ليلة 6 محرم الماتم الكبير وبيت جدي 1446

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 8

‫غَّر فطاب الصحُب والمصحوُب‬ ‫صحبته من خير الرجاِل عصابٌة‬

‫هُم بنازلِة الوغى ترحيُب‬ ‫آساد ملحمٍة ضراغم غابٍة‬

‫أهل النفاق وقائٌع وحروُب‬ ‫أبطاُل حرٍب كم بهم قامت على‬

‫ـبعه بريٌر ومسلٌم وحبيُب‬ ‫منهم زهيُر زاخر األفعاِل يتـ‬

‫واليوم محتشد البالء عصيُب‬ ‫وأتى المساء وقد تجهم وجهُه‬

‫ـتي إني وحدْي أنا المطلوُب‬ ‫قال اذهبوا وانجوا ونجّو ا أهل بيـ‬

‫أن يتركوه مع العدا ويئيبوا‬ ‫فأبت نفوسهم األبية عند ذا‬

‫لهم ومن عّن ا يجيُب مجيُب‬ ‫ماذا يقول لنا الورى ونقوله‬

‫بين العدى وحساُم نا مقروُب‬ ‫إنا تركنا شيخنا وإمامنا‬

‫والموت فيك محّب ب مرغوُب‬ ‫فالعيش بعدك فبّح ت أّي اُم ُه‬
‫ولهم دوُّي حوله ونحيُب‬ ‫باتوا وبات أمامهم ما بينهم‬

‫نحو الحسين لها الضالل حبيب‬ ‫وبدا الصباح فاقبلت زمُر العدى‬

‫ـرعة وللحرب العوان شبوب‬ ‫فتقدم األنصار لألقران مسـ‬

‫كُّل على وجه الصعيد تريُب‬ ‫يأبون أن يبقوا وآل نبّي هم‬

‫غّر اء عن ُز هر النجوم تنوُب‬ ‫فاستقبلوا ضرب السيوف بأوجٍه‬

‫٭‬
‫أقماُر تٍّم في الدماء ُرُس وُب‬ ‫حتى هووا فوق الصعيد كأنهم‬

‫جيش تجيل ومنْع ماْي وقلة أنصاْر‬ ‫(فائزي)‪ :‬خلصْت أنصاره وظْل أبو السّج اد محتاْر‬

‫وامن الضياغم ظّلت اخيامي خلّي ه‬ ‫ينادي بقيت وحيد ينصار الحمّي ه‬

‫والعطش فت الكبد والجّو اشتعل نار‬ ‫ومن كل جانب حايطتني جنود أميه‬
‫وبلغوا سالمي جدّي وَخ يِر الوصيّي ن‬ ‫قلهم بنومتكم تهّن وا يا مطاعين‬

‫حزتوا الشرف والفوز يا سادة األحرار‬ ‫وقولوا بقه مفرود ما بين العدى حسين‬

‫تموت وياك كلها فرد منها‬ ‫(أبو ذّي ه)‪ :‬تناخت والثلث تنعام منها‬

‫االجت وحسين تم بالغاضرية‬ ‫اشنقْل للناس لو هْي تقول منها‬

‫انعرف بالغاضرية العبد والحر‬ ‫(أبو ذّي ه)‪ :‬وحق أنصار أبو السّج اد والحر‬

‫فدوا أرواحهم البن الزكّي ة‬ ‫رغم الموت رغم العطش والحر‬

‫قال تعالى‪َ﴿ :‬و َأْو ُفوا ِباْلَع ْه ِد ِإَّن اْلَعْه َد َك اَن َمْس ُئوًال﴾‬
‫‪1‬‬

‫يسعى القرآن الكريم دائمًا نحو تربية اإلنسان أخالقيًا‪ ،‬وتنمية كوامن الخير والصالح في نفسه‪ ،‬في‬
‫حث مستمر وتأكيد دائم على ضرورة أن يولي اإلنسان إعداد نفسه وتقويم سلوكه‪ ،‬وتقوية نقاط‬
‫االستقامة في سلوكه ومواقفه‪ .‬حتى جعلت الشريعة المقدسة حسنة واحدة بمجرد أن ينوي اإلنسان‬
‫المسلم عمل خير أو اتخاذ موقف نبيل‪ ،‬فإذا وفق لذلك العمل الصالح واتخذ ذلك الموقف النبيل‪،‬‬
‫تضاعفت لتكون عشر حسنات‪ .‬بينما ُتبقي الشريعُة المقدسة سيئة واحدة فقط على العمل الطالح‪.‬‬
‫لقد أودع هللا تعالى قيم الخير واالستقامة والصالح في النفس البشرية‪ ،‬ثم أنزل تعالى الكتب وأرسل‬
‫األنبياء والرسل‪ ،‬إلعانة اإلنسان على الخير والهدى منطلقًا من فطرته السليمة ومستضيئًا بنور‬
‫السماء وتوجيهات األنبياء عليهم السالم‪.‬‬
‫وإن من أرقى أنماط السلوك األخالقي خلق الوفاء‪ ،‬فما أروع وما أجمل وما أحرى باإلنسان أن‬
‫يكون وفيًا‪ ،‬وفّي ًا لفطرته وفّي ًا لدينه‪ ،‬وفّي ًا ألهله وأسرته‪،‬‬

‫وفّيًا ألرحامه وجيرانه‪ ،‬وفّي ًا ألصدقائه ومعارفه‪ ،‬ثم وفّي ًا ألمته ومبادئها وقيمها‪.‬‬

‫إن الوفاء بالعهود موقف مسؤول‪ ،‬ولهذا أمرت به اآلية الكريمة‪َ﴿ :‬و َأْو ُفوا ِباْلَع ْه ِد ِإَّن اْلَعْه َد َك اَن‬
‫َمْس ُئوًال﴾‪.‬‬

‫وحينما يذكر القرآن الكريم بعضًا من صفات المؤمنين األساسية يجعل منها‪َ﴿ :‬و اْلُم وُفوَن ِبَعْه ِدِه ْم ِإَذ ا‬
‫َع اَهُدوا﴾‪.2‬‬

‫خاصة من يعاهد هللا على القيام بمهمة أو اتخاذ موقف أو حسن تعامل قال تعالى‪َ﴿ :‬و َم ْن َأْو َفى ِبَم ا‬
‫َع اَهَد َع َلْي ُه َهللا َفَس ُيْؤ ِتيِه َأْج رًا َع ِظ يمًا﴾‪.3‬‬

‫ويؤكد هذا المنهج القرآني رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم ثم أهل بيته عليه السالم بعده‪ .‬فيقول‬
‫صلى هللا عليه وآله وسلم‪" :‬أقربكم غدًا مني في الموقف‪ ...‬وأوفاكم بالعهد"‪.4‬‬

‫وعن علي عليه السالم‪" :‬بحسن الوفاء يعرف األبرار‪ ،‬أفضل األمانة الوفاء بالعهد‪ ،‬أفضل الصدق‬
‫الوفاء بالعهد"‪.5‬‬
‫وتأكيدًا لهذه المدرسة القرآنية‪ ،‬نجد قول اإلمام الصادق عليه السالم‪" :‬ثالثة ال عذر ألحد فيها؛ أداء‬
‫األمانة إلى البر والفاجر‪ ،‬والوفاء للبّر والفاجر‪ ،‬وبّر الوالدين برّي ن كانا أو فاجرين"‪.7‬‬

‫ما هي االسباب التي أدت إلى التخلي عن نصرة اإلمام الحسين ( عليه السالم ) ؟‬

‫اوًال‪ :‬الوضع العام في مدينة الكوفة كان ذا ألوان مختلفة من الشيعة الحقيقيين وتوسطًا بالخوارج الى‬
‫العثمانيين واألمويين‪ .‬وليس صحيحًا ما غلب على االسماع أن الكوفة كانت كلها من الشيعة فان‬
‫الموالين الحقيقيين الذين يعرفون اإلمام (عليه السالم) على حقيقته ووجوب طاعته كانوا نسبة قليلة‬
‫منهم‪ ،‬والنسبة االكبر محبين يفضلونهم على االمويين وعلى عثمان مثًال‪ ،‬مع أنهم يوالون أبا بكر‬
‫وعمر‪ ،‬فقد كانت هناك شريحة واسعة في الكوفة هي على عقائد أغلب المسلمين قبل استيالء معاوية‬
‫على الحكم‪ ،‬ثم هناك الناقمين على ظلم بني أمية وان لم يكونوا شيعة وأيضَا الخوارج‪ ،‬فلم يخلص‬
‫من هذه الفئات عندما جد الجد اال القليل مع أن الكثير من تلك الفئات كتبت الى اإلمام الحسين (عليه‬
‫السالم) تدعوه‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬ان مواقع القوة والنفوذ كانت بيد غير الشيعة الموالين لالئمة (عليهم السالم) نتيجة لحكم‬
‫معاوية الذي استمر عشرين سنة وهذا طبيعي في الحكومات المستبدة ‪ ،‬فكان أصحاب المال والقادة‬
‫ورؤساء العشائر والعرفاء وغيرهم يوالي أكثرهم الحكومة األموية فان مناصبهم واطماعهم متعلقة‬
‫بالحكومة‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬لم يكن الوعي الديني عند الشيعة بالعنوان العام في ذلك الوقت كما نعرفه اليوم عند الشيعة‬
‫اإلمامية بالنسبة لمكانة ومعرفة حق اإلمام (عليه السالم) المفروض الطاعة‪ ،‬وذلك نتيجة ما عمله‬
‫الخلفاء قبل االمام علي (عليه السالم) من تشويه لمبدأ اإلمامة خاصة ومبادئ االسالم عامة‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬االرهاب والقمع الشديد الذي مارسه ابن زياد ‪ ،‬فانه اتبع اسلوب الترغيب والترهيب فرغب‬
‫ضعفاء النفوس بزيادة العطاء واستمال رؤساء العشائر بالمناصب والقيادة‪ ،‬وبالمقابل قمع من كان‬
‫صلبًا في عقيدته فالقى عليهم القبض وزجهم في السجون‬
‫وكثير منهم لما خرجوا قاموا بحركة التوابين المتمثلة بسليمان بن صرد الخزاعي واتباعه‪،‬‬
‫واما رؤساء العشائر الموالين فقد غدر بمن غدر وسجن من سجن‪ ،‬ونحن نعرف ان الذي يحرك‬
‫الناس نحو الهدف الصحيح ويجمعهم هم الرجال اصحاب المكانة والنفوذ فاذا غيبوا انفرط عقد‬
‫الناس خاصة في مجتمع قبلي يكون والء الناس فيه للقبيلة ورئيس القبيلة ويكونون معه في أي جهة‬
‫كان‪ ،‬فقد كانت والءات رؤساء العشائر مقسمة بين االمويين والعلويين فاستعان ابن زياد بمن وااله‬
‫من رؤساء العشائر للقضاء على من خالفه‪ ،‬فكل قبيلة فقدت رئيسها وذو الكلمة فيها ضعفت عن اخذ‬
‫المبادرة وانفرط عقدها وتشتتت‪ ،‬هذا مع مالحظة ما كان يبثه اعوان ابن زياد من التهديد والوعيد‬
‫واالرهاب‪ ،‬والقبض على المخالفين وبث الجواسيس والعيون وجعل االرصاد على مداخل الكوفة‬
‫وتهديدهم بجيش الشام ففي مثل هذا الوضع يسقط ما في يد الرجل المستضعف المنفرد وال يقوى‬
‫على التحرك والصمود اال األوحدي‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬ان من ال يكون له حريجة في الدين يفعل أي شيء ويستعمل أي وسيلة للوصل الى غايته‬
‫ويأخذ الناس بالظنة والتهمة ويأخذ االخرين بجريرة غيرهم‪ ،‬فينتشر الرعب بسرعة وتثبط عزيمة‬
‫الناس وهذا دأب كل الطغاة‪ ،‬اما اصحاب الدين والمبادئ فال يمكنهم أن يستعملوا هذه االساليب‪،‬‬
‫فيتوقفون ويتأملون في كل حركة لمعرفة كونها موافقة للدين أو مخالفة ولذا يكون عملهم بصورة‬
‫عامة واقل مبادرة من عمل الطغاة وغير الملتزمين بالدين‪ ،‬فانك ترى في بعض االحيان تدبير جيد‬
‫يمكن النجاح فيه ولكن ال يفعله المؤمنون خوفًا من هللا فيستغل المقابل هذا التوقف لصالحه‪،‬‬
‫فمثًال لم يقتل مسلم بن عقيل ابن زياد غدرًا ولكن قتل ابن زياد هاني غدرًا‪ ،‬وكذا لم يهدد أو يقتل‬
‫أصحاب مسلم ‪-‬عندما كانوا مسيطرين على الكوفة‪ -‬مخالفيهم حتى انهم بقوا آمنين أحرار يكيدون‬
‫لمسلم بينما أخذ ابن زياد يقتل على الظن والتهمة ويهدد بهدم الدور وقطع االرزاق‪ ،‬فان مثل هذه‬
‫الحالة تظهر الطغاة كأنهم مسيطرين على البلد ولهم الكثرة وتجعل المؤمنين كأنهم قلة خائفين وهذه‬
‫قاعدة عامة في كل المجتمعات وفي كل األوقات وفي مثل هذه الحاالت تتجلى مواقف الرجال‬
‫والمؤمنين وقوة شخصيتهم‪.‬‬
‫سادسًا‪ :‬هناك حالة تصيب المجتمعات وتعتبر مرضًا عامًا لكل الحركات الرسالية المبدأية‪ ،‬وهي انه‬
‫بعد فترة من ظهور الحركة سوف تضعف نفوس المعتنقين لمبادئ هذه الحركة ويلجؤون الى الدعة‬
‫والراحة وطلب الدينا وملذات الحياة وهو ناتج عن طبيعة النفس البشرية المحبة للشهوات والكارهة‬
‫للتضحية‪ ،‬وهذه الحالة المرضية يسميها الشهيد الصدر بمرض ضعف االرادة وخورها‪ ،‬أي انهم ال‬
‫يملكون االرادة للتحرك والفعل العملي مع كونهم يرغبون بذلك في قلوبهم إذ أنهم الزالوا مؤمنين‬
‫بالمباديء التي قامت عليها حركتهم ويعلمون أن الحق معها وان التحرك والثورة هو الطريق‬
‫الصحيح ولكن يخافون التحرك الفعلي الواقعي‪ ،‬فيكون هناك أزدواج في الشخصية عندهم من جهة‬
‫كونهم ال زالوا يعرفون الحق ومن جهة ليس لهم إرادة فاعلة للتحرك واصابهم ما يشبه التخدير‬
‫والخوف من التضحية والهرب من الموت والركون الى الدنيا والتوكل على اآلخرين‪ ،‬فقد فسدت‬
‫نفوسهم وظمائرهم مع أن عقلهم الزال يميز الحق‪.‬‬
‫هذه الحالة نجدها تنطبق على مجتمع الكوفة والمجتمع االسالمي عامة في عصر االمام الحسين‬
‫(عليه السالم)‪ ،‬فقد أفسد معاوية طوال سني حكمه ضمائر الناس أي جانب االرادة والفاعلية بما‬
‫اتخذه من سياسات‪ ،‬اذ تربى الناس على أن الفوز بالمناصب واالموال يكون مع معاوية وان‬
‫الحرمان والقتل يكون مع مخالفيه‪ ،‬وانقسموا قسمين قسم باعوا ضمائرهم بالمال وحب الدنيا‬
‫وآخرين ماتت ضمائرهم خوفًا من القتل والتضحية‪ ،‬فاحتاجوا الى حركة وتضحية كبرى تهز‬
‫نفوسهم وضمائرهم وتوقضها من هذا السبات وتشفيها من هذا المرض الوبيل الذي اصاب االمة‬
‫فقام الحسين (عليه السالم) بهذه الحركة والتضحية‪.‬‬

‫وأما أصحاب الحسين (ع)‪:‬‬

‫ورد عن اإلمام الحّج ة عّج ل هللا تعالى فرجه الشريف في زيارة الناحية الشريفة‪ ،‬وهو يزور أنصار‬
‫الحسين وأصحابه الشهداء معه‪:‬‬

‫"السالم عليكم يا خير أنصار‪ ،‬السالم عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار‪ ،‬بَّو أكم هللا مبّو أ األبرار‪،‬‬
‫أشهد لقد كشف هللا لكم الغطاء‪ ،‬وَمّه د لكم الوطاء‪ ،‬وأجزل لكم العطاء‪ ،‬وكنتم عن الحّق غير بطاء‪،‬‬
‫وأنتم لنا فرطاء‪ ،‬ونحن لكم خلطاء‪ ،‬في دار البقاء‪ ،‬والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته"‪.‬‬

‫ولذلك وصفهم اإلمام الحسين عليه السالم ألخته الحوراء زينب عليها السالم كما قال‪" :‬أما وهللا‬
‫لقد نهرتهم وبلوتهم‪ ،‬وليس فيهم إاّل األشوس األقعس‪ ،‬يستأنسون بالمنّي ة دوني‪ ،‬استئناس الطفل‬
‫بلبن أّم ه"‪ ،‬وعندما أذن لهم سّي د الشهداء عليه السالم باالنصراف واالنطالق وجعلهم في حٍّل منه‪،‬‬
‫كان الواحد منهم يقول‪ :‬قّب ح هللا العيش بعدك‪ ...‬أما وهللا! لو علمت أّن ي أقتل ثّم أحيى ثّم أحرق ثّم‬
‫أذّر ى‪ُ ،‬يفعل ذلك بي سبعين مّر ة‪ ،‬ما فارقتك حّت ى ألقى حمامي دونك‪ ،‬فكيف ال أفعل ذلك وإّن ما هي‬
‫قتلة واحدة‪ ،‬ثّم هي الكرامة التي ال انقضاء لها أبدًا‪...‬‬

‫وقال مسلم بن عوسجة وهللا لو علمت أني اقتل ثم أحيى ثم أحرق ثم أحيى ثم أحرق ثم أذرى يفعل‬
‫بي ذلك سبعين مرة ما فارقتك‪.‬‬

‫مسلم من عوسجة ورد في ترجمته (رضوان هللا عليه) أنه من أصحاب رسول‬
‫اللهصلى‌هللا‌عليه‌وآله‌وسلم وله مواقف بطولية في الفتوح اإلسالمية السيما على عهد عمر بن‬
‫الخطاب ووصف بأنه من عيون أصحاب األئمة علي والحسن والحسينعليهم‌السالم وله مواقف‬
‫بطولية معهم وكان له موقف عظيم إبان حركة مسلم بن عقيل في الكوفة أما موقعه في أصحاب‬
‫الحسين فإنه كان بارزا وله أقوال وأفعال رائعة مازالت محفوظة في كتب السير أما سيرته الذاتية‬
‫فهو أسدي عراقي كوفي ذو صالح ونسك وكان رجال شريفا في قومه‪.‬‬
‫ثم قاتل قت اال ش ديدا فس قط إلى األرض وب ه رمض فمش ى إلي ه الحسينعليه‌السالم ومع ه ح بيب بن‬
‫مظاهر‪ ،‬وكان به رمق من الحياة فقال له الحسينعليه‌السالم ‪ :‬رحمك هللا ي ا مس لم‪ ،‬ثم تال( َفِم ْنُهْم َمْن َقَض ى‬
‫ْحَنَب ُه َو ِم ْنُهْم َمْن َيْنَتِظ ُر َو َم ا َب َّد ُلوا َتْب ِد يًال ) ثم دنا منه حبيب‪ ،‬وقال له‪ :‬عَّز علَّي مصرعك يا أخي يا مسلم أبشر‬
‫بالجنة‪ .‬فقال له مسلم قوال ضعيفا‪ :‬بشرك هللا بخير‪ ،‬فق ال ل ه ح بيب‪ :‬ل و لم أعلم أني في األث ر ألحببت أن‬
‫توصيني بجميع ما أهَّم ك‪ .‬فقال له مسلم‪ :‬أوصيك بهذا الغريب وأشار إلى الحسين‪ ،‬فقاتل حتى الموت‪.‬‬

‫(مجردات)‬

‫انچان نيتك مثل نيتي‬ ‫گربت بين ظاهر منيتي‬

‫بالحسين وعياله وصيتي‬ ‫ما وّصيك بعيالي وبيتي‬

‫(نصاري)‬

‫اشبيدي حالت اعليه المنيه‬ ‫حبيب اتريدني عندي وصَّيه‬

‫هذا حسين عنه ال تگصرون‬ ‫اوصيك ابغريب الغاضريه‬

‫بينما هما عند رأسه‪ ،‬وإذا بمسلم قد غمض عينيه‪ ،‬وفاضت روحه الطاهرة‪ .‬فقال الحسينعليه‌الس الم ‪:‬‬
‫رحمك هللا يا مسلم نصرتنا حيا وأوصيت بنصرتنا ميتا‪.‬‬
‫وخرجت جارية لمسلم بن عوسجة وهي تصيح‪ :‬وا مسلماه‪ ،‬وا ابن عوسجتاه‪ ،‬فأمر الحسين بإرجاعها‬
‫إلى الخيمة(‪. )١‬‬

‫بيوم سمت فيه أمثالها‬ ‫بنفسي كراما سخت بالنفوِس‬

‫وقد أبدت الحرُب أثقالها‬ ‫وخَّفوا سراعا لنصِر الحسيِن‬

‫ونال السعادَة من نالها‬ ‫إلى أن أبيدوا بسيف العدى‬

‫ومن بين الذين نالوا السعادة ذلك الغالم الذي لم يبلغ الحلم وهو عمرو‬
‫بن جنادة األنصاري الذي وقف أمام الحسينعليه‌السالم مستأذنا له بالقتال فأبىعليه‌السالم أن يأذن له‬
‫قائال هذا غالم قتل أبوه في المعركة ولعل أمه تكره خروجه فقال الغالم‪ :‬إن أمي هي التي أمرتني‬
‫بذلك فأذن له الحسين فبرز الغالم إلى الحرب وهو يقول‪:‬‬

‫سرور فؤاد البشِر النذيْر‬ ‫أميري حسين ونعم األميْر‬

‫فهل تعلمون له من نظير‬ ‫علٌّي وفاطمُة والداه‬

‫له غرٌة مثُل بدٍر منير‬ ‫له طلعٌة مثل شمس الضحى‬

‫فقاتل قتاال األبطال حتى صرع فاحتز القوم رأسه ورموا به إلى جهة مخيم الحسينعليه‌السالم فأخذت‬
‫أمه الرأسه ومسحت الدم عنه وهي تقول‪ :‬أحسنت يا بني يا سرور قلبي ويا قرة عيني‪.‬‬
‫(‪)١‬‬
‫(نصاري)‬

‫ما زفته او ال حّن ت اچفوفه‬ ‫اْب َن ْيها انذبح وامه تشوفه‬

‫او اعليه بالگلب نيران تسعر‬ ‫او بالمعركه صارت الحوفه‬

‫او حگها الفاطمه هليوم أديت‬ ‫ما گصرت يوليدي وّفيت‬

‫فدوه ايروح لحسين المشَّك ر‬ ‫او عندي ولد غيرك تمنيت‬

‫بعد ما ودع الحسين عياله توجه نحو القوم فقال‪ :‬يا ويلكم عالم تقاتلونني؟ على حق تركته؟ أم على‬
‫سنة غيرتهما؟ أم على شريعة بدلتها؟‪ ...‬فقالوا‪ :‬بل نقاتلك بغضا منا ألبيك‪.‬‬
‫فلما سمع كالمهم بكى‪ ،‬وجعل ينظر يمينا وشماال‪ ،‬فلم ير أحدا من أنصاره إال من صافح التراب‬
‫جبينه‪ ،‬ومن قطع الحمام أنينه‪ ،‬فنادى‪ :‬يا أبطال الصفا‪ ،‬ويا فرسان الهيجاء‪ ،‬مالي أناديكم فال تجيبون‬
‫وأدعوكم فال تسمعون؟‬
‫‪٢٨٦‬‬
‫أأنتم نيام أرجوكم تنتبهون؟ أم حالت مودتكم عن إمامكم فال تنصروه؟ هذه نساء الرسول لفقدكم قد‬
‫عالهن النحول‪ ،‬فقوموا عن نومتكم أيها الكرام‪ ،‬وادفعوا عن حرم الرسول الطغاة اللئام‪ ،‬ولكن‬
‫صرعكم وهللا ريب المنون وغدر بكم الدهر الخؤون‪ ،‬وإال لما كنتم عن نصرتي تقصرون‪ .‬ثم أخذ‬
‫يصيح بصوت حزين‪:‬‬
‫يا حبيب بن مظاهر‪ ،‬ويا زهير بن القين‪ ،‬ويا مسلم بن عوسجة‪ ،‬ويا فالن ويا فالن(‪. )١‬‬
‫(نصاري)‬

‫او ذاك ايعالج او دم منحره ايفوح‬ ‫غدوا هذا اعله حر األرض مطروح‬

‫او ذاك امن الطبر جسمه تخذم‬ ‫او هذا امن الطعن ما بگت بيه روح‬

‫لگاها امطرحه او دمها ايتجاره‬ ‫تعَّن ه حسين واوچب بالمعاره‬

‫او عليهم دمع عينه انحدر واسچم‬ ‫صفگ بيده او تلَّهف على انصاره‬

‫وأعاديه مثُل سيِل البطاِح‬ ‫لسُت أنسى من بعدهم طوَد عٍّز‬

You might also like