ ،‬كما ان‬
‫دور المقولة يعوضه دور التراب وإمكانيته في جذب االستثمارات إلى جانب تعدد المتدخلين‬
‫في العرض الترابي الجماعات الترابية وكاالت التنمية‪ ،)...‬فرق آخر بين النوعين تحدده‬
‫نسبة التحكم في العرض‪ ،‬فالمقاوالت تراقب عرضها للمنتجات والخدمات من خالل عملية‬
‫اإلنتاج‪ ،‬في حين أن صاحب القرار الترابي ال يتحكم إال في جزء من العرض الذي يتميز‬
‫بتعدد مكوناته (بنيات تحتية‪ ،‬موارد طبيعية‪ ،‬بشرية مالية ‪.277)...‬‬
‫وهكذا تبدو أهمية الدور التسويقي الذي يلعبه رئيس مجلس الجهة من خالل الفلسفة‬
‫المعتمدة لجعل الفضاء الجهوي قطبا جاذبا لالستثمارات عبر التعريف بخصائصه طبيعية‬
‫كانت أو اقتصادية أو جغرافية أو ثقافية‪ ...‬بهدف إعطاء صورة تتسم بالجودة وذلك باستغالل‬
‫مختلف مكونات الجهة والتي تجعلها تغدو قطبا صناعية سياحيا أو فالحيا‪.278...‬‬
‫فالتسويق يجعل من الجهة بضاعة يمكن إخضاعها لقواعد وميكانزمات السوق بإدخال‬
‫بعض المفاهيم كعوامل الجذب والجودة واإلشهار والمنتوج‪ ...‬بهدف تحسين العرض الترابي‬
‫وتطوير تموقعه داخل األسواق التنافسية وفق استراتيجية شمولية تكرس وظيفة المجال‬
‫التنموية دون التنكر ألبعادها الحضارية اإلنسانية‪ ،‬الثقافية والبيئية‪ ،‬فرئيس مجلس الجهة‬
‫باعتماده مبادئ التسويق يكرس النهج المقاوالتي للجهة من خالل التعامل مع تراب الجهة‬
‫كمنتوج قابل للعرض والستقطاب المزيد من المقاوالت التي أخذت بوضع البعد الترابي في‬
‫صلب استراتيجياتها اإلنتاجية لضمان وجود قوة هيكلية تدعم تنافسيتها‪.‬‬
‫إن تفعيل التسويق الترابي كما يجب يمكن الجهة من بلوغ وتحقيق هدفين موضوعيين‬
‫ومتكاملين في اآلن ذاته‪ ،‬الهدف األول خارجي له طابع اقتصادي يركز في المقام األول على‬
‫تنمية الجهة وتقوية تنافسيتها االقتصادية وجذب المستثمرين‪ ،‬والهدف الثاني هدف داخلي له‬
‫حمولة سياسية بحيث يحاول تبرير نشاط وعمل المجلس الجهوي‪.‬‬
‫وعليه فإن تطبيق تقنيات التسويق يعطي لتراب الجهة قيمة مضافة بشكل يعزز مكانة‬
‫ووظيفة الجهة كرافعة للتنمية والرقي بها إلى مستوى مقاولة حقيقية تساهم بشكل فعلي في‬

‫‪ 277‬آمال بلشقر‪ ،‬تدبير الجماعات الترابية للمشاريع التنموية بين إكراهات الواقع ومتطلبات التنمية الجهوية المندمجة‪،‬‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ،2015/2014‬الصفحة‪.363 ،‬‬
‫‪ 278‬آمال بلشقر‪ ،‬التسويق الترابي دعامة أساسية للتنمية الجهوية المندمجة‪ ،‬مجلة الدراسات ووقائع دستورية وسياسية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،2013 ،9‬الصفحة ‪.72‬‬

‫‪111‬‬
‫إيجاد حلول عملية لمختلف المشاكل االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬غير أن التسويق يتوقف على‬
‫شروط أساسية وهي إقدام الجهة على توفير محيط تنافسي للمقاولة خاصة بإقرار تحفيزات‬
‫جبائية وقوانين استثمارية وبنيات تحتية من طرق مواصالت ومناطق صناعية حتى تتمكن‬
‫الجهة من جذب استثمارات وطنية وأجنبية‪.279‬‬

‫‪HASSAN AZOUAOUI, Le marketing territorial et la gouvernance locale au Maroc,‬‬


‫‪279‬‬

‫‪Revue marocaine d'audit et de développement, série management stratégique, n7,‬‬


‫‪2005, page 189.‬‬

‫‪112‬‬
‫خاتمة الفصل الثاني‬
‫وختاما يمكن الجزم بكون التدبير الفعال للتنمية الجهوية يمثل محكا أساسيا للحكم على‬
‫نجاح اإلصالحات الجارية وفي مقدمتها الجهوية المتقدمة والالتمركز الواسع‪ .‬وفي غياب‬
‫الشروط الضامنة لتفعيل المقتضيات المتعلقة بالتدبير الحر والتفريع واالستقالل المالي فإن‬
‫تدبير التنمية الجهوية سيظل مجاال حصريا للبيروقراطية الترابية الممثلة في شبكة رجال‬
‫السلطة والبنيات اإلدارية التابعة لوزارة الداخلية وللقطاعات الوزارية وهو واقع إن استمر‬
‫فإنه يسائل في العمق الجدوى من المسار الديموقراطي المحلي برمته‪.‬‬
‫وبناء عليه فرئيس مجلس الجهة يلعب دورا هاما في تحقيق التنمية الترابية عامة‬
‫والجهوية خاصة التي أصبحت رهانا للرفع من فعالية التدبير الجهوي‪ .‬لدى يجب العمل على‬
‫تفعيل أداء هذا الجهاز وذلك عن طريق مجموعة من العناصر من بينها‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تجديد النخب السياسية‪ ،‬وهو من الركائز األساسية لتفعيل عمل النخب السياسية‬
‫وهو مظهر لحركية المجتمع وقدرته عبر قنوات التنشئة السياسية ومنها األحزاب السياسية‬
‫على إفراز نخب متنورة ذلت كفاءة ونزاهة وقادرة على التواصل مع المجتمع وتنفيذ البرامج‬
‫التنموية وإبرام اتفاقيات الشراكة والتعاون‪ ،‬وبما أن األحزاب السياسية تعتبر أهم قنوات‬
‫لتمثيل المواطنين وتنظيمهم فإنها تتحمل مسؤولية تجديد نخبها والتأطير الجيد لها واالرتقاء‬
‫بنوعية أطرها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إيجاد تشريع قانوني واضح يدقق مسألة التدبير الحر‪ ،‬وتوضيح العالقة بين سلطة‬
‫المراقبة المتمثلة في الوالي‪ ،‬ورئيس مجلس الجهة للحد من تنازع االختصاص بين هاتين‬
‫المؤسستين‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تحسين تمويل الجهة عن طريق بلورة رؤية استراتيجية في مجال تمويل الجهات‬
‫مما سيساعد على تعزيز صالحيات رئيس مجلس الجهة ومالئمة المتطلبات الجديدة للتنمية‬
‫الترابية‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬تمكين رئيس مجلس الجهة من مهارات التدبير العمومي والقيادة‪ ،‬فاألمر يقتضي‬
‫مباشرة كفاءات تدبيرية عالية‪ ،‬فهذا األخير يعد مسؤوال سياسيا ومحركا للتنمية الجهوية‬
‫ومخاطب أساسي للدولة وباقي الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وشريك هام في‬
‫الحقل االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫خاتمة عامة‬
‫وختاما‪ ،‬من خالل هذه الدراسة التي تتعلق بمؤسسة رئيس المجلس الجهوي ودوره في‬
‫التنمية‪ ،‬تم إبراز ورصد أهم التحوالت التي عرفتها هذه المؤسسة بعد دستور‪ 2011‬فإذا كان‬
‫القانون السابق المنظم للجهات‪ 47.96‬في ظل دستور‪1996‬لم يخصص إال مادة واحدة إلدارة‬
‫الجهة قد تضمن مقتضيات جعلت رئيس مجلس الجهة يحتل المرتبة الثانية بعد الوالي بالنظر‬
‫إلى االختصاصات المحددة له ‪ ،‬بدون أن يرقى إلى مؤسسة تنفيذية‪ ،‬حيث يشارك بصفة‬
‫مباشرة أو غير مباشرة في اتخاذ القرارات‪ ،‬ويعتبر أقل استقالال في ممارستها حتى أن‬
‫شخصية رئيس مجلس الجهة تختفي في كثير من الحاالت وراء شخصية الوالي‪ ،‬فإن القانون‬
‫التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات في ظل دستور ‪ 2011‬قد نص على مجموعة من‬
‫المقتضيات المؤطرة للعمل الجهوي ‪ ،‬باعتباره األساس القانوني الذي تستمد منه هذه المجالس‬
‫وأجهزتها التنفيذية اختصاصاتها في مجال التنمية االقتصادية واالجتماعية الجهوية‪ ،‬ومنح‬
‫رئيس مجلس الجهة السلطة التنفيذية تجسيدا لمبدأ التدبير الحر‪ ،‬إذ أنه بدراسة الباب الثاني‬
‫من القسم الثالث من هذا القانون المعنون بصالحيات رئيس الجهة والذي يضم مجموع‬
‫اختصاصات الرئيس فإنه أعطى الرئيس سلطة تنفيذ مقررات المجلس الجهوي وكذلك األمر‬
‫بالصرف‪ ،‬وكذلك مسؤولية تنظيم إدارة الجهة مع تحديد اختصاصاتها باعتباره الرئيس‬
‫التسلسلي لمصالحها وللعاملين بها‪ .‬كما أوكل له صالحية التعيين في جميع المناصب اإلدارية‬
‫بهذه المؤسسة إلى جانب إمكانية تعيين لمكلفين بمهمة االشتغال إلى جانبه‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ما تمت اإلشارة فقد حاول المشرع التنظيمي أيضا ضبط مهام رئيس‬
‫مجلس الجهة وبيان واجباته والتزاماته وحقوقه بالتنصيص عليها في الباب المتعلق بالنظام‬
‫ا ألساسي للمنتخب ‪ ،‬والذي شكل إحدى المستجدات التي أتى بها القانون التنظيمي المتعلق‬
‫بالجهات ‪ ،‬والتي من خاللها حاول المشرع تدارك النقص الذي كان يعرفه التنظيم الجهوي‬
‫السابق بهذا الخصوص‪ ،‬حيث تم تمتيع رئيس مجلس الجهة بمجموعة من الحقوق التي من‬
‫بينها كما سبق الذكر التعويض عن التمثيل والتنقل ‪ ،‬باإلضافة إلى الحق في التكوين والحق‬
‫في رخص التغيب والحماية االجتماعية ‪ ،‬إلى غيرها من الحقوق التي سبقت اإلشارة إليها ‪،‬‬
‫وفي مقابل ذلك رتب عليه مجموعة من الواجبات التي من أبرزها االلتزام بعدم القيام بأفعال‬
‫مخالفة للقانون ‪ ،‬وعدم ربط مصالح خاصة مع الجهة ‪ ،‬فضال عن ضرورة اإلقامة داخل‬
‫الوطن‪ ،‬ووجوب التصريح بالممتلكات وغيرها من االلتزامات والواجبات الملقاة على عاتق‬
‫رئيس مجلس الجهة أثناء تأدية مهامه والتي تمت اإلشارة إليها سلفا في هذا الفصل‪ .‬وكذلك‬
‫ومن أجل ضمان حسن التصرف في األموال العمومية بما يخدم مصلحة الجهة‪ ،‬فقد أقر هذا‬
‫القانون مسؤولية متنوعة على كل األشخاص المكلفين بالتنفيذ اإلداري والحسابي للميزانية‬
‫العامة‪ ،‬ومن هؤالء نجد رئيس الجهة كمسؤول عن تدبير شؤون الجهة وآمر بصرف نفقاتها‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫فرئيس مجلس الجهة يتحمل بذلك مسؤولية تأديبية أثناء إخالله ببعض مهامه وواجباته‪ ،‬في‬
‫حين يكون مسؤوال جنائيا أثناء قيامه ببعض األفعال المخالفة للقانون والتي جرمها القانون‬
‫الجنائي‪.‬‬
‫وبالتالي وانطالقا مما سبق فرغم كافة المستجدات التي أتى بها القانون التنظيمي‬
‫الخاص بالجهات بخصوص اختصاصات وصالحيات مؤسسة رئيس مجالس الجهة فإنه‬
‫ال زالت تشوبه بعض النواقص التي من شأنها التأثير سلبا على الدور التدبيري المفروض‬
‫أن تلعبه هذه األجهزة التنفيذية ‪ ،‬فرغم تمتيع هذا األخير بمجموعة من الصالحيات الجديدة‬
‫إال أنها تظل ضئيلة تغيب عنها سلطة التقرير ويطبعها تقليص هامش التدخل والمبادرة في‬
‫غالب األحيان‪ ،‬فرئيس مجلس الجهة ال يملك حتى القدرة على إجبار مجلسه على العمل ‪،‬‬
‫حيث أن المجلس إذا رفض القيام بمهامه ال يمكنه أن يجبره إنما بإمكانه فقط أن يطلب من‬
‫الوالي أن يتدخل إلجبار مرؤوسي رئيس الجهة للعودة إلى صالحياتهم ‪.‬‬
‫وما يعاب أيضا على هذا القانون أنه ألغى إمكانية التعاقد مع فئة المكلفين بالدراسات‬
‫التي كانت ممنوحة لرؤساء الجهات السابقين‪ .‬والتخلي عن هذا الصنف خلق نوعا من‬
‫التضارب حول جدواه‪ .‬فهناك من اعتبره دون تأثير على إدارة الجهة لكونها تتوفر على‬
‫أصناف مختلفة من الموظفين وأطر عليا يمكنها االضطالع بالمهام الموكولة لها‪ ،‬في حين‬
‫هناك من عارضها واعتبرها تراجعا عن إحدى الركائز التي كان يستعين بها الرؤساء أثناء‬
‫تأدية مهامهم‪.‬‬
‫فضال عما تمت اإلشارة إليه فإن التدبير اإلداري للرئيس ومسؤوليته في تسيير المجلس‬
‫ليست باألمر الهين‪ ،‬فطبيعة تركيبة المجلس من ألوان سياسية وانتماء قبلي ووضعيات‬
‫األشخاص االعتبارية‪ ،‬تجعل تسيير المجلس‪ ،‬وإدارة الجلسات فيه أمر جد حساس‪ ،‬وهكذا‬
‫فإن مجالس الجهات ظلت تشكو وتكشف على مر التجارب على مظاهر الخلل والتسربات‬
‫التي تشكل تبذيرا للطاقات سواء بفعل الصراعات السياسية والشخصية الضيقة أو بفعل عدم‬
‫توزيع المسؤوليات‪.‬‬
‫وعليه فإن إشكالية التنمية الجهوية بالمغرب ليست مالية محضة وإنما خلفياتها سياسية‬
‫تدبيرية في مغرب نحتاج فيه اليوم نخب إدارية وسياسية ورؤساء مجالس جهوية يتصفون‬
‫بالكفاءة والتكوين المتميز‪ ،‬وبذلك فالفصل الثاني من هذا البحث سنخصصه للتوسيع في دراسة‬
‫مكانة رؤساء مجلس الجهوية في تحقيق التنمية الجهوية باإلضافة إلى تبيان كافة العراقيل‬
‫التي تعيق رؤساء المجالس الجهوية في تدبير الشأن العام الجهوي وتحقيق التنمية الجهوية‬
‫وذلك بدراسة حالة جهة درعة‪-‬تافياللت‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫إن التدبير الفعال للتنمية الجهوية يمثل محكا أساسيا للحكم على نجاح اإلصالحات‬
‫الجارية وفي مقدمتها الجهوية المتقدمة والالتمركز الواسع‪ .‬وفي غياب الشروط الضامنة‬
‫لتفعيل المقتضيات المتعلقة بالتدبير الحر والتفريع واالستقالل المالي فإن تدبير التنمية الجهوية‬
‫سيظل مجاال حصريا للبيروقراطية الترابية الممثلة في شبكة رجال السلطة والبنيات اإلدارية‬
‫التابعة لوزارة الداخلية وللقطاعات الوزارية وهو واقع إن استمر فإنه يسائل في العمق الجدوى‬
‫من المسار الديموقراطي المحلي برمته‪.‬‬
‫وبناء عليه فرئيس مجلس الجهة يلعب دورا هاما في تحقيق التنمية الترابية عامة‬
‫والجهوية خاصة التي أصبحت رهانا للرفع من فعالية التدبير الجهوي‪.‬‬
‫وأمام كل المعيقات واالكراهات التي تعيق عمل مؤسسة رئيس مجلس الجهة والتي‬
‫سبقت اإلشارة إليها‪ ،‬عمدنا إلى عرض مجموعة من المقترحات وهي كاآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬تعديل القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات بما يسمح بتدقيق وتوضيح‬
‫وتحيين اختصاصات رئيس مجلس الجهة في ظل المكتسبات والظروف الراهنة؛‬
‫‪ ‬إعطاء مضمون ملموس لمكانة رئيس مجلس الجهة وذلك من خالل وضع آليات‬
‫وكيفيات ناجعة من شئنها تمكين هذا الجهاز من تنظيم العمل الجهوي بين مختلف الفاعلين‬
‫بشكل منسجم‪ ،‬من أجل تنفيذ برامج التنمية الجهوية والتصميم الجهوي إلعداد التراب؛‬
‫‪ ‬إشراك رؤساء المجالس الجهوية في مرحلة إعداد االستراتيجيات القطاعية من لدن‬
‫المصالح الالممركزة لتسهيل ممارستها الختصاصاتها؛‬
‫‪ ‬مد الجهات بالموارد البشرية الكافية والمؤهلة للقيام باألدوار المنوطة بها على أكمل‬
‫وجه‪ ،‬مما يساعد رئيس مجلس الجهة على القيام باألعمال المنوطة به؛‬
‫‪ ‬تجديد النخب السياسية‪ ،‬وهو من الركائز األساسية لتفعيل عمل النخب السياسية وهو‬
‫مظهر لحركية المجتمع وقدرته عبر قنوات التنشئة السياسية ومنها األحزاب السياسية على‬
‫إفراز نخب متنورة ذلت كفاءة ونزاهة وقادرة على التواصل مع المجتمع وتنفيذ البرامج‬
‫التنموية وإبرام اتفاقيات الشراكة والتعاون‪ ،‬وبما أن األحزاب السياسية تعتبر أهم قنوات‬
‫لتمثيل المواطنين وتنظيمهم فإنها تتحمل مسؤولية تجديد نخبها والتأطير الجيد لها واالرتقاء‬
‫بنوعية أطرها؛‬
‫‪ ‬إيجاد تشريع قانوني واضح يدقق مسألة التدبير الحر‪ ،‬وتوضيح العالقة بين سلطة‬
‫المراقبة المتمثلة في الوالي‪ ،‬ورئيس مجلس الجهة للحد من تنازع االختصاص بين هاتين‬
‫المؤسستين؛‬

‫‪116‬‬
‫‪ ‬تحسين تمويل الجهة عن طريق بلورة رؤية استراتيجية في مجال تمويل الجهات مما‬
‫سيساعد على تعزيز صالحيات رئيس مجلس الجهة ومالئمة المتطلبات الجديدة للتنمية‬
‫الترابية؛‬
‫تمكين رئيس مجلس الجهة من مهارات التدبير العمومي والقيادة‪ ،‬فاألمر يقتضي مباشرة‬
‫كفاءات تدبيرية عالية‪ ،‬فهذا األخير يعد مسؤوال سياسيا ومحركا للتنمية الجهوية ومخاطب‬
‫أساسي للدولة وباقي الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وشريك هام في الحقل‬
‫االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫المالحق‬
‫الملحق رقم ‪1‬‬

‫‪118‬‬
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
‫الملحق رقم ‪2‬‬

‫‪131‬‬
‫الئحة المراجع‬

‫الكتب‬ ‫‪‬‬

‫كتب عامة‬

‫إبراهيم كومغار‪ ،‬آفاق اإلصالح الجهوي بالمغرب من خالل إشكالية النخب السياسية‬ ‫‪-‬‬

‫(الجهوية في الدول المغاربية أية آفاق)‪ ،‬أشغال األيام المغاربية التاسعة للقانون المنظمة‬
‫من طرف شبكة الحقوقيين المغاربيين)‪ ،‬أيام ‪ 27-26‬أبريل ‪ ،2013‬مطبعة المعارف‬
‫الجديدة‪ ،‬الرباط‪.2014 ،‬‬

‫أبو المعطي حافظ أبو الفتوح‪ ،‬شرح القانون الجنائي المغربي (القسم الخاص)‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪-‬‬

‫األولى‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬سنة ‪.1981‬‬

‫أحمد جويد‪ ،‬جريمة رشوة الموظف العمومي في التشريع المغربي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار‬ ‫‪-‬‬

‫الرشاد الحديثة الدار البيضاء‪ ،‬سنة ‪.1983‬‬

‫بوجمعة بوعزاوي‪ ،‬المغرب الجهوي ورهان الجهوية المتقدمة‪ ،‬نشر وتوزيع ‪،Emaliv‬‬ ‫‪-‬‬

‫مطبعة بني ازناسن‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2015‬‬

‫حجيبة زيتوني‪ ،‬الجهة واإلصالح الجهوي بالمغرب‪ ،‬السلسلة المغربية لبحوث اإلدارة‬ ‫‪-‬‬

‫واالقتصاد والمال‪ ،‬العدد ‪ ،3‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2011‬‬

‫خديجة صبار‪ ،‬إدانة تدبير الشأن العام المحلي في المغرب‪ :‬تجربة مستشارة‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪-‬‬

‫األولى‪ ،‬مطبعة أفريقيا الشرق‪ ،‬الدار البيضاء‪.2007 ،‬‬

‫رشيد لصفر‪ ،‬الجهوية المتقدمة بالمغرب المرتكزات والرهانات في ضوء تقرير اللجنة‬ ‫‪-‬‬

‫االستشارية‪ ،‬منشورات سلسلة الالمركزية واإلدارة الترابية‪ ،‬العدد ‪ ،19‬سنة ‪.2012‬‬

‫‪132‬‬
‫سعيد جفري‪ ،‬الجماعات الترابية بالمغرب الجهات‪ ،‬العماالت واألقاليم‪ ،‬والجماعات‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫مطبعة األمنية‪-‬الرباط‪ ،‬طبعة ‪.2022‬‬

‫سليمان الطماوي‪ ،‬قضاء التأديب‪ ،‬الكتاب الثالث‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الفكر‬ ‫‪-‬‬

‫العربي القاهرة‪ ،‬سنة ‪.1979‬‬

‫صالح المستف‪ ،‬الجهوية في مغرب الجهات‪ ،‬مشورات سلسلة الالمركزية واإلدارة‬ ‫‪-‬‬

‫الترابية‪ ،‬العدد ‪ ،19‬سنة‪.2012‬‬

‫محمد براو‪ ،‬الوجيز في شرح قانون المحاكم المالية‪ :‬مساهمة في التأصيل الفقهي للرقابة‬ ‫‪-‬‬

‫القضائية على المال العام‪ ،‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬طبعة ‪.2004‬‬

‫كريم لحرش‪ ،‬دور الجهوية المتقدمة في تحقيق الحكامة الترابية‪-‬نحو تصور جديد لحكامة‬ ‫‪-‬‬

‫ديموقراطية للشأن الجهوي بالمغرب‪ ،‬مشورات سلسلة الالمركزية واإلدارة الترابية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،19‬سنة‪.2012‬‬

‫عماد أبركان‪ ،‬المسألة الجهوية بالمغرب بين الكائن والممكن في ضوء القانون التنظيمي‬ ‫‪-‬‬

‫للجهات‪ ،‬مجلة الشؤون القانونية والقضائية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة ‪.2016‬‬

‫فاطمة مزروع السعدي‪ ،‬اإلدارة المحلية الالمركزية بالمغرب‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة‬ ‫‪-‬‬

‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬طبعة ‪.2003‬‬

‫عبد الرفيع زعنون‪ ،‬تدبير التنمية الترابية وسؤال الديموقراطية‪ :‬الفرص والمخاطر‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫منشورات مركز تكامل للدراسات واألبحاث‪ ،‬مطبعة قرطبة أكادير‪ ،‬سنة ‪.2020‬‬

‫عبد العالي ماكوري‪ ،‬المحددات الدستورية الختصاصات الجهة في ظل اإلصالح‬ ‫‪-‬‬

‫المرتقب‪ ،‬الجهوية في الدول المغاربية أية آفاق‪ ،‬أشغال األيام المغاربية التاسعة للقانون‬

‫‪133‬‬
‫المنظمة من طرف شبكة الحقوقيين المغاربيين (أيام ‪ 27-26‬أبريل‪ ،)2013‬مطبعة‬
‫المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط ‪.2014‬‬

‫الشرقي نصراوي وشحيحي عبد الرحمان‪ ،‬الجهوية الموسعة في الخطب الملكية بين‬ ‫‪-‬‬

‫التحليل السيميائي والتحليل السياسي‪ ،‬الجهوية الموسعة بالمغرب (أي نموذج مغربي على‬
‫ضوء التجارب المقارنة)‪ ،‬سلسلة الالمركزية واإلدارة المحلية‪ ،‬عدد‪ ،6‬توزيع مكتبة‬
‫الرشاد‪ ،‬سطات‪ ،‬سنة ‪.2010‬‬

‫عبد اإلله أمين‪ ،‬الجهوية المتقدمة ورهان إعادة تنظيم العالقة بين المركز والمحيط‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫الجهوية في الدول المغاربية أية آفاق‪ ،‬أشغال األيام المغاربية التاسعة للقانون المنظمة من‬
‫طرف شبكة الحقوقيين المغاربة (أيام‪ 27-26‬أبريل ‪ ،)2013‬مطبعة المعارف الجديدة‪،‬‬
‫الرباط‪.2014 ،‬‬

‫كتب خاصة‬

‫سعيد نازي‪ ،‬الوالي في إطار الجهوية المتقدمة‪ ،‬منشورات مجلة العلوم القانونية‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫عدد‪ ،14‬مطبعة األمنية‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2016‬‬

‫عبد هللا غازي‪ ،‬السياسات العمومية الترابية بين تداخل استراتيجية الفاعلين ودينامية النسق‬ ‫‪-‬‬

‫المؤسساتي‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬المجلد ‪ ،150‬عدد ‪ ،151‬أبريل‬


‫‪.2020‬‬

‫عبدهللا شنفار‪ ،‬الفاعلون المحليون والسياسات العمومية المحلية دراسة في القرار المحلي‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫مطبوعات المعرفة‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة األولى‪.2015‬‬

‫معاد الراضي‪ ،‬البعد التنموي للجهة على ضوء المستجدات القانونية‪ ،‬منشورات المجلة‬ ‫‪-‬‬

‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية‪ ،‬عدد ‪.2022 ،142‬‬

‫األطروحات والرسائل‬ ‫‪‬‬

‫‪134‬‬
‫أحمد الراجي‪ ،‬مدى مساهمة الالتمركز اإلداري والالمركزية في دعم الجهوية‪ ،‬أطروحة‬ ‫‪-‬‬

‫لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ،‬أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2001-2000‬‬

‫إدريس جردان‪ ،‬دور العنصر البشري في تنمية الجماعات المحلية‪ ،‬أطروحة لنيل‬ ‫‪-‬‬

‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2002-2001‬‬

‫آمال بلشقر‪ ،‬تدبير الجماعات الترابية للمشاريع التنموية بين إكراهات الواقع ومتطلبات‬ ‫‪-‬‬

‫التنمية الجهوية المندمجة‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2015/2014‬‬

‫جواد الرباع‪ ،‬الجهوية ورهانات التنمية المحلية بالمغرب‪ ،‬دراسة حالة جهة مراكش‬ ‫‪-‬‬

‫تانسيفت الحوز‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬تخصص العلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.2015/2014‬‬

‫خالد رضى زكي‪ ،‬الحكامة الترابية في ضوء القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ :‬مقاربة‬ ‫‪-‬‬

‫للقانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪،‬‬
‫جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪2016/2015‬‬

‫سعيد مزين‪ ،‬الجهة بين التأطير الدستوري‪ ،‬والتفعيل القانوني جهة كلميم وادنون‬ ‫‪-‬‬

‫نموذجا‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2017/2016‬‬

‫‪135‬‬
‫صالح فكري‪ ،‬دور برنامج التنمية الجهوية في تحقيق رهان التنمية المستدامة دراسة حالة‬ ‫‪-‬‬

‫جهة مراكش ‪-‬آسفي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2021/2020‬‬

‫عثمان بوتجدير‪ ،‬مؤسسة رئيس الجهة بالمغرب على ضوء المقتضيات الدستورية‬ ‫‪-‬‬

‫والقانونية لما بعد ‪ ،2011‬رسالة لنيل الماستر في القانون العام والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫محمد الخامس أكدال‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪-‬الرباط‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.2017/2016‬‬

‫فوزي الشافعي‪ ،‬مؤسسة رئيس الجهة في ضوء الجهوية المتقدمة‪ ،‬رسالة لنيل الماستر‬ ‫‪-‬‬

‫في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪،‬‬
‫مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2016/2015‬‬

‫محمد علي لطيف‪ ،‬مؤسسة رئيس الجهة على ضوء الجهوية المتقدمة‪ ،‬رسالة لنيل الماستر‬ ‫‪-‬‬

‫في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة الحسن األول بسطات‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.2022/2021‬‬

‫مصطفى المغلوت‪ ،‬اإلطار القانوني والتنظيمي لمجلس جهة درعة –تافياللت ورهان‬
‫االستثمار‪ ،‬ديبلوم لنيل شهادة الماستر‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫جامعة ابن زهر أكادير‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2020/2019‬‬

‫مصطفى بوسنينة‪ ،‬المنتخب الجهوي بالمغرب‪ ،‬دراسة سوسيو‪-‬قانونية‪،2015_1997‬‬ ‫‪-‬‬

‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2018/2017‬‬

‫المقاالت‬ ‫‪‬‬

‫آمال بلشقر‪" ،‬التسويق الترابي دعامة أساسية للتنمية الجهوية المندمجة"‪ ،‬مجلة دراسات‬ ‫‪-‬‬

‫ووقائع دستورية وسياسية‪ ،‬العدد ‪.2019 ،9‬‬

‫‪136‬‬
‫نادية النحلي‪" ،‬الجهوية المتقدمة في الدستور المغربي الجديد لسنة ‪ ،2011‬المجلة المغربية‬ ‫‪-‬‬

‫لإلدارة المحلية والتنمية"‪ ،‬عدد ‪ ،107‬نونبر‪-‬دجنبر ‪.2012‬‬

‫محمد الشريف بنخي‪" ،‬الرقابة اإلدارية والقضائية على أعمال الجماعات الترابية‪ :‬أي‬ ‫‪-‬‬

‫تكريس لمبدأ فصل السلط؟"‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية العدد‬
‫‪ ،122‬سنة ‪.2016‬‬

‫خالد هيدان‪ ،‬الجهة وإشكالية الموازنة بين البعد التنموي والبيئي بالمغرب "دراسة تحليلية‬ ‫‪-‬‬

‫على ضوء القانون التنظيم يرقم ‪ ،"111.14‬منشورات مجلة مسارات‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪.2022‬‬

‫محمد باهي‪" ،‬المراقبة اإلدارية على المنتخبين وعلى مشروعية قرارات رؤساء‬ ‫‪-‬‬

‫المجالس ومقررات مجالس الجماعات الترابية‪ :‬أي دور للقاضي اإلداري؟"‪ ،‬المجلة‬
‫المغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬العدد ‪ ،13‬دجنبر ‪ ،2017‬الصفحة ‪.19‬‬

‫عبد العلي عدنان‪" ،‬مقاربة دستورية لحدود ومضمون مبدأ التدبير الحر الجهة نموذجا‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫المجلة المغربية للقانون اإلداري والعلوم اإلدارية"‪ ،‬عدد مزدوج‪ ،3-2‬سنة ‪.2017‬‬

‫الحسين الوزاني الشاهدي‪" ،‬الجهة أداة لتطوير ودعم الالمركزية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬ ‫‪-‬‬

‫المحلية والتنمية"‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬العدد ‪ ،52‬مطبعة دار النشر المغربية‪ ،‬الرباط‬
‫‪.2006‬‬

‫عبد الرحيم المحجوبي‪" ،‬الثابت والمتغير في عالقة الوالة والعمال بالمنتخبين بين الوثيقة‬ ‫‪-‬‬

‫الدستورية والقوانين التنظيمية"‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬عدد ‪،22‬‬
‫سنة ‪.2018‬‬

‫سيدي األشكل‪" ،‬السياسات الجهوية بالمغرب بين رهانات الفاعلين وإكراهات التنزيل"‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪152‬ن ماي‪-‬يونيو ‪2020‬‬

‫‪137‬‬
‫محمد بن صديق أحمد الفيالتي‪" ،‬الجزاءات التأديبية على الموظف العام في نظام المملكة‬ ‫‪-‬‬

‫العربية السعودية " دراسة تأصيلية مقارنة وتطبيقية"‪ ،‬رسالة لنيل الماجستير‪ ،‬تخصص‬
‫السياسة الجنائية‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬سنة ‪2005‬‬

‫عبد الحق عالوي‪" ،‬مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية وإعداد التراب في ضوء دستور‬ ‫‪-‬‬

‫‪ ،"2011‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،115‬مارس‪-‬أبريل ‪.2014‬‬

‫عبد العالي الفياللي‪" ،‬مسؤولية رئيس المجلس الجهوي في تدبير النفقات العمومية‬ ‫‪-‬‬

‫الجماعية"‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬عدد خاص‪ ،‬سنة ‪.2019‬‬

‫محمد أوالد الحاج‪" ،‬الجهة والجهوية المتقدمة‪ :‬قراءة مقارنة بين القانون رقم‪47.96‬‬ ‫‪-‬‬

‫والقانون التنظيمي‪ ،"111.14‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج‬


‫‪ ،127-126‬يناير‪-‬أبريل‪.2016‬‬

‫يوسف خنفور‪" ،‬واقع الجهوية بالمغرب بين رهان التنمية ومفارقة الحكامة الترابية"‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫مجلة قراءات متقاطعة في القانون والسياسة واالقتصاد والمجتمع‪ ،‬عدد مزدوج‪،3-2‬‬


‫فبراير ‪.2021‬‬

‫حميد أبوالس‪" ،‬أهمية دسترة الجهة في دستور ‪ ،"2011‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬ ‫‪-‬‬

‫والتنمية‪ ،‬عدد‪ ،114‬يناير‪-‬فبراير ‪.2014‬‬

‫سعيد ططي‪" ،‬التأطير الدستوري لتدبير الشأن المحلي بالمغرب على ضوء مقتضيات‬ ‫‪-‬‬

‫دستور ‪ ،"2011‬مجلة القضاء اإلداري‪ ،‬العدد ‪ ،5‬خريف‪.2014‬‬

‫أحمد قدميري‪" ،‬مكانة المنتخب الترابي ودوره في تنزيل الجهوية المتقدمة"‪ ،‬منشورات‬ ‫‪-‬‬

‫المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬عدد خاص رقم‪ ،24‬مطبعة األمنية‪-‬الرباط‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪.2020‬‬

‫‪138‬‬
‫الشريف الغيوبي‪" ،‬استقاللية السلطة التنفيذية للجهة على ضوء القانون التنظيمي‬ ‫‪-‬‬

‫‪ ،"111.14‬المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬العدد ‪ ،11‬ديسمبر ‪.2016‬‬

‫‪ -‬عبد اللطيف بكور‪" ،‬الجماعات الترابية وسؤال إصالح السياسة االنتخابية"‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫للسياسات العمومية‪ ،‬العدد ‪ ،16‬سنة ‪.2015‬‬

‫عبد القادر الخاضري‪" ،‬الجماعات الترابية بالمغرب‪ :‬من التسيير اإلداري إلى تدبير‬ ‫‪-‬‬

‫اقتصاد التنمية"‪ ،‬المجلة المغربية للسياسات العمومية‪ ،‬العدد ‪ ،16‬سنة ‪.2015‬‬

‫أحمد أجعون‪" ،‬النظام األساسي للمنتخب الجهوي والمحلي"‪ ،‬المجلة المغربية لألنظمة‬ ‫‪-‬‬

‫القانونية والسياسية‪ ،‬العدد‪ ،13‬دجنبر ‪.2017‬‬

‫عبد هللا حارسي‪" ،‬إشكالية تكوين المنتخب الجماعي والناخب بالمغرب"‪ ،‬منشورات‬ ‫‪-‬‬

‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،32‬سنة ‪.2001‬‬

‫فؤاد مدكري‪" ،‬مفهوم الموظف العمومي في القانون الجنائي المغربي من أجل حماية‬ ‫‪-‬‬

‫أوسع للشأن العام"‪ ،‬المجلة الدولية لألبحاث الجنائية والحكامة األمنية القانون الجنائي‬
‫المغربي بين الثبات والتطور‪ ،‬العدد الثالث‪.2020 ،‬‬

‫فريد ال سموني‪" ،‬مفهوم الموظف العمومي في القانون الجنائي المقارن"‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫مطبعة فضالة المحمدية‪ ،‬سنة ‪.2003‬‬

‫رداد شمالل‪" ،‬ورش الجهوية المتقدمة على ضوء النموذج التنموي الجديد"‪ ،‬مجلة‬ ‫‪-‬‬

‫الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪ ،54‬ماي ‪.2023‬‬

‫عبد العالي الفياللي‪" ،‬الحكامة التشاركية في إعداد برنامج التنمية الجهوية في ضوء‬ ‫‪-‬‬

‫القانون التنظيمي رقم ‪ ،"111.14‬منشورات مجلة دفاتر قانونية‪-‬سلسلة دفاتر إدارية‪ ،‬العدد‬
‫‪.2018 ،4‬‬

‫‪139‬‬
‫نصوص قانونية‬ ‫‪‬‬

‫دستور ‪ 1992‬الصادر بتنفيذه لظهير الشريف رقم ‪ 1.92.155‬الصادر في ‪ 11‬ربيع‬ ‫‪-‬‬

‫اآلخر ‪ 09(1413‬أكتوبر ‪ ،)1992‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 14( 4172‬أكتوبر‬


‫‪ ،)1992‬الصفحة ‪.1247‬‬

‫دستور ‪ 1996‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 1.96.157‬الصادر في ‪ 23‬جمادى‬ ‫‪-‬‬

‫األولى ‪ 7(1417‬أكتوبر ‪ ،)1996‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،4420‬بتاريخ ‪ 26‬جمادى‬


‫األولى ‪ 10(1417‬أكتوبر ‪ ،)1996‬الصفحة ‪.2281‬‬

‫دستور ‪ 2011‬الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم ‪ 1.11.91‬الصادرفي‪ 27‬شعبان‬ ‫‪-‬‬

‫‪ 29(1432‬يوليوز‪ ،)2011‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5964‬مكرر‪ ،‬الصادرة بتاريخ ‪28‬‬


‫شعبان ‪ 30(1432‬يوليوز ‪ ،)2011‬الصفحة ‪.3600‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1.71.77‬بتاريخ ‪ 22‬ربيع الثاني ‪ 16(1391‬يونيو ‪ )1971‬بإحداث‬ ‫‪-‬‬

‫المناطق‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،3060‬بتاريخ ‪ 29‬ربيع الثاني ‪ 23(1391‬يونيو‬


‫‪ ،)1971‬الصفحة ‪.1352‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1.59.413‬الصادر في ‪ 28‬جمادى الثانية ‪ 26(1382‬نونبر ‪)1962‬‬ ‫‪-‬‬

‫بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 2640‬مكرر‪ ،‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 12‬محرم ‪ 5(1383‬يونيو ‪ ،)1963‬ص ‪.1253‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ ،1.58.008‬الصادر بتاريخ ‪ 4‬شعبان ‪ 24(1377‬فبراير ‪)1958‬‬ ‫‪-‬‬

‫بمثابة النظام األساسي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،23.72‬بتاريخ (‪11‬‬
‫أبريل ‪.)1958‬‬

‫‪140‬‬
‫القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم‬ ‫‪-‬‬

‫‪ 1.15.83‬الصادر في ‪ 20‬رمضان ‪ 7( 1436‬يوليوز ‪ ،)2015‬الجريدة الرسمية عدد‬


‫‪ ،6380‬الصادرة بتاريخ ‪ 6‬شوال ‪ 23(1436‬يوليوز‪ ،)2015‬الصفحة ‪.6585‬‬

‫القانون التنظيمي ‪ 130.13‬لقانون المالية‪ ،‬الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم ‪1.15.62‬‬ ‫‪-‬‬

‫الصادر في ‪ 14‬شعبان ‪ 2(1436‬يونيو ‪ ،)2015‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،6370‬الصادرة‬


‫في فاتح رمضان ‪ 18(1436‬يونيو ‪ ،)2015‬الصفحة ‪.5810‬‬

‫القانون ‪ 47.96‬المتعلق بتنظيم الجهات‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪1.97.84‬‬ ‫‪-‬‬

‫الصادر في ‪ 23‬من ذي القعدة ‪ 2(1417‬أبريل ‪ ،)1997‬الجريدة الرسمية عدد‪4470‬‬


‫الصادرة بتاريخ ‪24‬ذي القعدة ‪ 3(1417‬أبريل ‪ .)1997‬ص‪.556‬‬

‫القانون ‪ 47.06‬المتعلق بالجبايات المحلية‪ ،‬الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم‬ ‫‪-‬‬

‫‪ ،1.07.195‬صادر في ‪ 30‬نونبر ‪ ،2007‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،5583‬المؤرخة في ‪3‬‬


‫ديسمبر ‪ ،2007‬الصفحة ‪.3734‬‬

‫المرسوم رقم ‪ 2.16.297‬بتاريخ ‪ 29‬يونيو ‪ 2016‬بتحديد كيفيات تنظيم دورات التكوين‬ ‫‪-‬‬

‫المستمر لفائدة أعضاء مجالس الجماعات الترابية ومدتها وشروط االستفادة منها ومساهمة‬
‫الجماعات الترابية في تغطية مصاريفها‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،6482‬بتاريخ ‪ 14‬يوليوز‬
‫‪.2016‬‬

‫المرسوم ‪ 2.16.495‬صادر في ‪ 4‬محرم ‪ 6( 1438‬أكتوبر (‪ )2016‬بتحديد شروط‬ ‫‪-‬‬

‫منح التعويضات ومقاديرها لرئيس مجلس الجهة ونوابه وكاتب المجلس ونقبه ورؤساء‬
‫اللجان الدائمة ونوابهم ورؤساء الفرق الجريدة الرسمية عدد ‪ 6511‬بتاريخ ‪ 24‬أكتوبر‬
‫‪ 2016‬ص‪.7409‬‬

‫المرسوم رقم ‪ 2.17.223‬صادر في ‪ 14‬من رمضان ‪ 9( 1438‬يونيو ‪ )2017‬بتحديد‬ ‫‪-‬‬

‫كيفيات تطبيق األحكام المتعلقة بالوضع رهن اإلشارة للتفرغ التام لمزاولة مهام رئيس‬
‫‪141‬‬
‫مجلس الجهة‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،6578‬الصادرة بتاريخ ‪ 20‬رمضان ‪15(1438‬‬
‫يونيو ‪ ،)2017‬الصفحة ‪.3685‬‬

‫المرسوم رقم ‪ ،2.17.583‬الصادر في ‪ 07‬محرم ‪ 28( 1439‬سبتمبر ‪ )2017‬متعلق‬ ‫‪-‬‬

‫بتحديد مسطرة إعداد التصميم الجهوي إلعداد التراب وتحيينه وتقييمه‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد‪ ،6618‬الصادرة في ‪ 13‬صفر ‪ 11(1439‬فبراير ‪ ،)2017‬الصفحة ‪.6385‬‬

‫المرسوم التطبيقي‪ 2.16.299‬المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية‬ ‫‪-‬‬

‫وتتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور إلعداده‪ ،‬صادر في ‪ 23‬رمضان ‪(1437‬‬
‫‪ 29‬يونيو ‪ ،)2016‬الجريدة الرسمة عدد ‪ ،6482‬الصادرة بتاريخ ‪ 9‬شوال ‪14 ( 1437‬‬
‫يوليوز ‪ ،)2016‬الصفحة ‪.5341‬‬

‫المرسوم رقم ‪ 2.16.314‬الصادر بتاريخ ‪ 23‬رمضان ‪ )29( 1437‬يونيو ‪2016‬‬ ‫‪-‬‬

‫بتحديد قائمة الوثائق الواجب إرفاقها بميزانية الحية المعروضة على لجنة الميزانية‬
‫والشؤون المالية والبرمجة جريدة رسمية عدد ‪ 6482‬بتاريخ ‪ 9‬شوال ‪ )14( 1437‬يوليوز‬
‫‪ ،)2016‬الصفحة ‪.5462‬‬

‫الخطب الملكية‬ ‫‪‬‬

‫الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى ‪ 33‬للمسيرة الخضراء‪ ،‬المؤرخ في ‪ 6‬نونبر ‪.2008‬‬ ‫‪-‬‬

‫الخطاب الملكي ل‪ 03‬يناير ‪ 2010‬بمناسبة تنصيب اللجنة االستشارية للجهوية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الخطاب الملكي ل ‪ 09‬مارس ‪ 2011‬بمناسبة اإلعالن عن تعديل الدستور‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الدالئل والتقارير‬ ‫‪‬‬

‫المملكة المغربية‪ ،‬وزارة الداخلية‪ ،‬المديرية العامة للجماعات الترابية‪ ،‬دليل منهجي‬ ‫‪-‬‬

‫لبرنامج التنمية الجهوية لإلعداد والتنفيذ والتتبع والتحيين والتقييم‪ ،‬سلسلة دليل المنتخب‬
‫‪.2022‬‬
‫‪142‬‬
‫اللجنة االستشارية‪ ،‬تقرير حول الجهوية المتقدمة‪ ،‬الكتاب الثاني‪ :‬الجوانب المؤسساتية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تقرير لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة حول مشروع قانون‬ ‫‪-‬‬

‫تنظيمي‪ 111.14‬يتعلق بالجهات‪ ،‬دورة أبريل ‪ ،2015‬السنة التشريعية الرابعة‪-2014‬‬


‫‪ ،2015‬الوالية التشريعية التاسعة‪.2016-2011 ،‬‬

‫تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي حول موضوع‪ :‬متطلبات الجهوية المتقدمة‬ ‫‪-‬‬

‫وتحديات إدماج السياسات القطاعية‪ ،‬إحالة ذاتية رقم‪.2016/22‬‬

‫تقرير التشخيص االستراتيجي لجهة درعة‪-‬تافياللت‪ " ،‬إنجاز التصميم الجهوي إلعداد‬ ‫‪-‬‬

‫التراب وبرنامج التنمية الجهوية"‪ ،‬لسنة ‪.2020‬‬

‫االجتهادات القضائية‬ ‫‪‬‬

‫‪ -‬حكم عدد ‪ 293‬بتاريخ ‪ ،2018/02/27‬ملف عدد ‪ ،2018/7106/173‬المحكمة اإلدارية‬


‫بأكادير‪ ،‬حكم غير منشور‪.‬‬

‫‪ -‬قرار رقم ‪ 1271‬الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش بتاريخ ‪،04/07/2019‬‬


‫ملف رقم ‪ ،2019-7214-1308‬يجمع بين الرئيس السابق المجلس جهة كلميم واد نون‬
‫ووزير الداخلية‪.‬‬

‫‪ -‬قرار رقم ‪ 765‬بتاريخ ‪ 03/05/2018‬ملف رقم ‪ 2018-7214490‬وضم له الملف رقم‬


‫‪ ،2018-7214517‬محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش غير منشور‪.‬‬

‫‪ -‬قرار المجلس األعلى رقم ‪ 3042‬في ‪ 17‬ماي ‪ ،1983‬مجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،32‬ص ‪.177‬‬

‫‪143‬‬
‫‪ ‬الندوات‬

‫حسن العرفي‪ ،‬مداخلة خالل ندوة برلمانية حول موضوع الجهوية المتقدمة بين مضامين‬ ‫‪-‬‬

‫النصوص وإكراهات التنزيل‪ ،‬منظمة من طرف فريق العدالة والتنمية بمجلس‬


‫المستشارين بتاريخ الخميس ‪ 2‬مارس ‪ 2017‬بقاعة الندوات لمجلس المستشارين‪.‬‬

‫الندوة التي نظمها المركز الدولي للدراسات واألبحاث االستراتيجية في الحكامة المجالية‬ ‫‪-‬‬

‫والتنمية المستدامة بالواحات والمناطق الجبلية حول موضوع " األنظمة الواحية التحوالت‬
‫واألفاق التنموية"‪ ،‬بورزازات يومه األحد ‪ 19‬يناير ‪، 2019‬إدارة مجلس جهة درعة‬
‫تافياللت‪.‬‬

‫الندوة الدولية التي نظمها مركز دراسة وتنمية المجاالت الواحية الصحراوية بالجرف‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫يومه الثالثاء ‪ 9‬أكتوبر ‪ 2018‬بمقر مجلس جهة درعة ‪-‬تافياللت تحت عنوان "البعد‬
‫الحضاري والتنموي لخطارات المغرب وأفالج الجزيرة العربية"‪ ،‬وذلك بشراكة مع‬
‫مجلس جهة درعة ‪-‬تافياللت وعدة شركاء آخرين‪ ،‬إدارة مجلس جهة درعة تافياللت‪.‬‬

‫‪ ‬مقابلة‬

‫مقابلة مع السيد مدير شؤون الرئاسة بمجلس جهة درعة تافياللت "مصطفى أوردو"‬ ‫‪-‬‬

‫مع الطالبة حفيظة أكرضوض‪.‬‬

‫المواقع اإللكترونية‬ ‫‪‬‬

‫منية بنمليح‪ ،‬تأهيل الموارد البشرية بالجماعات الترابية خطوة نحو اإلصالح اإلداري‬ ‫‪-‬‬

‫الشامل‪ ،‬مجلة المنارة االلكترونية ‪:‬‬

‫‪https://revuealmanara.com‬‬

‫محمد بوكطب‪ ،‬التدبير المقاوالتي للجماعات الترابية بالمغرب‪ ،‬مقال منشور بمجلة المنارة‬ ‫‪-‬‬

‫االلكترونية‪ ،‬على الموقع التالي‪. https://revuealmanara.com :‬‬

‫‪144‬‬
‫ مقال‬،‫ العالقة المالية بين الدولة والجهات في ظل التوجهات الترابية الجديدة‬،‫هشام مليح‬ -

https://revuealmanara.com ‫منشور مجلة المنارةااللكترونية على الموقع التالي‬

،‫تدوينة على الصفحة الرسمية لمجلس جهة درعة تافياللت على الفايس بوك‬ -

.https://www.facebook.com/crdt2?mibextid=ZbWKwL

‫المراجع باللغة الفرنسية‬

 Les ouvrages

-Noureddine BENSOUDA, La cohérence finanière de l’Etat


territorial au Maroc, in la cohérence des finances publiques au
Maroc et en France, actes des 5 colloques internationaux de Rabat,
Sou la direction de Michel Bouvier, Paris, 2012.

- Abderrahmane Zanane, Le contrôle administratif des collectivités


territoriales, in, Amal Mecherfi (Dir) : Le droit constitutionnel des
collectivités territoriales : Etudes comparées, Imp El Maarif Al
Jadida Rabat, 2015.

-El ktiri Mustapha, fiscalité et développement au Maroc, éditions


maghrébines, Casablanca, 1982.

-ALI SEDJARI, Etat et développement administratif au Maroc


1tradition ou modernité ?, guessous, Rabat, 1993.

 Mémoire

145
- Khalid regragui, les politiques locales, mémoire pour l'obtention du
diplôme du master en droit public, université Moulay Ismail faculté
des sciences juridiques économiques et sociale, l'année
universitére 2010/2011

 Les article

- OUAZZANI CHAHID Hassan, La régionalisation au maroc entre le


présent et l'avenir, la nouvelle constitution du royaume du maroc,
publication de la revue marocaine d'administration locale et de
développment, thémes actuels,n82,2013

- EL YAAGOUBI Mohammed, la notion de régionalisation avancée


dans les discours royaux, revue marocaine de l'administration
locales et développment, n 94-95,2010

- ROUSSET Michel, la région l'état et l'Europe une référence pour le


Maghreb ?, la région et la régionalisation, actes du colloque
internationale organisé par le département de droit public de la
faculté les 10 et 11 mars 2000, collection de la faculté de droit
Marrakech, séries colloques et séminaires, n 17, 2002.

- EL Mouchtary Mohamed, le rôle des collectivités locales dans le


développement économique et social au Maroc, REMALD, thés
actuels 24, 2000.

146
- HASSAN AZOUAOUI, Le marketing territorial et la gouvernance
locale au Maroc, Revue marocaine d'audit et de développement,
série management stratégique, n7, 2005.

- Mustafa dalal, démocratie participative et développement locale


au Maroc, publication de la revue marocaine d'administration
locale et de développement collection « thèmes actuels »,n 73,
2011

147
‫الفهرس‬

‫مقدمة‪1.............................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار العام لمؤسسة رئيس المجلس الجهوي ‪11...............................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تحوالت مؤسسة رئيس الجهة بالمغرب ما بين مقتضيات القانون ‪47.96‬‬
‫المنظم للجهات والمستجدات الدستورية لسنة ‪14 .................................... 2011‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مؤسسة رئيس المجلس الجهوي قبل صدور دستور‪14................2011‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬صالحيات رئيس المجلس الجهوي في إطار القانون ‪ 47.96‬المنظم‬


‫للجهات‪15.........................................................................................‬‬

‫أوال‪ :‬االختصاصات الخاصة برئيس المجلس الجهوي ‪16......................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬االختصاصات المشتركة مع والي الجهة‪18...............................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تصورات الفاعلين السياسيين لمؤسسة رئيس المجلس الجهوي في إطار ورش‬
‫الجهوية المتقدمة‪19...............................................................................‬‬

‫أوال‪ :‬مؤسسة رئيس المجلس الجهوي من خالل الخطب الملكية‪20............................‬‬

‫ثانيا‪ :‬تصور اللجنة االستشارية لمؤسسة رئيس الجهة‪22.......................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مؤسسة رئيس المجلس الجهوي بعد التعديل الدستوري لسنة‪25 2011‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المستجدات الدستورية ‪25.........................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مستجدات القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪27 ...............‬‬

‫أوال‪ :‬صالحيات رئيس المجلس الجهوي ‪28.....................................................‬‬

‫‪.1‬صالحيات تقريرية وتنفيذية ‪28................................................................‬‬

‫‪.2‬الوظائف التسييرية لرئيس مجلس الجهة ‪30..................................................‬‬

‫‪148‬‬
‫ثانيا‪ :‬مستجدات العملية االنتخابية لرئيس المجلس الجهوي ‪32.................................‬‬

‫‪ -)1‬المسلسل االنتخابي لمؤسسة رئيس المجلس الجهوي ‪32...................................‬‬

‫‪ -)2‬إكراهات انتداب رئيس المجلس الجهوي‪35................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مؤسسة رئيس المجلس الجهوي في ظل النظام األساسي للمنتخب الجهوي‬
‫‪39 ..............................................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حقوق وواجبات رئيس مجلس الجهة وانعكاساتها على التنمية ‪39............‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الحقوق‪40..........................................................................‬‬

‫أوال‪ :‬الحقوق ذات الطبيعة العامة ‪40.............................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الحقوق ذات الطبيعة الخاصة ‪45...........................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الواجبات‪47....................................................................... .‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مسؤولية رئيس مجلس الجهة في تدبير الشأن العام الجهوي ‪50..............‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المسؤولية التأديبية لرئيس مجلس الجهة كممثل للجهة وآمر بصرف نفقاتها‪50.‬‬

‫أوال‪ :‬النظام التأديبي لرئيس مجلس الجهة ‪51....................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬العقوبات التأديبية ‪52........................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المسؤولية الجنائية لرئيس مجلس الجهة ‪53......................................‬‬

‫خاتمة الفصل األول‪59............................................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬مؤسسة رئيس مجلس الجهة ورهان تحقيق التنمية‪61..........................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬األدوار التنموية لرئيس مجلس الجهة ‪62.......................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬برامج التنمية الجهوية كإطار لالرتقاء بالقدرات التدبيرية لرئيس مجلس الجهة‬
‫مجال‬ ‫في‬
‫التنمية‪62..........................................................................................‬‬

‫‪149‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية ‪63........................................‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم برنامج التنمية الجهوية ومراحل إعداده ‪63........................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دور رئيس مجلس الجهة في إنجاز برامج التنمية الجهوية ‪71..................‬‬

‫أوال‪ :‬وضع البرنامج‪72...........................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬تنفيذ وإقرار البرنامج‪74....................................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬تتبع وتقييم تنفيذ البرنامج‪74................................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬تحيين البرنامج‪75.........................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور رئيس مجلس جهة درعة‪-‬تافياللت في إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة‬
‫وأثر ذلك على التنمية‪75..........................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التعريف بجهة درعة تافياللت كآلية لتعزيز التعاون والشراكة معها ‪76.......‬‬

‫أوال‪ :‬تنظيم زيارات إلى بلدان مختلفة للتعريف بالجهة وجلب شركاء لها‪76..................‬‬

‫ثانيا‪ :‬التنظيم والمشاركة في الندوات ‪77.........................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬التنظيم والمشاركة في االجتماعات واللقاءات التشاورية ‪77..............................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة والدور التنموي لرئيس مجلس جهة درعة‪-‬‬
‫تافياللت‪78............................... .........................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حدود أداء رؤساء مجالس الجهات في تدبير الشأن العام الجهوي وسبل تحقيق‬
‫الحكامة الجهوية‪83................................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬معيقات عمل رؤساء مجالس الجهات ‪83.......................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلكراهات ذات الطابع اإلداري والسياسي‪83...................................‬‬

‫أوال‪ :‬ممثل السلطة المركزية وممثل الساكنة التوازن الصعب بين الرقابة والحرية (حالة جهة‬
‫درعة‪-‬تافياللت)‪84..............................................................................‬‬

‫‪150‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلكراهات السياسية (حالة جهة كلميم‪-‬وادنون)‪88........................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلكراهات البشرية والمالية‪94....................................................‬‬

‫أوال‪ :‬المعيقات المالية‪95..........................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬المعيقات البشرية‪98...................................................................... ..‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬سبل تحقيق الحكامة الجهوية ‪103 ..............................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬متطلبات الحكامة الجهوية‪103 ...................................................‬‬

‫أوال‪ :‬دور القضاء اإلداري في خلق التوازن بين والي الجهة ورئيسها‪103 ...................‬‬

‫ثانيا‪ :‬تأهيل مؤسسة رئيس مجلس الجهة ومساعديه ‪107 .......................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬رئيس مجلس الجهة واعتماد آليات التدبير الحديث‪108 .........................‬‬

‫أوال‪ :‬آليتي التخطيط االستراتيجي والتدبير التشاركي للعمل الجهوي‪108 .....................‬‬

‫ثانيا‪ :‬آلية التدبير المقاوالتي للعمل الجهوي ‪112 ................................................‬‬

‫خاتمة الفصل الثاني‪116..........................................................................‬‬

‫خاتمة عامة‪117...................................................................................‬‬

‫المالحق‪122......................................................................................‬‬

‫الئحة المراجع‪136...............................................................................‬‬

‫‪151‬‬

You might also like